الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسوى ابن شبرمة الضبي بين الخمر والنبيذ في السوء والحريم حيث يقول:
يا أخلاء إنما الخمر ذيب
وأبو جعده الطلاء المريب
فنبيذ الزبيب ما اشتد منه
فهو للخمر والطلاء نسيب
تأثير الخمر على الفضائل والأخلاق
…
تأثر الخمر على الفضائل والأخلاق:
وكما نتاول الفقهاء والعلماء تأثير الخمر ومضارها على العقل والدين والمال والخلق كذلك الأدباء فإنهم لم يغفلوا عن تصوير آثارها السيئة في أخلاق شاربيها وفقدانهم للعلاقات الاجتماعية التي تضمن لهم احترام الآخرين، فقد اشتهر المدمنون على الشراب بسوء العهد وقلة الحفاظ على العرض، كما اشتهروا بالغدر والفسوق وكل ذميم من الصفات والأخلاق يقول أحد الشعراء مصورا ذلك:
أرى كل قوم يحفظون حريمهم
…
وليس لأصحاب النبيذ حريم
إذا جئتهم حيوك ألفا ورحبوا
…
وإن غبت عنهم ساعة فذميم
إخؤهم ما دارت الكأس بينهم
…
وكلهم رث الوصال سئوم
فهذا ثنائي لم أقل بجهالة
…
ولكنني بالفاسقين عليم
وقد اتخذت التهمة بشرب الخمر وسيلة للتشهير بالخصوم السياسيين في العصر الأموي والعباسي. بل إن الأحزاب السياسية المناوئة للأمويين والعباسيين قد استخدمت فنون الأدب من شعر وقصة وسيلة للتشهير بالخلفاء والولاة واتهامهم بفساد السيرة، وقبح الأحدوثة وإدمانهم على الخمر والشراب، والكثير من هؤلاء الخلفاء والولاة برآء مما اتهموا به من خصومهم تدور حول هذا العصر حجة على سير هؤلاء الخلفاء والولاة.
وهذا الموقف يدل على ضخامة الجريمة التي يرتكبها مدمن الخمر في المجتمع الإسلامي.
ولا يذهبن الظن بأحد أن العصر العباسي الذي اشتهرت فيه حانات الخمر وشاع فيه اللهو والمجون، لا يظن أحد أن الخمر ق صارت مباحة في هذا العصر بل إنها ظلت محصورة في الضمائر والنفوس مذمومة ملعونة على ألسنة الأدباء والشعراء حتى المعربدون الذين اشتهروا بالمجون لم يجدوا في خصومهم أشد نقيصة من وصفهم بالسكر والشراب مما يلهيهم عن الصلاة فها هو أحد شعراء العصر العباسي يهجو حمادا الراوية فيصور ما أحدثته الخمر فيه من فساد العقيدة وهجر الصلاة، ثم تأثيرها على أعضاء جسمه من شفتيه وأنفه ووجهه وذلك حيث يقول:
نعم الفتى لو كان يعرف ربه
…
ويقيم وقت صلاته حماد
هدلت مشافره الدنان فأنفه
…
مثل القدوم يسنها الحداد
وابيض من شرب المدامة وجهه
…
فبياضه يوم الحساب سواد
ومن كثرة الوصافين له المعجبين بها من شعراء العصر العباسي إلا أننا نجد كذلك من أزروا بها وعابها ونصحوا بتركها لما تحدثه من أضرار وأخطار، ومنها فضح سريرة الإنسان وإشهار زلاته المستورة، ومن هؤلاء "العتبي" وله في ذلك أبيات مشهورة منها قوله:
دع النبيذ تكن عدلا وإن كثرت
…
فيك العيوب وقل ما شئت يحتمل
هو المشيد بأخبار الرجال فما
…
يخفى على الناس ما قلوا وما فعلوا
كم زلة من كريم ظل يسترها
…
من دونها ستر الأبواب والكلل
واشتهر قول العتبي أيضا:
أخو الشراب ضائع الصلاة
…
وضائع الحرمة والحاجات
وحاله من أقبح الحالات
…
في نفسه والعرس والبنات
أف له أف إلى أفات
…
خمسة آلاف مؤلفات
ومن أسوأ حالات السكارى ما تحدثه في نفوسهم من الوهم الباطل والتخيل الكاذب. وإنها لتغتال منه كل فضيلة في الواقع ولكنها توهمه ما ليس له وجود، فيسر وإن كان مغموما، ويدفأ دفئا كاذبا، ويخيل الجبان أنه صار عنترة بن شداد، وهو في الواقع