المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌دواعي نشر كتاب المبادئ - ديكارت مبادئ الفلسفة

[عثمان أمين]

الفصل: ‌دواعي نشر كتاب المبادئ

‌مقدمات

‌إهداء المترجم

‌دواعي نشر كتاب المبادئ

إهداء المترجم:

تقديم بقلم مترجم الكتاب إلى العربية:

1-

دواعي نشر كتاب المبادئ:

كتاب "مبادئ الفلسفة" الذي يسعدني اليوم أن أقدمه إلى قراء العربية أحد المؤلفات الفلسفية التي ما تزال ذات مكانة ممتازة، لا في تاريخ الفلسفة الديكارتية فحسب، بل في تاريخ الفلسفة على العموم. ألفه صاحبه على أثر الحملة العنيفة التي شنها عليه التقليديون من أنصار الفلسفة المدرسية، تلك الحملة التي لم تقتصر على اختيار ميدانها في وطنه فرنسا، بل تجاوزتها إلى هولندا. ولقد أشار الفيلسوف إلى هذه المعركة التي لا هوادة فيها حين كتب إلى صديق له يقول: لقد صممت على أن أكتب مبادئ فلسفتي قبل أن أبرح هذا البلد، وربما نشرتها قبل انقضاء عام. وقصدي أن أكتب عرضا مرتبا لدروس من فلسفتي في صورة دعاوى أقتصر فيها على ذكر جميع النتائج التي انتهيت إليها، والدواعي الحقيقية لها. وهذا أمر أظنني أستطيع أداءه في كلمات قلائل، وأود أن أطبع في الكتاب نفسه دروسا في الفلسفة التقليدية كفلسفة الأخ "أوستاش" مع تعقيباتي على كل مسألة.... وربما وازنت في النهاية بين الفلسفتين المتعارضتين، ولكني أسألك ألا تذكر لأحد شيئا عن قصدي هذا حتى يتم لي نشر ميتافيزيقاي.

بعد ذلك بقليل نشر ديكارت ميتافيزيقاه التي أشار إليها في العبارة السابقة، وهي كتابه "التأملات في الفلسفة الأولى" وحدث أن ألف الأب "بوردان"

ص: 9

كتابا سخر فيه من التأملات الديكارتية، عاقدا العزم -كما يقول- "على أن يضيع ما لمؤلفها من شهرة في روما وفي كل جهة أخرى"، وتساءل اليسوعيون عن موقف ديكارت من تحدي "بوردان" وعهدوا إلى ألب "مرسن" أن يكشف لهم عن نية ديكارت. فكتب ديكارت ردا عليه يقول:"لقد عدلت عما كنت نويته من نقض تلك الفلسفة -أي: المدرسية- لأني أرى أن مجرد نهوض فلسفتي يقوض الفلسفة المدرسية تقويضا لا تحتاج بعده إلى تفنيد آخر"1.

وإذن فقد قنع ديكات بتقويض الفلسفة المدرسية بنشر كتابه "مبادئ الفلسفة" متوخيا فيه أن يبسط مذهبه "على ترتيب خاص يجعل تعلمه ميسورًا" ومؤملا أن "يتحقق الناس بالتجربة أن آراءه ليس فيها شيء مما قد يخشاه رجال التعليم، بل سيجدوا فيها نفعا وإصلاحا كبيرا".

وظهر الكتاب الموعود بأمستردام في 20 يوليو سنة 1644 بعنوان هذا نصه: "مبادئ فلسفة رينيه ديكارت".

Renati Decartes principia Philosophiae.

كتبه ديكارت باللغة اللاتينية، وقام الأب "بيكو" فوضع للكتاب فرنسية راجعها ديكارت ونشرت بباريس سنة 1947 بالعنوان التالي:

Principes de la philosohie; ecrits en latin par Rene Descartes et traduits en francais par un de ses amis.

وبعث ديكارت إلى مترجم الكتاب رسالة هامة جعلها بمثابة المقدمة للترجمة الفرنسية، أوضح فيها الخلاف بين الفلسفة القديمة والفلسفة الجديدة،

1 مبادئ الفلسفة، المقدمة "طبع ليار ص9" 51-53.

ص: 10

والمميزات التي توجد في فلسفته، وفضلها في تقدم المعارف البشرية تقدما مضطردا غير محدود.

وأهدى ديكارت كتاب المبادئ إلى الأميرة "إليزابث" وهي كبرى بنات الناخب البالاتيني "فردريك الخامس" الذي ملك على بوهيميا مدة قصيرة، وأمها هي "إليزابث على ستيوارت" ابنة جاك الأول ملك إنجلترا، ولقد كانت الأميرة إليزابث على جمال نادر وأخلاق رصينة وذكاء متوقد لا يخلو من القلق، وحظ من الثقافة المتينة المنوعة، هذا إلى دراية وحذق للعلوم الرياضية والفلكية والطبيعية، واتصلت الأميرة بالفيلسوف عن طريق المراسلات، فكانت تستشيره لا في الصعوبات التي كانت تلقاها في المسائل العلمية فحسب، بل في شئونها الخاصة، وكان ديكارت يقدر الأميرة تقديرا عاليا لما امتازت به من صفات نادرة. ونعتقد أن الفلسفة كسبت كسبا عظيما من تلك الصلة وما استتبعته من مراسلات ذات قيمة. فإذا كانت كتب الفيلسوف توقفنا على ديكارت الميتافيزيقي والعالم، فإن رسائله إلى الأميرة تكشف لنا عن جوانح الرجل ودخيلته. وهذا ما يجعل لها أهمية فريدة، فإن كل مذهب لا يساوي في الحقيقة إلا ما يساوي صاحبه، وما وضع فيه من نفسه.

وكان في نية ديكارت أن يجعل كتاب المبادئ في ستة أجزاء:

"مبادئ المعرفة، مبادئ الأشياء المادية، السماء، الأرض، النبات والحيوان، الإنسان".

ولكنه لم يستطع إتمام الجزأين الأخيرين لقلة ما لديه من التجارب، فقنع بالأجزاء الأربعة الأولى التي يشمل أولها الميتافيزيقا، ويشمل ثانيها وثالثها ورابعها الفيزيقا المؤسسة على تلك الميتافيزيقا.

ص: 11