الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
222 - بَابُ فَضْلِ الوُضُوءِ مَعَ الصَّلَوَاتِ المَكْتُوبَةِ
1425 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ
◼ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ (تَزِيدُ) عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَ [صَلَاتِهِ] 1 فِي سُوقِهِ- خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا (دَرَجةً)، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ؛ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ [حَتَّى يَدخُلَ المَسجِدَ] 2، فَإِذَا صَلَّى، لَمْ تَزَلِ المَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ (في مَجلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فيهِ) [يَقُولُونَ] 3: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ (اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ)، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، [اللهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ] 4 [ما لَمْ يُحْدِثْ فيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ» وَقَالَ: ] 5 «وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ» .
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[التخريج]:
[خ 477 (والروايات والزيادة الأولى والثانية له ولغيره)، 647 (واللفظ له)، 2119 (والزيادة الخامسة له ولغيره) / م (649/ 272)(والزيادة الثالثة والرابعة له ولغيره) / د 559/ ت 607/ تحفة الأشراف 9/ 376/ كن 900/ جه 282، 764/ حم 7430/ خز 1579، 1593/ حب
2041/ عه 1194/ عل 6637/ بز 9216/ منذ 1912/ طي 2536/ بغ 471/ هق 5030/ هقغ 492/ شعب 2573/ غيب 1998/ حداد 599/ تمهيد (16/ 202) / حل (5/ 60)، (7/ 202) / تعظ 103/ مسن 1479، 1480/ مرجي (1/ 379، 390 - 391، 409 - 410) / هشام (مظفر ق 159/ ب)].
[السند]:
قال البخاريُّ (477): حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صَلَاةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ
…
" الحديث بنحوه.
ورواه أيضًا (647) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الواحد، قال: حدثنا الأعمش، قال: سمعتُ أبا صَالحٍ يقولُ: سَمعْتُ أبا هريرةَ يَقُولُ
…
فذكره.
ورواه أيضًا (2119) قال: حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، به.
ورواه مسلمٌ في (صحيحه 649) قال: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب، جميعًا عن أبي معاوية. قال أبو كريب: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش به.
وقال مسلمٌ رحمه الله: حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي، أخبرنا عبثر (ح) وحدثني محمد بن بكار بن الريان، قال: حدثنا إسماعيل بن زكرياء (ح) وحدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، كلهم عن الأعمش، في هذا الإسناد بمثل معناه.
وللحديثِ مواضع أخرى في (الصحيحين) وغيرهما مقتصرة على فضل
صلاة الجماعة على صلاة الفرد، وقد ذُكرت مع كثيرٍ من رواياتِهِ في (موسوعة الصلاة).
رِوَايَةُ مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مَنْ بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ أحداهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً» .
[الحكم]:
صحيح (م)
[التخريج]:
[م 666/ حب 2042/ حق 197/ عل 6637/ عه 1198/ مسن 1492/ هق 5031/ شعب 2620/ فضش 88/ سراج 608، 1257/ سرج 514، 2026/ مخلص 15/ غيب 1976/ مقرب 22/ حداد 582/ معكر 1235/ جماعة (1/ 426) / جوزى (تبصرة 1/ 135) / تد (314 - 315) / دبيثي (2/ 512، 4/ 27، 534) / تذ (1/ 177)].
[السند]:
أخرجه مسلمٌ في (صحيحه) قال: حدَّثني إسحاق بن منصور، أخبرنا زكرياء بن عدي، أخبرنا عبيد الله -يعني ابنَ عمرٍو-، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة به.
1426 -
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ
◼ عَنْ عَبدِ اللَّهِ بنِ مَسْعودٍ رضي الله عنه قَالَ: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ؛ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيتُمْ فِي بُيوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا المُتَخلِّفُ فِي بَيتِهِ لتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ المَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، ويَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً [وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نُقَارِبُ بَيْنَ الخُطَى]، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ، مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ)).
[الحكم]:
صحيح (م)، والزيادةُ صحيحةٌ.
[التخريج]:
[م 654 (واللفظ له دون الزيادة) / ن 861 (والزيادة له ولغيره) / كن 1010/ جه 742/ حم 3623، 3936/ عه 1306/ طي 311/ عب 1995، 1996/ ش 7483 مختصرًا/ طب 8596، 8597، 8598، 8600، 8603، 8604، 8607، 8611) / معر 79، 217/ هق 5015/ هقغ 501، 502/ شعب 2605/ حل (1/ 235) / نو 26/ تمهيد (18/ 335 - 336) / مسن 1462/ شا 706 - 708، 902/ مش 353/ سرج 856/ حداد 588/ حرف (رواية الأنصاري 45) / مرجي (1/ 412 - 413) / جوهري (ثلاثة ق 186 ب) / تذ (1/ 291) / وسيط (1/ 350)].
[السند]:
رواه مسلم في (صحيحه) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا الفضل بن دُكَيْن عن أبي العُمَيْس عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه.
حكم الزيادة:
هذه الزيادةُ رُويتْ من عِدَّةِ طُرُقٍ عنِ ابنِ مسعودٍ، وبيانُها كالتالي،
الطريق الأول:
عن أبي الأحوص عن ابن مسعود به.
- رواه أبو داود الطيالسيُّ في (مسنده 311)،
- والنسائيُّ في (الصغرى 861، والكبرى 1010) من طريق عبد الله بن المبارك،
- وابنُ أبي شيبةَ في (مصنَّفه 7483) عن وكيعٍ،
- والسَّراجُ في (حديثه 856) من طريقِ أبي قَطَن.
أربعتُهم (أبو داود الطيالسي، ووكيع، وعبد الله بن المبارك، وأبو قطن) عنِ المسعوديِّ عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص به.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ، وهو أصحُّ ما وردتْ به الزيادةُ. والمسعوديُّ وإن كانَ قدِ اختلطَ، غير أن وكيعًا قد روى عنه قبل الاختلاط. ذكره أحمدُ رحمه الله (العلل 575).
وقد توبع ابن الأقمر، كما رواه أحمد في (المسند 3623)، وعبد الرزاق في (المصنَّف 1995)، والطبرانيُّ في (الكبير 8596، 8597) والواحديُّ
في (الوسيط) والنسويُّ في (الأربعين 26)، وغيرُهُم، من طُرُقٍ عن إبراهيم بن مسلم الهَجَريِّ عن أبي الأحوص به.
غير أنَّ سندَهُ ضعيفٌ، مداره على إبراهيمَ الهجريِّ، لينُ الحديثِ؛ رَفَعَ موقوفاتٍ (التقريب 252).
وقد جمعَ شريكُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي نَمرٍ بَيْنَهُ وبينَ ابنِ الأقْمرِ، فقال: عن عليِّ بنِ الأَقمرِ، وإبراهيمَ بنِ مسلمٍ الهجريِّ، عن أبي الأحوصِ
…
فذكره. غير أنَّ شَريكًا ربما أَخطأَ.
وتابعهما كذلك -أي: ابن الأقمر، والهجري- أبو إسحاقَ السَّبيعيُّ، كما عندَ الطبرانيِّ في (الكبير 8607)، ولكن سنده ضعيف، فيه يونس بن أبي إسحاق، متكلمٌ فيه، وضَعَّفَ أحمدُ حديثَهُ عن أبيه (الضعفاء للعقيلي 4/ 310)، والراوي عنه عامر بن مدرك، قال ابن حجر رحمه الله:"لين الحديث"(التقريب 3108).
الطريق الثاني:
رواه ابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 8482) قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حُصَيْن، عن أبي الأحوص، قال: قال عبد الله .... فذكره مختصرًا. وسندُهُ صحيحٌ.
الطريق الثالث:
رواه الشاشيُّ في (مسنده 902) من طريقِ ابنِ عجلانَ عن عونِ بنِ عبدِ اللهِ أنَّ ابنَ مسعود كان يقولُ
…
فذكره.
ورجالُهُ ثقاتٌ، غير أنه منقطعٌ، عونُ بنُ عبدِ اللهِ روايتُهُ عنِ ابنِ مَسعودٍ مرسلةٌ (تهذيب الكمال 22/ 453 - 456).
الطريق الرابع:
رواه الطبرانيُّ في (الكبير 8611) من طريقِ كهمس بن الحسن عن هارون بن الأصم عنِ ابنِ مسعودٍ بنحوه.
وسندُهُ ضعيفٌ؛ فيه داهر بن نوح، قال الدارقطنيُّ في (العلل): شيخٌ لأهلِ الأهوازِ ليس بقويٍّ في الحديثِ. وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقاتِ) وقال: "ربما أَخطأَ"(لسان الميزان 3/ 389).
وسُئِلَ عنه الدارقطنيُّ في موطنٍ آخرَ، فقال:"لا بأسَ به"(سؤالات البرقاني 144).
والراوي عنِ ابنِ مسعودٍ: هارونُ الأَصمُّ، تَرجَمَ له البخاريُّ في (التاريخ الكبير 8/ 220)، وابنُ أبي حَاتمٍ في (الجرح والتعديل 9/ 99) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، بينما ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 5/ 508) وقد نَصَّ أبو حاتم على أنَّ روايتَهُ عن عمرَ مرسلةٌ.
فلا ندري هل سَمِعَ ابنَ مسعودٍ أم لا، ولم نقفْ على أحدٍ منَ العلماءِ ذكره فيمن يَروي عن ابنِ مسعودٍ. والله أعلم.
الطريق الخامس:
رواه المشرف بن المرجي في (فضائل بيت المقدس) لكنَّهُ تالفٌ.
فجملةُ القولِ أنَّها صحيحةٌ، وصَحَّحَ الألبانيُّ الحديثَ بالزيادةِ (صحيح النسائي 848).
وقد جاءَ بنحوه عن أنسٍ رضي الله عنه، كما رواه العقيليُّ في (الضعفاء 2/ 285) قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا حماد بن
سلمة، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ:((مَشَيْتُ مَعَ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ إِلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، وَكَانَ يُقَرِّبُ بَيْنَ الخُطَى، فَقَالَ لِي: أَتَدْرِي لِمَ أَفْعَلُ هَذَا؟ فَقُلْتُ: وَلِمَ تَفْعَلُهُ؟ قَالَ: كَذَا فَعَلَ بِي زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ لِيَكُونَ أَكْثَرَ لِخَطْوِنَا)) وسندُهُ صحيحٌ.
ورواه عبدُ الرزاقِ في (المصنَّف 1999، 3447) عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس بنحوه، وابنُ أبي شيبةَ في (المصنَّف 7484) عن وكيع، قال: حدثنا جعفر بن حيان أبو الأشهب، عن ثابتٍ البُنانيِّ بنحوه أيضًا.
وقد جاءَ ما يشهدُ لمعناه مرفوعًا، وهو ما أخرجه البخاريُّ في (صحيحه 908)، ومسلمٌ (602) من حديثِ أبي هريرة قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ، عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» .
وسيأتي الحديثُ برواياتِهِ وشواهدِهِ بتوسعٍ في (موسوعة الصلاة، باب ترك الجماعة من علامات النفاق، وباب المحافظة على صلاة الجماعة من سنن الهدى). فانظره هناك.
1427 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ
◼ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ لَا يَنْزِعُهُ [إِلَى المَسْجِدِ] إِلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ تَزَلْ رِجْلُهُ اليُسْرَى تَمْحُو [عَنْهُ] سَيِّئَةً وَتَكْتُبُ [لَهُ] الأُخْرَى (اليُمْنَى) حَسَنَةً حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، [وَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا]» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ. وإسنادُهُ حسنٌ. وصَحَّحَهُ الحَاكمُ، والسيوطيُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[ك 886 (والرواية والزيادات له عدا الزيادة الأخيرة) / طب 13328 (واللفظ له) / شعب 2624 (والزيادة الأخيرة له ولغيره) / فضش 40/ مرجي (1/ 385 - 386)].
[السند]:
قال الطبرانيُّ: حدثنا العباس بن الفضل (الأسفاطي) ثنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله (المدني) ثنا عبد العزيز بن محمد عن كثير بن زيد عن أبي عبد الله القَرَّاظ عن ابن عمر به.
ورواه الحاكمُ من طريقِ سليمان بن بلال، ورواه البيهقيُّ في (الشعب 2884)، وابنُ شاهينَ في (فضائل الأعمال 40) من طريقِ أنس بن عياض، كلاهما عن كثير بن زيد به.
فمدارُ إسنادِهِ على كثيرِ بنِ زيدٍ.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ حسنٌ؛ لأجلِ كثير بن زيد، لخَّصَ الحافظُ حالَهُ فقال:"صدوقٌ يُخطئُ"(التقريب 5611).
وقال الحاكمُ: "كثير بن زيد وأبو عبد الله القراظ مدنيان، لا نعرفهما إلا بالصدق، وهذا حديثٌ صحيحٌ، ولم يخرجاه"، وأقرَّهُ الذهبيُّ.
وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، ورجالُهُ مُوثَّقُونَ". (مجمع الزوائد 2074).
ورمز السيوطيُّ لصحته في (الجامع الصغير 535).
وقال الألبانيُّ -بعد أن ذكرَ كلامَ الحاكمِ السابقِ-: "بل هو إسنادٌ حسنٌ، أبو عبد الله القراظ -واسمه دينار- ثقةٌ من رجالِ مسلمٍ. وكثيرُ بنُ زيدٍ قال الحافظُ: "صدوقٌ يُخطئُ"، وقال الذهبيُّ: "صدوقٌ فيه لين". نعم، الحديثُ صحيحٌ لغيرِهِ؛ فإنه له شواهدُ في (الصحيحين)، وغيرهما (الصحيحة 1296)، وصَحَّحَهُ الألبانيُّ أيضًا في (صحيح الجامع: 441).
وانظر (موسوعة الصلاة -صلاة الجماعة والإمامة - باب فضل كثرة الخطى إلى المساجد).
1428 -
حَدِيثُ عُثْمَانَ
◼ عَنْ حُمْرَانَ قَالَ: [سَمِعْتُ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ وَهُوَ بِفِنَاءِ المَسْجِدِ، فَجَاءَهُ المُؤَذِّنُ عِنْدَ العَصْرِ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ] 1 فَلَمَّا تَوَضَّأَ عُثْمَانُ قَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا لَوْلَا آيَةٌ [في كِتَابِ اللَّهِ] 2 مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ، [إِنِّي] 3 سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ [مُسْلِمٌ فَـ] 4 ـيُحْسِنُ وُضُوءَهُ وَيُصَلِّي الصَّلَاةَ [المَكْتُوبَةَ [5 إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ [الَّتِي تَلِيهَا] 6 حَتَّى يُصَلِّيَهَا» .
قَالَ عُرْوَةُ: الآيَةُ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنَا من البَيِّنَاتِ [وَالهُدَى} إِلَى قَوْلِهِ: {
…
اللَّاعِنُونَ}] 7.
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م)، إلا أن الزيادات لمسلم وغيره دون البخاري.
[التخريج]:
[خ 160 (واللفظ له) / م 227 (والزيادات له) / ن 151 .... ].
تَقَدَّمَ الحديثُ بتخريجه وذِكْرِ رواياتِهِ في باب "فضل الوضوء والصلاة عقبه".
1429 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي المَسْجِدِ وَنَحْنُ قُعُودٌ مَعَهُ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ! فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَعَادَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ! فَسَكَتَ عَنْهُ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَمَّا انْصَرَفَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: فَاتَّبَعَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ انْصَرَفَ وَاتَّبَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْظُرُ مَا يَرُدُّ عَلَى الرَّجُلِ، فَلَحِقَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ! قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرَأَيْتَ حِينَ خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ، أَلَيْسَ قَدْ تَوَضَّأْتَ فَأَحْسَنْتَ الوُضُوءَ؟ » قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «ثُمَّ شَهِدْتَ الصَّلَاةَ مَعَنَا؟ » فَقَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ حَدَّكَ -أَوْ قَالَ- ذَنْبَكَ» .
[الحكم]:
صحيح (م).
[الفوائد]:
قوله: ((أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ))، قال النوويُّ: "هذا الحدُّ معناه معصيةٌ منَ المعاصي الموجبةِ للتعزيرِ، وهي هنا منَ الصغائِرِ لأنَّها كفرتها الصَّلاةُ. ولو كانتْ كبيرةً موجبةً لحَدٍّ أو غيرِ موجبةٍ له لم تسقطْ بالصلاةِ، فقد أجمعَ العلماءُ على أنَّ المعاصي الموجبةَ للحدودِ لا تسقطُ حدودُهَا بالصلاةِ، هذا هو الصحيحُ في تفسيرِ هذا الحديثِ.
وحكى القاضي عن بعضِهم أن المرادَ بالحَدِّ: المعروف. قال: وإنما لم يحده لأنه لم يفسرْ موجب الحَدِّ ولم يستفسره النبيُّ صلى الله عليه وسلم عنه إيثارًا للسترِ بل
اسْتَحَبَّ تلقين الرجوع عنِ الإقرارِ بموجبِ الحَدِّ صريحًا" (شرح صحيح مسلم 17/ 81).
قال ابنُ حَجرٍ: ((قدِ اختَلَفَ نظرُ العلماءِ في هذا الحكمِ:
فظاهرُ ترجمةِ البخاريِّ حَمْله على من أقرَّ بحَدٍّ ولم يفسره فإنه لا يجبُ على الإمامِ أن يقيمَهُ عليه إذا تابَ.
وحمله الخطابيُّ على أنه يجوزُ أن يكونَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم اطَّلعَ بالوحيِّ على أنَّ اللهَ قد غَفَرَ له لكونها واقعة عين، وإلا لكانَ يَسْتَفْسِرُهُ عنِ الحَدِّ ويقيمه عليه. وقال أيضًا: في هذا الحديثِ أنه لا يُكشفُ عنِ الحدودِ بل يُدفعُ مهما أمكنَ، وهذا الرجلُ لم يُفصحْ بأمرٍ يلزمه به إقامة الحد عليه، فلعلَّه أصابَ صغيرةً ظَنَّهَا كبيرةً تُوجبُ الحدَّ، فلم يَكْشِفْهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ لأن موجبَ الحَدِّ لا يثبتُ بالاحتمالِ. وإنما لم يَسْتَفْسِرْهُ إما لأنَّ ذلك قد يدخلُ في التَّجْسِيسِ المنهيِّ عنه وإما إيثارًا للستر، ورأى أن في تعرضه لإقامةِ الحَدِّ عليه نَدمًا ورجوعًا، وقدِ اسْتَحَبَّ العلماءُ تلقينَ مَن أقرَّ بموجبِ الحدِّ بالرجوعِ عنه إمَّا بالتعريضِ وإمَّا بأوضح منه لِيَدْرَأَ عنه الحَدَّ.
وجزمَ النوويُّ وجماعةٌ أنَّ الذنبَ الذي فَعَلَهُ كان منَ الصغائِرِ، بدليلِ أن في بقيةِ الخبرِ أنه كَفَّرَتْهُ الصَّلَاةُ بناءً على أن الذي تُكَفِّرُهُ الصَّلَاةُ منَ الذنوبِ الصغائر لا الكبائر. وهذا هو الأكثرُ الأغلبُ، وقد تُكَفِّرُ الصَّلَاةُ بعضَ الكبائرِ كمن كَثُرَ تَطَوُّعُهُ مثلًا بحيثُ صلح لأن يُكَفِّرَ عَدَدًا كَثِيرًا مِنَ الصَّغَائِرِ ولم يكنْ عليه من الصغائرِ شيءٌ أصلًا أو شيءٌ يسيرٌ وعليه كبيرةٌ واحدةٌ مثلًا فإنها تُكَفِّرُ عنه ذلك؛ لأن اللهَ لا يُضيعُ أجرَ من أحسنَ عملًا)) (فتح الباري 12/ 134).
[التخريج]:
[م 2765 (واللفظ له) / د 4381/ كن 7471 - 7475/ حم 22163، 22266، 22286/ خز 335/ طب (8/ 138/ 7623، 7624)، (22/ 67/ 163) / مش (خيرة 3548) / شعب 6680/ ني 1252/ كر (22/ 419) / معكر 602/ زاهر (سباعيات ق 5/ أ) / وسيط (2/ 594 - 595) / خيرون (ق 22 ب)].
[السند]:
قال مسلمٌ: حدثنا نصر بن علي الجهضمي وزهير بن حرب، واللفظ لزهير، قالا: حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا شداد حدثنا أبو أمامة قال: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي المَسْجِدِ وَنَحْنُ قُعُودٌ مَعَهُ
…
فذكره.
وتوبع عليه عكرمة:
فرواه أحمدُ وأبو داود وغيرُهُما من طريقِ الأوزاعيِّ، حدَّثني أبو عمار شداد، حدَّثني أبو أمامة به.
رِوَايَةُ: وَصَلَّيْتَ مَعَنَا العِشَاءَ
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ:
…
ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ:«أَيْنَ القَائِلُ: أَقِمْ فِيَّ حَدَّ اللَّهِ؟» قَال: أَنَا ذَا. قَالَ: «أَتْمَمْتَ الوُضُوءَ وَصَلَّيْتَ مَعَنَا العِشَاءَ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَإِنَّكَ مِنْ خَطِيئَتِكَ كَمَا وَلَدَتْكَ أُمُّكَ فَلا تَعُدْ» . وَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ بهذا السياقِ.
[التخريج]:
[طب (8/ 160/ 7675) (واللفظ له) / طش 1840/ طبر (12/ 623) / مردويه (در 8/ 152)].
[السند]:
قال الطبراني: حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زِبْرِيق الحمصي، ثنا أبي (ح) وحدثنا عُمارة بن وَثيمة المصري وعبد الرحمن بن معاوية العتبي المصري قالا: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن زبريق الحمصي، ثنا عمرو بن الحارث ثنا عبد الله بن سالم عن الزبيدي ثنا سليم بن عامر أنه سمع أبا أمامة يقولُ:
…
فذكره.
والزبيديُّ هو محمد بن الوليد الحمصيُّ.
ومدارُ إسنادِهِ عندَ الجميعِ على إسحاقَ بنِ إبراهيمَ بنِ زِبْرِيقٍ به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، فيه إسحاقُ بنُ إبراهيمَ بنِ زِبْرِيقٍ، قال عنه الحافظُ:
"صدوقٌ يهمُ كثيرًا، وأطلقَ محمدُ بنُ عوفٍ أنه يكذبُ"(تقريب 330).
وفيه أيضًا عمرو بن الحارث بن الضحاك الزبيدي؛ ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 6/ 321)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 6/ 226) ولم يذكرْ فيه جَرحًا ولا تَعديلًا، ولذا قال عنه الذهبيُّ:"عن عبد الله بن سالم الأشعريِّ فقط، وله عنه نسخةٌ، تفرَّدَ بالروايةِ عنه إسحاقُ بنُ إبراهيمَ زِبْرِيقٌ، ومولاةٌ له اسمها عَلْوَةُ، فهو غيرُ معروفِ العدالةِ، وابنُ زِبْرِيقٍ ضعيفٌ"(ميزان الاعتدال 3/ 251).
وقال ابنُ حَجرٍ في عمرٍو: "مقبولٌ"(التقريب 5001).
1430 -
حَدِيثٌ آخَرُ لِأَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيَقُومُ فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الوُضُوءَ، وَيُصَلِّي فَيُحْسِنُ الصَّلَاةَ، إِلَّا غَفَرَ اللهُ لَهُ بِهَا مَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ التِّي كَانَتْ قَبْلَهَا مِنْ ذُنُوبِهِ، ثُمَّ يَحْضُرُ صَلَاةً مَكْتُوبَةً فَيُصَلِّي فَيُحْسِنُ الصَّلَاةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا مِنْ ذُنُوبِهِ، ثُمَّ يَحْضُرُ صَلَاةً مَكْتُوبَةً فَيُصَلِّي فَيُحْسِنُ الصَّلَاةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا مِنْ ذُنُوبِهِ» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ لينٌ.
[التخريج]:
[حم 22237 (واللفظ له) / طب (8/ 266/ 8031 مختصرًا) / عل (خيرة 518/ 7) / ني 1277/ غطر 7/ نبلا (14/ 204) / ثحب (4/ 359) / علائي (الفوائد 153) / نجاد (حمامي 98/ ب) مختصرًا].
[السند]:
قال أحمدُ: حدثنا رَوْحٌ حدثنا عمر بن ذر حدثنا أبو الرَّصَافة -رَجُلٌ من أهل الشام، من باهلة، أعرابي- عن أبي أمامة به.
ومدارُ إسنادِهِ على عمر بن ذر به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ غير أبي الرصافة الباهلي، اسمه شبيب كما جاءَ مُصرَّحًا
به فِي رواية أبي يعلى وابن حبان.
وقال ابن منده: "أبو الرصافة الباهليُّ -صاحبُ أبي أمامة- اسمه شبيبُ بنُ دَيْسَم "(فتح الباب في الكنى والألقاب 2886).
وأوردَهُ ابنُ أبي حَاتمٍ في (الجرح والتعديل 4/ 358)، وقال:"روى عن أبي أُمامةَ الباهليِّ، روى عنه جعفر بن برقان وعمر بن ذر وعلي بن نفيل -جد النفيلي-"(الجرح 1566).
وذكره الحسينيُّ في (الإكمال 1074)، وابنُ حَجرٍ في (تعجيل المنفعة 1271) وقالا: شامي عن أبي أُمامةَ في الغفران بين الصلاتين المكتوبتين. وعنه عمر بن ذر.
قلنا: وكلُّ ذلك مما يشيرُ إلى جهالتِهِ عندهم.
ولذا قال الهيثميُّ: ((رواه أحمدُ والطبرانيُّ في (الكبير)، وأبو الرصافة لم أرَ فيه جرحًا ولا تعديلًا)) (مجمع 1654).
ولكن حديثُهُ هذا يشهدُ له حديثُ عثمانَ رضي الله عنه عند مسلمٍ (231) بلفظ: «مَنْ أَتَمَّ الوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَالصَّلَوَاتُ المَكْتُوبَاتُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ» ، وأصلُهُ في (الصحيحين)، وقد سبقَ برواياتِهِ.
وله شواهدُ أُخرَى أيضًا تَقَدَّمَ بعضُها، وبعضُها سَيُخرج في (موسوعة الصلاة)؛ كحديثِ أبي هريرةَ عند أحمدَ (7129) وغيرِهِ. وحديثِ أبي أيوبَ عند أحمدَ (23503) وغيرِهِ.
1431 -
حَدِيثُ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ
◼ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الَأَسْقَعِ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ. قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ. ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ تَوَضَّأْتَ حِينَ أَقْبَلْتَ؟ » قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «صَلَّيْتَ مَعَنَا؟ » قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَاذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[حم 16014/ كن 7471/ حب 1723 (واللفظ له) / طب (22/ 67/ 162)، (22/ 77/ 191) / طس 4762/ محلى (11/ 127) / نجاد (حمامي ق 95 ب) / صحا 6484].
[التحقيق]:
للحديث طريقان:
الأول:
أخرجه أحمدُ في (المسند 16014)، والطبرانيُّ في (الكبير 191) و (الأوسط 4762)، وأبو نعيم في (معرفة الصحابة 5/ 2715)، وابنُ حَزمٍ في (المحلى 12/ 16) كلُّهم من طريقِ شيبان بن عبد الرحمن عن ليث بن أبي سليم عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي مَلِيحِ بن أسامة عن واثلةَ به.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ غير الليث بن أبي سليم؛ صدوقٌ
اختلطَ جدًّا ولم يتميزْ حديثُهُ فتُرِكَ (التقريب 5685).
الطريق الثاني:
أخرجه النسائيُّ في (الكبرى 7471)، وابنُ حِبَّانَ في (صحيحه 1723) من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثني شداد أبو عمار، حدثني واثلة بن الأسقع به.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ رجالُ الصحيحِ غير أن النسائيَّ أعلَّهُ بقولِهِ: "لا نعلمُ أنَّ أحدًا تابعَ الوليدَ على قولِهِ عن واثلةَ، والصوابُ عندي
(1)
عن أبي أمامةَ، واللهُ أعلمُ" (الكبرى 7471).
قلنا: بل تابعه محمد بن كثير المِصيصي كما عند الطبرانيِّ في (الكبير 22/ 67/ 162).
ولكنها متابعةٌ لا يُفرحُ بمثلها؛ فمحمدُ بنُ كَثيرٍ المصيصيُّ قال عنه الحافظُ: "صدوقٌ كثيرٌ الغلط"(التقريب 6251). وقال عنه ابنُ عَدِيٍّ: "ومحمد بنُ كثير له رواياتٌ عن معمرٍ والأوزاعيِّ خاصة أحاديث عداد مما لا يتابعه أحدٌ عليه"(الكامل 9/ 351). وهذا الحديثُ من روايتِهِ عنِ الأوزاعيِّ.
والصحيحُ عنِ الأوزاعيِّ ما رواه أبو داود في (سننه 4381) من طريقِ
(1)
وقع تصحيفٌ في نسخةِ العلميةِ، حيثُ جاءَ الكلامُ هكذا:"والصوابُ أبو هانئ عن أبي أمامة، وليس لأبي هانئ ذِكرٌ في الرواية، بينما جاءَ في ط. الرسالة ما نصه: "والصوابُ أبو عمار، عن أبي أُمامةَ" وهو الموافقُ لروايةِ مسلمٍ وغيرِهِ حيثُ رواه من طريق شداد أبي عمار عن أبي أمامة، ولكن أثبتنا ما في نسخة التأصيل لموافقتها ما جاءَ في (تحفة الأشراف)، والله أعلم.
عمر بن عبد الواحد، والنسائيُّ في (الكبرى 7473) من طريقِ الوليدِ بنِ مَزْيَدٍ.
وأحمدُ (22286) وغيره عن أبي المغيرة.
والطبرانيُّ في (الكبير 7623) من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي.
خمستُهُم (عمر بن عبد الواحد، معمر، الوليد بن مزيد، أبو المغيرة، البابلتي) عنِ الأوزاعيِّ عن شداد بن عبد الله أبي عمار عن أبي أمامة به. وقد تَقَدَّمَ.
وروايةُ الجماعةِ أصحُّ لكثرتهم وتَقَدُّمِ رجالهم في الأوزاعيِّ، ففيهم الوَلِيدُ بنُ مَزْيَدٍ كان من أثبتِ أصحابِ الأوزاعيِّ، قال النسائيُّ:((الوَلِيدُ بنُ مَزْيَدٍ أحبُّ إلينا في الأوزاعيِّ منَ الوليدِ بنِ مسلمٍ، لا يُخطئُ ولا يُدلسُ)).
وقال الحافظُ أبو القاسمِ: ((ذكرَ أبو بكر محمد بن يوسف بن عيسى ابن الطباع العسكري أن الوَلِيدَ بنَ مَزْيَدٍ أثبتُ أصحابِ الأوزاعيِّ)) (تهذيب الكمال 31/ 83).
وكذلك عمر بن عبد الواحد؛ قال مروان بن محمد الطاطري: ((نظرنا في كتب أصحاب الأوزاعي فما رأينا أحدًا أصح حديثًا عن الأوزاعي من عمر بن عبد الواحد)) (تهذيب الكمال 21/ 450)، ومعمرٌ مَن هو؟ !
وقد جاءَ عنِ الوليدِ بنِ مُسلمٍ ما يوافقُ روايةَ هؤلاءِ، كما عندَ ابنِ خُزيمةَ في (صحيحه 335) عن محمد بن عبد الله بن ميمون الإسكندراني -وكان صدوقًا ثقةً-، والطبرانيِّ في (الكبير 22/ 67/ 163) من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، فروياه عنِ الأوزاعي عن شداد بنحو رواية من سبق.
ولذا خَطَّأَ أبو حاتم روايةَ الوليدِ عنِ الأوزاعيِّ بذكر واثلة فقال: "وروى
عمر بن عبد الواحد، عن الأوزاعيِّ، عن شداد، عن أبي أمامة؛ فقدِ اتفقتْ رواية عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعيِّ مع رواية عكرمة بن عمار، والوليد بن مسلم كثير الوهم، والذي عندي أن الحديثَ عن أبي أمامة أشبه، وأن الوليد وهم في ذلك" (العلل 2/ 437 - 738).
فالحديثُ صحيحٌ من حديثِ أبي أمامةَ وقد سبقَ عند مسلمٍ، والقصةُ المذكورةُ فيه جاءتْ من حديثِ أنسٍ عندَ البخاريِّ (6823) ولكن ليسَ فيها ذكرُ الوضوءِ.
1432 -
حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ
◼ عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ فَلَمْ يَدَعْ شيئًا يُصِيبُهُ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ إِلَّا قَدْ أَصَابَهُ مِنْهَا، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْهَا؟ فَقَالَ:«تَوَضَّأْ وُضُوءًا حَسَنًا ثُمَّ قُمْ فَصَلِّ» ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل هَذِهِ الآيَةَ:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} فَقَالَ مُعَاذٌ: أَهِيَ لَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ فَقَالَ: «بَلْ هِيَ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً» .
[الحكم]:
منكرٌ بهذا السياقِ، وضَعَّفَهُ: الترمذيُّ، والبيهقيُّ، وابنُ عبدِ البرِّ، وابنُ دقيقِ العيدِ، والذهبيُّ، والزيلعيُّ، وابنُ كَثيرٍ، وابنُ حَجرٍ، والشوكانيُّ، والألبانيُّ. وأصلُ هذه القصةِ في (الصحيحين) من حديثِ ابنِ مسعودٍ بغيرِ هذا اللفظِ.
[الفوائد]:
هذا الحديثُ يَحتجُّ به مَن يقولُ بوجوبِ الوُضوءِ من لمسِ المرأةِ. وهو قولُ الشافعيِّ. ولا حجةَ لهم فيه لنكارةِ الأمرِ فيه بالوضوءِ والصلاةِ.
ولو صَحَّ لما كان لهم فيه حجة أيضًا؛ قال الحافظُ: "وتُعُقبَ بأنَّ الأمرَ بالوضوءِ فيه للتبركِ، بدليلِ حديثِ: «اكْتُمْ الخَطِيئَةَ وَتَوَضَّأ وُضُوءًا حَسَنًا ثمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ» "(الدراية 1/ 43).
وقال العلامةُ الألبانيُّ:
((لا يحسنُ الاستدلالُ بالحديثِ على أنَّ لمسَ النساءِ ينقضُ الوُضوءَ، كما فعلَ ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق) وذلك لأمور:
أولًا: أن الحديثَ ضعيفٌ لا تَنْهَضُ به حجةٌ.
ثانيًا: أنه لو صَحَّ سندُهُ، فليسَ فيه أن الأمرَ بالوُضوءِ إنما كان من أجلِ اللمسِ، بل ليسَ فيه أن الرجلَ كان متوضِّئًا قبلَ الأمرِ حتَّى يُقالَ: انتقضَ باللمسِ! بل يحتمل أن الأمرَ إنما كان من أجلِ المعصيةِ تحقيقًا للحديثِ الآخرِ الصحيحِ بلفظ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إِلَّا غُفِرَ لَهُ» . أخرجه أصحابُ السننِ وغيرُهُم وصَحَّحَهُ جمعٌ، كما بيَّنتُهُ في (تخريج المختارة/ رقم 7).
ثالثًا: هَبْ أن الأمرَ إنما كانَ من أجلِ اللمسِ، فيحتملُ أنه من أجلِ لمسٍ خَاصٍّ؛ لأن الحالةَ التي وصفها هي مظنةُ خُروجِ المذيِّ الذي هو ناقضٌ للوُضوءِ، لا من أجلِ مطلقِ اللمسِ. ومع الاحتمالِ يسقطُ الاستدلالُ.
والحَقُّ أن لمسَ المرأةِ وكذا تقبيلها لا ينقضُ الوُضوءَ، سواءٌ كانَ بشهوةٍ أو بغيرِ شهوةٍ؛ وذلك لعدمِ قيامِ دليلٍ صحيحٍ على ذلك، بل ثَبَتَ أنه صلى الله عليه وسلم كان يُقبلُ بعضَ أزواجِهِ ثم يُصلِّي ولا يَتوضَّأُ. أخرجه أبو داود وغيرُهُ، وله عشرةُ طُرُقٍ، بعضُها صحيحٌ كما بيَّنتُهُ في (صحيح أبي داود/ رقم 170 - 173)، وتقبيلُ المرأةِ إنما يكونُ مقرونًا بالشهوةِ عادةً، والله أعلم)) (الضعيفة 1000).
[التخريج]:
[ت 3371/ حم 22112/ طب (20/ 136، 137/ 277، 278) / ك 476/ حميد 110/ قط 383 "واللفظ له"/ هق 613/ هقخ 434/ تعظ 77، 78/ طبر (12/ 622) / نبلا (7/ 378) / تذ (1/ 159) / تحقيق 167/ وسيط (2/ 594) / حد (صـ 268) / مديني (لطائف 627) / مردويه (الدر المنثور 8/ 152) / طوسي (عمدة القاري 5/ 11)].
[السند]:
أخرجه عبدُ بنُ حُميدٍ -ومن طريقه الترمذيُّ- عن حسين الجُعْفي -وهو ابنُ عَليٍّ- عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل به.
ومدارُ الإسنادِ عندهم على عبد الملك بن عمير به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأُولى: الانقطاعُ؛ قال ابنُ المدينيِّ: "عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعْ من معاذ بن جبل"، وكذا قال الترمذيُّ وابنُ خزيمةَ كما في (تهذيب التهذيب 6/ 261).
وفي (علل الدارقطني 3/ 39): ((قيل له: فَصَحَّ سماعُ عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ. قال: فيه نظر؛ لأن معاذًا قديمُ الوفاةِ، ماتَ في طاعون عمواس، وله نيف وثلاثون سنة)).
وقال ابنُ عبدِ البرِّ: "ابنُ أبي ليلى لم يَلْقَ معاذًا ولا أدركه ولا رَآه"(الاستذكار 3/ 56).
ولذا قال الترمذيُّ عقب الحديث: "هذا حديثٌ ليسَ إسنادُهُ بمتصلٍ؛ عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعْ من معاذٍ، ومعاذُ بنُ جَبلٍ ماتَ في خلافةِ عمرَ، وقُتِلَ عمرُ وعبدُ الرحمنِ بنُ أبي ليلى غلامٌ صغيرٌ ابنُ سِتِّ سِنينَ وقد رَوى عن عمرَ [ورآه]
(1)
".
(1)
سقطتْ هذه اللفظة من نسخة الشيخ أحمد شاكر، وأثبتها محققو ط. دار الغرب الإسلامي (5/ 190).
وقال ابنُ دَقيقٍ العيدِ مُتعقبًا الحاكمُ تخريجه له في (المستدرك): "ومن العَجبِ تخريجه في (المستدرك على الشيخين) مع انقطاعِهِ! "(الإمام 2/ 240).
وبهذا أعلَّه البيهقيُّ في (الكبرى 1/ 373)، وابنُ كَثيرٍ في (تفسيره 2/ 316)، والذهبيُّ في (السير 7/ 347)، والزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 70، وتخريج أحاديث الكشاف 2/ 145)، والحافظُ ابنُ حَجرٍ في (الدراية 1/ 43)، ومغلطايُ في (شرح سنن ابن ماجه 2/ 95)، والشوكانيُّ في (فتح القدير 1/ 752 ط. الوفاء).
الثانية: قدِ اختُلفَ على عبدِ الملكِ بنِ عُميرٍ في وصلِهِ وإرسالِهِ:
فرواه جريرُ بنُ عبدِ الحميدِ كما عند: محمدِ بنِ نصرٍ المروزيِّ في (تعظيم قدر الصلاة 77)، والطبريّ في (تفسيره 12/ 622)، والحاكم في (المستدرك 476)، والطبراني في (المعجم الكبير 20/ 137/ 278) وغيرهم.
وزائدةُ بنُ قُدامةَ كما عندَ أحمدَ في (المسند 22112)، والترمذيِّ في (جامعه 3113)، وغيرهم. كلاهما عن عبد الملك بن عمير به متصلًا.
وخالفهما شعبةُ بنُ الحَجاجِ كما عندَ الطبريِّ في (تفسيره 12/ 622)، والنسائيِّ في (الكبرى 7487 ط. التأصيل
(1)
)، فرواه عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلًا.
(1)
وقعَ في ط. العلمية خطأٌ في الروايةِ، حيثُ جاءَ فيه: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذٍ أن رجلًا. وهو خطأٌ، والصوابُ ما أثبتناه من ط. التأصيل، وعزاه إليه المزيُّ في (تحفة الأشراف 8/ 409)، وابنُ كثيرٍ في (جامع المسانيد 7/ 511) على الإرسالِ.
وأشارَ الترمذيُّ أيضًا إلى هذه العلةِ فقال: "وروى شعبةُ هذا الحديثَ عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا". اهـ.
وقال الدارقطنيُّ: "فوصله زائدة، وجرير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عمير، عن ابن أبي ليلى، عن معاذ. وأرسله شعبة، ولم يذكرْ مُعاذًا فيه"(العلل 977).
وقال الذهبيُّ: "وعِلَّتُهُ أن شعبةَ رواه عن عبدِ الملكِ، فأرسلَهُ، لم يذكرْ مُعاذًا"(السير 7/ 378).
قلنا: لا نَرى هذا الاختلاف إلا من قِبَلِ عبد الملك بن عمير، وإن كان من رجالِ (الصحيحين)، فقد قال أحمدُ رحمه الله فيه:"مضطربُ الحديثِ جدًّا مع قِلَّةِ روايتِهِ، ما أرى له خمس مئة حديث، وقد غَلِطَ في كثيرٍ منها" وقال في موضعٍ آخر: "وذلك أن عبدَ الملكِ يختلفُ عليه الحفاظ" وقال يحيى بنُ معين: "مخلط"(تهذيب الكمال 18/ 373)
وفي (سؤالات المروذي لأحمد) قال فيه: "مضطربُ الحديثِ، قَلَّ مَن رَوى عنه إلا اختلف عليه"(السؤالات 197).
وفي (علل الدارقطني) أمثلة لأحاديث حكم الدارقطني باضطراب عبد الملك فيها. انظر على سبيل المثال (العلل 2/ 125 و 4/ 303).
والحديثُ ضَعَّفَهُ الزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 70)، والشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 244)، والألبانيُّ في (الضعيفة 1000).
وبما سبقَ يُتعقبُ على الدارقطنيِّ والحاكمِ؛ إذ صححا هذا الحديث عقب إخراجهما له، وكذلك قول أبي موسى المديني عقب تخريجه:"هذا حديثٌ مشهورٌ له طرقٌ"(اللطائف من دقائق المعارف 1/ 313).
ولعلَّه أرادَ أصلَ القصةِ، فقد أخرجَ البخاريُّ في (صحيحه) في غير ما موضع، منها (526، 4687)، ومسلمٌ في (صحيحه 2763) من حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكرَ ذلكَ له فأُنزلتْ عليه:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} ، قال الرجلُ: أَلِيَ هذه؟ قال: «لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي» .
فهذا القدرُ هو الذي يصحُّ منَ الحديثِ، وما عَدَاهُ فلا يَثبتُ.
1433 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ
◼ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي أُمَامَةَ وَهُوَ يَتَفَلَّى فِي المَسْجِدِ وَيَدْفِنُ القَمْلَ فِي الحَصَى، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا أُمَامَةَ، إِنَّ رَجُلًا حَدَّثَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الوُضُوءَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ المَفْرُوضَةِ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ مَا مَشَتْ إِلَيْهِ رِجْلُهُ وَقَبَضَتْ عَلَيْهِ يَدَاهُ وَسَمِعَتْ إِلَيْهِ أُذُنَاهُ وَنَظَرَتْ إِلَيْهِ عَيْنَاهُ وَحَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ سُوءٍ» قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَا أُحْصِيهِ.
[الحكم]:
منكرٌ بهذا السياقِ. وإسنادُهُ ضعيفٌ. وضَعَّفَهُ الألبانيُّ.
[التخريج]:
[حم 22272 (واللفظ له) / طب (8/ 266) (8032) / منيع (خيرة 518/ 5) / شعب 2481/ فضش 28 (والرواية له)، 29 (وفيه قصة) / كر (67/ 223)].
[السند]:
أخرجه: أحمدُ وابنُ مَنيعٍ، كلاهما عن أبي أحمد الزبيري، حدثنا أبان بن عبد الله بن أبي حازم عن أبي مسلم الثعلبي قال: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي أُمَامَةَ
…
فذكره.
ومدارُ إسنادِهِ عندَ الجميعِ على أبان بن عبد الله بن أبي حازم به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ لجهالةِ أبي مسلم الثعلبيِّ؛ ذكره البخاريُّ في (الكنى
629)، وابنُ أبي حَاتمٍ في (الجرح والتعديل 9/ 436) ولم يذكرا فيه جَرحًا ولا تَعديلًا، ولم يذكرا في الرواةِ عنه غير أبان بن عبد الله بن أبي حازم.
وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير) من رواية أبي مسلم الثعلبي ولم أَرَ مَن ذكرَه، وبقية رجاله مُوثَّقُون"(مجمع الزوائد 1666).
قلنا: ترجمَ له البخاريُّ وابنُ أبي حاتمٍ كما تَقَدَّمَ، إلا إن أرادَ مَن ذكره بجرحٍ أو توثيق فنعم.
وفيه أيضًا: أبان بن عبد الله بن أبي حازم؛ قال عنه الحافظُ: "صدوقٌ، في حفظه لين"(التقريب 140).
ومع ذلك قال المنذريُّ: "رواه أحمدُ، والغالبُ على سندِهِ الحسن، وتَقَدَّمَ له شواهدُ في الوضوء، والله أعلم"(الترغيب والترهيب 532).
قلنا: ليسَ الأمرُ كما قال رحمه الله فالسندُ فيه راوٍ مجهول لا يُعرفُ، فكيفَ يكون الغالب عليه الحسن؟ ! بل الغالبُ عليه الضعف.
والحديثُ وإن كان غالب متنه في الصحيح إلا أنَّ فيه لفظة منكرة تخالف الأحاديث الصحيحة.
قال الألبانيُّ: "قوله في آخر الحديث: "وَحَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ سُوءٍ"، مخالف للأحاديثِ الصحيحة؛ كقوله عليه الصلاة والسلام:«إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا؛ مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ» . وقال صلى الله عليه وسلم في الحديثِ القدسي: «
…
وَإِذَا هَمَّ [عَبْدِي] بِسَيِّئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا؛ لَمْ أَكْتُبْهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا؛ كَتَبْتُهَا سَيِّئَةً وَاحِدَةً».
فقد فرَّقتْ هذه الأحاديثُ بين ما يعمله العبد من السيئات -فهي ذنبٌ يؤاخذه الله عليه إلا أن يغفره-، وبينَ ما حَدَّثَ به نفسه ولم يعمله -فهو لا
يؤاخذُ عليه-، بينما حديث الترجمة سَوَّى بين الأمرين، وجعلَ حديثَ النفس ذَنْبًا يؤاخذُ عليه كسائر الأعمال
…
فكانَ منكرًا من ناحيةِ المتنِ أيضًا" (الضعيفة 14/ 469، 468).
قلنا: وكذا زادَ فيه ذكر الأذنين، وذَهاب الإثم منهما، وقد جاءَ الحديثُ من طُرُقٍ عِدَّة بألفاظٍ كثيرةٍ عن أبي أمامةَ، وليس فيها ذلك، وكذلك أصله وهو حديثُ عمرو بن عَبَسةَ، الذي رواه عنه أبو أمامة- ليس فيه ذلك أيضًا، وقد تَقَدَّمَ تخريجهما تحت باب "ذَهاب الذنوب بماء الوضوء"، وفيه هناك بقية روايات حديث أبي أمامة.
1434 -
حَدِيثُ سَلْمَانَ
◼ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَأَخَذَ مِنْهَا غُصْنًا يَابِسًا فَهَزَّهُ حَتَّى تَحَاتَّ وَرَقُهُ. قَالَ: أَمَا تَسْأَلُنِي لِمَ أَفْعَلُ هَذَا؟ قُلْتُ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَهُ؟ قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ بِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ المُسْلِمَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ وَصَلَّى الخَمْسَ تَحَاتَّتْ ذُنُوبُهُ كَمَا تَحَاتَّ هَذَا الوَرَقُ» ثُمَّ قَالَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} .
[الحكم]:
حسنٌ لشواهدِهِ. وإسنادُهُ ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ البوصيريُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[حم 23707، 23716 (مقتصرًا على الصلاة) / مي 737 (واللفظ له) / عل (خيرة 517/ 3) / بز 2508/ طب (6/ 257/ 6151، 6152) / طس (مجمع 1651) / ش 52 (مقتصرًا على الوضوء) / طي 687/ مش 456 (مقتصرًا على الوضوء) / طهر 53/ شعب 2482 (مقتصرًا على الوضوء) / تعظ 83/ تجر (صـ 138) / طهور 11 (مقتصرًا على الوضوء) / طبر (12/ 621، 614) / فضش 37/ صبغ 1490، 1491/ وسيط (2/ 595) / مخلص 2814، 3147/ نجار (20/ 47) (مقتصرًا على الصلاة)].
[التحقيق]:
هذا الحديثُ مدارُهُ على أبي عثمانَ النهدي، وروي عنه من ثلاثِ طُرُقٍ:
الأول: أخرجه أحمدُ (المسند 23707)، والدارميُّ (السنن 737)، والطيالسيُّ (المسند 687)، وغيرُهُم؛ كلُّهم من طريقِ عليِّ بنِ زيدِ بنِ جُدْعانَ
عن أبي عثمانَ به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ قال البوصيريُّ: "مدارُ هذا الحديث على عليِّ بنِ زيدِ بنِ جُدْعانَ، وهو ضعيفٌ"(إتحاف الخيرة 517/ 3).
الثاني: أخرجه البزارُ في (المسند 2508) عن بشر بن آدم قال: أخبرنا أشعث بن أشعث عن عمران القطان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان رضي الله عنه مرفوعًا به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه أشعثُ بنُ أشعثَ، قال أبو حاتم:"أشعثُ مجهولٌ لا يُعرفُ"(العلل 342). بينما ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 128 - 129): وقال: "يُغْرِبُ"، وقال البزارُ:"ليسَ به بأسٌ، حَدَّثَ عنه أصحابُنَا: بشر بن آدم، وأحمد بن عمر بن عبيدة، وغيرهما"(لسان 2/ 199).
وفيه أيضًا: عمرانُ بنُ دَوَّار العميُّ القطانُ، قال عنه الدارقطنيُّ:" كان كثيرَ الوهمِ والمخالفةِ"(سؤالات الحاكم للدارقطني 445).
قال الألبانيُّ: "وأنا أَخشى أن يكونَ في المطبوعةِ سقطٌ؛ فإنَّ هذا اللفظَ إنما هو من حديث علي بن زيد عن أبي عثمان النهدي عن سلمان، كما رواه أحمد (5/ 437 - 439) وغيره مثل ابن نصر في (تعظيم قدر الصلاة 1/ 150/ 83)؛ أو هو من أوهام البزار نفسه"(الصحيحة 3402).
الثالث: أَخرجه البيهقيُّ (الشعب 2482) عن أبي الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا محمد بن غالب، ثنا عبد الرحمن بن المبارك، ثنا صالح أبو عمر البزار، ثنا يونس عن أبي عثمان به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ صالح أبو عمر البزار لم نعرفه، ويونسُ لم نَتَبَيَّنْهُ، لكن رَوَي البغويُّ في (معجم الصحابة 1491)، والطبرانيُّ في (الكبير
6152)، والمخلص في (المخلصيات 2814) هذا الحديثُ من طريقِ يونس بن عبيد عن علي بن زيد عن أبي عثمان به.
ولذا قال الألبانيُّ: "أخرجَ الحديثَ الطبرانيُّ بالتتمةِ من طريقينِ عن عليِّ بنِ زيدٍ: أحدهما: عن يونس بن عبيد. فألقى في النفسِ أن (يونس) المذكور في الطريق الأولى عند البيهقيِّ لعلَّه (يونس بن عبيد) هذا، ويكون قد سقط بينه وبين أبي عثمان: (علي بن زيد)؛ لسوءِ الطبعةِ. واللهُ سبحانه وتعالى أعلمُ"(الضعيفة 6984).
وعلى هذا فقد عادَ الحديثُ إلى عليِّ بنِ زيدٍ، وهو ضعيفٌ سيئُ الحفظِ كما تَقَدَّمَ.
ولكن الحديث قد سبق ما يشهدُ لمعناه من حديث عثمان رضي الله عنه وغيره؛ ولذا قال الألبانيُّ: "حسنٌ لغيرِهِ"(صحيح الترغيب والترهيب 363).
1435 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الحَاجِّ المُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يُنْصِبُهُ إِلَا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ المُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى إِثْرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ في عِلِّيِّينَ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ محتملٌ للتحسينِ. وحَسَّنَهُ النوويُّ، والسيوطيُّ، والألبانيُّ.
[الفوائد]:
قوله صلى الله عليه وسلم: «إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى» ؛ قال البغويُّ: "يريد: صلاة الضحى، وكل صلاة يتطوع بها فهي تسبيح وسبحة"(شرح السنة 472).
[التخريج]:
[د 558 (واللفظ له) / حم 22304/ طب (8/ 176/ 7734، 7735)، (8/ 182/ 7755)، (8/ 184/ 7764) / طس 3262/ طش 878/ ني 1204/ هق 4973، 5037/ بغ 472/ بغت (6/ 50) / مرجى (صـ 427) / مرداس (ق 2/ أ) / مخلدي (ق 246 ب)].
[السند]:
أخرجه أبو داود -ومن طريقه البيهقيُّ في (الكبرى 4973)، والبغويُّ في (شرح السنة) - قال: حدثنا أبو توبة ثنا الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة به.
وأبو توبة: هو الربيع بن نافع، ورواه من طريقه الروياني وغيره.
وقد توبع الربيع:
فرواه الطبرانيُّ في (الكبير 7734)، و (الأوسط 3262) من طريقِ عبد الله بن يوسف التِّنِّيسي عن الهيثم به،
وقال الطبرانيُّ في (الأوسط): "لم يَرْوِ هذا الحديث عن يحيى بن الحارث بهذا التمام إلا الهيثم بن حميد"!
قلنا: كلا؛ فقد تابعه جماعة:
منهم: محمد بن شعيب بن شابور عند الطبرانيِّ نفسه! في (الكبير 7755).
وتابعه أيضًا: صدقة بن خالد القرشي عند البيهقيِّ في (الكبرى 4973).
وإسماعيل بن عياش عند أحمد (22304).
والوليد بن مسلم عند الطبرانيِّ في (الكبير 7735، 7764).
وسويد بن عبد العزيز عند الطبرانيِّ في (مسند الشاميين 878).
فالحديثُ مدارُهُ بهذه السياقةِ على يحيى بن الحارث عن القاسم بن عبد الرحمن، أبي عبد الرحمن الشامي، اللَّهم إلا اختلافًا حصلَ على الوليدِ سيأتي ذِكْرُهُ.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ حسنٌ؛ فالقاسمُ أبو عبد الرحمن مختلفٌ فيه، والراجحُ فيه أنه صدوقٌ لا بأسَ به، وإنما أتت المناكير في روايته من قِبلِ الرواةِ الضعفاءِ عنه، كما نصَّ على ذلك ابنُ مَعينٍ والبخاريُّ وأبو حَاتمٍ وغيرُهُم. وانظر ما سطرناه في ترجمتِهِ تحتَ حديثِ أبي أمامةَ في باب "إعفاء اللحية".
والراوي عنه هنا يحيى بن الحارث الذِّمَاري، ثقةٌ، وَثَّقَهُ: ابنُ مَعينٍ،
ودُحَيمٌ، وأبو حَاتمٍ، وأبو داودَ، وغيرُهُم. انظر (تهذيب التهذيب 11/ 193).
ولذا قال النوويُّ: "رواه أبو داود بإسنادٍ حسنٍ أو صحيحٍ"(الخلاصة 912).
ورمزَ السيوطيُّ لحُسْنِهِ في (جامعه 5103).
وحَسَّنَهُ الألبانيُّ في (صحيح أبي داود 567).
وتوبع عليه يحيى بن الحارث:
فقد رواه الطبرانيُّ في (الكبير 7735، 7764)، و (الأوسط 477 مختصرًا)، من طريقِ دُحَيْمٍ عن الوليدِ بنِ مسلمٍ عن يحيى وحفص بن غيلان، كلاهما عن القاسم به، واختُلفَ عليه في ذلك:
فرواه الطبرانيُّ في (الكبير 7763) و (مسند الشاميين 593) من طريقِ هشامِ بنِ عمارٍ -قرنه في (الكبير) بدُحَيمٍ، قالا-: ثنا الوليد بن مسلم، ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأبو معيد حفص بن غيلان، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«صَلَاةٌ عَلَى إِثْرِ صَلَاةٍ، لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا- كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ» . هكذا مختصرًا.
ولعلَّه حمل رواية دُحَيْمٍ على رواية هشامٍ، فقد مَرَّ عنده من طريقِ دُحَيْمٍ بذكر يحيى بن الحارث بدلًا من ابنِ جابرٍ!
ورواه الطبرانيُّ في (الكبير 7578) و (مسند الشاميين 1548) عن إسحاق بن خالويه الواسطي، ثنا علي بن بحر، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا حفص بن غيلان، عن مكحول، عن أبي أمامة مرفوعًا:«مَنْ مَشَى إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فِي الجَمَاعَةِ فَهِي كَحَجَّةٍ، وَمَنْ مَشَى إِلَى صَلَاةِ تَطَوُّعٍ فَهِي كَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ» .
وكذا رواه في (الكبير 7582) و (المسند 1549) من طريقِ زهيرِ بنِ حَربٍ، ثنا الوليد بن مسلم، حدَّثني حفص بن غيلان، عن مكحولٍ، به مقتصرًا على قوله:«صَلَاةٌ عَلَى إِثْرِ صَلَاةٍ، لَا لَغْوٌ بَيْنَهُمَا- كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ» .
وهذا منقطعٌ، قال أبو حاتم:"لا يصحُّ لمكحولٍ سماعٌ من أبي أمامةَ"، وقال أيضًا:"مكحولٌ لم يرَ أبا أمامةَ"(المراسيل 791، 796).
والحديثُ له مواضع أخرى عند أبي داود (1288)، وأحمدَ في (المسند 22273) وغيرهما مقتصرًا على قوله: «صَلَاةٌ عَلَى إِثْرِ صَلَاةٍ،
…
» إلخ، وبعضُهم ساقَهُ بلفظِ مكحولٍ: «مَنْ مَشَى إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ
…
» إلخ، ولم يذكرْ فيه التطهر، وسيأتي تخريجُهُ في (موسوعة الصلاة).
وللحديثِ رواية أخرى من طريق آخر عن القاسم تَقَدَّمَ تخريجُها في بابِ "ذَهاب الذنوب بماء الوضوء".
رِوَايَةٌ مُخْتَصَرَةٌ
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الوُضُوءَ ثُمَّ يُصَلِّي المَكْتُوبَةَ إِلَّا كَانَتْ لَهُ كَحَجَّةٍ، وَإِنْ صَلَّى تَطَوُّعًا كَانَتْ لَهُ كَعُمْرَةٍ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[طب (8/ 242/ 7944)].
[السند]:
قال الطبرانيُّ في (الكبير): حدثنا علي بن عبد العزيز، وأبو مسلم الكَشِّي، قالا: ثنا حجاج بن المنهال، ثنا حماد بن سلمة عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه جعفر بن الزبير الحنفيُّ، قال عنه البخاريُّ:"تركوه"(التاريخ الكبير 2/ 192).
ولذا رَمَزَ السيوطيُّ لضَعْفِهِ في (جامعه 9047)، وانظر الروايةَ السابقةَ.
1436 -
حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ
◼ عَنْ سَعَيدِ بنِ المُسَيِّبِ قَالَ: حَضَرَ رَجُلًا مِنَ الَأَنْصَارِ المَوتُ، [فَقَالَ: لَأَهْلِهِ: مَنْ فِي البَيْتِ؟ قَالُوا: أَهْلُكَ، وَإِخْوَانُكَ، وَجُلَسَاؤُكَ. فَقَالَ: ارْفَعُونِي. فَأسْنَدَهَ ابْنُهُ إِلَى صَدْرِهِ فَفَتَحَ -أَحْسَبُهُ قَالَ: عَيْنَيْهِ- فَسَلَّمَ عَلَى القَوْمِ، قَالَ: فَرَدُّوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا لَهُ خَيْرًا] 1 فَقَالَ: إِنِّي مُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا [مَا حَدَّثْتُهُ أَحَدًا مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم] 2 مَا أُحُدِّثُكُمُوهُ [اليَوْمَ] 3 إِلَّا احْتِسَابًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ [فِي بَيْتِهِ] 4 فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، (إِلَى المَسْجِدِ) 1، [فَصَلَّى فِي جَمَاعَةِ المُسْلِمِينَ] 5، لَمْ يَرْفَعْ قَدَمَهُ اليُمْنَى إلَّا كَتَبَ اللَّهُ عز وجل لَهُ [بِهَا] 6 حَسَنَةً، وَلَمْ يَضَعْ قَدَمَهُ اليُسْرَى إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عز وجل عَنْهُ [بِهَا] 7 سَيْئَةً (خَطِيئَةً) 2، [حَتَّى يَأْتِيَ المَسْجِدَ] 8 فَلْيُقرِّبْ أَحَدُكُمْ أَوْ لِيُبَعِّدْ، فَإِنْ أَتَى المَسْجِدَ فَصَلَّى فِي جَماعَةٍ [انْصَرَفَ وَقَدْ] 9 غُفِرَ لَهُ، فَإِنْ أَتَى المَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا بَعْضًا وَبَقِيَ بَعْضٌ، صَلَّى ما أَدْرَكَ وَأَتَمَّ ما بَقِيَ، كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَتَى المَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا، فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ [رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا] 10، كَانَ كَذَلِكَ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ بهذا السياقِ. ولبعضِ فقراتِهِ شواهد.
[التخريج]:
[د 563 (واللفظ له) / هق 5075/ شعب 2633/ عل (خيرة 986/ 1) (والزيادات دون العاشرة والرواية الأُولى والثانية له ولغيره) / مفا 112/ تعظ 106 (والزيادة العاشرة له) / مشكل 2322/ فضش 60/ زمبن 225/ كما (28/ 239) / تمهيد (7/ 68)].
[السند]:
رواه أبو داود في (سننه) -ومن طريقه البيهقي في (الكبرى) - قال: حدثنا محمد بن معاذ بن عباد العنبري، ثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن معبد بن هرمز عن سعيد بن المسيب به.
ومدارُ إسنادِهِ عندَ الجميعِ على أبي عَوانةَ به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه مَعْبَدُ بنُ هُرْمُزَ، قال عنه الحافظُ:"مجهولٌ"(التقريب 6782).
وبه أعلَّه عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ فقال: "مَعْبَدُ بنُ هُرْمُزَ لا أعلمُ روى عنه إلا يعلى بن عطاء"(الأحكام الكبرى 2/ 10).
وقال فيه مغلطايُ: "مجهولُ الحالِ، لم يَرْوِ عنه غير يعلى بن عطاء فيما رأيتُ"(شرح ابن ماجه 5/ 27).
وقد سَكَتَ عنه عبدُ الحَقِّ في (الأحكام الوسطى 1/ 281)، وقد ذكرَ في مقدمة كتابِهِ أن سكوتَهُ على الحديثِ يعني صِحَّتَهُ عنده.
فَتَعَقَّبَهُ ابنُ القطانِ، معللًا إيَّاهُ بعلةٍ أُخْرَى فقال: "وقد تمادَى به هذا إلى تصحيحِ ما لا يجوزُ تصحيحه، وهي أحاديثُ عن رجالٍ لم يُسَمَّوْا، ولا قال الرواةُ عنهم: إنهم صحابة، وهم لا ينبغي أن يُقبلَ منهم تعديلهم أنفسهم لو عَدَّلوها، والذين يزعمون الرؤية والسماع أكثر. فمن ذلك ما ذكر عن سعيد بن المسيب
…
"، فذكرَ الحديثَ، ثم قال: "وسَكَتَ عنه، ولم يرمه بإرسالٍ ولا غيره" (بيان الوهم 2/ 603). وانظر (بيان الوهم 2/ 594).
ولكلِّ فقرةٍ من الحديثِ ما يشهدُ لها:
يشهدُ له حديثُ أبي هريرةَ المخرج آنفًا في أول البابِ.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ أَتَى المَسْجِدَ فَصَلَّى في جَماعَةٍ غُفِرَ لَهُ»
يشهدُ له حديثُ عثمانَ بنِ عفانَ رضي الله عنه، وقد سبقَ تخريجُهُ تحتَ باب:"فضل الوضوء والصلاة عقبه".
وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ أَتَى المَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا بَعْضًا وَبَقِيَ بَعْضٌ، صَلَّى مَا أَدْرَكَ وَأَتَمَّ ما بَقِيَ، كانَ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَتَى المَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا، فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ، كَانَ كَذَلِكَ»
يشهدُ له حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا، أَعْطَاهُ اللهُ عز وجل مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلَّاهَا وَحَضَرَهَا، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِهِمْ شَيْئًا» رواه أبو داود وغيرُهُ وفي سندِهِ ضَعْفٌ، ولكنه صالحٌ في الشواهدِ، وهو الحديثُ التالي.
ولذا قال الألبانيُّ: "صحيحٌ لغيرِهِ"(صحيح أبي داود 3/ 98).
1437 -
حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ رَاحَ [عَامِدًا إِلَى المَسْجِدِ] فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا، أَعْطَاهُ اللهُ عز وجل مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلَّاهَا وَحَضَرَهَا، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِهِمْ شَيْئًا» .
[الحكم]:
حسنٌ لشواهِدِهِ.
وَصَحَّحَهُ: الحاكمُ.
وحَسَّنَهُ: النوويُّ.
وجَوَّدَ إسنادَهُ: مغلطايُ.
وقَوَّاهُ: ابنُ حَجرٍ.
وَصَحَّحَهُ لغيرِهِ: الألبانيُّ.
[التخريج]:
[د 564 (واللفظ له) / ن 867 (والزيادة له) / كن 1016/ حم 8947/ تخ (8/ 64) / ك 754/ حميد 1455/ هق 5074/ هقغ 583/ شعب 2634/ بغ 849/ بز 8180/ منذ 2089/ تمهيد (7/ 67 - 68) / كما (25/ 409)].
[السند]:
رواه أبو داود -ومن طريقِهِ البيهقيُّ في (الكبرى، والصغرى) - قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة، ثنا عبد العزيز -يعني ابنَ محمد- عن محمد -يعني ابنَ طَحْلاءَ- عن محصن بن علي عن عوف بن الحارث عن أبي هريرة به.
ومدارُ إسنادِهِ عندَ الجميعِ على عبد العزيز بن محمد الدراورديِّ به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، محصن بن علي الفهري ترجمَ له البخاريُّ في (التاريخ
الكبير 8/ 46)، وابنُ أبي حاتمٍ في (الجرح والتعديل 8/ 432) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، بينما ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 5/ 458) وقال:"يروي المراسيل"، وقال ابنُ القطانِ:"مجهولٌ"(بيان الوهم والإيهام 4/ 143)، وقال ابنُ حَجرٍ:"مستورٌ"(التقريب 6506)، أي مجهولُ الحالِ.
والراوي عنه عوف بن الحارث، مقبولٌ كما في (التقريب 5216)، يعني عند المتابعة.
فمثلُهُ لا بأسَ بتحسينه مع شاهدِهِ السابقِ من حديثِ سعيدِ بنِ المسيبِ عن رجلٍ منَ الأنصارِ.
وعليه يُحملُ تحسين النوويِّ له في (خلاصة الأحكام 2/ 663)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه لمغلطاي 4/ 13).
وقال الحافظُ: "وإسنادُهُ قويٌّ"(الفتح 6/ 137).
بينما قال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ، ولم يخرجاه".
ولم يتعقبه الذهبيُّ بشيءٍ، فتعقبهما الألبانيُّ قائلًا: ((وهو من أوهامهما؛ فقد علمتَ مما ذكرنا أن في الإسناد راويين ليسا من رجال الصحيح، وأن أحدهما مجهول الحال، باعتراف الذهبي نفسه! لكن الحديث عندي صحيح؛ فإنه يشهد له حديث سعيد بن المسيب الذي قبل هذا
…
ويشهدُ له أيضًا عموم قوله عليه الصلاة والسلام: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٌ مَا نَوَى» )) (صحيح أبي داود 573).
1438 -
حَدِيثُ ثَالِثٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ صِفَةُ (التَبَشْبُشَ)
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِّي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَتَوَضَّأُ أَحَدُكُمْ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ وَيُسْبِغُهُ، ثُمَّ يَأْتِي المَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ؛ إِلَّا تَبَشْبَشَ اللَّهُ بِهِ، كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الغَائِبِ بِطَلْعَتِهِ» .
[الحكم]:
ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ الدارقطنيُّ.
[التخريج]:
[حم 8065 (واللفظ له)، 8487/ خز 1580/ حث 128/ ك 867/ بشر (صـ 887) / هقس 998/ بشن 78/ كك (2/ 169) / قطغ (لسان 5/ 224) / مديني (لطائف 614) / حيد 751/ جوزي (تبصرة 1/ 135)].
[التحقيق]:
مدارُ هذا الحديثِ على سعيدٍ المقبريِّ، واختُلِفَ عليه:
فرواه عنه الليثُ بنُ سعدٍ، واختُلِفَ عليه أيضًا على وجهين:
الوجه الأول: عن الليث، عن سعيد المقبري، عن أبي عبيدة، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة به.
رواه أحمدُ في (مسنده 8065) -ومن طريقه: ابنُ بِشْرَانَ في (الأمالي 78)، وابنُ الجوزيِّ في (التبصرة 1/ 135) - عن هاشمِ بنِ القاسمِ.
ورواه أحمدُ أيضًا (8487) عن يونسَ بنِ محمدٍ المؤدبِ، وحجَّاجِ بنِ محمدٍ المصيصيِّ.
ورواه عثمانُ الدارميُّ في (الرد على بشر المريسي، صـ 887) عن عبد الله بن صالح.
ورواه ابنُ خُزيمةَ في (الصحيح 1580) من طريقِ شعيبٍ عنِ الليثِ.
ورواه الحاكمُ في (المستدرك 867)، والبيهقيُّ في (الأسماء والصفات 998) من طريق أحمد بن إبراهيم بن ملحان، عن يحيى بن بكير.
خمستُهم: (هاشم، ويونس، وحجاج، وشعيب، وابن بُكيرٍ) عن الليث بن سعد، عن سعيد المقبري، عن أبي عبيدة
(1)
، عن سعيد بن يسار، أنه سمع أبا هريرة، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ أبو عبيدةَ الراوي عن سعيدٍ: "مجهولٌ"، كما قال الدارقطنيُّ في (العلل 2086).
ومع هذا صَحَّحَهُ الشيخُ أحمد شاكر في (تحقيقه للمسند 8051) فقال: "إسنادُهُ صحيحٌ، أبو عبيدة: لم أستطعْ تعيينَ مَن هو؟ ولكنه على كلِّ حالٍ منَ التابعين. فهو يروي هنا عن تابعيٍّ كبيرٍ، وهو سعيدُ بنُ يسارٍ، ويروي عنه تابعيٌّ آخرُ، وهو سعيدٌ المقبريُّ" اهـ.
كأنه يرى أن جهالةَ التابعيِّ لا تضرُّ.
قلنا: هذه كلامٌ غريبٌ، مخالفٌ لما عليه أئمة الحديث في اشتراطِ ضبطِ وعدالةِ الرواةِ في كلِّ طبقاتِ السندِ، نعم، قد يتجوزُ بعضُهم في كبارِ التابعين إذا روى عنه جَمْعٌ، ولم يأتِ بما يُستنكرُ. وأما مجهولُ العينِ
(1)
تحرَّف عندَ ابنِ بِشْرَانَ إلى: "ابن عبيدة"، وهو على الصواب في (المسند)، وبقية المصادر.
والحالِ كأبي عبيدة هذا، فلا
(1)
.
وَصَحَّحَهُ أيضًا الشيخُ الألبانيُّ في (صحيح الترغيب والترهيب 303).
ولكن لا ندري على أي شيءٍ اعتمدَ رحمه الله.
الوجه الثاني: عن الليثِ، عن سعيدٍ المَقْبُريِّ، عن سعيدِ بنِ يَسارٍ، عن أبي هريرةَ به، بإسقاطِ (أبي عبيدة).
رواه الحارثُ بنُ أبي أسامةَ في (مسنده)، كما في (البغية 128)، ومن طريقِهِ أبو موسى المدينيُّ في (اللطائف 614): عن أبي النضر.
ورواه ابنُ منده في (التوحيد 751) من طريقِ يحيى بن أيوب وأحمد بن إبراهيم. كلاهما: عن يحيى بن بُكير.
وعلَّقه الدارقطنيُّ في (العلل 5/ 269) عن قتيبةَ بنِ سعيدٍ.
ثلاثتُهُم (أبو النضر، وابن بُكير، وقتيبةُ): عن الليث، عن سعيد المقبري، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة به، بإسقاط (أبي عبيدة) المجهول.
ولذا قال أبو موسى المدينيُّ عقبه: "هذا إسنادٌ صحيحٌ، أخرجَ مسلمٌ في (صحيحه) بهذا الإسنادِ حديثًا، وهذا الحديثُ وأمثالُهُ يُرْوَى من غيرِ إنكارٍ ولا تأويلٍ، اقتداءً بالسلفِ الصالحِ فيه"(اللطائف عقب رقم 614).
ولكن هذه الرواية خطأٌ، والمحفوظُ عن الليثِ بإثباتِ (أبي عبيدةَ) في سندِهِ، كذا رواه جماعةٌ منَ الثقاتِ الأثباتِ عنه.
(1)
وللشيخ أحمد شاكر رحمه الله -مع فضله وعلمه- مثل هذا كثير يخالف به أئمة الحديث في الحكم على عشرات الرواة والأحاديث، فليُنتبه لذلك؛ فالحَقُّ {أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ} .
ولذا قال الدارقطنيُّ: ((ورواه الليث بن سعد، عن المقبري، عن ابن عبيدة، أو أبي عبيدة، عن أبي الحباب، عن أبي هريرة، وزاد في الإسناد رجلًا مجهولًا.
ورواه قتيبة بن سعيد، عن ليث، عن المقبري، عن أبي الحباب، عن أبي هريرة، ولم يذكر بينهما أحدًا. والصحيحُ عن الليثِ القولُ الأولُ)) (العلل 2086).
وقد خولف الليثُ في سندِهِ ومَتْنِهِ:
فقد رواه ابنُ أبي ذِئْبٍ وابنُ عَجْلانَ -في روايةٍ-، عنِ المقبريِّ، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، مرفوعًا بلفظ:«لَا يُوَطِّنُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ المَسَاجِدَ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، إِلَّا تَبَشْبَشَ اللَّهُ بِهِ حَتَّى يَخْرُجَ، كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ، إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ» . فجعلاه في فضل المساجد دون الوضوء، وأسقطا من سنده (أبا عبيدة).
ومالَ الدارقطنيُّ إلى ترجيحِ رواية الليث؛ بزيادة راوٍ مجهول في إسناده، فقال:"ويشبه أن يكون الليثُ قد حفظه منَ المقبريِّ"(العلل 2086).
وهذا ظاهرُ صنيعِ الإمامِ أحمدَ أيضًا؛ حيثُ أسندَ روايةَ الليثِ (بذكر أبي عبيدة)، عقب رواية ابن أبي ذئب؛ فقال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا ليث، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبي عبيدة، عن سعيد بن يسار، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكر نحوه. (المسند 9842). كأنه يشيرُ إلى إعلالِ هذه بتلك.
وسيأتي مزيدُ كلامٍ على هذه الروايةِ في "كتاب المساجد" من "موسوعة الصلاة"، إن شاء الله.
وقد رواه بعضُهم عن المقبريِّ عن أبي هريرة، بإسقاط (أبي عبيدة، وسعيد بن يسار)، وجعله في فضل الوضوء.
أخرجه أبو أحمدَ الحاكمُ في (الكنى 2/ 169)، والدارقطنيُّ في (غرائب مالك) -كما في (لسان الميزان 5/ 224) -: من طريق عبد العظيم بن حبيب، عن مالك بن أنس، حدثنا سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ وَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدًا مِنْ مَسَاجِدِ اللهِ
…
» الحديث.
ولكن هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عبد العظيم بن حبيب، قال عنه الدارقطنيُّ:"ليسَ بثقةٍ، كثير الغلط"(العلل 4/ 436).
وقال الدارقطنيُّ في (غرائب مالك) -عقب هذا الحديث-: "هذا حديثٌ غريبٌ تفرَّدَ به عبد العظيم بن حبيب يكنى أبا بكر، ويعرفُ بابنِ رغبان، ولم يكن بالقويِّ في الحديثِ"(لسان الميزان 5/ 224).
وقال أبو أحمدَ الحاكمُ: "منكرُ الحديثِ"، وأسندَ له هذا الحديثَ (الكنى 2/ 169).
واتَّهمه الذهبيُّ حيثُ قالَ: "ومن بَلَايَاهُ
…
"، وذكر له حديثًا منكرًا، (ميزان الاعتدال 5143). ولذا ذكره سبطُ ابنُ العجميِّ في (الكشف الحثيث عمن رُمي بوضعِ الحديثِ 449).
* * *