الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
257 - بَابُ غَسْلِ اليَدَيْنِ عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ
1615 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ [مَاءً] 1، ثُمَّ لْيَنْثُرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ [فَأَرَادَ الوُضُوءَ] 2، فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ (فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا)؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» .
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م) دونَ ذِكرِ التثليثِ في غسلِ اليدِ، فلمسلمٍ وغيرِهِ دونَ البُخاريِّ.
[الفوائد]:
1 -
هذا الأمرُ بغَسلِ اليدِ عند الاستيقاظِ منَ النومِ محمولٌ على الاستحبابِ عندَ جمهورِ العلماءِ؛ قال الحافظُ: "والقرينةُ الصارفةُ للأمرِ عن الوجوبِ عند الجمهورِ التعليلُ بأمرٍ يقتضي الشكَّ؛ لأنَّ الشكَّ لا يقتَضي وجوبًا في هذا الحُكمِ استصحابًا لأصلِ الطهارةِ. واستَدلَّ أبو عَوَانةَ على عدمِ الوجوبِ بوُضوئِهِ صلى الله عليه وسلم من الشَّنِّ المُعلَّقِ بعد قيامه من النومِ كما سيأتي في حديثِ ابنِ عبَّاسٍ
…
وأيضًا فقد قال في هذا الحديثِ في رواياتٍ لمسلمٍ وأبي داودَ وغيرِهما: «فَلْيَغْسِلْهُمَا ثَلَاثًا» ، وفي روايةٍ:«ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» ،
والتقييدُ بالعددِ في غيرِ النجاسةِ العَيْنيَّةِ يَدُلُّ على النَّدْبيَّة" (الفتح 1/ 263 - 264).
2 -
والمرادُ باليدِ هنا الكفُّ دون ما زادَ عليها اتِّفاقًا.
3 -
وفي الحديثِ: الأخذُ بالوثيقةِ، والعملُ بالاحتياطِ في العبادةِ.
4 -
والكِنايةُ عما يُسْتَحْيا منه إذا حصَلَ الإفهامُ بها.
5 -
واستِحبابُ غَسْلِ النجاسةِ ثَلَاثًا؛ لأنه أَمَرَنا بالتثليثِ عند توهُّمِها؛ فعندَ تيقُّنِها أَوْلى.
6 -
قوله: «قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا» ، ولمسلمٍ وابنِ خُزَيْمةَ وغيرِهما مِن طُرُقٍ:«فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا» وهي أَبْيَنُ في المرادِ مِن روايةِ الإدخالِ؛ لأن مُطْلَقَ الإدخالِ لا يترتبُ عليه كراهةٌ، كمَن أدخلَ يدَهُ في إناءٍ واسعٍ فاغترَفَ منه بإناءٍ صغيرٍ مِن غيرِ أن تُلامِسَ يدُه الماءَ
…
وخَرَج بذِكْرِ الإناءِ: البِرَكُ والحِياضُ التي لا تَفْسدُ بغمْسِ اليدِ فيها على تقديرِ نجاستها، فلا يتناولُها النهيُ. والله أعلم. (الفتح 1/ 264).
[التخريج]:
[خ 162 (واللفظ له) / م 237 (مقتصرًا على أوله والزيادة الأولى له)، 278 (والرواية له ولغيرِهِ) / د 139/ن 1، 89/ كن 116، 225/ طا 40/ حم 7300، 7746، 7674 (والزيادة الثانية له ولغيرِهِ)، 7815، 8182، 8586، 9139، 9238، 9996، 10091، 10497، 10589/ مي 785/ خز 105، 155/ حب 1057 - 1059/ عه 799 - 807/ عل 5863، 5961، 6440/ بز 7637، 7860، 8230، 9438، 9538، 10013/ طس 945، 3694/ طش 1908/ ش
1054، 1055، 37392/ حمد 981، 982/ طهور 280/ جا 9/ منذ 35، 346/ بغ 207، 208/ مشكل 5096، 5097، 5099/ عد (1/ 444)، (3/ 446)، (4/ 323)، (6/ 505)، (10/ 291) / هق 203، 204، 205، 207، 208، 209، 578، 579، 1129، 1170، 1222/ هقع 596، 598، 891/ هقغ 19/ شف 67، 68، 69، 70/ أم 36، 66/ مزن (مختصر صـ 94) / هما 69/ كيع 18/ جعفر 774 - 776/ تمهيد (18/ 229، 231، 233، 234) / نجار (17/ 90)، (17/ 126) / تجر (صـ 138) / كر (60/ 257) / محد (4/ 94) / مسن 639 - 642/ أصبهان (1/ 184) / علقط (4/ 58) / محلى (1/ 207) / غقت (1/ 157) / حرب (طهارة 146) / مزن (زيادات 3، 4) / معقر 620/ قطر (الثالث والعشرون 99) / مطغ 517/ حقف 67/ قطان 4، 5، 6/ خطت 58/ شيو 528/ سلفي (3/ ق 31)، (21/ 48) / طيو 646/ حلب (6/ 2977) / إمام (1/ 459) / طبش (2/ 96) / خبر (1/ 400 - 403) / دبيثي (3/ 37) / حمج 24/ متفق 1622].
[السند]:
قال البُخاريُّ: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ، قال: أخبرنا مالِكٌ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرجِ، عن أبي هريرةَ، به.
ورواه مسلمٌ (278/ 88) من طريقِ المُغيرةِ الحِزاميِّ، عن أبي الزِّنادِ، بسندِهِ ولم يَذْكُرْ لفظَهُ، وإنما أحالَ على لفظِ أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، عن أبي هريرةَ، وسيأتي قريبًا.
وقد رواه مسلمٌ (237) من طريقِ ابنِ عُيَيْنةَ، عن أبي الزِّنادِ، به بلفظ: «إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا، وَإِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلِيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ
لِيَنْتَثِرْ».
ولم يذكرْ فيه غَسْلَ اليدِ قبلَ إدخالها في الوُضوءِ.
وهذا قد رواه مسلمٌ (278/ 87) عن نصْرِ بنِ عليٍّ الجَهْضَميِّ، وحامدِ بنِ عُمَرَ البَكْراويِّ، قالا: حدثنا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، عن خالدٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ شَقِيقٍ، عن أبي هريرةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا
…
» الخ.
ثُمَّ قال مسلمٌ: "حدثنا أبو كُرَيبٍ، وأبو سعيدٍ الأَشَجُّ، قالا: حدثنا وَكِيعٌ، ح،
وحدثنا أبو كُرَيبٍ، حدثنا أبو معاويةَ، كِلاهما عنِ الأعمشِ، عن أبي رَزِينٍ، وأبي صالحٍ، عن أبي هريرةَ
…
بمِثْلِه.
وحدثنا أبو بكرِ بنُ أبي شَيْبةَ، وعَمرٌو النَّاقِدُ، وزُهَيْرُ بنُ حرْبٍ، قالوا: حدثنا سفيانُ بنُ عُيَيْنةَ، عنِ الزُّهْريِّ، عن أبي سَلَمةَ ح،
وحدثنيه محمدُ بنُ رافِعٍ، حدثنا عبدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عنِ الزُّهْريِّ، عنِ ابنِ المُسَيِّبِ، كِلاهما عن أبي هريرةَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بمثله".
قلنا: ولفظُ حديثِ أبي صالحٍ، وأبي رَزِينٍ:«إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» .
أخرجه أحمدُ (10091) عن وَكِيعٍ، قال: حدثنا الأعمشُ، عنهما به.
ولفظُ حديثِ الزُّهْريِّ، عن أبي سَلَمةَ:«إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي إِنَائِهِ، حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» .
أخرجه أحمدُ (7282) وغيرُهُ عنِ ابنِ عُيَيْنةَ، عنِ الزُّهْريِّ، به.
ولفظُ حديثِ الزُّهْريِّ، عنِ ابنِ المُسَيِّب:"إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ، فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي إِنَائِهِ -أَوْ قَالَ: فِي وَضُوئِهِ- حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، .. "الخ.
أخرجه أحمدُ (7815) عن عبد الرَّزَّاقِ، حدثنا مَعْمَرٌ، عنه، به.
ثُمَّ رواه مسلمٌ (278/ 88) عن سَلَمةَ بنِ شَبِيبٍ، قال: حدثنا الحسنُ بنُ أَعْيَنَ، حدثنا مَعْقِلٌ، عن أبي الزُّبَيرِ، عن جابرٍ، عن أبي هريرةَ، أنه أخبره أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْرِغْ عَلَى يَدِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي إِنَائِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِيمَ بَاتَتْ يَدُهُ» .
ثُمَّ قال مسلمٌ: "وحدثنا قُتَيْبةُ بنُ سعيدٍ، حدثنا المُغيرةُ -يعني: الحِزاميَّ-، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرجِ، عن أبي هريرةَ، ح،
وحدثنا نصْرُ بنُ عليٍّ، حدثنا عبدُ الأعلى، عن هشامٍ، عن محمد، عن أبي هريرة، ح،
وحدثني أبو كُرَيب، حدثنا خالد -يعني: ابنَ مَخْلَدٍ-، عن محمدِ بنِ جعفرٍ، عن العلاءِ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، ح،
وحدثنا محمدُ بنُ رافعٍ، حدثنا عبدُ الرَّزَّاقِ، حدثنا مَعْمَرٌ، عن هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ، عن أبي هريرةَ، ح،
وحدثني محمدُ بنُ حاتمٍ، حدثنا محمدُ بنُ بكرٍ، ح، وحدثنا الحُلْوانيُّ، وابنُ رافِعٍ قالا: حدثنا عبدُ الرَّزَّاقِ قالا جميعًا: أخبرنا ابنُ جُرَيجٍ، أخبرني زيادٌ، أن ثابتًا مولى عبد الرحمن بن زيد، أخبره أنه سمِع أبا هريرةَ، في روايتِهِم جميعًا عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بهذا الحديثِ، كلُّهم يقول:((حَتَّى يَغْسِلَهَا))، ولم يَقُلْ واحدٌ منهم:((ثَلَاثًا)) إلَّا ما قدَّمْنا من روايةِ جابرٍ، وابنِ المُسَيِّبِ، وأبي سَلَمةَ، وعبدِ اللهِ بنِ شَقِيقٍ، وأبي صالحٍ، وأبي رَزِينٍ؛ فإنَّ في حديثِهم
ذِكْرَ الثلاثِ".
قلنا: ولفظُ حديثِ زيادٍ -وهو ابنُ سعدٍ-، عن ثابتٍ -وهو ابنُ عِياضٍ-:«إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ نَائِمًا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَأَرَادَ الوُضُوءَ، فَلَا يَضَعْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَصُبَّ عَلَى يَدِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» .
أخرجه أحمدُ (7674) عن عبدِ الرَّزَّاقِ وابنِ بكرٍ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، أخبرني زيادٌ، به. فزادَ فيه:((فَأَرَادَ الوُضُوءَ)). وقد تُوبِع على هذه الزيادةِ:
فأخرجه أحمدُ (9139) عن هَوْذَةَ، حدثنا عَوْفٌ، عن محمدٍ، عن أبي هريرةَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَأَرَادَ الطُّهُورَ، فَلَا يَضَعَنَّ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا
…
» الخ.
ولفظُ حديثِ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَضَعْ يَدَهُ فِي الوَضُوءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا؛ إِنَّهُ لَا يَدْرِي أَحَدُكُمْ أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» .
أخرجه أحمدُ (8182) عن عبدِ الرَّزَّاقِ، عن مَعْمَرٍ، عنه.
ولفظُ حديثِ العلاءِ عن أبيه: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَبِيتِهِ فَلْيُفْرِغْ عَلَى يَدِهِ المَاءَ يَغْسِلْهَا
…
»، أخرجه أبو الفضلِ الزُّهْريُّ في (حديثه 280)، من طريقِ زُهَيرِ بنِ محمدٍ، عن العلاءِ، به.
وأخرجه أبو عَوَانةَ (808) من طريقِ عبدِ العزيزِ بنِ أبي حازمٍ، عن العلاءِ، به بلفظ: ((إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الوُضُوءِ حِينَ يُصْبِحُ - أَوْ لَعَلَّهُ قَالَ: مِنْ نَوْمِهِ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا-، فَلْيُفْرِغْ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثًا
…
)) الخ. فذكرَ فيه الثلاثَ خِلافًا لِما سبقَ! .
ولفظُ حديثِ هشامٍ عن محمدٍ -وهو ابنُ سِيرِينَ-: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي طَهُورِهِ حَتَّى يُفْرِغَ عَلَيْهَا فَيَغْسِلَهَا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ
بَاتَتْ يَدُهُ». أخرجه أحمدُ (10589) عن يَزيدَ، أخبرنا هشامٌ، به.
وتَقَدَّمَ لفظُ حديثِ الأعرجِ.
رِوَايَة: مِنَ اللَّيْلِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ
…
» الحَدِيثَ.
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ، وَصَحَّحَهُ: التِّرْمِذيُّ، وابنُ حَجَرٍ، وأحمدُ شاكر، والألبانيُّ. ولكن أكثر الروايات عن أبي هريرة بدون ذِكْرِ (اللَّيْلِ)، فهو غيرُ محفوظٍ في الحديثِ، والله أعلم.
[الفوائد]:
هذه الروايةُ مما يُؤَيِّدُ قول أحمدَ: أنَّ هذا الأمرَ بغَسلِ اليدِ قبلَ إدخالها في الإناءِ إنما هو من نومِ الليلِ فحسْبُ دُونَ نومِ النهارِ؛ قال أبو داودَ السِّجِسْتانيُّ: سمِعتُ أحمدَ يقول: ((لو نامَ بالنهارِ لا بأسَ أن يُدخِلَ يدَه في الإناءِ؛ لأن البيتوتةَ لا تكونُ إلا بالليلِ)) (مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود 18).
لكن قال الرَّافِعيُّ: ((يمكنُ أن يقالَ: الكراهةُ في الغَمسِ لمَن نامَ ليلًا أَشَدُّ منها لمَن نامَ نهارًا؛ لأن الاحتمالَ في نومِ الليلِ أقربُ؛ لطوله عادةً)) (فتح الباري 1/ 263).
ويمكنُ أن يقالَ أيضًا -على فرْضِ ثبوتِ هذه اللفظةِ-: إنَّ قوله: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ» خرجَ مخرجَ الغالبِ؛ إذ الغالبُ في النومِ نومُ الليلِ،
واللفظُ إذا خرجَ مخرجَ الغالبِ فلا اعتبارَ للمفهوم.
[التخريج]:
[د 102، 103/ ت 24/ ن 447/ جه 399/ حم 7438 (واللفظ له)، 7517/ ش 1053، 1055، 37391، 37393/ بز 7758، 9170، 9403، 9683/ عه 803/ طح (1/ 22/ 68) / مشكل 5093 - 5095/ هق 205، 206، 1171/ مسن 638/ طوس 33/ معص (صـ 341) / تمهيد (18/ 232) / عد (2/ 415)، (10/ 291) / سفر 1369/ خط (13/ 187) / خلع 976/ حراني 47/ مطرز 95، 96، 97/ شاهين (جزء/ رواية المجلي 39) / تحقيق 111/ جهلي 12/ حداد 268].
[السند]:
رُوِيَ الحديثُ بذكرِ ((اللَّيْلِ)) من عِدَّةِ طرقٍ:
الطريق الأول:
أخرجه أحمدُ (7438) قال: حدثنا أبو معاويةَ، حدثنا الأعمشُ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرةَ، به.
ورواه أبو داودَ (102): عن مُسَدَّدٍ، عن أبي معاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي رَزِينٍ وأبي صالحٍ، عن أبي هريرةَ، به.
وكذا رواه غيرُ وَاحدٍ عن أبي معاويةَ.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله ثقاتٌ رجال الشيخينِ غيرَ أبي رِزِينٍ واسمُه مسعودُ بنُ مالكٍ؛ فمِن رجالِ مسلمٍ وحدَه. وقد تابَعه أبو صالحٍ السَّمَّانُ وهو من رجالِ الشيخينِ.
وتابَع أبا معاويةَ: عيسى بنُ يونسَ، عن الأعمشِ، بذِكْرِ ((اللَّيْلِ)).
أخرجه أبو داودَ (103) -ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (السنن 206)، وغيرُهُ-: عن مُسَدَّدٍ، عن عيسى بنِ يونسَ، عن الأعمشِ، به.
ولكن خالَفَهما جماعةٌ في ذِكْرِ ((اللَّيْلِ))، وهُم:
1) وَكِيع، عند أحمدَ (10091)، ومسلمٍ (278).
2) وشُعبةُ، عند الطَّيالِسيِّ في (مسنده 2540).
3) وشُجاعُ بنُ الوليدِ، عند البَيْهَقيِّ في (السنن 218).
4) وأبو الأَشْهَبِ جعفرُ بنُ الحارثِ، عند الطَّبَرانيِّ في (الأوسط 3694).
كلُّهم عن الأعمشِ به دُونَ ذِكْرِ ((اللَّيْلِ)).
ورواه أحمدُ (7440)، والطَّحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 22): من طريقِ زائِدةَ بنِ قُدَامةَ، عن الأعمشِ، به. ولم يَذْكُرا متْنَه، إنما ذكراه عَقِبَ روايةِ أبي معاويةَ بذكرِ الليلِ.
ولكنْ ذَكَرَ أحمدُ قبله كذلك روايةَ وَكِيع، وهي عند أحمدَ في غير هذا الموضعِ ليس فيها ذِكْرُ ((اللَّيْلِ)).
وأما الطَّحاويُّ فأخرجه في (المشكِل 5097) بالإسنادِ نفْسِه، عَقِبَ روايةِ الأعرجِ بدون ذكر ((اللَّيْلِ)).
وكذا فَعَل مع روايةِ أبي شِهابٍ الحَنَّاطِ، عن الأعمشِ، في (شرح معاني الآثار 1/ 22)، و (المشكِل 5098).
الطريق الثاني:
أخرجه التِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابنُ ماجَهْ، وغيرُهُم: من طريقِ الأَوْزَاعيِّ،
عنِ الزُّهْريِّ، عنِ ابنِ المُسَيِّب [وأبي سَلَمةَ]، قال: حدثَني أبو هريرةَ به. بزيادة: ((مِنَ اللَّيْلِ)). وقال في غَسْلِ اليدِ: ((مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا))
(1)
.
وهذا إسنادٌ رجالُه ثقات رجال الشيخينِ.
ولذا قال التِّرْمِذيُّ: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".
وصَحَّحَ طريقَ الأَوْزَاعيِّ أيضًا: ابنُ حَجَرٍ في (فتح البارى 1/ 263)، وأحمد شاكر في (تحقيق المسند 7432)، والألبانيُّ في (صحيح أبي داود 92).
ولكنَّ في هذا التصحيحِ نظرًا؛ فالأَوْزَاعيُّ متكلَّمٌ في روايتِهِ عنِ الزُّهْريِّ. انظر (شرح علل التِّرْمِذي 2/ 674 - 675)؛ وقد خُولِفَ ممن هو أَوْثَقُ منه، كما سيأتي.
نعم تابَعَ الأَوْزَاعيَّ على ذِكْرِ ((اللَّيْلِ)): مَعْمَرٌ، أخرجه أحمدُ (7517) عن عبدِ الأعلى، عن مَعْمَرٍ، عنِ الزُّهْريِّ، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، به.
ولكن خالَفَ عبدَ الأعلى يزيدُ بن زُرَيْعٍ، كما عند النَّسائيِّ في (الصغرى 166) و (الكبرى 196) -فرواه عن مَعْمَرٍ، عنِ الزُّهْريِّ، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، به. دون ذكر ((اللَّيْلِ)).
وكذا رواه أحمدُ (7600، 7815): عن عبدِ الرَّزَّاقِ، عن مَعْمَرٍ، عنِ الزُّهْريِّ، عنِ ابنِ المُسَيِّبِ، عن أبي هريرةَ، به. دون ذكر ((اللَّيْلِ)).
وعبدُ الرَّزَّاقِ أَثبَتُ الناسِ في مَعْمَرٍ، فهذا هو الوجهُ المحفوظُ عن مَعْمَرٍ.
وكذا رواه ابنُ عُيَيْنةَ، عنِ الزُّهْريِّ، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، به. دون ذكر ((اللَّيْلِ)).
(1)
وسيأتي الكلام على هذه الرواية بالتفصيل في رواية مفردة قريبًا.
كما عند أحمدَ (7282)، والحُمَيديِّ في (مسنده 981)، وغيرِهما.
ومَعْمَرٌ وابنُ عُيَيْنةَ مِن أَثْبَتِ أصحابِ الزُّهْريِّ، بخلافِ الأَوْزَاعيِّ المتكلَّمِ في روايتِهِ عنِ الزُّهْريِّ.
وكذا رواه محمدُ بنُ عَمرٍو، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، به دون ذكر ((اللَّيْلِ)). كما عند أحمدَ (8586، 8965)، وأبي يَعْلَى في (مسنده 5973)، وغيرِهما.
الطريق الثالث:
رواه البَزَّارُ في (مسنده 9403): عن عليِّ بنِ محمدٍ الحِبَّانيِّ، حدثنا عَمرُو بنُ العبَّاسِ، حدثنا عبدُ الرحمنِ بنُ مَهْديٍّ، عن معاويةَ بنِ صالحٍ، عن أبي مريمَ، عن أبي هريرةَ، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فشيخُ البَزَّارِ عليُّ بنُ محمدٍ هذا لم نجدْ له ترجمةً.
وعَمرُو بنُ العبَّاسِ وهو البَاهِليُّ: "صدوقٌ ربما وَهِمَ" كما في (التقريب 5059)، وقد خُولِف؛ خالَفَه عبدُ الرحمنِ بنُ عُمرَ المعروفُ برُسْتَه، فرواه عنِ ابنِ مَهْديٍّ، بسندِهِ بدون ذكر ((اللَّيْلِ))، كما عند الطَّبَرانيِّ في (مسند الشاميين 1908) عن أحمدَ بنِ عليِّ بنِ الجارُودِ، عن رُسْتَه، به. وهذا إسنادٌ صحيحٌ غايةً؛ فرُسْتَهْ وابنُ الجارُود منَ الثِّقاتِ الحُفَّاظِ، ورُسْتَه كان راويةً لابنِ مَهْديٍّ.
وقد رواه أبو داودَ (104)، وابنُ حِبَّانَ (1056) وغيرُهُما: من طرقٍ عنِ ابنِ وَهْبٍ، عن معاويةَ بنِ صالحٍ، به دون ذكر (اللَّيْلِ) أيضًا. فهذا هو المحفوظُ عن أبي مريمَ بلا ريب.
قلنا: وقد رواه عن أبي هريرةَ جماعةٌ غير مَن تَقَدَّمَوا، ولم يقولوا فيه ((مِنَ
اللَّيْلِ))، منهم:
1) الأعرجُ، عند البُخاريِّ (162)، ومسلمٍ (278).
2) وعبدُ اللهِ بنُ شَقِيقٍ، عند مسلمٍ (278).
3) وجابرُ بنُ عبدِ اللهِ، عند مسلمٍ (278).
4) وهَمَّامُ بنُ مُنَبِّهٍ، عند مسلمٍ (278).
5) وابنُ سِيرِينَ، عند مسلمٍ (278).
6) وثابتٌ مولى عبد الرحمن بن زيد، عند مسلمٍ (278).
7) وعبدُ الرحمنِ بنُ يعقوبَ، عند مسلمٍ (278).
8) وموسى بنُ يَسارٍ، عند أحمدَ (10497).
9) وعَمَّارُ بنُ أبي عَمَّارٍ، عند الطَّحاويِّ في (شرح مُشْكِل الآثار 5099).
تسعتُهم: عن أبي هريرةَ بلفظ: ((مِنْ نَوْمِهِ)) أو ((مَنَامِهِ))، دون تقييدٍ بليلٍ أو نَهارٍ.
فالذي يبدو أن ذكر ((اللَّيْلِ)) في الحديثِ غيرُ محفوظٍ، والله أعلم.
وانظر الروايات التالية.
* * *
رِوَايَة: مِنْ مَبِيتِهِ
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَبِيتِهِ
…
».
[الحكم]:
إسنادُهُ حسَنٌ، ولكن المحفوظ عن أبي هريرةَ بلفظ:((مِنْ نَوْمِهِ)).
[التخريج]:
[زهر 280].
[السند]:
أخرجه أبو الفضلِ الزُّهْريُّ في (جزء له): عن أحمدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ سابُور، نا محمدُ بنُ يحيى بنِ ضُرَيسٍ، نا أبو عامرٍ العَقَديُّ، نا زُهَيرُ بنُ محمدٍ، عن العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، به.
[التحقيق]:
إسنادُهُ حسَنٌ؛ العلاءُ بنُ عبدِ الرحمنِ: "صدوقٌ ربما وَهِمَ" كما في (التقريب 5247).
وزُهَيرُ بنُ محمدٍ هو التَّميميُّ، متكلَّمٌ في روايةِ أهلِ الشامِ عنه، وأمَّا روايةُ أهلِ البصرةِ عنه فمستقيمةٌ، وأبو عامرٍ العَقَديُّ بصريٌّ.
وبقية رجاله ثقات.
رِوَايَة: حِينَ يُصْبِحُ
•وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الوُضُوءِ حِينَ يُصْبِحُ -أَوْ لَعَلَّهُ قَالَ: مِنْ نَومِهِ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا-
…
».
[الحكم]:
إسنادُهُ حسَنٌ، ولكن المحفوظ عن أبي هريرةَ بلفظ:((مِنْ نَوْمِهِ)) دون شَكٍّ.
[التخريج]:
[عه 808].
[السند]:
قال أبو عَوَانةَ: حدثنا محمدُ بنُ يحيى، قال: حدثنا إبراهيمُ بنُ حمزةَ، قال: حدثنا عبدُ العزيزِ بنُ أبي حازمٍ، عن العلاءِ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، به.
[التحقيق]:
إسنادُهُ حسَنٌ، ولكنْ شكَّ راويه في متنِهِ، والمحفوظُ عن أبي هريرةَ بلفظ:((مِنْ نَوْمِهِ)) دون شَكٍّ.
رِوَايَة: مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا:
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ: «
…
فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يُفْرِغَ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا
…
» الحَدِيثَ.
[الحكم]:
إسنادُهُ رجاله ثقات. وَصَحَّحَهُ: التِّرْمِذيُّ، وابنُ حَجَرٍ، والألبانيُّ. ولكن المحفوظ ((ثَلَاثًا)) دون شَكٍّ.
[التخريج]:
[د 103/ ت 24 (واللفظ له) / ن 447/ جه 397/ طح (1/ 22/ 68) / بز 7758/ هق 205، 1171/ مشكل 5093، 5094، 5098/ معص (صـ 341، 342) / سفر 1369/ خط (13/ 187) / حراني 47/ جهلي 12/ متفق 1622].
[التحقيق]:
الحديثُ بهذه السِّياقةِ له طريقان:
الأول:
رواه التِّرْمِذيُّ (24)، عن أبي الوليدِ أحمدَ بنِ بكَّارٍ الدِّمَشقيِّ، قال: حدثنا الوليدُ بنُ مسلمٍ، عن الأَوْزَاعيِّ، عنِ الزُّهْريِّ، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، وأبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، به.
وأخرجه النَّسائيُّ (447) من طريقِ إسماعيلَ بنِ عبدِ اللهِ ابنِ سَمَّاعةَ.
ورواه ابنُ ماجَهْ من طريقِ الوليدِ.
ورواه البَزَّارُ والطَّحاويُّ من طريقِ بِشْرِ بنِ بَكْرٍ.
ورواه الذُّهْليُّ والطَّحاويُّ من طريقِ الفِريابيِّ.
ورواه البَيْهَقيُّ وغيرُه من طريقِ أبي المُغيرةِ.
ورواه الصَّيْداويُّ والخطيبُ من طريقِ عَمرِو بنِ أبي سَلَمةَ.
ورواه الحَرَّانيُّ عن البَابْلُتِّيِّ.
كلُّهم عنِ الأَوْزَاعيِّ به، إلا أنَّ ابنَ سَمَاعَةَ وبِشْرًا والفِريابيَّ لم يذكروا فيه أبا سلَمةَ.
وهذا إسنادٌ رجاله ثقات رجالُ الصحيحِ؛ ولذا قال التِّرْمِذيُّ: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"(جامع الترمذي 24). وَصَحَّحَهُ ابن حَجَر في (فتح البارى 1/ 263).
ولكنَّ الأَوْزَاعيَّ متكلَّمٌ في حديثِهِ عنِ الزُّهْريِّ، والحديثُ محفوظٌ من روايةِ مَعْمَرٍ وابنِ عُيَيْنةَ عنِ الزُّهْريِّ عن أبي سَلَمةَ، ومِن روايةِ مَعْمَرٍ عنِ الزُّهْريِّ عنِ ابنِ المُسَيِّبِ، كلاهما عن أبي هريرةَ، وفيه غسل اليد ثَلَاثًا بلا شَكٍّ كما سبقَ.
وكذا رواه أحمدُ (8586) وغيرُهُ من طريقِ محمدِ بنِ عمرٍو، عن أبي سَلَمةَ، به.
الطريق الثاني:
رواه أبو داودَ (103) -ومن طريقِه البَيْهَقيُّ-: عن مُسَدَّدٍ، حدثنا عيسى بنُ يونسَ، عن الأعمشِ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرةَ، به وفيه:((مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا)).
ورواه الطَّحاويُّ في (المشكل 5098) و (المعاني 1/ 22)، والخطيبُ في (المتفق 1622) من طريقِ أبي شِهابٍ الحَنَّاطِ، عن الأعمشِ، عن
أبي صالحٍ وأبي رَزِينٍ، عن أبي هريرةَ، وفيه:((فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا)).
وهذا إسناد رجاله ثقاتٌ رجال الصحيح؛ ولذا صَحَّحَهُ الألبانيُّ في (صحيح أبي داود 1/ 172).
ولكنْ سَبَقَ الحديثُ من روايةِ أبي معاويةَ ووُكِيعٍ عن الأعمشِ به، وفيه غَسْل اليدِ ثَلَاثًا بلا شَكٍّ. وكذا رواه غيرُ وَاحدٍ عن أبي هريرةَ كما تقدَّمَ.
وسيأتي مِن روايةِ زائِدةَ وشُعبةَ عنِ الأعمشِ بلفظٍ ثالثٍ؛ فالظاهرُ أن الأعمشَ كان يضطربُ في متنِهِ.
رِوَايَة: (صَبَّةً أَوْ صَبَّتَيْنِ)، وَبِلَفْظ:(مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ):
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ: «
…
فَلَا يَغْمِسَنَّ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَصُبَّ عَلَيْهَا صَبَّةً أَوْ صَبَّتَيْنِ
…
».
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:«حَتَّى يَغْسِلَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ على شرطِ الصحيحِ، ولكن المحفوظ بلفظ:((حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا)).
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [طي 2540 (واللفظ له) / حيان 1/ محد (3/ 489) / أصبهان (2/ 276)].
تخريج السياق الثاني: [حم 7440].
[التحقيق]:
أخرجه الطَّيالِسيُّ -ومن طريقِه أبو الشيخِ، وأبو نُعَيمٍ-: عن شُعبةَ قال: أخبرني الأعمشُ، عن ذَكْوانَ، عن أبي هريرةَ، به.
وهذا إسنادٌ على شرطِ الشيخينِ لولا اضطرابُ الأعمشِ في متنِهِ كما تقدَّمَ، كما يُخشى مِن وهَمِ الطَّيالِسيِّ فيه؛ لِما اشتهرَ من كلامهم في حفظه.
نعم رواه أحمدُ (7440) عن معاويةَ بنِ عمرٍو، حدثنا زائِدةُ، عن الأعمشِ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرةَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَل:«حَتَّى يَغْسِلَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ» .
وهذا على شرطِ الشيخينِ أيضًا لولا اضطرابُ الأعمشِ فيه؛ فقد اختُلِفَ عليه في متنِهِ كما تقدَّمَ، والمختلِفون عليه كلُّهم ثقات، مما يُرجِّح أن الخلافَ مِن قِبَلِ الأعمشِ نفْسِه، والله أعلم.
رِوَايَة: كَيْفَ بِالمِهْرَاسِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ فِي آخِرِهِ: ((
…
فَقَالَ قَيْنٌ الأَشْجَعِيُّ: [يَا أَبَا هُريرةَ]، كَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِهْرَاسَكُمْ هَذَا [بِاللَّيْلِ، كَيْفَ نَصْنَعُ]؟ قَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكَ يَا قَيْنُ! [هَكَذَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ]» .
[الحكم]:
حسنٌ، وحَسَّنَهُ ابنُ حَجَرٍ، والألبانيُّ.
[الفوائد]:
1 -
قال أبو عُبَيدٍ: قال الأَصْمَعيُّ وغيرُه: "المِهْرَاسُ: حَجَرٌ منقورٌ مستطيلٌ عظيمٌ كالحوضِ يَتَوَضَّأُ منه الناسُ، لا يقدرُ أحدٌ على تحريكِهِ". (غريب الحديث 5/ 207).
2 -
يُستفادُ من هذا الحديثِ التغليظُ في معارضةِ الحديثِ بالرأي.
[التخريج]:
[حم 8965 (والزيادة الأولى له) / عل 5973 (واللفظ له) / مشكل 5101 (والزيادة الثانية والثالثة له) / طهور 279/ هروي (5/ 207) / هق 217/ هر 305/ جع 181/ خبر (1/ 403)].
[السند]:
قال أحمدُ: حدثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، حدثنا محمدُ بنُ عَمرٍو، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، به.
ومدارُ إسنادِهِ عندَ الجميعِ على: محمدِ بنِ عَمرِو بنِ عَلْقَمةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ حسنٌ؛ مِن أجْلِ محمدِ بنِ عَمرِو بنِ عَلْقَمة؛ قال عنه الحافظُ:
"صدوقٌ، له أوهامٌ"(التقريب 6188).
ولذا قال ابنُ حَجَرٍ: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"(موافقة الخبر 1/ 403)، وحسَّن إسنادَهُ الألبانيُّ في (الإرواء 164).
[تنبيه]:
في مسندِ أبي يَعْلَى وفي الطَّهورِ لأبي عُبيدٍ القاسمِ بنِ سَلَّام وفي مُشْكِل الآثار للطَّحاويِّ وفي كتاب ذمِّ الكلام وأهْلِه للهَرَويِّ، وسائر المصادر عدا (مسند أحمد) و (السنن الكبرى) للبَيْهَقيِّ:"قَيْنٌ الأَشْجَعيِّ"، وفي مسند أحمدَ والسنن الكبرى للبَيْهَقيِّ:"قَيْسٌ الأَشْجَعيُّ".
و"قَيْن" أَرْجَح؛ وذلك لمجيئه في معظمِ المصنَّفاتِ هكذا.
ثُمَّ إن أهلَ العلمِ ذكروا القصة في ترجمة قَيْن. فقال أبو نُعَيمٍ: "قَيْنٌ الأَشْجَعي، له ذِكْرٌ في حديثِ أبي هريرةَ حين قال له: ((فكيفَ بالمِهْراسِ؟ قال: أعوذُ بالله مِن شَرِّكَ يا قَيْنُ))، رواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ". (معرفة الصحابة 4/ 2363).
وقال أبو بكرِ بنُ نُقْطةَ: وقَيْنٌ الأَشْجَعيُّ هو الذي قال لأبي هريرةَ لَمَّا حدَّثَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيُفْرِغْ عَلَى يَدِهِ مِنْ إِنَائِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ))، فقال قَيْنٌ الأَشْجَعيُّ: كَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِهْرَاسَكُمْ هَذَا؟ قال: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكَ يَا قَيْنُ. ذكروه في الصحابةِ (إكمال الإكمال 5030).
رِوَايَة: بَاتَتَ يَدُهُ مِنْهُ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:«إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي إِنَائِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ مِنْهُ» .
[الحكم]:
صحيحٌ دونَ كلمة (مِنْهُ) فشَاذَّةٌ، كما قال ابنُ مَنْدَهْ، وأشارَ إلى إعلالها الدَّارَقُطنيُّ، وابنُ حَجَرٍ. واستغربه ابنُ خُزَيْمةَ.
[الفوائد]:
بوَّب عليه ابنُ خُزَيْمةَ بقوله: (باب: ذِكْر الدليل على أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنما أراد بقوله: «فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ مِنْهُ» أي: أنه لا يدري أين أَتَتْ يدُه مِن جسده).
[التخريج]:
[حم 9869 (واللفظ له) / خز 155/ حب 1060/ لف 168/ معقر 1117/ قط 127/ هق 208/ كر (43/ 523)].
[السند]:
قال أحمدُ: حدثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: حدثنا شُعبةُ، عن خالدٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ شَقِيقٍ، عن أبي هريرةَ، به.
ورواه ابنُ خُزَيْمةَ -ومن طريقِه البَيْهَقيُّ-، قال: نا محمدُ بنُ الوليدِ بخبرٍ غريبٍ، نا محمدُ بنُ جعفرٍ به. قال البَيْهَقيُّ:"وقوله: ((مِنْهُ)) تفرَّدَ به محمدُ بنُ الوليدِ البُسْريُّ، وهو ثقةٌ".
قلنا: كلا، فلم ينفردْ به البُسْريُّ، ولا شيخُه!.
وقد رواه الدَّارَقُطنيُّ من طريقِه، ثُمَّ قال: "تابَعَه عبدُ الصمدِ بنُ عبدِ الوارثِ،
عن شُعبةَ".
وكذا رواه ابنُ المقرئ -ومن طريقِه ابنُ عساكرَ- من طريقِ عبدِ الصمدِ، عن شُعبةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجال الصحيح، ولذلك صَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ، وابنُ خُزَيْمةَ لكنه استغربه، وقال الألبانيُّ:"زيادةٌ صحيحةٌ على شرطِ مسلمٍ"(صحيح أبي داود 1/ 174).
ولكن كلمة (مِنْهُ) في آخرِ المتنِ شاذَّةٌ؛ تفرَّدَ بها شُعبةُ، عن خالدٍ الحَذَّاءِ،
وخالَفَه بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ -كما عند مسلمٍ (278) -، وابنُ المبارَكِ -كما عندَ ابنِ حِبَّانَ في (صحيحه 1064) -، فرَوَياه عن خالدٍ به دونها.
وكذلك رواه عن أبي هريرةَ جماعةٌ من أصحابِهِ الثِّقاتِ دون تلك الزيادة؛ ومنهم: الأعرجُ، وأبو سلَمةَ، وابنُ المُسَيِّبِ، وابنُ سِيرِينَ، وأبو رَزِينٍ، وأبو صالحٍ، وهَمَّامُ بنُ مُنَبِّهٍ، وغيرُهُم كما سبقَ.
ولذا استَغرَبَ ابنُ خُزَيْمةَ روايةَ شُعبةَ كما تقدَّمَ.
وأشارَ الدَّارَقُطنيُّ إلى إعلالها، فقال:"يرويه خالدٌ الحَذَّاءُ، عنه، حدَّثَ به شُعبةُ، وعبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ، وغيرُهُما، عن خالدٍ. فأمَّا شُعبةُ فرواه غُنْدَرٌ، عنه، وعبدُ الصمدِ، وزاد فيه لفظًا لم يأتِ به غيرُهما، وهو قولُهُ: «فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ مِنْهُ»، وغيرُه لا يَذْكُرها"(العلل 1572).
وقال ابنُ مَنْدَهْ -بعدَ أن ذكره من طريقِ غُنْدَرٍ وعبدِ الصمدِ عن شُعبةَ-: "وما أراهما محفوظين بهذه الزيادة -قوله: ((مِنْهُ)) -، إلَّا أن رُواةَ هذه الزيادةِ ثقاتٌ مقبولون على رسْمِ الجماعةِ"، نقَلَه ابنُ دقيقٍ وأقَرَّه (الإمام 1/ 462).
وقال ابنُ حَجَرٍ: "وأصلُه في مسلمٍ دون قوله: (مِنْهُ) "(فتح الباري 1/ 265).
رِوَايَة: تَطُوفُ يَدُهُ
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظ: ((
…
؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ، أَوْ أَيْنَ كَانَتْ تَطُوفُ يَدُهُ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ كَانَتْ تَطُوفُ يَدُهُ» . بِلَا شَكٍّ.
[الحكم]:
إسنادُهُ حسَنٌ، ومعناه صحيح، ولكن المحفوظ بلفظ:«أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» بلا شَكٍّ.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [د 104 (واللفظ له) / هق 210/ قط 130/ تمهيد (18/ 231)].
تخريج السياق الثاني: [حب 1056].
[السند]:
قال أبو داودَ: حدثنا أحمدُ بنُ عَمرِو بنِ السَّرْحِ، ومحمدُ بنُ سَلَمةَ المُراديُّ، قالا: حدثنا ابنُ وَهْبٍ، عن معاويةَ بنِ صالحٍ، عن أبي مريمَ، قال: سمِعتُ أبا هريرةَ به، بلفظ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
…
» إلخ.
ومَدارُه عندَهم على ابنِ وَهْبٍ به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ حسنٌ؛ رجاله ثقات، وفي معاويةَ بنِ صالحٍ كلامٌ لا ينزلُ حديثه عن رتبة الحسن.
ولذا حسَّن إسنادَه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 130)، وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ في (صحيح أبي داودَ 93).
وقد تفرَّدَ معاويةُ بهذه الروايةِ: «أَيْنَ تَطُوفُ يَدُهُ» .
رواها على الشَّكِّ مَرَّةً كما عند أبي داودَ وغيرِه.
ورواها مَرَّةً ثانيةً بلا شَكٍّ كما عندَ ابنِ حِبَّانَ، إلا إن كان الراوي قد اختَصَره.
ورواه مَرَّةً ثالثةً بلفظ: «لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» بلا شك، كما في (التمهيد 18/ 231).
والحديثُ محفوظ مِن أكثرَ مِن وجه كما تَقَدَّمَ عن أبي هريرةَ بلفظ: «أَيْنَ بَاتَتْ» دُونَ ذِكْرِ التَّطْوافِ، والمعنى متقارِبٌ بين الروايتين، والله أعلم.
رِوَايَة: ثُمَّ لِيَصُبَّ عَلَى شِمَالِهِ
• وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةٍ فِي آخِرِهِ: «
…
ثُمَّ لِيَغْتَرِفْ بِيَمِينِهِ مِنْ إِنَائِهِ، ثُمَّ لِيَصُبَّ عَلَى شِمَالِهِ فَلْيَغْسِلْ مَقْعَدَتَهُ».
[الحكم]:
هذه الزيادةُ مُدْرَجةٌ من كلامِ إبراهيمَ بنِ طَهْمانَ؛ قاله أبو حاتم.
[التخريج]:
[علحا 170].
[التحقيق]:
قال ابنُ أبي حاتمٍ: "وذَكَر أبي حديثًا رواه حَفْصُ بنُ عبدِ اللهِ النَّيْسابوريُّ، عن إبراهيمَ بنِ طَهْمانَ، عن هشامِ بنِ حسَّانَ، عن محمدِ بنِ سِيرِينَ، عن أبي هريرةَ، به.
ورواه سُهَيْلُ بنُ أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره، ثُمَّ قال: قال أبي: ينبغي أن يكون: «ثُمَّ لِيَغْتَرِفْ بِيَمِينِهِ» إلى آخِرِ الحديث مِن كلامِ إبراهيمَ بنِ طَهْمانَ؛ فإنه قد كان يَصِلُ كلامَه بالحديثِ فلا يُمَيِّزُه المستمِعُ" (العلل 170).
قال ابنُ عبدِ الهادِي: "لم يُخَرِّجْ هذا الحديث من هذا الوجه أحدٌ من أهل الكتب الستة، ولم أَرَهُ في (سنن الدَّارَقُطنيّ) ولا في (السنن الكبير) للبَيْهَقي، والله أعلم"(تعليقة على العلل لابن أبي حاتم 250).
قلنا: وهذا السندُ الذي ذكره أبو حاتم رحمه الله لم نقفْ عليه مُتَّصِلًا بمتنِ هذه الروايةِ، إلا أن أبا نُعَيمٍ ذكره في جملة الأسانيد التي ساقها في (مستخرجه على صحيح مسلم 642) دون أن يذكرَ لفظَ هذه الرواية.
وأخرجه ابنُ المقرئ في (المعجم 620)، من طريقِ إبراهيمَ بنِ طَهْمانَ، عن هشامٍ، عن سُهَيلٍ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ
…
فذكرَ الحديثَ بدون الزيادة.
رِوَايَة: وَيُسَمِّي قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا
• وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةٍ فِي آخِرِهِ: «
…
وَيُسَمِّي قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا».
[الحكم]:
منكَرٌ بهذه الزيادةِ. وأَنكَرَه: العُقَيليُّ، وابنُ عَدِيٍّ، والهيثميُّ، وابنُ حَجَرٍ، والعَيْنيُّ، والشَّوْكانيُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[عق (2/ 405) (واللفظ له) / طس 9130/ عد (6/ 505)].
[السند]:
أخرجه العُقَيليُّ في (الضُّعفاء) قال: حدثناه محمدُ بنُ إسماعيلَ، قال: حدثنا إبراهيمُ بنُ المُنْذِرِ، قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ يحيى بنِ عُرْوةَ، عن هشامِ بنِ عُرْوةَ، عن أبيه، عن الأعرجِ، عن أبي هريرةَ، به.
كذا رواه العُقَيليُّ عن محمدِ بنِ إسماعيلَ.
ورواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط): عن مَسْعَدةَ بنِ سعدٍ.
وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل): عن أحمدَ بنِ زيدٍ القَزَّازِ.
كلاهما عن إبراهيمَ بنِ المُنْذِر، عن عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ يحيى بن عُرْوة، عن هشام بن عُرْوة، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرجِ، عن أبي هريرةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ واهٍ؛ مداره على عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ يحيى بن عُرْوة؛ وقال عنه أبو حاتم الرَّازيُّ: "متروكُ الحديثِ، ضعيفُ الحديثِ جدًّا"(الجرح والتعديل 5/ 158). وقال ابنُ حِبَّانَ: "كان ممن يروي الموضوعاتِ عن الأثباتِ، ويأتي عن هشامِ بنِ عُرْوةَ ما لم يحدِّثْ به هشامٌ قطُّ. لا يحلُّ كتابةُ حديثه، ولا الروايةُ عنه"(المجروحين 531). وقال أبو نُعَيمٍ الأَصبَهانيُّ: "صاحبُ مناكيرَ وبواطيلَ"(الضُّعفاء 107).
وقد انفردَ بذكرِ التسميةِ في هذا الحديثِ؛ قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن هشامِ بنِ عُرْوةَ إلا عبدُ اللهِ بنُ محمد بن يحيى بن عُرْوة، تفرَّد به إبراهيمُ بن المُنْذِر. ولا قال أحدٌ ممن رَوَى هذا الحديثُ عن أبي الزِّنادِ: «وَيُسَمِّي قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا»، إلا هشامُ بنُ عُرْوةَ"(الأوسط 19/ 30).
قلنا: لم يَثبُتْ ذلك عن هشامٍ حتى يُنسَبَ إليه! والحَمْلُ فيه على ابنِ محمدِ بنِ يحيى.
ولذا قال العُقَيليُّ: "عبدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ يحيى بنِ عُرْوةَ بنِ الزُّبيرِ، عن هشامِ بنِ عُرْوةَ. لا يُتابَعُ على كثيرٍ من حديثِهِ"، ثُمَّ أَسنَدَ هذا الحديثَ، وقال:"وله غيرُ حديثٍ عن هشامِ بنِ عُرْوةَ لا يُتابَع عليه [مناكير]، وهذا الحديثُ مِن حديثِ أبي هريرةَ صحيحُ الإسنادِ من غيرِ وجهٍ، وليس فيه: «يُسَمِّي قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا» "(الضُّعفاء 2/ 405). وأقَرَّهُ الحافظُ في (اللسان 4392).
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذا غريبُ الإسنادِ والمتنِ؛ فمِن قِبَلِ الإسنادِ مِن حديثِ هشامِ بنِ عُرْوةَ عن أبي الزِّنادِ لا أَعْلَمُ يرويه عن هشامِ بنِ عُرْوةَ غيرُ عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ يحيى. وغربة المتنِ ((وَيُسَمِّي قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا)) وهذه اللفظةُ
(غريبةٌ) في هذا الحديثِ" (الكامل 6/ 505).
وقال ابنُ المُلَقِّنِ: "رواها عُبيدُ اللهِ بنُ سعيدٍ السِّجِسْتانيُّ في الجزءِ الرابعِ من (فوائد ابن نظيف)، وقال: غريبةٌ. أفادَ ذلك الشيخُ في (الإمام) "(البدر المنير 1/ 507).
قال الهيثميُّ: "رواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط)، وهو في الصحيح خلا قولَه: «وَيُسَمِّي قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا»، وفيه: عبدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ يحيى بنِ عُرْوةَ؛ نَسَبوه إلى وضعِ الحديثِ"(مجمع الزوائد 1110).
قال ابنُ حَجَرٍ: "تفرَّدَ بهذه الزيادةِ عبدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ يحيى بنِ عُرْوةَ -وهو متروكٌ-، عن هشامِ بنِ عُرْوةَ، عن أبي الزِّنادِ، عنه"(التلخيص 1/ 124).
وبمثله قال العَيْنيُّ في (البناية شرح الهداية 1/ 189)، والشَّوْكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 172).
وقال الألبانيُّ: "منكَرٌ جدًّا بزيادة: (التسمية) "(الضعيفة 6977).
رِوَايَة: فَلْيُهْرِيقَ ذَلِكَ المَاءَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:«فَإِنْ غَمَسَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا، فَلْيُهْرِيقَ ذَلِكَ المَاءَ» .
[الحكم]:
منكَرٌ بذكرِ إراقةِ الماءِ. وأنكره ابنُ عَدِيٍّ، وأقَرَّه ابنُ دَقيقٍ. وَضَعَّفَهُ: عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ حَجَرٍ.
[التخريج]:
[عد (9/ 610)].
[السند]:
قال ابنُ عَدِيٍّ: حدثنا محمدُ بنُ شُعَيبٍ الزَّعْفَرانيُّ، حدثنا أحمدُ بنُ عِصامٍ، حدثنا أبو الحسنِ مُعَلَّى بنُ الفضلِ، حدثنا الرَّبيعُ بنُ صَبِيحٍ، عن الحسنِ، عن أبي هريرةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ:
الأولى: مُعَلَّى بنُ الفضلِ؛ قال ابنُ عَدِيٍّ: "في بعضِ ما يرويه نُكْرَةٌ" وانظر: (لسان الميزان 7847).
الثانية: الرَّبيعُ بنُ صَبِيحٍ؛ متكلَّمٌ فيه، وهو إلى الضعفِ أَقرَبُ، ولخَّصَ حالَهُ ابنُ حَجَرٍ، فقال:"صدوقٌ سيِّئُ الحفظِ"(التقريب 1895).
الثالثة: الحسَنُ لم يسمعْ من أبي هريرةَ. انظر: (جامع التحصيل 135).
ولذا قال ابنُ عَدِيٍّ عَقِبَه: "وقولُهُ في هذا المتنِ: ((فَلْيُهْرِيقَ ذَلِكَ المَاءَ)) منكَرٌ لا يُحفظ".
وأقَرَّه ابنُ دَقيقِ العيدِ، وزادَ قائلًا:"قلتُ: وفيه أيضًا أنه من روايةِ الحسنِ عن أبي هريرةَ، وقد قال غيرُ وَاحدٍ: إنه لم يسمعْ منه"(الإمام 1/ 465)، وبمثله قال ابنُ المُلَقِّنِ في (البدر المنير 1/ 507).
وقال عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ: "مُعَلَّى والرَّبيعُ ضعيفان، ولم يَصِحَّ سماعُ الحَسنِ من أبي هريرةَ"(الأحكام الوسطي 1/ 164).
وَضَعَّفَهُ ابنُ حَجَرٍ في (فتح الباري 1/ 263).
* * *
رِوَايَة: ((إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَوَضَّأَ)) مُطْلَقًا:
• عَنْ أَبِي هريرةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَوَضَّأَ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ)).
[الحكم]:
منكرٌ بهذا اللفظِ، والمحفوظُ بلفظ: ((إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ
…
)).
[الفوائد]:
قال ابنُ دقيقِ العيدِ: "وقد وَرَدَ حديثٌ يقتَضي الاستحبابَ في غَسلِ اليدينِ في ابتداءِ الوضوءِ مُطْلقًا"، ثُمَّ ذكرَ هذه الروايةَ (الإمام 1/ 459).
قلنا: ولكن هذا الحديثُ بهذا اللفظِ لا يَصِحُّ، كما ستراه في التحقيق.
[التخريج]:
[من حديث ابن مخلد الجوهري (إمام 1/ 459) / إمام (1/ 459)].
[السند]:
قال ابنُ دَقيقِ العيدِ في (الإمام 1/ 459): "نقلتُ مِن خطِّ الحافظِ أبي طاهر السِّلَفيِّ -وأجازَني غيرُ وَاحدٍ عنه-، عن أبي عبدِ اللهِ إسماعيلَ بنِ الحسنِ العَلَويِّ فيما قرأه عليه -أعني قرأه السِّلَفيُّ-، ثنا أحمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أحمدَ، قال: قرأتُ على أبي عبدِ اللهِ محمدِ بنِ أحمدَ بنِ عليِّ بنِ مَخْلَدٍ الجَوْهريِّ المعروفِ بابنِ محرم فأَقَرَّ به، ثنا أحمدُ بنُ الهيثمِ بنِ خالدٍ البَزَّارُ
(1)
المُعَدّلُ، ثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، ثنا فَرْقَدُ بنُ الحَجَّاجِ، ثنا عُقْبَةُ بنُ أبي الحَسْناءِ، عن أبي هريرةَ، به.
وهذا من (أحاديث منتقاة من الجزء الأول من انتقاء أبي الحسن علي بن عمر الدَّارَقُطني، عن أبي عبد الله محمد بن أحمدَ بن عليِّ بن مَخْلَد الجَوْهَري)، وسمِعه السِّلَفيُّ أيضًا على أبي عبدِ اللهِ محمدِ بنِ عبدِ الجبارِ بنِ محمدِ بنِ يعقوبَ، وأبي الفضلِ محمدِ بنِ الفضلِ بنِ عُمرَ بنِ الكندوح، وغيرِهما.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عُقْبَةُ بنُ أبي الحَسناءِ؛ وهو مجهولٌ كما قال ابنُ المَدِينيِّ وأبو حاتم، انظر (لسان الميزان 5247).
وقد خالَفَه جَمٌّ غفيرٌ منَ الثِّقاتِ الأثباتِ مِن أصحابِ أبي هريرةَ -كما
(1)
كذا في مطبوع (الإمام)، والصواب:"البزاز"، وقد وثَّقَهُ الدَّارَقُطنيُّ كما في (سؤالات الحاكم له 17)، ونَقَله عنه الخطيب في (تاريخ بغداد 6/ 427)، ووهِمَ صاحبُ (الثِّقات ممن لم يقع في الكتب الستة 2/ 124) فنَسَب التوثيق للخطيب نفْسِه.
تقدم-، فرَوَوْهُ عنه بلفظ: ((إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ
…
)). وزاد بعضُهم: ((إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ فَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ
…
)). فجعلوا الأمرَ بغَسْلِ اليدين مِن أجْلِ الاستيقاظِ، وبعضُهم جعلَه للاستيقاظِ مع الوُضوءِ.
فخالَفَهم عُقْبَهُ هذا فجعلَه للوُضوءِ مُطْلقًا، وعليه؛ فهي روايةٌ منكَرةٌ، فلا تصلُحُ حُجَّةً لِما ذهبَ إليه ابنُ دَقيقٍ من استحبابِ غَسْلِ اليدينِ في ابتداءِ الوُضوءِ مُطْلقًا، ويكفيه في إثباتِ ذلك ما صَحَّ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من وجوهٍ أنه كان يبدأُ وُضوءَهُ بغَسلِ اليدينِ، كما في حديثِ عُثْمَانَ وعبدِ اللهِ بنِ زَيدٍ وغيرِهما، كما تَقَدَّمَ في:(باب غَسل اليدين عند الشروع في الوُضوء).
* * *
1616 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:
◼ عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا [ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ أَوْ أَيْنَ طَافَتْ يَدُهُ» . فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ حَوْضًا؟ قَالَ: فَحَصَبَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَقَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ حَوْضًا؟ ! ]».
[الحكم]:
مرفوعُه صحيحُ المتنِ بما سبقَ، وإسنادُهُ معلولٌ. وأَعَلَّه الدَّارَقُطنيُّ في أحدِ قوليهِ، بيْنما حَسَّنَهُ في قولِهِ الآخَر، وأقَرَّه على تحسينه: البَيْهَقيُّ، وابنُ دَقيقٍ، وابنُ المُلَقِّنِ، والعَيْنيُّ، والألبانيُّ. وَصَحَّحَهُ: ابن خُزَيْمةَ، ومُغْلَطايُ، والبُوصيريُّ، وابنُ حَجَرٍ.
[التخريج]:
[جه 398 (واللفظ له) / خز 156 (والزيادة له ولغيرِهِ) / قط 129/ هق 211/ عد (5/ 564 - 565) / علت 15/ خبر (1/ 404)].
[التحقيق]:
مدارُ هذا الحديثِ على ابنِ شِهابٍ عن سالمٍ عن أبيه، ورُوِيَ عنه من ثلاثةِ أوجهٍ:
الوجه الأول:
رواه ابنُ ماجَهْ، قال: حدثنا حَرْمَلةُ بنُ يحيى، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ وَهْب، أخبرني ابنُ لَهِيعةَ وجابرُ بنُ إسماعيلَ، عن عُقَيلٍ، عنِ ابنِ شِهابٍ، عن سالمٍ، عن أبيه، به.
وتُوبِع عليه حَرْمَلةُ:
فأخرجه ابنُ خُزَيْمةَ عن أحمدَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ وَهْبٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ، به.
ورواه الدَّارَقُطنيُّ -ومن طريقِه البَيْهَقيُّ- من طريقِ أحمدَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ وَهْبٍ، به.
وهذا إسنادٌ ظاهره الحُسنِ؛ فرجاله ثقات رجال الصحيح سوى ابنِ لَهِيعةَ، فالكلامُ فيه معروفٌ، وقد تُوبِعَ هنا؛ ولذا قال ابنُ خُزَيْمةَ بعد أن خرَّجه:"ابنُ لَهِيعةَ ليس ممن أُخَرِّجُ حديثَه في هذا الكتابِ إذا تفرَّدَ بروايةٍ، وإنما أَخرجتُ هذا الخبرَ لأن جابرَ بنَ إسماعيلَ معه في الإسنادِ"(صحيح ابن خُزَيْمةَ 146).
وقال الدَّارَقُطنيُّ: "إسنادُهُ حسنٌ"(السنن 129) وأقَرَّه العَيْنيُّ في (العمدة 4/ 233)، والألبانيُّ في (صحيح أبي داود 1/ 176).
وقال البَيْهَقيُّ -موجِّهًا كلامَ الدَّارَقُطنيِّ-: "كذا قال الشيخُ؛ لأن جابرَ بنَ إسماعيلَ مع ابنِ لَهِيعةَ في إسنادِهِ"(السنن الكبرى 210).
وقال ابنُ دَقيقٍ: "هذا تعليلٌ منه بحسُنْه مِن حيث لم ينفردِ ابنُ لَهِيعةَ"(الإمام 1/ 463)، وبمثله قال ابنُ المُلَقِّنِ في (البدر المنير 1/ 509).
وقال مُغْلَطايُ: "إسنادُهُ صحيحٌ على رسْمِ مسلم؛ لتفرُّده بجابرِ بنِ إسماعيلَ الحَضْرَميِّ
…
وفي كتاب (العِلَلِ) لأبي عيسى تقويتُه" (الإعلام 1/ 333، 334).
قلنا: وسيأتى ما في (العِلَلِ) قريبًا، وليس فيه ما يقويه.
وقال البُوصيريُّ: "هذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ"(الزوائد 161).
وقال ابنُ حَجَرٍ: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"(موافقة الخبر 1/ 404).
وقال السِّنديُّ: "كأنه لانضمامِ جابرِ بنِ إسماعيلَ إلى ابنِ لَهِيعةَ، وإلا فابنُ لَهِيعةَ مشهورٌ بالضعفِ"(حاشية السِّنديّ على سنن ابن ماجَهْ 1/ 157).
وقال الألبانيُّ: "هذا شاهدٌ لا بأسَ به"(صحيح أبي داود 1/ 176).
قلنا: وجابرُ بنُ اسماعيلَ إنما أخرجَ لَهُ مسلمٌ حديثًا واحدًا في المتابعاتِ! ! ، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 8/ 163)، وقال ابنُ بَشْكُوال:"لا بأسَ به"(شيوخ ابن وَهْبٍ 28)، ولكنه لم يَروِ عنه سوى ابن وَهْبٍ؛ ولذلك قال فيه ابنُ حَجَرٍ:"مقبولٌ"(التقريب 864)، وقال الألبانيُّ:"غيرُ معروفٍ"(صحيح أبي داود 4/ 381).
ولذا فتصحيح حديثِه فيه نظرٌ، هذا لو سَلِمَ مِن الإعلالِ، فكيفَ وهو مُعَلٌّ؟ ! .
فقد سُئِل الدَّارَقُطنيُّ عن حديثِ سالمٍ هذا، فقال:"يَرويه ابنُ وَهْبٍ، عنِ ابنِ لَهِيعةَ وجابرِ بنِ إسماعيلَ، عن عُقَيلٍ، عنِ الزُّهْريِّ، عن سالمٍ، عن أبيه، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهذا غير محفوظ. والمحفوظُ: عنِ الزُّهْريِّ، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم"(العلل 2719).
قلنا: وقد سبقَ حديثُ أبي هريرةَ من روايةِ مَعْمَرٍ وابنِ عُيَيْنةَ والأَوْزَاعيِّ وغيرِهم عنِ الزُّهْريِّ، فهذا أَوْلى من روايةِ ابنِ لَهِيعةَ وجابرٍ عن عُقَيلٍ، لاسيما ولم يَروِه عن عُقَيْلٍ غيرُهما، وليسا بالعمدتين.
وفي الإسنادِ علةٌ أخرى:
فرواه الطَّحاويُّ في (المعاني 1/ 22) من طريقِ أَصْبَغَ بنِ الفرَجِ، قال: ثنا ابنُ وَهْبٍ، عن جابرِ بنِ إسماعيلَ، عن عُقَيلٍ، عنِ ابنِ شِهابٍ، به بلفظ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ النَّوْمِ أَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثًا» .
فلم يَذْكُرْ أَصْبَغُ (ابنَ لَهِيعةَ) في سندِهِ، وجعَلَه من فعلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وأَصْبَغُ قال فيه أبو حاتم: "كان مِن أجَلِّ أصحابِ ابنِ وَهْبٍ"(الجرح والتعديل 2/ 321).
فإن كان هذا اللفظُ الذي ساقَهُ الطَّحاويُّ محفوظًا عن أَصْبَغَ، فقد تبيَّنَ بروايتِهِ أن لفظَ روايةِ أحمدَ بنِ عبدِ الرحمنِ، وحَرْمَلةَ بنِ يحيى، إنما هو لابنِ لَهِيعةَ، وحمل عليه لفظ جابر، الذي بيَّنه أَصْبَغُ! وهذا يعني أنهما -أي: ابن لَهِيعةَ وجابرًا- مختلِفان في متنِهِ! فلا يَشهَدُ أحدُهما للآخر! .
الوجه الثاني:
رواه التِّرْمِذيُّ في (علله)، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل): من طريقِ سفيانَ بنِ وَكِيعٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ، عن يُونسَ، عنِ ابنِ شِهابٍ، عن سالمٍ، عن أبيه، به.
قال التِّرْمِذيُّ: "سألتُ محمَّدًا عن هذا الحديثِ، فقال: وهِمَ فيه، إنما رَوَى ابنُ وَهْبٍ هذا عن جابرِ بنِ إسماعيلَ، عن عُقَيلٍ، عنِ ابنِ شِهابٍ، عن سالمٍ، عن أبيه، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم"(علل الترمذي الكبير 15).
وهذا هو الكلامُ الذي زَعَم مُغْلَطايُ أن فيه تقويةً لحديثِ جابرٍ، وليس فيه كما ترى سوى بيانِ المحفوظ عنِ ابنِ وَهْبٍ، وتوهيمِ ابنِ وَكِيع! .
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذا قد زَلَّ فيه سفيانُ بنُ وَكِيعٍ، أو لُقِّنَ، أو تعمَّدَ، حيثُ قال: حدثنا ابنُ وَهْبٍ، عن يونسَ، عنِ الزُّهْريِّ، وكان هذا الطريقُ
أَسهَلَ عليه، وإنما يرويه ابنُ وَهْبٍ هذا عنِ ابنِ لَهِيعةَ وجابرِ بنِ إسماعيلَ الحَضْرميِّ، عن عُقَيلٍ، عنِ الزُّهْريِّ".
قلنا: وسفيانُ بنُ وَكِيعٍ، "ابتُلِيَ بوَرَّاقِه، فأَدخَلَ عليه ما ليسَ مِن حديثِهِ، فنُصِحَ فلم يَقْبَلْ؛ فسقَطَ حديثُهُ" كما في (التقريب 2456).
الوجه الثالث:
رواه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل): عن القاسمِ بنِ زكريا، عن الحسنِ بنِ أبي الحسنِ البَغداديِّ، عن سفيانَ بنِ عُيَيْنةَ، عنِ الزُّهْريِّ، عن سالمٍ، عن أبيه، به.
قلنا: والحسنُ بنُ أبي الحسنِ البَغداديُّ قال فيه ابنُ عَدِيٍّ: "منكَرُ الحديثِ عنِ الثِّقاتِ، ويَقْلِبُ الأسانيدَ"، وقال أيضًا:"لم أَرَ له كثيرَ حديثٍ، ومقدارُ ما رَأَيتُه لا يُشْبِهُ حديثُه حديثَ أهل الصدق"(الكامل 2/ 332).
والمحفوظُ في هذا الحديثِ عنِ الزُّهْريِّ، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، كما تقدم.
ولذا قال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذا الحديثُ عنِ ابنِ عُيَيْنةَ عنِ الزُّهْريِّ بهذا الإسنادِ غيرُ محفوظٍ، وإنما يَروي هذا الحديثُ ابنُ وَهْبٍ، عنِ ابنِ لَهِيعةَ وجابرِ بنِ إسماعيلَ الحَضْرَميِّ، عن عُقَيلٍ، عنِ الزُّهْريِّ".
رِوَايَة: أَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثًا
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ النَّوْمِ، أَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثًا» .
[الحكم]:
إسنادُهُ منكَرٌ، والمحفوظُ فيه مِن حديثِ أبي هريرةَ وليس ابن عُمرَ، ومن قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وليس من فِعْلِه.
[التخريج]:
[طح (1/ 22/ 73)].
[السند]:
قال الطَّحاويُّ: حدثنا ابنُ أبي داودَ، قال: ثنا أَصْبَغُ بنُ الفرَجِ، قال: ثنا ابنُ وَهْبٍ، عن جابرِ بنِ إسماعيلَ، عن عُقَيلٍ، عنِ ابنِ شِهابٍ، عن سالمٍ، عن أبيه، به.
[التحقيق]:
إسناده منكَرٌ؛ كما تَقَدَّمَ بيانُه في الروايةِ السابقةِ.
1617 -
حَدِيثُ جَابِرٍ:
◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ النَّوْمِ، فَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ، فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ، وَلَا عَلَى مَا وَضَعَهَا» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ دُونَ قوله: «وَلَا عَلَى مَا وَضَعَهَا» ؛ فمنكَرٌ كما قال الألبانيُّ.
[التخريج]:
[جه 399 (واللفظ له) / طس 3335/ قط 128/ خط (12/ 214 - 215) / عد (9/ 588)].
[التحقيق]:
رُوِيَ هذا الحديثُ من طريقِين:
الأول:
رواه ابنُ ماجَهْ: عن إسماعيلَ بنِ تَوْبةَ، ثنا زيادُ بنُ عبدِ اللهِ البَكَّائيُّ، عن عبدِ الملكِ بنِ أبي سُلَيمانَ، عن أبي الزُّبَيرِ، عن جابرٍ، به.
ورواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط)، والخطيبُ في (تاريخه): من طريقِ موسى بنِ بحر
(1)
المَروزيِّ،
ورواه الدَّارَقُطنيُّ من طريقِ محمدِ بنِ نوحٍ، كلاهما عن زيادٍ به، إلا أن الطَّبَرانيَّ لم يَذْكُرْ فيه قوله:«وَلَا عَلَى مَا وَضَعَهَا» .
(1)
تحرَّف في (الأوسط) إلى "يحيى".
قال الطَّبَرانيُّ: "لم يروه عن عبدِ الملكِ إلا زيادٌ، تفرَّدَ به موسى! ، ولا يُروَى عن جابرٍ إلا بهذا الإسنادِ"! ! .
قلنا: وموسى متابَعٌ كما هو ظاهرٌ، وسيأتي بإسنادٍ آخرَ، وهذا الإسنادُ ضعيفٌ؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: زيادُ بنُ عبدِ اللهِ البَكَّائيُّ؛ قال عنه الحافظ: "صدوقٌ ثبْتٌ في المغازي، وفي حديثِهِ عن غيرِ ابنِ إسحاقَ لِينٌ"(التقريب 2085).
وهذا الحديثُ من روايتِهِ عن غيرِ ابنِ إسحاقَ.
وقد خُولِفَ البَكَّائيُّ في إسنادِهِ أيضًا، وهذه هي:
العلة الثانية: فقد رَوَى هذا الحديثَ مَعْقِلُ بنُ عُبيدِ اللهِ الجَزَريُّ، عن أبي الزُّبَيرِ، عن جابرٍ، عن أبي هريرةَ به دون قولِه:«وَلَا عَلَى مَا وَضَعَهَا» ، أخرجه مسلمٌ (278) وغيرُهُ، وقد سبقَ.
وهذا أَوْلَى من حديثِ البَكَّائيِّ والعَرْزَميِّ؛ ولذا قال ابنُ حَجَرٍ -بعد أن ذكرَ الحديثَ من طريقِ زيادٍ البَكَّائيِّ-: "رواه مَعْقِلٌ الجَزَريُّ، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، عن أبي هريرةَ، وهو المحفوظُ، وأخرجه مسلمٌ"(إتحاف المهرة 3/ 436).
ورغم ذلك قال الدَّارَقُطنيُّ: "إسنادُهُ حسنٌ".
وأَفرَط البُوصيريُّ، فقال:"هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجاله ثقات"! (مصباح الزجاجة 162).
بيْنما قال الألبانيُّ -مُتَعقِّبًا تحسينَ الدَّارَقُطنيِّ-: "وفيه نظرٌ؛ لأنه من روايةِ زيادِ البَكَّائيِّ عن عبدِ الملكِ بنِ أبي سُلَيمانَ
…
ووجه النظر: أن زيادًا
البَكَّائيَّ فيه لِينٌ في روايتِهِ عن غيرِ
ابنِ إسحاقَ .. وشيخُهُ عبدُ الملكِ بنُ أبي سُلَيمانَ صدوقٌ له أوهامٌ كما قال الحافظُ.
وقد وهِمَ هو أو البَكَّائيُّ في سندِهِ ومتْنِه: أما السندُ؛ فهو أنه جعله من مسندِ جابرٍ، وإنما هو من مسندِ أبي هريرةَ رضي الله عنه
…
وأما المتنُ؛ فهو أنه زادَ فيه: «وَلَا عَلَى مَا وَضَعَهَا» ، فهي زيادةٌ منكَرةٌ؛ لتفرُّدِ البَكَّائيِّ بها عن عبدِ الملكِ" (صحيح سنن أبي داود 1/ 177).
الطريق الثاني:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ، عن الحسينِ بنِ أبي مَعْشَرٍ، ثنا محمدُ بنُ مَعْدانَ بنِ عيسى، ثنا سُلَيمانُ بنُ عُبيدِ اللهِ الرَّقِّيُّ، ثنا مصعبُ بنُ إبراهيمَ، عن سعيدِ بنِ أبي عَرُوبةَ، عن قتادةَ، عن عَطاءِ بنِ أبي رباحٍ، عن جابرٍ به بلفظ:((إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ)).
وهذا إسنادٌ واهٍ؛ فيه: مصعبُ بنُ إبراهيمَ الجَزَريُّ؛ قال فيه ابنُ عَدِيٍّ: "منكَرُ الحديثِ عن الثِّقاتِ"، ثُمَّ ذكرَ له هذا الحديثَ، وقال:"وهذا بهذا الإسنادِ باطلٌ من حديثِ ابنِ أبي عَرُوبةَ وقتادةَ، ولا يرويه عنِ ابنِ أبي عَرُوبةَ غيرُ مصعبِ بنِ إبراهيمَ"، ثُمَّ قال:"ولمصعبٍ هذا غيرُ ما ذكرتُ، وهو مجهولٌ ليس بالمعروفِ، وأحاديثُه عن الثِّقاتِ ليستْ بالمحفوظةِ"(الكامل 9/ 588)، وانظر:(لسان الميزان 7760).
1618 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي طَهُورِهِ حَتَّى يُفْرِغَ عَلَى يَدِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ» . وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَيْقَظَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى يُفْرِغَ عَلَى يَدِهِ ثَلَاثًا.
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ بما سبقَ مِن شواهدَ، وهذا الشاهدُ إسنادُهُ ضعيفٌ؛ وَضَعَّفَهُ أبو زُرْعةَ الرَّازيُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[طي 1590].
[السند]:
قال الطَّيالِسيُّ: حدثنا ابنُ أبي ذئبٍ، حدثني مَن سمِع أبا سلَمةَ يحدِّثُ عن عائشةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لإبهام الرجل الذي رواه عن أبي سَلَمةَ.
ولذا قال الألبانيُّ: "وهذا سندٌ صحيحٌ؛ لولا الرجلُ الذي لم يُسَمَّ"(صحيح أبي داود 1/ 175).
والمحفوظُ أن أبا سلَمةَ إنما رَوَى هذا الحديثَ عن أبي هريرةَ، كما عند مسلمٍ (278)، وقد سبقَ تخريجُه؛ ولذا جاءَ في (علل ابن أبي حاتم 162): "سُئِل أبو زُرْعةَ عن حديثٍ رواه ابنُ أبي ذئبٍ، عمَّن سمعَ أبا سلَمةَ بنَ عبدِ الرحمنِ يحدِّثُ عن عائشةَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
…
فذكره.
ورواه الزُّهْريُّ عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
…
هذا
الحديث.
فقال أبو زُرْعةَ: "هذا عندِي وهَمٌ -يعني: حديثَ ابنِ أبي ذِئْبٍ-".