المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌259 - باب ما ورد في التسمية عند الوضوء - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٣

[عدنان العرعور]

الفصل: ‌259 - باب ما ورد في التسمية عند الوضوء

‌259 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الوُضُوءِ

1620 -

حَدِيثُ أَنَسٍ:

◼ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ:((طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَضُوءًا، [فَلَمْ يَجِدُوا] 1، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ؟ » [فَأُتِيَ بِهِ] 2، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي [الإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ] 3 المَاءُ، وَيَقُولُ: «تَوَضَّؤُوا بِاسْمِ اللَّهِ»، فَرَأَيتُ المَاءَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ [وَالقَوْمُ يَتَوَضَّئُونَ] 4 حَتَّى تَوَضَّؤُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ. قَالَ ثَابِتٌ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: كَمْ تَرَاهُمْ [كَانُوا] 5؟ قَالَ: نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ دونَ قولِهِ: «تَوَضَّؤُوا بِاسْمِ اللَّهِ» ، فشَاذٌّ.

[التخريج]:

[ن 80 (واللفظ له) / كن 99/ حم 12694 (والزيادات له دون الثانية) / خز 154/ حب 6585/ عب 21459/ عل 3036/ قط 221 (والزيادة الثانية له) / هق 938/ هقغ 92/ سني 27/ تمهيد (1/ 218 - 219) / حيد 176/ نبق 293/ مخلق 111/ مُغْلَطاي (1/ 345) / فكر (1/ 231)].

[السند]:

أخرجه عبدُ الرزاقِ -ومن طريقِه الباقون-: عن مَعْمَرٍ، عن ثابتٍ

ص: 386

وقتادةَ، عن أنسٍ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ، إلَّا أن مَعْمَرًا تُكُلِّمَ في روايتِهِ عن ثابتٍ، وقتادةَ؛

فأمَّا روايتُه عن ثابتٍ:

فقد قال ابنُ مَعِينٍ: "مَعْمَرٌ عن ثابتٍ ضعيفٌ"(تهذيب الكمال 28/ 309).

وقال أيضًا: "حديثُ مَعْمَرٍ عن ثابتٍ مضطرِبٌ كثيرُ الأوهامِ"(شرح علل الترمذي 2/ 691).

وقال ابنُ المَدِينيِّ: "وفي أحاديثِ مَعْمَرٍ عن ثابتٍ أحاديثُ غرائبُ ومنكَرةٌ، جعل ثابتًا عن أنسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان كذا، شيءٌ ذَكَرَهُ، وإنما هذا حديثُ أَبانَ بنِ أبي عَيَّاشٍ، عن أنسٍ"(العلل لابنِ المَدِينيِّ 109).

وقال العُقَيليُّ: "أَنكَرُهم حديثًا عن ثابتٍ مَعْمَرٌ"(الضُّعفاء الكبير 2/ 393).

وأما روايتُهُ عن قتادةَ:

فقد قال ابنُ مَعِينٍ: "قال مَعْمَرٌ: جلستُ إلى قتادةَ وأنا صغيرٌ؛ فلم أَحفَظْ أسانيدَه"(تاريخ ابن أبي خَيْثُمَّة - السِّفر الثالث 1203).

وقال الدَّارَقُطنيُّ: "مَعْمَرٌ سيِّئُ الحفظِ لحديثِ قتادةَ والأعمشِ"(علل الدَّارَقُطنيّ 6/ 221).

وقال ابنُ رجبٍ: "رواية مَعْمَرٍ عن قتادةَ ليست بالقوية"(فتح الباري 1/ 299).

وقد تَكلَّمَ البُخاريُّ في أحاديثِ مَعْمَرٍ عن غيرِ الزُّهْريِّ، فقال: "ما أعجبَ

ص: 387

حديثَ مَعْمَرٍ عن غيرِ الزُّهْريِّ! فإنه لا يكادُ يوجدُ فيه حديثٌ صحيحٌ" (شعب الإيمان 6/ 459).

وقد زادَ مَعْمَرٌ في متنِهِ الأمرَ بالتسميةِ، والحديثُ محفوظٌ عن ثابتٍ وقتادةَ دون تلك الزيادة، ورواه غيرُ ثابتٍ وقتادةَ عن أنسٍ دونها.

فقد أخرجه البُخاريُّ (200)، ومسلمٌ (2279)، من طريقِ حمَّادِ بنِ زيدٍ، وأحمدُ في (مسنده 12412)، من طريقِ سُلَيمانَ بنِ المُغيرةِ، وأحمدُ في (مسنده 12794)، من طريقِ حمَّادِ بنِ سلَمةَ، ثلاثتُهم:(حمَّادُ بنُ زيدٍ، وحمَّادُ بنُ سلمةَ، وسُلَيمانُ بنُ المُغيرةِ)، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، به دون الزيادة.

وثلاثتُهم أَثبَتُ أصحابِ ثابت، خاصَّةً حمادَ بنَ سلَمةَ، انظر (شرح علل الترمذي 2/ 690).

وأخرجه البُخاريُّ (3572)، ومسلمٌ (2279)، من طريقِ سعيدِ بنِ أبي عَرُوبةَ.

ومسلمٌ (2279)، من طريقِ هشامٍ الدَّسْتُوائيِّ.

وأحمدُ في (مسنده 14081)، من طريقِ هَمَّامٍ.

ثلاثتُهم (سعيدُ بنُ أبي عَرُوبةَ، وهشامٌ، وهَمَّامٌ)، من طريقِ قتادةَ، عن أنسٍ، به دون الزيادة.

وسعيدُ بنُ أبي عَرُوبةَ، وهشامٌ، مِن أَثبَتِ أصحابِ قتادةَ. انظر (شرح علل التِّرْمِذي 2/ 694).

وقد رَوَى الحديثَ أيضًا عن أنسٍ كلٌّ مِن:

ص: 388

1.

إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحةَ، كما عند البُخاريِّ (169)، ومسلمٍ (2279).

2.

حُمَيد الطويل، كما عند البُخاريِّ (195).

3.

الحسن البصري، كما عند البُخاريِّ (3574).

ثلاثتهم دون الزيادة أيضًا.

فتبيَّنَ مما سبقَ، أن زيادةَ:«تَوَضَّؤُوا بِاسْمِ اللَّهِ» منكَرةٌ غيرُ محفوظةٍ من حديثِ أنسٍ، ومع ذلك فقد ذهبَ بعضُ أهلِ العلمِ إلى تصحيحها! .

فصَحَّحَ الحديثَ بالزيادةِ: ابنُ خُزَيْمةَ، وابنُ حِبَّانَ.

وقال البَيْهَقيُّ: "هذا أَصَحُّ ما في التسميةِ"(السنن الكبرى 193).

وقال الضِّياءُ المقدسيُّ: "وإسنادُ هذا الحديثِ إسنادٌ جيِّدٌ"(السنن والأحكام 237).

وقال النَّوَويُّ: "وإسنادُهُ جيدٌ"(المجموع 1/ 344).

وَصَحَّحَهُ ابنُ القَيِّمِ في (زاد المعاد 2/ 353).

وقال ابنُ المُلَقِّنِ: "حديثٌ صحيحٌ من غير شَكٍّ ولا مِرْيةٍ، لكن ليسَ بصريحٍ، بل يُستَدلُّ بعمومه"(البدر المنير 2/ 90).

وقال الحافظُ: "صحيحٌ"(نتائج الأفكار 1/ 232).

وقال الألبانيُّ: "صحيحُ الإسنادِ"(صحيح النسائي 78).

وفي الاستدلالِ بهذا الحديثِ على التسميةِ عندَ الوضوءِ نظرٌ؛ ولذا قال الزَّيْلَعيُّ: "وأصلُ الحديثِ عن أنسٍ متفقٌ عليه، وإنما المقصودُ بروايةِ مَعْمَرٍ

ص: 389

هذه اللفظة التي ذكر فيها التسمية، والحديثُ ليس فيه حُجَّةٌ، فتأمله" (نصب الراية 1/ 7).

وقال ابنُ حَجَرٍ: "واستدلَّ النَّسائيُّ وابنُ خُزَيْمةَ والبَيْهَقيُّ في استحبابِ التسميةِ بحديثِ مَعْمَرٍ، عن ثابتٍ وقتادةَ، عن أنسٍ، قال: طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَضُوءًا فَلَمْ يَجِدُوا، فَقَالَ: «هَلَ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ؟» فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَقَالَ: «تَوَضَّؤُوا بِسْمِ اللَّهِ»، وأصْلُه في الصحيحين بدون هذه اللفظة، ولا دلالة فيها صريحة لمقصودهم"(التلخيص الحبير 1/ 128).

رِوَايَة: لِتَأْخُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، قَالَ: ((قُلْتُ لأَنَسٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، لا تُحَدِّثْنِي إِلا بشيءٍ رَأَيْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ شَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْهُ. قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا مَاءٌ، وَكَانُوا قَوْمًا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعقبٍ فِي أَسْفَلِهِ قَلِيلُ مَاءٍ، فَأَدْخَلَ كَفَّهُ فِيهِ، وَقَالَ:«لِتَأْخُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ» ، فَنَظَرْنَا إِلَى المَاءِ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى تَوَضَّأَ القَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَرِبُوا.

قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، دون قوله:«لِتَأْخُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ» ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[سمع 279].

ص: 390

[السند]:

قال ابنُ سَمْعُونَ: حدثنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ يونسَ المقرئُ، حدثنا جعفرُ بنُ شاكر، حدثنا الخليلُ بنُ زكريا، حدثنا محمدُ بنُ ثابتٍ، حدثني أبي ثابتٌ البُنَانيُّ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: محمدُ بنُ ثابتِ بنِ أَسْلَمَ البُنانيُّ؛ "ضعيفٌ" كما في (التقريب 5767).

الثانية: الخليلُ بنُ زكريا؛ "متروكٌ" كما في (التقريب 1752).

والحديثُ أصْلُه في الصحيحين دون ذِكْرِ التسمية، كما سبقَ بيانُه في الروايةِ السابقةِ.

ص: 391

1621 -

حَدِيثُ أَبِي هريرةَ:

◼ عَنْ أَبِي هريرةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، وَضَعَّفَهُ البُخاريُّ -وأقَرَّه التِّرْمِذيُّ-، وابنُ الصَّلاحِ، والمُنْذِريُّ، وابنُ سيِّدِ الناسِ، وابنُ كَثيرٍ، ومُغْلَطايُ، وابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ حَجَرٍ.

ولكنْ له شواهدُ كثيرةٌ؛ ولذا قال أبو بكرِ ابنُ أبي شَيْبةَ: "ثَبَتَ لنَا عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ» ".

وبهذه الشواهدِ مجتمعةً حَسَّنَهُ ابنُ الصَّلاحِ، والمُنْذِريُّ، وابنُ تيميَّةَ، وابُن عبدِ الهادِي، وابنُ القَيِّمِ، وابنُ كَثيرٍ، وابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ حَجَرٍ، والصَّنعانيُّ، والشَّوْكانيُّ، والألبانيُّ.

بينما نفَى ثبوتَها وَليَّنَهُا جميعًا: الإمامُ أحمدُ، والبَزَّارُ، والعُقَيليُّ، وابنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقيُّ، والبَغَويُّ، وابنُ العربيِّ، والنَّوَويُّ، وابنُ سيِّدِ الناسِ، والعَيْنيُّ، والقَسْطَلَّانيُّ.

[التخريج]:

[د 100/ جه 403/ حم 9418 (واللفظ له) / علت 17/ ك 525، 526/ عل 6409/ طس 8080/ طع 378، 379/ قط 256، 257/ هق 186، 197/ هقخ 114/ بغ 209/ طح (1/ 26، 27/ 107) / دبيثي (4/ 323) / تحقيق 120/ كما (11/ 332) / فكر (1/ 224)].

ص: 392

[التحقيق]:

وَرَدَ هذا الحديثُ من خمسةِ طرقٍ:

الأول:

رواه أحمدُ -ومن طريقِه ابنُ الجَوزيِّ-، وأبو داودَ -ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الكبرى 186)، والبَغَويُّ، وابنُ الدُّبَيْثيِّ-، والتِّرْمِذيُّ في (العلل): عن قُتَيْبةَ بنِ سعيدٍ، عن محمدِ بنِ موسى، عن يعقوبَ بنِ سلَمةَ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، به.

وكذا رواه الحاكمُ (525)، والطَّبَرانيُّ في (الأوسط)، وفي (الدعاء 379) -ومن طريقِه المِزِّيُّ، وابنُ حَجَرٍ-، والدَّارَقُطْنيُّ (257)، والبَيْهَقيُّ في (السنن 197)، وفي (الخلافيات 114)، كلُّهم من طريقِ قُتَيْبةَ بنِ سعيدٍ.

وأخرجه ابنُ ماجَهْ، والحاكمُ (526)، وأبو يَعْلَى، والدَّارَقُطنيُّ (256)، من طريقِ محمدِ بنِ إسماعيلَ بنِ مسلمِ بنِ أبي فُدَيكٍ.

كلاهما (قُتَيْبةُ بنُ سعيدٍ، ومحمدُ بنُ إسماعيلَ بنِ مسلمٍ) عن محمدِ بنِ موسى، به.

وعلَّقه البُخاريُّ في (تاريخه 4/ 76) عن محمدِ بنِ موسى، به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه أربعُ عِلَلٍ:

الأولى: يعقوبُ بنُ سلَمةَ؛ قال الذَّهَبيُّ: "شيخٌ ليس بعمدةٍ"(ميزان الاعتدال 9814)، وقال مَرَّةً:"ليسَ بحُجَّةٍ"(الكاشف 6389)، وقال مرة:"ليس بمُقْنِعٍ"(المغني في الضعفاء 7191)، وحَكَمَ عليه مُغْلَطايُ بالجهالةِ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 343).

وقال ابنُ المُلَقِّنِ: "لا أعرفُ حالَه"(البدر المنير 2/ 70).

ص: 393

وقال ابنُ حَجَرٍ: "مجهولُ الحالِ"(التقريب 7818).

الثانية: سلَمةُ اللَّيْثيُّ أبو يعقوبَ؛ ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 4/ 317)، وقال:"يروي عن أبي هريرةَ، روَى عنه ابنه يعقوبُ بنُ سلَمةَ، ربما أخطأَ".

وتَعقَّبَه ابنُ حَجَرٍ فقال: "وهذه عبارةٌ عن ضَعْفِه؛ فإنه قليلُ الحديثِ جدًّا، ولم يَروِ عنه سوى ولدِه، فإذا كان يخطئُ مع قلةِ ما روَى؛ فكيف يوصفُ بكونه ثقةً؟ ! "(التلخيص 1/ 123).

وقال المُنْذِريُّ: "لا يُعرَفُ، ما روَى عنه غيرُ ابنِه يعقوبَ"(الترغيب 317).

وقال الذَّهَبيُّ: "لا يُعرَفُ"(ميزان الاعتدال 3417).

وقال أيضًا: "ليس بحُجَّةٍ"(الكاشف 2056).

وحَكَم عليه مُغْلَطايُ بالجهالةِ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 343).

وقال ابنُ حَجَرٍ: "مجهولٌ؛ ما رَوَى عنه سوى ابنِه"(نتائج الأفكار 1/ 225).

وقال في (التقريب 2518): "لَيِّنُ الحديثِ".

وحُكْمُ ابنِ حَجَر عليه بالجهالةِ هو الأصحُّ؛ ولذا قال الألبانيُّ: "وأرى أن الصوابَ أن يقالَ فيه: "مجهولُ العينِ"؛ لأنه لا يُعرَفُ إلا بروايةِ ابنِه فقط عنه"(الضعيفة 13/ 347).

الثالثة، والرابعة: أَعَلَّه بهما البُخاريُّ، فقد سأله التِّرْمِذيُّ عن هذا الحديثِ فقال: "محمدُ بنُ موسى المَخْزوميُّ لا بأسَ به، مقاربُ الحديثِ، ويعقوبُ بنُ سلَمةَ مَدَنيٌّ لا يُعرَفُ له سماعٌ مِن أبيه، ولا يُعرَفُ لأبيه سماعٌ من

ص: 394

أبي هريرةَ"، ذكره التِّرْمِذيُّ في (العلل 17) وأقَرَّه، وكذا ذكرَ مُغْلَطايُ أن البُخاريَّ أَعَلَّه بهذا الكلامِ وأقَرَّه، (شرح سنن ابن ماجَهْ 1/ 342).

وهذا الكلامُ ذكرَ بعضَه البُخاريُّ في (تاريخه) عَقِبَ تعليقه للحديثِ، فقال:"ولا يُعرَفُ لسلَمةَ سماعٌ من أبي هريرةَ، ولا ليعقوبَ من أبيه"(التاريخ الكبير 4/ 76).

ورغمَ ذلك قال المُنْذِريُّ: "هذا الحديثُ أَجْوَدُ أحاديثِ البابِ، وقد رُوِيَ في هذا المعنى أحاديثُ ليستْ بمستقيمة"(البدر المنير 2/ 72).

وتَعقَّبَه أبو الفتحِ اليَعْمَريُّ، فقال:"وفيما قاله المُنْذِريُّ نظرٌ؛ لانقطاعِ حديثِ أبي هريرةَ هذا من وجهين"(البدر المنير 2/ 72).

وقال مُغْلَطايُ: "والعجبُ من المُنْذِريِّ في إيرادِهِ كلامَ البُخاريِّ هذا، ثُمَّ قال: "وهذا الحديثُ أَمْثَلُ الأحاديثِ الواردةِ إسنادًا"، وقد أسلَفْنا ذِكْرَ أحاديثَ حسَنةِ الإسنادِ متصلةٍ لا تُقاسُ بهذا"(شرح سنن ابن ماجَهْ 1/ 342).

يَقصِدُ حديثَ أبي سعيدٍ، وحديثَ سعيدِ بنِ زيدٍ، وسيأتيان قريبًا.

هذا، وقد تحرَّفَ اسمُ يعقوبَ على الحاكمِ، فقال:"هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ، وقدِ احتَجَّ مسلمٌ بيعقوبَ بنِ أبي سَلَمةَ الماجِشُون، واسمُ أبي سَلَمةَ: دينار، ولم يخرِّجاه، وله شاهد".

وهذا وهَمٌ من الحاكمِ؛ وقد تَعَقَّبَه عددٌ من أهلِ العلمِ.

فقال ابنُ الصَّلاحِ: "ولا يُستشهَدُ على ثبوتِهِ بكونِ الحاكمِ حَكَمَ بصحةِ إسنادِهِ؛ لأنه ابتَنَى تصحيحَه له على روايتِهِ إيَّاهُ من حديثِ أبي هريرةَ، ونظرنا فيه فوجدنا إسنادَهُ قد انقلبَ عليه، والله أعلم"(شرح مشكل الوسيط 1/ 150).

ص: 395

وقال المُنْذِريُّ: "وليس كما قال؛ فإنهم روَوْهُ عن يعقوبَ بنِ سلَمةَ اللَّيْثيِّ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ. وقد قال البُخاريُّ وغيرُه: لا يُعرَفُ لسلَمةَ سماعٌ من أبي هريرةَ، ولا ليعقوبَ سماعٌ من أبيه. انتهى. وأبو سلَمةَ أيضًا لا يُعْرَفُ؛ ما رَوَى عنه غيرُ ابنِه يعقوبَ، فأين شرْطُ الصحةِ؟ ! "(الترغيب 317).

وقال النَّوَويُّ: "وأما قولُ الحاكمِ أبي عبدِ اللهِ في (المستدرَك على الصحيحين) في حديثِ أبي هريرةَ: أنه حديثٌ صحيحُ الإسنادِ، فليسَ بصحيحٍ؛ لأنه انقلبَ عليه إسنادُه واشتبه، كذا قاله الحُفَّاظُ"(المجموع شرح المهذب 1/ 344).

وقال ابنُ دَقيقٍ: "ولْتَعْلَمْ أن مسلمًا لم يحتجَّ بيعقوبَ بنِ سلمةَ اللَّيْثيِّ عن أبيه، وهو راوي هذا الحديث، كذلك رواه ابنُ ماجَهْ من الجهةِ التي أخرجها الحاكمُ منها، وهي روايةُ ابنِ أبي فُدَيكٍ، فقال فيه: حدثنا محمدُ بنُ موسى بنِ أبي عبدِ اللهِ، عن يعقوبَ بنِ سلَمةَ اللَّيْثيِّ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ. وكذلك رواه الدَّارَقُطنيُّ من جهةِ ابنِ أبي فُدَيكٍ. وفي روايةٍ نَسَبَ يعقوبَ بنِ سلَمةَ إلى اللَّيْثيِّ. ويعقوبُ بنُ سلَمةَ لم يحتجَّ به مسلم. فالذي نراه: أن الحديثَ ليعقوبَ بنِ سلَمةَ، وأنه وقعَ انتقالٌ ذهني من يعقوبَ بنِ سلَمةَ إلى يعقوبَ بنِ أبي سَلَمةَ، فيحتاج إلى معرفة حال أبيه أبي سَلَمةَ، واسمه دينار"(الإمام 1/ 445، 446).

وعلَّقَ ابنُ المُلَقِّنِ على كلامِ ابنِ دَقيقٍ، فقال:"وهذا متين، فقد كشفتُ كُتبَ الأسماءِ جرحًا وتعديلًا فلم أرَ (دينارًا) هذا، بل لم أرَ أحدًا قال: إن الماجِشُون يروي عن أبيه؛ فتَعَيَّنَ غلَطُ الحاكمِ، ولو صَحَّ لتوجَّهَ الاعتراضُ على الحافظِ عبد الغني، والصَّرِيفِينيِّ، وجمالِ الدِّينِ المِزِّيِّ، وتلميذِهِ الذَّهَبيّ، حيثُ لم يذكروا لوالدِ أبي سَلَمةَ في كتبهم ترجمةً" (البدر المنير

ص: 396

2/ 72).

وقال الذَّهَبيُّ: "صوابه: ثنا يعقوبُ بنُ سلَمةَ اللَّيْثيُّ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، وهو في [ .... ]

(1)

وإسنادُهُ فيه لِينٌ" (تلخيص المستدرك 1/ 147).

وقال مُغْلَطايُ عَقِبَ كلامِ الحاكمِ: "وعليه فيه مآخِذُ: الأول: حُكْمُه عليه بالصحةِ، وهو عَدِيمُها؛ لأمرين: الأول: ما ذكره البُخاريُّ. الثاني: جهالةُ يعقوبَ وأبيه سلَمةَ؛ فإني لم أَرَ أحدًا تَعرَّضَ لذِكْرِ حالِهما، وأما ما ذكره ابنُ سرورٍ في بابِ سلَمةَ مِن قولِهِ: روَى عنه ابنُه يعقوبُ، ومحمدُ بنُ موسى الفِطْريُّ، وأبو عَقِيلٍ يحيى بنُ المُتوكِّل، فوهَمٌ منه، وقد ذكره في باب يعقوبَ على الصوابِ، ولو كان ما قاله صحيحًا لخَرَج سلَمةُ من جهالةِ العينِ بروايةِ جماعةٍ عنه، وليس الظاهرُ كذلك، وإنما تَبِعَ عبدُ الغنيِّ في ذلك ابنَ أبي حاتم، حيث قال: سلَمةُ اللَّيْثيُّ، روَى عن أبي هريرةَ، روَى عنه ابنُه يعقوب، وروى عنه محمد بن موسى، وأبو عَقِيلٍ، فاعتَقَدَ أن الضميرَ في "روَى (عنه) محمد بن موسى" عائدٌ على سلَمةَ، وإنما هو يرجعُ إلى يعقوبَ، يُفهَمُ ذلك مِن قولِهِ:(روَى) مرتين، على أن هذا لا بدَّ فيه مِن تعسُّفٍ؛ إذِ الاصطلاحُ غيرُه، وأما البُخاريُّ فذكره في (الكبير) على الصوابِ، وتَبِعَه على ذلك غيرُ وَاحدٍ من المتأخرين.

الثالث: قوله: يعقوب بن أبي سَلَمةَ، وليس صحيحًا؛ إذ لو كان ابن أبي سَلَمةَ لكان صحيحًا كما زعم، ولكنه ليس به، ولم يقلْ أحدٌ ما قاله غيرُه بغير متابِع له عليه، وممن رواه كروايةِ ابنِ ماجَهْ: أبو داودَ، والتِّرْمِذيُّ في (العلل)، والدَّارَقُطنيُّ، والإمامُ أحمدُ بنُ حَنبَلٍ، والطَّبَرانيُّ في (المعجم

(1)

بياض بالأصل، ولعل الساقط:[مسند أحمد].

ص: 397

الكبير) وفي (الأوسط)، وقال:"لم يروه عن يعقوبَ إلا الفِطْريُّ"، وغيرُهُم.

ويُشْبِه أن يكون وقعَ ذلك منه لاعتماده على حفْظِه، فإن يعقوبَ بنَ أبي سَلَمةَ الماجِشُونَ أَجوَلُ على الذهن مِن يعقوبَ بنِ سلَمةَ، فانتقلَ ذهنُه من هذا إلى هذا، وأكَّده بذِكْرِ (أبيه)

(1)

، والله تعالى أعلم.

الرابع: لو سُلِّمَ له قولُه: أنه ابنُ أبي سَلَمةَ لكان، يُحتاج إلى معرفة حال أبيه دينار، وهي غير معروفة، بل لم يَذْكُره في الرواةِ أحدٌ من أصحابِ التاريخ فيما أعلم" (شرح سنن ابن ماجَهْ 1/ 342 - 344).

وقال ابنُ المُلَقِّنِ: "وأخرجه الحاكمُ في (المستدرك) من طريقِيْ قُتَيْبةَ وابنِ أبي فُدَيكٍ، لكنه قال: فيهما يعقوب بن أبي سَلَمةَ، بزيادة «أبي»، والموجودُ في سائرِ رواياتِ هذا الحديثِ غيره: «ابن سلمة» بحذف «أبي» "(البدر المنير 2/ 70).

وقال ابنُ حَجَرٍ: "ورواه الحاكمُ من هذا الوجهِ فقال: يعقوب بن أبي سَلَمةَ، وادَّعَى أنه الماجِشُون، وَصَحَّحَهُ لذلك، والصوابُ أنه اللَّيْثي"(التلخيص الحبير 1/ 123، 124).

وقال بنحوه في (نتائج الأفكار 1/ 224، 225)، وفي (إتحاف المهرة 18887)، وفي (الدراية 1/ 14).

وقال العَيْنيُّ: "تاه ذهنُ الحاكمِ في هذا مِن يعقوبَ بنِ سلَمةَ إلى يعقوبَ بنِ [أبي]

(2)

سلَمةَ الماجِشُون، وهذا الذي في هذا الحديثِ هو يعقوبُ بنُ سلَمةَ

(1)

في المطبوع "أخيه"! وهو تحريفٌ ظاهرٌ، يَدُلُّ عليه كلامُ الحاكم نفسه.

(2)

سقط من المطبوع ويدلُّ عليه السياقُ قبله، وكذا كلام الحاكم نفسه.

ص: 398

اللَّيْثيُّ، وهذا لم يحتجَّ به مسلمٌ" (البناية شرح الهداية 1/ 189).

وقال الألبانيُّ: "وَصَحَّحَهُ الحاكمُ، وردُّوه عليه؛ لأن يعقوبَ بنَ سلمةَ وأباه مجهولان"(إرواء الغليل 1/ 122).

وقال أيضًا: ((ووَهِمَ الحاكمُ في إسنادِهِ؛ فقال من الوجهين: "يعقوب بن أبي سَلَمةَ"! وبنَى

على ذلك، فقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، وقد احتَجَّ مسلمٌ بيعقوبَ بنِ أبي سَلَمةَ

الماجِشُون، واسم أبي سَلَمةَ: دينار! "، وقدِ اتَّفقوا على تخطئته في ذلك)) (صحيح أبي داود 1/ 169).

وقد ضعَّفَ الحديثَ مِن هذا الطريقِ غيرُ وَاحدٍ:

فقال ابنُ كَثيرٍ: "وإسنادُهُ ليس بذاكَ، ولهذا الحديثِ طُرُقٌ في السننِ، وفي كلٍّ منها مقال"(تحفة الطالب 198).

وَضَعَّفَهُ ابنُ المُلَقِّنِ في (البدر المنير 2/ 70)، وابنُ حَجَرٍ في (بلوغ المرام 49).

وقد ذهبَ بعضُ أهلِ العلمِ إلى تصحيحِ الحديثِ من هذا الطريقِ:

فذكره ابنُ السَّكَنِ في (صحاحه)، كما قال ابنُ المُلَقِّنِ، وتَعقَّبَه قائلًا:"وهو تساهلٌ منه كما يَعرِفُ ذلك مَن نظرَ في كتابه هذا"(البدر المنير 2/ 73).

وقال ابنُ الجَوزيِّ: "حديثُ قُتَيْبةَ جيِّدٌ"(التحقيق 1/ 143).

واستَنكَرَ ذلك عليه ابنُ المُلَقِّنِ، فقال: "وأَغرَبَ أبو الفرجِ ابنُ الجَوزيِّ،

ص: 399

فقال في كتابه (التحقيق): هذا حديثٌ جيِّدٌ" (البدر المنير 2/ 72).

وأَغرَبَ الشَّوْكانيُّ، فقال:"وليس في إسنادِهِ ما يُسقطه عن درجةِ الاعتبارِ! "(الدراري المُضِيَّة 1/ 42).

الطريق الثاني:

أخرجه الطَّحاويُّ في (شرح المعاني 1/ 26، 27)، من طريقِ أبي ثِفالٍ المُرِّيِّ، عن رَباحِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي سفيانَ بنِ حُوَيْطِبَ، عن جدّته بنت سعيد بن زيد، عن أبي هريرةَ، به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: أبو ثِفال، قال أحمد:"مَن أبو ثِفَال؟ ! "(التحقيق 1/ 143). فلم يَعْرِفْه.

وقال البُخاريُّ: "في حديثِه نظرٌ"(الضعفاء الكبير 1/ 177). قال ابنُ حَجَرٍ: "وهذه عادته فيمَن يُضَعِّفُه"(التلخيص الحبير 1/ 127). وقال أبو حاتم وأبو زُرْعةَ: "مجهولٌ"(علل الحديث 129).

وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 8/ 157)، وقال: "يَروي عن رَبَاحِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي سفيانَ بنِ حُوَيْطِبٍ، عن جدته بنت سعيد بن زيد، عن أبيها، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:((لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ)).

روَى عنه عبدُ الرحمنِ بنُ حَرْمَلةَ، والدَّراوَرْديُّ، وأهلُ المدينةِ، ولكن في القلبِ من هذا الحديثِ؛ لأنه قد اختُلِفَ على أبي ثِفَالٍ فيه".

وقال ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 5/ 594)، (ترجمة: ابنة سعيد بن زيد بن

ص: 400

عَمرو بن نُفَيل): "لستُ بالمعتمِد على ما انفردَ به أبو ثِفَالٍ المُرِّيُّ"

قال ابنُ حَجَرٍ -مُعَقِّبًا على كلامِ ابنِ حِبَّانَ-: "فكأنه لم يُوَثِّقه"(التلخيص الحبير 1/ 127).

وقال البَزَّارُ: "مشهورٌ"(تهذيب التهذيب 2/ 30).

وقال البَيْهَقيُّ: "ليس بالمعروفِ جدًّا"(السنن الكبرى 1/ 43).

وقال ابنُ القَطَّانِ: "مجهولُ الحالِ"(بيان الوهم والإيهام 3/ 314).

وقال الذَّهَبيُّ: "واهٍ"(المهذب في اختصار السنن 8/ 3856).

وقال الهيثميُّ: "ضعيفٌ"(مجمع الزوائد 16523).

وقال ابنُ حَجَرٍ: "مقبولٌ"! (التقريب 856).

فهو ضعيفٌ، أو مجهولٌ.

الثانية: رَبَاحُ بنُ عبدِ الرحمنِ؛ قال أبو حاتم، وأبو زُرْعةَ:"مجهولٌ"(علل ابن أبي حاتم 129). بينما ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 6/ 307). وحكمَ عليه ابنُ القَطَّانِ بجهالةِ الحالِ (بيان الوهم 3/ 314). وقال ابنُ حَجَرٍ: "مقبولٌ"(التقريب 1874). وذكر الألبانيُّ أن فيه جهالةً (الصحيحة 4/ 476).

ومع ذلك قال الألبانيُّ في موضعٍ آخَرَ: "ورجاله موثَّقون (! )؛ لكن اختُلِفَ فيه على أبي ثِفَالٍ"(صحيح أبي داود 1/ 170).

الطريق الثالث:

أخرجه الطَّبَرانيُّ في (الدعاء 378)، والطَّحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 27)، من طريقِ عبدِ العزيزِ بنِ محمدٍ الدَّراوَرْديِّ، عن أبي ثِفَالٍ المُرِّيِّ،

ص: 401

قال: سمِعتُ رَبَاحَ بنَ عبدِ الرحمنِ بنِ حُوَيْطِبٍ، يحدِّثُ عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ ثَوْبانَ، عن أبي هريرةَ، به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ، فيه: رَبَاحٌ وأبو ثِفالٍ؛ مجهولان كما سبقَ؛ وقد اختُلِف في إسنادِهِ، وسيأتي الكلامُ عليه عند تحقيقِ حديثِ سعيدِ بنِ زيدٍ رضي الله عنه.

الطريق الرابع والخامس: انظرهما ضِمْنَ الرويات المخرَّجة في نهاية هذا التحقيق.

هذا، وفي البابِ شواهدُ كثيرةٌ لا تخلو من مقالٍ، فمِنَ النُّقَّادِ مَن ردَّها جميعًا، ومِنهم مَن رأى أنها تتعاضدُ بكثرتها، مما يُعطي الحديثَ قوَّةً.

فأما مَن ردَّها، فمنهم:

1) الإمامُ أحمدُ؛ قال: "لا أعلمُ في هذا البابِ حديثًا له إسنادٌ جيدٌ"(العلل الكبير للترمذي 17).

وقال أبو داودَ: "قلتُ لأحمدَ: إذا نَسِيَ التسميةَ في الوُضوءِ؟ قال: أرجو أن لا يكونَ عليه شيء، ولا يُعجِبُني أن يتركه خطأ ولا عمدًا، وليس فيه إسناد، يعني: لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ)) "(مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود 31).

وقال صالحُ بنُ أحمدَ بنِ حَنبَل لأبيه: "قلتُ: إن تَوَضَّأَ ولم يُسَمِّ؟

قال: أرجو.

قلت: الحديثُ الذي يُروَى عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟

قال: لا يثبتُ عندي؛ إسنادُهُ ضعيفٌ" (مسائل أحمد رواية ابنه صالح

ص: 402

302).

وقال أبو زُرْعةَ الدِّمَشْقيُّ: "قلتُ لأبي عبدِ اللهِ أحمدَ بنِ حَنبَلٍ: فما وجْهُ قولِه: ((لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ))؟ قال: فيه أحاديثُ ليستْ بذاك"(تاريخ أبي زُرْعةَ صـ 631).

2) البَزَّارُ؛ قال: "كلُّ ما رُوِيَ في هذا البابِ فليسَ بقويٍّ"(التلخيص الحبير 1/ 125).

3) العُقَيليُّ؛ قال: "الأسانيدُ في هذا البابِ فيها لِينٌ"(الضعفاء الكبير 1/ 177).

4) ابنُ المُنْذِرِ؛ قال: "ليسَ في البابِ خبرٌ ثابتٌ يوجبُ إبطالَ وُضوءِ مَن لم يذكرِ اسمَ اللهِ عليه"(الأوسط لابنِ المُنْذِرِ 2/ 10).

5) البَيْهَقيُّ؛ قال: "وأما ما رُوِيَ عن أبي هريرةَ وغيرِهِ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَا وُضُوءَ إِنْ لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ»، فأسانيدُه غيرُ قويةٍ"(معرفة السنن والآثار 593).

وقال أيضًا: "ورُوِيَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أوجُهٍ غيرِ قويةٍ: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» (السنن الصغير 93).

6) البَغَويُّ: غَمَزَ في صحتِهِ فقال: "والخبرُ -إنْ ثبَتَ- فمحمولٌ على نفي الفضيلةِ"(شرح السنة 1/ 411).

7) ابنُ العربيِّ؛ ضَعَّفَ الحديثَ كما في (طرح التثريب 2/ 28).

8) النَّوَويُّ؛ قال: "حديثُ البابِ ضعيفٌ، وليس في التسميةِ في الوضوءِ حديثٌ صحيحٌ صريحٌ"(الإيجاز في شرح سنن أبي داود صـ 393).

ص: 403

وقال أيضًا: "حديثٌ ضعيفٌ عند أئمةِ الحديثِ"(المجموع 1/ 343).

وقال أيضًا: "وأسانيدُ هذه الأحاديثِ كلها ضعيفةٌ"(المجموع 1/ 344).

وَضَعَّفَهُا كذلك في (الأذكار صـ 70، 71).

9) ابنُ سيِّدِ الناسِ؛ قال: "أحاديثُ البابِ إما صريحٌ غيرُ صحيحٍ، وإما صحيحٌ غيرُ صريحٍ"(نتائج الأفكار 1/ 235).

10) بدرُ الدينِ العَيْنيُّ؛ قال: "وقال جماهيرُ العلماءِ:

والأحاديثُ التي وردتْ في هذا كلُّها ليستْ بصحيحةٍ، ولا أسانيدها مستقيمة" (شرح أبي داود للعيني 1/ 272).

11) القَسْطَلَّانيُّ؛ قال: "مطعونٌ فيه"(إرشاد الساري 1/ 232).

وأما مَن أَثبَتَه مِن أهلِ العلمِ؛ لكثرةِ الأحاديثِ الواردةِ في التسميةِ عندَ الوضوءِ، فمِنهم:

1) أبو بكر بنُ أبي شَيْبةَ؛ قال: "ثَبَتَ لنا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قاله"(الترغيب والترهيب للمُنْذِري 316).

2) ابنُ الصَّلاحِ؛ قال: "حديثُ: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ» رُوِي من حديثِ سعيدِ بنِ زيدٍ، وأبي سعيدٍ الخُدْريِّ، وأبي هريرةَ رضي الله عنهم مِن وجوهٍ في كلِّ واحدٍ منها نظرٌ، لكنها غير مُطَّرَحة، وهي مِن قَبِيلِ ما يَثبُتُ باجتماعه الحديثُ ثبوتَ الحديث الموسوم بالحسن، وقد أخرجه التِّرْمِذيُّ، وابنُ ماجَهْ، ولا يمنعُ من الحكمِ بهذا ما ثبتَ عن أحمدَ بنِ حَنبَل أنه قال في التسمية في الوضوءِ: "لا أعلمُ فيه حديثًا ثابتًا " (شرح مشكل الوسيط 1/ 149، 150).

ص: 404

3) المُنْذِريُّ؛ قال: "وفي البابِ أحاديثُ كثيرةٌ لا يسلمُ شيءٌ منها عن مقالٍ

ولا شَكَّ أن الأحاديثَ التي وردتْ فيها وإن كان لا يسلمُ شيءٌ منها عن مقالٍ فإنها تتعاضدُ بكثرةِ طرقها وتكتسبُ قوةً، والله أعلم" (الترغيب والترهيب 318).

4) ابنُ تيميَّةَ؛ قال: ((قال أبو إسحاقَ الجُوَزجانيُّ: قال ابنُ أبي شَيْبةَ: "ثبتَ لنا عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ» "، وتضعيفُ أحمدَ لها محمولٌ على أحدِ الوجهين، إمَّا أنها لا تثبتُ عنده أوَّلًا لعدمِ عِلْمِه بحالِ الراوي، ثُمَّ عَلِمَه فبنَى عليه مذهبَه بروايةِ الوجوبِ؛ ولهذا أشارَ إلى أنه لا يَعرِفُ رَبَاحًا ولا أبا ثِفَالٍ، وهكذا تجيءُ عنه كثيرًا الإشارةُ إلى أنه لم يثبتْ عنده ثُمَّ زالَ ثبوتها؛ فإن النفيَّ سابقٌ على الإثباتِ، وإمَّا أنه أشارَ إلى أنه لم يثبتْ على طريقة تصحيح المحدِّثين.

فإن الأحاديثَ تنقسمُ إلى صحيحٍ وحسَنٍ وضعيفٍ، وأشارَ إلى أنه ليسَ بثابتٍ، أي: ليس من جنسِ الصحيحِ الذي رواه الحافظُ الثقةُ عن مثله، وذلك لا ينفي أن يكون حسنًا وهو حُجَّةٌ، ومَن تأمَّلَ [صنيعَ] الحافِظِ الإمامِ عَلِم أنه لم يُوهِّن الحديث، وإنما بيَّنَ مرتبتَه في الجملةِ أنه دون الأحاديث الصحيحة الثابتة، وكذلك قال في موضعٍ آخَرَ:"أَحسَنُها حديثُ أبي سعيدٍ"، ولو لم يكن فيها حَسَنٌ لم يقل فيها: أَحسَنُها، وهذا معنى احتِجاج أحمدَ بالحديث الضعيف، وقوله:"ربما أخذنا بالحديثِ الضعيفِ"، وغير ذلك من كلامه يعني به الحسَنَ.

فأما ما رواه متَّهَمٌ أو مُغفَّلٌ فليسَ بحُجَّةٍ أصلًا، ويبيِّن ذلك وجوه:

أحدها: أن البُخاريَّ أشارَ في حديثِ أبي هريرةَ إلى أنه لا يعرف السماع في رجاله، وهذا غير واجب في العمل، بل العنعنة مع إمكان اللقاء ما لم

ص: 405

يُعلَم أن الراوي مدلِّس.

وثانيها: أنه قد تعددت طُرُقه وكثُرت مخارجُه، وهذا مما يَشُدُّ بعضُه بعضًا، ويغلبُ على الظنِّ أن له أصلًا، ورُوِيَ أيضًا مرسلًا، رواه سعيدٌ عن مَكْحولٍ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إِذَا تَطَهَّرَ الرَّجُلُ، وَذَكَرَ اسْمَ اللهِ، طَهُرَ جَسَدُهُ كُلُّهُ. وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ، لَمْ يَطْهُرْ مِنْهُ إِلَّا مَكَانُ الوُضُوءِ» .

وثالثها: أن تضعيفه إمَّا من جهةِ إرسالٍ أو جهلِ راوٍ، وهذا غيرُ قادحٍ على إحدى الروايتين. وعلى الأخرى -وهي قولُ مَن لا يحتَجُّ بالمرسَلِ- نقول: إذا عَمِلَ به جماهيرُ أهلِ العلمِ، وأرسَلَه مَن أَخَذَ العلم عن غير رجالِ المرسَلِ الأوَّلِ، أو رُوِي مثلُه عن الصحابةِ، أو وافَقَه ظاهرُ القرآنِ؛ فهو حُجَّةٌ. وهذا الحديثُ قد اعتضد بأكثرَ من ذلك؛ فإن عامَّة أهل العلم عَمِلوا به في شرع التسمية في الوضوء، ولولا هذا الحديث لم يكن لذلك أصلٌ، وإنما اختلفوا في صفة شرْعها: هل هو إيجابٌ أو ندْبٌ؟ ورُوِيَ من وجوهٍ متباينةٍ مسنَدًا ومرسلًا، ولعلك تجدُ في كثيرٍ من المسائلِ ليس معهم أحاديثُ مثل هذه.

ورابعها: أن الإمامَ أحمدَ قال: "أَحْسَنُها -يعني: أحاديثَ هذا الباب- حديثُ أبي سعيدٍ". وكذلك قال إسحاقُ بنُ راهُويَهْ، وقد سُئِلَ: أي حديث أَصَحُّ في التسمية؟ فذكر حديثَ أبي سعيدٍ. وقال البُخاريُّ: "أَحْسَنُ حديثٍ في هذا الباب حديثُ سعيدِ بنِ زيدٍ". وهذه العبارة، وإن كانوا إنما يقصدون بها بيانَ أن الأثرَ أقوى شيءٍ في هذا الباب، فلولا أن أسانيدها متقاربةٌ لما قالوا ذلك)) (شرح عمدة الفقه 1/ 170 - 173).

5) ابنُ عبدِ الهادِي؛ قال: "وقد رُوِيَ في اشتراطِ التسميةِ على الوضوءِ أحاديثُ كثيرةٌ

ولا يخلو كل واحد منها من مقال، لكنَّ الأظهر أن

ص: 406

الحديثَ في ذلك بمجموعٍ طرقه حسَنٌ أو صحيحٌ" (تعليقة على العِلَلِ صـ 144).

6) ابنُ القَيِّمِ؛ قال عن أحاديث التسمية على الوضوء: "أحاديث حِسَان"(المنار المنيف 271)، إلا أنه قال في موضعٍ آخَرَ:"في أسانيدها لِينٌ"(زاد المعاد 2/ 353).

7) ابنُ كثيرٍ؛ قال: "وقد رُوِي من طُرُقٍ أُخَرَ يَشُدُّ بعضُها بعضًا؛ فهو حديثٌ حسَنٌ أو صحيحٌ"(إرشاد الفقيه 1/ 36).

وقال أيضًا: "حديثٌ حسَنٌ"(تفسير ابن كثير 1/ 120 - 121).

8) ابنُ المُلَقِّنِ؛ قال -بعدَ أن ذكرَ طرقَ الحديثِ-: "فإذا عَلِمْتَ -وفقك اللهُ- هذه الأحاديثَ وعِلَلَها، وأنها من جميعِ طرقها متكلَّمٌ فيها، وأن بعضَ الأئمةِ ضعَّفَ بعضَها وحسَّنَ بعضَها، بَقِيتَ متطلِّعًا لِما يُستَدلُّ به على استحبابِ التسميةِ.

ولْتَعْلَمْ أن النَّوَويَّ رحمه الله قال: «ليس في أحاديث التسمية على الوُضوءِ حديثٌ صحيحٌ صريحٌ» . وكأنه تَبِعَ في هذه القولةِ قولَ الإمامِ أحمدَ فيما نقله التِّرْمِذيُّ عنه: «لا أعلمُ في هذا البابِ حديثًا له إسنادٌ جيدٌ» .

وقد ذكرنا من الأحاديثِ ما يستدلُّ الفقهاءُ بمثله، ويستندُ العلماءُ في الأحكامِ إليه، فليس من شأنهم أن لا يحتجوا إلا بالصحيحِ، بل أكثر احتجاجهم بالحَسَنِ" (البدر المنير 2/ 89 - 90).

9) ابنُ حَجَرٍ؛ قال: "والظاهرُ أن مجموعَ الأحاديثِ يُحدثُ منها قوة، تدلُّ على أن له أصلًا"(التلخيص الحبير 1/ 128).

وتعقَّبَ ابنُ حَجَرٍ قولَ أحمدَ: "لا أعلمُ في التسميةِ في الوضوءِ حديثًا ثابتًا"،

ص: 407

فقال: "لا يلزمُ مِن نفْيِ العِلْمِ ثبوتُ العدمِ، وعلى التنزُّلِ لا يلزمُ مِن نفْيِ الثبوتِ ثبوتُ الضعفِ؛ لاحتمال أن يرادَ بالثبوتِ الصحةُ؛ فلا ينتفي الحُكم، وعلى التنزُّل لا يلزم مِن نفْيِ الثبوت عن كل فردٍ نَفْيُه عن المجموع"(نتائج الأفكار 1/ 222 - 223).

10) الصَّنعانيُّ؛ ذكرَ طرقَ الحديثِ، ثُمَّ قال:"وفي الجميعِ مقالٌ، إلا أن هذه الرواياتِ يقوي بعضُها بعضًا، فلا تخلو عن قوةٍ"(سبل السلام 1/ 75).

11) الشَّوْكانيُّ؛ قال: "وقد رُوي من طرقٍ عن جماعةٍ منَ الصحابةِ

وهذه الطرقُ يقوي بعضُها بعضًا؛ فتصلُحُ للاحتجاجِ بها" (السيل الجرار صـ 50).

وقال أيضًا: "والحديثُ ينتهضُ للاحتجاجِ به لكثرةِ طرقه، فهو حينئذٍ أقَلُّ أحواله أن يكون مِن قسمِ الحسَنِ لغيرِهِ"(تحفة الذاكرين صـ 146).

12) الألبانيُّ؛ قال: "هو حديثٌ قويٌّ بمجموعِ طرقه"(الضعيفة 13/ 826)، وانظر (صحيح أبي داود 1/ 168)، و (الإرواء 1/ 122).

13) السُّيوطيُّ؛ حيثُ رمزَ له بالصحةِ في (الجامع الصغير 9895)، والذي يظهرُ لنا أن السُّيوطيَّ تَبِعَ الحاكمَ في تصحيحِ الحديثِ، وقد سبقَ بيانُ وهَمِ الحاكمِ في تصحيحه لهذا الحديثِ.

هذا، وقد أشارَ ابنُ تيميَّةَ إلى اختلافِ أهلِ العلمِ في تصحيحِ الأحاديثِ الواردةِ في التسميةِ عند الوُضوءِ، فقال:"وقد جاءتْ أحاديثُ تنازَعَ الناسُ في صحتها، مثل قوله: ((لَا صَلَاةَ إِلَّا بِوُضُوءٍ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ)) "(مجموع الفتاوى 7/ 34).

ومما يقوي جانب المضعِّفين أنه قد وردتْ أحاديثُ صحيحةٌ كثيرةٌ جدًّا

ص: 408

في صفةِ وُضُوءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يَرِدْ فيها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سمَّى في أوَّلِهِ، فالله أعلم.

• وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَة: «

وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ عَبْدٌ لَا يُؤْمِنُ بِي، وَلَا يُؤْمِنُ بِي عَبْدٌ لَا يُحِبُّ الأَنْصَارَ».

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، على أن معنى هذه الزيادةِ صحيحٌ.

[الفوائد]:

لا شَكَّ أنه لا يُؤْمِنُ باللهِ مَن لا يُؤْمِنُ برسولِهِ، كما ثبتَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:«آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ» ، أخرجه البُخاريُّ ومسلمٌ.

[التخريج]:

[محد (2/ 98) / أصبهان (1/ 360)].

[السند]:

قال أبو الشيخِ في (طبقات المحدِّثين) -وعنه أبو نُعَيمٍ في (تاريخ أصبهان) -: رأيتُ في روايةِ محمدِ بنِ عامرِ بنِ إبراهيمَ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا أبو أُمَيَّةَ خَلَّادُ بنُ قُرَّةَ بنِ خالدٍ السَّدُوسيُّ، عنِ الحسنِ بنِ أبي جعفرٍ الجُفْريِّ، عن أبي ثِفالٍ، عن أبي هريرةَ، به.

ص: 409

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عللٍ:

الأولى: الحسن بن أبي جعفر الجُفْريُّ؛ "ضعيفُ الحديثِ" كما في (التقريب 1222).

الثانية: أبو ثِفَالٍ؛ ضعيفٌ، وقد جهَّلَهُ أبو حاتمٍ وأبو زُرْعةَ، وسبقَ كلامهم فيه بتوسُّعٍ.

الثالثة: الانقطاعُ؛ فأبو ثِفَالٍ إنما يروي عن الصحابةِ بوسائطَ كما سبقَ.

وقد اختُلِفَ فيه على أبي ثِفَالٍ، انظرْ تحقيقنا لحديثِ سعيدِ بنِ زيدٍ الآتي قريبًا.

رِوَايَة: مَا تَوَضَّأَ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ

• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:«مَا تَوَضَّأَ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ [عَلَيْهِ]، وَمَا صَلَّى مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ، وَمَا آمَنَ بِي مَنْ لَمْ يُحِبَّنِي، وَمَا أَحَبَّنِي مَنْ لَمْ يُحِبَّ الأَنْصَارَ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، ضعَّفَهُ البَيْهَقيُّ، والذَّهَبيُّ، ومُغْلَطايُ، وابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ حَجَرٍ.

[التخريج]:

[قط 222 (واللفظ له) / هق 198 (والزيادة له) / تحقيق 121/ مخلص 1811/ فكر (1/ 225) / الأول من فوائد الدارقطني رواية ابن معروف (مُغْلَطاي 1/ 344)].

ص: 410

[السند]:

أخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن) -ومن طريقِه البَيْهَقيُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ حَجَرٍ-، والمُخَلِّص: عنِ ابنِ صاعِدٍ، نا محمودُ بنُ محمدٍ أبو يزيدَ الظَّفَريُّ، نا أيوبُ بنُ النَّجَّارِ، عن يحيى بنِ أبي كَثيرٍ، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: أبو يزيدَ الظَّفَريُّ؛ قال الدَّارَقُطنيُّ: "ليس بالقويِّ، فيه نظرٌ"(لسان الميزان 7607).

الثانية: الانقطاعُ؛ قال البَيْهَقيُّ عَقِبَه: "وهذا الحديثُ لا يُعرَفُ من حديثِ يحيى بنِ أبي كَثيرٍ عن أبي سَلَمةَ إلا من هذا الوجهِ، وكان أيوبُ بنُ النجارِ يقول: لم أسمعْ من يحيى بنِ أبي كَثيرٍ إلا حديثًا واحدًا، وهو حديثُ: ((الْتَقَى آَدَمُ وَمُوسَى))، ذكره يحيى بنُ مَعِينٍ فيما رواه عنه ابنُ أبي مريمَ؛ فكأنَّ حديثَهُ هذا منقطعًا، والله أعلم".

وأقَرَّه مُغْلَطايُ في (شرح سنن ابن ماجَهْ 1/ 344)، وابنُ المُلَقِّنِ في (البدر المنير 2/ 73).

وقد أَعَلَّ ابنُ حَجَرٍ الحديثَ من هذا الطريقِ بضعفِ الظَّفَريِّ، والانقطاعِ، (التلخيص 1/ 124)، وفي (لسان الميزان 7607).

إلا أنه قال في (الدراية 1/ 14): "رجاله ثقات إلا أن أيوبَ لم يسمعه من يحيى"!

وقال الذَّهَبيُّ: "الحمْلُ فيه على الظَّفَريِّ" (المهذب في اختصار السنن 1/

ص: 411

47)، وذكر هذا الحديثَ في ترجمته في (الميزان 8370).

وقال أيضًا: "هذا منكرٌ، وقال الدَّارَقُطنيُّ: محمودُ بنُ محمدٍ ليس بالقويِّ، فيه نظرٌ. قلتُ (القائلُ هو الذَّهَبيُّ): أيوبُ من رجال الصحيحين صدوقٌ، لا يحتمل مثل هذا أصلًا؛ فالآفةُ من محمودٍ"(تنقيح التحقيق 1/ 45).

وقال الحافظُ: "هذا حديثٌ غريبٌ، تفرَّدَ به الظَّفَريُّ، ورواتُهُ مِن أيوبَ فصاعدًا مُخرَّجٌ لهم في الصحيحِ، لكن قال الدَّارَقُطنيُّ في الظَّفَريِّ: "ليس بالقويِّ"، وقال يحيى بنُ مَعِينٍ: سمِعتُ أيوبَ بنَ النجارِ يقول: لم أسمع من يحيى بنِ أبي كثيرٍ سوى حديث واحد، وهو حديثُ: ((احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى))؛ فعلى هذا يكون في السندِ انقطاعٌ، إن لم يكن الظَّفَريُّ دخلَ عليه إسنادٌ في إسنادٍ. وجاءَ عن أبي هريرةَ من طريقٍ أخرى مختلفة الألفاظ والمعاني"(نتائج الأفكار 1/ 225).

ص: 412

رِوَايَةٌ مُطَوَّلَةٌ، وَفِيهَا: لَا سَهْمَ فِي الإِسْلَامِ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ

• وَفِي رِوَايَةٍ مُطَوَّلَةٍ: «لَا سَهْمَ فِي الإِسْلَامِ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ، وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ وَثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ. فَأَمَّا المُنْجِيَاتُ: فَخَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالعَلَانِيَةِ، وَالِاقْتِصَادُ فِي الفَقْرِ وَالغِنَى، وَالحُكْمُ بِالعَدْلِ عِنْدَ الغَضَبِ وَالرِّضَا. وَالمُهْلِكَاتُ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ المَرْءِ بِنَفْسِهِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[روذباري (ق 209/ ب) / حلب (6/ 2742)].

[السند]:

رواه أبو عبدِ اللهِ أحمدُ بنُ عطاءٍ الرُّوذباريُّ في (مجالس من أماليه) -ومن طريقِه ابنُ العَدِيم-: عن أبي عبد الله محمدِ بنِ مَخْلَدٍ الدُّوريِّ، حدثنا أبو حُذافةَ أحمدُ بنُ إسماعيلَ السَّهْميُّ، حدثنا سعدُ بنُ سعيدِ بنِ أبي سعيدٍ المَقْبُريُّ، عن أخيه عبدِ اللهِ بنِ سعيدٍ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه أربعُ عِلَلٍ:

الأولى: عبدُ اللهِ بنُ سعيدٍ المَقْبُريُّ؛ "متروكٌ" كما في (التقريب 3356).

الثانية: سعدُ بنُ سعيدِ بنِ أبي سعيدٍ المَقْبُريُّ؛ "لَيِّنُ الحديثِ" كما في (التقريب 2236).

الثالثة: أحمدُ بنُ إسماعيلَ أبو حُذافةَ؛ ضعيفٌ. انظر: (تهذيب التهذيب

ص: 413

1/ 15).

الرابعة: أبو عبدِ اللهِ أحمدُ بنُ عطاءٍ الرُوذباريُّ؛ قال الخطيبُ: "وفيما رَوَى أحاديثُ وَهِمَ فيها وغَلِطَ غلَطًا فاحشًا، فسمِعتُ أبا عبدِ اللهِ محمدَ بنَ عليٍّ الصُوريَّ، يقول: حدَّثونا عن أبي عبدِ اللهِ الرُّوذباريِّ، عن إسماعيلَ بنِ محمدٍ الصَّفَّارِ، عنِ الحسنِ بنِ عرفةَ أحاديثَ لم يَرْوِها الصَّفَّارُ عنِ ابنِ عَرَفة. قال الصُّوريُّ: ولا أظنُّه ممن كان يتعمَّدُ الكذبَ، لكنه شُبِّهَ عليه"(تاريخ بغداد 5/ 552).

وقال الذَّهَبيُّ: "لا يُعتمَدُ عليه"(ميزان الاعتدال 469).

ووردتِ التسميةُ عند الوُضوءِ في سياقاتٍ أخرى من حديثِ أبي هريرةَ سيأتي ذكرُها، وانظر حديثَ أبي هريرةَ المُخَرَّجَ تحت باب (غسل اليدين عند الاستيقاظ) رواية:(وَيُسَمِّي قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا).

ص: 414

1622 -

حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ:

◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، مَرْفُوعًا، بِلَفْظ:«[لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَ] لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» .

[الحكم]:

مختلَفٌ فيه، فضَعَّفَهُ أحمدُ -مع أنه قال:"هو أَحسَنُ ما في البابِ"-، وَضَعَّفَهُ البُخاريُّ -وأقَرَّه التِّرْمِذيُّ-، وابنُ الجَوزيِّ، والعَيْنيُّ.

بينما ذَكَرَ إسحاقُ بنُ راهُويَهْ أنه "أصحُّ حديثٍ في التسميةِ"، وَصَحَّحَهُ ابنُ السَّكَنِ، وهو مقتَضى صنيعِ الحاكم. وحَسَّنَهُ ابنُ حَجَرٍ، والبُوصيريُّ.

وله شواهدُ كثيرةٌ؛ ولذا قال أبو بكرِ ابنُ أبي شَيْبةَ: "ثَبَتَ لنا عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ» "، وبهذه الشواهدِ مجتمعةً حَسَّنَهُ: ابنُ الصَّلاحِ، والمُنْذِريُّ، وابنُ تيميَّةَ، وابنُ عبدِ الهادِي، وابنُ القَيِّمِ، وابنُ كثيرٍ، وابنُ المُلَقِّنِ، والصَّنعانيُّ، والشَّوْكانيُّ، والألبانيُّ.

بينما نَفَى ثبوتَها وَليَّنَهُا جميعًا: الإمامُ أحمدُ، والبَزَّارُ، والعُقَيليُّ، وابنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقيُّ، والبَغَويُّ، وابنُ العربيِّ، والنَّوَويُّ، وابنُ سيِّدِ الناسِ، والعَيْنيُّ، والقَسْطَلَّانيُّ.

[التخريج]:

[جه 401 (واللفظ له) / حم 11370، 11371/ مي 709/ ك 527 (والزيادة له) / عل 1060، 1221/ ش 14/ حميد 910/ طع 380/ طهور 53/ قط 223/ هق 194/ هقت 57/ سني 26/ علت 18/ تحقيق 116/ علج 552/ عد (5/ 32) / كر (50/ 21) / فكر (1/ 229)].

ص: 415

[السند]:

رواه ابنُ أبي شَيْبةَ قال: حدثنا زيدُ بنُ الحُبَابِ، ومحمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ، عن كثيرِ بنِ زيدٍ، قال: حدَّثني رُبَيْحُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي سعيدٍ الخُدْريُّ، عن أبيه، عن جده أبي سعيدٍ الخُدْريِّ به مختصرًا.

ورواه الباقون من طريقِ كَثِيرٍ به.

قال البَزَّارُ: "لا نعلمه عن أبي سعيدٍ إلا بهذا الإسنادِ"(شرح ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 338).

وقال ابنُ عَدِيٍّ: "ولا أعلمُ يَروي هذا الحديثَ عن رُبَيْحٍ غيرُ كَثِير بن زيد، ولا عن كَثيرٍ غيرُ زيدِ بنِ الحُبَابِ".

وهذا عجيبٌ منه؛ فالحديثُ عند أحمدَ، وابنِ أبي شَيْبةَ، وابنِ ماجَهْ من روايةِ أبي أحمدَ الزُّبَيريِّ وزيدٍ معًا، وقرَنَهما ابنُ ماجَهْ بالعَقَديِّ؛ ولذا قال ابنُ حَجَرٍ:"وزعمَ ابنُ عَدِيٍّ أن زيدَ بنَ الحُبَابِ تفرَّدَ به عن كثيرٍ، وليس كذلك؛ فقد رواه الدَّارَقُطنيُّ من حديثِ أبي عامرٍ العَقَديِّ، وابنُ ماجَهْ من حديثِ أبي أحمدَ الزُّبَيريِّ"(التلخيص 1/ 125).

فالحديثُ مدارُه عندَ الجميعِ على كَثِيرِ بنِ زيدٍ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ عدا كثيرَ بنَ زيدٍ، وشيخَه رُبَيْحًا؛ فمختلَفٌ فيهما.

* فأما كثيرُ بنُ زيدٍ؛

فقال عنه أحمدُ: "ما أرى به بأسًا"(العلل ومعرفة الرجال 2406).

ص: 416

واختَلَفتِ الروايةُ عنِ ابنِ مَعِينٍ، فقال مرة:"ثقة"(الكامل 8/ 668). وقال مرة: "ليس به بأس"(الكامل 8/ 668). وقال مرة: "صالح"(تهذيب الكمال 24/ 115). وقال مرة: "ليس بذاك القوي"(تاريخ ابن أبي خَيْثَمَةَ - السِّفر الثالث 2/ 336)، (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 7/ 151). وسُئِلَ مَرَّةً عنه فقال:"ليس بذاك القوي"، وكان قال:"لا شيء"، ثُمَّ ضرَبَ عليه، (المجروحين لابن حِبَّانَ 2/ 227). وقال مرة:"ضعيفٌ"(معرفة الرجال رواية ابن محرز 164).

وقال ابنُ المَدِينيِّ: "صالحٌ، وليس بالقويِّ"(سؤالات ابن أبي شبية له 97).

وقال أبو زُرْعةَ: "صدوقٌ فيه لِينٌ"(الجرح والتعديل 7/ 151).

وقال أبو حاتم: "صالحٌ، ليس بالقويِّ، يُكتبُ حديثُه"(الجرح والتعديل 7/ 151).

وقال النَّسائيُّ: "ضعيفٌ"(الضعفاء والمتروكون 505).

وقال ابنُ عَدِيٍّ: "لم أرَ بحديثِهِ بأسًا، وأرجو أنه لا بأسَ به"(الكامل 8/ 671).

وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 7/ 354)، ثُمَّ ذكره في (المجروحين 2/ 227)، وقال:

"كان كثيرَ الخطإِ على قلةِ روايتِهِ، لا يُعجِبني الاحتجاجُ به إذا انفردَ".

وقال البَزَّارُ: "روَى عنه جماعةٌ من أهلِ العلمِ فاحتمَلوا حديثَه"(شرح ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 338). وقال مرة: "صالح الحديث"(شرح ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 339).

ص: 417

وقال الحاكمُ: "لا أعرفه يجرحُ في الروايةِ، وإنما تركاه لقلةِ حديثِهِ، والله أعلم"(المستدرَك عَقِبَ حديث 147)

قلنا: قد قال فيه ابنُ سعدٍ: "كثير الحديث"(الطبقات الكبير 7/ 565).

وقال الحاكمُ أيضًا: "كثيرُ بنُ زيدٍ وأبو عبدِ اللهِ القَرَّاظِ مَدَنيان، لا نعرفهما إلا بالصدقِ"(المستدرَك عَقِبَ حديث 886).

وقال ابنُ عمَّارٍ المَوْصِليُّ: "ثقة"(تهذيب الكمال 24/ 115).

وقال يعقوبُ بنُ شَيْبةَ: "ليس بذاكَ الساقطِ، وإلى الضعفِ ما هو"(تهذيب الكمال 24/ 115).

وقال أبو جعفرٍ الطَّبَريُّ: "وكثيرُ بنُ زيدٍ عندهم ممن لا يُحتَجُّ بنقله"(تهذيب التهذيب 8/ 414).

وقال ابنُ القَطَّانِ: "ضعيفٌ"(بيان الوهم 4/ 644).

وقال ابنُ عبدِ الهادِي: "صدوقٌ، وقد تَكَلَّمَ فيه بعضُ الأئمةِ"(تنقيح التحقيق 4/ 595).

وقال الذَّهَبيُّ: "صُوَيلحٌ، فيه لِينٌ"(المغني في الضعفاء (2/ 417)

وقال أيضًا: "ضعَّفَه النَّسائيُّ، ومشَّاه غيرُهُ"(تلخيص المستدرك 2/ 443).

وقال ابنُ مُفْلِحٍ: "حسَنُ الحديثِ عند الأكثرِ"(الآداب الشرعية 1/ 307).

وقال الهيثميُّ: "اختُلِفَ في الاحتجاجِ به"(مجمع الزوائد 2682).

وقال البُوصيريُّ: "مختَلَفٌ فيه"(مصباح الزجاجة 517).

ص: 418

وقال ابنُ حَجَرٍ: "صدوقٌ يُخطئُ"(التقريب 5611).

إلا أنه قال في (نتائج الأفكار 1/ 229)، وفي (التلخيص الحبير 2/ 267):"صدوقٌ"! .

وقال المُعَلِّميُّ: "غيرُ قويٍّ"(الأنوار الكاشفة صـ 35)، وقال في موضعٍ آخَرَ:"ضعيفٌ"(الأنوار الكاشفة صـ 152).

فالذي يظهرُ لنا -والله أعلم- أن كثيرَ بنَ زيدٍ يُعرَفُ مِن حديثِهِ ويُنكَرُ.

* وأما رُبَيْحُ بنُ عبدِ الرحمنِ؛

فقال عنه أحمدُ: "ليسَ بمعروفٍ"(الكامل 5/ 31).

وقال أبو زُرْعةَ: "شيخٌ" يعنى: "يُكتَبُ حديثُه ويُنظَرُ فيه"(الجرح والتعديل 2/ 37، 3/ 519).

وقال البُخاريُّ: "منكَرُ الحديثِ"(العلل الكبير للترمذي 18).

وهذا جرحٌ شديدٌ كما في (إتحاف المهرة 16/ 670)، و (الضعيفة 11/ 296).

وقد نقلَ ابنُ القَطَّانِ عنِ البُخاريِّ أنه قال: "كلُّ مَن قُلْتُ فيه: "منكَرُ الحديثِ"، فلا تحلُّ الروايةُ عنه"(بيان الوهم والإيهام 2/ 264).

بينما قال ابنُ عَدِيٍّ في رُبَيحٍ: "أرجو أنه لا بأسَ به"(الكامل 5/ 34).

وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 6/ 309).

وكأنه لذلك قال ابنُ المُلَقِّنِ: "وقولُ الإمامِ أحمدَ فيه: إنه "ليسَ بمعروفٍ"، ليس بقادحٍ؛ فقد عرَفه غيرُهُ، ورَوَى عنه جماعةٌ كثيرةٌ"(البدر المنير 2/ 76).

ص: 419

وقال الذَّهَبيُّ: "صُوَيْلحٌ، ما ضُعِّفَ"! ! (التنقيح 1/ 44)، وكتب في حاشيته:"بلى، قال البُخاريُّ: منكَرُ الحديثِ". وقال ابنُ حَجَرٍ: "مقبولٌ"(التقريب 1881).

ويعني بذلك قَبولَ حديثِه عندَ المتابعةِ، وإلا فلَيِّنٌ. وقد قال السَّخاويُّ:"فيه لِينٌ"(المقاصد الحسنة صـ 154). وقال الألبانيُّ: "لم يوثِّقه أحدٌ"(إرواء الغليل 4/ 353).

وحديثُهما هذا قد اختَلَفَ النُّقَّادُ فيه، فرواه التِّرْمِذيُّ في (العلل الكبير 18)، ثُمَّ قال:"قال محمد -يعني: البُخاريَّ-: "رُبَيحُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي سعيدٍ منكَرُ الحديثِ".

فكأنه يُعِلُّه بهذا، وبه أَعَلَّه العَيْنيُّ في (عمدة القاري 2/ 267).

وقال عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ: "سألتُ أبي عن حديثِ أبي سعيد الخُدْريِّ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:((لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ)).

قال أبي: لم يثبُت عندي هذا، ولكن يعجبني أن يقوله" (مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله 85).

وقال المَرْوزيُّ: "لم يُصَحِّحْه أحمدُ"(العلل المتناهية 1/ 338).

وقال أيضًا: "ليس الخبرُ بصحيحٍ، رُوِي عن رجلٍ ليس بالمشهورِ، واسمه رُبَيحٌ"(شرح ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 338).

وقال ابنُ هانئ: "قلتُ لأبي عبدِ اللهِ أحمدَ بنِ حَنبَلٍ: التسميةُ في الوُضوءِ؟ فقال: أحسنُ شيءٍ فيه حديثُ رُبَيحِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي سعيدٍ، عن أبيه، عن أبي سعيدٍ الخُدْري"(الضعفاء الكبير 1/ 369).

ص: 420

وقال أحمدُ بنُ حفصٍ السَّعديُّ: "سُئِل أحمدُ بنُ حَنبَلٍ -يعني وهو حاضرٌ- عن التسميةِ في الوُضُوءِ، فقال: لا أعلمُ حديثًا يَثبُتُ، أقوى شيءٍ فيه حديثُ كَثيرِ بنِ زيدٍ، عن رُبَيحٍ، ورُبَيْحٌ رجلٌ ليسَ بمعروفٍ"(الكامل لابن عَدِيٍّ 5/ 31 - 8/ 668).

وبهذا أَعَلَّه ابنُ الجَوزيّ في (العلل المتناهية 1/ 338).

وعليه، فقولُ أحمدَ فيه أنه:"أحسنُ شيءٍ" أو "أقوى شيءٍ" في المسألةِ، لا يعني ثبوتَه عنده، وإنما قصدَ أن إسنادَهُ أفضلُ أسانيدِ البابِ، فهو أخفُّ أحاديثِ البابِ ضعفًا.

ومِثْلُه قولُ ابنِ سيِّدِ الناسِ: "هو أجودُ من حديثِ أبي هريرةَ وأبي ثِفَالٍ"(البدر المنير 2/ 75). فقد قال في موضعٍ آخَرَ: "أحاديثُ البابِ إما صريحٌ غيرُ صحيحٍ، وإما صحيحٌ غيرُ صريحٍ"(نتائج الأفكار 1/ 235).

ولعلَّ منه أيضًا ما نقله ابنُ المُلَقِّنِ عنِ ابنِ راهُويَهْ، أنه سُئِل: أي حديث أصحُّ في التسميةِ؟ فذكرَ هذا الحديثَ. (البدر المنير 2/ 77).

نعم، قد صَحَّحَ هذا الحديثَ ابنُ السَّكَنِ كما في (البدر المنير 2/ 77).

وذكر الزَّيْلَعيُّ في (نَصْب الراية 1/ 4) وابنُ حَجَرٍ في (النتائج 1/ 230)، وغيرُهُما أن الحاكمَ صَحَّحَهُ أيضًا.

والحديثُ مخرَّجٌ في (المستدرَك) كشاهدٍ لحديثِ أبي هريرةَ، وليسَ فيه تصريحُ الحاكمِ بتصحيحه، وإنما أعْقَبَه بما رواه عن أحمدَ أنه قال:"أحسنُ ما يُروى في هذا حديثُ كثيرِ بنِ زيدٍ".

نعم، تصحيحه هو مقتَضى صنيعِ الحاكمِ؛ فإنه أخرجَ في (المستدرك 4/ 329) حديثَ كثير بن زيد، عن رُبيحٍ، عن أبيه، عن جده مرفوعًا: «الشِّرْكُ

ص: 421

الخَفِيُّ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ لِمَكَانِ الرَّجُلِ». ثُمَّ قال الحاكمُ: "هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ ولم يخرجاه".

وهو إسنادُ حديثنا في الوُضوءِ نفْسُه.

وقد حسَّنَ إسنادَه البُوصيريُّ في (الزوائد 1/ 59/ 164).

مع أنه لَمَّا ذَكَرَ في (الإتحاف 5574) حديثًا آخَرَ لكثيرِ بنِ زيدٍ، عن رُبَيحٍ، أَتْبَعَه بقولِهِ:"هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ رُبَيحِ بنِ عبدِ الرحمنِ"! ! .

وَحَسَّنَهُ ابنُ حَجَرٍ أيضًا في (نتائج الأفكار 1/ 229).

وَحَسَّنَهُ الألبانيُّ في (صحيح ابن ماجَهْ 397)، والظاهرُ أنه يعني بشواهدِهِ كما ذكره في (صحيح أبي داود 1/ 171)، وبهذه الشواهدِ حَسَّنَهُ غيرُ وَاحدٍ كما ذكرناه تحت حديث أبي هريرةَ.

[تنبيه]:

ذكر الذَّهَبيُّ الحديثَ في (التنقيح 1/ 44) من طريقِ كثيرِ بنِ زيدٍ، عن رُبَيحٍ، ثُمَّ قال عَقِبَه:"تابعه أربعةٌ عن رُبَيحٍ، ورُبَيحٌ صُوَيْلِحٌ ما ضُعِّفَ".

وهذا ظاهره أن كَثيرًا تابَعه أربعةٌ، رَوَوْهُ عن رُبَيحٍ! ! وهذا خطأٌ غريبٌ؛ فالحديثُ من مفاريدِ كَثيرٍ كما مَرَّ.

كما وقعَ في سندِ أصله: (التحقيق 116) من روايةِ أحمدَ بنِ منصورٍ الرَّماديِّ وعبدِ الملكِ العَقَديِّ، عن كَثيرٍ، وإنما يرويه الرَّماديُّ عن العَقَديِّ عن كَثيرٍ! كذا في (التنقيح لابنِ عبدِ الهادِي 1/ 174).

ص: 422

1623 -

حَدِيثُ سَعِيدِ بنِ زَيْدٍ:

◼ عَنْ سَعِيدِ بنِ زَيْدٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، وَضَعَّفَهُ: أحمدُ، وأبو حاتم، والبُخاريُّ، وأبو زُرْعةَ، والبَزَّارُ، وابنُ حِبَّانَ، وابنُ العربيِّ، وابنُ الجَوزيِّ، وابنُ القَطَّانِ، والذَّهَبيُّ، والصَّنعانيُّ.

وله شواهدُ كثيرةٌ؛ ولذا قال أبو بكر بنُ أبي شَيْبةَ: "ثَبَت لنا عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ» ". وبهذه الشواهدِ مجتمعةً حَسَّنَهُ ابنُ الصَّلاحِ، والمُنْذِريُّ، وابنُ تيميَّةَ، وابنُ عبدِ الهادِي، وابنُ القَيِّمِ، وابنُ كَثيرٍ، وابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ حَجَرٍ، والصَّنعانيُّ، والشَّوْكانيُّ، والألبانيُّ.

بينما نفَى ثبوتَها وَليَّنَهُا جميعًا: الإمامُ أحمدُ، والبَزَّارُ، والعُقَيليُّ، وابنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقيُّ، والبَغَويُّ، وابنُ العربيِّ، والنَّوَويُّ، وابنُ سيِّدِ الناسِ، والعَيْنيُّ، والقَسْطَلَّانيُّ.

[التخريج]:

[ت 25، 26 (مقتصرًا على شطره الأخير) / جه 402 (واللفظ له) / ش 15، 28 (مقتصرًا على الفقرة الأولى) / طي 240/ قط 228 - 230/ كما (9/ 46) / علج 551/ منذ 343/ طع 373/ طهور 52/ علت 16/ تحقيق 117 - 119/ كر (18/ 26) / فضش 94/ مقرئ (الأربعون 20) / ضياء (مرو ق 1375 أ)].

[التحقيق]:

هذا الحديثُ مدارُه عندَ الجميعِ على أبي ثِفَالٍ المُرِّيِّ، وقد اختُلِفَ عليه

ص: 423

فيه على عِدَّةِ أوجهٍ:

الوجه الأول:

رواه عفَّانُ في (حديثه 15، 198)، قال: حدثنا وُهَيبٌ، حدثنا عبدُ الرحمنِ بنُ حَرْمَلةَ، أنه سمعَ أبا ثِفَالٍ، يقول: سمِعتُ رَباحَ بنَ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي سفيانَ بنِ حُوَيْطِبٍ، قال: حدَّثتني جدتي، أنها سمِعتَ أباها يقول:

فذكره.

ومن طريقِ عفَّانَ أخرجه ابنُ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 15)، وأحمدُ (27147)، وابنُ المُنْذِرِ في (الأوسط 343)، والدَّارَقُطنيُّ (228)، وأبو يَعْلَى في (معجمه)، والعُقَيْليُّ، وابنُ المقرئ في (الأربعين 20)، والبَيْهَقيُّ في (السنن الكبرى 195).

وأخرجه الطَّبَرانيُّ في (الدعاء 375)، من طريقِ العبَّاسِ بنِ الوليدِ النَّرْسيِّ، عن وُهَيبٍ، به.

وقد تابَع وُهَيبًا جماعةٌ منَ الثِّقاتِ، منهم:

* ابنُ أبي فُدَيكٍ، أخرجه الدَّارَقُطنيُّ (225، 226)، والبَيْهَقيُّ في (السنن الكبرى 196).

* بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، أخرجه التِّرْمِذيُّ في (الجامع 25)، وفي (العلل الكبير 16)، ومُسَدَّدٌ في (مسنده) -كما في (إتحاف الخِيَرة 547/ 2) -، والطَّبَرانيُّ في (الدعاء 374)، وابنُ شاهين في (الترغيب في فضائل الأعمال 96)، والدَّارَقُطْنيُّ في (السنن 227)، وفي (المؤتلف والمختلف 2/ 1029)، وابنُ الجَوزيِّ في (التحقيق 119)، وابنُ حَجَرٍ في (نتائج الأفكار 1/ 227، 228).

ص: 424

* يعقوبُ بنُ عبدِ الرحمنِ، أخرجه الدَّارَقُطنيُّ (229).

* حفصُ بنُ مَيْسَرةَ، وقد اختُلِفَ عليه فيه:

فرواه عنه الهيثمُ بنُ خارِجةَ موافِقًا روايةَ الجماعةِ.

أخرجه أحمدُ (16651، 23236، 27145).

والوجهُ الآخرُ سيأتي ذكرُهُ في الكلامِ على الطريقِ الثاني.

وقد تُوبِع عبدُ الرحمنِ بنُ حَرْمَلةَ أيضًا على هذا الوجهِ، تابَعه:

* يزيدُ بنُ عِياضِ بنِ جُعْدُبةَ، أخرجه التِّرْمِذيُّ (26)، وابنُ ماجَهْ، والطَّبَرانيُّ في (الدعاء 373)، وابنُ شاهينَ في (فضائل الأعمال 94)، وابنُ عساكرَ، وابنُ الجَوزيِّ في (التحقيق 118).

* الحسنُ بنُ أبي جعفرٍ، أخرجه الطَّيالِسيُّ (240).

* سُلَيمانُ بنُ بلالٍ، وقد اختُلِفَ عليه فيه:

فرواه أبو عُبيدٍ في (الطهور) عن سعيدِ بنِ أبي مريمَ، عن سُلَيمانَ بنِ بلالٍ، به بنحو رواية يزيدَ بنِ عِياضٍ، والحسنِ بنِ أبي جعفرٍ.

والوجه الثاني في الاختلافِ سيأتي ذكرُه في الكلامِ على الطريقِ الثاني.

الوجه الثاني:

أخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (العلل 678)، من طريقِ سُوَيدِ بنِ سعيدٍ، عن حفصِ بنِ مَيْسرةَ [وهذا هو الوجه الثاني من الاختلافِ على حفصٍ].

وأخرجه أحمدُ (27146)، والطَّبَرانيُّ في (الدعاء 376)، من طريقِ أبي مَعْشَرٍ يوسفَ بنِ يَزيدَ البراء.

ص: 425

وذكره الدَّارَقُطنيُّ في (العلل 678)، من طريقِ إسحاقَ بنِ حازمٍ.

ثلاثتُهم عن عبدِ الرحمنِ بنِ حَرْمَلةَ، عن أبي ثِفَالٍ المُرِّيِّ، عن رَبَاحِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ حُوَيْطِبٍ، عن جدته، قالت: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول:

الحديثَ.

هكذا ذكروه دون ذكر أبيها.

وأخرجه الطَّحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 27)، والحاكمُ في (المستدرك 6899)، وابنُ شاهينَ في (فضائل الأعمال 95)، من طريقِ سعيدِ بنِ كَثِيرِ بنِ عُفَيرٍ، عن سُلَيمانَ بنِ بلالٍ، عن أبي ثِفالٍ المُرِّيِّ بنحوه.

[وهذا هو الوجه الثاني من أوجه الاختلاف على سُلَيمانَ بنِ بلالٍ].

الوجه الثالث:

أخرجه العَدَنيُّ في (الإيمان 62)، والدُّولابيُّ في (الكنى 657)، وابنُ عساكرَ في (تاريخ دمشق 18/ 27)، من طريقِ حمَّادِ بنِ سلَمةَ، نا صدقةُ -مولى ابنِ الزُّبَيرِ-، عن أبي ثِفَالٍ، عن أبي بكرِ بنِ حُوَيْطِبٍ مرسَلًا.

الوجه الرابع:

أخرجه الطَّحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 26)، قال: حدثنا محمدُ بنُ عليِّ بنِ داودَ البغداديُّ، قال: ثنا عفَّانُ بنُ مسلمٍ، قال: ثنا وُهَيبٌ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ حَرْمَلةَ، أنه سمِع أبا ثِفَالٍ المُرِّيَّ يقول: سمِعتُ رَباحَ بنَ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي سُفيانَ بنِ حُوَيْطِبٍ، يقول: حدثتني جدتي، أنها سمِعَتْ أبا هريرةَ، به.

ص: 426

فجعله من مسندِ أبي هريرةَ رضي الله عنه.

والحديثُ محفوظٌ عن عَفَّانَ من حديثِ سعيدِ بنِ زيدٍ، كما سبقَ في الوجهِ الأولِ.

الوجه الخامس:

أخرجه الطَّحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 27)، من طريقِ محمدِ بنِ سعيدٍ قال: أنا الدَّراوَرْديُّ، عنِ ابنِ حَرْمَلةَ، عن أبي ثِفَالٍ المُرِّيِّ، عن رَباحِ بنِ عبدِ الرحمنِ العامريِّ، عنِ ابنِ ثَوْبانَ، عن أبي هريرةَ، به.

وأخرجه الطَّبَرانيُّ في (الدعاء 378)، من طريقِ محمدِ بنِ سعيدٍ الأَصبَهانيِّ أيضًا وإبراهيمَ بنِ حمزةَ الزُّبَيريِّ، كلاهما عنِ الدَّراوَرْديِّ، عن أبي ثِفَالٍ المُرِّيِّ، قال: سمِعتُ رَباحَ بنَ عبدِ الرحمنِ بنِ حُوَيطبٍ، يحدِّثُ عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ ثَوْبانَ، عن أبي هريرةَ، به.

فأسقطَ منَ الإسنادِ عبدَ الرحمنِ بنَ حَرْمَلةَ.

والدَّراوَرْديُّ متكلَّمٌ في حفظه؛ وقال عنه الحافظ: "صدوقٌ، كان يحدِّثُ من كتبِ غيرِهِ فيُخطئُ"(تقريب التهذيب 4119).

الوجه السادس: ذكره الدَّارَقُطنيُّ في (العلل 678)، عنِ الدَّراوَرْديِّ، عن أبي ثِفالٍ، عن رَباحٍ، عنِ ابنِ ثوبانَ مرسلًا.

والراجحُ الوجه الأول؛ لأنه روايةُ الجماعةِ؛ ولذا قال الدَّارَقُطنيُّ: "والصحيحُ قولُ وُهَيبٍ، وبِشْرِ بنِ المُفَضَّل، ومَن تابَعَهما"(علل الدَّارَقُطنيّ 678).

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: أبو ثِفَالٍ؛ فقد جهَّلَه أبو حاتم وأبو زُرْعةَ، وَضَعَّفَهُ غيرُهما، وسبقَ

ص: 427

الكلامُ فيه بتوسعٍ تحتَ حديثِ أبي هريرةَ.

الثانية: رَباحُ بنُ عبدِ الرحمنِ؛ مجهولٌ، قاله أبو حاتم وأبو زُرْعةَ، وسبقَ الكلامُ فيه تحتَ حديثِ أبي هريرةَ.

وجدةُ رَباحٍ؛ اسمُها كما في روايةِ الحاكمِ (6899): (أسماء بنت سعيد بن زيد بن عمرو).

وقال البَيْهَقيُّ: "وجدة رباح هي أسماءُ بنتُ سعيدِ بنِ زيدِ بنِ عَمرِو بنِ نُفَيلٍ"(السنن الكبرى 194).

وبذلك يُتعَقَّبُ على ابنِ حِبَّانَ في قوله: "وابنة سعيد بن زيد ليس يُدرَى (ما) اسمُها"(الثِّقات 8/ 158).

وذكر أبو عُبَيدٍ القاسمُ بنُ سَلَّامٍ في (الطهور صـ 150)، أن بعضَ أهلِ الحديثِ كان يطعنُ في إسنادِهِ؛ لمكان المرأةِ المجهولةِ".

وقال عنها ابنُ القَطَّانِ: "في إسنادِ هذا الكلامِ ثلاثةُ مجاهيلِ الأحوالِ:

أولهم: جدةُ رَباحٍ؛ فإنها لا تعرفُ بغيرِ هذا، ولا يُعرَفُ لها اسمٌ ولا حالٌ، وغايةُ ما تعرفنا بهذا أنها ابنة لسعيدِ بنِ زيدٍ رضي الله عنه

" (بيان الوهم 3/ 314).

ولكن تَعقَّبَه الحافظُ بقوله: "كذا قال، فأما هي فقد عُرِفَ اسمُها من روايةِ الحاكمِ، ورواه البَيْهَقيُّ أيضًا مصرحًا باسمها. وأما حالها فقد ذُكِرَتْ في الصحابةِ، وإن لم يثبتْ لها صحبةٌ فمِثْلُها لا يُسألُ عن حالها"(التلخيص 1/ 127).

وقال في (الإصابة 13/ 126): "لها ولأبيها صحبةٌ".

ص: 428

وقال في (التقريب 8527): "ويقال: إن لها صحبةً".

وقال الحافظُ أيضًا: "أبو ثِفَال: اسمه ثمامة بن وائل بن حصين، ونَسَبَه التِّرْمِذيُّ إلى جده، وهو موثَّقٌ، وشيخُه رَباح لا نَعرِف عنه راويًا سوى أبي ثِفال. وأما جدته فقد وقع في بعض طُرُقه أنها أسماءُ، وأن لها صحبةً، فلم يبقَ في رجالِ الإسنادِ من يُتوقَّفُ فيه سوى رَباحٍ، وقد تقدَّمَ النقل عنِ البُخاريِّ أن حديثَهُ هذا أحسنُ أحاديثِ البابِ". (نتائج الأفكار 1/ 230).

والحديثُ ضعَّفَه جماعةٌ من أهلِ العلمِ، منهم:

1 -

أحمدُ بنُ حَنبَلٍ؛ فقد ساقَ العُقَيليُّ بسندِهِ إلى أحمدَ بنِ محمدِ بنِ هانئٍ، قال: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ أحمدَ بنِ حَنبَلٍ: التسميةُ في الوُضُوءِ؟ فقال: "أحسنُ شيءٍ فيه حديثُ رُبَيحِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي سعيدٍ، عن أبيه، عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ". قلتُ: فحديثُ عبدِ الرحمنِ بنِ حَرْمَلةَ؟ قال: "لَا يثبُتُ"(الضُّعفاء 1/ 369).

وفي (الأوسط لابنِ المُنْذِرِ 2/ 10): ((وكان أحمدُ يقولُ: "لا أعلمُ فيه حديثًا له إسنادٌ جيِّدٌ". وضعَّفَ حديثَ ابنِ حَرْمَلةَ، وقال: ليسَ هذا حديثٌ أَحكُمُ به)).

2 -

البُخاريُّ، حيثُ قال:"أبو ثِفَالٍ المُرِّيُّ، عن رَباحِ بنِ عبدِ الرحمنِ؛ في حديثِه نظرٌ". نقله عنه العُقَيليُّ في (الضُّعفاء 1/ 368)

(1)

ثُمَّ أسندَ هذا الحديثَ.

قلنا: وهذا لا يتناقضُ مع ما نقله عنه التِّرْمِذيُّ حيثُ قال: ((سألتُ محمدًا

(1)

ولم نقفْ على كلامِ البُخاريِّ في شيءٍ من كتبه المطبوعة.

ص: 429

عن هذا الحديثِ، فقال:"ليس في هذا البابِ حديثٌ أحسن عندي من هذا، ورباحُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي سفيانَ، عن جدته، عن أبيها، أبوها سعيد بن زيد"(علل الترمذي 16).

قال الصَّنعانيُّ: "لكنه ضعيفٌ؛ لأن في رواته مجهولَين"(سبل السلام 1/ 75).

قلنا: فقولهم: "أصحُّ شيءٍ في البابِ"، و"أحسنُ شيءٍ في البابِ" لا يقتضى الصحةَ والحُسن، وإنما يُقصدُ به: أَصَحُّ الضعيفِ أو أَحْسَنُه مقارنةً بغيرِهِ.

ولذا قال ابنُ القَطَّانِ: "فقد يوهم فيه أنه حسَن، وليس كذلك، وما هو إلا ضعيفٌ جدًّا، وإنما معنى كلام البُخاريِّ: إنه أحسن ما في البابِ على علته"(بيان الوهم والإيهام 3/ 313).

3، 4 - أبو زُرْعةَ وأبو حاتم، قالا:"ليس عندنا بذاك الصحيح، أبو ثِفالٍ مجهولٌ، ورَباحٌ مجهولٌ"(علل ابن أبي حاتم 129).

5 -

البَزَّارُ؛ قال: "فالخبرُ من جهةِ النقلِ لا يثبُتُ"(الإمام لابن دقيقِ العيدِ 1/ 448).

وقال أيضًا: "وحديثُ ابنِ حَرْمَلةَ رواه جماعةٌ ثقات، وأبو ثِفالٌ مشهورٌ، ورَباحٌ وجدته لا نعلمهما رَوَيَا إلا هذا الحديث"(شرح ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 340).

6 -

ابنُ حِبَّانَ؛ إذ قال في ترجمة (أبي ثفال المري): "ولكن في القلبِ من هذا الحديثِ؛ لأنه قد اختُلِفَ على أبي ثِفَالٍ فيه"(الثِّقات 8/ 158).

قلنا: وإذا كان هذا الاختلافُ هو علة الحديثِ فحسْبُ، فليستْ بمؤثرةٍ؛

ص: 430

إذ قد ترجَّحَتْ روايةُ جماعة الثِّقات على غيرهم، لكن العلة في أبي ثِفَالٍ نفْسِه.

7 -

ابنُ العربيِّ؛ قال: "وهذا الحديثُ إنما هو ضعيفٌ"(عارضة الأحوذي 1/ 43).

8 -

ابنُ الجَوزيِّ؛ ضعَّفَه، وذكرَ أنه حديثٌ لا يثبتُ (العلل المتناهية 1/ 338).

9 -

الذَّهَبيُّ، قال:"أبو ثِفَالٍ هو ثمامةُ بنُ وائلٍ، ما هو بقويٍّ، ولا إسنادُه يمضي"(ميزان الاعتدال 4/ 508).

10 -

ابنُ القَطَّانِ الفاسيُّ؛ إذ قال: "ضعيفٌ جدًّا"(بيان الوهم 1062).

وتساهَلَ في تصحيحِ هذا الحديثِ: ابنُ السَّكَنِ، فذكره في (صحاحه) كما في (البدر المنير 2/ 84).

ورمزَ له السُّيوطيُّ بالصحةِ في (الجامع الصغير 9895)، وقال الألبانيُّ:"حسن"(صحيح الترمذي 25)، (صحيح الترغيب 204)، والظاهرُ أنهما يعنيان: في الشواهدِ، وقد سبقَ الكلامُ عن اختلافِ النُّقَّادِ تجاه ثبوت الحديث بالشواهدِ مِن عدمه.

ص: 431

رِوَايَةٌ بِزِيَادَة: لَا يُؤْمِنُ بِي

• وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةٍ فِي آخِرِهِ: «

وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِي، وَلَا يُؤْمِنُ بِي مَنْ لَا يُحِبُّ الأَنْصَارَ».

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ.

[التخريج]:

[حم 16651، 16652، 23236، 27145، 27146 - 27147 (واللفظ له) / طي 239 (مقتصرًا على الزيادة) / طع 374 - 377/ قط 225 - 227/ مقط (2/ 1029) / هق 195، 196/ جر 1125 "مختصرًا"/ مش 630/ شا 228/ تعظ 482، 483 (مقتصرًا على الزيادة) / طوسي 24/ ضيا (3/ 303/ 1104) / عفان 15، 198/ معل 250/ متحا 85/ كر (18/ 26) / عق (1/ 369) / مسد (خيرة 547/ 2) / فكر (1/ 227، 228)].

[السند]:

قال أحمد (27147): حدثنا عفَّانُ، قال: حدثنا وُهَيبٌ، قال: حدثنا عبدُ الرحمنِ بنُ حَرْمَلةَ، أنه سمِعَ أبا ثِفَالٍ يحدِّثُ، يقول: سمِعتُ رَباحَ بنَ عبدِ الرحمنِ -ولم يقل عفانُ مَرَّةً: ابن أبي سفيانَ بنِ حُوَيْطِب-، يقول: حدثتني جدتي، أنها سمِعَتْ أباها يقول: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول:

فذكره.

[التحقيق]:

تقدَّمَ الكلامُ على هذا الإسنادِ، وبيَّنَّا أنه ضعيفٌ.

وقال الحافظُ عن هذا الحديثِ بهذه الزيادةِ: "غريبٌ"(نتائج الأفكار 1/ 228).

ص: 432

وقال الهيثميُّ: "رواه أبو داودَ وابنُ ماجَهْ خاليًا عن ذكرِ الأنصارِ. ورواه أحمدُ، وفيه: أبو ثِفَالٍ المُرِّيُّ، وهو ضعيفٌ"(مجمع الزوائد 16523).

وتساهَلَ فيه العِراقيُّ، فقال:"هذا حديثٌ حسَنٌ، أخرجه التِّرْمِذيُّ وابنُ ماجَهْ، دون ذكر الأنصار فيه"(محجة القرب إلى محبة العرب صـ 249).

وكذلك حَسَّنَهُ ابنُ حَجَرٍ الهَيْتميُّ في (مبلغ الأرب في فخر العرب صـ 55).

[تنبيه]:

أخرجَ الحديثَ الشَّاشيُّ في (مسنده)، قال: حدثنا محمدُ بنُ عليٍّ الوَرَّاقُ، نا عفَّانُ، نا وُهَيبٌ، نا عبدُ الرحمنِ بنُ حَرْمَلةَ، أنه سمع (أبا غالب) بدلًا من (أبي ثِفَال). وأخرجه الضِّياءُ من طريقِ الشاشيِّ به، إلا أنه تحرَّفَ عنده (وُهَيب) إلى (زهير).

قال الضِّياءُ: "كذا ذكره، والمعروفُ أبو ثِفَالٍ المُرِّيِّ بدلَ أبي غالب". وأقَرَّه ابنُ حَجَرٍ في (التلخيص الحبير 1/ 127)، وانظر:(لسان الميزان 9002).

وقال ابنُ عبدِ الهادِي: "كذلك رواه عفَّانُ: (عبد الرحمن بن حَرْمَلة، سَمِع أبا غالب) وهو غلَط، والصواب: (سمِع أبا ثِفَال) "(تعليقة على العلل لابن أبي حاتم صـ 142).

ص: 433

رِوَايَةٌ فِيهَا الإِيمَانُ بِالقَدَرِ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةٍ فِي آخِرِهِ: «

وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ عز وجل مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالقَدَرِ».

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، ومعنى الزيادة صحيح؛ فالإيمانُ بالقدرِ من الإيمانِ باللهِ.

[التخريج]:

[فضش 96].

[السند]:

قال ابنُ شاهينَ: حدثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ بنِ عيسى، نا العبَّاسُ بنُ يَزيدَ، نا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، نا عبدُ الرحمنِ بنُ حَرْمَلةَ، عن أبي ثِفالٍ، عن رَباحِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي سفيانَ بنِ حُوَيْطبٍ، أنه سمع جدته، تحدثُ عن أبيها -وبلَغَنا أنه سعيد بن زيد-، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ تقدَّمَ الكلامُ عليه، إلا أن العبَّاسَ بنَ يَزيدَ، هو البَحْرانيُّ، وهو:"صدوقٌ يُخطئُ" كما في (التقريب 3194)، تفرَّدَ بهذه الزيادةِ، والحديثُ محفوظٌ بدونها كما سبقَ،

والذي يظهرُ أن هذه الزيادةَ من أوهامِ البَحْرانيِّ؛ خاصَّةً أنَّ ابنَ طاهرٍ قال: "قد تُكُلِّم فيه بأشياءَ لا يجوزُ معها قَبولُ زيادته"(إكمال تهذيب الكمال 7/ 223).

هذا من حيثُ الإسنادُ، أما من حيثُ المعنى فالزيادةُ معناها صحيحٌ بلا ريب؛

ص: 434

ففي صحيح مسلم (8) عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قال:((وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالقَدَرِ))

، وفي الحديثِ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ، قَالَ:«أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَوْمِ اآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» .

ص: 435

1624 -

حَدِيثُ أَسْمَاءَ:

◼ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ سَعِيدِ بنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِي وَلَا يُحِبُّ الأَنْصَارَ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، وَضَعَّفَهُ الهيثميُّ والألبانيُّ.

[التخريج]:

[حم 27146/ ك 7092 (واللفظ له) / طح (1/ 27/ 108) / علقط (2/ 258) / فضش 95، 97].

[السند]:

رواه أحمدُ قال: ثنا يونسُ، ثنا أبو مَعْشَرٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ حَرْمَلةَ، عن أبي ثِفالٍ المُرِّيِّ، عن رَباحِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ حُوَيطبٍ، عن جدته، قالتْ: سمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

فذكره.

ورواه الحاكمُ من طريقِ سُلَيمانَ بنِ بلالٍ، عن أبي ثِفالٍ المُرِّيِّ، به.

ومداره عندَ الجميعِ على أبي ثِفالٍ، به.

[التحقيق]:

إسنادُهُ ضعيفٌ كما تقدَّمَ، وأسماءُ إنما سمِعَتْه من أبيها.

قال الهيثميُّ: "رواه أحمدُ عنها نفْسِها، قالتْ: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ورواه عنها عن أبيها، والله أعلم. وفيه أبو ثِفالٍ؛ قال البُخاريُّ: في حديثِه نظرٌ. وبقية رجاله رجال الصحيح"(مجمع الزوائد 1158).

وقال الألبانيُّ: "وذِكْرُه -أي: عُبيد الله بن سعيد- سماعَ أسماءَ بنتِ سعيدٍ

ص: 436

منه صلى الله عليه وسلم منكرٌ جدًّا! فالحديثُ رواه غيرُ واحدٍ عن أبي ثِفالٍ به عنها، عن أبيها، قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم

فذكر بعضَه. أخرجه التِّرْمِذيُّ وغيرُهُ" (الضعيفة 4806).

وانظر الحديث السابق.

ص: 437

1625 -

حَدِيثُ أَبِي بَكْرِ بنِ حُوَيطبٍ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ حُوَيطبٍ -مُرْسَلًا- بِلَفْظِ: «لَمْ يُؤْمِنْ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي، وَلَا صَلَاةَ إِلَّا بِوُضُوءٍ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا؛ وَضَعَّفَهُ التِّرْمِذيُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ عساكر.

[التخريج]:

[لا 657].

[السند]:

أخرجه الدُّولابيُّ، قال: حدثنا القاضي ابنُ البَرقي، قال: ثنا أبو سلَمةَ موسى بنُ إسماعيلَ، قال: ثنا حمادُ بنُ سلمةَ، قال: أنبأ صدقةُ، عن أبي ثِفالٍ، عن أبي بكرِ بنِ حُوَيطبٍ، به مرسلًا.

وقد رواه وَكِيعٌ، عن حمادٍ، ولكن بلفظٍ آخَرَ، ليس فيه موضعُ الشاهد من البابِ،

فرواه العَدَنيُّ في (الإيمان 62) عن وَكِيعٍ، قال: حدثنا حمادُ بنُ سلمةَ، عن صدقةَ مولى الزُّبيرِ، عن أبي ثِفالٍ، عن أبي بكرِ بنِ حُوَيطبٍ، به بلفظ:«لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ، وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ» .

وأخرجه الخَلَّالُ في (السُّنَّةِ 1195)، عن أحمدَ، عن وَكيعٍ، قال: ثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن صدقةَ مولى آل الزُّبَيرِ، عن أبي ثِفالٍ، به مختصرًا بلفظ:«لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ» .

كذا وقعَ فيه: "حمادُ بنُ زيدٍ"، وهو خطأٌ، فالحديثُ لحمادِ بنِ سلَمةَ كما

ص: 438

جَزَمَ به التِّرْمِذيُّ في (العلل صـ 32)، والدَّارَقُطنيُّ في (العلل 678).

وكذا رواه ابنُ بَطَّةَ (1079) من طريقِ أحمدَ، ومحمدِ بنِ إسماعيلَ الواسِطيِّ.

ورواه ابنُ عساكرَ (18/ 27) من طريقِ يحيى بنِ حسَّانَ، ثلاثتهم عن وكيعٍ، قال: حدثنا حمادُ بنُ سلمةَ، عن صدقةَ مولى ابنِ الزبيرِ، عن أبي ثِفالٍ، به. واختصره ابنُ بَطَّة.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ مسلسَلٌ بالعِلَلِ:

الأولى والثانية: أبو بكرِ بنُ حُوَيطبٍ، هو رَباحُ بنُ عبدِ الرحمنِ؛ وقد تقدَّمَ أنه تابعيٌّ مجهولٌ، فحديثُه -مع جهالتِهِ- مرسَلٌ.

الثالثة: صدقةُ مولى آل الزُّبيرِ؛ قال الدَّارَقُطنيُّ: "مجهولٌ"(العلل المتناهية 1/ 338).

الرابعة: أبو ثِفالٍ المُرِّيُّ؛ جهَّلَه أبو حاتم وأبو زُرْعةَ، وَضَعَّفَهُ غيرُهما، كما تقدَّمَ.

والحديثُ أَعَلَّه التِّرْمِذيُّ بالإرسالِ فقط، فقال:"وهذا حديثٌ مرسَلٌ"(العلل الكبير 16).

قال البَيْهَقيُّ عَقِبَه: "وأبو ثِفالٍ ليس بالمعروفِ"(السنن الكبرى 1/ 135).

وقال ابنُ عساكرَ عَقِبَ روايةِ وَكِيعٍ: "هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجهِ، وصدقةُ هذا لم يُنسَبْ"(تاريخ دمشق 18/ 27).

* * *

ص: 439

1626 -

حَدِيثُ أَبِي سَبْرَةَ

◼ عَنْ أَبِي سَبْرَةَ رضي الله عنه: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فِي سَاعَةٍ لَا صَلَاةَ فِيهَا إِلَى المَسْجِدِ، فَجَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ سَاكِتًا، فَتَدَاعَى النَّاسُ لِخُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا كَثُرَ النَّاسُ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِوُضُوءٍ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُذْكَرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، أَلَا وَلَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ تَعَالَى مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِي مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقَّ الأَنْصَارِ رضي الله عنهم»، ثُمَّ نَزَلَ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ؛ وَضَعَّفَهُ: أبو القاسمِ البَغَويُّ، والهيثميُّ، وابنُ حَجَرٍ، والشَّوْكانيُّ. وقال الذَّهَبيُّ:"حديثٌ منكَرٌ". واستغربه ابنُ حَجَرٍ الهَيْتميُّ.

[التخريج]:

[طب (22/ 296/ 755) / طس 1115/ طع 381/ لا 215/ مث 873 (واللفظ له)، 1725 "مختصرًا"/ صبغ (فكر 1/ 234) / سكنص (إصا 2/ 661) / صمند (2/ 890) / صحا 6831/ شيو 611/ نجار (16/ 155) / طبش (9/ 356) / فكر (1/ 233 - 234)].

[السند]:

رواه الطَّبَرانيُّ في (الكبير) -وعنه أبو نُعَيمٍ في (الصحابة) -، قال: حدثنا أحمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ عِقالٍ الحَرَّانيُّ، ثنا أبو جعفرٍ النُّفَيْليُّ (ح)

وحدثنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحَضْرَميُّ، ثنا شُعَيبُ بنُ سلمةَ الأنصاريُّ، قالا: ثنا يحيى [بنُ عبدِ اللهِ]

(1)

بنِ يَزيدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أُنَيسٍ، حدثني

(1)

سقط من مطبوع (المعجم الكبير)، و (الأوسط) و (الدعاء)، وقد جاءَ على الصوابِ في (معرفة الصحابة) -وقد رواه من طريقِ الطَّبَرانيِّ وغيرِه-. وكذلك جاءَ على الصوابِ في (الآحاد والمثاني)، و (الكُنى والأسماء لابن ماكولا)، وغيرِهما.

ص: 440

(عيسى)

(1)

بنُ سَبْرةَ، [عن أبيه]

(2)

، عن جده أبي سَبْرةَ، به.

ورواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط)

(3)

، و (الدعاء): عنِ ابنِ عِقالٍ، به.

ورواه الدُّولابيُّ من طريقِ أبي جعفرٍ النُّفَيليِّ، قال: ثنا يحيى بنُ عبدِ اللهِ بنِ يَزيدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أُنَيسٍ الجُهَنيُّ -لا بأسَ به، ما كان أحسنَ عليه الثَّناء-، قال: حدثني عيسى بنُ سَبْرةَ، به.

ورواه ابنُ أبي عاصمٍ، عن الصَّلْتِ بنِ مسعودٍ، نا يحيى بنُ عبدِ اللهِ بنِ يَزيدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أُنَيسٍ، نا عيسى بنُ أبي سَبْرةَ -مولًى لقُريشٍ- عن أبيه، عن جده، به.

وأخرجه ابنُ السَّكَنِ كما في (الإصابة 1900) من طريقِ النُّفَيليِّ، عن يحيى، عن عيسى بنِ سَبْرةَ بنِ حَيَّانَ مولَى قريشٍ، عن أبيه، عن جده، به.

والحديثُ مَدارُه عندَهم على يحيى، به

(4)

.

(1)

وقع في مطبوع (المعجم الكبير) -تبعًا لأصله (نسخة كوبلي ق 6/ ب) -: "عبد الله"، وهو خطأٌ، وقد جاءَ على الصوابِ في (الأوسط) و (الدعاء)، وبقية المصادرِ.

(2)

((سقطَ من مطبوعِ (المعجم الكبير)، وقد جاءَ على الصوابِ في بقيةِ المصادرِ.

(3)

((تحرَّفَ اسم يحيى في مطبوع (الأوسط) إلى: "عيسى"، وقد جاءَ على الصوابِ في بقيةِ المصادرِ، والظاهرُ أنه تحريفٌ قديمٌ؛ إذ إنه وقعَ هكذا للهَيْثَمي؛ ولذا لم يعرفه.

(4)

أخرجَ الحديثَ قاضي المارَستان في (مشيخته 611)، قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الواحد بن عَلْوان، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن الحرفي، قال: حدثنا أبو بكر النَّجَّاد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن سُلَيمان، قال: حدثني شُعَيب بن سلَمةَ الأنصاريُّ، قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن يَزيدَ بن عبد الله بن أُنَيس، قال: حدثني عيسى بن سَبْرة، عن أبيه، عن جده أبي سَبرةَ

فذكر الحديث.

ومن طريق قاضي المارَستانِ أخرجه ابنُ النَّجَّارِ في (ذيل تاريخ بغداد 16/ 155)، والسُّبْكيُّ في (طبقات الشافعية 9/ 356)، إلا أنه سقط مِن إسنادِ السُّبْكيِّ:(حدثني شُعَيب بن سلمة الأنصاري، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن يَزيدَ بن عبد الله بن أُنيس)، فصارَ من رواية محمد بن عبد الله عن عيسى بن سَبْرةَ! ! .

ص: 441

قال الطَّبَرانيُّ: "لا يُروَى هذا الحديثُ عنِ ابنِ سَبْرةَ إلا بهذا الإسنادِ".

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: عيسى بنُ سَبْرَة؛ قال فيه أبو القاسمِ البَغَويُّ: "منكَرُ الحديثِ"(نتائج الأفكار 1/ 236).

وقال الشَّوْكانيُّ: "وفيه: عيسى بنُ سَبْرةَ بنِ أبي سَبْرةَ؛ وهو ضعيفٌ"(النيل 1/ 167).

والثانية: أبوه سَبْرةَ؛ لم نجدْ مَن ترجمه، وسمَّاه ابنُ السَّكَنِ في روايتِهِ:"سبرة بن حيان مولى قريش". قال الحافظُ: "ولم أره سُمِّي إلا في روايةِ ابنِ السَّكَنِ هذه"(الإصابة 2/ 661).

قلنا: ذكرَ الحافظُ في ترجمةِ مَعْبَدِ بنِ عَوْسَجةَ الجُهَنيِّ والدِ سَبْرةَ بنِ مَعْبَدٍ، أن الذَّهَبيَّ ذهبَ إلى أن أبا سَبْرةَ هذا هو جدُّ عيسى بنِ سَبْرةَ بنِ أبي سَبْرةَ الراوي عن أبيه عن جده، انظر (الإصابة 10/ 252).

فلو صحَّ ذلك، فهو صحابيٌّ ابنُ صحابيٍّ، لكنْ عَلَّقَ الحافظُ على ما ذهبَ إليه الذَّهَبيُّ فقال:"وقال غيرُهُ: إنه الجُعْفِيُّ، وهو الأظهرُ".

ص: 442

وقال الهيثميُّ: "رواه الطَّبَرانيُّ في (الكبير)، وفيه: يحيى بنُ أبي يزيدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أُنيَسٍ، ولم أَرَ مَن ترجمهُ"(مجمع الزوائد 1155).

كذا قال، وقد سبقَ أن اسمه محرَّفٌ، ولذا لم يعرفْه الهيثميُّ، وإنما هو: يحيى بن عبد الله بن يَزيدَ بن عبد الله بن أُنَيس، من رجالِ التهذيبِ، قال عنه الحافظُ:"صدوقٌ"(التقريب 7590).

وقال الهيثميُّ في موضعٍ آخَرَ: "رواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط)، وعيسى بنُ سَبرةَ، وأبوه، وعيسى بنُ يَزيدَ، لم أَرَ مَن ذكرَ أحدًا منهم"(مجمع الزوائد 1157).

كذا قال، وقد بيَّنَّا أن فيه تحريفًا، وأن صوابَه: يحيى بنُ عبد الله بن يَزيدَ.

وقال الذَّهَبيُّ: "حديثٌ منكرٌ"(تجريد أسماء الصحابة 1992).

وضَعَّفَ الحديثَ ابنُ حَجَرٍ في (التلخيص الحبير 1/ 128)، وقال عنه أيضًا:"هذا حديثٌ غريبٌ"(النتائج 1/ 234)، وكذلك حَكَمَ عليه بالغرابةِ ابنُ حَجَرٍ الهَيْتَميُّ في (مبلغ الأرب في فخر العرب صـ 55).

ص: 443

1627 -

حَدِيثُ أُمِّ سَبْرَةَ

◼ عَنْ أُمِّ سَبْرَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عز وجل، وَلَا يُؤْمِنُ بِي مَنْ لَا يُحِبُّ الأَنْصَارَ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ المستغفريُّ -وتَبِعَه أبو موسى المدينيُّ-، والذَّهَبيُّ، وابنُ حَجَرٍ، والعَيْنيُّ، والشَّوْكانيُّ.

[التخريج]:

[مديني (صحابة- أسد 7/ 326، إصابة 12185)].

[السند]:

أخرجه أبو موسى المَدِينيُّ في (الذيل): من طريقِ محمدِ بنِ إسحاقَ الثَّقَفيِّ، عن قُتَيْبةَ، عن رِشْدِين بنِ سعدٍ، عن أبي بكرٍ الأنصاريِّ، عن سَبْرةَ، عن أمه، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه:

* رِشْدِين بنُ سعدٍ؛ "ضعيفٌ، رجَّحَ أبو حاتم عليه ابنَ لَهِيعةَ، وقال ابنُ يونسَ: كان صالحًا في دينه فأدركَتْهُ غفلةُ الصالحين، فخلط في الحديثِ"(التقريب 1942).

* وأبو بكرٍ الأنصاريُّ، وسَبْرةُ؛ لم نَعرِفْهما.

* وأمُّ سَبْرةَ، ذكرها أبو موسى في (الذيل)، عن المُسْتَغْفِريِّ، وَسَاقَ لها هذا الحديث، ثُمَّ قال أبو موسى المَدينيُّ:"في إسنادِ حديثِها نظرٌ" (الإصابة

ص: 444

12185).

وكذا قال ابنُ الأثيرِ في صدرِ ترجمتها من (أُسْد الغابة 7/ 326).

وهذا القولُ إنما نقله أبو موسى عن المُسْتَغْفِريِّ، فقد ذكر مُغْلَطايُ هذا الحديث

(1)

، وقال:"ذكره أبو موسى، وقال: قال جعفر: "في إسنادِهِ نظرٌ" (الإعلام 1/ 348).

وجعفرٌ هو الحافظُ أبو العبَّاسِ المُسْتَغْفِريُّ.

وقال الذَّهَبيُّ: "أم سبرة لها حديثٌ لا يصحُّ"(تجريد أسماء الصحابة 3893).

وَضَعَّفَهُ الحافظُ في (التلخيص 1/ 128)، والعَيْنيُّ في (البناية 1/ 191)، والشَّوْكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 165).

(1)

وتحرَّفَ في المطبوع من (الإعلام) إلى: "ابن سبرة"! ! .

ص: 445

1628 -

حَدِيثُ عَلِيٍّ:

◼ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا؛ وَضَعَّفَهُ ابنُ عَدِيٍّ، وأقَرَّه: ابنُ دَقيقٍ، ومُغْلَطايُ، وابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ حَجَرٍ، والعَيْنيُّ.

[التخريج]:

[عد (8/ 223)].

[السند]:

قال ابنُ عَدِيٍّ: حدثنا محمدُ بنُ عليِّ بنِ مَهْديٍّ العَطَّارُ، حدثنا الحسنُ بنُ محمدِ بنِ أبي عاصمٍ، حدثنا عيسى بنُ عبدِ اللهِ، عن أبيه، عن جده، عن عليٍّ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه: عيسى بنُ عبد الله بن محمد بن عُمر بن عليِّ بن أبي طالبٍ؛ قال عنه الدَّارَقُطنيُّ: "متروكُ الحديثِ"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"يروي عن آبائه أشياءَ موضوعة". انظر (لسان الميزان 5934).

ولذا قال ابنُ عَدِيٍّ -بعد أن خرَّجه-: "وبهذا الإسنادِ أحاديثُ حدثناه ابنُ مَهْديٍّ ليستْ بمستقيمةٍ".

وأقَرَّه: ابنُ دقيقٍ في (الإمام 1/ 452)، ومُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 348)، وابنُ المُلَقِّنِ في (البدر المنير 2/ 88)، وابنُ حَجَرٍ في (نتائج الأفكار 1/ 233)، والعَيْنيُّ في (البناية 1/ 192).

ص: 446

1629 -

حَدِيثُ سَهْلِ بنِ سعدٍ:

◼ عَنْ سَهْلِ بنِ سعدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ [فِي صَلَاتِهِ]، وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُحِبُّ الأَنْصَارَ» .

[الحكم]:

منكرٌ بهذا السياقِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وَضَعَّفَهُ: الدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ دَقيقٍ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذَّهَبيُّ، وابنُ القَيِّمِ، وابنُ كَثيرٍ، والزَّيْلَعيُّ، والبُوصيريُ، والعَيْنيُّ، والسَّخاويُّ، والسُّيوطيُّ، وابنُ حَجَرٍ الهيتميُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[جه 404 (واللفظ له) / ك 992 (والزيادة له) / طب 5699/ ني 1098/ طع 382/ قط 1342 مختصرًا/ هق 4024/ قربة 26 مختصرًا، 30/ تمهيد (16/ 196) مختصرًا/ إعلام 136، 210 مختصرًا/ فكر (1/ 232 - 233)].

انظر تحقيقه عَقِبَ السِّياقة التالية.

ص: 447

رِوَايَة: وَلَا يُؤْمِنُ بِاللهِ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِي

• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:«لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِي، وَلَا يُؤْمِنُ بِي مَنْ لَا يُحِبُّ الأَنْصَارَ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[سمك (الثاني 11)].

[التحقيق]:

هذا الحديثُ مدارُ إسنادِهِ على عبَّاسِ بنِ سهلٍ، ورُوِيَ عنه من طريقِين:

الطريق الأول:

أخرجه ابنُ ماجَهْ قال: حدثنا عبدُ الرحمنِ بنُ إبراهيمَ، ثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، عن عبدِ المهيمنِ بنِ عبَّاسِ بنِ سهلِ بنِ سعدٍ الساعِدي، عن أبيه، عن جده، به.

وعبدُ الرحمنِ بنُ إبراهيمَ هو دُحَيم الحافظ.

وقد رواه ابنُ أبي عاصمٍ في (الصلاة على النبي 80)، والطَّبَرانيُّ في (الكبير 5698)، وابنُ عبدِ البرِّ في (التمهيد 16/ 196)، وابنُ بَشْكُوالٍ في (القربة 26) من طريقِ دُحَيمٍ بسندِهِ، إلا أن لفظَ الطَّبَرانيِّ وابن أبي عاصم:«لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» . وهذا لفظٌ غريبٌ، وغيرُ محفوظٍ كما بيَّنَّاه في موضعه.

واقتصرَ ابنُ عبدِ البرِّ وابنُ بَشْكُوالٍ من المتنِ على قولِه: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ

ص: 448

يُصَلِّ [فِيهَا] عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم».

وتُوبِع ابنُ أبي فُدَيكٍ على اللفظِ الذي رواه ابنُ ماجَهْ:

فأخرجه الرُّويانيُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ بَشْكُوالٍ في (القربة 30)، والنُّمَيريُّ في (الإعلام)، من طريقِ عليِّ بنِ بحر، عن عبدِ المهيمنِ بنِ عبَّاسِ بنِ سهلٍ، به، إلا أن الدَّارَقُطنيَّ والنُمَيريَّ اقتصرَا منه على قولِه:«لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم» .

ورواه ابنُ السَّمَّاك في (الثاني من الفوائد المنتقاة 11) من طريقِ عُبَيْسِ بنِ مَرْحُومٍ العَطَّار، ثنا عبدُ المهيمنِ، به بلفظِ السِّياقة الثانية.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: عبدُ المهيمنِ بنُ عبَّاسٍ؛ قال البُخاريُّ وأبو حاتم: "منكَرُ الحديثِ"، وقال النَّسائيُّ:"ليسَ بثقةٍ"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"لما فحش الوهَمُ في روايتِهِ؛ بَطَلَ الاحتجاجُ به"، وقال السَّاجيُّ:"عنده نسخةٌ عن أبيه عن جده فيها مناكيرُ"(تهذيب التهذيب 810).

وقصَّرَ الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 1342)، حيثُ قال عَقِبَه:"عبدُ المهيمنِ ليس بالقويِّ".

وتَبِعَه محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ النُّميريُّ في (الإعلام بفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والسلام 136)، والغَسَّانيُّ في (تخريج الأحاديث الضعاف 325)، وابنُ الجَوزيِّ في (التحقيق 5430)، وزادَ فقال:"وقال ابنُ حِبَّانَ: لا يُحتجُّ به".

وقال البَيْهَقيُّ عَقِبَه: "وعبدُ المهيمنِ ضعيفٌ لا يُحتجُّ برواياته"(السنن الكبرى 3967).

وكذا قال النُّميريُّ عَقِبَ الموضع الثاني من (الإعلام 210): "تفرَّدَ به

ص: 449

عبدُ المهيمنِ، وهو ضعيفٌ".

وبه أَعَلَّه: ابنُ دَقيقٍ في (الإمام 1/ 449)، وابنُ رجبٍ في (الفتح 7/ 354)، وابنُ عبدِ الهادِي في (تنقيح التحقيق 1/ 181)، وابنُ القَيِّمِ في (جلاء الأفهام صـ 426).

ونقلَ ابنُ عبدِ البرِّ عن بعضِ علماءِ الشافعيةِ أنهم قالوا عن هذا الحديثِ: "في إسنادِهِ ضعفٌ"(التمهيد 16/ 195).

وضعَّفَ إسنادَه: مُغْلَطايُ في (شرح سنن ابن ماحه 1/ 345)، والبُوصيريُّ في (إتحاف الخيرة 1/ 327)، والسَّخاويُّ في (القول البديع صـ 176).

ورمز له السُّيوطيُّ بالضعفِ في (الجامع الصغير 9935). وَضَعَّفَهُ ابنُ حَجَرٍ الهيتميُّ في (الدر المنضود صـ 200).

ووهِمَ الحاكمُ فأخرجه في (المستدرك)، ثُمَّ قال:"لم يُخَرَّج هذا الحديث على شرطهما؛ فإنهما لم يُخَرِّجا عبدَ المهيمن".

وتَعقَّبَه الذَّهَبيُّ وابنُ المُلَقِّنِ، فقالا:"عبدُ المهيمنِ واهٍ"(تلخيص المستدرك 1/ 269)، (البدر المنير 4/ 14).

قلنا: وقد قال الحاكمُ نفْسُه في عبدِ المهيمنِ: "روَى عن آبائِهِ أحاديثَ موضوعة"(المدخل 136).

وقد أشارَ بعضُهم إلى تقويتِهِ بوجودِ متابِع له،

فقال البُوصيريُّ: "ضعيفٌ؛ لاتِّفاقهم على ضعفِ عبدِ المهيمنِ

لكن لم ينفردْ به عبدُ المهيمنِ، فقد تابَعه عليه أُبَيٌّ -أخو عبدِ المهيمن- كما رواه الطَّبَرانيُّ في (المعجم الكبير) " (مصباح الزجاجة 166).

ص: 450

وقال ابنُ حَجَرٍ: "وأما حديثُ سهلِ بنِ سعدٍ فرواه ابنُ ماجَهْ، والطَّبَرانيُّ، وهو من طريقِ عبدِ المهيمنِ بنِ عبَّاس بنِ سَهْلٍ، عن أبيه، عن جده، وهو ضعيفٌ. لكن تابَعَه أخوه أُبَيُّ بنُ عبَّاسٍ، وهو مختلَفٌ فيه"(التلخيص الحبير 1/ 128)، وبمثله قال العَيْنيُّ في (البناية 1/ 191).

قلنا: ولكن هذه المتابعة مجرَّدُ وهَمٍ، لا يُعتَدُّ بها، كما تراه فيما يلي:

الطريق الثاني:

أخرجه الطَّبَرانيُّ في (الكبير 5699)، و (الدعاء) -ومن طريقِه ابنُ حَجَرٍ-، قال: حدثنا عبدُ الرحمنِ بنُ معاويةَ العُتْبيُّ المِصريُّ، ثنا عُبيدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ المُنْكَدِريّ، ثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، عن أُبَيِّ بنِ عبَّاسِ بنِ سَهْلِ بنِ سعدٍ، عن أبيه، عن جده، به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، ومعلولٌ؛ فيه:

أُبَيُّ بنُ عبَّاسٍ؛ ضعيفٌ، انظر:(تهذيب التهذيب 1/ 186). وقال الحافظُ: "فيه ضعف"(التقريب 281).

وعُبيدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ المُنْكَدِري، لم نقفْ له على ترجمةٍ.

وعبدُ الرحمنِ بنُ معاويةَ العُتْبيُّ، شيخُ الطَّبَرانيِّ؛ مجهولُ الحالِ. انظر (إرشاد القاصي والداني 539).

وقد أخطأَ هو أو شيخه المُنْكَدِريُّ في ذِكر أُبَيِّ بنِ عبَّاسٍ؛

فالحديثُ محفوظٌ عنِ ابنِ أبي فُدَيكٍ، عن عبدِ المهيمنِ، هكذا رواه دُحَيمٌ كما سبقَ، ودُحَيمٌ "ثقةٌ حافظٌ متقنٌ" كما في (التقريب 3793).

فروايتُهُ عنِ ابنِ أبي فُدَيكٍ أَوْلى من روايةِ المُنْكَدِريِّ المجهولِ هو

ص: 451

وتلميذه، لا سيما وقد رواه غيرُ ابن أبي فُدَيكٍ عن عبدِ المهيمنِ كما سبقَ، بينما لم يُرْوَ عن أُبَيٍّ إلا من هذا الوجهِ المجهولِ.

ولذا قال ابنُ كَثيرٍ: "عبدُ المهيمنِ هذا متروكٌ، وقد رواه الطَّبَرانيُّ من روايةِ أخيه أُبَيِّ بنِ عبَّاسٍ، ولكنْ في ذلك نظرٌ، وإنما يُعرَفُ من روايةِ عبدِ المهيمنِ، والله أعلم"(التفسير 6/ 461).

وقال ابنُ عبدِ الهادِي: "وقد رُوِيَ عنِ ابنِ أبي فُدَيكٍ، عن عبدِ المهيمنِ بنِ عبَّاسٍ، وهو أشبهُ بالصوابِ"(تنقيح التحقيق 2/ 276).

وقال ابنُ القَيِّمِ: "أما أُبَيُّ بنُ عبَّاسٍ فقد احتجَّ به البُخاريُّ في (صحيحه)، وَضَعَّفَهُ أحمدُ ويحيى بنُ مَعِينٍ وغيرُهُما، وأما أخوه عبدُ المهيمنِ فمتَّفَقٌ على ترْكِه واطِّراحِ حديثه، فإن كان عبدُ المهيمنِ قد سرقه من أخيه فلا يضرُّ الحديثَ شيءٌ، ولا ينزلُ عن درجةِ الحديثِ الحسنِ، وإن كان ابنُ أبي فُدَيكٍ أو مَن دَونه غَلِطَ مِن عبدِ المهيمنِ إلى أخيه أُبَيٍّ -وهو الأشبهُ والله أعلم؛ لأن الحديثَ معروفٌ بعبدِ المهيمنِ-، فتلك عِلَّةٌ قويةٌ فيه"(جلاء الأفهام صـ 55 - 56).

وقال الزَّيْلَعيُّ: "وحديثُ عبدِ المهيمنِ أَشْبَهُ بالصوابِ، مع أن جماعةً تكلَّموا في أُبَيِّ بنِ عبَّاسٍ، منهم الإمام أحمدُ، والنَّسائيُّ، وابنُ مَعِينٍ، والعُقَيليُّ، والدُّولابيُّ"(نصب الراية 1/ 426).

وبنحوه قال العَيْنيُّ في (البناية 2/ 275).

فالصحيحُ أن الحديثَ حديثُ عبدِ المهيمنِ، ومتابعةُ أخيه أُبَيٍّ مجرَّدُ وهَمٍ؛ فلا تنفعه.

ولم يتنبه لهذه العلةِ مُغْلَطايُ، فصَحَّحَ الحديثَ من طريقِ أُبَيٍّ، فقال: "خرَّجه

ص: 452

أبو موسى من حديثِ أُبَيِّ بنِ سهلٍ

وأُبَيٌّ أثنَى عليه جماعةٌ، وخرَّج البُخاريُّ حديثَه في (صحيحه)؛ فصَحَّ الحديثُ على هذا، والله الموفق" (شرح ابن ماجَهْ 5/ 364).

قلنا: وهذا فيه نظرٌ كبيرٌ فضلًا عما سبقَ، ففي الطريقِ إلى أُبَيِّ بنِ عبَّاسٍ مجهولان، فكيف يَصِحُّ الحديثُ مع ذلك؟ ! ! بل لا يصحُّ الجزمُ بمتابعةِ أُبَيٍّ؛ لأنها لم تثبتْ عنه.

ثُمَّ إن أُبَيَّ بنَ سَهْلٍ نفْسَه ضعيفٌ كما سبقَ، ضعَّفَه أحمدُ، وابنُ مَعِينٍ، والنَّسائيُّ، والعُقَيليُّ.

والبُخاريُّ لم يُخَرِّجْ له سوى حديثٍ واحدٍ، كما في (هدي الساري صـ 389).

وقد قال البُخاريُّ نفْسُه فيه: "ليس بالقوي"(تهذيب التهذيب 1/ 186)،

فأما قولُ ابنِ حَجَرٍ عَقِبَ طريقِ أُبَيٍّ: "هذا حديثٌ غريبٌ، أخرجه ابنُ ماجَهْ من رواية عبد المهيمن

وعبدُ المهيمنِ ضعيفٌ، وأخوه أُبَيٌّ الذي سُقْتُه مِن روايته أقوى منه" (النتائج 1/ 233).

فإنما قوَّاه هنا مقارنةً بأخيه، ولم يُرِدْ تقويتَه مطْلقًا، كيف وقد اعتَمَد القولَ بضعفه في (التقريب 281)؟ .

هذا، وقد رُوِيَ الحديثُ عن عددٍ منَ الصحابةِ كما سبقَ، ولم يَرِدْ في رواياتهم على كثرتها ما ذكر هنا من قوله:«وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ [فِي صَلَاتِهِ]، وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُحِبُّ الأَنْصَارَ» .

فهذا مِن مناكيرِ عبدِ المهيمنِ؛ ولذا ضعَّفَه الألبانيُّ في (الضعيفة 4806).

ص: 453

على أن روايةَ عُبَيْسِ بنِ مَرْحُومٍ العَطَّارِ، عن عبدِ المهيمنِ -عندَ ابنِ السَّمَّاكِ في (الثاني من الفوائد المنتقاة 11) - خاليةٌ من النكارةِ المذكورةِ في اللفظِ الذي رواه ابنُ أبي فُدَيكٍ وعليُّ بنُ بحرٍ عن عبدِ المهيمنِ، فالله أعلم.

[تنبيهان]:

الأول: ذَكَرَ الشيخُ الألبانيُّ في (الضعيفة 5/ 187) أن الرُّويانيَّ رواه في (مسنده 200/ 2) من طريقِ محمدِ بنِ عُمرَ: نا عبدُ الحكيمِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي فَرْوةَ، عن عبَّاسِ بنِ سَهْلٍ، به، ثُمَّ قال: "وهذا إسنادٌ واهٍ بمِرَّة. محمد بن عُمرَ؛ الواقِدي

فآفةُ هذه الطريقِ الواقِديُّ".

قلنا: والحديثُ لم يُرْوَ من هذا الطريقِ البَتَّةَ، وإنما وهِمَ الشيخُ بسببِ اختصارِ الرُّويانيِّ لأسانيدِهِ في هذا الموضعِ، فقد ساقَ الرُّويانيُّ الإسناد -الذي ذكره الشيخُ- مرَّةً واحدةً، ثُمَّ ذكرَ له عِدَّةَ مُتونٍ دونَ تَكرارِ السند، آخرها برقم (1094)، ثُمَّ ساقَ الرُّويانيُّ سندَ عبد المهيمن مرَّةً واحدةً، وذكر له عِدَّةَ مُتونٍ دون تَكرار السند، وفيها حديثُنَا، فظنَّ الشيخُ أن الكلَّ بنفْس سندِ الواقِديِّ.

الثاني: قال ابنُ دَقيقٍ عَقِبَ رواية: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» : "وأخشَى أن يكونَ هذا غلَطًا؛ فإن الحديثَ من روايةِ عبدِ المهيمنِ معروفٌ"(الإمام 2/ 62).

وهذه العبارةُ لا تستقيمُ مع ما قَبْلَها؛ فإنه أيضًا من روايةِ عبدِ المهيمنِ! ، ولذا احتاجَ ابنُ المُلَقِّنِ إلى شرْحِها، وتأويلها، فقال:"يعني: باللفظِ الأولِ، لا بلفظ: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ» صلى الله عليه وسلم"(البدر المنير 4/ 15).

ص: 454

قلنا: وينقدحُ في النفْسِ أن الناسخَ أخطأَ وقدَّمَ عبارةَ ابنِ دقيقٍ عن مكانها، وصوابُها أن تُذكرَ عَقِبَ طريقِ أُبَيِّ بنِ عبَّاسٍ، فيكون ابن دَقيقٍ يُخَطِّئ ذِكْرَ أُبَيٍّ في الإسنادِ، بدلالة أن الحديثَ محفوظٌ من رواية عبد المهيمن، كما قال غيرُه منَ العلماءِ، والله أعلم.

ص: 455

1630 -

حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ

◼ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِي، وَلَا يُؤْمِنُ بِي حَتَّى يُحِبَّ الأَنْصَارَ، وَلَا صَلَاةَ إِلَّا بِوُضُوءٍ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ تالفٌ، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"غيرُ محفوظٍ بهذا الإسنادِ".

[التخريج]:

[عد (9/ 593)].

[السند]:

قال ابنُ عَدِيٍّ: ثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي سفيانَ، ثنا عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ الهاشميُّ، ثنا المُنْذِرُ بنُ زيادٍ، ثنا عَمرُو بنُ دينارٍ، عن أبي نَضْرةَ، عن أبي ذَرٍّ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، تفرَّدَ به المُنْذِرُ بنُ زيادٍ؛ وقال عنه ابنُ حِبَّانَ:"كان ممن يقلبُ الأسانيدَ، وينفردُ بالمناكيرِ عنِ المشاهيرِ؛ فاستحق ترْكُ الاحتجاج به إذا انفرد"(المجروحين 1085).

وقال الدَّارَقُطنيُّ: "متروكٌ"، وقال الفَلَّاسُ:" كان كذَّابًا"، وقال السَّاجيُّ:"يحدِّثُ بأحاديثَ بواطيلَ، وأحسبه ممن كان يضعُ الحديثَ"، وقال الحاكمُ أبو أحمدَ:"لا يُتابَع في روايتِهِ"(لسان الميزان 7912).

ولذا قال ابنُ عَدِيٍّ -بعد أن أخرجه-: "وهذا بهذا الإسنادِ غيرُ محفوظٍ، ولم أره إلا من روايةِ المُنْذِرِ بنِ زيادٍ".

ص: 456

1631 -

حَدِيثُ أَنَسٍ

◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي، وَلَا صَلَاةَ إِلَّا بِوُضُوءٍ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ اللهَ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ ابنُ حَجَرٍ، والعَيْنيُّ.

[التخريج]:

[ضحة (ق 1/ب)].

[السند]:

قال عبدُ الملكِ بنُ حبيبٍ في (الواضحة): حدثني ابنُ أبي أُوَيسٍ، عن حُسَينِ بنِ ضُمَيرةَ، عن ثابتٍ البُنَانيِّ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، به.

[التحقيق]:

إسنادُهُ واهٍ جدًّا، فيه: حُسينُ بنُ ضُمَيرةَ؛ متروكٌ، كذَّبه مالكٌ، وابنُ مَعِينٍ، وأبو حاتم (تاريخ ابن مَعِينٍ - رواية الدُّوري 1108)، و (لسان الميزان 2547).

وقد رواه عبدُ الملكِ بنُ حبيبٍ أيضًا كما في (الأحكام لعبد الحق الإشبيلي)، عن أَسَدِ بنِ موسى، عن حمادِ بنِ سلمةَ، عن ثابتٍ، به، (البدر المنير 2/ 88).

وهذا رجاله ثقات، إلا أن عبدَ الملكِ بنَ حبيبٍ نفْسَه ضعَّفَه غيرُ وَاحدٍ، وبعضُهم اتَّهمه بالكذبِ، وقال ابنُ حزمٍ:"روايتُه ساقطةٌ مطرحةٌ"(تهذيب التهذيب 6/ 391)، ولخَّص حالَه ابنُ حَجَرٍ، فقال:"صدوقٌ، ضعيفُ الحفظِ، كثيرُ الغلطِ"(التقريب 4174).

ص: 457

ولذا فقد ضعَّفَ الحديثَ ابنُ حَجَرٍ في (نتائج الأفكار 1/ 231)، وفي (التلخيص الحبير 1/ 128)، وقال:"وعبدُ الملكِ شديدُ الضعفِ"، وبمثله قال العَيْنيُّ في (البناية 1/ 191).

بينما قال ابنُ المُلَقِّنِ عن هذا الإسنادِ: "وهذه الطريقُ حسنةٌ، فأسدُ بنُ موسى هو الملقبُ بأسدِ السُّنَّةِ، حافظٌ، صنَّفَ وجمَع

وباقي السند كالشمس لا يسأل عنه"! (البدر المنير 2/ 88، 89).

ص: 458

1632 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يَقُومُ لِلْوُضُوءِ يَكْفَأُ الإِنَاءَ [عَلَى يَدَيْهِ]، فيُسَمِّي اللهَ، ثُمَّ يُسْبِغُ الوُضُوءَ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا. وَضَعَّفَهُ: أحمدُ، والبَزَّارُ، وابنُ عَدِيٍّ، وابنُ القَيْسَرانيِّ، وعبدُ الحقِّ الإشبيليُّ، وابنُ دقيقٍ، والزَّيْلَعيُّ، وابنُ عبدِ الهادِي، وابنُ المُلَقِّنِ، والهيثميُّ، وابنُ حَجَرٍ، والعَيْنيُّ، وابنُ الهُمَامِ، والشَّوْكانيُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[عل 4687 (واللفظ له)، 4796، 4864/ طع 384/ عد (3/ 217) (والزيادة له) / تحقيق 123/ فكر (1/ 230)].

[التحقيق]:

انظر الكلام عليه عَقِبَ الروايتين الآتيتين.

• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:«إِذَا تَوَضَّأَ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي المَاءِ (إِذَا مَسَّ طَهُورَهُ) سَمَّى، [ثُمَّ يُفْرِغُ المَاءَ عَلَى يَدَيْهِ]، [فَيَتَوَضَّأُ وَيُسْبِغُ الوُضُوءَ]» .

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا، متفقٌ على ضَعْفِهِ.

[التخريج]:

[جه 1029 (مُطَوَّلًا) / ش 16 (واللفظ له) / حق 999 (والزيادة الثانية له) / طع 383/ قط 224 (والرواية والزيادة الأولى له) / حرب (طهارة 172)].

• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ بِلَفْظ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَدَأَ الوُضُوءَ سَمَّى)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا، متَّفَقٌ على ضَعْفِهِ.

[التخريج]:

[بز (18/ 307)].

[السند]:

أخرجه ابنُ أبي شَيْبةَ -وعنه ابنُ ماجَهْ-، وإسحاقُ -وعنه حربٌ الكرمانيُّ- كلاهما: عن عَبْدةَ بنِ سُلَيمانَ، عن حارثةَ، عن عَمْرةَ، عن عائشةَ، به.

ص: 459

وأخرجه الطَّبَرانيُّ في (الدعاء 383)، من طريقِ عَبْدةَ، به.

وأخرجه أبو يَعْلَى قال: حدثنا أبو كُريبٍ، حدثنا ابنُ أبي زائِدةَ، عن حارثةَ بنِ محمدٍ، عن عَمْرةَ، عن عائشةَ، به.

ومداره عندَ الجميعِ على حارثةَ بنِ محمدٍ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ رجاله كلُّهم ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ غيرَ حارثةَ بنِ محمدٍ، وهو ابنُ أبي الرِّجالِ؛ قال عنه البُخاريُّ وأبو حاتم:"منكَرُ الحديثِ"، وقال النَّسائيُّ، وعليُّ بنُ الجُنَيدِ:"متروكٌ"، وقال أبو زُرْعةَ:"واهي الحديثِ ضعيفٌ"، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"عامَّةُ ما يرويه منكرٌ"، وقال ابنُ خُزَيْمةَ:"حارثةُ ليس يَحتجُّ أهلُ الحديثِ بحديثِهِ"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"كان ممن كثُر وهَمُه، وفحُشَ خطؤُه، تركه أحمدُ ويحيى"(تهذيب التهذيب 2/ 165)، وقال البَزَّارُ بعدَ أن ساقَ الحديثَ:"حارثةُ لَيِّنُ الحديثِ"(كشف الأستار 1/ 137).

وقال البَزَّارُ أيضًا: "وحارثةُ بنُ محمدٍ قد حَدَّثَ عنه جماعةٌ، وعنده أحاديثُ لم يتابَعْ عليها، وكلُّ ما رُوِي في ذلك فليسَ بقويِّ الإسنادِ وإنْ تأيَّدتْ هذه الأسانيد"(الإمام لابن دقيقِ العيدِ 1/ 449)، وأقَرَّه ابنُ دَقيقٍ، وابنُ المُلَقِّنِ في (البدر المنير 2/ 86).

قال ابنُ عَدِيٍّ: "وبلغني عن أحمدَ بنِ حَنبَلٍ رحمه الله أنه نظرَ في جامعِ إسحاقَ بنِ راهويهْ، فإذا أوَّلُ حديثٍ قد أَخرَجَ في جامعه هذا الحديثَ، فأنكره جدًّا، وقال: أوَّلُ حديثٍ في الجامعِ يكونُ عن حارثةَ! ! "(الكامل 3/ 217).

ص: 460

ورَوَى الحَرْبيُّ عن أحمدَ، أنه قال:"هذا يزعمُ أنه اختارَ أصحَّ شيءٍ في البابِ، وهذا أضعفُ حديثٍ فيه"(التلخيص الحبير 1/ 127).

وضَعَّفَ الحديثَ كذلك:

ابنُ القَيْسَرانيِّ في (ذخيرة الحفاظ 4121)، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الوسطي 1/ 163) والزَّيْلَعيُّ في (نصب الراية 1/ 15)، وابنُ عبدِ الهادِي في (تنقيح التحقيق 1/ 181)، والهيثميُّ في (مجمع الزوائد 1111)، وابنُ حَجَرٍ في (التلخيص الحبير 1/ 127)، وفي (المطالب العالية 78)، وفي (نتائج الأفكار 1/ 230)، وفي (الدراية 1/ 15)، والعَيْنيُّ في (البناية شرح الهداية 1/ 195)، وابنُ الهُمَامِ في (فتح القدير 1/ 26)، والشَّوْكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 172).

وقال الألبانيُّ: "ضعيفٌ جدًّا"(ضعيف ابن ماجه 200).

* * *

ص: 461

1633 -

حَدِيثُ ابْنِ عبَّاسٍ

◼ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ شَيْطَانًا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ يُقَالُ لَهُ: الوَلَهَانُ، مَعَهُ ثمانيةُ أَمْثَالِ وَلَدِ آدَمَ مِنَ الجُنُودِ، وَلَهُ خَلِيفَةٌ يُقَالُ لَهُ: خَنْزَبُ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَقْبِلْ مِنَ العَبْدِ شَيْئًا أَخَذَهُ بِالوُضُوءِ حَتَّى يُهْلِكَهُ، فَمَنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدَّمَ وَضُوءَهُ، فَلْيَقُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ خَنْزَبَ وَأَشْبَاهِهِ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ؛ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ عَنْهُ، [وَيَكْفِيهِ]

(1)

مِنَ المَاءِ [لِلْوُضُوءِ] مَا يَكْفِي مِنَ الدُّهْنِ».

[الحكم]:

موضوعٌ. وقال ابنُ حِبَّانَ: "باطلٌ لا أصلَ له". وقال ابنُ الجَوزيِّ: "موضوعٌ"، وأقَرَّه: الذَّهَبيُّ، والسُّيوطيُّ، وابنُ عِرَاقَ، والفَتَّنيُّ، والقاريُّ، والعَجْلونيُّ، والشَّوْكانيُّ.

[التخريج]:

[مجر (1/ 325)(واللفظ له) / علج 571 (والزيادة له)

(2)

].

[السند]:

رواه ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين) -ومن طريقِه ابنُ الجَوزيِّ في (العلل المتناهية) -، عن محمدِ بنِ اللَّيْثِ الورَّاقِ، ثنا حمزةُ بنُ سَعْدانَ، ثنا حبيبُ بنُ أبي حبيبٍ، ثنا أبو حمزةَ، حدثني مَيْمُونُ بنُ مِهْرانَ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، به.

(1)

ما بين المعقوفين ساقطٌ من مطبوعتي (المجروحين) و (العِلَل المتناهية)، وأثبتناها من (تنزيه الشريعة) وقد عزاه لابنِ الجَوزيِّ في (الواهيات)، وهي ضروريةٌ للسياق.

(2)

وهي عند ابنِ حِبَّانَ أيضًا، ولكن في طبعة (دار المعرفة 1/ 266)، وأما في طبعة الصميعي المعتمدة فساقطة.

ص: 462

وأبو حمزةَ هو السُّكَّريُّ محمدُ بنُ ميمون المَرْوَزيُّ.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ تالفٌ؛ فيه: حبيبُ بنُ أبي حبيبٍ الخَرْطَطيُّ؛ قال فيه ابنُ حِبَّانَ: "كان يضعُ الحديثَ على الثِّقاتِ، لا تحلُّ كتابةُ حديثِهِ ولا الروايةُ عنه إلا على سبيلِ القدحِ فيه"، وقال الحاكمُ:"روى أحاديثَ موضوعة"، ورَمَاهُ بالوضعِ: النَّقاشُ، وأبو سعيدٍ السَّمعانيُّ، (تهذيب التهذيب 2/ 182)، وفي ترجمته ذكر ابنُ حِبَّان هذا الحديثَ وحديثًا آخَرَ، ثُمَّ قال:"وهذا كلُّه باطلٌ لا أصلَ له"(المجروحين 1/ 325).

وقال ابنُ الجَوزيِّ: "هذا الحديثُ على هذا الوصفِ موضوعٌ، والمتهمُ بوضعه حبيبُ بنُ أبي حبيبٍ"، ثُمَّ ذكرَ كلامَ ابنِ حِبَّانَ فيه، (العلل المتناهية 1/ 348).

وأقَرَّه: الذَّهَبيُّ في (تلخيص العلل المتناهية 303)، والسُّيوطيُّ في (ذيل اللالئ 452)، وابنُ عِرَاقَ في (تنزيه الشريعة 2/ 72)، والفَتَّنيُّ في (تذكرة الموضوعات صـ 32)، وعليٌّ القاري في (الأسرار المرفوعة صـ 122، 123)، و (المصنوع 56)، والعَجْلونيُّ في (كشف الخفاء 1/ 260)، والشَّوْكانيُّ في (الفوائد المجموعة صـ 14)، ومحمدُ بنُ خليلٍ القاوقجي في (اللؤلؤ المرصوع 92).

ص: 463

1634 -

حَدِيثُ أَنَسٍ

◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ:((كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ غِفَارَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ المَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَصَلَّيْتَ؟ » فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: «إِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»، أَعَادَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ. فَفَزِعَ الرَّجُلُ، فَأَتَى عُمَرَ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: هَلَكْتُ، صَلَّيْتُ مَرَّتَيْنِ فَمَرَرْتُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كُلَّمَا مَرَرْتُ بِهِ قَالَ: «صَلَّيْتَ؟ »، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «لَمْ تُصَلِّ». قَالَ لَهُ عُمَرُ: وَيْحَكَ، ائْتِ أَبَا بَكْرٍ. فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: ائْتِ عَلِيًّا. فَأَتَى عَلِيًّا، فَقَالَ: صَلَّيْتُ، وَمَرَرْتُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي: «صَلَّيْتَ؟ »، فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ لِي: «لَمْ تُصَلِّ»، فَأَعَدْتُ الوُضُوءَ، وَأَعَدْتُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ مَرَرْتُ، فَقَالَ: «أَصَلَّيْتَ؟ »، قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ لِي: «لَمْ تُصَلِّ». فَقَالَ: أَلَا تُخْبِرُنِي حِينَ تَوَضَّأْتَ، سَمَّيْتَ؟ ، قَالَ: لَا. قَالَ: فَاذْهَبْ فَخُذْ إِنَاءَكَ، فَإِذَا صَبَبْتَ عَلَى يَدَيْكَ فَسَمِّ وَصَلِّ، ثُمَّ مُرَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَانْظُرْ إِنْ قَالَ لَكَ مِثْلَهَا فَارْجِعْ إِلَيَّ. فَذَهَبَ الرَّجُلُ، فَتَوَضَّأَ، فَسَمَّى، فَلَمَّا صَلَّى خَرَجَ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الآنَ حِينَ صَلَّيْتَ»)).

[الحكم]:

باطلٌ موضوعٌ.

[التخريج]:

[فضش 98].

[السند]:

رواه ابنُ شاهينَ في (الترغيب في فضائل الأعمال 98)، قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ، نا أحمدُ بنُ منصورٍ، نا يحيى بنُ بُكَيرٍ، حدثني المُفَضَّلُ

ص: 464

-يعني: ابنَ فَضَالةَ-، عن أبي عُرْوةَ، عن أبي عمارٍ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، به.

[التحقيق]:

إسنادُهُ تالفٌ؛ فيه أبو عمار واسمه: زيادُ بنُ ميمونٍ، كان يضعُ على أنسٍ الأحاديثَ، قال فيه يَزيدُ بنُ هارونَ:"كان كذَّابًا"، وقال البُخاريُّ:"تركوه"، وقال أبو داودَ:"أتيتُه فقال: أَستغفرُ اللهَ، وضعتُ هذه الأحاديثَ"، وقال بِشْرُ بنُ عُمرَ الزَّهْرانيُّ:"سألتُ زيادَ بنَ ميمونٍ أبا عمارٍ عن حديثٍ لأنسٍ، فقال: احسبوني كنتُ يهوديًّا أو نصرانيًّا، قد رجعتُ عما كنتُ أُحدِّثُ به عن أنسٍ، لم أسمعْ من أنسٍ شيئًا"(الميزان 2/ 94).

وبقيةُ رجالِ الإسنادِ ثقاتٌ مشهورون: عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ هو: البَغَويُّ الحافظُ، وأحمدُ بنُ منصورٍ هو: ابنُ سَيَّارٍ الرَّماديُّ ثقةٌ حافظٌ أيضًا، ويحيى هو: ابنُ عبدِ اللهِ بنِ بُكَيرٍ، ومُفَضَّلُ بنُ فَضالةَ هو: أبو معاويةَ القِتْبانيُّ، وأبو عُرْوةَ هو: مَعْمَرٌ كما سبقَ.

ص: 465

رِوَايَة: وَاذْكُرِ اسْمَ اللهِ

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: ((جَاءَ شَابٌّ، فَتَوَضَّأَ وَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عز وجل حَتَّى صَلَّى، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«يَا شَابُّ، أَصَلَّيْتَ؟» . قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا صَلَّيْتَ» . حَتَّى أَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَذَهَبَ الشَّابُّ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: إِنِّي تَوَضَّأْتُ وَصَلَّيْتُ ثَلَاثَ مِرَارٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا صَلَّيْتَ» . قَالَ: «فَهَلْ ذَكَرْتَ فِيهِ اسْمَ اللَّهِ عز وجل؟» فَقَالَ الشَّابُّ: لَا. فَقَالَ: «اذْهَبْ، فَتَوَضَّأْ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِذْا فَرَغْتَ فَقُلِ: الحَمْدُ لِلَّهِ، وَصَلِّ» . فَذَهَبَ الشَّابُّ فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ عَلِيٌّ، فَتَوَضَّأَ وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ وَصَلَّى، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَصَلَّيْتَ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقْتَ، قَدْ صَلَّيْتَ» .

[الحكم]:

باطلٌ موضوعٌ.

[التخريج]:

[فضش 101 (واللفظ له) / شاهين (أربعة ق 175/ب) / رباعيات أبي بكر الشافعي (ج 2/ ق 126/ 1 - 2 تخريج الدَّارَقُطني) نقلًا من (فتاوى الحويني المسمى إقامة الدلائل على عموم المسائل 1/ الفتوى رقم 2)].

[السند]:

رواه ابنُ شاهين في (الترغيب في فضائل الأعمال 101) قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ البَغَويُّ،

ورواه أبو بكرٍ الشافعيُّ في رباعياته (ج 2/ ق 126/ 1 - 2) قال: حدثنا محمدُ بنُ بِشْرٍ أخو خَطَّاب،

ص: 466

كلاهما عن محمدِ بنِ جعفرٍ الوَرْكانيِّ، نا سعيدُ بنُ مَيْسَرةَ، قال: سمِعتُ أنسَ بنَ مالكٍ، يقول:

فذَكَرَه.

[التحقيق]:

إسنادُهُ ساقطٌ؛ فيه: سعيدُ بنُ مَيْسَرةَ البَكْريُّ؛ كذَّبه يحيى القَطَّانُ، وقال فيه البُخاريُّ:"عنده مناكير"، وقال أيضًا:"منكَرُ الحديثِ"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"يروى الموضوعات"، وقال الحاكمُ:"روى عن أنسٍ موضوعات"، (الميزان 2/ 160).

وبقية رجال الإسناد ثقات معروفون.

ص: 467

1635 -

حَدِيثُ خُصَيْفٍ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ خُصَيْفٍ، قَالَ: تَوَضَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يُسَمِّ، فَقَالَ:«أَعِدْ وُضُوءَكَ» ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسَمِّ، فَقَالَ:«أَعِدْ وُضُوءَكَ» ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ تَوَضَّأَ وَسَمَّى، فَقَالَ:«الآنَ حِينَ أَصَبْتَ وُضُوءَكَ» .

[الحكم]:

منكرٌ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. ضَعَّفَهُ: عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ الجَوزيِّ، وابنُ دَقيقٍ، والذَّهَبيُّ، ومُغْلَطايُ.

[التخريج]:

[تحقيق 124].

[السند]:

قال ابنُ الجَوزيِّ: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاوي، أنبأنا أبو عليّ بن شَاذانَ، أنبأنا دَعْلَج، قال: أنبأنا محمد بن عليِّ بن زيد، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عَتَّاب، حدثنا خُصَيف، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه خُصَيفُ بنُ عبدِ الرحمنِ؛ قال عنه الحافظُ: "صدوقٌ سيئُ الحفظِ، خلط بأَخَرَة، ورُمي بالإرجاءِ"(تقريب 1718).

وعَتَّابُ بنُ بشيرٍ مختلَفٌ فيه؛ ولكن قال أحمد: "أحاديثُ عتَّابٍ عن خُصَيفٍ منكرةٌ"(الجرح والتعديل 7/ 13). وهذا الحديثُ من حديثِهِ عن خُصَيفٍ.

ومع سوءِ حِفْظِ خُصَيفٍ فقد أرسلَ الحديثَ، وهو من صغارِ التابعين؛

ص: 468

فالحديثُ معضلٌ عندَ التحقيقِ.

قال عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ: "حديثٌ ضعيفٌ ومرسلٌ"(الأحكام الوسطي 1/ 162).

وقال ابنُ الجَوزيِّ: "مقطوعٌ"(التحقيق 124).

وقال ابنُ دَقيقٍ: "حديثٌ مقطوعٌ معضلٌ"(الإمام 1/ 454)، وبمثله قال مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 348).

وقال الذَّهَبيُّ: "منقطعٌ"(تنقيح التحقيق 1/ 45).

ص: 469

1636 -

حَدِيثُ عُمَرَ بنِ يَزِيدَ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ عُمَرَ بنِ يَزِيدَ: أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْرَضَ عَنْهُ، وَقَالَ لَهُ:«تَطَهَّرْ» . فَرَجَعَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ اجْتَهَدَ، فَجَاءَ فَسَلَّمَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَقَالَ:«ارْجِعْ فَتَطَهَّرْ» . فَلَقِيَ الرَّجُلُ عَلِيًّا، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: هَلْ سَمَّيْتَ اللهَ حِينَ وَضَعْتَ يَدَكَ فِي وَضُوئِكَ؟ فَقَالَ: لَا وَاللهِ، فَقَالَ: ارْجِعْ فَسَمِّ اللهَ فِي وُضُوئِكَ. فَرَجَعَ فَسَمَّى اللهَ عَلَى وُضُوئِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ:«إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ طَهُورَهُ، فَلْيُسَمِّ اللهَ» .

[الحكم]:

باطلٌ موضوعٌ، وهو مرسلٌ ساقطُ الإسنادِ.

[التخريج]:

[الجوزجاني (شرح العمدة 1/ 172)].

[السند]:

رواه الجُوزجانيُّ: عن نُعيمِ بنِ حمَّادٍ، عنِ الدَّراوَرْديِّ، ثنا محمدُ بنُ أبي حُمَيدٍ، عن عُمرَ بنِ يَزيدَ به. قاله ابنُ تيميَّةَ في (شرح العمدة 1/ 172).

[التحقيق]:

لم نقفْ على من أخرجه من أصحاب الكتب المسندة، وإنما ذكره ابنُ تيميَّةَ في (شرح العمدة 1/ 172) وقال:"رواه الجُوزجاني"، ولم يُسمِّ لنا الكتاب.

وإسنادُهُ واهٍ جدًّا؛ مسلسَلٌ بالعِلَلِ:

فنُعيمُ بنُ حمادٍ مختلَفٌ فيه، وهو صدوقٌ لكنه كثير الخطإ، وله أحاديثُ

ص: 470

كثيرةٌ منكَرةٌ (تهذيب التهذيب 10/ 462).

والدَّراوَرْديُّ هو عبدُ العزيزِ بنُ محمدٍ؛ سيِّئ الحفظ، (تهذيب التهذيب 6/ 354).

ومحمدُ بنُ أبي حُميدٍ هو الأنصاريُّ الزُّرَقيُّ، لقَبُه حمَّادٌ، وهو ضعيفٌ عند جماهيرِ النُّقَّادِ، قال فيه البُخاريُّ وابنُ مَعِينٍ وغيرُهُما:"منكَرُ الحديثِ"(تهذيب التهذيب 9/ 133).

وعُمرُ بنُ يَزيدَ إنْ كان هو صاحب عَطاءٍ، فمنكَرُ الحديثِ أيضًا كما في (الكامل 5/ 29)، وإن كان غيرَه فلا ندري مَن هو. وحديثُهُ مرسلٌ.

ص: 471