الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
28 - بَابُ فَضْلْ الشُّرْبِ مِنْ سُؤْرِ المُؤْمِنِ
186 -
حَدِيثُ ابنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مِنَ التَّوَاضُعِ أَنْ يَشرَبَ الرَّجُلُ مِنْ سُؤْرِ أَخِيهِ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْ سُؤْرِ أَخِيهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ؛ رُفعَتْ لَهُ سَبْعُونَ دَرَجَةً، وَمُحيَتْ عَنْهُ سَبْعُونَ خَطِيئَةً، وَكُتِبَ لَهُ سَبْعُونَ حَسَنَةً)).
[الحكم]:
موضوع، كما قال الألباني، وذكره ابن الجوزي، وابن عراق، والفتني في (الموضوعات).
[التخريج]:
[فقط (أطراف 3/ 281)، (المقاصد الحسنة ص 373) / ضو 1428/ عيل (3/ 753 - 754) / تجر 518/ خط (7/ 445)].
[التحقيق]:
مدار هذا الحديث عند الجميع على ابنِ جُرَيجٍ، عن عطاء، عن ابن عباس.
وقد رُوي من طريقين عن ابنِ جُرَيجٍ:
الأول:
رواه الدارقطني في (الأفراد) - ومن طريقه ابن الجوزي في (الموضوعات) -
قال: أنبأنا أبو سعيد بن مشكان، حدثنا أحمد بن روح، حدثنا سويد، حدثنا نوح بن أبي مريم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، به.
قال الدارقطني: ((تفرَّد به نوح بن أبي مريم)).
قلنا: وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه نوح بن أبي مريم، وهو نوح الجامع الذي جمع كلَّ شيءٍ إلَّا الصدق، قال ابن حجر:((كذَّبوه في الحديث، وقال ابن المبارك: كان يضع)) (التقريب 7210).
وبه ضعَّفَ ابنُ الجوزي الحديثَ؛ فقال: ((تفرَّد به نوح؛ قال يحيى: ليس بشيء، وقال مسلم بن الحجاج والدارقطني: متروك)).
وقال الشوكاني: ((إسناده متروك)) (الفوائد المجموعة 71).
وقال الألباني: ((موضوع)) (الضعيفة 79).
نعم؛ رُوي عن الحسن بن رُشَيد نحو رواية نوح، وبهذه المتابعة تعقبَ السيوطي في (اللآلئ 2/ 220)، وابنُ عراق في (تنزيه الشريعة 2/ 259)، والفتني في (تذكرة الموضوعات ص: 147) قولَ الدارقطني وابن الجوزي: ((تفرَّد به نوح))، وفيما ذكروه نظر؛ وهذا هو:
الطريق الثاني:
فقد رواه الإسماعيلي في (معجمه) - وعنه السهمي في (تاريخ جرجان) - قال: أخبرني علي بن محمد بن حاتم أبو الحسن القومسي من حدادة بجرجان، حدثنا جعفر بن محمد الحداد القومسي، حدثنا إبراهيم بن أحمد البلخي، حدثنا الحسن بن رُشَيد المروزي، عن ابن جُرَيج، عن عطاء، عن ابن عباس، به.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا أيضًا؛ فيه علل:
الأولى: الحسن بن رُشَيد
(1)
وهو ضعيف جدًّا؛ قال أبو حاتم والإسماعيلي: ((مجهول))، وقال أبو محمد ابن أبي حاتم:((حديثه يدل على الإنكار))، وقال العقيلي:((في حديثه وهم ويحدِّث بمناكير))، وقال الذهبي:((فيه لين))، وكذا قال ابن عراق والفتني، وانظر:(لسان الميزان 3/ 44)، و (تنزيه الشريعة 2/ 259)، و (تذكرة الموضوعات ص 147).
الثانية: إبراهيم بن أحمد البلخي: فهو مجهولٌ، وقال أبو بكر الإسماعيلى: إبراهيم بن أحمد والحسن بن رشيد: ((مجهولان)) (تاريخ جرجان 1/ 301).
فهي متابعة واهية لا تصحُّ، ولا حجة فيها للسيوطي وغيره في تعقبهم لابن الجوزي، ولذا قال الشيخ الألباني:((هذه المتابعة لا تسمنُ ولا تغني من جوع لشدة ضعفِها، وجهالة الراوي عنها، فلا قيمة لتعقب السيوطي على ابن الجوزي)).
وللحديث علة ثالثة: ذكرها الألباني، وهي عنعنة ابنِ جُرَيجٍ، وهو مدلس ولا يقبل منه إلَّا ما صرَّح فيه بالسماع؛ لأنه كان يدلس عن المجروحين، قال الدارقطني:((تجنب تدليس ابنِ جُرَيجٍ؛ فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلَّا فيما سمعه من مجروح))، لذلك إِنْ سَلِمَ الحديث من ابن أبي مريم
(2)
والحسن بن رشيد
(3)
، فلن يسلم من تدليس ابن جُرَيج. (تهذيب التهذيب 6/ 405)، (السلسلة الضعيفة 1/ 179 - 180).
(1)
وهو بضم الشين المعجمة مصغرًا. (المؤتلف والمختلف للدارقطني 2/ 1067).
(2)
يعني: نوح ابن أبي مريم، صاحب الرواية السابقة.
(3)
صاحب هذه الرواية، ولا تصح عنه لجهالة البلخي الراوي عنه.
187 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ وَغَيْرِهِ:
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ
(1)
، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: سَمِعْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((الشُّرْبُ مِنْ فَضْلِ وَضُوءِ المُؤْمِنِ؛ فِيهِ شِفَاءٌ مِنْ سَبْعِينَ دَاءٍ؛ أَدْنَاهَا الهَمُّ)).
[الحكم]:
موضوع، حَكَمَ بوضعه السيوطي، والفتني، وابن عراق، والشوكاني، والألباني.
وقال ابن الجوزي، وابن دقيق:((لا يصحُّ)).
[التخريج]:
[فضش 536 واللفظ له/ فر (ذيل اللآلئ 679) / علج 581].
[السند]:
رواه ابن شاهين في (فضائل الأعمال) قال: حدثنا الحسين بن محمد بن محمد بن عفير الأنصاري، ثنا القاسم بن علي، ثنا محمد بن كامل بن ميمون، ثنا محمد بن إسحاق - يعني العكاشي -، ثنا الأوزاعي، عن مكحول، والقاسم بن مخيمرة، وعَبْدَة بن أبي لبابة، وحسان بن عطية، جميعًا، أنهم سمِعوا أبا أمامة الباهلي، وعبد الله بن عمر، وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون:
…
الحديث.
(1)
- كذا في مطبوع ابن شاهين، وفي (العلل المتناهية 1/ 353) لابن الجوزي:((عبد الله بن بشر)) بالشين المعجمة، وهو تصحيف، وصوابه:((بسر))، كذا في (الإمام 2/ 75)، وضبطه ابن دقيق بضم الباء الموحدة، وسكون السين المهملة، وهكذا ورد في (الكنز 26143).
ورواه الديلمي في مسنده - كما في (الذيل 679) - وابن الجوزي في (العلل 581) من طريق ابن شاهين
(1)
به، غير أنَّ الديلمي قال في سنده:((عن مكحول عن أبي أمامة))، ولم يذكر معهما أحدًا.
[التحقيق]:
إسناده تالف، فيه: محمد بن إسحاق العكاشي، كذَّبه ابن معين وغيره، ورماه ابن حبان والدارقطني بوضع الحديث (تهذيب التهذيب 9/ 430)، ولذا قال ابن حجر:((كذَّبوه)) (التقريب 6268).
وبه أعلَّه ابن الجوزي، فقال عقب روايته له:((هذا حديث لا يصحُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يحيى بن معين: العكاشي كذَّاب، وقال ابن عدي: يروِي عن الأوزاعي أحاديث مناكير موضوعة)) (العلل 1/ 353).
وكذا قال ابن دقيق: ((هذا حديث لا يصح، والعكاشي كذَّبه يحيى بن معين)) (الإمام 2/ 75).
وأورده السيوطي في (الزيادات على الموضوعات 679) وقال: ((العكاشي كذَّاب يضع الحديث))، وبه أعلَّه السيوطي أيضًا في (الجامع الكبير 11096)، والفتني في (تذكرة الموضوعات/ ص 209)، وابن عراق في
(1)
- تحرَّف في (العلل) إلى: ((ميمون))، وذكر محققه أنه في نسخة ((سمعون))، وكلاهما تحريف، فابن الجوزي يرويه عن أحمد العكبري - وهو ابن كادش - عن أبي طالب العشاري، والعشاري لا يُعرف في شيوخه من يُسمَّى بابن ميمون، وإنما يعرف بالرواية عن ابن شاهين، وقد روى ابن الجوزي بهذا السند عن ابن شاهين غير ما حديث كما في (العلل 1209)، والموضوعات 947، 1087 وغير ذلك كثير في كتب ابن الجوزي وكتب غيره.
(تنزيه الشريعة 2/ 265)، وقال الشوكاني:((في إسناده وضَّاع)) (الفوائد/ ص 263).
وأورده الألباني في (الضعيفة 3757)، وقال:((موضوع؛ آفته العكاشي هذا، وهو محمد بن الحسن العكاشي؛ وهو ممن يضع الحديث على الثقات كما قال ابن حبان. وقوله في الإسناد: ابن إسحاق، لعلَّه تحريف من النساخ، أو أنَّ إسحاق أحد أجداده، والله أعلم)).
هكذا قال الشيخ بشأن اسم العكاشي، وما في الإسناد هو الصواب كما في ترجمته من (تهذيب الكمال 5583)، فلعلَّ الشيخ ذهل عن اسمه، والله المستعان.
وفي الإسناد علة أخرى، وهي: محمد بن كامل بن ميمون، وقد ضعَّفه الدارقطني كما في (ذيل الميزان ص 45، 185)، و (اللسان 7329، 5/ 351)، ولكن الحمل على ذاك العكاشي الوضاع.
188 -
حديث ((سُؤْرُ المُؤْمِنِ شِفَاءٌ)).
◼ حديث: ((سُؤْرُ المُؤْمِنِ شِفَاءٌ)).
[الحكم]:
لا أصل له.
[التحقيق]:
هذا الحديث ذكره غير واحد في الأحاديث المشهورة التي لا أصل لها، وذكره بعضهم في الموضوعات.
فذكره علي القاري في (المصنوع في معرفة الحديث الموضوع 150) وقال: قال العراقي: ((هكذا اشتهر على الألسنة ولا أصل له بهذا اللفظ)). وقال القاري في موضع آخر: ((ليس له أصل مرفوع)) (المصنوع 144). وقال في (مرقاة المفاتيح 5/ 1839): ((غير معروف)).
وقال العامري: ((ليس بحديث)) (الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث 1/ 116).
وقال العلامة نجم الدين الغزي: ((ليس بحديث، نعم رواه الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس بلفظ: ((مِنَ التَّوَاضُعِ أَنْ يَشرَبَ الرَّجُلُ مِنْ سُؤْرِ أَخِيهِ)). قال النجم: ليس من هذا ما حدث الآن في أكثر البلدان، من طلب الشرب من القهوة البنية من الغُلَام الأمرد الذي يعد ساقيًا ويسمون ذلك زمزمة، بل هذا بما ينضم إليه من النظر والمس الحرام والإكباب عليه فسق. وقد وقع من بعض خطباء دمشق أَنِّي كنت وإيَّاه في مجلس وطلب الساقي ليسقينا، فمنعت من ذلك، فقال لي هذا الخطيب: يا مولانا سؤر المؤمن شفاء. فقلت له: حتى نرى المؤمن فنعد سؤره شفاء. على
أنَّ هذا ليس بحديث، وزَعْمُ أنه حديث، أو إيهام أنه حديث، كَذِبٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتبًّا لهذا الزمان وأهله، إلَّا من اتقى الله، وأين هم؟ ! )) (كشف الخفاء 1/ 524).
وقال الألباني: ((لا أصل له)) (الضعيفة 78).
وأما ما قاله القاري في (الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة 1/ 209): ((صحيح من جهة المعنى لرواية الدارقطني في الأفراد من حديث ابن عباس مرفوعًا: ((مِنَ التَّوَاضُعِ أَنْ يَشرَبَ الرَّجُلُ مِنْ سُؤْرِ أَخِيهِ))))، وتبعه العجلوني في (كشف الخفاء 1/ 498)، وأشار إلى ذلك قبلهما السخاوي في (المقاصد الحسنة 534) فقد تعقب الألباني ذلك كلَّه بقوله:((ثَبِّتِ الْعَرْشَ ثُمَّ انْقُشْ! ، فإن هذا الحديث غير صحيح أيضًا، وبيانه فيما بعد، على أنه لو صحَّ لما كان شاهدًا له! كيف وليس فيه أنَّ سؤر المؤمن شفاءٌ لا تصريحًا ولا تلويحًا، فتأمل)) (السلسلة الضعيفة 1/ 177).
189 -
حَدِيثُ: ((رِيْقُ المُؤْمِنِ شِفَاءٌ)).
◼ حديث: ((رِيْقُ المُؤْمِنِ شِفَاءٌ)).
[الحكم]:
لا أصل له.
[التحقيق]:
هذا الحديث ذكره غير واحد في الأحاديث المشهورة التي لا أصل لها، وذكره بعضهم في الموضوعات.
فذكره السخاوي في (المقاصد الحسنة 534)، وقال: ((معناه صحيح، ففي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء، أو كانت به قرحة أو جرح قال بأصبعه - يعني: سبابته - الأرض
(1)
ثم رفعها وقال: ((بِسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا - أي ببصاق بني آدم - يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا))، إلى غير ذلك مما يقرب منه)) اهـ. وتبعه القاري في (الأسرار المرفوعة 217)، والعجلوني في (كشف الخفاء 1/ 498). وقال القاري في (المصنوع في معرفة الحديث الموضوع أو الموضوعات الصغرى 144):((ليس له أصل مرفوع)).
(1)
كذا في مطبوع (المقاصد الحسنة). والحديث عند البخاري (5745 - 5746)، ومسلم (2194) عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح، قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه هكذا - ووضع سفيان سبابته بالأرض - ثم رفعها:((بِاسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا))، واللفظ لمسلم، وهو عند البخاري مختصرًا عن عائشة، رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض: ((بِسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا)).
قلنا: ولم نجد له أصلًا بهذا اللفظ، ووجود معناه وثبوته في (الصحيحين) أو غيرهما بألفاظ أخرى لا يجيز تصحيحه أو نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ المذكور هنا.