الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاعتدال من السجود
ثم شرع له أن يرفع رأسه ويعتدل جالسًا، ولما كان هذا الاعتدال محفوفًا بسجودين: سجود قبله وسجود بعده، فينتقل من السجود إليه ثم منه إلى السجود كان له شأن.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيله بقدر السجود يتضرع فيه إلى ربه، ويستغفره ويسأله رحمته وهدايته ورزقه وعافيته (1) وله ذوق خاص وحال للقلب غير ذوق السجود وحاله.
الجلوس بين السجدتين وذوقه
فالعبد في هذا القعود قد تمثل جاثيًا بين يدي ربه، ملقيًا نفسه بين يديه، معتذرًا إليه مما جناه، راغبًا إليه أن يغفر له ويرحمه، مستعديًا على نفسه الأمارة بالسوء.
(1) إشارة إلى حديث ابن عباس وقد أخرجه أبو داود كتاب الصلاة باب الدعاء بين السجدتين (1/ 224) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: «اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني» .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر الاستغفار (1) في هذه القعدة، ويكثر رغبته إلى الله فيها.
فمثل نفسك بمنزلة غريم عليه حق الله وأنت كفيل به، والغريم مماطل مخادع وأنت مطلوب بالكفارة والغريم مطلوب بالحق.
فأنت تستعدي عليه، حتى تستخرج ما عليه من الحق؛ لتتخلص من المطالبة.
والقلب شريك النفس في الخير والشر والثواب والعقاب والحمد والذم، والنفس من شأنها الإباق والخروج من رق العبودية، وتضييع حقوق الله التي قبلها، والقلب شريكها إن قوي سلطانها وأسيرها وهي شريكته وأسيرته إن قوي سلطانه.
(1) إشارة إلى حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: «رب اغفر لي رب اغفر لي» أخرجه ابن ماجه كتاب إقامة الصلاة باب ما يقول بين السجدتين (1/ 288) والنسائي كتاب الافتتاح باب ما يقول في قيامه ذلك (2/ 199).