الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنن السجود
وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتقي الأرض بوجهه قصدًا بل إذا اتفق له ذلك فعله، ولذلك سجد في الماء والطين (1).
ولهذا كان من كمال السجود الواجب أنه يسجد على الأعضاء السبعة: الوجه واليدين والركبتين وأطراف القدمين، فهذا فرض أمر الله به ورسوله، وبلغه الرسول لأمته.
ومن كماله الواجب أو المستحب مباشرة مصلاه بأديم وجهه، واعتماده على الأرض بحيث ينالها ثقل رأسه وارتفاع أسافله على أعاليه، فهذا من تمام السجود.
ومن كماله: أن يكون على هيئة يأخذ فيها كل عضو من البدن بحظه من الخضوع، فَيَقُلُّ بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ويجافي عضديه عن جنبيه، ولا يفرشهما على الأرض ليستقل كل عضو منه بالعبودية.
ولذلك إذا رأى الشيطان ابن آدم ساجدًا لله اعتزل ناحية يبكي ويقول: يا ويله أمر ابن آدم بالسجود، فسجد، فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار (2).
(1) البخاري (2/ 246) في صفة الصلاة: باب السجود على الأنف في الطين: وباب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى ومسلم (1167) في الصيام: باب فضل ليلة القدر، وأبو داود (894) في الصلاة: باب السجود على الأنف والجبهة (911) باب السجود على الأنف والنسائي (2/ 208، 209) في الافتتاح باب السجود على الجبين.
(2)
مسلم (81) في الإيمان: باب بيان إ طلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة.
ولذلك أثنى الله سبحانه على الذين يخرون سجدًا عند سماع كلامه، وذم من لا يقع ساجدًا عنده؛ ولذلك كان قول من أوجبه قويًا في الدليل ولما علمت السحرة صدق موسى وكذب فرعون، خروا سجدًا لربهم، فكانت تلك السجدة أول سعادتهم وغفران ما أفنوا فيه أعمارهم من السحر؛ ولذلك أخبر سبحانه عن سجود جميع المخلوقات له فقال تعالى:{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 49، 50] فأخبر عن إيمانهم بعلوه وفوقيته وخضوعهم له بالسجود تعظيمًا وإجلالاً وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18].
فالذي حق عليه العذاب هو الذي لا يسجد له سبحانه، وهو الذي أهانه بترك السجود له، وأخبر أنه لا مكرم له، وقد هان على ربه حيث لم يسجد له وقال تعالى:{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ} [الرعد: 15].