المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: أدلة مشروعية مجادلة أهل الكتاب من القرآن: - رؤية شرعية في الجدال والحوار مع أهل الكتاب

[الشريف محمد بن حسين الصمداني]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد

- ‌أولا: الحوار والجدل في اللغة:

- ‌ثانيا: الحوار والجدل في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثاني: أنواع المنكرين للجدال مع أهل الكتاب:

- ‌التيار الأول: دعاة التقريب بين الأديان:

- ‌التيار الثاني: دعاة العصرانية:

- ‌التيار الثالث: بعض المتصدين للواقع من الدعاة والمفكرين

- ‌المبحث الرابع: أنواع المجادَلين والمحاوَرين من أهل الكتاب:

- ‌المبحث الأول: أدلة مشروعية مجادلة أهل الكتاب من القرآن:

- ‌أولا: غشيانهم في محافلهم ومجتمعاتهم لدعوتهم إلى الإسلام

- ‌ثانيا: الكتابة إلى ملوكهم ورؤسائهم

- ‌ثالثا: استقبال وفودهم

- ‌الأول: الجدل الممدوح:

- ‌الثاني: الجدل المذموم:

- ‌اللازم الأول: العلم والعدل:

- ‌اللازم الثاني: معرفته بما ينكي وينجع في رد صيال الخصم وجداله

- ‌اللازم الثالث: الصدع بالحق والجهر به

- ‌الشرط الثاني: استقامة المسلم وتخلقه بأخلاق الإسلام

- ‌المبحث الثاني: شروط المحاور الكتابي:

- ‌المبحث الثالث: موضوعات الحوار أو الجدال مع أهل الكتاب:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌المبحث الأول: أدلة مشروعية مجادلة أهل الكتاب من القرآن:

‌المبحث الأول: أدلة مشروعية مجادلة أهل الكتاب من القرآن:

1-

قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} . قال ابن كثير في تفسيرها: ((وقوله: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [سورة النحل 16 / 125] أي: من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب..)) (1) اهـ. وقال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: ((

فإنْ كان المدعو يرى أنَّ ما هو عليه الحق أو كان داعية إلى الباطل فيجادل بالتي هي أحسن وهي الطرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلا ونقلا. ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها فإنَّه أقرب إلى حصول المقصود وأن لا تؤدي المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذهب بمقصودها ولا تحصل الفائدة منها بل يكون القصد منها هداية الخلق إلى الحق لا المغالبة ونحوها)) . أهـ. (2)

(1) تفسير ابن كثير (4 / 532) .

(2)

تفسير ابن سعدي (3 / 93) .

ص: 26

2-

وقال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [سورة العنكبوت 29 / 46] . قال الشوكاني رحمه الله: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي: إلا بالخصلة التي هي أحسن وذلك على سبيل الدعاء لهم إلى الله عز وجل والتنبيه لهم على حججه وبراهينه رجاء إجابتهم إلى الإسلام لا على طريق الإغلاظ والمخاشنة. {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} بأن أفرطوا في المجادلة ولم يتأدبوا مع المسلمين فلا بأس بالإغلاظ عليهم والتخشين في مجادلتهم)) . (1)

والمتأمل في القرآن يجد أنَّ معظم القضايا التي جادل القرآن فيها أهل الكتاب تدور على محورين:

1-

توحيد الله وعبادته.

2-

إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان به. (2)

والأمر بمجادلة أهل الكتاب في القرآن جاء مقرونا بالإحسان ومن الإحسان:

(1) فتح القدير (4 / 205) .

(2)

منهج الجدل والمناظرة (1 / 486)، وسيأتي في الفصل الثاني (المبحث الثالث: موضوعات الجدال مع أهل الكتاب) مزيد بيان لهذا الأمر.

ص: 27

1-

اتباع طريقة القرآن في جداله لأهل الكتاب ((والأصل في باب مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن هو آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران 3 / 64] )) . (1) ولهذا امتثلها النبي صلى الله عليه وسلم فكتبها في رسالته إلى هرقل عظيم الروم يدعوه إلى الإسلام ونبذ الشرك. وقد حرَّفَ العصرانيون معنى ((الكلمة السواء)) إلى معانٍ فاسدة. (2)

2-

عدم تكذيب ما عندهم تكذيبا عاما لمجرد كونه من كتبهم بل ينبغي السكوت عن ذلك فلا يصدقون ولا يكذبون. (3)

3-

ومنه: عدم تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام على وجه الحمية والعصبية لحديث أبي هريرة عند البخاري: قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تخيروني على موسى

)) . (4)

وفي رواية عند البخاري أيضا: ((لا تفضلوا بين أولياء الله)) . (5)

(1) دعوة التقريب بين الأديان (2 / 725)، وانظر: الإبطال لبكر أبوزيد (101) .

(2)

دعوة التقريب بين الأديان (2 / 725-737) .

(3)

هذا والذي يليه من «منهج الجدل والمناظرة» (1 / 326-327) .

(4)

رواه البخاري رقم 3408. الفتح (6 / 441) . .

(5)

رقم 3414. الفتح (6 / 450) .

ص: 28

4-

ومنه: أن تكون المجادلة:: ((بحسن خلق ولطف ولين كلام ودعوة إلى الحق وتحسينه ورد الباطل وتهجينه بأقرب طريق موصل لذلك وأن لا يكون القصد منها مجرد المجادلة والمغالبة وحب العلو بل يكون القصد بيان الحق وهداية الخلق)) . (1)

5-

ومنه: أن ينزل خطاب كل طائفة منهم على ما يقتضيه فقه الواقع ومعرفة المجادل أوالمحاور بأحوالهم إذْ إنهم: {لَيْسُوا سَوَاءً} . وقد قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [سورة الأنعام 6 / 55] فيفوت من الإحسان في جدالهم على قدر تفريط المجادل في:

1-

العلم بالحق ومعرفة تفصيل الآيات.

2-

ضعف استبانة سبيل المجرمين وما هم عليه من الضلال المبين.

(1) تفسير ابن سعدي (4 / 64) .

ص: 29