المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: موضوعات الحوار أو الجدال مع أهل الكتاب: - رؤية شرعية في الجدال والحوار مع أهل الكتاب

[الشريف محمد بن حسين الصمداني]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد

- ‌أولا: الحوار والجدل في اللغة:

- ‌ثانيا: الحوار والجدل في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثاني: أنواع المنكرين للجدال مع أهل الكتاب:

- ‌التيار الأول: دعاة التقريب بين الأديان:

- ‌التيار الثاني: دعاة العصرانية:

- ‌التيار الثالث: بعض المتصدين للواقع من الدعاة والمفكرين

- ‌المبحث الرابع: أنواع المجادَلين والمحاوَرين من أهل الكتاب:

- ‌المبحث الأول: أدلة مشروعية مجادلة أهل الكتاب من القرآن:

- ‌أولا: غشيانهم في محافلهم ومجتمعاتهم لدعوتهم إلى الإسلام

- ‌ثانيا: الكتابة إلى ملوكهم ورؤسائهم

- ‌ثالثا: استقبال وفودهم

- ‌الأول: الجدل الممدوح:

- ‌الثاني: الجدل المذموم:

- ‌اللازم الأول: العلم والعدل:

- ‌اللازم الثاني: معرفته بما ينكي وينجع في رد صيال الخصم وجداله

- ‌اللازم الثالث: الصدع بالحق والجهر به

- ‌الشرط الثاني: استقامة المسلم وتخلقه بأخلاق الإسلام

- ‌المبحث الثاني: شروط المحاور الكتابي:

- ‌المبحث الثالث: موضوعات الحوار أو الجدال مع أهل الكتاب:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌المبحث الثالث: موضوعات الحوار أو الجدال مع أهل الكتاب:

‌المبحث الثالث: موضوعات الحوار أو الجدال مع أهل الكتاب:

موضوعات الحوار والجدال لها أهمية كبرى إذ إنها ركن من أركانه لا يتم إلا بها. (1) وإنَّ الناظرَ في الكتاب والسنة يجد أنهما يدوران في مجادلة أهل الكتاب على محورين أساسين: التوحيد والنبوة؛ (2) وما يتعلق بهما من قضايا فتجد فيهما:

1-

الأمر بتوحيد الله وعبادته وحده لا شريك له. كقوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران 3 / 64] . وقال تعالى: {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [سورة المائدة 5 / 72] . وقال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [سورة المائدة 5 / 73] الآية.

(1) الحوار مع أهل الكتاب للقاسم (163)

(2)

منهج الجدل والمناظرة (1 / 486-505) .

ص: 55

2-

الأمر بالإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه رسول إلى العالم أجمع وهم داخلون تحت عموم رسالته. كقوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة المائدة 5 / 19] . وقوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [سورة البقرة 2 / 146] .

3-

إثبات القرآن لنسخ أديانهم وتحريف كتبهم وبطلانها ووجوب إيمانهم بالقرآن. قال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [سورة البقرة 2 / 75] . وقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [سورة المائدة 5 / 48] الآية.

ص: 56

4-

الرد على شبهاتهم وافتراءاتهم ونهيهم عن الغلو في الدين. وهذا كثير في القرآن والسنة.

والأصل في مواضيع الجدال معهم ما يلي: (1)

أولا: كل موضوع يخدم الأهداف التي شرعها الله في مجادلة أهل الكتاب فهو مطلوب وذلك مثل: دعوتهم للإسلام وبيان ما هم عليه من الباطل ورد شبهاتهم وطعنهم في الإسلام وتثبيت المؤمنين بإظهار علو حجة الإسلام وتحقيق مصالح مشروعة للمسلمين عبر الحوار معهم مثل: تحييد بعضهم والضغط عليهم وكشف مؤامراتهم وفضح طرقهم في التنصير ونحو ذلك. (2)

ثانيا: كل موضوع يخدم أهدافا نهى الله عنها فهو ممنوع وذلك مثل: موالاة الكفار ومودتهم؛ أو التقارب معهم؛ أو التنازل عن شيء من دين الإسلام كإلغاء الجهاد أو تحوير معناه أو التنصل من أحكام أهل الذمة أو إبطال الرق؛ ونحو ذلك. (3)

ثالثا: إذا كان الموضوع من الاصطلاحات والألفاظ الحادثة التي ربما جمعت حقا وباطلا أو كانت باطلا ولكنها مشتبهة. ففي هذا تفصيل يقوم على أمور منها:

1-

معرفة أقسام الناس في موافقة ألفاظ ومعاني الكتاب والسنة.

الناس في موافقة نصوص الكتاب والسنة على أقسام:

أحدها: من يوافقها لفظا ومعنى. وهؤلاء أسعد الناس بالحق.

(1) انظر: الحوار مع أهل الكتاب، للقاسم (163) بتصرف

(2)

انظر: الحوار مع أهل الكتاب، للقاسم (112-117) .

(3)

انظر: الحوار مع أهل الكتاب للقاسم (119- 133) .

ص: 57

الثاني: من يوافقها في المعنى دون اللفظ. وفيه تفصيل.

الثالث: من يوافق النصوص في اللفظ دون المعنى. وهذا مثل استخدام الباطنية وأشياعهم لألفاظ الشرع للدلالة على معانٍ فاسدة خارجة عن حد الإسلام كاستعمالهم لألفاظ: الصلاة والصيام والحج. ومنه استعمال العصرانيين وأشياعهم للفظ ((الكلمة السواء)) في غير ما أنزله الله تعالى.

الرابع: مخالفة ألفاظ الكتاب والسنة لفظا ومعنى. وهؤلاء أشقى الطوائف. (1)

وينبغي على المرء أن ينظر حين يستخدم تلك المصطلحات الحادثة هو في أي قسم منها.

2-

العلم بملابسات نشأتها وتأريخها وطرائق ودرجات استعمال المخالف لها.

العلم بنشأة هذه المصطلحات (التسامح والتعايش والحوار وغيرها) وتأريخها مما يعين على استبانة الحق فيها.

3-

وزنها بوزن السلف الصالح في الاصطلاحات الحادثة.

(1) انظر: منهج الجدل والمناظرة في تقرير مسائل الاعتقاد (2 / 688-689) بتصرف.

ص: 58

يتميز السلف الصالح ومن يسير على أثرهم بأنهم ينهون عن: ((إطلاق موارد النزاع بالنفي والإثبات وليس ذلك لخلو النقيضين عن الحق ولا قصور أو تقصير في بيان الحق ولكن لأن تلك العبارة من الألفاظ المجملة المتشابهة المشتملة على حق وباطل ففي إثباتها حق وباطل وفي نفيها حق وباطل فيمنع من كلا الإطلاقين بخلاف النصوص الإلهية فإنها فرقان فرق الله به بين الحق والباطل ولهذا كان سلف الأمة وأئمتها يجعلون كلام الله ورسوله هو الإمام والفرقان الذي يجب اتباعه..)) . (1)

والأصل في ((الاصطلاحات الحادثة)) أن توزن بوزنهم في مثلها وأخواتها من الألفاظ. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((

فإذا عرفت المعاني المقصودة بهذه العبارات ووزنت بالكتاب والسنة بحيث يثبت الحق الذي أثبته الكتاب والسنة وينفى الباطل الذي نفاه الكتاب والسنة كان ذلك هو الحق بخلاف ما سلكه أهل الأهواء من التكلم بهذه الألفاظ نفيا وإثباتا في الوسائل والمسائل: من غير بيان التفصيل والتقسيم الذي هو من الصراط المستقيم وهذا من مثارات الشبه)) (2) أهـ.

4-

تحرير محل الإجمال والإيهام في تلك الألفاظ والمصطلحات.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (3)

(1) درء التعارض (1 / 76)

(2)

انظر: درء التعارض (1 / 45 - 46) .

(3)

شرح الهراس على النونية (1 / 143) .

ص: 59

فعليك بالتفصيل والتمييز فالـ

إطلاق والإجمال دون بيان

قد أفسدا هذا الوجود وخبَّطا الـ

أذهان والآراء كل زمان

فإطلاق الأقوال المجملة والمعاني المشتبهة يثير النزاع بين المتخاصمين أمَّا التفصيل والبيان فهو إمَّا أن يرفع النزاع أو يقلله ولهذا كان كثير ((.. من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة ومعان مشتبهة حتى تجد الرجلين يتخاصمان ويتعاديان على إطلاق ألفاظ ونفيها ولو سئل كل منهما عن معنى ما قاله لم يتصوره فضلا عن أن يعرف دليله ولوعرف دليله لم يلزم أن من خالفه يكون مخطئا بل يكون في قوله نوع من الصواب وقد يكون هذا مصيبا من وجه وهذا مصيبا من وجه وقد يكون الصواب في قول ثالث..)) . (1)

(1) مجموع الفتاوى (12 / 114)

ص: 60

ويقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: ((.. فإذا عرفت المعاني الصحيحة الثابتة بالكتاب والسنة وعبر عنها لمن يفهم بهذه الألفاظ ليتبين ما وافق الحق من معاني هؤلاء وما خالفه فهذا عظيم المنفعة وهو من الحكم بالكتاب بين الناس فيما اختلفوا فيه كما قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [سورة البقرة 2 / 213] وهو مثل الحكم بين سائر الأمم بالكتاب فيما اختلفوا فيه من المعاني التي يعبرون عنها بوضعهم وعرفهم وذلك يحتاج إلى معرفة معاني الكتاب والسنة ومعرفة معاني هؤلاء بألفاظهم ثم اعتبار هذه المعاني بهذه المعاني ليظهر الموافق والمخالف)) (1) أهـ.

(1) درء التعارض (1 / 45- 46) .

ص: 61