المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخاتمة وبعد فقد ظهر لنا قبس من نور الكتاب والسنة فيما - رؤية شرعية في الجدال والحوار مع أهل الكتاب

[الشريف محمد بن حسين الصمداني]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد

- ‌أولا: الحوار والجدل في اللغة:

- ‌ثانيا: الحوار والجدل في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثاني: أنواع المنكرين للجدال مع أهل الكتاب:

- ‌التيار الأول: دعاة التقريب بين الأديان:

- ‌التيار الثاني: دعاة العصرانية:

- ‌التيار الثالث: بعض المتصدين للواقع من الدعاة والمفكرين

- ‌المبحث الرابع: أنواع المجادَلين والمحاوَرين من أهل الكتاب:

- ‌المبحث الأول: أدلة مشروعية مجادلة أهل الكتاب من القرآن:

- ‌أولا: غشيانهم في محافلهم ومجتمعاتهم لدعوتهم إلى الإسلام

- ‌ثانيا: الكتابة إلى ملوكهم ورؤسائهم

- ‌ثالثا: استقبال وفودهم

- ‌الأول: الجدل الممدوح:

- ‌الثاني: الجدل المذموم:

- ‌اللازم الأول: العلم والعدل:

- ‌اللازم الثاني: معرفته بما ينكي وينجع في رد صيال الخصم وجداله

- ‌اللازم الثالث: الصدع بالحق والجهر به

- ‌الشرط الثاني: استقامة المسلم وتخلقه بأخلاق الإسلام

- ‌المبحث الثاني: شروط المحاور الكتابي:

- ‌المبحث الثالث: موضوعات الحوار أو الجدال مع أهل الكتاب:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ ‌الخاتمة وبعد فقد ظهر لنا قبس من نور الكتاب والسنة فيما

‌الخاتمة

وبعد فقد ظهر لنا قبس من نور الكتاب والسنة فيما يحتاج إليه أهل الإسلام في مواجهة أهل الكتاب فالمعركة قائمة معهم إلى قيام الساعة

والبشرية اليوم تتخبط في عمايات لن ينجيها منها إلا الهداية إلى الإسلام وقد جربت نظريات وتصورات للكون والحياة ومناهج مختلفة فلم يزدها ذلك إلا حيرة وضلالا

وبدأ كثير من الناس في الأرض يرمون بأبصارهم نحو الإسلام بعضها ينظر إليه باعتبار أنه العقيدة المؤهلة لتسود العالم أجمع في المرحلة المتبقية من عمر الدنيا والبعض الآخر يراه المنافس الأقوى لدينه ومبادئه فتحمله عقيدته ومصالحه الخاصة على الدس والتشويه والطعن في الإسلام وأهله وافتعال المعارك وتأجيج رحى الحرب على كافة المستويات كما هي عادة أئمة الكفر

وتبقى شرائح كبيرة من الناس في العالم تائهة ضالة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء

أفيتركون كلا مباحا لدعاة التقريب بين الأديان؟ أم يتركون هنيئا مريئا للعصرانيين؟

ص: 62

لقد استجابت أمة الإسلام لنداء القرآن في القرون المفضلة فاهتزَّ العالم والوجود بحركتها حمل أسلافنا في تلك القرون لواء الإسلام بصدق وإخلاص فعمروا الكون وأخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد فأضاء نور أمة الإسلام في تاريخ الوجود ثم ترك أقوامٌ منا اللواء في مواطن دون مواطن ومشاهد دون مشاهد وأزمان دون أزمان ورجال دون رجال

كان منا الظالم لنفسه وكان منا المقتصد وكان منا السابق بالخيرات ولا زلنا نعتقد ونؤمن أننا ((خير أمة أخرجت للناس)) وعندنا من الخيرية والاصطفاء على أهل الأرض ما يجعلنا نخرج العالم من ضيق الدنيا إلى سعتها ومن رق الهوى إلى رحاب عبودية الله ونرفع راية أنوار النبوة وأعلامها لا مشعل النار وحرياته المزعومة!

ص: 63

إنَّ من معالم منهج أهل السنة أنهم يعرفون الحق ويرحمون الخلق ويأمرون بالألفة وينهون عن الفرقة. قال تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} . وقد أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بالصبر على أذى المشركين وأهل الكتاب مع التقوى فكيف بالصبر على أذى المؤمنين فيما بينهم؟!. قال تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} . قال شيخ الإسلام ابن تيمية:".. فَأَمَرَ سبحانه وتعالى بالصبر على أذى المشركين وأهل الكتاب مع التقوى وذلك تنبيه على الصبر على أذى المؤمنين بعضهم لبعض متأولين كانوا أو غير متأولين. وقد قال سبحانه وتعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [سورة المائدة 5 / 8] فنهى أن يحمل المؤمنين بغضهم للكفار على ألا يعدلوا عليهم فكيف إذا كان البغض لفاسق أو مبتدع متأول من أهل الإيمان؟ فهو أولى أن يجب عليه ألا يحمله ذلك

ص: 64

على ألَاّ يعدل على مؤمن وإنْ كان ظالما. فهذا موضع عظيم المنفعة في الدين والدنيا فإنَّ الشيطان مُوْكَل ببني آدم وهو يعرضُ للجميع ولا يَسْلَمُ أحدٌ من مثل هذه الأمور - دع ما سواها - من نوع تقصير في مأمور أو فعل محظور باجتهاد أو غير اجتهاد وإنْ كان هو الحق

)) . (1)

وقال شيخ الإسلام رحمه الله: ((

وكثيرٌ من هذه الطوائف يغضب على غيره ويرى القذاة في عين أخيه ولا يرى الجذع معترضا في عينه ويذكرُ تناقضَ أقوالِ غيره ومخالفتها للمنصوص والمعقول ما يكونُ له من الأقوال في ذلك الباب ما هو من جنس تلك الأقوال أو أضعف منها أو أقوى منها والله تعالى يأمر بالعلم والعدل ويذم الجهل والظلم كما قال تعالى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [سورة الأحزاب 33 / 72]

)) . (2)

ولن يصل المسلمون إلى النصر والتمكين إلا بفيئتهم للكتاب والسنة بفهم السلف الصالح علما وعملا وكفى بهم تربصا وتلفتا تارةً في الشرق وأخرى في الغرب فهم نقاوة العالم فإنْ فاءوا فإنَّ الله غفور رحيم وإنْ عزموا الطلاق فإنَّ الله سميع عليم وسيظل باب التوبة مفتوحا لا يؤصد إلى أن تطلع الشمس من مغربها.

(1) الاستقامة لشيخ الإسلام ابن تيمية (1 / 38) وراجع بقيته، فهو نفيس.

(2)

درء التعارض (7 / 463-464) .

ص: 65

وحَسْبُنا كتاب ربنا وسنة نبينا في هدايتنا لكل خير فإنه صلى الله عليه وسلم ((لم يحوج أمته إلى أحد بعده وإنما حاجتهم إلى من يبلغ عنه ما جاء به. فلرسالته عمومان محفوظان لا يتطرق إليهما تخصيص: عمومٌ بالنسبة إلى المرسَل إليهم وعمومٌ بالنسبة إلى كل ما يحتاج إليه مَن بُعِثَ إليه في أصول الدين وفروعه؛ فرسالته كافية شافية لا تحوج إلى سواها ولا يتم الإيمان به إلا بإثبات عموم رسالته في هذا وفي هذا فلا يخرج أحد من المكلفين عن رسالته ولا يخرج نوع من أنواع الحق الذي تحتاج إليه الأمة في علومها وأعمالها عما جاء به

وقد عرَّفَهُم صلى الله عليه وسلم من مكايد الحروب ولقاء العدو وطرق النصر والظفر ما لو علموه وعقلوه ورعوه حق رعايته لم يقم لهم عدو أبدا.. وكذلك عرَّفَهُم صلى الله عليه وسلم من أحوال نفوسهم وأوصافها ودسائسها وكوامنها ما لا حاجة لهم معه إلى سواه وكذلك عرَّفَهم صلى الله عليه وسلم من أمور معايشهم ما لو علموه وعملوه لاستقامت لهم دنياهم أعظم استقامة

)) . (1)

(1) إعلام الموقعين (4 / 375-376) باختصار من كلامه رحمه الله تعالى.

ص: 66

إنَّ الواجب في مثل هذه الأزمان على من أعطاه الله هدى وتوفيقا وعلما وبصيرة أن يوصل ما خوله الله من نعمته إلى من به إليه حاجة من البشر وحَقٌّ على علماء أمة الإسلام ودعاتها ومثقفيها المخلصين أن يتهيأوا لقيادة العالم كلٌ وما يستطيع ولا تهولنهم الأراجيف فـ ((المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها قلوبهم واحدة موالية لله ولرسوله ولعباده المؤمنين معادية لأعداء الله ورسوله وأعداء عباده المؤمنين وقلوبهم الصادقة وأدعيتهم الصالحة هي العسكر الذي لا يغلب والجند الذي لا يخذل فإنهم هم الطائفة المنصورة إلى يوم القيامة)) ف (1) السعيد من كان له في ذلك حظ ونصيب و ((لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم))

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

(1) مجموع الفتاوى (28 / 644) .

ص: 67