المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌خاتمة المطاف: نستطيع في ختام هذا البحث أن نصل إلى هذه - رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة

[شعبان إسماعيل]

الفصل: ‌ ‌خاتمة المطاف: نستطيع في ختام هذا البحث أن نصل إلى هذه

‌خاتمة المطاف:

نستطيع في ختام هذا البحث أن نصل إلى هذه النتائج:

أولا: أن الله تعالى قد أحاط كتابه "القرآن اكريم" بالعناية والرعاية والحفظ وهيأ الأمة كلها لأن تتحمل مسئولية الحفاظ على هذا الكتاب العزيز باعتباره منهاج حياتها -بالإضافة إلى السنة النبوية- حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

ثانيا: أن الرسم العثماني للمصحف الشريف والذي جمعه -أولا- الخليفة الأول: أبو بكر رضي الله عنه، هو نفسه الذي كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق كُتَّاب الوحي، وقرئ عليه صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة، وتناقتله الأمة إلى يومنا هذا، دون زيادة أو نقصان، وبذلك يكون هذا الرسم بظواهره المختلفة توقيفي وأجمعت عليه الأمة منذ عصر الصحابة رضي الله عنهم ولا يجوز تغييره بحال من الأحوال، كما لا تجوز كتابته بالطرق الإملائية الحديثة، ولا بغير اللغة العربية.

ثالثا: أن المصاحف العثمانية التي أرسلها عثمان رضي الله عنه إلى الأمصار الإسلامية كانت مشتملة على ما تواتر نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووافق اللغة العربية واستقر في العرضة الأخيرة التي عارضه بها جبريل عليه السلام، وهو يمثل ما بقي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم، ونسخ بعضها في العرضة الأخيرة.

رابعا: أن الظواهر التي في المصاحف، مما يخالف قواعد الإملاء المعروفة، إنما كانت لحكم وأسرار كثيرة، كالدلالة على أصل الحرف، أو الإشارة إلى بعض القراءات التي لا يمكن أن يقرأ بها إذا كتب بطريقة أخرى، أو غير ذلك من الأسرار التي أشرنا إليها في داخل البحث، وإذا كانت هناك ظواهر لم تظهر لنا الحكمة منها حتى الآن، فعلينا أن نلتزم بها ونكل أمر تفسيرها إلى الله تعالى، وأن نتبع ولا نبتدع، وأن نتهم أنفسنا بالعجز عن إدراك أسرارها.

خامسا: ظهر من خلال هذا البحث: خطأ الفريق الذي اتهم الصحابة رضي الله عنهم بالجهل بقواعد الكتابة، وثبت -بما لا يدع مجالا للشك -أنهم رضي الله عنهم كانوا على علم تام، وعلى بصيرة ونور، ولذلك فرقوا بين الكلمات المتشابهة بزيادة بعض الحروف، أو كتابة الكلمة بطريقة معينة، مما يدل

ص: 103

على علو مكانتهم، ورفعة منزلتهم، وأن الله -تعالى- حفظ على أيديهم هذا الكتاب المجيد الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} .

سادسا: تبين أن علامات الضبط والشكل كانت متأخرة إلى حد ما، وأن الهدف منها، حفظ كتاب الله تعالى من التحريف والتبديل، بعد أن اختلط اللسان العربي باللسان العجمي، وأن هذه العلامات لا دخل لها بالرسم، وإنما هي مساعدة على النطق السليم به فقط.

سابعا: أن مجمع البحوث الإسلامية، بالأزهر، والمجامع الفقهية بالمملكة العربية السعودية، وهيئة كبار العلماء بها، كل هذه الجهات العلمية بحثت موضوع "الرسم العثماني" وأجمعت على وجوب الالتزام به، وعدم جواز طبع المصحف بالرسم الإملائي الحديث؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى تحريف القرآن الكريم؛ لأن الرسم الإملائي نفسه عرضة للتغيير من حين لآخر، وقد جاء الإسلام بسد ذرائع الشر ومنع أسباب الفتن.

كما يستفاد -أخيرا- أفضلية هذه الأمة على سائر الأمم، وأن الله تعالى اختارها لحمل منهجه في صورته الأخيرة، دون زيادة أو نقصان، ولذلك كانت خير الأمم على الإطلاق.

قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110] .

وقال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: 32] . فالحمد لله الذي جعلنا من هذه الأمة، ومن حملة كتابه الكريم.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تتنزل الرحمات.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصلى الله على سينا محمد وآله وصحبه وسلم.

شعبان محمد إسماعيل

مكة المكرمة

في 17/ 8/ 1418هـ

ص: 104