الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظواهر الرسم العثماني وموقف العلماء منها:
الرسم: أصله الأثر. أي: أثر الكتابة في اللفظ.
ومعناه: تصوير الكلمة بحروف هجائها، بتقدير الابتداء بها والوقف عليها.
فالأصل في كل كلمة أن تكتب بحسب منطوق حروفها، بدون زيادة أو نقصان، أو إبدال أو غير ذلك، وهو ما يعرف بالرسم العثماني، وأكثر الكلمات القرآنية متفقة مع هذه القواعد.
وقد خرجت عن هذه القواعد بعض الألفاظ فرسمت بالزيادة أو الحذف أو الإبدال، أو غير ذلك من الظواهر التي تضمنها علم "الرسم العثماني".
وقد حصرها العلماء في: الحذف، والزيادة، والهمز، والبدل، والفصل والوصل، وما فيه قراءتان متواتراتان وكتب على إحداهما.
أولا- الحذف:
وتحته ثلاثة أنواع:
أ- حذف الإشارة، وهو أن يكون موافقا لبعض القراءات مثل قوله تعالى:"وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة"1 قرئ بحذف الألف التي بعد الواو من "واعدنا" كما قرئ بإثباتها، فحذفت الألف إشارة إلى قراءة الحذف، والقراءة الثانية جاءت على الأصل وهي المواعدة، فالله تعالى وعد موسى الوحي، وموسى عليه السلام وعد الله تعالى المجيء2.
ب- حذف الاختصار، كحذف ألف جمع المذكر السالم والمؤنث السالم، مثل: قوله تعالى: "سمعون للكذب سمعون لقوم آخرين"3.
ومثل قوله تعالى: "إن المسلمين والمسلمت والمؤمنين والمؤمنت والقنتين
1 سورة البقرة من الآية "51".
2 انظر: حجة القراءات ص96.
3 سورة المائدة من الآية "41".
والقنتات"1 إلى آخر الآية الكريمة. كل ذلك رسم بحذف الألف.
جـ- حذف الاقتصار، وهو ما اختص ببعض الكلمات دون بعض مثل قوله تعالى:{وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} 2 رسمت بحذف الألف بعد العين.
ثانيا- الزيادة:
مثل: زيادة الألف في قوله تعالى: "أو لأاذبحنه"3، والواو في مثل قوله تعالى:{وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} 4 ومثلها: "أولي، أولاء" وزيادة الياء في مثل قوله تعالى: "والسماء بنيناها بأييد"5 رسمت بزيادة الياء في "بأييد".
ثالثا- البدل:
وهو جعل حرف مكان حرف آخر، كرسم الألف واوا في مثل "الصلاة، الزكاة، الحياة".
رابعا- الفصل والوصل:
ويعبر عنها بالقطع والوصل، أي: قطع الكلمة عما بعدها أو وصلها بها، مثل: قطع "أم" عن "من" في قوله تعالى: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} 6، أو وصلها بها في مثل قوله تعالى:{أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ} 7.
خامسا- رسم الهمزة:
لرسم الهمزة عدة حالات، خلاصتها: أنها إما أن تكون ساكنة أو متحركة، والساكنة إما أن تكون وسطا أو طرفا، وهي في هاتين الحالتين تصور بحسب الحرف الذي قبلها، فإن كان مفتوحا رسمت ألفا مثل "أنشأتم" وإن كان مكسورا صورت ياء، مثل:"نبي" وإن كان مضموما رسمت واوا مثل:
1 سورة التحريم من الآية "5".
2 سورة الأنفال من الآية "42".
3 سورة النمل من الآية "21".
4 سورة ص من الآية "29".
5 سورة الذاريات من الآية "47".
6 سورة النساء من الآية "109".
7 سورة الملك من الآية "21".
"اللؤلؤ".
أما المتحركة: فإن كانت في ابتداء الكلام رسمت ألفا مطلقا مثل: "أبصر، إخراج، أعيذك".
وإن كانت وسطا: فإن كان ما قبلها متحركا رسمت ألفا إن كانت مفتوحة وقبلها فتح مثل "سألوا"، وإن كانت مكسورة رسمت ياء بعد الحركات الثلاث مثل:"يئسوا، بارئكم، سئلت" وكذلك إذا كانت مفتوحة أو مضمومة وقبلها كسر مثل: "فئة، سنقرئك".
كما ترسم واوا إذا كانت مضمومة، بعد فتح مثل:"رؤوف"، أو مفتوحة بعد ضم مثل:"مؤجلا".
أما إن سكن ما قبلها: فإنها تحذف صورتها مثل: "يسئمون، نساءكم"، إلا إذا كانت مكسورة بعد ألف، فإنها ترسم ياء مثل:"قائمة"، أو مضمومة بعد ألف، فإنها ترسم واوا، مثل:"هاؤهم".
أما المتطرفة: فإن كان ما قبلها متحرك رسمت بصورة الحرف الذي منه حركته، مثل:"بدأ، قرئ، نقرؤه" وإن سكن ما قبلها لم ترسم صورتها مثل "ملء، شيء، سوء" هذه هي القواعد العامة للهمزة.
وقد خرج عن هذه القواعد كلمات مخصوصة رسمت بصورة معينة، مثل كلمة "رءيا"1 كتبت بياء واحدة، وحذفت صورة الهمزة، كراهة اجتماع مثلين2.
ومثل: "تؤى، تؤيه" رسمتا بواو واحدة، وكذلك "الرءيا" مضموم الواو كتب بحذف الواو.
إلى آخر هذه الاستثناءات التي خرجت عن القواعد المتقدمة، لعلل وأسرار منها ما عرفناه، ومنها ما لم نعرفه إلى الآن3.
1 من قوله تعالى: "هم أحسن أثاثا ورءيا" سورة مريم من الآية "74".
2 انظر: سمير الطالبين ص78.
3 انظر: المقنع ص33، 43، 61، الإتقان "212 وما بعدها" سمير الطالبين ص76 وما بعدها.
سادسا- ما كانت فيه قراءتان ورسم على إحداهما:
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} 1 كتبت في مصحفي أهل المدينة والشام "وأوصى" وفي بقية المصاحف {وَوَصَّى} حسب قراءة كل منهم.
ومثل قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} 2 كتبت في مصحف أهل المدينة ومصحف أهل الشام "سارعوا" بدون الواو، وفي البقية {وَسَارِعُوا} حسب قراءة كل منهم كذلك3.
1 سورة البقرة من الآية "132".
2 سورة آل عمران من الآية "133".
3 تقدم لهذه الظاهرة أمثلة كثيرة عند موضوع كيفية اشتمال المصاحف العثمانية على الأحرف السبعة.