المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير سورة الفتح - روح البيان - جـ ٩

[إسماعيل حقي]

الفصل: ‌تفسير سورة الفتح

‌الجزء التاسع

من تفسير روح البيان

‌تفسير سورة الفتح

(بسم الله الرحمن الرحيم)

سورة الفتح سبع وعشرون آية مدنية بلا خلاف نزلت في رجع رسول الله عن مكة عام الحديبية وقال الزهري نزلت سورة الفتح من أولها الى آخرها بين مكة والمدينة فى شان الحديبية قال البقاعي نزلت بضجنان بفتح الضاد المعجمة والجيم والنونين فى القاموس ضبجنان كسكران جبل قرب مكة وفى انسان العيون نزلت بكراع الغميم وهو موضع على ثلاثة أميال من عسفان وهو كعثمان موضع على مرجلتين من مكة فان قلت إذا لم تتزل بالمدينة كيف تكون مدنية قلت المدني فى الاصطلاح ما نزل بعد الهجرة نزل بالمدينة او غيرها كما ان المكي ما نزل قبلها كما فى حواشى سعدى المفتى إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فتح البلد عبارة عن الظفر به عنوة او صلحا بحرب او بدونه فانه ما لم يظفر منغلق مأخوذ من فتح باب الدار قال فى عين المعاني الفتح هو الفرج المزيل للهم لان المطلوب كالمنغلق فاذا نيل انفتح وفى المفردات الفتح ازالة الاغلاق والاشكال وذلك ضربان أحدهما يدرك بالبصر نحو فتح الباب والغلق والغفل والمتاع نحو قوله ولما فتحوا متاعهم والثاني ما يدرك بالبصيرة كفتح الهم وهو ازالة الغم وذلك ضربان أحدهما في الأمور الدنيوية كغم يفرج وفقر يزال بإعطاء المال ونحوه والثاني فتح المستغلق من العلوم نحو قولك فلان فتح من العلم بابا مغلقا انتهى واسناده الى نون العظمة لاستناد افعال العباد اليه تعالى خلقا وإيجادا والمراد فتح مكة وهو المروي عن انس رضى الله عنه بشربه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انصرافه من الحديبية والتعبير عنه بصيغة الماضي على سنن سائر الاخبار الربانية للايذان تحققه لا محاله تأكيدا للتبشير كما ان تصدير الكلام بحرف التحقيق كذلك وفيه من الفخامة

ص: 2

المنبئة عن عظمة شأن المخبر جل جلاله وعز سلطانه ما لا يخفى وحذف المفعول للقصد الى نفس الفعل والإيذان بان مناط التبشير نفس الفتح الصادر عنه سبحانه لا خصوصية المفتوح قال الامام الراغب انّا فتحنا لك يقال عنى فتح مكة ويقال بل عنى ما فتح على النبي عليه السلام من العلوم والهدايات التي هى ذريعة الى الثواب والمقام المحمود التي صارت سببا لغفران ذنوبه انتهى وسيجيء غير هذا فَتْحاً مُبِيناً اى بينا ظاهر الأمر مكشوف الحال او فارقا بين الحق والباطل وقال بعضهم المراد بالفتح المبين هو الصلح مع قريش فى غزوة الحديبية وهى كدوهية وقد تشدد بئر قرب مكة حرسها الله تعالى او شجرة حدباء كانت هنالك كما فى القاموس سمى المكان باسمها وسبيها انه صلّى الله تعالى عليه وسلّم رأى فى المنام انه دخل مكة هو وأصحابه آمنين محلقين رؤسهم ومقصرين اى بعضهم محلق وبعضهم مقصر وانه دخل البيت وأخذ مفتاحه وطاف هو وأصحابه واعتمر واخبر بذلك أصحابه ففر حواثم اخبر أصحابه انه يريد الخروج للعمرة فتجهزوا للسفر وخرج عليه السلام بعد ان اغتسل ببيته ولبس ثوبين وركب راحلته القصوى من عند بابه ومعه ألف وأربعمائة من المسلمين على الصحيح وابطأ عليه كثير من اهل البوادي خشية قريش وساق عليه السلام معه الهدى سبعين بدنة وكان خروجه يوم الاثنين غرة ذى القعدة من السنة السادسة من الهجرة فلما وصل الى ذى الحليفة وهو ميقات المدنيين صلى بالمسجد الذي ركعتين واحرم بالعمرة واحرم معه غالب أصحابه ومنهم من لم يحرم الامن الجحفة وهو ميقات اهل الشام وانما خرج معتمرا ليأمن اهل مكة ومن حولها من حربه وليعلموا انه عليه السلام انما خرج زائر للبيت فلما كان الاصحاب فى بعض المحال اقبلوا نحوه عليه السلام وكان بين يديه ركوة يتوضأ منها فقال ما لكم فقالوا يا رسول الله ليس عندنا ماء نشرب ولا ماء نتوضأ منه الا فى ركوتك فوضع رسول الله يده فى الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه الشريفة أمثال العيون فشربوا وتوضأوا حتى قال جابر رضى الله عنه لو كنا مائة الف لكفانا وهو اعجب من نبع الماء لموسى عليه السلام من الحجر فان نبعه من الحجر متعارف معهود واما من بين اللحم والدم فلم يعهد وانما لم يخرجه عليه السلام بغير ملامسة ماءتأدبا مع الله لانه المنفرد بإبداع المعدومات من غير اصل وأرسل عليه السلام بشر بن سفيان الى مكة عينا له فلما كانوا بعسفان جاء

وقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بخروجك فلبسوا جلود النمر أي أظهروا العداوة والحقد واستنفروا من أطاعهم من الأحابيش وهى قبيلة عظيمة من العرب ومعهم زادهم ونساؤهم وأولادهم ليكون ادعى لعدم الفرار وقد نزلوا بذي طوى وهو موضع بمكة مثلث الطاء ويصرف كما فى القاموس يعاهدون الله ان لا ندخلها عليهم عنوة ابدا فقال عليه السلام أشيروا على ايها الناس أتريدون ان نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه وقال المقداد يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون فقال عليه السلام فامضوا على اسم الله فساروا ثم قال هل من رجل يخرجنا عن طريق الى غير طريقهم التي هم بها فقال رجل من اسلم وهو ناجية بن جندب

ص: 3

انا يا رسول الله فسلك بهم طريقا وعراثم افضوا الى ارض سهلة ثم امر رسول الله أن يسلكوا طريقا يخرجهم على مهبط الحديبية من أسفل مكة فسلكوا ذلك الطريق فلما نزلوا بالحديبية نزح ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة ماء فاشتكى الناس الى رسول الله العطش وكان الحر شديدا فاخرج عليه السلام سهما من كنانته ودفعه الى البرآء ابن عازب وامره ان يغرزه فى جوف البئر او تمضمض رسول الله ثم مجه فى البئر فجاش الماء ثم امتلأت البئر فشربوا جميعا ورويت إبلهم وفى التفاسير ولم ينفد ماؤها بعد وفى انسان العيون فلما ارتحلوا من الحديبية أخذ البراء السهم فجف الماء كان لم يكن هناك شىء فلما اطمأن رسول الله بالحديبية أتاه بديل بن ورقاء وكان سيد قومه فسأله ما الذي جاء به فاخبره انه لم يأت يريد حربا انما جاء زائرا للبيت فلما رجع الى قريش لم يستمعوا وأرسلوا الحليس بن علقمة وكان سيدا لا حابيش فلم يعتمدوا عليه ايضا وأرسلوا عروة بن مسعود الثقفي عظيم الطائف ومتمول العرب ولما قام عروة بالخبر من عنده عليه السلام وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يغسل يديه الا ابتدروا وضوءه اى كادوا يقتتلون عليه ولا يبصق بصاقا الا ابتدروه اى يدلك به من وقع فى يده وجهه وجلده ولا يسقط من شعره شىء الا أخذوه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ولا يحدون النظر اليه تعظيما له فقال يا معشر قريش انى جئت كسرى فى ملكه وقيصر فى ملكه والنجاشي فى ملكه والله ما رأيت ملكا فى قوم قط مثل محمد فى أصحابه أخاف ان لا تنصروا عليه فقالت له قريش لا تتكلم بهذا يا أبا يعفور ولكن نرده عامنا هذا ويرجع من قابل فقال ما أراكم الا ستصيبكم قارعة ثم انصرف هو ومن معه الى الطائف واسلم بعد ذلك ودعا عليه السلام خراش بن امية الخزاعي فبعثه الى قريش وحمله عليه السلام على بعير له يقال له الثعلب ليبلغ اشرافهم عنه ما جاء له فعقر وأجمل رسول الله وأرادوا قتل خراش فمنعه الأحابيش فخلوا سبيله حتى اتى رسول الله وأخبره بما لقى ثم دعا رسول الله عمر بن الخطاب رضى الله عنه ليبلغ عنه اشراف قريش ما جاء له فقال يا رسول الله انى أخاف قريشا على نفسى وما بمكة من بنى عدى ابن كعب أحد يمنعنى وقد عرفت قريش عداوتى إياها وغلظتى عليها ولكن ادلك على رجل أعز بها منى عثمان بن غفان رضى الله عنه فان بنى عمه يمنعونه فدعا عليه السلام عثمان فبعثه الى اشراف قريش يخبرهم بالخبر وامر عليه السلام عثمان ان يأتى رجالا مسلمين بمكة ونساء مسلمات ويدخل عليهم ويخبرهم ان الله قرب ان يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالايمان فخرج عثمان رضى الله عنه الى مكة ومعه عشرة رجال من الصحابة بإذن رسول الله ليزوروا أهاليهم هناك فلقى عثمان قبل أن يدخل مكة ابان ابن سعيد فاجازه حتى يبلغ رسالة رسول الله وجعله بين يديه فاتى عظماء قريش فبلغهم الرسالة وهم يرددون عليه ان محمدا لا يدخل علينا ابدا فلما فرغ عثمان من تبليغ الرسالة قالوا له ان شئت فطف بالبيت فقال ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول الله وكانت قريش قد احتبست عثمان عندها ثلاثة ايام فبلغ رسول الله ان عثمان قد قتل وكذا من معه من العشرة فقال عليه

السلام لا نبرح حتى نناجز القوم اى نقاتلهم فامره الله بالبيعة فنادى مناديه ايها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس

ص: 4

فاخرجوا على اسم الله فثاروا الى رسول الله وهو تحت شجرة من أشجار السمر بضم الميم شجر معروف فبايعوه على عدم الفرار وانه اما الفتح واما الشهادة وبايع عليه السلام عن عثمان اى على تقدير عدم صحة القول بقتله فوضع يده اليمنى على يده اليسرى وقال اللهم ان هذه عن عثمان فانه فى حاجتك وحاجة رسولك وسيجيء معنى المبايعة وقيل لهابيعة الرضوان لان الله تعالى رضى عنهم وقال عليه السلام لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة وقال ايضا لا يدخل النار من شهد بدر او الحديبية وأول من بايع سنان بن ابى سنان الأسدي فقال للنبى عليه السلام أبايعك على ما فى نفسك قال وما فى نفسى قال اضرب بسيفى بين يديك حتى يظهرك الله او اقتل وصار الناس يقولون نبايعك على ما بايعك عليه سنان (روى) ان عثمان رضى الله عنه رجع بعد ثلاثة ايام فبايع هو ايضا وكان محمد بن مسلمة على حرس رسول الله فبعث قريش أربعين رجلا عليهم مكرز بن حفص ليطوفوا بعسكر رسول الله ليلا رجاء أن يصيبوا منهم أحدا ويجدوا منهم غرة اى غفلة فاخذهم محمد بن مسلمة الا مكرزا فانه أفلت واتى بهم الى رسول الله فحبسوا وبلغ قريشا حبس أصحابهم فجاء جمع منهم حتى رموا المسلمين بالنبل والحجارة وقتل من المسلمين ابن رسم رمى بسهم فاسر المسلمون منهم اثنى عشر رجلا وعند ذلك بعثث قريش الى رسول الله جمعا فيهم سهيل بن عمرو فلما رآه عليه السلام قال لاصحابه سهل أمركم وكان يحب الفأل بمثل هذا فقال سهيل يا محمد ان ما كان من حبس أصحابك اى عثمان والعشرة وما كان من قتال من قاتلك لم يكن من رأى ذوى رأينا بل كنا كارهين له حين بلغنا ولم نعلم وكان من سفهائنا فابعث إلينا من أصحابنا الذين أسروا اولا وثانيا فقال عليه السلام انى غير مرسلهم حتى ترسلوا أصحابي فقالوا نفعل فبعث سهيل ومن معه الى قريش بذلك فبعثوا من كان عندهم وهو عثمان والعشرة فارسل رسول الله أصحابهم ولما علمت قريش بهذه البيعة كبرت عليهم وخافوا أن يحاربوا وأشار اهل الرأى بالصلح على أن يرجع ويعود من قابل فيقيم ثلاثا فبعثوا سهيل بن عمر وثانيا ومعه مكرز بن حفص وحويط بن عبد العزى الى رسول الله ليصالحه على ان يرجع من عامه هذا لئلا يتحدث العرب بأنه دخل عنوة ويعود من قابل فلما رآه عليه السلام مقبلا قال أراد القوم الصلح حيث بعثوا هذا الرجل اى ثانيا فالتأم الأمر بينهم على الصلح وان كان بعض الاصحاب لم يرضوا به فى أول الأمر حتى قالوا علام نعطى الدنية بفتح الدال وكسر النون وتشديد الياء النقيصة والخصلة المذمومة فى ديننا وهم مشركون ونحن مسلمون فأشار عليه السلام بالرضى ومتابعة الرسول ثم دعا عليه السلام عليا فقال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل لا اعرف هذا اى الرحمن الرحيم ولكن اكتب باسمك اللهم فكتبها لان قريشا كانت تقولها ثم قال رسول الله اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمر وفقال سهيل لو شهدت انك رسول الله لم أقاتلك ولم اصدك عن البيت ولكن اكتب اسمك واسم أبيك فقال عليه السلام لعلى رضى الله عنه امح رسول الله فقال والله ما أمحوك ابدا فقال أرنيه فأراه إياه فمحاه رسول الله بيده الشريفة وقال اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو فقال انا والله رسول الله وان كذبتمونى وانا محمد بن عبد الله وكان الصلح على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيه الناس ويكف

ص: 5

بعضهم عن بعض ومن أتى محمدا من قريش ممن هو على دين محمد بغير اذن وليه رده اليه ذكرا كان او أنثى ومن اتى قريشا ممن كان مع محمد اى مرتدا ذكرا كان او أنثى لم ترده اليه وسبب الاول ان فى رد المسلم الى مكة عمارة للبيت وزيادة خير له فى الصلاة بالمسجد الحرام والطواف بالبيت فكان هذا من تعظيم حرمات الله وسبب الثاني انه ليس من المسلمين فلا حاجة الى رده وشرطوا انه من

أحب أن يدخل فى عقد محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهد هم دخل فيه وان بيننا وبينكم عيبة مكفوفة اى صدورا منطوية على ما فيها لا تبدى عداوة بل منطوية على الوفاء بالصلح وانه لا إسلال ولا أغلال اى لا سرقة ولا خيانة قال سهيل وانك ترجع عامك هذا فلا تدخل مكة وانه إذا كان عام قابل خرج منها قريش فد خلتها باصحابك فأقمت بها ثلاثة ايام معك سلاح الراكب السيوف فى القرب والقوس لا تدخلها بغير هما وكان المسلمون لا يشكون فى دخولهم مكة وطوافهم بالبيت ذلك العام للرؤيا التي رآها رسول الله فلما رأوا الصلح وما تحمله رسول الله فى نفسه دخلهم من ذلك امر عظيم حتى كادوا يهلكون خصوصا من اشتراط ان يرد الى المشركين من جاء مسلما منهم وكانت بيعة الرضوان قبل الصلح وانها السبب الباعث لقريش عليه ولما فرغ رسول الله من الصلح واشهد عليه رجالا من المسلمين قام الى هديه فنحره وفرق لحم الهدى على الفقراء الذين حضروا الحديبية وفى رواية بعث الى مكة عشرين بدنة مع ناجية رضى الله عنه حتى نحرت بالمروة وقسم لحمها على فقراء مكة ثم جلس رسول الله فى قبة من أديم احمر فحلق رأسه خداش الذي بعث الى قريش كما تقدم ورمى شعره على شجرة فاخذه الناس تبركا وأخذت أم عمارة رضى الله عنها طاقات منه فكانت تغسلها للمريض وتسقيه فيبرأ بإذن الله تعالى فلما رأوا رسول الله قد نحر رافعا صوته باسم الله والله اكبر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون وقصر بعضهم كعثمان وابى قتاده رضى الله عنهما وقال عليه السلام اللهم ارحم المحلقين دون المقصرين قال لانهم لم يرجوا أن يطوفوا بالبيت بخلاف المقصرين اى لان الظاهر من حالهم انهم أخروا بقية شعورهم رجاء أن يحلقوا بعد طوافهم وأرسل الله ريحا عاصفة احتملت شعورهم فألقتها فى قرب الحرم وان كان اكثر الحديبية فى الحرم فاستبشروا بقبول عمرتهم واقام عليه السلام بالحديبية تسعة عشر او عشرين يوما ثم انصرف قافلا الى المدينة فلما كان بين الحرمين وأتى بكراع الغميم على ما فى انسان العيون وغيره أنزلت عليه سورة الفتح وحصل للناس مجاعة هموا أن يتحروا ظهورهم فقال عليه السلام ابسطوا انطاعكم وعباءكم ففعلوا ثم قال من كان عنده بقية من زاد او طعام فلينشره ودعا لهم ثم قال قربوا اوعيتكم فأخذوا ما شاء الله وحشوا أوعيتهم وأكلوا حتى شبعوا وبقي مثله وقال عليه السلام لرجل من أصحابه هل من وضوء بفتح الواو وهو ما يتوضأ به فجاء بأداوة وهى الركوة فيها ماء قليل فأفرغها فى قدح ووضع راحته الشريفة فى ذلك الماء قال الراوي فتوضأنا كلنا اى الالف والاربعمائة نصبه صبا شديدا ولما أنزلت سورة الفتح قال عليه السلام لاصحابه أنزلت على سورة هى أحب الى مما طلعت عليه الشمس وفى رواية لقد أنزلت على

ص: 6

سورة ما يسرنى بها حمر النعم والحمر بسكون الميم جمع أحمر والنعم بفتحتين تطلق على جماعة الإبل لا واحد لها من لفظها والمراد بحمر النعم الإبل الحمر وهى من أنفس اموال العرب يضربون بها المثل فى نفاسة الشيء وانه ليس هناك أعظم منها ثم قرأ السورة عليهم وهنأهم وهنأوه يعنى ايشانرا تهنيه كفت واصحاب نيز ويرا مبارك باد گفتند وتكلم بعض الصحابة وقال هذا ما هو بفتح لقد صدونا عن البيت وصد هدينا فقال عليه السلام لما بلغه بئس الكلام بل هو أعظم الفتح لقد رضى المشركون أن يدفعوكم بالبراح عن بلادهم وسألوكم القضية اى الصلح والتجئوا إليكم فى الامان وقد رأوا منكم ما كرهوا وظفر كم الله عليهم وردكم سالمين مأجورين فهو أعظم الفتوح أنسيتم يوم أحد وأنا أدعوكم فى اخراكم أنسيتم يوم الأحزاب إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا فقال المسلمون صدق الله ورسوله هو أعظم الفتوح والله يا نبى الله ما فكرنا فيما فكرت فيه ولأنت اعلم بالله وبأمره منا وقال له عمر رضى الله عنه ألم تقل انك تدخل مكة آمنا قال بلى أفقلت لكم من عامى هذا قالوا لا قال فهو كما قال جبريل فانكم تأتونه وتطوفون

به اى لانه جاءه الوحى بمثل ما رأى وذكر بعضهم انه عليه السلام لما دخل مكة فى العام القابل وحلق رأسه قال هذا الذي وعدتكم فلما كان يوم الفتح وأخذ المفتاح قال هذا الذي قلت لكم يقول الفقير لا شك ان الاصحاب رضى الله عنهم لم يشكوا فى امر النبي عليه السلام ولم يكن كلامهم معه من قبيل الاعتراض عليه وانما سألوه استعلاما لما داخلهم شيء مما لا يخلو عنه البشر فان الأمر عميق والا فأدنى مراتب الارادة فى باب الولاية ترك الاعتراض فكيف فى باب النبوة ولله تعالى حكم ومصالح فى إيراد انا فتحنا بصيغة الماضي فانه بظاهره ناطق بفتح الصلح وبحقيقته مشير الى فتح مكة فى الزمان الآتي وكل منهما فتح اى فتح وحاصل ما قال العلماء انه سمى الصلح فتحامع انه ليس بفتح لا عرفا لانه ليس بظفر على البلد ولا لغة لانه ليس بظفر للمنغلق كيف وقد أحصروا ومنعوا من البيت فنحروا وحلقو بالحديبية واى ظفر فى ذلك فالجواب ان الصلح مع المشركين فتح بالمعنى اللغوي لانه كان منغلقا ومتعذرا وقت نزولهم بالحديبية الا انه لما آل الأمر الى بيعة الرضوان وظهر عند المشركين اتفاق كلمة المؤمنين وصدق عزيمتهم على الجهاد والقتال ضعفوا وخافوا حتى اضطروا الى طلب الصلح وتحقق بذلك غلبة المسلمين عليهم مع ان ذلك الصلح قد كان سببا لامور أخر كانت منغلقة قبل ذلك منها ان المشركين اختلطوا بالمسلمين بسببه فسمعوا كلامهم وتمكن الإسلام فى قلوبهم واسلم فى مدة قليلة خلق كثير كثر بهم سواد اهل الإسلام حتى قالوا دخل فى تلك السنة فى الإسلام مثل من دخل فيه قبل ذلك واكثر وفرغ عليه السلام بهذا الصلح لسائر العرب فغزاهم وفتح مواضع خصوصا خيبر واغتنم المسلمون واتفقت فى تلك السنة ملحمة عظيمة بين الروم وفارس غلبت فيها الروم على فارس وكانت غلبتهم عليهم من دلائل النبوة حيث كان عليه السلام وعد بوقوع تلك الغلبة فى بضع سنين وهو ما بين الثلاث الى التسع فكانت كما وعد بها فظهر بها صدقه عليه السلام فكانت من جملة الفتح وسر به عليه السلام والمؤمنون لظهور اهل الكتاب على المجوس الى غير ذلك من

ص: 7

فتوحات الله الجليلة ونعمه العظيمة لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ غاية للفتح من حيث انه مترتب على سعيه عليه السلام فى إعلاء كلمة الله بمكابدة مشاق الحروب واقتحام موارد الخطوب قال بعضهم لما لم يظهر وجه تعليل الفتح بالمغفرة جعل الفتح مجازا مرسلا عن اسباب الفتح ليغفر لك فالفتح معلول مترتب على الافعال المؤدية الى المغفرة وان المغفرة علة حاملة على تلك الافعال فصح جعلها علة لما ترتب على تلك الافعال وهو الفتح وجعل الزمخشري فتح مكة علة للمغفرة وهو أوفق للمذهب الحق لان افعال الله تعالى لا تعلل بالأغراض على مذهبهم فليست اللام على حقيقتها بل هى اما للصيرورة والعاقبة او لتشبيه مدخولها بالعلة الغائية فى ترتبها على متعلقها وايضا ان العلة الغائية لها جهتا علية ومعلولية على ما تقرر فلا لوم على من نظر الى جهة المعلولية كالزمحشرى لظهور صحته كما فى حواشى سعدى المفتى والالتفات الى اسم الذات المستتبع لجميع الصفات للاشعار بأن كل واحد مما انتظم فى سلك الغاية من أفعاله تعالى صادر عنه تعالى من حيثية غير حيثية الآخر مترتبه على صفة من صفاته تعالى قال ابن الشيخ فى اظهار فاعل قوله ليغفر لك وينصرك اشعار بأن كل واحد من المغفرة والنصرة متفرع على الالوهية وكونه معبودا بالحق والمغفرة ستر الذنوب ومحوها قال بعض الكبار المغفرة أشد عند العارفين من العقوبة لان العقوبة جزاء فتكون الراحة عقيب الاستيفاء فهو بمنزلة من استوفى حقه والغفران ليس كذلك فانك تعرف ان الحق عليك متوجه وانه أنعم عليك بترك المطالبة فلا تزال خجلا ذا حياء ولهذا إذا غفر الله تعالى للعبد ذنبه أحال بينه وبين تذكره وأنساه إياه وانه لو تذكره لا ستحيى ولا عذاب على النفوس أعظم من الحياء حتى يود صاحب الحياء انه لم يكن شيأ كما قالت مريم الكاملة يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا هذا حياء من المخلوقين فكيف بالحياء من الله تعالى فيما فعل العبد من المخالفات ومن هذا الباب ما حكى ان الفضيل قدس سره وقف فى بعض حجاته ولم ينطق بشيء فلما غربت الشمس قال وا سوأتاه وان عفوت (قال الصائب) هرگز نداد شرم مرا رخصت نكاه. در هجر ووصل روى بديوار داشتم ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ اى جميع ما فرط منك من ترك الاولى وتسميته ذنبا بالنظر الى منصبه الجليل لان حسنات الأبرار سيئات المقربين على ما قاله ابو سعيد الخراز قدس سره (وفى المثنوى) آنكه عين لطف باشد بر عوام قهر شد بر عشق كيشان كرام قال بعضهم اى جميع ما صدر منك قبل النبوة وبعدها مما يطلق عليه الذنب قال فى شرح المواقف حمله على ما تقدم على النبوة وما تأخر عنها لا دلالة للفظ عليه إذ يجوز ان أن يصدر عنه قبل النبوة صغيرتان إحداهما متقدمة على الاخرى انتهى وفيه انه يصح أن يطلق على كل من الصغيرتين انهما قبل النبوة قان التقدم والتأخر إضافي وهو اللائح قال اهل الكلام ان الأنبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده بإجماع العلماء ومن سائر الكبائر عمدا بعد الوحى واما سهوا فجوزه الأكثرون واما الصغائر فتجوز عمدا عند الجمهور وسهوا بالاتفاق واما قبل الوحى فلا دليل بحسب السمع او العقل على امتناع صدور الكبيرة وقال عطاء الخراسانى ما تقدم من ذنبك اى ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك روى ان آدم لما اعترف

ص: 8

بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد أن تغفر لى فقال الله يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فى من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعرفت انك لم تضف إلى اسمك الا اسم أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم انه لأحب الخلق الى فغفرت لك ولولا محمد لما خلقتك رواه البيهقي فى دلائله وما تأخر من ذنوب أمتك بدعوتك وشفاعتك سلمى قدس سره فرمود كه ذنب آدم را بوى اضافت كرد چهـ در وقت زلت در صلب وى بوده وكناه امت را بوى اسناد فرمود چهـ او پيش رودكار ساز ايشانست وقال ابن عطاء قدس سره لما بلغ عليه السلام سدرة المنتهى ليلة المعراج قدم هو وأخر جبريل فقال لجبريل تتركنى فى هذا الموضع وحدى فعاتبه الله حين سكن الى جبريل فقال ليغفرلك الله

ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيكون كل من الذنبين بعد النبوة وقال سفيان الثوري رحمه الله ما تقدم ما عملت فى الجاهلية وما تأخر ما لم تعمله قال فى كشف الاسرار ويذكر مثل ذلك على طريق التأكيد كما يقال أعطى من رآه ومن لم يره وضرب من لقيه ومن لم يلقه انتهى لكن فيه انه خارج من ادب العبارة فالواجب أن يقال ما تقدم اى ما عملت قبل الوحى وقيل ما تقدم من ذنب يوم بدر وما تأخر من ذنب يوم حنين حيث قال يوم بدر اللهم أن تهلك هذه العصابة لا تعبد فى الأرض ابدا وكرره مرارا فأوحى الله اليه من اين تعلم انى لوا هلكتها لا اعبد ابدا فكان هذا الذنب المتقدم وقال يوم حنين بعد أن هزم الناس ورجعوا اليه لو لم ارمهم اى الكفار بكف الحصى لم يهزموا فأنزل الله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وهو الذنب المتأخر لكن فيه ان المتأخر متأخر عن الوقعة فيكون وعدا بغفران ما سيقع منه قال فى بحر العلوم وأبعد من هذا قول ابى على الرود بادى رحمه الله لو كان لك ذنب قديم او حديث لغفرناه لك انتهى يقول الفقير ابو على قدس سره من كبار العارفين فكيف يصدر عنه ما هو ابعد عند العقول بل كلامه من قبيل قوله من عرف الله عرف كل شيء يعنى لو تصورت معرفة الله لاحد وهى لا تتصور حقيقة وكذا لو تصور منه عليه السلام ذنب لغفر له لكنه لا يتصور لانه فى جميع أحواله اما مشتغل بواجب او بمندوب لا غير فهو كالملائكة فى انه لا يصدر منه المخالفة ولى معنى آخر فى هذا المقام وهو ان المراد بالمغفرة الحفظ والعصمة ازلا وابدا فيكون المعنى ليحفظك الله ويعصمك من الذنب المتقدم والمتأخر فهو تعالى انما جاء بما تقدم اشارة الى انه عليه السلام محفوظ معصوم فى اللاحق كما فى السابق فاعرفه وفى الفتوحات المكية استغفار الأنبياء لا يكون عن ذنب حقيقة كذنوبنا وانما هو عن امر يدق عن عقولنا لانه لا ذوق لنا فى مقامهم فلا يجوز حمل ذنوبهم على ما نتعقله نحن من الذنب انتهى ومؤاخذة الله عباده فى الدنيا والآخرة تطهير لهم ورحمة وفى حق الأنبياء من جهة العصمة والحفظ والعقات لا يكون الا فى مذنب والعقوبة تقتضى التأخر عن المتقدم لانها تأتى عقبه فقد تجد العقوبة الذنب فى المحل وقد لا تجده اما بأن يقلع عنه واما ان يكون الاسم العفو والغفور استوليا عليه بالاسم الرحيم فزال فترجع العقوبة حاسرة ويزول عن المذنب اسم الذنب لانه لا يسمى مذنبا الا

ص: 9

فى حال قيام الذنب به كما فى كتاب الجواهر والدرر للشعرانى وقال الشعراني فى الكبريت الأحمر قلت ويجوز حمل نحو قوله ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر على نسبة الذنب اليه من حيث ان شريعته هى التي حكمت بأنه ذنب فلولا اوحى به اليه ما كان ذنبا فجميع ذنوب أمته يضاف اليه والى شريعته بهذا التقدير وكذلك ذنب كل نبى ذكره الله وقد قالوا لم يعص آدم وانما عصى بنوه الذين كانوا فى ظهره فما كان قوله ليغفر لك إلخ الا تطمينا له عليه السلام ان الله قد غفر جميع ذنوب أمته التي جاءت بها شريعته ولو بعد عقوبة باقامة الحدود عليهم فى دار الدنيا كما وقع لما عز ومن الواجب على كل مؤمن انتحال الاجوبة للاكابر جهده وذلك مما يحبه الله ويحبه من أحبنا عنه فافهم هذا اعتقادنا الذي نلقى الله عليه ان شاء الله تعالى انتهى وفى التأويلات النجمية انا فتحنا لك فتحا مبينا يشير الى فتح باب قلبه عليه السلام الى حضرة ربوبيته بتجلى صفات جماله وجلاله وفتح ما انغلق على جميع القلوب ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك اى ليستر لك بانوار جلاله ما تقدم من ذنب وجودك من بدأ خلق روحك وهو أول شيء تعلقت به القدرة كما قال أول ما خلق الله روحى وفى رواية نورى وما تأخر اى من ذنب وجودك الى الابد وذنب الوجود هو الشركة فى الوجود وغفره ستره بنور الوحدة لمحو آثار الاثنينية انتهى وقال بعض الأكابر اعلم ان فتوح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أولها الفتح القريب

وهو فتح باب القلب بالترقي عن مقام النفس وذلك بالمكاشفات الغيبية والأنوار اليقينية وقد شاركه فى ذلك اكثر المؤمنين وثانيها الفتح المبين بظهور أنوار الروح وترقى القلب الى مقامه وحينئذ تترقى النفس الى مقام القلب فتستتر صفاتها المظلمة بالأنوار القلبية وتنتفى بالكلية وذلك معنى قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فالسابقة الهيئات المظلمة على فتح باب القلب والمتأخرة الهيئات النورانية المكتسبة بالأنوار القلبية التي تظهر فى التلوينات فيخفى حالها ولا تنتفى هذه بالفتح القريب وان انتفت الاولى لأن مقام القلب لا يكمل الا بعد الترقي الى مقام الروح واستيلاء أنواره على القلب فيظهر تلوين القلب وينتفى تلوين النفس بالكلية ويحصل فى هذا الفتح مغانم المشاهدات الروحية والمسامرات السرية وثالثها الفتح المطلق المشار أليه بقوله إذا جاء نصر الله والفتح وهو فتح باب الوحدة بالفناء المطلق والاستغراق فى عين الجمع بالشهود الذاتي. وظهور النور الاحدى فمن صحت له متابعة النبي عليه السلام أثابه الله مغاتم كثيرة وفتوحات فان حسن المتابعة سبب لفيضان الأنوار الالهية بواسطة روحانية النبي عليه السلام (قال الشيخ سعدى قدس سره) خلاف پيمبر كسى ره كزيد كه هرگز بمنزل نخواهد رسيد مپندار سعدى كه راه صفا توان رفت جز بر پى مصطفى وذلك ان الفلاسفة والبراهمة والرهابنة ادعوا معرفة الله والوصول إليه بطريق العقل والرياضة والمجاهدة من غير متابعة الأنبياء وارشاد الله تعالى فانقطعوا دون الوصول اليه (ويتم نعمته عليك) بإعلاء الدين وضم الملك الى النبوة وغيرهما مما إفاضه عليه من النعم الدينية والدنيوية وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً فى تبليغ الرسالة واقامة مراسم الرياسة واصل الاستقامة وان كمانت حاصلة قبل الفتح لكن حصل بعد ذلك من اتضاح سبل الحق واستقامة مناهجه ما لم يكن حاصلا قبل

ص: 10

وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ اظهار الاسم الجليل لكونه خاتمة الغايات ولاظهار كمال العناية بشأن النصر كما يعرب عنه تأكيده بقوله تعالى نَصْراً عَزِيزاً اى نصرا فيه عزة ومنعة فعزيزا للنسبة اى ذاعز قال فى فتح الرحمن النصر العزيز هو الذي معه غلبة العدو والظهور عليه والنصر غير العزيز هو الذي معه الحماية ودفع العدو فقط انتهى او نصرا قويا منيعا على وصف المصدر بوصف صاحبه اى المنصور مجازا للمبالغة ولم يجعل وصفا بوصف الناصر لقلة الفائدة فيه لان القصد بيان حال المخاطب لا المتكلم او نصرا عزيزا صاحبه ثم الظاهران المراد من ذلك النصر هو ما ترتب على فتح مكة من النصر على الأعداء كهوازن وغيرهم ونصر أمته على الا كاسرة والقياصرة وكانت الحكمة فى قتال بعض الرسل لمن خالفهم انما هى لمخالفة ما فطروا عليه من التوحيد الموجبة تلك المخالفة لفساد ذلك الفطر الذي هم فيه بأعمالهم وأحوالهم الفاسدة التي لا يحصل منها إلا حل نظام الأسباب وتبديد ما ذلك الشخص مأمور بحفظه عن ذلك كله فالنبى رحمة للخلق ولو بعث بالسيف وقس عليه سائر من تصدى للامر بالمعروف والنهى عن المنكر قال ابن عطاء قدس سره جمع الله لنبيه فى هذه السورة نعما مختلفة من الفتح المبين وهو من اعلام الاجابة والمغفرة وهى من اعلام المحبة وإتمام النعمة وهى من اعلام الاختصاص والهداية وهى من اعلام التحقق بالحق والنصر وهو من اعلام الولاية فالمغفرة تبرئة من العيوب وإتمام النعمة إبلاغ الدرجة الكاملة والهداية هى الدعوة الى المشاهدة والنصرة هى رؤية الكل من الحق من غير أن يرجع الى ما سواه نسأل الله أن ينصرنا ببذل الوجود المجازى فى وجوده الحقيقي هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ بيان لما أفاض عليهم من مبادى الفتح من الثبات والطمأنينة يعنى أنزلها فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ بسبب الصلح والامن بعد الخوف لانهم كانوا قليلى العدة بسبب انهم معتمرون وكان العدو مستعدين لقتالهم مع ما لهم من القوة والشوكة وشدة البأس فثبتوا وبايعوا على الموت بفضل الله تعالى (وقال الكاشفى ونحوه) چون در صلح حديبيه صحابه خالى از دغدغه وترددى نبودند حق سبحانه وتعالى فرمود هو الذي إلخ فالمراد ثبتوا واطمأنوا بعد ان ماجوا وزلزلوا حتى عمر الفاروق رضى الله عنه على ما عرف فى القصة وذلك القلق والاضطراب انما هو لما دهمهم من صد الكفار ورجوعهم دون بلوغ مقصودهم وكانوا يتوقعون دخول مكة فى ذلك العام آمنين للرؤيا التي رآها عليه السلام على ما سبق لِيَزْدادُوا تا زيادت كند إِيماناً مفعول يزدادوا كما فى قوله تعالى وازداد واتسعا مَعَ إِيمانِهِمْ اى يقينا منضما الى يقينهم الذي هم غليه بر سوخ العقيدة واطمئنان النفس عليها ومن ثمة قال عليه السلام لو وزن ايمان ابى بكر مع الثقلين لرحج وكلمة مع فى ايمانهم ليست على حقيقتها لان الواقع فى الحقيقة ليس انضمام يقين الى يقين لامتناع اجتماع المثلين بل حصول نوع يقين أقوى من الاول فان له مراتب لا تحصى من اجلى البديهيات الى أخفى النظريات ثم لا ينفى الاول ما قلنا وذلك كما فى مراتب البياض ما حقق فى مقامه ففيها استعارة او المعنى أنزل فيها السكون الى ما جاء به النبي عليه السلام من الشرائع ليزدادوا ايمانا بها مقرونا مع ايمانهم بالوحدانية واليوم الآخر فكلمة القرآن حينئذ على حقيقتها والقرآن فى الحقيقة

ص: 11

لتعلق الايمان بزيادة متعلقه فلا يلزم اجتماع المثلين وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان أول ما أتاهم به النبي عليه السلام التوحيد ثم الصلاة والزكاة ثم الحج والجهاد حتى أكمل لهم دينهم كما قال اليوم أكملت لكم دينكم فازدادوا ايمانا مع ايمانهم فكان الايمان يزيد فى ذلك الزمان بزيادة الشرائع والاحكام واما الآن فلا يزيد ولا ينقص بل يزيد نورء ويقوى بكثرة الأعمال وقوة الأحوال فهو كالجوهر الفرد فكما لا يتصور الزيادة والنقصان فى الجوهر الفرد من حيث هو فكذا فى الايمان واما قوله تعالى ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فالكفر بالطاغوت هو عين الايمان بالله فى الحقيقة فلا يلزم ان يكون الايمان جزءا قال بعض الكبار الايمان الحقيقي هو ايمان الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لها ويتحقق بالخاتمة وما بينهما يزيد الايمان فيه وينقص والحكم للخاتمة لانها عين السابقة فيحمل قول

من قال ان الايمان لا يزيد ولا ينقض على ايمان الفطرة الذي حقيقته مامات عليه ويحمل قول من قال ان الايمان يزيد وينقص على الحالة التي بين السابقة والخاتمة من حين يتعقل التكاليف فتأمل ذلك فانه نفيس انتهى وقال حضرة الهدائى قدس سره فى مجالسة المنيفة ليزداد ايمانا وجدانيا ذوقيا عينيا مع ايمانهم العلمي الغيبى فان السكينة نور فى القلب يسكن به الى ما شاهده ويطمئن وهو من مبادى عين اليقين بعد علم اليقين كأنه وجدان يقينى معه لذة وسرور وفى المفردات قيل ان السكينة ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه كما ورد ان السكينة لتنطق على لسان عمر وقال بعض الكبار السكينة تطلق على ثلاثة أشياء بالاشتراك اللفظي أولها ما اعطى بنو إسرائيل فى التابوت كما قال تعالى ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم قال المسرون هى ريح ساكنة طبيعة تخلع قلب العدو بصوتها رعبا إذا التقى الصفان وهى معجزة لانبيائهم وكرامة لملوكهم والثاني شىء من لطائف صنع الحق يلقى على لسان المحدث الحكمة كما يلقى الملك الوحى على قلوب الأنبياء مع ترويح الاسرار وكشف السر والثالث هى التي أنزلت على قلب النبي عليه السلام وقلوب المؤمنين وهى شيء يجمع نورا وقوة وروحا يسكن اليه الخائف ويتسلى به الحزين كما قال تعالى فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين انتهى وقال بعض الكبار ان الأنبياء والأولياء مشتركون فى تنزل الملائكة عليهم ومختلفون فيما نزلت به فأن ملك الإلهام لا ينزل على الأولياء بشرع مستقل ابدا وانما بنزل عليهم بالانباع وبافهام ما جاء به نبهم مما لم يتحقق الأولياء بالعلم به فكل فيض ونور وسكينه انما ينزل من الله تعالى بواسطة الملك او بلا واسطته وان كان فرق عظيم بين حال النبي والولي فأنه كما ان النبي أفضل واولى فكذا وأرده أقوى واولى نسأل الله فضله وسكينته هر آنكه يافت ز فضل خدا سكينت دل نماند در حرم سينه اش تردد وغل وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الجنود جمع جند بالضم وهو جمع معد للحرب اى مختص به تعالى جنود العالم يدبر أمرها كيفما يشاء يسلط بعضها على بعض تارة ويوقع فيما بينها السلم اخرى حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح (وقال الكاشفى) ومر خدا يراست لشكرهاى آسمانها از ملائكة وجنود زمين از مؤمنان مجاهد پس اى اهل ايمان جهاد كنيد وبنصرت الهى واثق باشيد كه

ص: 12

هر كه لشكر آسمان وزمين در حكم وى بود بلكه ذرات كون سپاه وى بوده باشند اولياى خود را در وقت غزا با عداى خود فرو نكذارد نصرت از وطلب كه بميدان قدرتش هر ذره پهلوانى وهر پشه صفدريست قال بعضهم كل ما فى السموات والأرض بمنزلة الجند له لو شاء لا تنصر به كما ينتصر بالجند وتأويل الآية لم يكن صد المشركين رسول الله عن قلة جنود الله ولا عن وهن نصره لكن عن علم الله واختياره انتهى وفى فتح الرحمن ولله جنود السموات والأرض فلو أراد نصر دينه بغيركم لفعل وقال بعضهم همم سموات أرواح العارفين وقصور ارض قلوب المحبين وأنفاسهم جنوده ينتقم بنفس منهم من جميع أعدائه فيقهرهم دعا نوع عليه السلام على قومه فقال لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا فهلك به اهل الأرض جميعا الا من آمن ودعا موسى عليه السلام على القبط فقال ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فصارت حجارة ولم يؤمنوا حتى رأوا العذاب الأليم وقال سيد البريات عليه أفضل التحيات حين رمى الحصى على وجوه الأعداء شاهت الوجوه فانهزموا بإذن الله تعالى وكذا حال كل ولى وارث قاهر من اهل الأنفاس بل كل ذرة من العرش الى الثرى جند من جنوده تعالى حتى لو سلط نملة على حية عظيمة لهلكت وقد قيل الدبة إذا ولدت ولدها رفعته فى الهولء يومين خوفا من النمل لانه تضعه لحمة كبيرة غير متميزة الجوارح ثم تميز اولا فأولا وإذا جمع بين العقرب والفارة فى اناء زجاج قرضت الفأرة ابرة العقرب فتسلم منها ويكفى قصة البعوض مع نمرود (وفى المثنوى) جمله ذرات زمين وآسمان لشكر حفند كاه امتحان بادرا ديديكه با عادان چهـ كرد. آب را ديديكه با طوفان چهـ كرد آنچهـ بر فرعون زد آن

بحر كين وآنچهـ با قارون نمود است اين زمين آنچهـ با آن پيلبانان پيل كرد وآنچهـ پشه كله نمرود خورد وآنكه سنك انداخت داودى بدست كشت ششصد پاره ولشكر شكست سنك مى باريد با اعداى لوط تا كه در آب سيه خوردند غوط دست بر كافر كواهى مى دهد لشكر حق مى شود سر مى نهد كر بگويد چشم را كور افشاره درد چشم از تو بر آرد صد دمار كر بدندان كويد او بنما وبال پس به بينى تو زندان كو شمال فلابد من التوكل على الله فانه عون كل ضعيف وحسب كل عاجز قال بعضهم ما سلط الله عليك فهو من جنوده ان سلط عليك نفسك أهلك بنفسك وان سلط عليك جوارحك أهلك جوارحك بجوارحك وان سلط نفسك على قلبك قادتك فى متابعة الهوى وطاعة الشيطان وان سلط قلبك على نفسك وجوارحك زمها بالأدب فألزمها العبادة وزينها بالإخلاص فى العبودية وَكانَ اللَّهُ از لا وابدا عَلِيماً مبالغا فى العلم بجميع الأمور حَكِيماً فى تقديره وتدبيره فكان بمعنى كان ويكون اى دالة على الاستمرار والوجود بهذه الصفة لا معينة وقتا ما ضيا وقال بعض الكبار ولله جنود السموات من الأنوار القدسية والامدادات الروحانية وجنود الأرض من الصفات النفسانية والقوى الطبيعية فيغلب بعضها على بعض فاذا غلب الاولى على الاخرى حصلت السكينة وكمال اليقين وإذا عكس وقع الشك والريب وكان الله عليما بسرائر هم ومقتضيات استعداداتهم وصفاء فطرة الفريق الاول وكدورة نفوس الفريق

ص: 13

الثاني حكيما فيما فعله وفي التأويلات النجمية ولله جنود السموات والأرض اى كلها دالة على وحدانيته تعالى وهى جنود الله بالنصرة لعبادة في الظفر بمعرفته وكان الله عليما بمن هو اهل النصرة للمعرفة حكيما فيما حكم في الأزل لهم لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها متعلق بما يدل عليه ما ذكر من كون جنود السموات والأرض له تعالى من معنى التصرف والتدبير اى دبر ما دبر من تسليط المؤمنين ليعرفوا نعمة الله في ذلك ويشكروها فيدخلهم الجنة وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ هذا بإزاء قوله ليغفر لك الله اى يغطيها ولا يظهرها قبل أن يدخلهم الجنة ليدخلوها مطهرين من الآثام وتقديم الإدخال على التكفير مع ان الترتيب في الوجود على العكس من حيث ان النخلية قبل التحلية للمسارعة الى بيان ما هو المطلب الأعلى وَكانَ ذلِكَ اى ما ذكر من الإدخال والتكفير عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً لا يقادر قدره لانه منتهى ما يمتد اليه أعناق الهمم من جلب نفع ودفع ضر والفوز الظفر مع حصول السلامة وعند الله حال من فوزا لانه صفته في الأصل فلما قدم عليه صار حالا اى كائنا عند الله تعالى اى في علمه وقضائه وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ من اهل المدينة وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ من اهل مكة عطف على يدخل والتعذيب هو ما حصل لهم من الغيظ بنصر المؤمنين وفي تقديم المنافقين على المشركين ما لا يخفى من الدلالة على انهم أحق منهم بالعذاب وقد تثاقل كثير منهم فلم يخرجوا معه عليه السلام ثم اعتذروا فقالوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ولو صدقوا عند الناس فما صدقوا عند الله وقد قال تعالى يوم ينفع الصادقين صدقهم اى صدقهم عند الله لا عند الخلق ولذلك قال عليه السلام جاهدوا المشركين باموالكم وأنفسكم وألسنتكم اشارة الى مقام التحقيق والتصديق فان الدعوى بغير برهان كذب برهان ببايد صدق را ور نه ز دعواها چهـ سود الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ صفة لطائفتى اهل النفاق واهل الشرك وظن السوء منصوب على المصدر والاضافة فيه كالاضافة في سيف شجاع من حيث ان المضاف اليه في الحقيقة هو موصوف هذا المجرور والتقدير سيف رجل شجاع فكذا التقدير هنا ظن الأمر السوء وهو ان الله لا ينصر رسوله ولا يرجعهم الى مكة فاتحين والى المدينة سالمين كما قال بل ظننتم ان لن ينقلب الرسل والمؤمنون الى أهليهم ابدا وبالفارسية كمان بردند بخدا كمان بد وقال في كشف الكشاف ان ظن السوء مثل رجل صدق اى الظن السيء الفاسد المذموم انتهى وعند البصر بين لا يجوز اضافة الموصوف الى صفته ولا عكسها لان الصفة والموصوف عبارتان عن شيء واحد فاضافة أحدهما الى الآخر اضافة الشيء الى نفسه وفي التأويلات النجمية الظانين بالله ظن السوء في ذاته وصفاته بالأهواء والبدع وفي أفعاله وأحكامه بالظلم والعبث قال بعض العارفين مثال من احسن في الله ظنه مثال من سلط الله عليه الشيطان ليفتنه ويمتحنه فلما چاءه الشيطان أخبره بأنه رسول من عند الله وانه رسول رحمة وقال جئتك لأشد عضدك في الخير وألهمك رشدك لتكون عند ربك فى درجة العرش فحسن بربه ظنه وخر ساجدا فصبر الله له الشيطان ملكا كما ظن كما روى ان الجن صنعت لسليمان عليه السلام أرضا وصفحتها بالزمرد الأخضر وخصبتها باللؤلؤ والجواهر

ص: 14

لتفتنه بها وهو لا يعلم فرأى ان ذلك من مواهب ربه له في دار الدنيا فخر ساجد الله فأثبتها الله له أرضا مقدسة كما ظن الى أن مات على حسن ظنه بربه ومثال من أساء بربه ظنه مثال من أرسل الله اليه ملك رحمة ليرشده للخير فقال انما أنت شيطان حيث تغوينى فصير الله له الملك شيطانا كما ظن وفي الحديث أنا عند ظن عبدى بي وقال عليه السلام قبل موته بثلاثة ايام لا يموتن أحد الا وهو يحسن الظن بالله وهو من امارات اليقين در روايت آمده است از بعض صحابه رسول عليه السلام كه رسول او را خبر داده بود كه تو والى شوى در مصر حكم كنى وقتى قلعه را حصار كرده بودند وآن صحابى نيز در ميان بود سائر أصحاب را كفت مردار كفه منجنيق نهيد وبسوى كفار در قلعه اندازيد چون من آنجا رسم قتال كنم ودر حصار

بگشايم چون از سبب اين جرأت پرسيدند كفت رسول صلى الله عليه وسلم مرا خبر داده است كه من والى مصر شوم وهنوز نشدم يقين ميدانم كه نميرم تا والى نشوم فهم كن كه قوت ايمان اينست والا از روى عرف معلوم است كه چون كسى را در كفه منجنيق نهند وبيندازند حال او چهـ باشد ظاهر وباطن ما آينه يكديكرند سينه صاف ترا ز آب روانم دادند عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ اى ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودائر عليهم لا يتجاوزهم الى غيرهم فقد أكذب الله ظنهم وقلب ما يظنونه بالمؤمنين عليهم بحيث لا يتخطاهم ولا يظفرون بالنصرة ابدا وهذا كقوله تعالى ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء وبالفارسية وبرين كمان برند كانست كردش بد يعنى ايشان منكوب ومغلوب خواهند شد قال المولى ابو السعود فى التوبة قوله عليهم دائرة السوء دعاء عليهم بنحو ما ار أدوا بالمؤمنين على نهج الاعتراض كقوله تعالى غلت أيديهم بعد قول اليهود ما قالوا انتهى فان قلت كيف يحمل على الدعاء وهو للعاجز عرفا والله منزه عن العجز قلت هذا تعليم من الله لعباده انه يجوز الدعاء عليهم كقوله قاتلهم الله ونحوه قال ابن الشيخ السوء بالفتح صفة مشبهة من ساء يسوء بضم العين فيها سوأ فهو سوء ويقابله من حيث المعنى قولك حسن يحسن حسنا فهو حسن وهو فعل لازم بمعنى قبح وصار فاسدا رديئا بخلاف ساءه يسوءه سوأ ومساءة اى أحزنه نقيض سره فانه متعدو وزنه في الماضي فعل بفتح العين ووزن ما كان لازما فعل بضم العين وفعل يأتى فاعله على فعل كصعب صعوبة فهو صعب والسوء بضم السين مصدر لهذا اللازم والسوء بالفتح مشترك بين اسم الفاعل من اللازم وبين مصدر المتعدى وقيل السوء بالفتح والضم لغتان من ساء بمعنى كالكره والكره والضعف والضعف خلا ان المفتوح غلب في أن يضاف اليه ما يراد ذمه من كل شيء واما المضموم فجار مجرى الشر المناقض للخير ومن ثمة أضيف الظن الى المفتوح لكونه مذموما وكانت الدائرة محمودة فكان حقها أن لا تضاف اليه الأعلى التأويل المذكور واما دائرة السوء بالضم فلأن الذي أصابهم مكروه وشدة يصح أن يقع عليه اسم السوء كقوله تعالى ان أراد بكم سوأ أو أراد بكم رحمة كما في بعض التفاسير والدائرة عبارة عن الخط المحيط بالمركز ثم استعملت في الحادثة والمصيبة المحيطة لمن وقعت هى عليه فمعنى الآية يحيط بهم السوء احاطة الدائرة بالشيء او بمن فيها بحيث لا سبيل الى الانفكاك عنها بوجه الا ان اكثر استعمالها

ص: 15

اى الدائرة في المكروه كما ان اكثر استعمال الدولة في المحبوب الذي يتداول ويكون مرة لهذا ومرة لذاك والاضافة في دائرة السوء من اضافة العام الى الخاص للبيان كما في خاتم فضة اى دائرة من شر لا من خير وقال ابو السعود في التوبة السوء مصدر ثم اطلق على كل ضرر وشر وأضيفت اليه الدائرة ذما كما يقال رجل سوء لان من درات عليه يذمها وهى من اضافة الموصوف الى صفته فوصفت في الأصل بالمصدر مبالغة ثم أضيفت الى صفتها كقوله تعالى ما كان أبوك امرأ سوء وقيل معنى الدائرة يقتضى معنى السوء لان دائرة الدهر لا تستعمل الا فى المكروه قائما هو اضافة بيان وتأكيد كما قالوا شمس النهار ولحيا رأسه وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عطف لما استحقوه في الآخرة على ما استوجبوه في الدنيا قال بعضهم غضبه تعالى ارادة العقوبة لهم في الآخرة وكونهم على الشرك والنفاق في الدنيا وحقيقته ان للغضب صورة ونتيجة اما صورة فتغير في الغضبان يتأذى به ويتألم واما نتيجة فاهلاك المغضوب عليه وإيلامه فعبر عن نتيجة الغضب بالغضب على الكناية بالسبب عن المسبب وَلَعَنَهُمْ طردهم من رحمته وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وآماده كرديم براى ايشان دوزخ را والواو في الفعلين الأخيرين مع ان حقهما الفاء المفيدة لسببية ما قبلها لما بعدها إذ اللعن سبب الاعداد والغضب سبب اللعن للايذان باستقلال كل منهما في الوعيد واصالته من غير استتباع بعضهما لبعض وَساءَتْ مَصِيراً اى جهنم والمصير المرجع وبالفارسية ويد باز كشتيست دوزخ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً اى بليغ العزة والقدرة على كل شيء حَكِيماً بليغ الحكمة فيه فلا يفعل ما يفعل الأعلى مقتضى الحكمة والصواب وهذه الآية إعادة لما سبق قالوا فائدتها التنبيه على ان لله تعالى جنودا للرحمة يتزلهم ليدخل بهم المؤمنين الجنة معظما مكرما وان له تعالى جنودا للعذاب يسلطهم على الكفار يعذبهم بهم في جهنم والمراد هاهنا جنود العذاب كما ينبئ عنه التعرض لوصف العزة فان عادته تعالى أن يصف نفسه بالعزة في مقام ذكر العذاب والانتقام قال في برهان القرآن الاول متصل بانزال السكينة وازدياد ايمان المؤمنين فكان الموضع موضع علم وحكمة وقد تقدم ما اقتضاه الفتح عند قوله وينصرك الله نصرا عزيزا واما الثاني والثالث الذي بعده فمتصلان بالعذاب والغضب وسلب الأموال والغنائم فكان الموضع موضع عز وغلبة وحكمة وفي كشف الاسرار يدفع كيد من عادى نبيه والمؤمنين بما شاء من الجنود هو الذي جند البعوض على نمرود والهدهد على بلقيس وروى ان رئيس المنافقين عبد الله بن ابى بن سلول قال هب ان محمدا هزم اليهود وغلب عليهم فكيف استطاعته بفارس والروم فقال الله تعالى ولله جنود السموات والأرض اكثر عددا من فارس والروم (وقال الكاشفى) ومر خدايراست لشكرهاى آسمان وزمين يعنى هر كه در آسمانها وزمينهاست همه مملوك ومسخر ويند چنانچهـ لشكريان مر سردار خود را تكرار اين سخن جهت وعده مؤمنانست تا بنصرت الهى مستظهر باشند وبراى وعيد مشركان ومنافقان تا از تكذيب ربانى خائف كردند وفي الآية اشارة الى ما اعبد الله من عظائم فضله وعجائب صنعه في سموات القلوب وارض النفوس يمد بها أولياءه وينصرهم بها على أنفسهم ليفوزوا بكمال قربه ويخذل بها أعداءه ويهلكهم في اودية

ص: 16

الاهوية ليصيروا الى كما بعده وكان الله عزيز أذل أعداءه حكيما فيما يعز أولياءه كما في التأويلات النجمية واعلم ان الله تعالى قد جعل في النار مائة دركة في مقابلة درج الجنة ولكل دركة قوم مخصوصون لهم من الغضب الإلهي الحال بهم آلام مخصوصة تصل إليهم من أيدي الملائكة الموكلين بهم نعوذ بالله من سخطه وعذابه ونسأله الاولى من نعيمه وثوابه وللغضب درجات منها وقطع الامداد العلمي المستلزم لتسليط الجهل والهوى والنفس والشيطان والأحوال الذميمة لانه موقت الى النفس الذي قبل آخر الأنفاس في حق من يختم له بالسعادة ومنها ما يتصل الى حين دخولهم جهنم وفتح باب الشفاعة ومنها ما يقتضى الخلود في النار (قال الحافظ) دارم از لطف ازل جنت فردوس طمع كر چهـ دربانئ ميخانه فراوان كردم والله غفور رحيم لمن تاب ورجع الى الصراط المستقيم إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً اى على أمتك لقوله تعالى ويكون الرسول عليكم شهيدا يعنى على تصديق من صدقه وتكذيب من صدقه وتكذيب من كذبه اى مقبولا قوله في حقهم يوم القيامة عند الله تعالى سوآء شهد لهم او عليهم كلما يقبل قول الشاهد العدل عند الحاكم وهو حال مقدرة فانه عليه السلام انما يكون شاهدا وقت التحمل والأداء وذلك متأخر عن زمان الإرسال بخلاف غيره مما عطف عليه فانه ليس من الأحوال المقدرة وَمُبَشِّراً على الطاعة بالجنة والثواب وعلى اهل الطلب بالوصول نَذِيراً على المعصية بالنار والعذاب وعلى اهل الاعراض بالقطية وفي التوراة يا أيها النبي انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرز اللاميين أنت عبدى ورسولى سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب فى الأسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا اله الله فيفتح لها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلنا سرخيل انبيا وسپهدار اتقيا سلطان باركاه دنى قائد امم لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الخطاب للنبى عليه السلام ولأمته فيكون تعميما للخطاب بعد التخصيص لان خطاب أرسلناك للنبى خاصة ومثله قوله تعالى يا ايها النبي إذا طلقتم النساء خصه عليه السلام بالنداء ثم عمم الخطاب على طريق تغليب المخاطب على الغائبين وهم المؤمنون فدلت الآية على انه عليه السلام يجب أن يؤمن برسالة نفسه كما ورد في الحديث انه عليه السلام أشهد أني عبد الله ورسوله قال السبكي في الأمالي انما عرف نبوة نفسه بعد معرفته بجبريل وإيمانه به اى بالعلم الضروري فإذا عرف نبوة نفسه وآمن بها وجب عليه أن يؤمن بما أنزل اليه من ربه كما قال تعالى آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه ويجوز ان يكون الخطاب للامة فقط فان قلت كيف يجوز تخصيصهم الخطاب الثاني بالامة في مقام توجيه الخطاب الاول اليه عليه السلام بخصوصه قلت ان خطاب رئيس القوم بمنزلة خطاب من معه من اتباعه فجاز أن يخاطب الاتباع فى مقام تخصيص الرسل بالخطاب لان المقصود سماعهم وَتُعَزِّرُوهُ وتقووه تعالى بتقوية دينه ورسوله قال في المفردات التعزير النصرة من التعظيم قال تعالى وتعزروه والتعزير دون الحد وذلك يرجع الاول فان ذلك تأديب والتأديب نصرة بقهر عدوه فان افعال الشر عدو الإنسان فمتى قمعته عنها فقد نصرته وعلى هذا الوجه قال النبي عليه السلام انصر أخاك ظالما او مظلوما فقال أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما قال تكفه عن الظلم انتهى وفي القاموس

ص: 17

التعزير ضرب دون الحد او هو أشد الضرب والتفخيم والتعظيم ضد والاعانة كالعزر والتقوية والنصر انتهى وقال بعضهم أصله المنع ومنه التعزير فانه منع من معاودة القبيح يعنى وتمنعوه تعالى اى دينه ورسوله حتى لا يقوى عليه عدو وَتُوَقِّرُوهُ وتعظموه باعتقاد أنه متصف بجميع صفات الكمال منزه عن جميع وجوه النقصان قال في القاموس التوقير التبجيل والوقار كسحاب الرزانة انتهى يعنى السكون والحلم فأصله من الوقر الذي هو الثقل في الاذن وَتُسَبِّحُوهُ وتنزهوه تعالى عما لا يليق به ولا يجوز إطلاقه عليه من الشريك والولد وسائر صفات المخلوقين او تصلوا له من السبحة وهى الدعاء وصلاة التطوع قال في القاموس التسبيح الصلاة ومنه فلولا انه كان من المسبحين اى من المصلين بُكْرَةً وَأَصِيلًا اى غدوة وعشيا فالبكرة أول النهار

والأصيل آخره او دائما فانه يراد بهما الدوام وعن ابن عباس رضى الله عنهما صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر وفي عين المعاني البكرة صلاة الفجر والأصيل الصلوات الأربع فتكون الآية مشتملة على جميع الصلوات المفروضة وجوز بعض اهل التفسيران يكون ضمير وتعزروه وتوقروه للرسول عليه السلام ولا وجه له لانه تفكيك إذ ضمير رسوله وتسبحوه لله تعالى قطعا وعلى تقدير أن يكون له وجه فمعنى تعظيم رسول الله وتوقيره حقيقة اتباع سنته في الظاهر والباطن والعلم بانه زبدة الموجودات وخلاصتها وهو المحبوب الأزلي وما سواه تبع له ولذا أرسله تعالى شاهدا فانه لما كان أول مخلوق خلقه الله كان شاهدا بوحدانية الحق وربوبيته وشاهدا بما اخرج من العدم الى الوجود من الأرواح والنفوس والاجرام والأركان والأجسام والأجساد والمعادن والنبات والحيوان والملك والجن والشيطان والإنسان وغير ذلك لئلا يشذ عنه ما يمكن للمخلوق دركه من اسرار أفعاله وعجائب صنعه وغرائب قدرته بحيث لا يشاركه فيه غيره ولهذا قال عليه السلام علمت ما كان وما سيكون لانه شاهد الكل وما غاب لحضة وشاهد خلق آدم عليه السلام ولاجله قال كنت نبيا وآدم بين الماء والطين اى كنت مخلوقا وعالما بأنى نبى وحكم لى بالنبوة وآدم بين أن يخلق له جسد وروح ولم يخلق بعد واحد منهما فشاهد خلقه وما جرى عليه من الإكرام والإخراج من الجنة بسبب المخالفة وما تاب الله عليه الى آخر ما جرى عليه وشاهد خلق إبليس وما جرى عليه من امتناع السجود لآدم والطرد واللعن بعد طول عبادته ووفور علمه بمخالفة امر واحد فحصل له بكل حادث جرى على الأنبياء والرسل والأمم فهوم وعلوم ثم انزل روحه في قالبه ليزداد له نور على نور فوجود كل موجود من وجوده وعلوم كل نبى وولى من علومه حتى صحف آدم وابراهيم وموسى وغيرهم من اهل الكتب الالهية وقال بعض الكبار ان مع كل سعيد رقيفة من روح النبي صلى الله عليه وسلم هى الرقيب العتيد عليه فاعراضه عنها بعدم إقباله عليها سبب لانتهاكه ولما قبض الروح المحمدي عن آدم الذي كان به دائما لا يضل ولا ينسى جرى عليه ما جرى من النسيان وما يتبعه واليه الاشارة بقوله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره سلب ذوى العقول عقولهم واليه ينظر قوله عليه السلام لا يزنى الزاني حين يزنى وهو مؤمن اى ينزع منه الايمان ثم يزنى واعلم ان كل نبى له الولاية والنبوة فان كان رسولا فله الولاية

ص: 18

والنبوة والرسالة فعالم رسالته هو كونه واسطة بين الله وخلقه وكذلك ان كان رسولا الى نفسه او اهله او قومه او الى الكافة فليس مع الرسول من عالم الرسالة الا قدر ما يحتاج اليه المرسل إليهم وما عدا ذلك فهو عالم ولايته فيما بينه وبين الله ولما تفاضلت الأمم تفاضلت الرسل ويأتى النبي يوم القيامة ومعه أمته وآخر معه قومه وآخر معه رهطه وهو مادون العشرة وآخر معه ابنه وآخر معه رجل وآخر استتبع فلم يتبع ودعا فلم يجب لاتيانه في الوقت الشديد الظلمة ولما جاء نبينا عليه السلام نورا من الله نور العالم ظواهرها وبواطنها فكانت أمته اسعد الأمم وأكثرها ولذا تجيء في ثمانين صفا وباقى الأمم من لدن آدم عليه السلام في أربعين صفا وقد قال تعالى في حقه مبشرا فانه لما أرسله الى الأحمر والأسود بشرهم بان لهم في متابعته الرتبة المحبوبية التي هى مخصوصة به من بين سائر الأنبياء والمرسلين فقد قال تعالى ونذيرا لئلا ينقطعوا عنه تعالى بشيء من الدارين كما انقطع اكثر الأمم ولم يكونوا على شيء (قال الكمال الخجندي) مرد تا روى نيارد زد وعالم بخداى مصطفى وار كزين همه عالم نشود نسأل الله ان يجعلنا على حظ وافر من الإقبال اليه والوقوف لديه إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ المبايعة با كسى بيع ويا بيعت وعهد كردن اى يعاهدونك على قتال قريش تحت الشجرة وبالفارسية بدرستى كه آنانكه بيعت ميكنند با تو در حديبيه سميت المعاهدة مبايعة تشبيها بالمعاوضة المالية اى مبادلة المال بالمال في اشتمال كل واحد منهما على معنى المبادلة فهم التزموا طاعة النبي عليه السلام والثبات على محاربة المشركين والنبي عليه السلام وعدلهم بالثواب ورضى الله تعالى قال بعض الأنصار عند بيعة العقبة تكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت فقال عليه السلام أشترط لربى ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ولنفسى أن تمنعونى ومما تمنعون منه أنفسكم وابناءكم ونساءكم فقال ابن رواحة رضى الله عنه فاذا فعلنا فما لنا فقال لكم الجنة قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يعنى ان من بايعك بمنزلة من بايع الله كأنهم باعوا أنفسهم من الله بالجنة كما قال تعالى ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وذلك لان المقصود ببيعة رسوله هو وجه الله وتوثيق العهد بمراعاة أوامره ونواهيه قال ابن الشيخ لما كان الثواب انما يصل إليهم من قبله تعالى كان المقصود بالمبايعة منه عليه السلام المبايعة مع الله وانه عليه السلام انما هو سفير ومعبر عنه تعالى وبهذا الاعتبار صاروا كأنهم يبايعون الله وبالفارسية جزين نيست كه بيعت ميكنند با خداى چهـ مقصود بيعت اوست وبراى طلب رضاى اوست قال سعدى المفتى الظاهر والله اعلم ان المعنى على التشبيه اى كأنهم يبايعون الله وكذا الحال في قوله يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ اى كأن يد الله حين المبايعة فوق أيديهم حذف اداة التشبيه للمبالغة في التأكيد وذكر اليد لاخذهم بيد رسول الله حين البيعة على ما هو عادة العرب عند المعاهدة والمعاقدة وفيه تشريف عظيم ليد رسول الله التي تعلو أيدى المؤمنين المبايعين حيث عبر عنها بيد الله كما ان وضعه عليه السلام يده اليمنى على يده اليسرى لبيعة عثمان رضى الله عنه تفخيم لشأن عثمان حيث وضعت يد رسول الله موضع يده ولم ينل تلك الدولة العظمى أحد من الاصحاب فكانت غيبته رضى الله عنه في تلك الوقعة خيرا له من الحضور وقال بعضهم فيه استعارة تخييلية لتنزهه تعالى

ص: 19

عن الجارحة وعن سائر صفات الأجسام فلفظ الله في يد الله استعارة بالكناية عن مبايع من الذين يبايعون بالأيدي ولفظ اليد استعارة تخييلية أريد به الصورة المنتزعة الشبيهة باليد مع ان ذكر اليد في حقه تعالى لاجتماعه مع ذكر الأيدي في حق الناس مشاكلة ازداد بها حسن التخييلية ثم ان قوله يد الله فوق أيديهم على كل من القولين تأكيد لما قبله والمقصود تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما وحقيقته ان الله تعالى لو كان من من شأنه التمثيل فتمثل للناس لفعل معه عين ما فعل مع نبيه من غير فرق فكان العقد مع النبي صورة العقد مع الله بل حقيقته كما ستجيء الاشارة اليه وقال

الراغب في المفردات يقال فلان يد فلان اى وليه وناصره ويقال لاولياء الله هم أيدي الله وعلى هذا الوجه قال الله تعالى ان الذين يبايعونك الآية ويؤيد ذلك ما روى لا يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ويده التي يبطش بها انتهى فيكون المعنى قوة الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم كأنه قيل ثق يا محمد بنصرة الله لك لا بنصرة أصحابك ومبايعتهم على النصرة والثبات وقال بعضهم اليد في الموضعين بمعنى الإحسان والصنيعة فالمعنى نعمة الله عليهم في الهداية الى الايمان والى بيعة الرضوان فوق ما صنعوا من البيعة كقوله تعالى بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان وقال السدى يأخذون بيد رسول الله ويبايعونه ويد الله اى حفظ تلك المبايعة عن الانتقاض والبطلان فوق أيديهم كما ان أحد المتبايعين إذا مد يده الى الآخر لعقد البيع يتوسط بينهما ثالث فيضع يده على يديهما ويحفظ يديهما الى أن يتم العقد لا يترك واحدا منهما ان يقبض يده الى نفسه ويتفرق عن صاحبه قبل انعقاد البيع فيكون وضع الثالث يده على يديهما سببا لحفظ البيعة فلذلك قال تعالى يد الله فوق أيديهم يحفظهم ويمنعهم عن ترك البيعة كما يحفظ المتوسط أيدي المتبايعين وقال اهل الحقيقة هذه الآية كقوله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله فالنبى عليه السلام قد فنى عن وجوده بالكلية وتحقق بالله في ذاته وصفاته وأفعاله فكل ما صدر عنه صدر عن الله فمبايعته مبايعة الله كما ان اطاعته إطاعة الله سلمى قدس سره فرموده كه اين سخن در مقام جمعست وحق سبحانه مرتبه جمع را براى هيچ كس تصريح نكرده الا براى آنكه أخص واشرف موجوداتست ولهذا السر يقول عليه السلام يوم القيامة أمتي أمتي دون نفسى نفسى لانه لم يبق فيه بقية الوجود أصلا وفيه أسوة حسنة للكمل من افراد أمته فاعرف جدا فمعنى يد الله فوق أيديهم اى قدرته الظاهرة فى صورة قدرة النبي عليه السلام فوق قدرتهم الظاهرة في صور أيديهم لانه مظهر الاسم الأعظم المحيط الجامع وكل الأسماء تحت حيطة هذا الاسم الجليل فيد النبي عليه السلام مع غيره كيد السلطان مع ما سواه وهو أي قوله يد الله فوق أيديهم زيادة التصريح في مقام عين الجمع لحصول هذا المعنى الاطلاقى مما قبله والحاصل ان الله تعالى جعل نبيه صلى الله عليه وسلم مظهرا لكمالاته ومرءاة لتجلياته ولذا قال عليه السلام من رآنى فقدر أي الحق ولما فنى عليه السلام عن ذاته وصفاته وأفعاله كان نائبا عن الحق في ذاته وصفاته وأفعاله كما قيل (ع) نائبست ودست او دست خداى وفي هذا المقام قال الحلاج انا الحق وابو بزيد سبحانى سبحانى ما أعظم شانى وابو

ص: 20

سعيد الخراز ليس في الجبة غير الله قال الواسطي اخبر الله بهذه الآية ان البشرية في نبيه عارية واضافة لا حقيقة يعنى فظاهره مخلوق وباطنه حق ولذا يجوز السجدة لباطنه دون ظاهره إذا ظاهره من عالم التقييد وباطنه من عالم الإطلاق وإذا كانت الصلاة جائزة على الموتى فما ظنك بالاحياء فاعرف جدا فانه انما جازت الصلاة على الموتى لاشتمالهم على حصة من الحقيقة المحمدية الجامعة الكلية فَمَنْ نَكَثَ النكث نقض نحو الحبل والغزل استعير لنقض العهد اى فمن نقض عهده وبيعته وأزال ابرامه وأحكامه فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ فانما يعود ضرر نكثه على نفسه لان الناكث هو لا غير وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ بضم الهاء فانه أبقى بعد حذف الواو إذا صله هو توسلا بذلك الى تفخيم لام الجلالة اى ومن اوفى بعهده وثبت عليه وأتمه فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً هى الجنة وما فيها من رضوان الله العظيم والنظر الى جماله الكريم ويحتمل ان يراد بنكث العهد ما يتناول عدم مباشرته ابتداء ونقضه بعد انعقاده لما روى عن جابر رضى الله عنه انه قال بايعنا رسول الله بيعة الرضوان تحت الشجرة على الموت وعلى ان لا نفر فما نكث أحد منا البيعة إلا جد بن قيس وكان منافقا احتبأ تحت إبط بعيره ولم يسر مع الفوم اى الى المبايعة حين دعوا إليها در موضح آورده كه سه چيز راجع باهل آن ميشود يكى مكر كه ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله دوم ستم كه انما بغيكم على

أنفسكم سيوم نقض عهد كه فمن نكث على نفسه ودر عهد و پيمان كفته اند پيمان مشكن كه هر كه پيمان بشكست از پاى در افتاد وبرون رفت زدست آنرا كه بدر دست بود پيمان الست نشكسته بهيچ حال هر عهد كه بست (كما قال الحافظ) از دم صبح ازل تا آخر شام ابد دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود (وقال) پيمان شكن هر آينه كردد شكسته حال ان العهود لدى اهل النهى ذمم قال بعض الكبار هذه البيعة نتيجة العهد السابق المأخوذ على العباد في بدء الفطرة فيضرهم النكث وينفعهم الوفاء قال الشيخ اسمعيل بن سود كين في شرح التجليات الاكبرية قدس الله سر هما المبايعون ثلاثة الرسل والشيوخ الورثة والسلاطين والمبايع في هؤلاء الثلاثة على الحقيقة واحد وهو الله تعالى وهؤلاء الثلاثة شهود الله تعالى على بيعة هؤلاء الاتباع وعلى هؤلاء الثلاثة شروط يجمعها القيام بأمر الله وعلى الاتباع الذين بايعوهم شروط يجمعها المتابعة فيما أمروا به فاما الرسل والشيوخ فلا يأمرون بمعصية أصلا فان الرسل معصومون من هذا والشيوخ محفوظون واما السلاطين فمن لحق منهم بالشيوخ كان محفوظا والا كان مخذولا وما هذا فلا يطاع في معصية والبيعة لازمة حتى يلقوا الله تعالى ومن نكث الاتباع من هؤلاء فحسبه جهنم خالدا فيها لا يكلمه الله ولا ينظر اليه وله عذاب أليم هذا كما قال ابو سليمان الداراني قدس سره هذا حظه في الآخرة واما في الدنيا فقد قال ابو يزيد البسطامي قدس سره في حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك مع المخنثين وسرق فقطعت يده هذا لما نكث اين هو ممن وفي بيعته مثل تلميذ الداراني قيل له ألق نفسك في التنور فألقى نفسه فيه فعاد عليه بردا وسلاما هذه نتيجة الوفاء انتهى يقول الفقير ثبت بهذه الآية سنة المبايعة وأخذ التلقين من المشايخ الكبار وهم الذين جعلهم الله قطب ارشاد بأن أوصلهم الى التجلي

ص: 21

العيني بعد التجلي العلمي إذ لا فائدة في مبايعة الناقصين المحجبين لعدم اقتدارهم على الإرشاد والتسليك وعن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت رضى الله عنهما قالا كنا عند رسول الله عليه السلام فقال هل فيكم غريب يعنى اهل كتاب قلنا لا يا رسول الله فأمر بغلق الباب فقال ارفعوا ايديكم فقولوا لا اله الا الله فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله يده ثم قال الحمد لله اللهم انك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة انك لا تخلف الميعاد ثم قال أبشروا فان الله قد غفر لكم كما في ترويح القلوب لعبد الرحمن البسطامي قدس سره وعن عبد الرحمن بن عوف بن مالك الأشجعي رضى الله عنه قال كنا عند رسول الله تسعة او ثمانية او سبعة فقال الا تبايعون رسول الله وكنا حديثى عهد ببيعته فقلنا قد بايعناك يا رسول الله قال الا تبايعون رسول الله فبسطنا أيدينا وقلنا على مم نبايعك قال أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيأ وتقيموا الصلوات الخمس وتطيعوا وأسروا كلمة خفية ولا تسألوا الناس ولقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فلا يسأل أحدا يناوله إياه رواه مسلم والترمذي والنسائي كما في الترغيب والترهيب للامام المنذرى رحمه الله وعن عبادة بن الصامت قال أخبرني ابى عن أبيه قال بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وان لا ننازع الأمر اهله وان نقول بالحق حيث كنا ولا نخاف في الله لومة لائم كما في عوارف المعارف للسهروردى قدس سره وقوله وان لا ننازع الأمر اهله اى إذا فوض امر من الأمور الى من هو اهل لذلك الأمر لا ننازع فيه ونسلم ذلك الأمر له وقوله حيث كنا اى عند الصديق والعدو والأقارب والا باعد كما في حواشى زين الدين الحافى رحمه الله وأخذ من التقرير المذكور أخذ اليد في المبايعة وذلك بالنسبة الى الرجال دون النساء لما روى ان النساء اجتمعن عند النبي عليه السلام وطلبن ان يعاهدهن باليد فقال لا تمس يدى يد المرأة ولكن قولى لامرأة واحدة كقولى لمائة امرأة فبايعهن بالكلام ثم طلبن منه البركة فوضع يده الشريفة في الماء ودفعه إليهن فوضعن أيديهن فيه كذا ذكره الشيخ عبد العزيز

الديرينى الروضة الانيفة وكذا فى ترجمة الفتوحات حيث قال ورسول عليه السلام وفات كرد ودست او بهيچ زن نامحرم نرسيد وبا زنان مبايعه بسخن مى كرد وقول او با يك زن چنان بود كه با همه انتهى وقال في انسان العيون بايعه عليه السلام ليلة العقبة الثانية السبعون رجلا وبايعه المرأتان من غير مصافحة لانه صلى الله عليه وسلم كان لا يصافح النساء انما كان يأخذ عليهن فاذا احرزن قال اذهبن فقد بايعتكن انتهى وفي الاحياء ويجب منع النساء من حضور المساجد للصلاة ولمجالس الذكر إذا خيفت الفتنة إذ منعتهن عائشة رضى الله عنها فقيل لها ان رسول الله ما منعهن من الجماعات فقالت لو علم رسول الله ما أحدثن بعده لمنعتهن انتهى فحضور هن مجالس الوعظ والذكر من غير حائل يمنع من النظر إذا كان محظورا منكرا فكيف مس أيديهن كما في مشيخة هذا الزمان ومبتدعته وربما يمسون المسك لاجل النساء اللاتي يحضرن مجالسهم ويبايعنهم كما سمعناه من الثقات والعياذ بالله تعالى ولنعد الى تحرير المقام قال ابو يزيد البسطامي قدس سره من لم يكن له أستاذ فامامه الشيطان وحكى الأستاذ ابو القاسم القشيري عن شيخه ابى على الدقاق قدس

ص: 22

سرهما انه قال الشجرة إذا نبتت بنفسها من غير غارس فانها تتورق ولا تثمر وهو كما قال ويجوز أنها تثمر كالاشجار التي في الاودية والجبال ولكن لا يكون لفا كهتها طعم فاكهة البساتين والغرس إذا نقل من موضع الى موضع آخر يكون احسن واكثر ثمرة لدخول التصرف فيه وقد اعتبر الشرع وجود التعليم في الكلب المعلم وأحل ما يقتله بخلاف غير المعلم وسمعت كثيرا من المشايخ يقولون من لم ير مفلحا لا يفلح ولنا في رسول الله أسوة حسنة فأصحاب رسول الله تلقوا العلوم والآداب من رسول الله كما روى عن بعض الصحابة علمنا رسول الله كل شيء حتى الخراءة بكسر الخاء المعجمة يعنى قضاء الحاجة فلا بد لطالب الحق من اديب كامل وأستاذ حاذق يبصره بآفات النفوس وفساد الأعمال ومداخل العدو فاذا وجد مثل هذا فليلا زمه وليصحبه وليتأدب بآدابه ليسرى من باطنه الى باطنه حال قوى كسراج يقتبس من سراج ولينسلخ من ارادة نفسه بالكلية فان التسليم له تسليم لله ولرسوله لان سلسلة التسليم تنتهى الى رسول الله والى الله (فى المثنوى) كفت طوبى من رآنى مصطفى والذي يبصر لمن وجهى رأى چون چراغى نور شمعى را كشيد هر كه ديدانرا يقين آن شمع ديد همچنين تا صد چراغ ار نقل شد ديدن آخر لقاى اصل شد خواه نور از واپسين بستان بجان هيچ فرقى نيست خواه از شمعدان وفي الحديث الحجر الأسود يمين الله في ارضه فمن لم يدرك بيعة رسول الله فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله وفي رواية الركن يمين الله في الأرض يصافح بها عباده كما يصافح أحدكم أخاه قال السخاوي معنى الحديث ان كل ملك إذا قدم عليه قبلت يمينه ولما كان الحاج والمعتمر يتعين لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك ويده ولله المثل الأعلى وكذلك من صافحه كان له عند الله عهد كما ان الملك يعطى الهدية والعهد بالمصافحة انتهى يقول الفقير لا شك ان الكعبة عند اهل الحقيقة اشارة الى مرتبة الذات الاحدية والذات الاحدية قد تجلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بجميع أسمائها وصفاتها فكانت الكعبة صورة رسول الله والحجر الأسود صورة يده الكريمة واما حقيقة سر الكعبة والحجر فذاته الشريفة ويمينه المباركة ومن هنا نعرف ان الإنسان الكامل أفضل من الكعبة وكذا يده اولى من الحجر ولما انتقل النبي عليه السلام خلفه ورثته بعده فهم مظاهر هذين السرين فلا بد من تقبيل الحجر في الشريعة ومن تقبيل يد الإنسان الكامل في الحقيقة فانه المبايعة الحقيقة فانها عين المبايعة مع الله ورسوله ثم إذا وقعت المبايعة للمبايع في ذلك او ان ارتضاع وزمان انفطام فلا يفارق من بايعه الا بعد حصول المقصود بأن ينفتح له باب الفهم من الله ومتى فارق قبل او ان انفطام يناله من الاعلال في الطريق بالرجوع الى الدنيا ومتابعة الهوى ما ينال المفطوم لغير أوانه في الولادة الطبيعية وكذا الحال في العلم الظاهر فانه لا بد فيه من التكميل ثم الاذن من الأستاذ للتدريس قال في الأشباه لما جلس ابو

يوسف للتدريس من غير اعلام ابى حنيفة أرسل اليه ابو حنيفة رجلا فسأله عن مسائل خمس الا ولى قصار جحد الثوب ثم جاءبه مقصورا هل يستحق الاجر او لا فأجاب ابو يوسف يستحق الاجر فقال له الرجل اخطأت فقال لا يستحق فقال اخطأت ثم قال له الرجل ان كانت القصارة قبل الجحود استحق والا لا

ص: 23

الثانية هل الدخول في الصلاة بالفرض او بالسنة فقال بالفرض فقال اخطأت فقال بالسنة فقال اخطأت فتحير ابو يوسف فقال الرجل بهما لان التكبير فرض ورفع اليدين سنة الثالثة طير سقط في قدر على النار فيه لحم ومرق هل يؤكلان او لا فقال يؤكلان فخطأه فقال لا يؤكلان فخطأه ثم قال ان كان اللحم مطبوخا قبل سقوط الطير يغسل ثلاثا ويؤكل وترمى المرقة والا يرمى الكل الرابعة مسلم له زوجة ذمية ماتت وهى حامل منه تدفن في اى المقابر فقال ابو يوسف في مقابر المسلمين فخطأه فقال في مقابر اهل الذمة فخطأه فتحير فقال تدفن في مقابر اليهود ولكن يحول وجهها عن القبلة حتى يكون وجه الولد الى القبلة لان الولد في البطن يكون وجهه الى ظهر أمه الخامسة أم ولد لرجل تزوجت بغير اذن مولاها فمات المولى هل تجب العدة من المولى فقال تجب فخطأه فقال لا تجب فخطأه ثم قال الرجل ان كان الزوج دخل بها لا تجب والا وجبت فعلم ابو يوسف تقصيره فعاد الى ابى حنيفة فقال تزببت قبل ان تحصرم (قال الشيخ سعدى) يكى در صنعت كشتى كيرى بسر آمده بود وسيصد وشصت بند فاخر درين علم بدانستى وهر روز بنوعى كشتى كرفتى مكر كوشه خاطرش باجمال يكى از شاكردان ميل داشت سيصد و پنجاه ونه بند او را آموخت مكر يك بند كه در تعليم آن دفع انداختى وتهاون كردى في الجملة پسر در قوت وصنعت بسر آمد وكسى را با او مجال مقاومت نماند تا بحدى كه پيش ملك كفت استاد را فضيلتى كه بر منست از روى بزركيست وحق تر بيت وكر نه بقوت ازو كمتر نيستم وبصنعت با او برابر ملك را اين سخن پسنديده نيامد بفرمود تا مصارعه كنند مقامى متسع ترتيب كردند واركان دولت واعيان حضرت وزور آوران آن إقليم حاضر شدند پسر چون پيل مست در آمد بصد متى كه اگر كوه آهنين بودى از جاى بر كندى استاد دانست كه جوان ازو بقوت بر ترست بدان بند غريب كه ازو نهان داشته بود بر او در آويخت وبدو دست بر كرفت از زمين بر بالاى سر برد وبر زمين زد غريو از خلق برخاست ملك فرمود تا استاد را خلعت ونعمت بي قياس دادند و پسر را زجر وملامت كرد كه با پرورنده خويش دعوى مقاومت كردى وبسر نبردى كفت اى خداوند مرا بزور دست ظفر نيافت بلكه از علم كشتى دقيقه مانده بود كه زمن دريغ همى داشت امروز بدان دقيقه بر من دست يافت استاد كفت از بهر چنين روز نهان داشتم فعلم ان التلميذ لا يبلغ درجة استاذه فى زمانه فللاستاذ العلو من كل وجه مريدان بقوت ز طفلان كمند مشايخ چوديوار مستحكمند قال في كشف النور عن اصحاب القبور واما هذا الزي المخصوص الذي اتخذه كل فريق من الصوفية كلبس المرقعات ومئازر الصوف والميلويات فهو امر قصدوا به التبرك بمشايخهم الماضية فلا ينهون عنه ولا يؤمرون به فان غالب ملابس هذا الزمان من هذا القيل كالعمائم التي اتخذها الفقهاء والمحدثون والعمائم التي اتخذها العساكر والجنود والملابس التي يتخذها عوام الناس وخواصهم فانها جميعها مباحة وليس فيها شيء يوافق السنة الا القليل ولا نقول انها بدعة ايضا لان البدعة هى الفعلة المخترعة في الدين على خلاف ما كان عليه النبي عليه السلام وكانت عليه الصحابة والتابعون رضى الله عنهم وهذه الهيئات والملابس والعمائم

ص: 24

ليست مبتدعة في الدين بل هى مبتدعة في العادة ولا هى مخالفة للسنة ايضا على حسب ما عرف الفقهاء السنة بانها كل فعلة فعلها النبي عليه السلام على وجه العبادة لا العبادة ولم يكن النبي عليه السلام يلبس العمامة على سبيل العبادة ولا يلبس الثياب المخصوصة على طريق العادة وانما القصد بذلك ستر العورة ودفع اذية الحر والبرد ولهذا ورد عنه لبس الصوف والقطن وغير ذلك من الثياب العالية والسافلة فليس مخالفته في ذلك لمخالفة سنة وان كان الاتباع في جميع ذلك أفضل لانه مستحب انتهى قال في العوارف لبس الخرقة اى من يد الشيخ علامة التفويض والتسليم ودخوله في حكم الشيخ دخوله في حكم الله تعالى وحكم رسوله عليه السلام واحياء سنة المبايعة مع رسول الله قالت أم خالد أتى النبي عليه السلام بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة وهى كساء اسود مربع له علمان فان لم يكن معلما فليس بخميصة فقال عليه السلام من ترون أكسو هذه فكست القوم فقال عليه السلام ائتوني بام خالد قالت فأتى بي فألبسنيها بيده فقال ابلى واخلقى يقولها مرتين وجعل ينظر الى علم في الخميصة اصفر واحمر ويقول يا أم خالد هذا سناء والسناء هو الحسن بلسان الحبشة ولا خفاء بأن لبس الخرقة على الهبئه التي يعمدها الشيوخ في هذا الزمان لم يكن في زمن رسول الله وهذه الهيئة والاجتماع لها والاعتداد بها من استحسان الشيوخ وقد كان طبقة من السلف الصالحين لا يعرفون الخرقة ولا يلبسونها المريدين قمن يلبسها فله مقصد صحيح واصل من السنة وشاهد من الشرع ومن لا يلبسها فله رأى وله فى ذلك مقصد صحيح وكل تصاريف المشايخ محمولة على السداد والصواب ولا تخلو عن نية خالصة فيها انتهى كلام العوارف باختصار وقال الشيخ زين الدين الحافى في حواشيه قد صح واشتهر بنقل الأولياء كابرا عن كابر على ما هو مسطور في إجازات المشايخ ان رسول الله ألبس عليا الخرقة الشريفة وهو ألبس الحسن البصري وكميل بن زياد رضى الله عنهما وفي المقاصد الحسنة ان أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من على سماعا فضلا عن أن يلبسه الخرقة قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الضروري من اللباس الظاهر ما يستر السوآت والرياش ما يزيد على ذلك مما تقع به الزينة والضروري من اللباس الباطن وهو تقوى المحارم مطلقا ما يوارى سوأة الباطن والريش لباس مكارم الأخلاق مثل نوافل العبادات كالصفح والإصلاح فأراد اهل الله أن يجمعوا بين اللبستين ويتزينوا بالزينتين ليجمعوا بين الحسنيين فيثابوا من الطرفين فلبسوا الخرقة وألبسوها ليكون تنبيها على ما يريدونه من لباس بواطنهم وجعلوا ذلك أصلا واصل هذا اللباس عندى ما القى في سرى ان الحق لبس قلب عبده فانه قال ما وسعني ارضى ولا سمائى ووسعني قلب عبدى فان الثوب وسع لابسه وظهر هذا الجمع بين اللبستين في زمان الشبلي وابن حفيف الى هلم جرا فجرينا على مذهبهم في ذلك فلبسناها من أيدي مشايخ جمة سادات بعد ان صحبناهم وتأدبنا بآدابهم ليصح اللباس ظاهرا وباطنا انتهى باختصار نسأل الله سبحانه أن يجعل لباس التقوى لباسا خيرا لنا وأن يصح نياتنا وعقائدنا واعمالنا وأحوالنا انه هو المعين لاهل الدين الى أن يأتى اليقين سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ السين للاستقبال يقال خلفتة بالتشديد تركته خلفى وخلفوا اثقالهم تخليفا خلوها ورلء ظهورهم والتخليف بالفارسية

ص: 25

واپس كذشتن ودر اينجا مراد از مخلفون باز پس كردكان خداى يعنى ايشان كه باز پس كرده اند از صحبت رسول عليه السلام از باديه نشينان خلفهم الله عن رسول الله كما قال كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع الخالفين قال في المفردات العرب أولاد اسمعيل عليه السلام والاعراب جمعه في الأصل وصار ذلك اسما لسكان البادية وقيل في جمع الاعراب أعاريب والاعرابى صار اسما في التعارف للمنسوبين الى سكان البادية انتهى وفي القاموس العرب بالضم وبالتحريك خلاف العجم مؤنث وهم سكان الأمصار والاعراب منهم سكان البادية ويجمع على أعاريب انتهى وفي مختار الصحاح العرب جيل من الناس والنسبة إليهم عربى وهم اهل الأمصار والاعراب منهم سكان البادية خاصة والنسبة إليهم أعرابي وليس الاعراب جمعا لعرب بل هو اسم جنس انتهى وقال ابن الشيخ

في سورة التوبة العرب هو الصنف الخاص من بنى آدم سوآء سكن البوادي أم الفري واما الاعراب فانه لا يطلق الأعلى من يسكن البوادي فالاعراب جمع أعرابي كما ان العرب جمع عربى والمجوس جمع مجوسى واليهود جمع يهودى بحذف ياء النسبة في الجمع ويدل على الفرق بين العرب والاعراب قوله عليه السلام حب العرب من الايمان وقوله تعالى الاعراب أشد كفرا ونفاقا حيث مدح العرب وذم الاعراب الذين هم سكان البادية فعلى هذا يكون العرب أعم من الاعراب وقيل العرب هم الذين استوطنوا المدن والقرى والاعراب اهل البدو فعلى هذا القول يكونان متباينين انتهى والمراد هناهم اعراب غفار ومزينة وجهينة وأشجع واسلم والدئل بالكسر تخلفوا عن رسول الله عليه السلام حين استنفر من حول المدينة من الاعراب واهل البوادي ليخرجوا معه عند إرادته المسير الى مكة عام الحديبية معتمرا حذرا من قريش أن يتعرضوا له بحرب ويصدوه عن البيت واحرم عليه السلام وساق معه الهدى ليعلم انه لا يريد الحرب وتثاقلوا عن الخروج وقالوا أنذهب الى قوم قد غزوه في عقر داره بالمدينة وقتلوا أصحابه فنقاتلهم فأوحى الله اليه عليه السلام بأنهم سبعتلون اى عند وصولك الى المدينة ويقولون شَغَلَتْنا مشغول كرد ما را والشغل العارض الذي يذهل الإنسان وقد شغل فهو مشغول أَمْوالُنا وَأَهْلُونا ولم يكن لنا من يخلفنا فيهم ويقوم بمصالحهم ويحميهم من الضياع والأموال جمع مال وهو كل ما يتملكه الناس من دراهم او دنانير او ذهب او فضة او حنطة او خبز او حيوان او ثياب او سلاح او غير ذلك والمال العين هو المضروب وسمى المال مالا لكونه بالذات تميل القلوب اليه وفي التلويح المال ما يميل اليه الطبع ويدخر لوقت الحاجة او ما خلق لمصالح الآدمي ويجرى فيه الشح والضنة انتهى والأهلون جمع اهل واهل الرجل عشيرته وذووا قرباه وقد يجمع الأهل على أهال وآهال واهلات ويحرك كأرضات على تقدير تاء التأنيث اى على ان أصله أهلة كما في ارض فحكمه حكم تمرة حيث يجوز في تمرات تحريك الميم فَاسْتَغْفِرْ لَنا الله تعالى ليغفر لنا تخلفنا عنك حيث لم يكن ذلك باختيار بل عن اضطرار يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ تكذيب لهم في الاعتذار وسؤال الاستغفار يعنى انه تكذيب لهم فيما يتضمنه من الحكم من انا مؤمنون حقا معترفون بذنوبنا فالشك والنفاق هو الذي خلفهم لا غير وفي الآية اشارة الى ان القلوب

ص: 26

الغافلة عن الله يقولون اى أهلها بألسنتهم ما ليس له حقيقة ولا شعور لقلوبهم على حقيقة ما يقولون فانهم يقولون ويريدون به معنى آخر كقولهم شغلتنا أموالنا وأهلونا مجازا يريدون به اعتذارا لتخلفهم ولقولهم شغلتنا حقيقة وذلك ان أموالهم وأهليهم شغلتهم عن ذكر الله والائتمار بأوامره وعن متابعة النبي عليه السلام وهم مأمورون بها (قال المولى الجامى) مكن تعلق خاطر بنقش صفحه دهر جريده وار همى زى وساده وش مى باش قُلْ ردالهم عند اعتذارهم إليك بأباطيلهم فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً اى فمن يقدر لا جلكم من مشيئة الله وقضائه على شيء من النفع إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا اى ما يضركم من هلاك الأهل والمال وضياعهما حتى تتخلفوا عن الخروج لحفظهما ودفع الضرر عنهما أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً اى ومن يقدر على شيء من الضرر إن أراد بكم ما ينفعكم من حفظ أموالكم وأهليكم فأى حاجة الى التخلف لاجل القيام بحفظهما بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً اى ليس الأمر كما تقولون بل كان الله خبيرا بجميع ما تعملون من الأعمال التي من جملتها تخلفكم وما هو من مباديه فمن ترك امر الله ومتابعة رسوله وقعد طلبا للسلامة دخل في الآية ثم لم يجد خلاصا من الضرر والبلاء فان الله تعالى قادر صلّى إيصال المكروه ولو بغير صورة القتال فلا بد من الصدق والعمل بالإخلاص والتوكل على الله تعالى فان فيه الخلاص نقلست كه يكروز كسان حجاج ظالم حسن بصرى را رضى الله عنه طلب كردند حسن در صومعه حبيب عجمى قدس سره پنهان شد حبيب را كفتند امروز حسن را ديدى كفت ديدم كفتند كجاست كفت درين صومعه شد در صومعه رفتند چندانكه طلب كردند حسن را نيافتند چنانكه حسن كفت هفت بار دست بر من نهادند ومرا نديدند وبيرون آمدند وكفتند اى حبيب آنچهـ حجاج با شما كند سزاى شماست تا چرا دروغ ميكوييد حبيب كفت او در پيش من درين جا شد اگر شما نمى دانيد ونمى بينيد مرا چهـ جرم عوانان ديكر باره طلب كردند نيافتند حسن از صومعه بيرون آمد كفت اى حبيب حق أستاذي نكاه داشتى ومرا بعوانان غمز ميكردى كفت اى أستاذ برو كه براست كفتن خلاص يافتى كه اگر دروغ ميكفتمى هر دو كرفتار خواستيم شدن (قال الحافظ) بصدق كوش كه خورشيد زايد از نفست كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست حسن كفت چهـ كردى كه مرا نديدند كفت نه بار آية الكرسي ونه بار آمن الرسول ونه بار قل هو الله أحد بخواندم وباز كفتم كه خدايا حسن را بتو سپردم كه نكاهش دارى وهكذا يحفظ الله أولياءه الصادقين وينصرهم ويترك أعداءه الكافرين ويخذلهم بَلْ ظَنَنْتُمْ إلخ بدل من كان الله إلخ مفسر لما فيه من الإبهام اى بل ظننتم ايها المخلفون أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ لن برجع وبالفارسية بلكه كمان ميبرديد آنكه باز نكردد الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنُونَ الذين معه وهم ألف واربعمائة إِلى أَهْلِيهِمْ بسوى اهالى خود بمدينه أَبَداً هرگز اى بأن يستأصلهم المشركون بالكلية فخشيتم ان كنتم معهم أن يصيبكم ما أصابهم فلاجل ذلك تخلفكم لا لما ذكرتم من المعاذير الباطلة وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وآراسته شد اين كمان در دلهاى شما يعنى شيطان بياراست وقبلتموه واشتغلتم بشأن أنفسكم

ص: 27

غير مبالين بهم وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وكمان بر ديد كمان بد المراد به اما الظن الاول والتكرير لتشديد التوبيخ والتسجيل عليه بالسوء والا فهو من عطف الشيء على نفسه او ما يعمه وغيره من الظنون الفاسدة التي من جملتها الظن بعدم الصحة رسالته عليه السلام فان الجازم بصحتها لا يحوم حول فكره ما ذكر من الاستئصال فبهذا التعميم لا يلزم التكرار وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً اى هالكين عند الله مستوجبين سخطه وعقابه على انه جمع بائر من بار بمعنى هلك كعائذ وعوذ وهى من الإبل والخيل الحديثة النتاج او فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونياتكم لا خير فيكم فان البور الفاسد في بعض اللغات وقيل البور مصدر من بار كالهلك من هلك بناء ومعنى ولذا وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث فيقال رجل بورو قوم بورو في المفردات البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك وكانوا قوما بورا اى هلكى انتهى وفيه اشارة الى ان كل من ظن انه يصيبه في الغز وقتل او جراحة او ما يكره من المصائب ثم يتخلف عن الغزو فانه من الهالكين وقد استولى الشيطان على قلبه فزين في قلبه الحياة الدنيا ليؤثرها على الحياة الاخروية التي أعدت للشهداء والدرجات العلى في الجنة والقربات في جوار الحق تعالى مكن ز غصه شكايت كه در طريق طلب براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيد وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ كلام مبتدأ من جهته تعالى ومن شرطية او موصولة اى ومن لم يؤمن بهما كدأب هؤلاء المخلفين فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً اى لهم وانما وضع موضع الضمير العائد الى من الكافرون إيذانا بأن من لم يجمع بين الايمان بالله ورسوله وهو كافر فانه مستوجب السعير اى النار الملتهبة وتنكيره للتهويل للدلالة على انه سعير لا يكتنه كنهها او لأنها نار مخصوصة كما قال نارا تلظى فالتنكير للتنويع وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وما فيهما يتصرف في الكل كيف يشاء وبالفارسية مر خدايراست پادشاهئ آسمانها وزمينها زمام امور ممالك علوى وسفلى در قبضه قدرت اوست يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ أن يغفر له وهو فضل منه وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ أن يعذبه وهو عدل منه من غير دخل لأحد في شيء منهما وجودا وعدما وفيه حسم لا طماعهم الفارغة في استغفاره عليه السلام لهم وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً مبالغا في المغفرة والرحمة لمن يشاء ولا يشاء الا لمن تقتضى الحكمة مغفرته ممن يؤمن به وبرسوله واما من عداه من الكافرين فهم بمعزل من ذلك قطعا فالآية نظير قوله تعالى في الأحزاب ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين ان شاء او يتوب غليهم ان الله كان غفورا رحيما اى يعذب المنافقين ان شاء تعذيبهم اى ان لم يتوبوا فان الشرك لا يغفر البتة او يتوب عليهم اى يقبل توبتهم ان تابوا فالله تعالى يمحو بتوبة واحدة ذنوب العمر كله ويعطى بدل كل واحدة منها حسنة وثوابا قال ابو هريرة رضى الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله افرح بتوبة عبده المؤمن من الضال الواجد ومن الظمآن الوارد ومن العقيم الوالد ومن تاب الى الله توبة نصوحا أنسى الله حافظيه وبقاع ارضه خطاياه وذنوبه كر آيينه از آه كردد تباه شود روشن آيينه دل بآه تو پيش از عقوبت در عفو كوب كه سودى

ص: 28

ندارد فغان زير چوب وفي هذا المعنى قال الكمال الخجندي ترا چهـ سود بروز جزا وقايه وحرز كه از وقاية عفوش حمايتى نرسيد وفي الآية اشارة الى أن من اطفأ سعير نفسه وشعلة صفاتها بماء الذكر وترك الشهوات يؤمن قلبه وينجو من سعير النفس وهو حال من آمن بالله ورسوله والا فيكون سعير نفسه وشعلة صفاتها مستولية على القلب فتحرقه وما تبقى من آثاره شيأ وهو حال من لم يؤمن بالله ورسوله ولله ملك سموات القلوب وارض النفوس يغفر لنفس من يشاء ويزكيها عن الصفات الذميمة ويجعلها مطمئنة قابلة لجذبة ارجعي ويعذب قلب من يشاء باستيلاء صفات النفس عليه ويقلبه كما لم يؤمن به وكان الله غفورا لقلب من يشاء رحيما لنفس من يشاء يؤتى ملك نفس من يشاء لقلبه وينزع ملك قلب من يشاء ويؤتيه لنفسه سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ المذكورون إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ظرف لما قبله لا شرط لما بعده وانطلقتم اى ذهبتم يقال انطلق فلان إذا مر متخلفا واصل الطلاق التخلية من وثاق كما يقال حبس طلقا ويضم اى بلا قيد ولا وثاق والمغانم جمع مغنم بمعنى الغنيمة اى الفيء اى سيقولون عند انطلاقكم الى مغانم خيبر لنحوزوها حسبما وعدكم إياها وخصكم بها عوضا عما فاتكم من غنائم مكة إذا نصرفوا منها على صلح ولم يصيبوا منها شيأ فالسين يدل على القرب وخيبرا قرب مغانم انطلقوا إليها فهى هى فان قيل كيف يصح هذا الكلام وقد ثبت انه عليه السلام أعطى من قدم مع جعفر رضى الله عنه من مهاجرى الحبشة وكذا الدوسيين والأشعريين ولم يكونوا ممن حضر الحديبية قلنا كان ذلك باستنزال اهل الحديبية عن شيء من حقهم ولولا ان بعض خيبر كانت صلحا لما قال موسى بن عقبة ومن تبعه ما قالوا وكان ما أعطاهم من ذلك كما في حواشى سعدى المفتى ذَرُونا بگذاريد ما را امر من يذر الشيء اى يتركه ويقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه نَتَّبِعْكُمْ الى خيبر ونشهد معكم قتال أهلها يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ بأن يشاركوا في المغانم التي خصها بأهل الحديبية فانه عليه السلام رجع من الحديبية في ذى الحجة من سنة ست واقام بالمدينة بقيتها وأوائل المحرم من سنة سبع ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم أموالا كثيرة فخصها بهم حسبما امره الله تعالى فالمراد بكلام الله ما ذكر من وعده تعالى غنائم خيبر لاهل الحديبية خاصة لا قوله تعالى لن تخرجوا معى ابدا فان ذلك في غزوة تبوك قُلْ إقناطا لهم لَنْ تَتَّبِعُونا اى لا تتبعونا فانه نفى في معنى النهى للمبالغة وقال سعدى المفتى لن ليس للتأبيد سيما إذا أريد النهى والمراد لن تتبعونا في خيبر أو ديمومتهم على مرض القلوب وقال ابو الليث لن تتبعونا في المسير الى خيبر الا متطوعين من غير ان يكون لكم شركة فى الغنيمة كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ همچنين كفته است خداى تعالى مِنْ قَبْلُ اى عند الانصراف من الحديبية فَسَيَقُولُونَ للمؤمنين عند سماع هذا النهى بَلْ تَحْسُدُونَنا اى ليس ذلك النهي حكم الله بل تحسدوننا أن نشارككم في الغنائم الحسد تمنى زوال النعمة عمن يستحق لها وربما يكون من ذلك سعى في إزالتها وروى المؤمن يغبط والمنافق يحسد وقال بعض الكبار لا يكون الحسد على المرتبة الا بين الجنس الواحد لا بين الجنسين ولذلك كان أول ابتلاء ابتلى الله به

ص: 29

عباده بعثة الرسل إليهم منهم لا من غيرهم لتقوم الحجة على من جحد قال تعالى ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا يعنى لو كان الرسول الى البشر ملكا لنزل في صورة رجل حتى لا يعرفوا انه ملك لانهم لو رأوه ملكا لم يقم بهم حسد بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ اى لا يفهمون قال الراغب الفقه هو التوصل الى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم والفقه العلم باحكام الشريعة وفقه أي فهم فقها إِلَّا قَلِيلًا اى الا فهما قليلا وهم فطنتهم لامور الدنيا وهو وصف لهم بالجهل المفرط وسوء الفهم في امور الدين وعن على رضى الله عنه اقل الناس قيمة أقلهم علما واعلم ان العلم انما يزداد بصحبة اهله ولما تخلف المنافقون عن صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفهم الله بعدم الفقه فلا بد من مجالسة العلماء العاملين حتى تكون الدنيا ورلء الظهر ويجعل الرغبة في الآخرة وقد قال عليه السلام اطلبوا العلم ولو بالصين فكلما بعد المنزلة كثرا الخطى وعن بعضهم قال رأيت في الطواف كهلا قدأ جهدته العبادة وبيده عصا وهو يطوف معتمدا عليها فسألته عن بلده فقال خراسان تم قال لى في كم تقطعون هذا الطريق قلت في شهرين او ثلاثة فقال أفلا تحجون كل عام فقلت له وكم بينكم وبين هذا البيت قال مسيرة خمس سنين قلت هذا والله هو الفضل المبين والمحبة الصادقة فضحك وانشأ يقول

زر من هويت وان شطت بك الدار

وخال من دونه حجب وأستار

لا يمنعنك بعد عن زيارته

ان المحب لمن يهواه زوار

وفي الآية اشارة الى ان الدنيا من مظان الحسد وهو من رذائل النفس وفي الحديث (ولا تحاسدوا) اى على نعم الله تعالى مالا او علما او غير ذلك الا أن يقع الغبطة على المال المبذول فى سبيل الله والعلم المعمول به المنشور (ولا تناجشوا) النجش هو أن تزيد في ثمن سلعة ولا رغبة لك في شرائها وقيل هو تحريض الغير على شر (ولا تباغضوا) الا ان يكون البغض فى الله قال الشيخ الكلاباذى معنى لا تباغضوا لا تختلفوا في الأهواء والمذاهب لان البدعة فى الدين والضلال عن الطريق يوجب البغض عليه (ولا تدابروا) اى لا تقاطعوا فان التدابر التقاطع وان يولى الرجل صاحبه دبره فيعرض عنه كما في الفائق او لا تغتا بواو صفة الاخوة التقابل كما قال تعالى إخوانا على سرر متقابلين وكما قال عليه السلام (وكونوا عباد الله إخوانا) قال الحافظ هيچ رحمى نه برادر ببرادر دارد هيچ شوقى نه پدر را به پسر مى بينم دخترانرا همه جنكست وجدل با مادر پسران را همه بدخواه پدر مى بينم ثسأل الله السلامة والعافية قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ كرر ذكرهم بهذا العنوان لذمهم مرة بعد اخرى فان التخلف عن صحبة الرسول عليه السلام شفاعة اى شناعة سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ بحرب كروهى أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ اى اولى قوة في الحرب وبالفارسية كروهى با زور سخت وهم بنوا حنيفة كسفينة أبو حي كما في القاموس والمراد اهل اليمامة قوم مسيلمة الكذاب او هم غيرهم ممن ارتدوا بعد رسول الله او المشركون لقوله تعالى تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ استئناف كأنه قيل لماذا فأجيب ليكون أحد الامرين اما المقاتلة ابدا او الإسلام لا غير واما من عدا المرتدين

ص: 30

والمشركين من العرب فينتهى قتالهم بالجزية كما ينتهى بالإسلام يعنى ان المراد بقوم اولى بأس شديد هم المرتدون والمشركون مطلقا سوآء كانوا مشركى العرب او العجم بناء على ان من عدا الطائفتين المذكورتين وهم اهل الكتاب والمجوس ليس الحكم فيهم أن يقتلوا الى أن يسلموا بل تقبل منهم الجزية بخلاف المرتدين ومشركى العرب والعجم فانه لا تقبل منهم الجزية بل يقاتلون حتى يسلموا وهذا عند الشافعي واما عند ابى حنيفة رحمه الله فمشركوا العجم تقبل منهم الجزية كما تقبل من اهل الكتاب والمجوس والذين لا يقبل منهم الا الإسلام او السيف انما هم مشركوا العرب والمرتدون فقط عنده وفي الآية دليل على امامة ابى بكر رضى الله عنه إذ لم يتفق دعوة المخلفين الى قتال اولى البأس الشديد لغيره من الخلفاء وقد وعدهم الثواب على طاعته وأوعدهم على مخالفته بقوله فان تطيعوا إلخ ومن أوجب الله طاعته يكون اما ما حقا فيكون ابو بكر اماما حقا الا إذا ثبت ان المراد بأولى البأس اهل حنين وهم ثقيف وهوازن فلا دلالة للآية حينئذ على امامة ابى بكر لان الدعوة الى قتالهم كانت في حياته عليه السلام لانه غزاهم عقيب فتح مكة فيكون المخلفون ممنوعين من خيبر مدعوين الى قتال اهل حنين اى فيخص دوام نفى الاتباع بما فيه عزوة خيبر كما قال محيى السنة وقيل هم فارس والروم ومعنى يسلمون ينقادن فان الروم نصارى وفارس مجوس تقبل منهم الجزية فتكون الاية دليلا على امامة عمر رضى الله عنه لانه هو الذي قاتلهم ودعا الناس الى قتالهم فَإِنْ تُطِيعُوا پس اگر فرمان بريد كسى را كه خواننده شماست بقتال آن كروه يُؤْتِكُمُ اللَّهُ بدهد شما را خداى أَجْراً حَسَناً هو الغنيمة في الدنيا والجنة في الآخرة وَإِنْ تَتَوَلَّوْا اى تعرضوا عن الدعوة وبالفارسية واگر روى بگردانيد و پشت بر داعى كنيد كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ فى الحديبية يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً لتضاعف جرمكم وبيان المقام انه عليه السلام لما قال لهم لن تتبعونا دعت الحاجة الى بيان قبول توبة من رجع منهم عن النفاق فجعل تعالى لهذا القبول علامة وهو انهم يدعون بعد وفاته عليه السلام الى محاربة قوم اولى قوة في الحرب فمن أجاب منهم دعوة امام ذلك الزمان وحاربهم فانه يقبل توبته ويعطى الاجر الحسن فلولا هذا الامتحان لاستمر حالهم على النفاق كما استمرت حالة ثعلبة عليه فانه قد امتنع من أداء الزكاة ثم اتى بها ولم يقبل منه النبي عليه السلام واستمر عليه الحال ولم يقبل منه أحد من الصحابة فلعله تعالى

علم من ثعلبة ان حاله لا نتغير فلم يبين لتوبته علامة وعلم من احوال الاعراب انها تتغير فبين لتغيرها علامة وقال بعصهم ان عثمان رضى الله عنه قد قبل من ثعلبه وهو مجتهد معذور فى ذلك ولعله وقف على إخلاصه والعلم عند الله تعالى ولما حكم داود وسليمان عليهما السلام في الحرث الذي نفشت فيه غنم القوم والنفش الرعي بالليل فحكم داود بشيء وحكم سليمان بامر آخر وقال الله تعالى ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما فاخذنا من هنا وأمثاله ان كل مجتهد مصبب وان لم يكن نصافى الباب قال بعضهم لا تنكروا على أحد حاله ولا لباسه ولا طعامه ولا غير ذلك الا بإجازة الشرع وسلموا لكل أحد حاله وما هو فيه ففيهم سائحون وتائبون وعابدون وحامدون وساجدون ومسبحون ومستغفرون ومحققون فقد يكون الإنكار سبب الايحاش

ص: 31

والوحشة سبب انقطاعهم عن باب الخالق ويرحم البعض بالبعض (فال الحافظ)

عيب رندان مكن اى زاهد پاكيزه سرشت

كه كناه دكران بر تو نخواهند نوشت

من اگر نيكم واگر بد تو برو خود را باش

هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت

نا اميدم مكن از سابقه لطف ازل

تو چهـ دانى كه پس پرده كه خوبست كه زشت

بر عمل تكيه مكن زانكه دران روز ازل

تو چهـ دانى قلم صنع بنامت چهـ نوشت

وفي الآية اشارة إلى ان النفوس المتخلفة عن الطاعات والعبادات من الفرائض والنوافل لو دعيت الى الجهاد في سبيل الله او الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس والشيطان والدنيا تقاتلونهم بنهي النفس عن الهوى وترك الدنيا وزينتها فان أجابوا وأطاعوا فقد استوجبوا الاجر الحسن وان اعرضوا عن الطاعات والعبادات يعذبهم الله بعذاب أليم يتألمون به في الدنيا والآخرة لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى لما وعد على التخلف نفى الحرج عن الضعفاء والمعذورين فقال ليس على الأعمى وهو فاقد البصر حَرَجٌ اثم في التخلف عن الغزو لانه كالطائر المقصوص الجناح لا يمتنع على من قصده والتكليف يدور على الاستطاعة واصل الحرج والحراج مجتمع الشيء كالشجر وتصور منه ضيق ما بينهما فقيل للضيق حرج وللاثم حرج وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ لما به من العلة اللازمة احدى الرجلين او كليتهما وقد سقط عمن ليس له رجلان غسلهما في الوضوء فكيف بالجهاد والأعرج بالفارسية لنك من العروج لان الأعرج ذاهب في صعود بعد هبوط وعرج كفرح إذا صار ذلك خلقة له وقيل للضبع عرجاء لكونها في خلقتها ذاث عرج وعرج كدخل ارتقى وأصابه شيء في رجليه فمشى مشى العارج اى الذاهب في صعود وليس ذلك بخلقة او يثلث في غير الخلقة كما في القاموس وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ لانه لا قوة به وفي نفى الحرج عن كل من الطوائف المعدودة مزيد اعتناء بامرهم وتوسيع لدآئزة الرخصة وَمَنْ وهر كه يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى فيما ذكر من الأوامر والنواهي في السر والعلانية يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ قال بعض الكبار انما سميت الجنة جنة لانها ستر بينك وبين الحق تعالى وحجاب فانها محل شهوات الأنفس وإذا أراد أن يريك ذاتك حجبك عن شهوتك ورفع عن عينيك سترها فغبت عن جنتك وأنت فيها ورأيت ربك والحجاب عليك منك فانت الغمامة على شمسك فاعرف حقيقة نفسك وَمَنْ يَتَوَلَّ عن الطاعة وبالفارسية وهر كه اعراض كند از فرمان خدا ورسول يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً لا يقادر قدره وبالفارسية عذابى دردناك كه درد ان منقطع نكردد والم آن منقضى نشود وآن عذاب حرمانست چهـ بمخالفت امر خدا از دولت لقا مهجور وبنافرمانى رسول از سعادت شفاعت محروم خواهد ماند

مسوز آتش محروميم كه هيچ عذاب

ز روى سوز والم چون عذاب حرمان نيست

وفي الآية اشارة الى اصحاب الاعذار من ارباب الطلب فمن عرض له مانع يعجزه عن السير بلا عزيمة منه وهمته في الطلب ورغبته في السير وتوجهه الى الحق باق فلا حرج عليه فيما يعتريه فيكون اجره على الله وذلك قوله تعالى ومن يطع الله ورسوله يعنى بقدر الاستطاعة يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار ومن يتول يعنى يعرض عن الله وينقض عهد الطلب

ص: 32

يعذبه عذابا أليما كما قال أوحد المشايخ في وقته ابو عبد الله الشيرازي قدس سره رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يقول من عرفه طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين وقد قالوا مرتد الطريقة أعظم ذنبا من مرتد الشريعة وقال الجنيد لو اقبل صديق على الله ألف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله وقال بعضهم في الآية اشارة الى الأعمى الحقيقي وهو من لا يرى غير الله لا الآخرة التي أشير إليها بالعين اليمنى ولا الدنيا التي أشير إليها بالعين اليسرى وهو معذور با استعمال الرخص والدخول في الرفاهية كما قال بعض الكبار ان المحقق لا يجوع نفسه الا اضطرارا سيما إذا كان في مقام الهيبة وكسر الصفات فانه يكثرا كله لشدة سطوات نيران الحقائق في قلبه بالعظمة وشهودها وهى حالة المقربين ولكن قد يقلل عمدا على قصد المحاق بأهله الانس بالله فهو بذلك يجتمع بالسالك انتهى والى الأعرج الحقيقي وهو من وصل الى منزل المشاهدة فضرب بسيوف الوحدة والإطلاق على رجل الاثنينية والتقيد فتعطل آلاته بالفناء فتقاعد هناك وهم الافراد المشاهدون فلا حرج لهم أن لا ينزلوا الى مقام المجاهدين ايضا ومن هنا يعرف سر قولهم الصوفي من لا مذهب له فان من لا مذهب له لا سير له ومن لا سير له لا يلزم له آلة والى المريض الحقيقي وهو الذي اسقمه العشق والمحبة وهو معذور إذا باشر الروحانيات مثل السماع واستعمال الطيب والنظر الى المستحسنات فان مداواته ايضا تكون من قبيل العشق والمحبة لان العشق أمرضه فيداوى بالعشق ايضا كما قيل

تداويت من ليلى بليلى من الهوا

كما يتداوى شارب الخمر بالخمر

وقال بعضهم من كان له عذر في المجاهدة فان الله يحب ان تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه فاعرف ذلك لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ رضى العبد عن الله ان لا يكره ما يجرى به قضاؤه ورضى الله عن العبد هو أن يراه مؤتمرا لأمره منتهيا عن نهيه وهم الذين ذكر شأن مبايعتهم وكانوا ألفا وأربعمائة على الصحيح وقيل ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين وبهذه الآية سميت بيعة الرضوان وقال بعض الكبار سميت بيعة الرضوان لان الرضى فناء الارادة في إرادته تعالى وهو كمال فناء الصفات وذلك ان الذات العلية محتجبة بالصفات والصفات بالافعال والافعال بالاكوان والآثار فمن تجلت عليه الافعال بارتفاع حجب الأكوان توكل ومن تجلت عليه الصفات بارتفاع حجب الافعال رضى وسلّم ومن تجلت عليه الذات بانكشاف حجب الصفات فنى في الواحدة فصار موحدا مطلقا فاعلا ما فعل وقارئا ما فرأ ما دام هذا شهوده فتوحيد الافعال مقدم على توحيد الصفات وتوحيد الصفات مقدم على توحيد الذات والى هذه المراتب الثلاث أشار صلى الله عليه وسلم بقوله في سجوده وأعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك فاعلم ذلك فانه من لباب المعرفة إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ منصوب برضى وصيغة المضارع لاستحضار صورتها وتحت الشجرة متعلق به والشجر من النبت ماله ساق والمراد بالشجرة هنا سمرة اى أم غيلان وهى كثيرة في بوادي الحجاز وقيل سدرة وكان مبايعتهم على أن يقاتلوا قريشا ولا يفروا

ص: 33

وروى على الموت دونه قال ابو عيسى معنى الحديثين صحيح فبايعه جماعة على الموت اى لا نزال نقاتلهم بين يديك ما لم تقتل وبايعه آخرون وقالوا لا نفر يقول الفقير عدم الفرار لا يستلزم الموت فلا تعارض وآن اصحاب را اصحاب الشجرة كويند وكان علامة اصحاب رسول الله معه في الغزاة ان يقول يا اصحاب الشجرة يا اصحاب سورة البقرة وآن ساعت كه دست عهد بيعت كرفتند با رسول فرمان آمد از حق تعالى تا درهاى آسمان بگشادند وفرشتگان از ذروه فلك نظاه كردند واز حق فرمان آمد بطريق مباهات كه اى مقربان أفلاك نظر كنيد بآن كروه كه از بهر إعزاز دين اسلام واعلاى كلمه حق ميكوشند جان بذل كرده وتن سبيل ودل فدا ودر وقت قتال روى نشانه نيزه كرده وسينه سپر ساخته

شراب از خون وجام از كاسه سر

بجاى بانك رود آواز اسبان

بجاى دسته گل دشنه وتيغ

بجاى قرطه بر تن درع وخفتان

كواه باشيد اى مقربان كه من از ايشان خشنودم ودر قيامت هر يكى را از ايشان در امت محمد چندان شفاعت دهم كه از من خشنود كردند وازين عهد تا آخر دور هر مؤمنى كه آن بيعت بشنود وبدل بامر ايشان در قبول آن بيعت موافق بود من آن مؤمن را همان خلعت دهم كه اين مؤمنانرا دادم وعند تلك المبايعة قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم اليوم خير اهل الأرض واستدل بهذا الحديث على عدم حياة الخضر عليه السلام حينئذ لانه يلزم ان يكون غير النبي أفضل منه وقد قامت الادلة الواضحة على ثبوت نبوته كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله يقول الفقير نبوة الخضر منقضية كنبوة عيسى عليهما السلام فعلى تقدير حياته يكون من اتباعه عليه السلام وأمته كما قال عليه السلام لو كان أخي موسى حيا لما وسعه الا اتباعى وثبت ان عيسى من أصحابه عليه السلام وعند نزوله في آخر الزمان يكون من أمته فان قلت بحضور الخضر بين الاصحاب في تلك المبايعة وان لم يعرفه أحد فالامر ظاهر وان قلت بعدم الحضور فلا يلزم رجحان الاصحاب عليه من كل وجه إذ بعض من هو فاضل مفضول من وجه قال في انسان العيون صارت تلك الشجرة التي وقعت عندها البيعة يقال لها شجرة الرضوان وبلغ عمر بن الخطاب رضى الله عنه في زمان خلافته ان ناسا يصلون عندها فتوعدهم وامر بها فقطعت خوف ظهور البدعة انتهى وروى الامام النسفي رحمه الله في التيسير انها عميت عليهم من قابل فلم يدروا اين ذهبت يقول الفقير يمكن التوفيق بين الروايتين بانهم لما عميت عليهم ذهبوا يصلون تحت شجرة على ظن انها هى شجرة البيعة فامر عمر رضى الله عنه بقطعها وفي كشف النور لابن النابلسى اما قول بعض المغرورين باننا نخاف على العوام إذا اعتقدوا وليا من الأولياء وعظموا قبره ولتمسوا البركة والمعونة منه ان يدركهم اعتقاد أن الأولياء تؤثر في الوجود مع الله فيكفرون ويشركون بالله تعالى فتنهاهم عن ذلك ونهدم قبور الأولياء ونرفع البنايات الموضوعة عليها ونزيل الستور عنها ونجعل الاهانة للاولياء ظاهرا حتى تعلم العوام الجاهلون ان هؤلاء الأولياء لو كانوا مؤثرين فى الوجود مع الله تعالى لدفعوا عن أنفسهم هذه الاهانة التي نفعلها معهم فاعلم ان هذا الصنيع

ص: 34

كفر صراح مأخوذ من قول فرعون على ما حكاه الله تعالى لنا في كتابه القديم وقال فرعون ذوونى اقتل موسى وليدع ربه انى أخاف ان يبدل دينكم او ان يظهر في الأرض الفساد وكيف يجوز هذا الصنيع من أجل الأمر الموهوم وهو خوف الضلال على العامة انتهى يقول الفقير والتوفيق بين هذا وبين ما فعله عمر رضى الله عنه ان الذي يصح هو اتباع الظن لا الوهم فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ عطف على يبايعونك لما عرفت من انه بمعنى بايعوك لا على رضى فان رضاه تعالى عنهم مترتب على علمه تعالى بما في قلوبهم من الصدق والإخلاص عند مبايعتهم له عليه السلام قال بعضهم ان من الفرق بين علم الحق وعلم عبيده ان علمهم لم يكن لهم الا بعد ظهورهم وحصول صورتهم واما علم الحق تعالى فكان قبل وجود الخلق وبعدهم فليس علمه تعالى بعناية من غيره بخلاف العبد فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ عطف على رضى اى فأنزل عليهم الطمأنينة وسكون النفس بالربط على قلوبهم وقيل بالصلح قال البقلى في عرائسه رضى الله عنهم في الأزل وسابق علم القدم ويبقى رضاه الى الابد لان رضاه صفته الازلية الباقية الابدية لا تتغير بتغير الحدثان ولا بالوقت والزمان ولا بالطاعة والعصيان فاذاهم في اصطفائيته باقون الى الابد لا يسقطون من درجاتهم بالزلات ولا بالشرية والشهوات لان اهل الرضى محروسون برعايته لا يجرى عليهم نعوت اهل البعد وصاروا متصفين بوصف رضاه فرضوا عنه كما رضى عنهم وهذا بعد قذف أنوار الانس في قلوبهم بقوله فأنزل السكينة عليهم قال ابن عطاء رضى الله عنهم فارضاهم وأوصلهم الى مقام الرضى واليقين والاطمئنان فأنزل سكينته عليهم لتسكن قلوبهم اليه وَأَثابَهُمْ و پاداش داد ايشانرا فان الاثابة بالفارسية پاداش دادن والثواب ما يرجع الى الإنسان من جزاء عمل يستعمل في الخير والشر لكن الأكثر المتعارف في الخير والاثابة تستعمل في المحبوب وقد قيل ذلك في المكروه نحو فأثابكم غما بغم على الاستعارة فَتْحاً قَرِيباً وهو فتح خيبر غب انصرافهم من الحديبية وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها اى وأثابهم مغانم خيبر وكانت ذات عقار وأشجار أخذوها من اليهود مع فتح بلدتهم فقسمت عليهم وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً غالبا حَكِيماً مراعيا لمقتضى الحكمة في أحكامه وقضاياه وقال ابن الشيخ حكيما في امره حكم لهم بالظفر والغنيمة ولاهل خيبر بالسبي والهزيمة وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً هى ما يفيئه على المؤمنين الى يوم القيامة والافاءة مال كسى غنيمت كردن تَأْخُذُونَها فى أوقاتها المقدرة لكل واحد منها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ اى غنائم خيبر وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ اى أيدي اهل خيبر وهم سبعون ألفا وحلفاؤهم من بنى اسد وغطفان حيث جاؤا لنصرتهم فقذف الله في قلوبهم الرعب فنكصوا والحلفاء بالحاء المهملة جمع حليف وهو المعاهد للنصر فان الحلف العهد بين القوم وقيل أيدي اهل مكة بالصلح وبالفارسية ودست مردمانرا از شما كوتاه كرد وقال في المفردات الكف كف الناس وهى ما بها يقبض ويبسط وكففته دفعته بالكف وتعورف الكف بالدفع على اى وجه كان بالكف وبغيرها حتى قيل رجل مكفوف لمن قبض بصره قال سعدى المفتى ان كان نزولها بعد فتح خيبر كما هو الظاهر

ص: 35

لا تكون السورة بتمامها نازلة في مرجعه عليه السلام من الحديبية وان كان قبله على انها من الاخبار عن الغيب فالاشارة بهذه تنزيل المغانم منزلة الحاضرة المشاهدة والتعبير بالمضي للتحق وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ عطف على علة اخرى محذوفة من أحد الفعلين اى فعجل لكم هذه أو كف أيدي الناس عنكم لتغتنموها ولتكون ان رة للمؤمنين يعرفون بها صدق الرسول في وعده إياهم عند رجوعه من الحديبية ما ذكر من الغنائم وفتح مكة ودخول المسجد الحرام ويجوز ان تكون الواو واعتراضية على أن تكون اللام متعلقة بمحذوف مؤخر اى ولتكون آية لهم فعل ما فعل من التعجيل والكف وَيَهْدِيَكُمْ بتلك الآية صِراطاً مُسْتَقِيماً هو الثقة بفضل الله تعالى والتوكل عليه في كل ما تأتون وما تذرون وفي الآية اشارة الى ما وعد الله عباده من المغانم الكثيرة بقوله ادعوني استجب لكم فكل واحد يأخذها بحسب مطمح نظره وعلو همته فمن كانت همته الدنيا فهى له معجلة وماله في الآخرة من خلاق ومن كانت همته الآخرة فله نصيب

من حظ الدارين وربما يكف الله أيدي دواعى شهوات النفس عن المؤمنين ليكونوا من اهل الجنة كما قال تعالى ونهى النفس عن الهوا فان الجنة هى المأوى ولو وكلهم الى أنفسهم لا تبعوا الشهوات وهى دركات الجحيم إذ حفت النار بالشهوات وفي ترك الدنيا وشهوات النفس آية للمؤمنين حيث يهتدى بعضهم بهدى بعض ويصلون على هذا الصراط المستقيم الى حضرة ربوبية (قال الشيخ سعدى)

پى نيك مردان ببايد شتافت

هر آن كين سعادت طلب كرد يافت

وليكن تو دنبال ديو خسى

ندانم كه در صالحان كى رسى

پيمبر كسى را شفاعت كرست

كه بر جاده شرع پيغمبرست

ثم ان خيبر حصن معروف قرب المدينة على ما في القاموس وقال في انسان العيون هو على وزن جعفر سميت باسم رجل من العماليق نزلها يقال له خيبر وهو أخو يثرب الذي سميت باسمه المدينة وفي كلام بعض خيبر بلسان اليهود الحصن ومن ثم قيل لها خيابر لاشتمالها على الحصون وهى مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع ونخل كثير بينها وبين المدينة الشريفة ثمانية برد والبريد اربعة فراسخ وكل فرسخ ثلاثة أميال «يقول الفقير وكل ميلين ساعة واحدة بالساعات النجومية لانه عدمن المدينة الى قباميلان وهى ساعة واحدة فتكون الثمانية البرد ثمانى وأربعين ساعة بتلك الساعات وفي القاموس البريد فرسخان واثنا عشر ميلا انتهى ولما رجع عليه السلام من الحديبية اقام شهرا اى بقية ذى الحجة وبعض المحرم من سنة سبع ثم خرج الى خيبر وقد استنفر من حوله ممن شهد الحديبية يغزون معه وجاء المخلفون عنه في غزوة الحديبية ليخرجوا معه رجاء الغنيمة فقال عليه السلام لا تخرجوا معى الا راغبين في الجهاد اما الغنيمة فلا اى لا تعطون منها شيأ ثم امر مناديا ينادى بذلك فنادى به وامر ايضا انه لا يخرج الضعيف ولا من له مركب صعب حتى ان بعضهم خالف هذا الأمر فنفر مركوبه فصرعه فاندقت فخذه فمات فأمر عليه السلام بلالا رضى الله عنه أن ينادى في الناس الجنة لا تحل العاص ثلاثا وخرج معه

ص: 36

عليه السلام من نسائه أم سلمة رضى الله عنها ولما اشرف على خيبر وكان وقت الصبح رأى عمالها وقد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم وهى القفف الكبيرة قالوا محمد والخميس اى الجيش العظيم معه قيل له الخميس لانه خمسة اقسام المقدمة والساقة والميمنة والميسرة وهما الجناحان والقلب وأدبروا اى العمال هربا الى حصونهم وكانوا لا يظنون ان رسول الله يغزوهم وكان بها عشرة آلاف مقاتل فقال عليه السلام الله اكبر خربت خيبر انا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين وانما قاله بالوحى كما نطق به قوله تعالى فعجل لكم هذه وابتدأ من حصونهم بحصون النطاة وامر بقطع نخلها فقطعوا اربعمائة نخلة ثم نهاهم عن القطع ومكث عليه السلام سبعة ايام يقاتل اهل حصون النطاة فلم يرجع من أعطى له الراية بفتح ثم قال لأعطين الراية عدا الى رجل يحب الله ورسوله ويحبانه يفتح الله على يديه فتطاولها ابو بكر وعمر وبعض الصحابة من قريش فدعا عليه السلام عليا رضى الله عنه وبه رمد فتفل في عينيه ثم أعطاه الراية وكانت بيضاء مكتوب فيها لا اله الا الله محمد رسول الله بالسواد فقال على علام أقاتلهم يا رسول الله قال أن يشهدوا ان لا اله الا الله وانى رسول الله فاذا فعلوا ذلك فقد حقنوا دماءهم وأموالهم وألبسه عليه السلام درعه الحديد وشد سيفه ذا الفقار في وسطه ووجهه الى الحصن وقال لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم اى من الإبل النفيسة التي تصدق بها في سبيل الله فخرج على رضى الله عنه بالراية يهرول حتى ركزها تحت الحصن الحارث أخو مرجب وكان معروفا بالشجاعة فتضاربا فقتله على وانهزم اليهود الى الحصن

صعوه كريا عقاب سازد جنگ

دهد از خون خود پرش را رنك

ثم خرج اليه مرحب سيد اليهود وهو يرتجز ويقول

قد علمت خيبر انى مرحب

شاكى السلاح البطل المجرب

اى تام السلاح معروف بالشجاعة وقهر الفرسان وارتجز على رضى الله عنه وقال

انا الذي سمتنى أمي حيدره

ضرغام آجام وليث قسوره

وضرب عليا فطرح ترسه من يده فتناول على بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل فى يده يقاتل حتى قتل مرحبا وفتح الله عليه الحصن وهو حصن ناعم من حصون النطاة والقى الباب من يده ورلء ظهره تمانين شبرا وذلك بالقوة القدسية وفيه بيان شجاعة على حيث قتل شجيعا بعد شجيع ونعم ما قيل

كر چهـ شاطر بود خروس بجنگ

چهـ زند پيش باز رويين چنك

گربه شيرست در گرفتن موش

ليك موشست در مصاف پلنگ

ثم انتقل عليه السلام من حصن ناعم الى حصن العصب من حصون النطاة فأقاموا على محاصرته يومين حتى فتحه الله وما بخيبر حصن اكثر طعاما منه كالشعير السمن والتمر والزيت والشحم والماشية والمتاع ثم انتقلوا الى حصن قلة وهو حصن بقلة وهو آخر حصون النطاة فقطعوا عنهم ماءهم ففتحه الله ثم سار المسلمون الى حصار الشق بفتح الشين المعجمة وهو اعرف عند اهل اللغة من الكسر ففتحو الحصن الاول من حصونه ثم حاصروا حصن البرآء وهو

ص: 37

الحصن الثاني من حصنى الشق فقاتلوا قتالا شديدا حتى فتحه الله ثم حاصروا حصون الكثيبة وهى ثلاثة حصون القموص كصبور والوطيح وسلالم بضم السين المهملة وكان أعظم حصون خيبر القموص وكان منيعا حاصره المسلمون عشرين ليلة ثم فتحه الله على يد على رضى الله عنه ومنه سبيت صفية رضى الله عنها وانتهت المسلمون الى حصار الوطيح بالحاء المهملة سمى باسم الوطيح بن مارن رجل من اليهود وسلالم آخر حصون خبر ومكثوا على حصار هما اربعة عشر يوما وهذان الحصنان فتحا صلحا لان أهلهما لما أيقنوا بالهلاك سألوا رسول الله عليه السلام الصلح على حقن دماء المقاتلة وترك الذرية لهم ويخرجون من خيبر وارضها بذراريهم وان لا يصحب أحدا منهم إلا ثوب واحد على ظهره فصالحهم عليه ووجدوا فى الحصنين المذكورين مائة درع واربعمائة سيف والف رمح وخمسمائة قوس عربية بجعابها وأشياء آخر غالية القيمة وهى ما في الخزانة ابى الحقيق مصغرا وأرسل عليه السلام الى اهل فدك وهى محركة قرية بخيبر يدعوهم الى الإسلام ويخوفهم فتصالحوا معه عليه السلام على أن يحقن دماءهم ويخليهم ويخلون بينه وبين الأموال ففعل ذلك رسول الله وقيل تصالحوا معه على ان يكون لهم النصف في الأرض ولرسول الله النصف الآخر وكان فدك الاول لرسول الله وعلى الثاني كان له نصفها لانه لم تؤخذ بمقاتله وكان عليه السلام ينفق منها ويعود منها على صغير بنى هاشم ويزوج منها ايمهم ولما مات عليه السلام وولى ابو بكر رضى الله عنه الخلافة سألته فاطمة رضى الله عنها ان يجعل فدك او نصفها لها قأبى وروى لها انه عليه السلام قال انا معاشر الأنبياء لا نورث اى لا نكون مورثين ما تركناه صدقة اى على المسلمين ثم ان النبي عليه السلام امر بالغنائم التي غنمت قبل الصلح فجمعت وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا منها صفية بنت ملكهم حيى بن اخطب من سبط هرون بن عمران أخي موسى عليهما السلام فهدا ها الله فأسلمت ثم أعتقها رسول الله وتزوجها وكانت رأت ان القمر وقع فى حجرها فكان ذلك رسول الله وجعل وليمتها حيسا في نطع الحيس تمر وإقط وسمن ودخل بها رسول الله في منزل الصهباء في العود والصهباء موضع قرب خيبر كما في القاموس وبات تلك الليلة ابو أيوب الأنصاري رضى الله عنه متوشحا سيفه يحرسه ويطوف حول قبته حتى أصبح رسول الله فرأى مكان ابى أيوب فقال مالك يا ابى أيوب قال يا رسول الله خفت عليك من هذه المرأة قتلت أباها وزوجها وقومها وهى حديثة عهد بجاهلية فبت أحفظك فقال عليه السلام اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظنى قال السهيلي رحمه الله فحرس الله تعالى أبا أيوب بهذه الدعوة حتى ان الروم لتحرس قبره ويستسقون به فيسقون فانه غزا مع يزيد بن معاوية سنة خمسين فلما بلغوا القسطنطينية مات ابو أيوب هناك فأوصى يزيد ان يدفنه في اقرب موضع من مدينة الروم فركب المسلمون ومشوابه حتى إذا لم يجدوا مساغا دفنوه فسألتهم الروم عن شأنهم فأخبروهم انه كبير من أكابر المسلمين الصحابة فقالت ليزيد ما أحمقك وأحمق من أرسلك امنت ان ننبشه بعدك فخرق عظامه فخلف لهم يزيد لئن فعلوا ذلك ليهد من كل كنيسة بأرض العرب وينبش قبورهم فحينئذ حلفوا له بنبيهم ليكر من قبره وليحر سنه ما استطاعوا وقال صاحب روضة الاخبار مات

ص: 38

ابو أيوب خالد بن زيد الأنصاري رضى الله عنه بالقسطنطينية سنة احدى وخمسين مرابطا مع يزيد بن معاوية مرض فلما ثقل مرضه قال لاصحابه إذا أنا مت فاحملونى فاذا صاففتم العدو فادفنونى تحت أقدامكم ففعلوا وقبره قريب من سورها معروف معظم وكان

الروم يتعاهدون قبره ويستشفون به انتهى يقول الفقير ثبت ان قبر ابى أيوب انما تعين بأشارة الشيخ الشهير بآق شمس الدين قدس سره وقد كان مع الفاتح السلطان محمد العثماني في زمان الفتح وهذا يقتضى ان يكون محل قبره المنيف مندر سابمرور الأيام ولنعد الى تمام القصة ونهى النبي عليه السلام عن إتيان الحبالى حتى تضع وعن غير الحبالى حتى تستبرأ بحيضة ونهى عن إتيان المسجد لمن أكل الثوم والبصل وعن بعضهم ما أكل نبى قط ثؤما ولا بصلا يقول الفقير يدخل فيه الدخان الشائع شربه في هذا الزمان بل رائحته اكره من رائحة الثوم والبصل فاذا كان دخول المسجد ممنوعا مع رائحتهما دفعا لاذى الناس والملائكة فمع رائحة الدخان اولى وظاهر ان الثوم والبصل من جنس الاغذية ولا كذلك الدخان ومحافظة المزاج بشربه انما عرفت بعد الإدمان المولد للامراض الهائلة فليس لشاربه دليل في ذلك أصلا فكما ان شرب الخمر ممنوع اولا وآخرا حتى لو تاب منها ومرض لا يجوز ان يشربها ولو مات من ذلك المرض يؤجر ولا يأثم فكذا شرب الدخان وليس استطابته الا من خباثة الطبع فان الطباع السليمة تستقذره لا محالة فتب الى الله وعد حتى لا يراك حيث نهاك ووقت عليه السلام قص الشارب وتقليم الأظفار واستعمال النورة بان لا يترك ذلك أربعين يوما وقدم عليه صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر ابن عمه جعفر بن ابى طالب من ارض الحبشة وقد كان هاجر إليها ومعه الأشعريون فقام عليه السلام الى جعفر وقبله بين عينيه واعتنقه وقال والله ما أدرى بأيهما افرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر وليس حديث القيام معارضا لحديث من سره أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار لان هذا الوعيد انما توجه للمتكبرين ولمن يغضب ان لا يقام له وكان من جملة من قدم معهم من الحبشة أم حبيبة بنت ابى سفيان زوج النبي عليه السلام وذلك ان أم حبيبة كانت ممن هاجر الى الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش فارتد عن الإسلام هناك وتنصر ومات على ذلك وبقيت هى على إسلامها ورأت فى المنام كان قائلا يقول لها يا أم المؤمنين فعلمت بأن رسول الله يتزوجها فارسل عليه السلام فى المحرم افتتاح سنة سبع الى النجاشي بالتخفيف ملك الحبشة وكان مؤمنا ليزوجها منه عليه السلام فزوجها وأصدقها اربعمائة دينار ولما قدم رسول الله خيبر كان الثمر اخضر فأكثر الصحابة من أكله فأصابتهم الحي فشكوا ذلك الى رسول الله فقال بردوا لها الماء فى الشنان اى في القرب ثم صبوا منه عليكم بين آذاني الفجر واذكروا اسم الله عليه ففعلوا فذهبت عنهم وفي هذه الغزوة أراد عليه السلام ان يتبرز فأمر الى شجرتين متباعدتين حتى اجتمعتا فاستتر بهما ثم قام فانطلقت كل واحدة الى مكانها وفي خيبر كان أكله من الشاة المسمومة وذلك ان زينت ابنة الحارث أخي مرحب سمتها وأكثرت في الذراعين والكتف لما عرفت انه عليه السلام كان يحب الذراع والكتف لكونهما ابعد من الأذى وأهدتها له

ص: 39

عليه السلام وكان قد صلّى المغرب بالناس فلما انتهش من الذراع واز درد لقمة از درد بشر ما في فيه ومات من أكل معه وهو بشر بن البرآء واحتجم رسول الله بين الكفتين فى ثلاثة مواضع وقال الحجامة في الرأس هى المعينة أمرني بها جبرائيل حين أكلت طعام اليهودية وقد احتجم في غير هذه الواقعة مرارا واحتجم وسط رأسه وكان يسميها منقذا وذلك انه لما سحره اليهودي ووصل المرض الى الذات المقدسة امر بالحجامة على قبة رأسه المباركة واستعمال الحجامة في كل متضرر بالسحر غاية الحكمة ونهاية حسن المعالجة وفي الحديث الحجامة في الرأس شفاء من سبع من الجنون والصداع والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة يجدها في عينيه والحجامة في البلاد الحارة انفع من الفصد والاولى ان تكون في الربع الثالث من الشهر لانه وقت هيجان الدم وعن ابى هريرة مرفوعا من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة واحدى وعشرين كانت شفاء من كل داء والحجامة على الريق دوآء وعلى الشبع داء ويكره في الأربعاء والسبت ثم أرسل رسول الله الى تلك اليهودية فقال أسممت هذه الشاة فقالت من أخبرك قال أخبرتني هذه التي في يدى اى الذراع قالت نعم قال ما حملك على ما صنعت قالت قتلت ابى وعمى وزوجى ونلت من قومى ما نلت فقلت ان كان ملكا استرحنا منه وان كان نبيا فسيخبر فعفا عنها

ز خوان معجزا وكرنواله طلبى

حديث بره برياشنو كه ما حضرست

فلما مات بشر امر بها فقتلت وصلبت وفي الاحياء اطعم عليه السلام السم فمات الذي أكل معه وعاش هو عليه السلام بعده اربع سنين انتهى قال الشيخ الشهير بأفتاده قدس سره انما لم يؤثر السم في عمر حين جاء من قيصر لانه رضى الله عنه انما شرب بحقيقته لا ببشريته وانما اثر في النبي عليه السلام بعد تنزله الى حالة بشريته وذلك إرشاده عليه السلام وان كان فى عالم التنزل غير ان تنزله كان في مرتبة الروح وهى اعدل المراتب فلم يؤثر فيه حتى مضى عليه اثنتا عشرة سنة فلما احتضر عليه السلام تنزل الى ادنى المراتب لان الموت انما يجرى على البشرية فلما تنزل الى تلك المرتبة اثر فيه انتهى فانتقل عليه السلام من الدنيا بالشهادة فأحرز جميع المراتب من النبوة والرسالة والصديقية والشهادة يقول الفقير قوله اثنتا عشرة سنة وهكذا قال صاحب المحمدية وهو مخالف لما سبق عن الاحياء والحق ما في الاحياء لان قصة السم كانت في خيبر وقصة خيبر في السنة السابعة من الهجرة فغير هذا وجهه غير ظاهر كما لا يخفى ولما كان زمان خلافة عمر رضى الله عنه ظهر خيانة اهل خيبر فأجلى يهود فدك ونصارى نجران لانه عليه السلام قال لا يبقى دينان في جزيرة العرب وجزيرة العرب ما أحاط به بحر الهند وبحر الشام ثم دجلة والفرات او ما بين عدن أبين الى أطراف الشام طولا ومن جدة الى ريف العراق عرضا كما في القاموس وَأُخْرى عطف على هذه اى فعجل لكم هذه المغانم ومغانم اخرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها وهى مغانم هو ازن فى غزوة حنين فانهم لم يقدروا عليها الى عام الحديبية وانما قدروا عليها عقيب فتح مكة ووصفها بعدم القدرة عليها لما كان فيها من الجولة اى من تكرار الهزيمة والرجوع الى

ص: 40

القتال قبل ذلك لزيادة ترغيبهم فيها يقال جال القوم جولة انكشفوا ثم كروا قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها صفة اخرى لا خرى مفيدة لسهولة تأتيها بالنسبة الى قدرته تعالى بعد بيان صعوبة مثالها بالنظر الى قدرتهم اى قد قدر الله عليها واستولى وأظهركم عليها وقيل حفظها عليكم لفتحكم ومنعها من غيركم يعنى جميع فتوح المسلمين قال ابن عباس رضى الله عنهما ومنه فتح قسطنطينية ورومية وعمورية ومدائن فارس والروم والشام اما قسطنطينية فمشهورة وهى الآن دار السلطنة للسلاطين العثمانية واما رومية ويقال لها رومية الكبرى فمدينة عظيمة من مدن الروم مثل قسطنطينية واما عمورية بفتح العين المهملة وضم الميم المشددة وبالراء فقد قال الامام اليافعي في المرآة هى التي يسميها اهل الروم انكورية وهى مدنية كبيرة كانت مقر ملوكهم فتحها المعتصم بالله قال الراغب الإحاطة على وجهين أحدهما فى الأجسام نحو أحطت

بمكان كذا وتستعمل في الحفظ نحو كان الله بكل شيء محيطا اى حافظا له في جميع جهاته وتستعمل في المنع نحو الا ان يحاط بكم اى الا ان تمنعوا والثاني فى العلم نحو أحاط بكل شيء علما فالاحاطة بالشيء علما هو ان يعلم وجوده وجنسه وقدره وكيفيته وغرضه المقصود به وبإيجاده وما يكون به ومنه وذلك ليس يكون الا لله وقال بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه فنفى عنهم ذلك وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً لان قدرته تعالى ذاتية لا تختص بشيء دون شيء اى منتهية عنده غير متجاوزة عنه لان علتها لا تنتهى فتأمل اعلم ان المغازي غزوة حنين وهو اسم موضع قريب من الطائف ويقال لها لغزوة حنين غزوة هوازن ويقال لها غزوة أوطاس باسم الموضع الذي كانت به الواقعة في آخر الأمر وسببها انه لما فتح الله على رسوله مكة اطاعت له قبائل العرب الا هوازن وثقيفا فان أهلهما كانوا طغاة مردة فاجتمعوا الى حنين فلما وصل خبرهم الى رسول الله عليه السلام تبسم وقال تلك غنيمة المسلمين غدا ان شاء الله تعالى فأجمع على السير الى هوازن وخرج في اثنى عشر الفا فلما قربوا من محل العدو صفهم واعطى لواء المهاجرين عليا رضى الله عنه ولواء الخزرج الحباب بن المنذر رضى الله عنه ولواء الأوس أسيد بن حضير رضى الله عنه وركب عليه السلام بغلته الشهباء التي يقال لها فضة قد أهداها له صاحب البلقاء وقيل هى دلدل التي أهداها له المقوقس ولبس درعين والمغفر والدرعان هما ذات الفضول والسغدية بالسين المهملة والغين المعجمة وهى درع داود عليه السلام التي لبسها حين قتل جالوت فلما كان بحنين وذلك عند غبش الصبح اى ظلمته وانحدروا في الوادي خرج عليهم القوم وكانوا كمنوا لهم في شعاب الوادي ومضايقه فحملوا عليهم حملة رجل واحد ورموهم بالنبل وكانوا رماة لا يسقط لهم سهم فأخذ المسلمون راجعين منهزمين لا يلوى أحد على أحد وانحاز رسول الله ذات اليمين ومعه نفر قليل منهم ابو بكر وعمر وعلى والعباس وابنه الفضل فقال عليه السلام يا عباس اصرخ يا معشر الأنصار يا اصحاب السمرة يعنى الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان وكان صيحا يسمع صوته من ثمانية أميال فأجابوا لبيك لبيك حتى انتهى اليه جمع فاقتتلوا ثم قبض عليه السلام قبضة من تراب واستقبل بها وجوههم فقال شاهت الوجوه حم لا ينصرون انهزموا ورب محمد ورماهم

ص: 41

بالتراب فملئت أعينهم من التراب فولوا مدبرين فتبعهم المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم ولما انهزم القوم عسكر بعضهم بأوطاس فبعث النبي عليه السلام في آثارهم أبا عامر الأشعري رضى الله عنه ورجع رسول الله الى معسكره يمشى في المسلمين ويقول من يدلنى على رجل خالد بن الوليد حتى دل عليه فوجده قد أسند الى مؤخرة رحله لانه أثقل بالجراحة فتفل عليه السلام في جرحه فبرئ وامر عليه السلام بالسبي والغنائم ان تجمع فجمع ذلك كله وأخذوه الى الجعرانة بالكسر والعين المهملة موضع بين مكة والطائف سمى بريطة بنت سعد وكانت تلقب بالجعرانة وهى المرادة في قوله تعالى ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها وكان بها الى ان انصرف رسول الله من غزوة الطائف ثم لما أتاها قسم تلك الغنائم وكان السبي ستة آلاف رأس والإبل اربعة وعشرين الفا والغنم اكثر من أربعين الفا والفضة اربعة آلاف اوقية واحرم من الجعرانة بعمرة بعد ان اقام بها ثلث عشرة ليلة وقال اعتمر منها سبعون نبيا وقد اعتمر عليه السلام بعد الحجرة اربع عمر أولاها عمرة الحديبية والثانية عمرة القضاء من العام المقبل والثالثة عمرة الجعرانة والرابعة عمرته عليه السلام مع حجة الوداع وباقى البيان في غزوة حنين وما يتصل بها قد سبق في أوائل التوبة عند قوله لقد نصركم الله إلخ وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى اهل مكة ولم يصالحوكم وقيل حلفاء خيبر من بنى اسد وغطفان لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ اى لا نهزموا ولم يكن قتال وبالفارسية هر آينه بر كردانيدندى پشتها را بگريز يعنى هزيمت كردندى فان تولية الأدبار كناية عن الانهزام وكذا في الفارسية كما قال آن نه من باشم كه روز جنك بينى پشت من ودبر الشيء خلاف القبل كالظهر والخلف ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا يحرسهم وَلا نَصِيراً ينصرهم سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ اى سن الله غلبة أنبيائه سنة قديمة فيمن خلا ومضى من الأمم وهو قوله لأغلبن انا ورسلى فسنة الله مصدر مؤكد لفعله المحذوف وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا اى تغييرا بنقل الغلبة من الأنبياء الى غيرهم

محالست چون دوست دارد ترا

كه در دست دشمن كذارد ترا

هر چهـ در ازل مقرر شده لا محاله كائن خواهد شد ودست تصرف هيچكس رقم تغيير وتبديل بر صفحات آن نخواهد كشيد.

تغيير بحكم ازلى راه نيابد

تبديل بفرمان قضا كار ندارد

در دائره أمركم وبيش نكنجد

باسر قدر جون و چرا كار ندارد

وفي الآية اشارة الى مقاتلة النفوس المتمردة فالله تعالى ناصر السالكين على قتال النفوس وقد قدر النصرة في الأزل فلا تبديل لها الى الابد فالمنصور من نصره الله والمقهور من قهره الله ونصرة الله على انواع فمنها نصرة في الظالم فعن بعضهم كنا في المدينة نتكلم فى بعض الأوقات في آيات الله تعالى المنعم بها على أوليائه وكان رجل ضرير بالقرب منا يسمع ما نقول فتقدم إلينا وقال أنست بكلامكم اعلموا انه كان لى عيال وأطفال فخرجت الى البقيع احتطب فرأيت شابا عليه قميص كتان ونعله في إصبعه فتوهمت انه تائه فقصدت ان

ص: 42

اسلبه ثوبه فقلت له انزع ما عليك فقال لى مر في حفظ فقلت له الثانية والثالثة فقال ولا بد قلت ولا بد فأشار بأصبعيه الى عينى فسقطتا فقلت بالله عليك من أنت فقال انا ابراهيم الخواص وانما دعا إبراهيم الخواص على اللص بالعمى ودعا ابراهيم بن أدهم للذى ضربه بالجنة لان الخواص شهد من اللص انه لا يتوب الا بعد العقوبة فرأى العقوبة أصلح له وابن أدهم لم يشهد توبة الضارب في عقوبته فتفضل عليه بالدعاء له فتوة منه وكرما فحصلت البركة والخير بدعائه للضارب فجاءه مستغفرا معتذرا فقال له ابراهيم الرأس الذي يحتاج الى الاعتذار تركته ببلخ يعنى ان نخوة الشرف وكبر الرياسة الواقعة في رأسى حين كنت ببلخ قد استبدلت بها تواضع المسكنة والانكسار ومنها نصرة في الباطن فعن احمد بن ابى الحوارى رحمه الله قال كنت مع ابى سليمان الداراني قدس سره في طريق مكة فسقطت منى السطيحة اى المزادة فاخبرت أبا سليمان بذلك فقال يا راد الضالة فلم البث حتى اتى رجل يقول من سقطت منه سطيحة فاذا هى سطيحتى فأخذتها فقال ابو سليمان حسبت ان يتركنا بلا ماء يا احمد فمشينا قليلا وكان برد شديد وعلينا الفراء فرأينا رجلا عليه طمران رثان وهو يترشح فقال له ابو سليمان نواسيك ببعض ما علينا فقال الحر والبرد خلقان من خلق الله تعالى ان أمرهما غشيانى وان أمرهما تركانى وانا أسير في هذه البادية منذ ثلاثين سنة ما ارتعدت ولا انتفضت يلبسنى فيحا من محبته في الشتاء ويلبسنى في الصيف مذاق برد محبته جمعى كه پشت كرم

بعشق نيند ناز سمور ومنت سنجاب مى كشند

يا دارانى تشير الى ثوب وتدع الزهد

تجد البرد يا دارانى تبكى وتصحيح وتستريح الى الترويح فمضى ابو سليمان وقال لم يعرفنى غيره قيل في هذه الحكاية ما معناه انه لما حقق الله يقين ابى سليمان في رد السطيحة صانه من العجب بما رأه من حال هذا الرجل حتى صغر في عينيه حال نفسه وتلك سنة الله فى أوليائه يصونهم من ملاحظة الأعمال ويصغر في أعينهم ما يصفولهم من الأحوال وينصرهم فى تذكية نفوسهم عن سفساف الأخلاق رضى الله عنهم ونفعنا بهم وسلك بنا مسالك طريقتهم انه هو الكريم المحسان وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ اى أيدي كفار مكة عَنْكُمْ اى بان حملهم على الفرار منكم مع كثرة عددهم وكونهم في بلادهم بصدد الذنب عن أهليهم وأولادهم وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بان حملكم على الرجوع عنهم وتركهم بِبَطْنِ مَكَّةَ اى في داخلها مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ اى جعلكم ظافرين غالبين عَلَيْهِمْ وبالفارسية پس از انكه ظفر داد شمار او غالب ساخت مع ان العادة المستمرة فيمن ظفر بعدوه ان لا يتركه بل يستأصله والظفر الفوز وأصله من ظفر اى نشب ظفره وذلك ان عكرمة بن ابى جهل خرج في خمسمائة الى الحديبية فبعث رسول الله عليه السلام خالد بن الوليد على جند وسماه يومئذ سيف الله فهزمهم حتى أدخلهم حيطان مكة ثم عاد ذكره الطبراني وابن ابى حاتم في تفسيريهما قال سعدى المفتى لم يصح هذا والمذكور في كتب السير وغيرها من الصحاح ان خالد بن الوليد كان يوم الحديبية طليعة للمشركين أرسلوه في مائتى فارس فدنا في خيله حتى نظر الى اصحاب رسول الله فأمر رسول الله عباد بن بشر رضى الله عنه

ص: 43

فتقدم في خيله فقام بإزائه وصف أصحابه وحانت العصر فصلى رسول الله بأصحابه صلاة الخوف فكيف يصح ما ذكره وقد صح ان اسلام خالد بن الوليد كان بعد الحديبية في السنة الثامنة او قبلها انتهى وكذا قال في انسان العيون خالد بن الوليد اسلم بعد وقعة الحديبية وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الله تعالى اظهر المسلمين عليهم بالحجارة حتى أدخلوهم البيوت يعنى ان جماعة من أهل مكة خرجوا يوم الحديبية يرمون المسلمين فرماهم المسلمون بالحجارة حتى أدخلوهم بيوت مكة فلما كان الكف على الوجه المذكور في غاية البعد قال تعالى وهو الذي إلخ على طريق الحصر استشهادا به على ما تقدم من قوله ولو قاتلكم إلخ او هم ثمانون رجلا طلعوا على رسول الله من قبل التنعيم عند صلاة الصبح ليأخذوه بغتة ويقتلوا الاصحاب فأخذهم رسول الله فخلى سبيلهم فيكون المراد ببطن مكة وادي الحديبية لان بعضها من الحرم وفي المفردات اصل البطن الجارحة ويقال للجهة السفلى بطن وللجهة

العليا ظهر وبه شبه بطن الأمر وبطن الوادي والبطن من العرب اعتبارا بانهم كشخص واحد فان كل قبلة منهم كعضو بطن وفخذ وكاهل انتهى يقول الفقير لا شك ان وادي الحديبية واقع في الجهة السفلى من مكة لانه في جانب جدة المحروسة فيكون المراد بالبطن تلك الجهة لا داخل مكة والمعنى والله تعالى اعلم ان الله هو الذي كف أيديهم عنكم وايديكم عنهم من الحديبية التي هى الجهة السفلى من مكة من بعد ان أقدركم عليهم بحيث لو قاتلتموهم غلبتهم عليهم بأذنه تعالى على ما كان في علمه كما قال ولو قاتلكم إلخ وسيأتى سر الكف في الآية التي تلى هذه وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ من مقاتلتكم وهزمكم إياهم اولا طاعة لرسوله وكفكم عنهم ثانيا لتعظيم بيته الحرام وصيانة اهل الإسلام بَصِيراً عالما لا يخفى عليه شيء فيجازيكم بذلك وقال بعض العلماء من بعد ان أظفركم عليهم يوم الفتح وبه استشهد ابو حنيفة رحمه الله على ان مكة فتحت عنوة لا صلحا واما ان السورة نزلت قبله فلا يخالف لانه من الاخبار عن الغيب كقوله انا فتحنالك نعيم يرد عليه منع دلالته على العنوة فقد يكون الظفر على البلد بالصلح وكذلك قال الزمخشري في أول السورة الفتح الظفر بالبلد عنوة او صلحا بحرب او بغير حرب كما في حواشى سعدى المفتى وقال في بحر العلوم ويدل على انها فتحت عنوة قوله تعالى انا فتحنا لك فتحا مبينا لان لفظ الفتح إذا ورد مطلقا لا يقع الا على ما فتح عنوة انتهى يقول الفقير هذا ليس من قبيل الفتح المطلق ولو سلم فالفتح المطلق لا يدل عليه ولذا فارنه تعالى بالنصرة في سورة النصر فان النصر يقتضى القهارية لا الفتح وقال في عين المعاني وقد فتحت صلحا عند الشافعي قلنا بل عنوة لقوله عليه السلام لاصحابه احصدوهم بالسيف حصدا الا انه لم يضع الجزية على أهلها ولا الخراج على اراضيها كما هو مذهبنا فيما يفتح عنوة لان مشركى العرب لا يقبل منهم الا الإسلام او السيف عندنا واما سواد الكوفة ارض العجم انتهى وقصة فتح مكة على الإجمال ان الفتح كان في شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة وكان السبب في ذلك نقض عهد وقع من جانب قريش وذلك ان شخصا من بنى بكر هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصار

ص: 44

يتغنى به فسمعه غلام من خزاعة وكانوا مسلمين فضربه فشبحه فثار الشربين الحيين وأمد قريش لبنى بكر على خزاعة فبيتوا خزاعة اى أتوهم ليلا على غفلة فقتلوا منهم عشرين ولم يكن ذلك برأى ابى سفيان رئيس قريش وعند ما بلغه الخبر قال حدثتنى زوجتى هند انها رأت رؤيا كرهتها رأت دما اقبل من الحجون يسيل حتى وقف بالخندمة بالخاء العجمة جبل بمكة والحجون بالحاء المهلة جبل بمعلاة مكة وقال والله ليغزونا محمد فكره القوم ذلك وخرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم المدينة وقص على رسول الله القصة فقال عليه السلام نصرت يا عمرو بن سالم ودمعت عينا رسول الله وكان يقول خزاعة منى وانا منهم قالت عائشة رضى الله عنها أترى قريشا تجترئ على نقض العهد الذي بينك وبينهم فقال عليه السلام ينقضون العهد الأمر يريده الله فقلت خير قال خير ولما ندمت قريش على نقض العهد أرسلوا أبا سفيان ليشدّ العقد ويزيد في المدة فقال عليه السلام نحن على مدتنا وصلحنا ولم يقبل ذلك من ابى سفيان ولا أحد من أصحابه فرجع الى مكة واخبر القصة وقال والله قد ابى على وقد تتبعت أصحابه فما رأيت قوما لملك عليهم أطوع منهم له ثم ان رسول الله تشاور مع ابى بكر وعمر رضى الله عنهما في السير الى مكة وأخفى الأمر عن غيرهما فقال ابو بكر هم قومك يا رسول الله فأشار الى عدم السير وخضه عمر حيث قال هم رأس الكفرة زعموا انك ساحر وانك كذاب وذكر له كل سوء كانوا يقولونه وايم الله لا تذل العرب حتى تذل اهل مكة فعند ذلك ذكر عليه السلام ان أبا بكر كابراهيم وكان في الله ألين من اللبن وان عمر كنوح وكان في الله أشد من الحجر وان الأمر أمر عمرو أشار عليه السلام بطى السر وامر أصحابه بالجهاز وأرسل الى اهل البادية

ومن حوله من المسلمين في كل ناحية يقول لهم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة ولما قدموا قال عليه السلام اللهم خذ العيون والاخبار من قريش حتى نبغتها في بلادها ثم مضى لسفره لعشر خلون من رمضان او غير ذلك وكان العسكر عشرة آلاف فيهم المهاجرون والأنصار جميعا وأفطر عليه السلام فى هذا السفر بالكديد وهو كأمير محل بين عسفان وقديد كزبير مصغرا وامر بالإفطار وعد مخالفته في ذلك عصيانا لحرارة الهولء ولما فيه من القوة على مقاتلة العدو وفي قديد عقد عليه السلام الألوية والرايات ودفعها للقبائل ثم سار حتى مر بمر الظهران وهو موضع على مرحلة من مكة وقد أعمى الله الاخبار عن قريش اجابة لدعائه فلم يعلموا بوصوله وكان ذلك منه عليه السلام شفقة على قريش حتى لا يضنوا بالمقاتلة وامر عليه السلام أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار وجعل على الحرس عمر بن الخطاب رضى الله عنه وكان العباس عم النبي عليه السلام قد خرج قبل ذلك بعياله مسلما اى مظهر اللاسلام مهاجرا فلقى رسول الله بالجحفة وهو بتقديم الجيم ميقات اهل الشام فرجع معه الى مكة وأرسل اهله وثقله الى المدينة وقال له عليه السلام هجرتك يا عم آخر هجرة كما ان نبوتى آخر نبوة وبعث قريش أبا سفيان يتجسس الاخبار وقالوا ان لقيت محمدا فخذ لنا منه أمانا فلما وصل الى مر الظهران ليلا قال ما رأيت كالليلة نيراناقط ولا عسكراهذ كنيران عرفة وكان بينه وبين العباس مصادقة فلما لقيه أخذ بيده وذهب به الى رسول الله ليأخذ منه أمانا له فلما أتاه قال عليه السلام اذهب يه يا عباس

ص: 45

الى رحلك فاذا أصبحت فأتنى به فلما اتى به عرض النبي عليه السلام عليه الإسلام فتوقف فقال العباس له ويحك اسلم واشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله قبل ان يضرب عنقك فهداه الله فشهد شهادة الحق فأسلم ثم قال يا رسول الله أرأيت ان اعتزلت قريش فكفت أيديها آمنون هم قال عليه السلام نعم من كف يده وأغلق داره فهو آمن فقال العباس يا رسول الله ان أبا سفيان يحب الفخر فاجعل له شيئا قال نعم من دخل دارابى سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن اغلق بابه فهو آمن ومن القى سلاحه فهو آمن ومن دخل دار حكيم بن حزام وهو من اشراف قريش في الجاهلية والإسلام فهو آمن وعقد عليه السلام لأبى رويحة الذي آخى بينه وبين بلال رضى الله عنه لواء وامره ان ينادى من دخل تحت لواء ابى رويحة فهو آمن وذلك توسعة للامان لضيق المسجد ودار ابى سفيان واستثنى عليه السلام جماعة من النساء والرجال امر بقتلهم وان وجدوا متعلقين بأستار الكعبة منهم ابن خطل ونجوه لان الكعبة لا تعيذ عاصيا ولا تمنع من اقامة حد واجب وكانوا طغاة مردة مؤذين لرسول الله عليه السلام أشد الأذى فعفا عمن آمن وقتل من أصر وقال عليه السلام للعباس احبس أبا سفيان في مضيق الوادي حتى تمر به جنود الله فيراها فأول من مر خالد بن الوليد في بنى سليم مصغرا ثم قبيلة بعد قبيلة براياتهم حتى مر رسول الله ومعه المهاجرون والأنصار وعمر رضى الله عنه يقول رويدا حتى يلحق أولكم آخركم قال ابو سفيان سبحان الله يا عباس من هؤلاء فقال هذا رسول الله في الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية ثم نزعت منه وأعطيت لابنه قيس وكان من دهاة العرب واهل الرأى والمكيدة في الحرب مع النجدة والبالة وكان المهاجرون سبعمائة ومعهم ثلاثمائة فرس وكانت الأنصار اربعة آلاف ومعهم خمسمائة فرس فقال ابو سفيان ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة وقال يا عباس لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما فقال العباس انها النبوة وامر عليه السلام خالد بن الوليدان يدخل مع جملة من قبائل العرب من أسفل مكة وقال لا تقاتلوا الا من قاتلكم وجمع قريش ناسابا لخدمة ليقاتلوا ولما لقيهم خالد منعوه الدخول ورموه بالنبل فصاح خالد فى أصحابه فقتل من قتل وانهزم من لم يقتل حتى وصل خالد الى باب المسجد وقال عليه السلام في ذلك اليوم احصدوهم حصدا حتى توافونى

بالصفا ودخل عليه السلام مكة وهو راكب على ناقته القصواء مردفا اسامة بن زيد بكرة يوم الجمعة وعن بعضهم يوم الاثنين معتما بعمامة سوداء وقيل غير ذلك والاول انسب بمقام المعرفة والفناء واضعا رأسه الشريف على رحله تواضعا الله تعالى حين رأى ما راى من فتح الله مكة وكثرة المسلمين ثم قال اللهم ان العيش عيش الآخرة وعن عائشة رضى الله عنها دخل رسول الله يوم الفتح من كدآء وهو كسماء جبل بأعلى مكة واغتسل لدخول مكة وسار وهو يقرأ سورة الفتح حتى جاء البيت وطاف به سبعا على راحلته ومحمد بن مسلمة آخذ بزمامها واستلم الحجر بمحجن في يده وهو العصا المعوجة ولم يطف ماشيا لتعليم الناس كيفية الطواف وصلّى عليه السلام بالمقام ركعتين وهو يومئذ لاصق بالكعبة في جانب الباب ثم آخره الى المحل المعروف الآن بمقام ابراهيم والظاهران مقام ابراهيم وهو الحجر الذي انغمس فيه قدم ابراهيم عليه السلام عند ما بنى البيت قد محى اثره بكثرة مسح الأيدي ثم فقد ومقام ابراهيم الآن محل ذلك الحجر

ص: 46

واما الحجر الموضوع هناك فموضوع وكان في داخل الكعبة وخارجها وفوقها يومئذ ثلاثمائة وستون صنما لكل حى من احياء العرب صنم وكان هبل أعظم الأصنام وكان من عقيق الى جنب البيت من جهة بابه وهو الآن مطروح تحت باب السلام القديم يطأه الناس الى يوم القيامة لقول ابى سفيان يوم أحد مفتخرا بذلك اعل هبل اعل هبل وذلك لان من أعزه الناس اذله الله فجاء عليه السلام ومعه قضيب فجعل يهوى به الى كل صنم منهم فيخر لوجهه وكان يقول جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا وامر عليا رضى الله عنه فصعد الكعبة وكسر ما فوقها ودخل عليه السلام الكعبة بعد ان أرسل بلالا الى عثمان بن ابى طلحة يأتى بمفتاح الكعبة فدخلها عليه السلام وصلّى ركعتين ودعا في نواحيها كلها وكان في الكعبة صور كثيره حتى صورة ابراهيم واسمعيل ومريم وصور الملائكة فأمر عليه السلام عمر رضى الله عنه فمحاها كلها وكانت الكعبة بيت الأصنام الف سنة ثم صارت مسجد اهل الإسلام الف سنة اخرى وكانت تشكو الى الله تعالى مما فعله الناس من الشرك حتى أنجز الله وعده لها وفيه اشارة الى كعبة القلب فانها كانت بيت الا صنام قبل الفتح والامداد الملكوتي وأعظم الأصنام الوجود (قال الشيخ المغربي)

بود وجود مغربى لات ومنات او بود

نيست بتى چوبود او در همه سو منات تو

(وقال الخجندي)

بشكن بت غرور كه در دين عاشقان

يك بت گر بشكنند به از صد عبادتست

(وقال)

مدعى نيست محرم دريار

خادم كعبه بو لهب نبود

وجلس رسول الله يوم الفتح على الصفا يبايع الناس فجاء الكبار والصغار والرجال والنساء فبايعهم على الإسلام اى على شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وعلى سائر الاحكام ودخل الناس في دين الله أفواجا وعفا عليه السلام عمن كان مؤذياله منذ عشرين سنة ودعاله بالمغفرة وقال عليه السلام يا ايها الناس ان الله حرم مكة يوم حلق السموات والأرض ويوم خلق الشمس والقمر ووضع هذين الجبلين فهى حرام الى يوم القيامة فلا يحل لامرئ يومن بالله واليوم الآخر ان يسفك فيها دما ولا يعضد فيها شجرة لم تحل لاحد قلبى ولن تحل لاحد يكون بعدي ولا تحل لى الا هذه الساعة اى من صبيحة يوم الفتح الى العصر غضبا على أهلها ألا قد رجعت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد منكم الغائب واقام بمكة بعد فتحها تسعة عشر او ثمانية عشر يوما يقصر الصلاة في مدة اقامة ثم خرج الا هوازن وثقيف كما مر وولى امر مكة عتاب بن أسيد رضى الله عنه وعمره احدى وعشرون سنة وامره ان يصلى بالناس وهو أول امير صلّى بمكة بعد الفتح جماعة وترك معاذ بن جبل رضى الله عنه معه معلما للناس السنن والفقه وبه ثبت الاستخلاف وعليه العمل الى يومنا هذا فان النبي انما يبعث لرفع الجهل وقس عليه اولى جعلنا الله وإياكم من الوراثين هُمُ اى قريش الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ اى معنوكم عن ان تطوفوا به وَالْهَدْيَ اى وصدوا الهدى وهو بالنصب عطف على الضمير المنصوب في صدوكم والهدى بسكون الدال جمع هدية كتمر وتمرة

ص: 47

وجدى وجدية وهو مختص بما يهدى الى البيت تقربا الى الله تعالى من النعم أيسره شاة وأوسطه بقرة وأعلاه بدنة يقال أهديت له وأهديت اليه ويجوز تشديد الباء فيكون جمع هدية مَعْكُوفاً حال من الهدى اى محبوسا يقال عكفته عن كذا إذا حبسته ومنه العاكف في المسجد لانه حبس نفسه أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ بدل اشتمال من الهدى او منصوب بنزع الخافض اى محبوسا من ان يبلغ مكانه الذي يحل فيه نحره اى يجب فالمحل اسم للمكان الذي ينحر فيه الهدى فهو من الحلول لا من الحل الذي هو ضد الحرمة قال في المفردات حل الدين حلولا وجب أداؤه وحللت نزلت من حل الأحمال عند النزول ثم جرد استعماله للنزول والمحلة مكان النزول انتهى وبه استدل ابو حنيفة على ان المحصر محل هديه الحرم فان بعض الحديبية كان من الحرم قال في بحر العلوم م الحديبية طرف الحرم على تسعة أميال من مكة وروى

ان خيامه عليه السلام كانت في الحل ومصلاه في الحرم وهناك نحرت هداياه عليه السلام وهى سبعون بدنة والمراد صدها عن محلها المعهود الذي هو منى للحاج وعند الصفا للمعتمر وعند الشافعي لا يختص دم الإحصار بالحرم فيجوز أن يذبح في الموضع الذي أحصر فيه بين تعالى استحقاق كفار مكة للعقوبة بثلاثة أشياء كفرهم في أنفسهم وصد المؤمنين عن إتمام عمرتهم وصد هديهم عن بلوغ المحل فهم مع هذه الافعال القبيحة كانوا يستحقون أن يقاتلوا او يقتلوا الا انه تعالى كف أيدي كل فريق عن صاحبه محافظة على ما في مكة من المؤمنين المستضعفين ليخرجوا منها او يدخلوها على وجه لا يكون فيه إيذاء من فيها من المؤمنين والمؤمنات كما قال تعالى وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ لم تعرفوهم بأعيانهم لاختلاطهم وهو صفة الرجال ونساء جميعا وكانوا بمكة وهم اثنان وسبعون نفسا يكتمون ايمانهم أَنْ تَطَؤُهُمْ بدل اشتمال منهم او من الضمير المنصوب في تعلموهم اى توقعوا بهم وتهلكوهم فان الوطأ عبارة عن الإيقاع والإهلاك والابادة على طريق ذكر الملزوم وارادة اللازم لان الوطأ تحت الاقدام مستلزم للاهلاك ومنه قوله عليه السلام اللهم اشدد وطأتك على مضر اى خذهم أخذا شديدا وفي المفردات اى ذللهم ووطئ امرأته كناية عن المجامعة صار كالتصريح للعرف فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ اى من جهتهم معطوف على قوله ان تطأوهم مَعَرَّةٌ مفعلة من عره إذا عراه ودهاه بما يكرهه ويشق عليه وفي المفردات العر الجرب الذي يعر البدن اى يعترضه ومنه قيل للمضرة معرة تشبيها بالعر الذي هو الجرب والمعنى مشقة ومكروه كوجوب الدية او الكفارة بقتلهم والتأسف عليهم وتعيير الكفار وسوء حالتهم والإثم بالتقصير في البحث عنهم قال سعدى المفتى قلت في المذهب الحنفي لا يلزم بقتل مثله شيء من الدية والكفارة وما ذكره الزمخشري لا يوافق مذهبه انتهى وقال بعضهم أوجب الله على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يعلم إيمانه الكفارة فقال تعالى فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة بِغَيْرِ عِلْمٍ متعلق بأن تطأوهم اى غير عالمين بهم فيصيبكم بذلك مكروه لما كف ايديكم عنهم وفي هذا الحذف دليل على شدة غضب الله تعالى على كفار مكة كأنه قيل لولا حق المؤمنين موجود لفعل بهم ما لا يدخل تحت الوصف والقياس بناء على ان

ص: 48

الحذف للتعميم والمبالغة لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ متعلق بما يدل عليه الجواب المحذوف كأنه قيل عقيبه لكن كفها عنهم ليدخل بذلك الكف المؤدى الى الفتح بلا محذور في رحمته الواسعة بقسميها مَنْ يَشاءُ وهم المؤمنون فانهم كانوا خارجين من الرحمة الدنيوية التي من جملتها الأمن مستضعفين تحت أيدي الكفرة واما الرحمة الاخروية فهم وان كانوا غير محرومين منها بالكلية لكنهم كانوا قاصرين في اقامة مراسم العبادة كما ينبغى فتوفيقهم لاقامتها على الوجه الأتم إدخال لهم في الرحمة الاخروية لَوْ تَزَيَّلُوا الضمير للفريقين اى لو تفرقوا وتميز بعضهم من بعض من زاله يزيله فرقه وزيلته فتزيل اى فرقته فتفرق لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً بقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها وفي الآية إشارتان إحداهما ان من خاصية النفس أن تصد وجه الطالب عن الله تعالى وتشوب الخيرات والصدقات التي يتقرب بها الى الله بالرياء والسمعة والعجب لئلا تبلغ محل الصدق والإخلاص والقبول والثانية ان استبقاء النفوس لاستخلاص الأرواح وقواها مع ان بعض صفات النفس قابلة للفيض الإلهي فيلزم الحذر من إفساد استعدادها لقبول الفيض وعند التزكية فصفة لا يصلح الا قلعها كالكبر والشره والحسد والحقد وصفة تصلح للتبديل كالبخل بالسخاوة والحرص بالقناعة والغضب بالحلم والجبانة بالشجاعة والشهوة بالمحبة قال البقلى انظر كيف شفقة الله على المؤمنين الذين يراقبون الله في السرآء والضراء ويرضون ببلائه كيف حرسهم من الخطرات وكيف أخفاهم بسره عن صدمات قهره وكيف جعلهم في كنفه حتى لا يطلع عليهم أحد وكيف يدفع ببركتهم البلاء عن غيرهم فعلى المؤمن مراعاتهم في جميع الزمان والتوسل بهم الى الله المنان فانهم وسائل الله الخفية

بخود سر فرود برده همچون صدف

نه مانند دريا بر آورده كف

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا منصوب با ذكر على المفعولية اى اذكر وقت جعل الكافرين يعنى اهل مكة فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ اى الانفة والتكبر فعيلة من حمى من كذا حمية إذا انف منه وفي المفردات عبر عن القوة الغضبية إذا ثارت وكثرت بالحمية يقال حميت على فلان اى غضبت عليه انتهى وذلك لان في الغضب ثوران دم القلب وحرارته وغليانه والجار والمجرور اما متعلق بالجعل على انه بمعنى الإلقاء او بمحذوف وهو مفعول ثان على انه بمعنى التصيير اى جعلوها ثابته راسخة في قلوبهم حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ بدل من الحمية اى حمية الملة الجاهلية وهى ما كانت قبل البعثة او الحمية الناشئة من الجاهلية التي تمنع إذعان الحق قال الزهري حميتهم انفتهم من الإقرار للنبى بالرسالة والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم او منعهم من دخول مكة وقال مقاتل قال اهل مكة قد قتلو أبناءنا وإخواننا ثم يدخلون علينا فتتحدث العرب انهم دخلوا علينا على رغم انفنا واللات والعزى لا يدخلون علينا فهذه حمية الجاهلية التي دخلت في قلوبهم فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ عطف على جعل والمراد تذكير حسن صنيع الرسول والمؤمنين بتوفيق الله تعالى وسوء صنيع الكفرة اى فأنزل الله عليهم الثبات والوقار فلم يلحق بهم ما لحق الكفار فصالحوهم ورضوا أن يكتب الكتاب على ما أرادوا

ص: 49

يروى انه لما ابى سهيل ومن معه أن يكتب في عنوان كتاب الصلح البسملة وهذا ما صالح عليه رسول اهل مكة بل قالوا اكتب باسمك اللهم وهذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله اهل مكة قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه اكتب ما يريدون فهم المؤمنون أن يأبوا ذلك ويبطشوا بهم فأنزل الله السكينة عليهم فتوقروا وحلموا مع ان اصل الصلح لم يكن عندهم بمحل من القبول في أول الأمر على ما سبق في أول السورة مفصلا وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى اى كلمة الشهادة حتى قالوها وهذا الزام الكرم واللطف لا الزام الإكراه والعنف وأضيفت الى التقوى لانها سببها إذ بها يتوقى من الشرك ومن النار فان اصل التقوى الاتقاء عنها وقد وصف الله هذه الامة بالمتقين في مواضع من القرآن العظيم باعتبار هذه الكلمة وبسم الله الرحمن الرحيم ومحمد رسول الله من شعار هذه الامة وخواصها اختارها لهم وصار المشركون محرومين منها حيث لم يرضوا بان يكتب في كتاب الصلح ذلك وعن الحسن كلمة التقوى هى الوفاء بالعهد فان المؤمنين وفوا حيث نقضوا العهد وعاونوا من حارب حليف المؤمنين

والمعنى على هذا وألزمهم كلمة اهل التقوى وهى العهد الواقع في ضمن الصلح ومعنى إلزامها إياهم تثبيتهم عليها وعلى الوفاء بها قال اهل العربية الكلمة قد تستعمل في اللفظة الواحدة ويراد بها الكلام الكثير الذي ارتبط بعضه ببعض فصار ككلمة واحدة كتسميتهم القصيدة بأسرها كلمة ومنه يقال كلمة الشهادة قال الرضى وقد تطلق الكلمة مجازا على القصيدة والجملة يقال كلمة شاعر وقال تعالى وتمت كلمة ربك والكلمة عند اهل العربية مشتقة من الكلم بمعنى الجرح وذلك لتأثيرها في النفوس وعند المحققين عبارة عن الأرواح والذوات المجردة عن المواد والزمان والمكان لكون وجودها بكلمة كن في عالم الأمر إطلاقا لاسم السبب على المسبب والدليل على ذلك قوله تعالى انما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم والمراد بكلمة التقوى هاهنا حقيقة التقوى وماهيتها فان الحقيقة من حيث هى مجردة عن اللوا حق المادية والتشخصات فالله تعالى الزم المؤمنين حقيقة التقوى لينالوا بها قوة اليقين والتجرد التام وصفاء الفطرة الاصلية وَكانُوا أَحَقَّ بِها متصفين بمزيد استحقاق لها في سابق حكمه وقدم علمه على ان صيغة التفضيل للزيادة مطلقا وقيل أحق بها من الكفار وَأَهْلَها عطف تفسير اى المستأهل لها عند الله والمختص بها من اهل الرجل وهو الذي يختص به وينسب اليه قيل ان الذين كانوا قبلنا لا يمكن لاحد منهم ان يقول لا اله الا الله في اليوم والليلة إلا مرة واحدة لا يستطيع ان يقولها اكثر من ذلك وكان قائلها يمد بها صوته حتى ينقطع النفس التماس بركتها وفضلها وجعل الله لهذه الامة أن يقولوها متى شاؤا وهو قوله وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها من الأمم السالفة وقال مجاهد ثلاث لا يحجبن عن الرب لا اله الا الله من قلب مؤمن ودعوة الوالدين ودعوة المظلوم كما في كشف الاسرار (وفي المثنوى)

بحر وحدانست جفت وزوج نيست

كوهر وماهيس غير موج نيست

اى محال واى محال اشراك او

دور از ان دريا وموج پاك او

وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً بليغ العلم بكل شيء من شأنه أن يتعلق به العلم فيعلم حق كل شيء

ص: 50

فيسوقه الى مستحقه ومن معلوماته انهم أحق بها اى من جميع الأمم لان النبي عليه السلام كان خلاصة الموجودات وأصلها وهو الحبيب الذي خلقت الموجودات بتبعيته والكلمة هى صورة الجذبة التي توصل الحبيب بالحبيب والمحب بالمحبوب فهى بالنبوة أحق لانه هو الحبيب لتوصله الى حبيبه وأمته أحق بها من الأمم لانهم المحبون لتوصل المحب بالمحبوب وهم أهلها لان اهل هذه الكلمة من يفنى بذاته وصفاته ويبقى بإثباتها معها بلا انانيته وما بلغ هذا المبلغ بالكمال الا النبي صلى الله عليه وسلم فيقول اما انا فلا أقول انا وأمته لقوله تعالى كنتم خير امة أخرجت للناس وكان الله بكل شيء عليما في الأزل فبنى وجود كل انسان على ما هوا هله فمنهم اهل الدنيا ومنهم اهل الآخرة ومنهم اهل الله وخاصته كذا في التأويلات النجمية قال ابو عثمان كلمة التقوى كلمة المتقين وهى شهادة ان لا اله الا الله الزمها الله السعداء من اولياء المؤمنين وكانوا أحق بها وأهلها في علم الله إذ خاقهم لها خلق الجنة لاهلها وقال الواسطي كلمة التقوى صيانة النفس عن المطامع ظاهرا وباطنا وقال الجنيد من أدركته عناية السبق في الأزل جرى عليه عيون المواصلة وهو أحق بها لما سبق اليه من كرامة الأزل وقال بعض العارفين اعلم ان الله تعالى أسند الفعل في جانب الكفار إليهم فقال إذ جعل الذين كفروا وفي جانت المؤمنين أسنده الى نفسه فقال فأنزل الله سكينته اشارة الى ان الله مولى الذين آمنوا وان الكافرين لا مولا لهم فليس لهم من يدبر أمرهم واما المؤمنون فالله تعالى وليهم ومدبر أمرهم وايضا فالحمية الجاهلية ليست الا من النفس لان النفس مقر الأخلاق الذميمة واما السكينة والوقار والثبات والطمأنينة فمن الله ثم ان الله تعالى قال فأنزل الله بالفاء لا بالواو اشارة الى ان انزل السكينة بمقابلة جعل الحمية كما تقول أكرمني فأكرمته اشارة الى ان إكرامك بمقابلة إكرامه ومجازاته وفي ذلك تنبيه على ان قوما إذا طغوا وظلموا فالله تعالى يحسن الى المظلومين وينصرهم فيعطيهم السكينة والوقار وكمال اليقين وذلك عين النعيم في مقابلة انزعاج الظالمين وحقدهم واضطرابهم وذلك هو العذاب الأليم فهم اختاروا ذلك العذاب لانفسهم فالله تعالى اختار للمؤمنين النعيم الدائم والمراد بكلمة التقوى كل كلمة تقى النفس عما يضرها من الاذكار كالتوحيد والأسماء الالهية ولذلك ورد في الحديث من أحصاها دخل الجنة وأفضلها لا اله الا الله كما قال عليه السلام أفضل ما قلته انا والنبيون من قبلى شهادة ان لا اله الا الله ثم ان قوله تعالى وكانوا أحق بها وأهلها اشارة الى ان الأسماء الالهية ينبغى ان لا تعلم ولا تلقن الا أهلها ممن استعد لها واستحقها بالامانة والديانة والصلاح روى ان الحجاج احضر أنسا رضى الله عنه فقال أنت الذي تسبنى قال نعم لانك ظالم وقد خالفت سنة رسول الله عليه السلام فقال كيف لو قتلتك أسوأ قتلة قال لو علمت ان ذلك بيدك لعبدتك ولكنك لا تقدر فان رسول الله علمنى دعاء من قرأه كان في حفظ الله وقد قرأته فقال الحجاج الا تعلمنى إياه فقال لا أعلمك ولا اعلمه أحدا في حياتك حتى لا يصل إليك ثم خرج فقالوا لم لم تقتله فقال رأيت وراءه أسدين عظيمين فخفت منهما وروى ان عالما طلب من بعض المشايخ ان يعلمه الاسم الأعظم فأعطاه شيأ مغطى وقال او صله الى مريدى فلان فأخذه ثم انه فتحه في الطريق لينظر ما فيه

ص: 51

فخرج منه فأرة فرجع بكمال الغيظ فلما رآه الشيخ تبسم وقال يا خائن الآن لم تكن أمينا لفأرة فكيف تكون أمينا للاسم الأعظم فالكبار يحفظون الأسماء والادعية من غير أهلها لئلا يجعلوها ذريعة الى الأغراض الفاسدة النفسانية (قال سعدى)

كسى را با خواجه تست جنك

بدستش جرامى دهى چوب وسنك

سنك آخر كه باشد كه خواش نهند

بفرماى تا استخوانش نهند

(وفي المثنوى)

چند دزدى حرف مردان خدا

تا فروشى وستانى مرحبا

چون رخت را نيست در خوبى اميد

خواه كلكونه نه وخواهى مديد

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا صدق يتعدى الى مفعولين الى الاول بنفسه والى الثاني بحرف الجر يقال صدقك في كذا اى ما كذبك فيه وقد يحذف الجار ويوصل الفعل كما في هذه الآية اى صدقه عليه السلام في رؤياه وتحقيقه أراه الرؤيا الصادقة وهى ما سبق في أول السورة من انه عليه السلام رأى قبل خروجه الى الحديبية كأنه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين وقد خلقوا رؤسهم وقصروا فقص الرؤيا على أصحابه ففرحوا واستبشروا وحسبوا انهم داخلوها في عامهم هذا فلما تأخر ذلك قال بعض المنافقين والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام فنزلت وهو دليل قاطع على ان الرؤيا حق وليس بباطل كما زعم جمهور المتكلمين والمعتزلة فتبالهم كما في بحر العلوم قالوا ان خلت الرؤيا عن حديث النفس وكان هيئة الدماغ صحيحة والمزاج مستقيما كانت رؤيا من الله مثل رؤيا الأنبياء والأولياء والصلحاء وفي الحديث الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزأ من النبوة بِالْحَقِّ اى صدقا ملتبسا بالغرض الصحيح والحكمة البالغة التي هى التمييز بين الراسخ في الايمان والمتزلزل فيه او حال كون تلك الرؤيا ملتبسة بالحق ليست من قبيل أضغاث الأحلام لان ما رآه كائن لا محالة في وقته المقدر له وهو العام القابل وقد جوز ان يكون قسما بالحق الذي هو من اسماء الله او بنقيض الباطل وقوله لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ جواب وهو على الأولين جواب قسم محذوف اى والله لتدخلنه في العام الثاني إِنْ شاءَ اللَّهُ تعليق للعدة بالمشيئة لتعليم العباد لكى يقولوا في عداتهم مثل ذلك لا لكونه تعالى شاكا فى وقوع الموعود فانه منزه عن ذلك وهذا معنى ما قال ثعلب استثنى الله فيما يعلم ليستثنى الخلق فيما لا يعلمون وفيه ايضا تعريض بأن دخولهم مبنى على مشيئته تعالى ذلك لا على جلادتهم وقوتهم كما قال فى الكواشي استثنى اعلاما انه لافعال الا الله انتهى او للاشعار بأن بعضهم لا يدخلونه لموت او غيبة او غير ذلك فكلمة ان للتشكيك لا للشك وقال الحدادي الاستثناء قد يذكر للتحقيق تبركا كقولهم قد غفر الله لك ان شاء الله ولا تعلق لمن يصحح الايمان بالاستثناء لانه خبر عن الحال فالاستثناء فيه محال كما في عين المعاني وروى ان النبي عليه السلام كان إذا دخل المقابر يقول السلام عليكم اهل القبور وانا إنشاء الله بكم لا حقوق فيستثنى على وجه التبرك وان كان اللحوق مقطوعا به وقيل معناه لا حقون بكم في الوفاة على الايمان فان شرطية

ص: 52

ويمكن ان يقال تعليق اللحوق بالمشيئة بناء على ان اللحوق بخصوص المخاطبين ويتحصل من هذا ان الاستثناء من الامن لا من الدخول لان الدخول مقطوع لا الا من حال الدخول وقال بعضهم ان هنا بمعنى إذ كما في قوله ان أردن تحصنا وقال ابن عطية وهذا احسن في معناه لكن كون ان بمعنى إذ غير موجود في لسان العرب وفيه وجه آخر وهو انه حكاية لما قاله ملك الرؤيا لرسول الله فقوله لتدخلن الآية تفسير للرؤيا كأنه قيل هو قول الملك له عليه السلام في منامه لتدخلن وإذا كان التعليق من كلام الملك لتبرك فلا إشكال او حكاية لما قاله عليه السلام لاصحابه كانه قيل قال النبي بناء على تلك الرؤيا التي هى وحي لتدخلن إلخ يعنى لما قص رؤياء على أصحابه استأنف بأن قال لتدخلن إلخ آمِنِينَ من الأعادي حال من فاعل لتدخلن والشرط معترض وكذا قوله مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ اى جميع شعورها والتحليق والتحلاق بسيار ستردن سركما في تاج المصادر والحلق العضو المخصوص وحلقه قطع حلقه ثم جعل الحلق لقطع الشعر وجزه فقيل حلق شعره وحلق رأسه اى أزال شعره وَمُقَصِّرِينَ بعض شعورها والقصر خلاف الطول وقص شعره حز بعضه اى محلقا بعضكم ومقصرا آخرون والا فلا يجتمع الحلق والتقصير في كل واحد منهم فالنظم من نسبة حال البعض الى الكل يعنى ان الواو ليست لاجتماع الامرين في كل واحد منهم بل لاجتماعهما في مجموع القوم ثم ان قوله محلقين ومقصرين من الأحوال المقدرة فلا يردان حال الدخول هو حال الإحرام وهو لا يجامع الحلق والتقصير وقدم الحلق على التقصير وهو قطع أطراف الشعر لان الحلق أفضل

من التقصير وقد حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه بمنى واعطى شعر شق رأسه أبا طلحة الأنصاري وهو زوج أم سليم وهى والدة انس بن مالك فكان آل انس يتهادون به بينهم وروى انه عليه السلام حلق رأسه اربع مرات والعادة في هذا الزمان في اكثر البلاد حلق الرأس للرجل عملا بقوله عليه السلام تحت كل شعرة نجاسة فخللوا الشعر وأنفقوا البشرة وانما قلنا للرجل لان حلق شعر المرأة مثلة وهى حرام كما ان حلق لحية الرجل كذلك لا تَخافُونَ حال مؤكدة من فاعل لتدخلن او استئناف جوابا عن سؤال انه كيف يكون الحال بعد الدخول اى لا تخافون بعد ذلك من أحد فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا عطف على صدق والفاء للترتيب الذكرى فالتعرض لحكم الشيء انما يكون بعد جرى ذكره والمراد بعلمه تعالى العلم الفعلى المتعلق بامر حادث بعد المعطوف عليه اى فعلم عقيب ما أراه الرؤيا الصادقة ما لم تعلموا من الحكمة الداعية الى تقديم ما يشهد بالصدق علما فعليا فَجَعَلَ لاجله مِنْ دُونِ ذلِكَ اى من دون تحقق مصداق ما أراه من دخول المسجد الحرام إلخ وبالفارسية پس ساخت براى شما يعنى مقرر كرد پيش ازين يعنى قبل از دخول در مسجد حرام بجهت عمره قضا فَتْحاً قَرِيباً هو فتح خيبر مضى عليه السلام بعد خمس عشرة ليلة كما في عين المعاني والمراد بجعله وعده وإنجازه من غير تسويف ليستدل به على صدق الرؤيا حسبما قال ولتكون آية للمؤمنين واما جعل ما في قوله ما لم تعلموا عبارة عن الحكمة في تأخير فتح مكة الى العام القابل

ص: 53

كما جنح اليه الجمهور فتأباه الفاء فإن علمه تعالى بذلك متقدم على إراءة الرؤيا قطعا كما في الإرشاد وفي الآية اشارة الى ان الله تعالى امتحن المؤمن والمنافق بهذه الرؤيا إذ لم يتعين وقت دخولهم فيه فأخر الدخول تلك السنة فهلك المنافقون بتكذيب النبي عليه السلام فيما وعدهم بدخول المسجد الحرام وازداد كفرهم ونفاقهم وازداد ايمان المؤمنين بتصديق النبي عليه السلام مع ايمانهم وانتظروا صدق رؤياه فصدق الله رسوله الرؤيا بالحق فهلك من هلك عن بينة وحى من حى عن بينة ولذلك قال تعالى فعلم ما لم تعلموا يعنى من تربية نفاق اهل النفاق وتقوية ايمان اهل الايمان فجعل من دون ذلك فتحا قريبا من فتوح الظاهر والباطن فلا بد من الصبر فان الأمور مرهونة باوقاتها

صد هزاران كيميا حق آفريد

كيميايى همچوصبر آدم نديد

نيست هر مطلوب از طالب دريغ

جفت تابش شمس وجفت آب ميغ

وقد صبر عليه السلام على أذى قومه وهكذا حال كل وارث قال معروف الكرخي قدس سره رأيت في المنام كأنى دخلت الجنة ورأيت قصرا فرشت مجالسه وأرخيت ستوره وقام ولدانه فقلت لمن هذا فقيل لابى يوسف فقلت ثم استحق هذا فقالوا بتعليمه الناس العلم وصبره على اذاهم ثم ان الصدق صفة الله تعالى وصفة خواص عباده وانه من اسباب الهداية (حكى) عن ابراهيم الخواص قدس سره انه كان إذا أراد سفرا لم يعلم أحدا ولم يذكره وانما يأخذ ركوته ويمشى قال حامد الأسود فبينا نحن معه في مسجد تناول ركوته ومشى فاتبعته فلما وافينا القادسية قال لى يا حامد الى اين قلت يا سيدى خرجت لخروجك قال انا أريد مكة ان شاء الله قلت وانا أريد ان شاء الله مكة فلما كان بعد ايام إذا بشاب قد انضم إلينا فمشى معنا يوما وليلة لا يسجد لله سجدة فعرفت ابراهيم وقلت ان هذا الغلام لا يصلى فجلس وقال يا غلام مالك لا تصلى والصلاة أوجب عليك من الحج فقال يا شيخ ما على صلاة قلت ألست بمسلم قال لا قلت فاى شيء أنت قال نصرانى ولكن اشارتى في النصرانية الى التوكل وادعت نفسى انها قد أحكمت حال التوكل فلم أصدقها فيما ادعت حتى أخرجتها الى هذه الفلاة التي ليس فيها موجود غير المعبود اثير ساكنى وامتحن خاطرى فقام ابراهيم ومشى وقال دعه معك فلم يزل يسايرنا حتى وافينا بطن مرو فقام ابراهيم ونزع خلقانه فطهرها بالماء ثم جلس وقال له ما اسمك قال عبد المسيح فقال يا عبد المسيح هذا دهليز مكة يعنى الحرم وقد حرم الله على امثالك الدخول فيه قال تعالى انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا والذي أردت ان تستكشفه من نفسك قد بان لك فاحذر ان تدخل مكة فان رأيناك بمكة أنكرنا عليك قال حامد فتركناه ودخلنا مكة وخرجنا الى الموقف فبينما نحن جلوس بعرفات إذ به قد اقبل عليه ثوبان وهو محرم يتصفح الوجوه حتى وقف علينا فأكب على ابراهيم يقبل رأسه فقال له ما وراءك يا عبد المسيح فقال له هيهات انا اليوم عبد من المسيح عبده فقال له ابراهيم حدثنى حديثك قال جلست مكانى حتى أقبلت قافلة الحاج وتنكرت في زى المسلمين كأنى محرم فساعة وقعت عينى على

ص: 54

الكعبة اضمحل عندى كل دين سوى دين الإسلام فأسلمت واغتسلت وأحرمت وها انا أطلبك يومى فالتفت الى ابراهيم وقال يا حامد انظر الى بركة الصدق في النصرانية كيف هداه الى الإسلام ثم صحبنا حتى مات بين الفقراء ومن الله الهداية والتوفيق هُوَ اى الله تعالى وحده الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ يعنى ان الله تعالى بجلال ذاته وعلو شانه اختص بإرسال رسوله الذي لا رسول أحق منه بإضافته اليه بِالْهُدى اى كونه ملتبسا بالتوحيد وهو شهادة ان لا اله الا الله فيكون الجار متعلقا بمحذوف او بسببه ولا جله فيكون متعلقا بأرسل وَدِينِ الْحَقِّ اى وبدين الإسلام وهو من قبيل اضافة الموصوف الى صفته مثل عذاب الحريق والأصل الدين الحق والعذاب المحرق ومعنى الحق الثابت الذي هو ناسخ الأديان ومبطلها لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ اللام في الدين للجنس اى ليعلى الدين الحق ويغلبه على جنس الدين بجميع افراده التي هى الأديان المختلفة بنسخ ما كان حقا من بعض الاحكام المتبدلة بتبدل الاعصار واظهار بطلان ما كان باطلا او بتسليط المسلمين على اهل سائر الأديان ولقد أنجز الله وعده حيث جعله بحيث لم يبق دين من الأديان الا وهو مغلوب مقهور بدين الإسلام ولا يبقى الا مسلم او ذمة للمسلمين وكم ترى من فتوح اكثر البلاد وقهر الملوك الشداد ما تعرف به قدرة الله تعالى وفي الآية فضل تأكيد لما وعد من الفتح وتوطين لنفوس المؤمنين على انه سيفتح لهم من البلاد ويعطيهم من الغلبة على الا قاليم ما يستقلون اليه فتح مكة وقد أنجز كما أشير اليه آنفا واعلم ان قوله ليظهر اثبات السبب الموجب للارسال فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا لان افعال الله تعالى ليست بمعللة بالأغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليلة فنزل ترتب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الغرض على ما هو غرض له وَكَفى بِاللَّهِ اى الذين له الإحاطة بجميع صفات الكمال شَهِيداً على ان ما وعده كائن لا محالة او على نبوته عليه السلام بإظهار المعجزات وان لم يشهد الكفار وعن ابن عباس رضى الله عنهما شهد له بالرسالة وهو قوله مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فمحمد مبتدأ ورسول الله خبره وهو وقف تام والجملة مبينة للمشهود به وقيل محمد خبر مبتدأ محذوف وقوله رسول الله بدل او بيان او نعت اى ذلك الرسول المرسل بالهدى ودين الحق محمد رسول الله قال في تلقيح الأذهان اعلم الله سبحانه محمدا عليه السلام أنه خلق الموجودات كلها من أجل أي من أجل ظهوره أي من أجل تجليه به حتى قال ليس شيء بين السماء والأرض الا يعلم إني رسول الله غير يا بني الإنس والجن وقال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره لما تجلى الله وحد جميع الأرواح فوجد أولا روح نبينا صلى الله عليه وسلم ثم سائر الأرواح فلفن التوحيد فقال لا إله إلا الله فكرمه الله بقوله محمد رسول الله فأعطى الرسالة في ذلك الوقت ولدا قال عليه السلام كنت نبيا وآدم بين داء الطين انتهى ومعنى الحديث انه كان نبيا بالفعل عالما بنبوة وغيره من الأنبياء ما كان نبيا به الفعل ولا عالما بنبوته الا حين بعث بعد وجوده ببدنه العنصري واستكمال شرائط النبوة فكل من بدا بعد وجود المصطفى عليه السلام فهم نوابه وخلفاؤه مقدمين

ص: 55

كالانبياء والرسل او مؤخرين كاولياء الله الكمل قال عليه السلام انا من نور الله والمؤمنون من فيض نورى فهو الجنس العالي والمقدم وما عداه التالي والمؤخر كما قال كنت أولهم خلقا وآخرهم بعثا فرسول الله هو الذي لا يساويه رسول لانه رسول الى جميع الخلق من أدرك زمانه بالفعل في الدنيا ومن تقدمه بالقوة فيها وبالفعل بالآخرة يوم يكون الكل تحت لوائه وقد أخذ على الأنبياء كلهم المثاق بأن يؤمنوا به ان أدركوه واخذه الأنبياء على أممهم وفي الحديث انا محمد واحمد ومعنى محمد كثير الحمد فان اهل السماء والأرض حمدوه ومعنى احمد أعظم حمدا من غيره لانه حمد الله بمحامد لم يحمد بها غيره كما في شرح المشارق لابن الملك (قال الجامى)

محمدت چون بلا نهايه ز حق

يافت شد نام آواز ان مشتق

واسمه في العرش ابو القاسم وفي السموات احمد وفي الأرض محمد قال على

رضى الله عنه ما اجتمع قوم فى مشورة فلم يدخلوا فيها من اسمه محمد الا لم يبارك لهم فيها وأشار الف احمد الى كونه فاتحا ومقدما لان مخرجه مبدأ المخارج وأشار ميم محمد الى كونه خاتما ومؤخر الان مخرجها ختام المخارج كما قال نحن الآخرون السابقون وأشار الميم ايضا الى بعثته عند الأربعين قال بعضهم أكرم الله من الصبيان اربعة بأربعة أشياء يوسف عليه السلام بالوحى في الجب ويحيى عليه السلام بالحكمة في الصباوة وعيسى عليه السلام بالنطق في المهد وسليمان عليه السلام بالفهم واما نبينا عليه السلام فله الفضيلة العظمى والآية الكبرى حيث ان الله أكرمه بالسجدة عند الولادة والشهادة بأنه رسول الله وكل قول يقبل الاختلاف بين المسلمين الا قول لا اله الا الله محمد رسول الله فانه غير قابل للاختلاف فمعناه متحقق وان لم يتكلم به أحد وكذا أكرمه بشرح الصدر وختم النبوة وخدمة الملائكة والحور عند ولادته وأكرمه بالنبوة في عالم الأرواح قبل الولادة وكفاه بذلك اختصاصا وتفصيلا فلا بد للمؤمن من تعظيم شرعه واحياء سنته والتقرب اليه بالصلوات وسائر القربات لينال عند الله الدرجات وكانت رابعة العدوية رحمها الله تصلى في اليوم والليلة الف ركعة وتقول ما أريد بها ثوابا ولكن ليسر بها رسول الله عليه السلام ويقول للانبياء انظروا الى امرأة من أمتي هذا عملها في اليوم والليلة ومن تعظيمه عمل المولد إذا لم يكن فيه منكر قال الامام السيوطي قدس سره يستحب لنا اظهار الشكر لمولده عليه السلام انتهى. وقد اجتمع عند الامام تقى الدين السبكى رحمه الله جمع كثير من علماء عصره فأنشد منشد قول الصر صرى رحمه الله فى مدحه عليه السلام

قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب

على ورق من خط احسن من كتب

وان تنهض الاشراف عند سماعه

قياما صفوفا أو جثيا على الركب

فعند ذلك قام الامام السبكى وجميع من بالمجلس فحصل انس عظيم بذلك المجلس ويكفى ذلك في الاقتداء وقد قال ابن حجر الهيثمي ان البدعة الحسنة متفق على ندبها وعمل المولد واجتماع الناس له كذلك اى بدعة حسنة قال السخاوي لم يفعله أحد من القرون الثلاثة

ص: 56

وانما حدث بعد ثم لا زال اهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بانواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر من بركاته عليهم كل فضل عظيم قال ابن الجوزي من خواصه انه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام وأول من أحدثه من الملوك صاحب اربل وصنف له ابن دخية رحمه الله كتابا في المولد سماه التنوير بمولد البشير النذير فأجازه بألف دينار وقد استخرج له الحافظ ابن حجر أصلا من السنة وكذا الحافظ السيوطي وردا على الفاكهاني المالكي في قوله ان عمل المولد بدعة مذمومة كما في انسان العيون وَالَّذِينَ مَعَهُ اى مع رسول الله عليه السلام وهو مبتدأ خبره قوله أَشِدَّاءُ غلاظ وهو جمع شديد عَلَى الْكُفَّارِ كالأسبد على فريسته رُحَماءُ اى متعاطفون وهو جمع رحيم بَيْنَهُمْ كالوالد مع ولده يعنى انهم يظهرون لمن خالف دينهم الشدة والصلابة ولمن وافقهم في الدين الرحمة والرأفة كقوله تعالى اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين فلوا كتفى بقوله أشداء على الكفار لربما او هم الفظاظة والغلظة فكمل بقوله رحماء بينهم فيكون من اسلوب التكميل وعن الحسن بلغ من تشددهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثيابهم ان تلزق بثيابهم ومن أبدانهم ان تمس أبدانهم وبلغ من ترحمهم فيما بينهم انه كان لا يرى مؤمن مؤمنا الا صافحه وعانقه وذكر في التوراة في صفة عمر رضى الله عنه قرن من حديد أمين شديد وكذا ابو بكر رضى الله عنه فانه خرج لقتال اهل الردة شاهرا سيفه راكبا راحلته فهو من شدته وصلابته على الكفار (قال الشيخ سعدى)

نه چندان درشتى كن كه از تو سير كردند

ونه چندان نرمى كن كه بر تو دلير شوند

درشتى ونرمى بهم در بهست

چور كزن كه جراح ومرهم نهست

(وقال بعضهم) هست نرمى آفت جان سمور وز درشتى ميبرد جان خار پشت وفي الحديث المؤمنون هينون لينون مدح النبي بالسهولة واللين لانهما من الأخلاق الحسنة فان قلت من أمثال العرب لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر وعلى وفق ذلك ورد قوله عليه السلام لا تكن مرافتعقى ولا حلوا فتسترط يقال اعقيت الشيء إذا أزلته من فيك لمرارته واسترطه اى ابتلعه وفي هذا نهى عن اللين فما وجه كونه جهة مدح قلت لا شبهة فى ان خير الأمور أوسطها وكل طرفى الأمور ذميم اى المذموم هو الافراط والتفريط لا الاعتدال والاقتصاد نسأل الله العمل بذلك تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً جمع راكع وساجد اى تشاهدهم حال كونهم راكعين ساجدين لمواظبتهم على الصلوات فهما حالان لان الرؤية بصرية وأريد بالفعل الاستمرار والجملة خبر آخر او استئناف يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً اما خبر آخر او استئناف مبنى على سؤال نشأ عن بيان مواظبتهم على الركوع والسجود كأنه قيل ماذا يريدون بذلك فقيل يبتغون فضلا من الله ورضوانا اى ثوابا ورضى وقال بعض الكبار قصدهم في الطاعة والعبادة الوصول والوصال وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قال الراغب الرضوان الرضى الكثير سِيماهُمْ فعلى من سامه إذا اعلمه اى جعله ذا علامة والمعنى علامتهم وسمتهم وقرئ سيمياؤهم

ص: 57

بالياء بعد الميم والمد وهما لغتان وفيها لغة ثالثة هى السيماء بالمد وهو مبتدأ خبر قوله فِي وُجُوهِهِمْ اى ثابتة في وجوههم مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ حال من المستكن في الجار واثر الشيء حصول ما يدل على وجوده كما في المفردات اى من التأثير الذي تؤثره كثرة السجود وما روى عن النبي عليه السلام من قوله لا تعلموا صوركم اى لا تسموها انما هو فيما إذا اعتمد بجهته على الأرض ليحدث فيها تلك السمة وذلك محض رياء ونفاق والكلام فيما حدث في جبهة السجاد الذين لا يسجدون الا خالصا لوجه الله وكان الامام زين العابدين رضى الله عنه وهو على ابن الحسين بن على رضى الله عنهم وكذا على بن عبد الله بن العباس يقال لهما ذوا الثفنات لما أحدثت كثرة سجودهما فى مواضعة منهما أشباه ثفنات البعير والثفنة بكسر الفاء من البعير الركبة وما مس الأرض من أعضائه عند الاناخة وثفنت يده ثفنا إذا غلظت عن العمل وكانت له خمسمائة اصل زيتون يصلى عند كل اصل ركعتين كل يوم قال قائلهم

ديار على والحسين وجعفر

وحمزة والسجاد ذى الثفنات

قال عطاء دخل في الآية من حافظ على الصلوات الخمس وقال بعض الكبار سيما المحبين من اثر السجود فانهم لا يسجدون لشيء من الدنيا والعقبى الا لله مخلصين له الدين وقيل صفرة الوجوه من خشية الله وقيل ندى الطهور وتراب الأرض فانهم كانوا يسجدون على التراب لا على الأثواب وقيل استنارة وجوههم من طول ما صلوا بالليل قال عليه السلام من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار الا ترى ان من سهر بالليل وهو مشغول بالشراب واللعب لا يكون وجهه في النهار كوجه من سهر وهو مشغول بالطاعة وجاء في باب الامامة انه يقدم الأعلم ثم الأقرأ ثم الأورع ثم الأسن ثم الأصبح وجها اى أكثرهم صلاة بالليل لما روى من الحديث قيل لبعضهم ما بال المتهجدين احسن الناس وجوها فقال لانهم خلوا بالرحمن فأصابهم من نوره كما يصيب القمر نور الشمس فينور به در نفحات مذكور است كه چون أرواح ببركت قرب الهى صافى شد أنوار موافقت بر اشباح ظاهر گردد

درويش را كواه چهـ حاجت كه عاشقست

رنك رخش ز دور به بين وبدان كه هست

وقال سهل المؤمن من توجه لله مقبلا عليه غير معرض عنه وذلك سيما المؤمنون وقال عامر بن عبد القيس كادوجه المؤمن يخبر عن مكنون عمله وكذلك وجه الكافر وذلك قوله سيماهم في وجوههم وقال بعضهم ترى على وجوههم هيبة لقرب عهدهم بمناجاة سيدهم وقال ابن عطاء ترى عليهم خلع الأنوار لائحة وقال عبد العزيز المكي ليست هى النحولة والصفرة لكنها نور يظهر على وجوه العابدين يبدو من باطنهم على ظاهرهم يتبين ذلك للمؤمنين ولو كان ذلك في زنجى او حبشى انتهى ولا شك ان هذه الامة يقومون يوم القيامة

غرا محجلين من آثار الوضوء وبعضهم يكون وجوههم من اثر السجود كالقمر ليلة البدر وكل ذلك من تأثير نور القلب وانعكاسه ولذا قال

آن سياهى كز پى ناموس حق ناقوس زد

در عرب بو الليل بود اندر قيامت بو النهار

ذلِكَ اشارة الى ما ذكر من نعوتهم الجليلة مَثَلُهُمْ اى وصفهم العجيب الشان الجاري فى الغرابة مجرى الأمثال فِي التَّوْراةِ حال من مثلهم والعامل معنى الاشارة والتوراة اسم

ص: 58

كتاب موسى عليه السلام قال من جوز ان تكون التوراة عربية انها تشتق من ورى الزند فوعلة منه على ان التاء مبدلة من الواو سمى التوراة لانه يظهر منه النور والضياء لبنى إسرائيل وفي القاموس وورية النار وريتها ما تورى به من خرقة او حطبة والتوراة تفعلة منه انتهى وقال بعضهم فوعلة منه لا تفعلة لقلة وجود ذلك وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ عطف على مثلهم الاول كأنه قيل ذلك مثلهم في التوراة والإنجيل وتكرير مثلهم لتأكيد غرابته وزيادة تقريرها والإنجيل كتاب عيسى عليه السلام يعنى بهمين نعمت در كتاب موسى وعيسى مسطورند تا كه معلوم امم كردند وبايشان مژده ور شوند والإنجيل من نجل الشيء أظهره سمى الإنجيل انجيلا لانه اظهر الدين بعد ما درس اى عفا رسمه كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ يقال زرع كمنع طرح البذر وزرع الله أنبت والزرع الولد والمزروع والجمع زروع وموضعه المزرعة مثلثة الراء وهو إلخ تمثيل مستأنف اى هم كزرع اخرج أفراخه اى فروعه وأغصانه وذلك ان أول ما نبت من الزرع بمنزلة الام وما تفرع وتشعب منه بمنزلة أولاده وأفراخه وفي المفردات شطأه فروع الزرع وهو ما خرج منه وتفرع في شاطئيه اى جانبيه وجمعه اشطاء وقوله اخرج شطأه أي أفراخه انتهى وقيل هواى الزرع إلخ تفسير لقوله ذلك على انه اشارة مبهمة وقيل خبر لقوله تعالى ومثلهم في الإنجيل على ان الكلام قدتم عند قوله تعالى مثلهم في التوراة فَآزَرَهُ المنوي في آزره ضمير الزرع اى فقوى الزرع ذلك الشطأ وبالفارسية پس قوى كرد كشت آن يك شاخ را الا ان الامام النسفي رحمه الله جعل المنوي في آزر ضمير الشطأ قال فآزره اى فقوى الشطأ اصل الزرع بالتفافه عليه وتكاثفه وهو صريح في ان الضمير المرفوع للشطأ والمنصوب للزرع وهو من الموازرة بمعنى المعاونة فيكون وزن آزر فاعل من الأزر وهو القوة او من الايزار وهى الاعانة فيكون وزنه افعل وهو الظاهر لانه لم يسمع في مضارعه يوازر بل يوزر فَاسْتَغْلَظَ فصار غليظا بعد ما كان دقيقا فهو من باب استحجر الطين يعنى ان السين للتحول فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ فاستقام على قصبته جمع ساق وهو أصوله يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ حال اى حال كونه يعجب زراعه الذين زرعوه اى يسرهم بقوته وكثافته وغلظه وحسن منظره وطول قامته وبالفارسية بشكفت آرد مزارعانرا وهنا تم المثل وهو مثل ضربه الله لاصحاب رسول الله قلوا في بدء الإسلام ثم كثروا واستحكموا فترقى أمرهم يوما فيوما بحيث اعجب الناس وقيل مكتوب فى التوراة سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وفي الاسئلة المقحمة كيف ضرب الله المثل لاصحاب النبي عليه السلام بالزرع الذي اخرج شطأه ولما ذالم يشبههم بالخيل والأشجار الكبار المثمرة والجواب لان اصحاب النبي كانوا في بدء الأمر قليلين ثم صاروا يزدادون ويكثرون كالزرع الذي يبدو ضعيفا ثم ينمو ويخرج شطأ ويكثر لان الزرع يحصد ويزرع كذلك المسلمون منهم من يموت ثم يقوم مقامه غيره بخلاف الأشجار الكبار فانها تبقى بحالها سنين ولانه تنبت من الحبة الواحدة سنابل وليس ذلك في غير الزرع انتهى فكما ان أعمالهم نامية فكذا أجسادهم الا ترى انه قتل مع الامام الحسين رضى الله عنه عامة اهل بيته لم ينج الا ابنه زين العابدين على رضى الله عنه لصغره فأخرج الله من صلبه الكثير

ص: 59

الطيب وقيل يزيد بن المهلب وإخوتهم وذراريهم ثم مكث من بقي منهم نيفا وعشرين سنة لا يولد فيهم أنثى ولا يموت منهم غلام وعن عكرمة اخرج شطأه بأبى بكر فآزره بعمر فاستغلظ بعثمان فاستوى على سوقه بعلى رضى الله عنهم لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ الغيظ أشد غضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه غاظه يغيظه فاغتاظ وغيظه فتغيظ واغاظه

وغايظه كما في القاموس وهو علة لما يعرب عنه الكلام من تشبيههم بالزرع في زكائه واستحكامه أي جعلهم الله كالزرع في النماء والقوة ليغيظ بهم مشركى مكة وكفار العرب والعجم وبالفارسية تا الله رسول خويش وياران او كافرانرا بدرد آرد ومن غيظ الكفار قول عمر رضى الله عنه لاهل مكة بعد ما اسلم لا نعبد الله سرا بعد اليوم وفي الحديث ارحم أمتي بأمتى ابو بكر وأقواهم في دين الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم على وأقرأهم ابى بن كعب وافرضهم زيد بن ثابت وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذى لهجة اصدق من ابى ذر ولكل امة أمين وأمين هذه الامة ابو عبيدة ابن الجراح وقيل قوله ليغيظ بهم الكفار علة لما بعده من قوله تعالى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً فان الكفار إذا سمعوا بما أعد للمؤمنين في الآخرة مع مالهم في الدنيا من العزة غاظهم ذلك أشد غيظ يقول الفقير نظر الكفار مقصور على ما في الدنيا مما يتنافس فيه ويتحاسد وكيف لا يغيظهم ما أعد للمؤمنين في الآخرة وليسوا بمؤمنين باليوم الآخر ومنهم للبيان كما في قوله فاجتنبوا الرجس من الأوثان يعنى همه ايشانرا وعد فرمود آمرزش كناه ومزدى بزرك وهو الجنة ودرجاتها فلا حجة فيه للطاعنين في الاصحاب فان كلهم مؤمنون ولما كانوا يبتغون من الله فضلا ورضوانا وعدهم الله بالنجاة من المكروه والفوز بالمحبوب وعن الحسن محمد رسول الله والذين معه ابو بكر الصديق رضى الله عنه لانه كان معه في الغار ومن أنكر صحبته كفر أشداء على الكفار عمر بن الخطاب رضى الله عنه لانه كان شديدا غليظا على اهل مكة رحماء بينهم عثمان بن عفان رضى الله عنه لانه كان رؤفا رحيما ذا حياء عظيم تراهم ركعا سجدا على بن ابى طالب رضى الله عنه تا حدى كه هر شب آواز هزار تكبير إحرام از خلوت وى باسماع خادمان عتبه عليه اش ميرسيد يبتغون فضلا من الله ورضوانا بقية العشرة المبشرة بالجنة وفي الحديث يا على أنت قى الجنة وشيعتك في الجنة وسيجيئ بعدي قوم يدعون ولايتك لهم لقب يقال لهم الرافضة فاذا أدركتهم فاقتلهم فانهم مشركون قال يا رسول الله ما علامتهم قال يا على انه ليست لهم جمعة ولا جماعة يسبون أبا بكر وعمر قال مالك بن انس رضى الله عنه من أصبح وفي قلبه غيظ على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية قال ابو العالية العمل الصالح في هذه الآية حب الصحابة وفي الحديث يا على ان الله أمرني ان اتخذ أبا بكر والدا وعمر مشيرا وعثمان سندا وأنت يا على ظهرا فأنتم اربعة قد أخذ ميثاقكم في الكتاب لا يحبكم الا مؤمن ولا يبغضكم الا فاجر أنتم خلائف نبوتى وعقدة ذمتى لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تغامزوا كما في كشف الاسرار وفي الحديث لا تسبوا أصحابي فلوان أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مداحدهم ولا نصيفه المد ربع الصاع والنصيف نصف الشيء والضمير في نصيفه راجع الى أحدهم لا الى المد والمعنى ان أحدكم لا يدرك بانفاق

ص: 60