الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير سورة الرحمن
وتسمى عروس القرآن مكية او مدينة وآيها ست او سبع او ثمان وسبعون بسم الله الرحمن الرحيم
الرَّحْمنُ مبتدأ خبره ما بعده اى الذي له الرحمة الكاملة كما جاء في بعض الدعاء رحمان الدنيا ورحيم الآخرة لانه عم الرزق في الدنيا كما قيل
أديم زمين سفره عام اوست
…
برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست
وخص المؤمنين بالعفو في الآخرة وبالفارسية خداوند بخشايش بسيار كه رحمت او همه چيز را رسيده والرحمة في الحقيقة العف والحنوا عنى الميل الروحاني ومنه الرحم لانعطافها الحسى على ما فيها وأريد بها بالنسبة الى الله تعالى ارادة الخير او الانعام لان عطف على أحد أصابه بأحدهما قال الامام الغزالي رحمه الله الرحمن هو العطوف على العباد بالإيجاد اولا وبالهداية الى الايمان واسباب السعادة ثانيا والإسعاد بالآخرة ثالثا والانعام بالنظر الى وجه الكريم رابعا انتهى ولما كانت هذه السورة الكاملة شاملة لتعداد النعم الدنيوية والاخروية والجسمانية والروحانية طرزها بطراز اسم الرحمن الذي هو اسم الذات المشتمل على جميع الأسماء والصفات ليسند اليه النعم المختلفة بعده ولما كان القرآن أعظم النعم شأنا لانه مدار جميع السعادات ولذا قال عليه السلام اشراف أمتي حملة القرآن اى ملازموا قراءته واصحاب الليل وقال خيركم من تعلم القرآن وعلمه وفيه جميع حقائق الكتب السماوية وكان تعليمه من آثار الرحمة الواسعة وأحكامها بدأبه فقال عَلَّمَ محمدا صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ بواسطة جبريل عليه السلام وبواسطة محمد عليه السلام غيره من الامة (قال الكاشفى) يعنى آسان كردانيده مر او را آموختن وديكر انرا آموزانيدن قال ابن عطاء رحمه الله لما قال الله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها أراد ان يخص امة محمد بخاصة مثله فقال الرحمن علم القرآن اى الذي علم آدم الأسماء وفضله بها على الملائكة هو الذي علمكم القرآن وفضلكم به على سائر الأمم فقيل له متى علمهم قال علمهم حقيقة في الأزل واظهر لهم تعليمه وقت الإيجاد وفيه إشارة الى أن تعليم القرآن وان كان في الصورة بواسطة جبريل من الوجه العام لكنه كان بلا واسطة في المعنى من الوجه الخاص على ما سنريد وضوحا في محله ان شاء الله تعالى وقال بعضهم علم القرآن اى أعطى الاستعداد الكامل في الأزل لجميع المستعدين ولذلك قال علم القرآن ولم يقل علم الفرقان كما في قوله تعالى تبارك الذي نزل الفرقان فان الكلام الإلهي قرآن باعتبار الجمع والبداية وفرقان باعتبار الفرق والنهاية فهو بهذا المعنى لا يتوقف على خلق الإنسان وظهوره في هذا العالم وانما الموقوف عليه تعليم البيان ولذا قدم تعليم القرآن على خلق الإنسان وخلقه على تعليم البيان انتهى وفي الآية اشارة الى أن التعليم والتسهيل انما هو من الله تعالى لا من المعلمين والحافظين وقد علم آدم الأسماء ووفقه لتعلمها وسهله باذنه وعلم داود صنعة الدرع كما قال وعلمناه صنعة لبوس لكم وعلم عيسى علم الطب كما قال ويعلمه الكتاب والحكمة وعلم الخضر العلم اللدني كما قال وعلمناه من لدنا علما
وعلم نبينا عليه السلام القرآن واسرار الالوهية كما قال وعلمك ما لم تكن تعلم وعلم الإنسان البيان قال في فتح الرحمن ومن الدليل على ان القرآن غير مخلوق ان الله تعالى ذكره في كتابه العزيز في اربعة وخمسين موضعا ما فيها موضع صرح فيه بلفظ الخلق ولا أشار اليه وذكر الإنسان في ثمانية عشر موضعا كلها يدل على خلقه وقد اقترنا في هذه السورة على هذا النحو قاله المولى ابو السعود رحمه الله ثم قيل خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ تبيينا للمعلم وكيفية التعليم والمراد بخلق الإنسان انشاؤه على ما هو عليه من القوى الظاهرة والباطنة والبيان هو التعبير عما في الضمير قال الراغب البيان الكشف عن الشيء وهو أعم من النطق لان النطق مختص بالإنسان وسمى الكلام بيانا لكشفه عن المعنى المقصود وإظهاره انتهى وليس المراد بتعليمه مجرد تمكين الإنسان من بيان نفسه بل منه ومن فهم بيان غيره ايضا إذ هو الذي يدور عليه تعليم القرآن والمراد به جنس الإنسان الشامل لجميع اصنافه وافراده وفي بحر العلوم خلق الإنسان اى آدم وعلمه الأسماء واللغات كلها وكان آدم يتكلم بسبعمائة الف لغة أفضلها العربية انتهى يقول الفقير فيه اشارة الى ان الله تعالى قد تكلم بجميع اللغات سوآء كان التعليم بواسطة أم لا فان قلت كيف يتكلم الله باللغات المختلفة والكلام النفسي عار عن جميع الاكسية قلت نعم ولكنه في مراتب التنزلات والاسترسالات لا بد له من الكسوة فالعربية مثلا كسوة عارضة بالنسبة الى الكلام في نفسه وقد ذقنا في أنفسنا انه يجيئ الإلهام والخطاب تارة باللفظ العربي واخرى بالفارسي وبالتركى مع كونه بلا واسطة ملك لان الاخذ عن الله لا ينقطع الا يوم القيامة وذلك بلا واسطة وان كان الغالب وساطة الملك من حيث لا يرى فاعرف ذلك الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ مبتدأ وخبر والحسبان بالضم مصدر بمعنى الحساب كالغفران والرجحان يقال حسبه عده وبابه نصر حسابا بالكسر وحسبانا بالضم واما الحسبان بالكسر فبمعنى الظن من حسب بالكسر بمعنى ظن والمعنى يجريان بحساب مقدر في بروجهما ومنازلهما بحيث ينتظم بذلك امور الكائنات السفلية ويختلف الفصول والأوقات ويعلم السنون والحساب فالسنة القمرية ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما والشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم او اقل وفيه اشارة الى شمس فلك البروج وفمركرة القلب سيرانهما في بروج التجليات الذاتية ومنازل التجليات الاسمائية والصفاتية وكل ذلك السيران بحسب استعداد كل واحد منهما بحساب معلوم وامر مقسوم وَالنَّجْمُ اى النبات الذي ينجم اى يطلع من الأرض ولا ساق له مثل الكرم والقرع ونحو ذلك وَالشَّجَرُ الذي له ساق وفي المنتقى كل نابت إذا ترك حتى يبرز انقطع فليس بشجر وكل شيء يبرز ولا ينقطع من سنته فهو شجر يَسْجُدانِ اى ينقاد ان له تعالى فيما يريد بهما طبعا انقياد الساجد من المكلفين طوعا او يسجد ظلهما على ما بين في قوله تعالى يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجد الله وكفته اند ما را بر سجود ايشان وقوف نيست چنانچهـ بر تسبيح ايشان كما قال تعالى (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ذكر في مقابلة النعمتين السماويتين اللتين هما الشمس والقمر نعمتين ارضيتين وهما النجم والشجر
وكلاهما من قبيل النبات الذي هو اصل الرزق من الحبوب والثمار والحشيش للدواب واخلاء الجمل الاولى عن العطف لو رودها على منهاج التعديد تنبيها على تقاعده في الشكر كما في قولك زيد أغناك بعد فقر أعزك بعد ذل كثرك بعد قلة فعل بك ما لم يفعل أحد بأحد واما عطف جملة والنجم على ما قبلها فلتناسبها من حيث التقابل لما ان الشمس والقمر علويان والنجم والشجر سفليان ومن حيث ان كلا من حال علويين وحال السفليين من باب الانقياد لامر الله تعالى ولما كانت هذه الاربعة مغايرة لجنس الإنسان في ذاته وصفاته غير النظم بايرادها فى صورة الاسمية تحقيقا للتغاير بينهما وضعا وطبعا صورة ومعنى وفيه اشارة الى سجود نجم العقل الذي به يهتدى الى معرفة الأشياء واستهلاكه وتلاشية عند النظر الى الحقائق الالهية والمعارف الربانية لعدم قوة إدراكه إياها مستعدا بنفسه غير مستفيض من الفيض الإلهي بطريق الكشف والشهود والى سجود شجر الفكر المتشجر بالقوى الطبيعية والقوى الوهمية والخيالية وانحصاره في القوة المزاجية العنصرية وعدم تمكنه من ادراك الحقائق على ما هى عليه كما قيل العقل والفكر جالا حول سرادق الكون فاذا نظرا الى المكون ذابا وكيف لا وهما مخلوقان محصوران تحت حصر الخلقية والحدوث وانى للخلق المحدث معرفة الخالق القديم وما قدروا الله حق قدره وَالسَّماءَ رَفَعَها انتصابه بمحذوف يفسره المذكور اى خلقها مرفوعة محلا كما هو محسوس مشاهد وكذا رتبة حيث جعلها منشأ أحكامه وقضاياه وتنزل أوامره ومحل ملائكته وقال بعضهم رفعها من السفل الى العلو سقفا لمصالح العباد وجعل ما بينهما مسيرة خمسمائة عام وذلك لان السماء دخان فاربه موج الماء الذي كان في الأرض وَوَضَعَ الْمِيزانَ اى شرع العدل وامر به بأن وفر كل مستحق لما استحقه ووفى كل ذى حق حقه حتى انتظم به امر العالم واستقام كما قال عليه السلام بالعدل قامت السموات والأرض قيل فعلى هذا الميزان هو القرآن وقيل هو ما يعرف به مقادير الأشياء من ميزان وميكال ونحوهما فالمعنى خلق كل ما توزن به الأشياء ويعرف مقاديرها موضوعا مخفوضا على الأرض حيث علق به احكام عباده وقضاياهم وما تعبدهم به من التسوية والتعديل في أخذهم واعطائهم قال سعدى المفتى وأنت خبير بأن قوله أن لا تطغوا فى الميزان واقيموا الوزن أشد ملاءمة لهذا المعنى ولهذا اقتصر عليه الزمخشري (قال الكاشفى) ووضع الميزان وبيافريد يا منزل كردانيد ترازو را يا الهام داد خلق را بكيفيت إيجاد آن ليتوصل به الا الانصاف والانتصاف وكان ذلك في زمان نوح عليه السلام إذ لم يكن قبله كيل ووزن وذراع قال قتادة في هذه الآية اعدل يا ابن آدم كما تحب أن يعدل عليك وأوف كما تحب أن يوفى لك فأن العدل صلاح الناس أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ ان ناصبة ولا نافية ولام العلة مقدرة متعلقة بوضع الميزان اى وضعه لئلا تطغوا فيه ولا تعتدوا ولا تتجاوزوا الانصاف وبالفارسية از حد نكذريد در ترازو بوقت داد وستد يعنى از عدل تجاوز نكنيد وبراستى معامله نمايد قال ابن الشيخ الطغيان مجاوزة الحد فمن قال الميزان العدل قال طغيانه الجور ومن قال انه الميزان الذي هو آلة التسوية قال طغيانه البخس اى
النقص
چون ترازوى تو كج بود ودغا
…
راست چون جويى ترازوى جزا
وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ قوموا وزنكم بالعدل اى اجعلوه مستقيما به وفي المفردات الوزن معرفة قدر الشيء والمتعارف في الوزن عند العامة ما يقدر بالقسطاس والقبان وقوله واقيموا الوزن بالقسط اشارة الى مراعاة المعدلة في جميع ما يتحراه الإنسان من الافعال والأقوال وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ يقال خسرت الشيء بالفتح وأخسرته نقصته وبابه ضرب واما خسر في البيع فبالكسر كما في المختار وقال في القاموس خسر كفرح وضرب ضل والخسر والاخسار النقص اى لا تنقصوه لان من حقه أن يسوى لانه المقصود من وضعه قال سعدى المفتى المراد لا تنقصوا الموزون في الميزان لا الميزان نفسه امر اولا بالتسوية ثم نهى عن الطغيان الذي هو اعتداء وزيادة ثم عن الخسران الذي هو تطفيف ونقصان وكرر لفظ الميزان تشديدا للتوصية به وتأكيدا للامر باستعماله والحث عليه (قال الكاشفى) اين همه تأكيد اهل ترازو را جهت آنست كه بوقت وضع ميزان قيامت شرمنده نشوند
هر جو وهر حبه كه بازوى تو
…
كم كند از كيد ترازوى تو
هست يكايك همه بر جاى خويش
…
روز جزا جمله بيارند پيش
با تو نمايند نهانيت را
…
كم دهى وبيش ستانيت را
روى عن مالك بن دينار رحمه الله انه دخل على جار له احتضر فقال يا مالك جبلان من نار بين يدى أكلف الصعود عليهما قال فسألت اهله فقالوا كان له مكيالان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر فدعوت بهما فضربت أحدهما بالآخر حتى كسرتهما ثم سألت الرجل فقال ما يزداد الأمر على إلا عظما وفي المفردات قوله ولا تخسروا الميزان يجوز أن يكون اشارة الى تحرى العدالة في الوزن وترك الحيف فيما يتعاطاه في الوزن ويجوز أن يكون ذلك اشارة الى تعاطى مالا يكون ميزانه به يوم القيامة خاسرا فيكون ممن قال فيه فمن خفت موازينه وكلا المعنيين يتلازمان وكل خسران ذكره الله في القرآن فهو على هذا المعنى الأخير دون الخسران المتعلق بالقنيات الدنيوية والتجارات البشرية يقول الفقير وجه توسيط الميزان بين رفع السماء ووضع الأرض هو الاشارة الى انه بالعدل قامت السموات والأرض كما ورد في الحديث والى انه لا بد من ميزان العقل بين الروح والجسد حتى يعتدلا ولا يتجاوز أحدهما الآخر والاعتدال الحقيقي هو الوقوف بين طرفى الافراط والتفريط المذمومين عقلا وشرعا وعرفا والموزونات هى الأمور العلمية والعلمية المعدلة بالعقل المبنى على الاستعداد الذاتي وَالْأَرْضَ وَضَعَها اى خفضها مدحوة على الماء اى مبسوطة لِلْأَنامِ اى لمنافع الأنام وهو جمع لا واحد له من لفظه بمعنى الخلق والجن والانس مما على الأرض كما فى القاموس فهى كالمهاد والفراش لهم يتقلبون عليها ويتصرفون فوقها وقال ابن عباس رضى الله عنهما رب الناس ويدل عليه وقوله
مبارك الوجه يستسقى الغمام به
…
ما في الأنام له عدل ولا مثل
وقال قتادة كل ذى روح لانه ينام وقيل من ونم الذباب همس وفيه اشارت الى بسط ارض البشرية لتنتعش كل قبيلة بما يلائم طبعها اما انتعاش اهل النفوس البشرية فبأستيفاء الشهوات الحيوانية واللذات الجسمانية واما انتعاش اصحاب القلوب المعنوية فبالوا إرادات القلبية والإلهامات الغيبية واما انتعاش ارباب الأرواح العلوية فبالتجليات الروحانية والمحاضرات الربانية واما انتعاش صناديد الاسرار اللاهوتية القدسية فبالتجليات الذاتية الاحدية المفنية لكل ما سواه فِيها فاكِهَةٌ ضروب كثيرة مما يتفكه به ويتلذذ ففاكهة تشعر باختلاف الأنواع وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ وهى اوعية الثمر وغلفها قبل التفتق يعنى خوشهاى آن در غلاف جمع كم بالكسر وهو الغلاف الذي يكون فيه الثمر أول ظهوره تا مادامكه مغشق نشده در غلاف باشد ومعنى النخل بالفارسية يعنى درخت خرما او هو اى الكم كل ما يكم بضم الكاف من باب نصر اى يغطى من ليف وسعف وكفرى فانه مما ينتفع به كما ينتفع من المكموم من ثمره وجماره وجذوعه فالليف يغطى الجذع والسعف الجمار وهو كرمان شحم النخل بالفارسية دل درخت خرما والكفرى الثمر وَالْحَبُّ ودر زمين دانه است وهو كل ما يتغذى به ويقتات كالحنطة والشعير وغيرهما ذُو الْعَصْفِ هو ورق الزرع او ورق النبات اليابس كالتبن (قال الكاشفى) وعصف كياهيست كه ازو دانه جدا ميشود وفي المفردات العصف والعصيفة الذي يعصف من الزرع قال في تاج المصادر العصف برك كشت ببريدن وَالرَّيْحانُ قال في المفردات الريحان ماله رائحة وقيل الرزق ثم يقال للحب المأكول ريحان كما في قوله والحب ذو العصف وقيل الاعرابى الى اين قال اطلب ريحان الله اى رزقه والأصل ما ذكرنا انتهى قال ابن عباس ومجاهد والضحاك هو الرزق بلغة حمير فالمراد بالريحان هنا اما الرزق او المشموم كما قال الحسن الريحان هو ريحانكم هذا الذي يشم وهو كل ما طابت رائحته من النبات او الشاهسفرم وعند الفقهاء الريحان مالساقه رائحة طيبة كما لورقه كالآس والورد مالورقه رائحة طيبة فقط كالياسمين كذا في المغرب قال ابن الشيخ كل بقلة طيبة الرائحة سميت ريحانا لان الإنسان يراح لها رائحة طيبة اى يشم يقال راح الشيء يراحه ويرحه وأراح الشيء يريحه إذا وجد ريحه وفي الحديث (من قتل نفسا معاهدة لم يرح رائحة الجنة) ويروى لم يرح من راحه يريحه والريحان في الأصل ريوحان كفعيلان من روح فقلبت الواو ياء وادغم ثم خفف بحذف عين الكلمة كما في ميت او كفو علان قلبت واوه ياء للتخفيف او للفرق بينه وبين الروحان وهو ماله روح فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ الحطاب للثقلين المدلول عليهما بقوله تعالى للانام لعمومه لهما واشتماله عليهما وسينطق به قوله تعالى ايها الثقلان وكذا في ذكر أبوي الفريقين بقوله خلق الإنسان وخلق الجان اشعار بأن الخطاب لهما جميعا والآلاء النعم واحدها الى والى والو والى والى كما في القاموس قال في بحر العلوم الآلاء النعم الظاهرة والباطنة الواصلة الى الفريقين وبهذا يظهر فساد ما قيل من ان الآلاء هى النعم الظاهرة فحسب والنعماء هى النعم الباطنة والصواب انهما من الألفاظ المترادفة كالأسود
والليوث والفلك والسفن وفي التأويلات النجمية الآلاء هى النعمة الظاهرة والنعماء الباطنة والآيات المتوالية تدل على هذا لانها نعمة ظاهرة بالنسبة الى اهل الظاهر ومعنى تكذيبهم بالآلاء كفرهم بها والتعبير عن الكفر بالتكذيب لما أن دلالة الآلاء المذكورة على وجوب الايمان والشكر شهادة منها بذلك فكفرهم بها تكذيب بها لا محالة اى فاذا كان الأمر كما فصل فبأى فرد من افراد آلاء مالككما ومربيكما بتلك الآلاء تكذبان مع ان كلا منها ناطق بالحق شاهد بالصدق فالاستفهام للتقرير اى للحمل على الإقرار بتلك النعم ووجوب الشكر عليها (روى) عن جابر رضى الله عنه انه قال قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن حتى ختمها قال مالى أراكم سكوتا للجن كانوا احسن منكم ردا ما قرأت عليهم هذه الآية مرة فبأى آلاى ربكما تكذبان الا قالوا ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد قال في بحر العلوم وفيه دلالة بينة على ان الآلاء أراد بها النعم المطلقة الشاملة للظاهرة والباطنة لا المقيدة بالظاهرة كما سبق اليه بعض الأوهام انتهى قال في آكام المرجان دلت الآية على ان الجن كلهم مكلفون ولا خلاف فيه بين اهل النظر وزعمت الحشوية انهم مضطرون الى أفعالهم وانهم ليسوا مكلفين والدليل على انهم مكلفون ما في القرآن من ذم الشياطين ولعنهم والتحذير من غوائلهم وشرهم وذكر ما أعده الله لهم من العذاب وهذه الخصال لا يفعلها الله الا لمن خالف الأمر والنهى وارتكب الكبائر وهتك المحارم مع تمكنه من ان لا يفعل ذلك وقدرته على فعل خلافه ويدل على ذلك ايضا انه كان من دين النبي عليه السلام لعن الشياطين والبيان عن حالهم وانهم يدعون الى الشر والمعاصي ويوسوسون بذلك وتكرار هذه الآية في هذه الصورة لطرد الغفلة وتأكيد الحجة وتذكير النعمة وتقرير الكرامة من قولهم كم نعمة كانت لكم كم كم وكم وكقولك لرجل أحسنت اليه بأنواع الأيادي وهو ينكرها ألم تكن فقيرا فأغنيتك أفتنكر هذا ألم تكن عريانا فكسوتك أفتنكر هذا ألم تكن خاملا فعززتك أفتنكر هذا وقال الشاعر
لا تقطعن الصديق ما طرفت
…
عيناك من قول كاشح أشر
ولا تملن من زيارته
…
زره وزره زر ثم زر وزر
وقال في برهان القرآن تكررت الآية احدى وثلاثين مرة ثمان منها ذكرها عقيب آيات فيها تعداد عجائب خلق الله وبدائع صنعه ومبدأ الخلق ومعادهم ثم سبع منها عقيب آياب فيها ذكر النار وشدائدها على عدد أبواب جهنم وحسن ذكر الآلاء عقيبها لان في خوفها ودفعها نعما توازى النعم المذكورة أو لأنها حلت بالأعداء وذلك يعد من اكبر النعماء وبعد هذه السبع ثمان في وصف الجنات وأهلها على عدد أبواب الجنة وثمان اخرى بعدها للجنتين اللتين دونها فمن اعتقد الثماني الاولى وعمل بموجبها استحق كلتا الثمانيتين من الله ووقاه الله السبع السابقة يقول الفقير من لطائف اسرار هذا المقام ان لفظ ال في أول اسم الرحمن المعنون به هذه السورة الجليلة دل على تلك الاحدى والثلاثين خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ بيافريد انسان را از كل خشك مانند سفال پخته كه دست
يروى زنى آواز كند الصلصال الطين اليابس الغير المطبوخ الذي له صلصلة اى صوت يسمع من يبسه وصح عن رسول الله عليه السلام انه قال إذا تكلم الله بالوحى سمع اهل السموات لصوته صلصلة كصلصلة الجرس على الصفوان والفخار الخزف اى الطين المطبوخ بالنار وتشبيهه بالفخار لصوته باليبس إذا نقر كأنه صور بصورة من يكثر التفاخر أو لأنه أجوف وقد خلق الله آدم عليه السلام من تراب جعله طينا ثم جمأ مسنونا ثم صلصالا ثم صب عليه ماء الأحزان فلا ترى ابن آدم الا يكابد حزنا فلا تنافى بين الآية الناطقة بأحدها وبين ما نطق بأحد الآخرين وَخَلَقَ الْجَانَّ اى الجن او أبا الجن او إبليس وبه قال الضحاك وفي الكشف الجان ابو الجن كما ان الإنسان ابو الانس وإبليس ابو الشياطين مِنْ مارِجٍ اى من لهب صاف من الدخان وقال مجاهد المارج هو المختلط بعضه ببعض من اللهب الأحمر والأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا وقدت من مرج امر القوم إذا اختلط واضطرب فمعنى من مارج من لهب مختلط مِنْ نارٍ بيان لمارج فانه في الأصل للمضطرب من مرج إذا اضطرب وفي كشف الاسرار خلق الجن من مارج من نار والملائكة من نورها والشياطين من دخانها وقال بعضهم من النار التي بين الكلة الرقيقة وبين السماء وفيها يكون البرق ولا ترى السماء الا من وراء تلك الكلة در باب نهم از سفر نانئ فتوحات مذكور است كه مارج آتشست ممتزج بهوا كه آنرا هواى مشتعل كويند پس جان مخلوقست إذ دو عنصر آتش وهو وآدم آفريده شده از دو عنصر آب وخاك چون آب وخاك بهم شوند آنرا طين كويند و چون هوا وآتش مختلط كردد آنرا مارج خوانند و چنانكه تناسل در بشر بإلقاء آبست در رحم تناسل در جن بإلقاء هواست در رحم أنثى وميان آفرينش جان وآدم شصت هزار سال بود فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مما أفاض عليكما في تضاعيف خلقكما من سوابغ النعم حتى صيركما أفضل المركبات وخلاصة الكائنات وفيه اشارة الى ان الحق سبحانه تجلى لحقيقة انسان الروح بصورة صفة صلصال اللطف والجمال ولحقيقة إبليس النفس بصورة صفة مارج القهر والجلال فصار أحدهما مظهرا لصورة لطفه والآخر لصورة قهره فبأى آلاء ربكما تكذبان ايها الروح اللطيف والنفس الخبيثة لان كل واحد منكما قد ذاق ما جبل عليه من اللطف والقهر والطيب والخبث رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ خبر مبتدأ محذوف اى الذي فعل ما ذكر من الأفاعيل البديعة رب مشرقى الصيف والشتاء ومغربيهما ومن قضيته ان يكون رب بينهما من الموجودات قاطبة يعنى ان ذكر غاية ارتفاعهما وغاية انحطاطهما اشارة الى ان الطرفين يتناولان ما بينهما كما إذا قلت في وصف ملك عظيم الملك له المشرق والمغرب فانه يفهم منه ان له ما بينهما ايضا قال في كشف الاسرار أحد المشرقين هو الذي تطلع منه الشمس فى أطول يوم من السنة والثاني الذي تطلع منه في اقصر يوم وبينهما مائة وثمانون مشرقا وكذا الكلام في المغربين وقيل أحد المشرقين للشمس والثاني للقمر وكذا المغربان واما قول عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ما بين المشرق والمغرب قبلة يعنى لاهل المشرق وهو
أن تجعل مغرب الصيف على يمينك ومشرق الشتاء على يسارك فتكون مستقبل القبلة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مما في ذلك من فوائد لا تحصى من اعتدال الهولء واختلاف الفصول وحدوث ما يناسب كل فصل في وقته الى غير ذلك مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ اى أرسلهما من مرجت الدابة إذا أرسلتها وخليتها للرعى والمعنى أرسل البحر الملح والبحر العذب وبالفارسية راه داد دو دريا را كه يكى خوش وشيرين ويكى تلخ وشور يَلْتَقِيانِ حال من البحرين قريبة من الحال المقدرة اى يتجاوران ويتماس سطوحهما لا فصل في مرأى العين وذلك كدجلة تدخل البحر فتشقة فتجرى في خلاله فراسخ لا يتغير طعمها وقيل أرسل بحر فارس والروم يلتقيان في المحيط لانهما خليجان يتشعبان منه قال سعدى المفتى وعلى هذا فقوله يلتقيان اما حال مقدرة ان كان المراد إرسالهما الى المحيط او المعنى اتحاد أصليهما ان كان المراد إرسالهما منه فلكل وجه بَيْنَهُما بَرْزَخٌ اى حاجز من قدرة الله او من الأرض والبرزخ الحائل بين الشيئين ومنه سمى القبر برزخا لانه بين الدنيا والآخرة وقيل للوسوسة برزخ الايمان لانها طائفة بين الشك واليقين لا يَبْغِيانِ اى لا يبغى أحدهما على الآخر بالممازجة وابطال الخاصية مع أن شأنهما الاختلاط على الفور بل يبقيان على حالهما زمانا يسيرا مع ان شأنهما الاختلاط وانفعال كل واحد منهما عن الآخر على الفور او لا يتجاوزان حديهما بإغراق ما بينهما من الأرض لتكون الأرض بارزة يتخذها أهلها مسكنا ومهادا فقوله لا يبغيان اما من الابتغاء وهو الطلب اى لا يطلبان غير ما قدر لهما او من البغي وهو مجاوزة كل واحد منهما ما حد له فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وليس من البحرين شيء يقبل التكذيب لما فيه من الفوائد والعبر يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ اللؤلؤ الدر والمرجان الخرز الأحمر المشهور يقال يلقيه الجن في البحر وقال فى خريدة العجائب اللؤلؤ يتكون في بحر الهند وفارس والمرجان ينبت في البحر كالشجر وإذا كلس المرجان عقد الزئبق فمنه ابيض ومنه احمر ومنه اسود وهو يقوى البصر كحلا وينشف رطوبة العين انتهى وقيل اللؤلؤ كبار الدر والمرجان صغاره واعلم انه ان أريد بالبحرين هنا بحر فارس وبحر الروم فلا حاجة في قوله منهما الى التأويل إذا للؤلؤ والمرجان بمعنييه يخرجان منهما لان كلا منهما ملح ولا عذب في البحار السبعة الأعلى قول من قال فى الآية يخرج من مالح بحرى فارس والروم ومن عذب بحر الصين وفي بحر العلوم ان اللؤلؤ يخرج من بحر فارس والمرجان من بحر الروم يعنى لا من كليهما وان أريد بهما البحر الملح والبحر العذب فنسبة خروجهما حينئذ الى البحرين مع انهما انما يخرجان من البحر الملح او مع انهما لا يخرجان من جميع البحر ولكن من بعضه كما يقال يخرج الولد من الذكر والأنثى وانما تلده الأنثى وهو الأظهر أو لأنهما لا يخرجان الا من ملتقى الملح والعذب وهذا يحتمل معنيين أحدهما ان الملتقى اسم مكان والخروج بمعنى الانتقال من الباطن الى الظاهر فانه قال الجمهور يخرج من الأجاج من المواضع التي يقع فيها الأنهار والمياه العذبة فناسب اسناد ذلك إليهما وهذا مشهور عند الغواصين والثاني انه مصدر ميمى
بمعنى الالتقاء والخرج بمعنى الحدوث والحدوث بمعنى الوجود فانه يحدث ويتكون من التقائهما واجتماعهما كما قال الرازي يكون العذب كاللقاح للملح ونقل عن ابن عباس وعكرمة مولاه ان تكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر لان الصدف تفتح أفواهها للمطر فيكون الاصداف كالارحام للنطف وماء البحر كالجسد الغاذى ويدل على انه من المطر ما اشتهر من أن السنة إذا أجدبت هزلت الحيتان وقلت الاصداف والجواهر وعلى هذا فضمير منهما للبحرين باعتبار الجنس فتأمل فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ زيرا آن جوهرها كه بدان آرايش كنيد واز خريد وفروخت آن فوائد يابيد نعم ظاهره است پس بكدام ازين نعمتهاى پروردگار خرد تكذيب مينماييد وكفته اند مراد بحر آسمان وبحر زمين است كه هر سال متلاقى شوند وابر حاجزست كه منع ميكند درياى آسمان را از نزول ودرياى زمين را از صعود ودرياى فلك قطرات بر درياى زمين ريخته بدهان صدف درمى آيد واز ان در منعقد كردد وقيل البحران على وفاطمة رضى الله عنهما والبرزخ النبي صلى الله عليه وسلم ويخرج منهما الحسن والحسين رضى الله عنهما وقيل هما العقل والهوى والبرزخ بينهما لطف الله ويخرج منهما التوفيق والعصمة وقيل هما المعرفة والمعصية والحاجز العصمة ويخرج منهما الشوق والتوبة لا يبغيان لا تؤثر المعصية في المعرفة وقيل هما الدنيا والآخرة والبرزخ القبر وقيل الحياة والوفاة والبرزخ الاجل وقيل الحجة والشبهة والبرزخ النظر ويخرج منهما الحق والصواب امام قشيرى رحمه الله فرموده كه بحرين خوف ورجاست يا قبض وبسط وبرزخ قدرت بي علت ولؤلؤ احوال صافيه ومرجان لطايف وافيه صاحب كشف الاسرار شرح ميكند كه بحر خوف ورجا عامه مسلمان راست واز آن كوهر زهد وورع وطاعت وتقوى بيرون آيد وبحر قبض وبسط خواص مؤمنانراست واز آن جواهر فقر ووجد زايد وبحر انس وهيبت انبيا وصديقانرا كه از آن كوهر فنا روى نمايد تا صاحبش بمنزل بقا بياسايد
ز قعر بحر فنا كوهر فنا يابى
…
وگرنه غوطه خورى اين كهر كجا يابى
وقال بعض الكبار يشير الى مروج بحر روح وحركته بالتجليات الذاتية والى مروج بحر القلب وحركته بالتجليات الصفاتية والتقائهما في مقام الوحدة مع بقاء برزخ معنوى بين هذين البحرين المشار بهما الى ما ذكر بحيث لا يبغى بحر الروح على بحر القلب لعدم نزوله بالكلية لئلا يفنى خاصية بحر القلب ولا يغلب بحر القلب على بحر الروح لعدم عروجه بالكلية لئلا يفنى خاصية بحر الروح كما قال وما منا الا له مقام معلوم يخرج لؤلؤ التجليات الذاتية من باحة بحر الروح ومرجان التجليات الصفاتية من لجة بحر القلب ويجوز أن يخرجا مجتمعين من اتحاد بحر الروح وبحر القلب مع بقاء امتياز ما بينهما وقال بعضهم يشير الى بحر القدم والحدوث وبحر القدم عذب من حيث القدم وبحر الحدوث ملح من حيث علل الحدوثية وبينهما حاجز عزة وحدانيته بحيث لا يختلط أحدهما بالآخر لانه منزه عن الحلول في الأماكن والاستقرار في المواطن يخرج من بحر القدم القرآن والأسماء والنعوت
ومن بحر الحدوث العلم والمعرفة والفطنة وايضا يشير الى بحر القلب الذي هو بحر الأخلاق المحمودة وبحر النفس الذي هو بحر الأخلاق المذمومة ولا يختلطان بحيث يصير القلب نفسا والنفس قلبا لان بينهما العقل والعلم والشريعة والطريقة فاذا صارت النفس مطمئنة يخرج منها ومن القلب الايمان والإيقان والصفاء والنور والطمأنينة وقال ابن عطاء رحمه الله بين العبد وبين الرب بحران عميقان أحدهما بحر النجاة وهو القرآن من تعلق به نجا لان الله تعالى يقول واعتصموا بحبل الله جميعا وبحر الهلاك وهو الدنيا من ركن إليها هلك انتهى وَلَهُ الْجَوارِ هذه اللام لها معنيان أحدهما انها لام الملك والثاني انها لام الاستحسان والتعجب كقولهم لله أنت لله درك كما في كشف الاسرار والجوار بكسر الراء أصله الجواري بالياء بمعنى السفن جمع جارية أقيمت الصفة مقام الموصوف قال ابن الشيخ اعلم ان الأركان اربعة التراب والماء والهولء والنار فالله تعالى بين بقوله خلق الإنسان من صلصال ان التراب اصل لمخلوق شريف مكرم عجيب الشان وبين بقوله وخلق الجان من مارج من نار ان النار ايضا اصل لمخلوق آخر عجيب الشان وبين بقوله يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ان الماء ايضا اصل لمخلوق آخر له قدر وقيمة ثم ذكر ان الهولء له تأثير عظيم في جرى السفينة كالاعلام فقال وله الجوار وخصها بالذكر لان جريانها في البحر لا صنع للبشر فيه وهم معترفون بذلك فيقولون لك الفلك ولك الملك وإذا خافوا الغرق دعوا الله خاصة وسميت السفينة جارية لان شأنها الجري في البحر وان كانت واقفة في الساحل والمراسى كما تسمى المملوكة ايضا جارية لان شأنها الجري والسعى في حوائج سيدها الْمُنْشَآتُ المرفوعات الشرع على أن يكون من أنشأه إذا رفعه والشرع بضمتين جمع شراع وهو الذي يسمى بالفارسية بادبان ولا يبعد أن يكون المنشأت بمعنى المرفوعات على الماء فتكون جارية على ما هى له كما في حاشية سعدى المفتى والمعنى المنشأت المصنوعات اى المخلوقات على أن يكون من أنشأه الله اى خلقه فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ جمع علم وهو الجبل الطويل اى كالجبال الشاهقة عظما وارتفاعا وهو حال من ضمير المنشأت والسفن فى البحر كالجبال في البر كما ان الإبل في البر كالسفن في البحر فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من خلق مواد السفن والإرشاد الى أخذها وكيفية تركيبها وإجرائها في البحر يابسات لقطع المسافات الكثيرة في الأوقات القليلة وحصول المعاملات والتجارات لا يقدر على خلقها وجمعها وترتيبها غيره سبحانه وفيه اشارة الى جريان سفن الشريعة والطريقة المرفوعات الشرع باحكام الشريعة وآداب الطريقة في بحر الوحدة الحقيقية كالجبال العظام مشحونات بمنافع كثيرة من الطاعات والعبادات على مقتضى علم الشريعة والواردات القلبية والإلهامات الغيبية على قانون ارباب الطريقة كما في التأويلات النجمية كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ الهاء كناية عن غير مذكور كقولهم إذا نهى السفيه جرى اليه والمعنى كل من على الأرض من الحيوانات والمركبات ومن للتغليب على الوجهين او من الثقلين فان اى هالك لا محالة يعنى سرانجام كار فانى شوند ولما نزلت هذه الآية قالت الملائكة هلكت بنوا آدم فلما
نزلت كل نفس ذائقة الموت أيقنوا بهلاك أنفسهم فان لهم أجساما لطيفة وأرواحا متعلقة بتلك الأجسام كأرواح الإنسان واما الأرواح المجردة المهيمة العالية فلا تفنى وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ اى ذاته ومنه كرم الله وجهه اى ذاته فالوجه العضو المعروف استعير للذات لانه اشرف الأعضاء ومجمع المشاعر وموضع السجود ومظهر آثار الخشوع قال القاضي ولو استقريت جهات الموجودات وتفحصت وجوهها وجدتها بأسرها فانية في حد ذاتها الا وجه الله الذي يلى جهته انتهى قال سعدى المفتى في حاشية هذا المحل هذا اشارة الى وجه آخر وهو أن يكون الوجه بمعنى القصد اى ما يقصد وينوى به الله والجهات بمعنى المقاصد وفي العبارة نوع تسامح وقوله يلى جهته اى مقصده والاضافة للبيان اى يتوجه اليه انتهى وقال ابن الشيخ اشارة الى ان الوجه يجوز أن يكون كناية عن الجهة بناء على ان كل جهة لا تخلو عن وجهه يتوجه إليها كما ذكر في قوله في جنب الله اى كل من عليها من الثقلين واما اكتسبوه من الأعمال هالك الا ما توجهوا به جهة الله وعملوه ابتغاء لمرضاته انتهى وقال الشيخ ابن نور الدين رحمه الله الماهيات تنقسم الى ثلاثة اقسام واجب الوجود وممتنع الوجود وممكن الوجود اما الواجب فهو وجود بحت واما الممتنع فهو عدم محض واما الممكن فهو مركب منهما وذلك لان له وجودا وماهية عارضة على وجوده فماهيته امر اعتباري معدوم في الخارج لا يقبل الوجود فيه من حيث هو هو ووجوده موجود لا يقبل العدم من حيث هو هو فكان الممكن موجودا ومخلوقا من وجود وعدم وهذه الجمعية تقبل الوجود والعدم ومن هذا ظهر حقيقة ما قال البيضاوي ولو استقريت إلخ وما قاله الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى تفسير قوله تعالى كل شيء هالك الا وجهه حيث قال الضمير راجع الى الشيء انتهى ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ صفة وجه اى ذو الاستغناء المطلق او العظمة في ذاته وصفاته وذو الفضل التام وهذه من عظائم صفاته تعالى ولقد قال عليه السلام ألظوا بيا ذا الجلال ولاكرام يعنى ملازم بگوييد يا ذا الجلال والإكرام وفي تاج المصادر الالظاظ ملازم كرفتن ودائم شدن باران والإلحاح ايضا وفي القاموس اللظ اللزوم والإلحاح وعنه عليه السلام انه مر برجل وهو يصلى ويقول يا ذا الجلال والإكرام فقال استجيب لك الدعاء فالدعاء بهاتين الكلمتين مرجو الاجابة وفي وصفه تعالى بذلك بعد ذكر فناء الخلق وبقائه تعالى إيذان بأنه تعالى يفيض عليهم بعد فنائهم ايضا آثار لطفه وكرمه حسبما ينبئ عنه قوله تعالى فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فان احياءهم بالحياة الابدية واثابتهم بالنعيم المقيم أجل النعماء وأعظم الآلاء قال الطيبي كيف أفرد الضمير في قوله وجه ربك وثناه في ربكما والمخاطب واحد قلت اقتضى الاول تعميم الخطاب لكل من يصلح للخطاب لعظم الأمر وفخامته فيندرج فيه الثقلان اندراجا أوليا ولا كذلك الثاني فتركه على ظاهره وفي قوله كل من عليها فان اشارة الى فناء كل من على ارض البشرية اما بالموت الطبيعي منغمسا فى بحر الشهوات الحيوانية واللذات الجسمانية واما بالموت الإرادي منسلخا عن الصفات البشرية ملتبسا بالصفات الروحانية وتغليب من اشارة الى ذوى العقول السليمة عن آفات
القوة الوهمية والخيالية فانهم بذكاء فطرتهم وبقاء طينتهم يفنون عن الاحكام الطبيعية ويبقون بالتجليات الالهية وبقوله ويبقى وجه إلخ اشارة الى فناء الكثرة النسبية الاسمائية وبقاء الوحدة الحقيقية الذاتية الموصوفة بالصفة الجلالية القهرية والجمالية اللطفية فبأى آلاء ربكما تكذبان مما ذكرنا من إفناء الحياة المجازية وابقاء الحياة الحقيقية واظهار الصفة اللطفية فى حق مستحقى اللطف واظهار الصفة القهرية في حق مستحقى القهر لعلمه المحيط باستحقاقها وقال بعضهم لو نظرت بنظر التحقيق في الكون واهله لرأيت حقيقة فنائه وفناء اهله وان كان في الظاهر على رسم الوجود لان من يكون قيامه بغيره فهو فان في الحقيقية إذ لا يقوم بنفسه ولا نفس له في الحقيقية فان الوجود الحقيقي وجود القدم لذلك اثنى على نفسه بقوله ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام (قال الشيخ المغربي)
سايه هستى مينمايد ليك اندر اصل نيست
…
نيست را از هست بشناختى يابى نجات
(وقال المولى الجامى)
تو در ميانه هيچ نه هر چهـ هست اوست
…
هم خود الست كويد وهم خود بلى كند
وفي ذكر وجهه الباقي تسلية لقلوب العشاق اى أنا أبقى لكم ابدا لا تغتموا فان لكم ما وجدتم في الدنيا من كشف جمالى ويتسرمد ذلك لكم بلا حجاب ابدا وفي ذكر الجلال تهييج لاهل المحبة والهيبة وفي كاف الوحدة اشارة الى حبيبه عليه السلام يعنى كشف الوجه باق لك ابدا اريتك وجهى خاصة ثم العشاق اتباع لك في النظر الى وجهى فأول الكشف لك ثم للعموم واعلم ان وجود الباقي جميعه وجه وبين التجليات تفاوت وفي الحديث ان الله يتجلى لابى بكر خاصة ويتجلى للمؤمنين عامة يَسْئَلُهُ ميخواهند او را يعنى ميطلبند از وى مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قاطبة ما يحتاجون اليه في ذواتهم ووجوداتهم حدوثا وبقاء وسائر أحوالهم سؤالا مستمرا بلسان المقال وبلسان الحال فانهم كافة من حيث حقائقهم الممكنة بمعزل عن استحقاق الوجود وما يتفرع عليه من الكمالات بالمرة بحيث لو انقطع ما بينهم وبين العناية الالهية من العلائق لم يشموا رائحة الوجود أصلا فهم في كل آن مستمرون على الاستدعاء والسؤال وعن ابن عباس رضى الله عنهما فأهل السماء يسألونه المغفرة واهل الأرض يسألونه الرزق والمغفرة وفي كشف الاسرار مؤمنان دو كروه اند عابدان وعارفان هر سؤال بر يكى بر قدر همت او ونواخت هر يكى سزاى حوصله او
هر كسى از همت والاى خويش
…
سود برد در خور كالاى خويش
عابد همه از خواهد عارف خود او را خواهد احمد بن ابى الجواري حق را بخواب ديد كفت جل جلاله يا احمد كل الناس يطلبون منى الا أبا يزيد فانه يطلبنى
فسرت إليك في طلب المعالي
…
وسار سواى في طلب المعاش
كُلَّ يَوْمٍ اى كل وقت من الأوقات وهو اليوم الإلهي الذي هو الآن الغير المنقسم وهو بطن الزمان في الحقيقة هُوَ تعالى فِي شَأْنٍ من لشؤون التي من جملتها إعطاء
ما سألوا فانه تعالى لا يزال ينشيء اشخاصا ويفنى آخرين ويأتى بأحوال ويذهب بأحوال من الغنى والفقر والعزة والذلة والنصب والعزل والصحة والمرض ونحو ذلك حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح البالغة وفي الحديث (من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين) قال الحسين بن الفضل هو سوق المقادير الى المواقيت وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال خلق الله تعالى لوحا من درة بيضا دفناه ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق ويرزق ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء فذلك قوله تعالى كل يوم هو في شأن وهو مأخوذ من قوله عليه السلام ان الرب لينظر الى عباده كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يبدئ ويعيد وذلك من حبه خلقه ويدل على هذا الحب ما يقال من ان الله تعالى يحيى كل يوم الفا وواحدا يميت الفا فالحياة الفانية إذا كانت خيرا لتحصيل الحياة الباقية فما ظنك بفضيلة الحياة الباقية وعن عبينة الدهر كله عند الله يومان أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهى والاماتة والاحياء والإعطاء والمنع والآخر يوم القيامة فشأنه فيه الجزاء والحساب والثواب والعقاب قال مقاتل نزلت الآية في اليهود حين قالوا ان الله لا يقضى يوم السبت شيأ ففيها رد لهم وقوله كل ظرف لما دل عليه هو في شأن اى يقلب الأمور كل يوم او يحدثها كل يوم او نحوه كما في بحر العلوم فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مع مشاهدتكم لما ذكر من إحسانه وفي بحر الحقائق يشير الى تجلى الحق في كل زمن فرد ونفس فرد على حسب المتجلى له واستعداده ولا نهاية للتجليات فبأى آلاء ربكما تكذبان من تجلى الحق بصور مطلوبكم وإيجاده من كتم العدم ووجود محبوبكم
كل يوم في شأن چهـ شانست بدو
…
هر زمان جلوه ديكر شود از پرده عيان
جلوه حسن ترا غايت و پايانى نيست
…
يعنى أوصاف كمال تو ندارد پايان
قال البقلى يسأله من في السموات من الملائكة كلهم على قدر مقاماتهم يسأله الخائف النجاة من العبد والحجاب ويسأله الراجي الوصول الى محل الفرح ويسأله المطيع قوة عبادته وثواب طاعته ويسأله المحب أن يصل اليه ويسأله المشتاق أن يراه ويسأله العاشق أن يقرب منه ويسأله العارف أن يعرفه بمزيد المعرفة ويسأله الموحد أن يفنى فيه ويستغرق في بحر شهوده ويسأله الجاهل علم ما يحجبه عنه ويسأله العالم ويعرفه به وكذا كل قوم على قدر مراتبهم ودرجاتهم وهو تعالى في كل يوم هو في شأن والشان الحال والأمر العظيم سَنَفْرُغُ لَكُمْ اى سنتجرد لحسابكم وجزائكم وذلك يوم القيامة عند انتهاء شؤون الخلق المشار إليها بقوله تعالى كل يوم هو في شأن فلا يبقى حينئذ الشأن واحد هو الجزاء فعبر عنه بالفراغ لهم على المجاز المرسل فان الفراغ يلزمه التجرد والا فليس المراد الفراغ من الشغل لانه تعالى لا يشغله شأن عن شأن وقيل هو مستعار من قول المهدد لصاحبه سأفرغ لك اى سأتجرد للايقاع بك من كل ما يشغلنى عنه والمراد التوفر على النكاية فيه والانتقام منه فالخطاب للمجرمين منهما بخلافة على الاول أَيُّهَ الثَّقَلانِ قال الراغب
الثقل والخفة متقابلان وكل ما يترجح على ما يوزن به او يقدر به يقال هو ثقيل وأصله في الأجسام ثم يقال في المعاني أثقله الغرم والوزر انتهى والمراد هنا الانس والجن سميا بذلك لانهما ثقلا الأرض يعنى انهما شبها بثقلى الدابة وفي حواشى ابن الشيخ شبه الأرض بالحمولة التي تحمل الأثقال والانس والحن جعلا أثقالا محمولة عليها وجعل ما سواهما كالعلاوة او لرزانة آراهما او لانهما مثقلان بالتكليف او لعظم قدرهما في الأرض كما في الحديث (انى خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتى) وقال الصادق رضى الله عنه سيما ثقلين لانهما يثقلان بالذنوب او لما فيهما من الثقل وهو عين تأخرهما بالوجود لان من عادة الثقيل الإبطاء كما ان من عادة الخفيف الاسراع والانس أثقل من الجن للركن الأغلب عليهم فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما التي من جملتها التنبيه على ما سيلقونه يوم القيامة للتحذير عما يؤدى الى سوء الحساب تُكَذِّبانِ بأقوالكما واعمالكما قال في كشف الاسرار اعلم ان بعض هذه السورة ذكر فيه الشدائد والعذاب والنار والنعمة فيها من وجهين أحدهما في صرفها عن المؤمنين الى الكفار وتلك النعمة عظيمة تقتضى شكرا عظيما والثاني ان في التخويف منها والتنبيه عليها نعمة عظيمة لان اجتهاد الإنسان رهبة مما يؤلمه اكثر من اجتهاده رغبة فيما ينعمه يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ هما الثقلان خوطبا باسم جنسهما لزيادة التقرير ولان الجن مشهورون بالقدرة على الا فاعيل الشاقة فخوطبوا بما ينبئ عن ذلك لبيان أن قدرتهم لا تفى بما كلفوه والمعشر الجماعة العظيمة سميت به لبلوغه غاية الكثرة فان العشر هو العدد الكامل الكثير الذي لا عدد بعده إلا بتركيبه بما فيه من الآحاد تقول أحد عشر واثنا عشر وعشرون وثلاثون اى اثنتا عشرات وثلاث عشرات فاذا قيل معشر فكأنه قيل محل العشر الذي هو الكثرة الكاملة وقدم الجن على الانس في هذه الآية لتقدم خلقه والانس على الجن فى قوله تعالى قل لئن اجتمعت الانس والجن لفضله فان التقديم يقتضى الافضلية قال ابن الشيخ لما بين الله تعالى انه سيجيئ وقت يتجرد فيه لمحاسبتهم ومجازاتهم وهددهم بما يدل على شدة اهتمامه بها كان مظنة ان يقال فلم ذلك مع ماله من كمال الاهتمام به فأشار الى جوابه بما محصوله انهم جميعا في قبضة قدرته وتصرفه لا يفوثه منهم أحد فلم يتحقق باعث يبعثه على الاستعجال لان ما يبعث المستعجل انما هو خوف الفوت وحيث لم يخف ذلك قسم الدهر كله الى قسمين أحدهما مدة ايام الدنيا والآخر يوم القيامة وجعل المدة الاولى ايام التكليف والابتلاء والمدة الثانية للحساب والجزاء وجعل كل واحدة من الدارين محل الرزايا والمصائب ومنبع البلايا والنوائب ولم يجعل لواحد من الثقلين سبيلا للفرار منهما والهرب مما قضاه فيهما فقوله يا معشر الجن متعلق بقوله سنفرغ لكم فكانا بمنزلة كلام واحد إِنِ اسْتَطَعْتُمْ لم يقل ان استطعتما لان كل واحد منهما فريق كقولهم فاذاهم فريقان يختصمون اى كل فريق منهم يختصم فجمع الضمير هنا نظرا الى معنى الثقلين وثناه فى قوله يرسل عليكما كما سيأتى نظرا الى اللفظ اى ان قدرتم على أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال في القاموس النفاذ جواز الشيء عن الشيء والخلوص منه كالنقوذ
ومخالطة السهم جوف الرمية وخروج طرفه من الشق الآخر وسائره فيه كالنفذ ونفذهم جازهم وتخلفهم كأنفذهم والنافذ الماضي في جميع أموره انتهى والأقطار جمع قطر بالضم وهو الجانب والمعنى أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض هاربين من الله فارين من قضائه فَانْفُذُوا فاخرجوا منها وخلصوا أنفسكم من عقابى وهو امر تعجيز والمراد انهم لا يفوتونه ولا يعجزونه حتى لا يقدر عليهم لا تَنْفُذُونَ لا تقدرون على النفوذ إِلَّا بِسُلْطانٍ اى بقوة وقهر وأنتم من ذلك بمعزل بعيد (روى) ان الملائكة تنزل فتحيط بجميع الخلائق فيهرب الانس والجن فلا يأتون وجها الا وجدوا الملائكة أحاطت به فتقول لهم الملائكة ذلك فكما لا يقدر أحد على الفرار يوم القيامة كذلك لا يقدر فى الدنيا فيدركه الموت والقضاء لا محالة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ اى من التنبيه والتحذير والمساهلة والعفو مع كمال القدرة على العقوبة يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ هو لهب خالص لا دخان فيه او دخان النار وحرها كما في القاموس قال سعدى المفتى والله اعلم انها استئناف جوابا عن سؤال الداعي الى الهرب والفرار وان ذلك حين يساق الى المحشر كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما اى يرسل عليكما لهب بلا دخان ليسوقكم الى المحشر مِنْ نارٍ متعلق بيرسل والتنوين فيهما للتفخيم وَنُحاسٌ اى دخان او صفر مذاب يصب على رؤسهم وفي المفردات النحاس اللهب بلا دخان وذلك تشبيه في اللون بالنحاس وفي القاموس النحاس مثلثة عن ابى العباس الكواشي القطر والنار وما سقط من شرار الصفر او الحديد إذا طرق فَلا تَنْتَصِرانِ اى لا تمنعان من ذلك العذاب فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من بيان عاقبة الكفر والمعاصي والتحذير عنها فانها لطف ونعمة واى لطف ونعمة فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ اى انصدعت يوم القيامة وانفك بعضها من بعض لقيام الساعة او انفرجت فصارت أبوابا لنزول الملائكة كقوله تعالى ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا وفي الخبر من نار جهنم إذا كشف عنها فَكانَتْ وَرْدَةً كوردة حمراء في اللون وهى الزهرة المعروفة التي تشم والغالب على الورد الحمرة قال
ولو كنت وردا لونه لعشقتنى
…
ولكن ربى شاننى بسواديا
وقيل لأن اصل لون السماء الحمرة وانما ترى زرقاء للعبد والحوائل ولان لون النار إذا خالط الا زرق كساه حمرة كَالدِّهانِ خبرثان لكانت اى كدهن الزيت فكانت في حمرة الوردة وفي جريان الدهن اى تذوب وتجرى كذوبان الدهن وجريه فتصير حمراء من حرارة جهنم وتصير مثل الدهن في رقته وذوبانه وهو اما جمع دهن او اسم لما يدهن به كالادام لما يؤتدم به وجواب إذا محذوف اى يكون من الأحوال والأهوال مالا يحيط به دائرة المقال قال سعدى المفتى ناصب إذا محذوف اى كان ما كان من الأمر الهائل الذي لا يحيط به نطاق العبارة او رأيت امرا عظيما هائلا وبهذا الاعتبار تتسبب هذه الجملة عما قبلها لان إرسال الشواظ يكون سببا لحدوث الأمر الهائل او رؤيته في ذلك الوقت فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مع عظم شأنها فَيَوْمَئِذٍ اى يوم إذ انشقت السماء حسب ما ذكر
لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ لانهم يعرفون بسيماهم فلا يحتاج في تمييز المذنب عن غيره الى ان يسأل عن ذنبه ان أراد أحد أن يطلع على أحوال أهل المحشر وذلك أول ما يخرجون من القبور ويحشرون الى الموقف فوجا فوجا على اختلاف مراتبهم واما قوله فوربك لنسألنهم أجمعين ونحوه ففى موقف المناقشة والحساب وعن ابن عباس رضى الله عنهما لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا فانه أعلم بذلك منهم ولكن يسألهم لم عملتم كذا وكذا وعنه ايضا ويسألون سؤال شفاء وراحة وانما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ وضمير ذنبه للانس لتقدمه رتبة وافراده لما أن المراد فرد من الانس كأنه قيل لا يسأل عن ذنبه انسى ولا جنى وأراد بالجان الجن كما يقال تميم ويراد ولده فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مع كثرة منافعها فان الاخبار بما ذكر مما يزجركم عن الشر المؤدى اليه وفيه اشارة الى شعاشع أنوار الطاعة والعبادة على صفحات وجنات انس الروح والى تراكم ظلمات المعصية والمتمرد وسلاسل الطغيان وأغلال العصيان على صفحات وجوه جن النفس المظلمة وأعناقهم المتمردة الآبية عن الطاعة والانقياد فبأى آلاء ربكما تكذبان بما أنعم الله على عباده المنقادين فى هذا اليوم ومما انتقم من عباده المتمردين في ذلك اليوم فان الانتقام من الأعداء نعمة على الأحباب ولذا ورد الحمد عقيبه كما قال تعالى فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين وكمال الانتقام بافناء أوصاف النفس الامارة بالكلية يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ السيما والسيماء بالكسر والقصر والمد العلامة والجملة استئناف يجرى مجرى التعليل لعدم السؤال قيل يعرفون بسواد الوجوه وزرقة العيون وقيل بما يعلوهم من الكآبة والحزن كما يعرف الصالحون باضداد ذلك فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ النواصي جمع ناصية وهى مقدم الرأس والمراد هنا شعرها والجار والمجرور هو القائم مقام الفاعل يقال أخذه إذا كان المأخوذ مقصودا بالأخذ ومنه قوله تعالى خذوا حذركم ونحوه وأخذ به إذا كان المأخوذ شيأ من ملابسات المقصود بالأخذ ومنه قوله تعالى لا تأخذ بلحيتي ولا برأسى وقول المستغيث خذ بيدي أخذ الله بيدك والمعنى تأخذ الملائكة بنواصيهم اى بشعور مقدم رؤسهم وأقدامهم فيقذفونهم في النار أو تسحبهم الملائكة الى النار تارة تأخذ بالنواصي وتجرهم على وجوههم او يجمع بين نواصيهم وأقدامهم في سلسلة من ورلء ظهورهم فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من المواعظ والزواجر هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ على ارادة القول اى يقال لهم ذلك بطريق التوبيخ يَطُوفُونَ بَيْنَها اى يدرون بين النار يحرقون بها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ اى ماء بالغ من الحرارة أقصاها يصب عليهم او يسقون منه اى يطوفون من النار الى الحميم ومن الحميم الى النار دهشا وعطشا ابدا من أنى يأنى فهو آن مثل قضى يقضى فهو قاض إذا انتهى في الحر والفيح قال ابو الليث يسلط عليهم الجوع فيؤتى بهم الى الزقوم الذي طلعها كرؤس الشياطين فأكلوا منها فأخذت في حلوقهم فاستغاثوا بالماء فأوتوا به من الحميم فاذا قربوه الى وجوههم تناثر لحم وجوههم ويشربون فتغلى أجوافهم ويخرج جميع ما فيها ثم يلقى عليهم الجوع فمرة يذهب بهم الى الحميم ومرة الى الزقوم وقال كعب الأحبار ان واديا من اودية
جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فينطلق بهم في الاغلال فيغمسون فيه حتى تنخلع او صالهم ثم يخرجون منه وقد أحدث الله لهم خلقا جديدا فيلقون في النار فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وقد أشير الى سركون بيان أمثال هذه الأمور من قبيل الآلاء مرارا فالآلاء في أمثالها حكاياتها فقط للانزجار مما يؤدى الابتلاء بها من الكفر والمعاصي بخلاف ما فصل في أول السورة الى قوله كل يوم إلخ فانها نعم واصلة إليهم في الدنيا وكذلك حكاياتها من حيث إيجابها للشكر والمثابرة على ما يؤدى الى استدامتها وفي الآية اشارة الى الكاسبين بقدم مخالفة الشرع وموافقة الطبع الصفات الذميمة واخلاق الرذيلة وهم يطوفون بين نار المخالفات الشرعية والموافقات الطبيعية وبين حميم الجهل فانه لا يقطع العطش ولا يروى الظمآن وانما ينفع للانسان في الدنيا والآخرة العلم القطعي والكشف الصحيح ألا ترى الى علوم أهل الجدل فانها في حكم الجهل لان أهلها منغمسون في الشهوات واللذات مستغرقون في الأوهام والخيالات ولما نبه الله الامام الغزالي رحمه الله وأيقظه ونظر فاذا علومه التي صرف شطرا من عمره فى تعلمها وتعليمها لا تنقذه في الآخرة رجع الى كتب الصوفية فتيقن انه ليس أنفع من علومهم لكون معاملاتها ذات الله وصفاته وأفعاله وحقائق القرآن وأسراره فترك التدريس ببغداد وخرج الى طلب أهل تلك العلوم حتى يكون منها على ذوق بسبب صحبتهم فوفقه الله فكان من امره ما كان وقد قال ابو يزيد البسطامي قدس سره أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت وقال الامام فخر الدين للشيخ نجم الدين قدس سره بم عرفت ربك قال بواردات ترد على القلوب فتعجز النفوس في تكذيبها فالنفس كجهنهم فيها نار الشهوات وحميم الجهالات فمن زكاها في الدنيا عن أوصافها نجا يوم القيامة من الاحتراق والافتراق نعوذ بالله من سوء الحال وسيئات الأعمال وقبائح الأحوال
نمى تازد اين نفس سركش چنان
…
كه عقلش تواند كرفتن عنان
كه با نفس وشيطان برآيد بزور
…
مصاف پلنگان نيايد زمور
وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وبراى كسى كه بترسد از ايستادن پيش خداى تعالى وهو شروع فى تعداد النعم الفائضة عليهم في الآخرة بعد تعداد ما وصل إليهم في الدنيا من الآلاء الدينية والدنيوية والمقام اسم مكان ومقامه تعالى موقفه الذين يقف فيه العباد للحساب كما قال يوم يقوم الناس لرب العالمين فالاضافة للاختصاص الملكي إذ لا ملك يومئذ الا لله تعالى قال في عين المعاني نزلت في أبى بكر رضى الله عنه حين شرب لبنا على ظمأ فأعجبه ثم أخبر أنه من غير حل فاستقاء فقال صلى الله عليه وسلم لما سمعه رحمك الله لقد أنزلت فيك آية ودخل فيه من يهم بالمعصية فيذكر الله فيدعها من مخافة الله جَنَّتانِ جنة للخائف الانسى وجنة للخائف الجنى على طريق التوزيع فان الخطاب للفريقين والمعنى لكل خائفين منكما او لكل واحد جنة لعقيدته واخرى لعمله او جنة لفعل الطاعات واخرى لترك المعاصي او جنة يثاب بها وأخرى يتفضل بها عليه او روحانية وجسمانية وكذا ما جاء مثنى بعد وقال في الموضح دو باغ دهد ايشانرا در بهشت كه يكى از ايشان صد ساله راه طول وعرض داشته باشد
ودر ميان هر باغ سراهاى خوش وحوران دلكش وقال الأستاذ القشيري رحمه الله جنة معجلة هى لذة المناجاة والتلذذ بحقائق المشاهدات وما يرد على قلوبهم من صدقه الواردات وجنة مؤجلة وهى الموعودة في الآخرة وفي بحر العلوم قيل جنة للخائف الانسى وجنة للخائف الجنى لان الخطاب للثقلين وفيه نظر لقوله عليه السلام ان مؤمن الجن لهم ثواب وعليهم عقاب وليسوا من أهل الجنة مع امة محمد هم على الأعراف حائط الجنة تجرى فيه الأنهار وتنبت فيه الأشجار والثمار يقول الفقير قد سبق في أو آخر الأحقاف ان المذهب ان الجن في حكم بنى آدم ثوابا وعقابا لانهم مكلفون مثلهم وان لم نعلم كيفية ثوابهم فارجع الى التفصيل في تلك السورة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ قال محمد بن الحسن رحمه الله بينا كنت نائما ذات ليلة إذا أنا بالباب يدق ويقرع فقلت انظروا من هو فقالوا رسول الخليفة يدعوك فخفت على روحى فقمت ومضيت اليه فلما دخلت عليه قال دعوتك في مسألة ان أم محمد يعنى زبيدة قلت لها انى امام العدل وامام العدل في الجنة فقالت انك ظالم عاص قد شهدت لنفسك بالجنة فكذبت بذلك على الله تعالى وحرمت عليك فقلت له يا أمير المؤمنين إذا وقعت فى معصية فهل تخاف الله في تلك الحال او بعدها فقال اى والله أخافه خوفا شديدا فقلت له أنا أشهد ان لك جنتين لا جنة واحدة قال تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان فلا طفنى وأمرنى بالانصراف فلما رجعت الى دارى رأيت البدر متبادرة الى قال بعضهم هو المقام الذي يقوم بين يدى ربه يوم القيامة عند كشف الستور وظهور حقائق الأمور وسكوت الكل من الأنبياء والأولياء لظهور القدرة والجبروت فلابد من الخوف من القيام في ذلك المقام الهائل مالك بن دينار كفته دلى كه در وخوف نه همچون خانه كه درو خداوند نه خانه كه درو خداوند نبود عنقريب آن خانه خراب شود ودلى كه درو خوف بود علامتش آنست كه خاطر را از حرمت پر كند واخلاق را مهذب كرداند وأطراف بأدب دارد ابو القاسم حكيم كفته كه ترس از خالق ديكر است وترس از مخلوق ديكر هر كه از مخلوق ترسد از وى بگريزد وهر كه از خالق ترسد با وى كريزد يقول الله تعالى (ففرو الى الله) ترس از الله با شهوت ودينار نسازد هر كه أسير شهوت كشت ترس از دل وى رخت برداشت ودر دست ديو افتاد تا بهر درى كه ميخواهد او را مى كشت در آثار بيارند كه يحيى عليه السلام بر إبليس رسيده ودر دست إبليس بندها ديد از هر جنس وهر رنك كفت اى شقى اين چهـ بندهاست كه در دست تو مى بينم گفت اين انواع شهوات فرزند آدم است كه ايشانرا باين در بند آدم وبر مراد خويش مى دارم كفت يحيى را هيچ چيز شناسى كه بآن دروى طمع كنى كفت نه مكر يك چيز كه هر كه كه طعام سير خورد كرانى طعام او را ساعتى از نماز وذكر الله مشغول دارد يحيى گفت از خداى عز وجل پذيرفتم وبا وى عهد بستم كه هركز طعام سير نخورم بزركى را پرسيدند كه خداى تعالى با اندوه كنان وترسندكان چهـ خواهد كفت اگر اندوه براى او دارند ومحمل ترس از بهرا او كشند هنوز نفس ايشان منقطع نشده باشد كه جام رحيق بر دستشان نهند بر ان نبشته كه ان لا تخافوا
ولا تخزنوا وأبشروا بالجنة
اندوه غريبان بسر آيد روزى
…
در كار غريبان نظر آيد روزى
ترسند كانرا واندوه كنانرا چهار بهشت است دو بهشت سيمين ودو بهشت زرين كما قال عليه السلام جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وفي التأويلات النجمية يشير الى من يخاف مقام الشهود ابقاء على نفسه لان الشهود الحقيقي يفنى الشاهد عن شاهديته في المشهود ويبقيه بالمشهود من آخر مراتب المشاهدة إذ لا لذة في أوائل المشاهدة واليه أشار عليه السلام بقوله اللهم ارزقنا لذة النظر الى لقائك وبهذا المعنى كان يقول لعائشة رضى الله عنها حين يغيب عن حسه كلمينى يا حميراء للتبليغ والإرشاد وقوله جنتان اى جنته الفناء في نعمة المشهود وجنة البقاء بالمشهود قوله مقام ربه اى مقام شهود ربه بحذف المضاف فباى آلاء ربكما تكذبان من نعمة الفناء في الله ونعمة البقاء بالله ذَواتا أَفْنانٍ صفة لجنتان وما بينهما اعتراض وسط بينهما تنبيها على ان تكذيب كل من الموصوف والصفة موجب للانكار والتوبيخ وذواتا تثنية ذات بمعنى صاحبة وفي تثنيتها لغتان الرد على الأصل فان أصلها ذوية لانها مؤنثة ذوى والتثنية على اللفظ أن يقال ذاتا والأفنان جمع فن اى ذواتا انواع من الأشجار والثمار او جمع فنن وهو الغصن المستقيم طولا او الذي ينشعب من فروع الشجرة اى ذواتا أغصان متشعبة من فروع الشجرة وتخصيصها بالذكر لانها التي تورق وتثمر وتمد الظل وتجتنى منها الثمار يعنى ان في الوصف تذكيرا لها على سبيل الكناية كأنه قيل ذواتا أوراق واثمار واظلال فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وليس فيها شيء يقبل التكذيب فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ صفة اخرى لجنتان فصل بينهما بقوله فبأى إلخ مع انه لم يفصل به بين الصفات الكائنة من قبيل العذاب حيث قال يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس مع ان إرسال النحاس غير إرسال الشواظ اى في كل واحدة منهما عين من ماء غير آسن تجرى كيف يشناء صاحبها في الأعالي والأسافل لما علم من وصف انهار الجنة لا من حذف المفعول وقيل تجريان من جبل من مسك عن ابن عباس والحسن رضى الله عنهم تجريان بالماء الزلال إحداهما التسنيم والاخرى السلسبيل وقال ابو بكر الوراق رحمه الله فيهما عينان تجريان لمن كانت عيناه في الدنيا تجريان من مخافة الى الله تعالى
بر ان از دو سر چشمه ديده جوى
…
ور آلايشى دارى از خود بشوى
نريزد خدا آبروى كسى
…
كه ريزد كناه آب چشمش بسى
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وفيه اشارة الى أن في جنة الفناء عينا يجرى فيها ماء الحياة وهى البقاء بعد الفناء وفي جنة البقاء عينا يجرى فيها ماء العلم والمعرفة والحكمة والبقاء بعد الفناء يستلزم أنواع المعارف والحكم واصناف الموائد والنعم فبأى آلاء ربكما تكذبان يا اصحاب السكر والغيبة ويا ارباب الصحور والحضو كما في التأويلات النجمية فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ صنفان معهود وغريب لم يره أحد ولم يسمع او رطب ويابس او حلو وحامض ويقال لونان وقيل في المنظر دون المطعم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما في الدنيا
حلوة ولا مرة الا وهى في الجنة حتى الحنظل الا انه حلو وذلك لان ما في الجنة خلق من حلاوة الطاعات فلا يوجد فيها المر المخلوق من مرارة السيئات كزقوم جهنم ونحوه ولكون الجنة دار الجمال لا يوجد فيها اللون الأسود ايضا لانه من آثار الجلال والجملة صفة اخرى لجنتان فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ اى من هذه النعم اللذيذة مُتَّكِئِينَ حال من الخائفين لان من خاف في معنى الجمع والمعنى يحصل لهم جنتان متكئين اى جالسين جلسة الملوك جلوس راحة ودعة معتمدين عَلى فُرُشٍ جمع فراش بالكسر وهو ما يفرش ويبسط ويستمهد للجلوس والنوم بَطائِنُها جمع بطانة وهى بالكسر من الثوب خلاف ظهارته بالفارسية آستر مِنْ إِسْتَبْرَقٍ قرأ ورش عن نافع ورويس عن يعقوب من إستبرق بحذف الالف وكسر النون لالقاء حركة الهمزة عليها والباقون بإسكان النون وكسر الالف وقطعها والإستبرق ما غلظ من الديباج قيل هو استفعل من البريق وهو الاضاءة وقيل من البرقة وهو اجتماع ألوان وجعل اسما فاعرب إعرابه وقد سبق شرحه في الدخان والمعنى من ديباج ثخين وحيث كانت بطائنها كذلك فما ظنك بظهائرها يعنى ان الظهارة كانت أشرف وأعلى كما قال عليه السلام لمناديل سعد بن معاذ في الجنة احسن من هذه الحلة فذكر المنديل دون غيره تنبيها بالأدنى على الأعلى وقيل ظهائرها من سندس او من نور او هو مما قال الله تعالى فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ جنى اسم بمعنى المجنى كالقبض بمعنى المقبوض لقول على رضى الله عنه
هذا جناى وخياره فيه
…
وكل جان يده الى فيه
ودان من الدنو وهو القرب أصله دانو مثل غاز واى ما يجتنى من أشجارها من الثمار قريب يناله القائم والقاعد والمضطجع وبالفارسية وميوه درختان آن دو بهشت نزديكست كه دست قائم وقاعد ومضطجع بدان رسد وقال ابن عباس رضى الله عنهما تدنو الشجرة حتى يجتبيها ولى الله ان شاء قائما وان شاء قاعدا وان شاء مضطجعا وقال قتادة لا يرد بده بعد ولا شؤك وكفته اند كسانى كه تكيه دارند وميوه آرزو كنند شاخ درخت سر فرو دارد وآن ميوه كه خواهد بدهان وى درآيد يقول الفقيران البعد انما نشأ من كثافة الجسم ولا كثافة فى الجنة وأهلها أجسام لطيفة نورانية في صور الأرواح وقد قال من قال (مصرع) بعد منزل نبود در سفر روحانى وايضا ان الطاعات في الدنيا كانت في مشيئة المطيع فثمراتها ايضا في الجنة تكون كذلك فيتناولها بلا مشقة بل لا تناول أصلا فان سهولة التناول تصوير لسهولة الاكل فتلك الثمار تقع في الفم بلا أخذ على ما قال البعض فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من هذه الآلاء اللذيذة الباقية فِيهِنَّ اى في الجنان المدلول عليها بقوله جنتان لما عرفت انهما لكل خائفين من الثقلين او لكل خائف حسب تعدد عمله وقد اعتبر الجمعية في قوله متكئين قاصِراتُ الطَّرْفِ من اضافة اسم الفاعل الى منصوبه تخففا ومتعلق القصر وهو على أزواجهن محذوف للعلم به والمعنى نساء يقصرن أبصارهن على أزواجهن لا ينظرن الى غيرهم وتقول كل منهن لزوجها وعزة ربى ما أرى في الجنة شيأ أحسن منك فالحمد لله
الذي جعلك زوجى وجعلنى زوجك وقصر الطرف ايضا من الحياء والغنج و چون قصر الطرف بر معناى حيا وعنج بود معنى قاصرات الطرف آنست كه كنيزكان بهشتى نازنينان اند از ناز فرو شكسته چشمان اند وقد يقال المعنى قاصرات طرف غيرهن عليهن اى إذا رآهن أحد لم يتجاوز طرفه الى غيرهن لكمال حسنهن لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ الجملة صفة لقاصرات الطرف لان اضافتها لفظية يقال طمث المرأة من باب ضرب إذا افتضها بالتدمية اى أخذ بكارتها فالطمث الجماع المؤدى الى خروج دم البكر ثم اطلق على كل جماع طمث وان لم يكن معه دم وفي القاموس الطمث المس والمعنى لم يمس الانسيات أحد من الانس ولا الجنيات أحد من الجن قبل أزواجهن المدلول عليهم بقاصرات الطرف يعنى حوران كه براى انس مقرراند دست آدمي بدامن ايشان نرسيده باشد وآنانكه براى جن مقرراند جن نيز در ايشان تصرف نكرده باشد فهن كالرياض الانف وهى التي لم ترعها الدواب قط وفيه ترغيب لتحصيلهن إذ الرغبة للابكار فوق الرغبة للثيبات ودليل على ان الجن من أهل الجنة وانهم يطمثون كما يطمث الانس فان مقام الامتنان يقتضى ذلك إذ لو لم يطمثوا كمن قبلهم لم يحصل لهم الامتنان به ولكن ليس لهم ماء كماء الإنسان بل لهم هواء بدل الماء وبه يحصل العلوق في أرحام إناثهم كما في الفتوحات المكية وهذا يستدعى أن لا تصح المناكحة بين الانس والجن وكذا العكس وقد ذهب الى صحتها جم غفير من العلماء منهم صاحب آكام المرجان واما قول ابن عباس رضى الله عنهما المخنثون أولاد الجن لان الله ورسوله نهيا أن يأتى الرجل امرأته وهى حائض فاذا أتاها سبقه إليها الشيطان فحملت فجاءت بالمخنث وكذا قول مجاهد إذا جامع الرجل ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه فلا يدل دلالة قطعية على أن جماعهم كجماع الانس وان من جماعهم الانس يحصل العلوق بل فيه دلالة على شركة الجن معه بسبب الحيض وعدم التسمية كشركة الشيطان فى الطعام الذي لم يسم عليه ونحو فهوه إفساد بالخاصية وإضرار بما يليق بمقامه والعلم عند الله تعالى ثم ان هؤلاء اى قاصرات من حور الجنة المخلوقات فيها ما يبتذلن ولم يمسسن وهذا قول الجمهور وقال الشعبي والكلبي من نساء الدنيا اى لم يجامعهن بعد النشأة الثانية أحد سواءكن في الدنيا ثيبات او أبكارا فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من هذه النعم التي هى لتمتع نفوسكم وفيه اشارة الى أن في الجنات للفانين في الله الباقين به حورا من التجليات الذاتية والمعارف الالهية والحكم الربانية مستورات عن عيون الأغيار لا يتبرجن ولا يظهرن على غير اربابهن لم يطلع عليهن انس الروح ولا جان النفس لبقائهم بهم وظلمة نفسهم وكثافة طينتهم كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ صفة لقاصرات الطرف قد سبق بيان المرجان واما الياقوت فهو حجر صلب شديد اليبس رزين صاف منه احمر وابيض وأصفر وأخضر وازرق وهو حجر لا تعمل فيه النار لقلة دهنيته ولا يثقب لغلظة رطوبته ولا تعمل فيه المبارد لصلابته بل يزداد حسنا على مر الليالى والأيام وهو عزيز قليل الوجود سيما الأحمر وبعده الأصفر أصبر على النار من سائر اصنافه واما الأخضر منه فلاصبر له على
النار أصلا وفي الطب أجود اليواقيت وأغلاها قيمة الياقوت الرماني وهو الذي يشا به النار فى لونه ومن تختم بهذه الأصناف أمن من الطاعون وان عم الناس وأمن ايضا من إصابة الصاعقة والغرق ومن حمل شيأ منها او تختم به كان معظما عند الناس وجيها عند الملوك وأكل معجون الياقوت يدفع ضرر السم ويزيد في القوة ومعنى الآية مشبهات بالياقوت في حمرة الوجنة والمرجان اى صغار الدر في بياض البشرة وصفائها فان صغار الدر انصع بياضا من كباره وقال قتادة في صفاء الياقوت وبياض المرجان (روى) عن أبى سعيد في صفة أهل الجنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل رجل منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ سوقهن دون لحمها ودمها وجلدها وعنه عليه السلام أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين على اثرهم كأشد كوكب اضاءة قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض لكل امرئ منهم زوجتان كل واحدة منهما يرى مخ ساقها من ورلء لحمها من الحسن يسبحون الله بكرة وعشيا لا يسقمون ولا يمتخطون ولا يبصقون آنيتهم الذهب والفضة وامشاطهم الذهب ووجور مجامرهم الالوة وريحهم المسك وعنه عليه السلام ان المرأة من اهل الجنة ليرى بياض ساقها من ورلء سبعين حلة من حرير ومخها ان الله يقول كأنهن الياقوت والمرجان فاما الياقوت فانه حجر لو ادخلت فيه سلكا ثم استصفيته لرأيته من ورائه وقال عمرو بن ميمون ان المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حلة فيرى مخ ساقها من قدامها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من النعم المتعلقة بالنظر والتمتع وفيه اشارة الى ان هذه الحوراء العرفانية والحسناء الاحسانية ياقوت تجليات البسط والانشراح ومرجان تجليات الجمال والكمال من لطافة الوجنة كالياقوت الأحمر ومن طراوة الفطرة كالمرجان الأبيض فبأى آلاء ربكما تكذبان أبا لمشبه أم بالمشبه به هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ هل يجيئ على اربعة أوجه الاول بمعنى قد كقوله تعالى هل أتى والثاني بمعنى الأمر كقوله تعالى فهل أنتم منتهون اى فانتهوا والثالث بمعنى الاستفهام كقوله تعالى فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا والرابع بمعنى ما الجحد كما في هذه الآية اى ما جزاء الإحسان في العمل الا الإحسان فى الثواب وعن انس رضى الله عنه انه قال قرأ رسول الله عليه السلام هل جزاء إلخ ثم قال هل تدرون ما قال ربكم قالوا الله ورسوله اعلم قال يقوله هل جزاء من أنعمت عليه بمعرفتي وتوحيدى الا أن اسكنه جنتى وحظيرة قدسى برحمتي (قال الكاشفى) حاصل آيت آنست جزاى نيكى نيكست پس جزا دهند طاعات را درجات ومكافات كنند شكرها بزياده ونفوس را بفرح وتوبه را بقبول ودعا را باجابت وسؤال بعطا واستغفار را بمغفرت وخوف دنيا را بأمن آخرت وجزاء فنا في الله بقا با الله
هر كه در راه محبت شد فنا
…
يافت از بحر لقا در بقا
هر كرا شمشير شوقش سر بريد
…
ميوه وصل از درخت شوق چيد
فغاية الإحسان من العبد الفناء في الله وموالمولى إعطاء الوجود الحقانى إياه فعليك بالإحسان
كل آن وحين فان الله لا يضيع اجر المحسنين (حكى) ان ذا النون المصري قدس سره رأى عجوزا كافرة تنفق الحبوب للطيور وقت الشتاء فقال انه لا يقبل من الجنبي فقالت افعل قبل او لم يقبل ثم انه رأها في حرم الكعبة فقالت يا ذالنون احسن الى نعمة الإسلام بقبضة من الحبة (وروى) ان مخلوقا مهيبا اعترض في طريق الحج فمنع القافلة عن المرور فقال بعضهم لعله عطشان فأخذ بيد سيفا وبيد قربة ماء حتى دنا اليه فصب في فمه قربة الماء حتى ارتوى وغاب ثم انه نام في الرجوع من الحج فلما استيقظ رأى القافلة قد ذهبت فبقى وحيدا في البرية وفي تلك الحيرة جاءه رجل معه راحلة وأمره بالقيام فركبها حتى لحق الحجاج فأقسم عليه من هو فقال أنا الذي رفعت عطشى بقربة الماء (وروى) ان امرأة أعطت لقمة للسائل فاخذ ذئب ولدها في الصحراء فظهر شخص فأخرجه من فم الذهب وأعطاها إياه وقال هذه اللقمة بتلك اللقمة قال الحسن الإحسان أن يعم ولا يخص فيكون كالمطر والريح والشمس والقمر قال بعض اهل التحقيق الجنة جزاء الأعمال واما جزاء التوحيد فرؤية الملك المتعال فذكر الله تعالى احسن صنوف الإحسان (يروى) ان العبد إذا قال لا اله الا الله أتت اى هذه الكلمة الى صحيفته فلا تمر على خطيئة إلا محتها حتى تجد حسنة مثلها فتجلس الى جنبها وعن أبى ذر رضى الله عنه قال يا رسول الله دلنى على عمل يدخلنى الجنة ويباعدنى عن النار فقال عليه السلام إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة فانها بعشر أمثالها فقال يا رسول الله لا اله الا الله من الحسنات فقال عليه السلام هى احسن الحسنات ويكفى فى شرف التوحيدان الايمان الذي هو اصل الطاعات وتنوير القلب الذي هو محل نظرا الحق وتصفية الباطن من اكدار السوي انما يحصل به فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من نعمه الواصلة في الدنيا والآخرة وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ مبتدأ وخبراى ومن دون تينك الجنتين الموعودتين للخائفين المقربين جنتان أخريان لم دونهم من أصحابه اليمين فالخائفون قسمان المقربون واصحاب اليمين وهم دون المقربين بحسب الفضائل العلمية والعملية فدون بمعنى الأدنى مرتبة ومنزلة لا بمعنى غير فالجنتان الاوليان أفضل من الأخريين كفضل المقربين على الأبرار وقيل ليس دون من الدناءة بل من الدنو وهو القرب اى ومن دون هاتين الجنتين الى العرش اى اقرب اليه وارفع منهما وحمله بعض المفسرين على ومعنى الغير (كما قال الكاشفى) وبجز اين بوستان كه مذكور شد دو بوستان ديكرست وكفته اندد وبوستان أول از زرست براى سابقان واين دو بوستان از نقره براى اصحاب يمين وأطلقهما صاحب كشف الاسرار حيث قال من دون الجنتين الأوليين جنتان أخريان جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ولكل رجل وامرأة من اهل الجنة جنتان إحداهما جزاء عمله والاخرى ورثوها عن الكفار وقيل لكل واحد منهم اربع جنان في الجهات الأربع ليتضاعف له السرور بالتنقل من جنة الى جنة ويكون أمتع لانه ابعد من الملل فيما طبع عليه البشر وجملة معانى من دونهما فوقهما او من دون صفتيهما او من دونهما في الدرج او امامهما او قبلهما (وفلاة من دونها سفرطا ل وميل يفضى الى أميال) ويؤيد معنى الأدنى مرتبة قول الشيخ
نجم الدين في تأويلاته يشير الى جنتى الأبرار القائمين بالأعمال الصحيحة والأقوال المستقيمة الناظرين الى المراتب السنية الطالبين للمراتب والمقامات العلية يعنى ان لهم جنتين من دون جنتى المذكورين اعنى الفانين عن ناسوتيتهم والباقين بلا هو تيته فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مما ذكر من الجنتين مُدْهامَّتانِ صفة لجنتان يقال ادهام الشيء يدهام ادهيماما فهو مدهام اسود وفي تاج المصادر في باب الافعيلال الادهيمام سياه شدن لان الدهمة بالضم السواد والأدهم الأسود ومنه قوله تعالى مدهامتان اى سوداوان يعنى علالونها دهمة وسواد من شدة الخضرة والري وان شئت قلت خضرا وان تضربان الى السواد من شدة الخضرة وبالفارسية دو بهشت سبز از بسيارى سبزى بسياهى رسيده والنظر الى الخضرة يجلو البصر كما قال عليه السلام ثلاث يجلون البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجاري والى الوجه الحسن قال ابن عباس رضى الله عنهما والإثمد عند النوم وهو الكحل الأسود وأجوده الاصفهانى وهو بارد يابس ينفع العين اكتحالا ويقوى أعصابها ويمنع عنها كثيرا من الآفات والأوجاع سيما الشيوخ والعجائز وان جعل معه شيء من المسك كان غاية في النفع وينفع من حرق النار طلاء مع الشحم ويقطع النزف ويمنع الرعاف إذا كان من اغشية الدماغ وفي الحديث (خيرا كحالكم الإثمد ينبت الشعر ويجلو البصر) كما في خريدة العجائب وفي قوله مدهامتان اشعار بأن الغالب على هاتين الجنتين النبات والرياحين المنبسطة على وجه الأرض وعلى الأوليين الأشجار والفواكه ودل هذا على فضل الأوليين على الأخريين قال في التأويلات النجمية يشير به الى غلبة القوة النباتية على اصحاب هاتين الجنتين وهم اصحاب اليمين والى غلبة القوة الروحانية على اصحاب الجنتين الأوليين لان فيهما كثرة الأشجار والفواكه وهم المقربون فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ حيث تتمتع أبصاركم بخضرة نباتات هاتين الجنتين وتنتفع انوفكم بشم رياحينهما قال الفقهاء إذا قرأ في الصلاة آية واحدة هى كلمة واحدة نحو قوله تعالى مدهامتان او حرف واحد نحوق وص ون فان كل حرف منها آية عند البعض فالاصح انه لا يجزى عن فرض القراءة لانه لا يسمى قارئا لان القراءة ضم الحروف والكلمات بعضها الى بعض في الترتيل يهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ
يقال نضخه كمنعه رشه ونضخ الماء اشتد فورانه من ينبوعه كما في القاموس اى فوارتان بالماء لا تنقطعان وبالفارسية جوشنده بآب يعنى هر چند ازو بر دارند ديكر جوشد وهذا يدل ايضا على فضل الأوليين على الأخريين لانه تعالى قال في الأوليين عينان تجريان وفي الأخريين نضاختان والنضخ دون الجري لان النضخ هو الفوران وهو يتحقق بان يكون الماء بحيث كلما أخذ منه شيء فار آخر مكانه ولا يكفى هذا القدر في جريانه فلا شك ان الجري ابلغ منه وقال ابن عباس رضى الله عنهما نضاختان بالمسك والعنبر وقال الكلبي بالخير والبركة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ حيث يحصل لكم الري من شراب تينك العينين فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ عطف الأخيرين على الفاكهة كعطف جبريل وميكائيل على الملائكة بيانا لفضلهما فان ثمرة النخل فاكهة وغذاء والرمان بالفارسية أنار فاكهة
ودواء يعنى بحسب حال الدنيا وإلا فالكل في الجنة للتفكه ومن هذا قال ابو حنيفة رحمه الله من حلف لا يأكل فاكهة فأكل رمانا او رطبا لم يحنث خلافا لصاحبيه يعنى ان أبا حنيفة لا يجعلهما من الفاكهة بخلاف صاحبيه وغيرهما فلا يحنث من حلف أن لا يأكل فاكهة فأكل تمرا او رمانا عنده وكذا الحكم عنده في العنب من جعلهما من الفاكهة حملهما على التحصيص بذكرهما بيانا لفضلهما كما مر آنفا وقد سبق بيان النخل مفصلا قال ابن عباس رضى الله عنهما نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر وكربها ذهب احمر وسعفها كسوة لاهل الجنة منها مقطعاتهم وحللهم وتمرها أمثال القلال او الدلاء أشد بياضا من اللبن واحلى من العسل وألين من الزبد ليس له عجم كلما نزعت ثمرة عادت مكانها اخرى وأنهارها تجرى في غير حدود والرمان من الأشجار التي لا تقوى الا بالبلاد الحارة (روى) عن ابن عباس رضى الله عنهما ما لقحت رمانة قبل إلا بحبة من الجنة وقال الامام على رضى الله عنه إذا أكلتم الرمان فكلوه ببعض شحمه فانه دباغ للمعدة وما من حبة منه تقيم في جوف مؤمن الا أنارت قلبه وأخرجت شيطان الوسوسة منه أربعين يوما وفي الحديث (من أكل رمانا أنار الله قلبه أربعين يوما) ولا يخفى ما فى جمع الرمان مع أنار من اللطافة وأجوده الكبار الحلو المليس وهو حار رطب يلين الصدر والحلق ويجلوا لمعدة وينفع من الخفقان ويزيد في الباءة وقشره تهرب منه الهوام وفي التأويلات النجمية يشير الى ضعف استعداد اصحاب اليمين بالنسبة الى المقربين لان الرمان للدواء لا للتفكه وتهيئة الدواء في البيت تدل على ضعف مزاج ساكن البيت فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ حيث هيأ لكم ما به تتلذذون من الفواكه فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ صفة اخرى لجنتان كالجملة التي قبلها والكلام في جمع الضمير كالذى مر فيما مر وخيرات مخففة من خيرات جمع خيرة لان خير الذي بمعنى أخير لا يجمع فلا يقال فيه خيرون ولا خيرات ومعناها بالفارسية زنان برگزيده وقيل في تفسير الخيرات اى لسن بدمرات ولا بخرات الدمر النتن والبخر بالتحريك النتن في الفم والإبط وغيرهما ولا متطلعات التطلع چشم داشتن وقولهم عافى الله من لم يتطلع في فمك اى لم يتعقب كلامك (ولا متشوفات) التصوف خويشتن آراستن و چشم داشتن ويعدى بالى وفي القاموس شفته شوفا جلوته وشيفت الجارية تشاف زينت وتشوف تزين والى الخير تطلع ومن السطح تطاول ونظر وأشرف (رلاذربات) يقال ذرب كفرح ذربا وذرابة فهو ذرب حد والذربة بالكسر السليطة اللسان (ولا سليطات) السلط والسليط الشديد والطويل اللسان (ولا طنماحات) يقال طمح بصره اليه كمنع ارتفع والمرأة طمحت فهى طامح وككتاب النشوز (ولا طوافات في الطرق) اى دوارت (حسان) جمع حسنة وحسناء اى حسان الخلق والخلق يعنى نيكو رويان ونيكو خويان وهن من الحور وقيل من المؤمنات الخيرات ويدل على الاول ما بعد الآية وفي الحديث (لو أن امرأة من نساء اهل الجنة اطلعت على السموات والأرض لاصاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحا ولعصابتها على رأسها خير من الدنيا وما فيها) وروى لو أن حوراء بزقت في بحر لعذب ذلك البحر من عذوبة ريقها
(وروى انهن يقلن نحن الناعمات فلا نبأس) يعنى ماييم با نعمت كه درويش نمى شويم (الراضيات فلا تسخط) يعنى ماييم راضى كه غضب نمى كنيم (نحن الخالدات فلا نببد) يعنى ماييم جاويد كه هلاك نمى شويم (طوبى لمن كناله وكان لنا) وفي الأثر إذا قلن هذه المقالة اجابتهن المؤمنات من نساء الدنيا نحن المصليات وما صليتن ونحن الصائمات وما صمتن ونحن المتصدقات وما تصدقتن فغلبنهن والله غلبنهن وفيه بيان ان هاتين الجنتين دون الأوليين لانه تعالى قال في الأوليين في صفة الحور العين كأنهن الياقوت والمرجان وفي الأخريين فيهن خيرات حسان وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان قال في التأويلات النجمية فيهن خيرات حسان من المعاملات الفاضلات والمكاشفات العاليات وهذا الوصف ايضا يدل على ان جنة المقربين أفضل من جنة الأبرار واصحاب اليمين لان ثمرة تلك الجنة الفناء والبقاء وثمرة هذه الجنة المعاملات وتحسين الأخلاق فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وقد أنعم عليكم بما به تستمعون من النساء حُورٌ بدل من خيرات جمع حوراء وهى البيضاء ووصفت في غير هذه الآية بالعين وهى جمع عيناء بمعنى عظيمة العين وقال بعضهم شديدة سواد العين يعنى سياه چشمان اند مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ قصرن في خدورهن وحبسن (قال الكاشفى) از چشمهاى بيكانكان نكاه داشته ودر خيمها بداشته وفيه اشارة الى انهن لا يظهرن لغير المحارم وان لم تكن الجنة دار التكليف وذلك لانهن من قبيل الإسرار وهى تصان عن الأغيار غيرة عليها يقال امرأة قصيرة وقصورة اى مخدرة مستورة لا تخرج ومقصورات الطرف على أزواجهن لا يبغين بهم بدلا والاخيام جمع خيمة وهى القبة المضروبة على الأعواد هكذا جمع خيام الدنيا وهى لا تشبه خيام الجنة الا بالاسم فانه قد قيل ان الخيمة من خيامهن درة مجوفة عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها اهلون ما يرون الا حين يطوف عليهم المؤمنون وقال ابن مسعود لكل زوجة خيمة طولها ستون ميلا وكفته اند مراد خانهاست يعنى مستورات في الحجال وحجله خانه بود براى داماد وعروس قال في القاموس الحجلة محركة كالقبة موضع يزين بالثياب والستور للعروس والجمع حجل وحجال قال البقلى رحمه الله وصف الله جوارى جنانه التي خلقهن لخدمة أوليائه وألبسهن لباس نوره وأجلسهن على سرير أنسه في حجال قدسه وضرب عليهن خيام الدر والياقوت ينتظرن أزواجهن من العارفين والمؤمنين المتقين لا يصرفن أبصارهن في انتظار هن عن مسلك الأولياء من أزواجهن الى غيره وفي الآية اشارة الى ان الأسماء تنقسم بالقسمة الاولى قسمين بعضها كونية اى لها مظاهر في الكون وبعضها غير كونية اى ليس لها مظاهر في الكون بل هى من المستأثرات الغيبية كما جاء في دعاء النبي عليه السلام اللهم انى اسألك بكل اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك او علمته أحدا او استأثرت به في علم غيبك المكنون وقوله حور مقصورات يعنى ان من خصائص هاتين الجنتين ان فيهما معانى وحقائق ما ظهرت مظاهرها في هذا العالم بل بعد في خيام الغيب المكنون في جنة السر فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وقد خلق من النعم ما هى مقصورة ومحبوسة لكم لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ
كالذى مر في نظيره في جميع الوجوه وقال بعضهم اى قبل اصحاب الجنتين دل عليهم ذكر الجنتين قال في كشف الاسرار كرر ذلك زيادة في التشويق وتأكيدا للرغبة وفيه انه ليس بتكرير لان الاول في ازواج المقربين وهذا في ازواج الأبرار قال محمد بن كعب ان المؤمن يزوج ألف ثيب وألف بكر وألف حوراء فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مع انها ليست كنعم الدنيا إذ قد تطمث المرأة في الدنيا ثم يتزوجها آخر ثيبا فهن نعم باكورة فيالها من طيب وصالها ويا لها من حسنها وبراعة جمالها لا يقدر أحد على حكايتها ولا يبلغ وصف الى نهايتها والعقول فيها حيارى والقلوب سكارى مُتَّكِئِينَ حال صاحبه محذوف يدل عليه الضمير في قبلهم عَلى رَفْرَفٍ اما اسم جنس او اسم جمع واحده رفرفة قيل هو ما تدلى من الاسرة من عالى الثياب او ضرب من البسط او الوسائد قال في المفردات الرفرف ضرب من الثياب مشبه بالرياض انتهى ومن معانى الرفرف الرياض وكان بساط انوشروان ستين ذراعا في ستين ذراعا يبسط له في ايوانه منظوما باللؤلؤ والجواهر الملونة على ألوان زهر الربيع وينشر إذا عدمت الزهور وفي القاموس الرفرف ثياب خضر تتخذ منها المحابس وتبسط وفضول المحابس والفرش وكل ما فضل فثنى والفراش والرقيق من الديباج خُضْرٍ نعت لرفرف جمع أخضر والخضرة أحد الألوان بين البياض والسواد وهو الى السواد أقرب فلهذا اسمى الأسود أخضر والأخضر أسود وَعَبْقَرِيٍّ عطف على رفرف والمراد الجنس ولذا وصف بالجمع وهو قوله حِسانٍ حملا على المعنى وهو جمع حسن والعبقري منسوب الى عبقر تزعم العرب انه اسم بلد كثير الجن فينسبون اليه كل شيء عجيب وقال قطرب ليس هو من المنسوب بل هو بمنزلة كرسى وبختي قال في القاموس عبقر موضع كثير الجن وقرية ثيابها في غاية الحسن والعبقري ضرب من البسط كالعباقرى انتهى وفي المفردات قيل هو موضع للجن ينسب اليه كل نادر من انسان وحيوان وثوب قال الله تعالى وعبقرى حسان وهو ضرب من الفرش جعله الله مثلا لفرش الجنة وفي التكملة عبقر اسم موضع يصنع فيه الوشي كانت العرب إذا رأت شيأ نسبته اليه فخاطبهم الله على عادتهم وفي فتح الرحمن العبقري بسط حسان فيها صور وغير ذلك والعرب إذا استحسنت شيأ واستجادته قالت عبقرى قال ابن عطية ومنه قول النبي عليه السلام رأيت عمر بن الخطاب فى المنام يستقى من بئر فلم أر عبقر يا يفرى فريه اى سيدا يعمل عمله وقيل عبقر اسم رجل كان بمكة يتخذ الزرابي ويجيدها فنسب اليه كل شيء جيد حسن وبالفارسية وبساطى قيمتى در غايت نيكويى قوله تعالى في الأوليين متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وترك ذكر الظهارة لرفعة شأنها وخروجها عن كونها مدركة بالعقول والافهام وفي الأخريين متكئين على رفرف خضر وعبقرى وبه يعلم تفاوت ما بينهما وقيل الإستبرق ديباج والعبقري موشى والديباج أعلى من الموشى قال ابن الشيخ الرفرف فراش إذا استقر عليه الولي طاربه من فرحه وشوقه اليه يمينا وشمالا وحيثما يريده الولي (وروى) فى حديث المعراج ان رسول الله عليه السلام لما بلغ سدرة المنتهى جاءه الرفرف فتناوله من جبريل وطاربه الى سيد العرش
فذكر عليه السلام انه طاربى يخفضنى ويرفعنى حتى وقف بي على ربى ولما حان الانصراف تناوله فطاربه خفضا ورفعا يهوى به حتى اداه الى جبريل فالرفرف خادم بين يدى الله من جملة الخدم مختص بخواص الأمور في محل الدنو والقربة كما أن البراق دابة يركبها الأنبياء مخصوصة بذلك فهذا الرفرف الذي سخره لاهل الجنتين هو متكأهم وفرشهم يرفرف بالولى ويطير به على حافات تلك الأنهار وحيث يشاء من خيامه وأزواجه وقصوره انتهى وهذا التقرير على تقدير أن يكون دون من الدنو ومعنى من دونهما ارفع منهما كما لا يخفى ويدل عليه ان الرفرف أعظم خضرة من الفرش المذكورة في قوله متكئين على فرش فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وقد هيا لكم ما تتكئون عليه فتستريحون تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ تنزيه وتقديس له تعالى فيه تقرير لما ذكر في السورة الكريمة من آلائه الفائضة على الأنام اى تعالى اسمه الجليل الذي من جملته ما صدرت به السورة من اسم الرحمن المنبئ عن افاضة الآلاء المفصلة وارتفع عما يليق بشأنه من الأمور التي من جملتها جحود نعمائه وتكذيبها وإذا كان حال اسمه بملابسة دلالته عليه كذلك فما ظنك بذاته الأقدس الا على وقيل الاسم بمعنى الصفة وقيل مقحم مثل ثم اسم السلام عليكما اى ثم السلام عليكما قال فى فتح الرحمن وهذا الموضع مما أريد فيه بالاسم مسماه وفي التأويلات النجمية هذا يدل على ان الاسم هو المسمى لان المتعالي هو المسمى في ذاته لا الاسم وان كان فتبعيته وكذا الموصوف بالقهر واللطف والجلال والإكرام هو المسمى فحسبه انتهى وفي الأمالي وليس الاسم غيرا للمسمى وفي شرح الأسماء الحسنى للزروقى الصحيح ان الاسم غير المسمى وأباه قوم وفصل آخرون وتوقف آخرون امتناعا لكن السلف لم يتكلموا في الاسم والمسمى ولا في الصفة والموصوف ولا في التلاوة والمتلو طلبا للسلامة وحذرا على الغير وهو ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ وصف به الرب تكميلا لما ذكر من التنزيه والتقرير كفته اند أول چيزى كه از قرآن در مكه بر قريش آشكارا خواندند بعضى آيات از أول اين سوره بود روايت كردند از عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه كفت صحابه رسول عليه السلام محتمع شدند كفتند تا اين غايت مردم قريش از قرآن هيچ نشنيدند در ميان ما كيست كه ايشانرا قرآن بشنواند آشكارا عبد الله بن مسعود كفت آنكس من باشم كه قرآن آشكارا بر ايشان خوانم اگر چهـ از ان رنج وكزند آيد پس بيامد ودر انجمن قريش بيستاد وابتداء سوره رحمن در كرفت ولختى از ان آيات بر خواند قريش چون آن بشنيدند از سر غيظ وعداوت او را زخمها كردند ورنجانيدند پس چون بعضى خوانده او را فرا كذاشتند وبنزديك اصحاب باز كذشت فقالوا هذا الذي خشينا عليك يا ابن مسعود وعن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة لم يقعد إلا مقدار ما يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام كما في كشف الاسرار قال الزروقى ذو الجلال والإكرام هو الذي له العظمة والكبرياء والإفضال التام المطلق من عرف انه ذو الجلال والإكرام هابه لمكان الجلال وانس به لمكان الإكرام فكان بين خوف ورجاء وهو اسم الله الأعظم