المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير سورة الحجرات - روح البيان - جـ ٩

[إسماعيل حقي]

الفصل: ‌تفسير سورة الحجرات

مثل أحد ذهبا من الفضيلة ما أدرك أحدهم بانفاق مد من الطعام او نصيف له وفي حديث آخر الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا من بعدي فمن أحبهم فبحبى أحبهم ومن ابغضهم فببغضى ابغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك ان يأخذه اى يأخذه الله للتعذيب والعقاب وفي الصواعق لابن حجر وكان للنبى عليه السلام مائة الف واربعة عشر ألف صحابى عند موته انتهى وفي حديث الاخوة قال أصحابه نحن اخوانك يا رسول الله قال لا أنتم أصحابي وإخواني الذين يأتون بعدي آمنوا بي ولم يرونى وقال للعامل منهم اجر خمسين منكم قالوا بل منهم يا رسول الله قال بل منكم رددوها ثلاثا ثم قال لانكم تجدون على الخير أعوانا كما في تلقيح الأذهان يقول الفقير يلزم من هذا الخبران يكون الاخوان أفضل من الاصحاب وهو خلاف ما عليه الجمهور قلت الذي في الخبر من زيادة الاجر للعامل من الاخوان عند فقد ان الأعوان

لا مطلقا فلا يلزم من ذلك ان يكونوا أفضل من كل وجه في كل زمان قال في فتح الرحمن وقد اجتمع حروف المعجم التسعة والعشرون فى هذه الآية وهى محمد رسول الله الى آخر السورة أول حرف المعجم فيها ميم من محمد وآخرها صاد من الصالحات وتقدم نظير ذلك في سورة آل عمران في قوله ثم انزل عليكم من بعد الغم امنة نعاسا الآية وليس في القرءان آيتان في كل آية حروف المعجم غيرهما من دعا الله بهما استجيب له وعن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الفتح فكأنما كان ممن شهد مع محمد رسول الله فتح مكة وقال ابن مسعود رضى الله عنه بلغني انه من قرأ سورة الفتح في أول ليلة من رمضان في صلاة التطوع حفظه الله تعالى ذلك العام ومن الله العون تمت سورة الفتح المبين بعون رب العالمين في منتصف صفر الخير من شهور سنة الف ومائة واربع عشرة ال‌

‌تفسير سورة الحجرات

ثمانى عشرة آية مدينة بإجماع من اهل التأويل

تفسير سورة الحجرات

بسم الله الرحمن الرحيم

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تصدير الخطاب بالنداء لتنبيه المخاطبين على ان ما في حيزه امر خطير يستدعى مزيد اعتنائهم بشأنه وفرط اهتمامهم بتلقيه ومراعاته ووصفهم بالايمان لتنشيطهم والإيذان بأنه داع الى المحافظة ورادع عن الإخلال به لا تُقَدِّمُوا امرا من الأمور بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ولا تقطعوه الا بعد ان يحكما به ويأذنا فيه فتكونوا اما عاملين بالوحى المنزل وما مقتدين بالنبي المرسل ولفظ اليدين بمعنى الجهتين الكائنتين في سمت يدى الإنسان وبين اليدين بمعنى بين الجهتين والجهة التي بينهما هى جهة الامام والقدام فقولك جلست بين يديه بمعنى جلست امامه وبمكان يحاذى يديه قريبا منه وإذا قيل بين يدى الله امتنع ان يراد الجهة والمكان فيكون استعارة تمثيلية شبه ما وقع من بعض الصحابة من القطع في امر من الأمور الدينية قبل ان يحكم به الله ورسوله بحال من يتقدم في المشي في الطريق مثلا لو قاحته على من يجب ان يتأخر عنه ويقفو اثره تعظيما له فعبر عن الحالة المشبهة بما يعبربه عن المشبه بها وَاتَّقُوا اللَّهَ فى كل ما تأتون وما تذررن من الأقوال والافعال إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ

ص: 61

لاقوالكم عَلِيمٌ بأفعالكم فمن حقه ان يتقى ويراقب ويجوز ان يكون معنى لا تقدموا لا تفعلوا التقديم بالكلية على ان الفعل لم يقصد تعلقه بمفعوله وان كان متعديا قال المولى ابو السعود وهو اوفى بحق المقام لافادة النهى عن التلبس بنفس الفعل الموجب لانتفائه بالكلية المستلزم لانتفاء تعلقه بمفعوله بالطريق البرهاني وقد جوز ان يكون التقديم لازما بمعنى التقدم ومنه مقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منهم ومنه وجه بمعنى توجه وبين بمعنى تبين نهى عن التقدم لان التقدم بين يدى المرء خروج عن صفة المتابعة واستقلال في لامر فيكون التقدم بين يدى الله ورسوله منافيا للايمان وقال مجاهد والحسن نزلت الآية في النهى عن الذبح يوم الأضحى قبل الصلاة كأنه قيل لا تذبحوا قبل ان يذبح النبي عليه السلام وذلك ان ناساذبحوا قبل صلاة النبي عليه السلام فأمرهم ان يعيدوا الذبح وهو مذهبنا الا ان تزول الشمس وعند الشافعي يجوز إذا مضى من الوقت ما يسع الصلاة وعن البرآء رضى الله عنه خطبنا النبي عليه السلام يوم النحر فقال ان أول ما نبدأ به في يومنا هذا ان نصلى ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبل ان نصلى فانما هو لحم عجله لاهله ليس من النسك في شيء وعن عائشة رضى الله عنها انها نزلت في النهى عن صوم يوم الشك اى لا تصوموا قبل ان يصوم نبيكم قال مسروق كنا عند عائشة يوم الشك فأتى بلبن فنادتنى وفي بحر العلوم قالت للجارية اسقيه عسلا فقلت انى صائم فقالت قد نهى الله عن صوم هذا اليوم وتلت هذه الآية وقالت هذه في الصوم وغيره وقال قتادة ان ناسا كانوا يقولون لو انزل في كذا او صنع في كذا ولو نزل كذا وكذا في معنى كذا ولو فعل الله كذا وينبغى ان يكون كذا فكره الله ذلك فنزلت وعن الحسن لما استقر رسول الله بالمدينة أتته الوفود من الآفاق فاكثروا عليه بالمسائل فنهوا ان يبتدئوا بالمسألة حتى يكون هو المبتدئ ولظاهر أن الآية عامة في كل قول وفعل ولذا حذف مفعول لا تقدموا ليذهب ذهن السامع كل مذهب مما يمكن تقديمه من قول او فعل مثلا إذا جرت مسألة في مجلسه عليه السلام لا تسبقوه بالجواب وإذا حضر الطعام لا تبدئوا بالأكل قبلة وإذا ذهبتم الى موضع لا تمشوا امامه الا لمصلحة دعت اليه ونحو ذلك مما يمكن فيه التقديم قيل لا يجوز تقدم الأصاغر على الأكابر الا في ثلاثة مواضع إذا ساروا ليلا أو رأوا خيلا اى جيشا او دخلوا سيلا اى ماء سائلا وكان في الزمان الاول إذا مشى الشاب امام الشيخ يخسف الله به الأرض ويدخل في النهى المشي بين يدى العلماء فانهم ورثة الأنبياء دليله ما روى عن ابى الدرداء رضى الله عنه قال رآنى رسول الله عليه السلام امشى امام ابى بكر رضى الله عنه فقال تمشى امام من هو خير منك في الدنيا والآخرة ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين خيرا وأفضل من ابى بكر رضى الله عنه كما في كشف الاسرار واكثر هذه

الروايات يشعر بأن المراد بين يدى رسول الله وذكر الله لتعظيمه والإيذان بجلالة محله عنده حيث ذكر اسمه تعالى توطئة وتمهيدا لذكر اسمه عليه السلام ليدل على قوة اختصاصه عليه السلام برب العزة وقرب منزلته من حضرته تعالى فان إيقاع ذكره تعالى موقع ذكره عليه السلام بطريق العطف تفسير للمراد يدل عليها لا محالة كما يقال أعجبني زيد وكرمه

ص: 62

فى موضع أن يقال أعجبني كرم زيد للدلالة على قوة اختصاص الكرم به وقال ابن عباس رضى الله عنهما معنى الآية لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة يقول الفقير لعله من باب الاكتفاء والمقصود ولا تفعلوا خلافهما ايضا فان كلا منهما من قبيل التقدم لحدود الله وحدود رسوله وبهذا المعنى في هذه الآية ألهمت بين النوم واليقظة والله اعلم وفي الآية بيان رأفة الله على عباده حيث سماهم المؤمنين مع معصينهم فقال يا أيها الذين آمنوا ولم يقل يا أيها الذين عصوا وهذا نداء مدح كما في تفسير ابى الليث وايضا فيها وعيد لمن حكم بخاطره بغير علم بالفرق بين الإلهام والوسواس ويقول انه الحق فالزموه ومقصوده الرياء والسمعة ومن شرط المؤمن ان لا يرى رأيه وعقله واختياره فوق رأى النبي والشيخ ويكون مستسلما لما يرى فيه مصلحة ويحفظ الأدب في خدمته وصحبته ومن ادب المريدان لا يتكلم بين يدى الشيخ فانه سبب سقوطه من أعين الأكابر قال سهل لا تقولوا قبل ان يقول وإذا قال فاقبلوا منه منصتين له مستمعين اليه واتقوا الله في إهمال حقه وتضييع حرمته ان الله سميع لما تقولون عليم بما تعملون وقال بعضهم لا تطلبوا ورلء منزلته منزلة فانه لا يوازيه أحد بل لا يدانيه چشم او از حيا كوش او از حكمت زبان او از ثنا وتسبيح ودل او از رحمت دست او از سخا موى او از مشك بويا قيمت عطار ومشك اندر جهان كاسد شود چون بر افشاند صبا زلفين عنبر ساى تو يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ شروع في النهى عن التجاوز فى كيفية القول عند النبي عليه السلام بعد النهى عن التجاوز في نفس القول والفعل والصوت هو الهولء المنضغط عن قرع جسمين فان الهولء الخارج من داخل الإنسان ان خرج بدفع الطبع يسمى نفسا بفتح الفاء وان خرج بالارادة وعرض له تموج بتصادم جسمين يسمى صوتا والصوت الاختياري الذي يكون للانسان ضربان ضرب باليد كصوت العود وما يجرى مجراه وضرب بالفم فالذى بالفم ضربان نطق وغيره فغيره النطق كصوت الناى والنطق اما مفرد من الكلام واما مركب كاحد الأنواع من الكلام والمعنى لا تبلغوا بأصواتكم ورلء حد يبلغه عليه السلام بصوته والباء للتعدية وقال في المفردات تخصيص الصوت بالنهى لكونه أعم من النطق والكلام ويجوز انه خصه لان المكروه رفع الصوت لا رفع الكلام وعن عبد الله بن الزبير رضى الله عنه أن الأقرع بن حابس من بنى تميم قدم على النبي عليه السلام فقال ابو بكر رضى الله عنه يا رسول الله استعمله على قومه اى بتقديمه عليهم بالرياسة فقال عمر رضى الله عنه لا تستعمله يا رسول الله بل القعقاع بن معبد فتكلما عند النبي عليه السلام حتى ارتفعت أصواتهما فقال ابو بكر لعمر ما أردت إلا خلافي فقال ما أردت خلافك فنزلت هذه الآية فكان عمر بعد ذلك إذا تكلم عند النبي لم يسمع كلامه حتى يستفهمه وقال ابو بكر آليت على نفسى ان لا أكلم النبي ابدا الا كأخى السرار يعنى سوكند ياد كردم كه بعد ازين هركز با رسول خدا سخن بلند نكويم مكر چنانكه باهمرازى پنهان سخن كويند وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ إذا كلمتموه وتكلم هو ايضا

ص: 63

والجهر يقال لظهور الشيء بافراط لحاسة البصر نحو رأيته جهارا او حاسة السمع نحو سوآء منكم من اسر القول ومن جهر به كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ اى جهرا كائنا كالجهر الجاري فيما بينكم بل اجعلوا صوتكم اخفض من صوته وتعهدوا في مخاطبته اللين القريب من الهمس كما هو الدأب عند مخاطبة المهيب المعظم وحافظوا على مراعاة جله لة النبوة فنهوا عن جهر مخصوص مقيد وهو الجهر المماثل لجهر اعتادوه فيما بينهم لا عن الجهر مطلقا حتى لا يسوغ لهم الا ان يتكلموا بالهمس والمخافتة فالنهى الثاني ايضا مقيد بما إذا نطق ونطقوا والفرق ال مدلول النهى الاول حرمة رفع الصوت فوق صوته عليه السلام ومدلول الثاني حرمة ان يكون كلامهم معه عليه السلام في صفة الجهر كالكلام الجاري بينهم ووجوب كون أصواتهم اخفض من صوته عليه السلام بعد كونها ليست بأرفع من صوته وهذا المعنى لا يستفاد من النهى الاول فلا تكرار والمفهوم من الكشاف في الفرق بينهما ان معنى

النهى الاول انه عليه السلام إذا نطق ر نطقتم فعليكم ان لا تبلغوا بأصواتكم فوق الحد الذي يبلغ اليه صوته عليه السلام وان تغضوا من أصواتكم بحيث بكون صوته عاليا على أصواتكم ومعنى الثاني انكم إذ كلتموه وهو عليه السلام ساكت فلا تبلغوا بالجهر في القول الجهر الدائر بينكم بل لينوا القول لينا يقارب الهمس الذي يضاد الجهر أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ تا باطل نشود عملهاى شما بسبب اين جرأت وهو علة اما للنهى على طريق التنازع فان كل واحد من قوله لا ترفعوا ولا تجهروا يطلبه من حيث المعنى فيكون علة للثانى عند البصريين وللاول عند الكوفيين كأنه قيل انتهوا عما نهيتم عنه لخشية حبوط أعمالكم او كراهته كما في قوله تعالى يبين الله لكم ان تضلوا فحذف المضاف ولام التعليل واما علة للفعل المنهي كأنه قيل انتهوا عن الفعل الذي تفعلونه لاجل حبوط أعمالكم فاللام فيه لام العاقبة فانهم لم يقصدوا بما فعلوه من رفع الصوت والجهر حبوط أعمالهم الا انه لما كان بحيث قد يؤدى الى الكفر المحبط جعل كأنه فعل لاجله فادخل عليه لام العلة تشبيها لمؤدى الفعل بالعلة الغائية وليس المراد بما نهى عنه من الرفع والجهر ما يقارنه الاستخفاف والاستهانة فان ذلك كفر بل ما يتوهم ان يؤدى اليه مما يجرى بينهم في أثناء المحاورة من الرفع والجهر خلا ان رفع الصوت فوق صوته عليه السلام لما كان منكرا محضا لم يقيد بشيء يعنى ان الاستخفاف به عليه السلام كفر لا الاستخفاف بأمر الرفع والجهر بل هو المؤدى الى المنكر لانهم إذا اعتادوا الرفع والجهر مستخفين بأمرهما ربما انضم الى هذا الاستخفاف قصد الاهانة به عليه السلام وعدم المبالاة وكذا ليس المراد ما يقع الرفع والجهر في حرب او مجادلة معاند او إرهاب عدو أو نحو ذلك فانه مما لا بأس به إذ لا يتأذى به النبي عليه السلام فلا يتناوله النهى ففى الحديث انه قال عليه السلام للعباس بن عبد المطلب لما انهزم الناس يوم حنين اصرخ بالناس وكان العباس اجهر الناس صوتا (يروى) ان غارة أتتهم يوما اى في المدينة فصاح العباس يا صباحاه فاسقط الحوامل لشدة صوته وكان يسمع صوته من ثمانية أميال كما مر في الفتح وعن ابن العباس رضى الله عنهما

ص: 64

نزلت في ثابت بن قيس ابن شماس وكان في اذنه وقر وكان جهورى الصوت اى جهيره ورفيعه وربما كان يكلم رسول الله فيتأذى بصوته وعن انس لما نزلت الآية فقد ثابت وتفقده عليه السلام فأخبر بشأنه فدعاه عليه السلام فسأله فقال يا رسول الله لقد أنزلت إليك هذه الآية وانه رجل جهير الصوت فأخاف ان يكون عملى قد حبط فقال عليه السلام لست هناك انك تعيش بخير وتموت بخير وانك من اهل الجنة وصدق رسول الله فان ثابتا مات بخير حيث قتل شهيدا يوم مسيلمة الكذاب وعليه درع فرآه رجل من الصحابة بعد موته في المنام فقال له اعلم ان فلانا لرجل من المسلمين نزع درعى فذهب بها وهو في ناحية من العسكر وعنده فرس مشدود يرعى وقد وضع على درعى برمة فائت خالد بن الوليد فأخبره حتى يسترد درعى وائت أبا بكر رضى الله عنه خليفة رسول الله وقل له ان على دينا لفلان حتى يقضى دينى وفلان من عبيدى حر فأخبر الرجل خالدا فوجد درعه والفرس على ما وصفه فاسترد الدرع واخبر خالد أبا بكر بتلك الرؤيا فأجاز ابو بكر وصيته قال مالك بن انس رضى الله عنه لا اعلم وصية اجيزت بعد موت صاحبها الا هذه الوصية وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ حال من فاعل تحبط اى والحال انكم لا تشعرون بحبوطها والشعور العلم والفطنة والعشر العلم الدقيق ودانستن از طريق حس وفيه مزيد تحذير لما نهوا عنه استدل الزمخشري بالآية على ان الكبيرة تحبط الأعمال الصالحة إذ لا قائل بالفصل والجواب انه من باب التغليظ والمراد انهم لا يشعرون ان ذلك بمنزلة الكفر المحبط وليس كسائر المعاصي وايضا انه من باب ولا تكونن ظهيرا للكافرين يعنى ان المراد وهو الجهر والرفع المقرونان بالاستهانة والقصد الى التعريض بالمنافقين قال الراغب حبط العمل على اضرب أحدها ان تكون الأعمال دنيوية فلا تغنى في القيامة غناء كما أشار اليه تعالى بقوله وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا والثاني ان تكون

أعمالا اخروية لكن لم يقصد صاحبها بها وجه الله كما روى يؤتى برجل يوم القيامة فيقال له بم كان اشتغالك قال بقراءة القرآن فيقال له كنت تقرأ ليقال فلان قارئ وقد قيل ذلك فيؤمر به الى النار والثالث ان تكون أعمالا صالحة لكن بإزائها سيئات توفى عليها وذلك هو المشار اليه بخفة الميزان انتهى وحبط عمله كسمع وضرب حبطا وحبوطا بطل واحبطه الله أبطله كما في القاموس وقال الراغب اصل الحبط من الحبط وهو ان تكثر الدابة من الكلأ حتى تنتفخ بطنها فلا يخرج منها شيء قال البقلى في العرائس أعلمنا الله بهذا التأديب ان خاطر حبيبه من كمال لطافته ومراقبة جمال ملكوته كان يتغير من الأصوات الجهرية وذلك من غاية شغله بالله وجمع همومه بين يدى الله فكان إذا جهر أحد عنده يتأذى قلبه ويضيق صدره من ذلك كأنه يتقاعد سره لحظة عن السير في ميادين الأزل فخوفهم الله من ذلك فان تشويش خاطره عليه السلام سبب بطلان الأعمال ومن العرش الى الثرى لا يزن عند خاطره ذرة واجتماع خاطر الأنبياء والأولياء في المحبة أحب الى الله من اعمال الثقلين وفيه حفظ الحرمة لرسول الله وتأديب المريدين بين يدى اولياء الله يقول الفقير ولكمال لطافته عليه السلام كان الموت عليه

ص: 65

أشد إذا للطيف يتأثر مما لا يتأثر الكثيف كما قال بعضهم قد شاهدنا أقواما من عرب البوادي يسلخ الحكام جميع جلد أحدهم ولا يظهر ضجرا ولو سلخ اكبر الأولياء لصاح الا ان يؤخذ عقله بمشاهدة تمنع إحساسه انتهى ومن هنا عرف ان لكل من الجهر والخفاء محلا فشديد النفس له الجهر ولينه له الإخفاء كما في حال النكر وليس كل أحد صاحب مشاهد وقال سهل لا نخاطبوه الا مستفهمين ثم ان الاصحاب رضى الله عنهم كانوا بعد هذه الآية لا يكلمونه عليه السلام إلا جهرا يقرب من السر والهمس وقد كره بعض العلماء رفع الصوت عند قبره عليه السلام لانه حى في قبره وكذا القرب منه عليه السلام في المواجهة عند السلام بحيث كان بينه وبينه عليه السلام اقل من اربعة اذرع وكره بعضهم رفع الصوت في مجالس الفقهاء تشريفا لهم إذ هم ورثة الأنبياء قال سليمان بن حرب ضحك انسان عند حماد بن زيد وهو يحدث بحديث عن رسول الله فغضب حماد وقال انى ارى رفع الصوت عند حديث رسول الله وهو ميت كرفع الصوت عنده وهو حى وقام وامتنع من الحديث ذلك اليوم وحاصله ان فيه كراهة الرفع عند الحديث وعند المحدث مع ان الضحك لا يخلو من السخرية والهزل ومجلس الجد لا يحتمل مثل ذلك ولو دخل السلف مجالس هذا الزمان من مجلس الوعظ والدرس واجتماع المولد ونحو ذلك خرجوا من ساعتهم لما رأوا من كثرة المنكرات وسوء الأدب بزركان كفته اند من ترك الآداب رد عن الباب نهصد هزار ساله طاعت إبليس بيك بي ادبى ضايع شد

نكاه دار ادب در طريق عشق ونياز

كه گفته اند طريقت تمام آدابست

نسأل الله الكريم ان يجعلنا متحلين بحلية الأدب العظيم إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ إلخ ترغيب في الانتهاء عما نهوا عنه بعد الترهيب من الإخلال به والغض النقصان من الطرف والصوت وما في الإناء يقال غض طرفه خفضه وغض السقاء نقص مما فيه والمعنى ان الذين يخفضون أصواتهم عند رسول الله مراعاة للادب وخشية من مخالفة النهى أُولئِكَ مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى أخلصها للتقوى من امتحن الذهب إذا أذابه وميزا بريزه من خبثه فهو من اطلاق المقيد وهو اخلاص الذهب وارادة المطلق

در بوته امتحان گرم بگدازى

منت دارم كه بي غشم ميسازى

وقال في الأساس محن الأديم مدده حتى وسعه وبه فسر قوله تعالى امتحن الله قلوبهم اى شرحها ووسعها وعن عمر رضى الله عنه اذهب عنها الشهوات اى نزع عنها محبة الشهوات وصفاها عن دنس سوء الأخلاق وحلاها بمكارمها حتى انسلخوا عن عادات البشرية لَهُمْ فى الآخرة مَغْفِرَةٌ عظيمة لذنوبهم وَأَجْرٌ عَظِيمٌ التنكير للتعظيم اى ثابت لهم غفران واجر عظيم لا يقادر قدره لغضهم وسائر طاعاتهم فهو استئناف لبيان جزاء الغاضين مدحا لحالهم وتعريضا بسوء حال من ليس مثلهم وفي الآية اشارة الى غض الصوت عند الشيخ المرشد ايضا لأنه الوارث وله الخلافة ولا يقع الغض الا من اهل السكينة والوقار وقال الحسين قدس سره من امتحن الله قلبه بالتقوى كان شعاره القرآن ودثاره الايمان وسراجه التفكر

ص: 66

وطيبه التقوى وطهارته التوبة ونظافته الحلال وزينته الورع وعلمه الآخرة وشغله بالله ومقامه مع الله وصومه الى الممات وإفطاره من الجنة وجمعه الحسنات وكنزه الإخلاص وصمته المراقبات ونظره المشاهدات قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر التقوى كل عمل يقيك من النار وإذا وقاك من النار وقاك من الحجاب وإذا وقاك من الحجاب شاهدت العزيز الوهاب روى ابو هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يزال قلب ابن آدم ممتلئا حرصا الا الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى قال الراوي فلقد رأيت رجلا من اصحاب رسول الله لا يركب الى زراعة له وانها منه على فراسخ وقد اتى عليه سبعون سنة وروى انه عليه السلام قال لا يزال قلب ابن آدم جديدا في حب الشيء وان التفت ترقوتاه من الكبر الا الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى وهم قليل يعنى هميشه دل آدم نومى باشد در حب چيزى واگر جه نكرسته باشد هر دو چنبر كردنش از پيرى وبزركى مگر آنانكه امتحان كرد است خدا قلوب ايشان از براى تقوى واندكند ايشان

وجود تو شهريست پر نيك وبد

تو سلطان ودستور دانا خرد

همانا كه دونان كردن فراز

درين شهر كبرست وسودا وآز

چوسلطان عنايت كند با بدان

كجا ماند آسايش بخردان

إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ المناداة والنداء خواندن مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ اى من خارجها من خلفها او قدامها لان ورلء الحجرة عبارة عن الجهة التي يواريها شخص الحجرة بجهتها اى من اى ناحية كانت من نواحيها ولا بد ان تكون تلك الجهة خارج الحجرة لان ما في داخلها لا يتوارى عمن فيها بجهة الحجرة اشتراك الوراء في تينك الجهتين معنوى لا لفظى لكن جعله الجوهري وغيره من الاضداد فيكون اشتراكه لفظيا ومن ابتدائية دالة على ان المناداة نشأت من جهة الوراء وان المنادى داخل الحجرة لوجوب اختلاف المبدأ والمنتهى بحسب الجهة وإذا جرد الكلام عن حرف الابتداء جاز أن يكون المنادى ايضا في الخارج لانتفاء مقتضى اختلافهما بالجهة والمراد حجرات أمهات المؤمنين وكانت لكل واحدة منهما حجرة فتكون تسعا عدد هن جمع حجرة بمعنى محجورة كقبضة بمعنى مقبوضة وهى الموضع الذي يحجره الإنسان لنفسه بحائط ونحوه ويمنع عبره من ان يشاركه فيه من الحجر وهو المنع وقيل للعقل حجر لكون الإنسان في منع منه مما تدعو اليه نفسه ومناداتهم من ورائها اما بأنهم أتوها حجرة حجرة فنادوه عليه السلام من ورائها او بأنهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له عليه السلام لانهم لم يتحققوا إمكانه فناداه بعض من ورلء هذه وبعض من ورلء تلك فاسند فعل الأبعاض الى الكل وقيل الذي ناداه عينة بن حصين الفزاري وهو الأحمق المطاع وكان من الجرارين يجر عشرة آلاف قناةاى تتبعه والأقرع بن حابس وهو شاعر بنى تميم وفدا على رسول الله في سبعين رجلا من بنى تميم وقت الظهيرة وهو راقد فقالا يا محمد اخرج إلينا فنحن الذين مدحنا زين وذمناشين فاستيقظ فخرج وقال نهم وبحكم ذلكم اى الله الذي مدحه زين وذمه شين وانما أسند النداء الى الكل لانهم رضوا بذلك أو أمروا به او لانه وجد فيما بينهم وقال سعدى المفتى انما يحتاج الى التأويل إذا أريد باستغراق الجمع

ص: 67

الاستغراق الافرادى واما لو أريد الاستغراق المجموعى فلا ولذلك قالوا مقابلة الجمع بالجمع تفيد انقسام الآحاد بالآحاد وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم فقال هم جفاة بنى تميم لولا انهم من أشد الناس قتالا للاعور الدجال لدعوت الله ان يهلكهم فنزلت الآية ذمالهم وبقي هذا الذم الى الابد وصدق رسول الله في قوله ذلكم الله أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ قال في بحر العلوم فى قوله اكثر دلالة على انه كان فيهم من قصد بالمحاشاة وهو بالفارسية استثنا كردن وعلى قلة العقلاء فيهم قصدا الى نفى ان يكون فيهم من يعقل إذا القلة تجرى مجرى النفي في كلامهم ويؤيده الحديث السابق فيكون المعنى كلهم لا يعقلون إذ لو كان لهم عقل لما تجاسروا على هذه المرتبة من سوء الأدب بل تأدبوا معه بأن يجلسوا على بابه حتى يخرج إليهم كما قال تعالى الفا وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا الصبر حبس النفس عن ان تنازع الى هواها حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لو مختص بالفعل على ما ذهب اليه المبرد والزجاج والكوفيون فما بعد لو مرفوع على فاعلية لا على الابتداء على ما قاله سيبويه والمعنى ولو تحقق صبرهم وانتظارهم حتى تخرج إليهم وحتى تفيد أن الصبر ينبغى أن يكون مغيا بخروجه عليه السلام فانها مختصة بما هو غاية للشيء في نفسه ولذلك تقول أكلت السمكة حتى رأسها ولا تقول حتى نصفها وثلثها بخلاف الى فانها عامة وفي إليهم اشعار بأنه لو خرج لا لاجلهم ينبغى ان يصبروا حتى يفاتحهم بالكلام او يتوجه إليهم لَكانَ اى الصبر المذكور خَيْراً لَهُمْ من الاستعجال لما فيه من رعاية حسن الأدب وتعظيم الرسول الموجبين للثواب والثناء والاسعاف بالمسئول إذ روى انهم وفدوا شافعين في أسارى بنى العنبر قال في القاموس العنبر ابو حى من تميم قال ابن عباس رضى الله عنهما بعث رسول الله عليه السلام سرية الى حى بنى العنبر وأمر عليهم عينية بن حصين فلما علموا انه توجه نحوهم هربوا وتركوا عيالهم فسباهم عيينة وقدم بهم على رسول الله فجاء بعد ذلك رجالهم يفدون الذراري فقدموا وقت الظهيرة ووافقوا رسول الله فئلا فى اهله فلما رأتهم الذراري اجهشوا الى آبائهم يبكون والإجهاش كريستن را ساختن يقال اجهش اليه إذا فزع اليه وهو يريد البكاء كالصبى يفزع الى امه وكان لكل امرأة من نساء رسول الله بيت وحجرة فجعلوا ينادون يا محمد اخرج إلينا حتى أيقظوه من نومه فخرج إليهم فقالوا يا محمد فادنا عيالنا فنزل جبرائيل فقال ان الله يأمرك ان تجعل بينك وبينهم رجلا فقال عليه السلام لهم أترضون ان يكون بينى وبينكم سبرة بن عمرو وهو على دينكم قالوا أنعم قال سبرة انا لا احكم بينهم وعمى شاهد وهو أعور بن بشامة بن ضرار فرضوا به فقال الأعور فأنا أرى ان تفادى نصفهم وتعتق نصفهم فقال عليه السلام قد رضيت ففادى نصفهم وأعتق نصفهم وقال مقاتل لكان خيرا لهم لانك كنت تعتقهم جميعا وتطلقهم بلا فدآء وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ بليغ المغفرة والرحمة واسعهما فلن تضيق ساحتهم عن هؤلاء المسيئين للادب ان تابوا وأصلحوا قال الكاشفى والله غفور وخداى تعالى آمرزنده است كسى را كه توبه كند از بي ادبى رحيم مهربانست باهل ادب كه تعظيم سيد أولوا الألباب ميكنند چهـ ادب جاذب رحمتست وحرمت جالب نعمت

سرمايه ادب بكف آور كه اين متاع

آنرا كه هست سوء ادب نايدش بكف

ص: 68

وفي هذا المقام امور الاول ان في هذه الآية تنبيها على قدره قدره عليه السلام والتأدت معه بكل حال فهم انما نادوه لعدم عقل يعرفون به قدره ولو عرفوا قدره لكانوا كما في الخبر يقرعون بابه بالأظافير وفي المناداة اشارة الى انهم رأوه من ورلء الحجاب ولو كانوا من اهل الحضور والشهود لما نادوه كما قال بعضهم

كار نادان كوته انديش است

ياد كردن كسى كه در پيش است

قال ابو عثمان المغربي قدس سره الأدب عند الأكابر وفي مجلس السادات من الأولياء يبلغ بصاحبه الى الدرجات العلى والخير في الاولى والعقبى فكما لا بد من التأدب معه عليه السلام فكذا مع من استن بسنته كالعلما العالمين وكان جماعة من العلماء يجلسون على باب غيرهم ولا يدقون عليه بابه حتى يخرج لقصاء حاجته احتراما قال ابو عبيدة القاسم بن سلام مادققت الباب على عالم قط

كنت اصبر حتى يخرج الى لقوله تعالى ولو انهم إلخ وفي الحديث أدبني ربى فأحسن تأديبى اى أدبني احسن تأديب فالفاء تفسير لما قبله قال بعض الكبار من الحكمة توقير الكبير ورحمة الصغير ومخاطبة الناس باللين وقال ان كان خليلك فوقك فاصحبه بالحرمة وان كان كفؤك ونظيرك فاصحبه بالوفاء وان كان دونك فاصحبه بالمرحمة وان كان عالما فاصحبه بالخدمة والتعظيم وان كان جاهلا فاصحبه بالسياسة وان كان غنيا فاصحبه بالزهد وان كان فقيرا فاصحبه بالجود وان صحبت صوفيا بالتسليم قال بعض الحكماء عاشروا الناس معاشرة ان متم بكوا عليكم وان غبتم حنوا إليكم والثاني ذم الجهل ومدح العقل والعلم فان شرف العقل مدرك بضرورة العقل والعلم والحسن حتى ان اكبر الحيوانات شخصا وأقواها ابد إذا رأى الإنسان احتشمه وخاف منه لاحساسه بأنه مستول عليه بحيلته واقرب الناس الى باارجة بهائم أجلاف العرب والترك تراهم بالطبع يبالغون في توقير شيوخهم لان التجربة دميزتهم عنهم بمزيد علم ولذلك روى في الأثر الشيخ في قومه كالنبى في أمته نظرا الى قوة علمه وعقله لا بقوة شخصه وجماله وشوكته وثروته (وفي المثنوى)

كشتى بي لنكر آمد مرد شر

كه ز باد كژ نيابد او حذر

لنكر عقلست عاقل را أمان

لنكرى دريوزه كن از عاقلان

قال بعض الكبار العاقل كلامه ورلء قلبه فاذا أراد ان يتكلم به امره على قلبه فينظر فيه فان كان له اى لنفعه أمضاه وان كان عليه اى لضره امسكه والأحمق كلامه على طرف لسانه وعقله في حجره إذا قام سقط قال امير المؤمنين على رضى الله عنه لسان العاقل في قلبه وقلب الأحمق في فمه والأدب صورة العقل ولا شرف مع سوء الأدب ولا داء اعى من الجهل وإذا تم العقل نقص الكلام

هر كرا اندكست مايه عقل

بيهده كفتنش بود بسيار

مرد را عقل چون بيفزايد

در مجامع بكاهدش كفتار

وفي الحديث كل كلام ابن آدم عليه لا له الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر وفي حديث آخر وهل يكب الناس على مناخرهم في النار الا حصائد ألسنتهم والثالث ما قال بعض الكار

ص: 69

تدبر سر قوله تعالى ولو أنهم صبروا الآية ولا تنظر الى سبب النزول وانتظر خروجه مرة ثانية لقيام الساعة وفتح باب الشفاعة في هذه الدار نوما او يقظة في الآخرة وهو الشافع فيهما وفي الحافرة وقد ثبت ان الناس يلتجئون يوم القيامة الى الأنبياء ثم وثم الى ان يصلوا اليه فلا يصلون الى المراد الا عنده وفي الحديث انا أول ولد آدم خروجا إذا بعثوا وانا قائدهم إذا وفدوا وخطيبهم إذا أنصتوا وانا مبشرهم إذا ابلسوا وانا شفيعهم إذا حشروا ولواء الكرم بيدي وانا أكرم ولد آدم على ربى ولا فخر يطوف على ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون

سر خيل أنبياء وسپهدار اتقيا

سلطان باركاه دنى قائد الأمم

وانما كان خدامه ألفا لتحققه بألف اسم من اسماء الله سبحانه وتعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ اى فاسق كان بِنَبَإٍ اى نبأ كان والنبأ الخبر يعنى خبرى بيارد كه موحش بود وموجب تألم خاطر فالتنكير للتعميم وفيه إيذان بالاحتراز عن كل فاسق وانما قال ان جاءكم بحرف الشك دون إذا ليدل على ان المؤمنين ينبغى ان يكونوا على هذه الصفة لئلا يطمع فاسق في مكالمتهم بكذب ما وقال ابن الشيخ إخراج الكلام بلفظ الشرط المحتمل الوقوع لندرة مثله فيما بين أصحابه عليه السلام فَتَبَيَّنُوا اى ان جاءكم فاسق بخبر يعظم وقعه في القلوب فتعرفوا وتفحصوا حتى يتبين لكم ما جاء به أصدق هو أم كذب ولا تعتمدوا على قوله المجرد لان من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الذي هو نوع منه روى ان الوليد بن عقبة بن ابى معيط أخا عثمان لامه وهو الذي ولاه عثمان الكوفة بعد سعد بن ابى وقاص فصلى بالناس وهو سكران صلاة الفجر أربعا ثم قال هل أريدكم فعزله عثمان عنهم بعثه عليه السلام مصدقا الى بنى المصطلق اى آخذا وقابضا لصدقاتهم وزكاتهم وكان بينه وبينهم احنة اى حقد وبغض كامن في الجاهلية بسبب دم فلما سمعوا بقدومه استقبلوه ركبابا فحسب انهم مقاتلوه فرجع هاربا وقال لرسول الله عليه السلام قد ارتدوا ومنعوا الزكاة وهموا بقتلى فهم عليه السلام بقتالهم فنزلت وقيل بعث إليهم خالد بن الوليد بعد رجوع الوليد بن عقبة عنهم في عسكر وقال له أخف عنهم قدومك إليهم بالعسكر وادخل عليهم ليلا متجسسا هل ترى شعائر الإسلام وآدابه فان رأيت منهم ذلك فخذ منهم زكاة أموالهم وان لم تر ذلك فاستعمل فبهم ما يفعل بالكفار ففعل ذلك خالد وجاءهم وقت المغرب فسمع منهم أذان صلاتى المغرب والعشاء ووجدهم مجتهدين باذلين وسعهم ومجهودهم في امتثال امر الله فأخذ منهم صدقاتهم وانصرف الى رسول الله وأخبره الخبر فنزلت أَنْ تُصِيبُوا حذار أن تصيبوا قَوْماً بِجَهالَةٍ حال من ضمير تصيبوا اى ملتبسين بجهالة بحالهم وكنه قصتهم فَتُصْبِحُوا أي فتصيروا بعد ظهور براءتهم مما أسند إليهم عَلى ما فَعَلْتُمْ فى حقهم نادِمِينَ مغتمين غما لازما متمنين انه لم يقع فان تركيب هذه الاحرف الثلاثة يدور مع الدوام مثل أدمن الأمر إذا ادامه ومدن المكان إذا اقام به ومنه المدينة يعنى ان الندم غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام على ما وقع مع تمنى

ص: 70

انه لم يقع ولزومه قد يكون لقوته من أول الأمر وقد يكون لعدم غيبة موجبه وسببه عن الخاطر وقد يكون لكثرة تذكره ولغير ذلك من الأسباب وفي الآية دلالة على ان الجاهل لا بد ان يصير نادما على ما فعله بعد زمان وفي ترتيب الأمر بالتبين على فسق المخبر اشارة الى قبول خبر الواحد العدل في بعض المواد ورد عليه السلام شهادة رجل في كذبة واحدة وقال ان شاهد الزور مع العشار في النار وقال عليه السلام من شهد شهادة زور فعليه لعنة الله ومن حكم بين اثنين فلم يعدل بينهما فعليه لعنة الله وما شهد رجل على رجل بالكفر إلا باء به أحدهما ان كافرا فهو كما قال وان لم يكن كافرا فقد كفر بتكفيره إياه كما في كشف الاسرار وفي الآية ايضا اشارة الى ترك الاستماع الى كلام الساعي والنمام والمغتاب للناس

كسى پيش من در جهان عاقلست

كه مشغول خود وز جهان غافلست

كسى را كه نام آمد اندر ميان

به نيكوترين نام ونعتش بخوان

از ان همنشين تا توانى گريز

كه مر فتنه خفته را كفت خيز

ميان دو كس جنك چون آتش است

سخن چين بدبخت هيزم كش است

ميان دو تن آتش افروختن

نه عقلست خود در ميان سوختن

فلا بدّ من التبين والتفحص ليظهر حقيقة الحال ويسلم المرء من الوبال ويفتضح الكذاب الدجال وفى الحديث التبين من الله والعجلة من الشيطان وفيها ايضا اشارة الى تسويلات النفس الفاسقة الامارة بالسوء ومجبئها كل ساعة نيأ شهوة من شهوات الدنيا فتبينوا ربحها وخسرانها من قبل ان تصيبوا قوما من القلوب وصفاتها بجهالة ما فيها من شفاء النفوس وحياتها ومرض القلوب ومماتها فتصبحوا صباح القيامة وأنتم على ما فعلتم نادمون وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ وبدانيد كه در ميان شماست رسول الله وفائدة الأمر الدلالة على انهم نزلوا منزلة الجاهلين لمكانه لتفريطهم فيما يجب من تعظيم شأنه فيكون قوله تعالى لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ استئنافا وقال بعضهم ان بما في حيزها ساد مسد مفعولى اعلموا باعتبار ما بعده من قوله تعالى لو يطيعكم إلخ فانه حال من أحد الضميرين في فيكم الاول المرفوع المستتر فيه العائد الى رسول الله المنتقل اليه من عامله المحذوف لان التقدير كائن فيكم او مستقر والثاني المجرور البارز والمعنى اى على الحال ان فيكم رسول الله كائنا على حالة يجب عليكم تغييرها او كائنين على حالة إلخ وهى انكم تريدون ان يتبع عليه السلام رأيكم في كثير من الحوادث ولو فعل ذلك لوقعتم في الجهد والهلاك فعلى هذا يكون قوله لو يطيعكم إلخ دليل وجوب تغيير تلك الحال أقيم مقام الحال وفيه إيذان بأن بعضهم زينوا لرسول الله الإيقاع ببني المصطلق تصديقا لقول الوليد وانه عليه السلام لم يطع رأيهم والعنت محركة الفساد والإثم والهلاك ودخول المشقة على الإنسان كما في القاموس يقال عنت فلان إذا وقع في امر يخاف منه التلف كما في المفردات فهو من الباب الرابع مثل طرب يطرب طربا وقال الزمخشري هو الكسر بعد الجبر كما في تاج المصادر العنت بزه مند شدن ودر كارى افتيدن كه از ان بيرون نتواند آمد وشكسته شدن استخوان پس از چبر وقوله لمن خشى

ص: 71

العنت منكم يعنى الفجور والزنى ومنه الأسير من المسلمين في دار الحرب إذا خشى العنت على نفسه والفجور لا بأس بأن يتزوج امرأة منهم والتركيب يدل على مشقة وصيغة المضارع فى لو يطيكم للدلالة على ان امتناع عنتهم لامتناع استمرار طاعته عليه السلام لان عنتهم انما يلزم من استمرار الطاعة فيما بعن لهم من الأمور إذ فيه اختلال امر الايالة وانقلاب الرئيس مرؤسا لا من اطاعته في بعض ما يرونه نادرا بل فيها استمالتهم بلا معرة قال في علم البلاغة لو للشرط في الماضي اى لتعليق حصول مضمون الجزاء بحصول مضمون الشرط فرضا مع القطع بانتفاء الشرط فيلزم انتفاء الجزاء فيلزم عدم الثبوت والمضي في جملتها إذا الثبوت ينافى التعليق والاستقبال ينافى الماضي فلا يعدل في جملتيها عن الفعلية لما ضوية الا لنكتة فدخولها على المضارع نحو لو يطيعكم إلخ لقصد استمرار الفعل فيما مضى وقتا فوقتا والفعل هو الاطاعة يعنى ان امتناع عنتكم بسبب امتناع استمراره على إطاعتكم فان المضارع يفيد الاستمرار ودخول لو عليه امتناع الاستمرار وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ إلخ تجريد للخطاب وتوجيه له الى بعضهم بطريق الاستدراك بيانا لبرآءتهم من أوصاف الأولين واحمادا لافعالهم وهم الكاملون الذين لا يعتمدون على كل ما سمعوه من الاخبار والتحبيب دوست كردانيدن اى ولكنه تعالى جعل الايمان محبوبا لديكم وَزَيَّنَهُ وحسنه فِي قُلُوبِكُمْ حتى رسخ حبه فيها ولذلك أتيتم بما يليق به من الأقوال والافعال وفي عين المعاني في قلوبكم دون السنتكم مجردة ردا على الكرامية وقيل دون جوارحكم ردا على الشفعوية وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ولذلك اجتنبتم مالا يليق بها مما لاخير فيه من آثارها وأحكامها والتكريه هنا بمعنى التبغيض والبغض ضد الحب فالبغض نفار النفس عن الشيء الذي ترغب عنه والحب انجذاب النفس الى شيء الذي ترغب فيه ولما كان فى التحبيب والتكريه معنى إنهاء المحبة والكراهة وايصالهما إليهم استعملا بكلمة الى قال في فتح الرحمن معنى تحبيب الله وتكريهه اللطف والامداد بالتوفيق والكفر تغطية نعم الله بالجحود والفسوق الخروج عن القصد اى العدل بظلم نفسه والعصيان الامتناع من الانقياد وهو شامل لجميع الذنوب والفسوق مختص بالكبائر أُولئِكَ المستثنون بقوله ولكن الله إلخ هُمُ الرَّاشِدُونَ اى السالكون الى الطريق السوي الموصل الى الحق وفي الآية عدول وتلوين حيث ذكر أولها على وجه المخاطبة وآخرها على المغايبة حيث قيل أولئك هم الراشدون ليعلم ان جميع من كان حاله هكذا فقد دخل في هذا المدح كما قال ابو الليث فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً اى وانعاما تعليل لحبب وكره وما بينهما اعتراض لا للراشدين فان الفضل فعل الله والرشد وان كان مسببا عن فعله وهو التحبيب والتكريه مسند الى ضميرهم يعنى ان المراد بالفاعل من قام به الفعل وأسند هو اليه لا من أوجده ومن المعلوم ان الرشد قائم بالقوم والفضل والانعام قائمان به تعالى فلا اتحاد وَاللَّهُ عَلِيمٌ مبالغ في العلم فيعلم احوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل والتمايز حَكِيمٌ يفعل كل ما يفعل بموجب الحكمة (وقال الكاشفى) والله عليم وخداى تعالى داناست بصدق وكذب حكيم محكم كارست در امور بندگان واز حكمتهاى

ص: 72

اوست كه بتحقيق اخبار ميفرمايد كه از خبرهاى نار است انواع فتنها مى زايد

هرگز سخنان فتنه انگيز مكو

وآن راست كه هست فتنه ان نيز مكو

خامش كن وكر چاره ندارى ز سخن

شوخى مكن وتند مشو تيز مكو

وفي الآية دليل على ان من كان مؤمنا لا يحب الفسق والمعصية وإذا ابتلى بالمعصية فان شهوته وغفلته تحمله على ذلك لا لحبه للمعصية بل ربما يعصى حال الحضور لان فيه نفاذ قضائه تعالى شيخ اكبر قدس سره الأطهر مى فرمايد كه بعضى از صالحان مرا خبر داد كه بفلان عالم در آمدم واو عظيم بر نفس خود مسرف بود شيخ فرمود كه من آن عالم مسرف را نيز مى دانم وبا وى اجتماع اتفاق افتاده بود آن عزيز صالح ميكويد كه چون بدر خانه او رسيدم أبا كرد از ان سبب كه بر صورتى نامشروع نشسته بود كفتم چاره نيست از ديدن او كفت بگوييد كه من بر چهـ حالم كفتم لا بد است دستورى داد در آمدم وآن خمر ايشان تمام شده بود بعضى از حاضران كفت بفلانى رقعه بنويس كه قدرى بفرستد آن عالم كفت نكنم ونمى خواهم بر معصيت حق تعالى مصر باشم والله والله كه هيچ كاسه نمى خورم الا كه در عقب آن توبه ميكنم ومنتظر كاس ديكر نباشم وبا نفس خود در ان باب سخن نمى كويم چوق بار ديكر دور مى رسد وساقى مى آيد در نفس خود نكاه ميكنم اگر راى من بر ان قرار ميكيرد كه بگيرم مى ستانم و چون فارغ شدم باز بحق رجوع ميكنم وتوبه مى آرم در مرور اوقات در خاطر من نيست كه عصيان كنم آن عزيز مى گويد كه با وجود عصيان وإسراف او تعجب نمودم كه چكونه از مثل اين حضور غافل نشد پس حذر كنى از اصرار كردن بر كناه بلكه در هر حالت توبه كنى وبحق تعالى باز كرد وبر اثر هر عصيانى عذرى بخواه

طريقى بدست آر وصلحى بجوى

شفيعى بر انگيز وعذرى بكوى

كه يكلحظه صورت نبندد أمان

چو پيمانه پر شد بدور زمان

وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا اى تقاتلوا والجمع حيث لم يقل اقتتلتا على التثنية والتأنيث باعتبار المعنى فان كل طائفة جمع والطائفة من الناس جماعة منهم لكنها دون الفرقة كما دل عليه قوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة وطائفتان فاعل فعل محذوف وجوبا لا مبتدأ لأن حرف الشرط لا يدخل الا على الفعل لفظا او تقديرا والتقدير وان اقتتل طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فحذف الاول لثلا يلزم اجتماع المفسر والمفسر واصل القتل ازالة الروح عن الجسد فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما تنى الضمير باعتبار اللفظ والصلاح الحصول على الحالة المستقيمة النافعة والإصلاح جعل الشيء على تلك الحالة وبالفارسية بإصلاح آوردن اى فاصلحوا بين تينك الطائفتين بالنصح والدعاء الى حكم الله قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله من وصل أخاه بنصيحة في دينه ونظر له في صلاح دنياه فقد احسن صلته وقال مطرف وجدنا انصح العباد لله الملائكة ووجدنا اغش العباد لله الشياطين يقال من كتم السلطان نصحه والأطباء مرضه والاخوان بثه فقد خان نفسه والإصلاح بين الناس إذا تفاسدوا من أعظم الطاعات وأتم القربات وكذا نصرة المظلوم وفي الحديث الا أخبركم بأفضل من درجة الصيام

ص: 73

والصلاة والصدقة قالوا بلى يا رسول الله قال إصلاح ذات البين وقال لقمان يا بنى كذب من يقول ان الشر يطفى الشر فان كان صادقا فليوقد نارين ثم لينظر هل تطفئ أحدا هما الاخرى وانما يطفئ الماء النار وفي الحديث المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يعيبه ولا يتطاول عليه في البنيان فيستر عنه الريح الا بأذنه ولا يؤذيه بقتار قدره الا ان يغرف له منها ولا يشترى لبنيه الفاكهة فيخرجون بها الى صبيان جاره ولا يطعمونهم منها وقال بعض العارفين سعى الإنسان في مصالح غيره من أعظم القربات الى الله تعالى وتأمل في موسى عليه السلام لما خرج يمشى في الظلمة في حق اهله ليطلب لهم نارا يصطلون بها وبقضون بها الاامر الذي لا يقضى الا بها في العادة كيف انتج له ذلك الطلب سماع كلام ربه من غير واسطة ملك فكلمه الله في عين حاجته وهى النار ولم يكن يخطر له هذا المقام بخاطر فلم يحصل له الا في وقت السعى في مصالح العيال وذلك ليعلمه الله بما في قضاء حوائج العائلة من الفضل فيزيد حرصا في سعيه في حقهم لانهم عبيده على كل حال وكذلك لما وقع لموسى الفرار من الأعداء الذين طلبوا قتله انتج له ذلك الفرار الحكم والرسالة كما قال ففرت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما وجعلنى من المرسلين وذلك لان فراره كان سعيا في حق الغير الذي هو النفس الناطقة المالكة تدبير هذا البدن فان فرار الأكابر دائما انما يكون في حق الغير لا في حق أنفسهم فكان الفار من موسى النفس الحيوانية وكذلك لما خرج الخضر عليه السلام يرتاد الماء للجيش الذي كان معه حين فقدوا الماء فوقع بعين الحياة فشرب منها عاش الى زمننا هذا والحال انه كان لا يعرف ما خص الله به شارب ذلك الماء من الحياة فلما عاد وأخبر أصحابه بالماء سارعوا الى ذلك الموضع ليستقوا منه فأخذ الله بأبصارهم عنه فلم يهتدوا الى موضعه (كما قال الحافظ)

سكندر را نمى بخشند آبى

بزور وزر ميسر نيست اين كار

فانظر ما انتج له سعيه في حق الغير واعمل عليه والآية نزلت في قتال أحدث بين الأوس والخزرج فى عهده عليه السلام بالسعف وهى أغصان النخل إذا يبست والنعال فقال ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه السلام مر يوما على ملإ من الأنصار فيهم عبد الله بن ابى المنافق ورسول الله عليه السلام على حماره فوقف عليهم يعظهم فبال حماره أوراث فأمسك عبد الله بن ابى انفه وقال نح عنا نتن حمارك فقد آذيتنا بنتنه فمن جاءك منا فعظه فسمع ذلك عبد الله بن رواحة رضى الله عنه فقال ألحمار رسول الله تقول هذا والله ان بول حمار رسول الله أطيب رائحة منك فمر عليه السلام رطال الكلام بين عبد الله بن ابى المنافق الخزرجي وعبد الله ابن رواحة الأوسي حتى استبا وتجالدا وجاء قوم كل واحد منهما من الأوس والخزرج وتجالدوا بالعصى او بالنعال

والأيدي او بالسيف ايضا فنزلت الآية فرجع إليهم رسول الله فقرأها عليهم وأصلح بينهم فان قيل عبد الله بن ابى كان منافقا والآية في طائفتين من المؤمنين قلنا احدى الطائفتين هى عبد الله بن ابى وعشيرته ولم يكن كلهم منافقين فالآية تتناول المؤمنين منهم او المراد بالمؤمنين من اظهر الايمان سوآء كان مؤمنا حقيقة او ادعاء وقيل في سبب

ص: 74

النزول غير هذا ويحتمل ان تكون الروايات كلها صحيحة ويكون نزول الآية عقيب جميعها وقال ابن بحر القتال لا يكون بالنعال والا يدى وانما هذا في المنتظر من الزمان انتهى.

يقول الفقير فسروا القتل بفعل يحصل به زهوق الروح كالضرب بآلة الحرب والمحدد ولو من خشب ونحو ذلك مما يفرق الا جزاء ولا شك ان السعف من قبل الخشب المحدد واما النعال فان بعضها يعمل عمل الخشب المحدد كما شاهدنا في نعال بعض الاعراب على ان القتال قد يستعمل مجازا في المحاربة والمضاربة فقد وقع القتال مطلقا في زمن النبي عليه السلام واما حرف الشرط فاشارة الى انه لا ينبغى ان يصدر القتال من المؤمنين الا فرضا مع ان خصوص السبب لا ينافى عموم الحكم فالآية عامة في جميع المسلمين الى يوم القيامة على تقدير القتال فاعرف فَإِنْ بَغَتْ اى تعدت يقال بغى عليه بغيا علا وظلم وعدل عن الحق واستطال كما في القاموس واصل البغي طلب ما ليس بمستحق فان البغي الطلب إِحْداهُما وكانت مبطلة عَلَى الْأُخْرى وكانت محقة ولم تتأثر اى الباغية بالنصيحة فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي اى قاتلوا الطائفة الباغية حَتَّى تَفِيءَ اى ترجع فان الفيء الرجوع الى حالة محمودة إِلى أَمْرِ اللَّهِ اى الى حكمه الذي حكم به في كتابه العزيز وهو المصالحة ورفع العداوة او الى ما امر به وهو الاطاعة المدلول عليها بقوله أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الاامر منكم فأمر الله على الاول واحد الأمور وعلى الثاني واحد الأوامر وانما اطلق الفيء على الظل لرجوعه بعد نسخ الشمس اى إزالتها إياه فان الشمس كلما ازدادت ارتفاعا ازداد الظل انتساخا وزوالا وذلك الى ان توازى الشمس خط نصف النهار فاذا زالت عنه وأخذت فى الانحطاط أخذ الظل في الرجوع والظهور فلما كان الزوال سببا لرجوع ما انتسخ من الظل أضيف الظل الى الزوال فقيل فئ الزوال وأطاق ايضا على الغنيمة لرجوعها من الكفار الى المسلمين وتلك الأموال ولم تكن اولا للمسلمين لكنها لما كانت حقهم ليتوسلونها الى طاعته تعالى كانت كأنها لهم اولا ثم رجعت. ومر الأصمعي بحي من احياء العرب فوجد صببا يلعب مع الصبيان في الصحراء ويتكلم بالفصاحة فقال الأصمعي اين أباك يا صبي فنظر اليه الصبى ولم يجب ثم قال اين أبيك فنظر اليه ولم يجب كالاول ثم قال اين أبوك فقال فاء الى الفيفاء لطلب الفيء فاذا فاء الفيء فاء اى رجع فَإِنْ فاءَتْ اليه وأقلعت عن القتال حذارا من قتالكم فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ والانصاف بفصل ما بينهما على حكم الله ولا تكتفوا بمجرد متاركتهما عسى ان يكون بينهما قتال في وقت آخر (قال الحافظ)

جويبار ملك را آب سر شمشير تست

خوش درخت عدل بنشان بيخ بدخواهان بكن

وقال كيخسرو أعظم الخطايا محاربة من يطلب الصلح وتقييد الإصلاح بالعدل هاهنا دون الاول لانه مظنة الحيف لوقوعه بعد المقاتلة وهى تورث الاحن في الغالب وقد أكد ذلك حيث قيل وَأَقْسِطُوا اى واعدلوا في كل ما تأتون وما تذرون من اقسط إذا أزال القسط بالفتح اى الجور يقال إذا جاء القسط بالكسر اى العدل زال القسط بالفتح اى الجور وقال بعضهم الاقساط ان يعطى قسط غيره اى نصيبه وذلك انصاف إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ

ص: 75

اى العادلين الذين يؤدون لكل ذى حق حقه فيجازيهم بأحسن الجزاء (قال الكاشفى)

عدل را شكر هست جان افزاى

عدل مشاطه ايست ملك آراى

عدل كن زانكه در ولايت دل

در پيغمبرى زند عادل

(وقال الحافظ)

شاه را به بود از طاعت صد ساله وزهد

قدر يكساعته عمرى كه درو داد كند

قال بعض الكبار كل من كان فيه صفة العدل فهو ملك وان كان الحق ماستخلفه بالخطاب الإلهي فان من الخلفاء من أخذ المرتبة بنفسه من غير عهد الهى اليه بها وقام بالعدل فى الرعايا استنادا الى الحق كما قال عليه السلام ولدت في زمان الملك العادل يعنى كسرى فسماه ملكا ووصفه بالعدل ومعلوم ان كسرى في ذلك العدل على غير شرع منزل لكنه نائب للحق من ورلء الحجاب وخرج بقولنا وقام بالعد في الرعايا من لم يقم بالعدل كفرعون وأمثاله من المنازعين لحدود الله والمغالبين لجنابه بمغالبة رسله فان هؤلاء ليسوا بخلفاء الله تعالى كالرسل ولا نوابا له كالملوك العادلة بلهم اخوان الشياطين قال بعضهم

شه كسرى از ظلم از آن ساده است

كه در عهد او مصطفى زاده است

اى كان عدله من انعكاس نور انيته صلى الله عليه وسلم فاعرف جدا وفي الآية دلالة على ان الباغي لا يخرج بالبغي عن الايمان لان احدى الطائفتين فاسقة لا محالة إذ اقتتلتا وقد سماهما مؤمنين وبه يظهر بطلان ما ذهب اليه المعتزلة والخوارج من خروج مرتكب الكبيرة عن الايمان ويدل عليه ما روى عن على رضى الله عنه انه سئل وهو القدوة في قتال اهل البغي أعلمنا اهل الجمل وصفين أمشركون هم فقال لا من الشرك فروا فقيل أمنافقون هم فقال لا ان المنافقين لا يذكرون الله الا قليلا قيل فما حالهم قال إخواننا بغوا علينا وايضا فيها دلالة على ان الباغي إذا امسك عن الحرب ترك لانه فاء الى امر الله وانه يجب معاونة من بغى عليهم بعد تقديم النصح والسعى في المصالحة بدلالة قوله فأصلحوا بينهما فان النصح والدعاء الى حكم الله إذا وجب عند وجود البغي من الطائفتين فلأن يجب عند وجوده من إحداهما اولى لان ظهور اثره فيها ارحى واعلم ان الباغي في الشرع هو الخارج على الامام العادل وبيانه في الفقه في باب البغاة قال سهل رحمه الله في هذه الآية الطائفتان هما الروح والقلب والعقل والطبع والهوى والشهوة فان بغى الطبع والهوى والشهوة على العقل والقلب والروح فيقاتل العبد بسيوف المراقبة وسهام المطالعة وأنوار الموافقة ليكون الروح والعقل غالبا والهوى والشهوة مغلوبا وقال بعضهم النفس إذا ظلمت على القلب باستيلاء شهواتها واستعلائها في فسادها يجب ان تقاتل حتى تثخن بالجراحة بسيوف المجاهدة فان استجابت بالطاعة فيعفى عنها لانها هى المطية الى باب الله ولا بد من العدل بين القلب والنفس لئلا يظلم القلب على النفس كمالا يظلم النفس على القلب لان لنفسك عليك حقا نسأل الله إصلاح البال واعتدال الحال إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ جمع الأخ وأصله المشارك لآخر في الولادة من الطرفين او من أحدهما او من الرضاع ويستعار في كل مشارك لغيره

ص: 76

فى القبيلة او في الدين او في صنعة او في معاملة أو في مودة او في غير ذلك من المناسبات والفرق بين الخلة والاخوة ان الصداقة إذا قويت صارت اخوة فان ازدادت صارت خلة كما في احياء العلوم وسئل الجنيد قدس سره عن الأخ فقال هو أنت في الحقيقة الا انه غيرك فى الشخص قال بعض اهل اللغة الاخوة جمع الأخ من النسب والاخوان جمع الأخ من الصداقة ويقع أحدهما موقع الآخر وفي الحديث وكونوا عباد الله إخوانا والمعنى انما المؤمنون منتسبون الى اصل واحد هو الايمان الموجب للحياة الابدية كما ان الاخوة من النسب منتسبون الى اصل واحد هو الأب الموجب للحياة الفانية فالآية من قبيل التشبيه البليغ المبتنى على تشبيه الايمان بالأب في كونه سبب الحياة كالاب فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ الفاء للايذان بأن الاخوة الدينية موجبة للاصلاح ووضع المظهر مقام المضمر مضافا الى المأمورين للمبالغة في تأكيد وجوب الإصلاح والتحضيض عليه وتخصيص الاثنين بالذكر لاثبات وجوب الإصلاح فيما فوق ذلك بطريق الاولوية لتضاعف الفتنة والفساد فيه وَاتَّقُوا اللَّهَ فى كل ما تأتون وما تذرون من الأمور التي من جملتها ما أمرتم به من الإصلاح وفي التأويلات النجمية واتقوا الله في إخوتكم في الدين بحفظ عهودهم ورعاية حقوقهم في المشهد والمغيب والحياة والممات لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ راجين

ان ترحموا على تقواكم كما ترحمون واعلم ان اخوة الإسلام أقوى من اخوة النسب بحيث لا تعتبر اخوة النسب إذا خلت عن اخوة الإسلام الا ترى انه إذا مات المسلم وله أخ كافر يكون ماله للمسلمين لا لاخيه الكافر وكذا إذا مات أخ الكافر وذلك لان الجامع الفاسد لا يفيد الاخوة وان المعتبر الأصلي الشرعي الا يرى ان ولدي الزنى من رجل واحد لا يتوارثان وهذا المعنى يستفاد من الآية ايضا لان انما للحصر فكأنه قيل لا اخوة الا بين المؤمنين فلا اخوة بين المؤمن والكافر وكسب المرتد حال إسلامه لوارثه المسلم لاستناده الى ما قبل الردة فيكون توريث المسلم من المسلم واما كسبه حال ردته فهو فيء يوضع في بيت المال لانه وجد بعد الردة فلا يتصور اسناده الى ما قبلها وفي الحديث كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة الا سببى ونسبى مراد باين نسب دين وتقواست نه نسب آب وكل والا ابو لهب را در ان نصيب بودى كما في كشف الاسرار قال بعض الكبار القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاثة اقسام لانها اما قرابة في الصورة فقط اوفى المعنى فقط اوفى الصورة والمعنى فاما القرابة في الصورة فلا يخلو اما ان تكون بحسب طينته كالسادات الشرفاء او بحسب دينه وعلمه كالعلماء والصالحين والعباد وسائر المؤمنين وكل منهما نسبة صورية واما قرابته عليه السلام في المعنى فهم الأولياء لان الولي هو ولده الروحي القائم بما تهيأ لقبوله من معناه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم سلمان منا اهل البيت اشارة الى القرابة المعنوية واما القرابة في الصورة والمعنى معافهم الخلفاء والائمة القائمون مقامه سواء كان قبله كأكابر الأنبياء الماضين او بعده كالاولياء الكاملين وهذه أعلى مراتب القرابة وتليها القرابة الروحية ثم القرابة الصورية الدينية ثم قرابة الطينية فان جمعت ما قبلها فهى الغاية وقال بعضهم ان الله خلق الأرواح من عالم الملكوت والأشباح من عالم الملك

ص: 77

ونفخ فيها تلك الأرواح وجعل بينها النفوس الامارة التي ليست من قبيل الأرواح ولا من قبيل الأشباح وجعلها مخالفة للارواح ومساكنها اى الأشباح فأرسل عليها جند العقول ليدفع بها شرها وهى العقول المجردة والاخروية والا فالعقول الغريزية والدنيوية لا تقدر على الدفع بل هى معينة للنفس فاذا امتحن الله عباده المؤمنين هيچ نفوسهم الامارة ليظهره حقائق درجاتهم من الايمان والاخوة وأمرهم ان يعينوا العقل والروح والقلب على النفس حتى تنهزم لان المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا فهم كنفس واحدة لان مصادرهم مصدر واحد وهو آدم عليه السلام ومصدر روح آدم نور الملكوت ومصدر جسمه تربة الجنة فى بعض لاقوال ولذلك يصعد الروح الى الملكوت الجسم الى الجنة كما قال عليه السلام كل شيء يرجع الا أصله وفي التأويلات النجمية اعلم ان اخوة النسب انما تثبت إذا كان منشأ النطف صلبا واحدا فكذلك اخوة الدين منشأ نطفها صلب النبوة وحقيقة نطفها نور الله فاصلاح ذات بينهم برفع حجب أستار البشرية عن وجوه القلب ليتصل النور بالنور من روزنة القلب ليصيروا كنفس واحدة كما قال عليه السلام المؤمنون كنفس واحدة ان اشتكى عضو واحد تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر.

بنى آدم اعضاى يكديكرند

كه در آفرينش ز يك جوهرند

چوعضوى بدرد آورد روزكار

دكر عضوها را نماند قرار

ومن حق الاخوة في الدين ان تحب لا خيك ما تحب لنفسك ويسرك ما سره ويسوءك ما ساءه وان لا تحوجه الى الاستعانة بك وان استعان تعنه وتنصره ظالما او مظلوما فمنعك إياه عن الظلم فذلك نصرك إياه وفي الحديث المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه من كان فى حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ومن حقه ان لا نقصر في تفقد أحواله بحيث يشكل عليك موضع حاجته فيحتاج الى مسألتك وان لا تلجئه الى الاعتذار بل تبسط عذره فان أشكل عليك وجهه عدت باللائمة على نفسك في خفاء عذره وتتوب عنهه إذا أذنب وتعوده إذا مرض وإذا أشار إليك بشيء فلا تطالبه بالدليل وإيراد الحجة كما قالوا

لا يسألون أخاهم حين يندبهم

فى النائبات على ما قال برهانا

إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهمو

لأية حرب أم باى مكان

والاستنجاد يارى خواستن. قبل لفيلسوف ما الصديق فقال اسم بلا مسمى وقال فضيل لسفيان دلنى على من اركن اليه فقال ضالة لا توجد وقال ابو اسحق الشيرازي

سألت الناس عن خل وفي

فقالوا ما الى هذا سبيل

تمسك ان ظفرت بود حر

فان الحر في الدنيا قليل

قيل ابعد الناس سفرا من كان سفره في طلب أخ صالح قال أعرابي اللهم احفظني من الصديق فقيل له في ذلك قال الحذر منه اكثر من الحذر من العدو قال على رضى الله عنه اخوان هذا الزمان

ص: 78

جواسيس العيوب وقد احسن من قال الأخ الصالح خير لك من نفسك لان النفس امارة بالسوء والأخ لا يأمرك الا بخير وقيل الدنيا بأسرها لا تسع منباغضين وشبر بشبر يسع المتحابين كما قال الحكماء ده درويش در كليمى بخسبند ودو پادشاه در اقليمى نكنجند واعلم ان المواخاة امر مسنون من لدن النبي عليه السلام فانه آخى بين المهاجرين والأنصار يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ السخرية ان يحقر الإنسان أخاه ويستخفه ويسقطه عن درجته ويعده ممن لا يلتفت اليه اى لا يستهزئ قَوْمٌ اى منكم وهو اسم جمع لرجل مِنْ قَوْمٍ آخرين ايضا منكم والتنكير اما للتعميم او للتبعيض والقصد الى نهى بعضهم عن سخرية بعض لما انها مما يجرى بين بعض وبعض فان قلت المنهي عنه هو ان يسخر جماعة من جماعة فيلزم ان لا يحرم سخرية واحد من واحد قلت اختيار الجمع ليس للاحتراز عن سخرية الواحد من الواحد بل هو لبيان الواقع لان السخرية وان كانت بين اثنين الا ان الغالب أن تقع بمحضر جماعة يرضون بها ويضحكون بسببها بدل ما وجب عليهم من النهى شركاء الساخر في تحمل الوزر ويكونون والإنكار ويكونون بمنزلة الساخرين حكما فنهوا عن ذلك يعنى انه من نسبة فعل البعض الى الجميع لرضاهم به في الأغلب او لوجوده فيما بينهم والقوم مختص بالرجال لانهم قوامون على النساء ولهذا عبر عن الإناث بما هو مشتق من النسوة نفتح النون وهو ترك العمل ويؤيده قول زهير

وما أدرى ولست إخال أدرى

أقوم آل حصن أم نساء

عَسى شايد أَنْ يَكُونُوا باشند خَيْراً مِنْهُمْ تعليل للنهى اى عسى ان يكون المسخور منهم خيرا عند الله من الساخرين ولا خبر لعسى لاغناء الاسم عنه وَلا نِساءٌ اى ولا تسخر نساء من المؤمنات وهو اسم جمع لامرأة مِنْ نِساءٍ منهن وانما لم يقل امرأة من رجل ولا بالعكس للاشعار بان مجالسة الرجل المرأة مستقبح شرعا حتى منعوها عن حضور الجماعة ومجلس الذكر لان الإنسان انما يسخر ممن يلابسه غالبا عَسى أَنْ يَكُنَّ اى المسخور منهن خَيْراً مِنْهُنَّ اى من الساخرات فان مناط الخميرية في الفريقين ليس ما يظهر للناس من الصور والاشكال ولا الأوضاع والأطوار التي عليها يدور امر السخرية غالبا بل انما هو الأمور الكامنة في القلوب فلا يجترئ أحد على استحقار أحد فعله اجمع منه لما نيط به من الخيرية عند الله فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله واستهانة من عظمه الله وفي التأويلات النجمية يشير الى انه لا عبرة بظاهر الخلق فلا تنظر الى أحد بنظر الا زرآء والاستهانة والاستخفاف والاستحقار لان في استحقار أخيك عجب نفسك مودع كما نظر إبليس بنظر الحقارة الى آدم عليه السلام فأعجبه نفسه فقال اما خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين فلعن الى الابد لهذا المعنى فمن حقر أخاه المسلم وظن انه خير منه يكون إبليس وقته واخوه آدم وقته ولهذا قال تعالى عسى ان يكونوا خيرا منهم فبالقوم يشير الى اهل المحبة وارباب السلوك فانهم مخصوصون بهذا الاسم كما قال تعالى فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه يعنى لا ينظر المنتهى من ارباب الطلب بنظر الحقارة الى المبتدئ والمتوسط عسى

ص: 79

ان يكونوا خيرا منهم فان الأمور بخواتيمها ولهذا قال أوليائي تحت قبابى لا يعرفهم غيرى وقال عليه السلام رب أشعث اغبر ذى طمرين لا يؤبه به لو أقسم على الله لأبره قال معروف الكرخي يوما لتلميذه السرى السقطي قدس الله سرهما إذا كانت لك الى الله حاجة فأقسم عليه بي ومن هنا أخذوا قولهم على ظهر المكاتيب بحرمة معروف الكرخي والله اعلم يقول البغداديون قبر معروف ترياق مجرب وبالنساء يشير الى عوام المسلمين لانه تعالى عبر عن الخواص بالرجال في قوله رجال لا تلهيهم تجارة وقوله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه يعنى لا ينبغى لمسلم ما أن ينظر الى مسلم ما بنظر الحقارة عسى ان يكن خيرا منهن الى هذا المعنى يشير ثم نقول ان للملائكة شركة مع إبليس في قولهم لآدم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك كان في نظرهم اليه بالحقارة إعجاب أنفسهم مودعا ولكن الملائكة لم يصروا على ذلك الاعجاب وتابوا الى الله ورجعوا مما قالوا فعالجهم الله تعالى باسجادهم لآدم لان في السجود

غاية الهوان والذلة للساجد وغاية العظمة والعزة للمسجود فلما كان في تحقير آدم هو انه وذلته وعزة الملائكة وعظمتهم أمرهم بالسجود لان علاج العلل بأضدادها فزال عنهم علة العجب وقد أصر إبليس على قوله وفعله ولم يتب فأهلكه الله بالطرد واللعن فكذلك حال من ينظر الى أخيه المسلم بنظر الحقارة (قال الحافظ)

مكن بچشم حقارت نكاه بر من مست

كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او

قال ابن عباس رضى الله عنه نزلت الآية في ثابت بن قيس بن شماس رضى الله عنه كان في اذنه وقر فكان إذا اتى مجلس رسول الله عليه السلام وقد سبقوه بالمجلس وسعوا له حتى يجلس الى جنبه عليه السلام يسمع ما يقول فاقبل ذات يوم وقد فاتته ركعة من صلاة الفجر فلما انصرف النبي عليه السلام من الصلاة أخذ أصحابه مجالسهم فضن كل رجل بمجلسه فلا يكاد يوسع أحد لاحد فكان الرجل إذا جاء لا يجد مجلسا فيقوم على رجليه فلما فرغ ثابت من الصلاة اقبل نحو رسول الله يتخطى رقاب الناس وهو يقول تفسحوا تفسحوا فجعلوا يتفسحون حتى انتهى الى رسول الله بينه وبينه رجل فقال له تفسخ فلم يفعل فقال من هذا فقال له الرجل انا فلان فقال بل أنت ابن فلانة يريد أما له كان يعير بها في الجاهلية فخجل الرجل ونكس رأسه فأنزل الله هذه الآية (وروى) ان قوله تعالى ولا نساء من نساء نزل فى نساء النبي عليه السلام عيرن أم سلمة بالقصر او أن عائشة رضى الله عنها قالت ان أم سلمة جميلة لولا انها قصيرة وقيل ان الآية نزلت في عكرمة بن ابى جهل حين قدم المدينة مسلما بعد فتح مكة فكان المسلمون إذا رأوه قالوا هذا ابن فرعون هذه الامة فشكا ذلك للنبى عليه السلام فقال عليه السلام لا تؤذوا الاحياء بسبب الأموات ونزلت الآية

هميشه در صدد عيب جويى خويشم

نبوده ايم پى عيب ديكران هركز

قال ابو الليث ثم صارت الآية عامة في الرجال والنساء فلا يجوز لاحدان يسخر من صاحبه او من أحد من خلق الله وعن ابن مسعود البلاء موكل بالقول وانى لأخشى لو سخرت

ص: 80

من كلب ان أحول كلبا وذلك لان المؤمن ينبغى أن ينظر الى الخالق فانه صنعه لا ألى المخلوق فانه ليس بيده شيء في الحسن والقبح ونحوهما قيل للقمان ما أقبح وجهك فقال تعيب بهذا على النقش أو على النقاش نسأل الله الوقوف عند امره ونعوذ به من قهره (قال الحافظ)

نظر كردن بدرويشان منافئ بزركى نيست

سليمان با چنان حشمت نظرها كرد بامورش

يشير الى التواضع والنظر الى الأدانى بنظر الحكمة وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ اللمز الطعن باللسان وفي تاج المصادر عيب كردن والاشارة بالعين ونحوه والغابر يفعل ويفعل ولم يخص السخرية بما يكون باللسان فالنهى الثاني من عطف الخاص على العام بجعل الخاص كأنه جنس آخر للمبالغة ولهذا قيل

جراحات السنان لها التئام

ولا يلتام ما جرح اللسان

والمعنى اولا يعب بعضكم بعضا فان المؤمنين كنفس واحدة والافراد المنتشرة بمنزلة أعضاء تلك النفس فيكون ما يصيب واحدا منهم كأنه يصيب الجميع إذا اشتكى عضو واحد من شخص تداعى سائر الأعضاء الى الحمى والسهر فمتى عاب مؤمنا فكأنما عاب نفسه كقوله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم (ع) عيب هر كس كه كنى هم بتو مى كردد باز وفي التأويلات النجمية انما قال أنفسكم لان المؤمنين كنفس واحدة ان عملوا أشرا الى أحد فقد عملوا الى أنفسهم وان عملوا خيرا الى أحد فقد عملوا الى أنفسهم كما قال تعالى ان أحسنتم أحسنتم لانفسكم وان اسأتم فلها (قال الحافظ)

عيب رندان مكن اى زاهد پاكيزه سرشت

كه كناه دكران بر تو نخواهند نوشت

ويجوز ان يكون معنى الآية ولا تفعلوا ما تلمزون به فان من فعل ما يستحق به اللمز فقد لمز نفسه اى تسبب للمز نفسه والا فلا طعن باللسان لنفسه منه فهو من اطلاق المسبب وارادة السبب وقال سعدى المفتى ولا يبعد ان يكون المعنى لا تلمزوا غيركم فان ذلك يكون سببا لان يبحث الملموز عن عيوبكم فيلمزكم فتكونوا لامزين أنفسكم فالنظم حينئذ نظير ما ثبت فى الصحيحين من قوله عليه السلام من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه قال نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب امه فيسب امه

انتهى يقول الفقير هو مسبوق في هذا المعنى فان الامام الراغب قال في المفردات اللمز الاغتياب وتتبع المعايب اى لا تلمزوا الناس فيلمزوكم فتكونوا في حكم من لمز نفسه انتهى ولا يدخل في الآية ذكر الفاسق لقوله عليه السلام اذكروا الفاجر بما فيه كى يحذره الناس يقول الفقير أشار التعليل في الحديث الى أن ذكر الفاجر بما فيه من العيوب انما يصلح بهذا الغرض الصحيح وهو ان يحذر الناس منه ومن عمله والا فالامساك مع ان في ذكره تلويث اللسان الطاهر ولذا نقل عن بعض المشايخ انه لم يلعن الشيطان إذ ليس فيه فائدة سوى اشتغال اللسان بما لا ينبغى فان العداوة له انما هى بمخالفته لا بلعنته فقط وفي الحديث طوبى لمن يشغله عيبه عن عيوب الناس وفي الآية اشارة الى ان الإنسان لا يخلو عن العيب قيل لسقراط هل من انسان لا عيب فيه قال لو كان انسان لا عيب فيه لكان لا يموت ولذا قال الشاعر

ص: 81

ولست بمستبق اخالا تلمه

على شعث اى الرجال المهذب

اى لا مهذب في الرجال يخلو من التفرق والعيوب فمن أراد أخا مهذبا وطلت صديقا منقحا لا يجده فلابد من الستر (قال الصائب)

ز ديدن كرده ام معزول چشم عيب بينى را

اگر بر خار مى پيچم كل بيخار مى بينم

(وقال)

بعيب خويش اگر راه بردمى صائب

بعيب جويى مردم چهـ كار داشتمى

وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ النبز بسكون الباء مصدر نبزه بمعنى لقبه وبالفارسية لقب نهادن وتنابزوا بالألقاب لقب بعضهم بعضا فان التنابز بالفارسية يكديگر را بقلب خواندن وبفتحها القلب مطلقا اى حسنا كان او قبيحا ومنه قيل في الحديث قوم نبزهم الرافضة اى لقبهم ثم خص في العرف باللقب القبيح وهو ما يكره المدعو أن يدعى به والقلب ما سمى به الإنسان بعد اسمه العلم من لفظ يدل على المدح او الذم لمعنى فيه والمعنى ولا يدع بعضكم بعضا بلقب السوء قالوا وليس من هذا قول المحدثين لسليمان الأعمش وواصل الأحدب ونحوه مما تدعو الضرورة اليه وليس فيه قصد استخفاف ولا أذى وفيه اشارة الى ان اللقب الحسن لا ينهى عنه مثل محيى الدين وشمس الدين وبهاء الدين وفي الحديث من حق المؤمن على أخيه ان يسميه بأحب أسمائه اليه بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ الاسم هنا ليس ما يقابل اللقب والكنية ولا يقابل الفعل والحرف بل بمعنى الذكر المرتفع لانه من السمو يقال طار اسمه في الناس بالكرم او باللؤم اى ذكره والفسوق هو المخصوص بالذم وفي الكلام مضاف مقدر وهو اسم الفسوق اى ذكره والمعنى بئس الذكر المرتفع للمؤمنين ان يذكروا بالفسوق بعد دخولهم الايمان واشتهارهم به وفي التأويلات النجمية بئس الاسم اسم يخرجهم من الايمان والمراد به اما تهجين نسبة الكفر والفسوق الى المؤمنين خصوصا إذ روي ان الآية نزلت في صفية بنت حيى رضى الله عنها أتت رسول الله باكية فقالت ان النساء يقلن لى وفي عين المعاني قالت لى عائشة رضى الله عنها يا يهودية بنت يهوديين فقال عليه السلام هلا قلت ان أبى هرون وعمى موسى وزوجى محمد عليهم السلام او الدلالة على ان التنابز مطلقا لا بالكفر والفسوق خصوصا فسق الجمع بينه وبين الايمان قبيح فدخل فيه زيد اليهودي وعمرو النصراني وبكر الكافر وخالد الفاسق ونحو ذلك والعجب من العرب يقولون للمؤمنين من اهل الروم نصارى فهم داخلون في الذم ولا ينفعهم الافتخار بالأنساب فان التفاضل بالتقوى كما سيجيئ ونعم ما قيل

وما ينفع الأصل من هاشم

إذا كانت النفس من باهله

وما قيل

چهـ غم ز منقصت صورت اهل معنى را

چوجان ز روم بود كوتن از حبش مى باش

وفي الحديث من عير مؤمنا بذنب تاب منه كان حقا على الله أن يبتليه به ويفضحه فيه في الدنيا والآخرة وفي الفقه لو قال رجل لصالح يا فاسق ويا ابن الفاسق ويا فاجر ويا خبيث ويا مخنث ويا مجرم ويا مباحى ويا جيفة ويا بليد ويا ابن الخبيثة ويا ابن الفاجرة ويا سارق ويا لص ويا

ص: 82

كافر ويا زنديق ويا ابن القحبة ويا ابن قرطبان ويا لوطى ويا ملاعب الصبيان ويا آكل الربا ويا شارب الخمر وهو بريئ منه ويا ديوث ويا بى نماز ويا منافق ويا خائن ويا مأوى الزواني ويا مأوى اللصوص ويا حرام زاده يعزر في هذا كله في الفتاوى الزينية سئل عن رجل قال لآخر يا فاسق وأراد أن يثبت فسقه بالبينة ليدفع التعزير عن نفسه هل تسمع بينته بذلك انتهى وهو ينافى ظاهر ما قالوا من ان المقول له لو لم يكن رجلا صالحا وكان فيه ما قيل فيه من الأوصاف لا يلزم التعزير وَمَنْ لَمْ يَتُبْ عما نهى عنه فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ بوضع العصيان موضع الطاعة وتعريض النفس للعذاب والظالم أعم من الفاسق والفاسق أعم من الكافر وفي التأويلات النجمية ومن لم يتب يعنى من مقالة إبليس وفعاله بأن ينظر الى نفسه بالعجب والى غيره بالحقارة فأولئك هم الظالمون فيكونون منخرطين في سلك اللعنة والطرد مع إبليس كما قال تعالى الا لعنة الله على الظالمين انتهى وفيه دلالة بينة على ان الرجل بترك التوبة يدخل مدخل الظلمة فلا بد من توبة نصوح من جميع القبائح والمعاصي لا سيما ما ذكر في هذا المقام (قال الصائب)

سرمايه نجات بود توبه درست

با كشتى شكسته بدريا چهـ ميروى

ومن أصر أخذ سريعا لان اقرب الأشياء صرعة الظلوم وانفذ السهام دعوة المظلوم وتختلف التوبة على حسب اختلاف الذنب فبعض الذنوب يحتاج الى الاستغفار وهو ما دون الكفر وبعضها يحتاج معه الى تجديد الإسلام والنكاح ان كانت له امرأة وكان بعض الزهاد يجدد عند كل ذنب ايمانا بالله وتبرئا من الكفر احتياطا كما في زهرة الرياض يقول الفقير يشير اليه القول المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم انى أعوذ بك من أن أشرك بك شيئا وانا اعلم واستغفرك لما لا أعلم ولا شك ان الأنبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده بإجماع العلماء ومن سائر الكبائر عمدا بعد الوحى فاستغفارهم لا يكون الا عما لا يليق بشانهم من ترك الاولى ونحوه على ما فصل في أول سورة الفتح فدل قوله واستغفرك لما لا أعلم على انه قد يصدر من الإنسان الذنب وهو لا يشعر وذلك بالنسبة الى الامة قد يكون كفرا وقد يكون غيره فكما لا بد من الاستغفار بالنسبة الى عامة الذنوب فكذا لا بد من تجديد الإسلام بالنسبة الى الكفر وان كان ذلك احتياطا إذ باب الاحتياط مفتوح في كل شأن الا نادرا وقد صح ان إتيان كلمة الشهادة على وجه العادة لا يرفع الكفر فلابد من الرجوع قصدا عن قول وفعل ليس فيهما رضى الله وهو باستحضار الذنب ان علم صدوره منه او بالاستغفار مطلقا ان صدر عنه ولو كان ذلك كفرا على انا نقول ان إمكان صدور الكفر عام للعوام والخواص ما داموا لم يصلوا الى غاية الغايات وهى مرتبة الذات الاحدية واليه يشير قول سهل التستري قدس سره ولوصلوا ما رجعوا الا ترى ان إبليس كفر بالله مع تمكن يده في الطاعات خصوصا في العرفان فانه أفحم كثيرا من اهل المعرفة لكنه كان من شأنه الكفر والرجوع الى المعصية لانه لم يدخل عالم الذات ولو دخل لم يتصور ذلك منه إذ لا كفر بعد الايمان العيانى ولهذا قال عليه السلام اللهم انى اسألك ايمانا يباشر قلبى ويقينا ليس بعده كفر فاعرف يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ

ص: 83

اى كونوا على جانب منه وابعدوا عنه فان الاجتناب بالفارسية با يك سو شدن والظن اسم لما يحصل من امارة ومتى قويت أدت الى العلم ومتى ضعفت جدا لم تتجاوز حد التوهم وإبهام الكثير لا يجاب الاحتياط والتأمل في كل ظن ظن حتى يعلم انه من اى قبيل وتوضيح المقام ان كثيرا لما بين بقوله من الظن كان عبارة عن الظن فكان المأمور باجتنابه بعض الظن الا انه علق الاجتناب بقوله كثيرا لبيان انه كثير في نفسه ولا بد لنا من الفرق بين تعريف الظن الكثير وتنكيره فلو عرف وقيل اجتنبوا الظن الكثير يكون التعريف للاشارة الى ما يعرفه المخاطب بأنه ظن كثير غير قليل ولو نكر يكون تنكيره للافراد والبعضية ويكون المأمور باجتنابه

بعض افراد الظن الموصوف بالكثرة من غير تعيينه اى بعض هو وفي التكليف على هذا الوجه فائدة جليلة وهى ان يحتاط المكلف ولا يجترئ على ظن ما حتى يتبين عنده انه مما يصح اتباعه ولا يجب الاجتناب عنه ولو عرف لكان المعنى اجتنبوا حقيقة الظن الموصوف بالكثرة او جميع افراده لا ما قل منه وتحريم الظن المعرف تعريف الجنس والاستغراق لا يؤدى الى احتياط المكلف لكون المحرم معينا فيجتنب عنه ولا يجتنب عن غيره وهو الظن القليل سوآء كان ظن سوء وظن صدق ومن المعلوم ان هذا المعنى غير مراد بخلاف ما لو نكر الظن الموصوف بالكثرة فان المحرم حينئذ اتباع الفرد المبهم من افراد تلك الحقيقة وتحريمه يؤدى الى احتياط المكلف الى ان يتبين عنده ان ما يخطر بباله من الظن من اى نوع من انواع الظن فان من الظن ما يجب اتباعه كحسن الظن بالله تعالى وفي الحديث ان حسن الظن من الايمان والظن فيما لا قاطع فيه من العمليات كالوتر فانه لما ثبت بخبر الواحد لم يكن مقطوعا به فقلنا بالوجوب فلا يكفر جاحده بل يكون ضالا ومبتدعا لرده خبر الواحد ويقتص لكونه فرضا عمليا وفي الأشباه ويكفر بانكار اصل الوتر والأضحية انتهى ومن الظن ما يحرم كالظن في الإلهيات اى بوجود الإله وذاته وصفاته وما يليق به من الكمال وفي النبوات فمن قال آمنت بجميع الأنبياء ولا اعلمء آدم نبى أم لا يكفر وكذا من آمن بأن نبينا عليه السلام رسول ولم يؤمن بأنه خاتم الرسل لا نسخ لدينه إلى يوم القيامة لا يكون مؤمنا وكالظن حيث يخالفه قاطع مثل الظن بنبوة الحسنين او غيرهما من خلفاء هذه الامة وأوليائها مع وجود قوله تعالى وخاتم النبيين وقوله عليه السلام لا نبى بعدي اى لا مشرعا ولا متابعا فان مثل هذا الظن حرام ولو قطع كان كفرا وكظن السوء بالمؤمنين خصوصا بالرسول عليه السلام وبورثته الكمل وهم العلماء بالله تعالى قال تعالى وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا وقال عليه السلام ان الله حرم من المسلم عرضه ودمه وان يظن به ظن السوء والمراد بعرضه جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ويتحامى ان ينتقص (قال الصائب)

بد كمانى لازم بد باطنان افتاده است

كوشه از خلق جا كردم كمين پنداشتند

ومن الظن ما يباح كالظن في الأمور المعاشية يعنى ظن در امور دنيا ومهمات معاش ودرين صورت بد كمانى موجب سلامت وانتظام مهام است واز قبيل حزم شمرده اند كما قيل

بد نفس مباش وبد كمان باش

وز فتنه ومكر در أمان باش

ص: 84

وفي كشف الاسرار المباح كالظن في الصلاة والصوم والقبلة امر صاحبه بالتحرى فيها والبناء على غلبة الظن وفي تفسير الكاشفى تحردرى امر قبله وبنا نهادن بر غلبه ظن در امور اجتهاديه مندوبست ومعنى التحري لغة الطلب وشرعا طلب شيء من العبادات بغالب الرأى عند تعذر الوقوف على حقيقته إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ يستحق العقاب عليه وذلك البعض كثير وهو تعليل للامر بالاجتناب بطريق الاستئناف التحقيقى والإثم الذنب يستحق العقوبة عليه وهمزته منقلبة من الواو كأنه يثم الأعمال اى يكثرها فان قلت أليس هذا ميلا الى مذهب الاعتزال قلت بلى لولا التشبيه اى في كأنه قاله سعدى المفتى وقال ايضا تبع المصنف في ذلك الزمخشري واعترض عليه بأن تصريف هذه الكلمة لا تنفك عنه الهمزة بخلاف الواوي وانها من باب علم والواوي من باب ضرب قلت والزمخشري نفسه ذكرها في الأساس في باب الهمزة انتهى ودلت الآية على ان اكثر الظنون من قبيل الإثم لان الشيطان يلقى الظنون في النفس فتظن النفس الظن الفاسد وعلى ان بعض الظن ليس بأثم بل هو حقيقته وهو ما لم يكن من قبيل النفس بل كان بالفراسة الصحيحة بان يرى القلب بنور اليقين ما جرى في الغيب وفي الحديث ان في كل امة محدثين او مروعين على الشك من الراوي فان يكن في هذه الامة فان عمر منهم والمحدث المصيب في رأيه كأنما حدث بالأمر والمروع الذي يلقى الأمر في روعه اى قلبه وفي فتح الرحمن ولا يقدم على الظن إلا بعد النظر في حال الشخص فان كان موسوما بالصلاح فلا

يظن به السوء بأدنى توهم بل يحتاط في ذلك ولا تظنن السوء الا بعد أن لا تجد الى الخير سبيلا (قال الصائب)

سيلاب صاف شد زهم آغوشي محيط

با سينه كشاده كدورت چهـ ميكند

واما الفساق فلنا ان نظن بهم مثل الذي ظهر منهم وفي منهاج العابدين للامام الغزالي قدس سره إذا كان ظاهر الإنسان الصلاح والستر فلا حرج عليك في قبول صلاته وصدقته ولا يلزمك البحث بأن تقول قد فسد الزمان فان هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم بل حسن الظن بالمؤمنين مأمور به انتهى وفي الحديث من أتاه رزق من غير مسألة فرده فانما يرده على الله قال الحسن لا يرد جوائز الأمراء إلا مرائي او أحمق وكان بعض السلف يستقرض لجميع حوائجه ويأخذ الجوائز ويقضى بها دينه والحيلة فيه أن يشترى بمال مطلق ثم ينقد ثمنه من اى مال شاء وعن الامام الأعظم ان المبتلى بطعام السلطان والظلمة يتحرى ان وقع في قلبه حله قبل وأكل والا لا لقوله عليه السلام استفت قلبك قال الشيخ ابو العباس قدس سره من كان من فقراء هذا الزمان أكالا لا موال الظلمة مؤثرا للسماع ففيه نزغة يهودية قال تعالى سماعون للكذب اكالون للسحت قال سفيان الثوري رضى الله عنه الظن ظنان أحدهما اثم وهو أن تظن وتتكلم به والآخر ليس بأثم وهو ان تظن ولا تتكلم به والمراد بأن بعض الظن اثم ما اعلنته وتكلمت به من الظن وعن الحسن كنا في زمان الظن بالناس حرام فيه وأنت اليوم في زمان اعمل واسكت وظن بالناس ما شئت اى لانهم اهل لذلك والمظنون موجود فيهم وعنه ايضا ان صحبة الأشرار تورث حسن الظن بالأخيار وطلب المتوكل جارية

ص: 85

الدقاق بالمدينة وكان من اقران الجنيد ومن أكابر مصر فكاد يزول عقله لفرط حبها فقالت لمولاها احسن الظن بالله وبي فانى كفيلة لك بما تحب فحملت اليه فقال لها المتوكل اقرئى فقرأت ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ففهم المتوكل ما أرادت فردها (وروى) عن انس رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم احدى نسائه فمر به رجل فدعاه رسول الله فقال يا فلان هذه زوجتى صفية وكانت قد زارته في العشر الاول من رمضان فقال يا رسول الله ان كنت أظن بغيرك فانى لم أكن أظن بك فقال عليه السلام ان الشيطان ليجرى من ابن آدم مجرى الدم كما في الاحياء وفيه اشارة الى لحذر من مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن ولألسنتهم من الغيبة والى الاتقاء عن تزكية النفس فان النفس والشيطان لهما شأن عجيب في باب المكر والإغواء وإلقاء الفتنة والفساد نسأل الله المنان أن يجعلنا في أمان وَلا تَجَسَّسُوا أصله لا تتجسسوا حذف منه احدى التاءين اى ولا تبحثوا عن عورات المسلمين وعيوبهم تفعل من الجس لما فيه من معنى الطلب فان جس الخبر طلبه والتفحص عنه فاذا نقل الى باب التفعل يحدث معنى التكلف منضما الى ما فيه من معنى الطلب يقال جسست الاخبار اى تفحصت عنها وإذا قيل تجسستها يراد معنى التكليف كالتلمس فانه تفعل من اللمس وهو المس باليد لتعرف حال الشيء فاذا قيل تلمس يحدث معنى التكلف والطلب مرة بعد اخرى وقد جاء بمعنى الطلب في قوله وانا لمسنا السماء وقرئ بالحاء من الحس الذي هو أثر الجس وغايته ولتقاربهما يقال للمشاعر الحواس بالحاء والجيم وفي المفردات اصل الجس مس العرق وتعرف نبضه للحكم به على الصحة والسقم ومن لفظ الجس اشتق الجاسوس وهو أخص من الحس لانه تعرف ما يدرك الحس والجس تعرف حال ما من ذلك وفي الاحياء التجسس بالجيم في تطلع الاخبار وبالحاء المهملة في المراقبة بالعين وفي انسان العيون التحسس للاخبار بالحاء المهملة ان يفحص الشخص عن الاخبار بنفسه وبالجيم أن يفحص عنها بغيره وجاء تحسسوا ولا تجسسوا انتهى وفي تاج المصادر التجسس والتحسس خبر جستن وفي القاموس الجس تفحص الاخبار كالتجسس ومنه الجاسوس والجسيس لصاحب سر الشر ولا تجسسوا اى خذوا ما ظاهر ودعوا ما ستر الله تعالى اولا تفحصوا عن بواطن الأمور اولا تبحثوا عن العورات والحاسوس الجاسوس او هو في الخير

وبالجيم في الشر انتهى وفي الحديث لا تتبعوا عورات المسلمين فان من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته (قال الصائب)

خيانتهاى پنهان ميكشد آخر برسوايى

كه دزد خانكى را شحنه در بازار ميكيرد

وعن جبرائيل قال يا محمد لو كانت عبادتنا على وجه الأرض لعملنا ثلاث خصال سقى الماء للمسلمين واعانة اصحاب العيال وستر الذنوب على المسلمين وعن زيد بن وهب قلنا لابن مسعود رضى الله عنه هل لك في الوليد بن عقبة بن ابى معيط يعنى چهـ ميكويى در حق او تقطر لحيته خمرا فقال ابن مسعود رضى الله عنه انا قد نهينا عن التجسس فان يظهر لنا شيء نأخذه به وفي الحديث اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا والعورات بالتسكين جمع عورة

ص: 86

وهى عورة الإنسان وما يستحيى منه من العثرات والعيوب وفي الحديث اللهم لا تؤمنا مكرك ولا تنسنا ذكرك ولا تهتك عنا سترك ولا تجعنا من الغافلين وعنه عليه السلام من قال عند منامه هذا الدعاء بعث الله اليه ملكا في أحب الساعات اليه فيوقظه كما في المقاصد الحسنة قال فى نصاب الاحتساب ويجوز للمحتسب أن يتفحص عن احوال السوقية من غير أن يخبره أحد بخيانتهم فان قيل ينبغى ان لا يجوز لانه تجسس منهى فنقول التجسس طلب الخير للشر والأذى وطلب الخبر للامر بالمعروف والنهى عن المنكر ليس كذلك فلا يدخل تحت النهى يقول الفقير وهو مخالف لما سبق عن ابن مسعود رضى الله عنه فان قلت ذلك لكونه غير آمر ومأمور قلت دل قوله نأخذوه به على ولايته من اى وجه كان إذ لا يأخذه الا الوالي او وكيله ويجوز أن يقال لو طلب ابن مسعود خبر الوليد بنفسه للنهى عن المنكر لكان له وجه فلما جاء خبره في صورة السعاية والهتك اعرض عنه او رأى الستر في حق الوليد اولى فلم يستمع الى القائل وكان عمر رضى الله عنه يعس ذات ليلة فنظر الى مصباح من خلل باب فاطلع فاذا قوم على شراب لهم فلم يدر كيف بصنع فدخل المسجد فأخرج عبد الرحمن ابن عوف رضى الله عنه فجاء به الى الباب فنظر وقال له كيف ترى أن نعمل فقال ارى والله انا قد أتينا ما نهانا الله عنه لانا تجسسنا واطلعنا على عورة قوم ستروا دوننا وما كان لنا أن نكشف ستر الله فقال ما أراك الا قد صدقت فانصرفا فالمحتسب لا يتجسس ولا يتسور ولا يدخل بيتا بلا اذن فان قيل ذكر في باب من يظهر البدع في البيوت انه يجوز للمحتسب الدخول بلا اذن فنقول ذلك فيما ظهر واما إذا خفى فلا يدخل فان ما ستره الله لا بد وأن يستره العبد هذا في عيوب الغير واما عيوب النفس فالفحص عنها لازم للاصلاح والتزكية وقد عدوا انكشاف عيوب النفس اولى من الكرامات وخوارق العادات فانه مادام لم تحصل التزكية للنفس لا تفيد الكرامة شيئا بل ربما يوقعها في الكبر والعجب والتطاول فنعوذ بالله تعالى من شرورها وفجورها وغرورها وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً الاغتياب غيبت كردن والغيبة بالكسر اسم من الاغتياب وفتح الغين غلط إذ هو بفتحها مصدر بمعنى الغيبوبة والمعنى ولا يذكر بعضكم بعضا بالسوء في غيبته وخلفه وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال أن تذكر أخاك بما يكره فان كان فيه فقد اغتبته وان لم يكن فيه فقد بهته اى قلت عليه ما لم يفعله والحاصل ان الغيبة والاغتياب هو أن يتكلم انسان خلف انسان مستور بما فيه من عيب اى بكلام صادق من غير ضرورة قوية الى ذكره ولو سمعه لغمه وان كان ذلك الكلام كذا يسما بهتانا وهو الذي يتر الديار بلاقع اى خرابا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً انتصاب ميتا على الحالية من اللحم واللحم المنفصل عن الحي يوصف بانه ميت لقوله عليه السلام ما أبين من حى فهو ميت وقيل من الأخ على مذهب من يجوز الحال من المضاف اليه مطلقا وشدده نافع اى قرأ ميتا بالتشديد والكلام تمثيل وتصوير لما يصدر عن المغتاب من حيث صدوره عنه ومن حيث تعلقه بصاحبه على افحش وجه واشنعه طبعا وعقلا وشرعا يعنى شبه الاغتياب من حيث اشتماله على تناول عرض المغتاب بأكل

لحم

ص: 87

الإنسان ميتا تشبيها تمثيليا وعبر بالهيئة المشبه بها عن الهيئة المشبهة ولا شك ان الهيئة المشبه بها افحش جنس التناول واقبحه فيكون التمثيل المذكور تصويرا للاغتياب بأقبح الصور وذلك ان الإنسان يتألم قلبه من قرض عرضه كما يتألم جسمه من قطع لحمه بل عرضه اشرف من لحمه ودمه فاذا لم يحسن للعاقل أكل لحوم الناس لم يحسن له قرض عرضهم بالطريق الاولى خصوصا ان أكل الميتة هو المتناهي في كراهة النفوس ونفور الطباع ففيه اشارة الى ان الغيبة عظيمة عند الله وفي قوله ميتا اشارة الى دفع وهم وهو أن يقال الشتم في الوجه يؤلم فيحرم واما الاغتياب فلا اطلاع عليه للمغتاب فلا يؤلمه فكيف يحرم فدفعه بأن أكل لحم الأخ وهو ميت ايضا لا يؤلمه ومع هذا هو في غاية القبح لكونه بمراحل عن رعاية حق الاخوة كذا في حواشى ابن الشيخ يقول الفقير يمكن أن يقال ان الاغتياب وان لم يكن مؤلما للمغتاب من حيث عدم اطلاعه عليه لكنه في حكم الإيلام إذ لو سمعه لغمه على انا نقول ان الميت متألم وان لم يكن فيه روح كما ان السن وهو الضرس متألم إذا كان وجعا وان لم يكن فيه حياة فاعرف فَكَرِهْتُمُوهُ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من التمثيل كأنه قيل وحيث كان الأمر كما ذكر فقد كرهتموه فأصمر كلمة قد لتصحيح دخول الفاء في الجزاء فالمقصود من تحقيق استكراههم وتقذرهم من المشبه به الترغيب والحث على استكراه ما شبه به وهو الغيبة كأنه قيل إذا تحققت كراهتكم له فليتحقق عندكم كراهة نظيره الذي هو الاغتياب وَاتَّقُوا اللَّهَ بترك ما أمرتم باجتنابه والندم على ما صدر عنكم من قبل وهو عطف على ما تقد من الأوامر والنواهي إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ مبالغ في قبول التوبة وافاضة الرحمة حيث يجعل التائب كمن لم يذنب ولا يخص ذلك بتائب دون تائب بل يعم الجميع وان كثرت ذنوبهم فصيغة المبالغة باعتبار المتعلقات (روى) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا أو سافر ضم الرجل المحتاج الى رجلين موسرين يخد مهما ويتقدم لهما الى المنزل فيهيئ لهما طعامهما وشرابهما فضم سلمان الفارسي الى رجلين في بعض أسفاره فتقدم سلمان الى المنزل فغلبته عيناه فلم يهيئ لهما شيأ فلما قدما قالا له ما صنعت شيأ فقال لا غلبتنى عيناى قالا له انطلق الى رسول الله فاطلب لنا منه طعاما فجاء سلمان الى رسول الله وسأله طعاما فقال عليه السلام انطلق الى اسامة بن زيد وقل له ان كان عنده فضل من طعام فليعطك وكان اسامة خازن رسول الله على رحله وطعامه فأتاه فقال ما عندى شيء فرجع سلمان إليهما فاخبرهما فقالا كان عند اسامة شيء ولكن بخل به فبعثا سلمان الى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئا فلما رجع قالوا لو بعثناه الى بئر سميحة لغار ماؤها وسميحة كجهينة بالحاء المهملة بئر بالمدينة غزيرة الماء على ما في القاموس ثم انطلقا يتجسسان هل عند اسامة ما أمر لهما به رسول الله من الطعام فلما جاءا الى رسول الله قال لهما ما لى أرى خضرة اللحم في أفواهكما والعرب تسمى الأسود أخضر والأخضر أسود وخضرة اللحم من قبيل الاول كأنه عليه السلام أراد باللحم لحم الميت وقد اسود بطول المكث تصويرا لاغتيابهما بأقبح الصور ويحتمل انه عليه السلام أراد بالخضرة النضارة اى نضارة اللحم او نضارة تناوله وفي الحديث الدنيا حلوة

ص: 88

خضرة نضرة اى غضة طرية ناعمة قالا والله يا رسول ما تناولنا يومنا هذا لحما قال عليه السلام ظللتما تأكلان لحم اسامة وسلمان اى انكما قد اغتبتماهما فانزل الله الآية

آنكس كه لواء غيبت افراخته است

از كوشت مردكان غذا ساخته است

وآنكس كه بعيب خلق پرداخته است

زانست كه عيب خويش نشناخته است

وفي الحديث الغيبة أشد من الزنى قالوا وكيف قال ان الرجل يزنى ثم يتوب فيتوب الله عليه وان صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه كما في كشف الاسرار وعن ابن عباس رضى الله عنهما الغيبة ادام كلاب الناس وكان ابو الطيب الطاهري يهجو بنى سامان فقال له نضر بن احمد الى متى تأكل خبزك بلحوم الناس فخجل ولم يعد (قال الصائب)

كسى كه پاك نسازد دهن ز غيبت خلق

همان كليد در دوزخست مسواكش

(قال الشيخ سعدى) فى كتاب الكلستان ياد دارم كه در عهد طفوليت متعبد بودم وشب خيز ومولع زهد و پرهيز تا شبى در خدمت پدر نشسته بودم وهمه شب ديده بهم نبسته ومصحف عزيز در كنار كرفته وطائفه كردما خفته پدر را كفتم كه از إينان يكى سر بر نمى آرد كه دو ركعت نماز بگزارد ودر خواب غفلت چنان رفته اند كه كويى نخفته اند بلكه مرده كفت اى جان پدر اگر تو نيز بخفتى به كه در پوستين خلق افتى

نبيند مدعى جز خويشتن را

كه دارد پرده پندار در پيش

اگر چشم دلت را بر كشايى

نه بينى هيچ كس عاجزتر از خويش

وعن انس رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج بي مررت بقوم لهم اظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبرائيل فقال هم الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في اعراضهم وفي الحديث خمس يفطرون الصائم الكذب والغيبة والنميمة واليمين الكاذبة والنظر بشهوة رواه انس وأول من اغتاب إبليس اغتاب آدم وكان ابن سيرين رحمه الله قد جعل على نفسه إذا اغتاب أن يتصدق بنار ومما يجب التنبيه له ان مستمع الغيبة كقائلها فوجب على من سمعها أن يردها كيف وقد قال النبي عليه السلام من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجه النار يوم القيامة وقال عليه السلام المغتاب والمستمع شريكان فى الإثم وعن ميمون انه أتى بجيفة زنجى في النوم فقيل له كل منها فقال لم قيل لانك اغتبت عبد فلان فقال ما قلت فيه شيئا قيل لكنك استمعت ورضيت فكان ميمون لا يغتاب أحدا ولا يدع أحدا أن يغتاب عنده أحدا وعن بعض المتكلمين ذكره بما يستخف به انما يكون غيبة إذا قصد الإضرار والشماتة به اما إذا ذكره تأسفا لا يكون غيبة وقال بعضهم رجل ذكر مساوى أخيه المسلم على وجه الاهتمام ومثله في الواقعات وعلل بأنه انما يكون غيبة أن لو أراد به السب والنقص قال السمرقندي في تفسيره قلت فيما قالوه خطر عظيم لانه مظنة أن يجر الى ما هو محض غيبة فلا يؤمن فتركها رأسا أقرب الى التقوى وأحوط انتهى وفي هدية المهديين رجل لو اغتاب فريقا لا يأثم حتى يغتاب قوما معروفين ورجل يصلى ويؤذى الناس باليد او اللسان لا غيبة له ان ذكر بما فيه وان أعلم به السلطان حتى يزجره لا يأثم انتهى وفي

ص: 89

المقاصد الحسنة ثلاثة ليست لهم غيبة الامام الجائر والفاسق المعلن بفسقه والمبتدع الذي يدعو الناس الى بدعته انتهى وعن الحسن لا حرمة لفاجر (وروى) من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له واذكر الفاجر بما فيه ليحذره الناس كما في الكواشي وإذا جاز نقص عرض الفاسق بغيبته فأولى أن يجوز نقص عرض الكافر كما في شرح المشارق لابن الملك وسلك بعضهم طريق الاحتياط فطرح عن لسانه ذكر الخلق بالمساوي مطلقا كما حكى انه قيل لابن سيرين مالك لا تقول في الحجاج شيئا فقال أقول فيه حتى ينجيه الله بتوحيده ويعذبنى باغتيابه ومن هنا أمسك بعضهم عن لعن يزيد وكان فضيل يقول ما لعنت إبليس قط اى وان كان ملعونا في نفس الأمر كما نطق به القرءان فكيف يلعن من اشتبه حاله وحال خاتمته وعاقبته يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى اى من آدم وحواء عليهما السلام او خلقنا كل واحد منكم من اب وأم فالكل سوآء في الانتساب الى ذكر وأنثى أيا كانا فلا وجه للتفاخر بالنسب

الناس من جهة التمثال أكفاه

ابو همو آدم والام حواء

فان يكن لهمو من أصلهم نسب

يفاخرون به فالطين والماء

از نسب آدميانى كه تفاخر ورزند

از ره دانش وانصاف چهـ دور افتادند

نرسد فخر كسى را بنسب برد كرى

چونكه در اصل ز يك آدم وحوا زادند

نزلت حين أمر النبي عليه السلام بلالا رضى الله عنه ليؤذن بعد فتح مكة فعلا ظهر الكعبة فأذن فقال عتاب بن أسيد وكان من الطلقاء الحمد لله الذي قبض ابى حتى لم ير هذا اليوم وقال الحارث بن هشام اما وجد رسول الله سوى هذا الغراب يعنى بلا لا وخرج ابو بكر بن ابى داود في تفسير القرآن ان الآية نزلت في ابى هند حين أمر رسول الله بنى بياضة أن يزوجوه امرأة منهم فقالوا يا رسول الله تتزوج بناتنا مواليها فنزلت وفيه اشارة الى ان الكفاءة في الحقيقة انما هى بالديانة اى الصلاح والحسب والتقوى والعدالة ولو كان مبتدعا والمرأة سنية لم يكن كفؤا لها كما في النتف وسئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا يجوز كما في مجمع الفتاوى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ وشما را شاخ شاخ كرديم وخاندان خاندان والشعب بفتح الشين الجمع العظيم المنتسبون الى اصل واحد وهو يجمع القبائل والقبيلة تجمع العمائر والعمارة بكسر العين تجمع البطون والبطون تجمع الأفخاذ والفخذ تجمع الفضائل والفضيلة تجمع العشائر وليس بعد العشيرة حى يوصف به كما في كشف الاسرار فخزيمة شعب وكنانة وقبيلة وقريش عمارة وقصى بطن وهاشم فخذوا العباس فضيلة وسميت الشعوب لان القبائل تتشعب منها كتشعب أغصان الشجرة وسميت القبائل لانها يقبل بعضها على بعض من حيث كونها من اب واحد وقيل الشعوب بطون العجم والقبائل بطون العرب والأسباط من بنى إسرائيل والشعوب من قحطان والقبائل من عدنان لِتَعارَفُوا أصله لتتعارفوا حذفت احدى التاءين اى ليعرف بعضكم بعضا بحسب الأنساب فلا يعتزى أحد الى غير آبائه لا لتتفاخروا بالآباء والقبائل وتدعوا التفاوت

ص: 90

والتفاضل في الأنساب (وقال الكاشفى) يعنى دو كس كه بنام متحد باشند بقبيله متميز ميشوند چنانچهـ زيد تميمى از زيد قرشى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ تعليل للنهى عن التفاخر بالأنساب المستفاد من الكلام بطريق الاستئناف التحقيقى كأن قيل ان الأكرم عنده تعالى هو الأتقى وان كان عبدا حبشيا اسود مثل بلال فان فاخرتم ففاخروا بالتقوى وبفضل الله ورحمته بل بالله تعالى ألا ترى الى قوله عليه السلام انا سيد ولد آدم ولا فخر اى ليس الفخر لى بالسيادة والرسالة بل العبودية فانها شرف اى شرف وكفى شرفا تقديم العبد على الرسول في قوله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (وروى) ان رسول الله عليه السلام مر فى سوق المدينة فرآى غلاما اسود يقول من اشترانى فعلى شرط ان لا يمنعنى عن الصلوات الخمس خلف رسول الله فاشتراه رجل فكان رسول الله يراه عند كل صلاة قفقده فسأل عنه صاحبه فقال محموم فعاده ثم سأل عنه بعد ايام فقيل هو كابه اى متهيئ للموت الذي هو لاحق به فجاءه وهو في بقية حركته وروحه فتولى غسله ودفنه فدخل على المهاجرين والأنصار امر عظيم فنزلت الآية إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بكم وبأعمالكم خَبِيرٌ ببواطن أحوالكم قال ابن الشيخ في حواشيه والنسب وان كان معتبرا عرفا وشرعا حتى لا تتزوج الشريفة بالنبطي قال في القاموس النبط محركة جيل ينزلون بالبطائح بين العراقين وهو نبطى محركة انتهى الا انه لا عبرة به عند ظهور ما هو أعظم قدرا منه وأعز وهو الايمان والتقوا كما لا تظهر الكواكب عند طلوع الشمس فالفاسق وان كان قرشى النسب وقارون النشب لا قدر له عند المؤمن التقى وان كان عبدا حبشيا والأمور التي يفتخر بها في الدنيا وان كانت كثيرة لكن النسب أعلاها من حيث انه ثابت مستمر غير مقدور التحصيل لمن ليس له ذلك بخلاف غيره كالمال مثلا فانه قد يحصل للفقير مال فيبطل افتخار المفتخر به عليه وكذا الأولاد والبساتين ونحوها فلذلك خص الله النسب بالذكر وأبطل اعتباره بالنسبة الى التقوى ليعلم منه بطلان اعتبار غيره بطريق الاولى انتهى وفي الحديث ان ربكم واحد وأبوكم واحد لافضل لعربى على عجمى ولا لعجمى على عربى ولا لأحمر على اسود ولا لأسود على احمر الا بالتقوى وعلى هذا اجماع العلماء كما في بحر العلوم هر كرا تقوى بيشتر قدم او در مرتبه فضل پيشتر الشرف بالفضل والأدب

لا بالأصل والنسب

با ادب باش تا بزرك شوى

كه بزرگى نتيجه ادبست

قال بعض الكبار المفاضلة بين الخلق عند الله لنسبهم لا لنسبتهم فهم من حيث النسبة واحد ومن حيث النسب متفاضلون ان أكرمكم عند الله أتقاكم ولا يصح التفاضل بالأعمال فقد يسبق التابع المتبوع ولو كان الشرف للاشياء من حيث شأنها او مواطنها لكان الشرف لأبليس على آدم في قوله خلقتنى من نار وخلقته من طين ولكن لما كان الشرف اختصاصا الهيا لا يعرف الا من جانب الحق تعالى جهل إبليس في مقالته تلك وصح الشرف لآدم عليه السلام عليه والخيرية وسئل عيسى عليه السلام اى الناس اشرف فقبض قبضتين من تراب ثم قال اى هذين اشرف ثم جمعهما وطرحهما وقال الناس كلهم من تراب وأكرمهم عند الله أتقاهم قال سلمان الفارسي رضى الله عنه

ص: 91

ابى الإسلام لا اب لى سواه

إذا افتخروا بقيس او تميم

وفي الحديث ان الله لا ينظر الى صوركم وأعمالكم ولكن ينظر الى قلوبكم ونياتكم

ره راست بايد نه بالاى راست

كه كافر هم از روى صورت چوماست

وقال عليه السلام يا أيها الناس انما الناس رجل مؤمن تقى كريم على الله وفاجر شقى هين على الله وعن ابن عباس رضى الله عنهما كرم الدنيا الغنى وكرم الآخرة التقوى (وروى) عن ابى هريرة رضى الله عنه ان الناس يحشرون يوم القيامة ثم يوقفون ثم يقول الله لهم طالما كنتم تكلمون وانا ساكت فاسكتوا اليوم حتى أتكلم انى رفعت نسبى وأبيتم الا انسابكم قلت ان أكرمكم عندى أتقاكم وأبيتم أنتم فقلتم لابل فلان ابن فلان وفلان ابن فلان فرفعتم انسابكم ووضعتم نسبى فاليوم أرفع نسبى واضع انسابكم سيعا هل الجمع اليوم من اصحاب الكرم اين المتقون كما في كشف الاسرار قال الشافعي اربعة لا يعبأ الله بهم يوم القيامة زهد خصى ونقوى جندى وامانة امرأة وعبادة صبى وهو محمول على الغالب كما فى المقاصد الحسنة قال في التأويلات النجمية يشير بقوله تعالى يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى الى خلق القلوب انها خلقت من ذكر وهو الروح وأنثى وهى النفس وجعلناكم شعوبا وقبائل اى جعلناها صنفين صنف منها شعوب وهى التي تميل الى أمها وهى النفس والغالب عليها صفات النفس وصنف منها قبائل وهى التي تميل الى أبيها وهو الروح والغالب عليها صفات الروح لتعارفوا اى لتتعارفوا اصحاب القلوب وارباب النفوس لا لتتكاثروا وتتنافسوا وتباهوا بالعقول والأخلاق الروحانية الطبيعية فانها ظلمانية لا يصلح شيء منها للتفاخر به ما لم يقرن به الايمان والتقوى فان تنورت الافعال والأخلاق والأحوال بنور الايمان والتقوى فلم تكن الافعال مشوبة بالرياء ولا الأخلاق مصحوبة بالأهواء ولا الأحوال منسوبة الى الاعجاب فعند ذلك تصلح للتفاخر والمباهاة بها كما قال تعالى ان أكرمكم عند الله أتقاكم وقال عليه السلام الكرم التقوى فأتقاهم من يكون ابعدهم من الأخلاق الانسانية وأقربهم الى الأخلاق الربانية والتقوى هو التحرز والمتقى من يتحرز عن نفسه بربه وهو أكرم على الله من غيره انتهى قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا الاعراب اهل البادية وقد سبق تفصيله في سورة الفتح والحاق التاء بالفعل المسند إليهم مع خلوه عنها في قوله وقال نسوة في المدينة للدلالة على نقصان عقلهم بخلافهن حيث لمن امرأة العزيز في مراودتها فتاها وذلك يليق بالعقلاء نزلت في نفر من بنى اسد قدموا المدينة في سنة جدب فأظهروا الشهادتين فكانوا يقولون لرسول الله عليه السلام اتتك العرب بأنفسها على ظهور رواحلها واتيناك بالأثقال والعيال والذراري ولم نقاتلك كما قاتلك بنوا فلان يرون الصدق ويمنون عليه عليه السلام ما فعلوا قُلْ ردا لهم لَمْ تُؤْمِنُوا إذا لايمان هو التصديق بالله وبرسوله المقارن للثقة بحقيقة المصدق وطمأنينة القلب ولم يحصل لكم ذلك والا لما مننتم على ما ذكرتم من الإسلام وترك المقاتلة كما ينبئ عنه آخر السورة يعنى ان التصديق الموصوف مسبوق بالعلم بقبح الكفر وشناعة المقاتلة وذلك يأبى المن وترك المقاتلة فان العاقل لا يمن

ص: 92

بترك ما يعلم قبحه وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا اسلم بمعنى دخل في السلم كأصبح وامسى وأشتى اى قولوا دخلنا في السلم والصلح والانقياد مخافة أنفسنا فان الإسلام انقياد ودخول فى السلم واظهار الشهادة وترك المحاربة مشعر به اى بالانقياد والدخول المذكور وإيثار ما عليه النظم الكريم على أن يقال لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا اولم تؤمنوا ولكن أسلمتم ليتقابل جملتا الاستدراك للاحتراز عن النهى عن التلفظ بالايمان فأن ظاهره مستقبح سيما ممن بعث للدعوة الى القول به وللتفادى عن إخراج قولهم مخرج التسليم والاعتداد به مع كونه تقولا محضا قال سعدى المفتى والظاهر ان النظم من الاحتباك حذف من الاول ما يقابل الثاني ومن الثاني ما يقابل الاول والأصل قل لم تؤمنوا فلا تقولوا آمنا ولكن أسلمتم فقولوا أسلمنا وهذا من اختصارات القرآن وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ حال من ضمير قولوا اى ولكن قولوا أسلمنا حل عدم موطأة قلوبكم لألسنتكم وما في لما من معنى التوقع مشعر بأن هؤلاء

قد آمنوا فيما بعد وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ بالإخلاص وترك النفاق لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً اى لا ينقصكم شيأ من أجورها من لات يليت ليتا إذا نقص قال الامام معنى قوله لا يلتكم انكم ان أتيتم بما يليق بضعفكم من الحسنة المقرونة بالإخلاص وترك النفاق فهو تعالى يأتكم بما يليق بفضله من الجزاء لا ينقص منه نظرا الى ما في حسناتكم من النقصان والتقصير وهذا لان من حمل الى ملك فاكهة طيبة يكون ثمنها في السوق درهما مثلا وأعطاه الملك درهما او دينارا انتسب الملك الى قلة العطاء بل الى البخل فليس معنى الآية أن يعطى من الجزاء مثل عملكم من غير نقص بل المعنى يعطى ما تتوقعون بأعمالكم من غير نقص ويؤيد ما قاله قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لما فرط من المطيعين رَحِيمٌ بالتفضل عليهم قال في بحر العلوم في الآية إيذان بأن حقيقة الايمان التصديق بالقلب وان الإقرار باللسان واظهار شرائعه بالايذان ليس بأيمان وفي التأويلات النجمية يشير الى ان حقيقة الايمان ليست مما يتناول باللسان بل هو نور يدخل القلوب إذا شرح الله صدر العبد للاسلام كما قال تعالى فهو على نور من ربه وقال عليه السلام في صفة ذلك النور إذا وقع فى القلب انفسح له واتسع قيل يا رسول الله هل لذلك النور علامة يعرف بها قال بلى التجافي عن دار الغرور والا نابة الى دار الخلود واستعداد الموت قبل نزوله ولهذا قال تعالى ولما يدخل الايمان في قلوبكم فهذا دليل على ان محل الايمان القلب انتهى وفي علم الكلام ذهب جمهور المحققين الى ان الايمان التصديق القلب وانما الإقرار شرط لا جزؤه لاجراء الاحكام فى الدنيا كالصلاة عليه في وقت موته لما ان تصديق القلب امر باطن لا يطلع عليه أحد لا بد له من علامة فمن صدق بقلبه ولم يقر بلسانه فهو مؤمن عند الله لوجود التصديق القلبي وان لم يكن مؤمنا في احكام الدنيا لانتفاء شرطه واما من جعل الإقرار ركنا من الايمان فعنده لا يكون تارك الإقرار مؤمنا عند الله ولا يستحق النجاة من خلود النار ومن أقر بلسانه ولم يصدق بقلبه كالمنافق هو مؤمن في احكام الدنيا وان لم يكن مؤمنا عند الله وهذا المذكور من ان الايمان هو التصديق القلبي والإقرار باللسان لاجراء الاحكام هو اختيار الشيخ ابى

ص: 93

منصور رحمه الله والنصوص معاضدة لذلك قال الله تعالى أولئك كتب في قلوبهم الايمان وقال الله تعالى وقلبه مطمئن بالايمان وقال الله تعالى ولما يدخل الايمان في قلوبكم وقال عليه السلام اللهم ثبت قلبى على دينك اى على تصديقك وقال عليه السلام لعلى رضى الله عنه حين قتل من قال لا اله الا الله هل شققت قلبه وفي فتح الرحمن حقيقة الايمان لغة التصديق بما غاب وشرعا عند ابى حنيفة رحمه الله تصديق بالقلب وعمل باللسان وعند الثلاثة عقد بالجنان ونطق باللسان وعمل بالأركان فدخل كل الطاعات انتهى قال ابن الملك في شرح المشارق ثم الإقرار باللسان ليس جزأ من الايمان ولا شرطا له عند بعض علمائنا بل هو شرط لاجراء احكام المسلمين على المصدق لان الايمان عمل القلب وهو لا يحتاج الى الإقرار وقال بعضهم انه جزء منه لدلالة ظواهر النصوص عليه الا ان الإقرار لما كان جزأ له شائبة العرضية والتبعية اعتبروا في حالة الاختيار جهة الجزئية حتى لا يكون تاركه مع تمكنه منه مؤمنا عند الله وان فرض انه مصدق وفي حالة الاضطرار جهة العرضية فيسقط وهذا معنى قولهم الإقرار ركن زائد إذ لا معنى لزيادته الا ان يحتملى السقوط عند الإكراه على كلمة الكفر فان قيل ما الحكمة في جعل عمل جارحة جزأ من الايمان ولم عين به عمل اللسان دون اعمال سائر الأركان قلنا لما اتصف الإنسان بالايمان وكان التصديق عملا لباطنه جعل عمل ظاهره داخلا فيه تحقيقا لكمال اتصافه به وتعين له فعل اللسان لانه مجبول للبيان او لكونه أخف وأبين من عمل سائر الجسد نعم يحكم بإسلام كافر لصلاته بجماعة وان لم يشاهد إقراره لان الصلاة المسنونة لا تخلو عنه وقال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام المقدسي النطق بكلمتي الشهادة واجب فمن علم وجوبهما وتمكن من النطق بهما فلم ينطق فيحتمل ان يجعل امتناعه من النطق بهما كامتناعه من الصلاة فيكون مؤمنا غير مخلد في النار

لان الايمان هو التصديق المحض بالقلب واللسان ترجمانه وهذا هو الأظهر إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الايمان ولا يعدم الايمان من القلب بالسكوت عن النطق الواجب كما لا يعدم بترك الفعل الواجب انتهى وقال سهل رضى الله عنه ليس في الايمان اسباب انما الأسباب في الإسلام والمسلم محبوب للخلق والمؤمن غنى عن الخلق وقال بعض الكبار المسلم في عموم الشريعة من سلم الناس من لسانه ويده وفي خصوصها من سلم كل شيء من لسانه بما يعبر عنه ويده فيما له فيه نفوذ الاقتدار والمؤمن منور الباطن وان عصى والكافر مظلم الباطن وان أتى بمكارم الأخلاق ومن قال انا مؤمن ان شاء الله فما عرف الله كما ينبغى وقال بعض الكبار كل من آمن عن دليل فلا وثوق بإيمانه لانه نظرى لا ضرورى فهو معرض للشبه القادحة فيه بخلاف الايمان الضروري الذي يجده المؤمن في قلبه ولا يقدر على دفعه وكذا القول في كل علم حصل عن نظر وفكر فانه مدخول لا يسلم من دخول الشبه عليه ولا من الحيرة فيه ولا من القدح في الأمر الموصل اليه ولا بد لكل محجوب من التقليد فمن أراد العلم الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فليكثر من الطاعات والنوافل حتى يحبه الحق فيعرف الله بالله ويعرف جميع احكام الشريعة بالله لا بعقله ومن لم يكثر مما ذكر

ص: 94

فليقلد ربه فيما اخبر ولا يؤول فانه اولى من تقليد العقل إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا اى آمنوا ثم لم يقع في نفوسهم شك فيما آمنوا به ولا اتهام لمن صدقوه واعترفوا بأن الحق معه من ارتاب مطاوع را به إذا أوقعه في الشك في الخبر مع التهمة للمخبر فظهر الفرق بين الريب والشك فان الشك تردد بين نقبضين لا تهمة فيه وفيه اشارة الى أن فيهم ما يوجب نفى الايمان عنهم وهو الارتياب وثم للاشعار بأن اشتراط عدم الارتياب فى اعتبار الايمان ليس في حال إنشائه فقط بل وفيما يستقبل فهى كما في قوله تعالى ثم استقاموا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فى طاعته على تكثير فنونها من العبادات البدنية المحضة والمالية الصرفة والمشتملة عليهما معا كالحج والجهاد أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الأوصاف الجميلة هُمُ الصَّادِقُونَ اى الذين صدقوا في دعوى الايمان لا غيرهم فهو قصر افراد وتكذيب لأعراب بنى اسد حيث اعتقدوا الشركة وزعموا أنهم صادقون ايضا في دعوى الايمان واعلم ان الآية الكريمة شاملة لمجامع القوى التي وجب على كل أحد تهذيبها وإصلاحها تطهيرا لنفسه الحاصل به الفوز بالفلاح والسعادة كلها كما قال تعالى قد أفلح من زكاها وهى قوة التفكر وقوة الشهوة وقوة الغضب اللاتي إذا أصلحت ثلاثتهما وضبطت حصل العدل الذي قامت به السموات والأرض فانها جميع مكارم الشريعة وتزكية النفس وحسن الخلق المحمود ولاصالة الاولى وجلالتها قدمت على الأخيرتين فدل بالايمان بالله ورسوله مع نفى الارتياب على العلم اليقيني والحكمة الحقيقية التي لا يتصور حصولها الا بإصلاح قوة التفكر ودل بالمجاهدة بالأموال على العفة والجود التابعين بالضرورة لاصلاح قوة الشهوة وبالمجاهدة بالأنفس على الشجاعة والحلم التابعين لاصلاح قوة الحمية الغضبية وقهرها وإسلامها للدين وعليه دل قوله تعالى خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فان العفو عمن ظلم هو كمال الحلم والشجاعة وإعطاء من حرم كمال العفة والجود ووصل من قطع كمال الفضل والإحسان واعلم ايضا ان جميع كمالات النفس الانسانية محصورة في القوى الثلاث وفضائلها الأربع إذ العقل كماله العلم والعفة كمالها الورع والشجاعة كمالها المجاهدة والعدل كماله الانصاف وهى اصول الدين على التحقيق وفي الآية رد للدعوى وحث على الاتصاف بالصدق قال بعضهم لولا الدعاوى ما خلقت المهاوى فمن ادعى فقد هوى فيها وان كان صادقا ألا تراه يطالب بالبرهان ولو لم يدع ما طولب بدليل (قال الحافظ)

حديث مدعيان وخيال همكاران

همان حكايت زرد وزو بوريا بافست

وفي الحديث يا أبا بكر عليك بصدق الحديث والوفاء بالعهد وحفظ الامانة فانها وصية الأنبياء (قال الحافظ)

طريق صدق بياموز از آب صافى دل

براستى طلب آزادگى چوسرو چمن

وأتى رسول الله التجار فقال يا معشر التجار إن الله باعثكم يوم القيامة فجارا الا من صدق ووصل وأدى الامانة وفي الحديث التجار هم الفجار قيل ولم يا رسول الله وقد أحل الله البيع فقال لانهم يحلفون فيأثمون ويتحدثون فيكذبون (قال الصائب)

ص: 95

كعبه در كام نخستين كند استقبالت

از سر صدق اگر همنفس دل باشى

فاذا صدق الباطن صدق الظاهر إذ كل اناء يترشح بما فيه وكل أحد يظهر ما فيه بفيه قُلْ روى انه لما نزلت الآية السابقة جاء الاعراب وحلفوا أنهم مؤمنون صادقون فنزل لتكذيبهم قوله تعالى قل يا محمد لهم أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ دخلت الباء لان هذا التعليم بمعنى الاعلام والاخبار أي أتخبرون الله بدينكم الذي أنتم عليه بقولكم آمنا والتعبير عنه بالتعليم لغاية تشنيعهم والاستفهام فيه للتوبيخ والإنكار أي لا تعرفوا الله بدينكم فانه عالم به لا يخفى عليه شيء وفيه اشارة الى ان التوقيف في الأمور الدينية معتبر واجب وحقيقتها موكولة الى الله فالاسامى منه تؤخذ والكلام منه يطلب وأمره يتبع وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ حال من فاعل تعلمون مؤكدة لتشنيعهم وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لا يحتاج الى اخباركم تذييل مقرر لما قبله اى مبالغ في العلم بجميع الأشياء التي من جملتها ما اخفوه من الكفر عند اظهارهم الايمان وفيه مزيد تجهيل وتوبيخ لهم حيث كانوا يحتهدون في ستر أحوالهم واخفائها وفي التأويلات النجمية والله يعلم ما في سموات القلوب من استعدادها في العبودية وما في ارض النفوس من تمردها عن العبودية والله بكل شيء جبلت القلوب والنفوس عليه عليم لانه تعالى أودعه فيها عند تخمير طينة آدم بيده انتهى قال بعض الكبار لا تضف الى نفسك حالا ولا مقاما ولا تخبر أحدا بذلك فان الله تعالى كل يوم هو في شان في تغيير وتبديل يحول بين المرء وقلبه فربما أزالك عما أخبرت به وعزلك عما تخليت ثباته فتحجل عند من أخبرته بذلك بل احفظ ذلك ولا تعلمه الى غيرك فان كان الثبات والبقاء علمت انه موهبة فلتشكر الله ولتسأله التوفيق للشكر وان كان غير ذلك كان فيه زيادة علم ومعرفة ونور وتيقظ وتأديب انتهى فظهر من هذا ان الإنسان يخبر غالبا بما ليس فيه او بما سيزول عنه والعياذ بالله من سوء الحال ودعوى الكمال قال بعضهم إياكم ثم إياكم والدعوات الصادقة والكاذبة فان الكاذبة تسود الوجه والصادقة تطفئ نور الايمان او تضعفه وإياكم والقول بالمشاهدات والنظر الى الصور المستحسنات قان هذا كله نفوس وشهوات ومن أحدث في طريق القوم ما ليس فيها فليس هو منا ولا فينا فاتبعوا ولا تبتدعوا وأطيعوا ولا تمرقوا ووحدوا ولا تشركوا وصدقوا الحق ولا تشكوا واصبروا ولا تجزعوا واثبتوا ولا تتفرقوا واسألوا ولا تسأموا وانتظروا ولا تيأسوا وتواخوا ولا تعادوا واجتمعوا على الطاعة ولا تفرقوا وتطهروا من الذنوب ولا تلطخوا وليكن أحدكم بواب قلبه فلا يدخل فيه الا ما امره الله به وليحذر أحدكم ولا يركن وليخف ولا يأمن وليفتش ولا يغفل يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا اى يعدون إسلامهم منة عليك وهى النعمة التي لا يطلب موليها ثوابا ممن أنعم بها عليه من المن بمعنى القطع لان المقصود به قطع حاجته مع قطع النظران يعوضه المحتاج بشيء وقيل النعمة الثقيلة من المن الذي يوزن به وهو رطلان يقال من عليه منة اى أثقله بالنعمة قال الراغب المنة النعمة الثقيلة ويقال ذلك على وجهين أحدهما أن يكون ذلك بالفعل فيقال من فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة وعلى ذلك قوله

ص: 96

تعالى لقد من الله على المؤمنين وذلك في الحقيقة لا يكون الا لله تعالى والثاني أن يكون ذلك بالقول وذلك مستقبح فيما بين الناس الا عند كفران النعمة ولقبح ذلك قيل المنة تهدم الصنيعة ولحسن ذكرها عند الكفران قيل إذا كفرت النعمة حسنت المنة وقوله تعالى يمنون عليك إلخ فالمنة منهم بالقول ومنة الله عليهم بالفعل وهو هدايته إياهم قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ اى لا تعدوا إسلامكم منة على اولا تمنوا على بإسلامكم فنصبه بنزع الخافض بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ على ما زعمتم من انكم ارشدتم اليه وبالفارسية بلكه خداى تعالى منت مينهد بر شما كه راه نموده است شما را بايمان إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى ادعاء الايمان وجوابه محذوف يدل عليه ما قبله اى فلله المنة عليكم وفي سياق النظم الكريم من اللطف مالا يخفى فانهم لما سمعوا ما صدر عنهم ايمانا ومنوا به نفى كونه ايمانا وسماه إسلاما فقال يمنون عليك بما هو في الحقيقة اسلام اى دخول في السلم وليس بجدير بالمن لانه ليس له اعتداد شرعا ولا يعد مثله نعمة بل لو صح ادعاؤهم للايمان فلله المنة عليهم بالهداية اليه لالهم وسئل بعض الكبار عن قوله تعالى بل الله يمن عليكم مع انه تعالى جعل المن إذا وقع منا على بعضنا من سفساف الأخلاق فقال في جوابه هذا من علم التطابق ولم يقصد الحق به المن حقيقة إذ هو الكريم الجواد على الدوام على من أطاع وعلى من عصى وفي الحديث ما كان الله ليدلكم على مكارم الأخلاق ويفعل معكم خلاف ذلك وفي الحديث ايضا ما كان الله لينهاكم عن الرياء ويأخذه منكم قال ذلك لمن قال له يا رسول الله انى صليت بالتميم ثم وجدت الماء أفأصلى ثانيا فمعنى الآية إذا دخلتم في حضرة المن على رسولكم بإسلامكم فالمن لله لا لكم وان وقع منكم شيء من سفساف الأخلاق رد الحق أعمالكم عليكم لا غير وفي التأويلات النجمية يمنون عليك ان استسلموا لك ظاهرهم قل لا تمنوا على إسلامكم اى تسليم ظاهركم لى لانه ليس هذا من طبيعة نفوسكم المتمردة بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان إذ كتب فى قلوبكم الايمان فانعكس نور الايمان من مصباح قلوبكم الى مشكاة نفوسكم فتنورت واستضاءت بنور الإسلام فاسلامكم في الظاهر من فرع الايمان الذي أودعته في باطنكم ان كنتم صادقين اى ان كنتم صادقين في دعوى الايمان انتهى قال الجنيد رحمه الله المن من العباد تقريع وليس من الله تقريعا وانما هو من الله تذكير النعم وحث على شكر المنعم (قال الشيخ سعدى)

شكر خداى كن كه موفق شدى بخير

ز انعام وفضل او نه معطل كذاشتت

منت منه كه خدمت سلطان همى كنى

منت شناس ازو كه بخدمت بداشتت

إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى ما غاب فيهما عن العباد وخفى عليهم علمه وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ فى سركم وعلانيتكم فكيف يخفى عليه ما في ضمائركم وقال بعض الكبار والله بصير بما تعملون في الظاهر انه من نتائج ما أودعه في باطنكم

در زمين كرنى شكر ور خودنى است

ترجمان هر زمين نبت وى است

فمن لا حظ شيأ من اعماله وأحواله فان رآها من نفسه كان شركا وان رآها لنفسه كان مكرا وان رآها من ربه بربه لربه كان توحيدا وفقنا الله لذلك بمنه وجوده قال البقلى ليس لله

ص: 97

غيب إذ الغيب شيء مستور وجميع الغيوب عيان له تعالى وكيف يغيب عنه وهو موجده يبصره ببصره القديم والعلم والبصر هناك واحد قال في كشف الاسرار از سورة الحجرات تا آخر قرآن مفصل كويند وبه قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله أعطاني السبع الطول مكان التوراة والسبع الطول كصرد من البقرة الى الأعراف والسابعة سورة يونس او الأنفال وبراءة جميعا لانهما سورة واحدة عنده كما في القاموس وأعطانى الما بين مكان الإنجيل وأعطاني مكان الزبور المثاني وفضلنى ربى بالمفصل وفي رواية اخرى قال عليه السلام انى أعطيت سورة البقرة من الذكر الاول وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى عليه السلام وأعطيت فواتح الكتاب وخواتيم البقرة من تحت العرش والمفصل ناقلة اى عطية وفي فتح الرحمن سورة الحجرات أول المفصل على الراجح من مذهب الشافعي وأحد الأقوال المعتمدة عن ابى حنيفة وعنه قول آخر معتمدان اوله قوله ق قاله عليه السلام فضلنى ربى بالمفصل والمفصل من القرآن ما هو بعد الحواميم من قصار السور الى آخر القرآن وسميت مفصلا لكثرة المفصولات فيها بسطر بسم الله الرحمن الرحيم لانها سور قصار يقرب تفصيل كل سورة من الاخرى فكثر التفصيل فيها انتهى وقال بعضهم المفصل السبع السابع سمى به لكثرة فصوله وهو من سورة محمد او الفتح أو ق الى آخر القرآن وطوال المفصل الى البروج والاوساط منها الى لم يكن والقصار منها الى الآخر وقيل

طوال از لا تقدم تا عبس دان

پس اوسط از عبس تا لم يكن خوان

قصار از لم يكن تا آخر آيد

بخوان اين نظم را تا گردد آسان

والذي عليه الجمهور أن طوال المفصل من سورة الحجرات الى سورة البروج والاوساط من سورة البروج الى سورة لم يكن والقصار من سورة لم يكن الى آخر القرآن (روى) ان القراء لما قسموا القرءان في زمن الحجاج الى ثلاثين جزأ قسموه ايضا الى سبعة اقسام وعن السلف الصالحين من ختم على هذا الترتيب الذي نذكره ثم دعا تقبل حاجته وهو الترتيب الذي كان يفعله عثمان رضى الله عنه يقرأ يوم الجمعة من اوله الى سورة الانعام ويوم السبت من سورة الانعام الى سورة يونس ويوم الأحد من سورة يونس الى سورة طه ويوم الاثنين من سورة طه الى سورة العنكبوت ويوم الثلاثاء من سورة العنكبوت الى سورة الزمر ويوم الأربعاء من سورة الزمر الى سورة الواقعة ويوم الخميس من سورة الواقعة الى آخره وقيل احزاب القرآن سبعة الحزب الاول ثلاث سور والثاني خمس سور والثالث سبع سور والرابع تسع سور والخامس احدى عشرة سورة والسادس ثلاث عشرة سورة والسابع المفصل من ق وفي فتح الرحمن واحزاب القرآن ستون قيل ان الحجاج لماجد في نقط المصحف زاد تحزيبه وأمر الحسن ويحيى بن يعمر بذلك واما وضع الأعشار فيه فحكى ان المأمون العباسي أمر بذلك وقيل ان الحجاج فعل ذلك وكانت المصاحف العثمانية مجردة من النقط والشكل فلم يكن فيها اعراب وسبب ترك الاعراب فيها والله اعلم استغناؤهم عنه فان القوم كانوا عربا لا يعرفون اللحن ولم يكن في زمنهم نحو وأول من وضع النحو وجعل الاعراب في المصاحف ابو الأسود الدؤلي التابعي البصري (حكى) انه سمع قارئا يقرأ ان الله بريئ من المشركين ورسوله بكسر

ص: 98