المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير سورة الممتحنة - روح البيان - جـ ٩

[إسماعيل حقي]

الفصل: ‌تفسير سورة الممتحنة

يحرسونه حتى يمسى فان مات في ذلك اليوم مات شهيدا ومن قالها حين يمسى كان بتلك المنزلة رواه معقل بن يسار رضى الله عنه وانما جمع بين استعاذة وقراءة آخر الحشر والله اعلم لان في الاستعاذة الاشعار بكمال العجز والعبودية وفي آخر الحشر الإقرار بجلال القدرة والعظمة والربوبية فالاول تخلية عن العجب والعبودية وفي آخر الحشر الإقرار بجلال القدرة والعظمة والربوبية فالاول تخلية عن العجب والثاني تخلية بالايمان الحق وبهما يتحقق منزل قوله تعالى الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة فيترتب عليه قوله تعالى الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا الآية كما في تفسير الفاتحة للمولى الفنارى رحمه الله وعن أبى امامة رضى الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ خواتيم الحشر من ليل او نهار فقبض من ذلك اليوم او الليلة فقد استوجب الجنة وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الخشر لم يبق جنة ولا نار ولا عرش ولا كرسى ولا حجاب ولا السموات السبع والأرضون السبع والهوام والطير والريح والشجر والدواب والجبال والشمس والقمر والملائكة الا صلوا عليه فان مات اى من

يومه او ليلته مات شهيدا كما في كشف الاسرار وقوله مات شهيدا اى يثاب ثواب الشهادة على مرتبة وللشهادة مراتب قد مرت تمت سورة الحشر في اواخر شهر الله رجب المنتظم في سلك شهور سنة خمس عشرة ومائة والف

‌تفسير سورة الممتحنة

مدينة وآيها ثلاث عشرة

بسم الله الرحمن الرحيم لعل الممتحنة مأخوذة من قول الله تعالى فيما بعد يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله اعلم بايمانهن امر الله المؤمنين هناك بالامتحان فهم الممتحنون بكسر الحاء مجازا للمبالغة وأضيفت السورة إليها وسميت بسورة الممتحنة مثل سورة الفاتحة قيل ان اضافة السورة الى الفاتحة من قبيل اضافة العام الى الخاص ولا بعد أن تكون من قبيل اضافة المسمى الى اسمه مثل كتاب الكشاف فان الفاتحة من جملة اسماء سورة الفاتحة وقس على ذلك سورة الممتحنة ويحتمل أن يكون المراد الجماعة الممتحنة اى المأمور بامتحانها ويؤيده ما روى انه قد تفتح الحاء فيكون المراد النساء المحتبرة فالاضافة بمعنى اللام التخصيصية اى سورة تذكر فيها النساء الممتحنة مثل سورة البقرة وأمثالها ويحتمل أن يكون مصدرا ميميا بمعنى الامتحان على ما هو المشهور من ان المصدر الميمى واسماء المفعول والزمان والمكان فيما زاد على الثلاثي تكون على صيغة واحدة اى سورة الامتحان مثل سورة الإسراء وغيرها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ نزلت في حاطب ابن أبى بلتعة العبسي وحاطب بالحاء المهملة قال في كشف الاسرار ولد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصله من الأزد وهو حى باليمن واعتقه عبيد الله بن حميد بن زهير الذي قتله على رضى الله عنه يوم بدر كافرا وكان حاطب يبيع الطعام ومات بالمدينة وصلّى عليه عثمان بن عفان رضى الله عنه وكان من المهاجرين

ص: 472

وشهد بدرا وبيعة الرضوان وعمم الله الخطاب في الآية تعميما للنصح والعدو فعول من عدا كعفو من عفا ولكونه على زنة المصدر أوقع على الجمع إيقاعه على الواحد والمراد هنا كفار قريش وذلك انه لما تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزوة الفتح في السنة الثامنة من الهجرة كتب حاطب الى أهل مكة ان رسول الله يريدكم فخذوا خذركم فانه قد توجه إليكم في جيش كالليل وأرسل الكتاب مع سارة مولاة بنى عبد المطلب اى معتقتهم وأعطاها عشرة دنانير وبردة وكانت سارة قدمت من مكة وكانت مغنية فقال لها عليه السلام لماذا جئت فقالت جئت لتعطينى شيأ فقال ما فعلت بعطياتك من شبان قريش فقالت مذ قتلتهم ببدر لم يصل الى شيء الا القليل فأعطاها شيأ فرجعت الى مكة ومعها كتاب حاطب فنزل جبرائيل عليه السلام بالخبر فبعث رسول الله عليه السلام عليا وعمارا وطلحة والزبير والمقداد وأبا مرثد وقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ موضع بين الحرمين وخاخ بالمعجمتين يصرف ويمنع فان بها ظعينة وهى المرأة ما دامت في الهودج وإذا لم تكن فيه فهى المرأة معها كتاب حاطب الى اهل مكة فخذوه منها فخلوها فان أبت فاضربوا عنقها فادر كوهاثمة فجحدت فسل على رضى الله عنه سيفه فأخرجته من عقاصها اى من ضفائرها (روى) ان رسول الله عليه السلام أمن جميع الناس يوم فتح مكة الا اربعة هى أحدهم فأمر بقتلها فاستحضر رسول الله حاطبا فقال ما حملك على هذا فقال يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك الغش ترك النصح والنصح عبارة عن التصديق بنبوته ورسالته والانقياد لأوامره ونواهيه ولكننى كنت امرأ ملصقا في قريش اى حليفا ولم أكن من أنفسهم ومن معك من المهاجرين كان له فيهم قرابات يحمون أهاليهم وأموالهم وليس فيهم من يحمى أهلي فأردت أن آخذ عندهم يدا اى اجعل عندهم نعمة ولم افعله كفرا وارتدادا عن دينى وقد علمت ان كتابى لا يغنى عنهم شيأ فصدقه رسول الله وقبل عذره فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله دعنى أضرب عنق هذا المنافق فقال يا عمر انه شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ففاضت عينا عمر رضى الله عنه وفي القصة اشارة الى جواز هتك ستر الجواسيس وهتك أستار المفسدين إذا كان فيه مصلحة او في ستره مفسدة وان من تعاطى امرا محظورا ثم ادعى لم تأويلا محتملا قبل منه وان العذر مقبول عند كرام الناس (روى) ان حاطبا رضى الله عنه لما سمع يا أيها الذين آمنوا غشى عليه من الفرح بخطاب الايمان لما علم ان الكتاب المذكور ما أخرجه عن الايمان لسلامة عقيدته ودل قوله

وعدوكم على إخلاصه فان الكافر ليس بعد وللمنافق بل للمخلص تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ الود محبة الشيء وتمنى كونه ويستعمل فى كل واحد من المعنيين اى توصلون محبتكم بالمكاتبة ونحوها من الأسباب التي تدل على المودة على ان الباء زائدة في المفعول كما في قوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة او تلقون إليهم أخبار النبي عليه السلام بسبب المودة التي بينكم وبينهم فيكون المفعول

ص: 473

محذوفا للعلم به والباء للسببية والجملة حال من فاعل لا تتخذوا اى لا تتخذوا حال كونكم ملقين المودة فان قلت قدنهوا عن اتخاذهم اولياء مطلقا في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء والتقييد بالحال يوهم جواز اتخاذهم اولياء إذا انتفى الحال قلت عدم جوازه مطلقا لما علم من القواعد الشرعية تبين انه لا مفهوم للحال هنا البتة فان قلت كيف قال لا تتخذوا عدوى وعدوكم اولياء والعداوة والمحبة لكونهما متنافيتين لا تجتمعان في محل واحد والنهى عن الجمع بينهما فرع إمكان اجتماعهما قلت انما كان الكفار أعداء للمؤمنين بالنسبة الى معاداتهم لله ورسوله ومع ذلك يجوز أن يتحقق بينهم الموالاة والصداقة بالنسبة الى لامور الدنيوية والأغراض النفسانية فنهى الله عن ذلك يعنى فلم يتحقق وحدة النسبة من الوحدات الثمان وحيث لم يكتف بقوله عدوى بل زاد قوله وعدوكم دل على عدم مروءتهم وفتوتهم فانه يكفى في عداوتهم لهم وترك موالاتهم كونهم أعداء الله سوآء كانوا أعداء لهم أم لا وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ حال من فاعل تلقون والحق هو القرآن او دين الإسلام او الرسول عليه السلام يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ حال من فاعل كفروا اى مخرجين الرسول وإياكم من مكة والمضارع لاستحضار الصورة أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ تعليل للاخراج وفيه تغليب المخاطب على الغائب اى على الرسول والالتفات من التكلم الى الغيبة حيث لم يقل ان تؤمنوا بي للاشعار بما يوجب الايمان من الالوهية والربوبية إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي متعلق بلا تتخذوا كأنه قيل لانتولوا أعدائي ان كنتم أوليائي وانتصاب جهادا وابتغاء على انهما مفعول لهما لخرجتم اى ان كنتم خرجتم عن او طانكم لاجل هذين فلا تتخذوهم اولياء ولا تلقوا إليهم بالمودة والجهاد بالكسر القتال مع العدو كالمجاهدة وفي التعريفات هو الدعاء الى الدين الحق وفي المفردات الجهاد والمجاهدة استفراغ الوسع في مدافعة العدو وهو جهاد العدو الظاهر وجهاد الشيطان وجهاد النفس ويكون باليد واللسان والمرضاة مصدر كالرضى وفي عطف وابتغاء مرضاتى على جهادا في سبيلى تصريح بما علم التزاما فان الجهاد في سبيل الله انما هولاء علاء دين الله لا لغرض آخر واسنادا لخروج إليهم معللا بالجهاد والابتغاء يدل على ان المراد من إخراج الكفرة كونهم سببا لخروجهم بأذيتهم لهم فلا ينافى تلك السببية كون ارادة الجهاد والابتغاء علة له تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ استئناف وارد على نهج العتاب والتوبيخ كأنهم سألوا ماذا صدر عنا حتى عوتبنا فقيل تلقون إليهم المودة سرا على ان الباء صلة جيئ بها لتأكيد التعدية او الاخبار بسبب المودة ويجوز أن يكون تعدية الاسرار بالباء لحمله على نقيضه الذي هو الجهر وَأَنَا أَعْلَمُ حال من فاعل تسرون اى والحال انى اعلم منكم بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ من مودة الأعداء والاعتذار وغير ذلك فاذا كان بينهما تساوفى العلم فأى فائدة في الاسرار والاعتذار وَمَنْ وهر كه يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ اى الاتخاذ المنهي عنه اى ومن يفعل ما نهيت عنه من موالاتهم والأقرب من يفعل الاسرار فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ فقد اخطأ طريق الحق والصواب الموصل

ص: 474

الى الفوز بالسعادة الابدية وبالفارسية پس بدرستى كه او از راه راست كم شد وهو من اضافة الصفة الى الموصوف وضل متعد وسوآء السبيل مفعوله ويجوز أن يجعل قاصرا وينتصب سوآء السبيل على الظرفية قال القرطبي هذا كله معاتبة لحاطب وهو يدل على فضله ونصيحته لرسول الله وصدق إيمانه فان المعاتبة لا تكون الا من حبيب لحبيب كما قيل إذا ذهب العتاب فليس ود ويبقى الود ما بقي العتاب والعتاب اظهار الغضب على أحد لشيء مع بقاء المحبة بالترك وفي الآية اشارة الى عداوة النفس والهوى والشيطان فانها تبغض عبادة الله وتبغض عباد الله ايضا إذا لم يكونوا مطيعين لها في إنفاذ شهواتها وتحصيل مراداتها واصل عداوة النفس أن تفطمها من مألوفاتها وتحبسها في محبس المجاهدة وعلامة حب الله بغض عدو الله قال عليه السلام أفضل الايمان الحب في الله والبعض في الله قال أبو حفص رحمه الله من أحب نفسه فقد اتخذ عدو الله وعدوه وليا وان النفس تخالف ما أمرت به وتعرض عن سبيل الرشد وتهلك محبها ومتبعها في أول قدم وجاء في اخبار داود عليه السلام يا داود عاد نفسك فليس لى في المملكة منازع غيرها وفي كشف الاسرار بلشكر اندك روم از قيصر بتوان ستد وبجمله اولياى روى زمين نفس را از يكى نتوان ستد زيرا نفس را حيل بسيارست احمد حضرويه بلخى رحمه الله كويد نفس خود را بانواع رياضات ومجاهدات مقهور كرده بودم روزى نشاط غزا كرد عجب داشتم كه از نفس نشاط طاعت نيايد كفتم در زير اين كويى چهـ مكر باشد مكر در كرسنكى طاقت نمى دارد كه پيوسته او را روزه همى فرمايم خواهد در سفر روزه بگشايد كفتم اى نفس اگر اين سفر پيش گيرم روزه نگشايم كفت روا دارم كفتم مكر از آنست كه طاقت نماز شب نميدارد ميخواهد كه در سفر بخسبد كفتم در سفر قيام شب كم نكنم جنانكه در حضر كفت روا دارم تفكر كردم كه مكر از ان نشاط سفر غزا كرده كه در حضر با خلق مى نياميزد كه او را در خلوت وعزلت ميدارم مرادش آنست كه با خلق صحبت كند كفتم اى نفس هر جا كه روم درين سفر ترا بخرابه فرو آرم كه هيچ خلق را نه بينى كفت روا دارم از دست وى عاجز ماندم بالله تعالى زاريدم وتضرع كردم تا از مكر وى مرا آگاهى داد كه در غزا كشتن يكبارگى باشد وبهمه جهان شود كه احمد حضرويه بغزا شهادت يافت كفتم سبحان الله آن خداونديكه نفسى آفريند بدين معيوبى كه بدنيا منافق باشد وبعد از مرك مرايى باشد نه درين جهان حقيقت اسلام خواهد نه در آن جهان آنكه كفتم اى نفس اماره والله كه باين غزا نروم تا تو در زير طاعت زنا ربندى پس در حضر آن رياضات ومجاهدات كه در ان بودم زيادت كردم قوله بما أخفيتم اى من دعوى الانانية وما أعلنتم من العبودية كما هو شأن النفس وقال ابو الحسين الوارق رحمه الله بما أخفيتم في باطنكم من المعصية وما أعلنتم في ظاهركم للخلق من الطاعة انتهى إِنْ يَثْقَفُوكُمْ اى يظفروا بكم ويتمكنوا منكم والثقف الحذق في ادراك الشيء وفعله وثقفت كذا إذا أدركته ببصرك لحذق في النظر ثم قد تجوز به فاستعمل في الإدراك وان لم يكن معه ثقافة كما في هذا الموضع ونحوه يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً اى يظهروا ما في قلوبهم من العداوة

ص: 475

ويرتبوا عليها أحكامها ولا ينفعكم إلقاء المودة إليهم وَيَبْسُطُوا ويطيلوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ او بما يسوءكم من القتل والاسر والشتم وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ اى تمتوا ارتدادكم وكونكم مثلهم كقوله ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم فكلمة لو هنا مصدرية وصيغة الماضي للايذان بتحقق ودادتهم قبل أن يثقفوهم ايضا فهو معطوف على يبسطوا لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ اى قراباتكم قال الراغب الرحم رحم المرأة وهى في الأصل وعاء الولد في بطن امه ومنه استعير الرحم للقرابة لكونهم خارجين من رحم واحدة وَلا أَوْلادُكُمْ الذين توالون المشركين لاجلهم وتتقربون إليهم محاماة عليهم جمع ولد بمعنى المولود يعم الذكر والأنثى يَوْمَ الْقِيامَةِ بجلب نفع او دفع ضر ظرف لقوله لن تنفعكم فيوقف عليه ويبتدأ بما بعده يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ استئناف لبيان عدم نفع الأرحام والأولاد يومئذ اى يفرق الله بينكم بما اعتراكم من الهول الموجب لفرار كل منكم من الآخر حسبما نطق به قوله تعالى يوم يفر المرء من أخيه وامه الآية فما لكم ترفضون حق الله لمراعاة حق من يفر منكم غدا وقيل يفرق بين الوالد وولده وبين القريب وقريبه فيدخل أهل طاعته الجنة واهل معصيته النار وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم به وهو ابلغ من خبير لانه جعله كالمحسوس بحس البصر مع ان المعلوم هنا أكثره المبصرات من الكتاب والإتيان بمن يحمل الكتاب وإعطاء الاجرة للحمل وغيرها وفي الآية اشارة الى عدواة النفس وصفاتها للروح وأخلاقه فان النفس ظلمانية سفلية كثيفة والروح وقواه نورانية علوية لطيفة ولا شك ان بين النور والظلمة تدافعا ولذا تجتهد النفس أن تغلب الروح بظلمانيتها حتى يكون الحكم لها في مملكة الوجود وهو تصرفها باليد واما بسط لسانها بالسوء فبمدح الأخلاق الذميمة وذم الأخلاق الحميدة فالقالب كبلد فيه اشراف وارذال كل بطن واحد لان القوى الخيرة والشريرة انما حصلت من ازدواج الروح مع القالب فالنفس وصفاتها من الأرذال وعلى مشرب قابيل وكنعان ولدي آدم ونوح عليهما السلام فليست من الأهل في الحقيقة والروح وقواه من الاشراف وعلى مشرب هابيل ونحوه فهى من الأهل في الحقيقة ولذا تنقطع هذه النسبة يوم القيامة فيكون الروح في النعيم والنفس فى الجحيم عند تجلى اللطف والجمال والقهر والجلال جعلنا الله وإياكم من اهل الكمال والنوال قَدْ كانَتْ لَكُمْ أيها المؤمنون أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قال الراغب الاسوة والاسوة كالقدوة والقدوة هى الحالة التي يكون الإنسان عليها في اتباع غيره ان حسنا وان قبيحا وان سارا وان ضارا والاسى الحزن وحقيقته اتباع الفائت بالغم والمعنى خصلة حميدة حقيقة بأن يؤتسى ويقتدى بها ويتبع اثرها قوله أسوة اسم كانت ولكم خبرها وحسنة صفة أسوة مقيدة ان عمت الاسوة المحمودة والمذمومة وكاشفة مادحة ان لم تعم فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ اى من أصحابه المؤمنين صفة ثانية لاسوة وقولهم لى في فلان أسوة اى قدوة من باب التجريد لا ان فلانا نفسه هو القدوة ويجوز أن يكون على حذف المضاف اى لى في سنته وأفعاله وأقواله وقيل المراد الأنبياء الذين كانوا في عصره وقريبا منه قال ابن عطية وهذا القول أرجح لانه لم يرد

ص: 476

أن ابراهيم كان له اتباع مؤمنون في مكافحة نمرود وفي البخاري انه قال لسارة حين رحل بها الى الشام مهاجرا بلاد نمرود ما على الأرض من يعبد الله غيرى وغيرك إِذْ قالُوا ظرف لخبر كان ومعمول له او لكان نفسها عند من جوز عملها في الظرف وهو الأصح لِقَوْمِهِمْ الكفار إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ جميع بريئ كظريف وظرفاء يعنى ما بيزاريم از شما وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من أصنام أظهروا البراءة اولا من أنفسهم مبالغة وثانيا من عملهم الشرك إذ المقصود من البراءة اولا من معبودهم هو البراءة من عبادته ويحتمل أن تكون البراءة منهم أن لا يصاحبوهم ولا يخالطوهم ومن معبودهم أن لا يقربوا منه ولا يلتفتوا نحوه ويحتمل أن تكون البراءة منهم بمعنى البراءة من قرابتهم لان الشرك يفصل بين القرابات ويقطع الموالاة وحاصل الآية هلا فعلتم كما فعل ابراهيم حيث تبرأ من أبيه وقومه لكفرهم وكذا المؤمنون كَفَرْنا بِكُمْ اى

بدينكم على إضمار المضاف والكفر مجاز عن عدم الاعتداد والجحد والإنكار فان الدين الباطل ليس بشيء إذ الدين الحق عند الله هو الإسلام وَبَدا بدا الشيء بدوا وبداء اى ظهر ظهورا بينا والبادية كل مكان يبدو ما يعن فيه اى يعرض بَيْنَنا ظرف لبدا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً اى هذا دأبنا معكم لا نتركه والبغض ضد الحب (وقال الكاشفى) وآشكار أشد ميان ما وشما دشمنى بدل ودشمنى بدست يعنى محاربه ابدا هميشه يعنى پيوسته دشمنى قائم خواهد بود در ميان بدل ودست حَتَّى غاية لبدا تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وتتروكوا ما أنتم عليه من الشرك فتنقلب العداوة حينئذ ولاية والبغضاء محبة والمقت مقة والوحشة الفة فالبغض نفور النفس من الشيء الذي ترغب عنه والحب انجذاب النفس الى الشيء الذي ترغب فيه فان قلت ما وجه قوله حتى تؤمنوا بالله وحده ولا بد في الايمان من الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر قلت الايمان بالله في حال وحدته يستلزم الايمان بالجميع مع ان المراد الوحدة الالهية ردا للاصنام قال بعض المشايخ أسوة ابراهيم خلة الله والتبري مما دون الله والتخلق بخلق الله والتأوه والبكاء من شوق الله وقال ابن عطاء رحمه الله الاسوة القدوة بالخليل في الظاهر من الأخلاق الشريفة وهو السخاء وحسن الخلق واتباع ما امر به على الكرب وفي الباطن الإخلاص فى جميع الافعال والإقبال عليه في كل الأوقات وطرح الكل في ذات الله تعالى وأسوة رسول الله عليه السلام في الظاهر العبادات دون البواطن والاسرار لان أسراره لا يطيقها أحد من الخلق لانه باين الامة بالمكان ليلة المعراج ووقع عليه تجلى الذات

سپهدار رسل سر خيل دركاه

سرير افروز ملك لى مع الله

إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ آزر لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ يا أبى استثناء من قوله تعالى أسوة حسنة فان استغفاره عليه السلام لأبيه الكافر وان كان جائزا عقلا وشرعا لوقومه قبل تبين انه من اصحاب الجحيم كما نطق به النص لكنه ليس مما ينبغى أن يؤتسى به أصلا إذ المراد به ما يجب الائتساء به حتما لورود الوعيد على الاعراض عنه بما سيأتى من قوله تعالى ومن يتول فان الله هو الغنى الحميد فاستثناؤه من الاسوة انما يفيد عدم استدعاء الايمان

ص: 477

والمغفرة للكافر المرجو إيمانه وذلك مما لا يرتاب فيه عاقل واما عدم جوازه فلا دلالة للاستثناء عليه قطعا وحمل الأب على العم يخالف العقل والنقل لان الله تعالى يخرج الحي من الميت والعبرة بالحسب لا بالنسب وعن على رضى الله عنه شرف المرء بالعلم والأدب لا بالأصل والنسب

هنر بنماى اگر دارى نه كوهر

كل از خارست وابراهيم از آزر

وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ من تمام القول المستثنى فمحله النصب على انه حال من فاعل لاستغفرن لك اى استغفر لك وليس في طاقتى الا الاستغفار دون منع العذاب ان لم تؤمن فمورد الاستثناء نفس الاستغفار لا قيده الذي هو في نفسه من خصال الخير لكونه إظهارا للعجز وتفويضا للامر الى الله تعالى وفي هذه الآية دلالة بينه على تفضيل نبيه محمد عليه السلام وذلك انه حين امر بالاقتداء به امر على الإطلاق ولم يستثن فقال وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وحين امر بالاقتداء بإبراهيم استثنى وايضا قال تعالى في سورة الأحزاب لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا فأطلق الاقتداء ولم يقيده بشيء (قال الصائب)

هلاك حسن خدا داد او شوم كه سراپا

چوشعر حافظ شيرازى انتخاب ندارد

رَبَّنا إلخ من تمام ما نقل عن ابراهيم ومن معه من الاسوة الحسنة عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا اعتمدنا يعنى از خلق بريديم واعتماد كلى بر كرم تو نموديم وَإِلَيْكَ أَنَبْنا رجعنا بالاعتراف بذنوبنا وبالطاعة وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ اى الرجوع في الآخرة وتقديم الجار والمجرور لقصر التوكل والانابة والمصير على الله تعالى

سوى تو كرديم روى ودل بتو بستيم

ز همه باز آمديم وبا تو نشستيم

هر چهـ نه پيوند يار بود بريديم

هر چهـ نه پيمان دوست بود كسستيم

قالوه بعد لمجاهدة وشق العصا التجاء الى الله تعالى في جميع أمورهم لا سيما في مدافعة الكفرة وكفاية شرورهم كما ينطق به قوله تعالى رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا بأن تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا نطيقه فالفتنة بمعنى المفعول وربنا بدل من الاول وكذا قوله ربنا فيما بعده وقال بعضهم ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا فتقتر علينا الرزق وتبسطه عليهم فيظنوا انهم على الحق ونحن على الباطل وَاغْفِرْ لَنا ما فرط منا من الذنوب والا كان سببا لظهور العيوب وباعثا للابتلاء المهروب رَبَّنا تكرير النداء للمبالغة في التضرع والجؤار فيكون لا حقا بما قبله ويجوز أن يكون سابقا لما بعده توسلا الى الثناء بإثبات العزة والحكمة والاول اظهر وعليه ميل السجاوندى حيث وضع علامة الوقف الجائز على ربنا وهو في اصطلاحه ما يجوز فيه الوصل والفصل باعتبارين وتلك العلامة الجيم بمسماه وهو «ج» إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الغالب الذي لا يذل من التجأ اليه ولا يخيب رجاء من توكل عليه الْحَكِيمُ لا يفعل الا ما فيه حكمة بالغة وقال بعض أهل الاشارة تعز أولياءك بالفناء فيك وتحييهم ببقائك بلطائف حكمتك فيكون المراد بالفتنة غلبة ظلمة النفس

ص: 478

والهوى وبالمغفرة الستر بالهوية الاحدية عن الآنيات وبالصفات الواحدية عن التعينات لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ اى في ابراهيم ومن معه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ تكرير للمبالغة في الحث على الاتساء به عليه السلام وذلك صدر بالقسم وجعله الطيبي من التعميم بعد التخصيص وفي برهان القرآن كرر لان الاول في القول والثاني في الفعل وفي فتح الرحمن الاولى أسوة في العداوة والثانية في الخوف والخشية وفي كشف الاسرار الاولى متعلقة بالبراءة من الكفار ومن فعلهم والثانية امر بالائتساء بهم لينالوا من ثوابهم ما نالوا وينقلبوا الى الآخرة كانقلابهم لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ بالايمان بلقائه وَالْيَوْمَ الْآخِرَ بالتصديق بوقوعه وقيل يخاف الله ويخاف عذاب الآخرة لان الرجاء والخوف يتلا زمان والرجاء ظن يقتضى حصول ما فيه مسرة وفي المفردات الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة والخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة وفي بعض التفاسير الرجاء يجيئ بمعنى توقع الخير وهو الأمل وبمعنى توقع الشر وهو الخوف وبمعنى التوقع مطلقا وهو فى الاول حقيقة وفي الأخيرين مجاز وفي الثاني من قبيل ذكر الشيء وارادة ضده وهو جائز وفي الثالث من قبيل ذكر الخاص وارادة العام وهو كثير قوله لمن كان إلخ بدل من لكم وفائدته الإيذان بان من يؤمن بالله واليوم الآخر لا يترك الاقتداء بهم وان تركه من مخايل عدم الايمان بهما كما ينبئ عنه قوله تعالى وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فانه مما يوعد بأمثاله الكفرة اى ومن يعرض عن الاقتداء بهم في التبري من الكفار ووالاهم فان الله هو الغنى وحده عن خلقه وعن موالاتهم ونصرتهم لاهل دينه لم يتعبدهم لحاجته إليهم بل هو ولى دينه وناصر حزبه وهو الحميد المستحق للحمد في ذاته ومن صحاح الأحاديث القدسية يا عبادى انكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكى شيأيا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل انسان مسألته ما نقص ذلك من عندى الا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر يا عبادى انما هى أعمالكم أحصيها لكم ثم او فيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه قوله هى ضمير القصة يعنى ما جزاء أعمالكم الا محفوظ عندى لاجلكم ثم أؤديها إليكم وافية ثم الحميد فعيل بمعنى المفعول وجوز الامام القشيري رحمه الله أن يكون بمعنى الفاعل اى حامد لنفسه وحامد للمؤمنين من عباده قال شارح المشكاة وحظ العبد من اسم الحميد أن يسعى لينخرط في سلك المقربين الذين يحمدون الله لذاته لا لغيره قال الشيخ ابو القاسم رحمه الله حمد الله الذين هو من شكره يجب أن يكون على شهود المنعم لان حقيقة الشكر الغيبة لشهود المنعم عن شهود النعمة (روى) ان داود عليه السلام قال فى مناجاته كيف اشكر لك وشكرى لك نعمة منك على فأوحى الله اليه الآن قد شكرتنى وقال بعض اهل الاشارة لقد كان في ابراهيم الخفي ومن معه من قواه الروحانية المجردة

ص: 479

من المواد الحسية والمثالية والعقلية أسوة حسنة وهى البراءة من قومه اى النفس الامارة والهوى المتبع فمن تأسى واستمر على ذلك بلغ المطلوب المحبوب ومن اعرض عن ذلك التأسى فان الله غنى عن تأسيه حميد في ذاته وان لم يكن حمده انتهى كلامه عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ شايد آنكه خداى تعالى پيدا كند بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ اى من أقاربكم المشركين وعسى من الله وعد على عادة الملوك حيث يقولون في بعض الحوائج عسى ولعل فلا يبقى شبهة للمحتاج في تمام ذلك وقال الراغب ذكر الله في القرآن عسى ولعل تذكرة ليكون الإنسان منه على رجاء لا على أن يكون هو تعالى راجيا اى كونوا راجين فى ذلك والمعاداة والعداء با كسى دشمنى كردن مَوَدَّةً اى بأن يوافقوكم في الدين وعدهم الله بذلك لما رأى منهم من التصلب في الدين والتشدد في معاداة آبائهم وأبنائهم وسائر اقربائهم ومقاطعتهم إياهم بالكلية تطييبا لقلوبهم ولقد أنجز وعده الكريم حين أباح لهم الفتح فأسلم قومهم كأبى سفيان وسهل بن عمرو وحكيم بن حزام والحارث ابن هشام وغيرهم من صناديد العرب وكانوا أعداء أشد العداوة فتم بينهم من التحاب والتصافي ماتم وَاللَّهُ قَدِيرٌ اى مبالغ في القدرة فيقدر على تقليب القلوب وتغيير الأحوال وتسهيل اسباب المودة وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ فيغفر لمن اسلم من المشركين ويرحمهم بقلب معاداة قاربهم موالاة وقيل غفور لما فرط منكم في موالاتهم من قبل ولما بقي في قلوبكم من ميل الرحم قال ابن عطاء رحمه الله لابتغضوا عبادى كل البغض فانى قادر على أن أنقلكم من البغض الى المحبة كنقلى من الحياة الى الموت ومن الموت الى النشور كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انظر الى خالد بن الوليد وعكرمة بن أبى جهل قرأ يخرج الحي من الميت لانهما من خيار الصحابة وأبواهما أعدى عدو الله ورسوله وكان بعضهم يبغض عكرمة ويسب أباه لما سلف منه من الأذى حتى ورد النهى عنه بقوله عليه السلام لا تؤذوا الاحياء بسب الأموات فقلب الله ذلك محبة فكانوا إخوانا في الله وفي الحديث (من نظر الى أخيه نظر مودة لم يكن فى قلبه احنة لم يطرف حتى يغفر الله له ما تقدم من ذنبه وقال سقراط أثن على ذى المودة خيرا عند من لقيت فان رأس المودة حسن الثناء كما ان رأس العداوة سوء الثناء وعنه لا تكون كاملا حتى يأمنك عدوك فكيف بك إذا لم يأمنك صديقك قال داود عليه السلام اللهم انى أعوذ بك من مال يكون على فتنة ومن ولد يكون على ربا ومن حليلة تقرب المشيب وأعوذ بك من جار ترانى عيناه وترعانى أذناه ان رأى خيرا دفنه وان سمع شرا طاربه ومن بلاغات الزمخشري محك المودة والإخاء حال الشدة دون الرخاء (قال الحافظ)

وفا مجوى ز كس ور سخن نمى شنوى

بهرزه طالب سيمرغ وكيميا مى باش

لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ اى على الدين اوفى حق الدين واطفاء نوره وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ اى لا ينهاكم الله عن مبرة هؤلاء فان قوله تعالى أَنْ تَبَرُّوهُمْ بدل من الموصول بدل الاشتمال لان بينهم وبين البر ملابسة بغير الكلية والجزئية فكان المنهي عنه برهم بالقول وحسن المعاشرة والصلة بالمال لا أنفسهم وبالفارسية

ص: 480

از آنكه نيكويى كنيد با ايشان وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ تفسير لتبروا وضمن تقسطوا معنى الإفضاء فعدى تعديته اى تفضوا إليهم بالقسط والعدل ولا تظلموهم وناهيك بتوصية الله المؤمنين ان يستعملوا القسط مع المشركين ويتحاموا ظلمهم مرحمة عن حال مسلم يجترئ على ظلم أخيه المسلم كما في الكشاف وقال الراغب القسط النصيب بالعدل كالنصف والنصفة فالمعنى عدل كنيد وبفرستيد قسطى وبهره براى ايشان از طعام وغير او إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ اى العادلين في المعاملات كلها (روى) ان قتيلة بنت عبد العزى على زنة التصغير قدمت في المدة التي كانت فيها المصالحة بين رسول الله عليه السلام وبين كفار قريش مشركة على بنتها اسماء بنت ابى بكر رضى الله عنها بهدايا فلم تقبلها ولم تأذن لها بالدخول فنزلت فأمرها رسول الله أن تدخلها وتقبل منها وتكرمها وتحسن إليها وكانت قتيلة زوجة أبى بكر وكان طلقها في الجاهلية وآورده اند كه قوم خزاعه را با حضرت رسول عليه السلام عهد و پيمان بود وهركز قصد مسلمانان نكردند ودشمنان دين را يارى ندادند حق تعالى درباره ايشان اين آيت فرستاد يا مراد زنان وكودكانند كه ايشانرا در قتل وإخراج چندان مدخلى نيست وفي فتح الرحمن نسختها اقتلوا المشركين والأكثر على انها غير منسوخة وفي بعض التفاسير القسوط الجور والعدول عن الحق والقسط بالكسر العدل فالاقساط اما من الاول بمعنى ازالة القسوط فهمزته للسلب كأشكيته بمعنى أزلت عنه الشكاية وسلبتها فمن أزال الظلم اتصف بالعدل واما من الثاني بمعنى ان يصير ذا قسط فهمزته للصيرورة مثل أورق الشجر اى صار ذا ورق وفي الآية مدح للعدل لان المرء به يصير محبوبا لله تعالى ومن الأحاديث الصحيحة قوله عليه السلام ان المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين للذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وماولوا (قال الحافظ)

شاه را به بود از طاعت صد ساله وزهد

قدر يكساعته عمرى كه در وداد كند

وقال خطابا لبعض الملوك

جويبار ملك را آب از سر شمشير تست

خوش درخت عدل بنشان بيخ بد خواهان بكن

إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ واطفاء نوره وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وهم عتاة اهل مكة وجبابرتهم وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ وهم سائر أهلها يعنى معاونت كردند وهم پشت شدند با أعادي أَنْ تَوَلَّوْهُمْ بدل اشتمال من الموصول اى انما ينهاكم عن أن تتولوهم والتولي دوستى داشتن با كسى وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ وهر كه دوست دارد ايشانرا فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ لوضعهم الولاية في موضع العداوة وهم الظالمون لأنفسهم بتعريضها للعذاب وحساب المتولى اكبر وفساد التولي اكثر ولذلك أورد كلمة الحصر تغليظا وجمع الخبر باعتبار معنى المبتدأ بگسل ز دوستان دغاباز وحيله ساز يارى طلب كه طالب نقش بقا بود جعلنا الله وإياكم من الذين يطلبون الباقي

ص: 481

لا الفاني يقول الفقير كان الظاهر من امر المقابلة في الآيتين أن يقال في الاولى ان تولوهم كما في الثانية او يعكس ويقال في الثانية أن تبروهم كما في الاولى او يذكر كل منهما فى كل من الآيتين لكن الدلائل العقلية والشواهد النقلية دلت على ان موالاة الكافر غير جائزة مقاتلا كان او غيره بخلاف المبرة فانها جائزة لغير المقاتل غير جائزة للمقاتل كالموالاة فحيت اثبت المبرة بناء على امر ظاهر في باب الصلة نفى الموالاة ضمنا وحيث نفى الموالاة نفى المبرة ضمنا وانما لم تجز المبرة للمقاتل لغاية عداوته ونهاية بغضه ان قيل ان الإحسان الى من أساء من اخلاق الأبرار قلنا ان المبرة تقتضى الالفة في الجملة والإحسان بقطع اللسان ويثلم السيف فيكون حائلا بين المجاهد والجهاد الحق وقد امر الله با علاء الدين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بيان لحكم من يظهر الايمان بعد بيان حكم فريقى الكافرين إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ اى بدلالة ظاهر حالهن وإقرارهن بلسانهن او المشارفات للايمان ولا بعد أن تكون التسمية بالمؤمنات لكونهن كذلك في علم الله وذلك لا ينافى امتحان غيره تعالى مُهاجِراتٍ من بين الكفار حال من المؤمنات فَامْتَحِنُوهُنَّ فاختبروهن بما تغلب به على ظنكم موافقة قلوبهم للسانهن في الايمان قيل انه من أرادت منهن إضرار زوجها قالت سأهاجر الى محمد عليه السلام فلذلك امر النبي بامتحانهن وكان عليه السلام يقول للتى يمتحنها بالله الذي لا اله الا هو ما خرجت عن بغض زوج اى غير بغض في الله لحب الله بالله ما خرجت رغبة عن ارض الى ارض بالله ما خرجت التماس دنيا بالله ما خرجت عشقا لرجل من المسلمين بالله ما خرجت لحدث أحدثه بالله ما خرجت الا رغبة في الإسلام وحب لله ولرسوله فاذا حلفت بالله الذي لا اله الا هو على ذلك اعطى النبي عليه السلام زوجها مهرها وما أنفق عليها ولا يردها الى زوجها قال السهيلي نزلت فى أم كلثوم بنت عقبة بن ابى معيط وهى امرأة عبد الرحمن بن عوف ولدت له ابراهيم بن عبد الرحمن وكانت أم كلثوم اخت عثمان بن عفان رضى الله عنه لامه أروى وأفادت الآية ان الامتحان في محله حسن نافع ولذا تمتحن المنكوحة ليلة الزفاف وتستو صف الإسلام مع سهولة في السؤال واشارة الى الجواب لانها لو قالت ما أعرف بانت من زوجها

خوش بود كر محك تجربه آمد بميان

تا سيه روى شود دروغش باشد

اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ منكم لانه المطلع على ما في قلوبهن فلا حاجة له الى الامتحان وليس ذلك للبشر فيحتاج اليه والجملة اعتراض فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ بعد الامتحان مُؤْمِناتٍ العلم الذي يمكنكم تحصيله وهو الظن الغالب بالحلف وظهور الأمارات وانما سماه علما إيذانا بأنه جار مجرى العلم في وجوب العلم به ففى علمتموهن استعارة تبعية فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ من الرجع بمعنى الرد لا من الرجوع ولذلك عدى الى المفعول اى لا تردوهن الى أزواجهن الكفرة لقوله تعالى لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ فانه تعليل للنهى عن رجعهن إليهم يعنى لا تحل مؤمنة لكافر لشرف الايمان ولا نكاح كافر لمسلمة لخبث الكفر وبالفارسية نه ايشان يعنى زنان حلالند مر كافرانرا ونه

ص: 482

كافران حلال ميشوند مرين زنانرا چهـ تباين دارند جدايى افكنده ميان ايشان والتكرير اما لتأكيد الحرمة والا فيكفى نفى الحل من أحد الجانبين أو لأن الاول لبيان زوال النكاح الاول والثاني لبيان امتناع النكاح الجديد وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا هذا هو الحكم الثاني اى واعطوا أزواجهن مثل ما دفعوا إليهن من المهور وذلك اى بيان المراد بما أنفقوا هو المهور أن صلح الحديبية كان على ان من جاءنا منكم رددناه فجائت سبيعة بنت الحارث الاسلمية مسلمة والنبي عليه السلام بالحديبية فأقبل زوجها مسافر المخزومي طالبا لها فقال يا محمد اردد على امرأتى فانك قد شرطت أن ترد علينا من أتاك منا فنزلت لبيان ان الشرط انما كان في الرجال دون النساء فاستحلفها رسول الله فحلفت فأعطى زوجها ما أنفق وهو المهر بالاتفاق وتزوج بها عمر رضى الله عنه وانما رد لرجال دون النساء لضعف النساء عن الدفع عن انفسهن وعجزهن عن الصبر على الفتنة وفي اللباب ان المخاطب بهذا هو الامام ليؤتى من بيت المال الذي لا يتعين له مصرف وان المقيمة منهن على شركها مردودة عليهم وان المؤمن يحل له أن ينكح كتابية فان الرجال

قوامون على النساء فليس تسلطه عليها كتسلط الكافر على المسلمة ولعل المراد بايتاء ما أنفقوا رعاية جانب المؤمنين بالحث على اظهار المروءة وإيثار السخاء والا فمن المسائل المشهورة ان المرأة تملك تمام المهر بخلوة صحيحة فى قطعة من اليوم او الليلة وان لم يقع استمتاع أصلا وايضا ان في الانفاق تأليف القلوب وامالتها الى جانب الإسلام وأفادت الآية ان اللائق بالولى كائنا من كان أن يحذر تزويج مؤمنة له ولاية عليها بمبتدع تفضى بدعته الى الكفر وللحاكم أن يفرق بينه وبينها ان ظهرت منه تلك البدعة الا أن يتوب ويجدد إيمانه ونكاحه سئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا تجوز كما في مجمع الفتاوى وقس عليه سائر الفرق الضالة التي لم يكن اعتقادهم كاعتقاد اهل السنة ولزمهم بذلك الاعتقاد اكفارا وتضليل ولهم كثرة في هذه الاعصار جدا قال في بعض التفاسير أخاف أن يكون من تلك المبتدعة بعض المتصوفة من أهل زماننا الذي يدعى ان شيخه قطب الزمان يجب الاقتداء به على كل مسلم حتى ان من لم يكن من جملة مريديه كان كافرا وان مات من لم يمت مؤمنا فيستدل بقوله عليه السلام من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية ويقول المراد بالإمام هو القطب وشيخنا هو القطب فمن لم يعرف قطبيته ولم يتبعه مات على سوء الحال وجوابه ان المراد بالإمام هو الخليفة والسلطان وقريش اصل فيه لقوله عليه السلام الامام من قريش ومن عداهم تبع لهم كشريف الكعبة مع آل عثمان فالشريف احدى الذات ولذا لا قوة له وآل عثمان واحدى الذات ولذا صار مظهر سر قوله تعالى هو الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين فاعرف الاشارة وايضا المراد من الامام نبى ذلك الزمان وهو في آخر الزمان رسولنا محمد عليه السلام ولا شك ان من لم يعرفه ولم يصدقه مات ميتة جاهلية ولئن سلم ان المراد بالإمام هو القطب من طريق الاشارة فلا شك ان للقطبية العظمى شرائط لا يوجد واحد منها فى الكذابين فلا يثبت لهم القطبية أصلا على ان التصديق بالقطب لا يستلزم صحبته لان

ص: 483

مبنى هذا الأمر على الباطن فالاقطاب لم يهتد إليهم الا اقل الافراد فاظهارهم لقطبيتهم خارج عن الحكمة ولما قربت القيامة وقع أن يتغير احوال كل طائفه عاما فعاما شهرا فشهرا اسبوعا فاسبوعا يوما فيوما لا يزال هذا التغيير الى انقراض الأخيار لانه لا تقوم الساعة الا على الأشرار وفي المرفوع لا يأتيكم زمان الا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم (قال الحافظ)

روزى اگر غمى رسدت تنك دل مباش

رو شكر كن مباد كه از بد بتر شود

وفي الحديث ما من نبى بعثه الله في امة قبلى الا كان له من أمته حواريون واصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم انها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس ورلء ذلك من الايمان حبة خردل رواه مسلم وقال عليه السلام يذهب الصالحون الاول فالاول ويبقى حفالة كحفالة الشعير او التمر لا يبالى بهم الله وأول التغير كان في الأمراء ثم في العلماء ثم في الفقراء ففى كل طائفة اهل هدى واهل هوى فكن من اهل الهدى او المتشبهين بهم فان من تشبه بقوم فهو منهم ومن كثر سواد قوم فهو منهم وفي الحديث من أحب قوما على عملهم حشر في زمرتهم وحوسب بحاسبهم وان لم يعمل بعملهم وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ هذا هو الحكم الثالث يقال جنحت السفينة اى مالت الى أحد جانبيها وسمى الإثم الماثل بالإنسان عن الحق جناحا ثم سمى كل اثم جناحا أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ اى تنكحوا المهاجرات وتتزوجوهن وان كان لهن ازواج كفار فى دار الحرب فان اسلامهن حال بينهن وبين أزواجهن الكفار إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ إذا ظرفية محضة او شرطية جوابها محذوف دل عليه ما تقدمها شرط إيتاء المهر في نكاحهن إيذانا بأن ما أعطى أزواجهن لا يقوم مقام المهر لأن ظاهر النظم يقتضى ايتاءين إيتاء الى الأزواج وإيتاء إليهن على سبيل المهر وفي التيسير التزمتم مهورهن ولم يرد حقيقة الأداء كما في قوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد أي يلتزموها استدل بالآية ابو حنيفة رحمه الله على ان أحد

الزوجين إذا خرج من دار الحرب مسلما او بذمة وبقي الآخر حربيا وقعت الفرقة ولا يرى العدة على المهاجرة ولا على الذمية المطلقة ولا على المتوفى عنها زوجها ويبيح نكاحها الا أن تكون حاملا لانه تعالى نفى الجناح من كل وجه في نكاحهن بعد إيتاء المهور ولم يقيد بمضى العدة وقالا عليها العدة وفي الهداية قول أبى حنيفة فيما إذا كان معتقدهم انه لا عدة واما إذا كانت حاملا فقد قال عليه السلام من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ هذا هو الحكم الرابع والإمساك چنك در زدن ويعدى بالباء والعصم جمع عصمة وهى ما يعتصم به من عقد وسبب والكوافر جمع كافرة والكوافر طائفتان من النساء طائفة قعدت عن الهجرة وثبتت على الكفر في دار الحرب وطائفة ارتدت عن الهجرة ولحقت بأزواجها الكفار والمعنى لا يكن بينكم وبين المشركات عصمة ولا علقة زوجية وقال

ص: 484

ابن عباس رضى الله عنهما من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتدن بها من نسائه كما قال بعض اهل التفسير المراد بالعصمة هنا النكاح بمعنى من كانت له زوجة كافرة بمكة او ارتدت ورجعت إليها فلا يعتد بها ويعدها من نسائه لان اختلاف الدارين قطع عصمتها منه فجاز له أن يتزوج بأربع سواها وبرابعة وبأختها من غير تربص وعدة وبالفارسية ومايستيد بنگه داشتن زنان كافره وايشانرا بزنان خود مشمريد فيكون اشارة الى حكم اللاتي بقين في دار الكفر وما اسلمن ولا هاجرن بعد اسلام أزواجهن وهجرتهم وعن النخعي هى المسلمة تلحق بدار الحرب فتكفر فيكون قوله ولا تمسكوا بمقابلة قوله إذا جاءكم المؤمنات يعنى ان قوله إذا جاءكم إلخ اشارة الى حكم اللاتي اسلمن وخرجن من دار الكفر وقوله ولا تمسكوا إلخ اشارة الى حكم المسلمات اللاتي ارتددن وخرجن من دار الإسلام الى دار الكفر وعلى التفسيرين زال عقد النكاح بينهن وبين أزواجهن وانقطعت عصمتهن عنهم باختلاف الدارين فالعصمة هى المنع أريد بها في الآية عقد النكاح الذي هو سبب لمنع أزواجهن اياهن عن الإطلاق اى لا تعتدوا بما كان بينكم وبينهن من العقد الكائن قبل حصول اختلاف الدارين والفرقة عند الحنفية تقع بنفس الوصول الى دار الإسلام فلا حاجة الى الطلاق بعد وقوع الفرقة وكانت زينب بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام امرأة أبى العاص ابن الربيع فلحقت بالنبي عليه السلام واقام ابو العاص بمكة مشركا ثم اتى المدينة فاسلم فردها عليه رسول الله عليه السلام وإذا اسلم الزوجان معا او اسلم زوج الكتابية فهما على نكاحهما بالاتفاق وإذا أسلمت المرأة فان كان مدخولا بها فأسلم في عدتها فهى امرأته بالاتفاق وان كانت غير مدخول بها وقعت الفرقة بينهما وكان فسخا عند الثلاثة وقال ابو حنيفة يعرض عليه السلام فان أسلم فهى امرأته والا فرق القاضي بينهما بآبائه عن الإسلام وتكون هذه الفرقة طلاقا عند أبى حنيفة ومحمد وفسخا عند أبى يوسف ولها المهر ان كانت مدخولا بها والا فلا بالاتفاق واما إذا ارتد أحد الزوجين المسلمين فقال أبو حنيفة ومالك تقع الفرقة حال الردة بلا تأخير قبل الدخول وبعده وقال الشافعي واحمد ان كانت الردة من أحدهما قبل الدخول انفسخ النكاح وان كانت بعده وقعت الفرقة على انقضاء العدة فان أسلم المرتد منهما في العدة ثبت النكاح والا انفسخ بانقضائها ثم ان كان المرتد الزوجة بعد الدخول فلها المهر وقبله لا شيء لها وان كان الزوج فلها الكل بعده والنصف قبله بالاتفاق كذا في فتح الرحمن وقال سهل رحمه الله في الآية ولا توافقوا اهل البدع في شيء من آرائهم وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ هذا هو الحكم الخامس اى واسألوا الكفار ايها المؤمنون ما أنفقتم يعنى آنچهـ خرج كرده آيد من مهور نسائكم اللاحقات بالكفار اى إذا ارتدت امرأة أحدكم ولحقت بدار الحرب فاسألوا مهرها ممن تزوجها ولعل هذا لتطرية قلوب بعض المؤمنين بالمقابلة والمعادلة والا فظاهر حال الكرام الاستغناء عنه وَلْيَسْئَلُوا اى الكفار منكم ما أَنْفَقُوا من مهور أزواجهم المهاجرات اى يسأل كل حربى أسلمت امرأته

ص: 485

وهاجرت إلينا ممن تزوجها منا مهرها وبالفارسية چون عصمت زوجيه منقطع شد ميان مؤمن وكافره وميان كافر ومؤمنه پس هر يك بايد كه رد كند مهريرا كه بصاحبه خود داده اند وظاهر قوله وليسألوا يدل على ان الكفار مخاطبون بالاحكام وهو أمر للمؤمنين بالاداء مجازا من فبيل اطلاق الملزوم وارادة اللازم كما في قوله تعالى وليجدوا فيكم غلظة فانه بمعنى واغلظوا عليهم ذلِكُمْ الذي ذكر في هذه الآية من الاحكام حُكْمُ اللَّهِ ما حكم الله به لان يراعى وقوله تعالى يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ كلام مستأنف للتأكيد والحث على الرعاية والعمل به قال في فتح الرحمن ثم نسخ هذا الحكم بعد ذلك الا قوله لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وَاللَّهُ عَلِيمٌ بمصالحكم حَكِيمٌ يشرع ما تقتضيه الحكمة البالغة قال ابن العربي كان حكم الله هذا مخصوصا بذلك الزمان في تلك النازلة خاصة وقال الزهري ولولا هذه الهدنة والعهد الذي كان بين رسول الله وبين قريش يوم الحديبية لامسك النساء ولم يرد الصداق وكذا كان يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد روى انه لما نزلت الآية ادى المؤمنون ما أمروا به من مهور المهاجرات الى أزواجهن المشركين وابى المشركون أن يؤدوا شيأ من مهور الكوافر الى أزواجهن المسلمين وقالوا نحن لا نعلم لكم عندنا شيأ فان كان لنا عندكم شيء فوجهوا به فنزل قوله تعالى وَإِنْ فاتَكُمْ الفوت بعد الشيء عن الإنسان بحيث يتعذر إدراكه وتعديته بالى لتضمنه معنى السبق او الانفلات دل عليه قوله فآتوا الذين ذهبت أزواجهم اى الى الكفار والمعنى سبقكم وانفلت منكم اى خرج وفر منكم فجأة من غير تردد ولا تدبر وبالفارسية واگر فوت شود از شما اى مؤمنان شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ اى أحد من أزواجكم الى الكفار ودارهم ومهر او بدست شما نيابد وقد قرئ به وإيقاع شيء موقعه للتحقير والإشباع في التعميم لان النكرة فى سياق الشرط تفيد العموم والشيء لكونه أعم من الأحد أظهر احاطة لاصناف الزوجات اى اى نوع وصنف من النساء كالعربية او العجمية او الحرة او الامة او نحوها او فاتكم شيء من مهور أزواجكم على حذف المضاف ليتطابق الموصوف وصفته والزوج هنا هى المرأة (روى) انها نزلت في أم الحكم بنت ابى سفيان فرت فنزوجها ثقفى ولم ترتد امرأة من قريش غيرها وأسلمت مع قريش حين اسلموا وسيأتى غير ذلك فَعاقَبْتُمْ من العقبة وهى النوبة والمعاقبة المناوبة يقال عاقب الرجل صاحبه في كذا اى جاء فعل كل واحد منهما بعقب فعل الآخر والمعنى وجاءت عقبتكم ونوبتكم من أداء المهر بأن هاجرت امرأة الكافر مسلمة الى المسلمين ولزمهم أداء مهرها الى زوجها الكافر بعد ما فاتت امرأة المسلم الى الكفار ولزم أن يسأل مهر زوجته المرتدة ممن تزوجها منهم شبه ما حكم به على المسلمين والكافرين من أداء هؤلاء مهور نساء أولئك تارة وأداء أولئك مهور نساء هؤلاء اخرى بأمر يتعاقبون فيه كما يتعاقب في الركوب ونحوه اى يتناوب والا فأداء كل واحد من المسلمين والكفار لا يلزم أن يعقب أداء الآخر لجواز أن يتوجه الأداء لاحد الفريقين مرارا متعددة من غير أن يلزم الفريق الآخر شيء وبالعكس فلا يتعاقبون في الأداء فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا اى من المهاجرة

ص: 486

التي تزوجتموها ولا تؤتوا زوجها الكافر يعنى ان فاتت امرأة مسلم الى الكفار ولم يعط الكفار مهرها فاذا فاتت امرأة كافر الى المسلمين اى هاجرت إليهم وجب على المسلمين أن يعطوا المسلم الذي فاتت امرأته الى الكفار مثل مهر زوجته الفائتة من مهر هذه المرأة المهاجرة ليكون كالعوض لمهر زرجته الفائتة ولا يجوز لهم أن يعطوا مهر هذه المهاجرة زوجها الكافر قيل جميع من لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين ست نسوة أم الحكم بنت أبى سفيان كانت تحت عياض بن شداد الفهري وفاطمة بنت امية كانت تحت عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهى اخت أم سلمة وبروع بنت عقبة كانت تحت شماس بن عثمان وعبدة بنت عبد العزى بن نضلة وزوجها عمر وبن عبدور وهند بنت أبى جهل كانت تحت هشام بن العاص وكلثوم بنت جرول كانت تحت عمر رضى الله عنه وأعطاهم رسول الله عليه السلام مهور نسائهم من الغنيمة كما في الكشاف وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ لا بغيره من الجبت والطاغوت مُؤْمِنُونَ فان الايمان به تعالى يقتضى التقوى منه تعالى قال بعضهم حكم اين آيات تا بقاى عهد باقى بود چون مرتفع كشت اين احكام منسوخ كشت وفي الآية اشارة الى المكافأة ان خيرا فخير وان شرا فشر (حكى) ان أخوين في الجاهلية خرجا مسافرين فنزلا في ظل شجرة تحت صفاة فلما دنا الرواح خرجت لهما من تحت الصفاة حية تحمل دينارا فألقته إليهما فقالا ان هذا لمن كنز فأقاما عليه ثلاثة ايام كل يوم تخرج لهما دينارا فقال أحد هما للآخر الى متى ننتظر هذه الحية ألا نقلتها ونحفر عن هذا الكنز فنأخذه فنهاه اخوه وقال ما ندرى لعلك تعطب ولا تدرك المال فأبى عليه فأخذ فاسامعه ورصد الحية حتى خرجت فضربها ضربة جرحت رأسها ولم تقتلها فبادرت الحيه فقتلته ورجعت الى حجرها فدفنه اخوه واقام حتى إذا كان الغد خرجت الحية معصوبا رأسها ليس معها شيء فقال يا هذه انى والله ما رضيت بما أصابك ولقد نهيت أخى عن ذلك فهل لك أن نجعل الله بيننا لا تضرين بي ولا أضربك وترجعين الى ما كنت عليه فقالت الحية لا فقال ولم قالت لانى لانى اعلم ان نفسك لا تطيب لى ابدا وأنت ترى قبر أخيك ونفسى لا تطيب لك وانا اذكر هذه الشجة فظهر من هذه الحكاية سر المكافأة وشرف التقوى فانه لو اتقى الله ولم يضع الشر موضع الخير بل شكر صنيع الحية لازداد مالا وعمرا

كرم كن نه پرخاش وجنك آورى

كه عالم بزير نكين آورى

چوكارى بر آيد بلطف وخوشى

چهـ حاجت بتندى وكردن كشى

نمى ترسى اى كرك ناقص خرد

كه روزى پلنگيت بر هم درد

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ نداء تشريف وتعظيم إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ چون بيايند بتو زنان مؤمنه يُبايِعْنَكَ اى مبايعات لك اى قاصدات للمبايعة فهى حال مقدرة نزلت يوم الفتح فانه عليه السلام لما فرغ من بيعة الرجال شرع في بيعة النساء سميت البيعة لان المبايع يبيع نفسه بالجنة فالمبايعة مفاعلة من البيع ومن عادة الناس حين المبايعة أن يضع أحد المتبايعين يده على يد الآخر لتكون معاملتهم محكمة مثبتة فسميت المعاهدة بين المعاهدين مبايعة تشبيها لها

ص: 487

بها في الاحكام والإبرام فمبايعة الامة رسولهم التزام طاعته وبذل الوسع في امتثال او امره وأحكامه والمعاونة له ومبايعته إياهم الوعد بالثواب وتدبير أمورهم والقيام بمصالحهم في الغلبة على أعدائهم الظاهرة والباطنة والشفاعة لهم يوم الحساب ان كانوا ثابتين على تلك المعاهدة قائمين بما هو مقتضى المواعدة كما يقال بايع الرجل السلطان إذا أوجب على نفسه الاطاعة له وبايع السلطان الرعية إذا قبل القيام بمصالحهم وأوجب على نفسه حفظ نفوسهم وأموالهم من أيدي الظالمين عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً اى شيأ من الأشياء او شيأ من الاشتراك والظاهر ان المراد الشرك الأكبر ويجوز التعميم له وللشرك الأصغر الذي هو الرياء فالمعنى على أن لا يتخذن الها غير الله ولا يعملن الا خالصا لوجهه

مرايى هر كس معبود سازد

مرايى را زان كفتند مشرك

(قال الحافظ)

گوييا باور نمى دارند روز داورى

كين همه قلب ودغل در كار داور ميكنند

وَلا يَسْرِقْنَ السرقة أخذ ما ليس له اخذه في خفاء وصار ذلك في الشرع لتناول الشيء من موضع مخصوص وقدر مخصوص اى لا يأخذن مال أحد بغير حق ويكفى في قبح السرقة ان النبي عليه السلام لعن السارق وَلا يَزْنِينَ الزنى وطئ المرأة من غير عقد شرعى يقصر وإذا مد يصح أن يكون مصدر المفاعلة قال مظهر الدين الزنى في اللغة عبارة عن المجامعة فى الفرج على وجه الحرام ويدخل فيه اللواطة وإتيان البهائم تم كلامه قال عليه السلام يقتل الفاعل والمفعول به وثبت ان عليا رضى الله عنه احرقهما وان أبا بكر رضى الله عنه هدم عليهما حائطا وذلك بحسب ما رأيا من المصلحة وقال عليه السلام ملعون من أتى امرأته فى دبرها واما الإتيان من دبرها في قبلها فمباح قال في اللباب اتفق المسلمون على حرمة الجماع فى زمن الحيض واختلفوا في وجوب الكفارة على من جامع فيه فذهب أكثرهم الى انه لا كفارة عليه فيستغفر وذهب قوم الى وجوب الكفارة عليه تم كلامه وقال عليه السلام من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه قيل لابن عباس رضى الله عنهما ما شأن البهيمة قال ما سمعت فيها من رسول الله شيأ ولكن اكره أن يحل لحمها وينتفع بها كذلك وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ أريد به وأد البنات اى دفنهن احياء خوف العار والفقر كما في الجاهلية قال عليه السلام لا تنزع الرحمة الا من شقى (قال الحافظ)

هيچ رحمى نه برادر به برادر دارد

هيچ شوقى نه پدر را به پسر مى بينم

دخترانرا همه جنكست وجدل با مادر

پسران را همه بدخواه پدر مى بينم

حكى ان هرون الرشيد زوج أخته من جعفر بشرط أن لا يقرب منها فلم يصبر عنها فظهر حملها فدفنهما هرون حيين غضبا عليهما ويقال ولا يشر بن دوآء فيسقطن حملهن كما في تفسير ابى الليث وفي نصاب الاحتساب تمنع القابلة من المعالجة لاسقاط الولد بعد ما استبان خلقه ونفخ فيه الروح ومدة الاستبانة والنفخ مقدرة بمائة وعشرين يوما واما قبله فقيل لا بأس به كالعرل وقيل يكره لان مآل الماء الحياة كما إذا أتلف محرم بيضة صيد الحرم ضمن لان مآلها

ص: 488

الحياة فلها حكم الصيد بخلاف العزل لان ماء الرجل لا ينفخ فيه الروح الا بعد صنع آخر وهو الإلقاء في الرحم فلا يكون مآله الحياة ولعل اسناد الفعل الى النساء اما باعتبار الرضى به او بمباشرته بأمر زوجها وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ الباء للتعدية والبهتان الكذب الذي يبهت المكذوب عليه اى يدهشه ويجعله متحيرا فيكون أقبح انواع الكذب وهو في الأصل مصدر يقال بهت زيد عمرا بهتا وبهتا وبهتانا اى قال عليه ما لم يفعله فزيد باهت وعمر ومبهوت والذي بهت به مبهوت به وإذا قالت لزوجها هذا ولدي منك لصبى التقطتة فقط بهتته به اى قالت عليه ما لم يفعله جعله نفس البهتان ثم وصفه بكونه مفترى مبالغة في وصفهن بالكذب والافتراء الاختلاق يقال فرى فلان كذبا إذا خلقه وافتراه اختلقه قوله يفترينه اما في موضع جر على انه صفة لبهتان او نصب على انه حال من فاعل يأتين وقوله بين أيديهن متعلق بمحذوف هو حال من الضمير المنصوب في يفترينه اى يختلقنه مقدرا وجوده بين أيديهن وأرجلهن على أن يكون المراد بالبهتان الوالد المبهوت به كما ذهب اليه جمهور المفسرين وليس المعنى على نهيهن عن أن يأتين بولد من الزنى فينسبنه الى الأزواج لان ذلك نهى بقوله ولا يزنين بل المراد نهيهن عن أن يلحقن بأزواجهن ولدا التقطنة من بعض المواضع وكانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها هو ولدي منك في بطني الذي بين يدى ووضعته من فرجى الذي هو بين رجلى فكنى عنه بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها لان بطنها الذي تحمله فيه بين يديها ومخرجه بين رجليها والمعنى ولا يجئن بصبى ملتقط من غير أزواجهن فانه افتراء وبهتان لهم والبهتان من الكبائر التي تتصل بالشرك وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ اى لا يخالفن أمرك فيما تأمرهن به وتنهاهن عنه على ان المراد من المعروف الأمور الحسنة التي عرف حسنها في الدين فيؤمر بها والشؤون السيئة التي عرف قبحها فيه فينهى عنها كما قيل كل ما وافق في طاعة الله فعلا او تركا فهو معروف وكما روى عن بعض أكابر المفسرين من انه هو النهى عن النياحة والدعاء بالويل وتمزيق الثوب وحلق الشعر ونتفه ونشره وخمش الوجه وان تحدث المرأة الرجال الا ذارحم محرم وان تخلو برجل غير محرم وأن تسافر إلا مع ذى رحم محرم فيكون هذا للتعميم بعد التخصيص ويحتمل أن يكون المراد من المعروف ما يقابل المنكر فيكون ما قبله للنهى عن المنكر وهذا اللامر بالمعروف لتكون الآية جامعة لهما والتقييد بالمعروف مع ان الرسول عليه السلام لا يأمر إلا به للتنبيه على انه لا تجوز طاعة مخلوق في معصية الخالق لانه لما شرط ذلك في طاعة النبي عليه السلام فكيف في حق غيره وهو كقوله الا ليطاع بإذن الله كما قال في عين المعاني فدل على ان طاعة الولاة لا تجب في المنكر ولم يقل ولا يعصين الله لان من أطاع الرسول فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله وتخصيص الأمور المعدودة بالذكر في حقهن لكثرة وقوعها فيما بينهن مع اختصاص بعضها بهن ووجه الترتيب بين هذه المنهيات انه قدم الا قبح على ما هو أدنى قبحا منه ثم كذلك الى آخرها ولذا قدم ما هو الأظهر والأغلب فيما بينهن وقال صاحب اللباب ذكر الله تعالى

ص: 489

فى هذه الآية لرسول الله عليه السلام في صفة البيعة خصالا ستاهن اركان ما نهى عنه في الدين ولم يذكر اركان ما أمر به وهى ايضا ست الشهادة والصلاة والزكاة والصيام والحج والاغتسال من الجنابة وذلك لان النهى عنها دائم في

كل زمان وكل حال فكان التنبيه على اشتراط الدائم أهم وآكد فَبايِعْهُنَّ جواب لاذا فهو العامل فيها فان الفاء لا تكون مانعة وهو امر من المبايعة اى فبايعهن على ما ذكر وما لم يذكر لوضوح امره وظهور اصالته فى المبايعة من الصلاة والزكاة وسائر اركان الدين وشعائر الإسلام اى بايعهن إذا بايعنك بضمان الثواب على الوفاء بهذه الأشياء فان المبايعة من جهة الرسول هو الوعد بالثواب ومن جهة الآخر التزام طاعته كما سبق وتقييد مبايعتهن بما ذكر من مجيئهن لحثهن على المسارعة إليها مع كمال الرغبة فيها من غير دعوة لهن إليها وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ زيادة على ما في ضمن المبايعة من ضمان الثواب والاستغفار طلب المغفرة للذنوب والستر للعيوب إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ اى مبالغ في المغفرة والرحمة فيغفر لهن ويرحمهن إذا وفين بما بايعن عليه بزركى فرمود مردمان ميكويند رحمت موقوفست بر ايمان يعنى تا بنده ايمان نيارد مستحق رحمت نشود ومن مى كويم كه ايمان موقوفست برحمت يعنى تا برحمت خود توفيق نبخشد كسى بدولت ايمان نرسد (مصراع) توفيق عزيزست بهر كس ندهند يقول الفقير الأمر بالاستغفار لهن اشارة الى قبول شفاعة حبيبه عليه السلام في حقهن فهو من رحمته الواسعة وقد عمم هذا الأمر في سورة الفتح فاستفاد جميع عباده وامائه الى يوم القيامة من بحر هذا الفضل ما يغنيهم ويرويهم وهو الفياض قال الامام الطيبي لعل المبالغة في الغفور باعتبار الكيفية وفي الغفار باعتبار الكمية كما قال بعض الصالحين انه غافر لانه يزيل معصيتك من ديوانك وغفور لانه ينسى الملائكة افعالك السوء وغفار لانه تعالى ينسيك ايضا ذنبك كيلا تستحيى وحظ العارف منه أن يستر من أخيه ما يحب ان يستر منه ولا يفثى منه الا احسن ما كان فيه ويتجاوز عما يندر عنه ويكافئ المسيئ اليه بالصفح عنه والانعام عليه نسأل الله سبحانه أن يجعلنا متخلقين بأخلاقه الكريمة ومتصفين بصفاته العظيمة انه هو الغفور الرحيم واختلف في كيفية مبايعته عليه السلام لهن يوم الفتح فروى انه عليه السلام لما فرغ من بيعة الرجال جلس على الصفا وشرع في بيعة النساء ودعا بقدح من ماء فغمس فيه يده ثم غمس أيديهن فجاءت هند بنت عتبة امرأة أبى سفيان متنقبة متنكرة خوفا من رسول الله أن يعرفها لما صنعته بحمزة رضى الله عنه يوم أحد من المثلة فلما قال عليه السلام أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيأ رفعت هند رأسها فقالت والله لقد عبدنا الأصنام وانك لتأخذ علينا امرا ما رأيناك أخذته على الرجال تبايع الرجال على الإسلام والجهاد فلما قال عليه السلام ولا يسرقن قالت ان أبا سفيان رجل شحيح وانى أصبت من ماله هنات اى شيئا يسيرا فما أدرى أيحل لى فقال ابو سفيان ما أصبت فهو لك حلال فضحك عليه السلام وقال أنت هند قالت نعم فاعف عما سلف يا نبى الله عفا الله عنك فعفا عنها فقال ولا يزنين فقالت وهل نزنى الحرة فقال عمر رضى الله عنه لو كان قلب نساء العرب على قلب

ص: 490

هند ما زنت امرأة قط فقال ولا يقتلن أولادهن فقالت ريناهم صغارا وقتلتهم كبارا فانتم وهم اعلم وكان ابنها حنظلة بن أبى سفيان قتل يوم بدر فضحك عمر حتى استلقى وتبسم رسول الله فقال ولا يأتين ببهتان فقالت والله ان البهتان لامر قبيح وما تأمرنا الا بالرشد ومكارم الأخلاق فقال ولا يعصينك في معروف فقالت والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء (وروى) انه عليه السلام بايعهن وبين يديه وأيديهن ثوب قطرى والقطر بالكسر ضرب من البرود يأخذ بطرف منه ويأخذن بالطرف الآخر توقيا عن مساس أيدي الاجنبيات (وروى) انه جلس على الصفا ومعه عمر رضى الله عنه أسفل منه فجعل عليه السلام يشترط عليهن البيعة وعمر تصافحهن (وروى) ان عمر رضى الله عنه كان يبايع النساء بامره عليه السلام ويبلغهن عنه وهو أسفل منه عند الصفا (وروى) انه عليه السلام كلف امرأة وقفت على الصفا فبايعتهن وهى اميمة اخت خديجة رضى الله عنها خالة فاطمة رضى الله عنها والأظهر الأشهر ما قالت عائشة رضى الله عنها والله ما أخذ رسول الله على النساء قط إلا بما امر الله وما مست كف رسول الله كف امرأة قط وكان يقول إذا أخذ عليهن قد بايعتك على كلها وكان المؤمنات إذا هاجرن الى رسول الله يمتحنهن بقول الله يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات إلخ فاذا اقررن بذلك من قولهن قال لهن انطلقن فقد بايعتكن يقول الفقير انما بايع عليه السلام الرجال مع مس الأيدى دون النساء لان مقام الشارع يقتضى الاحتياط وتعليم الامة والا فاذا جاز مصافحة عمر رضى الله عنه لهن كما في بعض الروايات جاز مصافحته عليه السلام لهن لانه أعلى حالا من عمر من كل وجه وبالجملة كانت البيعة مع النساء والرجال امرا مشروعا بأمر الله وسنته بفعل رسول الله ومن ذلك كانت عادة مستحسنة بين الفقراء الصوفية حين ارادة التوبة تثبيتا للايمان وتجديدا لنور الإيقان على ما أشبعنا الكلام عليه فى المبايعة في سورة الفتح وذكرنا كل طرف منها فيها فارجع وفي التأويلات النجمية قوله تعالى يا أيها النبي إذا جاءك إلخ يخاطب نبى الروح ويشير الى النفوس المؤمنة الداخلة تحت شريعة نبى الروح يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيأ من حب الدنيا وشهواتها ولذاتها وزينتها وزخارفها ولا يسرقن من اخلاق الهوى المتبع وصفاته الرديئة ولا يزنين اى مع الهوى بالاتفاق معه والاتباع له ولا يقتلن أولادهن اى لا يمنعن ولا يرددن أولاد الخواطر الروحانية والإلهامات الربانية ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن يعنى لا يدعين بما لم يحصل لهن من المواهب العلوية من المشاهدات والمعاينات والتجريد والتفريد ولا من العطايا السفلية من الزهد والورع والتوكل والتسليم لانهن ما بلغن بعد إليها ولا يعصينك في معروف اى في كل ما تأمرهن من الخلاق والأوصاف فبايعهن اى فاقبل مبايعتهن بين يديك بالصدق والإخلاص واستغفر لهن الله مما وقع منهن قبل دخولهن في ظل أنوارك من المخالفات الشرعية والموافقات الطبيعية ان لله غفور يسترها بالموافقات الشرعية رحيم بهن يرحمهن بالمخالفات الطبيعية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً دوستى مكنيد با كروهى كه فالتولى هنا بمعنى الموالاة والموادة غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صفة لقوما وكذا قد يئسوا وهم

ص: 491

جنس الكفار لان كلهم مغضوب عليهم لا رحمة لهم من الرحمة الاخروية وقيل اليهود لما روى انها نزلت في بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود ليصيبوا من ثمارهم وهو قول الأكثرين وقد قال تعالى في حق اليهود وغضب الله عليهم وجعل منهم القردة والخنازير والقوم الرجال وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع لان قوم كل نبى رجال ونساء قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ اليأس انقطاع الطمع يعنى نوميد شدند از آخرت لكفرهم بها وعدم ايقانهم على أن يراد بقوما عامة الكفرة ومن لابتداء الغاية او لعلمهم بأنه لا خلاق لهم فيها لعنادهم الرسول المنعوت في التوراة المؤيد بالآيات على أن يراد به اليهود والتقدير من ثواب الآخرة يعنى انهم اهل الكتاب يؤمنون بالقيامة لكنهم لما أصروا على الكفر حسدا وعنادا يئسوا من ثوابها قال عليه السلام يا معشر اليهود ويلكم اتقوا الله فو الله

الذي لا اله الا هو انكم لتعلمون انى رسول الله حقا وانى جئتكم بحق فأسلموا كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ من بيان للكفار أي كائنين منهم اى كما يئس منها الذين ماتوا منهم لانهم وقفوا على حقيقة الحال وشاهدوا حرمانهم من نعيمها المقيم وابتلاءهم بعذابها الأليم والمراد وصفهم بكمال اليأس منها قال مقاتل ان الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك شديد الانتهار ثم يسأله من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول لا أدرى فيقول الملك أبعدك الله انظر الى منزلتك من النار فيدعو بالويل والثبور ويقول هذا لك فيفتح باب الجنة فيقول هذا لمن آمن بالله فلو كنت آمنت بربك نزلت الجنة فيكون حسرة عليه وينقطع رجاؤه ويعلم انه لا حظ له فيها وييأس من خير الجنة وقيل من متعلقة بيئس فالمعنى كما يئسوا من موتاهم أن يبعثوا ويرجعوا الى الدنيا احياء والإظهار في موضع الإضمار للاشعار بعلة يأسهم وهو الكفر والقبر مقر الميت والمقبرة موضع القبور وفي الآية اشارة الى الأبدان المريضة المعتلة النجسة الخبيثة المظلمة فان الكفار أيسوا من خروج ضيق قبور اخلاقهم السيئة الى سعة فضاء صفاتهم الحسنة وكذا سائرهم من اهل الحجب الكثيفة ومن اصحاب القبور من حاله على عكس هذا كما أشار النبي عليه السلام بقوله كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل وعد نفسك من اصحاب القبور وهم من ماتوا بالاختيار قبل الموت بالاضطرار وذلك بالفناء التام فكانت أجسادهم لارواحهم كالقبور للموتى نسأل الله الختم بالسعادة بحرمة من له كمال السيادة والدفن في أحب البقاع اليه والقدوم بكمال البشرى عليه والقيام بمزيد الفخر لديه

خدايا بحق بنى فاطمه

كه بر قول ايمان كنم خاتمه

خداوند كار انظر كن بجو

كه جرم آيد از بندگان در وجود

چوما را بدنيا تو كردى عزيز

بعقبى همين چشم داريم نيز

تمت سورة الممتحنة في العشر الأخير من شهر رمضان المنتظم في سلك شهور سنة خمس عشرة ومائة والف

ص: 492