الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول: إنّه كان سيدا فلما مات ترك ثلمة لم تسد. تقول: خل الرجل وأخل به بالضم إذا احتاج. ورجل مخل ومختل وخليل أي فقير. قال زهير:
وإن أتاه خليلٌ يوم مسألة
…
يقول: لا غائبٌ مالي ولا حرم
واختل إليه: احتجاج. وفي كلام أبن مسعود: عليكم بالعلم! فإنَّ أحدكم لا يدري متى يختل، أي متى يحتاج الناس إلى ما عنده، وما أخلك إليه، أي ما أحوجك! والأخل الأفقر. ويقولون:" الأخل فالأخل، أي الأفقر فالأفقر ". والسلة بفتح السين: السرقة وكذا الاسلال. ويقال في بني سلة أي سرقة. والمعنى أنَّ الحاجة والخصاصة تدعوا إلى السرقة وتلجئ إليها، عياذاً بالله تعالى! وأما الخلة بضم الخاء فهي الصداقة. والصديق أيضاً للذكر والأنثى، ورجل خلة لي وامرأة خلة. وقال امرؤ القيس:
وكان لها في سالف الدهر خلة
…
يسارق بالطرف الخباء المسترا
أي خليل. وقال الآخر:
ألا أبلغها خلتي جابراً
…
بأن خليك لم يقتل!
وقال الآخر:
شبعت من نوم وزاحت علتي
…
وطرفي في المنام خلتي
ما علمت إنّها ألمت
…
حتى قضت حاجتها وولت
أي خليلتي.
خلا لك الجو فبيضي واصفري
!
الجو معروف، وباضت الدجاجة ونحوها، تبيض؛ وصفر الطائر، يصفر، صفيراً: صوت.
وهذا المثل يضرب للأمر يقدر عليه الإنسان متمكنا. وأوّل من قاله كليب بن ربيعة التغلبي الوائلي في شعر له، وذلك إنّه كان له حمي لا يقرب، فباضت فيه قبرة؛ والقبرة بضم القاف وفتح الباء المشددة الطائر المعروف؛ فأجاره وقال يخاطبها:
يالك من قبرة بمعمر
…
خلا لك الجو فبيضي واصفري!
وانقري ما شئت أنَّ تنقري!
وذلك إنّه إنّما يصفر الطائر ويتغنى في الخصب. فدخلت ناقة البسوس الحمى، فوطئت بيض القبرة، فرمى كليب ضرعها، فقتل جساس كليبا، وهاجت من ذلك حرب البسوس بين بني وائل أربعين سنة. وفي ذلك يقول الشاعر:
كليب لعمري كان أكثر ناصراً
…
وايسر جرما منك ضرج بالدم
رمى ضرع ناب فأسمر بطعنةٍ
…
كحاشية البرد اليماني المسهم
وسيأتي تتمة هذا الحديث.
وقيل إنَّ أوّل من قاله طرفة بن العبد وذلك إنّه قال لأمه وهو غلام: إني أريد صيد القنابر، فابعثي أمتك مع البهم! القنابر جمع قنبرة وهي القبرة، فقالت له أمه: يا بني إنَّ المضيع من وكل ماله وأضاع عياله. ثم إنّها أرسلت أمتها مع البهم. وخرج طرفة وصاحب له معهما فخ، حتى أتيا مكانا كانا يعهدان به القنابر كثيرة. فنصب الفخ، وتنحيا غير بعيدين. فجعلت قبرة تحوم حول الفخ، ثم فقرته فأخطأها. فأقبل طرفة نحو فخه وهو يقول: قد يعثر الجواد، وتمحل البلاد، ويذهب التلاد، ويضعف الجلاد. ثم نصب فخه، فوقعت القنابر حول الفخ، وهي تحيد عنه وتلقط ما أصابت. فلما طال ذلك به، ضجر وانتزع فخه وهو يقول:
قاتلكن الله من قنابر
…
مهتديات بالفلا نوافر
ولا سقيتن معين الماطر
…
ولا رعيتن جنوب الحاجر!
وانصرف هو وصاحبه راجعين. ثم التفت فإذا القنابر قد سقطن بالموضع الذي نصب فيه فخه يلتقطن، فقال: يا لك من قبرة. . الأبيات المذكورة. فلما أتى منزله، ورأته أمه لم شيئاً، فقالت له: حدك اليوم حاد، وصدك صاد! فقال لها طرفة:
ما كنت محدوداً إذا غدوت
…
وما رأيت مثل ما لقيت
من طائر ظل بنا يحوت
…
ينصب في اللوح فما يفوت
يكاد من رهبتنا يموت!
فقالت أمه: إني لأرجو أنَّ تكون شاعرا، وأنَّ تشبه خالك! وحات، ويحوت: أسرع.