الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: سد الذرائع المؤدية إلى الشرك الأصغر
مدخل
…
الفصل الثاني: سد الذرائع المؤدية إلى الشرك الأصغر0
الشرك الأصغر: هو النوع الثاني من أنواع الشرك بعد الأكبر، وهو لا يخرج من الملة، ولكنه قد يحبط العمل الذي يصاحبه أو ينقص ثوابه 1، وقد خاف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته منه، كما جاء في حديث محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر"، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: "الرياء" 0 يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤن في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟ " 2، والمراد بالرياء في هذا الحديث هو يسيره، لا النفاق الاعتقادي الأكبر المخرج من الملة، وذلك أن الرياء قد يطلق ويراد به النفاق الأكبر كما جاء في قوله تعالى:{كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} 30
قال ابن كثير في تفسيره:"أي: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى، كما تبطل صدقة من راءى بها الناس فأظهر لهم أنه يريد وجه الله، وإنما قصده مدحة الناس له، أو شهرته بالصفات الجميلة ليشكر بين الناس، أو يقال: إنه كريم، ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية، مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه، ولهذا قال:{وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} 40
1 انظر معارج القبول جـ1 / 450.
2 أخرجه أحمد في مسنده جـ5 / 428، 429، والبغوى في شرح السنة جـ14 / 324.
3 البقرة / آية: 264.
4 تفسير ابن كثير جـ1 / 470.
وطريقة التفريق بين الرياء الذي هو النفاق الأكبر، وبين الرياء الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم شركاً أصغر حديث:"إنما الأعمال بالنيات....." 1، فالنية هي التي تفرق بينهما، وقد وضح ذلك وفصله الشيخ حافظ الحكمي فقال:"......فإن كان الباعث على العمل هو إرادة غير الله عز وجل والدار الآخرة فذلك النفاق الأكبر
…
، وإن كان الباعث على العمل هو إرادة الله عز وجل والدار الآخرة، ولكن دخل عليها الرياء في تزيينه وتحسينه فذلك هو الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر وفسره بالرياء العملى ......"20
ولخطورة هذا النوع من الشرك أيضاً، ولخفائه أحياناً، وصيانة لجانب التوحيد، فقد سدَّ الشارع كل الوسائل المفضية إلى الوقوع فيه، وسأبين ذلك من خلال المبحثين التاليين:
1 أخرجه البخاري في مواطن منها كتاب بدء الوحي باب 1 جـ1 / 9، ومسلم في كتاب الإمارة باب 45 جـ3 / 1515.
2 معارج القبول جـ1 / 454.