المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ظللته من العيون سيوف … قد غدا ضمنها دواعي الحتوف لا - سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - جـ ٤

[محمد خليل المرادي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌فتح الله الحلبي

- ‌فخري أفندي الموصلي

- ‌السيد فضل الله البهنسي

- ‌فضل الله الصفوري

- ‌فضل الله أفندي الشهيد

- ‌فيض الله الحجازي

- ‌فيض الله الأخسخوي

- ‌حرف القاف

- ‌قاسم الجليلي الموصلي

- ‌قاسم الدوكالي

- ‌قاسم الخاني

- ‌قاسم البكرجي

- ‌قاسم النجار

- ‌حرف الكاف

- ‌كنعان أغت اليرلية

- ‌كمال الدين البكري

- ‌حرف اللام

- ‌لطف الله الواعظ

- ‌لطفي الصيداوي

- ‌حرف الميم

- ‌محمد حاذق

- ‌محمد الشقلاوي

- ‌محمد الجاويش

- ‌محمد البري

- ‌محمد وسيم

- ‌محمد العمادي

- ‌محمد الدمشقي

- ‌محمد العدوي

- ‌السيد محمد الطرابلسي

- ‌محمد الأيوبي

- ‌محمد الدكدكجي

- ‌محمد الكوراني

- ‌محمد سعيد الكوراني

- ‌محمد بن أبي الحسن الكوراني

- ‌محمد سعدي الدمشقي

- ‌السيد محمد العاني

- ‌محمد قولقسز

- ‌محمد البصير

- ‌محمد الديري

- ‌محمد عقيلة

- ‌محمد السفاريني

- ‌محمد العشماوي

- ‌محمد الزرقاني

- ‌محمد رجائي

- ‌محمد المزطاري

- ‌محمد بن جدي

- ‌محمد حياة السندي

- ‌محمد الأسكداري

- ‌محمد الشافعي

- ‌محمد الجفري

- ‌محمد القاري

- ‌محمد عارف

- ‌محمد همات زاده

- ‌محمد أفندي بن فروخ

- ‌محمد الحنفي

- ‌محمد العجلوني

- ‌محمد البغدادي

- ‌محمد الغزي

- ‌محمد حاكم

- ‌محمد أفندي السنطي

- ‌محمد الضيائي

- ‌محمد زين الدين الغزي

- ‌محمد الكفيري

- ‌محمد رحمة الله الأيوبي

- ‌محمد الحفني

- ‌محمد المواهبي

- ‌محمد الروزنامجي

- ‌السيد محمد القدسي

- ‌محمد التاجي

- ‌محمد الغزي

- ‌محمد بن أبي اللطف

- ‌محمد الأسكداري

- ‌محمد الريس

- ‌محمد الخليفتي

- ‌محمد الأمير الحلبي

- ‌محمد المغربي

- ‌محمد زين العابدين

- ‌محمد السمان

- ‌محمد المالكي

- ‌محمد المواهبي

- ‌محمد العطار

- ‌محمد الخراشي

- ‌محمد الذهبي

- ‌محمد الصالحي

- ‌محمد السندي

- ‌محمد الخمسي

- ‌محمد البرزنجي

- ‌محمد السندي

- ‌محمد الشرواني

- ‌محمد الكاملي

- ‌محمد بن شيخان

- ‌محمد العمري الدمشقي

- ‌محمد مفتي حلب

- ‌محمد العمري الموصلي

- ‌محمد بن كوجك علي

- ‌محمد الجمالي

- ‌محمد الحصري

- ‌السيد محمد الكردي

- ‌محمد الكناني

- ‌محمد أمين المحبي

- ‌محمد بن الطيب

- ‌محمد

- ‌محمد الخليلي

- ‌الوزير محمد باشا

- ‌محمد بن محمد الطيب المالكي

- ‌محمد الحنفي

- ‌محمد الغزي

- ‌محمد العمري

- ‌محمد المالكي

- ‌محمد العجي

- ‌محمد الوليدي

- ‌محمد البليدي

- ‌محمد الدمياطي

- ‌محمد الكردي

- ‌محمد النابلسي

- ‌محمد بن حجيج

- ‌محمد الحنفي

- ‌محمد السندروسي

- ‌السلطان محمد أورنك سلطان الهند

- ‌السيد محمد المرادي

- ‌محمد الحبال

- ‌محمد طبيعة الدمشقي

- ‌محمد النهالي

- ‌محمد الأسبيري

- ‌محمد البقري

- ‌محمد المنير

- ‌محمد الدقاق

- ‌محمد الضرير الإسكندري

- ‌محمد الخالدي الديري

- ‌محمد الزمار

- ‌السيد محمد البيلوني

- ‌محمد السؤالاتي

- ‌محمد المورلي القاضي بدمشق

- ‌محمد الغلامي

- ‌محمد العبدلي

- ‌محمود الغزي

- ‌محمود الجزري الكردي

- ‌محمود العبدلاني

- ‌محمود المعروف بالسالمي

- ‌محب الله بن زين العابدين

- ‌محب الدين الحصني

- ‌محب الدين بن شكر

- ‌محيي الدين المصري

- ‌مراد المرادي

- ‌مكي الجوخي

- ‌مصطفى القنيطري

- ‌السيد مصطفى العلواني

- ‌مصطفى اللقيمي

- ‌مصطفى الغزي

- ‌مصطفى الترزي

- ‌مصطفى السندوبي

- ‌مصطفى المكي

- ‌مصطفى العزيزي

- ‌مصطفى النابلسي

- ‌مصطفى بن اظب

- ‌السيد مصطفى الصمادي

- ‌مصطفى الجعفري

- ‌مصطفى بن الدفتري

- ‌مصطفى اللطيفي

- ‌مصطفى التميمي

- ‌مصطفى النابلسي الحنبلي

- ‌مصطفى الخليفة

- ‌مصطفى العمري

- ‌مصطفى بن مياس

- ‌مصطفى البكري

- ‌مصطفى البيري

- ‌مصطفى السفرجلاني

- ‌مصطفى بن سوار

- ‌مصطفى العلمي

- ‌مصطفى الموستاري

- ‌مصطفى أريب

- ‌مصطفى الشرواني

- ‌مصطفى كيلاني

- ‌مصطفى المعروف بنعيما الحنفي الحلبي

- ‌مصطفى الشيباني

- ‌موسى المحاسني

- ‌موسى الخاشقجي

- ‌حرف النون

- ‌ناصر الدين الشافعي

- ‌نعمان البشمقجي

- ‌نعمان الحنفي الخواجكان

- ‌نعمة الفتال

- ‌نوح شيخ زاده

- ‌نور الدين الأسدي

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌حرف اللام ألف

- ‌حرف الياء التحتية

- ‌يحيى البري

- ‌يحيى الدجاني

- ‌يحيى الجالقي

- ‌يحيى الاسطواني

- ‌يحيى بن بعث

- ‌يحيى الجليلي

- ‌يحيى التاجي

- ‌يحيى الموصلي

- ‌يحيى البغدادي

- ‌يحيى العقاد

- ‌السيد يعقوب الكيلاني

- ‌يعقوب العفري

- ‌يعقوب الهندي

- ‌يعقوب باشا الوزير

- ‌يعقوب الموصلي

- ‌يس اللدي

- ‌يس الهيتي

- ‌يس الكيلاني

- ‌يس طه زاده

- ‌يوسف الغزي الشهير بالمقري

- ‌يوسف الشرواني

- ‌يوسف القباقبي

- ‌يوسف الحفني

- ‌يوسف المالكي

- ‌يوسف الطباخ

- ‌يوسف النابلسي

- ‌يوسف الأنصاري

- ‌يوسف الخطيب المدني الحنفي

- ‌يوسف الجابري

- ‌يوسف الحنفي

- ‌يوسف الديري

- ‌يوسف أفندي الذوق

- ‌يوسف الصباغ الموصلي

- ‌يوسف الكاتب الموصلي

- ‌يوسف العطار

- ‌يوسف النقيب الحلبي

- ‌يوسف أفندي النابي

- ‌يوسف رئيس الأطباء

- ‌يوسف باشا

- ‌يوسف الصباغ

- ‌يونس

- ‌الشيخ يونس المصري

الفصل: ظللته من العيون سيوف … قد غدا ضمنها دواعي الحتوف لا

ظللته من العيون سيوف

قد غدا ضمنها دواعي الحتوف

لا تخف واستظل تحت حماها

جنة الخلد تحت ظل السيوف

وله غير ذلك من النظم الرائق والنثر الفائق وكانت وفاته يوم الأحد السابع والعشرين من ذي الحجة سنة ثمان وسبعين ومائة وألف ودفن بتربة مرج الدحداح في مقبرة الذهبية تجاه قبر الشيخ أبي شامة رضي الله عنه وقبل وفاته بساعات نظم تاريخاً لوفاته ليكتب على قبره وهو قوله

قبر به من أوثقته ذنوبه

وغدا لسوء فعاله متخوّفا

قد ضاع منه عمره ببطالة

والعيش فيه بالتكدّر ما صفا

ماذا ثوى قبر اللقيمي أرخوا

مستمنح للعفو أسعد مصطفى

سنة 1178 598 216 135 229 واللقيمي نسبة للقيم بلدة بالطائف ونسبة أجداده إليها وللمترجم نسبة إلى سيدنا سعد بن عبادة الخزرجي رضي الله تعالى عنه.

‌مصطفى الغزي

ابن أحمد بن عبد الكريم بن سعودي ابن شيخ الاسلام النجم محمد الغزي العامري الشيخ الامام الفقيه الهمام أحد صدور دمشق الشام ورؤسائها الأعلام أبو الفضائل نجم الدين ولد بدمشق في منتصف سنة مائة وألف ونشأ في حجر أبيه وقرأ القرآن العظيم وأخذ في طلب العلم فقرأ على والده الشهاب أحمد وأخذ عنه الفقه والحديث والعربية وعن الشيخ أبي المواهب الحنبلي والشمس محمد بن علي الكاملي وأبي التقى عبد القادر بن عمر التغلبي والأستاذ عبد الغني بن إسمعيل النابلسي والشريف سعدي بن عبد الرحمن الشهير بابن حمزة وأجاز له اجازة منظومة مطولة وعن غيرهم ودرس وأفتى بعد وفاة والده وأخذ عنه جملة من العلماء منهم الشهاب أحمد بن محمد الحلبي وكان ذا وجاهة ظاهرة ورياسة وافرة وكانت وفاته سادس عشري رجب سنة خمس وخمسين ومائة وألف وصلى عليه بالجامع الأموي بجمع حافل من العلماء الأعلام ودفن بتربة أسلافه بمقبرة سيدي الشيخ أرسلان رحمه الله تعالى.

‌مصطفى الترزي

ابن أحمد باشا ابن حسين بن إسمعيل المعروف بالترزي الدمشقي كان والده أمير الأمراء وتولى امارة اللجون وغيرها فيما أظن وكان أولاً باشجاويش في أوجاق اليرلية بدمشق وتوفي في سنة تسع وثمانين وألف وكان له ولد أكبر من المترجم يسمى محمداً فذهب للديار

ص: 166

الرومية وأتلف جميع متروكات والده ومخلفاته وباع العقارات وغيرها وأما المترجم فإنه نشأ مكتسباً للكمال والعلوم مجتهداً ساعياً الاجتناء زهرات الأدب والمعارف وكان أديباً شاعراً فائقاً ماهراً بالأدب مع معرفة تامة بالطب وغيره مشتهراً بالكمالات والعرفان له حافظة واطلاع باللغة والأشعار وغير ذلك بارعاً بالنظام ينفث السحر من رشحات أقلامه ويجري البديع من لسانه وكان له هجو بليغ وترجمه الأمين المحيي وكان آخر من ترجمه في ذيل نفحته وقال في وصفه مجده محبوك من جهتيه ميم عاف وسائل من وجهتيه فلله مجد هو شمس نهاره طلع وقد ارتدى برداء الشباب والتف وتحوط بالسبع المثاني من العين واحتف فروضة أدبه فسيحة الرحاب وقد جمعتني وإياه الأقدار وطلبت منه شيئاً من نظامه فأتاني بقطع وهي قوله

أبدا يحنّ إليك قلبي الخافق

والجذع يعلم أنني لك عاشق

يا من يهز من الدلال مثقفاً

وبسهم لحظيه الحشاشة راشق

مهلاً فأين العدل منك لمغرم

كلف بحبك بل بقولك واثق

ما راح يضمر عنك إلا موثقاً

أكذبته وتقول إني صادق

قول الأعاريب الكرام وتنثني

نحوي بعين أخي المودة وامق

هيهات ما للغانيات مودة

ما كل قول للفعال مطابق

شيم الليالي الغدر من عهد الأولى

قدما وما للدهر وعد صادق

فليهن من قد بات في دعة اللقا

يلقى أحبته ونحن نفارق

وقوله

لا تلم من غدا بحب سليما

ن أسيراً ودمعه في انطلاق

لي قالت جنود حسن محيا

هـ وأيضاً لسائر العشاق

مذ تبدّي بطلعة تشبه الشم

س بهاء في ساعة الاشراق

مثل قول التي بها اهتدت النم

ل بنصح في غاية الاشفاق

دونكم فادخلوا المساكن من قب

ل تصابوا بأسهم الأحداق

تحطمنكم فتفقدون رمايا

بسهام الخطوب بالاتفاق

ذلك اللحظ فاحترز منه واحذر

لم يكن دونه من الموت واقي

هو من قول بعضهم

أسلمنا حب سليمانكم

إلى هوى أيسره القتل

قالت لنا جند ملاحاته

لما بدا ما قالت النمل

قوموا ادخلوا مسكنكم قبل أن

تحطمكم أعينه النجل

ص: 167

وقال وقد تخلص فيها إلى مدح شيخ الطريقة الشيخ محمد بن عيسى الخلوتي الصالحي وهي من غرر قصائده

هوى يشوق النفس والنسيبا

وصادحات حسنت تشبيبا

وحملت نشر الزهور شمأل

تهدي إلينا عنبراً وطيبا

واختص وجه الدوح من عارضه

لما استدار جد ولا منسوبا

فاعتدل الغصن وصار فوقه

الشحرور من وجد به خطيبا

فقام يدعو والحمام هتف

قد أتقنت ألحانها ضروبا

فقم إلى تلك الرياض مسرعاً

مبتكراً ونادم المحبوبا

يا بابي ومن يقول بابي

ذاك الغزال الشادن الرعبوبا

في وجهه للناظرين جنة

للحسن كانت منظراً عجيبا

منمنم يزهو على عشاقه

مخضباً بنانه تخضيبا

ما صادفت قلبي سهام لحظه

إلا أتت غزاله تصيبا

فليته صير لي من وصله

وقربه يا صاحبي نصيبا

جرّبت من بعاده نار الغضى

عذبني بحرّها تعذيبا

لولا الهوى ما شاق عيني مألف

وبالحمى كم ودّعت حبيبا

هوى حقيقي له مودّة

قد ولدت نجل الوفا نجيبا

أهل السماح في الدنا قد زهدوا

وقدسوا بالواحد القلوبا

وبالرضا قد مزجت طباعهم

فلا ترى في وجههم قطوبا

وأخلصوا لله قلباً قد صفا

من كدر واستأنفوا الغيوبا

فما دعوا للغيث يوماً وبكوا

إلا أجاب قبل أن نجيبا

راحوا براح الحال في وجودهم

لما اختفوا وروّقوا المشروبا

مذ عاملوه في مقامات الوفا

هب لهم عرف الرضا هبوبا

ومنها

كالمسك وافاك دعاء مخلص

ريان من ماء الوفا رطيبا

إن لم يراك لا يسرّ قلبه

ويكره الخيال أن ينويا

ما للفتي قد لعب الدهر به

وصرفه صيره متعوبا

من الزمان علقته محن

قد شعبت بقلبه شعوبا

إلاك يستظل في جنابه

والناس قد أفنيتهم تجريبا

واستجلها من البديع غادة

لا ترتضي غير الهنا مركوبا

ص: 168

وقال يمدح بها محمد المحمودي وقد أهداها له من نفثاته وهي قوله

خد يورّده لهيبه

فتكاً وأعيننا تذيبه

أندى من الورد الذي

حياه رياناً نصيبه

وبثغره ماء الحيا

ة يرق كالصهبا صبيبه

وسقاه ماء شبيبة

راح الجمال بها يشوبه

ميال أعطاف الصبا

تيهاً يرنحه وثوبه

ذو قامة هيفاء مث

ل الغصن يحمله كثيبه

أبداً يميل مع النس

يم يظل يعطفه هبوبه

وبوجهه آيات حس

ن فيه زينها قطوبه

أبدى قسي حواجب

بالروح يفديها سليبه

من مقلتيه أراش في

قلبي السهام به يصيبه

فرمى ندوب سهامه

في اللب قد أصمت ندوبه

متمنع عن ناظري

ما زال يحجبه رقيبه

برقت بوارق وعده

والبرق يطمعنا خلوبه

ولصبه أهدى الضنا

متحيراً فيه طبيبه

منح السهاد لمقلتي

مذ طال عن نظري مغيبه

أودى بجسمي هجره

والحب تستحلي خطوبه

وأرى عقارب صدغه

بالوصل قد غفرت ذنوبه

ياليت شعري ما الذي

بصدوده عني ينوبه

يقسو عليّ فؤاده

وقوامه غصنا رطيبه

أتراه يعلم بالذي

يشكوه من سقم كئيبه

وصدوده أبدا على

عشاقه ليست تعيبه

كم ذا أموّه بالهوى

والصبر قد شقت جيوبه

قصرت فصاحة مادح

أحصى كمالك أو يثيبه

يا من بباهر شعره

قد راح يسكرنا نسيبه

شعر هو السحر الحلا

ل يروق هذبه لبيبه

منشئ حلاه محمد ال

محمود مفرده نجيبه

الفاضل اللسن الذي

محل الزمان به خصيبه

في كل لفظ من معا

ني فضله تسبي شعوبه

ص: 169

متناسق كالدر في ال

عقد الذي نظمت ثقوبه

وإذا ذكرنا الشعر فه

وكما سمعت به حبيبه

وافتك مثل الروض يه

دي عرفها نفحاً جنوبه

ومديحك السامي غدا

فرضاً على مثلي وجوبه

والمهر منك جوابها

وكفاه فخراً من تجيبه

نفحتك مني بالثنا

ء وطيب عنبره وطيبه

وله أيضاً قوله

لك في المعالي رتبة من دونها

زهر النجوم وتلك فوق هلالها

فلذاك أنت أمين أسرار الهدى

والله قد أولاك حسن خلالها

وجواهر النعمان عزت غيرة

إلا عليك لمن بغى لمنالها

فأهنأ بها لا زلت نرشد قاصداً

يبغي الهداية للتقى سؤالها

يا من له قلم إذا وشى به

صفحات طرس أشرقت بجمالها

ولذلك الفضلاء عجباً أنشدت

بعلاك بيتاً من بديع مقالها

إن الكتابة للفتاوي لم تجد

أحداً سواك يحل من أشكالها

وسمتك من بين الورى بمرادها

حتى ارتضاك الله من أمثالها

لا زلت محروس الجناب مؤيداً

بعوارف قد حزتها بكمالها

وقوله يمدح به ولد الشريف بركات شريف مكة المعظمة سابقاً حين وروده دمشق

قدوم كما انهلت سحائب أمطار

وقد أشرقت منها الرياض بأزهار

حكى الشمس غب الغيم اشراق ضوئها

ولاحت على الدنيا ببهجة أنوار

وسرت به الآفاق شرقاً ومغرباً

وأرجها كالمسك فتته الداري

وذاك قدوم السيد الأعظم الذي

أتانا كيسر بعد بؤس واعسار

فكان كطيب الأمن وافي لخائف

وكالنير إلا علي به يهتدي الساري

فأهلاً به من قادم قدم الهنا

بلقياه بل رؤياه غاية أو طاري

من القوم إن هم فاخروا جاء شاهداً

لهم محكم التنزيل من غير انكار

وإن نطقوا جادوا بأبلغ حكمة

يلين لها صلد وجامد أحجار

وأن ينتموا جاؤا بكل حلاحل

تذل له شوس الملوك باقرار

بنى حسن أهل العلى منبع الهدى

أئمة حق هم بأصدق أخبار

ميامين غرّ من ذؤابة هاشم

هم في دجى الخطب المهول كأقمار

وأشرفهم يحيي الذي شرفت به

دمشق ونلنا فيه أرفع مقدار

ص: 170

فيا ابن رسول الله وابن وصيه

ومن أنزل القرآن في مدحه الباري

إليك اعتذاري من كلال قريحتي

لجور زمان فيه قد قل أنصاري

ولكنّ لي في دوحكم خير قربة

بها الله يعفو عن عظائم أوزاري

لقد مزج الرحمن ربي ودادكم

بقلبي وسمعي والفؤاد وأبصاري

ووالله ما وفيت بالمدح حقكم

ولو بلغ الجوزا نتائج أفكاري

لآل عليّ في الأنام توجهي

ومدحهم وردي وديني وأذكاري

وهنيت بالعيد السعيد وعائد

عليك بما نالوا به خير أبرار

فإن العلى تسموا بكم وكفاكم

علا انكم ملجا الأنام من النار

ولا زلت ذا عمر طويل مؤيداً

مدا الدهر ما هبت نسائم أسحار

وقوله مادحاً ومهنئاً ومعتذر للمولى محمد العمادي

العفو أولى من عتاب المذنب

والذنب يخرس كل شهم معرب

كرّت عليّ عجائب لو أولعت

بمتالع لانقض قض الكوكب

من لي بعذر أن يقوم بحجتي

عند الإمام الطيب ابن الطيب

علامة الآفاق من بوجوده

أفلت نجوم ذوي الضلال بمغرب

حتى يزول محال قول باطل

قد ألبسوني فيه ثوب الأجرب

نزهت عنه سمع مولاي الذي

أنا عبده الأدنى وهذا منصبي

مفتي البرية في الفواخر كلها

كالبحر يلقى الدرّ للمتطلب

إن فاه أسكت كل ذي لسن بما

يبديه من صوغ الكلام المعرب

مولى إذا احتكت فهوم أولى النهي

جلى برأي مثل بدر أشهب

وأبان كل عويصة في العلم كالنج

م الرفيع بمثل حدّ مشطب

ورث الفضائل كابراً عن كابر

يوم العلى عن كل جدّ منجب

قوم بهم دين الاله مؤيد

من أن يدنسه مقال منكب

شاد العماد لهم ثناء طاهراً

حمل الرواة له لأقصى المغرب

مولاي أنت أجل من حاز العلا

بفضائل هي كالطراز المذهب

هنيت بالرتب التي هي في الورى

فخراً كوضع التاج يوم الموكب

هي منصب الفتيا الرفيع مقامها

فوق السماك الشامخ العالي الأبي

دامت لك العليا ودام لك الهنا

ما سار ركب في فيافي سبب

مولاي غفراً فاستمع بتفضل

بعض اعتذاري من صميم تلهب

قد قوّلاني في علوّ جنابكم

ما لم أقله وحق ربي والنبي

ص: 171

أنا ما حييت مديحكم وثناؤكم

وردي به عند الإله تقربي

حاشاي من قول هزا لو قلته

لنهيت عنه بألف ألف مكذب

بل كيف أقتحم الهلاك وأرتضي

غضب الإله كفعل ميشوم غبي

بشراي إني قد ظفرت بمطلبي

حاشاك تلقاني بوجه مقطب

دم للبرية ملجأ ومؤملا

ما أزهر الليل البهيم بكوكب

وقال يمدح السيد السند الشيخ علي الحموي الكيلاني شيخ الطريقة القادرية

يزار بزوراء العراق ضريح

وللحق أنوار عليه تلوح

تحوم حواليه الملائك رفعة

ووردهم التقديس والتسبيح

سلام عليه من صريح معظم

إليه تحايت الإله تروح

ضريح إمام الأولياء وقطبهم

أبى صالح عالي الجناب فسيح

يحج إلى بغداد يبغي زيارة

له القطب يسعى خادم ويسيح

ومن جوهر المختار جوهره الذي

له في علوّ المكرمات وضوح

فمن أمّ عالي بابه نال رفعة

ووافاه من فيض الإله فتوح

به تكشف الجلا ويرتفع البلا

ويثني عنان الخطب وهو جموح

وأنباؤه الغرّ الكرام ملاذنا

وذخرهم أني بذاك نصوح

ومصباحهم مولى عليّ جنابه

علا به باب الهدى مفتوح

كريم سجايا النفس لألاء وجهه

يضىء فتخفى عند ذلك بوح

مهذب أخلاق من الفضل والحجى

كثير اتضاع بالنوال سموح

عليم بأسرار الحقائق عارف

بأنفاسه للسالكين نفوح

متى تلقه تلقى أغرّ كأنما

صفا وهو لطف من صفاه وروح

ومولى هو البحر الخضمّ ومن به

دعا آب موفور الجناح نجيح

ولكنه بحر العلوم قراره

عميق على من رامه وطليح

محامده تتلى فيعبق طيبها

كنشر رياض علهن صبوح

وقد حلّ في وادي دمشق ركابه

بسعد سعود للنحوس يزيح

فوافى ربوعاً طالما طال شوقها

إيه وكادت بالغرام تبوح

وخفق في الوادي السعيد نسيمها

وهبت به معتل وهو صحيح

وعمّ الورى فيها سرور ونشأة

وإني وهذا القول صاح صريح

فنادت جميع الخلق أهلاً ومرحباً

ببدر بأفلاك الكمال سبوح

أمولاي أرجو منك نظرة إنني

مفارق عهد للخليط جريح

ص: 172

أهيم إذا غنى ابن ورقاء في الربا

وأسمع منه لحنه فأنوح

رمتني صروف النائبات بأسهم

لها في فؤادي والصميم جروح

ولكن بمولائي أرى كل كربة

تزول ومنها الدمع كان سفوح

وإني وإني في حماك ومن يكن

جوارك أمسى منه فهو ربيح

وعذراً فقد وافتك مني بخجلة

وشعري بمدح في سواك شحيح

وليس بمحص بعض وصفك مادح

ولو جاء منه للمديح مديح

ولكنها ترجو السماح كرامة

وأنت عن الذنب العظيم صفوح

ودم في سعود وارتقاء ونعمة

بعمر طويل عنه قصر نوح

فراجعه عنها بقوله

مخائل سعد للعيون تلوح

بوجه سريّ للسموّ طموح

قرينة عز في غضون جبينه

فتغدو لبشراها له وتروح

فتى من سارة الناس ممن تقدموا

لنيل المعالي والركاب سبوح

أديب أريب فاضل متفضل

بليغ ولفظ الدرّ منه فصيح

تغذى لبان الفضل في حال مهده

غبوق له منها روا وصبوح

امام همام في الفهوم مقدّم

وفي الأدب الغض الطري فصيح

كريم حوى وصف الكرام وفعلها

سمى مصطفى والفعل منه مليح

فخذ بعض شذر واغض عن قصر قاصر

وسامح بفضل فالكريم سموح

وللمترجم قوله

فرائد درّ في صحائف ألماس

ونور رياض في مهارق قرطاس

والادراري الأفق ضمن سفينة

تسير بلج من ذخارف أنفاس

إذا كان قاموساً لها علم ماجد

فبحر خضمّ لا يقاس بمقياس

فكيف وربانيها في مسيرها

له قلم يجري كسابق أفراس

همام حوى وصل الكرام وفعلها

وفاق العلى بالفضل كالعلم الراسي

سليل أساطين فحول ضراغم

هم من ذرى العليا في قنن الرأس

تكلف فكري وصف بعض صفاته

فتاه بموماة وعام بمغماس

وكيف ونيل النجم أقرب ماربا

لفكري أو أحصى علاه بأنفاس

فشكري لآل للعماديّ حامد

ومدحهم فرضي لتطهير أدناس

فلا زال ناديهم لمثلي ملجا

إذا الدهر لاقاني بصورة عباس

وقوله مادحاً أيضاً ومؤرخاً اتمام الحواشي التي جمعها الممدوح على كتاب دلائل الخيرات

ص: 173

في الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

أمولاي زاد الله قدرك رفعة

بجاه رسول الله خير الخلائق

فأنت على تقوى الإله مواظب

تسير على نهج الهدى والحقائق

ومن يك ذكر المصطفى ديدناله

لقد حاز في الدارين عز المسابق

دلائل خيرات إذا ما تلوتها

أفدت بها أجراً لكم لم يفارق

فهذا دليل الخير والرشد والهدى

تشيد به ذكراً كمسك لناشق

فهذبته سفراً بتحرير متنه

وجاءت حواشيه رقاق الدقائق

ورصعت من كنز العلوم حواشيا

كترصيع درّ في نضار المناطق

لقد طاولت شهب السماء بما حوت

بهدى رسول الله أفصح ناطق

فطوبى لكم آل العماد فسعيكم

دواماً على نهج الهدى في الطرائق

وعظمتها مولاي حامد نسخة

تخلد فيها الصدق ضمن المهارق

فدم ما تلا ذكر النبي أخو الهدى

وصلي عليه عاشق اثر عاشق

صلاة يضىء الكون من نور ذكرها

تفوح كمسك في العذيب وبارق

ومذ تم ذاك السفر قلت مؤرخاً

وشائع حسن لحن من نور صادق

وقوله مضمناً أبيات الشيخ داود البصير الطبيب الثلاثة بقوله

ليل كقادمتي غراب مغدق

يمضي بأحزان وطول تلهف

وصباح يومي إن سألت فإنه

كصباح ثكلى مات واحدها الوفي

أبكي لشمل بات وهو مصدّع

كالعقد بدد بعد شمل تألف

ظنّ الخليّ وقد رآني باكياً

أني رعفت من الجفون الذرّف

هل راحم صبا أذاب فؤاده

دهر ألح لصرفه لم يصرف

الله يعلم أنني من بعدهم

لحليف أحزان بقلب مدنف

أهفو إلى مرّ الحمام وشربه

ومذاقه ياما أحيلاه بفي

من طول أبعاد ودهر جائر

ومسيس حاجات وقلة منصف

ومغيب خلّ لا اعتياض بغيره

شط الزمان به فليس بمسعف

أوّاه لو حلت لي الصهباء كي

أنشأ فأذهل عن غرام متلف

وله وذلك عند تراكم الخطوب عليه وعدم مشفق يأخذ بيديه

إن قلبي قطب البلاء أديرت

لشقائي رحى الهموم عليه

وتراه مغنيطساً للرّزايا

يجذب الخطب من سحيق إليه

ص: 174

وله أيضاً ناعياً ثمرات الفؤاد ونجباء الأولاد

غراب ينوح لتفريقنا

ويوم يصيح بتلك الرسوم

فبانوا وأصبحت من بعدهم

أليف الشجون خدين الهموم

فما أجلد القلب في النائبات

ويا قلب صبراً لهذي الكلوم

وكانوا نجوم سماء الحشا

وفي الترب غيب تلك النجوم

فوا وحشتاه لتلك الوجوه

وبعد السرور ألفت الوجوم

ومن شعره أيضاً

أفدي مهاة أفردت عن سربها

بدوية سحرت بطرف أدعج

شخصت بطلعتها العيون وقد بدا

دبر الدجى بجبينها المتبلج

بسمت فخلت البرق أومض ضاحكاً

عن لؤلؤ في ثغرها المتفلج

وسمت لها شفة فراقت منظراً

وحلت بأزرق فاق زهر بنفسج

فدهشت من كنز بمبسمها له

قفل من الياقوت والفيروزج

وله مادحاً شيخ الاسلام مفتي الدولة العثمانية المولى السيد عبد الله المعروف بالبشمقجي حين قدم دمشق حاجاً بقوله

هي المعالي لكم حيث السهى ارتفعت

وحيث شمس الضحى في أفقها طلعت

شمس العلى أشرقت بالشام في شرف

من الحجاز وأنوار الهدى لمعت

أنوار من زينة الدنيا بمقدمه

حتى به سائر الأكدار قد رفعت

تالله ما الغيث أجدى من مكارمه

إذا همت بسحاب الفضل أو همعت

يا بضعة من رسول الله خالصة

بمهبط الوحي أخلاف الهدى ارتضعت

يا آل بيت رسول الله حبكموا

فرض به سور التنزيل قد صدعت

لولاكم لم يكن شمس ولا قمر

ولا درار بأنوار الضيا سطعت

ورثت مشيخة الاسلام عن سلف

من عهد ما شرع الاسلام قد شرعت

يا كعبة المجد لو لم تسع مبتهلاً

لكعبة الله إجلالاً إليك سعت

الحج باليمن مبرور مناسكه

لسيد فيه آيات الهدى جمعت

يا مفخر الدولة العلياء من قدم

ومن بمجدك أركان العلى امتنعت

ويا عماداً لركن الدين تنصره

بمقول الحق إن أركانه انصدعت

أيامك الغرّ بالاقبال مشرقة

بها عنادل أطيار الهنا سجعت

فالسعد عبد خديم للركاب له

بشائر بسنا الاقبال فيه رعت

فالله يبقيك للعلياء ناصرها

إذا الموالي إلى أعتابك انتجعت

ص: 175

وله أيضاً

هو الله لا إثبات إلا لذاته

تقدّس ذو الافضال واللطف والعفو

فلا تغترر بالكائنات بأسرها

وكل الذي تلقى زوال إلى محو

وأيامنا برق ونحن خلاله

خيال مضى بين البطالة واللهو

وهل نحن إلا للفناء مصيرنا

ومنا قلوب قد تميل إلى الزهو

رمتني صورف النائبات بأسهم

وأصمت رماياها بصدق ولم تشو

وهل تعتب الأيام شخصاً إذا بكى

ويجمع منه الدهر عضواً إلى عضو

ومن هجوه في بني آدم جميعاً قوله

قوم كائن القر كان خليقة

لهم فأعرى الايك من أوراقها

لو شاهدوا فلساً بأقصى لجة

في البحر لانتزعوه من أعماقها

أو يسألوا معشار عشر شعيرة

فاضت نفوسهم على أنفاقها

فعلى نفوسهم الخبيثة لعنة

تستوجب الافراط في استغراقها

ملؤا أقاليم البلاد ضلالة

واستنزحوا الأموال من آفاقها

ورأيت غير المترجم هجا بني آدم بقوله

بني آدم لا بارك الله فيكم

لأنتم شرار الناس بين الخلائق

خلت منكم الدنيا من العدل والهدى

ولم يبق إلا فاسق وابن فاسق

وأوسعتم الآفاق بغياً وجفوة

وهيهات منكم صادق الوعد فائق

وأنتم ظروف الزور والبغي والأذى

وما راج منكم غير كل منافق

تمنيت عمري أن أرى غير غادر

فما شمت إلا عائقاً وابن عائق

غصبتم حقوق الناس ثم ملأتم

جوانب هذا الكون من كل فاسق

عليكم من الله الجليل مصائب

تكون عليكم مثل وقع الصواعق

أقول وكلا الرجلين بلغ في الهجو إلى أقصى حده وهجا نفسه مع أبيه وجده فنرجو من واهب العقول أن يغفر ذنوب من أساء أنه أكرم مسؤل ومن نثر صاحب الترجمة ما كتب به لأحد أعيان دمشق وهو قوله أدام الله على العلم وأهليه والاسلام وبنيه سبوغ ظل مولاي الإمام الذي صدره تضيق عنه الدهناء ويفرغ إليه الداماء والذي له في كل يوم مكرمة غرة الايضاح ومن كل فضيلة قادمة الجناح ذو الصورة التي تستنطق الأفواه بالتسبيح ويترقرق فيها ماء الكرم ويسيح تحي القلوب بلقائه مثل ما مست الفقر بعطائه له الخلق الذي لو مزج به البحر لنفى ملوحته ولكفى لذوذته هو غذاء الحياة ونسيم العيش ومادة الفضل أراؤه

ص: 176

مدى في مفاصل الخطوب وفراسته تشف عما وراء الغيوب همته تعزل السماك الأعزل وتجر ذيلها على المجرة وهو راجح في موازين الفضل سابق في ميادين العقل يفترع أبكار المكارم وينسى بكرمه ذكر حاتم ينابيع الجود تتفجر من أنامله وربيع السماك يضحك عن فواضله هو لسان الشريعة وإنسان حدقة الملة وغرة الزمان وناظر الإيمان أخلاقه خلقن من الفضل وشيمه تشام منها بوارق المجد له طلعة عليها للبشاشة ديباجة حسنة بهية هو بحر من العلم ممدود كسبعة أبحر ويومه في العلماء كعمر سبعة أنسر حرس الله ذاته التي هي شمس هذا الزمان والدليل الأكبر على بقاء نوع الإنسان وبعد فالمملوك ينهي إلى المقام العالي والمحل الباذخ المنيف السامي أدام الله سعادته مشرقة النور مبلغة السول واضحة الغرر بادية الحجول ما بلغه من كلام تجرع منه غصص الصبر وتحمل منه ما أثقل به كاهل الدهر وخصه به من بين أبناء العصر كلمات تتدكدك لها الأطواد وتتفطر بسببها الأكباد قد انقصم منها ظهري وقل على تحملها صبري فلا ألوم إلا حظي الذي لا ينبهه ضجيج يوم القيامة ولا أبكي إلا على ما وسمني به الدهر من هذه العلامة حتى ظنت بي الظنون فإنا لله وإنا إليه راجعون

ولو أن ما بي بالجبال لدكدكت

أو الصخرة الصلداء لم تتجلد

ولما بصر بي مولاي متوجهاً على طريق الجبل ظن أن معي من أهل الوبال والخبل وأعيذ ظنه الجميل أن يشوبه إلا صدق الفراسة فوالله يا سيدي لم يصحبني إلا رجل من ثعلبايا قرية الاستاذ الشيخ محمد مراد يقال له أبو خالد أثقل من رضوي وأبرد من الجمد البارد ورجل آخر من أعراب البادية الذين هم كالسباع الضارية منازلهم عند القيصوم والشيخ ولا يعرفون إلا حداء الابل وعندهم ذلك مكان التسبيح قد جردهم الدهر فلجوا إلى الجرد وأقاموا ببادية ظنوا أنها جنة الخلد أعز شيء في أبياتهم الزاد فإذا سمعوا به حسبوه من عتاد المعاد أقمت فيهم على جوع يحرق الأكباد وبرد يجمد الماء في المزاد أياماً بعد شهور السنة لا أذوق فيها السنة ولي فيهم شريك أشأم من ناظر على وقف وله بيت كبيت العنكبوت خال من الدثار والقوت فما نابني إلا معاناة متاعب ضيق بها عليّ واسع الفضا وشب في جوانحي منها جزل الغضى وأعظم منها بلاء ما بلغني من هذا الأمر الفظيع والخطب الذي تضع له الحوامل ويشيب الرضيع فوالله الذي لا إله إلا هو ما أحببت في عمري رافضياً ولا عددته لي معيناً ولا وفياً فصبراً على ما حل بي من هذه الخطوب وأستغفر الله وإليه أتوب أن أقل ركابي في سفرة ثانية ولو مضني البؤس في هذه الفانية

رأيت اضطراب المرء والجدّ عاثر

كما اضطرب المخنوق في حبل خانق

ص: 177