المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[السمة الرابعة اجتماع الكلمة عند الفتن] - سمات المؤمنين في الفتن وتقلب الأحوال

[صالح آل الشيخ]

الفصل: ‌[السمة الرابعة اجتماع الكلمة عند الفتن]

[السمة الرابعة اجتماع الكلمة عند الفتن]

من سمة السلف لمن درس منهجهم في القرن الأول حين كَثُرَ الخلافُ، وكَثُرَتِ الفتنُ أنهم يأمرونَ بالاجتماع، وينهَوْنَ عن الافتراق.

وقد قَرَّرَ أهلُ العلم أن الاجتماع نوعان:

(1)

الاجتماع في الدين.

(2)

والاجتماع على ولي الأمر.

والافتراق نوعان:

(1)

افتراق في الدين.

(2)

وافتراق في الجماعة.

والله - جل وعلا - قال:

{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]

والنبيُّ صلى الله عليه وسلم حضَّ على الاجتماع والجماعة بقوله:

ص: 17

«سَتفترِقُ هذه الأمة إلى ثلاثٍ وسبعين فرقَةً كلُها في النار إلا واحدة، قالوا: مَنْ هي يا رسول الله؟ قال: هي الجَمَاعةُ» (1) .

قال أهلُ العلم: معنى الجماعة هنا ما يشمل الاجتماعَ في الدين، والاجتماعَ على مَنْ ولاه اللهُ الأمرَ من المسلمين.

وقال صلى الله عليه وسلم: «الجماعةُ رحمة، والفُرْقَة عذاب» (2) .

وهذا ظاهر بَيِّن في أن منهج الأئمة الحرصُ على الجماعة.

حتى أنه لما ظهر القولُ بخلقِ القرآن، وحَصَلَ من الناس ما حَصَلَ من التسارع إلى نشر هذا القول، ودعا إليه ولي الأمرِ في ذلك الزمانِ، قال أحدُ طلاب الإمام أحمدَ - وهو

(1) أخرجه " أبو داود " في " سننه " في (كتاب السنة - باب شرح السنة) 650 ط دار السلام. من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه. و " ابن ماجه " في " سننه " في (كتاب الفتن - باب افتراق الأمم) 574 ط دار السلام. من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه.

(2)

قطعة من حديث أخرجه " أحمد " في " مسنده "(30 / 390) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.

ص: 18

إمامُ أهل السنة والجماعة - له: ألا تَرَى ما الناسُ فيه؟ ألا تقولُ قولاً يغير الله به ما فَعَلَ. .؟ كأنه يشير إلى ما فَعَلَ ولاة الأمرِ، أو ما هو مشهورٌ.

فجعل الإمامُ أحمدُ رحمه الله ينهى عن ذلك، وينفضُ يَدَيْهِ شديدا، ويقول:" إيَّاكُمْ والدماءَ، إياكمْ والدماءَ ".

لأنه يعلم أن شدة الافتراق تُسَبِّبُ في النهاية الافتراقَ في الأبدان، ثم وقوع ما يُخْشَى منه من سفْكِ الدماء، أو منازعة في الأمر.

ويتحتمُ على الأمة الإسلامية أن تَعِيَ تماماً ما بينَهُ الكتابُ وكذلك السنةُ أنّ أهل الكتاب تفرّقوا واختلفوا، وضرب بعضُهم بعضاً، لا لنقصِ العلم عندهم، بل من البغي والتأويل.

قال الله - جل وعلا -: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [الشورى: 14]

ولذلك قال العلماء في كتب العقائد: إن أعظم ما حصل به الافتراقُ والفتنُ والبغضاءُ في هذه الأمة من شيئين: البغي،

ص: 19

والتأويل.

فإذا حَصَلَ البغيُ: بأن زاد الناسُ على ما أذن به، أو حَصَلَ التأويل بغير مستند شرعي صحيح وقعتِ الفتنة. والعياذُ بالله - تعالى -.

*****

ص: 20