الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ عُثْمَانَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو المَلِيْحِ، عَنْ مَيْمُوْنٍ، قَالَ:
مَا نَال رَجُلٌ مِنْ جَسِيْمِ الخَيْرِ - نَبِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ - إِلَاّ بِالصَّبْرِ.
الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا كَثِيْرُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ الأَصَمِّ، قَالَ:
لَقِيْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها مُقْبِلَةً مِنْ مَكَّةَ، أَنَا وَابْنٌ لِطَلْحَةَ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِهَا، وَقَدْ كُنَّا وَقَعْنَا فِي حَائِطٍ مِنْ حِيْطَانِ المَدِيْنَةِ، فَأَصَبْنَا مِنْهُ، فَبَلَغَهَا ذَلِكَ، فَأَقْبَلَتْ عَلَى ابْنِ أُخْتِهَا تَلُوْمُهُ، ثُمَّ وَعَظَتْنِي، ثُمَّ قَالَتْ:
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ سَاقَكَ حَتَّى جَعَلَكَ فِي بَيْت نَبِيِّهِ، ذَهَبَتْ -وَاللهِ- مَيْمُوْنَةُ، وَرُمِيَ بِرَسَنِكَ عَلَى غَارِبِكَ، أَمَا إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ أَتْقَانَا للهِ عز وجل وَأَوْصَلِنَا لِلرَّحِمِ (1) .
جَرَى القَلَمُ بِكِتَابَةِ هَذَا هُنَا، وَيَزِيْدُ بنُ الأَصَمِّ: مِنْ فُضَلَاءِ التَّابِعِيْنَ بِالرَّقَّةِ.
وَقَدْ خَرَّجَ أَربَابُ الكُتُبِ لِمَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ سِوَى البُخَارِيِّ، فَمَا أَدْرِي لِمَ تَرَكَهُ؟
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ، وَغَيْرُهُمَا: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ شَبَابٌ: سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ رحمه الله.
لَهُ حَدِيْثٌ سَيَأْتِي.
29 - عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ أَسْلَمَ القُرَشِيُّ مَوْلَاهُم *
(ع)
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلَامِ، مُفْتِي الحَرَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ مَوْلَاهُم،
(1) سند هذا الخبر قوي ورجاله كلهم ثقات ويزيد بن الأصم: هو ابن أخت ميمونة أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ولا علاقة لهذا الخبر بالمترجم له، وإنما ذكره المؤلف رحمه الله استطرادا، وقد نبه على
ذلك بقوله: جرى القلم بكتابه هذا هنا.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 467، طبقات خليفة: 280، تاريخ البخاري 6 / 463، التاريخ الصغير 1 / 277، تاريخ الفسوي 1 / 701، الجرح والتعديل 6 / 330، طبقات الشيرازي: 69، وفيات الأعيان 3 / 261، تهذيب الكمال: 938، تذهيب التهذيب 3 / 41 / 1، تاريخ الإسلام =
المَكِّيُّ.
يُقَالَ: وَلَاؤُهُ لِبَنِي جُمَحٍ، كَانَ مِنْ مُوَلَّدِي الجَنَدِ (1) ، وَنَشَأَ بِمَكَّةَ.
وُلِدَ: فِي أَثْنَاءِ خِلَافَةِ عُثْمَانِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَأُمِّ هَانِئ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ، وَرَافِعِ بنِ خَدِيْجٍ، وَزَيْدِ بنِ أَرْقَمَ، وَزَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، وَصَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ، وَعِدَّةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَأَرْسَلَ عَنِ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعَتَّابِ بنِ أَسِيْدٍ، وَعُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، وَالفَضْلِ بنِ عَبَّاسٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَيُوْسُفَ بنِ مَاهَكَ، وَسَالِمِ بنِ شَوَّالٍ، وَصَفْوَانَ بنِ يَعْلَى بنِ أُمَيَّةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَعُرْوَةَ، وَابْنِ الحَنَفِيَّةِ، وَعِدَّةٍ.
حَتَّى إِنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى: أَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَبْدِ الكَرِيْمِ أَبِي أُمَيَّةَ البَصْرِيِّ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَالقُدَمَاءُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَعَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، وَمَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ، وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ، وَالأَعْمَشُ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَمَطَرٌ الوَرَّاقُ، وَمَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ، وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، وَخَلْقٌ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ، وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَيُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، وَأُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ المَكِّيُّ، وَالأَسْوَدُ بنُ شَيْبَانَ، وَأَيُّوْبُ بنُ مُوْسَى الفَقِيْهُ، وَأَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ اليَمَامِيُّ، وَبُدَيْلُ بنُ مَيْسَرَةَ، وَبُرْدُ بنُ سِنَانٍ،
= 4 / 278، ميزان الاعتدال 3 / 70، العبر 1 / 141، نكت الهميان: 199، البداية 9 / 306، العقد الثمين 6 / 84، طبقات القراء 1 / 513، تهذيب التهذيب 7 / 199، النجوم الزاهرة 1 / 273، طبقات الحفاظ: 309، خلاصة تذهيب الكمال: 266، شذرات الذهب 1 / 147.
(1)
الجند، بفتح الجيم والنون، بعدها دال مهملة: بلدة مشهورة باليمن، خرج منها جماعة من العلماء، بينها وبين صنعاء ثمانية وخمسون فرسخا.
وَجَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ، وَحَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ، وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَحُسَيْنٌ المُعَلِّمُ، وَخُصَيْفٌ الجَزَرِيُّ، وَرَبَاحُ بنُ أَبِي مَعْرُوْفٍ المَكِّيُّ، وَرَقَبَةُ بنُ مَصْقَلَةَ، وَالزُّبَيْرُ بنُ خُرَيْقٍ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَطَلْحَةُ بنُ عَمْرٍو المَكِّيُّ، وَعَبَّادُ بنُ مَنْصُوْرٍ النَّاجِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَجِيْحٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُؤَمَّلِ المَخْزُوْمِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ سُلَيْمٍ البَصْرِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ بُخْتٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَعُثْمَانُ بنُ الأَسْوَدِ، وَعِسْلُ بنُ سُفْيَانَ، وَعَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ، وَعُفَيْرُ بنُ مَعْدَانَ، وَعُقْبَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَصَمُّ، وَعِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، وَعَلِيُّ بنُ الحَكَمِ، وَعُمَارَةُ بنُ ثَوْبَانَ، وَعُمَارَةُ بنُ مَيْمُوْنٍ، وَعُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَعُمَرُ بنُ قَيْسٍ سَنْدَلٌ، وَفِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، وَقَيْسُ بنُ سَعْدٍ، وَكَثِيْرُ بنُ شِنْظِيْرٍ، وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَمُبَارَكُ بنُ حَسَّانٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الطَّائِفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ العَرْزَمِيُّ، وَمُسْلِمٌ البَطِيْنُ، وَمَعْقِلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الجَزَرِيُّ، وَمُغِيْرَةُ بنُ زِيَادٍ المَوْصِلِيُّ، وَمُوْسَى بنُ نَافِعٍ أَبُو شِهَابٍ الكُوْفِيُّ، وَهَمَّامُ بنُ يَحْيَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ لَهِيْعَةَ، وَيَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ العَلَاءِ، وَأَبُو المَلِيْحِ الرَّقِّيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: اسْمُ أَبِي رَبَاحٍ: أَسْلَمُ مَوْلَى حَبِيْبَةَ بِنْتِ مَيْسَرَةَ بنِ أَبِي خُثَيْمٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مَوْلَى لِبَنِي فِهْرٍ، أَوْ بَنِي جُمَحٍ، انْتَهَتْ فَتْوَى أَهْلِ مَكَّةَ إِلَيْهِ، وَإِلَى مُجَاهِدٍ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ إِلَى عَطَاءٍ.
سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ العِلْمِ يَقُوْلُ: كَانَ عَطَاءٌ أَسْوَدَ، أَعْوَرَ، أَفْطَسَ، أَشَلَّ، أَعْرَجَ، ثُمَّ عَمِيَ، وَكَانَ ثِقَةً، فَقِيْهاً، عَالِماً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُوْهُ نُوْبِيٌّ، وَكَانَ يَعْمَلُ المَكَاتِلَ، وَكَانَ عَطَاءٌ أَعْوَرَ، أَشَلَّ، أَفْطَسَ، أَعْرَجَ، أَسْوَدَ.
قَالَ: وَقُطِعَتْ يَدُهُ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلَاءِ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: إِنَّكَ يَوْمَئِذٍ لَخَنْشَلِيْلٌ (1) بِالسَّيْفِ.
قَالَ: إِنَّهُم دَخَلُوا عَلَيْنَا.
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: رَأَيْتُ يَدَ عَطَاءٍ شَلَاّءَ، ضُرِبَتْ أَيَّامَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَقَالَ أَبُو المَلِيْحِ الرَّقِّيُّ: رَأَيْتُ عَطَاءً أَسْوَدَ، يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: كَانَ عَطَاءٌ مُعَلِّمَ كُتَّابٍ.
وَعَنْ خَالِدِ بنِ أَبِي نَوْفٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ مائَتَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ أُمِّهِ:
أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ تَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ! تَجْتَمِعُوْنَ عَلَيَّ وَعِنْدَكُم عَطَاءٌ!
وَقَالَ قَبِيْصَةُ: عَنْ سُفْيَانَ بِهَذِهِ، وَلَكِنْ جَعَلَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَقَالَ بِشْرُ بنُ السَّرِيِّ: عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ أُمِّهِ:
أَنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامِهَا، فَقَالَ لَهَا:(سَيِّدُ المُسْلِمِيْنَ: عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ) .
وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ الثَّقَفِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ البَاقِرَ يَقُوْلُ لِلنَّاسِ - وَقَدِ اجْتَمَعُوا -: عَلَيْكُم بِعَطَاءٍ، هُوَ -وَاللهِ- خَيْرٌ لَكُم مِنِّي.
وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: خُذُوا مِنْ عَطَاءٍ مَا اسْتَطَعْتُم.
وَرَوَى: أَسْلَمُ المِنْقَرِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: مَا بَقِيَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِمَنَاسِكِ الحَجِّ مِنْ عَطَاءٍ.
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِالحَجِّ مِنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ.
أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ: عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ، فَجَعَلَ
(1) الخنشليل: هو المسن القوي والجيد الضرب بالسيف.
يَسْأَلُنِي، فَكَأَنَّ أَصْحَابَهُ أَنْكَرُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا: تَسْأَلُهُ؟!
قَالَ: مَا تُنْكِرُوْنَ؟ هُوَ أَعْلَمُ مِنِّي.
قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - وَكَانَ عَالِماً بِالحَجِّ -: قَدْ حَجَّ زِيَادَةً عَلَى سَبْعِيْنَ حَجَّةً.
قَالَ: وَكَانَ يَوْم مَاتَ ابْنَ نَحْوِ مائَةِ سَنَةٍ، رَأَيْتُهُ يَشْرَبُ المَاءَ فِي رَمَضَانَ، وَيَقُوْلُ:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَعَلَى الَّذِيْنَ يُطِيْقُوْنَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِيْنٍ، فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [البَقَرَةُ: 184] : إِنِّي أُطْعِمُ أَكْثَرَ مِنْ مِسْكِيْنٍ (1) .
ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:
عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: لَمْ يَزَالُوا مُتَنَاظِرِيْنَ حَتَّى خَرَجَ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْنَا، اسْتَبَانَ فَضْلُهُ عَلَيْنَا.
وَرَوَى: إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ بنِ كَيْسَانَ، قَالَ:
أَذْكُرُهُم فِي زَمَانِ بَنِي أُمَيَّةَ يَأْمُرُوْنَ فِي الحَجِّ مُنَادِياً يَصِيْحُ: لَا يُفْتِي النَّاسَ إِلَاّ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاءٌ، فَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَجِيْحٍ.
قَالَ أَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ: فَاقَ عَطَاءٌ أَهْلَ مَكَّةَ فِي الفَتْوَى.
(1) أخرجه الحافظ أبو بكر بن مردويه فيما ذكره ابن كثير 1 / 215 من حديث الحسين بن محمد بن
بهرام المخزومي، حدثنا وهب بن بقية، حدثنا خالد بن عبد الله، عن ابن أبي ليلى، قال: دخلت على عطاء في رمضان وهو يأكل، فقال: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) فنسخت الأولى إلا الكبير الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينا.
وأخرج البخاري في " صحيحه " 8 / 135 في تفسير سورة البقرة من طريق عمرو بن دينار، عن عطاء سمع ابن عباس يقول:(وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين) قال ابن عباس: ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فليطعما مكان كل يوم مسكينا.
قال الحافظ: " يطوقونه " بفتح الطاء وتشديد الواو مبنيا للمفعول مخفف الطاء من طوق بضم أوله بوزن قطع، وهذه قراءة ابن مسعود أيضا.
وقد وقع عند النسائي من طريق ابن أبي نجيح، عن عمرو بن دينار يطوقونه: يكلفونه، وهو تفسير حسن أي: يكلفون إطاقته.
ولابي داود (2318) والطبري 3 / 427 من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا والحبلى والمرضع إذا خافتا - قال أبو داود: يعني على أولادهما - أفطرتا وأطعمتا. وإسناده قوي.
وَرَوَى: هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:
قَالَ لِي سُلَيْمَانُ بنُ هِشَامٍ: هَلْ بِالبَلَدِ -يَعْنِي: مَكَّةَ- أَحَدٌ؟
قُلْتُ: نَعَمْ، أَقْدَمُ رَجُلٍ فِي جَزِيْرَةِ العَرَبِ عِلْماً.
فَقَالَ: مَنْ؟
قُلْتُ: عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ.
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: عَنْ قَتَادَةَ - فِيْمَا يَظُنُّ الرَّاوِي - قَالَ:
إِذَا اجْتَمَعَ لِي أَرْبَعَةٌ، لَمْ أَلْتَفِتْ إِلَى غَيْرِهِم، وَلَمْ أُبَالِ مَنْ خَالَفَهُم: الحَسَنُ، وَابْنُ المُسَيِّبِ، وَإِبْرَاهِيْمُ، وَعَطَاءٌ، هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الأَمْصَارِ.
ضَمْرَةُ: عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَطَاءٍ، قَالَ:
كَانَ عَطَاءٌ أَسْوَدَ، شَدِيْدَ السَّوَادِ، لَيْسَ فِي رَأْسِهِ شَعْرٌ إِلَاّ شَعْرَاتٌ، فَصِيْحٌ إِذَا تَكَلَّمَ، فَمَا قَالَ بِالحِجَازِ قُبِلَ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: كَانَ عَطَاءٌ يُطِيْلُ الصَّمْتَ، فَإِذَا تَكَلَّم، يُخَيَّلُ لَنَا أَنَّهُ يُؤَيِّدُ.
وَقَالَ أَسْلَمُ المِنْقَرِيُّ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ يَسْأَلُ، فَأُرْشِدَ إِلَى سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، فَجَعَلَ الأَعْرَابِيٌّ يَقُوْلُ: أَيْنَ أَبُو مُحَمَّدٍ؟
فَقَالَ سَعِيْدٌ: مَا لَنَا هَا هُنَا مَعَ عَطَاءٍ شَيْءٌ.
وَرَوَى: عَبْدُ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ فِيْمَنْ لَقِيْتُ أَفْضَلَ مِنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَلَا لَقِيْتُ أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ الجُعْفِيِّ، مَا أَتَيْتُهُ قَطُّ بِشَيْءٍ إِلَاّ جَاءنِي فِيْهِ بِحَدِيْثٍ، وَزَعَمَ أَنَّ عِنْدَهُ كَذَا وَكَذَا أَلْفَ حَدِيْثٍ مِنْ رَأْيِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْطِقْ بِهَا (1) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الدِّيْبَاجُ (2) : مَا رَأَيْتُ مُفْتِياً خَيْراً مِنْ عَطَاءٍ، إِنَّمَا
(1) في " الميزان " ما أتيته بشيء قط إلا جاء فيه بحديث وزعم أن عنده كذا وكذا ألف حديث لم يظهرها.
ولفظ ابن حبان في " المجروحين والضعفاء " 1 / 209: ما أتيته بشيء قط من رأي إلا جاءني فيه بحديث وزعم أنه عنده كذا وكذا ألف حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينطق بها.
(2)
لقب به لحسن وجهه، وهو محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان الأموي المدني =
كَانَ مَجْلِسُهُ ذِكْرَ اللهِ لَا يَفْتُرُ، وَهُمْ يَخُوْضُوْنَ، فَإِنْ تَكَلَّمَ أَوْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، أَحْسَنَ الجَوَابَ.
وَرَوَى: أَيُّوْبُ بنُ سُوَيْدٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ:
مَاتَ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ يَوْمَ مَاتَ وَهُوَ أَرْضَى أَهْلِ الأَرْضِ عِنْدَ النَّاسِ، وَمَا كَانَ يَشْهَدُ مَجْلِسَهُ إِلَاّ تِسْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: عَنْ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً يُرِيْدُ بِهَذَا العِلْمِ وَجْهَ اللهِ غَيْرَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ: عَطَاءٍ، وَطَاوُوْسٍ، وَمُجَاهِدٍ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كَانَ المَسْجِدُ فِرَاشَ عَطَاءٍ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَلَاةً.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ: مَا كَانَ مَعَاشُ عَطَاءٍ؟
قَالَ: صِلَةُ الإِخْوَانِ، وَنَيْلُ السُّلْطَانِ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: دَخَلَ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى السَّرِيْر، وَحَوْلَهُ الأَشْرَافُ، وَذَلِكَ بِمَكَّةَ، فِي وَقْتِ حَجِّهِ فِي خِلَافَتِهِ، فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ عَبْدُ المَلِكِ، قَامَ إِلَيْهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيْرِ، وَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، حَاجَتَكَ؟
قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! اتَّقِ اللهَ فِي حَرَمِ اللهِ، وَحَرَمِ رَسُوْلِهِ، فَتَعَاهَدْهُ بِالعَمَارَةِ، وَاتَّقِ اللهَ فِي أَوْلَادِ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ، فَإِنَّك بِهِم جَلَسْتَ هَذَا المَجْلِسَ، وَاتَّقِ اللهَ فِي أَهْلِ الثُّغُوْرِ، فَإِنَّهُم حِصْنُ المُسْلِمِيْنَ، وَتَفَقَّدْ أُمُوْرَ المُسْلِمِيْنَ، فَإِنَّكَ وَحْدَكَ المَسْؤُوْلُ عَنْهُم، وَاتَّقِ اللهَ فِيْمَنْ عَلَى بَابِكَ، فَلَا تَغْفُلْ عَنْهُم، وَلَا تُغْلِقْ دُوْنَهُم بَابَكَ.
فَقَالَ لَهُ: أَفْعَلُ.
ثُمَّ نَهَضَ، وَقَامَ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ، وَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! إِنَّمَا سَأَلْتَنَا حَوَائِجَ غَيْرِكَ، وَقَدْ قَضَيْنَاهَا، فَمَا حَاجَتُكَ؟
قَالَ: مَا لِي إِلَى مَخْلُوْقٍ حَاجَةٌ. ثُمَّ
= الصدوق، وهو أخو عبد الله بن الحسن بن الحسن لامه، قتله المنصور سنة خمس وأربعين ومئة
خَرَجَ، فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: هَذَا - وَأَبِيْكَ - الشَّرَفُ، هَذَا - وَأَبِيْكَ - السُّؤْدُدُ.
مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ حَيَّانَ أَخُو مُقَاتِلٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، فَسُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي: نِصْفُ العِلْمِ - وَيُقَالُ: نِصْفُ الجَهْلِ -.
الوَلِيْدُ المُوَقَّرِيُّ (1) : عَنِ الزُّهْرِيِّ:
قَالَ لِي عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ: مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ؟
قُلْتُ: مِنْ مَكَّةَ.
قَالَ: فَمَنْ خَلَّفْتَ يَسُوْدُهَا؟
قُلْتُ: عَطَاءٌ.
قَالَ: أَمِنَ العَرَبِ أَمْ مِنَ المَوَالِي؟
قُلْتُ: مِنَ المَوَالِي.
قَالَ: فِيْمَ سَادَهُم؟
قُلْتُ: بِالدِّيَانَةِ وَالرِّوَايَةِ.
قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الدِّيَانَةِ وَالرِّوَايَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُسَوَّدُوا، فَمَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ اليَمَنِ؟
قُلْتُ: طَاوُوْسٌ.
قَالَ: فَمِنَ العَرَبِ، أَوِ المَوَالِي؟
قُلْتُ: مِنَ المَوَالِي.
قَالَ: فَمَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ الشَّامِ؟
قُلْتُ: مَكْحُوْلٌ.
قَالَ: فَمِنَ العَرَبِ، أَمْ مِنَ المَوَالِي؟
قُلْتُ: مِنَ المَوَالِي، عَبْدٌ نُوْبِيٌّ أَعْتَقَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ هُذَيْلٍ.
قَالَ: فَمَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ الجَزِيْرَةِ؟
قُلْتُ: مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ، وَهُوَ مِنَ المَوَالِي.
قَالَ: فَمَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ خُرَاسَانَ؟
قُلْتُ: الضَّحَّاكُ بنُ مُزَاحِمٍ مِنَ المَوَالِي.
قَالَ: فَمَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ البَصْرَةِ؟
قُلْتُ: الحَسَنُ مِنَ المَوَالِي.
قَالَ: فَمَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ الكُوْفَةِ؟
قُلْتُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ.
قَالَ: فَمِنَ العَرَبِ، أَمْ مِنَ المَوَالِي؟
قُلْتُ: مِنَ العَرَبِ.
قَالَ: وَيْلَكَ! فَرَّجْتَ عَنِّي، وَاللهِ لَيَسُوْدَنَّ المَوَالِي عَلَى العَرَبِ فِي هَذَا البَلَدِ حَتَّى يَخْطُبَ لَهَا عَلَى المَنَابِرِ، وَالعَرَبُ تَحْتَهَا.
قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّمَا هُوَ دِيْنٌ، مَنْ حَفِظَهُ، سَادَ، وَمَنْ ضَيَّعَهُ، سَقَطَ.
الحِكَايَة مُنْكَرَةٌ، وَالوَلِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ: وَاهٍ، فَلَعَلَّهَا تَمَّتْ لِلزُّهْرِيِّ مَعَ أَحَدِ أَوْلَادِ عَبْدِ المَلِكِ، وَأَيْضاً فَفِيْهَا: مَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ مِصْرَ؟
قُلْتُ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي
(1) بضم الميم، وفتح الواو، وفتح القاف المشددة نسبة إلى موقر: حصن بالبلقاء، ضعفه أبو حاتم، وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه، وقال ابن خزيمة: لا أحتج به، وكذبه يحيى بن معين، وقال النسائي: متروك الحديث.
حَبِيْبٍ، وَهُوَ مِنَ المَوَالِي.
فَيَزِيْدُ: كَانَ ذَاكَ الوَقْتَ شَابّاً لَا يُعْرَفُ بَعْدُ، وَالضَّحَّاكُ، فَلَا يَدْرِي الزُّهْرِيُّ مَنْ هُوَ فِي العَالَمِ، وَكَذَا مَكْحُوْلٌ يَصْغُرُ عَنْ ذَاكَ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ رُفَيْعٍ: سُئِلَ عَطَاءٌ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي.
قِيْلَ: أَلَا تَقُوْلُ بِرَأْيِكَ؟
قَالَ: إِنِّي أَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ يُدَانَ فِي الأَرْضِ بِرَأْيِي.
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ سُوْقَةَ، فَقَالَ:
يَا ابْنَ أَخِي، أُحَدِّثُكُم بِحَدِيْثٍ، لَعَلَّهُ يَنْفَعُكُم، فَقَدْ نَفَعَنِي، قَالَ لَنَا عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ:
إِنَّ مَنْ قَبْلَكُم كَانُوا يَعُدُّوْنَ فُضُوْلَ الكَلَامِ مَا عَدَا كِتَابِ اللهِ، أَوْ أَمْرٍ بِمَعْرُوْفٍ، أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ أَنْ تَنْطِقَ فِي مَعِيْشَتِكَ الَّتِي لَا بُدَّ لَكَ مِنْهَا، أَتُنْكِرُوْنَ أَنَّ عَلَيْكُم حَافِظِيْنَ، كِرَاماً كَاتِبِيْنَ، عَنِ اليَمِيْنِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيْدٌ، مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيْبٌ عَتِيْدٌ؟ أَمَا يَسْتَحْي أَحَدُكُم لَوْ نُشِرَتْ صَحِيْفَتُهُ الَّتِي أَمْلَى صَدْرَ نَهَارِهِ، وَلَيْسَ فِيْهَا شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِهِ؟
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عَطَاءٍ:
إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحَدِّثُنِي بِالحَدِيْثِ، فَأُنْصِتُ لَهُ كَأَنِّي لَمْ أَسَمَعْهُ، وَقَدْ سَمِعْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُوْلَدَ (1) .
رَوَى: عَلِيٌّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، قَالَ:
مُرْسَلَاتُ مُجَاهِدٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُرْسَلَاتِ عَطَاءٍ بِكَثِيْرٍ، كَانَ عَطَاءٌ يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ.
الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ:
لَيْسَ فِي المُرْسَلَاتِ شَيْءٌ أَضْعَفُ مِنْ مُرْسَلَاتِ الحَسَنِ، وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، كَانَا يَأْخُذَانِ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَمُرْسَلَاتُ ابْنِ المُسَيِّبِ أَصَحُّ المُرْسَلَاتِ، وَمُرْسَلَاتُ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ لَا بَأْسَ بِهَا.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، قَالَ:
كَانَ عَطَاءٌ
(1) ومثله قوله: وتراه يصغي للحديث بسمعه * وبقلبه ولعله أدرى به
اخْتَلَطَ (1) بِأَخَرَةٍ، تَرَكَهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، وَقَيْسُ بنُ سَعْدٍ.
قُلْتُ: لَمْ يَعْنِ عَلِيٌّ - بِقَوْلِهِ: تَرَكَهُ هَاذَانِ - التَّرْكَ العُرْفِيَّ، وَلَكِنَّهُ كَبُرَ وَضَعُفَتْ حَوَاسُّهُ، وَكَانَا قَدْ تَكَفَّيَا مِنْهُ، وَتَفَقَّهَا، وَأَكْثَرَا عَنْهُ، فَبَطَّلَا، فَهَذَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: تَرَكَاهُ (2) .
وَلَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ العَرَبِيَّةَ.
رَوَى: العَلَاءُ بنُ عَمْرٍو الحَنَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ القُدُّوْسِ، عَنْ حَجَّاجٍ:
قَالَ عَطَاءٌ: وَدِدْتُ أَنِّي أُحْسِنُ العَرَبِيَّةَ.
قَالَ: وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَعَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: أَعْقِلُ مَقْتَلَ عُثْمَانَ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ قَيْسٍ: سَأَلْتُ عَطَاءً: مَتَى وُلِدْتَ؟
قَالَ: لِعَامَيْنِ خَلَوْا مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ.
وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: لَزِمْتُ عَطَاءً ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ بَعْدَ مَا كَبُرَ وَضَعُفَ يَقُوْمُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَيَقْرَأُ مائَتَيْ آيَةٍ مِنَ البَقَرَةِ وَهُوَ قَائِمٌ، لَا يَزُوْلُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَتَحَرَّكُ.
قَالَ عُمَرُ بنُ ذَرٍّ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَمَا رَأَيْتُ عَلَيْهِ قَمِيْصاً قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ عَلَيْهِ ثَوْباً يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُوْلُ:
إِذَا تَنَاهَقَتِ الحَمِيْرُ بِاللَّيْلِ، فَقُوْلُوا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ (3) .
وَعَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: لَوِ ائْتُمِنْتُ عَلَى بَيْتِ مَالٍ، لَكُنْتُ أَمِيْناً، وَلَا آمَنُ نَفْسِي
(1) سقطت من الأصل، واستدركت من تاريخ الإسلام للمؤلف.
(2)
لفظ المؤلف في " الميزان ": قلت: لم يعن الترك الاصطلاحي، بل عنى أنهما بطلا الكتابة عنه، وإلا فعطاء ثبت رضي.
(3)
الثابت عنه صلى الله عليه وسلم التعوذ بالله دون البسملة إذا سمع نهيق الحمير في الليل أو النهار، فقد أخرج البخاري في " صحيحه " 6 / 251، ومسلم (2729) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" وإذا سمعتم نهيق الحمير، فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا ".