الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: غزوة بدر الكبرى ، وغزوة أحد:
المبحث الأول: مصعب رضي الله عنه وغزوة بدر:
لما جاءت غزوة بدر الكبرى كان الصحابة رضي الله عنهم يتعاقبون الإبل، الاثنين، والثلاثة، والأربعة ، وكان مصعب بن عمير، وسويبِط بن حرملة، ومسعود بن ربيع رضي الله عنهم ، على جمل لمصعب رضي الله عنه (1) ، وعندما وصل المسلمون إلى أرض المعركة صفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه قبل أن تنزل قريش، وطلعت قريش ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصفهم ، ودفع رايته صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير رضي الله عنه، فتقدم بها إلى موضعها الذي يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن يضعها فيه (2)، وقد كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ الأعظم مع ثلاثة: فلواء المهاجرين مع مصعب بن عمير رضي الله عنه، ولواء الخزرج مع الحباب بن المنذر رضي الله عنه، ولواء الأوس مع سعد بن معاذ رضي الله عنه (3).
ثم لما انتهت المعركة ، وقد قتل المسلمون من الكفار سبعين ، وأسروا سبعين (4) ، كان من بين الأسرى النضر بن الحارث ، وقد أسره المقداد رضي الله عنه يومئذٍ، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدرٍ- وكان بالأثيل (5) - عرض عليه الأسرى فنظر
(1) الواقدي: المغازي ، 1/ 24.
(2)
المصدر السابق ، 1/ 56.
(3)
المصدر السابق ، 1/ 58.
(4)
المصدر السابق ، 1/ 144.
(5)
موضع بين بدر والصفراء. السمهودي: وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى ، 4/ 8.
إلى النضر بن الحارث فأبَدّهُ البصر، فقال لرجلٍ إلى جنبه: محمد والله قاتلي، لقد نظر إلي بعينين فيهما الموت! فقال لرجل إلى جنبه: والله ما هذا منك إلا رعبٌ. فقال النضر لمصعب بن عمير رضي الله عنه: يا مصعب، أنت أقرب مَنْ هاهنا بي رحماً ، كلّم صاحبك أن يجعلني كرجل من أصحابي، هو والله قاتلي إن لم تفعل. قال مصعب رضي الله عنه: إنك كنت تقول في كتاب الله كذا وكذا، وتقول في نبيه كذا وكذا. قال: يا مصعب فليجعلني كأحد أصحابي، إن قُتِلُوا قُتِلت، وإن مَنّ عليهم مَنّ عليّ. قال مصعب رضي الله عنه: إنك كنت تعذب أصحابه. قال: أَمَا والله، لو أسَرَتْك قريش ما قُتِلْتَ أبدًا وأنا حَيّ. قال مصعب رضي الله عنه: والله إني لأراك صادقاً، ولكن لست مثلك قطع الإسلام العهود (1)!.
وكان من بين الأسرى كذلك " أبو عزيز بن عمير، أسره أبو اليسر رضي الله عنه ثم اُقْتُرِعَ عليه فصار لمُحرِزِ بن نضلة رضي الله عنه، وأبو عزيز أخوه مصعب بن عمير رضي الله عنه لأمه وأبيه. فقال مصعب لمُحْرِزٍ رضي الله عنهما: اُشدُدْ يديك به، فإن له أُمّاً بمكة كثيرة المال. فقال له أبو عزيز: هذه وصاتُك بي يا أخي؟ فقال مصعب رضي الله عنه: إنه أخي دونك! فبَعَثَتْ أُمّهُ فيه بأربعةِ آلافٍ، وذلك بعد أن سألت أغلى ما تُفَادِي به قريش، فقيل لها أربعةُ آلافٍ"(2).
(1) الواقدي: المغازي ، 1/ 106.
(2)
المصدر السابق ، 1/ 140.