الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: مصعب رضي الله عنه وغزوة أحد:
بعدما انتهت غزوة بدر وانتصر فيها المسلمون انتصارا عظيما ، وقُتل من صناديد الكفر من قُتل بدأت المجابهة الحقيقية مع كفار قريش ، فجاءت غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة (1) ، فخرجت قريش بجيوشها ونسائها ، وكان منهن خناس بنت مالك أم مصعب رضي الله عنه ومعها ابنها أبو عزيز بن عمير (2) ، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم بعد ما أخذ برأيهم في الخروج إلى كفار قريش (3) ، ومعهم بعض النسوة كان منهن حمنة بنت جحش رضي الله عنها زوجة مصعب رضي الله عنه فقد كانت تسقي العطشى وتداوي الجرحى (4).
وعندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أرض المعركة دفع اللواء إلى مصعب بن عمير رضي الله عنه (5)
، كما كان معه يوم بدرٍ ، " ولم يختلف أهل السير أن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، ويوم أحد كانت بيد مصعب بن عمير رضي الله عنه "(6) ، وذلك عندما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي على رجليه يسوي تلك الصفوف، ويُبَوّئُ أصحابه للقتال ، يقول: تقدم يا فلان! وتأخر يا فلان! حتى إنه ليرى منكب الرجل خارجاً فيُؤخّره،
(1) ابن اسحاق: سيرة ابن إسحاق ، ص321.
ابن هشام: السيرة النبوية ، 2/ 60.
(2)
المصدر السابق ، 2/ 62.
الواقدي: المغازي ، 1/ 203.
محمد بن محمد اليعمري: عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير ، 2/ 7.
(3)
ابن اسحاق: سيرة ابن إسحاق ، ص 324.
ابن هشام: السيرة النبوية ، 2/ 63.
…
الواقدي: المغازي ، 1/ 214.
(4)
المصدر السابق ، 1/ 249 - 250.
…
ابن سعد: الطبقات الكبرى ،8/ 191.
(5)
ابن اسحاق: سيرة ابن إسحاق ، ص329.
ابن هشام: السيرة النبوية ، 2/ 66.
الواقدي: المغازي ، 1/ 221.
(6)
ابن عبد البر: الإستيعاب في معرفة الأصحاب ،4/ 1475.
فهو يقوّمهم كأنما يقوم بهم القِدَاحَ، حتى إذا استوت الصفوف سأل: من يحمل لواء المشركين؟ قيل: بنو عبد الدار. قال: نحن أحق بالوفاء منهم ، أين مصعب بن عمير؟ قال: ها أنا ذا! قال: خذ اللواء ، فأخذه مصعب بن عمير رضي الله عنه، فتقدم به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم (1). ثم قاتل وأبلى بلاءً حسناً رضي الله عنه لإعلاء كلمة الله والدفاع عن دينه وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ، فعن سعيد بن المسيب، عن أبيه، قال: أقبل أُبَيُّ بن خلف يوم أحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريده، فاعترض رجال من المؤمنين، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلوا سبيله، فاستقبله مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة أُبَيٍّ من فُرجةٍ بين سابغة الدرع (2) والبيضة (3)،
فطعنه بحربته فسقط أُبيّ عن فرسه، ولم يخرج من طعنته دم، فكسر ضلعا من أضلاعه، فأتاه أصحابه ، وهو يخور خوار الثور، فقالوا له: ما أعجزك؟ إنما هو خدش! فذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل أنا أقتل أُبَيًّا» ثم قال: والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعين. فمات أُبَيُّ إلى النار، فسحقا لأصحاب السعير قبل أن يقدم مكة فأنزل الله:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (4)(5).
(1) الواقدي: المغازي ، 1/ 221.
(2)
ودرع سابغة أي: تامة وافرة طويلة واسعة. محمد الحسيني: تاج العروس من جواهر القاموس ، 22/ 499.
(3)
والبيضة من السلاح، سميت بذلك لأنها على شكل بيضة النعام. ابن منظور: لسان العرب، 7/ 125 ..
(4)
سورة الأنفال: آية (17).
(5)
الحاكم: المستدرك على الصحيحين ،كتاب التفسير ، باب تفسير سورة الأنفال ، 2/ 357 ، رقم 3263 ، هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي.