الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه مناقشات لا يحتملها هذا الكتاب، فالأولى إن لم يكن هو المتعين رعاية لما قدمه عن ابن دقيق العيد، نعم قال الغزالي في أدب القضاء وتبعه شيخنا في مختصره: قال ابن القاص: قال الشافعي رضي الله عنه: إذا ادُّعي على رجل أنه ارتد وهو مسلم لم أكشف عن الحال، وقلت له: قل: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، وأنك بريء من كل دين يخالف دين الإسلام انتهى. فقول بعض القضاة لمن ادعي عليه بذلك أو جاء بنفسه يطلب الحكم بإسلامه بلفظ ما قلت: غلط انتهى كلامهما، وهو يوافق بعض ما ذكره السبكي إلا أن يقال: الحكم بالإسلام غير الحكم بعصمة الدم الذي الكلام فيه. وقالا أيضاً: شهدوا بكفره وفصلوه فقال: أنا مسلم لم يكف حتى يتلفظ بالشهادتين ويتبرأ من كل دين يخالف دين الإسلام، ولا يشترط أن يقر بالكفر ثم يسلم.
10
- وسئل السبكي أيضا عن حكم الساحر وما يجب عليه وما ورد فيه من الأحاديث. فأجاب: من العلماء كمالك وأحمد من يقول بقتله مطلقاً، وإن تاب كالزنديق.
وعند الشافعي إنما يكفر إن تكلم بكفر أو اعتقد أن كوكباً يفعل بنفسه، أو أنه يقدر على قلب العين، وتُقبل توبته، ولا يثبت اعتقاده ذلك إلا بإقراره ككونه قتل بسحره، ويقتص منه بشروطه وما عدا ذلك يعزر، ودليلنا الخبر الصحيح:(لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: كُفْرٌ بَعْدَ إيمان) أي: كما في الحالة الأولى (وزِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ، وقَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ) أي: كما في الحالة
الثانية، والحالة الثالثة لا قتل فيها بنص هذا الحديث؛ لأنها ليست إحدى الثلاث، ولم يصح حديث يقتضي قتله، وخبر:(حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ) ضعفه الترمذي، وجعله موقوفاً فهو قول صحابي، ولم يقتل صلى الله عليه وسلم لبيداً اليهودي الذي سحره.
والآثار عن الصحابة رضي الله تعالى عنه أجمعين مختلفة، فعن عمر رضي الله تعالى عنه:(اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ).
وعن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قتلت جارية سحرتها.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها باعت جارية سحرتها وجعلت ثمنها في الرقاب، وحمل الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه فعل عمر وبنته على سحر فيه كفر، وفعل عائشة على ما لا كفر فيه، واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم:(أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يقولوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه مُحَمَّد رَسُولُ اللَّهِ) الحديث، وإذا اختلف الصحابة اتبع أشبههم قولاً بالكتاب والسنة، وكف القتل عمن لم يكفر ولا زنى ولا قتل أشبه بهما.
وقد سئل الزهري شيخ الإمام مالك رضي الله تعالى عنهما أعَلى من سحر من أهل العهد قتل؟ قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُحِر، فلم يقتل من سحره، وكان من أهل الكتاب.