الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا.
أما بعد: فإن الله عز وجل ابتعث محمدًا رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة، وأنزل عليه الكتاب تبيانًا لكل شيء، وجعله موضع الإبانة عنه، فقال تعالى:{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل: 44]، وقال تعالى:{وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه} [النحل: 64]، فقام بذلك صلوات الله وسلامه عليه خير قيام، فما قبضه الله تعالى إليه حتى جعل أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ولم يزل الحديث النبوي صافيًا نقيًا لا يعتريه الكذب، ولا يتناوله التحريف والتلفيق، حتى وقع ما وقع من الفتن والبدع والجهل، فألصقت بالسنة أحاديث ليست منها، ولكن -ولله الحمد والمنة- قد تكفل الله عز وجل بحفظ دينه وشريعته بقوله تعالى:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9] فقيض الله سبحانه وتعالى الصحابة والتابعين ومن بعدهم من السلف الصالح بحفظ السنة ; تارة بالتثبت في
الرواية كما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره من الصحابة، وتارة بالسؤال عن الإسناد، وتارة بذكر أحوال الرواة وبيان من يؤخذ عنه الدين ومن لا يؤخذ عنه، وتارة بوضع ضوابط عامة يعرف بها الحديث الموضوع وغيره.
روى ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل (1/ 3) عن أبيه قال أخبرني عبدة بن سليمان قال: قيل لابن المبارك هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: يعيش لها الجهابذة.
وروى مسلم في مقدمة صحيحه (1/ 84 نووي) عن ابن سيرين قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سمُّوا لنا رجالكم فيُنظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم.
وروى (1/ 84) من طريق أيوب وهشام هو ابن حسان عن محمد بن سيرين قال: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، وروى (1/ 87) عن عبد الله بن المبارك قوله: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء. وقوله (1/ 88): بيننا وبين القوم القوائم - يعني الإسناد.
وقال علي بن شقيق سمعت عبد الله بن المبارك يقول على رءوس الناس: دعوا حديث عمرو بن ثابت فإنه كان يسب السلف.
وقال مسلم أيضًا في مقدمة صحيحه (1/ 11) حدثني عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي قال كتبت إلى شعبة أسأله عن أبي شيبة قاضي واسط فكتب إلىّ لا تكتب عنه شيئًا ومَزِّقْ كتابي. ومن هؤلاء
الذين قيضهم الله لحفظ سنة صلى الله عليه وسلم في هذا العصر المحدِّث العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله فإني لا أعلم أحدًا خدم السنة في هذا العصر مثل ما خدمها هذا الشيخ الجليل؛ فقد ألف الكتب في تمييز صحيح السنة من سقيمها، وحقق مؤلفات لغيره، فأقبل الناس على اقتنائها وقراءتها، فانتفعوا بها. فجزاه الله عن الإسلام خير الجزاء وجعل ذلك في ميزان حسناته.
وإنني أحد هؤلاء الذين انتفعوا بكتبه، وكان الفضل الأول لشيخنا العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله، فقد كان له معرفة بالرجال، وعناية بالأسانيد، وحسبك أن تعلم أن الكتب الستة ومسند الإمام أحمد وسنن الدارمي وصحيح ابن حبان، وغيرها من الكتب التي تعتني بذكر الأسانيد كتفسير ابن كثير تُقرأ على شيخنا حفظه الله في أثناء الدروس ; فأصبحت أحب سماع الأسانيد، ولا أمل من تكرارها - ولله الحمد؛ مما ساعدني على فهم الكتب التي تعتني بالأسانيد، والكلام عليها ومنها كتب الشيخ ناصر حفظه الله.
وبما أن الشيخ أكثر من الكلام على الأحاديث تصحيحًا وتضعيفًا كان من الطبيعي أن يقع منه الخطأ، قال عبد الله بن المبارك: من ذا سلم من الوهم. وقال ابن معين: لست أعجب ممن يحدث فيخطئ إنما أعجب ممن يحدث فيصيب (لسان الميزان 1/ 17) وأختم هذه المقدمة بكلمة قالها الحافظ ابن رجب في كتابة القواعد في مقدمته- قال رحمه الله: "ويأبى الله العصمة لكتاب
غير كتابه والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه".
ولقد كان يمر بي أثناء قراءتي لكتب الشيخ حفظه الله بعض الأحاديث التي يصححها وهي ضعيفة أو يكون الحديث صحيحًا ولكن فيه بعض التعقبات، ولعل الشيخ حفظه الله عندما يقرأ البحث يتعقبه كله أو أكثره وسميته "الإعلام في إيضاح ما خفي على الإمام"
وضمنتها نقولات لسماحة المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز -حفظه الله-.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يغفر لي ولوالدي ولمشايخي ولجميع المسلمين إنه سميع قريب.
وهذا أوان الشروع في المقصود والله المستعان.
كتبه
أبو عبد الله فهد بن عبد الله السنيد
الرياض في: 16/ 9/1414هـ