الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22 -
صحح الشيخ حفظه الله في الإرواء (629) حديث عبد الله بن السائب: (شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قال:
«إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب»
رواه أبو داود.
وقد حققت هذا الحديث وقرئ على شيخنا حفظه الله فإليك هذا البحث وحكم شيخنا عليه: -
قال أبو داود (4/ 16 - عون): حدثنا محمد بن الصباح البزار نا الفضل بن موسى السِّيناني نا ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن السائب قال: "شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال: «إنا نخطب فمن أحب يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب» ، ورواه النسائي في الكبرى (1/ 548) والصغرى (3/ 185) وابن ماجه (1290) وابن الجارود في المنتقى (264) والدارقطني (2/ 50) والحاكم (1/ 295) والبيهقي (3/ 301) من طرق عن الفضل بن موسى به.
قال أبو داود: وهذا مرسل عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى البيهقي عقب إيراده الحديث بسنده عن يحيى بن معين قوله: عبد الله بن السائب الذي يروي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم العيد هذا خطأ إنما هو عطاء فقط، وإنما يغلط فيه الفضل بن موسى السيناني يقول: عن عبد الله بن السائب قال البيهقي: أخبرنا بصحة ما قاله يحيى ثم ساق بسنده عن قبيصة عن سفيان عن ابن
جريج عن عطاء قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس العيد ثم قال: «من شاء أن يذهب فليذهب ومن شاء أن يقعد فليقعد» ، ونقل الحافظ المزيْ في تحفة الأشراف (4/ 347) عن النسائي قوله: هذا خطأ والصواب مرسل. ولم أجد قول النسائي هذا في سننه الكبرى ولا الصغرى، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه: وأقره الذهبي وتعقب ابنُ التركماني البيهقي فقال: الفضل بن موسى ثقة جليل روى له الجماعة وقال أبو نعيم: هو أثبت من ابن المبارك. وقد زاد ذكر ابن السائب فوجب أن تقبل زيادته، ولهذا أخرجه هكذا مسندًا الأئمة في كتبهم أبو داود والنسائي وابن ماجه والرواية المرسلة التي ذكرها البيهقي في سندها قبيصة عن سفيان، وقبيصة وإن كان ثقة إلا إن ابن معين وابن حنبل وغيرهما ضعفوا روايته عن سفيان، وعلى تقدير صحة هذه الرواية لا تعلل بها رواية الفضل لأنه سداد (كذا في الأصل ولعل الصواب "زاد في" كما أوردها الشيخ في الإرواء) الإسناد وهو ثقة. اهـ.
كلام ابن التركماني بحروفه.
قلت: وعلى تقدير صحته موصولاً فإن في سنده ابن جريج وهو مدلس وقد عنعنه عند جميع من خرج الحديث، لكن روى أبو بكر ابن أبي خيشمة عن إبراهيم بن عرعرة عن يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: إذا قلت: قال عطاء فأنا سمعته منه وإن لم أقل سمعت قال الشيخ ناصر حفظه الله: لكن هل ذلك خاص يقوله: قال
عطاء أم لا فرق بينهم وبين ما لو قال عن عطاء كما في الحديث وغيره؟ الذي يظهر لي الثاني وعلى هذا فكل روايات ابن جريج عن عطاء محمولة على السماع. إلا ما تبين تدليسه فيه.
وخالفه شيخنا حفظه الله فقال: الذي يظهر لي التفريق بين قوله قال عطاء، وقوله عن عطاء، والله أعلم.
هذا ما قرئ على شيخنا حفظه الله وذهب إلى تضعيف الحديث سندًا ومتنًا.
أما السند: فلما تقدم من إعلال ابن معين وغيره الحديث بالإرسال.
وأما المتن: فقال حفظه الله كيف يخطب النبي صلى الله عليه وسلم بالصحابة رضي الله عنهم ثم يخيرهم في سماعها.
ثم رأيت الحديث في كتاب العلل لابن أبي حاتم (513) ولفظه:- وسئل أبو زرعة عن حديث رواه الفضل بن موسى السيناني عن ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن السائب قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال: «إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب فليرجع» ، قال أبو زرعة: الصحيح ما حدثنا به إبراهيم بن موسى عن هشام بن يوسف عن ابن جريج عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل.
قلت: فهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات معروفون. إبراهيم
بن موسى هو أبو إسحاق الفراء المعروف بالصغير ثقة حافظ، قال أبو زرعة: هو أتقن من أبي بكر بن أبي شيبة وأصح حديثًا منه لا يحدث إلا من كتابه، وهو أتقن وأحفظ من صفوان بن صالح، وكان أحمد ينكر على من يقول له الصغير ويقول: هو كبير في العلم والجلالة. وهاشم بن يوسف هو الصنعاني أبو عبد الرحمن الأبناوي قاضي صنعاء ثقة متقن، قال ابن معين: لم يكن به بأس كان هو أضبط من ابن جريج عن عبد الرزاق. وعنه قال: هشام بن يوسف أثبت من عبد الرزاق في حديث ابن جريج، وكان أقرأ لكتب ابن جريج من عبد الرزاق. وعليه فالصحيح أن الحديث مرسل كما قاله الأئمة ابن معين وأبو زرعة والنسائي، والله أعلم.
تنبيه: قول ابن التركماني فيما تقدم نقله عنه "ولهذا أخرجه هكذا مسندًا الأئمة في كتبهم أبو داود والنسائي وابن ماجه" فيه نظر وذلك أنه يوهم أنهم أخرجوه وسكتوا عليه وليس الأمر كذلك فقد قال أبو داود بعد إخراجه للحديث هذا مرسل عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما النسائي فنقل عنه الحافظ المزي في تحفة الأشراف أنه قال: هذا خطأ والصواب مرسل. وأما ابن ماجه رحمه الله فليس من عادته أن يتكلم على الأحاديث التي يوردها في متنه تصحيحًا ولا تضعيفًا.
…
23 -
وذكر الشيخ حفظه الله في الصحيحة (1369) حديث: «إذا
صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فإن الله أحق من تزين له»، وقال: أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" والطبراني في المعجم الأوسط والبيهقي في السنن الكبرى من طريقين عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. اهـ. كلام الشيخ حفظه الله.
قلت: أخرجه الطحاوي (1/ 377) والطبراني في الأوسط (695 - مجمع البحرين في زوائد المعجمين) كلاهما من طريق زهير ابن عَبَّاد ثنا حفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر به مرفوعًا، زاد الطحاوي "فإن لم يكن له ثوبان فليتزر إذا صلى، ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود"، وهذا سند صحيح إلا زهير بن عباد وقد اختلف فيه، فوثقه أبو حاتم كما في الجرح والتعديل لابنه (3/ 591) وقال الدارقطني: مجهول. وقال ابن حبان في كتابه الثقات (8/ 256): يخطئ ويخالف. وضعفه ابن عبد البر، وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: أظن قول الدارقطني فيه إنما عنى به شيخه (يعني أبا بكر بن شعيب) أما الشيخ ناصر حفظه الله فقد جزم بضعفه مقتصرًا على نقل قول ابن حبان وابن عبد البر فيه (انظر السلسلة الضعيفة (4/ 32، 156) وأما حفص بن ميسرة فثقة وثقه الأئمة أحمد، وابن معين، وأبو زرعة وغيرهم وأشار أبو حاتم إلى أن في حديثه بعض الوهم فقال: يكتب
حديثه ومحله الصدق وفي حديثه بعض الوهم وقال الأزدي: روى عن العلاء مناكير يتكلمون فيه. وتعقبه الذهبي في الميزان فقال: بل احتج به أصحاب الصحاح فلا يلتفت إلى قول الأزدي. قلت: وكذا لا يلتفت إلى قول الساجي فيه (في حديثه ضعف). وباقي رجال السند ثقات. ثم قال الشيخ ناصر حفظه الله: والحديث قال الهيثمي في المجمع (2/ 51): "رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن".
قلت: (القائل الشيخ ناصر): وذلك لأن في إسناده زهير بن عباد وفيه خلاف لكن طريق البيهقي سالم منه فصح الحديث والحمد لله. اهـ.
قلت: رواه البيهقي (2/ 235) من طريق محمد بن إسحاق المسيبي ثنا أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع عن عبد الله ولا يرى نافع إلا أنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فإن الله أحق أن يزين له فإن لم يكن له ثوبان فليأتزر إذا صلى ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود» ، وهذا سند صحيح لكن خالف موسى بن عقبة من هو أوثق منه في نافع مالكًا وأيوب وابن جريج فقد روى هؤلاء الثلاثة قوله:«فإن الله أحق أن يزين له» ، من قول ابن عمر موقوفًا عليه، قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 378): حدثنا محمد بن خزيمة ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ثنا عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه
كسا نافعًا ثوبين فقام يصلي في ثوب واحد فعاب ذلك عليه وقال: احذر ذلك فإن الله أحق أن يتجمل له. حدثنا أبو بكرة ثنا روح بن عبادة ثنا ابن جريج أخبرني نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كساه وهو غلام فدخل المسجد فوجده متوشحًا فقال: أليس لك ثوبان؟ قال: بلى قال: أرأيت لو استعنت بك وراء الدار أكنت لابسهما؟ قال: نعم، قال: فالله أحق أن تزين له أم الناس؟ قال نافع: بلِ الله. فأخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن عمر رضي الله عنه قال نافع: قد استيقنت أنه عن أحدهما وما أراه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يشتمل أحدكم في الصلاة اشتمال اليهود، من كان له ثوبان فليتزر وليرتد ومن لم يكن له ثوبان فليتزر ثم ليصل» ، حدثنا ابن أبي داود ثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع فذكر بإسناده مثله سواء.
قلت: رواه البيهقي (2/ 236) من طريق سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع قال: تخلفت يومًا في علف الركاب فدخل عليَّ ابن عمر وأنا أصلي في ثوب واحد، فقال لي: ألم تكس ثوبين؟ قلت: بلى قال: أرأيت لو بعثتك إلى بعض أهل المدينة أكنت تذهب في ثوب واحد؟ قلت: لا. قال: فالله أحق أن يتجمل له أم الناس؟ ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال عمر رضي الله عنه: "من كان له ثوبان فليصل فيهما ومن لم يكن له إلا ثوب واحد فليتزر به ولا يشتمل كاشتمال اليهود".