الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ
610 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: ثنا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ قَالَ: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْفَضْلُ بْنُ بَسَّامٍ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: أَنَا تَوَلَّيْتُ دَفْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ لَمَّا مَاتَ بِخَرْتَنْكَ ، فَأَرَدْتُ حَمْلَهُ إِلَى سَمَرْقَنْدَ أَنْ أَدْفِنَهُ بِهَا ، فَلَمْ يَتْرُكْنِي صَاحِبٌ لَنَا مِنْ أَهْلِ سَكَجْكَثَ فَدَفَنَّاهُ بِهَا ، فَلَمَّا أَنْ فَرَغْنَا وَرَجَعْتُ إِلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ قَالَ لِي صَاحِبُ الْقَصْرِ: سَأَلْتُهُ أَمْسِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَقُولُ لَيْسَ فِي الْمُصْحَفِ قُرْآنٌ وَلَا فِي صُدُورِ النَّاسِ. فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَنْ تَشْهَدَ عَلَيَّ بِمَا لَمْ تَسْمَعْهُ مِنِّي ، إِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ:{وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: 2]
⦗ص: 396⦘
أَقُولُ: فِي الْمَصَاحِفِ قُرْآنٌ ، وَفِي صُدُورِ الرِّجَالِ قُرْآنٌ ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ هَذَا يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا سَبِيلُهُ سَبِيلُ الْكُفْرِ
611 -
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو أَحْمَدَ بْنِ نَصْرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ النَّيْسَابُورِيَّ الْمَعْرُوفَ بِالْخَفَّافِ بِبُخَارَى يَقُولُ: كُنَّا يَوْمًا عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ الْقُرَشِيِّ وَمَعَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ ، فَجَرَى ذِكْرُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ زَعَمَ أَنِّي قُلْتُ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ ، فَهُوَ كَذَّابٌ ، فَإِنَّى لَمْ أَقُلْهُ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَدْ خَاضَ النَّاسُ فِي هَذَا وَأَكْثَرُوا فِيهِ. فَقَالَ: لَيْسَ إِلَّا مَا أَقُولُ وَأَحْكِي لَكَ عَنْهُ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو الْخَفَّافُ: فَأَتَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ فَنَاظَرْتُهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ حَتَّى طَابَتْ نَفْسُهُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَاهُنَا رَجُلٌ يَحْكِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ. فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَمْرٍو احْفَظْ مَا أَقُولُ: مَنْ زَعَمَ مِنْ أَهْلِ نَيْسَابُورَ وَقُومَسَ وَالرَّيِّ وَهَمَذَانَ وَحُلْوَانَ وَبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ وَالْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ أَنِّي قُلْتُ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ ، فَهُوَ كَذَّابٌ ، فَإِنَّى لَمْ أَقُلْ هَذِهِ
⦗ص: 397⦘
الْمَقَالَةَ ، إِلَّا أَنِّي قُلْتُ: أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ
612 -
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: فَأَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِالْقَوْلِ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ كَلَامُ اللَّهِ عز وجل وَتَنْزِيلُهُ؛ إِذْ كَانَ مِنْ مَعَانِي تَوْحِيدِهِ ، وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، وَكَيْفَ كُتِبَ ، وَكَيْفَ تُلِيَ ، وَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ قُرِئَ ، فِي السَّمَاءِ وُجِدَ ، أَوْ فِي الْأَرْضِ حُفِظَ ، فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كَانَ مَكْتُوبًا ، أَوْ فِي أَلْوَاحِ صِبْيَانِ الْكَتَاتِيبِ مَرْسُومًا ، فِي حَجَرٍ نُقِشَ ، أَوْ فِي رَقٍّ خُطَّ ، فِي الْقَلْبِ حُفِظَ ، أَوْ بِاللِّسَانِ لُفِظَ ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ أَوِ ادَّعَى أَنَّ قُرْآنًا فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي السَّمَاءِ غَيْرَ الَّذِي نَتْلُوهُ بِأَلْسِنَتِنَا وَلَكِنَّهُ فِي مَصَاحِفِنَا ، أَوِ اعْتَقَدَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ ، أَوْ أَضْمَرَهُ فِي نَفْسِهِ ، أَوْ قَالَ بِلِسَانِهِ دَايِنًا بِهِ ، فَهُوَ بِاللَّهِ كَافِرٌ ، حَلَالُ الدَّمِ ، وَبَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ ، وَاللَّهُ بَرِيءٌ مِنْهُ ، يَقُولُ اللَّهُ عز وجل:{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 22] . وَقَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] . فَأَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ، وَأَنَّهُ مِنْ لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَسْمُوعٌ ، وَهُوَ قُرْآنٌ وَاحِدٌ ، مِنْ مُحَمَّدِ صلى الله عليه وسلم مَسْمُوعٌ ، وَفِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَكْتُوبٌ ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الصُّدُورِ مَحْفُوظٌ ، وَبِأَلْسُنِ الشُّيُوخِ وَالشُّبَّانِ مَتْلُوٌّ ، فَمَنْ رَوَى عَلَيْنَا أَوْ حَكَى عَنَّا أَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا أَوِ ادَّعَى أَنَّا قُلْنَا غَيْرَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ ، وَلَعْنَةُ اللَّاعِنِينَ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا ، وَهَتَكَ سِتْرَهُ ، وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ ، يَوْمَ لَا تَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ
613 -
وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْوَارِقُ جَوَّازًا قَالَ: كُنْتُ أُورِقُ عَلَى دَاوُدَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَكُنْتُ عِنْدَهُ يَوْمًا فِي دِهْلِيزِهِ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْغُرَبَاءِ ، فَسُئِلَ عَنِ الْقُرْآنِ فَقَالَ: الْقُرْآنُ الَّذِي قَالَهُ اللَّهُ: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] وَقَالَ: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: 78] غَيْرُ مَخْلُوقٌ. وَأَمَّا مَا بَيْنَ أَظْهُرِنَا يَمَسُّهُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ فَهُوَ مَخْلُوقٌ. قَالَ الْقَاضِي أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ: وَهَذَا مَذْهَبُ النَّاشِئِ ، وَهُوَ كُفْرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ، صَحَّ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ» . فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا كُتِبَ فِي الصُّحُفِ وَالْمَصَاحِفِ قُرْآنًا ، فَالْقُرْآنُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ تُلِيَ وَقُرِئَ فَهُوَ وَاحِدٌ ، وَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ.
614 -
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّحْوِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُلْوَانَ الْمُقْرِئُ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ خَلَفٍ قَالَ: ثنا أَبُو حَمْدُونٍ الْمُقْرِئُ قَالَ: لَمَّا هَاجَ النَّاسُ فِي اللَّفْظِ بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ ، وَأَمْرِ حُسَيْنٍ الْكَرَابِيسِيِّ
⦗ص: 399⦘
فِي ذَلِكَ ، كُنْتُ أَقْرَأُ بِالْكَرْخِ ، فَأَتَانِي رَجُلٌ فَجَعَلَ يُنَاظِرُنِي وَيَقُولُ: أَنَا أُرِيدُ لَفْظِي مَخْلُوقٌ ، وَالْقُرْآنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. قَالَ: فَشَكَّكَنِي ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ عز وجل الْفَرَجَ ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ نِمْتُ فَرَأَيْتُ كَأَنِّيَ فِي صَحْرَاءَ وَاسِعَةٍ فِيهَا سَرِيرٌ عَلَيْهِ نَضَدٌ فَوْقَهُ شَيْخٌ مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ وَجْهًا مِنْهُ وَلَا أَنْقَى ثَوْبًا مِنْهُ وَلَا أَطْيَبَ رَائِحَةً ، وَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ ، إِذْ جِيءَ بِالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يُنَاظِرُنِي فَأُوقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَجِيءَ بِصُورَةٍ فِي سونجرد ، فَقِيلَ: هَذِهِ صُورَةُ مَانِي الَّذِي أَضَلَّ النَّاسَ ، فَوُضِعَتْ عَلَى قَفَا الرَّجُلِ ، فَقَالَ الشَّيْخُ: اضْرِبُوا وَجْهَ مَانِي لَيْسَ نُرِيدُكَ. قَالَ: فَنَحِّ عَنْ قَفَايَ وَاضْرِبْ بِهِ كَيْفَ شِئْتَ. فَقَالَ: وَأَنْتَ فَنَحِّ لَفْظَكَ عَنِ الْقُرْآنِ وَقُلْ فِي لَفْظِكَ مَا شِئْتَ. قَالَ: فَانْتَبَهْتُ وَقَدْ سَرَى عَنِّي