الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في المباح من الأطعمة ومكروهها ومحرمها من حيوانات وغيرها مما ذكر في الباب قبله وما لم يذكر فيه
وبدأ بالأول فقال (المباح) تناوله في حال الاختيار من غير الحيوان أكلًا أو شربًا (طعام طاهر) لم يتعلق به حق للغير فخرج المغصوب ثم الطعام إما مفتقر لذكاة كما قدم قريبًا وإما غير مفتقر لها إن كان غير حيوان وقدم بيان الطاهر أول الكتاب (و) المباح من الحيوان (البحري وإن ميتًا) لو زاد هنا وآدميه وكلبه وخنزيره وأسقط ما يذكره في الأخيرين من الكراهة لوافق الراجح وهو إباحة جميع ما ذكرنا والمبالغة هنا رد لأبي حنيفة بمنع أكل ميتته وقولنا وآدميه رد لقول الليث بمنع أكله (وطير ولو جلالة) والجلالة لغة البقرة التي تتبع النجاسات ابن عبد السلام والفقهاء يستعملونها في كل حيوان يستعمل النجاسات اهـ.
كأكله الجيفة فالتنوين في طير وما بعده للاستغراق على حد قوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)} [التكوير: 14] ولو عرف الجميع كان أولى (و) لو (ذا مخلب) بكسر الميم كالباز والعقاب والصقر والرخم وهو للطائر والسبع بمنزلة الظفر للإنسان إلا الوطواط فيكره أكله على المشهور ورجيعه نجس (و) من المباح (نعم) إبل وبقر وغنم ولو جلالة ولو تغير لحمه من ذلك على المشهور عند اللخمي واتفاقًا عند ابن رشد (ووخش لم يفترس) كغزال وبقر وحش وحمره وضب بخلاف المفتر لآدمي أو غيره
ــ
المباح طعام طاهر
قول ز لم يتعلق به حق للغير الخ. الصواب إسقاط هذا القيد لأن المقصود بيان المباح في نفسه لا المباح باعتبار شخص معين (وطير ولو جلالة) قول ز والصقر والرخم الخ. الصقر من الجوارح يسمى القطامي بضم القاف وفتحها ويطلق على كل صائد من البزاة والشواهين قاله في المصباح والقاموس والرخم بفتحتين واحده رخمة طائر خبيث يأكل العذرة ويسمى الأنوق بفتح الهمزة ولا يبيض إلا في محل لا يصل إليه أحد وفي المثل أعز من بيض
وعبر به دون لم يعد لأن العداء خاص بما يعدو على الآدمي قاله في التوضيح (كيربوع) بمثناة تحتية مفتوحة فراء مهملة فموحدة مضمومة دابة قدر بنت عرس رجلاها أطول من يديها عكس الزرافة وهو تمثيل لغير المفترس لا تشبيه كما جوزه الشارح لاقتضائه أنه من المفترس ويجاب عن الشارح بأن هذه الأشياء المذكورة هنا أخص من المشبه به ويكفي في تغاير المشبه والمشبه به الأخصية والأعمية (وخلد) مثلث الأول مع فتح اللام وسكونها فار أعمى يكون بالصحارى والأجنة لا يصل للنجاسة أعطى من الحس ما يغني عن البصر وأسقط الشارح من تفسيره قولنا لا يصل للنجاسة وزدناه لمطابقته لما تقدم من النقل في فصل الطاهر قال معناه عج وفار الغيط يباح أكله وما يصل للنجاسة كالذي في البيوت يكره أكله على المشهور إن تحقق أو ظن وصوله أو استعماله لها فإن شك لم يكره ورجيع المكروه نجس كما مر ورجيع المباح طاهر وأما بنت عرس فذكر عن الشيخ عبد الرحمن الأجهوري حرمة أكلها قال لأن كل من أكلها عمي (ووبر) بفتح أوله وسكون الباء قاله الجوهري وقال ابن عبد السلام بفتحها من دواب الحجاز فوق اليربوع ودون السنور طحلاء اللون حسنة العينين شديدة الحياء لا ذنب لها توجد في البيوت وجمعها وبر ووبار بكسر الواو وطحلاء بالطاء المهملة وهو لون بين البياض والغبرة (وأرنب) فوق الهر ودون الثعلب في أذنيه طول وهو اسم جنس غير صفة كأسد كما في الذخيرة وتنظير عج فيه قصور فهو منصرف فإن جعل صفة لرجل بمعنى ذليل صرف أيضًا لعروض الوصفية وليس علم جنس حتى يكون غير منصرف (وقنفذ) بضم أوله مع ضم ثالثه وفتحه وبذال معجمة آخره والأنثى قنفذه أكبر من الفار كله شوك إلا رأسه وبطنه ويديه ورجليه (وضربوب) كالقنفذ في الشوك إلا أنه يقرب من الشاة في الخلقة (وحية) ذكيت بحلقها فيباح أكلها إن (أمن سمها) واحتيج لأكلها كما روى ابن القاسم في المدوّنة وله في غيرها وإن لم يحتج لأكلها وهو ظاهر المصنف ويعتبر أمن سمها بالنسبة لمستعملها فيجوز أكلها بسمها لمن ينفعه ذلك لمرضه ثم ما مر من أن ذكاتها موضع حلقها هو لأبي الحسن على المدونة وهو مخالف لقول القرافي صفته أن يمسك برأسها وذنبها من غير عنف وتلقى على مسمار مضروب في لوح ثم تضرب بآلة حادّة رزينة في حد الرقيق من رقبتها وذنبها من الغليظ الذي هو وسطها ويقطع جميع ذلك في فور واحد بضربة واحدة فمتى بقيت
ــ
الأنوق (كيربوع) قول ز ويجاب عن الشارح الخ. فيه نظر إذ لا خصية تقتضي التمثيل لا التشبيه فتأمله (وخلد) قول ز يكره أكله على المشهور الخ. فيه نظر والذي في كتاب الطهارة من التوضيح أن في الفار والوطواط ثلاثة أقوال وإن القول بالتحريم هو المشهور ونقله ح وذكر عن ابن رشد أيضًا أنه استظهر التحريم.
(وحية أمن سمها) قول ز أي أو قطع شيء منها يعجل الموت الخ. فيه نظر إذ هذا لا يكفي في الذكاة إلا في الحيوان الذي لا نفس له سائلة كما تقدم والحية ليست من ذلك.
جلدة يسيرة فسدت وقتلت آكلها بواسطة سريان السم من رأسها وذنبها في جسمها بسبب غضبها وهذا معنى قول مالك موضع ذكاتها اهـ.
وقول شيخنا ق لا مخالفة لأن ما للقرافي لإباحة أكلها وما لأبي الحسن لكونها طاهرة يرده أن أبا الحسن إنما قال ذلك بعد قول المدونة إذا ذكيت موضع ذكاتها فلا بأس بأكلها فالمخالفة بينه وبين كلام القرافي كما قال تت ظاهرة قال عج وقوله حلقها أي أو قطع شيء منها يعجل الموت أو عقرها إن لم يقدر عليها هذا بالنسبة لطهارتها وأما بالنسبة للأكل فلا تؤكل بشيء من ذلك كما علمت لأنها تقتل الآكل لها وكتب شيخنا ق على قول القرافي وتلقى على مسمار ما نصه انظر هل معناه تلقى على ظهرها وبطنها أعلى كما هو صفة الذكاة في الحلق وحينئذ فيثير ذلك غضبها أو معناه ظهرها أعلى وبطنها أسفل كما هو على هيئتها المعتادة في مشيها مثلًا ولكن يلزم عليه تذكيتها من خلف أو من إحدى صفحتي عنقها لا من المقدم ثم رأيت بعضهم صرح بأن تذكيتها بالمارستان بمصر ليس من مقدمها وإن بعضهم يربطها بخيط وقال إنه مانع من سريان غضبها فيها وفيه نظر فليحذر اهـ.
فإن جعل من مقدّمها وجمع رأسها وذنبها من غير ربط حلت ولا يلزم سريان غضبها لحبها جمع بعضها لبعض ولو مع فعل فاعل بغير إزعاج لتوهمها فعل ما تألفه بها قال تت السم القاتل بفتح السين وضمها اهـ.
واحترز بالقاتل من سم الفار وفي العجماوي فتح السين أفصح اللغات ففيه الكسر أيضًا قيل وبه صرح النووي ونقلها عج في باب الجراح عند قول المصنف وهل والسم وعطف على طعام قوله (وخشاش أرض) فهو مرفوع وكذا ما بعده لا مجرور عطفًا على يربوع إذ ليس من أمثلة وحش لم يفترس ومن جره نظر إلى أن الكاف الداخلة على يربوع للتشبيه وقد علمت ما فيه قاله د كعقرب وخنفساء وبنات وردان وجندب ونمل ودود وسوس وحلم وإضافته للأرض لأنه لا يخرج منها إلا بمخرج ويبادر برجوعه لها ودخل فيه الوزغ والسحلية وشحمة الأرض فإنها من المباح وإن كانت ميتتها نجسة لا يباح أكلها إلا بالذكاة فقولهم في الثلاثة ليست من خشاش الأرض أي من حيث إن ميتتها نجسة بخلاف ميتة الخشاش وإن دخلت فيه هنا من حيث إباحة أكلها بذكاة لكن ذكر ح عن ابن عرفة إن الوزغ لا يؤكل اهـ.
ولعله لما فيه من السم قال تت خشاش مثلث الأول اهـ.
وهو خلاف قول قطرب الخشاش بالضم خشاش الأرض وبالكسر العظم الذي في أنف الناقة وبالفتح الرجل خفيف الرأس اهـ.
لكن قال في القاموس الخشاش بالكسر ويثلث وفي الصحاح بالكسر الحشرات وقد تفتح اهـ.
فما قاله قطرب طريقة.
تنبيه: قال ابن الحاجب ودود الطعام لا يحرم أكله معه الشيخ فإن انفرد عن الطعام فلا شك أنه من جملة الخشاش وقد تقدم حكمه أي أنه يفتقر لذكاة اهـ.
واعتمده في التوضيح والبرزلي ونحوه للخمي فلا عبرة بإنكار ابن عرفة له (وعصير) فقيل بمعنى مفعول أي معصور ماء العنب أول عصره (وفقاع) شراب يتخذ من القمح والتمر وقيل ما جعل فيه زبيب ونحوه حتى انحل إليه (وسوبيا) فقاع يميل إلى الحموضة بما يضاف إليه من عجوة ونحوها (وعقيد) وهو ماء العنب يغلي على النار حتى ينعقد ويذهب منه الإسكار ويسمى بالرب الصامت ولا يحدّ غليانه بقدر أي لا بذهاب ثلثيه ولا بغيره وإنما المعتبر فيه الإسكار وعدمه ولذا قال (أمن سكره) أي ما ذكر من الأربعة ولو قال سكرها كان أحسن لأن العطف بالواو وهو راجع لما عدا العصير إذ هو ماء العنب أول عصره ولا يتصوّر فيه سكر إلا بإضافة شيء إليه (و) أبيح أي إذن فلا ينافي أنه يجب (للضرورة) وهي خوف الهلاك على النفس علمًا أو ظنًّا (ما يسد) الرمق ولا يشترط أن يصير إلى حال يشرف معها على الموت فإن الأكل بعد ذلك لا يفيد قال تت على الرسالة وهل حدّ الاضطرار خوف الهلاك أو خوف المرض قولان لمالك والشافعي اهـ.
وصواب قوله يسد يشبع كما في غ وحمل يسد على يسد الجوع لا الرمق فقط موافق لتصويبه وعلى كل بقي تمام القول الراجح وهو ويتزود ففي الرسالة ولا بأس للمضطر أن يأكل الميتة ويشيع ويتزود فإن استغنى عنها طرحها اهـ.
وإذا تزود من خنزير لم يجد سواه ثم لقي ميتة تقدم عليه عند الاجتماع طرحه وأخذ الميتة كما هو مقتضى قوله الآتي وقدم الميت على خنزير وتناول كلامه المتلبس بمعصية
ــ
(وللضرورة ما يسد) ق انظر هذا فإنه مذهب أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما ولم يعزه أبو عمر لأحد من أهل المذهب ونص الموطأ قال مالك من أحسن ما سمعت في الرجل يضطر إلى الميتة أنه يأكل منها حتى يشبع ويتزوّد منها فإن وجد عنها غنى طرحها اهـ.
وبه تعلم أن عزو تت ما ذكره المصنف لمالك وتبعه خش فيه نظر لكن رأيت ابن زرقون في شرح الموطأ عزاه لابن الماجشون وابن حبيب ولم يقف عليه ق ثم رأيت ابن ناجي في شرح الرسالة نقل عن عياض أن عبد الوهاب نقله رواية عن مالك ونقله أيضًا عن ابن المواز وقول ز تناول كلامه المتلبس بمعصية الخ. هذا شهره ابن زرقون وتبعه القرافي وابن جزي قال ابن زرقون ووجهه قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] ومقابله لابن حبيب محتجًا بقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [البقرة: 173] الآية قال وله سبيل إلى أن لا يقتل نفسة وذلك بأن يتوب ثم يتناول لحم الميتة بعد توبته اهـ.
وقول ز هل هو من باب الإباحة الخ. قال البساطي الأول قول جمهور العلماء وهو ظاهر كلام الأئمة والأحاديث والثاني هو التحقيق إذ الميتة لا تنفك عن النجاسة وهو عين التحريم لكن هذا تحريم لا إثم فيه لإحياء النفس به اهـ.
كما هو مختار ابن يونس وشهره القرافي والفرق بينه وبين القصر والفطر أن منعه يفضي إلى القتل وهو ليس عقوبة جناية بخلافهما المشذالي أكل الميتة هل هو من باب الإباحة أو من باب المعفوّ عنه ولعل فائدة ذلك أنها على الثاني باقية على النجاسة وإنما عفي عنها للأكل فيغسل فمه ويده للصلاة وعلى الأول لا يغسل لأنه صار من مفردات قوله المباح طعام قاله البدر القرافي وإذا أبيحت للضرورة ساغ له الأكل بعد ذلك منها وإن لم يضطر حتى يجد غيرها مما يحل له ولو كان محرمًا على غيره كما يفيده تشبيهه بمن أبيح له الفطر في رمضان لعذر مع العلم به (غير) بالرفع بدل من ما وبالنصب حال منها (آدمي) من الأطعمة ولو كان ذلك الغير عذرة أو دمًا (و)(غير)(خمر) من الأشربة وحقه أن يزيد وغير ضالة إبل كما تستثنى أيضًا من قوله وللضرورة ما يسد قاله عج وعزاه الشيخ سالم لابن القاسم وقد يجوز له أكلها حيث تعينت طريقًا لنجاته وإنما يظهر التقييد بغيرها في تقديم الغير على الميتة كما يأتي لإمكان نجاته بالميتة دون ضالة الإبل واستثناؤه الآدمي مسلمًا أو كافرًا موافق للمشهور الذي صدر به في الجنائز ثم ذكر مقابله ونصه والنص عدم جواز أكله لمضطر وصحح أكله وهل علة الحرمة التعبد وهو المشهور أو الإذاية لما قيل إنها إذا جافت صارت سما وهو لأبي عمران الجورائي ثم قوله وصحح أكله وما قبله من المنع شامل لأكله من نفسه كيده أو رجله ولا يبعد القول بإباحة أكله من بعض أعضائه حفظًا لنفسه كما ذكروه فيمن لدغته الأفعى في يده مثلًا وكان يرجو الحياة بقطعها قبل سريان السم فيه أو طولها فإنه يجب فإن قلت لا حاجة لقوله وخمر مع قوله أوّلًا طعام طاهر لأنه نجس ولا يقال لم يدخل في الطعام إذ هو شراب لأنا نقول قال الله تعالى ومن لم يطعمه فإنه مني والفرق بينهما في الأيمان أنها مبنية على العرف فالجواب أنه أتى به ليستثنى منه قوله (إلا لغصة) بطعام أو شراب فيجوز إزالتها بالخمر عند عدم ما يسيغها غيره وهي بفتح الغين المعجمة وضمها كما ضبطه البساطي والعلمي ويصدق في شربه لغصة إن كان مأمونًا وأولى مع قرينة صدقه فإن قامت قرينة كذبه لم يصدق كعدم قيام
ــ
وقد نص القرافي في فروقه على أنه إن لم يغسل فمه بطلت صلاته ونقله ابن فرحون في ألغازه (وخمر) في العتبية سئل مالك رحمه الله عن الخمر إذا اضطر إليها أيشربها قال: لا ولا تزيده إلا شرًّا ابن رشد تعليل مالك بأنها لا تزيده إلا شرًّا يدل على أنه لو كان له في شربها منفعة لجاز له أن يشربها وأنه لا فرق عنده بين الميتة والخمر في إباحتهما للمضطر انظر سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة وقول ز وحقه أن يريد وغير ضالة إبل الخ. هذا غير صحيح والصواب ما ذكر بعده من أن ضالة الإبل تتعين عند انفرادها وتقدم عليها الميتة عند الاجتماع هذا هو الذي يفيده نقل ق عن ابن القاسم وقول ز فإن قلت لا حاجة لقوله الخ. الصواب إسقاط هذا السؤال إذ لا فائدة فيه فضلًا عن احتياجه للجواب لأن قوله وخمر مخرج مما يسد الشامل للطعام وغيره الطاهر وغيره تأمله.
قرينة وهو منهم ثم ذكر ما إذا تيسر للمضطر محرمات في الأصل ما الذي يقدم منها ويؤخر وإن الأخف تحريمًا مقدم على الأشد فقال (وقدم) في التناول للضرورة وجوبًا الشيء (الميت) غير ميتة الآدمي اجتمع مع خنزير (على خنزير) أي مذكى لتحصل المغايرة بينه وبين الميت وإن كانت الذكاة لا تعمل فيه لأنه إذا لم يكن مذكى كان ميتة فلا يغاير الميت لأنه يصير المعنى وقدّمت الميتة على الميتة وفيه ركاكة قاله شيخنا ق قال تت في تعليل تقديم الميت لأن لحم الخنزير حرام لذاته والميتة لوصفها أي بالموت وما أنيط الحكم بذاته أشد مما أنيط به لوصفه اهـ.
وهذا التعليل يفيد قصر الميتة في المصنف على ميتة مباح الأكل وقرره عج بشموله لغيرها إلا أن يراد الوصف الحاصل عند الموت ولو من غير مباح الأكل مأخوذ في مقابلة التحريم الذاتي وعلله الشارح عن ابن العربي بقوله لأنها تحل حية أي ولو على قول في المذهب أو غيره والخنزير لا يحل مطلقًا والتحريم المخفف أولى بالارتكاب من التحريم المثقل كما لو أكره على الزنا بأخته أو بأجنبية فإنه يزني بالأجنبية لأنها تحل في حال التزويج بخلاف الأخت اهـ.
وقوله يزني بالأجنبية أي على مقابل قول المصنف الآتي لا قتل المسلم وقطعه وأن يزني (و) قدمت الميتة على (صيد لمحرم) أي صاده محرم وإن ذبحه غيره بإذنه أو ذبحه محرم أو أمر بذبحه أو أعان عليه وإن صاده حلال هذا هو المشهور وقال ابن عبد الحكم لو نابني ذلك لأكلت الصيد ومحل المصنف حيث كان المضطر محرمًا فإن كان حلالًا وصاد محرم صيد أو ذبحه حلال قدمه على الميتة لأن التحريم فيه من جهة واحدة بخلاف ما سبق فإن فيه حرمتين ذبحه وكونه ميتة يجب جزاؤه والمحرم الواحد أخف من محرمين وما لا يوجبه أخف مما يوجبه ويمكن أخذ هذا القيد من المصنف بجعل لمحرم محذوفًا من الأول لدلالة الثاني عليه والتقدير وقدم الميت لمحرم على صيد لمحرم وسكت عن تقديم الخنزير على صيد لمحرم والذي يظهر تقديمه على الخنزير لقول ابن عبد الحكم بتقديمه على الميتة ولم يقل أحد بذلك في الخنزير وكذا يقدم ما اختلف في تحريمه على ما اتفق على تحريمه (لا) يقدم محرم مضطر ميتة على (لحمه) أي صيد صاده محرم آخر
ــ
(وقدم الميت الخ) قول ز وفيه ركاكة الخ فيه نظر بل لا ركاكة فيه لأن المعنى حينئذٍ قدمت ميتة غير الخنزير على ميتة الخنزير بل هو المتعين على بحث ابن عرفة الذي ارتضاه آنفًا (وصيد المحرم) ح يعني أن الميتة مقدمة على الصيد للمحرم قال في الجلاب إلا أن تكون الميتة متغيرة يخاف على نفسه من أكلها وكذلك ذكره في ضيح اهـ.
وقول ز وإن ذبحه غيره الخ غير صحيح بل هذا هو قوله لا لحمه وإنما مراد المصنف هنا ما في ق عن الباجي من وجد ميتة وصيدًا وهو محرم أكل الميتة ولم يذك الصيد لأن بذكاته يكون ميتة اهـ.
أو صيد له وذبح قبل اضطرار المضطر بل يقدم لحمه على الميتة سواء وجب على الآكل جزاؤه كأكله عالمًا أنه صيد لمحرم كما قدم أم لم يجب وتقديمه عليها هو المعتمد وإن صدق المصنف بالتساوي كما قال تت وهل تقديمه على الوجه المذكور ندب وهو ظاهر الجواهر والموافق للموطأ في مسألة طعام الغير أو واجب وهو ظاهر التعليل وأما صيد غير المحرم فيأكله المحرم من غير ضرورة (و) لا يقدم ميت على (طعام غير) فهو عطف على لحمه بل يقدم ندبًا طعام الغير على ميت إلا ضالة الإبل فيقدم الميت عليها للنهي عن التقاطها قاله بعضهم وهو يقتضي أنه يأكلها حيث كانت تلتقط لخوف خائن عليها وانظر البقر إذا كانت لا تلتقط هل هي كالإبل حيث لا تلتقط أم لا لأن التقاط الإبل يقل بالنسبة لالتقاط البقر وضبطنا طعام بالجر تبعًا لح وجوّز البدر رفعه عطفًا على قوله الميت أي وقدم الميت على خنزير وقدم طعام غير أي قدم مسلم أو كافر مضطر طعام غير مسلمًا أو كافرًا على الميت وهل يقتصر من طعام الغير على ما يسد الرمق أو يشبع منه قولان واتفقا على أنه لا يتزوّد منه وفي تت ما يفيد أنه يتزوّد منه إن كان الغير كافرًا وعلى الأول فالفرق بينه وبين الميتة أن المنع فيه لحق الله وحق مالكه وهو مبني على المشاحة وفي الميتة لحق الله فقط وهو مبني على المسامحة وحيث أكل طعام الغير فإنه يضمن قيمته قاله الشارح وظاهره وإن لم تكن معه وهو ظاهر حيث لم يحتج له لوجود ميتة أو خاف القطع وإلا فإنما عليه قيمته إن وجدت بيد المضطر حال اضطراره وإلا فلا شيء عليه
ــ
ابن عاشر المراد بالصيد هنا المصيد يعني الحي بدليل قوله لا لحمه وأما الاصطياد فأحرى وقوله لا لحمه أي: إذا وجده قد صاده محرم أو صيد له وصار لحمًا فلا يقدم الميتة عليه بل يقدمه عليها ولا شك أن كلام خليل لا يشعر بهذا المعنى فلو قال عكس لحمه وطعام غير لأفاده صريحًا اهـ.
ويفهم من هذا أن الصور ثلاث الأولى الاصطياد تقدم الميتة عليه لما فيه من حرمة الاصطياد وحرمة ذبح الصيد الثانية الصيد الحي الذي صاده المحرم قبل اضطراره تقدم الميتة أيضًا عليه فلا يجوز له ذبحه لأنه إذا ذبح صار ميتة فلا فائدة في ارتكاب هذا المحرم الثالثة إذا كان عنده صيد صاده هو أو غيره لمحرم وذبح قبل اضطراره فهذا مقدم على الميتة ولا تقدم الميتة عليه لأن لحم صيد المحرم حرمته عارضة لأنها خاصة بالإحرام بخلاف الميتة فحرمتها أصلية وهذه الصورة هي المشار إليها بقوله لا لحمه هذا أحسن ما يقرر به كلامه (وطعام غير) قول ز وفي تت ما يفيد الخ. الذي في تت ما نصه قال في الذخيرة وإذا أكل مال مسلم اقتصر على سد الرمق إلا أن يعلم طول طريقه فيتزود لأن مواساته تجب إذا جاع اهـ.
وقول ز أو خاف القطع الصواب إسقاطه كما يعلم بالتأمل لأن اعتبار خوفه في أكل طعام الغير إنما هو إذا وجد الميتة وإلا أكله ولو خاف القطع وهكذا في عج وحيث أكل طعام الغير فلا يضمن قيمته كما نقله ق عن الأكثر ونصه وإذا أكل المضطر إلى الميتة مال غيره فقال ابن الجلاب يضمن أبو عمر وقال: الأكثر أنه لا ضمان عليه اهـ.
لوجوب بذل ربه له (إن لم يخف القطع) فيما في سرقته القطع كتمر الجرين وغنم الراح أو الضرب فيما لا قطع في سرقته كما في ق فلو قال عقب القطع كالضرب والأذى فيما لا قطع فيه لشمل ذلك فإن خاف القطع أو الضرب قدم عليه الميت وما سيأتي في باب السرقة من أن من سرق لجوع لا يقطع محمول على من لم يجد ميتة أو على من ثبت أن سرقته لجوع وظاهره ولو وجدت ميتة وما دل عليه المفهوم هنا على ما إذا لم يثبت (و) إذا امتنع (قاتل) المضطر ولو كافرًا (عليه) جوازًا بعد أن يعلم ربه ولو مسلمًا أنه إن لم يعطه قاتله ثم إن قتله المضطر فهدر وإن قتله رب الطعام فالقصاص إن كان المقتول مكافئًا له فإن كان كافرًا مثلًا ورب الطعام مسلمًا لم يقتل به وقد يقال يقتل به وإن لم يكن مكافئًا له لأنه لما وجب عليه بذله له صار بمنزلة ملكه فقتل ربه بدفعه عنه كالقتل لأخذ المال وفيه مخالفة لظاهر ما يأتي ففي الكلام على قتل الغيلة ثم محل مقاتلته عليه ما لم يكن معه من الميتة ما يستغني به عنه وربما يرشد له ما تقدم من أنه إذا خاف بأخذه الضرب والأذى فإنه لا يأكله (والمحرم) في حال الاختيار من طعام أو شراب (النجس) والمتنجس من جامد أو مائع ويرد عليه الخيل والبغال والحمير والخنزير والكلب على أحد الأقوال والقرد على أحد القولين والوطاط على أحد القولين والسم فإنها محرمة وليست نجسة فالإخبار معكوس أي والنجس المحرم وأل للاستغراق أي كل نجس محرم قاله شيخنا ق وفيه أن مراد المصنف نجس الذات كبول وعذرة من آدمي بدليل عطف الطاهر من حيث حياته عليه وجعله مبتدأ ليس خبره النجس فقط بل هو مع ما عطف عليه على القاعدة المقررة في مثل هذا أنه يراعى العطف قبل الأخبار وأيضًا قوله المباح طعام
ــ
وظاهره وجد الميتة أم لا وبه تعلم أن كلام ز غير صحيح (إن لم يخف القطع) قول ز أو الضرب فيما لا قطع في سرقته الخ. مثله في ق كما قال واعترضه طفى قائلًا قول المؤلف: إن لم يخف القطع أي وإن خاف الضرب ونقل كلام الباجي بلفظه مستوفى واعترض كلام ق الذي تبعه عج بأنه نقل كلام الباجي على غير وجهه وتصرف فيه قلت: وأنت إذا تأملت ما نقله طفى مع ما نقله ق وجدته موافقًا له في المعنى وحاصلهما أن ما فيه القطع يشترط في أخذه أن يعلم أنهم يصدقونه مخافة أن يقطع إن لم يصدّقوه ولا يشترط أن يخفى له ذلك لأن أخذه خفية هو محل القطع وأما ما لا قطع فيه فيشترط في أخذه أحد أمرين أن يعلم أنه يخفى له ذلك أو يعلم أنهم يصدقونه مخافة أن يضرب ويؤذي وإذا علمت هذا تبين أنه يجب عليه الاحتراز من الإذاية والضرب فيما لا قطع فيه كما يجب عليه الاحتراز من القطع فيما فيه القطع وهذا غير ما قاله ق وتبعه عج وز فالاعتراض عليهم في ذلك ساقط لا وجه له والله تعالى أعلم وقول ز محمول على من لم يجد ميتة الخ. فيه نظر والصواب ما بعده (والمحرم النجس) قول ز والكلب على أحد الأقوال الخ. الذي حصله ح في الكلب قولان التحريم والكراهة وصحح ابن عبد البر التحريم قال ح ولم أر في المذهب من نقل إباحة أكل الكلاب والله أعلم اهـ.
طاهر وقوله والمكروه مفيد لجعل المحرم هنا مبتدأ (وخنزير) يرى لحمه وشحمه بلا خلاف وخص داود الحرمة باللحم لظاهر النص وكذا يحرم جلده وعصبه (وبغل وفرس) ولو برذونا (وحمار ولو) كان الحمار (وحشيًّا دجن) أي تأنس وفضلته كهو فان توحش بعد ذلك أكل نظرًا لأصله ويلغى التأنس المتوسط وفضلته حينئذ طاهرة ولما كان الأنسي إذا توحش لا يؤكل اتفاقًا كما في تت لم يبالغ عليه المصنف ولم ينظر لتوحشه الطارئ عليه احتياطًا في عدم الأكل (والمكروه سبع وضبع) شمل هنا الذكر والأنثى وإن كان في الأصل علمًا على الأنثى خاصة كما في الرضي وهو بفتح الضاد وضم الباء ولا يقال فيها ضبعانة فهو هنا غير علم على أنثى فينوّن واستعمله المصنف فيما يشملهما أيضًا في الحج بقوله والضبع والثعلب شاة ويثنى مؤنثه فيقال ضَبُعَان ولا يثنى مفرده المذكر وهو ضبعان بكسر الضاد وسكون الباء الموحدة كسرحان لاتفاق لفظه مع لفظ المثنى ولا يقال في مفرده علمًا ضبع ولكل منهما جمع مختص به ومشترك فجمع المذكر المختص به ضباعين كسرحان وسراحين وجمع المؤنث المختص به ضبعانات والمشترك بينهما ضباع ويدخل
ــ
لكن نقل قبله عن الجواهر القول بالإباحة واعترضه فانظره (ولو وحشيًّا دجن) قول ز ولما كان الإنسي إذا توحش لا يؤكل اتفاقًا الخ. يعني اتفاقًا من أصحاب القول بالتحريم قبل أن يتوحش وإلا ففيه قبل التوحش خلاف ابن الحاجب في البغال والحمير التحريم والكراهة وفي الخيل ثالثها الجواز اهـ.
وعبارة ضيح سالمة من الإيهام ونصها على قول ابن الحاجب وفي الحمار الوحشي يدجن ويحمل عليه قولان لابن القاسم ومالك ويرجح الأول بأنه لو كان تأنسه ناقلًا للزم في الحمار الأنسي إذا توحش أن ينتقل إلى الإباحة ولا خلاف أن ذلك لا ينقل وفيه نظر لمراعاة الاحتياط والله أعلم اهـ.
(والمكروه سبع وضبع) ابن عرفة الباجي في كراهة أكل السباع ومنع أكلها ثالثها حرمة عاديها الأسد والنمر والذئب والكلب وكراهة غيره كالدب والثعلب والضبع والهر مطلقًا الأول لرواية العراقيين معها والثاني لابن كنانة مع ابن القاسم والثالث لابن حبيب عن المدنيين اهـ.
ودخل في السبع كل ما يعدو من المفترس كالأسد والنمر والفهد ثم عطف عليه باقي المفترس مما لا يعدو قال في ضيح والافتراس لا يختص بالآدمي فالهر مفترس باعتبار الفار والعداء خاص بالآدمي فهو أخص اهـ.
وقول ز: وإن كان في الأصل علمًا على الأنثى الخ. فيه نظر بل لا معنى لكونه علمًا لأنه ينوّن ويقبل أل وذلك ينافي علميته والذي لابن هشام أنه اسم للأنثى خاصة والذي يؤخذ من القاموس أنه يطلق على الذكر والأنثى وأن المؤنث إنما هو اللفظ ومثله في المصباح.
وقول ز: ويدخل فيه الكلب أي في الضبع وهو غير ظاهر ولا وجه له والله أعلم.
فيه الكلب (وثعلب وذئب وهر وإن وحشيًّا وقيل) وبقي عليه من المكروه فهد ودب ونمر ونمس ابن عرفة ابن شاس ما اختلف في مسخه كالفيل والدب والقنفذ والضب حكى اللخمي في جواز أكله وتحريمه خلافًا وصحح في توضيحه إباحة الضب وما ذكره المصنف هنا من أمثلة المكروه هو مفهوم قوله فيما مر ووحش لم يفترس ما عدا الهر (وكلب ماء وخنزير) هذا ضعيف والمعتمد أنهما من المباح كما مر ولذا قال غ لعل عبارة المصنف وقيل وكلب ماء وخنزيره بالقاف من القول ويكون إشارة لتضعيفه ويفوت المصنف حينئذ النص على كراهة الفيل ثم في إضافة الكلب للماء إخراج الكلب الإنسي من المكروه مع أنه مكروه أيضًا على المذهب وقيل حرام ولم ير القول بإباحته قال الشيخ داود شيخ تت يؤدب من نسبها لمالك (و) من المكروه شرب أو استعمال (شراب خليطين) خلطًا عند الانتباذ أو الشرب كتمر أو زبيب أو زهو أو بسر مع رطب وكحنطة مع شعير أو أحدهما مع تين أو عسل ذكره تت وهو ظاهر دون قول غيره عموم قوله خليطين يشمل ماء زبيب مع ماء زبيب آخر أو ماء تمر مع ماء تمر آخر أو نحو ذلك وأما طرح العسل في نبيذ العسل نفسه أو طرح التمر في نبيذ التمر أو طرح شيء مما ذكر في نبيذه فجائز كما في المدونة وقدرنا شرب أو استعمال لأن نبذهما معًا حرام كما في المدونة والشاذلي فلا يدخل في كلامه خلافًا لجعل تت له احتمالًا ومحل الكراهة حيث يمكن الإسكار ولم يحصل بالفعل فإن لم يمكن لقصر مدة الانتباذ فلا كراهة ومثل قصر الانتباذ ما لا يمكن حصول الإسكار منهما ولا من أحدهما كخلط اللبن بالعسل للشرب فإنه لا يكره فإن حصل الإسكار به حرم (و) كره (نبذ) أي طرح (بكدباء) بضم الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة والمد ويجوز القصر وهو القرع وقيل خاص بالمستدير قال الزمخشري لا يدري همزته منقلبة عن واو أو ياء اهـ.
ــ
(وقيل) تشهير الكراهة في الفيل فيه نظر وقد ذكر فيه ابن الحاجب قولين الإباحة والتحريم وفي بعض نسخه ذكر فيه ثلاثة الإباحة والتحريم والكراهة وصحح في ضيح الإباحة فيه وفي كل ما قيل إنه ممسوخ كالقرد والضب ولذا قال الشارح: لا أعرف من شهر الكراهة كما هو ظاهر كلامه هنا وقال البساطي تشهير الكراهة في الفيل في عهدة المصنف اهـ.
وقول ز: وصحح في توضيحه إباحة الضب الخ. بل في ضيح صحح الإباحة فيه وفي كل ما قيل فيه إنه ممسوخ انظره (وشراب خليطين) قول ز: لأن نبذهما معًا حرام كما في المدونة الخ. نسبه ق لها بلفظ لا يجوز قال الباجي ظاهرها التحريم وحمله قوم على الكراهة قلت: وعلى الثاني يعمم في كلام المصنف وقد ناقض ز كلامه فعمم في المصنف أولا بقوله خلطًا عند الانتباذ أو الشرب وخصصه هنا وقول ز فإن لم يمكن لقصر مدة الانتباذ فلا كراهة الخ. هذا مناقض لما قدمه من أن خلطهما عند الشرب هو المكروه وهو الصواب قال ابن حبيب لا يجوز شراب الخليطين ينبذان ويخلطان عند الشرب نهى عنه مالك نقله ق وقال ابن رشد ظاهر الموطأ أن النهي عن هذا تعبد لا لعلة انظر فما (ونبذ بكدباء) قول ز ودخل بالكاف
والظاهر أنه منصرف كقراء أي يكره أن يضع فيها ماء ثم يلقى فيه تمرًا أو تينًا أو زبيبًا أو نحو ذلك قاله ق أي يكره نبذ شيء واحد أو شيئين لا يحصل من واحد منهما ما يسكر وإن طالت مدته في دباء ودخل بالكاف الحنتم وهي الجرار جمع حنتمة وهي الجرة ما طلي من الفخار بالحنتم وهو الزجاج والنقير المنقور وهو جذع النخلة ينقر والمقير ما طلى بالقار وهو الزفت وكل ذي ظرف مزفت فخارًا كان أو غيره وعلة الكراهة في الجميع خوف أن يعجل للسكر ما ينبذ فيه وأما نبذ شيئين يحصل من كل منهما ما يسكر فيحرم ولو نبذ في غير كالدباء كوعاء صيني كما في المدونة والشاذلي كما مر (وفي كره) أكل (القرد والطين ومنعه) أي الأكل أو ما ذكر كما في الشيخ سالم ولذا أفرده بعد شيئين من غير عطف الثاني بأو فسقط قول بعض شيوخنا كان الواجب منعهما لأن العطف بالواو (قولان) وعلة المنع في القرد ما قيل إنه ممسوخ ولأنه ليس من بهيمة الأنعام وعلة الكراهة عموم قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} [الأنعام: 145] الآية وعلة منع الطين أذيته للبدن ومثل القرد النسناس ومثل الطين التراب أو أنه منه ففيه خلاف مشهور ففي ابن عمر الصحيح جواز أكله وفي القرافي المشهور عدمه نقلهما البدر ولم يذكر هنا ما قال في توضيحه الصحيح إباحة القرد وقال الشارح هنا وفي شامله أنه الأظهر بعد ما ذكر ما يشهد للمصنف ثم على القول بإباحة أكله فالاكتساب به حلال وكذا ثمنه ويكره ذلك على القول بكراهة أكله ويحرم على القول بحرمة أكله ويرد لموضعه فقد جلب من الشام إلى المدينة قرد فأمر عمر أمير المؤمنين أن يخرج إلى الموضع الذي جلب منه ويستثنى من قول الطين الحامل إذا تاقت له وخافت على جنينها فيرخص لها قطعًا كما قاله ابن غلاب في أكله وقوله وخافت بالواو وأما أحدهما ففيه القولان كذا ينبغي قاله عج وقال البدر في الإرشاد والنباتات كلها مباحة إلا ما فيه ضرر أو يغطى على العقل كالبنج ونحوه اهـ.
ــ
الحنتم والنقير الخ. تبع تت واعترضه طفى قائلًا الصواب قصر الكاف على المزفت فقط وهو المقير وعدم إدخال الحنتم والنقير ليوافق مذهب المدونة والموطأ وإدخالهما يوجب إجراء كلام المؤلف على غير المعتمد لأنه لا تعرف كراهتهما إلا من رواية ابن حبيب في النقير انظره وفي ق من المدونة لا ينبذ في الدباء والمزفت ولا أكره غير ذلك من الفخار وغيره من الظروف اهـ.
وقد قرره خش على الصواب.