الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
(النذر)
أركانه ثلاثة الشخص الملتزم والشيء الملتزم وصيغة الالتزام أشار إلى الأول بقوله (التزام مسلم) لا كافر وندب له وفاؤه به إن أسلم (كلف) لا صبي وندب له وقاؤه بعد بلوغه قاله عج تبعًا للشيخ سالم وقد يبحث فيه بأن الصبي غير مخاطب بخلاف الكافر وأراد المصنف بالتزام إيجابه على نفسه قربة بدليل قوله وإنما يلزم به الخ. وشمل المكلف العبد ينذر مالًا أو غيره ولربه منعه في غير المال إن أضربه في علمه كما قدمه المصنف وعليه إن عتق مالًا أو غيره كما يفيده ابن عرفة وقول غ في تكميله.
أبطل صنيع العبد والسفيه
…
برد مولاه ومن يليه
يخص بغير النذر وأما هو فيلزمه إن عتق اهـ.
ــ
باب النذر
ابن عرفة النذر الأعم من الجائز إيجاب امرئ على نفسه لله تعالى أمر الحديث من نذر أن يعصي الله فلا يعصه وإطلاق الفقهاء على المحرم نذرًا وأخصه المأمور بأدائه التزام طاعة بنية قربة لا لامتناع من أمر هذا يمين حسبما مر وقاله ابن رشد اهـ.
وقوله لا لامتناع من أمر تصريح بمفهوم قوله بنية قربة فهو كالمؤكد له وتعريف المؤلف قريب من الأعم ومقتضاه أن التزام الطاعة نذر وإن كان لامتناع من أمر خلاف تفصيل ابن عرفة فلعله عند المصنف غير يمين وهو التحقيق عند ابن الحاجب وقول ز قاله عج الخ. ما قاله عج مثله في ح عن ابن رشد وبحثه فيه بأن الصبي غير مخاطب الخ. بحث ساقط لأنه لم يقسه على الكافر بل المنصوص في كل منهما ما ذكره فيه وقول ز وشمل المكلف العبد الخ. حاصل ما لابن عرفة أن الرقيق إذا نذر ما يتعلق بجسده كصوم وصلاة فإن لم يضر بالسيد لم يمنعه تعجيله وأن أضربه فله منعه ويبقى في ذمته أبو عمر وهذا في غير المؤقت وأما المؤقت ففي سقوطه بخروج وقته ولزوم قضائه قولان وإن نذر مالًا فللسيد منعه من الوفاء به في حال الرق فإذا عتق وجب عليه الوفاء بما نذر فإن رد سيده النذر وأبطله لم يلزمه كما في كتاب العتق من المدونة خلاف ما في كتاب الاعتكاف منها وما في نظم غ جاز على الأول فقول ز يخص بغير النذر غير صحيح وما ذكرناه من الخلاف بين الموضعين في المدونة هو ما حملها عليه بعض الأندلسيين وفرق القرويون بينهما بفروق أحسنها ما لابن عرفة ونصه والصواب لا تعارض بينهما لأن مسألة اللزوم لم يذكر فيها ردًّا بخلاف مسألة العتق اهـ.
وشمل المصنف أيضًا السفيه ذكرًا أو أنثى فيلزمه نذر غير المال لا المال فلا يلزمه على المعتمد فعلى وليه رده كله لأن رده إبطال وظاهره عدم لزومه بعد الرشد وشمل أيضًا بقية المحاجير كمريض وزوجة رشيدة ولو بزائد الثلث فيهما لكن إن أجازه الوارث والزوج وإلا نفذ ثلث المريض وللزوج رد الجميع إن تبرعت بزائد كما يأتي للمصنف والفرق أن المريض غير محجور عليه في ثلثه وهي محجور عليها في جميع مالها لتمتع الزوج به وشمل أيضًا نذر من سكر بحرام حال سكره وأولى قبله ويلزمهما الوفاء به إذا أفاقا لا بحلال فكالمجنون وانظر هل يندب لهما وفاؤهما به إذا أفاقا أم لا وبالغ على لزوم النذر بقوله (ولو) كان الناذر (غضبان) خلافًا لمن قال عليه كفارة يمين ومثل الغضبان في الوجوب نذر اللجاج وهو أن يقصد منع نفسه من فعل شيء ومعاقبتها وإلزامها النذر كللَّه علي نذر إن كلمت فلانًا وكذا نذر كثير من صوم أو صلاة أو غيرهما مما يؤدي للحرج والمشقة مع القدرة عليه وهو مكروه بخلاف ما لا يطيقه فإنه نذر معصية قاله القرطبي ويلزم الناذر نذره (وإن قال) علي كذا (إلا أن يبدو لي) أن لا أفعل أو إلا أن يشاء الله فالمشيئة بالله لا تفيد هنا في النذر غير المبهم مطلقًا على المشهور لأنه نص المدونة خلافًا لما في الجلاب من قوله تنفعه المشيئة وأما المبهم فكاليمين في المشيئة بالله كما مر، وأما لو قال: لله عليّ نذر كذا إن شئت أنا فظاهر كلام تت أنه لا ينفعه أيضًا ونصه عقب قوله (أو) إلا أن (أرى خيرًا منه) أي من المنذور خلافًا للقاضي إسمعيل في قوله ينفعه كانت طالق إن شئت اهـ.
ــ
وحاصله أن الرقيق إن رد سيده نذره بطل ولم يلزمه الوفاء به إن عتق وعليه بيت غ وإن لم يرده بل منعه الوفاء فقط لزمه بعد عتقه الوفاء به والله أعلم وقول ز وظاهره عدم لزومه بعد الرشد الخ. هو كذلك لقول المؤلف الآتي وله إن رشد ولو حنث بعد بلوغه وقول ز والفرق أن المريض الخ. فيه نظر بل هو فرق غير صحيح لأنها لو كانت محجورًا عليها في جميع مالها لكان للزوج الرد ولو تبرعت بالثلث أو دونه وليس كذلك وإنما الظاهر في الفرق ما ذكره ضيح فيما يأتي وهو أن الزوجة يمكنها استدراك غرضها ثانيًا بإنشاء التبرع بالثلث بخلاف المريض فإنه لو أبطلنا له الجميع لم يمكن استدراك غرضه لموته اهـ.
(أو أرى خيرًا منه) قول ز ينفعه كانت طالق إن شئت الخ. حاصل ما لهم في الطلاق إن التقييد بمشيئة الله لا ينفع فيه سواء كان شرطًا نحو إن شاء الله أو كان استثناء نحو إلا أن يشاء الله وأن التقييد فيه بمشيئة الغير نافع فيه شرطًا كان نحو إن شاء فلان أو استثناء نحو إلا أن يشاء فلان وأن التقييد بمشيئة نفسه غير نافع فيه إن كان استثناء نحو إلا أن يبدو لي وينفعه إن كان شرطًا نحو إن شئت على ما هو المنصوص في المدونة كما نقله ح في الطلاق عند قوله بخلاف إلا أن يبدو لي الخ. ولم أر نصًّا مصرحًا بذلك في باب النذر والظاهر إن جميع التفصيل المذكور في الطلاق يجري هنا في النذر خلاف ما يظهر من كلام ز من الفرق بينهما فالمسألة في كل منهما على طرفين وواسطة اهـ.
ولعل الفرق أنه عهد التعليق في الطلاق وفي بعض التقارير أنه يتوقف على مشيئته.
تنبيه: ينظر في النذر كاليمين إلى النية ثم العرف ثم اللفظ وتقدم الخلاف في انعقاد اليمين بالنية دون اللفظ وقوله وإن قال: إلا أن يبدو لي هذا في المطلق وكذا في المعلق حيث جعل الاستثناء راجعًا لصيغة النذر أوله وللمعلق عليه فإن رجع للمعلق عليه فقط نفعه كللَّه علي كذا إن دخلت الدار إلا أن يبدو لي أي: في دخول الدار فينفعه ذلك كما سيذكره في باب الطلاق بقوله بخلاف إلا أن يبدو لي في المعلق عليه فقط كالنذر والعتق ولم يعطف المصنف قال بأو على غضبان لئلا يتوهم أن فاعل قال الغضبان مع أن الناذر لا بقيد غضبان (بخلاف) علي كذا (إن شاء فلان فبمشيئته) من حل أو عقد كقوله أنت طالق إن شئت فإن مات قبل أن يختار أولم تعلم مشيئته برد أو إمضاء فلا شيء على الناذر وقوله إن شاء فلان أي الحي فإن كان حال قوله ميتًا لزمه نذره لتلاعبه إن علم بموته وإلا فلا شيء عليه وإن شاء هذا الحجر يلزمه لهزله وكذا مشيئة صبي لا يعقل وأشار إلى الشيء الملتزم وأنه ينقسم إلى الأحكام الخمسة بقوله (وإنما يلزم به) منها (ما ندب) أي طلب طلبًا غير جازم فيشمل الرغيبة والسنة بدليل قوله في الركن الثالث وهو الصيغة (كللَّه علي) ضحية أو ركعتان قبل الظهر ولو لم يلفظ بالنذر على الصحيح (أو على ضحية) وأظهر منه وإنما يلزم به قربة ومن ذلك نذر صوم يوم بعينه أو عتق عبد بعينه ولا يرد على ما قلت: إنه أظهر شموله للواجب لعدم توهمه إذ فيه تحصل الحاصل ولا يرد على ما ذكره هنا من وجوب الضحية بالنذر ما مر من أن المشهور أنها إنما تجب بالذبح لأنه هناك في شاة بعينها والقربة والطاعة قيل مترادفان وقيل متغايران وعليه الأنصاري بشرح المنفرجة كالعبادة وظاهر عج اعتماده قال: فالطاعة امتثال الأمر والنهي والقربة ما تقرب به بشرط معرفة المتقرب إليه والعبادة ما تعبد به بشرط النية ومعرفة المعبود فالطاعة توجد بدونهما في النظر المؤدي إلى معرفة الله إذ معرفته إنما تحصل بتمام النظر والقربة توجد بدون العبادة في القرب التي لا تحتاج لنية كالعتق والوقف اهـ.
ومن المندوب زيارة حي وكذا ميت وإن أعمل فيه المطي وحديث لا تعمل المطي
ــ
(وإنما يلزم به ما ندب) ابن عاشر يعني مما لا يصح أن يقع إلا قربة وأما ما يصح وقوعه تارة قربة وتارة غيرها. فلا يلزم بالنذر وإن كان مندوبًا كالنكاح والهبة ذكر ذلك لشريف التلمساني اهـ.
(كللَّه عليّ أو عليّ ضحية) أتى بكاف التمثيل إشارة إلى عدم انحصار الصيغة في لله علي أو علي كذا وهو كذلك بل يلزم بكل لفظ فيه إلزام وقد قال في المدونة وإن قال داري أو عبدي أو شيء من ماله مما لا يهدي فهو هدي أو حلف بذلك فحنث فليبعه ويبعث بثمنه وقد قال الباجي مثل أن يقول إن شفى الله مريضي أو قدم غائبي أو نجاني من أمر كذا وكذا فإني أصوم يومين أو أصلي أو أتصدق بكذا اهـ.
مخصوص بالصلاة قاله ابن عبد البر ولا عبرة بتوقف بعض الناس في زيارة القبر وآثار الصالحين لأنه من العبادات قاله حلولو في مختصر البرزلي وكذا خبر لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد لا دليل فيه لمنع الزيارة إذ المستثنى منه المحذوف تقديره لمسجد من المساجد إلا الخ. بدليل أن المستثنى مساجد والأصل فيه الاتصال ويرد على قول المصنف ندب صوم رابع النحر والإحرام بالحج قبل زمانه أو مكانه وكل مكروه مع أنه يلزم بنذره ويجاب بأن الصوم والإحرام مطلوبان مع قطع النظر عن الزمن وغير مطلوبين عند ملاحظته فالنذر يتعلق بهما نظرًا للحالة الأولى وانظر نذر صلاة بعد فجر وفرض عصر وبقية المكروهات هل تلزم أيضًا. نظر المطلق النفل أولًا نظرًا للوقت لأشديته فكأنه ذاتي واحترز بما ندب عن نذر الواجب فلا معنى له لأن فيه تحصيل الحاصل كما تقدم وانظر ما حكم الإقدام عليه وعن نذر المحرم كزنا والمكروه كنذر نفل بعد فرض عصر كما مر والمباح كنذر مشى بسوق إذ لا قربة فيه ابن عرفة ونذر المحرم محرم وفي كون المكروه والمباح كذلك أو مثلهما قولًا الأكثر مع ظاهر الموطأ والمقدمات اهـ.
ولعل وجه القول بالحرمة فيهما إن فيه قلب الأوضاع الشرعية عن موضوعها حيث علم أنه إنما يلزم به المندوب (وندب) الالتزام (المطلق) وهو ما ليس بمكرر ولا معلق وهو ما أوجبه على نفسه شكر الله على ما كان ومضى كمن شفى مريضه فنذر أن يصوم أو يتصدق وأما ما ليس شكر على شيء حصل فيباح الإقدام عليه والتزامه مباح غير المعلق (وكره المكرر) كنذر صوم كل خميس أي الإقدام على نذره وإن كان قربة لثقله عند فعله فيكون إلى عدم الطاعة أقرب ولخوف تفريطه في وفائه (وفي كره) الالتزام (المعلق) كأن شفى الله مريضي أو إن رزقت كذا فعلي صدقة بدينار لأنه يأتي به على سبيل المعارضة لا القربة المحضة ولأن الجاهل قد يتوهم أنه يمنع من حصول المقدور ويؤيد ما في مسلم وغيره أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن النذر أي: المعلق فقط وقال إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل وفي مسلم وغيره أيضًا أن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئًا لم يكن قدره الله ولكن النذر يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج وإباحته (تردد) ينبغي أن محله في حق من لم يعتقد نفع النذر وإلا حرم قطعًا قاله
ــ
وتأمل قول المؤلف وعجل الإحرام في أنا محرم وقوله بمالي في كسبيل الله وقوله في آخر الهبة وإن قال داري صدقة الخ. إلى غير ذلك قاله طفى قال ونبهت على ذلك لأن بعض القاصرين توهم أن النذر لا يكون إلا بقوله لله علي أو على كذا اغترارًا منه بظاهر المؤلف اهـ.
وقول ز لأنه هناك في شاة يعينها الخ. التحقيق أن الضحية تجب بالنذر في المعينة وغيرها لكن معنى وجوبها بالنذر في المعية منع البيع والبدل فيها بعده لا باعتبار العيب الطارئ بعد النذر فإنه يمنع الإجزاء فيها وقد تقدم وجه ذلك اهـ.
(وندب المطلق) قول ز فيباح الإقدام عليه الخ. مثله في ح والذي في ق عن ابن رشد
بعض وهو لازم بعد الوقوع كالمكرر وكيفما صدقت أحواله لا يقضي به لأنه لا وفاء له إلا مع النية فإذا قضى عليه بغير اختياره لم يكن وفاء قاله الشارح أي حتى المعلق على محبوب لمعين فلا يقضي به كما يأتي في باب الهبة في استثناء ذلك في المصنف ثم التردد في المعلق على غير المحرم ظاهر وأما عليه ففي التلقين أنه لازم إن وجد كان زنيت أو إن لم أزن فللَّه علي صدقة بدينار ولا يشكل مع قول المصنف وإنما يلزم به ما ندب لأنه نظر لندب التصدق بدينار لا لما علق عليه على طريقة ما مر في رابع النحر (ولزم لبدنه) وهي الواحد من الإبل ذكرًا أو أنثى لإطلاقها عليهما فالتاء للوحدة لا للتأنيث (بعذرها فإن عجز) عنها (فبقرة ثم) لعجزها لعدم وجودها أو لعدم ثمنها (سبع شياه) ولا بد أن يجزئ كل ما ذكر ضحية إن لم يعين حين النذر صغيرة أو معيبة (لا غير) يحتمل لا غير السبع مع القدرة على أكثر منها ويحتمل لا غير السبع مع العجز عنها من أقل منها أو من صيام أو إطعام بل يصبر إلى أن يجد الأصل أو البدل أو بدله ويحتمل أن يريدهما وإن قدر على بعض السبع أخرجه ثم كملها متى أيسر لأنه ليس عليه أن يأتي بها كلها في وقت واحد.
تتمة: رأيت بخط عج ما نصه سألت عن شخص نذر هديًا مطلقًا ثم عينه في بدنة ثم عطبت هل يلزمه مثل ما في ذمته أو مثل ما عير فأجبت إن عطبت بتفريطه لزمه مثل ما عين وإن عطبت بغير تفريطه لزمه مثل ما في ذمته اهـ.
(و) لزمه (صيام) نذر فعله (بثغر) بمثلثة ما يتقرب إلى الله بإتيانه كعسقلان ودمياط بدال مهملة وحكى بعضهم إعجامها ذكره السيوطي وعلى الأخير اقتصر تت في صغيره والإسكندرية وكل ما يلي دار الحرب وموضع المخافة من فروج البلدان ولو مفضولًا
ــ
أنه مستحب مثل ما قبله سواء (تردد) الكراهة للباجي وابن شاس والإباحة لابن رشد وقد أطلق المؤلف في التردد ومحله كما لابن رشد حيث علقه على محبوب آت ليس من فعله كأن شفى الله مريضي أو نجاني من كذا الخ. أما ما كان من فعله مثل أن يقول إن فعلت كذا فعلي فيوافق ابن رشد على الكراهة لأنها يمين وهي بغير الله أو صفته مكروهة ما لم يكن نذرًا فيهما فلا كراهة فيه لأنه واليمين بالله سواء لا يقال كلام المصنف في النذر لا في اليمين لأنا نقول لما لم يخرجها المصنف من تعريف النذر كما فعل ابن عرفة دل على أنها عنده نذر كما تقدم انظر طفى وقول ز وكيفما صدقت أحواله لا يقضي به الخ. هذا محله إذا كان نذرًا وأما إن كان يمينًا فيجب أن يستثنى من ذلك كما في ح عتق المعين والصدقة لمعين في غير اليمين فإنه يقضي بهما ويأتي للمصنف في العتق ووجب بالنذر ولم يقض إلا بيت معين ويأتي في الهبة وإن قال داري صدقة بيمين مطلقًا أو بغيرها ولم يعين لم يقض عليه بخلاف المعين اهـ.
(ولزم البدنة بنذرها) كلام المؤلف فيمن نذر بلفظ البدنة كما هو وضح أما لو نذر بلفظ الهدي فإن كان نوى نوعًا لزمه وإلا فالأفضل البدنة كما يأتي (لا غير) فيها فإن لم يجد فلا أعرف في هذا صومًا إلا أن يجب الصوم فليصم عشرة أيام فإن أيسر يومًا كان عليه ما نذر اهـ.
لموضع الناذر كمكي أو مدني كما في المدونة ومثل الصوم الصلاة كما في ابن عرفة وأبي الحسن على الرسالة قال تت لا يلزمه الإتيان للصلاة من مكة ويمكن حمل ما لابن عرفة وأبي الحسن على غير من بمكة فيوافق ما لتت والمدينة كمكة قاله عج (و) لزم الحالف إذا حنث (ثلثه) أي إخراج ثلث ماله من عين ودين أي عدده أو قيمته على ما مر في الزكاة فيما يظهر ومن عرض وقيمة كتابة مكاتب ثم إن عجز وكان في قيمة رقبته فضل عن قيمة كتابته أخرج ثلثه وأجرة مدبر ومعتق لأجل لا خدمتهما عند ابن القاسم خلافًا لأشهب ولا ذاتهما اتفاقًا ولا شيء عليه في أم ولده والمعتبر ثلث ماله الموجود (حين يمينه) لا ما زاد بعده بهبة أو نماء أو ولادة خلافًا لقوم فلو حلف وماله ألف فحنث وهو ألفان لزمه ثلث الألف وبالعكس ثلث الألف رفقًا به كما أشار إليه بقوله (إلا أن ينقص) يوم الحنث عن يوم المين بنفقة أو غيرها كهلاك ولو بتفريط في صيغة بر (فما بقي) يجزئ ثلثه فقط بعد حساب ما عليه من دين ولو مؤجلًا كمهر زوجته (بمالي) أي: بقوله مالي في (كسبيل الله) أو للفقراء أو المساكين أو هبة لهم أو هدي من كل ما فيه قربة غير يمين أو كان يمينًا كصدقة على الفقراء إن فعلت كذا وفعله أو إن لم أفعله وعزم على ضده فيشمل كلامه صيغة البر والحنث كما يدل عليه قوله حين يمينه وإنما يختلفان فيما هلك قبل حنثه بتفريطه ففي البر يلزمه ثلث ما بقي كما مر وفي صيغة الحنث يلزمه ثلثه حين يمينه حيث
ــ
ولذا قال ق: لو زاد المصنف وصام إن أحب لتنزل على ما في المدونة وقول ز وإن قدر على بعض السبع أخرجه الخ. هذا يعارضه ما ذكره في الاحتمال الثاني وجعلهما خش متقابلين نسب الأول لظاهر المؤلف وق ونقل الثاني عن بعض وقد يجاب عن ز بأن مراده في الاحتمال الثاني منع الاقتصار على الأقل فلا ينافي دفع الأقل مع قصد التكميل إن أيسر (وصيام بثغر) قول ز ومثل الصوم الصلاة الخ. حاصل ما حققه طفى إن من نذر الصلاة بثغر فإن نذر أن يأتيه لصلاة واحدة ويعود من فوره ليس للرباط فليصل بموضعه ولا يأتيه. كما نص عليه اللخمي في المكي والمدني قال طفى والظاهر أنه لا خصوصية لهما بل وكذا غيرهما وإن نذر صلاة تمكن معها الحراسة لزمه قال ويدل لما قلناه قول صاحب الجواهر ولو ذكر موضعًا غير المساجد الثلاثة فإن تعلقت به عبادة تختص به لزمه إتيانه ولو كان بمكة أو المدينة أو بيت المقدس كرباط أو جهاد ناجر اهـ.
وعلى الثاني يحمل ما نسبه لابن عرفة والشاذلي وقول طفى لم أره للشاذلي الخ. أقول رأيته له في كفاية الطالب نعم في نسبته لابن عرفة نظر إذ لم أره له وصوابه لابن عمر بدل ابن عرفة لأن ابن عمر ذكره في شرح الرسالة (بمالي في كسبيل الله) لم يتكلم المؤلف على جواز الإقدام على ذلك وقال ابن عرفة ما نصه وفي جواز الصدقة بكل المال نقلًا اللخمي رواية محمَّد وقول سحنون في العتبية من تصدق بكل ماله ولم يبق ما يكفيه ردت صدقته اهـ.
ثم اعترض ابن عرفة القول الثاني فانظره وقال ابن عمر المشهور إن ذلك جائز وإن لم يبق لنفسه اهـ.
كان أكثر كما هو فرض الكلام أنه نقص بعده ويتفقان في أن ما هلك بعد الحنث بتفريط أو بغيره يلزمه ثلثه حين يمينه لكن في أبي الحسن على المدونة أن محل ذلك ما لم يكن بعده بقربه بلا تفريط فإنه يلزمه ثلث ما بقي وفرض المصنف الكلام في يمين يفيد أنه لو نذر ماله في سبيل الله فإنه يلزمه ثلث ما نقص بنفقة لا بتلف ولو بتفريط فثلث ما بقي يوم الإخراج كما في د وغيره (وهو) أي سبيل الله لا ما أدخلت الكاف أيضًا (الجهاد) في سبيل الله فيعطى لمن في موضعه ابن رشد لا يعطى منه مقعد ولا أعمى ولا امرأة ولا صبي ولو قاتل ولا مريض مأيوس منه ولا مفلوج وشبهه ولا أقطع إحدى الرجلين أو اليد اليسرى اهـ.
والظاهر أولوية اليمين (والرباط) أي مواضعهما (بمحل خيف) العدو فيه كما مر وهو تحقيق للرباط لا أنه أمر زائد عليه قاله تت كجدة بضم الجيم (وأنفق عليه) أي الثلث الذي لزمه بقوله مالي في سبيل الله (من غيره) من باقي ماله لا منه وأما لو قال ثلث مالي
ــ
وقول ز وإنما يختلفان الخ. فيه نظر لقول ح المشهور فيما نقص قبل الحنث أنه لا يضمنه وظاهره مطلقًا في البر والحنث وهو ظاهر كلام المدونة وصرح بذلك في ضيح ونصه وأما إن نقص أي: قبل الحنث فإن كانت يمينه على بر فلا يلزمه لا ثلث ما بقي اتفاقًا وكذلك إن كانت على حنث على المشهور وقال ابن المواز يلزمه إن كان من سببه اهـ.
فما ذكره ز من الفرق بين الصفتين هو قول ابن المواز وقد علمت أنه خلاف المشهور وقول ز ويتفقان في أن ما هلك بعد الحنث بتفريط أو بغيره الخ. فيه نظر ونص ابن عرفة ما تلف بعد حنثه دون تفريط لا شيء عليه فيه اتفاقًا وبتفريط في كونه كذلك ولزوم ثلثه قول هباتها مع الواضحة وأصبغ عن ابن القاسم في المبسوطة وعن دليل ماله فيها ابن رشد وهو مقتضى النظر والقياس كالزكاة يفرط فيها قلت عزاه وقاسه على الزكاة الباجي لسحنون وما أنفقه بعد حنثه في لغوه ولزم ثلثه نقل ابن رشد عن سماع يحيى ابن القاسم ونقله عن محمَّد عن ابن القاسم اهـ.
ونص المدونة في كتاب الهبات وإن لم يخرج ثلث ماله حتى ضاع ماله كله فلا شيء عليه فرط أو لم يفرط وكذلك إن قال ذلك في يمين فحنث فلم يخرج ثلثه حتى تلف جل ماله فليس عليه إلا إخراج ثلث ما بقي في يده اهـ.
وقول ز يفيد أنه لو نذر ماله الخ. ما ذكره من أنه يلزمه ثلث ما أنفق في النذر دون اليمين أصله لأحمد وتبعه عج. قال طفى ولم أر هذا التفريق لغيرهما وظاهر كلام المدونة وابن رشد وابن عرفة وغيرهم التسوية بينهما فلا يلزمه ثلث ما أنفقه لا في نذر ولا يمين وقول المؤلف حين يمينه فرض مسألة والله أعلم. (والرباط بمحل خيف) قول ز كجدة الخ.
في تمثيله بجدة نظر لأنها ليست برباط ابن عرفة الباجي إذا ارتفع الخوف عن الثغر لقوة الإِسلام به أو بعده عن العدو زال حكم الرباط عنه وقد قال مالك فيمن جعل شيئًا في السبيل لا يجعله في جدة لأن الخوف الذي كان بها قد ذهب عنها اهـ.
ونحوه في المدونة ونقله ح وق وظاهر المصنف أن المقام بمحل خيف رباط ولو كان بالأهل وهو الذي اختار الباجي وقال مالك ليس برباط.
في سبيل الله فإنه ينفق عليه منه اتفاقًا وفرق ابن رشد بأن الأصل في مالي إخراج الجميع فلما رخص له في الثلث وجب إخراج جميعه أي الثلث بخلاف ثلث مالي لا يلزمه غيره قاله تت ومنه يستفاد الفرق بين مسألة المصنف هذه وبين مسألته في الزكاة إذ قال: إلا لأعدم فأكثرها له بأجرة من الفيء وإنما وجب من الفيء لأنها تدفع للإمام العدل كما مر ولأنه لو وجب منها لنقص ما أوجبه الله عليه بخلاف ما أوجبه هو على نفسه ولو وجب عليه صرفه من غيرها لكان فيه دفع زائد على ما أوجبه الشرع عليه مع أنه نهى الساعي عن أخذ خيار أموال الناس فالزيادة الحقيقية أولى (إلا لتصدق به) أي بماله المتقدم في قوله مالي (على معين) بالشخص كزيد أو بالوصف كبني زيد وإلا فهو قوله مالي في كسبيل الله (فـ) ـاللازم له (الجميع) حين حلفه إلا أن ينقص فما بقي وكذا يقال في قوله وما سمي وأن ومعينًا ويترك له ما يترك للمفلس (وكرر) ناذر الصدقة بجميع ماله أو ثلثه أو الحالف بذلك إخراج الثلث لكل يمين فيخرج ثلثه لليمين الأولى ثم ثلث الباقي للثانية وهكذا هذا (إن أخرج) لثلث الأول لليمين الأولى بعد لزومه وقبل إنشاء الثاني وقولنا بعد لزومه أي نذرًا أو يمينًا ومعلوم أن النذر يلزم بلفظه واليمين بالحنث فيه (وإلا) بأن لم يخرج الأول حتى أنشأ الثاني نذرًا أو يمينًا وفي اليمين صورتان لأنه إما أن يخرج بعد إنشائها وقبل الحنث فيها أو بعده (فقولان) في الصور الثلاث بالتكرار والاكتفاء بثلث واحد لجميع الأيمان المنعقدة (و) لزم الناذر (ما سمى) من ماله إذا كان شائعًا كسدسه أو ربعه أو تسعة أعشاره بل (وإن) كان المسمى (معينًا) كعبدي أو داري سواء أبقى لنفسه شيئًا بعده أو (أتى) ذلك المعين (على الجميع) جعله غ صفة لمعينًا أي: لا لما قبل المبالغة أيضًا إذ لا يتأتى فيه ذلك لأن المراد به أن يقول نصف مالي مثلًا أو جميع مالي إلا كذا وفيه بحث إذ يمكن فيما سمي وهو غير معين أن يأتي على الجميع كأن يقول ألف من مالي ولا يكون ماله غير ألف انظر د وما قبل المبالغة على الأول ما سمي معينًا لم يأت على الجميع كما مر لا غير معين لمنافاته لقوله وما سمي ويترك في هذه وفي قوله قبل فالجميع منه قدر ما عليه من دين وما يصرف في حج فرض بلا سرف وكفارة ونذر سابق وما يترك للمفلس كما مر (و) لزم (بعث فرس وسلاح) نذرهما في سبيل الله أو حلف بهما فحنث (لمحله) أي: الجهاد وليس له حبسه وإخراج قيمته (إن وصل) أي أمكن وصوله (وإن لم يصل)
ــ
(فقولان) نقلهما ابن رشد عن سماع يحيي من ابن القاسم وسماع أبي زيد وهو محتمل كونه من ابن القاسم أو ابن كنانة قاله ابن عرفة (وإن معينًا أتى على الجميع) المراد بالمعين في كلامه مقابل الجزء الشائع كما يؤخذ من كلام غ فقول المصنف وما سمي يشمل ثلاث صور الجزء الشائع كنصف وثلث والعدد المعين كمائة أو ألف وما يعين بالذات كالعبد أو الثوب والثاني والثالث يمكن أن يأتيا على جميع ماله فلذا بالغ عليهما وتقرير ما قبل المبالغة وما سمي غير معين أو معينًا لم يأت على الجميع بل وإن معينًا أتى على الجميع وبذلك
أي لم يمكن وصوله لعارض أو عدم موصل (بيع وعوض) بثمنه في محله أو قربه من جنسه من كراع وهو الخيل أو سلاح مما هو أنكى للعدو فإن جعل في سبيل الله ما ليس بفرس وآلة حرب كعبدي أو ثوبي في سبيل الله بيع ودفع ثمنه لمن يغزو وانظر هل يجري فيه التأويلان في هدي ثوبه لمكة أم لا وهو الظاهر فيه وفي المصنف هنا فيمتنع تقويمه على نفسه بخلاف الآتية لأنه عهد إلا كل من نذر المساكين في الجملة كما مر (كهدي) تشبيه تام في البعث لمحله مكة أو منى إن أمكن فإن لم يمكن بيع وعوض به من مكة أو غيرها ويخرجه إلى الحل إن ابتاعه بمكة ويلزم عند أشهب بعث الهدي المعين (ولو معيبًا) كعلي نذر هذه البدنة وهي عوراء أو عرجاء أو نحوهما مما لا يهدي لأن السلامة إما تطلب في الواجب المطلق فإن لم يصل بيع وعوض سليما وعند ابن المواز يبيع المعيب المعين ويشتري بثمنه سالمًا كنذر ما لا يصل ولرده أشار بقوله (على الأصح) واتفقا على لزوم سليم إذا لم يعين كعلي بدنة عوراء والظاهر أن نفقة البعث على بيت المال (و) جاز (له فيه) أي في الهدي سليما أو معيبًا (إذا بيع) لتعذر إرساله (الإبدال بالأفضل) فهو راجع لقوله كهدي ولو معيبًا ولذا فصله بالكاف لا لما قبله (وإن كان) المنذور هديه معينًا من جنس ما لا يهدي (كثوب) وعبد وفرس وسلاح (بيع) واشترى بثمنه هدي كما يأتي (وكره بعثه) إما لإيهام تغيير سنة الهدي لأن جنسها محصور في بهيمة الأنعام فبعث ذلك بعينه يبطل هذا الحصر أو أن ذلك في سلع تساوي في موضعها أكثر مما تساوي بمكة (وأهدى به) بالبناء للمجهول ليشمل فعل رب الثوب وغيره وهو راجع للصورتين قبله أي قوله بيع وقوله وكره بعثه أي: فإن بعثه بيع وأهدى به وما ذكره من أن ما لا يهدى يباع ويبعث بثمنه ولا يبعث بعينه هو مذهب المدونة هنا وظاهرها في كتاب الحج وموضع آخر من النذور جواز تقويمه على نفسه وإخراج قيمته وهو مذهب العتبية وإلى كون ما في حجها مع السماع وما فيها هنا متخالفين أو متوافقين أشار بقوله: (وهل اختلف) أي: هل حمل ما فيهما على الخلاف وكأن قائلًا قال له وفي أي شيء
ــ
يسقط ما ذكره ز فتأمله (على الأصح) قال ح انظر من صححه (وله فيه إذا بيع الخ) قول ز أي في الهدي سليمًا أو معيبًا صوابه إسقاط قوله أو معيبًا لأن المعيب إذا لم يمكن وصوله وجب إبداله بالسليم كما تقدم وذكره هنا يقتضي جواز إبداله بمثله وليس كذلك إلا أن يقال الجواز هنا باعتبار النوع دون الصفة والله أعلم وقول ز لا لما قبله صحيح لأن ما قبل قوله كهدي من فرس وسلاح مثلًا لا يجوز أن يشتري بثمنه إذا لم يصل غير جنسه من سلاح وكراع ولو كان الاحتياج إلى الغير أكثر قاله في ضيح ونقله ح (وهل اختلف هل يقومه الخ) ما قرر به ز نحوه في غ وجعل ابن عاشر في كلام المؤلف أربع تأويلات فجعل أولًا الثانية إشارة إلى التأويل بأن ما في السماع والموضع الآخر تفسير قال ولو أراد الجري على مصطلحه لقال وفيها أيضًا التقويم وهل خلاف أولًا لجوازهما أو ندب البيع أو التقويم إن كان بيمين اهـ.
اختلف (فقال هل يقومه) على نفسه كما في المدونة بموضع والعتبية (أولًا) يقومه على نفسه بل يبيعه كما في المدونة هنا لأنه رجوع في الصدقة (أولًا) أي: أو لم يحمل ما فيهما على الخلاف بل بينهما وفاق فكأنه قيل له: إذا قلت بالتوفيق فترك التقويم الواقع فيها على أيّ وجه فقال بأحد وجهين إما بأن يقال يترك (ندبًا) لا وجوبًا وما في العتبية من الجواز لا ينافي إن تركه مندوب (أو) يقال (التقويم) الواقع في العتبية (إن كان) الالتزام حصل (بيمين) حنث فيها لأن الحالف لا يقصد قربة فلم يدخل في خبر العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه والبيع الواقع في المدونة على من التزم بغير يمين فهو متطوع قاصد القربة فيدخل في الخبر (تأويلات) ثلاث واحد بالاختلاف واثنان بالتوفيق وبما قررنا علم أن قوله أولًا الأولى عديلة هل الثانية وأولًا الثانية عديلة هل الأولى وأنه لم يجر في التوفيق الثاني على نسق الأول وإلا لقال أو إن كان بغير يمين واسم كان على هذا للالتزام لا للتقويم وكان يحذف قوله التقويم ولو أراد التسهيل لقال وإن كان كثوب بيع وأهدى به وكره بعثه وفيها أيضًا مع العتبية له تقويمه على نفسه وهل خلاف أولًا فيباع ندبًا أو عند انتفاء يمين تأويلات وكان فيه أيضًا السلامة من عدم جريان التوفيقين على نسق واحد كما قال د ابن عبد السلام الأحوط عندي لمن أراد التقويم أن لا يكتفي فيه بإحضار السلعة لأهل المعرفة وسؤالهم عن قيمتها بل يدخلها السوق وينادي عليها فإذا بلغت ثمنًا ولم يزد عليه يخير حينئذٍ اهـ.
ورده ابن عرفة انظره في الشيخ سالم وقت (فإن عجز) أي قصر ثمن المبعوث لمحل الجهاد والهدي عن شراء المثل (عوض الأدنى) مما يقرب منه إن أمكن (ثم) إن قصر عن الأدنى دفع ثمن آلات الجهاد لمن يغزو به من موضعه ولا يشارك به في شقص كما في مسألة الوقف ودفع ثمن الهدي الذي لا يصل أو ما لا يهدى (لخزنة الكعبة) جمع خازن وهم أمناؤها وأصحاب حلها وعقدها ويقال حجبة وسدنة وهم بنو شيبة (يصرف فيها) أي في مصالحها كما في الرواية ولما استشكلت الرواية بأن الكعبة قد لا تحتاجه لأنها لا تنقض فتبنى ولا يكسوها إلا الملوك ويأتيها من الطيب ما فيه كفاية ومكانسها خوص ثمنها لا بال له وبعد الكنس يريد ثمنها على ما كان فلم يبق إلا أن تأكله الخزنة وليس من قصد الناذر في شيء أشار إلى جوابه بما في كتاب محمَّد وساقه ابن يونس على أنه تفسير بقوله (إن احتاجت وإلا) بأن لم تحتج (تصدق به) الناذر أو غيره حيث شاء ثم
ــ
(ثم لخزنة الكعبة) هذا قول مالك في المدونة ابن الحاجب فإن قصر عن التعويض فقال ابن القاسم يتصدق به حيث شاء وفيها أيضًا يبعثه لخزنة الكعبة ينفق عليها وقيل يختص أهل الحرم بالثمن اهـ.
وهذا الثالث قول أصبغ فهو موافق لابن القاسم في أنه يتصدق به ابتداء لكن خالفه بتخصيصه الصدقة بمساكين مكة والمصنف لم يتبع قول ابن القاسم ولا أصبغ خلافًا للبساطي كما
أشار إلى مسألة ليست من النذر في شيء استطراد وكأنه جواب عن سؤال تقديره هل يجوز دفعه لغير الخزنة ينفقه عليها فقال (وأعظم) أي استعظم ومنع (مالك أن يشرك) بفتح المثناة التحتية والراء المهملة من باب تعب كما في المصباح (معهم غيرهم لأنها) أي خدمة الكعبة (ولاية) لهم (منه عليه الصلاة والسلام قال المحب الطبري ولا يبعد أن يقال هذا إذا حافظوا على حرمته ولازموا الأدب في خدمته وإلا جعل عليهم مشرف وأجمع العلماء على حرمة أخذهم أجرة على فتح البيت وهذا ظاهر لا كما يعتقده بعض الجهلة من أنه لا ولاية عليهم وأنهم يفعلون بالبيت ما شاؤوا قاله ح ونسب المصنف ذلك للإمام لأنه فهم أن التشريك نوع من الانتزاع الوارد في خبر هي لكم يا بني عبد الدار خالدة تالدة لا ينتزعها منكم إلا ظالم (و) لزم (المشي لمسجد مكة) لحنث يمين أو لنذر في حج أو عمرة بل (ولو) نذر المشي لها (لصلاة) فرضًا أو نفلًا وحمله د على الأول لقول الرسالة النافلة في البيوت أفضل وظاهر المصنف ولو لامرأة كما في المدونة وقيدها ابن محرز بما إذا لم يلحقها ضرر يظن به انكشافها ولم يخش منها الفتنة وإلا لم يلزمها المشي بل ربما امتنع عليها وارتضاه في التوضيح وللزوج منعها من نذر المشي ابن عرفة وعد أبي عمر قول ابن القاسم لابنه أي: عبد الصمد في حنثه في نذر المشي لمكة أفتيتك بقول الليث كفارة يمين فإن عدت أفتيتك يقول مالك قولًا لقوله المشهور لزومه بعيد لأنها فتوى بغير مذهب إمامه اهـ.
ابن العربي خاف ابن القاسم أنه إن كلف ابنه المشي فلا يفعله فيستهين بمسألة من الدين فيكون طريقًا إلى الاستهانة بغيرها وهذا حسن من الفتوى عظيم اهـ.
ــ
هو ظاهر وإنما تبع القول الثاني وهو قول مالك فيها وقيده ابن المواز بقوله إن احتاجت الخ (ولو لصلاة) أشار بلو لخلاف القاضي إسماعيل في أن من نذر المشي إلى المسجد الحرام للصلاة لا للنسك لم يكن عليه المشي ويركب إن شاء وقول إسماعيل القاضي: هذا هو الذي اعتمده ابن يونس ولم يحك له مقابلًا كما نقله ق معترضًا به كلام المؤلف، وقال ابن بشير: إنه المشهور وتبعه ابن الحاجب فقال: فلو ذكر المشي لم يلزمه في الثلاثة على المشهور أي الثلاثة المساجد فسوى بينها في عدم اللزوم لكن لما تعقب في ضيح على ابن الحاجب بقوله وكلام صاحب الإكمال يقتضي أن قول إسماعيل القاضي مخالف للمذهب اهـ.
تبع هنا ماله في ضيح قال طفى وما ذكره المؤلف هو الصواب لما في الإكمال ولنقبل الأبي عن المازري أن المشهور فيمن نذر الصلاة بأحدهما ماشيًا أنه إنما يلزمه المشي في نذر المسجد الحرام ولقول ابن عرفة إن قول إسماعيل حلاف ظاهر الروايات اهـ.
وكلام الأبي على حديث لا تشد الرحال إلا لثلاث ما نصه المازري اختصت الثلاثة لفضلها على غيرها فمن كان بغيرها ونذر الصلاة بأحدها أتاها فإن قال ماشيًا فقال إسماعيل القاضي لا يلزمه ويأتي راكبًا في الجميع وقال ابن وهب يلزمه المشي في الجميع والمشهور أنه يلزمه المشي في المسجد الحرام اهـ.
قلت: تبين مما تقدم تشهير كل من القولين وإن على المؤلف لو عبر بخلاف وقول ز
(وخرج) إلى الحل (من) نذر المشي لمكة وهو قاطن (بها) سواء كان بالمسجد اتفاقًا أو خارجًا عنه عند ابن القاسم خلافًا للإمام (وأتى بعمرة) من طرف الحل ماشيًا ولا يضر خروجه لطرفه راكبًا (كمكة) أي كناذر المشي لها (أو البيت أو جزئه) المتصل به كبابه وركنه وحطيمه وملتزمه وشاذر وأنه وحجره (لا غير) أي لا غير ما ذكر كحلفه بالمشي لمنفصل عن البيت وهو بالمسجد كزمزم والمقام وقبة الشراب أو خارج عنه كالصفا والمروة وأبي قبيس وقعيقعان وعرفة وجبال الحرم فلا يلزمه مشي ولا غيره ومحل عدم لزوم المشي المنذور في المنفصل والخارج (إن لم ينو نسكًا) فإن نواه لزمه المشي إليه ثم لزوم المشي في جميع ما مر (من حيث) أي من المكان الذي (نوى) الناذر منجزًا أو معلقًا أو الحالف كوالله لأحجن ماشيًا من موضع نواه (وإلا) ينو موضعًا يمشي منه فمن حيث جرى عرف بالمشي منه فإن لم يجر عرف بمشي في محل (فمن حيث حلف) الحالف أو نذر الناذر وقيل من حيث حنث الحالف (أو) من (مثله) أي يمشي من مثل موضع الحلف في البعد والمساحة لا في الصعوبة والسهولة (إن حنث به) أي: بذلك
ــ
فرضًا أو نفلًا الخ. هو الذي نص عليه اللخمي وقال هذا هو قول مالك وقال بعض أهل العلم لا يأتي في النقل اهـ.
نقله ح فقول د يحمل كلامه على الفرض غير ظاهر واستدلاله يكون النافلة في البيوت أفضل لا يدل له لأن ذلك في غير المسجد الحرام لأن مذهب مالك أن التضعيف الوارد في المسجد الحرام هو في الفرض والنفل والقول بأنه في الفرض فقط خارج المذهب صرح به عياض آخر الشفاء انظر طفى.
وقول ز أي عبد الصمد الخ. كذا صرح به أبو عمر كما نقله ابن ناجي وغيره والذي في المدارك أن صاحب القضية هو ولده موسى لا عبد الصمد وأن عبد الصمد هذا هو أحد رواة ورش الثلاثة وهم الأزرق وعبد الصمد والأصبهاني (وخرج من بها) قول ز أو خارجًا عنه عند ابن القاسم الخ. ظاهره أن هذا الخلاف فيمن نذر المشي إلى فيمن نذر المشي إلى مكة وهو خارج المسجد وليس كذلك وإنما محله من نذر المشي إلى المسجد وهو خارجه والقولان لابن القاسم كما في ح وعز الثاني في ضيح لمالك أما من نذر المشي إلى مكة وهو في المسجد أو خارجه أو نذر المشي إلى المسجد وهو داخله فمحل اتفاق في الثلاث كما في ح انظره وقول ز وحجره الخ. يتعين ضبطه بفتحتين وهو الحجر الأسود كما ضبطوه في كلام ابن الحاجب وأما الحجر بكسر فسكون فنص ابن حبيب على عدم اللزوم فيه ونازعه أبو محمَّد بحثًا لا نصًّا لكن على ما لابن حبيب ينبغي إسقاط الحطيم لأنه نص فيه أيضًا على عدم اللزوم كما في ق ونصه ابن حبيب وإن قال على المشي إلى الحجر أو إلى الحطيم أو زمزم لم يلزمه ذلك عند ابن القاسم اهـ.
قال في ضيح وقد سلم له أبو محمَّد قوله في زمزم ولم يسلم له ذلك في الحجر والحطيم لاتصالهما اهـ.
(أو مثله إن حنث به) قول ز أسقط مرتبة بعد إلا الخ. فيه نظر إذ هي قوله وتعين محل
المماثل ومقتضى هذا الشرط أنه إن مشى من مثله ولم يكن حنث به أنه لا يجزئه وكلام اللخمي يفيد أنه يجزئه وكذا نقل الشارح وابن عرفة وغيرهما يدل على أن الحنث به ليس بشرط وقد علم مما قررنا أن المصنف أسقط مرتبة بعد إلا والنذر كالحنث في اليمين (وتعين) لابتداء مشيه إن لم يكن له نية (محل اعتيد) للحالفين والناس أو للحالفين فقط كان من مكة أو نواحيها (وركب) أي جاز ركوبه (في) إقامة (المنهل) أي: في مكان النزول كان به ماء أم لا (ولحاجة) بغير المنهل قبل نزوله كحاجة نسيها فعاد إليها وبهذا فارقت التي قبلها وقول تت لحاجة له في المنهل فيه شيء (كطريق قربى اعتيدت للناس) فتتعين للمشي منها اعتادها الحالف أم لا هذا ظاهر الشارح وق والذي كان يقرره أكثر شيوخنا أنه إنما يعتبر الاعتياد للحالفين فقط أو لهم ولغيرهم وأما لو اعتيدت البعدى للحالفين والقربى لغيرهم فإنه يمشي من البعدى وإن اعتيد للناس ولهم القربى والبعدى معًا مشى من أيهما شاء وإن لم تعتد واحدة مشى من البعدى انظر غ (و) ركب (بحرًا اضطر له) ككونه بجزيرة لا يمكنه الوصول لمكة إلا بركوبه (لا اعتيد) لغير الحالفين وللحالفين معتاد غيره فلا يركبه (على الأرجح) فإن اعتيد للحالفين فقط أو لهم ولغيرهم ركبه ثم لزوم المشي (لتمام) طواف (الإفاضة) لمن قدم السعي (وسعيها) إن لم يقدمه ويحتمل جعل ضمير وسعيها للعمرة كما في تت ويفوته الكلام حينئذ على من لم يقدم السعي على الإفاضة في الحج (و) إذا لزم أحد مشيًا لمكة أو المسجد الحرام بنذره أو حلفه وحنث فركب بعض الطريق (رجع) وجوبًا إلى الموضع الذي ابتدأ منه الركوب لأن المشي في ذمته فلا بد من الإتيان به ولا يلزمه الرجوع إلى بلده (وأهدى) لتبعيض المشي ويؤخر هديه لعام رجوعه ليجتمع الجابر النسكي والمالي فإن قدمه في عام مشيه الأول أجزأه وهذا (إن ركب كثيرًا) في نفسه لا قليلًا فيهدي فقط والقلة والكثرة في ذلك (بحسب المسافة) صعوبة وسهولة أو مساحه لا بقطع النظر عن بقيتها وليس المراد بكثيرًا أكثر المسافة بحسب ما ذكره لاقتضائه أن النصف من حيز اليسير مع أنه من الكثير كما في ق والنظر في ذلك لأهل المعرفة ومثل الكثير في الحس ما كان كثيرًا بحسب المعنى المقصود بالذات وإن كان في الحس يسيرًا كما أشار له بقوله (أو) ركب (المناسك) وهي ما يفعله من خروجه من مكة إلى
ــ
اعتيد على ما شرح به ز ويحتمل أن يريد بقوله وتعين محل اعتيد الخ. ما ذكره ابن الحاجب في قوله ولا يتعين موضع مخصوص من البلد إلا لمقصد أو عادة اهـ.
(كطريق قربى اعتيدت) قول ز انظر غ الخ. هكذا في النسخ برمز غ وليس لغ هنا كلام ولعله تصحيف وأصله عج إذ له نسب خش هذا الكلام (لا اعتيد على الأرجح) حاصل كلام ابن يونس كما نقله طفى أن أبا بكر بن عبد الرحمن يجيز ركوب المعتاد للحجاج مطلقًا الحالفين وغيرهم وأن أبا عمران يمنع ركوب المعتاد مطلقًا أو أن ابن يونس قيد الجواز بأن يكون معتادًا للحالفين فإن اعتيد لغيرهم فقط لم يجز وعلى هذا فعلى المصنف درك في نسبة الإطلاق لابن يونس وتعبيره عن ترجيحه بالاسم والله أعلم. (أو المناسك
رجوعه لمنى (والإفاضة) أي الرجوع من منى لطواف الإفاضة والواو بمعنى مع لا بمعنى أو لئلا ينافيه قوله الآتي كالإفاضة فقط فإن ركب أحدهما فقط وجب الرجوع في المناسك أيضًا لا في الإفاضة كما سيصرح به بقوله كالإفاضة فقط ففي المفهوم تفصيل بدليل بقية كلامه فلا اعتراض عليه هنا (نحو المصري) فاعل رجع بل يتنازعه رجع وأهدى وركب وأحرى نحو المدني وسيأتي حكم البعيد جدًّا في قوله وكإفريقي فإنه يلزمه هدي فقط من غير رجوع فاشتمل كلامه على الأقسام الثلاثة ومن وجب عليه الرجوع فيرجع زمنًا (قابلًا) وهو أولى من تقدير تت عامًّا لشموله لمن يدرك الحج في عامه نعم ما قدره وقدرناه يشمل من يفعله بعد سنين إذ لا يضر تأخيره عن العام التالي للعام الذي ركب فيه (فيمشي ما ركب) إن علمه وإلا مشى الجميع ويكون محرمًا في عام رجوعه (في مثل المعين) الذي نذره أو نواه من حج أو عمرة فلا يرجع محرمًا بعمرة إن كان عين حجًّا اتفاقًا لعدم استلزامها له ولا بحج إن كان عين عمرة على مذهب المدونة خلافًا لابن حبيب (وإلا) يعين في نذره حجًّا ولا عمرة ولا نواه بل نذر المشي فقط وصرفه في أحد النسكين (فله) في عام رجوعه (المخالفة) بأن يحرم فيه بخلاف ما أحرم به أولا خلافًا لسحنون في منعه جعل الثاني في عمرة إذا كان الأول حجًّا وعلى المشهور فقال أبو محمَّد وعبد الحق ما لم يكن ركوبه في العام الأول في المناسك بمنى وعرفة فيتعين جعل الثاني في حج لا عمرة لأن عملها أقصر وتأولها غيرهما على جواز المخالفة ولو ركب أولًا المناسك وهو ظاهر كلام المصنف ثم أتى بشرط في قوله ورجع فقال: (إن ظن) الناذر أو الحالف (أولًا) أي: حين خروجه (القدرة) على مشي الجميع ولو في
ــ
والإفاضة) هذا قول الإِمام مالك وقول ابن يونس الصواب أن لا رجوع عليه لأنه بوصوله إلى مكة بر وإليها كانت اليمين انظر ق (وإلا فله المخالفة) قول ز وتأولها غيرهما على جواز المخالفة في الرجوع ولو ركب أولًا المناسك الخ. هذا التأويل مشكل لأنه إذا ركب المناسك ووقعت المخالفة في الرجوع فأي شيء يمشي فيه تأمله ويجاب بأنه يمشي بالعمرة من محل إحرامه بالحل إلى موضع الطواف (إن ظن أولًا القدرة) قوله أي: حين خروجه الخ. أي: في المرة الأولى كما صرح به في تقريره وهو الصواب كما يدل عليه قوله وإلا مشى مقدوره وحمل الشارحين له على الخروج في الثانية غير صواب خلافًا لطفى لأن قوله وإلا مشى مقدوره لا يأتي في الثانية لقول المدونة ولو علم في الثانية أنه لا يقدر على تمام المشي قعد وأهدى وأجزأه الذهاب الأول اهـ.
وقالت أيضًا: ولو علم أول خروجه أنه لا يقدر أن يمشي كل الطريق فلا بد أن يخرج أول مرة ولو راكبًا ويمشي ولو نصف ميل ثم يركب ويهدي ولا شيء عليه بعد ذلك انتهى باختصار وهو عين كلام المصنف وكذا حمل تت له على حين نذره ويمينه غير صحيح لأن من ظن حين ليمين العجز عن المشي يمشي مقدوره لا هدي عليه ولا رجوع كما في ضيح والمؤلف قال هنا ركب وأهدى فهذا يمنع حمله على حين اليمين والحاصل مما تقدم ومن كلام ضيح أنه إن ظن عدم القدرة حين اليمين فإنه يمشي مقدوره ولا هدي عليه ولا رجوع
عامين فخالف ظنه (وإلا) بأن لم يظن القدرة حين خروجه مع علمه أي أو ظنه القدرة حين يمينه على مشي الجميع في عام بأن علم أو ظن حين خروجه العجز لضعف أو كبر فخرج أول عام و (مشى مقدوره) ولو نصف ميل (وركب) معجوزه (وأهدى فقط) من غير رجوع وقيدنا كلام المصنف بمن ظن القدرة حين يمينه احترازأ ممن ظن العجز حين اليمين أو نوى أن لا يمشي إلا ما يطيقه ولو شابًّا فإنه يخرج أول عام ويمشي مقدوره ويركب معجوزه ولا رجوع عليه ولا هدي قاله في توضيحه قال: جميعه الشيخ سالم (فإن قل) ركوبه قلة لها بأل أم لا كما هو ظاهره كابن عرفة فيهدي (ولو) ركب القليل (قادرًا) على مشيه وقوله (كالإفاضة) أي ركب في مسيره إلى الإفاضة من منى لمكة تشبيه في عدم الرجوع والهدي وليس المراد ركب في طواف الإفاضة كما قال البساطي (فقط) من غير ضميمة المناسك ولا المناسك فقط وإلا رجع كما تقدم (وكعام عين) ركب فيه مع نذره الحج ماشيًا وأدرك الحج أو فاته لعذر كمرض أو مشى فيه وفاته لعذر أو لم يخرج فيه لعذر فعليه الهدي فقط من غير رجوع (وليقضه) إن لم يخرج لغير عذر أو خرج فيه ولو ماشيًا وفاته لغير عذر فيقضيه ولو راكبًا لأن العام المعين للمشي قد فات ومحل لزوم الرجوع ثانيًا إنما هو لمن ظن القدرة على مشي أماكن ركوبه في العام الثاني وإلا فلا يرجع بل يقعد ويهدي قاله في المدونة وإليه أشار بقوله عاطفًا على ما لا رجوع فيه وعليه الهدي (أو) ظن في العام الثاني أنه إن خرج (لم يقدر) على مشي ما ركب فلا يخرج ويهدي فليس بتكرار مع قوله: إن ظن أولًا القدرة وهذا ظاهر إن لم يقدر على مشي شيء مما ركب وأما لو قدر على مشي بعضه فإن كان يسيرًا بحيث لو ركبه لم يلزمه فيه شيء أو يلزمه فيه الهدي فقط فلا يرجع وأما إن كان فوق ذلك فيخرج وينظر في الباقي فإن كان بحيث لو ركبه وجب فيه الهدي ركبه وأهدى وإن كان دون ذلك ركبه ولا هدي عليه هذا هو الظاهر وذكر قسيم قوله: نحو المصري من بعدت داره جدًّا مشبهًا له بما فيه هدى فقط بقوله (وكإفريقي) نسبة لإفريقية بكسر الهمزة وتشديد التحتية وتخفيفها (وكان فرقه) في الزمان تفريقًا
ــ
وإن ظن القدرة حينه فإن ظن حين الخروج القدرة ثم عجز رجع وأهدى وإلا مشى مقدوره وأهدى ولا رجوع عليه ورجوعه في الثانية مشروط بأن بظن القدرة فيها وإلا قعدوا هدي كما في المدونة وكلام طفى غير صواب فتأمله والله أعلم (أو لم يقدر) قوله: بحيث لو ركبه لا يلزمه فيه شيء الخ. ما ذكره هنا من التفصيل في القليل خلاف ما قدمه عن ابن عرفة من لزوم الهدي في القليل كان له بال أم لا وعزاه ابن عرفة للمدونة كما في ق (وكان فرقه) ما ذكره المؤلف قال ابن عبد السلام هو الذي في الموازية ومقابله عدم الإجزاء في كتاب ابن حبيب وفي ضيح صوب ابن راشد الإجزاء وابن عبد السلام عدمه قائلًا: لأن عرف الناس في السير إلى مكة تواليه وعدم قطعه إلا الضرورة لكن اقتصر المؤلف هنا على الإجزاء لقوله في ضيح ورأى اللخمي أن الإجزاء هو البخاري على قول مالك وابن القاسم في المدونة فيمن نذر صوم سنة أن له أن يأتي بها غير متتابعة اهـ.
غير معتاد ومشى الجميع (ولو بلا عذر) قال ح لم أر من صرح بوجوب الهدي بل ظاهر كلام اللخمي أنه لا شيء عليه إهـ.
ويتعارض مفهوم قوله وكإفريقي ومفهوم نحو المصري فيمن داره بينهما على حد سواء والاحتياط العمل على مفهوم وكإفريقي فيلزم من داره بينهما ما يلزم المصري وأما من قربت داره من أحدهما فينبغي أن يلحق به وأشار للتفريق بالركوب بقوله: (وفي لزوم) مشي (الجميع) عند رجوعه لبطلانه (بمشي عقبة) أي ستة أميال (وركوب أخرى) لما حصل له من الراحة بالركوب المعادلة للمشي فكأنه لم يمش أصلًا وعدم لزوم مشي الجميع بل مشى أماكن ركوبه فقط (تأويلان) محلهما حيث عرف أماكن ركوبه ومشيه وإلا مشى جميع الطريق اتفاقًا كما أنه إذا ركب كثيرًا بحسب المسافة ولم يعرف أماكن ركوبه فإنه يمشي جميع الطرق كما مر (والهدي) حيث قلنا به وجب معه رجوع أم لا (واجب إلا فيمن شهد) أي: ركب (المناسك) ولو عبر به لكان أظهر أي: شهد المناسك أو بعضها راكبًا أو الإفاضة أو هما (فندب ولو مشى) في رجوعه (الجميع) مبالغة في الوجوب والندب لأن الهدي ترتب في ذمته فلا يسقط عنه بمشي غير واجب وقصره تت على
ــ
والله أعلم. وقول ز قال ح: لم أر من صرح الخ هذا قاله ح في هذا الفرع والذي قبله فقال في وكان فرقه ما نصه لم أر الآن من صرح بلزوم الهدي مع التفتيش عليه ثم قال وكذا الفرع الذي قيله لم أر من نص فيه على لزوم الهدي غير غ ولم يعزه اهـ.
قلت نص على لزوم الهدي فيهما معًا ابن رشد في كتاب الحج من البيان أما الفرع الأول فذكره في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من الحج الأول ونصه وأما إن كثر ما ركب ولم يكن جل الطريق فإنه يرجع ثانية ليمشي ما ركب باتفاق في المذهب إن كان موضعه قريبًا كالمدينة ونحوها واختلف إن كان موضعه بعيدًا كمصر ونحوها فقيل إنه يرجع قاله في كتاب ابن المواز وهو ظاهر ما في المدونة وفي تفسير ابن مزين أنه لا يرجع وأما إن بعد موضعه جدًّا كإفريقية والأندلس فليس عليه أن يرجع ويجزيه الهدي لأن الرجوع من الأندلس وشبهها من البعد ثانية أشق من الرجوع من المدينة ونحوها ثانية وأما إن كان الذي ركب جل الطريق فيما قرب فعليه أن يمشي الطريق كلها ثانية رواه ابن الماجشون عن مالك في المبسوط ومثله في كتاب ابن المواز اهـ. وأما الفرع الثاني فذكر فيه خلافًا في كتاب الحج أيضًا فانظره (تأويلان) سببهما قول المدونة وليس عليه في رجوعه ثانية وإن كان قويًّا أن يمشي الطريق كله اهـ.
وفي الموازية عن مالك ما يعارضها لقوله إن كان ما ركب متناصفًا مثل أن يمشي عقبة ويركب أخرى فلا يجزيه إلا أن يمشي الطريق كلها اهـ.
فجعله أبو الحسن تقييدًا للمدونة لحمل كلام المدونة على من ركب دون النصف وحمل المصنف في ضيح وكذا ابن عرفة ما في الموازية على من لا يتحقق ضبط مواضع مشيه من ركوبه فهما تأويلان كلاهما بالوفاق الأول لأبي الحسن والثاني للمؤلف وكذا ابن عرفة انظر طفى (ولو مشى الجميع) رد بلو قول ابن المواز إن مشى الطريق كله فلا هدي عليه
الوجوب لأنه المتوهم (ولو أفسد) من وجب عليه المشي ما أحرم به ابتداء من حج أو عمرة بكوطء عامدًا أو ناسيًا كونه حاجًّا (أتمه) فاسدًا ولو راكبًا كما استقر به ابن عبد السلام قائلًا لأن إتمامه ليس من النذر في شيء وإنما هو لإتمام الحج (ومشى في قضائه من الميقات) الشرعي إن كان أحرم منه قبل الفساد فإن كان أحرم فيه قبله مشى من موضع إحرامه كما بحثه بعضهم ولا يلزمه مشي فيما قبله لأنه لم يتسلط الفساد إلا على ما بعد الإحرام وعليه هديان هدي للفساد وآخر لتبعيض المشي في العامين لأن المشي بعد الإحرام في فساده الغي واعتبر المشي قبل الفساد فصار متبعضًا (وإن فاته) الحج الذي أحرم به من نذر المشي مبهمًا أو حنث به (جعله في عمرة) أي: تحلل منه بفعلها ومشى فيها لتمام السعي ليخلص من نذر المشي بذلك لأنه لما فاته الحج وجعله في عمرة فكأنه جعله في عمرة ابتداء وقد أدى ما عليه بذلك ثم قضى الحج الذي فاته على حكم الفوات (وركب) أي: جاز له الركوب (في قضائه) فهذا فيمن نذر المشي مبهمًا وجعله في حج ثم فاته كما في المدونة، وأما من نذر الحج ماشيًا وفاته وتحلل منه بفعل عمرة فإنه إذا قضاه يركب أيضًا لا في بقية المناسك وهي ما زاد على السعي بين الصفا والمروة فإنه يمشي فيها ليخلص من نذر المشي بذلك كما قال عبد الحق لأنه لا يتأتى التعليل السابق في نذر المشي مبهمًا فهو فيمن نذر الحج ماشيًا انظر د ونحو ما لعبد الحق نقل أبي الحسن عن ابن القاسم وسحنون قائلًا وهو خلاف ظاهر المدونة انظر عج (وإن حج) من نذر المشي لمكة مطلقًا وجعله في حج أو من نذر الحج ماشيًا وكان صرورة فيهما (ناويًا نذره وفرضه) معًا
ــ
لأنه لم يفرق مشيه قال ابن بشير وتعقبه الأشياخ بأنه كيف يسقط ما نقرر من الهدي في ذمته بمشي غير واجب ومثله من صلى صلاة فسها فيها فوجب عليه سجود السهو فأعادها ثانية ولم يسجد إن السجود تقرر في ذمته وفرق بعضهم بأن المصلي أخطأ في الإعادة وإنما تقررت في ذمته سجدتا السهو فإذا أعادها أتى بما لم يؤمر به فلن تسقط الإعادة ما تقرر في ذمته وفي الحج. هو مأمور بالعودة فإذا أعاد واستكمل المشي فقد استوفى ما في ذمته من المشي في عودة مأمور بها ففارق مسألة الصلاة اهـ.
انظر ضيح قال ق وانظر اختصار خليل على اختلاف النص مع أن ابن بشير إنما تردد في المسألة ولم يرتهن فيها اهـ.
(ومشى في قضائه من الميقات) قول مشى من موضع إحرامه الخ. هذا هو الصواب كما صرح به ابن عبد السلام خلاف ما نقل عنه تت في الصغير (وركب في قضائه) قول ز ونحو ما لعبد الحق نقل أبي الحسن الخ. سياق ابن عرفة وضيح إنما يدل على أن هذا الخلاف في الصورة الأولى ونص ابن عرفة أثناء الكلام على من نذر المشي مبهمًا ولو فاته حجه حل بعمرة ماشيًا وكفت وحج قابلًا راكبًا وفي لزومه مشي المناسك قولًا ابن القاسم مع سحنون ومالك اهـ.
ولم أر نصًّا في الثانية والظاهر لزوم مشي المناسك فيها بلا خلاف (وإن حج ناويًا نذره وفرفه) قوله وقال تت: إنه لا يشمل الثانية الخ. ما قاله تت اعترضه طفى بأن الثانية عليها
(مفردًا) كان (أو قارنًا) أي نوى القارن بالحج الذي ضمن إحرامه فرضه ونذره معًا أو نوى به فرضه فقط وبالعمرة نذره فشمل قوله قارنًا هاتين الصورتين كما في د وقال تت إنه لا يشمل الثانية وإن كان حكمها كما قال المصنف: ولكنها فرع آخر واستدل على ذلك بأن الشامل ذكرها عقب المسألة الأولى (أجزأ عن النذر) فقط وهو مذهب المدونة وعليه قضاء الفرض (وهل) محل الإجزاء عن النذر (إن لم ينذر) أو يعين في يمينه (حجًّا) بل نذر المشي مطلقًا أو حلف به كذلك وجعله في حج وهو صرورة، فإن نذر الحج ماشيًا أو حلف به كذلك لم يجز عن واحد منهما للتشريك أو بجزي عن النذر ولو نذر حجًّا (تأويلان) ولعل الفرق بين هذه المسألة وبين ما تقدم في الصوم من أنه إذا نواه ونذر ألم يجز عن واحد منهما أن الصوم لما كان لا يقبل النيابة فأشبه الصلاة وهي إذا شرك في نيتها تبطل ولا تجزئ عن شيء مما نواه والحج يقبل النيابة في الجملة فبعد شبهه بالصلاة (وعلى) ناذر المشي أو الحالف به مبهمًا (الصرورة) وهو الذي لم يحج الفرض (جعله) أي جعل مشيه الذي قصد به أداء نذره (في عمرة ثم يحج) بعد تمامها (من مكة على) القول بـ (ـالفور) ويكون متمتعًا بشرطه قال بعض وظاهر كلامهم ولو على التراخي بناء على أن ما في الذمة أصالة لا يجوز الإتيان بغيره اهـ.
ــ
اقتصر ابن عبد السلام وابن عرفة وغير واحد من أهل المذهب وهي نص المدونة وعلى تقرير تت يبقى كلام المؤلف خاليًا عن حكم المسألة المفروضة اهـ.
قلت: يرجح ما لتت ما ذكره بعده من عدم صحة إجراء التأويلين في الصورة الثانية فتأمله (تأويلان) الأول لابن يونس والثاني لبعض الأصحاب واعلم أن التأويلين لا يأتيان في الصورة الثانية قال طفى إذ لا يمكن من حمل المدونة على الإطلاق أن يقول إذا عين الحج في نذره وجعل العمرة في القرآن له يجزيه عن نذره وقد فرضها عبد الحق والباجي وغيرهما في الصورة الأولى فقط وهو ظاهر وهو نص قول ابن المواز انظره فيه لكن رأيت ابن عرفة اقتصر على الثانية وحكى التأويلين عقبها وهو مشكل (وعلى الصرورة جعله في عمرة الخ) عبارته تقتضي الوجوب وذلك خلاف قولها وإن جعل مشيه في عمرة فله إذا حل منها أن يحج الفريضة من مكة لأنه يفيد التخيير أبو الحسن يقوم منها أن الحج على التراخي اهـ. إذ قوله له يقتضي التراخي اهـ.
قال طفى: فلا يليق بالمؤلف ترك النص وكأنه غفل عنه اهـ.
ولا يمكن حمل المدونة على غير الصرورة لقولها يحج الفريضة ولا فريضة على غير الصرورة وبه يعلم أن قول ضيح على قول ابن الحاجب ولمن جعله في عمرة أن ينشيء الحج إذا كملها ما نصه وهذا في غير الصرورة وأما الصرورة فبنوا الأمر فيه على الخلاف في الحج هل هو على الفور أم لا فإن قلنا على الفور وجب عليه الإحرام بالحج وإلا فلا اهـ.
فيه نظر ولو تذكر لفظها ما قال ذلك وقول ز قال بعض وظاهر كلامهم الخ. هذا البعض هو البساطي وكلامه غير ظاهر ولا أدري ما كلامهم الذي يظهر منه ما قال انظر طفى
ولو أحرم حين أتى الميقات بحجة الإِسلام أجزأه ثم يأتي عن نذره بعمرة أو حجة ويمشي من حيث أحرم أولًا ولو أحرم ولم ينو فرضًا ولا نذرًا انصرف للفرض قاله بعض (و) من نذر الإحرام أو حلف به فحنث فإن صرح أو نوى فورًا أو تراخيًا عمل عليه وإن لم يصرح ولم ينو فورًا ولا تراخيًا (عجل الإحرام) بحج أو عمرة وسواء (في) ذلك قوله (أنا محرم) بصيغة اسم الفاعل (أو أحرم) بصيغة المضارع (إن قيد) لفظًا أو نية (بيوم كذا) أو مكان كذا أي أنشأ إحرامًا إن حصل الوقت المعلق عليه أو الفعل المعلق عليه كأن كلمت زيدًا في شعبان فأنا محرم في رمضان فكلمه بشعبان فينشىء إحرامًا برمضان عند مالك وقال سحنون يكون محرمًا بحصوله ولا يحتاج لإنشاء إحرام هذا مراد المصنف لا ما يعطيه ظاهره من تعجيله الإحرام إلا أن قيد الخ. ولأن المراد يعجله بمجرد قوله ذلك من غير حصول المعلق عليه أو مع حصوله من غير نذر أو حنث بيمين ويدل على المراد كونه الواقع في كلامهم فإن لم يكلمه في شعبان لم يلزمه إحرامه في رمضان (كالعمرة) أي كناذرها حال كونه (مطلقًا) بكسر اللام أي: غير مقيد لها بوقت والتقييد بالشرط كإطلاق الوقت كأن كلمت فلانًا فأنا محرم بعمرة وكلمه فيجب عليه إنشاء الإحرام في الصورتين وفتحها يناقض تشبيهه بما قبله الشامل للإحرام بالحج والعمرة فأشار إلى
ــ
(وعجل الإحرام في أنا محرم) قول ز لفظًا أو نية الخ صحيح كما صرح به في ضيح قائلًا وقد صرح في المدونة بأن النية مساوية للفظ خلاف ما يوهمه ابن الحاجب من قصره على اللفظ وقول ز وقال سحنون: يكون محرمًا بحصوله الخ. يقتضي أن خلاف سحنون في الصيغتين معًا وليس كذلك وإنما خلافه في أنا محرم بصيغة اسم الفاعل وأما أنا أحرم بلفظ المضارع فقد اتفق فيه ابن القاسم وسحنون على أنه يستأنف الإحرام والحاصل أنه يستأنف في المضارع اتفاقًا وعلى المشهور في اسم الفاعل كما نقله ح عن أبي الحسن وابن محرز وأبي عمران وابن راشد وضيح والرجراجي وقد وقع في موضع آخر من كلام الرجراجي ما يخالف ذلك وقد نقله ح واعترضه فانظره (كالعمرة مطلقًا) قول ز أي غير مقيد لها بوقت الخ. أي: والموضوع أنها مقيدة بلفظ الإحرام كما فرضها في المدونة وأما لو لم يقيدها به نحو قوله في نذر أو يمين علي عمرة فلا يلزمه تعجيل الإحرام بل يستحب فقط كما في ابن عرفة وكذا قوله لا الحج المطلق يعني مقيدًا بالإحرام وإلا فلا يلزمه تعجيل الإحرام ولو في أشهره بل يستحب فقط وكذا فرضه في المدونة والجواهر وابن عرفة في المقيد بالإحرام قاله طفى ثم قال والحاصل أن النذر على ثلاثة أقسام وكلها تؤخذ من المدونة مقيد بالزمان والإحرام ومقيد بالإحرام فقط وغير مقيد بالإحرام ولا بالزمان وقد علمت أحكامها وقول ز وفتحها يناقض تشبيهه بما قبله الخ. يعني لأنه فتحها يكون المراد بالإطلاق سواء قيدت بالزمن أو لا والتشبيه يقتضي تخصيصه بغير المقيدة لدخول المقيدة فيما قبله وأيضًا الإطلاق يقتضي أن قوله: إن لم يعدم صحابة يجري في العمرة المقيدة بالزمن وما قبل الكاف يقتضي عدم جريانه فيها لشموله الحج والعمرة فتناقضا ولا يصح الإطلاق على أن يكون ما قبل الكاف خاصًّا
المقيدة بما تقدم وأشار هنا إلى أن المطلقة يجب فيها أيضًا إنشاء الإحرام عاجلًا (إن لم يعدم) في العمرة المطلقة (صحابة) فالمقيدة كالحج المقيد يعجل فيها الإحرام ولو عدم صحابة ما لم يخف على نفسه ضررًا من الإحرام (لا) ناذر (الحج) المطلق أو الحالف به فحنث في غير أشهره فلا يعجله قبلها (و) ناذر (المشي) المطلق أي: من غير تقييد بعام ولا حج ولا عمرة فلا يؤمر بالتعجيل وإذا لم يؤمر به في الصورتين (فـ) ـيلزمه الإحرام فيهما (لا شهره) أي عندها فالفاء جواب شرط مقدر وإنما يصبر بالإحرام لأشهر الحج (إن وصل) لكن في الحج يحرم من مكانه ويخرج وفي نذر المشي المطلق من الميقات فان أحرم قبله أجرًا (وإلا فمن حيث يصل) أي من الزمان الذي يصل فيه واستعماله حيث في الزمان على قول الأخفش أنها ترد له ومذهب الجمهور أنها ظرف مكان واعترض قوله (على الأظهر) بأنه لابن يونس واستحسنه ابن عبد السلام وانظر إذا كان محله على خمسة أيام مثلًا من مكة هل يلزمه الإحرام من أول أشهر الحج والخروج حينئذٍ أو إنما يلزمه ذلك إذا بقي من أشهر الحج قدر ما لو خرج لأدرك الحج وهو الظاهر (ولا يلزم) النذر (في) قوله (ما لي في الكعبة أو بابها) حيث أزاد صرفه في بنائها إن نقضت أو لم يرد شيئًا فإن أراد كسوتها وطيبها ونحوهما لزمه ثلث ماله للحجبة يصرفونه فيها إن احتاجت قاله في المدونة ومثل الباب الحطيم وهو ما بين الباب والمقام وحكى ابن القاسم عن بعض الحجبة ما بين الباب إلى المقام ولابن حبيب ما بين الركن الأسود إلى الباب إلى المقام أي منتهيًا أو قريبًا سمي بذلك لأنه يحطم الذنوب كما تحطم النار الحطب وكما لا يلزمه نذر ما ذكر لا يلزمه شيء بدله خلافًا لرواية ابن وهب عليه كفارة يمين (أو) قال إن فعلت كذا فإني (كل ما أكتسبه) في الكعبة أو بابها أو صدقة للفقراء ولم يقيد بزمن ولا مكان وحنث فلا يلزمه شيء فإن قيد بزمان أو مكان وحنث لزمه كل ما يكتسبه بعد قوله ابن رشد هو القياس وأما إن كان في نذر ولم يقيد بزمن ولا بلد فيلزمه ثلث جميع ما يكتسبه
ــ
بالحج لأن قوله إن لم يعدم صحابة إنما هو منصوص في العمرة المطلقة دون المقيدة فتأمله ولذلك تعين كسر اللام في مطلقًا (والمشي) في ذكره المشي هنا إشكال لاقتضائه أنه على الفور مع أن نذره محمول على التراخي حتى يقيد مثل الحج غير المقيد بالإحرام على المشهور كما صرح به ابن الحاجب والشامل انظر ح وحمل ابن عاشر المشي على معنى الخروج وجعله من تمام ما قبله والمعنى أن من نذر الإحرام بالحج وأطلق لا يلزمه تعجيل الإحرام والخروج بل له تأخيرهما إلى أشهر الحج الخ. وهو بعيد (أو كل ما أكتسبه) قول ز: فإن قيد بزمان أو مكان الخ. ما ذكره من لزوم الجميع في هذا هو الراجح من قولين حكاهما ابن رشد وابن عرفة وغيرهما ومقابله سقوط الجميع وهو ضعيف ونص ابن رشد واختلف إذا حلف بصدقة ما يفيده أو يكسبه إلى مدة ما أو في بلد ما فحنث فقال ابن القاسم وأصبغ ها هنا أنه لا يلزمه شيء وحكى ابن حبيب عن ابن القاسم وابن عبد الحكم أنه يلزمه إخراج جميع ما يفيده أو يكتسبه إلى ذلك الأجل أو في ذلك البلد وحكى ابن المواز عن أصبغ مثله وهو القياس اهـ.
بعد قوله ومثل كل ما اكتسبه كل ما أفيده في جميع ذلك وهذا في صيغتي اليمين والنذر إذا لم يعين من يكون له ذلك فإن عين لزمه الجميع لمن عينه وسواء في النذر قيده بمدة أو بلد أم لا كذا ينبغي وسكت عن كل ما أملكه صدقة فإن أطلق لزمه ثلث جميع ما عنده كما لي في سبيل الله وإن قيده بمدة أو بلد لزمه جميع ما يتجدد له في النذر وأما اليمين ككل ما أملكه صدقة إن دخلت الدار ودخلها فيلزمه ثلثه إن أطلق فهو مخالف كل ما اكتسبه أو أفيده في هذه الحالة لأن أملكه يصدق على ما في ملكه حال اليمين بخلاف أكتسبه أو أفيده وإن قيد بمدة أو بلد فيلزمه جميع ما يتجدد له بها على أحد أقوال الخمسة (أو) نذر (هدي) بلفظه أو بدنة بلفظها (لغير مكة) فلا يلزمه شيء فيهما لا بعثه لمن عينه له ولا ذكاته بموضع الهدي كما في الشارح الكبير ونحوه لابن عرفة وتبعهما عج في نظمه بقوله لغو هذا عينه خلافًا لقول الشارح في صغيره يذكيه بموضعه وتبعه بعض الشراح لكن عزاه للمدونة ففي جزم البدر بأن ما في الشارح الصغير خطأ شيء وأما لو عبر بغير الهدي والبدنة فإن جعله لمكة فحكمه حكم الفدية وإن جعله لغيرها كقبر النبي صلى الله عليه وسلم أو كقبر ولي فإن كان مما يهدي وعبر عنه بلفظ بعير أو خروف أو جزور نحوه أو ذبحه بموضعه وفرق لحمه للفقراء وإن شاء أبقاه وأخرج مثل ما فيه من اللحم ويمتنع بعثه عند القبر ولو للنبي صلى الله عليه وسلم ولو قصد به الفقراء الملازمين له لقول المدونة كما في تت سوق الهدايا لغير مكة ضلال وأما إن كان مما لا يهدي به كثوب أو دراهم أو طعام فإن قصد بذلك الملازمين للقبر الشريف أو لقبر الولي ولو أغنياء أرسله لهم وإن قصد نفس النبي أو الشيخ أي الثواب له تصدق به بموضعه وإن لم يكن له قصد أو مات قبل علم قصده فينظر
ــ
واختصره ابن عرفة بقوله فإن قال لمدة كذا أو في بلد كذا ففي لغوه ولزومه قولًا أصبغ مع سماع عيسى ابن القاسم وابن حبيب عن ابن عبد الحكم مع ابن القاسم ومحمد عن أصبغ وهو الصواب كالعتق كذلك اهـ.
وبه تعلم أن ما ذكره خش مقتصرًا عليه من لزوم ثلث ما يفيده أو يكتسبه إن قيد بزمن أو بلد غير صحيح إذ ليس واحدًا من القولين والله أعلم (أو هدي لغير مكة) قول ز فلا يلزمه شيء الخ. صحيح ومثله في ح لكن عبر بأنه لا يجوز له نحوه بغير مكة لأنه نذر معصية ويستحب نحره فيها ونقله ابن عرفة عن اللخمي وهذا كله فيمن نذره لغير مكة بلفظ الهدي أو البدنة وما ذكره الشارح في الصغير من أنه يذكيه بموضعه وعزى للمدونة فإنما يصح إذا حمل على من نذر بغير لفظ الهدي والبدنة إذ هو الذي في المدونة انظر ق وح وقول ز فحكمه حكم الفدية يعني لا من كل وجه بل من جهة أنه لا يختص بزمان أو مكان بعد بعثه لمكة بخلاف الفدية فلا يجب صرفها لمكة ولهذا قال عج ينحر بمكة وقول ز ويمتنع بعثه عند القبر الخ. هذا هو المشهور ومذهب المدونة قال في ضيح لأن في بعثه إليه شبهًا بسوق الهدي وفي المدونة سوق الهدي لغير مكة من الضلال ومقابله لمالك في الموازية وبه قال أشهب لأن إطعام مساكين أي بلد طاعة ومن نذر أن يطيع الله فليطعه اهـ.
لعادتهم كذا استظهر ابن عرفة والبرزلي التفصيل المذكور وفي النذر لقبر ولي واستظهر عج في القبر الشريف أيضًا ذلك وانظر إذا لم يكن لهم عادة ولا يلزم بعث ستر ولا شمع ولا زيت يوقد على القبر الشريف أو غيره ولو نذر فإن بعثه مع شخص وقبله من صاحبه فالظاهر تعين فعله بمنزلة شرط الواقف المكروه ولا يجوز له أخذه لأن إخراج مال الإنسان على غير وجه القربة لا يخرجه عن كونه ماله فلا يباح لغيره تناوله كوضع شيء بصندوق شيخ أو عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فإن علم ربه دفع له وإلا كان لبيت المال وقد نظم عج أصل المسألة المتقدمة فانظره (أو) نذر (مال غير) من عبده أو داره أو بعيره صدقة أو هدايا لا شيء عليه لخبر لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم (إن لم يرد أن ملكه) فإن أراد ذلك لزمه التصدق بجميعه إذا ملكه أتى بلفظ جميع مال الغير أم لا وليس كنذره جميع مال نفسه لأن الذي نذر مال الغير قد أبقى مال نفسه لنفسه فنذره مال الغير كنذره ثلث ماله أو جميع ماله لمعين (أو) قال لله (عليّ نحر فلان) أو تعليقًا إن كان أجنبيًّا بل (ولو قريبًا) فما قبل المبالغة هو الأجنبي الحر على المعتمد فلا يلزمه شيء فيهما لأنه نذر معصية والفرق بينه وبين ما قبله أنه لما كان قد يملكه شرعًا بشرائه فكأنه أراد هدي ثمنه بخلاف فلان فلا يملك قلت فيخص قوله أو على نحو فلان بما إذا كان فلان حرًّا قاله الشيخ سالم فإن كان عبد أجنبي فلا شيء عليه وإن كان عبد نفسه فعليه هدي (إن لم يلفظ) في القريب والأجنبي (بالهدي) فإن لفظ به كعلي هدي فلان أو نحره هديًا فعليه هدي (أو) لم (ينوه أو) لم (يذكر مقام إبراهيم) أو ينوه أو يذكر مكانًا من الأمكنة التي يذكى فيها وهي منى وجميع أماكن مكة ومنه الصفا وتقدم والمندوب بمكة المروة وليست
ــ
(ولو قريبًا) قول ز والفرق بينه وبين ما قبله الخ. هذا الفرق لا تعلق له بما قبله بل هو كلام مختل منزل في غير محله وأصل هذا الفرق لأبي الحسن ذكره على قول المدونة ومن قال لحر إن فعلت كذا وكذا فأنا أهديك إلى بيت الله فحنث فعليه هدي ومن قال فعبد فلان أو داره أو شيء من ماله هدي فحنث فلا شيء عليه اهـ.
ونص أبي الحسن إنما فرق بين قوله لحر أنا أهديك وقوله لعبد غير هو هدي وإن كانا جميعًا لا ملك له عليهما لأن العبد يصح ملكه فيخرج عوضه وهو قيمته وأما الحر فليس مما يصح ملكه ولا يخرج عوضه فجعل عليه فيه الهدي إذا قصد القربة اهـ.
وعزاه في ضيح للتونسي فكان على ز لو ذكره بعد قوله إن لم يلفظ بالهدي فيقول فإن لفظ به في الحر فعليه هدي بخلاف إن لفظ به في عبد الغير فلا شيء عليه والفرق بينهما الخ ومع هذا ففي عبارته نظر والصواب ما ذكرناه.
(أو يذكر مقام إبراهيم) قال ح ظاهر كلام المصنف أنه إذا ذكر مقام إبراهيم لزمه الهدي في القريب والأجنبي وهذه طريقة الباجي كما ذكره في ضيح وذكره أبو الحسن عن ابن المواز عن ابن القاسم وظاهره أنه تقييد وخص ابن الحاجب ذلك بالقريب اهـ.
المزدلفة منها خلافًا لابن عمر والشاذلي على الرسالة ولذا أسقطها تت عليها وأوفى المصنف في المحلين بمعنى الواو وذلك لأن عدم لزوم الهدي عند انتفاء الأمور الثلاثة لا عند انتفاء أحدها واللزوم عند وجود واحد منها ثم عدم نية الهدي صادق بصورتين حقيقة النحر وعدم نية شيء والمشهور في الثانية أن عليه الهدي كما في توضيحه والمراد بمقام إبراهيم قصته مع ولده لا مقام مصلاه فإنه لا يلزمه شيء كما إذا نوى قتله ولو مع ذكر مقام إبراهيم أو محل ذكاة فيما يظهر فالأقسام ثلاثة إن قصد الهدي والقربة لزمه ذلك اتفاقًا وإن قصد المعصية لم يلزمه شيء اتفاقًا واختلف حيث لا نية والمشهور عليه الهدي لأن قوله لله عليّ هدي فلان أو حلف به وحنث حقيقة عرفية في التزام الهدي انظر التوضيح (والأحب حينئذ) أي حين يلفظ بالهدي أو ينويه أو يذكر مقام إبراهيم أو ينويه فالتنوين عوض عن أربع جمل (كنذر الهدي) تشبيه لإفادة الحكم أي كما يستحب في نذر الهدي المطلق (بدنة ثم) عند فقدها (بقرة) والأحب الذي هو الندب منصب على الترتيب وأما الهدي فواجب بقيده فإن عجز عن البقرة فشاة واحدة كما في تت لا سبع والفرق بين ذلك وبين ما قدمه المصنف من سبع شياه إن ما مر نذر البدنة بلفظها وإنما يقاربها البقرة أو السبع شياه وما هنا نذر الهدي المطلق أو ما يفيده كنحر فلان بقيده ومن أفراد الهدي المطلق الشاة الواحدة وشبه في صفة الهدي لا في حكمه قوله (كنذر الحفاء) بالمد وهو المشي بغير نعل ولا خف لمكة إذ الأول واجب بقيده المتقدم والاستحباب في ترتيب أنواعه وأما في نذر الحفاء فالهدي مستحب فقط ويلزمه الحج إن شاء منتعلًا وإن شاء
ــ
لكن إنما فصل ابن الحاجب بين القريب والأجنبي في ذكر مقام إبراهيم ونحوه وأما إذا تلفظ بالهدي فلا فرق بين القريب والأجنبي وهذه طريقة ابن بشير وابن شاس انظر طفى وقول ز وأو في المصنف في المحلين بمعنى الواو الخ أي على معنى عموم النفي لكل واحد من الثلاثة كما قرره لا نفي الجمع بينهما كما قد يوهمه كونها بمعنى الواو فتأمله وقول ز والمشهور في الثانية إن عليه الهدي الخ. تبع س وفيه نظر لأن ذلك إنما ذكره في ضيح فيما إذا لفظ بالهدي لا فيما إذا لم يلفظ به كما ذكره ز ونص ضيح إذا قال لله عليّ أن أهدي فلانًا فالمشهور عليه هدي ابن بشير إن قصد بنذره المعصية فلا يلزمه وإن لم يكن قصد فيجري على الخلاف في عمارة الذمة بالأقل أو بالأكثر خليل فعلى هذا المسألة على ثلاثة أوجه إن قصد الهدي والقربة لزمه بالاتفاق وإن قصد المعصية لم يلزمه واختلف حيث لا نية والمشهور عليه الهدي ونحوه لأبي الحسن اهـ.
وكلام ز آخرًا يدل على ما ذكرناه وقال ح قيد ابن بشير مسألة ما إذا ذكر الهدي بأن لا يقصد المعصية يعني ذبحه قال فلا يلزمه حينئذٍ شيء وتقيد به مسألة نية الهدي وذكر المقام من باب أولى وارتضى القيد في الشامل وأتى به على أنه المذهب وهو ظاهر اهـ.
وقول ز والمراد بمقام إبراهيم الخ. هذا التفسير لابن هارون قال ابن فرحون وهو بعيد من كلام أهل المذهب اهـ.
حافيًا ويحتمل أنه تشبيه بقوله ولا يلزم في مالي الخ. وأدخل بالكاف المقدر دخولها على الحفاء الحبو والزحف والقهقرى وحيث لم يلزمه ما ذكر فيمشي في نذر الحفاء منتعلًا إن شاء كما مر وفي نذر غيره على العادة وقد نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نذر أن يمشي إلى الكعبة القهقرى فقال مروه ليمش إلى وجهه انظر ابن يونس قاله د (أو) نذر (حمل فلان) على عنقه إلى بيت الله (إن نوى التعب) لنفسه بحمله فلا يلزمه ذلك وإنما يجب عليه هو أن يحج ماشيًا ويهدي ندبًا وقيل وجوبًا فقوله الآتي بلا هدي لا يرجع لهذا وكلامه لا يفيد واحدًا من هذه الثلاثة (وإلا) بأن لم ينو التعب بأن نوى بحمله إحجاجه معه أو لا نية له على ما لابن يونس وتأول الباجي الموطأ عليه (ركب وحج به) إن رضي فإن أبى فلا شيء عليه وحج هو وحده (بلا هدي) عليه فيهما وهذا ما لم يقل أحجه بضم الهمزة وإلا لزمه إحجاجه في يمين حنث فيها كما في الشامل وكذا في نذر كما لابن المنير عن مالك كما نقله عنه حفيده الدماميني على المغني في بحث الباء المفردة ونص الشامل إن قال إن فعلت كذا فإنا أحجه فحنث أحجه من ماله إلا أن يأبى فلا شيء عليه وإن قال أنا أحج به حج راكبًا وحج به فإن أبى حج وحده فلو قال من غير يمين فإن شاء فعل أو ترك وإن قال لله على حمل هذا العمود ونحوه لمكة قاصدًا به المشقة مشى في نسك غير حامل شيئًا وأهدي فإن ركب لعجز فهدي فقط وإن كان يقدر على حمله ركب ولا شيء عليه اهـ.
وقوله فلو قال من غير يمين أي ومن غير نذر إذ لو قاله في نذر فيلزمه أيضًا كما تقدم عن ابن المنير (ولغى) أي بطل قول الشخص لله علي أو (علي المسير) إلى مكة إن كلمت فلانًا (والدهاب والركوب) والإتيان والانطلاق (لمكة) إلا أن ينوي أن يأتيها حاجًّا أو معتمرًا فيأتيها راكبًا إلا أن ينوي ماشيًا قاله في المدونة فإن قلت: قد مر إن من نذر المشي إلى مكة يلزمه ولا شك أن المسير والذهاب مساوٍ له في المعنى قلت الفرق كما في الشيخ داود أن العرف إنما جرى بلفظ المشي ولأنه الوارد في السنة بخلاف غيره من
ــ
وكلام المدونة وغيرها يدل على أنه مقام الصلاة (وإلا ركب وحج به) إنما يحمل هذا على ما إذا لم ينو شيئًا أما إذا نوى إحجاجه فإن الحالف لا يلزمه حج بل يدفع فقط إلى الرجل ما يحتاج إليه من مؤنة الحج كما لأبي الحسن وحاصل كلامه أن المسألة على ثلاثة أوجه تارة يحج الحالف وحده وهذا إذا أراد المشقة على نفسه بحمله على عنقه وتارة يحج المحلوف به وحده إذا أراد حمله من ماله وتارة يحجان جميعًا إذا لم تكن له نية اهـ.
قال ابن عاشر وقد سكت المصنف عن الثاني من هذه الأوجه وقد أشار إليه في المدونة بقوله قال عنه عليّ إن نوى إحجاجه من ماله فلا شيء عليه إلا إحجاج الرجل قال أبو الحسن وهذا مما لا يختلف فيه وقد حمل أبو عمران وأبو إسحاق رواية علي على الوفاق لابن القاسم اهـ.
وبه تعلم ما في كلام ز والله أعلم.
(ولغى عليّ المسير) الخ قول ز قلت الفرق الخ. هذا الفرق ذكره في ضيح
الألفاظ المذكورة (و) لغى (مطلق المشي) في قوله علي المشي من غير تقييد بمكة ولا بيت الله بلفظ ولا نية (و) لغى قوله عليّ (مشى لمسجد) غير الثلاثة (وإن لاعتكاف) أو صلاة فيه لخبر لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى ولا يعارضه خبر من نذر أن يطيع الله فليطعه لأنه عام فيخص بهذا قال الشارح لو قال وإتيان أي لغي إتيان لمسجد لكان أحسن لأن ظاهره جواز إتيانه راكبًا وليس كذلك قاله تت ويجاب بأنه إنما ذكر عدم اللزوم فيما يتوهم أنه قربة فأولى غيره وأجاب الشيخ سالم بقوله ولعل المصنف إنما عبر بقوله ومشى لمسجد لأجل قوله (إلا) المسجد (القريب جدًّا) من الناذر وهو ما على ثلاثة أميال وقال ح وهو ما لا يحتاج فيه لأعمال المطي وشد الرحال (فقولان) تحتملهما المدونة في نذر الصلاة والاعتكاف أحدهما لزوم الذهاب إليه ماشيًا كما في الشارح وقت لا راكبًا كمن نذر المشي لمسجد المدينة الثاني عدم الذهاب بالكلية لا عدم المشي وعلى هذا الثاني يلزمه فعل ما نذره بموضعه كمن نذرهما بمسجد بعد (و) لغى (مشى) وذهاب ومسير (للمدينة) على ساكنها أفضل الصلاة واللاسم (أو) لمسجد (إيلياء) فلا يلزم ذهابه لهما لا ماشيًا ولا راكبًا وهو ممدود بوزن كبرياء معناه بيت المقدس معرب وحكى قصر ألفه وانظر بقية لغاته وفضائله في الشيخ سالم ومحل عدم لزوم المشي للبلدين (إن لم ينو) أو ينذر (صلاة) ولو نفلًا وإن اختصت المضاعفة بالفرض لنية إقامته أيام يتنفل فيها فيتضمن الفرض أو صومًا أو اعتكافًا كما مر في بابه (بمسجديهما أو يسمهما) أي المسجدين لا البلدين فإن نوى صلاة فيهما أو سماهما لزمه الإتيان (فيركب) ولا يلزمه المشي لأنه لما سماهما فكأنه قال لله علي أن أصلي فيهما وظاهره ولو كانت الصلاة نافلة قال د إن قيل: ما الفرق بين قوله علي المشي إلى هذين المسجدين وبين المشي إلى مكة فإنه هنا يركب وهناك يمشي فالجواب من وجهين أحدهما أن المشي إلى المدينة مثلًا لا قربة فيه وإنما هو وسيلة إلى ما فيه قربة والمشي إلى مكة فيه قربة لأنه يحرم من الميقات ثانيهما أن المشي فيه أنسب لعبادة الحج لأنه يمشي في المناسك وقربة الصلاة منافية للمشي اهـ.
(وهل) لزوم إتيان أحد المساجد الثلاثة لناذر مطلقًا (وإن كان) الناذر (ببعضها) فاضلًا أو مفضولًا (أو) يلزم (إلا لكونه بأفضل) فلا يلزمه إتيان المفضول (خلاف والمدينة أفضل) من مكة أي ثواب العمل فيها أكثر من ثواب العمل في مكة كما أشار له العز (ثم مكة) على المشهور وهو قول أهل المدينة وعكس الشافعي وابن وهب وابن حبيب وأهل الكوفة ومحل الخلاف فيما عدا الموضع الذي ضم أعضاءه عليه الصلاة والسلام وهو مراد من عبر بموضع قبره فإنه أفضل من جميع بقاع الأرض حتى الكعبة ومن السموات
ــ
(والمدينة أفضل الخ) يدل له ما رواه الدارقطني والطبراني من حديث رافع بن خديج المدينة خير من مكة نقله في الجامع الصغير.
ومن العرش والكرسي واللوح والقلم والبيت كما للسيد السمهودي ولعله أراد البيت المعمور فلا يتكرر مع قوله الكعبة قال ويليه الكعبة فإنها أفضل من بقية المدينة اتفاقًا اهـ.
ونزول المائة وعشرين رحمة عليها دليل لذلك وعلم من هذا أن بلد المدينة أفضل من بلد مكة وأنه يلي القبر الكعبة في أنها أفضل من المدينة وأما المسجدان بقطع النظر عن الكعبة وعن القبر الشريف فمسجد المدينة أفضل. انظر ح ولما زيد من مسجده الشريف حكم مسجده عند الجمهور خلافًا للنووي وقيل إنه رجع عن ذلك قاله الشيخ سالم وقال أيضًا والجمهور على تفضيل السماء على الأرض وقيل بتفضيل الأرض لخلق الأنبياء منها ودفنهم فيها وقد علمت أن المراد بموضع قبره ما يمس أعضاءه لا أعم كما ظن مخالفة العبارتين عج وإن كان لغير المماس حرمة أيضًا كجلد المصحف إلا أنه لا ينبغي القول بأنه أفضل من جميع ما تقدم قال الدماميني والروضة تنضم أيضًا لموضع القبر في الإجماع على تفضيله بالدليل الواضح إذ لم يثبت لبقعة أنها من الجنة بخصوصها إلا هي فلذا أورد البخاري حديث ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة تعريضًا بفضل المدينة إذ لا شك في تفضيل الجنة على الدنيا اهـ.
وفي الصحيحين فيما يتعلق بالمدينة من صبر على لأوائها وشدتها كنت له شهيدًا وشفيعًا يوم القيامة ولمسلم من رواية أبي سعيد لا يصبر أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة أي شفيعًا للعاصين وشهيدًا للمطيعين أو شفيعًا لمن مات بعد المصطفى وشهيدًا لمن مات في حياته فأو للتقسيم لا للشك قاله عياض قال السمهودي وفيه بشرى للصابر بها بالموت على الإِسلام وهذه مزية عظيمة زائدة على شفاعته وشهادته العامتين فقد ثبت حديث من مات بالمدينة كنت له شفيعًا يوم القيامة وخبر من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت فإنه من مات بها أشفع له وأشهد له اهـ.
ثم يلي مكة في الفضل بيت المقدس فهو أفضل ولو من المساجد المنسوبة له صلى الله عليه وسلم كمسجد قباء والفتح والعيد وذى الحليفة وغيرها.
تتمة: رأيت بخط عج ما نصه وقع السؤال عن ثلاث مسائل هل المجاورة بمكة أو المدينة أفضل أم تركها أفضل الثانية هل الأفضل دخول مكة ماشيًا أم راكبًا الثالثة قوله صلى الله عليه وسلم خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء فأجبت بقولي الحمد لله عدم المجاورة أفضل قال مالك القفل أي: الرجوع أفضل من الجوار وكان عمر رضي الله عنه يأمر الناس بالقفول بعد الحج وظاهر كلام أئمتنا استواء دخول مكة ماشيًا وراكبًا في الفضل وصحح الشافعية إن دخوله مكة ماشيًا أفضل اهـ.
ذكره بعض المتأخرين وأما الحديث فقد ذكره من أئمتنا لقرافي وقال الحافظ السيوطي لم أقف عليه لكن في الفردوس من حديث أنس خذوا ثلث دينكم من بيت
عائشة ولم يذكر له إسنادًا وقال الحافظ ابن حجر لا أعرف له إسنادًا ولا رأيته في شيء من كتب الحديث إلا في النهاية لابن الأثير ورأيته في الفردوس بغير لفظه وذكره بغير إسناد ولفظه خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء وسأل ابن كثير المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه اهـ.
وانظر قول السيوطي من بيت عائشة وقول الحافظ بدله من بيت الحميراء وكلاهما ناقل عن الفردوس اهـ.