الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الجهاد
مبتدأ خبره فرض كفاية ويكون (في أهم جهة) فهو متعلق بمقدر لا بالجهاد كما في تت وإن كان هو ظاهر المصنف لأنه يقتضي إنه إنما يكون فرض كفاية حيث تعددت الجهة وفيها أهم وغيره ووقع في الأهم منها مع أنه فرض كفاية حيث كان الخوف في جهة واحدة أو جهات ولم يكن فيها أهم أو فيها أهم وجاهد في غيره فإن استوت الجهات في الخوف فالنظر للإمام في الجهة التي يذهب إليها إن لم يكن في المسلمين كفاية لجميع الجهات وإلا وجب سد الجميع (كل سنة) ظرف لقوله الجهاد كما لتت ولقوله فرض كفاية (وإن خاف) المجاهد (محاربًا) في طريقه وهو مبالغة في الحكم المذكور بعده وهو قوله فرض كفاية مقدم عليه أي لا يسقط فرضية الجهاد خوف محارب أو لص لأن قتالهم أهم ويحتمل أن معناه إذا كان المحارب في جهة والعدوّ في جهة وخيف من المحارب عند الاشتغال بقتال
ــ
باب الجهاد
ابن عرفة هو في الشرع قتال مسلم كافرًا غير ذي عهد لإعلاء كلمة الله تعالى أو حضوره له أو دخول أرضه له فخرج قتال الذمي المحارب على المشهور من أنه غير نقض وقوله لإعلاء كلمة الله تعالى يقتضي أن من قاتل للغنيمة أو لإظهار الشجاعة وغيرهما لا يكون مجاهدًا فلا يستحق الغنيمة حيث أظهر ذلك ولا يجوز له تناولها حيث علم من نفسه ذلك كذا قيل وفيه نظر والصواب كما أفاده عج في حاشية الرسالة أنه يستحق الغنيمة بمجرد القتال مطلقًا وأن الذي يتوقف على قصد الإعلاء هو كونه شهيدًا ابن عرفة ويدخل في إعلاء كلمة الله قتال العوام الكافر لكفره نقله الأبي وقال الأبي أيضًا محل نية الجهاد عند الخروج له يدل على ذلك الحديث ويدل على أنه لا يشترط مقارنة النية للشروع في القتال أن ساعة الفزع للعدو وقت دهش وغفلة وإلزام حضور النية والإخلاص حينئذ تكليف بمشق اهـ.
ومراده بالحديث حديث معاذ الذي في ق والله أعلم.
(وإن خاف محاربًا) قول ز لأن قتالهم أهم الخ. ابن شعبان وقطعة الطريق مخيفو السبيل أحق بالجهاد من الروم أي: فإذا كان قتالهم نفس الجهاد لم يتصور أن يعد مسقطًا لأنه بقتالهم يؤدي ما وجب عليه من الجهاد اهـ.
من غ وفي المدونة جهاد المحاربين جهاد وقال ابن عبد السلام قتالهم أفضل من قتال الكفار وصوب وقال ابن ناجي المشهور ليس أفضل وقول ز ويحتمل أن معناه الخ. الاحتمال
العدوّ لأن فساد الشرك لا يعدله فساد (كزيارة الكعبة) أي: إقامة الموسم بالحج لا زيارتها بطواف فقط أو عمرة وأفرد ذلك عن نظائره الآتية لمشاركته للجهاد في الوجوب كل سنة وتنبيهًا كما قال غ على أنها لا يسقطها خوف المحاربين اهـ.
ولا يشكل بقول المصنف فيما مر وأمن على نفس ومال لأن ما مر شرط في العيني وما هنا في فرض الكفاية أي يخاطب كل الناس بقتال المحارب وإقامة الموسم لا أهل قطر فقط كحجاز في إقامة الموسم فإن أقيم من جمع ولحقهم شخص في الوقوف بعرفة فقد دخل معهم قياسًا على مدرك تكبيرة من الجنازة فإنه ينوي الفرض لأنه لا يتحقق القيام بفرض كفايتها إلا بسلامها (فرض كفاية) ما لم تكن أطراف البلاد آمنة فالجهاد مندوب (ولو مع وال) أي أمير جيش (جائر) لا يضع الخمس موضعه ارتكابًا لأخف الضررين لأن الغزو معه إعانة على جوره وتركه معه خذلان للإسلام ونصرة الدين واجبة وكذا مع ظالم في أحكامه أو فاسق بجارحة لا مع غادر ينقض العهد فلا يجب معه على الأصح وعلق بفرض قوله (على كل حر ذكر مكلف قادر) دخل فيه الكافر خلافًا لد بناء على المشهور من خطابهم بفروع الشريعة حتى الجهاد وقيل إلا الجهاد ولا ينافي وجوبه عليه حرمة استعانة بمشرك كما يأتي لأنه في حرمته علينا وما هنا في وجوبه عليهم ولا يلزم على ذلك أن يجاهد نفسه لأن الكلام هنا في ذمي تحت ذمتنا فيطلب بمجاهدة أهل الحرب الكفار ولا يتوقف ذلك على إسلامه كرد الوديعة وأداء الدين والمتوقف عليه الصلاة والصوم ونحوهما وشبه بالجهاد في فرضية الكفاية نظائر لا مع تقييد بكل سنة بقوله (كالقيام بعلوم الشرع) ممن هو أهل له غير ما يجب عينًا كطهارة وصلاة وصيام وزكاة إن
ــ
الأول هو المنصوص وهذا الثاني غير ظاهر (فرض كفاية) قول ز فالجهاد مندوب الخ. فيه نظر بل ظاهر كلامهم أنه فرض كفاية ولو مع الأمن لما فيه من إعلاء كلمة الله وإذلال الكفر قاله مس قلت رأيت للجزولي في شرح الرسالة أنه نقل عن ابن رشد والقاضي عبد الوهاب أن الجهاد فرض كفاية مطلقًا ونقل عن ابن عبد البر أنه نافلة مع الأمن لكن قد علمت أن الأول أقوى (على كل حر ذكر الخ) قول ز دخل فيه الكافر الخ. فيه نظر وإن قاله غيره كيف وقد عدّ ابن رشد الإِسلام من شروط الوجوب كما نقله ق (كالقيام بعلوم الشرع) قول ز كطهارة وصلاة الخ الواجب العيني لا ينحصر في معرفة باب معين بل يجب على كل مكلف أن لا يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه ولو السؤال عنه وقول ز ومما يتوقف عليه عند بعض غير المالكية الخ. أي لأن شارح المطالع وهو القطب الرازي ومحشيه السيد الجرجاني ليسا مالكيين بل ليسا من الفقهاء وحينئذ فلا يحتج على وجوب المنطق بكلامهما فالصواب إسقاط ذلك وما ذكره السيد من توقف العقائد على المنطق وتوقف إقامة الدين عليهما غير صحيح وقد قال الغزالي في الإحياء ذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وجميع أهل الحديث من السلف إلى أن علم الكلام والجدل بدعة وحرام وأن العبد أن يلقى الله بكل ذنب خير من أن يلقاه بعلم الكلام اهـ.
وجبت بل ما زاد على ذلك من فقه وأصول وحديث وتفسير وعقائد وما يتوقف عليه كنحو ولغة وأصول لا فلسفة وهيئة ومما يتوقف عليه عند بعض غير المالكية منطق لقول شرح المطالع ولأمر ما أصبح العلماء العاملون الذين تلألأت في ظلمات الليالي أنوار قرائحهم الوقادة واستنارت على صفحات الأيام آثار خواطرهم المنقادة يحكمون بوجوب معرفة علم المنطق بل قال السيد في حاشيته عقب ذلك ما نصه أما فرض حين لتوقف معرفة الله تعالى عليه كما ذهب إليه جماعة وأما فرض كفاية لأن إقامة شعائر الدين بحفظ عقائده ولا تتم إلا به كما ذهب إليه آخرون وقال الغزالي من لا معرفة له بالمنطق لا ثقة بعلمه وسماه معيار العلوم والمراد بالقيام بها حفظها وإقراؤها وقراءتها وتحقيقها وتهذيبها وتعميمها إن قام دليل على تعميمها وتخصيصها إن قام عليه دليل وتعبيره بعلوم الشرع أحسن من تعبير غيره بالعلوم الشرعية لأن العلوم الشرعية قاصرة على ثلاثة الفقه والحديث والتفسير والمراد هنا أعم لزيادة العقائد في عبارة المصنف كما مر ودخل في ذلك النساء كما في شرح التنقيح فيجب على المتأهلة منهن القيام بعلوم الشرع كما كانت عائشة ونساء تابعات وغاية ما في الباب أن التقصير في زيادة العلم ظهر فيهن أكثر (والفتوى) الإخبار لفظًا أو كتبًا بالحكم على غير وجه الإلزام (والضرر) عن المسلمين أي دفعه ورفعه كما في تت ونسخة غ والدرء مصدر درأ أي: دفع أولى لعدم احتياجها لتقدير ويلحق بالمسلمين من في حكمهم كأهل الذمة والدفع بإطعام جائع وستر عورة حيث لم تف الصدقات ولا بيت المال بذلك وإذا أخذ لص مال غيرك وسلمت أنت فحق عليك معاونته وورد في منتقم منه قال لعله رأى مظلومًا فلم ينصره وواجب على كل من قدر على دفع مضرة أن يدفع جهده ما لم يخف مضرة ابن عرفة خوف العزل من الخطة ليس
ــ
ونهى عن قراءة لمنطق الباجي وابن العربي وعياض وقال الشاطبي في الموافقات في القضايا الشرعية أن علم المنطق مناف لها الآن الشريعة لم توضع إلا على الشريعة الأمية اهـ.
وقال في الإحياء معرفة الله سبحانه وتعالى لا تحصل من علم الكلام بل يكاد الكلام يكون حجابًا عنها ومانعًا منها وقال أيضًا ليس عند المتكلم من الدين إلا العقيدة التي يشارك فيها العوام وإنما يتميز عنهم بصنعة المجادلة انظر سنن المهتدين وحينئذ فإن لم يكن المنطق منهيًا عنه فلا أقل أن يكون جائزًا كما اختاره ابن السبكي وغيره وأما الوجوب فلا سبيل إليه والله أعلم.
تنبيه: في ق عن ابن رشد أن من كان فيه موضع للإمامة والاجتهاد فطلب العلم عليه وأحب اهـ.
يعني أنه فرض عين على من ظهرت فيه القابلية وهذا هو قول سحنون قال ابن ناجي والنفس إليه أميل وجعله شيخنا أبو مهدي المذهب قائلًا: لا أعرف خلافه اهـ.
(والفتوى) إن كان المراد بالفتوى تعليم المسائل في أيّ فن والمراد بالقيام بالعلوم تعلمها كان من عطف أحد المتقابلين على الآخر وإن أريد بها ما هو المتعارف من تعليم
بمضرة (والقضاء) الإخبار بالحكم على وجه الإلزام (و) أداء (الشهادة) وكذا تحملها إن احتيج له كما سيذكره في بابها بقوله والتحمل إن افتقر إليه فرض كفاية ومحلها إن وجد أكثر من نصاب وإلا تعين التحمل على النصاب (والإمامة) للصلاة حيث كانت إقامتها في البلد فرض كفاية كما مر في فصل الجماعة وكذا الإمامة الكبرى ويشترط أن يكون واحدًا المازري إلا أن تبعد الأقطار أي بحيث لا يمكن إرسال نائب عنه فيجوز تعدده (والأمر بالمعروف) والنهي عن المنكر بشرط معرفة كل وأن لا يؤدي ذلك إلى ما هو أعظم منه مفسدة وأن يظن الإفادة والأولان شرطان للجواز فيحرم عند فقدهما والثالث للوجوب فيسقط عند عدم ظن الإفادة ويبقى الجواز إن لم يتأذ في بدنه أو عرضه وإلا انتفى الجواز أيضًا قاله القرافي والظاهر أن هذا القيد يعلم من الثاني وقد أشار بعضهم لهذه بقوله:
معرفة المنكر والمعروف
…
والظن في إفادة الموصوف
وإلا من فيه من أشد النكر
…
كقتل شخص في قيام الخمر
أو عند شرب الخمر ويشترط أيضًا في المنكر الذي يجب تغييره أن يكون مما أجمع على تحريمه أو ضعف مدرك القائل بجوازه كأبي حنيفة في شرب النبيذ فعلينا نهى حنفي عن شربه وأما ما اختلف فيه فلا ينكر على مرتكبه إن علم أنه يعتقد تحليله بتقليده القائل بالحل كصلاة مالكي بمنى في ثوبه مقلدًا للشافعي في طهارته بشرط طهارة فرجه قبله عنده فإن علم أنه يرتكبه مع اعتقاد تحريمه نهى لانتهاكه الحرمة كما قال ابن عبد السلام قال الشيخ زروق بشرح الإرشاد وإن لم يعتقد التحريم ولا التحليل والمدرك فيهما متواز أرشد للترك برفق من غير إنكار ولا توبيخ لأنه من باب الورع اهـ.
قال تت التادلي ولا يشترط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذن الإِمام ولا عدالة الآمر أو الناهي على المشهور أي لخبر أؤمر بالمعروف وإن لم تأته وانه عن المنكر وإن لم تجتنبه وأما قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44] الآية. فخرج مخرج الزجر عن نسيان النفس لا أنه لا يأمر انظر المناوي في شرح الحديث المذكور قال تت أيضًا ويشترط ظهور المنكر في الوجود من غير تجسس ولا استراق سمع ولا استنشاق ريح ليتوصل بذلك لمنكر ولا يبحث عما أخفى بيد أو ثوب أو حانوت أو دار فإنه حرام اهـ.
ــ
المسائل الفقهية وأريد بالقيام بالعلوم والتعلم والتعليم كان من عطف الخاص على العام (والقضاء) قول ز الإخبار بالحكم الخ. فيه نظر والصحيح أن القضاء أنشأ الإخبار كما يأتي في محله (والأمر بالمعروف) ما ذكره ز أوّلًا من الشروط الثلاثة وأن الأولين في الجواز والثالث في الوجوب هو نص ابن رشد في سماع القرينين من كتاب السلطان وقول ز لأن الكلام في الأمر والنهي اللفظيين الخ. فيه نظر بل المراد هنا النفيان فالأمر بالمعروف هو اقتضاء فعله بأي لفظ كان سواء كان أمرًا اصطلاحيًا أو نهيًا فنحو لا تفعل أمر بالكف عن الفعل فهو داخل في الأمر بالمعروف خلافًا لقول تت يستلزمه وكلام تت والبحث فيه خروج
والظاهر أن حرمة الإقدام على ذلك لا تمنع وجوب النهي عنه بعد ذلك فما وقع لعمر بن الخطاب وهو يطوف ليلة بالمدينة في عسسه الذي اخترعه رضي الله عنه من أنه نظر من خلال باب شيخًا يشرب خمرًا فصعد على جدار البيت ونزل على الرجل فقال يا أمير المؤمنين أنا عصيت الله واحدة وأنت ثلاثًا قال الله تعالى: {وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12] وأنت قد تجسست عليّ وقال تعالى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] وأنت أتيت من الجدار وقال تعالى: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النور: 27] أي: تستأذنوا وأنت لم تستأذن فعفا عنه عمر وخرج وهو يقول: ويل لعمران لم يغفر الله له اهـ.
ليس عفوه عنه مذهبنا فلا يسقط الحد عن شارب الخمر بفعل الإِمام نو ذلك ثم قال تت أيضًا وأقوى مراتبه اليد ثم اللسان برفق ولين ثم بقلبه وهو أضعفها ثم لا يضره من ضل اهـ.
فإن قلت قوله ثم بقلبه فيه نظر لأنه فرض عين كما بشرحه على الرسالة وإن لم توجد الشروط المتقدمة وإنما هي في فرض الكفاية قلت ضمير مراتبه للأمر بالمعروف وضده من حيث هو لا بقيد كونه فرض كفاية على أن إطلاق النهي عن المنكر بالقلب تجوز إذ الذي به إنكار المنكر لا النهي عنه قال تت أيضًا ولم يذكر المصنف النهي عن المنكر لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده اهـ.
وفيه نظر لأن الكلام في الأمر والنهي اللفظيين بدليل تعلقهما باللسان ونحوه كاليد لا النفسيين وقد تقرر في أصول الفقه أن الأمر اللفظي ليس هو النهي اللفظي قطعًا ولا يتضمنه على الأصح لأن الأمر كما في جمع الجوامع وشرحه اقتضاء فعل غير كف أو اقتضاء كف لكن بلفظ كف والنهي اقتضاء الكف عن فعل بغير لفظ كف وقيل يتضمنه على معنى أنه إذا قيل أسكن فكأنه قيل لا تتحرك أيضًا لأنه لا يتحقق السكون بدون الكف عن التحرك وحمل الأمر في كلام المصنف على ما يشمل النهي بأن يعرف بأنه اقتضاء فعل ولو كفى بلفظ كف أو بغير لفظ كف مخالف لما عليه الأصوليون كما علمت ولا قرينة في كلامه تدل على ذلك الحمل (والحرف المهمة) مما لا يستقيم صلاح الناس إلا بها كخياطة وحياكة وبناء وبيع وشراء لا غير المهمة كقصر قماش ونقش سقف وجدر (ورد السلام) ولو على قارئ قرآن على المعتمد كما يفيده الوانشريسي خلافًا لصاحب المدخل ويفيد الأول أيضًا أنه يسن السلام عليه أو مصل لكن إشارة كما مر ولعله إن لم يكن المسلم أعمى أو في ليل مظلم لا يرى إشارته ويحتمل طلبه بها كرد سلام غائب في
ــ
عن المقصود (ورد السلام) قول ز يجب الرد أيضًا على آكل الخ. تقدم عن ح في الأذان أنه يكره السلام على الآكل ولا يرد انظره وقول ز وتقدم في الأذان عطفًا على ما يجوز وكذا قوله لم ينه عن السلام عليهم الخ غير صواب لأن قوله في الأذان وسلام عليه كملب عطف
كتاب ولا يطلب المصلي بالرد عليه بعد فراغه منها وظاهر كلامهم ولو بقي المسلم وكذا يجب الرد أيضًا على آكل لا ملب أو مؤذن أو مقيم أو مستمع خطبة أو قاضي حاجة أو واطىء حال تلبس كل وبعد فراغه في الثلاثة الأخيرة وأما الثلاثة الأول فيجب الرد إن استمر المسلم حاضرًا لفراغهم ويجب إسماعه وتقدم في الأذان قوله عطفًا على ما يجوز وسلام عليه كملب والفرق أن الثلاثة الأول لم ينه عن السلام عليهم بخلاف الثلاثة الأخيرة ولمنافاة الأخيرين للذكر الذي منه الرد ويشترط كما قال القرطبي إسماع المسلم المطلوب بالسلام أي: حيث كان حاضرًا ولم يكن به صمم كما هو الظاهر وإلا وجب بغير إسماعه كرد سلام مكتوب شخص فيه سلامه ويسقط فرض الرد عن جماعة قصدوا بالسلام برد واحد منهم لا من غيرهم ولا ولي رد الجميع وهل لغير من رد ثواب أم لا تردد نقله تت على الرسالة ونقل بعضهم عن بعض شراحها وأظنه قال الفاكهاني أنه إنما يحصل الثواب لغير من رد إذا نوى الرد وتركه لأجل رد الغير وإلا فلا وذكر عن الأبي أنه يحصل مطلقًا وفيه تعسف والأولى ما لبعض شراحها وفي شرح التنقيح إن ثواب فرض الكفاية يحصل لغير الفاعل من حيث سقوط الطلب عنه وأما ثواب الفعل نفسه فلفاعله وقولي قصدوا بالسلام احتراز عن قصد كبير منهم فقط بالسلام فلا يجزئ رد غيره فيما يظهر وأخبرت أن البسيلي صرح بذلك ويحتمل إجزاؤه وأنه كالداخل في فرض الكفاية ادعاء وإن سلم جماعة دفعة على واحد كفاهم رد واحد ويجب رد سلام صبي كما في الزواوي على مسلم عن النووي ولا يكتفي برده عن البالغين فيما يظهر لعدم خطابه هو بالرد وذكر النووي أن فيه وجهين عند الشافعية أصحهما الاكتفاء ونقله عج بحاشية الرسالة وأقره ولعله في شرح مسلم وإلا فالذي له في إذكاره أن أصحهما عدم الاكتفاء ولا تسلم شابة على رجل غير محرم لها ولا هو عليها وهل يجب رد المسلم عليه منهما أم لا لأن فيه تطرقًا لما لا يحل شرعًا قال عج وتردد التادلي هل الرد أفضل من الابتداء أي: الذي هو سنة كفاية على المشهور كما في الشيخ سالم أو هو أفضل وهو ما عليه غير واحد وعليه فتكون السنة أفضل من الفرض كما أن إبراء المعسر من الدين مندوب وهو أفضل من أنظاره الذي هو واجب وكذا الوضوء قبل دخول الوقت أي؛ وأشار السيوطي في قلائد الفوائد لذلك بقوله:
الفرض أفضل من تطوع عابد
…
حتى ولو قد جاء منه بأكثر
إلا التطهر قبل وقت وابتدا
…
ء للسلام كذاك أبرأ معسر
ــ
على المكروه لا على الجائز كما توهمه راجعه وما نقله ز عن شرح التنقيح لا معنى له والظاهر ما ذكره عن الفاكهاني من حصول الثواب على النية إذا نوى الرد والله أعلم على أن الذي نقله ابن ناجي عن القرافي هو ما نصه الفاعل في فرض الكفاية إنما يساوي غير الفاعل في سقوط التكليف لا في الثواب وعدمه اهـ.
وتقدم ذلك النظم أيضًا وقد يستوي ثواب الواجب والمندوب كما في حديث صاحب الصف وصاحب الجمعة لا يفضل هذا على هذا ولا هذا على هذا قال بعض من شرحه أي: الملازم على الصلاة في الصف الأول والملازم على صلاة الجمعة في الأجر سواء لا يفضل هذا على هذا ولا هذا على هذا بل هما متعادلان في حيازة الثواب ومقداره ويحتمل في الحيازة دون المقدار اهـ.
ولم أر لغيره ما يخالف.
تنبيه: في مختصر الوقار إذا علم رجل من إنسان أنه يستثقل بسلامه عليه فإنه يجوز له ترك السلام عليه ولا يدخل في الهجران المنهي عنه اهـ.
قلت: وربما يستفاد من هذا أن من علم من شخص أنه إذا سلم عليه لا يرد عليه السلام فإنه يجوز له ترك السلام عليه بل هذا أولى وفي أذكار النووي أنه يسلم عليه اهـ.
ما قاله عج (وتجهيز الميت) المسلم من غسل على أحد القولين اللذين قدمهما وكفن ودفن وغيرهما ولا يستفاد كفايته مما قدمه في الجنائز وأما الكافر فلا يجهز بل يوارى فقط (وفك أسير) بمال المسلمين فإن كان بماله أو من الفيء فلا يكون فرض كفاية حتى يتعلق بالمسلمين وإن احتيج في فكه لقتال فرض كفاية عليهم قال تت القرافي ويكفي في فرض الكفاية ظن الفعل لا تيقنه (وتعين) الجهاد (بفجء العدو) على قوم بنزوله عليهم بغتة ولهم قدرة على دفعه أو قارب دارهم ولو لم يدخلها فيلزم كل أحد دفعه والخروج له (وإن) توجه الدفع أو الخروج (على امرأة) وعبد وصبي مطيق للقتال والمبالغة متعلقة بتعين لا بفجء كما للشارح لأنه يحتاج لتضمين فجء معنى أغار كما فسره به الشارح نفسه وإلا ففجء يتعدى بنفسه انظر تت (و) تعين الجهاد (على من بقربهم إن عجزوا) أي: من فجأ عليهم ومحل تعينه على من بقربهم إن لم يخشوا معرة على نسائهم وبيوتهم من عدوّ بتشاغلهم بمن فجأهم العدو وإلا تركوا إعانتهم (وبتعيين الإِمام) ولو لصبي مطيق للقتال كما في النوادر أو امرأة أو عبد أو ولد أو مدين ويخرجون ولو منعهم
ــ
فما نقله ز لعله فيه تحريفًا وقول ز كما أن إبراء المعسر الخ. إنما كان إبراء العسر والوضوء قبل الوقت أفضل لاشتمالهما على الواجب والمندوب معًا كما هو ظاهر فتأمل فليس فيه فضل المندوب على الواجب (وتعين بفجئ العدو وأن على امرأة) الجزولي ويسهم إذ ذاك للعبد والمرأة والصبي لأن الجهاد صار واجبًا عليهم وأما حيث لم يفجأهم العدو فلا يجب عليهم ولذا يسهم لهم اهـ.
(وبتعيين الإِمام) قول ز ولو لصبي مطيق للقتال كما في النوادر الخ. إنما عزاه ق للنوادر عند الكلام على مفاجأة العدو ولم يذكره في تعيين الإِمام أصلًا نعم لما قال ابن الحاجب: ويتعين على من عينه الإِمام مطلقًا قال في ضيح ما نصه يحتمل قوله: مطلقًا كانوا من أهل الجهاد أم لا كالعبد والمرأة فإنهما حينئذٍ يلزمهما الخروج ونص عليه ابن شاس اهـ.
الولي والزوج والسيد والأبوان ورب الدين (وسقط بمرض) بعد التعيين (وصبًا) ولو عين غير مطيق (وجنون وعمى وعرج) وفي تعلق السقوط بالصبي والأعمى والأعرج والمجنون الذين بلغوا كذلك تجوز لأنه لم يجب عليهم حتى يسقط عنهم فقد استعمل سقط في حقيقته في الأول ومجازه فيما بعد بمعنى عدم اللزوم (وأنوثة وعجز عن محتاج له) من سلاح ومركوب ونفقة ذهابًا وإيابًا كالحج أو أولى منه فيعتبر ما يرد به وإن لم يخشن ضياعًا لشدة العذر في محل العدو أقوى من الحج (ورق) ولو بشائبة إن لم يعين كما مر قريبًا (ودين حل) مع قدرته على الوفاء وإلا خرج بغير إذن ربه فلو حل في غيبته وكل من يقضيه عنه كما في التوضيح وغيره فلو لم يوكل لعدم ما يقضيه الآن وحصوله ببيعه وشرائه لكان له منعه ويسقط عنه حينئذ وسيأتي أن رب الدين له منع المدين من السفر إذا كان يحل في غيبته وقيد بما تقدم قاله د واستشكل سقوط خطابه مع القدرة على وفاء الحال بأنه إن ترك وفاءه مطلًا ترتب عليه ترك فرض الكفاية وترك أداء الدين وإن وفاه فلا وجه لسقوط فرض الكفاية عنه وأجيب بحمله على ما إذا كان رب الدين غائبًا وتعذر قضاؤه لعدم من يقوم مقامه كحاكم عدل أو جماعة المسلمين (كوالدين) منعاه عنه أو أحدهما وسكت الآخر فيسقط وأما لو منع أحدهما وأجاز الآخر فانظر أيهما يقدم أو يقرع بينهما وينبغي تقديم المانع (في) كل (فرض كفاية) صرح به وإن كان ما قبله فيه أيضًا ليعم هذا الجهاد وغيره كما قررنا. ولو علمًا كفائيًّا فلا يخرج له إلا بإذنهما حيث كان في بلده من يفيده إياه وإلا خرج بغير إذنهما له كما في تت عن الطرطوشي عند قوله كالقيام بعلوم الشرع بشرط أن يكون فيه أهلية النظر والاجتهاد كما في كلام ابن رشد ونقله بعض الشراح (ببحر) كذا في بعض النسخ وفيه نظر والمعتمد أن لهما منعه من فرض الكفاية لبر أيضًا حيث كان جهاد عدو ولذا قال غ الصواب ما في بعض النسخ كتبحر بحر (أو خطر) بكسر الطاء أي: لهما منه من ركوب بحر ومن سفر في بر خطر للتجارة لمعاشه وهذه مسألة أخرى لا تعلق لها بالجهاد اهـ.
ــ
قلت: وفيه نظر فإن ابن شاس إنما ذكر العبد والمرأة في مسألة نزول العدو لا في تعيين الإِمام فانظر ذلك وأما الصبي فلم أر من ذكره هنا في تعيين الإِمام على أن توجيه خطاب الوجوب إلى الصبي خرق للإجماع (وسقط بمرض الخ) فاعل سقط عائد على فرض الكفاية وأما فرض العين فلا يسقط بالأنوثة ولا بالرق ولا بالصبا وإن سقط بغيرها وقد تقدم وأن على امرأة والله أعلم (ودين حل) قول ز وأجيب بحمله على ما إذا كان رب الدين غائبًا الخ. فيه نظر إذ سقوط فرض الكفاية عنه بهذا غير ظاهر والظاهر في الجواب حمله على ما إذا احتاج لبيع عروضه والله أعلم (كوالدين في فرض كفاية) قول ز وإلا خرج بغير إذنهما الخ. هذا يؤول إلى أنه ليس لهما المنع في العلم الكفائي خلاف ما ذكره غ وضيح ونص أبي بكر الطرطوشي لو منعه أبواه من الخروج للفقه والكتاب والسنة ومعرفة الإجماع والخلاف ومراتبه ومراتب القياس فإن كان ذلك موجودًا ببلده لم يخرج إلا بإذنهما وإلا خرج ولا طاعة لهما في منعه لأن تحصيل درجات المجتهدين فرض كفاية اهـ.
فإن قلت: ما الفرق بين فرض الكفاية لهما منعه منه مطلقًا وبين التجارة لمعاشه لهما منعه منها ببحر أو بر خطر أجاب عج بأن فرض الكفاية لما كان يقوم به الغير كان لهما منعه منه مطلقًا بخلاف التجارة لكن قد علمت أن المراد بفرض الكفاية الذي لهما منعه منه حتى في البر الأمن خصوص الجهاد وأما غيره من فروض الكفاية فليس لهما منعه منه في البر الأمن وهذا وارد على تصويب غ فلو قال عقب قوله في فرض كفاية إن كان جهاد عدوّ وأن يبرأ من لا غيره به لسلم مما ذكرناه اهـ.
(لا جد) ولو دنية فلا منع له (و) الشخص (الكافر) أبًا أو أمًّا (كغيره) أي كالأب المسلم فيجب طاعته (ق) ترك كل فرض كفاية (غيره) أي: غير الجهاد من فروض الكفاية لا في الجهاد لأن طاعته في ترك مظنة لتوهين الإِسلام وفي ق ما يفيد تقييد كلام المصنف بعلمه إن منعهما كراهة إعانة المسلمين فلا يطيعهما في ذلك ويحتمل والأب الكافر وتكون الأم كذلك بطريق المساواة لكن في هذا شيء لأنه قد يقال إن الأم لقوة شفقتها لها المنع مطلقًا فالمناسب العمل على الأول قاله د (ودعوا) وجوبًا (للإسلام) جملة من غير ذكر الشرائع إلا أن يسألوا عنها فتبين لهم قاله ابن شاس بلغتهم الدعوة أم لا على أحد قولي مالك وتكرر الدعوة ثلاثة أيام متوالية كالمرتد وقيل ثلاث مرات في كل يوم قاله الشاذلي والفاكهاني وظاهر قوله كالمرتد أن كل مرة فرض وأن كل مرة في يوم فإذا دعوا في اليوم الثالث أوله قوتلوا أول الرابع بغير دعوة لا في بقية الثالث لأن حكمهم حكم المرتد في ذلك والمراد بالإِسلام ما يحصل به الإنقاذ من الكفر وهو الشهادتان فيمن لم يقر بمضمونهما وعموم رسالة المصطفى فيمن ينكر العموم فمراده تدعى كل فرقة إلى الخروج عما كفرت به (ثم) إن أبوا من قبوله دعوا إلى أداء (جزية) إجمالًا إلا أن يسألوا عن تفصيلها فتبين لهم (بمحل يؤمن) يحتمل تعلقه بدعوا أو بجزية أو بهما قاله تت (وإلا) بأن لم يجيبوا للجزية أو أجابوا لها ولكن بمحل لا تنالهم فيه أحكامنا ولم يرتحلوا إلى بلادنا أو خيف من دعوتهم إلى الإِسلام أو الجزية أن يعاجلنا بالقتال (قوتلوا) أي: أخذ في قتالهم (و) إذا قدر عليهم (قتلوا) أي جاز قتلهم (إلا) سبعة لا يجوز قتلهم (المرأة) فلا تقتل (إلا في مقاتلتها) فتقتل إن قتلت بسلاح أو حجارة أسرت أم لا وكذا تقتل أيضًا إن
ــ=
لكن اعترضه القرافي بأن طاعة الأبوين فرض عين لا تسقط لأجل فرض الكفاية وكذا قول ز وأما غيره من فروض الكفاية الخ. فإنه يوافق ما للطرطوشي ويخالف ما في ضيح من أنه يترك العلم الكفائي في طاعتهما وتصويب ز يرد عليه أنه يقتضي أن الولد يحج في فرض الكفاية بغير إذنهما وهو غير ظاهر (والكافر كغيره) قول ز وفي ق ما يفيد الخ. هو صريح فيه لكن في ضيح ذكر أنه ليس له المنع من الجهاد مطلقًا ثم نقل عن سحنون أن الأبوين الكافرين لهما المنع من الجهاد إلا أن يعلم أن منعهما ليوهنا الإِسلام اهـ.
فظاهره أن تفصيل سحنون مقابل ومثله في الجواهر (إلا في مقاتلتها) قول ز أسرت أم
قاتلت بسلاح ونحوه كالرجال أسرت أم لا عند ابن القاسم فإن قاتلت برمي حجارة ونحوها لم تقتل بعد الأسر اتفاقًا ولا في حال المقاتلة على الراجح فالأقسام ثمانية فيستثنى من قوله إلا في مقاتلتها هذان الأخيران فقط والظاهر كما يستفاد من كلام جمع تعين هذا التفصيل من غير نظر للأصلح الآتي في الأسرى وتجري الأقسام الثمانية في قوله (و) إلا (الصبي) المطيق للقتال كما في تت فيقال إلا أن يقاتل فكالمرأة وفي قول ح المراهق نظر إذ هو يقتل مع المقاتلة قاله عج (و) إلا (المعتوه) وهو ضعيف العقل سحنون والمجنون والمختل العقل وشبههم (كشيخ فان) لا بقية فيه للقتال ولا تدبير (وزمن) أي: مريض بإقعاد أو شلل أو فلج أو جذام ونحو ذلك فقوله: (وأعمى) عطف خاص على عام (وراهب منعزل بدير أو صومعة) لا لفضل ترهبه بل هو أبعد عن الله من
ــ
لا الخ. هو قول ابن القاسم في رواية يحيى ونقل طفى عن الفاكهاني أنه المذهب وظاهر المؤلف أنها لا تقتل إن أسرت وهو قول سحنون قال ابن ناجي: وهو المشهور من المذهب ونصه على قول الرسالة ولا يقتل النساء ولا الصبيان يريد بعد أسرهم وهو المشهور من المذهب مطلقًا وهو أحد الأقوال الثلاثة وقيل تقتل إن قاتلت قاله ابن القاسم وخرج في الصبي وقيل إن قتلت أحدًا جاز قتلها وإلا فلا اهـ.
ولما ذكر ابن زرقون الخلاف قال والصحيح قول ابن القاسم لأن العلة وهي الكفر قد اقترن بها شرطها وهو الإذاية اهـ.
وقول ز: والظاهر كما يستفاد من كلام جمع تعين هذا التفصيل من غير نظر للأصلح الآتي في الأسرى الخ. يقتضي وجوب قتلها إن أسرت وأنه لا يجوز السنن عليها ولا استرقاقها وفيه نظر وإنما عبروا عن قتلها بأنه حلال ففي العتبية قال يحيى قال ابن القاسم في المرأة والغلام الذي لم يحتلم من العدو يقاتلان مع العدو ثم يؤسران أن قتلهما بعد الأسر حلال جائز كما كان ذلك منهما في حال القتال والمكابرة قبل الأسر ولا يتركان لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان لأنهما قد استوجبا القتل بقتالهما ابن رشد يريد بقوله ولا يتركان لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أي لا يترك قتلهما تحرجا إذ لا تؤمن غائلتهما لا أن قتلهما واجب وذلك بين من قوله في أول المسألة أن قتلهما حلال جائز اهـ.
من سماع يحيى من كتاب الجهاد (والصبي) ما قرره ز من أن الصبي كالمرأة في الأقسام المذكورة صحيح ففي ابن عرفة يقتل كل مقاتل حين قتاله ابن سحنون ولو كان شيخًا كبيرًا وسمع يحيى ابن القاسم وكذا المرأة والصبي اهـ.
قال ق فلو قال المصنف إلا المرأة والصبي إلا في قتالهما لا أجاد اهـ.
وقال ح عن الرجراجي والصبي المراهق كالنساء في جميع ما ذكر اهـ.
وتقييده بالمراهق هو الظاهر كما يشهد له كلام ضيح وابن عرفة خلافًا لعج (بدير أو صومعة) قول ز بل لتركه أهل دينه الخ. عبارة ابن رشد في البيان وإنما نهى عن قتلهم لاعتزالهم أهل دينهم وتركهم معونتهم لهم بيد أو رأي اهـ.
غ يره لشدة كفره بل لتركه أهل دينه فكان كالنساء قاله الشارح وأولى في عدم القتل الراهبة (بلا
رأي) قيد فيما بعد الكاف ولذا فصله عما قبله بها وإنما لم يعتبر رأي المرأة لأن الرأي في ترك رأيها فإن انعزل بغير ما تقدم بل بكنيسة قتل كما في تت كمنعزل بغيرها وله رأي واستثناء السبعة يفيد قتل الإجراء منهم والحراثين وأهل الصناعات وهو كذلك (وترك لهم) أي: لمن لا يقتل وقصر تت له أولًا على الرهبان قصور (الكفاية فقط) من مال الكفار لظن اليسرة ويقدم ما لهم على غيرهم فإن لم يمكن للكفار مال وجب على المسلمين مواساتهم (واستغفر) أي تاب (قاتلهم) قبل أن يصيروا مغنمًا ولا شيء عليه من دية ولا كفارة وكل من لا يقتل يجوز سباه إلا الراهب والراهبة بشرطه (كمن) قتل من أهل الحرب ممن (لم تبلغه دعوة) ولو متمسكًا بكتاب مؤمنًا بنبيه وينبغي أن يقيد بغير من وجد بشاهق جبل أعمى أصم فإن الأصل ولادته على الفطرة إن علم أبوه وإلا فانظره (وإن)
ــ
وعبارة ابن عرفة عن ابن حبيب لاعتزالهم عن محاربة المسلمين لا لفضل تبتلهم بل هم أبعد عن الله الخ. وفي ضيح عن الاستذكار الحكمة في ذلك والله أعلم أن الأصل عدم إتلاف النفوس وإنما أبيح منه ما يقتضي دفع المفسدة ومن لا يقاتل ولا هو أهل للقتال في العادة ليس في إحداث الضرر كالمقاتلين فرجع إلى الأصل فيهم وهو المنع اهـ.
وقول ز وأولى في عدم القتل الراهبة الخ. تبع تت قال طفى وفي الأولوية نظر لأن ترهبها أضعف ولذا اختلفوا فيها بعد اتفاقهم على اعتبار ترهب الرجل كما في الجواهر وابن عرفة ونصه وفي لغو ترهب المرأة واعتباره كالرجل نقلًا اللخمي مع الشيخ عن سحنون وسماع القرينين اهـ.
قلت الظاهر ما لتت ومن تبعه لأنها لا تقتل سواء اعتبر ترهبها أو ألغى وإنما فائدة الخلاف المذكور الحرية وعدمها فالأولوية في عدم القتل صحيحة تأمل وقول ز واستثناء السبعة يفيد قتل الإجراء الخ. ما اقتصر عليه هو قول سحنون وهو خلاف المشهور من أنهم لا يقتلون بل يؤسرون فقط وهو قول ابن القاسم في كتاب محمَّد وابن الماجشون وابن وهب وابن حبيب وحكاه اللخمي عن مالك قائلًا: وهو أحسن لأن هؤلاء في أهل دينهم كالمستضعفين اهـ.
وصرح القلشاني بأنه المشهور قائلًا خلافًا لسحنون ولذا أدخلهم المصنف في قول ابن الحاجب ويلحق بهن الزمنى والشيخ الفاني ونحوهم اهـ.
قائلًا مراده بنجوهم الفلاحون وأهل الصناعات اهـ.
انظر طفى (وترك لهم الكفاية) قول ز أي: لمن لا يقتل يعني إذا رأى الإِمام عدم أسر غير الراهب وقول ز من مال الكفار الخ. تبع فيه عج وهو غير صحيح وصوابه من مالهم فقط قال في المدونة ويترك لهم من أموالهم ما يعيشون به ولا تؤخذ كلها فيموتون اهـ.
وكذا في غيرها من كتب المذهب انظر ضيح وغيره (واستغفر قاتلهم كمن لم تبلغه دعوة) قول ز وينبغي أن يقيد الخ. هذا كلام لا محصول له فتأمله ولفظ ضيح فإن قوتل من لم تبلغه
قتل من يجوز أسره وهم من عدا الراهب والراهبة بعد أن (حيزوا) وصاروا مغنمًا (فقيمتهم) يجعلها الإِمام في الغنيمة ولفظ القيمة يدل على أن الحكم في غير من هو حر (والراهب والراهبة) المنعزلان بدير أو صومعة بلا رأي كما مر ولذا أتى بهما هنا معرفين (حران) فعلى قاتلهما الدية لا القيمة فإن انتفى ما تقدم قتلًا كراهب في كنائسهم كما مر وعلق بقوله قتلوا قوله: (بقطع ماء) أي: يقاتلون بقطع ماء عنهم وبإرساله عليهم ولو قال بماء لشملهما قاله تت ويجاب عن المصنف بأنه شامل لهما لأن معناه قطع ماء عنهم أو عليهم (وآلة) كسيف ورمح ونبل ومنجنيق ولو كان فيهم نساء وصبيان ولو خيف على الذرية كما فعل عليه الصلاة والسلام بأهل الطائف انظر تت وكرر الباء في قوله (وبنار) ليرجع الشرطان لها من قوله (إن) خيف منهم و (لم يمكن غيرها) فإن أمكن غيرها لم يقاتلوا بها عند ابن القاسم وسحنون وقال مالك يقاتلون بها (ولم يكن فيهم مسلم) فإن كان فيهم مسلم لم يقاتلوا بها اتفاقًا برًّا أو بحرًا أمكن غيرها أم لا إلا لخوف وبالغ على قتلهم بالشرطين المذكورين (وإن) كنا وإياهم أو أحد الفريقين منا أو منهم (بسفن) ويصح
ــ
الدعوة قبلها فقتلوهم وغنموا أموالهم وأولادهم فمذهبنا أنه لا شيء على المسلمين من دية ولا كفارة وحكى المازري عن بعض أصحابنا البغداديين أنه لو ثبت لنا أن هذا المقتول كان متمسكًا بكتابهن مؤمنًا بنبيه ولكنه لم يعلم ببعثته صلى الله عليه وسلم فقتل قبل الدعوة فإن فيه الدية اهـ.
وهذا مقابل (والراهب والراهبة حران) قول ز فعلى قاتلهما الدية الخ. يعني إذا قتلهما بعد أن صارا في المغنم وما تقدم من أنه لا دية في قتل من نهى عن قتله إنما هو قبل أن يصيروا في المغنم كما تقدم قال في ضيح سحنون ومن قتل من نهى عن قتله فإن قتله في دار الحرب قبل أن يصير في المغنم فليستغفر الله وأن قتله بعد أن صار مغنمًا فعليه قيمته يجعل الإِمام ذلك في المغنم اهـ.
وقوله عليه قيمته يعني في غير الراهب والراهبة لأنهما حران ومقتضى ذلك أن فيهما الدية كما قال لكن لم أره منصوصًا لأحد فانظره وما ذكره خش عند قوله واستغفر قاتلهم تبعًا لعج من أن على قاتلهما الدية قبل أن يصيروا مغنمًا تعقبه طفى قائلًا: لم أره منصوصًا ولا وجه له والذي رأيته في الباجي خلافه وذكر نص المنتقى فانظر (بقطع ماء) قول ز ويجاب عن المصنف الخ. جواب بعيد على أن المصنف يذكر التغريق (إن لم يمكن غيرها) قول ز: إن خيف منهم ولم يمكن الخ. ما ذكره من التقييد بالخوف غير صواب إذ مذهب المدونة أنهم إن لم يمكن غيرها يقاتلون بها ولو لم نخف منهم على المسلمين إن تركناهم ونص ق وإن لم نخف فهل يجوز إحراقهم إذا انفرد المقاتلة ولم يمكن قتلهم إلا بالنار في المذهب قولان الجواز والمنع ابن رشد الحصون إذا لم يكن فيها إلا المقاتلة أجاز في المدونة أن يرموا بالنار اهـ.
(ولم يكن فيهم مسلم) قول ز إلا لخوف الخ. فيه نظر والذي عليه ابن الحاجب وضيح أن المذهب منع قتالهم بالنار وفيهم مسلم ولو خفنا منهم خلافًا للخمي انظر ضيح (وإن بسفن) احتمال رجوع المبالغة للمنطوق فيه نظر لأن قتالهم بها في السفن مع اجتماع الشرطين
رجوعها للمفهوم لكنه ظاهر بالنسبة لمفهوم الشرط الثاني كما علمت من الأقسام الأربعة فيه وغير ظاهر بالنسبة لمفهوم الشرط الأول لأن الراجح قتالهم بها حيث لم يكن فيهم مسلم وكنا وإياهم بسفن سواء أمكن غيرها أم لا وأما إن كنا وإياهم ببرأ واحد الفريقين فيقاتلون بها إن لم يمكن غيرها وإلا فبذلك الغير فهذه أربعة أقسام أيضًا حيث لم يكن فيهم مسلم تأمل وأتى بقوله: (وبالحصن) معرفًا تنبيهًا على خروجه من حيز المبالغة ولاحترام الذرية فيه دون السفن كما أشار له بقوله (بغير تحريق وتغريق) أمكن غيرهما أم لا وهذا كالتخصيص لظاهر قوله المتقدم بقطع ماء وآلة بناء على أن المراد قطعه عليهم لا عنهم (مع ذرية) ونساء وأولى مع مسلم فيتركون إن لم يخف على المسلمين والفرق بينه وبين السفينة العموم فيه دونها وظاهر المصنف أنهم يرمون بالمنجنيق بفتح الميم وكسرها وبفتح الجيم كما في الشمني على الشفاء ولو كان معهم من ذكر من النساء والذرية والمسلم وهو كذلك (وإن تترسوا) أي: الكفار لا بقيد كونهم بالحصن (بذرية) لهم أو بنساء أي: جعلوهم ترسًا يتقون بهم (تركوا) بغير قتال لحق الغانمين (إلا لخوف) على المسلمين من تركهم فيقاتلون وإن تترسوا بهم وظاهره كابن بشير وإن قل ولذا أطلقه هنا
ــ
محل اتفاق كما في ق عن ابن رشد وإنما الخلاف في الحصين وحينئذ فلا محل للمبالغة وبذلك اعترضها الشارح والصواب رجوعها للمفهوم كما ذكره ز لكنه غير ظاهر بالنسبة لمفهوم الشرط الأول ونص ابن رشد وقع في المذهب اختلاف كثير فيما يجوز به قتل العدو وما لا يجوز وتلخيصه أن الحصون إذا لم يكن فيها إلا المقاتلة فأجاز في المدونة أن يرموا بالنار ومنع من ذلك سحنون وقد روي ذلك عن مالك من رواية محمَّد بن معاوية الحضرمي ولا خلاف فيما سوى ذلك من تغريقهم بالماء ورميهم بالمجانيق وما أشبه ذلك وأما إن كان فيه مع المقاتلة النساء والصبيان ففي ذلك أربعة أقوال أحدها أنه يجوز أن يرموا بالنار ويغرقوا بالماء ويرموا بالمجانيق وهو قول أصبغ فيما حكى عنه ابن مزين والثاني أنه لا يجوز أن يفعل بهم شيء من ذلك وهو قول ابن القاسم فيما حكاه عنه فضل والثالث أنه يجوز أن يرموا بالمجانيق ويغرقوا بالماء ولا يجوز أن يرموا بالنار وهو قول ابن حبيب في الواضحة والرابع أنه يجوز أن يرموا بالمجانيق ولا يجوز أن يغرقوا ولا أن يحرقوا وهو مذهب مالك في المدونة وأما إن كان في الحصين مع المقاتلة أسير فلا يرموا بالنار ولا يغرقوا بالماء واختلف في قطعه عنهم ورميهم بالمجانيق فقيل ذلك جائز وهو قول ابن القاسم وأشهب في سماع سحنون وقيل لا يجوز وهو قول ابن حبيب في الواضحة وحكاه عن مالك وأصحابه المدنيين والمصريين وأما السفن فإن لم يكن فيها أسرى المسلمين جاز أن يرموا بالنار وإن كان فيها النساء والصبيان قولًا واحدًا وإن كان فيها أسرى المسلمين فقال أشهب ذلك جائز وقال ابن القاسم لا يجوز اهـ.
من رسم الصلاة من سماع يحيى (بغير تحريق) قول ز وهذا كالتخصيص الخ. غير صواب لما تقدم وقول ز العموم فيه دونها الخ. بل العموم في السفينة دون الحصن غالبًا وعلل في ضيح عن ابن رشد رميهم بالنار مع الذرية في السفينة بأنا إن لم نرمهم رمونا.
وقيده في الثانية (و) إن تترسوا (بمسلم) قوتلوا و (لم يقصد الترس) بالرمي وإن خفنا على أنفسنا لأن دم المسلم لا يباح بالخوف على النفس (إن لم يخف على أكثر المسلمين) شرط للأخيرة ولقوله وبنار ولقوله وبالحصن وإنما تركوا إذا تترسوا بذرية وقوتلوا أن تترسوا بمسلم ولم يقصد الترس عند الرمي كما قال المصنف مع أن المسلم أشرف من ذرياتهم لأن نفوس أهل الإِسلام جبلت على بغض أهل الكفر فلو أبيح قتالهم بتترسهم بذريتهم مع عدم قصد الترس لربما أدى ذلك لقتل ذريتهم لعدم تحفظ المسلمين منه لبغضهم ولا كذلك إذا تترسوا بالمسلمين قاله البرموني وهو يقتضي أنه يجوز قتالهم حال تيرسهم بالمسلمين وإن لم يكن خوف أصلًا وهو ظاهر المصنف والجواهر إذ قوله وبمسلم الخ. صادق بعدم الخوف من أصله وبخوف يسير بدليل الشرط بعده والاستثناء قبله خلاف جواب د فإنه حمل قوله وبمسلم على ما إذا خيف منهم أي: وإن تترسوا بمسلم وخيف منهم فإنهم يرمون ولا يقصد الترس إلا أن يخاف على أكثر المسلمين فيسقط اعتبار قصد الترس اهـ.
واعلم أن الأحوال ثلاثة أحدها أن يحصل الخوف على أكثر المسلمين وفي هذه يقاتلون تترسوا بمسلم أو بذرية ولا يعتبر فيها عدم قصد الترس ثانيها أن يحصل الخوف منهم لكنه دون الأول وفي هذه الحالة يقاتلون ولا يقصد الترس المسلم وأن تترسوا بذرية ولم يعتبر ذلك وفي هذه الحالة يكون المسلم أشد حرمة من ذريتهم ثالثها أن لا يخاف منهم أصلًا وحكمها كالثانية على مقتضى جواب البرموني وأما على مقتضى فرق د فلا يقاتلون تترسوا بمسلم أو بذرية (وحرم نبل) أو رمح ونحوهم (سم) أي: حرم علينا رمينا لهم به وظاهره ولو رمونا به قبل ذلك وتعليل الحرمة بخشية رميهم لنا به يقتضي جوازه إذا رمونا به قبل إلا أن يقال ربما يضرنا إذا رمونا به ثانيًا بعد رمينا لهم به وكره سحنون جعل سم في قلال خمر ليشربها العدو وهي على بابها ولو كان في القتل بذلك مثلة وتعذيب لجوازها قبل القدرة عليهم بأي قتلة وحرمة المثلة الآتية خاصة بما بعد القدرة (و) حرم علينا (استعانة بمشرك) في الصف والزحف والسين للطلب فإن خرج من تلقاء نفسه لم يمنع على المعتمد خلافًا لأصبغ كما يأتي ويدل للمعتمد غزو صفوان بن أمية مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينًا والطائف قبل إسلامه قال عج عقبه وفيه شيء ولعل وجهه أن صفوان كان
ــ
انظره (إن لم يخف على أكثر المسلمين) قول ز وحكمها كالثانية على مقتضى جواب البرموني الخ. فيه نظر بل على جواب البرموني لا يقاتلون أن تترسوا بالذرية أصلًا وبالمسلمين يقاتلون ولا يقصد الترس وعلى جواب د لا يقاتلون مطلقًا انظر ما تقدم (وحرم نبل سمّ) الذي في النوادر كره مالك أن يسم النبل والرماح ونحوه لابن يونس وحمل المصنف الكراهة على التحريم وقيد بعضهم النهي بما إذا لم يكن عند العدوّ نبل مسموم وإلا فيجوز حينئذٍ وقد تردد ز في ذلك.
من المؤلفة قلوبهم فيحتمل أنه أجازه للتألف لا لخروجه من تلقاء نفسه ويمنعون عند أصبغ أشد المنع وهو ظاهر لخبر مسلم أرجع فلن أستعين بمشرك قاله ليهودي خرج من غير طلب وأجاب بعض الأصحاب بأن النهي كان في وقت خاص وهو بدر بدليل غزو صفوان معه في حنين والطائف كما تقدم وتبع المصنف في تعبيره بمشرك الحديث وأراد به ما يشمل الكتابي بدليل تعبير المصطفى به لرد الكتابي فلا يرد على المصنف ما قيل إن عبارته تقتضي جوازها لكتابي مع أنه يمنع به أيضًا (إلا لخدمة) منه لنا كحفر أو هدم أو رمي بمنجنيق أو صنعته فلا تحرم الاستعانة به فيها (و) حرم (إرسال مصحف لهم) ولو طلبه الطاغية لتدبره خشية إهانتهم له أو إصابة نجاسة وأراد به ما قابل الكتاب الذي فيه كالآية بدليل ذكره بعد فسقط ما قيل مفهوم مصحف أن ما دونه ولو الجل لا يحرم وهو يعارض مفهوم قوله الآتي فيما يجوز وبعث كتاب فيه كالآية إذ مفهومه أن ما زاد على كالآية لا يجوز بعثه لهم والمعول عليه مفهوم ما يأتي.
فرع: قال مالك وإذا طلبك الكافر أن تعلمه القرآن فلا تفعل أي: يحرم لأنه نجس وكذا لا يجوز تعليمه الفقه وأجاز أبو حنيفة تعليمه القرآن رجاء الإِسلام وكره مالك إعطاءهم درهمًا فيه آية من القرآن واختلف إذا كان فيه اسم من أسماء الله تعالى انظر ح (وسفر به لأرضهم) ولو مع جيش كثير وظاهره عدم منع سفره بكتب الحديث كالبخاري وينبغي تحريمه لاشتماله على آيات كثيرة (كمرأة) مسلمة حرة أو أمة ملك لمسلم أو حرة كتابية زوجة مسلم فيحرم سفره بها (إلا في جيش آمن) بالمد فيجوز السفر بالمرأة خاصة ولذا فصل بالكاف لأنها تنبه على نفسها والمصحف قد يسقط ولا يشعر به وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرع بين نسائه في سفر الغزو لأن جيشه آمن (و) جرم (فرار) من العدو على مسلم وإن لم يتعين عليه قتال أو كان القتال مندوبًا بشرطين أشار لأولهما بقوله: (إن بلغ المسلمون) الذين معهم سلاح (النصف) من عدد الكفار كمائة من مائتين ولو فر الإِمام ثم النصف ولو شكا أو توهما كما يفيده القرطبي والمعتبر هنا وفي الشرط الآتي العدد عند ابن القاسم والجمهور لا القوة والجلد خلافًا لابن الماجشون وتختص الحرمة بمن فر أولا من النصف إن فر البعض ثم الباقون قاله الأقفهسي فإن لم يكن معهم سلاح لم يحرم وكذا يقال فيما بعده كأن نقصوا عن النصف ولو واحدًا كما في كتب الشافعية كذا كتب تت بخطه على طرة شارحه الكبير وأشار للثاني بقوله: (ولم يبلغوا اثني عشر ألفًا) وهو عطف
ــ
(وفرار) قول ز بشرطين الخ. فيه نظر لأن الشرط الثاني قيد في المفهوم كما يأتي لا في المنطوق وقول ز ولو شكا أو توهما الخ. تعقبه بعضهم بأنه مشكل مع ما تقرر من أن الشك في الشرط يخل بالحكم قلت: بل الذي يفيده كلام القرطبي أن الجواز هو المشروط بتيقن قصورهم عن النصف فإذا شك في ذلك فقد وقع الشك في شرط الجواز فينتفي الجواز تأمل (ولم يبلغوا اثني عشر ألفًا) هذا القيد ذكره ابن رشد ونسبه لأكثر أهل العلم ونقله أبو الحسن
على مفهوم إن بلغ الخ. وقيد فيه أي: وجاز إن نقصوا ولم يبلغوا الخ. أولًا إن نقصوا عن النصف والحال أنهم لم يبلغوا اثنى عشر ألفًا فإن بلغوا حرم ولو أكثر الكفار وكان المسلمون أقل من النصف ما لم تختلف كلمتهم وإلا جاز لخبر لن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة إلا أن تختلف كلمتهم وما لم يكن العدو بمحل مدده ولا مدد للمسلمين وإلا جاز وفي بعض التقاييد محل الحرمة أيضًا إذا كان في الاثني عشر نكاية للعدوّ فإن لم يكن فيهم ذلك وظن المسلمون أن الكفار يقتلونهم جاز الفرار اهـ.
فإن كان ظن المسلمين ذلك لكثرة الكفار رجع للتقييد الثاني وإن كان لشجاعتهم لم يغن عنه والفرار المحرم من الكبائر لا تجوز به شهادة إلا أن يتوب ابن عرفة تظهر توبته في زحف آخر ونازعه تلميذه الأبي قائلًا بل هي الندم والعزم على أن لا يعود كغيره من الكبائر (إلا تحرفًا) لقتال وهو أن يظهر من نفسه الهزيمة وليس هو قصده ليتبعه العدو فيرجع عليه المسلم فيقتله وهو من مكايد الحرب (وتحيزًا) إلى أمير الجيش أو إلى فئة فيتقوى بهم ويشترط في جوازهما أن يفعلهما غير أمير الجيش والإمام وأما هما فليس لهما فعلهما لما يحصل بذلك من الخلل والمفسدة والذي من خصائصه عليه الصلاة والسلام مصابرة العدو الكثير من غير اشتراط ما هنا (إن خيف) خوفًا بينًا وقرب المنحاز إليه والشرط للثاني وقول البساطي فيهما غير ظاهر انظر ح (والمثلة) بعد القدرة عليهم ولم يمثلوا بمسلم فتجوز قبل القدرة أو مع تمثيلهم بمسلم كما يفيده الباجي لكن في أسير كافر عندنا وقد مثلوا بأسير مسلم عندهم كما نقله الشيخ سالم ويظهر أن لا فرق قيل وبه صرح الدميري (و) حرم علينا (حمل رأس) أي: رأس كافر (البلد أو وال) أي أمير جيش حالة كونه مع الجيش قاله د والظاهر أنه يمنع بالأولى إذا كان مع غير الجيش أو قيد به
ــ
وسلمه وكذا نقله ابن عرفة وغ في تكميله وأقراه وذلك يدل على اعتماده وإن كان قد أنكره سحنون ونسبه للعراقيين واستبعده أيضًا ابن عبد السلام لكن المصنف إنما عول على ابن رشد ويؤيده الحديث لن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة أخرجه الترمذي وحسنه وأحمد في مسنده وأبو داود والحاكم وصححه وأقره الذهبي وقول ز وما لم يكن العدو بمحل مدده ولا مدد للمسلمين الخ. لم أر من ذكر هذا القيد هنا وهو غير ظاهر وإنما ذكره ابن عرفة فيما إذا بلغ المسلمون النصف ولم يبلغوا اثني عشر ألفًا ونصه قال ابن حبيب لا يحل فرار مائة من ضعفها ولو كان أشد سلاحًا وقوة وجلدًا إلا أن يكون العدو بمحل مدده ولا مدد للمسلمين ففي التولية سعة اهـ.
وأما الاثنا عشر ألفا فلا يفرون ولو كان العدو أضعاف أضعافهم فضلًا عن كونه بمحل مدده هذا ظاهر كلامهم وقول ز ونازعه تلميذه الأبي الخ. فيه نظر إذ ابن عرفة لم يقل أن حقيقة التوبة متوقفة على زحف آخر وإنما قال: ظهورها يتوقف على ذلك وهو ظاهر (إن خيف) قول ز وقرب المنحاز إليه الخ. فيه نظر وعبارة ح وهذا إذا كان انحيازهم إلى فئة خرجوا معهم أما لو كانوا خرجوا من بلد الأمير والأمير مقيم في بلده فلا يكون فئة لهم ينحازون إليه اهـ.
لأنه لو كان ببلد لتكرر مع ما قبله ثم ظاهر المصنف الحرمة رفع على رمح أم لا ويأتي في الباغية قوله: ولا ترفع رؤوسهم بأرماح أي: في بلد قتلهم ولا في غيرها إذ حملها البلد أو وال أولي بحرمة ذلك لإسلامهم دون من هنا وأما حمل الرؤوس بالبلد التي وقع بها القتل لغير وال بأرماح فيمنع في رؤوس أهل البغي ولا يمنع في رؤوس الكفار انظر تت قاله عج في باب الباغية (و) حرم لعموم خبر أد الأمانة إلى من ائتمنك (خيانة) مسلم (أسير) كافرًا أمنه حال كونه (ائئمن طائعًا) عند الكفار على شيء من مالهم بل (ولو على نفسه) بعهد منه أن لا يهرب أو لا يخونهم في مالهم وبغير عهد بيمين فيهما أو بغير يمين كما ذكره ابن عرفة فإن حلف مكرهًا مع تأمينه طائعًا لم يحنث لا إن حلف طائعًا فيحنث مع حرمة خيانته حينئذٍ ومفهوم قوله طائعًا جوازها بدون ائتمان أو به مكرهًا بعهد أو بغيره بيمين أو بغيرها لكن إن حلف مكرهًا أيضًا لم يحنث وطائعًا حنث بهروبه وخيانته لهم في مالهم بحمل شيء منها مع جواز في لك له (و) حرم (الغلول) من الغلل وهو الماء الجاري بين الشجر والغال يدخل ما يأخذه بين متاعه فقيل له غال من غل يغل بضم غين مضارعه وكسرها وعرفه ابن عرفة بقوله أخذ ما لم يبح الانتفاع به من الغنيمة قبل حوزها اهـ.
وليس منه من جاهد مع وال جائر لا يقسم الغنيمة قسمة شرعية وأخذ قدر ما يستحقه فيها فإن ذلك سائغ لأنه بمثابة من أخذ عين شيئه نقله البرزلي وينبغي أن يقيد بما قيد به من أخذ عين شيئه قاله د أي: إن أمن فتنة أو رذيلة (وأدب) الغال (إن ظهر عليه) ولا يمنعه ذلك سهمه من الغنيمة لا إن جاء تائبًا فلا يؤدب ولو بعد القسم وتفرق الجيش وتعذر الرد ويتصدق به عنهم بعد دفع خمسة للإمام ويأتي مفهوم الغال أنه يحد بعد الغنيمة في قوله وحدّ زان وسارق إن حيز المغنم (وجاز) لمجاهد يسهم له (أخذ محتاج) إليه من المغنم وظاهره كالباجي مطلق الحاجة ولو لم يبلغ الضرورة المبيحة للميتة فإن كان الأخذ ممن لا يسهم له ففي جوازه وعدمه قولان (نعلًا وحزامًا وإبرة وطعامًا وإن) كان المحتاج إليه (نعمًا) يذبحها ويرد جلدها في المغنم إن لم يحتج إليه (وعلفا) يتنازع في الكل أخذ ومحتاج (كثوب وسلاح ودابة ليرد) راجع لما بعد الكاف ولذا فصله بها بخلاف ما قبلها فإن الانتفاع به بذهاب عينه ويفهم منه أنه لا يجوز له أخذه بلا نية أصلًا مع أن
ــ
(وأدب إن ظهر عليه) قول ز فلا يؤدب ولو بعد القسم وتفرق الجيش الخ. فيه نظر لقول ابن رشد كما في ح وضيح ومن تاب بعد القسم وافتراق الجيش أدب عند جميعهم على قولهم في الشاهد يرجع بعد الحكم لأن افتراق الجيش كنفوذ الحكم بل هو أشد لقدرته على الغرم للمحكوم عليه وعجزه عن ذلك في الجيش اهـ.
(وجاز أخذ محتاج) ابن عرفة ولو نهاهم الإمام ثم اضطروا إليه جاز لهم أكله اهـ.
أبو الحسن لأن الإمام إذ ذاك عاص فلا يلتفت إليه وقول ز: يتنازع في الكل أخذ ومحتاج الخ التنازع إنما يصح على أن محتاج اسم فاعل وما قرر به أولا مبني على أنه اسم مفعول والكل
ظاهر المدونة الجواز انظر ق فالمضر إنما هو نية التملك قال الجيزي اللام ليست للتعليل ولا للصيرورة إذ عاقبة أخذه الانتفاع به لا رده وإنما هي بمعنى على كما في قوله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} [الإسراء: 109] اهـ.
وهو ظاهر في نفسه غير أنه يفيد كمفهوم المصنف المنع لمن لا نية له وقد علمت جوازه (ورد الفضل) أي: الفاضل عن حاجته من جميع ما أخذ مما بعد الكاف وما قبلها (إن كثر) وهو ما ثمنه زائد عن الدرهم لا إن كان يسيرًا وهو ما لا ثمن له أو ما ثمنه الدرهم وشبهه عند ابن القاسم فإن لم يرد الكثير وأقرضه لشخص فليس له أخذ عوضه ولا ثمنه إن باعه وإنما يأخذه الإِمام ليفرقه هذا إذا كان المقترض من غير الجيش فإن كان منهم لم يرده إن احتاج له وإلا رده (فإن تعذر) رد ما أخذه ليرده لسفر الإِمام وتفرق الجيش (تصدق به) كله بعد إخراج الخمس على المشهور وعند ابن المواز يتصدق منه حتى يبقى اليسير واستبعده ابن عبد السلام بأن اليسير قد يغتفر منفردًا لا مع غيره (ومضت المبادلة) قبل القسم (بينهم) أي: بين المجاهدين الغانمين كمستغن عن صنف كقمح محتاج لغيره كشعر لفرسه بل وتجوز ابتداء على المذهب ولو بتفاضل في طعام ربوي متحد الجنس لا بعد القسم ولا ما استغنى عنه وعن بدله لوجوب رده للغنيمة كما مر وانظر هل يجوز اجتماع ربا االفضل والنساء في حقهم أم لا (و) جاز أي: أذن للإمام (ببلدهم إقامة الحد) لأن ذلك واجب وقد يشعر به تقديم الجار فإنه يفيد الاختصاص (و)
ــ
صحيح على القول بجواز تنازع المصدر (ورد الفضل إن كثر) قول ز مما بعد الكاف وما قبلها الخ. فيه نظر بل يتعين صرفه لما قبل الكاف فقط دون ما بعدها لأنه يرد بعينه كالدابة والسلاح ولا معنى للقلة والكثرة فيما يرد بعينه وهو ظاهر والله أعلم. (فإن تعذر) أي تعذر رد ما أخذه سواء أخذه ليرده أم لا خلاف ما في ز (تصدق به) أي: بجميعه كما يؤخذ من ضيح فقول ز بعد إخراج الخمس الخ. خلافه (ومضت المبادلة بينهم) ولو بتفاضل وكذا تمضي لهم مع غيرهم وتجوز لكن إن سلمت من الربا في هذه وإلا منعت لأن الربا إنما هو مغتفر للغزاة فيما بينهم ابن عرفة المازري لو كان أحدهما من غير أهل الجيش منع الربا اهـ.
انظر طفى وقول ز كمستغن عن صنف الخ. أشار بقوله كمستغن إلى أن جواز التفاضل بين الغزاة إنما هو فيما فضل عن الحاجة وأما إن لم يكن عند كل واحد إلا ما يحتاج إليه فلا يجوز فيه الربا بل يمنع وبهذا قيد الجواز أبو الحسن في شرح المدونة واعتمده د وعج وقيد به كلام المؤلف وتبعه ز وظاهر كلام ابن عبد السلام عدم اعتماده وتبعه في ضيح وقول ز بل وتجوز ابتداء الخ. هو الصواب وبالجواز عبر ابن عرفة خلافًا لتت تبعًا لظاهر المصنف كابن الحاجب وقد وجه ابن عبد السلام عبارته بأنه لو امتنع من دقع العوض في المبادلة لما أجبر عليه كما لا يجب رد العوض في الفرض، لكنه لم يعثر على ذلك حتى رد العوض فإن ذلك يمضي فهذه فائدة التعبير بالمضي انظر طفى (وببلدهم إقامة الحد) قول ز: فإنه يفيد الاختصاص الخ. فيه نظر إذ لا معنى للاختصاص هنا وعلى تسليمه فلا إشعار فيه بالوجوب
جاز (تخريب) لديارهم (وقطع نخل وحرق إن أنكى) بغير همز أي: ما ذكر أي كان فيه نكاية للمشركين ورجيت للمسلمين (أو) لم ينك و (لم ترج) لهم فالجواز في هاتين الصورتين فإن أنكى ولم ترج تعين التخريب أو القطع أو الحرق وإن لم ينك ورجيت وجب الإبقاء كذا يفيده النقل فلا تدخل هاتان الصورتان في كلامه (والظاهر) عند ابن رشد (أنه) أي: ما ذكر من جواز التخريب وما معه (مندوب) فيما إذا لم ترج ولم تنك وهي الصورة الثانية من صورتي الجواز (كعكسه) أي: عدم التخريب وما معه فيما إذا رجيت وأنكت وهي الصورة الأولى من صورتي الجواز اللتين قدمهما وما استظهره من الندب فيهما لا ينافي الجواز ولا يحمل كلام المصنف على الحالة التي يجب فيها التخريب وما معه ولا على الحالة التي يجب فيها الإبقاء (و) جاز (وطء) مسلم (أسير) أسروه منا (زوجة وأمة) له وسبيتا معه إن أيقن أنهما (سلمتا) من وطء السابي لأن سبيهم لنا لا يهدم نكاحنا ولا يبطل ملكنا وما يأتي من قوله وهدم النبي النكاح في سبينا لهم وأراد بالجواز عدم الحرمة وإلا فهو مكروه لقول مالك أكره ذلك لما أخاف من بقاء ذريته بأرض الحرب وقولي إن أيقن أي: فيحرم وطؤهما إن ظن أو شك في وطئهما من الكافر وتيقنه يحصل بعدم غيبة الكافر عليهما بخلاف ما إذا غاب عليهما ولا تصدق المرأة في عدم وطئه حينئذٍ فيما يظهر (وذبح حيوان) عجز عن الانتفاع به مأكول أو غيره ولا يشترط في الذبح أن يكون على الوجه الشرعي بل المراد إزهاق الروح (و) ذبح بمعنى قطع (عرقبته) أي: عرقوبيه أو ضمن ذبح إتلاف وظاهره وإن كان لا نكاية فيه ويرجى للمسلمين ولعل الفرق بينه وبين قطع الشجر والتخريب أن هذا يمكن انتفاع المسلم به بعدما فعل به من الذبح ولا كذلك القطع والتخريب (وأجهز عليه) عقب عرقبته وجوبًا
ــ
(والظاهر أنه مندوب) قول ز فيما إذا لم ترج ولم تنك الخ. فيه نظر بل إنما تكلم ابن رشد كما في ق على صورتين إذا أنكت ولم ترج فضل القطع وإن رجيت فضل الإبقاء ولم يتكلم على سواهما. انظره ولعل وجهه أن ذلك لا يمكن أن يكون إلا منكيًّا لهم وقد قرره تت على الصواب فقول ز ولا يحمل كلام المصنف الخ. غير صواب وحكمه فيها بوجوب التخريب لا مستند له (وعرقبته) ليس هذا اللفظ اسمًا كما توهمه ز فقال أي عرقوبيه وإنما هو مصدر عرقبه يعرقبه عرقبة أي: قطع عرقوبيه (وأجهز عليه) قال في ضيح: إذا عجز المسلمون عن حمل مال الكفار أو عن حمل بعض متاعهم فإنهم يتلفونه لئلا ينتفع به العدوّ وساء الحيوان وغيره على المشهور المعروف ثم قال وعلى المشهور فاختلف بماذا يتلف الحيوان قال المصريون من أصحاب مالك تعرقب أو تذبح أو يجهز عليها وقال المدنيون يجهز عليها وكرهوا أن تعرقب أو تذبح اهـ.
ومثله للباجي أبي الحسن وابن عبد السلام وبه تعلم أن المصنف درج على قول المصريين وهو مذهب المدونة وأن الواو في كلامه بمعنى أو أوْلًا وثانيًا كما في كلام ضيح وغيره إذ ليس المراد اجتماع الثلاثة ولا اثنين منها إذ لم أر من قال ذلك ولا معنى له وحينئذٍ فقول ز كغيره من
فيما يظهر لئلا يعذب ولئلا يموت جوعًا وعطشًا والإجهاز صادق بقطعه نصفين وبرمي عنقه وبغير ذلك (وفي) جواز إتلاف (النحل) بحاء مهملة بحرق ونحوه (إن كثرت) لنكايتهم به (ولم يقصد) من المسلمين بإتلافها (عسلها) أي: أخذه وكراهته (روايتان) فإن قلت: ولم يقصد عسلها كره إتلافها فإن قصد عسلها لم يكره إتلافها كثرت أو قلت فالصور أربع بصورة المصنف (وحرق) كل من المذبوح الميتة والمعرقب وجوبًا (إن أكلوا) أي: استحلوا في دينهم (الميتة) ولو ظنًّا لئلا ينتفعوا به وإلا لم يحرق قال تت والأظهر تحريقه مطلقًا لاحتمال أكلهم له حال الضرورة وقال بعض يجوز حرقه ولا يقال ذلك تعذيب لأنا نقول التعذيب في الحي لا في الميت مع أن قولهم لا بأس بوقيد عظام الميتة يدل على ذلك أيضًا وقول الشارح ولا يحرق معناه لا يطلب حرقه انظر د فإن لم يكن المذبوح ميتة حرق مطلقًا وشبه بهذا تشبيهًا تامًّا قوله (كمتاع) لهم أو لمسلم (عجز عن حمله) أو عن الانتفاع به فيتلف لئلا ينتفعوا به (و) جاز (جعل الديوان) بفتح الجيم وضمها فمعناه على فتحها أنه يجوز أن يجعل الإِمام ديوانًا لطائفة يجمعها وتناط بهم أحكام ومعناه على ضمها كما قرره به الشارح أنه يجوز للشخص أن يكتب لنفسه شيئًا في الديوان قال أبو الحسن الصغير: إذا كان العطاء حلالًا كما في تت ويزاد أن يكون محتاجًا لذلك وأن يأخذ قدر حاجته المعتادة لأمثاله لا أزيد منها فيحرم بخلاف مرتب تدريس ونحوه فيجوز لمن هو أهل العلم وقام بشرط الواقف أخذه ولو كان غنيًّا لأن قصد الواقف إعطاؤه للمتصف بالعالمية وإن كان غنيًّا دون الديوان وظاهره حتى فيما يشتري منه لأن الثمن في مقابلة رفع يده عما لبيت المال ويحتمل جواز ما يشتري مطلقًا قرره عج والديوان بكسر الدال على المشهور وفي لغة بفتحها بخلاف دحية ففتح داله وكسرها لغتان مشهورتان قاله النووي في تهذيبه وكذا ديباج كما في دقائق المنهاج زاد ابن الملقن وجعل أبو زيد الفتح خطأ فيه وبهذا يرد ما قيل عن شرح الفصيح ثلاث لا يقولها بالفتح إلا فصيح ديوان وديباج ودحية اهـ.
ــ
الشراح وأجهز عليه عقب عرقبته الخ. غير صواب قال طفى ما هو إلا تهافت إذ لو كان يجهز عليه فما فائدة عرقبته فالجمع بينهما عبث فالصواب أن معناه ويجوز الإجهاز عليه فهو عطف على ذبح وإن كان تغييره الأسلوب يشعر بما قالوه لكن يتعين ما قلنا ليطابق النقل اهـ.
(وجعل الديوان) قول ز ويزاد أن يكون محتاجًا الخ. لم أر من ذكر هذين القيدين فانظرهما والذي نقله ابن عرفة هو ما نصه سمع ابن القاسم لا أرى قبول فرس أو سلاح أعطيه في الجهاد ولا بأس به للمحتاج ابن رشد قبول المحتاج أفضل إجماعًا لأنه من إعلاء كلمة الله بالقوّة على الجهاد اهـ.
وهو يفيد أن الأولى للغني أن لا يستعين على الجهاد بمال غيره ولا يدل على تحريم ذلك فإن أراد ز أنهما شرطان في الكمال ظهر كلامه وإن أراد أنهما شرطان في الجواز ففيه
(و) جاز (جعل) بضم الجيم (من قاعد لمن يخرج عنه) للغزاة بأربعة شروط (إن كانا) أي: الجاعل والخارج (بديوان) واحد وكانت الخرجة واحدة ووقع الجعل عند صرفها ولم يعين الإِمام الخارج وزيد خامس لكن للكمال فقط وهو أن تكون نية الغائب أن لا يغزو بجعل وإلا كره قاله أبو الحسن: فإن عينه منع عليه أن يستنيب وتعين عليه الخروج لقوله فيما مر وبتعيين الإِمام ونحوه للتونسي وظاهر المدونة عدم المنع انظر تت وعلى الأول فانظر في تعيين نائب وكيل الإِمام ككتبة الجند عندنا بمصر إذ هم نياب موليهم الباشا وكيل الإِمام والطاهر جواز البدل ولو عين قبل ختم الباشا الدفتر لا بعد ختمه وحينئذٍ فمعنى القيد إنه إذا تعين جماعة بالوصف كالجاويشية بمصر كقوله يخرج منهم مائة فيجوز لواحد منهم قبل تعيينه بالشخص أن يجعل لنفسه بدلًا ويقعد والقيد معول عليه خلافًا لظاهر تت قال د: وأهل مصر ديوان واحد كما أن أهل الشام ديوان اهـ.
فلا ينوب من بديوان الشام عمن بديوان مصر لكن قول أبي الحسن والخرجة أي: الصرفة واحدة يقتضي منع نيابة انكشاري عن جاويشي مثلًا لاختلاف الصرفة لهما فيعارض قول د أهل مصر أهل ديوان واحد ويحتمل أن يراد بالخرجة المرة من الخروج لكغز وفلا يعارضه والسهم للقاعد لا للخارج الصقلي به أفتى بعض شيوخنا عن بعض القرويين ابن عرفة الأظهر أنه بيتهما وانظر لو خرج المجعول له مع عدم الجواز هل
ــ
نظر والله أعلم وقول ز ويحتمل جواز ما يشتري مطلقًا قرره عج الخ. فيه نظر بل ما قرره عج غير صواب لأن شراءه حرام كما يؤخذ من كلام المدوّنة ونصها قال مالك: وإذا تنازع رجلان في اسم مكتوب في العطاء فأعطى أحدهما الآخر مالًا على أن يبرأ إليه من ذلك الاسم لم يجز لأن الذي أعطى الدراهم إن كان صاحب الاسم فقد أخذ الآخر ما لا يحل له وإن كان الذي أخذ الدراهم هو صاحب الاسم لم يجز ذلك لأنه لا يدري ما باع قليلًا أو كثيرًا ولا يدري ما تبلغ حياة صاحبه فهذا غرر لا يجوز (إن كانا بديوان) في ضيح قال مالك في المدونة لأن علهيهم سد الثغور وربما خرج لهم العطاء وربما لم يخرج ولا يعجبني أن يعجل لمن ليس معهم في ديوان ليغزو عنه وقد كره مالك لمن في السبيل إجارة فرسه لمن يرابط عليه ويغزو عليه كمن بعسقلان وشبهها فهو إذا أجر نفسه أشد كراهة وكأن مالكًا أشار إلى أن الأصل منع هذه الإجارة لكونها إجارة مجهولة وإنما أجير إذا كانا من ديوان واحد لأن على كل واحد منهما ما على الآخر وليس إجارة حقيقية اهـ.
وقال اللقاني وقوله إجارة مجهولة أي مجهولة العمل إذ لا يدري هل يقع لقاء أم لا ولا كم مدة اللقاء اهـ.
وإذا تأملت ذلك علمت أن لا فرق في هذا الشرط بين أن يكون الجعل من العطاء أو من عند الجاعل لأن جهل العمل حاصل في كل منهما وهذا أولى مما للعوفي حيث قال عقب قول المدونة لأن عليهم سد الثغور الخ. ما نصه إنما أراد به عند الاحتجاج على أن خروج المجعول له ما كان لأجل الجعل ولا بد لأنه ربما خرج وربما لم يخرج وظاهر هذا
السهم له أو للجاعل وعليه أجرة مثل الخارج أو جعل مثله (و) جاز بمرجوحية (رفع صوت مرابط) وحارس بحر (بالكبير) في حرسهم لأن التكبير شعارهم ليلًا ونهارًا ومثله رفعه بتكبير العيد وبالتلبية والسر في غير هذه أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام لرافعي أصواتهم بالدعاء أن الذي تدعون بين أكتافكم (وكره التطريب) أي: التغني بالتكبير (وقتل عين) على المسلمين وهو الجاسوس وهو الذي يطلع على عورات المسلمين وينقل أخبارهم للعدوّ ويقال هو رسول الشر والناموس رسول الخير (وإن) كان الجاسوس (ذميًّا) عندنا أو حربيًّا (أمن) لأن التأمين لا يتضمن كونه عينًا ولا يستلزمه ولا يجوز عقد عليه سحنون إلا أن يرى الإِمام استرقاقه قيل والواو للحال لأن غير المؤمن يطلب قتله والظاهر وجوبًا أو يسترق إلا أن يسلم (والمسلم) العين (كالزنديق) إن ظهر عليه كونه عينًا قتل ولو أظهر التوبة بعد أخذه وإن جاء تائبًا قبل الظهور عليه قبل بباء موحدة قال المصنف في باب الردة وقتل المستسر بلا استتابة إلا أن يجيء تائبًا (و) جاز (قبول الإِمام) حقيقة أو أمير الجيش إن لم يكن إمام (هديتهم) إن كان فيهم منعة وقوة لا إن ضعفوا وأشرف الإِمام على أخذهم فقصدوا التوهين بها قاله في الشامل (وهي) أي الهدية (له) أي: للإمام يختص بها بشرطين (إن كانت من بعض) من الخربيين للإمام (لكقرابة) بينهم وبينه أو مكافأة له أو لرجاء بدلها أو نحو ذلك قال د: وسواء دخل بلد العدو أم لا فإن كانت من بعض للإمام لا لكقرابة ففيء للمسلمين من غير تخميس إن كانت قبل دخول بلدهم وإلا فغنيمة اهـ.
ومفهوم قوله له إنها إن كانت من بعض لغيره لكقرابة فيختص بها المسلم بالأولى
ــ
أنه جعل له عطاءه على خروجه عنه وهذا أدل الأدلة على أنها ليست إجارة لأن الإجارة لا يدري هل تحصل أم لا بخلاف من أجر نفسه لعمل ما اهـ.
فإنه يقتضي أن الجعل إن كان من عند القاعد جاز مطلقًا كانا من ديوان واحد أم لا لعدم الجهل في الأجرة وفيه نظر لوجود الجهل في العمل كما تقدم وقول ز وكانت الخرجة واحدة الخ. احترازًا من أن يتعاقد معه على أنه متى وجب الخروج خرج نائبًا عنه فلا يجوز لقوة الغرر وقول ز ولم يعين الإِمام الخارج أي: لم يعينه بالشخص فإن عينه بالوصف كان يقول أصحاب فلان أو أهل النوبة الصيفية أو الشتوية مثلًا وكان منهم فإن له أن يستنيب فإن عينه بالشخص فظاهر المدونة الجواز وقال التونسي إنما يجوز بإذن الإِمام. انظر ضيح (ورفع صوت مرابط) قول ز وجاز بمرجوحية الخ. فيه نظر وصوابه برجحانية وظاهر المدونة في قولها قال مالك لا بأس بالتكبير في الرباط والحرس على البحر ورفع الصوت به في ليل أو نهار اهـ.
الجواز ومقابله الاستحباب كما في المدخل والجواز مقيد كما في العتبية بأن لا يؤذي الناس في قراءة أو صلاة وإلا لم يجز (وقتل عين وإن أمن) قول ز سحنون إلا أن يرى الإِمام استرقاقه الخ. هذا وإن نقله ابن عرفة وغيره مشكل لأن استرقاقه لا يرفع إذايته تأمل (إن كانت من بعض لكقرابة) قول ز عن أحمد وسواء دخل بلد العدوّ أم لا الخ. الذي في حاشية
من الإِمام دخل بلده أم لا ويبعد أن تكون من بعض لا لكقرابة بينه وبين المسلم غير الإِمام لكن انظر ما حكمها إن وقعت وهذه صور أربع من بعض للإمام أو لغيره لكقرابة أو غيرها وفي كل دخل بلده أم لا فتصير ثمانية ثم أشار لأربع فيما إذا كانت من الطاغية للإمام بقوله (وفيء) لجميع المسلمين (إن كانت) الهدية (من الطاغية) أي: ملكهم للإمام لأنه المحدث عنه قبل وبدليل قوله: (إن لم يدخل) الإِمام (بلده) أي: العدوّ كانت لكقرابة أم لا فإن دخل بلده فغنيمة كانت لكقرابة أم لا والظاهر أن وجه عدم مراعاة القرابة في هدية الملك للإمام كون الغالب فيها الخوف من الملك وجيشه ولذا لم تكن له قاله د وعوّل عج عليه دون ما لجده وأراد بالطاغية هنا ملك الكفر مطلقًا وإن كان مخصوصًا بحسب الأصل بملك الروم وسكت المصنف عن هدية الطاغية لبعض الجيش وهي له إن كانت لكقرابة دخل الإِمام بلد العدوّ أم لا لا لوجاهته ونفاذ كلمته عند الإِمام فيفصل فيها كما للإمام من الطاغية فيما يظهر فعلم أن صور المسألة ست عشرة إذ المهدي إما لطاغية أو بعض جنده وفي كل إما لكقرابة أولا وفي كل إما بعد دخول بلده أو قبل فهذه ثمانية والمهدي له إما الإِمام أو بعض جنده وقد علمت أحكامها (و) جاز (قتال روم وترك) أي: إذن فيصدق بوجوبه وفي نسخة نوب بدل روم ويراد بهم الحبشة وإن كانت النوب غيرهم في الأصل وهي صواب كما في غ خلافًا لتت ويكون المصنف قصد بها الإصلاح والإشارة إلى أن حديثي اتركوا الحبشة حيثما تركوكم واتركوا الترك ما تركوكم ليس معمولًا بهما على ظاهرهما من وجوب الترك وحرمة القتال وإنما المراد بالنهي فيهما إرشادي فقط فلا ينافي الجواز فلذا نص عليه أو أن قتال غيرهم في ذلك الزمان كان أولى أو لم يصح عند الإِمام مالك تلك الآثار وأما الروم فلم يرد النهي عن قتالهم حتى يعتني بالرد عليهم وهو من أولاد الروم بن عيضو بن إسحاق بن إبراهيم وهم
ــ
جد عج وارتضاه الشيخ أبو زيد ما نصه إنما فرق في البيان بين أن تكون من قبل قرابة وبين غيرها فيما إذا دخل بلادهم وأما إن لم يدخل فهي فيء كانت من الطاغية أو من غيره فلو قال وهي فيء إن لم يدخل بلده وإلا فهي له إن كانت من بعض لكقرابة وغنيمة إن كانت من الطاغية لوقى بذلك اهـ.
وهو ظاهر كما يعلم من كلام البيان ونقله ح وقول ز ويبعد أن تكون من بعض لا لكقرابة الخ. بل يقرب إن كان الغير مسموع الكلمة ورجا الحربي أن يجيره والظاهر إن حكمها كهدية الإِمام فيء إن كانت قبل دخول بلادهم وغنيمة بعده والله أعلم. (إن لم يدخل بلده) أي: فإن دخل فهي غنيمة تخمس كما في الشارح وغ وهو الذي في ح عن ابن رشد خلاف قول البساطي يمنع قبولها منهم قال طفى: ولم أر من منع أخذ الهدية في أرض الحرب كما قال البساطي اهـ.
(وقتال روم وترك) قول ز وهي صواب كما في غ الخ. أي للإجماع على جواز قتال
الذين تسميهم أهل هذه البلاد الإفرنج والترك جيل من الناس لا كتاب لهم ولا يفهم من كلامه أن جواز القتال مقصور على هذين المصنفين كما ظن الشارح لأنهما ليسا مفهوم شرط ولأنه إنما نص على هذين الفريقين لقوتهما فغيرهما يقاتل أيضًا إذا أبى الإِسلام كضعفاء الكفار من القبط والحبشة لأنهم لسفالتهم يميلون للرضا بالذل والصغار وإلا من غالب على المسلمين منهم (واحتجاج عليهم بقرآن) ظاهره ولو أكثر إن أمن سبهم له أو لمن أنزل عليه وإلا حرم وينبغي تقييده بما إذا لم ينفع مع سبهم له وأراد بالاحتجاج التلاوة عليهم لعلهم يرجعون لا المحاجة التي يقول الخصم بالحجية فيها لأنهم غير قائلين به حال التلاوة عليهم (وبعث كتاب) إن أمن سبهم وامتهانهم له (فيه كالآية) والآيتين والثلاثة وفي الشارح عن ابن عبد السلام التعبير بالآيات وهو يشمل أكثر من ذلك أيضًا وكذا فيه حديث شاهد عليهم كما يظهر والضمير في عليهم للكفار مطلقًا لا خصوص روم وترك (و) جاز (إقدام الرجل على كثير) من الكفار ليقاتلهم لقصد إعلاء كلمة الله وهذا مراده بقولهم (إن لم يكن ليظهر شجاعة على الأظهر) فشرط الجواز قصد الإعلاء والتقرب لا ما يعطيه لفظه الشامل لذلك ولما لا قصد له بالكلية وبقي شرط لم يذكره صريحًا وإن علم من الشجاعة التي يفيد كلامه اتصافه بها كما في د وهو أن يعلم من نفسه أو يظن تأثيره فيهم وإلا لم يجز وحيث علم أو ظن تأثيره فيهم جاز له الإقدام ولو علم ذهاب نفسه (و) جاز لمن تعارضت عليه أسباب الموت (انتقال من) سبب (موت لآخر) كحرق الكفار مراكب المسلمين فإنهم إذا مكثوا فيها هلكوا وإن طرحوا أنفسهم في البحر هلكوا (ووجب) الانتقال (إن رجي) فيه ولو شكا (حياة) مستمرة بهروبه (أو طولها) ولو حصل له معها ما هو أشد من الموت المعجل لأن حفظ النفوس واجب ما أمكن أو كان منفوذ المقاتل كما يؤخذ من مسألة د الآتية قال تت وأقام أبو الحسن من هذه ما في سماع عبد الملك قطع من أكلت الأكلة بعض كله خوف أكل جميعه ما لم يخف الموت من قطعه اهـ.
وذكر د أنه يؤخذ منها أيضًا أن من فعل به ما لا يعيش معه لا يجوز أن يسقى ما يموت به عاجلًا وهو كذلك في البرزلي اهـ.
ومثل السقي ضربه بنحو مدية في لبته ليموت عاجلًا كما يقع عندنا بمصر للمخوزق والمكسر فإنه حرام كما يؤخذ من مسألة البرزلي والمصنف ولعل ذلك ما لم يكن قتلهم قصاصًا وحدهم السيف ففعل بهم ما ذكر ظلمًا فينبغي جوازه (كالنظر) أي: كما يجب النظر من الإِمام بالمصلحة (في الأسرى) قبل قسم الغنيمة (بقتل) فيمن يقتل ويحسب من رأس الغنيمة على القول بملكها بالأخذ وهو بدل من قوله في الأسرى
ــ
الروم فلا وجه لذكرهم (واحتجاج عليهم بقرآن) فول ز وينبغي تقييده الخ. تقييده بذلك غير صحيح فتأمله (على الأظهر) راجع لقوله وإقدام الرجل الخ. كما يفيده نقل ق لا إلى الشرط كما يوهمه ظاهره.
والباء ظرفية (أو منّ) فيمن يمنّ عليه كأن لا يكون له قيمة معتبرة بأن يتركوا لسبيلهم ويحسب من الخمس لما مر (أو فداء) من الخمس أيضًا حيث كان هو النظر كان يبذل فيه أكثر من قيمته أو بأسرى عندهم خلافًا لقول سحنون إنما يكون الفداء بأسرى المسلمين (أو) ضرب (جزية) فيمن تضرب عليهم ويحسب المضروب عليه من الخمس (أو استرقاق) فيمن يرق منهم وهو راجع للغنيمة وهذه الوجوه بالنسبة للرجال المقاتلة وأما الذراري والنساء فليس فيهم إلا الاسترقاق أو المفاداة وبما قررنا علم أن أوفى كلامه للتنويع وفي كلام الشارح للتخيير وهو مشكل لأنه إذا كان المعتبر النظر فيما هو مصلحة فأين التخيير والجواب أن التخيير حيث رأى أن كلًّا من الأمور مصلحة كذا قال بعض شيوخنا قيل ويحتمل أن يكون المراد بالتخيير لازمه وهو عدم تعيين واحد منها ابتداء قاله د أي: فلا ينافي وجوب فعله ما هو المصلحة قطعًا من غير تخيير عند ظهورها وعلم مما قدمنا أن من قتل فمن رأس المال، ومن رَقّ يقسم، وأما من فدى أو ضربت عليه الجزية أو من عليه فمن الخمس بناء على أن الغنيمة مملوكة بنفس الأخذ. قاله ح قال عج ومعنى قوله: فمن الخمس أن قيمة هؤلاء الثلاثة تجعل فيما يخمس لأنها من جملة الغنيمة ولكنها تحسب من الخمس ولكن في كلام ابن رشد ما يفيد أن من يمت عليه لا يحسب من الغنيمة ولا تؤخذ قيمته من الخمس وكذا من تضرب عليه الجزية وإن من أخذ منه الفداء كذلك أي: في نفس ذاته لكن يجعل فداؤه من جملة الغنيمة أي: فيقسم خمسة أقسام أربعة للغانمين وواحد لبيت المال (ولا يمنعه) أي: الاسترقاق (حمل بمسلم) كأن يتزوج مسلم كتابية حربية ببلد الحرب ثم تسبى حاملًا أن يتزوج كافر كافرة ويسلم ثم تسبى وهي حامل وقد أحبلها وهو كافر أو بعد إسلامه فالحمل في هذه الصور الثلاث مسلم لأنه يتبع أباه في الدين والنسب وترق هي في جميعها وأما رقه هو ففيه تفصيل ذكره بقوله (ورق) هو أيضًا مع أمه (إن حملت) علقت (به بكفر) أي: في حال كفر أبيه ثم أسلم بعد ذلك كما في الصورة الوسطى لا أن حملت به في حال إسلام أبيه كما في الطرفين من الصور وبهذا يقيد قوله فيما سيأتي وولده وماله فيء مطلقًا فليس معنى الإطلاق حملت به بكفر أو إسلام بل معناه كان الولد صغيرًا أو كبيرًا فإن شك هل حملت به في إسلام أبيه أو كفره لم يرق إن وضعته لستة أشهر من إسلامه ولأقل رق وانظر إذا جهل ذلك ثم محل رقه فيما ذكر ما لم يمنّ على أمه بعد رقها أو تضرب عليها أي: على رجالها الجزية أو تفدى أو تسلم قبل سبيها وإلا كان حرًّا تبعًا لها (و) وجب لهم (الوفاء بما فتح لنا) الحصين أو البلد أو القلعة (به) أي: بسببه أي بما شرطه (بعضهم) كأفتح لكم
ــ
(أو منّ أو فداء أو جزية) قول ز في الثلاثة من الخمس هو الذي صرح به اللخمي ونقله ح والذي لابن رشد أن الثلاثة من رأس المال ويرجع الفداء للغنيمة من أموالها كما نقله ز بعده قال بعض الشيوخ وهو الراجح: (ورق إن حملت به بكفر) قول ز أو تسلم قبل سبيها
على أن تؤمنوني على فلان رأس الحصين فالرأس مع القائل آمنان لأنه لا يطلب الأمان لغيره إلا مع طلبه لنفسه وكذا على أهلي أو عشرة من أهلي كان هو آمنًا أيضًا فإن قال علي ألف درهم من مالي أخذها من ماله كان عينًا أو غرضًا وإن لم يف بها لم يكن له غيرها بخلاف من دراهمي ولا دراهم له فلا شيء له وماله فيء ذكره تت عن النوادر وقوله: وإن لم يف بها لم يكن له غيرها أي: وكذلك ليس له غيرها إن زاد عليها، وانظر لو قال علي ألف درهم مالي بإسقاط من ووجد أكثر من ألف هل يعتبر لفظ الألف فليس له غيرها أو لفظ مالي فجميعه أو المتأخر في اللفظ منهما (و) وجب الوفاء (بأمان الإِمام) وفاء (مطلقًا) أو في حالة كون الوفاء مطلقًا فهو حال من الوفاء أو مفعول مطلق أي: لا يتقيد الوفاء له ببلد السلطان المؤمن بل يكون فيه وفي غيره من بلاد السلاطين وليس الإطلاق راجعًا للأمان كما جعله تت احتمالًا لإيهامه أن التأمين المقيد بزمن مثلًا ليس كالتأمين المطلق في وجوب الوفاء في ذلك الزمن مطلقًا انظر د ويحتمل سواء وقع التأمين على مال أو غيره ويكفي إخباره بأنه أمن غيره دون غير الإِمام كأمير الجيش فلا بد من بينة تشهد على أنه أمن غيره وفي تت عند قول المصنف ولو بعد الفتح ما ظاهره يخالف هذا (كـ) ـوجوب وفاء المسلم (المبارز مع قرنه) بكسر القاف المكافىء في الشجاعة بما عاهده عليه قال تت وحكم المبارزة الجواز ولا بد من إذن الإِمام إن كان عدلًا ولا يقتله غير من بارزه لأن مبارزته كالعهد على أن لا يقتله إلا واحد لكن قال البساطي لو سقط المسلم وأراد الإجهاز عليه منعه المسلمون من ذلك على الصحيح أي: بغير القتل إن أمكن وإلا فيه وقال الشارح لو أثخن المسلم وقصد تذفيفه منعناه على أحد القولين اهـ.
أي: وهو الراجح وانظر قوله لا بد من إذن الإِمام مع قول ابن المنذر كل من أحفظ عنه العلم على جواز المبارزة والدعوة إليها وشرط بعضهم فيها إذن الإِمام وهو قول الثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق ولم يشترطه غيرهم وهو قول مالك والشافعي اهـ.
من شرح مسلم للقرطبي ذكره الشيخ سالم (وإن أعين) الكافر المبارز من واحد أو جماعة (بإذنه قتل) المعان (معه) أي: مع معينه المفهوم من أعين وبغير إذنه قتل المعين وحده وترك المعان مع قرنه على حكم ما دخل معه عليه وانظر لو جهل هل هو بإذنه أم
ــ
الخ. لا معنى لذكر هذا إذ هو خلاف موضوع المسألة (وبأمان الإِمام مطلقًا) أي: قيد أو أطلق قبل الفتح أو بعده انظر ضيح وق ويصح أن يفسر الإطلاق أيضًا كما للشارح يقول ز: أي لا يتقيد الوفاء ببلد السلطان المؤمن الخ. لقول ابن عرفة في كون حكمه مع سلطان غير الذي أمنه كالذي أمنه وكونه حلاله مطلقًا قول مالك فيها مع غيرها ونقل اللخمي مع الصقلي عن ابن الماجشون اهـ.
(كالمبارز مع قرنه) في المشارق القرن بكسر القاف وجمعه أقران الذي يقارنك في بطش أو شدة أو قتال أو علم فأما في السن فقرنه بالفتح وقرينه وجمعه قرناء اهـ.
لا والظاهر الحمل على الإذن إن دلت قرينة عليه كما إذا راطبه بلسانه ولم يعرف ما يقول فجاء عقب ذلك فورًا وإلا فالأصل عدم الإذن (ولمن) أي ولمسلم (خرج في جماعة) مسلمين (لمثلها) من الحربيين معاقدة من الطائفتين للمبارزة من غير تعيين شخص لآخر عند العقد ولكن برز عند مناشبة القتال كل واحد من المسلمين لكل واحد من الكفار فيجوز (إذا فرغ) المسلم (من قرنه الإعانة) لمسلم آخر أراد قرنه قتله نظر إلى أن الجماعة خرجت لجماعة فكان كل جماعة بمنزلة قرن واحد لقضية عليّ وحمزة وعبيدة بن الحرث بن عبد المطلب رضي الله عنهم بارزوا يوم بدر الوليد بن عتبة وعتبة بن ربيعة وأخاه مشيبة بن ربيعة فقتل عليّ الوليد بن عتبة وقتل حمزة عتبة بن ربيعة وأما شيبة بن ربيعة فضرب عبيدة فقطع رجله فكر عليه عليّ وحمزة فاستنقذاه من شيبة وقتلاه كذا في تت وتبعه الشيخ سالم والذي في السيرة أنه عبيدة بن الحرث بن المطلب بن عبد مناف والمطلب عم عبد المطلب راجع غزوة بدر وأما لو كانت الجماعة عند المعاقدة عينت كل واحد لواحد فلا يجوز هذه لأحد منهم أن يعين غيره بل يمنعه من التذفيف فقط وهذه هي قوله: أولًا كالمبارز مع قرنه إذ هو شامل لمبارزة واحد لواحد فقط واثنين لاثنين كل
ــ
وقول ز لكن قال البساطي الخ. ما قاله البساطي هو قول أشهب وسحنون وابن حبيب إن خيف على المسلم القتل جاز دفع المشرك عنه ولا يقتل لأن مبارزته عهد أن لا يقتله إلا من بارزه نقله ق عن الباجي وقال عقبه: إنه الذي يجب أن تكون به الفتوى واعترضه طفى بأنه لم يستوف كلام الباجي لأنه نقل بعده عن ابن القاسم وسحنون أنه لا يعان بوجه قال طفى وهو الذي تجب به الفتوى قلت: وفيه نظر لنقل ابن عرفة عن ابن حبيب ما نصه ولا بأس أن يعضد المبارز إن خيف قتله وقيل لا لأجل الشرط ولا يعجبنا لأن العلج إن أسره وجب علينا أن نستنقذه منه اهـ.
ولهذا قال ق هذا ما وجب أن تكون به الفتوى وقول ز وانظر قوله لا بد من إذن الإِمام الخ. كلام القرطبي الذي ذكره نقله ح لكنه معارض بما ذكره ابن عرفة عن سحنون قال لي معن عن مالك: إن دعا العدوّ للمبارزة فأكره أن يبارز أحد إلا بإذن الإِمام واجتهاده اهـ.
وبنقله أيضًا عن ابن حبيب قال أهل العلم: لا بأس بالمبارزة بإذن الإِمام رب وجل ضعيف يفتل فيهد الناس اهـ.
وبما نقله ح عند قوله وبتعيين الإِمام عن ابن وهب في سماع ز ونان من وجوب استئذان الإِمام في المبارزة والقتال إذا كان عدلًا وارتضاه ابن رشد واقتصر عليه ق هنا وبما ذكر يسقط تنظير ز (ولمن خرج في جماعة لمثلها الخ) قول ز وأما شيبة بن ربيعة فضرب عبيدة الخ. ابن حجر اختلفت الروايات في عتبة وشيبة أيهما لعبيدة وحمزة والأكثر أن شيبة لعبيدة وعتبة لحمزة وعكسه لابن إسحاق وفي ابن عرفة عن رواية البزار أن عليًّا بارز شيبة وعبيدة بارز الوليد خلاف ما للأكثر ونظم غ مثل ما للأكثر فقال عبيدة لشيبة:
وحمزة لعتبة ثم علي للوليد
واحد لواحد وهكذا فالمسائل ثلاث والإعانة مبتدأ ولمن خرج الخ. خبره وإذا ظرف تجرد عن الشرط فلا جواب له (وأجبروا) أي: الكفار أهل الحصين أو المدينة أو من قدم بتجارة ونحوها إذا نزلوا بأمان (على) اتباع (حكم من) أي شخص (نزلوا) بلادنا (على حكمه) إذ أنزلهم الإِمام على حكم أحد غيره بعد الوقوع والنزول وإلا فلا يجوز له ابتداء إنزالهم على حكم غيره وإنزال بني قريظة على حكم سعد بن معاذ إنما كان تطييبًا لقلوب الأنصار الأوس لأنهم مواليهم بشرطين (إن كان عدلًا) فيما حكموه فيه وإن لم يكن عدل شهادة ولو عبدًا أو صغيرًا (وعرف المصلحة) مآلا (وإلا) بأن اختل الشرطان أو أحدهما (نظر الإِمام) فيما حكم به إن كان صوابًا أمضاه وإلا رده وتولى الحكم بنفسه ولا يردهم لمأمنهم وشبه في نظر الإِمام قوله (كتأمين غيره إقليمًا) أي: عددًا لا ينحصر إلا بعسر وإن لم يكن أحد الأقاليم السبعة التي هي الهند والحجاز ومصر وبابل وخامسها الترك والروم وسادسها يأجوج ومأجوج وسابعها الصين وأما المغرب والشام فمن مصر بدليل اتحاد الميقات والدية (وإلا) بأن أمن غير الإِمام دون إقليم بل عددًا محصورًا أو واحدًا (فهل يجوز) ابتداء وليس للإمام فيه خيار (وعليه الأكثر) وظاهره على هذا التأويل ولو
ــ
شيخ وكهل ووليد وقول ز والذي في السير الخ. ما ذكره عن السيرة من أن عبيدة مطلبي لا من بني عبد المطلب هو الصواب كما ذكره أبو عمر في الاستيعاب وابن حجر في الإصابة وفي الفتح وكانت هجرته إلى المدينة مع أخويه الطفيل والحصين ابني الحرث بن المطلب وكلهم من أهل بدر رضي الله عنهم ذكره ابن إسحاق قال ابن حجر فالثلاثة المسلمون من بني عبد مناف والثلاثة المشركون من بني عبد شمس لأن شيبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف وعتبة هو أخوه والوليد بن عتبة والله أعلم (وأجبر والخ) قول ز إذا نزلوا بأمان الخ. الصواب إسقاطه تأمله وقول ز تطييبًا لقلوب الأنصار الخ. فيه نظر إذ لا يطيب صلى الله عليه وسلم قلوبهم إلا بما يجوز والظاهر في الجواب ما أجاب به ابن عرفة ونقله ح من أنه لم ينزلهم صلى الله عليه وسلم على حكم سعد وإنما حكمه فيهم بعد أن نزلوا على حكمه هو تطييبًا للأوس من الأنصار على أن ح نقل عن عياض جواز نزولهم على حكم غير الإِمام بعد أن نقل أن الإِمام لا ينزلهم على حكم غيره والله أعلم (إن كان عدلًا) قول ز فيما حكموه فيه وإن لم يكن عدل شهادة ولو عبدًا أو صغيرًا الشيخ. فيه نظر بل غير صحيح إذ العدالة لا بد منها في كل حاكم وهي لا تتجزأ فلا يصح كونه عدلًا فيما حكموه فيه دون غيره سواء كان الحاكم عامًّا أو خاصًّا فالمراد حينئذ عدل الشهادة ابن عرفة ولو حكموا عبدًا أو ذميًّا أو امرأة أو صبيًّا عاقلين عالمين بهم لم يجز وحكم الإِمام اهـ.
وقال عياض ممن يجوز تحكيمه من أهل العلم والفقه والديانة لكن قوله وإلا نظر الإِمام خاص بالفاسق مع كونه حرًّا ذكرًا بالغًا فالعدالة بمعنى عدم الفسق مع كونه حرًّا ذكرًا بالغًا الخ. شرط في الجواز وعدم التعقب لا في الصحة وبمعنى كونه حرًّا بالغًا ذكرًا شرط في الجواز والصحة معًا وقد أجمل المؤلف ونقل ح عن ابن عرفة يفيد ذلك انظر طفى (وإلا فهل يجوز وعليه الأكثر الخ) كلامه هذا يحتمل تقريرين ذكرهما ح معًا عن ضيح أحدهما وهو
كان غير مصلحة وانظره قاله د: (أو) لا يجوز ابتداء ولكن (يمضي) إن أمضاه الإِمام وإن شاء رده ثم جوازه أو مضيه إنما هو في الأمان حال كونه واقعًا (من مؤمن مميز ولو صغيرًا أو امرأة أو رقًّا أو خارجًا على الإِمام لا ذميًّا) لأن مخالفته في الدين تحمله على سوء النظر للمسلمين وهو منصوب عطفًا على من مؤمن لأنه واقع في موضع الحال وكذا قوله (أو خائفًا منهم تأويلان) راجع لما قبل لا ولو قدمه هناك لكان أحسن وقوله ولو صغيرًا يقتضي أن ما قبل المبالغة وهو الحر البالغ فيه الخلاف وليس كذلك وكذا قوله أو خارجًا ليس فيه الخلاف وإنما التأويلان في الصبي المميز والمرأة والعبد إذا كان كل عدلًا وعرف المصلحة وإلا نظر الإِمام وأما الحر البالغ المسلم ولو خارجًا على الإِمام فيجوز تأمينه ويمضي بلا خلاف وكذا الحر البالغ العاقل الخسيس وهو من لا يسأل عنه إن غاب ولا يشاور إن حضر كما يفيده شراح الرسالة ود قاله عج (وسقط القتل) بتأمين الإِمام أو غيره وأمضاه (ولو بعد الفتح) وكذا غير القتل إن كان التأمين قبل الفتح لا بعده فإنما
ــ
الذي قرر الشارح به في الوسط والكبير وبه قرر ق وز أن يكون أشار به لقول المدونة قال مالك أمان المرأة جائز ابن القاسم وكذلك عندي أمان العبد والصبي إذا كان الصبي يعقل الأمان وقال غيره يعني ابن الماجشون ينظر فيه الإِمام بالاجتهاد ابن يونس جعل عبد الوهاب قول الغير خلافًا وجعله غيره وفاقًا نقله ق ويرد على المؤلف على هذا التقرير أمر أن أحدهما أنه يقتضي جريان التأويلين فيمن سوى الإِمام ولو كان مستوفيًا شروط الأمان وليس كذلك خلافًا للمؤلف هنا وفي ضيح لأن المستوفي لها خارج عن التأويلين لما تقدم عن المدونة ولقول ابن بشير والمشهور أن من كملت فيه خمسة شروط وهي الإِسلام والعقل والبلوغ والحرية والذكورية فإذا أعطى أمانًا فهو كأمان الإِمام اهـ.
وبذلك اعترضه ز لكن قوله يمضي تأمينه بلا خلاف صوابه على المشهور لما تقدم أو من غير تأويلين الأمر الثاني: إن ظاهره يقتضي أن معنى التأويلين هل يجوز ابتداء أو لا يجوز وبظاهره قرره ز وغيره وليس كذلك بل معناهما هل يمضي ابتداء أو لا يمضي إلا أن أمضاه الإِمام كما علم مما تقدم وليس فيهما تعرض للجواز وعدمه وأما تعبير المدونة بالجواز فقال ابن عبد السلام يحتمل أن يريد الجواز بعد الوقوع لا إباحة الإقدام ابتداء اهـ.
وكلام المؤلف لا يقبل ذلك التقرير الثاني لكلام المؤلف أن يكون أشار به لقوله في ضيح نص ابن حبيب على أنه لا ينبغي التأمين لغير الإِمام ابتداء وهو خلاف ظاهر قول المدونة يجوز أمان المرأة والعبد والصبي أن عقل الأمان ويحتمل يجوز إن وقع ولذلك اختلف في كلام ابن حبيب هل هو موافق للمدونة أو مخالف اهـ.
بخ وبه قرر الشارح في الصغير وصدر به ح وهو ظاهر كلام المؤلف قال طفى وهذا أمثل ما يحمل عليه كلام المؤلف وإن كان هذان التأويلان لم أرهما لغير المصنف في توضيحه اهـ.
(ولو بعد الفتح) هذا قول ابن القاسم وابن المواز وقال سحنون لا يجوز لمؤمنه قتله
يسقط القتل فقط لا الفداء أو الجزية أو الاسترقاق فيرى الإِمام رأيه فيه فاقتصر على القتل مع أنه لا خصوصية له حيث وقع الأمان قبل الفتح لأجل المبالغة على ما بعد الفتح إذ لا يسقط حينئذ إلا هو دون غيره ثم الأمان في أي مسألة يكون (بلفظ أو إشارة مفهمة) أي: شأنها فهم العدو منها الأمان وإن قصد المسلمون ضده كفتحنا لهم المصحف وحلفنا أن نقتلهم فظنوا ذلك أمانًا أو قصد بها المشير الأمان وفهم منه الكفار ضده بالأولى مما قبله فقوله بلفظ الخ. متعلق بتأمين لأن التأمين بلفظ أو إشارة مفهمة يتضمن سقوط القتل بذلك أو يلزم فيه ذلك فيفيد فائدتين كون التأمين بلفظ أو إشارة مفهمة وكون السقوط بالقتل لذلك بخلاف تعلقه بسقط فإنه لا يفيد إلا واحدة وهو كون السقوط به فقط ولا يتضمن أو لا يلزم منه كون التأمين بذلك فكلام تت أولى من كلام غ ثم شرط جواز الأمان أو إمضائه السابق في قوله فهل يجوز (إن لم يضر) الأمان بالمسلمين بأن حصلت به المصلحة واستوت حالتا المصلحة وعدم الضرر إذ لا تشترط المصلحة بل عدم الضرر كما قال ابن شاس وهذا الشرط راجع لجميع صور الأمان وهو شرط في اللزوم لا في الصحة أي: فإن أضر بالمسلمين كإشرافهم على فتح حصن وتيقن أخذه فأمنهم مسلم فإن الإِمام يخير في رده قاله سحنون وانظر ما معنى تخييره في رده مع فرض أنه يضر
ــ
ويجوز لغيره فصل الخلاف في سقوط القتل بالتأمين بعد الفتح إنما هو بالنسبة لغير المؤمن وأما هو فليس له اتفاقًا هكذا في ضيح وح ومقتضى نقل ق عن ابن بشير أن محل الخلاف تأمين غير الإِمام (بلفظ أو إشارة مفهمة) قول ز وإن قصد المسلمون ضده الخ. هذا داخل في قوله وإن ظنه حربي الخ. ومعنى كونه أمانًا له يعصم دمه وماله لكن يخير الإِمام بين إمضائه ورده لمأمنه ولهذا يجمع بين ما في ضيح من اشتراط قصده وما في ق من عدم اشتراطه بحمل ما في ضيح على الأمان المنعقد الذي لا يرد وما في ق على ما يشمل تخيير الإِمام والله أعلم. وقول ز فكلام تت أولى من كلام غ الخ. فيه نظر بل قول غ متعلق بسقط هو الأولى لقربه مع كونه يفيد أن التأمين يكون بذلك لأن السقوط المذكور هو ثمرة التأمين ونتيجته (إن لم يضر) قول ز راجع لجميع صور الأمان الخ. صحيح وسواء أمان الإِمام وغيره وقول ز كإشرافهم على فتح حصن الخ. إنما مثل ابن شاس ما فيه ضرر على المسلمين بما لو أمن جاسوسًا أو طليعة أو من فيه مضرة وأما تأمين الحصين بعد إشرافهم على فتحه فإنما قال فيه سحنون ذلك بناء على أصله أن التأمين بعد الفتح لا يصح قال طفى ولا يأتي على مذهب ابن القاسم القائل بصحة الأمان ولو بعد الفتح لأنه إذا صح بعد الفتح فأحرى قبله لكن يبقى النظر في حكمه بعد الإشراف هل هو كبعد الفتح يكون أمانًا لسقوط القتل فقط أو يكون أمانًا مطلقًا والظاهر من كلامهم الثاني قال ابن بشير لما ذكره الأمان هذا كله إذا كان الأمان قبل الفتح وما دام الذي أمن متمتعًا اهـ.
وقال ابن عرفة في شروط الأمان وكونه قبل القدرة على الحربيين اهـ.
(و) الأمان (إن ظنه حربي) من غير إشارة منا ولم يقصده المؤمن كقوله لرئيس مركب العدو أرخ قلعك أو لشخص منهم بالفارسية مترس أي: لا تخف فظنوا ذلك أمانًا (فجاء) معتمدًا على ظنه (أو نهى) الإِمام (الناس عنه) عن التأمين (فعصوا) وأمنوا (أو نسوا أو جهلوا) أي: لم يعلموا نهيه أو جهلوا وجوب طاعته وحرمة مخالفته واستظهر د تقرير المصنف بهذا الثاني (أو جهل) الحربي (إسلامه) أي: عدم إسلامه أي اعتقد إسلام المؤمن له بالكسر فتبين أنه ذمي قال غ في بعض النسخ أو ظن إسلامه اهـ.
وفيها بحث لإيهامها أن انتقاد إسلامه يحصل به الأمان قطعًا وليس كذلك فالأولى ما في كثير من النسخ ويحمل الجهل على تصور الشيء على خلاف ما هو عليه الشامل لاعتقاد الإِسلام أو لظنه (لا) إن علم أنه ذمي وجهل (إمضاءه) بأن ظن أن أمانه ماض كأمان الصبي والمرأة فلا يمضي بل يكون فيئًا البيت المال وقال د: لا يتعين أن يكون المضاف المحذوف عدم كما قبل في جهل إسلامه بل يصح أن يقدر حكم أي: لأن جهل حكم إمضائه لأن من ظن إمضاء تأمينه جهل حكمه في نفس الأمر اهـ.
(أمضى) الأمان في المسائل الخمس إن أمضاه الإِمام (أورد) الحربي (لمحله) أي: المحل التأمين الذي كان فيه ولا يجوز قتله ولا استرقاقه قال تت وقوله لمحله أحسن من قول ابن الحاجب لمأمنه لصدقه على ما إذا كان قبل التأمين بمحل خوف فإنه لا يرد لحيث يأمن بل لمحله قبل التأمين ابن راشد هذا هو المنقول (وإن أخذ) حربي حال كونه (مقبلًا) أي: عليه آثار إقباله علينا (بأرضهم) متعلق بأخذ أي: أخذناه بأرضهم قبل انفصاله عنها (وقال جئت) لكم (أطلب الأمان أو) أخذ (بأرضنا) ومعه تجارة ودخل عندنا بلا أمان
ــ
فتأمله (وإن ظنه حربي الخ) قول ز غير إشارة الخ يعني فإن كان بإشارة ففيه التفصيل بين المفهمة وغيرها كما يفيده كلام المصنف قبله خلافًا لإطلاق هنا وقول ز مترس أي: لا تخف الخ. الخ قال ابن عرفة قلت في بعض الحواشي يقال مطرس بشد الطاء وتسكينها وبالتاء بدل الطاء مشددة وساكنة اهـ.
(أو جهل إسلامه) هذا أحد قولي ابن القاسم واختاره ابن المواز والقول الآخر إنهم فيء واختاره اللخمي انظر ح (أو رد لمحله).
قول ز أحسن من قول ابن الحاجب لمأمنه الخ. المؤلف هنا تبع في تعبيره بقوله لمحله اعتراض ابن راشد على ابن الحاجب حيث قال كما في ضيح وقوله لمأمنه صوابه أن يقول رد إلى حيث كان قبل التأمين وهذا هو المنقول اهـ.
واعترضه طفى بأن نصوص المذهب كلها على الرد لمأمنه مثل ابن الحاجب ولم أر من خالف في ذلك إلا الباجي حيث قال ولعل هذا تجوز ممن يقوله من أصحابنا والصواب عندي أن يرد إلى مثل حاله التي كان عليها قبل التأمين اهـ.
قال طفى فأنت ترى أنه اختيار له وهو معترف بأنه خالف فيه قول الأصحاب اهـ.
(وقال) لنا لما أخذناه جئت لأتجر و (ظننت أنكم لا تعرضون لتاجر) وهو تاجر (أو) أخذ (بينهما) وقال كالأول (رد لمأمنه) في المسائل الثلاث وانظر لو تعاكس قوله بأن أخذ بأرضهم، وقال: ظننت أنكم لا تعرضون لتاجر وهو تاجر والظاهر رده لمأمنه كما يفهم بالأولى من قوله أو بأرضنا وقال الخ. ولو أخذ بأرضنا وقال جئت أطلب الأمان فالظاهر جريانه على ما إذا أخذنا بأرضنا وقال جئت للإسلام أو للفداء وفي ذلك خلاف كما في ح هل يرد لمأمنه أم لا قال عج، وانظر ما وجه القول برده لمأمنه حيث قال: جئت أطلب الإِسلام ولِمَ لا يطلب منه فإن أباه خير فيه الإِمام (وإن قامت قرينة) على صدقه كعدم وجود سلاح معه أو على كذبه كوجوده معه (فعليها) العمل في المسائل الثلاث (وإن رد) المؤمن بعد توجهه لبلده وقبل وصوله لمأمنه (بريح) وكذا اختيار على ظاهر كلام ابن يونس (فعلى أمانه) السابق (حتى يصل) لبلده أو لمأمنه وله نزوله بمكانه الذي كان به وليس للإمام إلزامه الذهاب وقيل يخير إن شاء أنزله أورده وقولنا قبل وصوله لمأمنه هو مفاد قوله حتى يصل فإن رد بعد وصوله له لمأمنه فقيل يخير الإِمام في إنزاله ورده وقيل لا يتعرض له وهو في حل وقيل إن رد غلبة خير الإِمام فيه واختيار أفهم في حل انظر الشارح ولما فرغ من متعلقات الأمان شرع في متعلقات الاستئمان وهو كما قال ابن عرفة تأمين حربي ينزل لأمر ينصرف بانقضائه فقال: (وإن مات) الحربي المستأمن في غير معركة ولا أسر (عندنا فماله) وديته إن قتل (فيء) لبيت المال (إن لم يكن معه) ببلدنا
ــ
قلت: وفيه نظر فإن الباجي فهم عبارة الأئمة على التجوز وهو متبع في فهمه (أو بينهما رد لمأمنه) قول ز وفي ذلك خلاف كما في ح هل يرد لمأمنه أم لا الخ. أي: أم لا يرد بل يخير فيه الإِمام ويرى فيه رأيه ومحل هذا الخلاف إذا أخذ بحدثان مجيئه والأخير فيه الإِمام باتفاق انظر ضيح (وإن رد بريح فعلى أمانه حتى يصل) قول ز وقيل يخير إن شاء أنزله أورده الخ. تبع تت في حكاية هذا القول هنا واعترضه طفى بأن محله إنما هو في الراجع بعد وصوله وأما الراجع قبل الوصول فإنه يبقى على أمانه ويجب على الإِمام إنزاله ولا يمنعه انظره وقول ز وقيل: لا يتعرض له وهو في حل الخ. إن أراد بقوله في حل في أمان فهو غير صحيح لما يأتي عن ابن عرفة وإن كان معناه أنه فيء كما هو مراد غيره وهو الصواب ناقض قوله لا يتعرض له فالصواب إسقاط قوله لا يتعرض له ويقول وقيل: هو حل أي فيء كما في ابن عرفة ونصه ولو رجع بعد بلوغه مأمنه ففي كونه حلًا لمن أخذه أو تخيير الإِمام في إنزاله آمنًا ورده ثالثها إن رجع اختيار الأول للصقلي عن ابن حبيب عن ابن الماجشون والثاني لمحمد والثالث لابن حبيب عن عبد الملك اهـ.
(وإن مات عندنا فماله فيء) الذي يدل عليه ابن عرفة وغيره أن الصور أربع لأنه إما أن يموت عندنا وإما أن يموت في بلده وإما أن يؤسر وإما أن يقتل في معركة أشار المصنف إلى الأولى بقوله: وإن مات عندنا الخ. مع قوله وإلا أرسل مع ديته الخ. وأشار إلى الثانية بقوله كوديعته فالتشبيه كما في س وخش تام يدل عليه.
(وارث) فإن كان معه وارث عندهم يقول أساقفتهم ولو زوجة أو ابنة أو ذا رحم كما في التوضيح وتنظير البساطي فيه قصور فهو وديته له سواء دخل على التجهيز أم لا (ولم يدخل) إلينا (على التجهيز) بل على الإقامة أو اعتادها أو جهل ما دخل عليه ولا عادة وكذا إن دخل على التجهيز أو كانت العادة ذلك ولكن طالت إقامته فيهما بالعرف تنزيلًا لطول الإقامة منزلة الدخول على الإقامة ففي هذه الصور الخمس يكون ماله وديته فيئًا ولا يمكن في هذه الصور إن كان حيًّا من الرجوع لو أراده وكذا يكون ماله فيئًا في الصور المذكورة إن قتل في معركة من غير أسر فإن حارب بعد خروجه من عندنا وأسر فأشار له بقوله (و) إن نقض العهد وحارب المسلمين فقتلوه دفع ماله (لقاتله إن أسر) حيًّا (ثم قتل) وكذا إن لم يقتل فكان حقه حذف ثم قتل وقوله ولقاتله ويقول ولآسره أي: لملكه بذلك رقبته قال غ والصواب كما في بعض النسخ تأخير قوله ولقاتله إن أسرعن قوله قولان لأنها جارية في قوله وإن مات عندنا الخ. وفي قوله وإلا أرسل مع ديته لوارثه وفي قوله كوديعته فهو كالمستثنى من المحلات الثلاث أو أنها محذوفة من الأخيرين لدلالة الأول عليه ومحل قوله ولقاتله حيث كان من غير الجيش وغير المستند له وإلا فيخمس كسائر الغنيمة كما يأتي (وإلا) بأن دخل على التجهيز نصًّا أو عادة ولم تطل إقامته فيهما (أرسل) ماله الذي مات وهو معه عندنا (مع ديته) حيث وجبت قتل ظلمًا أو في معركة قبل أسره (لوارثه) وأما مال الصلحي فسيأتي في باب الجزية ومال العنوي في باب الفرائض وتقدم
ــ
كلام ابن عرفة الآتي خلافًا لز وأشار إلى الثالثة بقوله ولقاتله إن أسر فهو قسيم لما قبله ولما بعده فلا يتوهم رجوعه لهما كما توهمه ز عن شيخه وأشار إلى الرابعة بقوله وهل وإن قتل في معركة قولان هذا تحقيق كلام المصنف إن شاء الله تعالى وبه تعلم ما وقع في كلام ز من الخلل قال ابن عرفة الصقلي عن محمَّد عن ابن القاسم وأصبغ حكم ماله عندنا في موته ببلده كموته عندنا وماله في موته بعد أسره فإن أسره ولو قتل في معركة ففي كونه لوارثه أو فيأ لا يخمس نقلا الصقلي عن محمَّد وابن حبيب مع نقله عن ابن القاسم وأصبغ اهـ.
وبه تعلم أن المراد بقوله كوديعته المال المتروك عند المسلمين لا خصوص الوديعة العرفية ولذا عبر ابن عرفة بلفظ مال وعمم في محل القولين وبه قرر الشارحان كما نقله تت فقول ز: وكذا يكون ماله فيئًا الخ. فيه نظر بل فيه القولان الآتيان.
(وإلا أرسل مع ديته) قول ز قتل ظلمًا أو في معركة الخ. صوابه حذف قوله أو في معركة إذ لا دية له إن قتل في معركة والحكم فيما له هو القولان الآتيان لأنهما لا يختصان بالوديعة العرفية كما زعمه ز بل موضوعهما المال المتروك عندنا مطلقًا كما تقدم عن ابن عرفة وكذا قررهما الشارحان ومن فرضهما في الوديعة كما في ضيح وغيره فالظاهر أن مرادهم المال المستودع أي المتروك عند المسلمين كما يؤخذ من كلامهم لا خصوص الوديعة العرفية وقول ز راجع لقوله وإن مات عندنا الخ. يقتضي من هذا مفهوم وإن مات عندنا وهو غير صحيح بل هو مناقض لتقريره السابق والصواب لو قال إنه راجع لقوله ولم
قريبًا ما إذا قتل فيها قبل أسره إذا لم يدخل على التجهيز وقد ظهر مما قررنا أن قوله وإلا أرسل راجع لقوله وإن مات عندنا ولقوله ولم يدخل على التجهيز ولفظ أرسل مفيد لذلك كما في د وقد قدمنا مفهوم الشرط الأول بلصقه ولا يصح رجوع قوله وإلا له أيضًا كما في تت إذ يصير المعنى وإن كان معه وارث أرسل لوارثه ولا يخفى فساده قاله عج ويمكن أن يجاب عنه يحمل الإرسال على الدفع مجازًا فيه وعلى حقيقته فيمن لم يكن معه فإن لم يكن له وارث رد لحكامهم يدفعونه لأهل دينه من كورثه كما يأتي نحوه في مال الكتابي المؤدي للجزية لكن نقل الدميري أنه إن لم يكن له وارث فلبيت المال (كوديعته) أي المستأمن الميت عندنا ولا وارث معه أو التي تركها عندنا وسافر لبلاده كما قرره به بعض الشراح ترسل لمن يرسل له ماله لكن سواء دخل على الإقامة ولو حكمًا أو على التجهيز كما يفيده ق خلافًا لمفاد بعض الشراح من جعل التشبيه تامًّا وأفردها بالذكر ولم يستغن بدخولها في عموم ماله وقرنها بكاف التشبيه لتخصيصها بقوله: (وهل) ترسل وديعته لورثته مطلقًا (وإن قتل في معركة) دون أسر (أو) هي (فيء) لا ترسل ولا خمس فيها لكونه ودعها ببلادنا والذي أوجف عليه ما كان ببلادهم (قولان) وقولي دون أسر احتراز عن أسره في المعركة فيختص بها آسره إن كان من غير الجيش ولا مستندًا له وإلا فغنيمة فهي كما تقدم في ماله وسواء قتل بعد الأسر أو مات أو بيع في المقاسم كما في ق واعلم أن غرماءه مقدمون في وديعته على من أسره بخلاف المال الذي معه فإنه غنيمة أو لمن أسره فلا حق فيه للغرماء كما يفيده ق واعلم أيضًا أن وديعة المستأمن ترسل له حيث كان حيًّا كما قدمته عن بعض الشراح من أنه قرر المصنف بذلك وظاهر كلامهم وإن قاتل المسلمين (و) إذا قدم حربي بأمان ومعه سلع لمسلمين أو ذميين (كره) كما في المدونة تنزيهًا على ما قاله أبو الحسن (لغير المالك اشتراء سلعة) أي: سلع المالك إما لأن فيه تسليطًا لهم على أموال المسلمين واستيلائهم أو لأنه بشرائها يفوتها على المالك كما قال (وفاتت) على مالكها (به) بالبيع لغيره فليس له إليها سبيل لا بالثمن ولا بغيره (وبهبتهم لها) لمسلم أو ذمي إما لأن الأمان يحقق ملكهم أو لأنه بالعهد صار له حرمة ليست له في دار الحرب بخلاف ما وقع في المقاسم أو باعوه أو وهبوه بدارهم كما سيأتي من أنه لا يفوت على ربها بمعنى أن له أخذ ثمنها أو ما زاد كما يأتي في قوله ولمسلم أو ذمي أخذ ما وهبوه فإن قلت قد ذكر فيما يأتي أنه يفوت بالبيع حيث قال: إن لم يبع فيمضي قلت: معنى الفوات هناك أنه ليس له أخذ عينها ويأخذ ثمنها ومعنى الفوات في المصنف هنا أنه
ــ
يدخل على التجهيز فقط لا لما قبله ولا لما بعده والله أعلم. وقول ز فإن لم يكن معه وارث صوابه فإن لم يكن له في بلده وارث الخ. تأمله (قولان) لقولان لابن القاسم وابن المواز حكاهما ابن يونس كما تقدم عن ابن عرفة (وكره لغير المالك الخ) قول ز أو لأنه بشرائها يفوتها على المالك الخ. هذا التعليل هو الظاهر وأما ما قبله فيأتي أيضًا فيما إذا كان المشتري
ليس له أخذها ولا ثمنها كما قررنا (وانتزع) من المستأمن كما في تت أو ممن ضربت عليه الجزية كما يفيده نقل ق (ما سرق) بالبناء للمجهول من مسلم أو ذمي في زمن العهد أو غصب ولو رقيقًا (ثم عيد به) لبلدنا بعد ذهابه لدار الحرب وصيرورته حربيًّا (على الأظهر) متعلق بانتزع عاد به السارق بأمان أولًا أو عاد به غيره ولذا بني عيد للمجهول لكن إن عاد به هو قطع كما هو مذهب المدونة كما يقتل إن قتل ثم هرب ولا يزيل ذلك عنه أمانه (لا) ينتزع من المستأمنين (أحرار مسلمون) غنموهم منا ثم (قدموا بهم) بأمان ثان معتبر ذكورًا أو إناثًا ولا يمنعون من وطء إناثهم والرجوع بهم إلى بلادهم عند ابن القاسم في أحد قوليه والرواية عنه هكذا إناثهم لا إمائهم كما في تت والقول الآخر إنهم ينزعون منهم بالقيمة وهو الذي عليه أصحاب مالك وبه العمل ورجحه جماعة وانظر لو ادعى القدوم بأمان ونوزع (وملك) الحربي قدم بأمان أم لا (بإسلامه) جميع ما غصبه أو نهبه (غير الحر المسلم) من عبد ولو مسلمًا وذمي وأمتعة لا حر مسلم ولا مسروق ولا حبس محقق كونه حبسًا وفي ملكه لما احتمل كفرس في فخذه للسبيل أو في سبيل الله لأنه قد يكتب الرجل ذلك ليمنعه من الناس وعدم ملكه له قولان مقتضى عز وعج ترجيح الثاني فيما وجد في غنيمة ويقاس ما أسلم عليه هنا عليها، وكذا لا يملك بإسلامه ما تسلفه من مسلم أو ترتب في ذمته من شيء اشتراه من مسلم أو استأجره منه فيؤخذ منه ولو وقع الشراء أو الإجارة بأرض الحرب كما يفيده ما ذكره القرافي من أنه إذا أسلم الحربي يلزمه كل ما رضي به حال كفره (وفديت أم الولد) لمسلم قدم بها حربي وأسلم وجوبًا على سيدها بقيمتها لشبهها بالحرة إذ ليس له فيها غير الاستمتاع فإن كان مليًّا وإلا اتبعت ذمته والقيمة على أنها قن إلا أن تموت هي أو سيدها كما سيذكره فيما إذا وقعت هي أو غيرها غنيمة للمسلمين من الكفار وتكلم فيما مر على ما إذا قدم الحربي بأمان ومعه أم ولد أو مدبر أو معتق لأجل وهو أنهم يبقون بيده وتكلم هنا على من ذكر حيث أسلم عليهم (و) بقي مدبر بيده يخدمه أو يؤجره إلى موت سيده لملكه منه ما يملكه سيده فإن مات (عتق المدبر من ثلث سيده) إن حمله ثلثه فإن حمل بعضه رق باقيه لمن أسلم عليه وانظر إذا علم كونه مدبرًا ولم يعلم سيده أو علم ولم يعلم موته وينبغي أن يبقى بيد
ــ
هو المالك قاله مس وبذلك رده أبو الحسن انظر ح (وانتزع ما سرق) قول ز أو ممن ضربت عليه الجزية كما يفيده نقل ق الخ. هذا والذي قبله كلاهما في ق عن ابن رشد.
(لا أحرار مسلمون) قول ز والقول الآخر الخ. يعني لابن القاسم وهذا العز وفيه نظر فإن هذا القول إنما هو لغير ابن القاسم من أصحاب مالك. وأما قول ابن القاسم الآخر فهو أنه ينتزع منهم بالقيمة الإناث دون الذكور هكذا في ضيح وق وفيه أيضًا توجيه الأقوال قف عليه (وملك بإسلامه) قول ز قدم بأمان أم لا الخ. يعني أم لم يقدم بأمان في حال كفره لكن
قدم بعد إسلامه وأما إذا أقام ببلده فسيأتي آخر الباب في قول المؤلف وماله وولده فيء الخ.
من أسلم إلى مضي مدة التعمير لسيده مع تقدير كون سنة وسطًا ثم يخرج حر (و) خرج (معتق لأجل بعده) أي: الأجل حرًّا (ولا يتبعون) أي: لا يتبع المستأمن جنس المدبر إذا تحرر كله أو بعضه والمعتق لأجل إذا خرج حرًّا بعد الأجل (بشيء) لأنه كالمالك المحقق ليس له غير خدمتهم فجمع المصنف الضمير باعتبار أفراد المدبر والمعتق لأجل قاله تت ود وزاد ويحتمل أن يكون أطلقه على اثنين وهو سائغ اهـ.
وقد يقال جمعه لرجوعه للحر المسلم لأنه ينزع منه بلا عوض وللمدبر والمعتق لأجل (و) إن مات سيد المدبر وعليه دين يستغرقه أو بعضه رق مقابل الدين للمستأمن وعتق ثلث باقيه ثم رق للمستأمن باقيه لتقدم حقه على أرباب الديون فيما يغترقه ديونهم فهو أولى به و (لا خيار للوارث) فيما رق منه بين إسلامه للمستأمن وأخذه ودفع قيمته له كما له ذلك في المدبر الجاني لأن السيد هنا لم يكن له انتزاعه من المستأمن فكذا وارثه وسكت المصنف عن المكاتب لوضوحه وهو أن المستأمن أو الذي أسلم يستوفي منه الكتابة فإن أدى خرج حرًّا والولاء لعاقدها، وإن عجز رق له ولا شيء لسيده.
(وحد زان) من الجيش بحربية أو ذات مغنم قل الجيش أو كثر (و) قطع (سارق) نصابًا فما فوقه لضعف الشبهة هنا فلم تدرأ الحد وقيل: إن سرق فوق حقه نصابًا (إن حيز المغنم) راجع للسارق فقط وأما الزاني فيحد مطلقًا كما سيذكره في باب الزنا (ووقفت الأرض) غير الموات بمجرد الاستيلاء عليها ولا يحتاج إلى طيب نفس المجاهدين ولا إلى صيغة من الإِمام وهذا كالمستثنى من قوله في الوقف بحبست ووقفت الخ. وأما أرض الموات فللإمام أن يقطعها لمن شاء فالمراد بالأرض في كلام المصنف أرض الزراعة المفتوح بلدها عنوة وكذا أرض الدور على المشهور وقبل للغانمين وقيل يخير الإِمام فيها وعلى الأول فلا يؤخذ لها كراء بخلاف أرض الزراعة كما قال فخراجها الخ. ولذا قال القرافي بعد ذكر الخلاف في كراء دور مكة المشهور منع كرائها لأنها فتحت عنوة وكذا دور مصر وأراضيها لأن مالكًا صرح في الكتاب وغيره بأنها فتحت عنوة وما
ــ
فقول خش هنا قدم بها أو أقام ببلده الخ. غير ظاهر والله تعالى أعلم بالصواب (ولا يتبعون) قول ز أي لا يتبع المستأمن صوابه الذي أسلم وهكذا صوابه الذي أسلم بدل المستأمن في المواضع التي بعده (وحد زان وسارق) الصواب قول عبد الملك عدم الحد للشبهة وعدم القطع حتى يسرق نصابًا فوق حقه قف على ح (ووقفت الأرض) قول ز بمجرد الاستيلاء الخ. مثله قول تت صارت وقفًا بمجرد الاستيلاء قال طفى: وفيه نظر إذ لم أر من قال إنها تفسير وقفًا بمجرد الاستيلاء لأن كلام الأئمة فيما يفعله الإِمام هل يقسمها كغيرها أو يتركها لنوائب المسلمين فمعنى وقفها تركها غير مقسومة لا الوقف المصطلح عليه وهو التحبيس وقول ز وعلى الأول فلا يؤخذ كراؤها الخ. قال بعض الشيوخ ينبغي على الأول أن يؤخذ كراؤها كأرض الزراعة ويكون في المصالح بعد الآل والله أعلم اهـ.
يقع من القضاة من إثبات الأملاك وعقود الإجارات والأخذ بالشفعات ونحو ذلك على القول بأن للإمام قسمتها كسائر الغنائم أو على القول إنه غير في ذلك والقاعدة المتفق عليها إن مسائل الخلاف إذا اتصل ببعض أقوالها قضاء حاكم تعين ذلك القول وارتفع الخلاف فإذا قضى حاكم بثبوت ذلك في أرض العنوة ثبت الملك وارتفع الخلاف وتعين ما حكم به وهذا يطرد في مكة ومصر وغيرهما وأعلم أن القول بأن الدور وقف إنما يتناول الدور التي صادفها الفتح فإذا انهدمت تلك الأبنية وبنى أهل الإِسلام دورًا غيرها فهذه الأبنية لا تكون وقفًا وحيث قال مالك: لا تكري دور مكة أراد ما كان في زمانه باقيًا من دور الكفار التي صار فيها الفتح واليوم ذهبت تلك الأبنية فلا يكون قضاء الحكام بذلك خطأ نعم يختص ذلك بالأرضين فإنها باقية إلى الأبد وإذا جهل الأمر فإن الحائز ينتفع بحيازته إذا جهل أصل مدخله فيها وذكر في التوضيح خلافًا في مطالبة الحائز ببيان سبب ملكه فقال: اختلف هل يطلب الحائز ببيان سبب ملكه فقال ابن أبي زمنين لا يطالب وقال غيره يطالب وقيل: إن لم يثبت أصل الملك للمدعي فلا يسأل الحائز عن بيان أصل ملكه وإلا سئل وقال ابن القطان وابن عتاب لا يطالب إلا أن يكون معروفًا بالغصب والاستطالة والقدرة على ذلك اهـ.
باختصار اهـ.
من خط عج في فتوى له في ذلك.
تنبيه: إنما لم تقسم كغيرها لتكون في أعطيات المقاتلة وأرزاق المسلمين الذين يقاتلون في المستقبل فإن قسمها بين المجاهدين مضى ولا ينقض اللخمي من غير خلاف قاله ق أي: حيث قسمها من براء (كمصر والشام والعراق) وأما ما يقع بمصر من شراء بعض سلاطينها وكبرائها بلادًا من بيت مال المسلمين ويجعلونها وقفًا مرصدًا على ما يبنونه من المساجد مثلًا فإنما يحكمون فيها من يرى ذلك لا على مذهبنا صرح به عج في باب الوقف ولما كانت أموال الكفار المأخوذة على ثلاثة أقسام كما قال ابن عرفة ما ملك من مال الكافر غنيمة ومختص وفيء وسيأتي الأخير إن تكلم على الغنيمة ونوعها لأرض وقدمها ولغيرها وذكره بقوله (وخمس غيرها) أي: غير الأرض من سائر الأموال من مقوم ومثلي أي: يقسم أخماسًا خمس لبيت المال والأربعة للمجاهدين والوقف والتخميس بشرط ذكره بقوله (إن أوجف) أي قوتل (عليه) بخيل أو ركاب أي: إبل ويعبر عن الأول
ــ
وقول ز واعلم أن القول بأن الدور وقف الخ. الدار اسم للقاعة والبناء فلا يتأتى هذا التأويل والله تعالى أعلم (وخمس غيرها إن أوجف عليه) قول ز والمراد أوجف ولو حكمًا الخ. فيه نظر بل المذهب أنه لا يخمس إلا ما أوجف عليه بالفعل قال المازري في المعلم لا خلاف أن الغنيمة تخمس وأما ما انجلى عنه أهله دون قتال فعندنا لا يخمس ويصرف في مصالح المسلمين كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل فيما يأخذ من بني النضير وقال الشافعي يخمس كالغنيمة اهـ.
بكراع والمراد أوجف ولو حكمًا كهربهم قبل المقاتلة بعد نزول الجيش بلادهم على أحد قولين ذكرهما ابن عرفة وأما لو هربوا قبل خروج الجيش من بلاد الإِسلام فيكون ما انجلوا عنه فيئًا موضعه بيت المال فلا يخمس وأما لو هربوا بعد خروج الجيش وقبل نزوله بلدهم فيؤخذ من كلام الباجي أنه فيء أيضًا ولم يستحضره ابن عرفة فتوقف في هذا القسم وقال يتعارض فيه مفهومًا نقل اللخمي انظره في تت فعلم من هذا أن الأقسام أربعة ورابعها قتالنا لهم بالفعل (فخراجها) إن أقرت بأيدي المسلمين أو أهلها لعمارتها أو سوقوا على سوارها (والخمس) الذي لله ولرسوله الخارج بالقرعة من غنيمة أو ركاز كما مر عند قوله وفي ندرته الخمس كالركاز والفيء (والجزية) العنوية والصلحية وعشور أهل الذمة وخراج أرض الصلح محله بيت مال المسلمين يصرفه الإِمام باجتهاده ويبدأ من ذلك بالآل ندبًا كما قال (لآله عليه الصلاة والسلام ثم للمصالح) والذي في المدونة استواء الآل والمصالح إلا أن تحمل البداءة بهم على الندب كما قال البساطي وتحمل المدونة على أصل الإعطاء ثم إذا أعطوا فيوفر نصيبهم لأنهم لا يعطون من الزكاة.
تتمة: نظم ابن جماعة الشافعي ما يوضع في بيت المال كما قدمنا فقال:
جهات أنواع بيت المال سبعتها
…
في بيت شعر حواها فيه كاتبه
خمس وفيء خراج جزية عشر
…
وارث فرض ومال ضل صاحبه
ولو قال: وارث مال لكان أحسن لأن بيت المال لا يرث بالفرض عندنا وقوله ومال ضل صاحبه أي: جهل مالكه ولم يكن لقطة كالمأخوذ مكسًا (وبدىء) وجوبًا من المصالح التي بعد آله عليه الصلاة والسلام فالبداءة هنا إضافية والمتقدمة حقيقية (بمن فيهم المال) فيصرفه في المصالح العائد نفعها على المسلمين كبناء المساجد والقناطر
ــ
ونقله الأبي وأقره فأنت ترى المازري لم يعز القول بالتخميس إلا للشافعي مع سعة حفظه وأما حكاية اللخمي القولين فيه حيث قال على نقل ابن عرفة ما تجلى عنه أهله بعد نزول الجيش في كون غنيمة أو فيأ لا شيء له فيه قولان اهـ.
ولم يعزهما فلعله أراد قول الشافعي المذكور وإن كان أهل المذهب إذا أطلقوا الخلاف مرادهم في المذهب وإن كان في غيره نبهوا عليه لكن للخمي هو ما علمت في ارتكاب الخلاف حتى قال المقري في قواعده قال بعض احذروا أحاديث عبد الوهاب وإجماعات ابن عبد البر واتفاقات ابن رشد وخلافات اللخمي وقد قيل إن مذهب الإِمام مالك رضي الله عنه كان مستقيمًا حتى أدخل فيه الباجي يحتمل ويحتمل حتى جعل اللخمي ذلك كله خلافًا اهـ.
وأما قول ابن عرفة في تعريف الغنيمة ما كان بقتال أو بحيث يقاتل عليه ولازمه تخميسه اهـ.
فمعنى قوله أو بحيث يقاتل عليه هو ما ذكره بعده حيث قال وروى محمَّد ما أخذ من حيث يقاتل عليه كما بقرت قراهم كما قوتل عليه اهـ.
والغزو وعمارة الثغور وأرزاق القضاة وقضاء الديون وعقل الجراح وتزويج الأعزب ونحو ذلك ويعطون حتى يغنوا كفاية سنة كما قال أبو الحسن كما في الشيخ سالم (ونقل) وجوبًا (للأحوج الأكثر) ويبقى الأقل لمن فيهم المال وظاهره وإن لم يغنوا به وتقدم أنهم يعطون حتى يغنوا كفاية سنة فيحمل على ما إذا لم يكن غيرهم أحوج قاله عج وظاهر نقل الشيخ سالم خلافه ففيه ابن عرفة وفيها أيسوى بين الناس فيه قال مالك: يفصّل بعضهم على بعض يبدأ بأهل الحاجة حتى يغنوا إذ أهل كل بلد افتتحوها عنوة أو صلحًا أحق بها إلا أن ينزل بقوم فاقة فينقل إليهم منها بعد إعطاء أهلها ما يغنيهم على وجه النظر اهـ.
(ونفل) أي: زاد الإِمام (منه) أي: من خمس الغنيمة خاصة لا من أصل الغنيمة (لسلب) بالتحريك ما يسلب وهو النفل الكلي وغيره وهو النقل الجزئي فلو أسقط المصنف السلب كان أشمل (لمصلحة) كشجاعة أو تدبير ويجاب عنه بأن غير السلب أولى لأنه يتوهم حرمة التنفيل على السلب لكونه هو المقدر له شرعًا فلما نص على التنفيل عليه كان على غيره أولى (ولم يجز) للإمام أي: يكره كما في المدونة وأبقاها بعضهم على ظاهرها وحملها غيره على التحريم تت (إن لم ينقض القتال) أي: لم يقدر على العدو (من قتل) قتيلًا (فله السلب) ومثله إذا قال والي الجيش من جاءني بشيء من عين أو متاع أو خيل فله ربعه مثلًا أو من سعد موضع كذا أو قلعة كذا أو وقف فيه فله كذا لأنه يصرف نيتهم لقتال الدنيا ولأنه يؤدي إلى التحامل على القتال وقد قال عمر بن الخطاب لا تقدموا جماجم المسلمين إلى الحصون لمسلم أستبقيه أحب إلي من حصن أفتحه ابن عبد البر أما الجعل من السلطان فلا بأس به اهـ.
أي: قبل انقضاء القتال من غير السلب وأما بعد انقضاء القتال أي: القدرة على العدو فذلك جائز إذ لا محذور فيه (ومضى) القول المذكور وإن كان ممنوعًا لأنه بمنزلة حكم بمختلف فيه إذ ثم من أجازه كأحمد وغيره (إن لم يبطله قبل) حوز (المغنم) فإن
ــ
فهو تفسير لقوله أو بحيث يقاتل عليه أي بموضع يمكن القتال فيه وليس ذلك على عمومه خلافًا للرصاع حيث أدخل في التعريف نزول الجيش وفيه نظر إذ هو خلاف مذهب مالك في مسألة بني النضير والله أعلم. قاله طفى في أجوبته (ونقل منه السلب لمصلحة) قول ز وهو النفل الكلي الخ. غير صحيح بل السلب هو النقل الجزئي لأنه فرد من أفراد مطلق النفل الذي هو الكلي وهو ظاهر فعبارته مقلوبة والله أعلم. هذا على أن المراد الجزئي الإضافي والذي عند ابن عرفة على اعتبار الجزئي الحقيقي ونصه النفل ما يعطيه الإِمام من خمس الغنيمة مستحقها لمصلحة وهو جزئي وكلي فالأول ما ثبت بإعطائه بالفعل والثاني ما ثبت بقوله من قتل قتيلًا فله سلبه اهـ.
وقول ز ويجاب عنه بأن السلب أولى الخ. فيه نظر بل لا معنى له والظاهر أن لفظ السلب في كلام المصنف حشو لا حاجة إليه (إن لم يبطله قبل المغنم) قول ز ولو كان من أصل الغنيمة
أبطله بأن أظهر الرجوع عنه قبله اعتبر إبطاله فيما بعد الإبطال لا فيما قبله ولا يعتبر إبطاله بعد المغنم بل يستحق من فعل شيئًا ما رتبه الإِمام عليه ولو كان من أصل الغنيمة حيث نص على ذلك فإن نص على أنه من الخمس أو أطلق فمنه. انظر ق ولما لم يكن كل قاتل يستحق السلب بل قول الإِمام من قتل قتيلًا فله سلبه عام مخصوص بين المختص به بقوله: (وللمسلم فقط) لا للذمي ابن يونس إلا أن ينفذه له الإِمام أي: لأنه حينئذ بمنزلة المسلم في الجملة وإن كان لا يسهم له وزاد قوله فقط لأن لفظ المسلم غير شرط حتى يعرف منه مفهومه (سلب) من حربي (اعتيد) وجوده مع المقتول حال الحرب كدابته المركوبة أو الممسوكة بيده أو بيد غلامه للقتال (لا سوار) بيديه أو معه (وصليب وعين) ذهب أو فضة أو تاجة العين وقرطه ونحوهما (ودابة) غير مركوبة ولا ممسوكة لركوبه بل جنيب إمامه بيد غلامه فلا تكون لقاتله ولو كان المقتول راجلًا وهذه الثالثة مفهوم اعتيد وبالغ على أن للمسلم السلب المعتاد (وإن لم يسمع) قول الإِمام لبعد أو غيبة إذا سمعه بعض الجيش وإن لم يسمعه أحد فلغو (أو تعدد) السلب (إن لم يقل قتيلًا) واحدًا أو صوابه إن لم يعين قاتلًا لأن ما قاله هو موضوع المسألة إن لم تقدر صفته المحذوفة كما
ــ
الخ. نحوه في ق ونصه قال سحنون كل شيء يبذله الإِمام قبل القتال لا ينبغي عندنا إلا أنه إن نزل وقاله الإِمام أمضيناه وإن أعطاهم ذلك من أصل الغنيمة للاختلاف فيه اهـ.
وظاهره ولو قال الإِمام ذلك جهلًا نظرًا للاختلاف وفيه نظر لما نقله في ضيح عند قول ابن الحاجب ولو جهل الوالي أو تأول فقسم الخ. عن الأشياخ من أن الجهل لا يعتد بموافقته للمذهب اهـ.
فانظره واعلم أن في كلام سحنون هذا ردًّا على ما نقله ز قبل هذا عن ابن عبد البر والله تعالى أعلم. (وللمسلم فقط سلب اعتيد) ويثبت كونه قتيله بعد لين إن شرط الإِمام البينة وإلا فقولان انظر ح وقول ز إلا أن ينفذه له الإِمام يعني أنه لا يجوز ولكن إن حكم به مضى لأنه أمر مختلف فيه لا يتعقب فيه الحكم وحينئذٍ فلا معارضة بين هذا وبين قول المصنف ولا يرضخ لهم إذ هنا كذلك لا ينفل خلافًا لفهم س انظر طفى وقول ز أو بيد غلامه للقتال الخ. هو نحو قول ابن حبيب فرسه الذي هو عليه أو كان يمسكه لوجه قتال عليه من السلب لا ما تجنب أو كان متفلتًا عنه نقله ق فقوله أو كان يمسكه لوجه قتال الخ. يشمل بظاهره ما كان بيد غلامه لوجه القتال عليه فهو سلب وقول المؤلف الآتي لا بيد غلامه وإن كان يصح رجوعه لما هنا لكن يقيد بما إذا كانت بيد الغلام لغير وجه القتال عليها وبهذا يقيد كلام النوادر الذي نقله غ وتت هناك فلا يعترض به كلام ز هنا فتأمله والله تعالى أعلم.
(إن لم يقل قتيلًا) قول ز أو صوابه إن لم يعين الخ. صحيح وبه يوافق ما في ق عن سحنون لكن التفريق بين إن قتلت قتيلًا ومن قتل قتيلًا مشكل إذ في كليهما النكرة في سياق الشرط وهي نعم فما الذي زاده عدم تعيين الفاعل تأمله وقول ز إنما كان القول الثاني الخ. الذي فرق به ابن عرفة بينهما احتمال سقوط الأكثر في الجهل باحتمال تأخيره فيسقط وامتناع سقوطه في المعية
مر فالتعيين إما للقاتل وإما للمقتول بالوحدة (و (لا) بأن عين قاتلًا بأن قال: إن قتلت يا زيد قتيلًا ذلك سلبه (فالأول) من المقتولين له سلبه دون غيره حيث قتل متعددًا بثلاثة قيود أن لا يأتي الإِمام بما يدل على الشمول فإن أتى به كقوله كل من قتلته يا زيد ذلك سلبه فله سلب جميع مقتوله الثاني أن يعلم الأول من مقتوليه فإن جهل فنصفهما وقيل أقلهما ثالثها أن يقتلهما مرتبين فإن قتلهما معًا فقيل له نصف سلبهما وقيل أكثرهما وإن قال: إن أصبت أسيرًا فأصاب اثنين فله نصف كل منهما ذكر القيد الثاني والثالث تت وقوله وقيل أكثرهما إنما كان القول الثاني في هذه المسألة أكثرهما نصيبًا بخلاف التي قبلها فإنه أقلهما لأنه في هذه كل منهما فيه أولية بخلاف التي قبلها فإن الأول واحد فقط والأقل محقق له والكثير من ماله مشكوك فيه فأخذ المحقق وترك المشكوك فيه لبيت المال وترك تت في هذه المسألة الثانية التي هي القيد الثالث قولًا ثالثًا وهو أن له الجميع (ولم يكن) السلب (لكمرأة) اللام بمعنى من كسمعت له صراخًا. أي: إذا قال الإِمام من قتل قتيلًا فله سلبه فقتل المسلم مرأة فليس له سلبها بل يوضع ببيت المال (إن لم تقاتل) فإن قاتلت قتالًا يقتضي قتلها بأن قتلت مطلقًا أو قاتلت بسلاح فسلبها لمن قتلها إلا إن قاتلت بحجارة ونحوها ولم تقتل أحدًا كما مر فإنه بمنزلة عدم قتالها وأدخلت الكاف الصبي ومن لا يقتل كشيخ فان وزمن وأعمى وراهب منعزل بدير أو صومعة بلا رأي وفيهم ما ذكر من التفصيل في قتالهم ولا تبقى اللام على بابها لأن المرأة لا تدخل في قول الإِمام من قتل قتيلًا فله سلبه إلا أن تعين عليها بفجء العدو. وانظر هل تعين الإِمام لها أو للصبي كذلك بناء على الإسهام للصبي كما يأتي أم لا بناء على القول الآخر قاله عج والتنظير هنا في الإسهام لهما بتعيين الإِمام وما مر من تعينه عليهما بتعيين الإِمام في أصل التعيين كما لا يخفى (كالإمام) له سلب اعتيد (إن لم يقل منكم) بل قال من قتل قتيلًا فله سلبه فيكون له
ــ
انظر طفى (ولم يكن لكمرأة إن لم تقاتل) قول ز ولا تبقى اللام على بابها الخ. صواب خلافًا للبساطي وتبعه تت مقررًا به كلام المصنف بحيث يكون لها السلب إذا قاتلت مستدلًا عليه بكلام ضيح وهو غير صحيح إذ لا نقل يوافقه وإنما ذكره في ضيح تخريجًا من عند نفسه ونصه خليل وقد يتخرج على قول من يرى الإسهام للمرأة إذا قاتلت أن يكون لها هنا السلب إلا أن هذا يحتاج إلى أن يكون القائل بالإسهام لها يرى أن قول الإِمام هنا ماض اهـ.
والمؤلف لا يعتمد تخريج غيره فضلًا عن تخريج نفسه الذي لم يجزم لكن محل كونه لا سلب به للمرأة على المنصوص ما لم يقض به الإِمام فيمضي مراعاة لقول أهل الشام فحكمها حكم الذمي وقد سوى بينهما ابن عرفة في إمضاء حكم الإِمام مراعاة لقول أهل الشام قاله طفى وقول ز إلا أن تعين عليها بفجىء العدو الخ. جزم هنا وفيما يأتي تبعًا لعج بأن المرأة التي تعين عليه بفجىء العدو يسهم لها وتدخل في قول الإِمام من قتل قتيلًا فله سلبه قال طفى: وهو غير ظاهر لأنه خلاف إطلاقهم أن المرأة لا يسهم لها على المشهور وإن قاتلت اهـ.
سلب اعتيد بناء على دخول المتكلم في عموم كلامه إن كان خبرًا لا أمرًا كما قال في جمع الجوامع (أو) إن لم (يخص نفسه) فإن قال منكم أو خص نفسه فلا شيء له لأنه أخرج نفسه بقوله منكم في الأول وحابى نفسه في الثاني (وله) أي: للمسلم (البغلة إن قال) الإِمام من قتل قتيلًا (على بغل) والحمارة إن قال على حمار لأن البغل يطلق على البغلة وكذا الحمار على الحمار قاله تت: وإطلاق الذكر فيما ذكر على الأنثى خلاف عرف مصر وقد تقرر أن الأمور التي مبناها العرف لا يفتى فيها بما سطر في الكتب القديمة وإنما ينظر فيها للعرف في كل بلد وزمن فلعل كلام المصنف في عرف من يطلقه على الأنثى وأما عكس المصنف وهي لو قال من قتل قتيلًا على بغلة فهي له فقتل قتيلًا على بغل ذكر فليس له لعدم صدق البغلة على البغل الذكر ومثل البغل الحمار والأتان والجمل والناقة، فلو قال علي كبغل لكان أشمل (لا إن كانت) الدابة من فرس أو غيره (بيد غلامه) أي: غلام المقتول وهو راجل أو راكب غيرها فلا حق لقاتله فيها حتى تكون ممسوكة له ليقاتل عليها أيضًا كما مر وما هنا فيما إذا قال من قتل قتيلًا فله فرسه أو بغله وما مر في قوله ودابة فيما إذا قال من قتل قتيلًا فله سلبه فلا تكرار وقوله بيد غلامه أي: وأما بيده أو مربوطة بمنطقته فلقاتله قاله تت وظاهره ولو كان راكبًا غيرها. (وقسم) الإِمام (الأربعة) الأخماس الباقية على من اجتمعت فيه سبعة أوصاف أشار لخمسة منها صريحًا بقوله (لحر مسلم عاقل بالغ حاضر) لمناشبة القتال أي: الوقعة ذكر كما يؤخذ من ذكرها مذكرة صحيح على تفصيل في هذا سيأتي في قوله ومريض شهد الخ. وقد يقال لم يتعرض لشرط المذكورة لأن الخنثى يسهم له ربع سهم عند ابن رشد واستشكل واقتصر عليه من نظم أحكامه الفقهية فقال:
له ربع سهم في الغزاة وإن زنى
…
به فعليه الحد والحد أعدل
وقيل نصف منهم لأنه إن قدر أنثى فلا شيء له وإن قدر ذكرًا فله سهم فله نصف نصيبه كالميراث ولا فرق في هؤلاء الخمسة بين أن يقاتلوا أم لا بخلاف قوله (كتاجر) كانت تجارته تتعلق بالجيش من مطعم وملبس أم لا (وأجيران) كانت منافعه عامة كرفع الصواري والأحبل وتسوية الطرف أو خاصة بمعين لا تختص ببعضهم كالخياطة أو تختص كأجير خدمة فلا يسهم لواحد منهما إلا (قاتلا) ولا يكفي شهودهما صف القتال على مذهب المدونة خلافًا لبعض الشيوخ في القسم الثالث من أقسام الأجير وظاهر كلام
ــ
وهو قصور لما تقدم عن الجزولي أول الباب من أنها يسهم لها إذا تعين عليها بفجىء العدو وقول ز والتنظير هنا في الإسهام الخ فيه نظر بل التنظير هنا في كون السلب له (كتاجر وأجيران قاتلا) قول ز خلافًا لبعض الشيوخ في القسم الثالث الخ. فيه نظر بل في ضيح عن ابن عبد السلام إن هذا القول وهو أنه يكفي شهود القتال واقع في أقسام الأجير كلها والمختص بالقسم الثالث قول ثالث وهو عدم الإسهام مطلقًا وإن قاتل ففي الأخير ثلاثة أقوال
المصنف الإسهام له في جميع الغنيمة ولو كان القتال مرارًا ولم يشهد إلا مرة واحدة أو عرف أنه لم يحضر وهو الذي في كتاب ابن مزين وقيل إن حضر الأكثر أسهم له في الجميع وإلا أسهم له فيما حضر فقط قال يحيى وهو أحسن (أو خرجا بنية غزو) ولو لم يقاتلا سواء كانت نية الغزو متابعة أو متبوعة أو هما على حد سواء لأنهما كثرا سواد المسلمين (لا ضدهم ولو قاتلوا) إلا أن يتعين عليهم بفجء العدو فيسهم لهم وهل يتعين الإِمام كذلك أم لا وهو ظاهر إطلاقهم وأراد بالضد المقابل لا المصطلح عليه (إلا الصبي ففيه إن أجيز وقاتل خلاف) وفي قوله وقاتل إشعار بأنه مطيق وحينئذٍ قد استوفى الشروط الثلاثة للإسهام له على القول به المذكورة في الرسالة وشرحها وهي أجيز وأطاق القتال وقاتل بالفعل (ولا يرضخ لهم) أي: لا يعطي لمن لا يسهم له والرضخ مال موكول تقديره للإمام محله الخمس كالنفل (كميت) آدمي أو فرس (قبل اللقاء) أي: القتال فلا يرضخ ولا يسهم له (وأعمى وأعرج) إلا أن يقاتل راكبًا أو راجلًا فيسهم له وفي ق ما يفيد اعتماد هذا القيد خلافًا لتت وينبغي جريه في الأعمى أيضًا وفي قوله (وأشل) ويجري ذلك في الفرس أيضًا كما مر وأقطع يد أو رجل أو مقعد ويابس شق لا يسهم لهم إن لم يكن بهم منفعة اتفاقًا أو كانت على المشهور (ومتخلف) ببلد الإِسلام (لحاجة إن لم تتعلق بالجيش) بأن لم يعد عليه منها نفع ولو تعلقت بالمسلمين فإن عاد عليه أو على أمير الجيش منها نفع فيسهم له فالأول كإقامة سوق وحشر وإصلاح طريق لقسمه صلى الله عليه وسلم لطلحة وسعيد بن زيد وهما غائبا بالشام قبل أن يصلا إلى بلد العدوّ لمصلحة تعلقت بالجيش والثاني لقسمه صلى الله عليه وسلم لعثمان وقد خلفه على ابنته لتجهيزها ودفنها (وضال) أي تائه (ببلدنا) فلم يرجع حتى غنموا فلا يسهم له لأنه لم يحصل منه منفعة للجيش من تكثير سواد المسلمين (وإن) ضل بمعنى رد (بريح) ففيه استخدام حيث أطلق الضال أولًا على معنى وثانيًا على معنى آخر ثم المعتمد أنه يسهم للضال ببلدنا وكذا من رد لها بريح فإن رد اختيارًا لم يسهم له
ــ
وفيما قبله قولان (أو أخرجا بنية غزو) قول ز سواء كانت نية الغزو متابعة الخ. ذكر في ضيح أن المعتمد فيما إذا كانت نية الغزو متابعة أنه لا يسهم لهما فيقيد كلام المصنف بما إذا كانت متبوعة أو كانتا مقصودتين معًا (ولو قاتلوا) الضمير للجماعة الذين شملهم لفظ الضد والمبالغة راجعة لما عدا ضد حاضر إذ لا يتصور مع الغيبة قتال وقول تت المبالغة ترجع لغير الكافر اعترض بوجود الخلاف في الكافر نقله ابن شاس وابن عرفة وضيح وغيرهم وما في ق عن ابن حارث من أنه لا يسهم لأهل الذمة اتفاقًا طريقه له والله أعلم. (ففيه إن أجيز وقاتل خلاف) أما القول بأنه لا يسهم له فهو ظاهر المدونة وشهره ابن عبد السلام وأما القول بأنه يسهم له إن أجير وقاتل فلم أقف على من شهره وهو وإن اقتصر عليه في الرسالة لكنها لا تتقيد بالمشهور نعم شهر الفاكهاني القول بأنه يسهم له إن حضر صف القتال كما في ضيح وهو قول ثالث لم يعرج عليه المصنف لكن قد يقال يلزم من تشهيره تشهير ما حكاه المؤلف والله أعلم. (وأن بريح) قول ز ففيه استخدام الخ. فيه نظر إذ هذا لا يقال فيه استخدام عند أهله وقول ز المعتمد أنه
(بخلاف) ضال (ببلدهم) أي: فيها فيسهم له وكذا يسهم لأسارى مسلمين ظفرنا بهم ولو كانوا في الحديد لأنهم إنما دخلوا أولًا للقتال وغلبوا عليه قاله أشهب في كتاب محمَّد ولما كان في قوله بخلاف بلدهم مضاف محذوف كما قررنا عطف عليه قوله (و) بخلاف (مريض شهد) ابتداء (القتال) صحيحًا ثم مرض واستمر يقاتل مريضًا ولم يمنعه مرضه عن القتال كما في ح فيسهم له فإن لم يشهده لم يسهم له إلا أن يكون ذا رأي كمقعد أو أعرج أو أشل أو أعمى له رأي كما مر (كفرس رهيص) وهو الذي حصل له مرض في باطن قدمه من وطئه على حجر أو شبهه كالوقرة وإنما أسهم له لأنه بصفة الأصحاء (أو مرض) الفرس أو الفارس (بعد أن أشرف على الغنيمة) هذا مستفاد مما قبله بالأول وذكره ليرتب عليه قوله (وإلا) يمرض بعد أن أشرف بأن خرج من بلده مريضًا أو مرض قبل دخول أرض العدو أو بعده وقبل القتال ولو بيسير واستمر مريضًا في الثلاث لكنه قاتل فيها حتى انقضى القتال (فقولان) في الصور الثلاث في الإسهام له نظر إلى أنه قاتل في الجملة وعدمه نظرًا إلى مرضه فكان حضوره كعدمه هذا على ما يفيده ح وأما على ما يفيده القلشاني من أن المرض منعه من حضور القتال في الصور الثلاث فالفرق بينها وبين قوله ومريض شهد ظاهر ويبحث فيما ذكره القلشاني بأنه لا وجه حينئذ للقول بالإسهام له ولا يدخل تحت إلا صورة رابعة كما قال تت وإن كان كلام المصنف بظاهره يشملها وهي إذا حضر القتال صحيحًا ثم مرض قبل الإشراف على الغنيمة لأن الإسهام في هذه يفهم من
ــ
يسهم الخ. صحيح لقول مالك في المدونة فيمن ردتهم الريح إلى بلد الإِسلام أنهم يسهم لهم مع أصحابهم الذين وصلوا وغنموا وقول ابن القاسم فيها ولو ضل رجل من العسكر فلم يرجع حتى غنموا فله سهمه يقول مالك في الدين ردتهم الريح اهـ.
وقد علمت أن مالكًا قاله فيمن ردته الريح إلى بلد الإِسلام فمذهب المدونة حينئذ أنه يسهم له في الصورتين خلاف ما عند المصنف وقد تعقب ابن عرفة بذلك ظاهر كلام اللخمي كما نقله ق لكن المصنف تبع تشهير ابن الحاجب تبعًا لابن شاس وهو غير ظاهر لما ذكرنا وانظر ق. (ومريض شهد القتال) لفظ ابن الحاجب والمريض بعد الإشراف على الغنيمة يسهم له اتفاقًا وكذا لو شهد القتال مريضًا اهـ.
وشرح في ضيح الثانية بقوله وكذا يسهم لمن ابتدأ القتال وهو مريض ولم يزل كذلك إلى أن هزم العدو اهـ.
وبذلك ينبغي أن يقرر كلامه هنا كما هو ظاهره فيشمل الصور الثلاث التي جعلها ز محل القولين وتكون الصورة التي قررها بها تبعًا لح مأخوذة منه بالأحرى والله أعلم وقول ز إلا أن يكون ذا رأي إلى قوله كما مر الخ. فيه نظر إذ الذي مر له آنفًا عند قوله وأعمى وأعرج وأشل أنه لا يسهم له ولو كانت فيه منفعة على المشهور (أو مرض بعد أن أشرف على الغنيمة) قول ز هذا مستفاد مما قبله بالأولى الخ. نحوه في ح وهو غير صواب كما يأتي (وإلا فقولان) قول ز وأما على ما يفيده القلشاني الخ. ما أفاده القلشاني نحوه لغ وهو
قوله ومريض شهد بالأولى قاله عج وقال بعض ولا يدخل في قوله وإلا صور زوال المانع بأن يخرج مريضًا ثم يصح قبل دخول بلاد الحرب أو بعد الدخول وقبل القتال أو بعدهما وقبل الإشراف فإنه يسهم له في هذه الصور بلا خلاف لأن كلامه في حصول المانع لا في زواله وعلم مما قررنا جريان التفصيل المذكور في مرض الآدمي والفرس (و) يسهم (للفرس) ذكر أو أنثى كما في الصحاح والمصباح فحل أو خصي (مثلًا) سهم (فارسه) إما لعظم مؤنة الفرس وإما لقوة المنفعة به ولهذا لم يسهم لبغل ونحوه كما أن من لا فرس له إنما له سهم واحد قاله في توضيحه ابن عرفة عن ابن حبيب: والمعتبر في كون الفارس فارسًا كونه كذلك عند مشاهدة القتال ولو أوجف راجلًا ابن القاسم يسهم لخيل غزاة قاتلوا على أرجلهم وخيلهم في رحالهم لاستغنائهم عنها ابن رشد اتفاقًا اهـ.
وبما قدمنا عن الصحاح والمصباح بطل قول ابن الحاجب وصاحب وردة الأرواح الفرس مؤنثة لا غير وجعله السهمين للفرس يفيد أنه يستحقهما ولو كان الفارس عبدًا فيكونان لسيده وهو أحد الترددين والآخر هما للفارس فلا يسهم له في هذه ذكره د وكذا تت عند قوله ومحبس وبالغ على أن للفرس سهمين بقوله (وإن) كانت أو وإن كان القتال (بسفينة) لأن المقصود من حمل الخيل في الجهاد الإرهاب للعدو لقوله تعالى: {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60] وانظر هل يقيد الإسهام لها بما إذا احتمل قتالهم ببر ولو ببعض مكان كما قد يؤخذ من تعليل الشارح أو عام كمسافر مالطة مع علمه بعدم مقاتلتهم ببر أصلًا وهو ظاهر التعليل باحتمال احتياجهم للقتال عليها والتعليل بالمظنة لا ينتفي الحكم بانتفائها عند عدمها في بعض الصور (أو برذونًا) بالمعجمة الباجي هو العظيم الخلقة الغليظ الأعضاء والعراب أضمر وأرق أعضاء إن أجازه الإِمام كما في المدونة (وهجينًا) من الخيل وهو ما أبوه عربي وأمه نبطية لا من الإبل إذ هي لا يسهم لها
ــ
الصواب كما يفيده ما تقدم عن ابن الحاجب وضيح فيكون قوله أو مرض الخ. عطفًا بأو على شهد فهو في موضع الصفة لمريض ومعناه أنه حضر القتال صحيحًا ثم طرأ له أوجب مغيبه بعد الإشراف على التمام وحينئذ فليست هذه أحروية كما تقدم عن ح بل هي أجنبية عن الأولى ويكون معنى قوله وإلا فقولان أي: وإن لم يشهد المريض القتال ولا مرض بعد أن أشرف على الغنيمة فقولان كما قرره غ فهو في صور الخلاف لم يشهد القتال بل حضر بلد الحرب فقط وأما إن شهد القتال مع مرضه فيسهم له في تلك الصور كلها وتدخل حينئذٍ تحت قوله ومريض شهد وقول ز ويبحث فيما ذكره الخ. غير صواب لأن وجه القول بالإسهام حينئذٍ حضوره مع المسلمين وتكثيره لسوادهم وقول ز أيضًا ولا يدخل تحت إلا الخ. فيه نظر بل هذه الصورة داخلة تحت إلا مع الصور الثلاث السابقة وتوهمه أن الإسهام في هذه الصورة يفهم من الأولى بالأحرى غير صحيح لأن هذه لم يشهد فيها القتال بعد مرضه والأولى شهد فيها القتال مريضًا نعم لو صح ما قرر به ز أو لا تبعًا لح لكان ما ذكره هنا ظاهرًا لكن تقدم أنه غير صحيح والله الموفق.
وعكس الهجين مقرف اسم فاعل من أقرف وهو ما أمه عربية وأبوه نبطي أي: رديء فالإقراف من قبل الأب والهجنة من قبل الأم (وصغيرًا) ظاهره وإن لم يجزهما الإِمام (يقدر بها) أي: بالثلاثة أي بكل واحد من الثلاثة (على الكر) على العدو (والفر) منه وقت القتال عليها ولو لم تكن كذلك وقت دخول بلاد العدو (و) يسهم لفرس (مريض رجى) برؤه بأن كان ينتفع به بدليل قوله لا أعجف ومعناه أنه شهد القتال من ابتدائه مريضًا أو مرض عند ابتداء المناشبة أو أثناءها كما تقدم وأما إن مرض قبل ابتداء القتال واستمر حتى انقضى فقولان كما مر (و) يسهم لفرس (محبس) وسهماه للمقاتل عليه لا لمحبسه ولا في مصالحه كعلف ونحوه وهل سهما الفرس المعار للمعير أو للمستعيرة قولان (و) يسهم لفرس (مغصوب) وسهماه للمقاتل عليه إن غصب (من الغنيمة) فقاتل عليه في غنيمة أخرى وعليه الأجرة للجيش وكذا لو أخذ فرسًا للعدو قبل القتال فقاتل عليه فله سهمان وعليه للجيش الأجرة (أو) غصبه (من غير الجيش و) سهما الفرس المغصوب أو الهارب (منه) أي: من الجيش (لربه) حيث لم يكن له غيره ولا أجرة على الراكب فإن كان مع ربه غيره فسهماه للمقاتل عليه ويدفع لربه أجرته، وأما الفرس المكتري فسهماه للفارس لا لربه (لا أعجف) مجرور بفتحة نيابة عن كسرة للوصفية ووزن الفعل عطفًا على فرس من قوله كفرس رهيص قال د: عطفه على للفرس لا يفيد عدم الإسهام له بالكلية صراحة بخلاف عطفه على فرس من قوله كفرس رهيص اهـ.
وإنما لم يفد صراحة عدم الإسهام لأنه يحتمل أن المعنى حينئذٍ لا أعجف فليس له مثلًا فارسه بل مثله فقط وليس بمراد وقال الشيخ سالم عطف على برذونا وهجينا، أي: لا يسهم لفرس أعجف أي: هزيل (أو كبير) لا يسهم له إذا كان (لا ينتفع به) أي: بالأعجف أو الكبير وأفرد الضمير لأن العطف بأو وذكره لأن الفرس يذكر ويؤنث كما مر (وبغل) وحمار (وبعير) وقيل اتفاقًا (و) فرس (ثان) لمن معه فرسان وأولى أكثر وإنما لم يسهم للبغل والبعير لأن منفعتهما غير مقاربة لمنفعة الخيل قال الشارح: يصح فيه الرفع
ــ
(ومريض رجى) جعله ز وهو وما بعده بالجر عطفًا على كفرس رهيص وفي بعض النسخ بالنصب عطفًا على مدخول المبالغة وهو أنسب وقول ز ومعناه أنه شهد الخ. فيه نظر إذ لا يشترط فيه شهود القتال بل الفرس إذا رجي برؤه يسهم له على قول مالك خلافًا لأشهب وابن نافع كما نقله طفى عن الباجي وهو مفروض فيما إذا لم يمكن القتال عليه لمرضه لكنه يرجى فيؤخذ منه أنه إذا أمكن القتال عليه أو قاتل عليه بالفعل يسهم له بلا خلاف وأنه لا يأتي فيه التفصيل السابق في الإنسان ولذا أطلق المصنف وحمل ق كلام المصنف على الإنسان وعليه فالإسهام له على أحد القولين في الأحوال السابقة (لا أعجف) قول ز عطفًا على فرس الخ. فيه نظر لأن المعطوف عليه هنا يصدق على المعطوف وقد شرطوا كما في توضيح ابن هشام وغيره في صحة العطف بلا عدم صدق ما قبلها على
عطفًا على محل لا مع اسمها وهو قوله لا أعجف والنصب على محل اسم لا ومنه قوله:
فلا أب وابنا مثل مروان وابنه
…
إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا
ولا يصح فيه البناء خلافًا للأخفش اهـ.
وقوله يصح فيه الرفع الخ. ليس بظاهر والظاهر أن أعجف عطف على ما عطف عليه مريض وهو رهيص والكل مخفوض كذا كتب جد عج بطرة الشارح ومن خطه نقلت قال عج ووجه تنظيره ظاهر لأن لا العاطفة يكون لما بعدها حكم ما قبلها في الإعراب ولا يقال إن ما بعدها يبنى معها على الفتح لأنها ليست نافية للجنس وإنما هي عاطفة كما علمت وقوله والنصب على محل اسم لا صواب في التعبير وإن علمت رده ونقله تت عنه بقوله: والنصب على لفظ اسم لا وهو غير صواب (و) الفرس (المشترك) بين اثنين فأكثر سهماه (للمقاتل) عليه وحده (ودفع أجر) حصة (شريكه) بأن يقال كم أجرة هذا فإن قيل كذا كان له بنسبة ماله من الفرس فإن قاتلا عليه متساويين فلكل واحد مقدار ما حضر ويتراجعان في الأجرة (و) المسلم الغائب الواحد أو المتعدد (المستند للجيش كهو) أي: كالجيش كما في تت في كبيره وقوله في صغيره أي: كالمستند سبق قلم فيقسم الجيش عليه ما غنموه في غيبته كما في تت وتقسم على الجيش كما هو مفاد التشبيه لأنه إنما توصل بسببه وقوته لخبر يرد عليهم أقصاهم أي: ينضم لهم البعيد وظاهره أنه ممن يسهم له لجعله مثل الجيش في القسم فيشترط فيه شروط المجاهدين فإن لم توجد فيه كعبد أو نصراني فله ما غنمه ولا شيء له إلا أن يكون مكافئًا للمسلمين الأحرار في القوة على المحاربة أو يكونوا هم الغالبين فتقسم الغنيمة بينهم وبين المسلمين قبل أن تخمس ثم يخمس سهم المسلمين خاصة ذكره ابن رشد كما في ق (وإلا) يستند للجيش ولا تقوى به بل قاتل وحده (فله) ما غنمه يختص به دون الجيش فلا ينافي تخميسه (كمتلصص) يختص بما أخذه من مال الحربي وهو مثال لما قبله (وخمس لمسلم) ذكر أو أنثى بالغ
ــ
المعطوف فلا يجوز قام رجل لا زيد والظاهر أنه معطوف على مريض رجي (ودفع أجر شريكه) قول ز فإن قاتلا عليه متساويين الخ. في عبارته نقص ونص الشامل وإن تداولا القتال عليه فبينهما إن تسويا وإلا فكل ما حضر من ذلك وعليه نصف أجرته اهـ.
(والمستند للجيش كهو) قول ز وقوله في صغيره أي كالمستند سبق قلم الخ. ليس بسبق قلم بل هو صحيح كما بينه بعد ومعناه أن المستند يقسم على الجيش كهو أي: كما يقسمون عليه إن غاب مستندًا إليهم قد مر هذا وقول ز ذكره ابن رشد كما في ق الخ. مثله في خش وفيه نظر بل كلام ابن رشد الذي نقله ق موافق للمؤلف لا مخالف وإنما جاءت المخالفة من زيادتهما في أول كلام ابن رشد لفظ مع المسلمين عقب قوله فإن غزوا أي: الكفار وهي زيادة باطلة ليست من كلام ابن رشد كما يعلم من مراجعته في نقل ق عند قوله واستعانة بمشرك وحينئذ فأول كلام ابن رشد داخل في قول المؤلف وإلا فله والقسم الثاني منه موافق لقوله والمستند للجيش الخ والله
أو صبي ما أخذه مما يختص به دون غيره (ولو) كان المسلم (عبدًا على الأصح) وظاهره أن اللص المسلم يخمس ولو لم يخرج للغزو وحمله بعضهم على ما إذا خرج له. وإلا فلا يخمس (لا) يخمس (ذمي) مستند للجيش أم لا ما أخذه بل يختص به (و) لا يخمس (من عمل) من أهل الجيش (سرجًا أو سهمًا) من الغنيمة ما عمله بل يختص به وقول التهذيب إذا كان يسيرًا قال فيه الشيخ أبو الحسن ليس في الأمهات إذا كان يسيرًا اهـ.
وإنما في الأم ولا يخمس قال سحنون: معناه إذا كان يسيرًا قاله في التوضيح وقد حمل ابن رشد كلام سحنون على أنه خلاف قال الشارح: ولذا أطلق الشيخ ولم يقيده قاله د وكالسرج والسهم غيرهما كمن صنع مشجبًا أو قصعة أو غير ذلك والمشجب بميم مكسورة وستين معجمة ساكنة وجيم مفتوحة اسم آلة كالقبان وقيل شيء من العيدان تركب عليه الثياب ونحوها وفهم من قوله عمل إن ما أصلحه مما كان معمولًا في بيوت الكفار لا يختص به وإن دق وهو كذلك كما قال ابن حبيب (والشان) أي السنة التي فعلها عليه الصلاة والسلام أو العمل الذي مضى عليه السلف (القسم) لغنائم الكفار بحكم حاكم (ببلدهم) لتعجيل المسرة للغانمين وذهابهم لوطنهم ونكاية للعدو ويكره تأخيره لبلد الإِسلام كما في الجزولي لأنه عليه الصلاة والسلام لم يرجع من غزوة فيها مغنم إلا خمسه وقسمه قبل أن يرجع كبني المصطلق وحنين وخيبر ثم لم يزل المسلمون بعده على ذلك كما في تت وقول عج إنه ببلدهم مندوب تبعًا للشاذلي لقول الرسالة وقسم ذلك ببلد الحرب أولى اهـ.
لأشاهد فيه للندب لإمكان حمل أولى على أنه أحق فيوافق السنة التي فعلها عليه الصلاة والسلام وأظهرها في جماعة وواظب عليها (وهل يبيع) الإِمام أو أمير الجيش الغنيمة وجوبًا (ليقسمـ) ـها خمسة أقسام أربعة للمجاهدين وخمس لبيت المال أو لا يجب البيع بل يخير فيه وفي قسم الأعيان (قولان) وهما جاريان في الخمس أيضًا كما قررنا تبعًا لمفاد نقل ق فقول البساطي محلهما بعد إخراج الخمس سلعًا اهـ.
وتبعه تت والشيخ سالم فيه نظر واعترض بيعها ببلد الحرب بأن فيه ضياعًا لرخصها هناك وأجيب بأن رخصها يرجع لهم لأنهم هم المشترون وهم أحق برخصها وفرع معنى على القول بعدم البيع قوله (وأفرد) وجوبًا (كل صنف) منها وقسم أخماسًا (إن أمكن) قسمه شرعًا وحسابان اتسع مال الغنيمة (على الأرجح) فلا تقسم أم دون ولدها قبل إثغاره
ــ
أعلم. (ولو عبدًا على الأصح) قال ابن عاشر لم أر من صححه ولعله المصنف (لا ذمي) قول ز مستند للجيش أم لا الخ. يجب أن يقيد المستندون بكونهم مكافئين للمسلمين كما تقدم عن ابن رشد وإلا فلا شيء لهم (وهل يبيع ليقسم قولان) قول ز يبيع وجوبًا الخ تبع عج وفيه نظر بل الذي لابن عرفة والفاكهاني عن سحنون وهو صاحب القول الأول أنه ينبغي له أن يبيع لا أنه يجب عليه انظر طفى والقول الثاني بالتخيير لمحمد (إن أمكن على الأرجح) مثله في ضيح واعترضه ق ونصه لم يرجح ابن يونس هنا شيئًا وإنما رجح هذا الباجي اهـ.
ولا حلى فيه إضاعة مال ولا مالًا يمكن حسًّا بل يضم لغيره (وأخذ) شخص (معين) أي: معروف بعينه حاضر (وإن ذميًّا) لمشاركته المسلم في العصمة (ما عرف) أنه (له قبله مجانًا) بغير شيء وهذا أولى من ضبطه بكسر الياء اسم فاعل أي وأخذ من عين شيئًا ما عينه لأنه لا يشمل ما غاب ربه مع أن المصنف جعله قسيم ما هنا وأعاد عليه ضمير له وشمل قوله عرف التابع في التعبير به للمدونة عدولًا عن قول ابن الحاجب: ثبت ما كان ببينة وبغيرها كواحد من العسكر كما قال البرقي وأبو عبيد لا يقسم ما عرفه واحد من العسكر قالا: وإن وجد إحمال متاع مكتوب عليها هذا لفلان بن فلان وعرف البلد الذي اشترى منه كالكتان بمصر لم يجز قسمه ووقف حتى يبعث لذلك البلد ويكشف عمن اسمه عليه فإن وجد من يعرفه فلا وإلا قسم نقله تت وشمل أيضًا المدبر والمعتق لأجل والمكاتب فيأخذ كلا ربه ولا تسلط للجيش على خدمة الأولين ولا على كتابة الثالث بخلاف غير المعين كما يذكره المصنف (وحلف) عند ابن شعبان (أنه ملكه) أي: بأن على ملكه إلى الآن (و) إن كان المعين غائبًا عن قسم الغنيمة (حمل له إن كان خيرًا) ويحلف أيضًا قاله البساطي وهو معقول وأولى من الحاضر قال وإنما حمل له مع احتمال أنه لا يحلف لأن الأصل فيمن له حق أن يحلف مع أن اليمين استظهار وهي مكملة للحكم وقد قيل فيها إنها غير واجبة اهـ.
وذكر عج عن ابن عرفة أنه يدفع له من غير يمين قال تت وعليه كراؤه اهـ.
فإن زاد على قيمته دخل في قوله (و (لا) يكن حمله خيرًا من بيعه بل بيعه خير أو استوت مصلحة بيعه وحمله (بيع له) أي: لأجل ربه ودفع ثمنه له وبما قررنا علم أن اللام للتعليل لا صلة بيع لأن الشيء لا يباع لمالكه والأولى جعلها بمعنى على أي بيع عليه وانظر إذا لم يكن له هناك ثمن هل يترك أو يحمل ولو زادت أجرة حمله على قيمته ببلد
ــ
وقال غ الذي اختار هذا هو اللخمي لا ابن يونس وهو صواب إذ ابن يونس نقل كلام ابن المواز ولم يرد عليه شيئًا (وأخذ معين ما عرف له) قول ز وشمل قوله عرف الخ المؤلف تابع في هذه العبارة لابن عبد السلام ونصه عبارة ابن الحاجب وإذا ثبت أن في الغنيمة مال مسلم أو ذمي الخ. مخالفة لعبارة أهل المذهب إن عرف ربه لأن لفظ الثبوت إنما يستعمل فيما هو سبب للاستحقاق كالبينة ولفظ المعرفة والاعتراف فيما هو دون ذلك اهـ.
(وحلف أنه ملكه) قول ز عند ابن شعبان الخ. فيه نظر إذ ابن شعبان يشترط مع اليمين الثبوت بموجب الاستحقاق والمصنف لا يشترط ذلك كما تقدم ونص ابن عرفة وفي أخذه ربه إن حضر بموجب الاستحقاق طرق مقتضى نقل اللخمي عن المذهب ومحمد بعثه لربه الغائب عدم يمينه المازري كالاستحقاق في إثبات ملكه ويمينه ابن بشير في وقفه عليه وأخذه إياه بمجرد دعواه مع يمينه قولا ابن شعبان والتخريج على ملك الغنيمة بالقسم لا قبله وفيها ما أدركه مسلم أو ذمي من ماله قبل قسمه بغير شيء أخذه اهـ.
ربه (و) إذا قسم الإِمام ما تعين مالكه على المجاهدين (لم يمض قسمه) تعمدًا للباطل أو جهلًا أو نحو ذلك ولربه أخذه بلا ثمن (إلا لتأول) أي أخذ يقول بعض العلماء قصدًا وهو الأوزاعي كما بطرة بخط تت أن الكافر الحربي يملك مال المسلمين فيمضي القسم حينئذٍ (على الأحسن) لأنه حكم بمختلف فيه وليس لربه أخذه إلا بالثمن وإنما لم يمض قسمه تعمدًا للباطل أو جهلًا لأن حكم الحاكم جهلًا أو قصدًا للباطل يجب نقضه وإن وافق قول عالم لأن حكمه كذلك باطل إجماعًا نقله تت عن ابن محرز وسيشير له المصنف في القضاء يقول ونبذ حكم جائر وجاهل لم يشاور فإن ظاهره نبذه وإن وافق قول بعض العلماء وهو كذلك حيث لم يعلمه حال حكمه ويأخذ به وقال د قوله إلا لتأول على الأحسن أي إلا أن يقسم متاولًا فإن ذلك يمضي لأنه حكم بمختلف فيه ومقتضى ما هنا أن الحكم إذا صادف قول قائل ولم يقصده الحاكم أن ذلك لا يمضي مع أنهم ذكروا في الأقضية أن الحاكم إذا حكم بمختلف فيه أو وافق حكمه قول قائل فإن حكمه ماض وذلك مخالف لما هنا اهـ.
وقوله صادف أي لجعل ذلك مفهوم إلا لتأول فإن اللام تشعر بأخذه به قصدًا كما قررنا وقوله أو وافق حكمه قول قائل مشكل مع ما حكى عليه ابن محرز الإجماع وهكذا كتب عج بطرة د والجواب أن ما ذكروه في الأقضية فيما إذا حكم جاهل شاور العلماء بدليل قول المصنف هناك وإلا تعقب ومضى غير الجور أي وإلا يحكم بغير مشاورة بل حكم بها تعقب حكمه ونظر فيه فإن وافق قول قائل مضى وما كان جورًا نبذ وما هنا في حكم جاهل لم يشاور كما في منطوق المصنف بدليل الاستثناء (لا إن لم يتعين) ربه بعينه ولا ناحيته بل علم أنه لمسلم كمسلم والموطأ أو علم أنه لذمي فلا يحمل بل يجوز قسمه على المشهور تغليبًا لحق المجاهدين ولا يوقف والنقل من خارج إنه يجوز قسمه ابتداء
ــ
قال ح فقول المصنف عُرف يقتضي أنه عدل عن طريقة ابن الحاجب وقوله وحمل له يقتضي أنه مشى على طريقة اللخمي وقوله بعد ذلك حلف يقتضي أنه مشى على طريقة ابن بشير ويمكن أن يجمع بين كلاميه بأن يحمل قوله وحلف أنه ملكه على ما إذا لم يكن إلا مجرد دعواه على ما قال ابن بشير فتأمله اهـ.
وما حمله عليه ظاهر إذ لو حملناه على ظاهره من الحلف مطلقًا مع عدم اشتراطه الثبوت كان مخالفًا للطرق التي ذكرها ابن عرفة كلها فتأمله وبه تعلم أن قول ز عن البساطي في قول المصنف وحمل له إن كان خيرًا ويحلف أيضًا الخ غير صواب لمخالفته كلام ابن عرفة السابق (ولم يمض قسمه) طفى أي إذا قسم الإِمام ما عرف لمعين سواء كان حاضرًا كما فرض ابن بشير أو غائبًا كما فرض الصقلي (إلا التأول) قول ز وهو الأوزاعي كما بطرة الخ صرح به في ضيح ونصه قال سحنون يمضي لأنه حكم وافق اختلافًا بين الناس لأن الأوزاعي قال لا يأخذه ربه إلا بالثمن ولو عرف بعينه اهـ.
قلت ما قاله الأوزاعي مثله رواه ابن وهب عن مالك ونقله ابن زرقون (لا إن لم يتعين) قول
فإخراجه من أخذ معين ومن قوله لم يمض قسمه غير مخلص (بخلاف اللقطة) توجد عندهم مكتوبًا عليها ذلك أو وجدها أحد من الجيش بدار الحرب فإنها لا تقسم بل توقف اتفاقًا ثم إن عرف ربها معينًا حملت له إن كان خيرًا ومثل اللقطة الحبس الثابت تحبيسه فإن كان عليه كتابة فقط فقولان أرجحهما عدم قسمه كما مر وكما يؤخذ من مسألة د وإنما جرى قولان في الكتابة على الحبس وجزم في اللقطة بالعمل بها لأن الرجل قد يسم في فخذ فرسه في سبيل الله ليمنعه ممن يريده منه كما مر ولمن فعل ذلك بفرسه أن يبيعه إذا زعم أنه لم يرد بذلك التحبيس على ما في اللخمي وكتاب ابن سحنون (وبيعت خدمة معتق لأجل ومدبر) وجدا في الغنيمة وعرف أنهما لمسلم غير معين أو معين وقسما تأويلًا أو بيعًا حيث لم يكن حملهما خيرًا له ثم إن بيعا وقدم بهما فلسيدهما فداؤهما كما سيذكره بقوله ولهي فداء معتق لأجل ومدبر الخ. فهو كالمفرع على ما هنا وإذا بيعت خدمة المعتق لأجل فقال تت اللخمي إن استخدمه مشتريه للأجل خرج حرًّا ولا شيء لربه وإن جاء ربه بعد نصف خدمته مثلًا خير أي: في فدائه عما بقي في الصور الثلاث المتقدمة قريبًا وفهم من قوله بيعت خدمته إن رقبته لا تباع وهو كذلك فلو بيعت ثم علم ربه بها فله فداؤه فإن تركه صار حق مشتريه في خدمته يحاسب بها من ثمنه ويخرج حرًّا قاله اللخمي وسيشير المصنف لذلك بقوله وتركهما مسلمًا لخدمتهما ولو حل أجله قبل استيفائه خرج حرًّا ولا يتبعه مشتريه ببقية ثمنه على الراجح كما في الشارح ولو استوفاه
ــ
ز غير مخلص الخ. أي لأنه لا يفيد الجواز ابتداء مع أنه المقصود (بخلاف اللقطة) قول ز توجد عندهم الخ. هذا تقرير الشارح قال طفى وهو غير صحيح ومخالف للمذهب لأن مذهب مالك إن كل ما أخذه المشركون من أموال المسلمين لهم فيه شبهة الملك من أي وجه حصل لهم سواء أخذوه على وجه القهر أو غيره وإنما المُراد بخلاف اللقطة الآتية في بابها فإنها توقف فالمراد التفرقة بين ما هنا وبين اللقطة الآتية فإن المالك غير معين فيهما وقالوا هنا بالقسم وعدم الإيقاف على المشهور واتفقوا على الإيقاف في اللقطة الآتية فهو يقول ابن بشير إن علم أنه لمسلم على الجملة فهل يقسم أو يوقف لصاحبه كاللقطة المشهور أنه يقسم بناء على ملك الغانمين اهـ.
ومثله في عبارة ابن الحاجب وابن عبد السلام وابن عرفة انظر طفى (وبيعت خدمة معتق لأجل ومدبر) قول ز فلسيدهما فداؤهما الخ صحيح في الصورتين الأوليين وأما في الأخيرة وهي بيعة حيث لم يكن حمله خيرًا فغير صواب لأن البيع حينئذ لازم ليس للسيد نقضه وكذا قوله بعده في الصور الثلاث صوابه في الأوليين فقط انظر ق عند قوله سابقًا وإلا بيع له وقول ز ولا يتبعه مشتريه ببقية الثمن على الراجح وكذا قوله بل تبقى خدمته لمن هو بيده إلى الأجل على الراجح الخ. هذا الخلاف في المسألتين هكذا ذكره ابن الحاجب وغيره في مسألة ما إذا بيعت رقبته أي جهلًا بحاله مثل ما في ز وهو حسن وأما إذا بيعت خدمته فقط كما هو موضوع المصنف فلا خلاف فيه في المسألتين وقد غلط خش فحكى الخلاف فيهما في بيع الخدمة وهو غير صحيح فانظره وقول ز واستشكل ابن عبد السلام الخ. فيه
قبل أجله لم يرجع لربه بل تبقى خدمته لمن هو بيده إلى الأجل على الراجح واستشكل ابن عبد السلام بيع خدمة المدبر بأنها محدودة بحياة السيد وهي مجهولة الغاية وأجيب بأن معنى بيعها أنه يؤاجر بقدر قيمة رقبته قِنًا وتكون إجارته إلى زمن يظن حياة السيد إليه ولا يزاد على الغاية المذكورة في باب الإجارة المشار لها بقوله وعبد خمسة عشر عامًا ثم ما زاد من الخدمة عن ذلك يكون كاللقطة لتفرق الجيش وعدم تعيين من يستحقها فيوضع خراجه في بيت المال انظر عج وقت (و) بيعت (كتابة) لمكاتب فإن أدى لمشتريه عتق وولاؤه للمسلمين لعدم علم سيده وإن عجز رق لمشتريه فإن علم به سيده بعد ذلك فولاؤه له (لا أم ولد) مرفوع عطف على كتابة وفيه مضاف محذوف أي لا خدمة أم ولد لمسلم لم يعرف عينه وجدت في الغنيمة قبل قسمها فلا تباع تلك الخدمة إذ ليس لسيدها فيها إلا الاستمتاع ويسير الخدمة والاستمتاع لا يقبل المعاوضة ويسير الخدمة لغو فينجز عتقها ولا بد من ثبوت العتق لأجل والتدبير والإيلاد وصفة كل مع عدم معرفة السيد ما قال ابن عرفة ونصه إنما تتم الشهادة في المدبر بقولهم أشهدنا قوم يسمونهم أن سيده دبره ولم نسألهم عن اسم ربه أو سموْهُ ونسيناه قلت وكذا في أم الولد والمعتق لأجل اهـ.
وسيأتي قسم رقابهم جهلًا وليس مجرورًا بخدمة محذوفًا كما ادعى د لأن فيه عمل المصدر محذوفًا وهو ضعيف وإن نقل عن سيبويه ولا مجرورًا عطفًا على معتق لئلا يلزم عليه العطف على الموصول قبل تمام صلته ومعمولاته (وله) أي: لصاحب المعين مسلم أو ذمي (بعده) أي: بعد بيع المعين أو قسمه تأولًا كان لمعين وقته أم لا ومضى فيهما كما مر (أخذه) وإن أبى من هو بيده (بثمنه) الذي بيع به على القول بالبيع ليقسم أو بما قوم به
ــ
نظر فإن ابن عبد السلام لم يستشكله بل اعترض ظاهر كلام ابن الحاجب وبين الفقه في المسألة بما زعمه ز جوابا وقد نقله في ضيح ونصه قال ابن عبد السلام وظاهر كلام المصنف أنه يباع جميع خدمة المدبر وليس بصحيح لأنها محدودة بحياة سيده وهي غير معلومة الشاية وإنما ينبغي أن يؤاجر زمنًا محدودًا بما تظن حياة السيد إليه ولا يزاد على الغاية التي ذكر في كتاب الإجارة وإن عاش المدبر وسيده بعد تلك المدة تكون الخدمة الزائدة عليه كاللقطة لافتراق الجيش وعدم العلم بأعيان من يستحقها اهـ.
ونحوه كما نقل ق عن أبي محمَّد فانظره لكن قول ز يؤاجر بقدر قيمة رقبته قنًا فيه انظر والذي ذكره اللقاني أنه يؤاجره بقدر قيمة رقبته مدبرًا على فرض أنه لو جاز بيعه كذلك وعبارة ق يؤاجر بقدر قيمة رقبته وليس فيها قنا ولا مدبرًا والله تعالى أعلم، (لا أم ولد) قول ز فينجز عتقها الخ. تبع فيه س ولم أره لغيره ولا يخفى ما فيه من التفويت على السيد إن ظهر فالظاهر أن يخلى سبيلها وتترك على حالها وقول ز لأن فيه عمل المصدر محذوفًا الخ غير صحيح وإنما فيه حذف المضاف وبقاء المضاف إليه على جره وهو جائز هنا كما قاله أحمد لوجود شرطه وهو كون المحذوف معطوفًا على مثله وفي الألفية لكن بشرط أن يكون ما حذف. مماثلًا لما عليه قد عطف (وله بعده أخذه بثمنه) هذا يشمل ما بيع جهلًا بأنه
على القول بقسمة الأعيان أو قيمته إن أخذه أحد من الغانمين دون تقويم أو جهل ما قوله به عليه فما هنا مفهوم قوله سابقًا قبله مجانًا وتعتبر القيمة في هاتين الصورتين يوم يأخذه ربه كذا ينبغي ومثل ما قسم ما بيع من خدمة مدبر ومعتق لأجل وكتابة فإن له أخذه بثمنه وأما ما قسم بلا تأول فيأخذه ربه مجانًا كما مر (و) أخذه (بالأول) أي: الذي وقع به في المقاسم فيشمل ما بيع وقسم ثمنه وما أخذه أحد في سهمه (إن تعدد) فإن قوم في الغنيمة أخذه بتلك القيمة إن علمت فإن جهلت أخذه بقيمته يوم أخذه ربه فلو أراد الأخذ بغير الأول سقط حقه كما يفيده كلام الشارح في الفرق بين هذا وبين الشفيع بأنه في مسألة الغنيمة إذا امتنع من أخذه بالثمن الأول فقد سلم صحة الملك لآخذه من الغنيمة فإذا صح ملكه سقط حق المنازع والشفيع إذا سلم للأول صارا شريكين وكل شريك باع حظه في الربعة فلشريكه عليه الشفعة فلذا يأخذه بما شاء من الأثمان (وأجبر) السيد (ق أم الولد) له إذا قسمت بعد تقويمها جهلًا بأنها أم ولد أو اشتريت من المغنم ظنًّا أنها قنة أو تباع بعد القسم على فدائها (على الثمن) وإن كان أضعاف قيمتها إذا كان مليًّا (واتبع به إن أعلم) وأما لو قسمت مع العلم بأنها أم ولد لمسلم فيأخذها ممن اشتراها من الغنيمة مجانًا ولا يتبع بشيء ومحل وجوب الفداء (إلا أن تموت هي) فلا شيء على سيدها لأن القصد بالفداء تخليص الرقبة وقد تعذر بموتها (أو) بموت (سيدها) قبل الفداء فلا شيء له عليها ولا على تركة سيدها لأنها حرة بموته إذ ليس بدين ثابت عليه وإنما هو تخليص للرقبة وقد فات (وله) أي للسيد (فداء معتق لأجل و) خدمة (مدبر) وإذا فديا رجعا (لحالهما) الأول من العتق لأجل والتدبير وتقدم أن هذا كالمفرع على قوله وبيعت خدمة
ــ
لمسلم أو علمًا بأنه لمسلم غير معين أو معين وبيع تأولًا وقول ز يوم يأخذه ربه كذا ينبغي الخ. فيه قصور وفي ضيح ما نصه ابن راشد وتكون القيمة يوم القسم خليل وهو مقتضى كلامهم وقال ابن عبد السلام يريد والله أعلم بقيمته يوم يأخذه ويحتمل يوم القسم اهـ.
(وأجبر في أم الولد) قول ز ظنا أنها قنة أو تباع الخ. صوابه إسقاط قوله أو تباع لأنه معطوف على قوله قنة وقول ز بعد القسم متعلق يقول المؤلف وأجبر الخ. ومعناه ظنًّا أنها قنة أو ظنًّا أنها تباع أي مع العلم بأنها أم ولد وهو غير صحيح لقول ضيح إن قسمها وهو يعلم أنها أم ولد وجهل الحكم فإن هذه يأخذها ربها من غير ثمن اتفاقًا اهـ.
(إلا أن تموت هي أو سيدها) قول ز قبل الفداء الخ. الذي في نقل النوادر وابن يونس واللخمي عن سحنون قبل أن يعلم سيدها وكذا في نقل ابن الحاجب وابن عرفة ونصه لو مات ربها قبل أن يعلم بها عتقت ولم يتبع بشيء اهـ.
والذي في نقل الباجي وابن عبد السلام عن سحنون لو مات سيدها قبل الحكم له بها الخ. وما في ز تبعًا لتت من قوله قبل الفداء أصله في عبارة ابن بشير ويجب أن يؤول بأحد الأمرين المذكورين انظر ضيح وطفى (وله فداء معتق لأجل ومدبر لحالهما) قول ز وتقدم أن
معتق الخ. فالموضوع واحد وهو ما إذا وجدا في الغنيمة وقسما جهلًا بحالهما وعرف أنهما لمسلم غير معين أو معين وقسما تأويلًا أو بيعًا إذا لم يكن حملهما خيرًا له (و) له (تركهما) ويكون ذلك الترك من السيد (مسلمًا) أي تسليمًا (لخدمتهما) أو حال كون التارك مسلمًا إلى الأجل في المعتق لأجل على الراجح وقيل ما لم يستوف حقه قبل الأجل فيرجع لسيده واختلف هل يتبع بعد الأجل حيث لم يوف به أم لا وقد تقدم جميع ذلك وأما المدبر فإلى أن يستوفي منه ما أخذه به فإن ساوى ذلك مدة سيده فالأمر ظاهر (فإن مات المدبر) بكسر الموحدة وفي بعض النسخ سيد المدبر (قبل الاستيفاء فحر إن حمله الثلث واتبع بما بقي) أو تسلم له الخدمة ليتقاضى منها ما بقى له فإن استوفى ماله قبل موت سيده رجع لسيده مدبرًا ولا تبقى بيد مشتريها والفرق بينه وبين المعتق لأجل الموفى قبله في بقائه له على الراجح قوة شائبة العتق فيه وضعفه في المدبر (كمسلم أو ذمي قسمًا) جهلًا بحالهما (و) الحال أنهما (لم يعذرا في سكوتهما بأمر) فيتبعان بما وقعا به في القسم مع الحكم بحريتهما اتفاقًا فإن عذرا فيه بأمر لصغر أو بله أو عجمة لم يتبعا بشيء والظاهر العمل بقولهما إن تنازعا مع من أخذهما في العذر وعدمه ولم تقم قرينة
ــ
هذا كالمفرع الخ. يقتضي حمل ما هنا على ما إذا بيعت خدمتهما للعلم بحالهما وعليه حمله تت وهو غير صحيح بل يتعين حمله على ما إذا بيعت رقبتهما للجهل بحالهما وعليه حمله الشارح وفيه المسألة مفروضة في المدونة وغيرها وعليه يتنزل ما يذكر من الاتباع بما بقي ومن قوله مسلمًا لخدمتهما والخلاف في ذلك انظر طفى وبعضهم حمل ما هنا على ما يشمل الأمرين واعلم أن هذه المسألة يستغني عنها بقوله وله بعده أخذه بثمنه لكن ذكرها ليرتب عليها قوله مسلمًا لخدمتهما لأجل الخلاف في ذلك وقول ز وقسمًا جهلًا بحالهما الخ. يناقض قوله قبل فالموضوع واحد وما قبله لأن موضوع ما تقدم هو ما إذا علم حالهما فبيعت خدمتهما والله أعلم وقول ز أو بيعًا إذا لم يكن حملهما خيرًا له الخ. الصواب إسقاطه كما تقدم للزوم البيع في هذا وليس لربه إلا الثمن كما في ق (وتركهما مسلمًا لخدمتهما) قول ز وقيل ما لم يستوف حقه الخ. هذا الخلاف والذي بعده تقدم أن محلهما إذا بيعت الرقبة جهلًا بحالهما وهو موضوع المسألة هنا على ما هو الصواب كما تقدم وز حمل كلام المصنف على بيع الخدمة ثم ذكر هذا الخلاف فقد ذكره في غير محله والحاصل إن في كلامه تخليطًا والخلاف مبني على أن الخدمة هل تسلم للمشتري تمليكًا وهو قول ابن القاسم أو على التقاضي وهو قول سحنون وينبني على الأول أنه لا يرجع لسيده إن استوفى الثمن قبل الأجل فهو يملك الخدمة إلى الأجل وإن كثرت وأنه إن انقضى الأجل قبل أن يستوفي لا يتبع بعده بشيء وهو الراجح فيهما انظر ضيح وقد تقدم ذلك لكن قوله واتبع بما بقي إنما يأتي على قول سحنون فانظره وإن كان الاتباع بما بقي في المدبر هو قول ابن القاسم في المدونة كما نقله في ضيح ولذا اقتصر عليه المصنف وقول ز والفرق بينه وبين المعتق لأجل الخ. في هذا الفرق نظر لأنه ينتج عكس المراد فتأمله اهـ.
على صدق واحد منهما (وإن حمل) الثلث (بعضه) أي: المدبر عتق ذلك البعض و (رق باقيه) لمن هو بيده وهل يتبعه بما ينوب البعض الذي عتق أولًا قولان (ولا خيار للوارث) بين إسلامه وفدائه لتركه سيده وهذا إذا بيعت رقبته لاعتقاد رقه وأما لو بيعت خدمته لاعتقاد أنه مدبر فإن للوارث الخيار لأن المشتري لم يدخل على أنه يملك رقبته وسكت عما إذا لم يحمل الثلث شيئًا منه والظاهر رق جميعه لمن هو بيده ولا خيار للوارث كما إذا رق بعضه (بخلاف الجناية) من المدبر يسلمه السيد ثم يموت وثلثه يحمل بعضه فإن وارثه يخير فيما رق منه بين إسلامه رقًّا للمجني عليه وفدائه فيما بقي عليه من الجناية لأن السيد إنما أسلم خدمته فخير الوارث فيما ذكر لأن الأمر آل إلى خلاف ما أسلم السيد (وإن أدى المكاتب) الذي بيعت رقبته جهلًا بحاله أو قسمت كذلك (ثمنه فعلى حاله) يرجع مكاتبًا وأما لو بيعت كتابته وأداها فيخرج حرًّا وأما لو بيع مع العلم بأنه مكاتب فلا يتبع بشيء (وإلا) يؤد بل عجز (فقن) سواء (أسلم) لصاحب الثمن (أو فدى) أي فداه السيد بما اشترى به من المقاسم أو دار الحرب فإن قيل لأي شيء لم يثبت لسيده التخيير ابتداء بين إسلامه وفدائه كما في المدبر والمعتق لأحل قيل لأنه لما أحرز نفسه وماله لم يكن لسيده تسلط على إسلامه لأنه لا يملك خدمته حتى يسلمها بخلاف المدبر والمعتق لأجل ولما كان الحربي لا يملك مال المسلم بل ولا الذمي ملكًا تامًّا بل إنما له فيه شبهة فقط أشار لذلك بقوله (وعلى الآخذ) لشيء من المغنم رقيقًا أو غيره (إن علم) أنه جار (بملك) مالك (معين) مسلم أو ذمي بوجه من الوجوه المسوغة لقسمه إما لعدم تعين ربه عند أمير الجيش أو لكونه يرى قسمه ولو تعين أو غير ذلك (ترك تصرفه) فيه (ليخيره) في أخذه بالثمن وتركه لأنه مملوك له وزوال ملكه عنه موهوم (وإن تصرف) بالبناء للمفعول كما ضبط المصنف ابن الحاجب أي تصرف الآخذ مرتكبًا للمحرم أو المشتري منه أو موهوبه (مضى) تصرفه لشبهة الكفار وليس لمالكه أخذه (كالمشتري) ملك معين (من حربي) في دار الحرب لا يتصرف فيه حتى يخيره فإن
ــ
(وإن أدى المكاتب ثمنه فعلى حاله) قول ز وأما لو بيعت كتابته وأداها الخ. بينهما فرق آخر وهو أن من بيعت رقبته فجاء سيده لا يخير فيه ابتداء بل حتى يعجز عن أداء ما اشترى به ويصير عبدًا فيخير حينئذ سيده في إسلامه عبدًا أو فدائه كذلك هذا قول ابن القاسم ورجع إليه سحنون وكان يقول يخير السيد ابتداء وأما من بيعت كتابته فالخيار لسيده ابتداء في إسلامها أو فدائها بما بيعت به وبذلك تعلم أن حمل كلام المصنف على من بيعت رقبته جهلًا كما حمله عليه ز متعين لقوله فعلى حاله خلافًا لتت انظر طفى (وعلى الآخذان علم بملك معين) قول ز أو لكونه يرى قسمه ولو تعين الخ فيه نظر لأنه إذا رأى الإِمام قسمه مع العلم بمالكه المعين فإنه يجوز التصرف فيه لمن صار إليه كما في ضيح فلا يصح إدخال هذه الصورة في كلامه هنا والظاهر أن يصور كلام المصنف كما في ح بما إذا علم أنه لمعين بعد أن قسم وصار له في المغنم اهـ والله تعالى.
(كالمشتري من حربي) قول ز في دار الحرب أي وأما إن اشتراه في بلد الإِسلام من
تصرف فيه (باستيلاد) مضى وأحرى بعتق ناجز وكذا بكتابة أو تدبير أو عتق لأجل وكذا ببيع في المشتري من حربي فالتشبيه بما قبله في مطلق المضي إذ لا يتقيد مضيه بالاستيلاد وما معه بل البيع كذلك كما سيشير له بقوله وبعوض به إن لم يبع فيمضي بخلاف المأخوذ من الغنيمة فلا يمضي بالبيع على المعتمد كما في غ ود تبعًا للتوضيح خلافًا لابن يونس وأبي الحسن وإن ارتضاه ح وفرق بينهما بقوة ملك المالك في مسألة الغنيمة لأنه إذا وجد قبل قسمها أخذه مجانًا ولا كذلك المشتري من حربي في أرض الحرب فإنه لا يأخذه لا بالثمن الذي بيع به كما يأتي وإنما يمضي في الغنيمة بالتصرف باستيلاد أو عتق
ــ
حربي قدم بأمان فليس عليه ترك التصرف فيه لأنه ليس لربه أخذه كما تقدم انظر ح (باستيلاد) قول ز كما في غ ود تبعًا لضيح الخ. قلت: هذا هو قول المصنف قبل وبالأول إن تعدد وقول ز خلافًا لابن يونس وأبي الحسن وإن ارتضاه ح الخ. ما نقله ح عن ابن يونس رادًّا به على غ هو ما نصه وإن فاتوا ببيع مضى ذلك ولم يكن له نقضه اهـ.
واعترضه طفى بأن ابن يونس إنما ذكر البيع مفوتًا إن وقع من المشتري عتق أو استيلاد لا أن البيع وحده مفوت كما زعمه ح فمعنى كلام ابن يونس وإن فاتوا بعتق ونحوه مع بيع الخ. قال والعجب من ح كيف فهم كلام ابن يونس على غير وجهه اهـ.
وقال أيضًا إن الفوت بالبيع وحده لم يقل به أحد فيما ذكره ابن عرفة وغيره من الطرق سوى تخريج اللخمي لذلك على المشتري من حربي اهـ.
قلت: وفي اعتراضه نظر فإن كلام ابن يونس صريح فيما ذكره ح وكذا أبو الحسن في نقله عن ابن يونس ونصه قال ابن القاسم وما وجده السيد قد فات بعتق أو ولادة قال ابن يونس يريد أو بيع اهـ.
وإن كان خلاف قول المصنف وبالأول إن تعدد وما فهم عليه طفى كلام ابن يونس من أن المراد حصول المفوت من عتق أو غيره مع البيع بعيد من لفظه وكلام أبي الحسن لا يقبله وقوله لم يقل به أحد الخ فيه قصور فإن ابن رشد صرح بذلك وجزم به كما نقله ق عند قوله وبالأول إن تعدد ونصه وقال ابن رشد في العبد يسبيه العدو ثم يقع في سهم رجل فيبيعه ثم يتداوله رجال ثم يأتي سيده أنه لا فرق بينه وبين مسألة المدونة في الذي يشتري العبد في بلاد الحربي ثم يقدم به فيبيعه أنه ليس لصاحبه إلا ما بين الثمنين وليس له أن يأخذ العبد ووجهه أن البيع فوت لشبهة ملك العدو إياه اهـ.
والحاصل أن ما فهمه ح من كلام ابن يونس هو كذلك فيه ويوافقه نقل أبي الحسن وتخريج ابن رشد واللخمي كما تقدم لكن ما قاله غ هو الراجح كما يفهم من كلام ابن عرفة وغيره وعليه جرى المؤلف في قوله وبالأول إن تعدد فتأمله وعليه فالفرق بين المسألتين وما ذكره عبد الحق عن بعض القرويين من أن ما وقع في المقاسم قد أخذ من العدو على وجه القهر والغلبة فكان أقوى في رده إلى ربه والمشتري من دار الحرب إنما دفعه الذي كان بيده طوعًا ولو شاء ما دفعه فهو أقوى في إمضاء ما فعل به من البيع اهـ.
ناجز أو كتابة أو تدبير أو عتق لأجل على الراجح (إن لم يأخذه على) نية (رده لربه) بأن اشتراه بنية تملكه لنفسه وهذا راجع للمشتري من الغنيمة فقط فهو راجع لما قبل الكاف لا لما بعدها على خلاف قاعدته الأغلبية والفرق بين أخذه من المغنم وأخذه من حربي قوة تسلط الملك في الأول بدليل أنه لو جاء قبل القسم أخذه مجانًا بخلاف الثاني كما تقدم (وإلا) بأن أخذه بنية رده لربه (فقولان) في إمضاء عتقه كالأول وعدم إمضائه لأنه أخذه ليرده لربه وهذا الثاني هو الراجح للتعليل المذكور (وفي) إمضاء العتق (المؤجل تردد) والراجح إمضاؤه كما قدمته ولأن التدبير إذا كان فوتًا فأولى العتق لأجل من أنه يفوت على ربه (ولمسلم أو ذمي أخذ ما وهبوه) أي: الحربيون (بدارهم) وكذا بدارنا قبل تأمينهم وتقدم حكم ما باعوه أو وهبوه بدارنا بعد تأمينهم من أنه يفوت على ربه إن وصل إلينا (مجانًا) تنازع فيه أخذ وقوله وهبوه كما يدل عليه ما بعده، وقال د: الأولى كونه معمولًا لأخذ لا متنازعًا فيه إذ يبعد ذلك عطف قوله (و) إن وصل إلينا (بعوض) لأنه معطوف على المتنازع فيه فيكون كذلك وهو غير بين كما لا يخفى ببيع أو هبة من عين أو مثلى أو مقوّم أخذه المالك (به) أي: بذلك العوض أي بمثل المثلى وقيمة المقوّم وتعتبر قيمته هناك وإن زادت على قيمته هنا (إن لم يبع) في المسألتين أي يبعه الموهوب له فإن بيع (فيمضي) لبيع (ولمالكه) الذي هو المسلم أو الذمي المتقدم (الثمن) على البائع إن كانت الهبة مجانًا (أو الزائد) عليه إذا أخذه بعوض كأن يأخذه بمائة ويبيعه بمائتين فيأخذ المائة الزائدة فهو لف ونشر مرتب فإن باعه بأنقص مما أخذه به من الحربي لم يرجع مالكه الأصلي بشيء (والأحسن في) المال (المفدى) بفتح الميم وكسر الدال لأنه من فدى كالمقلي والمشوي (من) يد (لص) أو محارب أو جيش أو ظالم وسائر ما أخذ من صاحبه بغير رضاه (أخذه بالفداء) إن لم يمكن الخلاص بدونه ولم يفده ليتملكه وإلا لم يرجع بشيء ورجع
ــ
والله تعالى أعلم بالصواب (وإلا فقولان) الأول للقابسي وأبي بكر بن عبد الرحمن والثاني لابن الكاتب وعلى هذا فالمحل للتردد (وفي المؤجل تردد) أي للخمي وابن بشير وهذا فيما إذا أخذه لا ليرده لربه فكان حقه أن يقدمه على قوله إن لم يأخذه الخ. وقد قدمه خش هناك وهو حسن غير أنه خلاف النسخ وانظر ق (وبعوض به) قول ز: أي بمثل المثلى وقيمة المقوّم الخ. فيه نظر والذي في ضيح وح أن الواجب مثل العوض في محله ولو كان مقوّمًا كمن أسلف عرضًا فلا يلزمه إلا مثله في موضع السلف نعم إن عجز عن المثل في محله اعتبر القيمة في العوض ولو كان مثليًّا ونص ضيح إنما يأخذه ربه بالثمن فإن كان عينًا دفع مثله حيث لقيه وإن كان مثليًّا أو عرضًا دفع إليه مثل ذلك ببلد الحرب إن كان الوصول إليها يمكن كمن أسلف ذلك فلا يلزمه إلا مثله بموضع السلف إلا أن يتراضيا على ما يجوز ابن يونس عن بعض شيوخنا وإن لم يمكن الوصول إليها فعليه هنا قيمة ذلك المكيل ببلد الحرب اهـ.
والله أعلم (والأحسن في المفدى من لص أخذه بالفداء) أي الأحسن من القولين عند ابن عبد السلام وهو الذي مال إليه من يرضى من شيوخه لأنه لو أخذه من غير شيء مع كثرة أخذ اللصوص استد هذا الباب مع كثرة حاجة الناس إليه ابن ناجي وبه كان يفتي شيخنا
بما يتوقف خلاصه عليه فقط في فدائه بأكثر مما يمكن عادة وانظر لو تنازع المالك مع المشتري في أن الفداء للتملك أو للرجوع من يعمل بقوله: (وإن أسلم) من السيد (لمعاوض) أي: لمن عاوض على عبد في دار الحرب أي: اشترى قاله د (مدبر ونحوه) كمعتق لأجل ليستوفي ما عوض به (استوفيت خدمته) من ذلك فإن وفت من المدبر ما عليه قبل موت مدبره ومن المعتق لأجل قبل الأجل فلا كلام للمعاوض لوصوله لما دفعه (ثم) إن لم يوف كل قبل ذلك فاختلف (هل يتبع إن عتق بالثمن) كله بناء على أنه أخذه تمليكًا ولا يحاسبه بشيء مما استوفى منه لأنه كالفائدة أو الغلة التي يفوز بها المشتري في مسائل كما في كتاب ابن سحنون (أو بما بقي) وهو الراجح بناء على أنه أخذه تقاضيًا (قولان) قال الدميري وطخ تفريعًا على الأول وانظر ما الفرق بين هذا وبين ما تقدم في مسألة المقاسم إذا أسلم المدبر والمعتق لأجل لمن وقعا في سهمه ثم مات سيد المدبر أو حل الأجل ولم يوفيا ما وقعا في المقاسم فإنه لا يتبعهما إلا بما بقي عليهما فقط قولًا واحدًا اهـ.
وأجاب عنه د بأن السابقة المدبر ونحوه وقع في سهمه بخلاف هذه فإن فيها المعاوضة فهي أشد ولذلك جرى فيها قول بأنه يتبع بجميع الثمن قاله بعض شيوخنا اهـ.
وأجبر في أم الولد على فدائها فلا تدخل في قوله ونحوه ثم تكلم على عبد الحربي
ــ
الشبيبي وقول ز ولم يفده ليتملكه الخ. هذا القيد لابن هارون وقد يستفاد من لفظ البداء فإن أخذه ليتملكه أخذه منه مجانًا ابن ناجي لا يبعد أن يكون هذا مراد من ذهب إلى القول الثاني أي فيرجعان إلى الوفاق اهـ.
تنبيه: وهل تجوز الأجرة للفادي ضيح ولا شك في المنع إن دفع الفداء من عنده لأنه سلف وأجاره وإن كان الدافع غيره ففي ذلك مجال للنظر اهـ.
(استوفيت خدمته) ابن عاشر ولا يرجع لسيده بعد استيفاء العوض لقول المصنف استوفيت خدمته ولم يقل استوفى العوض من خدمته اهـ.
وهل يتبع إن عتق بالثمن أو بما بقي قولان الأول لسحنون والثاني لمحمد بن عرفة وعليهما لو استوفى فداءه منها قبل أجله ففي كون باقيها له أو لربه قولاهما سحنون ولا يتبعه ربه بما به فداؤه أو خدمته اهـ.
وقول ز في القول الثاني هو الراجح اعتمد في ترجيحه ما يظهر من كلام ق كما صرح به عج والذي يفيد كلام ابن الحاجب أن الأول هو الراجح لتصديره به وعطف الثاني عليه يقبل وقول ز بأن السابقة المدبر ونحوه وقع في سهمه الخ .. فيه نظر لأن ما تقدم ليس خاصًّا بما إذا وقع المدبر ونحوه في السهم بل يشمل ما إذا اشترى من المقاسم وهذا أيضًا فيه المعاوضة فلا يتم الفرق فيه ولو فرق بأن الملك في المشتري من دار الحرب أتم ربما كان أسلم والله أعلم. وقال ح الفرق بين ما هنا وبين ما اشترى في المقاسم أنه في المعاوضة ما دخل إلا على أن الرقبة له بخلاف الذي بيع في المقاسم اهـ.
وزوجته وولده وماله غير عبده مرتبة هكذا فقال: (وعبد الحربي يسلم) العبد وكذا إن لم يسلم على المعتمد (حران فرّ) قبل إسلام سيده ولو استمر كافرًا عندنا وكان سيده مسلمًا كما في ابن عرفة عن ابن رشد وإن قدم بمال فهو له ولا يخمس (أو) أسلم العبد و (بقي حتى غنم) أي غنمه المسلمون قبل إسلام سيده أيضًا فحرّ (لا إن خرج) من دار الحرب إلينا فارًّا مسلمًا (بعد إسلام سيده) بمدة فإنه رقيق له (أو) خرج فارًّا مسلمًا (بمجرد إسلامه) أي السيد أي خرج مع إسلام سيده أي مصاحبًا له بأن أسلما معًا فلا يكون حرًّا فيحمل قوله بمجرد على هذا بقرينة البعدية فيما قبله وحينئذٍ فقوله: إن فرّ شامل لثلاثة أمور أخرج أمرين الأول بقوله لا إن خرج بعد إسلام سيده والثاني بقوله أو بمجرد إسلامه فقوله أو بمجرد معطوف على الطرف كما في د وانظر لو ذر وادعى أن فراره قبل إسلام سيده وكذبه السيد والظاهر قبول قول السيد لأن ملكه حقق فلا يزيله دعوى العبد المجردة وانظر أيضًا إذا أسلم وبقي حتى غنم فادعى السيد أنه أسلم قبل ذلك فالظاهر أن القول قول السيد أيضًا وأما إذا بقي العبد حتى غنم فادعى أنه أسلم قبل ذلك فلا يقبل قوله لتعلق حق الغانمين (وهدم) بدال مهملة ومعجمة قطع (السبي) منا لزوجين كافرين (النكاح) بينهما سبيًا معًا أو مترتبين وهذا قسم أو سبيت هي قبل إسلامه وقدومه بأمان أو قبل إسلامه وبعد قدومه بأمان أو سبى هو فقط ففي هذه الأربعة أقسام ينهدم النكاح بينهما
ــ
وفيه نظر إذ مشتري الرقبة أيضًا في المقاسم جهلًا بحاله إنما دخل على ذلك أيضًا (وعبد الحربي يسلم) قول ز وكذا إن لم يسلم على المعتمد الخ. أي: فلا مفهوم لقوله يسلم لكن أتى به لأجل قوله أو بقي حتى غنم فإن قيد الإِسلام فيه معتبر (أو بمجرد إسلامه) ما قرر به ز مثله لتت قال طفى وهو ركيك والصواب أن الضمير للعبد وأن المراد لا يكون العبد حرًّا بمجرد إسلامه بل حتى يقرأ ويغنم فالمصنف أراد اختصار قول ابن الحاجب ولا يكون بمجرد إسلامه حرًّا خلافًا لأشهب وسحنون اهـ.
وعليه فقوله أو بمجرد عطف على معنى إن خرج لا على بعد أي لا بخروجه ولا بمجرد إسلامه وهو وإن كان تكرارًا مع مفهوم قوله إن ذر أو بقي الخ. لكن أتى به لنكتة خلاف أشهب وسحنون ويظهر أثر الخلاف فيما إذا اعتقد سيده بمجرد إسلامه أو باعه لمسلم فعلى المشهور الولاء لسيده الذي أعتقه لأن العتق صادف محلًا والبيع ماض وعلى مقابله الولاء للمسلمين ولا يصح البيع ويدل للمشهور عتق أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه لبلال بعد شرائه من مواليه بعد إسلامه حيث كانوا يعذبونه فاشتراه منهم وأعتقه وكان لولاء له رضي الله تعالى عنه (وهدم السبي النكاح) هذم بالمعجمة قطع بسرعة وبالمهملة أسقط ونقص قاله في المصباح وقول ز وسواء في القسم الأول حصل إسلام بين سبيهما الخ. صحيح فينهدم النكاح ولو سبى هو وأسلم ثم سبيت هي بعد إسلامه وأسلمت ولا تدخل هذه الصورة تحت قوله إلا أن نسبي وتسلم بعده لأن هذا المستثنى مقيد بأن يكون الزوج أسلم من غير سبي بل وهو في دار الحرب أو مؤمن كما في ابن الحاجب ونصه لسبي يهدم النكاح إلا إذا سبيت بعد أن أسلم الزوج وهو حربي أو مستأمن فأسلمت اهـ.
وعلى المسبية الاستبراء بحيضة ولا عدة لأنها صارت أمة يحل للسابي وطؤها بعد حيضة الاستبراء وسواء في القسم الأول حصل إسلام بين سبيهما فيما إذا ترتبا أو حصل بعده مطلقًا أي منه أو منها وسواء في الثاني بقيا على كفرهما أو أسلما بعد سبيهما ولو تقدم إسلامه على إسلامها ولا يقال يقر عليها حينئذٍ إن أسلم في عدتها لأنا نقول قد صارت قبل إسلامه ملكًا للسابي وأقر عليها في القسم الثالث إن أسلم وأسلمت أو عتقت في العدة وأقر عليها في الرابع إن أسلم في عدتها مطلقًا كبعدها إن لم تسلم ولها الخيار فيهما إذ هي حرة تحت عبد للسابي وبقي قسم خامس وهو سبيها وإسلامها بعد إسلامه فلما دخل في عموم كلامه السابق استثناه بقوله (إلا أن تسبى وتسلم بعده) أي: بعد إسلام زوجها حربيًّا أو مستأمنًا وإن كان ليس في كلامه صريحًا ما يدل على مرجع هذا الضمير والظرف متعلق بالفعلين فلا يهدم سبيها النكاح لأنها أمة مسلمة تحت مسلم لكن يقيد بما إذا لم يتعلق به سبي وبما إذا أسلمت قبل حيضة وبما إذا لم يبعد ما بين إسلامها وإسلامه ومثل إسلامها عتقها ولا يصح عود ضمير بعده على النبي مرادًا به سبي الرجل كما هو المتبادر من كلامه ويكون من عود الضمير على بعض أفراد العام لما عملت من أنه إذا سبيا انهدم النكاح من غير تفصيل وكذا لا يصح عوده لقدومه بأمان لما علمت أيضًا من أنها إذا سبيت قبل إسلامه وقبل قدومه بأمان فلا يقر عليها بحال تأمل (وولده) أي الحربي الذي أسلم وفر إلينا أو بقي في بلاده حتى غزا المسلمون بلاده فغنموا ولده وكانت أمه حملت به قبل إسلام أبيه بدليل قوله: فيما سبق ورق إن حملت به بكفر (وماله فيء) أي: غنيمة للجيش الذي دخل بلاده ولو عبر بغنيمة كان أولى وأما إن حملت به بعد إسلام أبيه فحر اتفاقًا وأما زوجته فغنيمة اتفاقًا وكذا مهرها وإذا كانت غنيمة فقيل يفسخ نكاحه لملكه
ــ
وقد قيده بذلك وقول ز وأقر عليها في الثالث الخ. وكذا قوله وأقر عليها في الرابع الخ.
في ق عن ابن رشد ما يوافقه لكن ربما يخالفه ما ذكره في ضيح من أن المشهور أن السبي يهدم النكاح سبيًا معًا أو مفترقين قدم أحدهما بأمان أم لا ولا سبيل له عليها إلا بنكاح جديد اهـ.
وعلى هذا فهم المدونة ابن لبابة وأبو إسحاق وإنما قراره عليها يأتي على قول ابن حبيب في الواضحة أن السبي يبيح فسخ النكاح إلا أن يقدم أحدهما بأمان انظر ضيح وق ويؤيد الإطلاق ما ذكره غ في قوله إلا أن تسبى وتسلم بعده من أن الظرف يتنازعه الفعلان فتأمله (إلا أن تسبى وتسلم بعده) أي فيكون أحق بها وسيأتي في النكاح إن شاء الله تعالى عند قوله وقرر عليها إن أسلم عن ابن محرز أن الراجح أنه لا يشترط في إقراره عليها ما يشترط في نكاح الأمة من عدم الطول وخوف العنت خلافًا لضيح وح هناك وقول ز قبل إسلامه وقبل قدومه بأمان الخ. هكذا في كثير من النسخ وصوابه وبعد قدومه الخ. ليوافق ما قبله (وولده وماله فيء مطلقًا) ظاهره أن ماله يكون غنيمة مطلقًا سواء كان عندنا وترك ماله في بلده أو كان باقيًا بدار الحرب مع ماله وفي الثانية خلاف مذهب ابن القاسم وروايته أنه يكون