المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب (اليمين تحقيق) أي تقرير أو ثبوت ولزوم (ما) أي شيء - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٣

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌ ‌باب (اليمين تحقيق) أي تقرير أو ثبوت ولزوم (ما) أي شيء

‌باب

(اليمين

تحقيق) أي تقرير أو ثبوت ولزوم (ما) أي شيء (لم يجب) وقوعه ولا عدمه بأن أمكن عادة سواء كان إثباتًا برًّا أو حنثًا نحو إن دخلت أو لأدخلن أو إن لم أدخل أو نفيًا في البر كلا أدخل الدار أو عقلًا كلأشربن البحر غدًا أو الآن أو استحال عادة كلأشربن البحر غدًا أو الآن أو عقلًا كلأقتل غدًا أو الآن زيدًا الميت بمعنى إزهاق روحه لا بمعنى خر رقبته ولا يقال هذه غموس وسيذكر المصنف أنه لا كفارة فيها لأنا نقول الغموس لا تكون في مستقبل وكذا اللغو بل يكفر كل إن تعلق بمستقبل كما يأتي فقوله ما لم يجب خاص بالمستقبل وباليمين التي تكفر كما صرح الشارح في الصغير بهذين الأمرين هو المعتمد ورد تت عليه غير ظاهر لأن التي لا تكفر لا تقرر وتحقق شيئًا ويدل أيضًا على قصر التعريف على التي تكفر قوله الآتي وفي النذر المبهم واليمين والقاعدة النحوية أن الاسم إذا أعيد معرفة كان عين الأول وعلم أن غير الواجب في كلامه شامل للممكن والمستحيل عادة أو عقلًا فيهما لا شرعًا وشمل كلامه نوعين من قول ابن

ــ

باب اليمين

ابن عرفة قيل معناه ضروري لا يُعرِّف والحق نظري فاليمين قسم أو التزام مندوب غير مقصود به القربة أو ما يجب بإنشاء لا يفتقر لقبول معلق بأمر مقصود عدمه اهـ.

وهو مبني على قول الأكثر إن التعليق من اليمين فهو تعريف لليمين من حيث هي فلذا لم يخصها بموجب الكفارة كما فعل المصنف فخرج بقوله غير مقصود به القربة النذر كللَّه عليّ دينار صدقة فإن المقصود به القربة بخلاف اليمين نحو إن دخلت الدار فعبدي حرّ فإنه إنما قصد الامتناع من دخول الدار وغير بالرفع صفة التزام وخرج بقوله لا يفتقر لقبول نحو ثوبي صدقة مثلًا وشمل قوله أو ما يجب بإنشاء الخ. المندوب نحو أنت حرّ إلا أنه تقدم فيقيد الإنشاء بما ليس بمندوب لئلا يتداخل مع ما قبله وقوله معلق الخ بالرفع صفة لما يجب لأن ما نكرة موصوفة نحو أنت طالق إن دخلت الدار (تحقيق ما لم يجب) قول ز وقوعه ولا عدمه الخ. الصواب إسقاط قوله ولا عدمه لأنه مناقض لما ذكره بعد من أن اليمين تنعقد في المستحيل عقلًا أو عادة بناء على أن الغموس لا تكون في المستقبل على ما يأتي أنه المشهور خلافًا لس وقول ز إثباتًا برًّا أو حنثًا الخ. فيه نظر بل الصواب أن الإثبات كله حنث كما أن النفي كله بر ونحو إن دخلت نفي كلا دخلت لا إثبات وعبارة تت وشمل النفي وهو صيغتا البر كلا دخلت أو إن دخلت والإثبات وهو صيغتا الحنث كلأدخلن أو إن لم أدخل اهـ.

ص: 84

عرفة اليمين قسم أو التزام مندوب غير مقصود به القربة ولا يشمل الثالث وهو قوله أو ما يجب بإنشاء كانت طالق إن دخلت الدار ودخلت فإنه وجب الطلاق بسبب إنشاء اليمين وليس للطلاق كفارة واحترز المصنف بقوله ما لم يجب عما يجب عادة أو عقلًا فلا تتعلق به يمين وذكر تمام التعريف أو تصويره بقوله (بذكر اسم الله أو صفته) الذاتية كالخالق والرازق لا صفة الفعل كالخلق والرزق والإماتة لما يذكر أنها غير يمين. ففي كلامه هنا حذف صفة بقرينة ما يأتي كما في د فشملت الصفة الذاتية هنا صفات المعاني السبعة المتفق عليها، ونظمها هنا تت بقوله:

حياة وعلم قدرة وإرادة

وسمع وإبصار كلام بلا مِزا

بها تُعقَد الأيمان فأصغ لسمعها

صفات معَان وهي سبعٌ كما ترى

ــ

وقول ز أو استحال عادة متداخل مع القسم الذي قبله وقول ز خاص بالمستقبل وباليمين التي تكفر الخ. المراد بهذين الأمرين شيء واحد لأن المستقبل هو الذي يكفر والماضي هو الذي لا يكفر ونص كلام الشارح قوله اليمين تحقيق ما لم يجب أي: اليمين الموجبة للكفارة تحقيق ما لم يجب قال ودخل في قوله ما لم يجب الممكن كقوله والله لا أدخل الدار أو لأدخلنها والممتنع أي عقلًا كقوله والله لأقتلن زيد الميت أو عادة نحو لأشربن البحر وخرج به الواجب كوالله لأموتن فليس بيمين لأن الواجب محقق في نفسه والمراد بتحقيق ما لم يجب المستقبل خاصة اهـ.

وأورد عليه تت عدم شموله للغو والغموس مع أن كلًّا منهما يمين ورده طفى بأن الشارح لم يحصر اليمين فيما يوجب الكفارة حتى يرد عليه أن غيره يسمى يمينًا أي: بل حصر اليمين الموجبة للكفارة فيما ذكر وهو صحيح قال ولما حمله الشارح على اليمين الموجبة للكفارة خص ذلك بالمستقبل لأن الماضي لا تتصور فيه الكفارة اهـ.

وقول ز كما صرح به الشارح الخ. ما ذكره الشارح هو الصواب كما ارتضاه ح وغيره وما رد به ز على تت نحوه لطفى وهو ظاهر وقول ز شامل للممكن والمستحيل عادة أو عقلًا فيهما لا شرعًا الخ. هكذا فيما رأيته من النسخ وهو غير صحيح ولعل فيه إسقاط قبل قوله لا شرعًا والأصل وخرج به الواجب عادة أو عقلًا لا شرعًا وهو صواب إن أراد بالواجب شرعًا ما أوجبه الشرع نحو والله لأصلين الظهر فانعقاد اليمين هنا صحيح وهو داخل في قسم الممكن إما إن أريد بالواجب شرعًا ما أخبر الشرع بوقوعه نحو والله ليدخلن من مات على الإيمان الجنة ففي انعقادها حينئذٍ نظر بل لا فرق بينه وبين الواجب العقلي والعادي في الحكم تأمله وقول ز وشمل كلامه نوعين الخ. غير صحيح بل كلام المصنف لا يشمل إلا القسم وهو النوع الأول لقوله بذكر اسم الله وصفته والعجب من ز في إدخاله النوع الثاني في المصنف مع ما قرره قبل تبعًا للشارح من أنه خاص بموجب الكفارة (بذكر اسم الله أو صفته) أي: بذكره حقيقة أو حكمًا ليدخل الألفاظ الصريحة في القسم إذا نوى بها القسم ولم يذكر اسم الله كما يأتي في قوله وكأحلف وأقسم وأشهد إن نوى بالله اهـ.

ص: 85

وزيد عليها ثامن وهو البقاء وتاسع وهو الإدراك وفي كل خلاف واقتصر الشاذلي على عقيدة الرسالة عند قولها تعالى أن تكون صفاته مخلوقة على عد البقاء منها وكذا تت عليها مبدلًا قوله هنا بلا مرا بلفظ مع البقا قال وزيد تاسعة وهي الإدراك أي بناء على ثبوته قال شيخنا ق في الجوهرة:

فَهل لَه إدراك أوْلَا خُلفُ

وعندَ قوم صحَ فيه الوقفُ

فاقتصار تت هنا على السبعة لكونها المتفق عليها كما مر وشمل المصنف الصفة النفسية كالوجود بخلاف الاسم الدال عليها كالموجود وشمل أيضًا الصفات الجامعة كالجلال والعظمة وما يرجع لواحد من الصفات المذكورة وشمل أيضًا الوحدانية والقدم من صفات السلب وانظر هل يشمل بقية صفات السلب أم لا قاله عج ولعل الفرق على عدم شموله لبقيتها أن القدم والوحدانية أشد تعلقًا بوصف الله من بقية صفات السلب وقال أيضًا ودخل في قوله أو صفته المخالف للحوادث فانظر هل هو يمين أم لا وانظر أيضًا هل تنعقد بالصفة المعنوية عند من أثبتها أم لا وكالقسم فعله مع نية الله أو صفته كما يأتي في قوله وكأحلف إلى قوله إن نوى بالله فقوله بذكر اسم الله أي حيث لم يذكر فعل القسم الصريح فإن ذكره فتكفي النية وأما أعزم فليس من فعل القسم الصريح لأن معناه اسأل ويفهم من قوله بذكر اسم الله أن الكلام النفسي غير كاف وقد ذكر ابن عرفة فيه الخلاف الذي في الطلاق قاله د.

تنبيهات الأول: قال تت عقب بذكر اسم الله الدال على ذاته فقط أو مع صفة كالرحمن الرحيم اهـ.

ــ

وأفاد المصنف عدم الانعقاد بالنية وهو الراجح وقول ز كالخالق والرازق الخ. ظاهره أنهما مثالان للصفة الذاتية وفيه نظر إذ هما اسمان يدلان على الذات مع الصفة كالرحمن والرحيم فلا يصح التمثيل بهما للصفة وقول ز بخلاف الاسم الدال عليها كالموجود الخ فيه نظر لقول ابن شاس ما نصه لو قال بالشيء أو بالموجود وأراد به الله سبحانه وتعالى كان يمينًا اهـ.

ويأتي لز رجوع إلى ما لابن شاس من أنه يمين وقول ز وشمل أيضًا الوحدانية الخ. فيه نظر والذي في ابن عاشر عن ابن عرفة أن صفات السلوب لا تنعقد بها اليمين ويدل عليه كلام ابن رشد ففي سماع عيسى قال في الذي يحلف بقول لعمر الله وأيم الله إني أخاف أن يكون يمينًا وقال أصبغ هو يمين ابن رشد إنما قال ابن القاسم أخاف أن يكون يمينًا لاختلاف أهل العلم في القدم والبقاء فمنهم من أوجبهما صفتين لله ومنهم من نفى ذلك وقال إنه باق لنفسه وقديم لنفسه لا لمعنى موجود قائم به وإن معنى القديم الذي لا أول لوجوده ومعنى الباقي المستمر الوجود فكأن ابن القاسم ذهب إلى قول من نفى البقاء صفة لله وقال أخاف أن يكون يمينًا إذ من أهل العلم من يثبته صفة له تعالى وذهب أصبغ إلى قول من أثبته صفة لله فقال إنه يمين وهو مثل ما في المدونة لابن القاسم اهـ.

ص: 86

ولا يرد على قوله الدال على ذاته فقط قولهم إن الله اسم للذات المستجمع لسائر الصفات لأن قولهم المستجمع الخ. ليس بداخل في الموضوع له وإنما هو تعيين له ولأن المدار هنا على الذكر كما قال المصنف سواء اتحد المعنى أم لا وليفيد أنها يمين واحدة ولو مع ذكر صفاته فلا حاجة لقول من قال كان الأولى للمصنف أن يقول أو بذكر صفة من صفاته الثاني ما قدمناه من عدم انعقادها بصفة الفعل كالخلق كما يأتي لا يرد عليه أن يقال لِمَ لَم تنعقد بها مع قصد اليمين وما الفرق بينها وبين اليمين بلفظ مباين كما يأتي مع أنها ليست بمباين لأن المراد أن صفة الفعل غير داخلة في قوله أو صفته فهي غير موضوعة لليمين فلا ينافي انعقادها بها عند القصد كاللفظ المباين الثالث أشعر كلامه باشتراط اللفظ العربي وإلا لم تجب كفارة وهو كذلك على ما لأبي عمران وظاهره ولو من غير قادر على العربية قال وتندب له الكفارة وفي مختصر الوقار ما يفيد أنه لا يشترط فيها اللفظ العربي وظاهره ولو من قادر على العربية فإنه قال ومن حلف بالله بشيء من اللغات وحنث فعليه الكفارة ومن حلف بوجه الله وحنث كفر ومن حلف بعرش الله وحنث فلا كفارة عليه اهـ.

وأشعر أيضًا أنها لا تنعقد بلفظ مباين لاسم الله مرادًا به لفظها كأن يقول والحجر قال ابن عرفة وفي لزوم اليمين بالله مرادة بلفظ مباين للفظها كالطلاق بذلك نظر ثم قال والأظهر كاليمين بالنية اهـ.

أي: فلا تنعقد أو يجري فيه الخلاف الذي ذكره ابن عرفة كما مر عن د والظاهر عدم جواز إقدامه على ذلك قال ح وسئلت عمن حلف وقال والله ولم يذكر الهاء فأجبت بأنه يتخرج على هذا اهـ.

تتمة: ذكر القرافي عن صاحب الخصال أن بسم الله يمين تكفر أي إن نوى به واجب الوجود أو جرى العرف باستعماله فيه وإلا ففيه قولان وهذا يجري في واسم الله بالواو وقد جرى الآن استعماله من أهل الكتاب في ذات الله فإن حلف به مسلم وقصد ذلك فيمين كما لو قصده بالشيء والموجود وأما والاسم الأعظم فإن لم يقصد به اسم الله فغير يمين لأنه لم يقل اسم الله الأعظم بل الاسم الأعظم لشخص له اسمان مثلًا وإن قصد به اسم الله فانظر هل كاليمين بالنية أم لا وأما وسر صنائع الاسم فغير يمين لأن الصنائع المصنوعات كذا ينبغي وخيمة الستر غير يمين قاله عج ولا يخالف قوله في بسم الله أنها يمين ما ذكروه في مباحث البسملة من أنه إنما قال بسم الله ولم يقل بالله للفرق

ــ

وقول ز ودخل في قوله أو صفته المخالف الخ. فيه نظر إذ المخالف بلفظ اسم الفاعل من الأسماء لا من الصفات فهو يمين قطعًا وأما المخالفة بلفظ المصدر فمن صفات السلوب وقول ز هل تنعقد بالصفة المعنوية الخ. قال الأبي في شرح مسلم كان شيخنا يقول في الحلف بالمعنوية نظر ولا نظر فيه بل الحلف بها ألزم لأنه لم يختلف في كفر من نفى قادرية الله سبحانه وتعالى أي كونه قادرًا واختلف في كفر من نفى صفات المعاني اهـ.

ص: 87

بين اليمين والتيمن أي التيمن في بسم الله الذي هو المقصود بالبسملة واليمين في بالله لأن ما في مباحث البسملة مبني على عدم قصده وعدم العرف وما هنا على ما إذا نوى بها اليمين أو جرى به العرف كما مر لا إن لم يجر على أحد قولين وجعلها يمينًا أولى من قصدها بلفظ مباين لها على ما مر عن ابن عرفة والعرف كالقصد وأما وجه كونها يمينًا مع عدم العرف على القول الآخر فلعله لقرينة ذكره المحلوف عليه كالدخول (كبالله) ومثله الاسم المجرد من حرف القسم كالله لأفعلن ووالله تالله (وها الله) بحذف حرف القسم وإقامة ها التنبيه مقامه كما نص عليه النحاة (وأيم الله) أي بركته بفتح الهمزة وكسرها وكذا أم الله وكذا أصلهما وهو أيمن فهذه ست وم ومن بتثليث الميم فهذه ثنتا عشرة لغة كل منها يمين كما صوب ابن رشد وهمزة أيم الله يجوز فيها القطع والوصل مع الواو وأما مع عدمها فهمزة قطع ثم إن أيم الله يجوز فيه إثبات الواو وعدم إثباتها فتكون مقدرة وأما حق الله وما أشبهه فلا بد فيه من ذكر حرف القسم كما قاله بعض شيوخ د وأراد بالبركة المعنى القديم فإن أراد المعنى الحادث لم يكن يمينًا وانظر إذا لم يرد واحدًا منهما وفي كلام الأبي ما يفيد أنها يمين (وحق الله) إذا أراد الحالف به عظمته أو استحقاقه الألوهية أو حكمه أو تكليفه أو لم يرد شيئًا فإن أراد به الحقوق التي له على العباد من العبادات التي أمر بها فليست بيمين (والعزيز) من عز يعز بفتح العين في المضارع وهو الذي لا يغلبه شيء وقال ابن عباس الذي لا يوجد مثله أو من عز يعز بالكسر في المضارع إذا قل حتى لا يكاد يوجد غيره كما قال الفراء والسلام فيه للكمال أي الكامل العزة ويصح أن يراد بها العهد الحضوري لأن الله حاضر ثم محل المصنف ما لم يرد ما جعله الله لخلقه من العزة (وعظمته وجلاله) وهما راجعان للقدرة وهي من صفات المعاني فمحل كون كل منهما

ــ

نقله طفى وقول ز في التنبيه الأول ولأن المدار هنا على الذكر الخ. هذا لا يصلح جوابًا لما قبله ففي عطفه عليه انحلال واختلال وإنما يصلح جوابًا لسؤال يرد على ما يذكره المصنف من الأمثلة وهو أن الكثير منها مترادف في المعنى وكذا قوله بعده وليفيد الخ. غير مناسب لما قبله وإنما هو جواب سؤال آخر ذكره هو بعده والله تعالى أعلم على أنه يرده ما في ق ونصه نصوا أنه إذا حلف بأسماء كثيرة وحنث فعليه كفارة واحدة لأن الاسم هو المسمى بخلاف من حلف بصفات كثيرة وحنث فعليه لكل صفة كفارة اهـ.

انظره وقول ز في التتمة أي: إن نوى به واجب الوجود الخ. صوابه أي إن نوى به القسم أو جرى العرف الخ. وقول ز: فلا بد فيه من ذكر حرف القسم الخ. فيه نظر بل لا فرق بينه وبين ما قبله وكلام التلقين كما في ق يدل على ذلك (والعزيز) قول ز ثم محل المصنف ما لم يرد الخ. هذا القيد هنا غير صحيح ومحله هو قوله الآتي وكعزة الله لأن لفظ العزيز اسم لا صفة والحلف بجميع أسماء الله لازم كما في المدونة (وعظمته وجلاله) قول ز وهما راجعان للقدرة الخ. فيه نظر بل هما من الصفات الجامعة كما تقدم.

ص: 88

يمينًا إذا أراد عظمته وكبرياءه واستحقاقه صفات المدح فإن أراد بهما العظمة والجلال اللذين جعلهما الله في خلقه فلا تنعقد بهما (وإرادته) منها أيضًا ولطفه وغضبه ورضاه ورحمته وميثاقه عند الأكثر كما في ابن عرفة إلا أن يريد الحادث في الخلق (وكفالته) التزامه ويرجع لخبره وخبره كلامه وهو من صفات المعاني تت (وكلامه) يمين (والقرآن والمصحف) أي أحدهما يمين إن نوى القديم القائم بذاته تعالى أولًا نية أو نوى شيئًا ونسيه فإن نوى الحادث وهو الحروف والأصوات في الأول المنزل على المصطفى الدال على المعنى القديم والجلد وما احتوى عليه في الثاني لم يحنث والسورة منه والآية كالكل رواه ابن حبيب وكالحلف بهما الحلف بالكتاب وبما أنزل الله على المشهور واختلف في تسمية الحادث قرآنًا ورجح ذلك لأنه مشتق من القرء وهو الجمع لجمع القراءة بعضها لبعض وأول من جمع القرآن أبو بكر وهو أول من سمى المصحف مصحفًا (وإن قال) القائل بالله لأفعلن (أردت) بقولي بالله (وثقت) أو اعتصمت (بالله ثم ابتدأت) واستأنفت قولي (لأفعلن) ولم أجعله محلوفًا عليه (دين) أي وكل لدينه وقبل قوله بلا يمين في الفتيا والقضاء ومفهوم قوله ثم ابتدأت لأفعلن أنه إذا لم يبتد بشيء بعد بالله فإنه يدين بالأولى حيث لم ينو يمينًا وأشعر قوله وثقت بالله إن ذلك خاص بالإتيان بالباء الموحدة دون التاء الفوقية وها الله وهو كذلك والظاهر إن مثل دخول الموحدة على الله دخولها على سائر المصنفات فيما ذكر المصنف هنا ويفيد هذا الثاني قول ق عن ابن شاس أو بالرحمن وبحث البساطي في المصنف بأن ما ذكره إنما يظهر فيما لا يتعين جوابًا لقسم أما في مثل لأفعلن الذي مثل به فينبغي أن لا يقبل منه ما ادعاه وجوابه إن لأفعلن جواب قسم مقدر وليس بيمين ثم أخرج من مقدر بعد قوله ذين يفهم من الكلام السابق وهو لم تلزمه يمين قوله (لا بسبق لسانه) في اليمين أو متعلقه فتلزمه اليمين ولس مخرجًا من قوله دين لاقتضاء ذلك عدم قبول قوله مع أنه مقبول واليمين لازمة لعدم احتياجها إلى نية كما لابن عرفة قاله د وفائدة قبول قوله إذا قيل له تعمدت الحلف على كذا فحلف أنه سبقه لسانه فيصدق في يمينه الثانية ولا يلزمه لأجلها كفارة وقال د أيضًا معطوف على معنى قوله وإن

ــ

(والقرآن والمصحف) قول ز وهو الحروف والأصوات في الأول الخ. كما يطلق لفظ القرآن على الحروف والأصوات كذلك يطلق على الجلد وما احتوى عليه من أجل أنه مكتوب فيه ومفهوم منه بدليل ما في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر قال ابن رشد يريد المصحف بإجماع وكذا نهيه أن لا يسافر بالقرآن إلى أرض العدو قاله في البيان وبما ذكره من الإجماع تعلم بطلان ما حكاه ز من الخلاف في تسمية الحادث قرآنًا ولا نعلم من ذكر فيه الخلاف وإنما ذكروا الخلاف في تسمية القديم قرآنًا (لا بسبق لسانه) أي فاليمين لازمة ولو تحقق سبق لسانه وبه يرد ما ذكره د وقول ز وفائدة قبول قوله الخ. هو مع ركاكته غير ظاهر لأن اليمين الثانية لا تلزمه لتعلقها بماض سواء قبل قوله أم لا وقول ز لا انتقاله من لفظ الآخر فإن هذا يدين الخ. غير صحيح كما يدل عليه ما ذكره قبله.

ص: 89

قال الخ. أي يدين في قوله أردت الخ. لا بسبق أي: لا في دعواه سبق لسانه اهـ.

أي: لا يدين في دعوى سبق لسانه إلى النطق بوالله ولا والله عند إرادة النطق بغيره فإنه ليس من لغو اليمين على المشهور خلافًا للخمي فالمراد بسبق لسانه غلبته وجريانه لا انتقاله من لفظ لآخر فإن هذا يدين هنا كسبق لسانه في الطلاق كما يأتي للمصنف (وكعزة الله) إن أراد بها صفة الله القديمة التي هي منعته وقوته وأصل العزة الشدة (وأمانته) أي تكليفه لقوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] الآية وتكليفه كلامه القديم (وعهده) أي إلزامه لقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} [البقرة: 40] أي تكاليفي وعهد الله بقاؤه وهو استمرار وجوده وذمته التزامه فيرجع إلى خبره وخبره كلامه وكذا كفالته والميثاق هو العهد المؤكد بالحلف فيرجع لكلامه تعالى ثم إن محل كون كل من أمانته وعهده يمينًا إن أتى بالاسم الظاهر فكان الأولى للمصنف أن يأتي به ولا يقال المقام للإضمار لأنا نقول هو بصدد الصيغ التي تنعقد بها اليمين (وعليّ عهد الله إلا أن يريد) بعزة الله وما بعدها المعنى (المخلوق) لله في العباد المراد من قوله: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات: 180]، ومن قوله:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ} [الأحزاب: 72] الآية ومن قوله: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 125] فلا ينعقد بها يمين ويكون الحلف بها غير مشروع والإضافة في الأول بمعنى اللام وفي الثاني بمعنى من وذكر البساطي أن الاستثناء راجع لما قبل وعليّ عهد الله ولا يرجع له لأن الإتيان بلفظ على مع إضافة العهد إلى الله يمنع من إرادة المخلوق وينبغي رجوعه لما قبل الكاف أيضًا من قوله وحق الله الخ. كما وقع التقييد فيها بما إذا لم يرد الحادث كما مر.

فرع: لو قال يميني كيمين فلان أو عليّ يمين فلان لزمه ما حلف به فلان فلو تبين أن فلانًا لم يحلف لم تلزمه يمين فإن تبين أن فلانًا حلف بطلاق ولم ينو الحالف شيئًا لزمه أيضًا فإن قال إنما أردت بقولي كيمين فلان إن كان حلفه بالله فإنه يدين ولا شيء عليه لا يمين طلاق ولا بالله وكذا ينبغي أن يدين ويلزمه يمين بالله إن لم يعلم ما حلف به فلان لغيبته أو موته (وكاحلف وأقسم وأشهد) لأفعلن كذا وماضي الثلاثة كمضارعها (إن نوى بالله) وأولى إن نطق به أو بصفة من صفاته لأن قصده بنيته إنشاء اليمين حينئذ فإن كان قصده مجرد الإخبار كاذبًا في صيغة الماضي بأنه حلف لا يعير كتابًا أو قصد بالتلفظ بالمضارع في تلك الصيغ بأنه إن لم يسكت مخاطبه يحلف ولو نطق بالله لا يفعل أو ليفعلن كذا فلا يمين عليه كما يفيد ذلك قوله: إن نوى بالله فإن مفهومه أنه إن قصد غيره أو لم يقصد شيئًا فلا يمين عليه (وأعزم) وكذا عزمت بالأولى (إن قال بالله) لأفعلن كذا ولا تكفي نيته (وفي أعاهد الله قولان) أحدهما يمين لأنه لما علقه بما قصد عدمه دل على الحلف به والثاني ليس بيمين لأن العهد منه تعالى وليس بصفة له ولأنه لم يحلف بالعهد حتى يكون قد حلف بصفة من صفاته وخرج أبايع الله على أعاهد الله ثم عطف على بذكر

ص: 90

اسم الله قوله (لأبلك عليّ عهدًا وأعطيك عهدًا) فليسا بيمين وليس مخرجًا من قولان للإلباس إذ يحتمل أنه يمين من غير قولين أو غير يمين من غيرهما وهو المراد أشار له تت ولا مخرجًا من بالله كما في تت وإنما هو مخرج من بذكر اسم الله أي اليمين تحقيق ما لم يجب بذكر اسم الله لا بذكر لك علي عهد على أن في التعبير بمخرج تسامحًا إذ لم يدخل حتى يكون مخرجًا وإنما هو قسيم بذكر اسم الله وعطف عليه مع مراعاة النفي كما لا يخفى ومثله لك علي عهد الله أو أعطيك عهد الله فليسا بيمين ولو ذكره المصنف لفهم منه ما ذكره بالأولى (وعزمت) أو أعزم بالأولى (عليك باللهِ) لا ما فعلت كذا فخالف فغير يمين سواء كسر همزة لا أو فتحها وأما أعزم بالله السابقة فلم يأت فيها بلفظ عليك بل حلف فيها على نفسه فكانت يمينًا وما هنا سأل فيها غيره وأما أقسمت عليك بالله فيمين لأنه فعل صريح في القسم فلم يبطله قوله عليك بخلاف عزمت فإنه غير موضوع للقسم ولا منقول إليه غير أن العزيمة تستدعي التأكيد وهو يكون بالقسم ففيها شائبته فإن ترك منها عليك كانت يمينًا وإلا فلا كما علم (و) لا بقوله (حاشا الله) فغير يمين لأن معناها تنزيه لله أو براءة لله أي براءة منا لله ويحتمل أن يكون كناية عن كلامه القديم وهو تنزيهه نفسه بالكلام النفساني وذلك قديم فهو مجاز لا بد له من نية وقرينة وتقدم أن صفات السلب نظر عج فيها هل يمين أم لا إلا الوحدانية والقدم فيمين وظاهر قوله حاشا لله أنه غير يمين ولو أتى معها بواو القسم وكذا يقال فيما بعده وأما الواو التي في المتن فمن المصنف للعطف (و) لا بقوله (معاد الله) بالدال المهملة من العود وأما بالمعجمة فمعناه أعوذ بالله من نسبة ذلك الشيء لي أو اعتصم به كذلك وليس بيمين بالأولى من المهملة ثم محل كون حاشا الله ومعاد الله ليسا بيمين إذا لم يرد شيئًا أو أراد الحادث وأما إن أراد بحاشا الله كلامه القديم وبمعاد الله وجوده فيمين (و) لا بقوله (الله راع أو كفيل) فليسا بيمين إن رفع الاسم الكريم لأنه حينئذٍ إخبار لا إنشاء إلا أن ينوي به اليمين كما يفيده ما ذكره التونسي في الله لأفعلن بنصب الجلالة من أنه إن نوى حرف القسم ونصب بحذفه فيمين وإن كان خبرًا فلا إلا أن ينوي اليمين اهـ.

ــ

(لأبلك عليّ عهد) قول ز ومثله لك عليّ عهد الله الخ. أي مثله في كونه لا كفارة فيه وهو صحيح وعلله ابن رشد كما في ح بأنه أعظم من أن تكون فيه كفارة فيلزم فيه التوبة والاستغفار انظره (ومعاد الله) الأقرب أن المراد معاذ بالمعجمة وفاقًا لما في الآية وهو منصوب على المصدر بعامل محذوف وقول ز ثم محل كون حاشا الله الخ. لعله أشار بهذا القيد إلى ما في ضيح عن النوادر ونصه قال بعض أصحابنا في معاد الله ليست بيمين إلا أن يريد بها اليمين وقيل في معاذ الله وحاشا الله ليستا بيمين بحال اهـ.

(والله راع أو كفيل) قول ز ما تقدم لابن عرفة من لزوم الخ. فيه نظر إذ لم يتقدم عن ابن عرفة الجزم باللزوم وإنما تقدم عنه التنظير فيه ومثله في ح عنه وقول ز وفي البيان إذا قال علم الله الخ. الذي في البيان يعلم الله بلفظ المضارع ونقله ح.

ص: 91

وكما يفيده ما تقدم لابن عرفة من لزوم اليمين بلفظ مباين لها مرادة به منه وأما إن لم يرفعه بل جره لحنًا وما بعده خبر فغير يمين عند عدم قصده فإن قصد جره بحرف قسم مقدر فيمين ولو لم يقصد القسم لأن غاية ما فيه أنه فصل بين والله وبين لأفعلن بجملة وهي راع ومبتدؤه المقدر وهذا لا يمنع كونه يمينًا.

تنبيه: مثل الله كفيل علم الله قال الشيخ سالم عند قوله والعزيز وعد صاحب الخصال مما يوجب الكفارة يعلم الله وفي البيان إذا قال علم الله أي: بالماضي استحب له الكفارة احتياطًا تنزيلًا له منزلة علم الله مصدرًا سحنون إن أراد الحلف وجبت الكفارة لأن حروف القسم قد تحذف ولو قال الذمام لا أتزوج وأراد به الله كفر وإن أراد ذمامة الناس الجارية على ألسنتهم فليس بيمين وكذا لا يمين في الله وكيلك وربنا يعلم وما في التلخيص وتبعه السعد من جعل ربنا يعلم يمينًا يحمل على ما إذا قصد بها اليمين (والنبي والكعبة) ما فعلت أو لأفعلن والحجر والبيت والمقام ومكة والصلاة والصوم والزكاة وخاتم الصوم الذي على فم العباد والعرش والكرسي من كل مخلوق معظم شرعًا وفي حرمة الحلف بما ذكر وهو قول الأكثر وشهره في الشامل وكراهته وشهره الفاكهاني قولان واقتصر تت ود على كراهة الأخير عن ابن حبيب وجعل نحوه رغم أنفي لله ومحل القولين فيما هما فيه إذا كان الحالف صادقًا وإلا حرم اتفاقًا بل ربما كان بالنبي كفرًا لأنه استهزاء به قاله ح ولا يقال تعليله ربما يفيد أنه كالساب لا كفر لأنا نقول معناه يفيد الاستهزاء لا أنه قصده وأما الحلف بما ليس بمعظم شرعًا كالدماء والأنصاب ورؤوس السلاطين والأشراف أي ونحو ونعمة السلطان وحياة أبي ورأس أبي وتربة أبي فلا شك في تحريمه ولا ينبغي أن يختلف فيه وإن قصد بالحلف في الأنصاب ونحوها مما عبد من دون الله غير الأنبياء تعظيمها فكفر كما يأتي للمصنف وأما قصد تعظيم ما عبد من الأنبياء في الحلف به فليس بكفر إلا أن يقصد تعظيمه على أنه إله اهـ.

وانظر في عج وح الأقسام على الله ببعض مخلوقاته والتوسل بها (وكالخلق) والرزق (والإماتة) بمثناة فوقية والإعطاء والإحسان وهو معطوف على مدخول الباء في قوله لأبلك علي عهد وفصله بالكاف لأنه نوع غير ما سبق إذ هذا من اليمين بصفات الأفعال وهي تعلقات القدرة التنجيزية فلا تنعقد وتقدم إن ما دل على صفات الأفعال كالخالق والرازق والمحيي والمميت يمين وذكره تت هنا عن ابن يونس وراجعه لفوائده ثم عطف على ما لا كفارة فيه مع الخلاف في حرمة الحلف به ما لا كفارة فيه مع الاتفاق على حرمة الحلف به مكنيًّا عن ضمير المتكلم بضمير الغيبة دفعًا للبشاعة والنفرة بقوله (أو) قال (هو يهودي) أو نصراني أو مجوسي أو مرتد أو على غير ملة الإسلام أو سارق أو زان أو آكل الميتة أو دعا على نفسه بعليه غضب الله إن فعل كذا ثم فعله فليس بيمين ولا يرتد ولو كان كاذبًا فيما علق عليه لقصده به إنشاء اليمين لا إخباره بذلك عن نفسه ولذلك إذا لم يكن في يمين فإنه يرتد ولو جاهلًا أو هازلًا قال تت وخبر من حلف بملة

ص: 92

غير الإسلام فهو كما قال قال ابن عبد البر ليس على ظاهره وإنما المراد النهي عن مواقعة هذا اللفظ اهـ.

وكما لا يرتد حال جعله ذلك يمينًا لا يرتد إذا قال هو يهودي حال قصده بذلك إغرار يهودية ليتزوجها قال بعض والظاهر إن من قال هو باغض لرسول الله إن فعل كذا ثم فعله مثل من قال هو على غير ملة الإسلام إن فعل ثم فعل اهـ.

قلت ومثله ما يقع كثيرًا من العوام إن فعل كذا يكون واقعًا في حق رسول الله وأما قول بعضهم يكون داخلًا على أهله زانيًا فاسقًا إن فعل كذا وفعله فالظاهر أنه طلاق وانظر ماذا يلزمه من العدد قاله الشيخ سالم (و) لا كفارة في يمين (غموس) سميت به لأنها تغمس صاحبها في النار وقيل في الإثم قال المصنف وهو أظهر لأنه سبب حاصل قاله تت أي موجود بخلاف الغمس في النار فإنه ليس محققًا إذ فاعل الزنا تحت المشيئة عند أهل السنة ولا تتحتم عليه النار خلافًا للمعتزلة ويجاب عن الأول بأن معنى قوله تغمسه في النار يستحقها بسببه ولا يلزم من استحقاقها دخولها وفسرها المصنف بقوله (بأن شك) الحالف حين حلفه فيما حلف عليه هل هو كما حلف أولًا (أو ظن) أنه كذا وأولى المتعمد للكذب (وحلف) على شكه أو ظنه أو عمده واستمر على ذلك ولذا قال (بلا تبين صدق) بأن تبين أن الأمر على خلاف ما حلف أو بقي على شكه أما إن تبين صدقه لم يكن غموسًا وقوله أو ظن أي إلا أن يقوى الظن فلا يكون غموسًا كما يفيده قوله في الشهادات واعتمد الباب على ظن قوي وإلا أن يقول في يمينه في ظني فلا يكون غموسًا كما ذكره تت وقوله بأن شك أو ظن هذا إذا تعلقت بالماضي فإن تعلقت بالحال أو الاستقبال كفرت على المعتمد كما تعلمه فقوله شك مقيد بقيد وهو تعلقها بماض وقوله أو ظن مقيد بثلاث وذلك كله زائد على القيد الذي ذكره بقوله بلا تبين صدق قاله تت وأما إذا تبين صدق ما حلف عليه لم تكن غموسًا أي فلا حرمة عليه مستمرة فلا يقال الغموس لا كفارة فيها فلا فائدة لقوله بلا تبين صدق وإنما عليه إثم الجراءة مع تبين صدقه وقال تت أيضًا وإذا علمت أنها غموس مع الشك والظن فمع العلم أولى ولذا لم يصرح به وأيضًا لو صرح به لتوهم أن قوله بلا تبين صدق راجع له ولما قبله إلخ. وحرر قوله ولو صرح به لتوهم مع ما في التلخيص في قوله صدق لخبر مطابقته للواقع

ــ

(بلا تبين صدق) قول ز لم يكن غموسًا أي فلا إثم عليه قال غ وهو المتبادر من المدونة وعليه حملها ابن الحاجب قال ابن عبد السلام وعليه حمل ابن عتاب لفظ العتبية فيما يشبه مسألة المدونة وحمل غير واحد المدونة على أنه وافق البر في الظاهر لا إن إثم الجرأة سقط عنه لأن ذلك لا يزيله إلا التوبة قال وهو ظاهر في الفقه إلا أنه بعيد من لفظ المدونة اهـ.

باختصار وقول ز أي فلا حرمة عليه مستمرة الخ. لا معنى له إذ الغموس أيضًا لا مستمر فيها الحرمة وغاية الأمر ويقال إن الإثم مع تبين الصدق أقل والله أعلم وقول ز وحرر

ص: 93

(وليستغفر الله) في هو يهودي وما ألحق به وما بعده أي يتوب وجوبًا بأن يندم ويقلع ويعزم على عدم عوده لمثل ذلك هذه حقيقة الاستغفار (وإن قصد بكالعزى) أي بالحلف بالعزى واللات ونحوهما مما عبد من دون الله حتى الأنبياء والصالحين كالمسيح والعزير من حيث كونهم معبودات كالعزى أو نسب له فعل كالأزلام (التعظيم) لهم من تلك الحيثية (فكفر) لأنه تعظيم خاص بالله وإن لم يقصد تعظيمًا فحرام اتفاقًا في الأصنام وعلى خلاف سبق في الأنبياء وكل معظم شرعًا (ولا) كفارة في يمين (لغو) فهو معطوف على غموس أي لا بغموس ولا بلغو وقوله (على ما يعتقده) أي يجزم به بدل من لغو وليس المراد بالاعتقاد العلم بدليل قوله (فظهر نفيه) لأن العلم واليقين لا يمكن أن يظهر نفيه لأنه الجزم المطابق لدليل بخلاف الاعتقاد فإنه الجزم لا لدليل ثم محل المصنف إن تعلقت بالماضي اتفاقًا وبالحال على المعتمد فإن تعلقت بالمستقبل كفرت فالغموس واللغو لا كفارة فيهما إن تعلقا بماض اتفاقًا وفيهما الكفارة إن تعلقا بمستقبل اتفاقًا فإن تعلقا بحال كفرت الغموس دون اللغو وقال عج:

كفر غموسًا بلا ماض تكون كذا

لغو بمستقبل لا غير فامتثلا

وظاهر المصنف سواء كان متمكنًا من اليقين قريبًا أم لا وهو ظاهر إطلاقهم هنا وفيما ذكروه في قوله الآتي وبوجود أكثر في ليس معي غيره وذكر جد عج هناك ما نصه وينبغي أن يكون في غير اليمين بالله وإن سلم عمومه فكأنهم لم يجعلوه لغوًا لتمكنه من اليقين قريبًا اهـ.

فقوله لتمكنه الخ. يشعر بالتقييد هنا ولم يذكروه فانظره والفرق بين حقيقتي اللغو والغموس أن الاعتقاد أقوى من الظن فلذا كان لغوًا أي لا إثم فيه بخلاف الظن وتقييد الظن بأن لا يقوى كما مر يدل على ذلك قال تت وقيل لغو اليمين ما يسبق للسان من والله ولا والله الخ. وحكاه بقيل لما مر في قوله لا يسبق لسانه من أنه إنما لزمته اليمين

ــ

قوله الخ. أقول هو محرر وغايته أن يكون فيه تسامح في استعمال لفظ العلم في مطلق الاعتقاد الجازم تأمله (وليستغفر الله) قال الحطاب ورد في صحيح مسلم من قال واللات فليقل لا إله إلا الله ومن قال تعالى أقامرك فليتصدق قال القرطبي يقول: لا إله إلا الله تكفيرًا لتلك اللفظة وتذكيرًا من الغفلة اهـ.

بح (وإن قصد بكالعزى الخ) قول ز كالأزلام الخ. الأزلام هي الأقداح واحدها زلم كجمل وصرد كانوا إذا قصدوا فعلًا ضربوا ثلاثة أقداح مكتوبًا على أولها أمرني ربي وعلى الآخر نهاني ربي والثالث غفل فإن خرج الأول مضى وإن خرج الثاني وترك وإن خرج الثالث أعاد الضرب قاله البيضاوي (ولا لغو على ما يعتقده) قول ز قال عج كفر غموسًا الخ. هذا مقتضى ما ذكره ابن عبد السلام عن مقتضى كلام أكثر الشيوخ في اللغو وعن بعضهم في الغموس وقال ابن عرفة والمعروف لا لغو ولا غموس في مستقبل اهـ.

ص: 94

في سبق اللسان لأنه لا يشترط لليمين نية وإنما اللغو المذكور في الآية عندنا هو الحلف على ما يعتقده فيظهر نفيه كما قال المصنف (ولم يفد) لغو اليمين (في غير الله) والنذر المبهم من طلاق أو عتاق أو صدقة فإذا حلف بشيء من ذلك على أمر يعتقده وظهر خلافه أو سبقه لسانه فإنه يلزم ابن رشد من حلف بطلاق لقد دفع ثمن سلعته لبائعها فبان أنه إنما دفعته لأخيه فقال ما كنت ظننت إني دفعته إلا للبائع قال مالك يحنث اهـ.

بخلاف اليمين بالله فيفيد اللغو فيها لأنها اليمين الشرعية ومثله النذر المبهم كما مر أي الذي لا مخرج له كحلفه على شخص مقبل أنه زيد أو إن لم يكن زيدًا فعلى نذر ثم تبين أنه عمر وفلا كفارة عليه (كالاستثناء بأن شاء الله) تشبيه لإفادة الحكمين السابقين للغو من منطوقه وهو عدم الإفادة في غير الله ومفهومه وهو الإفادة في الله أي وما في حكمه من النذر المبهم فإذا قال والله لا أفعل كذا إن شاء الله ثم فعله فلا كفارة عليه بشرطه الآتي بقوله إن اتصل الخ (إن قصده) أي الاستثناء أي حل اليمين وهو قيد في المنطوق وهو عدم الإفادة وأحرى إن لم يقصده بأن قصد التبرك وإذا قال أنت طالق إن

شاء الله لزمه وإن قصده (كإلا أن يشاء الله أو يريد أو يقضي على الأظهر) تشبيه في أن ذلك لا يفيد في غير اليمين بالله ويفيد في اليمين بالله لكن إلا أن يشاء متفق عليه، وذكره وإن لم يكن محل خلاف لما يتوهم فيه أنه من باب تعقيب الرافع فلا فرق بينه وبين إن شاء الله واستظهار ابن رشد في الأخيرين خلاف ما يوهمه لفظ المصنف من رجوعه للثلاثة فلا يرجع لقوله كإلا أن يشاء الله إذ لا خلاف فيه وهل الاستثناء رافع للكفارة فقط أو حل لليمين من أصلها قولا ابن القاسم وابن الماجشون مع القاضي وفقاء الأمصار وتظهر فائدة الخلاف فيمن حلف واستثنى ثم حلف أو حلف لا يحلف فحلف واستثنى فيحنث فيهما على الأول لا الثاني ولو حلف لا يكفر فحلف واستثنى فلا شيء عليه عليهما (وأفاد) الاستثناء (بكإلا) وخلا وعدا وحاشا وليس ولا يكون وما في معناها من شرط أو صفة كما لابن رشد أو غاية أو بدل بعض نحو والله لا أكلم زيدًا إلا يوم كذا أو إن ضربني أو ابن عمرو أو إلى وقت كذا أو لا أكلم الرجل ابن عمرو (في الجميع) أي في جميع الأيمان بالله أو بعتق أو طلاق وقال غ جميع متعلقات اليمين مستقبلة وماضية كانت اليمين منعقدة وغموسًا كمن حلف أنه شرب البحر أو قتل من مات بعد موته ثم استثنى فلا إثم عليه وهذه فائدة الاستثناء فيه وحمله على جميع الأيمان معناه إذا قال أنت

ــ

وقال البرزلي المشهوران متعلق الغموس واللغو الماضي اهـ.

لكن اختار التونسي أن يكون الغموس في المستقبل الممتنع عقلًا أو عادة انظر ح (إن قصده) قول ز وهو قيد في المنطوق الخ. فيه نظر بل هو قيد في المفهوم وهو الإفادة في اليمين بالله (وأفاد بكإلا في الجميع) قول ز وقال غ جميع متعلقات اليمين الخ. بهذا فسر ابن عبد السلام قول ابن الحاجب وأما الاستثناء بإلا وغيرها فمعتبر بشرطه في الجميع اهـ.

ص: 95

طالق ثلاثًا إن دخلت الدار إلا واحدة نفعه الاستثناء بإلا بشرط عدم الاستغراق وبالشروط المذكورة بقوله (إن اتصل) فهو شرط في الاستثناء بأن شاء الله وبإلا وأخواتها والمعتبر اتصاله بالمقسم عليه حيث تعلق الاستثناء به وأما إن تعلق بالمقسم به أي بعدده كما في الطلاق ولا يكون هذا إلا بإلا أو إحدى أخواتها فهل لا بد من اتصاله بالمقسم به نحو على الطلاق ثلاثًا إلا واحدة لا دخلت الدار أو يكتفي باتصاله بالمقسم عليه نحو على الطلاق ثلاثًا لأدخلن الدار إلا واحدة خلاف فإن انفصل لم يفد كان مشيئة أو غيرها (إلا) أن يكون الفصل (لعارض) لا يمكن رفعه كسعال أو عطاس أو انقطاع نفس قاله ابن المواز أو تثاؤب وظاهره ولو اجتمعت هذه الأمور أو تكررت لا رد سلام وحمد عاطس وتشميته فليس بعارض فيضر (ونوى الاستثناء) أي نوى النطق به لا إن جرى على لسانه من غير قصد بل سهوًا فلا يفيد مشيئة أو غيرها (وقصد) به حل اليمين من أول النطق بالله أو في أثناء اليمين أو بعد فراغه من غير فصل كما يقع لمن يقول للحالف قل إلا أن يشاء الله فيوصل النطق بها عقب فراغه من المحلوف عليه من غير فصل امتثالًا للآمر فينفعه ذلك احترازًا مما إذا قصد التبرك وهو إنما يأتي في إن شاء الله لتأكيده لمقتضى اليمين أو لم يقصد شيئًا وهذا يأتي في غيرها أيضًا وعكس الشارح فجعل النية لحل اليمين والقصد للفظ ولا يخفى أن نية حل اليمين تستلزم قصد اللفظ فلا حاجة على تقريره للنص على قصد اللفظ فالأولى ما حملناه عليه وبه يسقط قول تت وفي قوله قصد بعد قوله ونوى الاستثناء شيء اهـ.

وإنما يظهر الشيء على تقرير الشارح كما علمت وليس ما هنا بتكرار مع قوله أولًا أن قصده لأنه هناك قيد في عدم الإفادة في غير الله فمفهومه موافقة أحروي وهنا قيد في الإفادة فمفهومه مخالفة كما أشرنا إليه ثمة وإن كان يمكنه الإقناع بأحدهما (ونطق به وإن سرًّا بحركة لسان) وإن لم يسمع نفسه ومحل نفعه إن لم يحلف في حق وجب عليه أو شرط في نكاح أو عقد بيع وإلا لم ينفعه عند سحنون وأصبغ وابن المواز لأن اليمين حينئذٍ على نية المحلف عند هؤلاء وهو لا يرضى باستثنائه خلافًا لابن القاسم في العتبية واستثنى مما دل عليه الكلام السابق أي لا يكفي في الخروج من عهدة اليمين التي لم

ــ

والذي قبله مثل قول ابن عرفة في نقل ق الاستثناء بإلا معتبر في كل يمين (وقصد) قول ز أو بعد فراغه الخ. هو المشهور كما ذكره ابن عرفة ونصه وفي شرط نيته قبل تمام يمينه نقلًا ابن رشد مع اللخمي والباجي عن محمد والمشهور اهـ.

وقول محمد قبل تمام يمينه الذي في نقل ابن يونس عنه تقدمه قبل آخر حرف من المقسم عليه ابن رشد على هذا يجب حمله انظر ابن عرفة واعلم أنه بقي من شروط الاستثناء أن لا ينوي أولًا إدخال ما أخرجه آخرًا بالاستثناء ثم أخرجه فإنه لا ينفعه كما ذكره عبد الحق ونصه ولو قصد أولًا إدخال الزوجة مع غيرها لم ينفعه استثناؤه إياها بحال اهـ.

نقله ق انظره (وإن سرا بحركة لسان) لو قال ولو سرا إشارة إلى الخلاف كان أولى وكونه

ص: 96

يصحبها لفظ استثناء فقال: (إلا أن يعزل في يمينه أولا) فتكفي فيه النية حينئذٍ ولو مع قيام البينة واختلف هل يحلف أم لا إلا في وثيقة حق فلا ينفعه العزل على الأصح قاله في الشامل وقول تت قال الشارحان ثم استثنى من متعلق قوله نطق فقال إلا الخ. أي أخرج إذ العزل ليس من النطق أو أن ضمير نطق للرافع لا للاستثناء وحينئذٍ فالعزل من جملة الرفع فيكون الاستثناء على بابه متصلًا وعلى الأول منقطعًا كما يفيده كلامه بعد وما أحسن قول الشيخ سالم ولما كان المخصص استثناء يشترط فيه النطق كما مر ومحاشاة لا يشترط فيها النطق بل النية فيها كافية أخرجها من شرط النطق بقوله إلا أن يعزل الحالف شيئًا بنيته في يمينه أي يخرجها ثم بصدرها على ما سواه فينفعه ذلك العزل بالنية من غير لفظ ومثل لذلك بأشد الأشياء فقال: (كالزوجة) أي كعزله الزوجة أولا (في) الحلف بـ (الحلال) أو كل حل أو كل حلال (علي حرام) لا أكلم زيدًا مثلًا وكلمه فلا شيء عليه في الزوجة على الصحيح لأن اللفظ عام أريد به الخصوص بخلاف الاستثناء فإنه إخراج لما دخل في اليمين أولا فهو عام مخصوص اهـ.

واحترز المصنف بقوله أولا عما لو طرأت له نية العزل بعد النطق باليمين فلا تكفي النية ولا بد من الاستثناء نطقًا متصلًا وقصد حل اليمين به ثم نية ما عداها لا توجب عليه تحريمًا لما أحله الله كما سيذكره بقوله وتحريم الحل في غير الزوجة والأمة لغو وليس قوله جميع ما أملكه حرام كقوله الحلال علي حرام إذ لا تدخل الزوجة في جميع ما أملكه إلا أن يريد إدخالها (وهي المحاشاة) أي وهي المسمى بذلك عند الفقهاء وهي من قبيل العام الذي أريد به الخصوص كما مر وهو أن يطلق اللفظ ويراد به ابتداء بعض ما يتناوله فلم يرد عمومه لا تناولًا ولا حكمًا بل هو كلي استعمل ابتداء في جزئي كمثال المصنف بخلاف مسألة الاستثناء فإنها من قبيل العام المخصوص وهو الذي عمومه مراد

ــ

بحركة لسان قال ابن رشد في آخر رسم أوصى من سماع عيسى أنه متفق عليه في الاستثناء بأن أو بإلا إن قال ومن أهل العلم من شذ فأجاز الاستثناء في القلب بمشيئة الله وعلى هذا يحمل ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما من إجازة الاستثناء بعد عام أنه أظهر بعد عام من الاستثناء ما كان اعتقده حين اليمين منه إذ لا اختلاف بين أحد من أهل العلم في أن الاستثناء لا بد أن يكون موصولًا باليمين بل قد قال ابن المواز أنه لا بد أن ينويه قبل آخر حرف من اليمين يريد من الكلام الذي به تمت اليمين هذا معنى قوله الذي يجب أن يحمل عليه كلامه اهـ.

من البيان وقوله خلافًا لابن القاسم أي في قوله إنه ينفعه ذلك في سقوط الكفارة وهو آثم بمنعه حق الغير (إلا أن يعزل في يمينه أولًا) قول ز وقول تت الخ. كلام تت صواب وهو معنى ما ذكره س ويتعين في الاستثناء الانقطاع إذ لو كان متصلًا لكان المراد بالمحاشاة إخراجه أولًا بأداة الاستثناء لكن نية لا نطقًا وليس بمراد بل المراد إخراجه بالنية ولذا قال ابن عرفة ولو كانت المحاشاة بأداة الاستثناء لم تكف النية على المشهور اهـ.

ص: 97

تناولًا لا حكمًا لقرينة التخصيص فالقوم في قولنا قام القوم إلا زيدًا متناول لكل فرد من أفراده حتى زيد والحكم بالقيام متعلق بما عدا زيدًا فلا يقال في الاستثناء إخبار عن زيد بأنه قام ولم يقم فإن قلت ما المانع من اندراج مسألة المصنف في العام المخصوص وتعلق الحكم بما عداها كما في قام القوم إلا زيدًا قلت عدم القرينة الدالة على عدم تعلق

ــ

فمهما نوى الإخراج بالأداة فلا بد من النطق على المشهور خلافًا للخمي في جعله الاستثناء قبل اليمين محاشاة قاله طفى واعلم أن ما فسر به المصنف المحاشاة أصله لابن محرز وتبعه اللخمي وفسر به عبد الحق المدونة وقبله ابن ناجي عليها ونقله ح مقتصرًا عليه عند قوله أو في جماعة إلا أن يحاشيه وحاصله أن النية المخصصة إن كانت أولًا نفعته وإن كانت في الأثناء لم تنفعه ولا بد من لفظ الاستثناء وتعقبه طفى من وجهين أحدهما أن ما ذكروه من اشتراط الأولية خلاف المذهب بل ظاهر كلامهم أنها كالنية المخصصة قال القرافي المحاشاة هي التخصيص بعينه بغير زيادة ولا نقصان فليست المحاشاة شيئًا غير التخصيص اهـ.

وقال ابن رشد شرط النية المخصصة حصولها قبل تمام اليمين وهي بعدها ولو وصلت بها لغو بخلاف الاستثناء اهـ.

من ابن عرفة وقد جعل ابن عبد السلام تفصيل ابن محرز قولًا ثالثًا مقابلًا للمشهور وأن المشهور تنفعه نيته وقعت أولًا أو في الأثناء ونسب ابن هارون هذا المشهور للمدونة وسلم ابن عرفة لهما ذلك قلت ويؤيده أيضًا مفهوم ما نقله ق عن عبد الحق فكان على المصنف إن لو اعتمد المشهور فأسقط لفظ أو لا وزعم بعضهم أن ابن عرفة رد على ابن عبد السلام وابن هارون حيث قال ونقل ابن الحاجب صحة إخراجها بنية استثناء ومحاشاة وعزوه ابن عبد السلام لابن القاسم والمشهور وعزوه ابن هارون لها وهم إنما عزاه ابن رشد وغيره لابن حبيب وقولها إنما هو في المحاشاة اهـ.

وما زعمه وهم فاحش لأن رده عليهما إنما هو في الاكتفاء بالنية في الاستثناء الوجه الثاني أن كلام المصنف وابن محرز ومن تبعه يقتضي أن المحاشاة قاعدة مطردة وأن مسألة الحلال عليه حرام فرد من أفرادها وليس كذلك بل ظاهر كلامهم أنها خاصة بمسألة الحلال عليه حرام واستدل طفى على ذلك بأمرين أحدهما إطلاقهم في النية المخصصة أنها لا تقبل مع المرافعة وقالوا في الحلال عليه حرام تقبل المحاشاة ولو قامت البينة الثاني أن الباجي فرق بين قبول المحاشاة مطلقًا وبين التفصيل في النية المخصصة بأن ما يحلف به لا يقتضي الاستيعاب لأن أصل الأيمان هو اليمين بالله عز وجل وهو مبني على التخصيص قال: ولذا لو قال الحالف عليه الطلاق لجاز أن يقول: أردت واحدة والمحلوف عليه يقتضي الاستيعاب لأنه إذا حلف لا كلمت رجلًا حمل على العموم وأيضًا الباجي أجرى إخراج الطلاق والعتق المعين بالنية من الأيمان اللازمة على الخلاف في محاشاة الزوجة من الحلال عليه حرام قال طفى: فلو كانت قاعدة مطردة ما احتاج إلى هذا الإجراء اهـ.

قلت وفيما استدل به من الأمرين نظر فإن كلام الباجي في الموضعين لا يدل على ما

ص: 98

الحكم بها والنية أمر خفي فلا تكون قرينة (وفي النذر المبهم) أي الذي لم يسم له مخرجًا كللَّه علي نذرًا وإن فعلت كذا فللَّه عليّ نذر وكعليّ نذر حيث لم يعلقه فإن علقه فيمين فللَّه علي صيغة نذر مطلقًا وعليّ كذا صيغته إن لم يعلق وإلا فيمين (واليمين) المتقدمة في تعريفه ويحتمل ونذر اليمين كللَّه علي يمين أو إن فعلت كذا فعليّ يمين ذكره تت وبحث فيه شيخنا ق بأن هذا لا يظهر إلا لو قال وفي نذر مبهم ويمين (و) نذر (الكفارة) أو الحلف بها كعليّ يمين أو كفارة إن فعلت كذا وفعله (و) في اليمين (المنعقدة) لا اللغو والغموس (على بر) ويحصل بإحدى صيغتين (بأن فعلت ولا فعلت) ولو ردت إلى صيغة حنث بواسطة تقدير الترك كوالله إن كلمت أو لا كلمت زيدًا فإنها ترد إلى الحنث إذ المعنى لا أتركن كلامه وأما ما يرد إلى الحنث بلا تقدير الترك بل بتقدير غيره فصيغة حنث كوالله إن عفوت عن زيد أو أن أقمت في هذا البلد أو البيت لأن معناه في الأول لأطالبنه أو لأشكونه وفي الثاني لأنتقلن أو إن لم أنتقل نقله ابن المواز فإن قلت يمكن تقدير الترك فيهما أيضًا أي لأتركن العفو عنه في الأول ولأتركن البقاء في الثاني قلت لأن دلالة المحلوف عليه على أن المراد لأنتقمن في الأول ولأنتقلن في الثاني مستفادة من لفظ إن عفوت وإن أقمت أي من جوهر لفظهما وهو أقوى مما استفيد من حاصل المعنى

ــ

ادعاه طفى من التخصيص بل يدل على أن المحاشاة قاعدة مطردة في كل محلوف به بأي لفظ كان دون المحلوف عليه والإجراء الذي ذكره لا يمنع ذلك بل يفيد استواء الحكم وكلام المصنف أيضًا لا يأبى ذلك ويشهد له قول ابن رشد في سماع أصبغ القياس أن لا يصدق القائل الحلال عليه حرام إن ادعى محاشاة زوجته مع قيام البينة لادعائه خلاف ظاهر لفظه كحالف لا أكلم زيدًا وقال نويت شهرًا وتصديقه في الزوجة استحسان لمراعاة الخلاف في أصل اليمين اهـ.

فانظر قوله لمراعاة الخلاف في أصل اليمين فإنه ربما يفيد قبول النية في أصل كل يمين والله أعلم الحاصل إن ما أفاده ابن محرز ومن تبعه من أن المحاشاة قاعدة مطردة في المحلوف به والمحلوف عليه ليس بظاهر كما قال لإطلاقهم قبول المحاشاة وتفصيلهم في النية المخصصة كما يأتي وإن ما ادعاه طفى من تخصصها بلفظ الحلال عليه حرام لم يقم عليه دليل كما علمت فإن ادعى اطرادها في المحلوف به فقط كما يفيد كلام الباجي لم يبعد والله أعلم.

(وفي النذر المبهم) قول ز فإن علقه فيمين الخ. الصور الأربع التي ذكرها كلها داخلة في قول المصنف وفي النذر المبهم الخ (واليمين) قول ز ويحتمل ونذر اليمين هذا الاحتمال هو المتعين والأول يوجب التكرار وكلام اللقاني غير صحيح ثم إن قوله واليمين مقيد كما قال ابن عاشر بأن لا يكون عرف اليمين الطلاق فإن كان لزم وبه جرت الفتيا في بلدنا فاس اهـ.

قلت: والطلاق اللازم به رجعي كما أفتى به الوانشريسي والشيخ القصار وسيدي عبد القادر وغيرهم وقول ز قلت: لأن دلالة المحلوف عليه الخ لا يخفى ركاكة هذا الجواب وصواب الجواب لو قال قلت إمكان الرد بالترك لا يعتبر لعمومه في كل صيغة بر والمعتبر

ص: 99

(أو) اليمين المنعقدة على (حنث) وتحصل أيضًا بإحدى صيغتين (بلأفعلن أو إن لم أفعل) ولا يجري فيه واسطة تقدير البر بلفظ ترك وبغيره على ظاهره ما لابن المواز وإن نافية في صيغتي البر والحنث إن لم يذكر لها جواب ومعناها في الحنث حينئذٍ لأفعلن لأنها نافية ولم نافية ونفي النفي إثبات فإن ذكر لها جواب فشرطية فيهما وقيد صيغتي الحنث بقوله (إن لم يؤجل) بأن أطلق يمينه نحو والله لأكلمن زيدًا أو والله لا أقيم في هذه البلدة إن لم أكمله فلا يحنث إلا بالموت فإن أجل فيأتي في قوله وحنث إن لم تكن له نية الخ. والتأجيل بأن يقول إن لم أفعل في هذا اليوم بأن جعل اليوم ظرفًا للفعل أو إن لم أفعله بعد هذا اليوم بأن جعل وقوع الفعل بعده ويتفق الصورتان على جواز وطء المحلوف بها في حلفه بطلاق أو عتق في الأجل الذي جعله ظرفًا أو جعل حصول الفعل بعده ويختلفان في أن فعله ما حلف عليه في الأول يبر به وإذا مضى ولم يفعله حنث ولا يبر بفعل المحلوف عليه في الثاني قبل وجود زمنه المعلق فعله على وجوده وإذا مضى منع من وطء المحلوف بطلاقها أو عتقها كما سيذكر المصنف هذا التفصيل بقوله وإن نفى ولم يؤجل منع منها (إطعام) أي إعطاء ولم يعبر به وإن كان هو المراد تبركًا بمحاذاة الآية وعدل عنه في الظهار إلى تمليك تفننًا (عشرة مساكين) أو فقراء أحرار مسلمين لا يلزمه نفقة واحد منهم فتدفع المرأة لزوجها وولدها الفقيرين كما قال اللخمي والمعتبر مساكين محل الحنث وإن لم يكن محل اليمين ولا بلد الحالف وانظر هل يجوز نقل أكثرها لأعدم (لكل) أي لكل واحد من العشرة (مد) مما يخرج في زكاة الفطر من بر أو غيره بمده صلى الله عليه وسلم بلا غربلة إلا الغلث كما في الشامل ويجزىء الدقيق إذا أعطى منه قدر ربع القمح (وندب بغير المدينة) شامل لمكة إذ ليس عندهم قناعة كأهل المدينة ويفيده أيضًا قوله في النفقات

ــ

إنما هو إمكان الرد بغيره فحيث وجد كانت الصيغة حنثًا والله أعلم. (إن لم يؤجل) قول ز أو إن لم أفعله بعد هذا اليوم الخ. هذا نحو تمثيل ضيح للمؤجلة بلا ضربن فلانًا بعد شهر ونازعه س في تمثيله به والصواب لأضربنه في هذا الشهر أو قبل شهر كذا وهو نزاع حسن قاله طفى في أجوبته (إطعام عشرة الخ) هذا مبتدأ وقوله في النذر المبهم خبره اصطلاحًا وكلام خش غير صواب (لكل مد) قول ز من برأ وغيره الخ. فيه نظر بل المد إنما يعتبر من البر قال أبو الحسن وأما إذا أخرج الشعير أو التمر أو غير ذلك فليخرج وسط الشبع منه اهـ.

ونقل ابن عرفة عن اللخمي أن هذا هو المذهب خلاف ظاهر المصنف انظر طفى (وندب بغير المدينة) ما ذكره من الاستحباب تبع فيه مذهب الرسالة وظاهر المدونة الوجوب لقولها وأما سائر الأمصار فإن لهم عيشًا غيره عيشنا فليخرجوا وسطًا من عيشهم اهـ.

وأبقاها أبو الحسن على ظاهرها وجعل قول ابن القاسم حيثما أخرج المد أجزاه خلاف قول مالك ولعل المؤلف فهم أن ما في الرسالة توفيق بين قولي مالك وابن القاسم في المدونة وتفسير للزيادة في كلام الإمام خلاف ما فهم أبو الحسن فلذا اعتمده فيكون موافقًا

ص: 100

وعلى المدينة لقناعتها (زيادة ثلثه) عند أشهب (أو نصفه) عند ابن وهب فأو للخلاف لا للتخيير وهو خلاف في حال فزيادة الثلث إذا كان يكفي وزيادة النصف إذا كان لا يكفي الثلث كذا يفيده تت وكلام الشارح وق ومن وافقهما يفيد أنه حقيقي وعند مالك الزيادة بالاجتهاد ولا تحد ولما كان الإطعام وهو النوع الأول من الثلاثة الأنواع التي على التخيير يتنوع ثلاثة أنواع أيضًا إما إمداد أو خبز أو شبع وفرغ من الأول أشار إلى الثاني بقوله (أو رطلان خبزًا) بالبغدادي أصغر من رطل مصر بيسير (بأدام) يكفي الرطلين عادة وهو مستحب على المعتمد لا واجب انظر تت في كبيره وظاهره أي أدام كان فيشمل اللحوم واللبن والزيت والبقل والقطنية وقول ابن عباس أعلاه اللحم وأوسطه اللبن وأدناه الزيت مذهب صحابي مذكور هنا كالمقابل لما قبله الشامل للبقل والقطنية كما يفيده الشارح وقت في الكبير وأسقطه في صغيره وعلى الرسالة وتبعهما بعض الشارحين وأتى بكلامه بعد ذكر البقل والقطنية فيتوهم حينئذٍ منافاته لما قبله وفي الإسقاط نظر إذ لو كان أدناه الزيت لم يصح ذكر البقل والقطنية قال تت أبو الحسن والمراد باللبن الحليب لا المضروب اهـ.

أي ولا السويق ولعل النفي مبني على ما للصحابي خاصة الأقفهسي والتمر أدام اهـ.

وظاهر كلامهم أنه لا يلزمه طبخ اللحم أو القطنية ولا ما يطبخان به وأن الملح ليس بأدام وكذا الماء للعادة في كفارة اليمين وأن ورد ائتدموا ولو بالماء لأن الإيمان مبناها العرف ولذا قال أبو محمد كما في الشيخ سالم آخر الباب إن حلف لا آكل أدما حنث بما ثبت أنه أدم عرفًا ولا أرى الملح أدما وحنثه به بعض العلماء اهـ.

وللثالث بقوله (كشبعهم) مرتين كما في ح ولعل المصنف استغنى عن ذكرهما لجعل الشبع قسيم الرطلين وهما لا يؤكلان في مرة غالبًا بأدام استحبابًا أيضًا وقولنا مرتين أحسن من قول تت ومن تبعه غداء وعشاء لشمول ما ذكرته لشبعهما غداءين أو عشاءين أو غداء ثم عشاء أو عكسه وسواء توالت المرتان أم لا فصل بينهما بطول أم لا مجتمعين أو متفرقين متساويين في الأكل أم لا كما لأبي عمران والباجي خلافًا لاشتراط التونسي

ــ

للجميع ويسقط الاعتراض والله أعلم. وقول ز: فأو للخلاف لا للتخيير الخ. كونه أشار بأو للخلاف المذكور قال طفى يرد عليه ما أورده ابن عبد السلام على ابن الحاجب من أن أشهب وابن وهب لا يعتبران الزيادة المذكورة في سائر الأمصار وإنما يريانها في مصر وما يقرب منها في سعة القوت اهـ.

والظاهر أن المصنف رحمه الله تبع قول الرسالة وأحب إلينا أن لو زاد مثل ثلث مد أو نصف مد وذلك بقدر ما يكون وسط عيشهم اهـ.

فلو للتنويع لا للخلاف والله أعلم (أو رطلان خبز بأدام) قول ز لأن معنى الأيمان مبناها العرف الخ. لا معنى لهذا التعليل هنا لأن بناءها على العرف إنما هو باعتبار مدلولها لا غيره وقول ز خلافًا لاشتراط التونسي تساويهم في الأكل الخ. عبارة ابن عرفة وغيره واشتراط التونسي

ص: 101

تساويهم في الأكل والمعتبر الشبع الوسط ابن عرفة وفي كون المعتبر عيش أهل البلد أو المكفر غير البخيل ثالثها الأرفع إن قدر الخ. فإن قلت قوله: عيش أهل البلد يخالف ظاهر قوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] قلت: يمكن أنه على حذف مضاف أي أهل بلدكم والمراد بالأوسط حينئذٍ الغالب وقد يبعد ذلك أو يمنعه قوله تطعمون إذ لو أراده لقال من أوسط طعام بلدكم فليراجع القرطبي ونحوه وأشعر قوله كشبعهم أنه لا بد منه حيث أراد أن يغديهم ويعشيهم سواء كان شبعهم بعشرة أمداد أو أقل أو أكثر ولو فرض أنهم يأكلون قدر العشرة أمداد في مرة فلا بد من شبعهم مرة ثانية هذا ظاهر كلامهم خلاف ما يفيده د من أن إطعامهم الأمداد العشرة في الغداء والعشاء يجزئ وإن لم يشبعهم وكذا يكفي الشبع ولو دون الأمداد كما في الشامل وانظر هل يشترط أن يكون عندهم جوع كما قد يشعر به قولهم يغديهم ويعشيهم فإن أطعمهم مرتين على شبع لم يكتف بذلك وهو الظاهر أم لا وكذا المرض وأشار إلى النوع الثاني من أنواع التخيير بقوله (أو كسوتهم) جديدًا وكذا لبيسا لم تذهب قوته فيما يظهر كما هو مذهب الشافعي انظر د وفي الطرر لا يشترط أن يكون مخيطًا وهو المناسب لعدم اشتراط طبخ اللحم وقد ينافيه قوله (للرجل ثوب) يستر جميع جسده كما في ح وقول تت ود عن المدونة يجزئ كلا أي من الرجل والمرأة في صلاته يحمل على إجزائه للرجل على الكمال فيوافق ما لح فلا تجزئه عمامة وحدها ولا إزار لا يبلغ أن يلتحف به مشتملًا فإن بلغ ذلك أجزأ عند ابن حبيب (وللمرأة درع) الدرع القميص والظاهر أنه لا يشترط بل الثوب الساتر كاف سواء كان قميصًا أم لا كما قال ابن حبيب في ثوب الرجل قاله د (وخمار ولو غير وسط) كسوة (أهله) لإطلاقها في الآية (والرضيع كالكبير فيهما) أي في الكسوة والإطعام بنوعية الإمداد والخبر بشرط أن يأكل الطعام وإن لم يستغن به عن اللبن على الأصح كما في الشامل فيعطي كسوة كبير على المعتمد أو رطلين خبز أو لو لم يأكله

ــ

تقاربهم في الأكل (للرجل ثوب) قول ز يستر جميع جسده كما في ح الخ. عبارة ح عن ابن فرحون يعطى للرجل ثوبًا وفي معنى الثوب الإزار الذي يمكن الاشتمال به في الصلاة اهـ.

ونص اللخمي والمراعى في الكسوة الفقير نفسه فيكسى الرجل ثوبًا تامًّا يستر جميع جسده والمرأة ثوبًا وخمارًا ثم قال وليس عليه أن يجعل الكسوة مثل كسوة المكفر وأهله ولا مثل كسوة أهل البلد بخلاف الإطعام اهـ.

المراد منه وبه تعلم أن نقل ابن بشير عن اللخمي كما في ق لزوم مراعاة كسوة أهله غير ظاهر (والرضيع كالكبير) قول ز فيعطى كسوة كبيرة على المعتمد الخ. صحيح كما يؤخذ من عزوه في ضيح ففي ابن الحاجب وفي جعل الصغير كالكبير فيما يعطاه قولان ضيح القول بأنه كالكبير لمالك في العتبية وهو قول ابن القاسم ومحمد والقول بأنه يعتبر الصغير في نفسه نقله ابن المواز عن أشهب اهـ.

ص: 102

إلا في مرات متعددة ولا يكفي إشباعه ولو أكل الطعام حيث لم يستغن به عن اللبن وإلا كفى والظاهر اعتبار وسط في الطول في الكسوة له كالكبير ووسط في الأكل فيمن يستغني به عن اللبن وإلى الثالث من أنواع الكفارة بقوله (أو عتق رقبة كالظهار) لا جنين وعتق بعد وضعه مؤمنة وفي الأعجمي تأويلان سليمة من قطع أصبع أو نحوه وعمى وجنون وبكم ومرض مشرف وقطع إذن وصمم وهرم وعرج شديدين وجذام وبرص وفلج بلا شوب عوض لا مشترى للعتق مكررة له لا يعتق عليه وفي أن اشتريته فهو حر عن يميني تأويلان إلى آخر ما يأتي في بابه (ثم) إذا عجز حين الإخراج لا حين الحنث ولا حين اليمين عن الثلاثة أنواع بأن لم يكن عنده ما يبع على المفلس انتقل للصوم فيلزمه (صيام ثلاثة أيام) ويندب أن يتابعها (ولا تجزئ) كفارة واحدة حال كونها (ملفقة) ويجوز رفعه فاعلًا من عتق مع غيره وكإطعام مع كسوة وأما من صنفي نوع فتجزئ في الطعام خاصة فيلفقها ولو من أصنافه الثلاثة الإمداد والأرطال والشبع دون غير الطعام فقوله ولا تجزئ ملفقة أي من غير جنس الطعام كما إذا أعتق وكسا أو أطعم وكسا وأما لو دفع لبعضهم أمدادًا ولبعضهم أرطالًا أو دفع لكل نصف مد ورطلًا أو نصفه وغدى أو عشى فتجزئ وقولي كفارة واحدة هو مدلول المصنف فيخرج ما لو كان عليه ثلاث كفارات مثلًا فأطعم

ــ

وأما كون طعامه كالكبير فهو مذهب المدونة ففي كتاب الظهار منها يطعم الرضيع من الكفارة إذا كان قد أكل الطعام ويعطى ما يعطى الكبير اهـ.

نقله في ضيح ثم قال وحكى بعض المتأخرين قولًا بأن الصغير يعطى ما يكفيه خاصة اهـ.

ونحوه لابن عبد السلام واعترضه ابن عرفة فقال ونقله عن بعض المتأخرين إعطاء الصغير ما يكفيه لا أعرفه بل توجيه الباجي كون كسوته ككبير بالقياس على كون طعامه كذلك دليل الاتفاق عليه في الطعام اهـ.

وبه تعلم أن قول ز حيث لم يستغن به عن اللبن وإلا كفى أي إشباعه غير طاهر وفي طفى قال ابن حبيب ولا يجزئ أن يغدي الصغار ويشبعهم اهـ.

(ولا تجزئ ملفقة) قول ز فلا يجزئه شيء من ذلك قاله عج الخ. فيه نظر وإن قاله عج بل الذي في ضيح وابن عرفة وح وغيرهم أنه إن شرك الثلاثة فالعتق لا يجزئه اتفاقًا لكونه لا يتبعض وأما الإطعام والكسوة فعلى التلفيق يبني على ثمانية عشر لأنه قد ناب كل كفارة ثلاثة وثلث من الطعام ومثلها من الكسوة وإلا ثلاث لا تجزئ فتبطل وعلى نفي التلفيق وهو المشهور فقال ابن المواز يبني على ستة ثلاثة من الطعام وثلاثة من الكسوة ثم يكون سبعة ويطعم سبعة ويكفر عن اليمين الثالثة بما شاء وقال اللخمي يبني على تسعة إما من الإطعام أو من الكسوة ووجهه ظاهر لأن كل واحدة نابها ثلاثة وثلث من الإطعام والكسوة فيبني على تسعة ويلغي التبعيض قال في ضيح وعلى قول اللخمي جميع الشيوخ قال وكان شيخنا يوجه قول ابن المواز بما معناه أن من قاعدة ابن المواز أن لا يبتدئ كفارة من نوع الأولى قبل أن تكمل الأولى فيلزم أن يبني على ثلاثة من الإطعام وثلاثة من الكسوة اهـ.

ص: 103

عشرة وكسا عشرة وأعتق رقبة وقصد كل نوع منها عن واحدة فإنها تجزئ كما في التوضيح سواء عين كل كفارة ليمين أم لا وكذا تجزئ إن لم ينو شيئًا وإنما المضر أن يشرك بأن يجعل العتق عن الثلاثة وكذا الإطعام والكسوة فلا يجزئه شيء من ذلك قاله عج وغيره (و) لا يجزئ (مكرر) من طعام أو كسوة (لمسكين) كخمسة يطعمهم كل واحد مدين أو يكسوهم كلا ثوبين قاله الأئمة الثلاثة لوجوب لعدد لتصريح الآية به ولتوقع ولي فيهم تستجاب دعوته وخالف أبو حنيفة وأجاز إعطاءها لواحد من العشرة قائلًا لأن المقصود سد الخلة لا محلها وانظر لو أعطى كل واحد من العشرة بتمامهم مدين معتقدًا أنه الكفارة (وناقص كعشرين) مسكينًا (لكل نصف إلا أن يكمل) في المسائل الثلاث قبله لكن رجوعه لأولها ظاهر في غير العتق لا فيه كعتق نصف رقبة ثم عتق نصفها الثاني بعد مدة فلا يجزئ كما هو مقتضى التشبيه بالظهار ومعنى تكميل الناقص أي لعشرة وانظر لو كمل للعشرين جميعهم على كفارة واحدة معتقدًا أنه الكفارة (وهل) محل إجزاء التكميل في الناقص (إن بقي) ما بأيديهم (تأويلان وله نزعه) راجع للجميع (إن) بقي بيد المسكين لم يتلفه كما يشعر بذلك لفظ نزع وكان وقت الدفع له (بين) أنه كفارة يمين والقول للآخذ إنه لم يبين له لأن الأصل عدم البيان كذا ينبغي (بالقرعة) راجع للأخيرة وهي ناقص كعشرين وللملفقة ولا يجري في مكرر لمسكين لأنه يأخذ من الجميع ورجوعها للملفقة ظاهر بالنسبة لآخذ ما بقي من نوع ما يبني عليه لا بالنسبة لنوع ما لا يبني عليه إذ الخيار له في نوع ما يبنى عليه ليكمل لا للفقراء فلا يحتاج لقرعة ثم إن دخول القرعة في الناقص محله ما لم يعلم الآخذ بعد العشرة وإلا تعيين الأخذ منه من غير قرعة قياسًا على ما بحثه ابن عرفة في كفارة الظهار إذ أعطاها لمائة وعشرين من قوله الأظهر إن علم الآخذ بعد الستين تعين رد ما بيده ولما ذكر عدم إجزاء المكرر لمسكين وخشي عمومه للكفارة الواحدة ولا كثر منها دفع ذلك الوهم بقوله (وجاز) التكرار لمسكين لمن عليه كفارتان (لثانية) أي لأجل يمين ثانية فيدفعها المساكين الكفارة الأولى (إن أخرج) الأولى اتفاقًا وكان قبل الحنث في الثانية (ولا) يخرج الأولى أو أخرجها بعد الحنث في الثانية (كره) له دفع الثانية لمساكين الأولى لئلا تختلط النية في الكفارتين قال

ــ

وفي ضيح أيضًا لو قصد التشريك في كل مسكين لم يصح له شيء اتفاقًا اهـ.

ويمكن حمل كلام ز على هذا وهو بعيد (وله نزعه إن بين).

قول ز بالنسبة لأخذ ما بقي من نوع ما يبني عليه الخ. هذا إنما يظهر في صورة التشريك المتقدمة في الكفارات الثلاث وقد تقدم أن الراجح يبني على تسعة فإن بنى على تسعة من الطعام فإنه ينزع المد العاشر من أحد العشرة بالقرعة وإن أراد أن يبني عليها من الكسوة نزع الكسوة العاشرة من أحدهم بالقرعة وأما نزعه الكسوة ليبني على الطعام أو العكس فهو موكول إلى اختياره كما ذكره ز لا يحتاج إلى قرعة (وإلا كره) قول ز قال ابن أبي

ص: 104

ابن أبي زيد فإن نوى كلا على حدتها جاز وصوبه أبو عمران ويحصل الحكم المذكور (وإن) اختلف موجبهما (كيمين وظهار) فهو مبالغة في الجواز والكراهة وقصر تت له على الثانية لأنه يتوهم فيها المنع وعدم الإجزاء (وأجزأت) كفارة أي إخراجها (قبل حنثه) في يمين بالله أو بعتق معين أو طلاق بالغ الغاية أو صدقة بمعين سواء كانت اليمين في هذه المذكورات على حنث أو بر وأما إن كانت بمشي أو بصيام أو صدقة بغير معين أو بعتق غير معين أو بطلاق قاصر عن الغاية فكذلك إن كانت الصيغة صيغة حنث غير مقيدة بأجل لا إن كانت صيغة بر أو حنث مقيدة بأجل فلا يجزئ التكفير قبل الحنث فإن قلت كيف يخرجها في صيغة الحنث قبل حنثه إذ إخراجها له فيه عزم على الضد قلت يمكن إخراجها مع التردد في عزمه على الضد ثم يجزم به بعد الإخراج قاله عج وقد يتوقف في إجزائه عنها مع التردد وأما لو عين زمن الصوم أو المشي في أيام ومضت قبل الحنث كعليّ صوم العشر الأخير من رجب أو علي المشي لمكة فيه إن كلمت زيدًا فكلمه في شعبان فلا شيء عليه وإن كلمه قبل مجيئها لزمه صومها فإن فاتته بمرض ونحوه فانظر هل لا يقضيها وهو ظاهر ما تقدم في الصوم أو يقضيها هذا وصورة الطلاق البالغ الغاية أن يقول إن دخلت الدار فامرأته طالق ثلاثًا ثم طلقها ثلاثًا أو متممها ثم عادت إليه بعد زوج شرعي قبل دخول الدار ثم دخلها وهي في عصمته فلا شيء عليه وإطلاق التكفير عليها مجاز بمعنى أنه لا تعود عليه اليمين في العصمة الجديدة بخلاف ما إذا طلقها دون الغاية ثم عادت له ولو بعد زوج فإنها تعود عليه اليمين فلا يدخل الدار فإن دخلها حنث كما سيذكره المصنف في الطلاق (ووجبت) الكفارة (به) أي بالحنث على الفور فيما يظهر وظاهر المصنف أن موجبها الحنث

ــ

زيد الخ. هذا نقله ابن عرفة وقال بعده قلت لفظ ظاهرها يأباه وقول ز لأنه يتوهم فيها المنع وعدم الجواز الخ (1). صوابه لأنه يتوهم فيها الجواز وعدم المنع لاختلاف الموجب تأمله (وأجزأت قبل حنثه) قول ز سواء كانت اليمين في هذه المذكورات الخ. صحيح غير أنه مقيد في اليمين بالله بأن لا تكون بصيغة حنث مقيدة بأجل وإلا لم تجزه الكفارة إلا بعد الأجل كما في المدونة ونصها ومن قال والله لأفعلن كذا فإن ضرب أجلًا فلا يكفر حتى يمضي الأجل اهـ.

انظر ق وقول ز فإن قلت: كيف يخرجها الخ. المراد هنا بالحنث الذي يجزئ الإخراج قبله في صيغة الحنث هو فوت المحلوف عليه وأما العزم على الضد فلا بد منه قبل الإخراج كما يفيده كلامهم قال في المدونة في كتاب النذور ومن قال لامرأته أنت طالق واحدة إن لم أتزوج عليك فأراد أن لا يتزوج عليها فليطلقها طلقة ثم يرتجعها فتزول يمينه اهـ.

وقال ابن عرفة بن حارث اتفقوا في ذات الحنث على جوازها قبله إن عزم على عدم البر اهـ.

وبذلك تعلم سقوط ما ذكره ز تبعًا لعج من السؤال والجواب (ووجبت به) قول ز

ــ

(1)

قول ابن قول ز وعدم الجواز الذي في نسخ ز بأيدينا عدم الإجزاء اهـ.

ص: 105

وظاهر قوله وأجزأت قبل حنثه إن موجبها اليمين فليحرر النقل في ذلك (إن لم يكره ببر) بأن كانت يمينه على الحنث وحنث طائعًا أو مكرهًا أو على بر وحنث طائعًا فتجب في هذه الثلاث صور التي هي منطوق المصنف ومفهومه أنه إن أكره على الحنث في صيغة البر فلا تجب عليه الكفارة لعدم حنثه فيه ولو من غير عاقل كدابة جمحت براكبها حتى أدخلته الدار المحلوف على عدم دخولها غير قادر على ردها ولا عن النزول عنها كما ذكره ابن عرفة فمفهومه صورة واحدة ومحل عدم الحنث في مسألة المصنف مقيد بستة قيود أن لا يعلم أنه يكره على الفعل وأن لا يأمر غيره بإكراهه له وأن لا يكون الإكراه شرعيًّا وأن لا تكون يمينه لأفعله طائعًا ولا مكرهًا وأن لا يفعله ثانيًا طائعًا بعد زوال الإكراه وأن لا يكون الحالف على شخص هو المكره له والأحنث ووجه التفرقة بين الحنث بالإكراه في يمين غير البر أن يمين الحنث حنثه فيها بالترك ويمين البر حنثه فيها بالفعل وأسباب الترك كثيرة فضيق فيه وأسباب الفعل قليلة ضعيفة فوسع فيه تأمل.

تنبيه: كلام المصنف في الإكراه وعدمه بالنظر لفعل نقيض المحلوف عليه وأما إذا أكره على فعل ما حلف عليه فلا يبر إلا أن ينوي فعله ولو مكرهًا فيصدق في الفتوى فقط وكذا إن حلف على فعل غيره كليقومن زيد فأكرهه الحالف على القيام لم يبر إلا أن ينوي أنه يوجد من القيام طائعًا أو مكرهًا فيصدق في الفتوى فقط أيضًا.

تنبيه آخر: قال د ومن الإكراه ببر ما قاله ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بالطلاق لا خرجت امرأته من الدار فأتاها سيل أو هدم أو أمر لإقرار لها معه أو أخرجها أهل الدار وهي بكراء قد انقضى فلا شيء عليه في خروجها واليمين عليه في الدار التي انتقلت إليها نقله بعض الشيوخ اهـ.

وقف على هذه المسائل ويؤخذ منها حكم نازلة وهي من حلف بالطلاق على زوجته لا خرجت إلا بإذني وسافر ونودي على فتح قذر وهي حامل أو مرضع فخرجت لخوفها على ما في بطنها أو رضيعها فلا حنث عليه لأنه أمر لا قرار لها معه ويحتمل الحنث لأنه كالإكراه الشرعي لوجوب حفظ نفسها ورضيعها ولما كانت اليمين عند المصنف مختصة بالحلف بالله وصفاته وما عدا ذلك التزام لا أيمان شرعية وأنهى الكلام على الشرعية وما يتعلق بها من استثناء ولغو وغموس وكفارة وغير ذلك شرع في شيء من الالتزامات فقال

ــ

وظاهر قوله وأجزأت قبل حنثه الخ. قصور لأن كونها لا تجب إلا بالحنث طوعًا متفق عليه كما في ضيح وإجزاؤها قبله إنما هو لتقدم سببها وهو اليمين كما في ضيح وق وتت كالعفو عن القصاص قبل الموت لتقدم السبب وهو الجرح وللمسألة نظائر.

وقول ز: ويحتمل الحنث لأنه كالإكراه الشرعي الخ. غير صحيح والصواب ما قدمه من عدم الحنث لأنه كالصريح من سماع ابن القاسم المتقدم وأيضًا ما قدمه عن ابن القاسم من الخروج لسيل أو هدم أو أخرجها أهل الدار كله فيه وجوب الخروج شرعًا مثل هذا

ص: 106

(و) اللازم (في) قول الشخص (على أشد ما أخذ أحد على أحد) لا دخلت الدار ودخلها (بت من يملك) عصمتها (وعتقه) أي عتق من يملك رقبته حين اليمين فيهما فلا شيء عليه في التي يتزوجها أو يملكها بعد اليمين وقبل الحنث خلافًا لقول ابن الحاجب يوم الحنث وكذا من حلف بالعتق يلزمني وليس عنده حين اليمين من يملك رقبته ثم يملك قبل الحنث فلا شيء عليه كما في المدونة ما يدل عليه قاله د وظاهره ولو كان يملك حين اليمين ثمن رقبة أو أكثر (وصدقة بثلثه) حين يمينه أيضًا إلا أن ينقص فما بقي وانظر لو شك في ربح تجارته الغائبة عنه هل حصل قبل اليمين فتتعلق بثلثه أو بعده (ومشى بحج) لا عمرة وقول الشارح يريد أو عمرة غير ظاهر (وكفارة) اليمين ومحل لزوم جميع ما ذكر لقائل هذا اللفظ ما لم يخرج الطلاق والعتق فإن أخرجهما ولو بالنية لزمه كفارة يمين قاله ابن عرفة انظر تت ويصدق في إخراجهما ولو في القضاء في الطلاق والعتق المعين ولا يخالف هذا ما يأتي في قوله إلا لمرافعة الخ. إذ فرق بين كون اليمين بطلاق أو عتق ويخصص متعلقها وبين كون اليمين تشمل الطلاق والعتق المعين ويخصص بغيره وما هنا من الثاني وظاهر كلام ابن عرفة أنه حينئذٍ لا يلزمه صدقة بثلثه ولا مشى بحج أيضًا ولعله مبني على القول بعدم لزومهما للحالف بذلك وإن لم يستثن وأشعر اقتصار المصنف على ما ذكر أنه لا يلزمه كفارة ظهاره ولا صوم سنة وهو كذلك وحكى عليه ابن عبد السلام الاتفاق انظر تت (وزيد) على ما تقدم (في) قوله (الإيمان تلزمني) أو الأيمان اللازمة أو أيمان المسلمين تلزمني إن فعلت كذا وفعله أو لأفعلن كذا ولم يفعله ولا نية له (صوم سنة إن اعتيد) أي غلب (حلف به) أي بالأيمان تلزمني مثلًا لا يصوم سنة كما قال د أي بالصوم المذكور كأهل الغرب اهـ.

وهذا شرط فيما يلزم في هذه اليمين بتمامه لا في صوم سنة كما يتوهم من المصنف من أن ما قبل هذه الزيادة ليس مقيدًا بالعرف مع أنه مقيد به فإن لم يجر عرف بحلف

ــ

(وعتقه) قال غ ظاهره إن لم يكن له رقيق لم يلزمه عتق خلاف قول الباجي: إن لم يكن له رقيق لزمه عتق رقبة لقول ابن زرقون هو غير معروف وقبل ابن عرفة قول ابن زرقون وقال في ضيح فيه نظر لما في الجواهر عن الطرطوشي أن المتأخرين أجمعوا أنه إن لم يكن له رقيق فعليه عتق رقبة واحدة اهـ.

(ومشى بحج) قول ز وقول الشارح يريد أو عمرة غير ظاهر الخ. أي لتقييد المصنف بالحج وهو نحو قول ضيح عن أبي بكر بن عبد الرحمن أنه يلزمه من كل نوع من الأيمان أوعبها قال ولذلك وجبنا عليه الحج ماشيًا دون العمرة اهـ.

قال في ضيح ونقل في البيان عمن أدرك من الشيوخ المشي في حج أو عمرة (إن اعتيد حلف به) قول ز لا بصوم سنة كما قال د الخ. فيه نظر بل ما قاله د هو الموافق ففي ق عن ابن بشير ومن اعتاد الحلف بصوم سنة فإنه يلزمه ذلك اهـ.

ص: 107

بعتق كما في بعض بلاد الغرب وريف مصر وكالحلف بمشي وصدقة بمصر لم يلزم الحالف به غير المعتاد وبنى اعتيد للمجهول ليشمل ما إذا اعتاده الحالف وأهل بلده أو هم دونه سواء اعتاد خلافهم أم لم يعتد شيئًا أو يعتاد هو الحلف به دونهم ولا عادة لهم بشيء أصلًا فيلزمه في هذه الصور الأربع ومفهوم الشرط أنه لو لم تكن به عادة له ولا لأهل بلده فلا يلزمه شيء وكل هذا إن لم تكن له نية بشيء وإلا عمل عليها ولو في القضاء لما يأتي في وخصصت نية الخ. وفي قوله وإن قصده بكاسقني الماء أو بكل كلام لزم فإذا قال أردت بهذه اليمين اليمين بالله وبالمشي ولم أرد طلاقًا ولا عتقًا قبل قوله ولو عند المرافعة ولا يخالف ما يأتي للمصنف من أنها لا تقبل عند المرافعة لأن الآتي تلفظ فيه بالطلاق فلم يقبل قوله عندها أنه لم يرد طلاقًا وما هنا لم يلفظ به وإنما لفظ بما يشمله شرعًا فقبل قوله إنه أخرجه من ذلك العام كالمحاشاة كما تقدم ذلك واعلم أن من حلف بأيمان المسلمين وهو يعلم أن منها ما اعتيد الحلف به ومنها ما لم يعتد الحلف به فإنه يلزمه إذا حنث ما اعتيد الحلف به لا غيره إلا أن ينويه (وفي لزوم) صوم (شهري ظهار) لأن ما حلف به يشبه المنكر من القول وهو رأي الباجي وعدم لزومه وهو رأي ابن زرقون وابن عات وابن راشد قائلًا إنما لزما في الظهار لأنه أتى بمنكر من القول وزور وهو هنا لم ينطق بذلك ويلزم إذن أن يعتزل الزوجة وأن لا يكفر حتى يعزم (تردد) لهؤلاء المتأخرين ولم يقل المصنف ولا نية اكتفاء بقوله وخصصت نية الحالف (وتحريم الحلال) كقوله إن فعلت كذا فالحلال علي حرام أو فالشيء الفلاني عليّ حرام (في) كل شيء أحله الله من طعام أو شراب أو لباس أو أم ولد أو عبد أو غير ذلك سواء أفرد أو جمع لأن المحلل والمحرم هو الله تعالى وقد ذم على ذلك بقوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ} [يونس: 59] الآية وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87](غير الزوجة و) في (الأمة لغو) لا يحرم به شيء عليه من أمة ولا غيرها لأن ما أباحه الله لعبده ولم يجعل له فيه تصرفًا فتحريمه لغو بخلاف ما جعل له فيه التصرف كالزوجة فلا يكون تحريمها لغوًا بل طلاقًا ثلاثا في المدخول بها كغيرها إلا أن ينوي أقل وهذا ما لم يحاشها فإن حاشاها بأن أخرجها قبل يمينه لم تحرم كما قدمه وكذا القول في الأمة لا يكون تحريمها لغوًا بل تعتق عليه إن قصد به عتقها وإلا فلا شيء عليه وكلامه يوهم حرمتها ولو لم تكن له نية وليس بمراد وهذا التقرير على عطف الأمة على الزوجة ويصح عطفها على غير وهو المضاف كما قررنا أي تحريم الأمة لغو ويقيد حينئذٍ بما إذا لم يقصد عتقها وإلا لم يكن لغوًا ولما كان الأصل إن حنث اليمين يسقطها فلا

ــ

(وفي لزوم شهري ظهار) عبارة ابن الحاجب كفارة ظهار فناقشه في التوضيح بأنهم لم يوجبوا عليه إلا صوم شهرين متتابعين (تردد) محل التردد حيث كان معتادًا وإلا لم يلزم

ص: 108

تتكرر الكفارة بتكرر ما يوجب الحنث إلا بلفظ أو نية أو عرف كما قال ابن عرفة ذكر المصنف ما تتكرر فيه الكفارة فقال (وتكررت) الكفارة (إن قصد تكرر الحنث) يمين واحد احتمل مدخولها التعدد كقوله والله لا أكلم زيدًا وينوي أنه كلما كلمه لزمه الحنث فيتكرر عليه بتكرر كلامه له وكقوله أنت طالق إن خرجت إلا بإذني فخرجت مرة بغير إذنه فطلقت عليه واحدة ثم راجعها وخرجت ثانيًا بغير إذنه يلزمه أيضًا إن كان نوى كلما خرجت بغير إذني إلى تمام العصمة المعلق فيها فإن لم ينو التكرار لم يلزمه غير الأولى قاله ابن المواز وكقوله والله لا كلمت فلانًا عشرة أيام فكلمه مرة بعد مرة فتتكرر عليه اليمين بعدد ما كرره إن نوى تكرار الحنث وإلا فواحدة قاله اللخمي عن ابن القاسم ويشمل كلام المصنف صورة أخرى وهي ما إذا كانت يمينه واحدة وليس مدخولها يحتمل التعدد لكنه قصده كقوله والله لا كلمت زيدًا وينوي أنه إذا كلمه مرة واحدة لزمه ثلاث كفارات أو أربعة فيلزمه ما نواه بكلامه مرة قاله شيخ عج وقولي في موضوع المصنف بيمين واحد محترزه قوله الآتي أو نوى كفارات فإنه كرر القسم ونوى لكل لفظ كفارة (أو كان) تكرر الحنث (العرف) أي كانت دلالة يمينه على تعدد الكفارات مستفادة من العرف لا من اللفظ ولا من النية أي أن العرف في مثله يقتضي أن لا يريد قصر الحنث على مرة (كعدم ترك الوتر) أي حلف لا يتركه حين عوتب على تركه فيلزمه الكفارة كلما تركه (أو نوى كفارات) بعدد ما كرر من اليمين بالله أو بغيره (أو قال) والله (لا) باع سلعته من فلان فقال له آخر وأنا فقال مكررًا القسم والله (ولا) أنت فباعها منهما أو من أحدهما فردت عليه فباعها من الآخر لزمه كفارتان قاله ابن المواز عن مالك وابن القاسم فلو قال والله لا يبيعها من فلان ولا فلان فكفارة واحدة إن باعها منهما والفرق أن السؤال لما وقع وسطًا وتعدد المحلوف به كانا يمينين بخلاف الثانية وكلام المؤلف يوهم شمولها وكذا إن سأله الثاني ولم يوسط يمينًا فكفارة واحدة فيحنث بواحد من المحلوف عليهم سواء كان هو

ــ

بالأولى مما قبله والله أعلم. (إن قصد تكرر الحنث) قول ز ويشمل كلام المصنف صورة أخرى الخ. هذه لا يصح إدخالها في كلام المؤلف لأن موضوعه قصد تكرار الحنث وهذه ليس فيها تكرر الحنث على أن تعدد الكفارة في هذه غير ظاهر لأنه رتب عليها ما لم يرتبه الله وذلك لا يلزم بمجرد النية.

(أو قال لا ولا) قول ز والفرق أن السؤال لما وقع وسطا الخ. قال طفى لا عبرة بتوسط السؤال وإنما المدار على تكرر القسم واختلاف المقسم عليه وما ذكره ابن المواز فرض مسألة ففيها من قال والله لا أكلم فلانًا ولا أدخل دار فلان ولا أضرب فلانًا ففعل ذلك كله أو بعضه فإنما عليه كفارة واحدة وكأنه قال والله لا أقرب شيئًا من هذه الأشياء ولو قال والله لا أكلم فلانًا والله لا أدخل دار فلان والله لا أضرب فلانًا فعليه ههنا لكل صنف فعله كفارة لأن هذه ثلاثة إيمان بالله على أشياء مختلفة اهـ.

ص: 109

الذي يلي ليمين الأولى أو من بعدها ولا فرق بين أن يقع في جواب أم لا وما ذكره ابن يونس من وقوعه في الجواب فرض مسألة انظر د (أو حلف أن لا يحنث) بعد حلفه لا فعل كذا فقيل له أخاف أن تحنث فحلف لا يحنث وحنث لزمه كفارتان واحدة في حنثه لأفعل كذا وواحدة في حلفه أن لا تحنث (أو) حلف على شيء واحد (بالقرآن والمصحف والكتاب) فعليه ثلاث كفارات إلا لنية تأكيد ثم هذا ضعيف والراجح أن عليه كفارة واحدة لأن مدلول الثلاثة واحد كما أن مدلول جميع أسماء الله واحد فإن جمعها فعليه كفارة واحدة وسواء قصد التأكيد فيما هنا أو التأسيس على المذهب حيث لم يقصد تكرر الحنث ولم ينو كفارات ثم الأحسن أن يكون المصنف معمولًا لفعل مقدر دل عليه الحلف المذكور أي أو حلف بالقرآن الخ. وهو معطوف على فعل الشرط أعني قصد وأما عطفه على أن لا يحنث ففيه شيء لعدم تناسب المتعاطفين فإن المعطوف عليه محلوف عليه والمعطوف محلوف به وكذا عطفه على مقدر بعد حلف وهو المحلوف به ففيه نظر لاقتضائه كون الحلف بالقرآن وما بعده فيما إذا حلف أن لا يحنث مع أنه غير مقصور على ذلك (أو دل) على التكرار (لفظه) أي الحالف حالة كونه ملتبسًا (بجمع) كقوله: إن فعلت كذا فعلي ثلاث أيمان فتلزمه ثلاث إن حنث ولا يعتبر قوله إنه نوى بذلك واحدة لأن أسماء العدد نص في معناها فلا تقبل التخصيص كما يأتي وانظر لو نوى يمينين فيما إذا قال علي أيمان هل تعتبر نيته بناء على أن أقل الجمع اثنان أم لا بناء على أن أقله ثلاثة ولوقوع الحنث بأدنى سبب وهو ظاهر تمثيل د بأيمان (أو) دل لفظه على التكرار بالوضع كتعليقه (بكلما أو مهما) فعلت كذا فعلي كفارة أو يمين فعليه بكل فعلة كفارة واحدة بخلاف المسألة السابقة فعليه بالفعلة الواحدة كفارات كما مر (لا) أن أو إذا أو (متى ما) فلا تكرر الكفارة فيها بتكرر الفعل بل تنحل اليمين بالفعل الأول ما لم ينو بها معنى كلما فيتكرر عليه اليمين وسواء أتى بما كما في المدونة والمصنف أولًا كما قال ابن رشد واستشكل ما ذكر فيها بأن نية التكرار توجبه بكل لفظ كان وإذا وأبدا فلا وجه لتخصيصه بمتى ما ولذا لم يعتبر ابن رشد اقترانها بما وأجيب بأن قصد معنى كلما غير قصد التكرار فقصد التكرار يوجبه في لفظ متى ما وغيره وأما نية معنى كلما فإنما يقتضي التكرار إذا قصده بلفظ متى ما لقربها من معنى كلما وإن لم يستحضر نية التكرار لا إن قصده بغيرها لبعدها في التكرار من معنى كلما أشار له ابن عرفة (و) لا أن قال (والله) لا أفعل كذا (ثم) قال ولو بمجلس آخر (والله) لا أفعله ففعله مرات فليس عليه إلا كفارة واحدة بالفعل الأول ولا شيء عليه فيما بعده (وإن) لم يقصد التأكيد بل (قصده) أي التكرير ليمين ثانية وإنشائها دون نية تعدد الكفارة لأن قصد إنشائه لا يستلزم قصد تعدد الكفارة إذ قد يقصد

ــ

ونقله ق وقال كان ينبغي أن يقول أو قال لا والله ولا وأما لا ولا فليس فيه إلا كفارة واحدة اهـ.

ص: 110

به تأكيد الأولى فقصده لا يستلزم قصد التعدد بخلاف قصد التعدد فيستلزم قصده الإنشاء فما ذكره المصنف هنا محترز قوله قبل أو نوى كفارات ومثل اليمين بالله الظهار بخلاف الطلاق إذا كرره ثلاثًا فإنه محمل على التأسيس حتى ينوي التأكيد أبو الحسن والفرق أن المحلوف به في الله والظهار أولًا هو المحلوف به آخرًا وفي الطلاق وإن كان اللفظ واحدًا فمعناه متعدد لأن الطلاق الأول يضيق العصمة والثاني يزيدها ضيقًا والثالث يبينها اهـ.

انظر د (أو) حلف بـ (القرآن والتوراة والإنجيل) لا فعلت كذا وفعله فكفارة واحدة عند سحنون ابن رشد وهو جار على المشهور لأن ذلك كله كلام الله وهو صفة من صفات ذاته فكأنه حلف بصفة أي وبه يعلم ضعف ما سبق ولا يتكرر (و) لا إن كان متعلق اليمين الثانية جزء الأولى كما لو حلف بالله (لا كلمه غد أو بعده ثم) حلف ثانيًا لا كلمه (غدًا) ثم كلمه غدًا فكفارة واحدة سواء كلمه في اليومين معًا أو الأول دون الثاني أو عكسه ولا شيء عليه في فعل الآخر أو بعد حيث لم يقصد تعدد الكفارة وأما عكس كلام المصنف وهو حلفه لا كلمه غدًا ثم حلف لا كلمه غدًا ولا بعد غد فإن كلمه غدًا فكفارتان ثم إن كلمه بعد غد فلا شيء عليه ولو كلمه ابتداء بعد غد فقط فكفارة واحدة نقله تت عن ابن عرفة ولزوم الكفارتين في غد في هذه لوقوعة ثانيًا مع الغير فكأنه غير الأول ومسألة المصنف وقع الغد ثانيًا وحده فكان كالتأكيد للأول (وخصصت) أي قصرت (نية الحالف) العام على بعض أفراده والعام لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر قاله ابن السبكي أي يتناول جميع ما يصلح له دفعة وبهذا يخرج المطلق وخرج بقوله من غير حصر أسماء العدد فإنها نص في معناها فلا تقبل التخصيص فيمتنع وضعًا استعمالها في غير معناها وأسماء الله تعالى يمتنع شرعًا أن تستعمل في غير معناها فإذا حلف أن له عنده عشرة وقال أردت تسعة أو أحد عشر مثلًا لم تقبل نيته وهذا غير قولهم في الإقرار له عندي عشرة إلا تسعة وغير ما تقدم في طالق ثلاثًا إلا واحدة بالشروط السابقة للمصنف لأن ذاك في النطق بإلا مع المستثنى وما هنا في مجرد نية إرادة تسعة بلفظ عشرة كما لا يلتبس على ذي لب لا كما زعم زاعم وإذا حلف بالله وقال أردت بزيد من باب إطلاق الفاعل على أثره كما في ح لم تقبل نيته فيحنث لأنه لا يتأتى فيهما تخصيص ومعنى

ــ

(وخصصت نية الحالف) قول ز لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر الخ. قد تعقب ابن أبي شريف هذا التعريف بأن القيد الأخير وهو من غير حصر مستغنى عنه لخروج أسماء العدد بما قبله إذا فسرت صلاحية اللفظ بأن يدل على ما يندرج في معناه دلالة كلي على جزئيات معناه وهو المعروف في تفسيرها دون دلالة موضوع لكل على إجزاء معناه وأما أسماء الله تعالى فإنها خارجة بيستغرق لأنها لا استغراق فيها وقول ز فلا تقبل التخصيص الخ. أشار به وبما بعده إلى ما في ح عن القرافي ونصه باختصار اعلم أن الألفاظ نصوص وظواهر فالنصوص لا تقبل المجاز ولا التخصيص والظواهر هي التي تقبلها والنصوص

ص: 111

تخصيص النية للفظ العام قصره على بعض أفراده كما مر زمانًا أو مكانًا أو صفة كلا كلم زيد أو يريد في الليل أو في المسجد أو لا كلم رجلًا ويريد جاهلًا (وقيدت) أي حملت النية اللفظ المطلق على فرد خاص والمطلق هنا يشمل أربعة أشياء الأول معناه الحقيقي كما لابن السبكي أي اسم الجنس وهو ما دل على الماهية بلا قيد أي بلا قيد وجودها في فرد مبهم الثاني النكرة وهو ما دل على الماهية بقيد أي بقيد وجودها في فرد مبهم فاللفظ في المطلق والنكرة واحد والفرق بينهما بالاعتبار فإن اعتبر فيه دلالته على الماهية بلا قيد سمي مطلقًا واسم جنس وإن اعتبر مع قيد الوحدة الشائعة سمي نكرة وعند القرافي وابن الحاجب والآمدي المطلق والنكرة واحد قال ابن السبكي وعلى الفرق بينهما أسلوب المناطقة والأصوليين والفقهاء حيث اختلفوا فيمن قال لامرأته إن كان حملك ذكرًا فأنت طالق فكان ذكرين قيل لا تطلق نظرًا للتنكير المشعر بالوحدة وقيل تطلق حملًا على الجنس انظر د ومذهبنا في هذا لزوم الطلاق مطلقًا لأنه علقه على مستقبل محقق قاله عج أي فالأولى التمثيل بأن ولدت ذكرًا فعلى يمين فولدت ذكرين فعليه كفارة نظرًا للجنس ولا تكفير عليه نظرًا للتنكير المشعر بالوحدة الثالث المشترك اللفظي كعائشة طالق وله زوجتان كل يسمى عائشة الرابع المشترك المعنوي كحلفه لينظر لعين ويريد أحد معانيها كالباصرة دون عين الماء وعين الشمس وعين الركبة بالباء الموحدة كما في خط تت وفي القاموس نقرة الركبة وزاد أيضًا مفجر ماء الركية أي البئر والميزان كما في تت وغيرها من باقي معانيها وليس قوله حكمة طالق وله زوجة وأمة كل يسمى حكمة وينوي عتق الأمة كقوله عائشة طالق وله زوجتان كل تسمى عائشة إذ في مسألة الأمة تقبل نيته في الفتيا لأنها من المخالفة القريبة ولا تقبل في القضاء خلافًا للشارح لأن الطلاق ليس صريحًا في

ــ

قسمان الأول أسماء الأعداد كالعشرة مثلًا فلا يجوز أن تطلقها وتريد بها التسعة ولا غيرها من الأعداد فهذا هو المجاز وأما التخصيص فلا يجوز أن تقول رأيت عشرة ثم تبين أنك أردت خمسة مثلًا القسم الثاني من النصوص الألفاظ التي هي مختصة بالله تعالى نحو لفظ الجلالة ولفظ الرحمن فإنه لا يجوز استعمالها في غير الله إجماعًا اهـ.

ثم ذكر أن التخصيص مجاز أيضًا لكن المجاز أعم لأنه قد لا يبقى معه من المسمى شيء كما تقول رأيت إخوتك وتريد مساكنهم انظر ح فقول ز فلا تقبل التخصيص يعني بالنية وأما باللفظ كالاستثناء فتقبله كما بينه بعد والله أعلم. (وقيدت) قول ز لأنه علقه على مستقبل محقق الخ. غير صواب إذ كون الحصل ذكرًا ليس محققًا ولا مستقبلًا وصوابه لو قال في التعليل لأنه من باب قوله الآتي أو بما لا يعلم حالًا والله أعلم وقول ز الرابع المشترك المعنوي الخ. فيه نظر بل هذا مشترك لفظي أيضًا في اصطلاحهم كالذي قبله.

وقول ز وليس قوله حكمة طالق الخ. هذه المسألة مثل بها الشارح للنية المساوية وتعقبه تت بأنها من النية المخالفة لظاهر اللفظ فلا تقبل في القضاء في الطلاق والعتق فكان

ص: 112

العتق وفي مسألة عائشة طالق تقبل مطلقًا (إن نافت) راجع لخصصت من المنافاة أي خالفت نيته ظاهر لفظه واصلة نافيت تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا ثم حذفت لالتقاء الساكنين قاله ح أي شرط المخصص أن يكون منافيًا للعام فمن حلف لا يأكل سمنًا ونوى سمن الضأن فإن نيته ليست مخصصة لأن نية سمن الضأن ليست منافية للعام فلا تنفعه خلافًا لابن يونس وإن نوى إخراج غير سمن الضأن ليأكل ذلك الغير كانت مخالفة للعام فتنفعه وعلى هذا القرافي والمقري وابن راشد وغيرهم وهل بيمين أم لا تردد والأقرب عندي توجيهها احتياطًا لحق الله قاله المصنف فإن قلت الحالف في الحالتين قصده عدم أكل سمن الضأن فلم افترق معنى نية سمن الضأن فلم تنفعه ومعنى نية إخراج غير سمن الضأن فتنفعه قلت أشار للفرق بينهما العز بن عبد السلام بما إيضاحه أن الحالف لا يأكل سمنًا قد يستحضر عند النطق بهذا العام غير سمن الضأن فيخرجه في نيته ليأكله فتنفعه نيته وتقبل ومنعه وهي المحاشاة وقد يستحضر سمن الضأن وغيره ثم يقول نويت سمن الضأن فقط فلا تنفعه نيته لأن سمن الضأن ليس منافيًا لعموم السمن بل فرد منه وسننزل ما يأتي للمصنف على ذلك.

ــ

على ز أن يؤخرها إلى محلها (إن نافت) قول ز راجع لخصصت من المنافاة الخ. ما حمل عليه كلام المصنف تبعًا لح من التفصيل في النية أصله للقرافي ومن تبعه قصدوا قياس التخصيص بالنية على التخصيص باللفظ إذ قد ذكر الأصوليون أنه لا يخصص كلام كلامًا آخر إلا إذا كان منافيًا له كقول الله سبحانه وتعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ} [الطلاق: 4] الآية. مع قول الله عز وجل: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فإن كان غير مناف له كقول النبي صلى الله عليه وسلم أيما إهاب دبغ فقد طهر مع قوله صلى الله عليه وسلم وقد مر بشاة ميتة هلا أخذتم اهـ.

بها فدبغتموه فانتفعتم به فالأصح كما ذكر السبكي أنه لا يخصصه أي: فلا يقصره على جلد مأكول اللحم في الحديث ولذا يقولون ذكر الخاص بعد العام بحكمه لا يخصصه فبنى القرافي على ذلك الفرق الذي ذكره في النية وجعلها بمنزلة اللفظ في تفصيله زاعمًا أن أكثر مفتي عصره جهلوه وهو أن من قال لا آكل بيضًا ونوى بيض الدجاج فإن نوى إخراج غيره لم يحنث إلا ببيض الدجاج وإن لم ينفه ولم يثبته حنث بالجميع وقالوا هم لا يحنث إلا ببيض الدجاج مطلقًا وهذه طريقة المتقدمين قبل القرافي كابن المواز وابن يونس والقاضي وغيرهم قال في التلقين فإن قصد معنى عامًّا وعبر عنه بلفظ خاص أو معنى خاصًّا وعبر عنه بلفظ عام حكم بنيته اهـ.

نقله غ وغيره وهذه الطريقة هي الحق وقد رد شيخنا أبو العباس بن مبارك رحمه الله ما قاله القرافي بأن قياس النية المؤكدة على ذكر الخاص بعد العام بحكمه لا يصح لظهور الفارق وهو أن المخصص في المقيس عليه لفظي لم يقارن مخصصه في الزمان لتأخيره عنه لبطلان النطق بهما دفعة والفرض أنه لم يتقدم فبقي ذلك العام على عمومه بخلاف المقيس في مسألتنا فإن المخصص فيه هو النية ومقارنتها ممكنة بل واجبة إذ لو تأخرت ما أفادت وإذا كانت مقارنة أو متقدمة لم يتأت معها إبقاء العام على عمومه حتى يخصص بها بل لم يرد به إلا المنوي فهو عام أريد به الخصوص

ص: 113

تنبيه: مما ينخرط في حكم النية المخالفة ما إذا كان للفظ معنيان أو أكثر لغة واشتهر في بعضها دون باقيها ونوى غير ما اشتهر فيه كمن حلف لزوجته لا يطأ أمته ونوى برجله فإن نيته تقبل في الفتيا مطلقًا وفي القضاء إلا إن كانت بطلاق أو عتق معين لاشتهاره عرفًا في الجماع ومرجوحية معناه الثاني وهو الضرب أو المشي بالرجل وحاصل ما أشار له المصنف أن النية المخالفة للفظ قسمان بعيدة عن العرف ولا تقبل مطلقًا كما سيقول لا إرادة ميتة الخ. وقريبة إما موافقة للعرف فتقبل في الفتيا والقضاء وفي الطلاق وغيره ككونها معه في لا يتزوج حياتها وإما مخالفة له مخالفة قريبة فتقبل في الفتوى مطلقًا وفي القضاء إلا في الطلاق والعتق المعين كما سيقول كسمن ضأن إلى قوله إلا

ــ

وهو المحاشاة وإذا كان كذلك بطل قوله: إن النية هنا مؤكدة في بعض أفراد العام، فلا تنفي الحكم عن غيره ووجه بطلانه أن العام هنا لم يرد منه إلا ما نوى اهـ.

وردوا على القرافي أيضًا بأن النية هي أول معتبر في الأيمان ثم السبب والبساط وإذا اقتضى السبب أو البساط تقييد اللفظ أو تخصيصه لكونهما يدلان على قصد التخصيص أو التقييد فلأن يعتبر التخصيص والتقييد المنويان من باب أولى وقال الشيخ أبو زيد الفاسي: والصحيح في النظر أن النية تكون مخصصة وإن لم تكن منافية من جهة أن القواعد الشرعية تقتضي أنه لا تترتب الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات إلا على النيات والقصود وما ليس بمنوي ولا مقصود فغير معتد به ولا مؤاخذة بسببه وهذا أمر لا يكاد يجهله أحد من أهل الشرع قال ابن الشاط رحمه الله ولم يحمل شهاب الدين فيما قاله على ذلك إلا توهمه أن حكم النيات كحكم الألفاظ الدالة على المدلولات والأمر ليس كما توهم والله أعلم اهـ.

وقال البقوري السبتي في اختصار الفروق ويرد على القرافي أن قول القائل والله لا لبست ثوبًا ونوى الكتان وغفل عن غيره هو بمنزلة ما لو صرح بذلك فقال والله لا لبست ثوبًا كتانًا وهو غافل عن غير الكتان فإنه لا يحنث بغير الكتان إجماعًا فكذلك ما نحن فيه اهـ.

وقال ابن مرزوق قد رد على القرافي جماعة ممن ألف عليه وغيرهم منهم العلامة المحقق أبو موسى بن الأمان بما يطول جلبه وتأمل كثرة ما وقع من مسائل المذهب أنه لا يحنث بغير ما نوى ولا يقيدون بأن شرط ذلك أن يتعرض عند نية ما نوى من الأفراد إلى إخراج غيره فلو كان ما ذكره صحيحًا لنبهوا عليه وقد يقال نية الحالف بعض الأفراد عند اليمين تستلزم إخراج غيره كمن حلف لا دخلت دار فلان ونوى شهرًا ولا أكلت سمنًا ونوى سمن بقر اهـ.

مختصرًا فتبين بما تقدم ضعف طريقة القرافي وأنه لا ينبغي حمل كلام المصنف عليها كما فعله ح وتبعه ز سيما ولم يذكرهما في التوضيح ولا أشار إليها فحمل كلامه عليها هنا تعسف وإنما ينبغي أن يحمل على الطريقة الأخرى ويكون معنى نافت خالفت ويكون إشارة لقول ابن عبد السلام تخصيص العام يلزم منه مخالفة الظاهر لأن الدليل اللفظي يقتضي ثبوت الحكم لصورة أو صور والنية المخصصة تنفي ذلك الحكم عن تلك الصورة اهـ.

فالقيد ليس للاحتراز بل كاشف لصورة التخصيص إذ من ضرورياتها ذلك فالشرط ليس

ص: 114

لمرافعة (وساوت). راجع لقوله وقيدت أي من شرط النية المقيدة للمطلق أن تكون مساوية بأن يكون لفظ الحالف يحتمل ما نواه وغيره على السواء فتقبل نيته مطلقًا في تقييد المطلق كأحد عبيدي حر ويريد ناصحًا مثلًا وفي تعيين أحد محامل المشترك اللفظي كعائشة طالق وله زوجتان كل اسمها كذلك وقال أردت بنت فلان وفي تعيين أحد معاني المشترك المعنوى كلأنظرن عينًا ويريد الذهب فقط كما تقدم وتقدم أن أسماء الله وأسماء العدد لا تقبل التخصيص ولا التقييد لأنها نص في مدلولها قال عج ومثلها أيضًا المجاز والفرق أي كما قال القرافي بين التخصيص والمجاز أنه لا بد أن يبقى في التخصيص بعض المسمى والمجاز أعم منه مطلقًا فإذا قلت والله رأيت إخوتك ثم تقول أردت نصفهم كان تخصيصًا ومجازًا وإذا قلت أردت مساكنهم كان مجازًا لا تخصيصًا فاقتصار المصنف على النية المخصصة والمقيدة مخرج لما عداهما وهي التي لا تتعلق ببعض المسمى بل بغيره وهو المجاز المخصص فلا تعتبر وربما يفهم ذلك من عدم قبول النية المخالفة البعيدة كإرادة الميتة والمطلقة بل بالأولى قاله الشيخ سالم وقوله لا تعتبر نيته في المجاز قد يعارض قول الفروق على ما في تت وقد تصرف النية عن الحقيقة للمجاز كوالله لأضربن أسد أو يريد رجلًا شجاعًا فلا يبر إلا بضرب رجل شجاع ولو ضرب الأسد الحقيقي ما بر وكذا بقية أنواع المجاز من استعمال لفظ الكل في الجزء والسبب في المسبب والملزوم في اللازم وعكس كل إلى غير ذلك من أنواعها اهـ.

باختصار وقد يجاب بحمل الشيخ سالم على ما إذا كانت القرينة غير ظاهرة على

ــ

في محله وهذا المحمل هو الذي ارتضاه الشيخ أبو زيد والشيخ أحمد بابا وطفى وغيرهم قال طفى: وهذا أمثل ما يحمل عليه كلام المصنف وإن قال غ فيه قبح استعمال المنافاة وهي المضادة في مثل هذا المعنى لقول ح لا قبح فيه لوقوعه في عبارة القرافي وابن رشد وغيرهما اهـ.

قلت: وفي اعتراض ح على غ نظر لأن القرافي استعمل المنافاة في المضادة في الحكم والمصنف لا يشترط إلا المخالفة الصادقة بما بين العام والخاص مع فقد المنافاة بينهما لكن هذا على سبيل المجاراة وإلا فالتحقيق أن المنافاة وإن كانت قيدًا كاشفًا فهي بمعنى المضادة لأن النية حيث كانت مفيدة للتخصيص يلزم منها نفي الحكم عما عدا المنوي وهذا مضاد لحكم العام فيسقط اعتراض ع وما انبنى عليه والله أعلم ولا يصح كون نافت من ناف ينيف بمعنى زاد لأن النية التي تنيف أي: تزيد على مقتضى العام لا تخصص نعم هي معتبرة كما يتلقى من الفروع الآتية إلا أن تقدر كاف قبل أن أي: كان نافت انظر غ وقول ز تنبيه مما ينخرط في حكم النية المخالفة الخ. كان الصواب لو أخر ذكر هذا التنبيه إلى قوله كأن خالفت ظاهر لفظه لأن ذلك محله تأمله وقول ز وفي القضاء إلا إن كانت بطلاق أو عتق الخ. لا تخفى ركاكة هذه العبارة إذ لا يقع القضاء إلا في الطلاق والعتق والصواب لو قال تقبل في الفتيا لا في القضاء لاشتهاره الخ. (وساوت) قول ز راجع لقوله وقيدت الخ. هذا ظاهر ضيح وعليه جرى الشراح والتحقيق كما ذكره اللقاني ود وأصله في غ وح أن المساواة

ص: 115

إرادة المجاز وحمل القرافي على ما إذا قويت القرينة الدالة على المجاز أو كانت ظاهرة كما مثل فإن المتبادر من حلفه على ضربه الأسد المعنى المجازي لا الحقيقي (في) اليمين بـ (الله وغيرها) متعلق بخصصت وقيدت (كطلاق) وعتق مثال للغير ومثله بقوله (ككونها معه في) حلفه (لا يتزوج حياتها) وإن فعلت فالتي تزوجها طالق فإذا طلقها بائنًا وتزوج فتقبل نيته في الفتيا والقضاء مع بينة ومرافعة وأما زوجة الغير إذا حلف لا تزوج حياتها ونوى عند الحلف ما دامت في عصمة زوجها فطلقها بائنًا زوجها فتزوج الحالف فلا تقبل نيته المذكورة حيث كانت يمينه بطلاق مع قيام البينة عليه إلا أن يخاف على نفسه العنت قاله ح أي وتعذر عليه التسري كما يفيده ما يأتي للمصنف من قوله أو خشي في المؤجل العنت وتعذر التسري ويحلف على ما نوى كما لابن رشد وابن عبد السلام وتقبل نيته حيث كانت يمينه بغير طلاق وعتق وذكر قوله (كأن خالفت ظاهر لفظه) مع كون ما قبله من المخالفة أيضًا ليفيد أن الاستثناء الآتي راجع لما بعد هذه الكاف لا لقوله ككونها معه الخ لأنه تقبل فيه نيته مطلقًا كما مر لأنها مخالفة قريبة يوافقها العرف بخلاف ما بعد الكاف هذه فإنها مخالفة لظاهر لفظه وموافقة للاحتمال المرجوح القريب من المساوي فتقبل نيته إلا في القضاء في الطلاق والعتق المعين ومثله بقوله (كسمن ضأن في لا آكل سمنًا) أي كنية إخراج غير سمن ضأن على ما للقرافي وجمع من المحققين كما مر وليس معناه كنية سمن ضأن كما يفيده تت على ما لابن يونس قال عج وأعلم أنه إذا حمل المصنف على ما لابن يونس فالمراد بنافت خالفت ولو بالعموم والخصوص لكن يكون هذا الشرط أغنى نافت في غير محله لأنه بعد فرض أن النية مخصصة يصير التخالف بالعموم والخصوص ضروريًّا فيكون على هذا قوله: إن نافت ليس في محله أي وليس كذلك اهـ.

ــ

بهذا المعنى معتبرة في تخصيص العام وتقييد المطلق معًا ويدل عليه قوله بعد كأن خالفت ظاهر لفظه الخ. والمراد لتوافق بين المنوي وظاهر اللفظ إما برجحان كل منهما باعتباري اللغة والعرف وهو المشار إليه بقوله ككونها معه كما يأتي وأما في الاحتمالين على حد سواء كما في تقييد المطلق وتبيين المشترك وقول ز وهو المجاز المخصص الخ. صوابه غير المخصص كما يدل عليه كلامه (ككونها معه في لا يتزوج حياتها) قول ز ومثله بقوله ككونها معه الخ. يعني أنه مثال للنية المخصصة المساوية لظاهر اللفظ واعلم أن النية المخصصة لا تكون إلا مخالفة لظاهر اللفظ العام لكن إن عضدها عرفت كانت المسألة من المجمل الذي استوى محملاه مثلًا لأنها حينئذٍ دائرة بين المجاز الراجح والحقيقة المرجوحة بسبب العرف والمختار فيه أنه مجمل كما قال في جمع الجوامع ونصه وفي تعارض المجاز الراجح والحقيقة المرجوحة ثالثها المختار مجمل اهـ.

أي: لرجحان كل واحد منهما من وجه فتقبل نية التخصيص في القضاء في الطلاق والعتق ولعل هذا هو المسوغ للمصنف جعلها فيه من الموافقة على ما يدل عليه تشبيه المخالفة بها وإلى هذا القسم أشار بقوله ككونها معه الخ. (كسمن ضأن الخ) جعل هذا

ص: 116

وبقوله (أو لأكلمه) وقال نويت شهرًا مثلًا أو حتى يقدم فلان فيمينه تدل على التأبيد وادعى ما يقطعه فيصدق في الفتيا دون القضاء وهو فعل ماض كما هو رسمه بدون همزة وهو الأنسب بقوله ممثلًا أيضًا (وكتوكيله في) حلفه بالله (لا يبيعه) ولا يشتريه (ولا يضربه) وأمر غيره ببيعه أو شرائه أو ضربه وكذا ليضربنه ووكل في ضربه وقال نويت بنفسي فتقبل نيته في ذلك في الفتيا مطلقًا وفي القضاء إلا بطلاق وعتق معين كما أشار له بقوله (إلا لمرافعة) أي رفع لأن الرفع من جانب غيره لا إن ذهب لقاض من غير رفع وذكر ذلك له فيكون من قبيل الفتوى فقط كما في التوضيح وق (وبينة) الواو بمعنى مع إن قلت: هي إنما تجلب على المنكر وهو إذا أنكر الحلف وجلبت عليه لم تقبل نيته تخصيص العام أو تقييد المطلق ولو كانت يمينه لغير طلاق وعتق معين أو كانت موافقة قلت: وكذا أو ليفعلن هو لم ينكر الحلف بل أنكر أن يكون حنث لاعتقاده أن نيته تنفعه بأن يدعي عليه أنه حنث في حلفه بالطلاق أو العتق المعين فينكر الحنث فيقيم المدعي بينة أنه حلف بالطلاق أو العتق المعين أنه لا يفعل كذا أو ليفعلن كذا في وقت معين وفعل ضد ما حلف عليه فادعى نية تنفعه إن لو كانت يمينه بغير طلاق وعتق معين (أو إقرار) فلا تقبل نيته المخالفة لظاهر لفظه (في طلاق وعتق) معين فقط ومنه قوله عبدي الخ. وليس عنده غيره ويأتي هذا في قوله ووجب بالنذر ولم يقص إلا بيت معين والنذر واليمين سواء وأما غير المعين فتقبل نيته في تعيينه حيث كان عنده متعدد وبما قررنا علم أنه كما يحنث في القضاء في الطلاق والعتق يبر بفعل المحلوف عليه ودخل بالكاف ما لو حلف بالله لأعتقن عبيدي وقال أردت بعضهم على سبيل التخصيص أو أردت بعبيدي دوابي أو أردت بالعتق البيع والعلاقة بين العبيد والدواب الملك وبين العتق والبيع بطلان الملك وكذا لو حلف بالله لأعتقن من عبيدي ثلاثة وقال: نويت بيع ثلاث دواب من دوابي أو قال لزوجته: أنت طالق ثلاثًا، وقال: أردت أنها طلقت ثلاث مرات في الولادة أو قال نسائي طوالق وله أربع وقال لم أرد الرابعة فينوي في جميع ذلك مستفتيًا لا في مرافعة وبينة أو إقرار ولو قال جميع نسائي طوالق لم ينو مستفتيًا إلا أن يقول استثنيت أو حاشيت فينفعه مستفتيًا فقط ومثله لو قال: هي طالق البتة إن راجعتها ثم أراد نكاحها بعد العدة وقال: نويت ما

ــ

المثال مما خالفت فيه النية ظاهر اللفظ يصح حيث يكون سمن البقر مثلًا أغلب وعند العكس فالعكس وقول ز ليس معناه الخ. فيه نظر وقد علمت بما تقدم أن ما لابن يونس والجمهور هو الراجح ويوافقه ظاهر قوله ككونها معه وكسمن ضأن وقد قرر ح كلام المصنف أولًا بكلام القرافي ثم رجع هنا إلى طريقة الجمهور وقول ز أي: وليس كذلك اهـ.

تقدم أن الصواب كونه كذلك وأن إن نافت قيد كاشف (وبينة) قول ز ولو كانت يمينه بغير طلاق وعتق الخ فيه نظر إذ غيرهما من الأيمان لا يحكم به ولا تقع فيه مرافعة كما في ح عن البيان وكما في ابن الحاجب إذ ذكر أن ما يقضي فيه هو الطلاق والعتق دون ما سواهما وإذا

ص: 117

دامت في العدة صدق مستفتيًا، ومثله لو قال: حليمة طالق وله زوجة وجارية يسميان بذلك وقال نويت جاريتي صدق مستفتيًا وأكثر هذا في المدونة قاله في توضيحه (أو استحلف مطلقًا) بالله أو بغيره (في وثيقة حق) أي توثق حق ولو بغير صحيفة وهذا عطف على معنى لمرافعة أي إلا أن روفع أو استحلف فلا تقبل نيته مطلقًا بل نية المحلف فلا قلق فيه كما ادعى البساطي قائلًا ما معناه ليست هذه من أنواع نية الحالف لأن اليمين فيها على نية المحلف انتهى. وظاهره ولو عند غير حاكم ولو حذف السين والتاء ولفظ وثيقة وقال أو حلف مطلقًا في حق لوافق الراجح من أنه لا فرق بين طلب حلفه أو طلب سبب حلفه وهو الحق الذي عنده فيحلف أنه ليس عنده حق ومن أنه لا فرق بين كونه بوثيقة أم لا وتقدم الجواب عن هذه بأنه أراد توثق وإن لم يكن بصحيفة ومن أمثلة المسألة من ادعى عليه بوديعة وأنكرها وحلف ليس عنده وديعة ونوى حاضرة وربها نوى الإطلاق وكحلفه لرب الحق بالحلال عليه حرام وحاشا الزوجة المدخول بها ولم يحاشها رب الحق أو بالطلاق ويريد واحدة ويريد رب الحق البتات أو عقد النكاح على أن لا يتسرى عليها ثم تسرى حبشية وقال نويت من غير الحبش لا تعتبر نيته في شيء من ذلك والعبرة بنية رب الحق لا بنية الحالف عند ابن القاسم خلافًا لقول ابن وهب في مسألة الطلاق بلزوم طلقة واحدة له عملًا بنيته تقل القولين فيها الشمس اللقاني ولا يخفى ترجيح ما لابن القاسم كما قال البرموني قلت: ولا يخفى أن قول ابن القاسم هنا خلاف قوله فيما مر أن اليمين على نية الحالف فله قولان كما يفيده الشارح وإن كان ما مر ضعيفًا كما قدمته لأنه قوله في العتبية ويحتمل تفسير الإطلاق بالفتوى والقضاء ويحتمل سواء كان الطلاق معلقًا أو منجزًا بعد الملك أو قبله واحدة أو أكثر وكذا العتق وسواء كان كاملًا أو مبعضًا أو آيلًا إليه كالتدبير إذا كان في رقبة معينة ولا يقضى عليه في غيرها ويحتمل تفسير

ــ

علمت هذا تبين لك أن السؤال ساقط فلا يحتاج إلى الجواب ولو حذف المصنف في طلاق الخ. لاستغنى عنه بالمرافعة (أو استخلف مطلقًا) قول ز أو بالطلاق ويريد واحدة الخ. هذا الفرع مشكل إذ النية فيه موافقة لظاهر اللفظ ولم أجد نقلًا يوافقه فانظر صحة ما نقله فيه ومقتضى ق خلافه ونصه وقال اللخمي إن كانت يمينه بالطلاق أو بالعتق في حق على الحالف وأحلفه الطالب وعليه بينة قضى بظاهر يمينه ولم يصدق أنه نوى غير ذلك اهـ.

وقول ز خلاف قوله فيما مر الخ. أي عند قوله وإن سرى بحركة لسان لكن ما مر إنما هو في نطقه بالاستثناء سرًّا ولا يلزم منه أن يقول بإفادة النية هنا تأمله وقوله ز ويحتمل تفسير الإطلاق بالفتوى والقضاء الخ. هذا صحيح لكنه ينافي قولهم: إن هذا الفزع عام في اليمين بالله وغيرها مع عدم تصور دخول القضاء في اليمين بالله وأجيب بأن غايته أن فيه صرف اللفظ لما يصلح له فمعنى لا يصدق في القضاء أي: حيث يدخل القضاء في يمينه ومعنى لا يصدق في اليمين بالله تعالى أنه يلزمه الحنث وقول ز وكذا العتق أي: سواء كان معلقًا أو

ص: 118

الإطلاق بكل ذلك وعطف بالجر على سمن قوله (لا إرادة ميتة) أو مطلقة أو معتقة (أو كذب في) قوله فلانة (طالق وحرة أو حرام) نشر مرتب للف قبله وادعى أن إرادته المذكورة للميتة حين اليمين فلا تقبل في طلاق وعتق بمرافعة بل (وإن بفتوى) حيث لا قرينة تصدق دعواه إرادة الميتة أو الكذب وإلا عمل بنيته مع القرينة كما يعمل بنيته إذا كانت حية حين اليمين فماتت فادعى أن يمينه فيها.

تتمة: كما تخصص النية العام وتقيد المطلق قد تعمم الخاص كما يأتي له في وبما أنبتت الحنطة إن نوى المن أي قطعه وتطلق المقيد كما في تت عن القرافي كوالله لأكرمن أخاك ويريد جميع إخوته فلا يبر إلا بإكرام الجميع (ثم) إن عدمت النية أو عدم ضبط الحالف لها اعتبر مخصصًا ومقيدًا (بساط يمينه) وهو السبب الحامل على اليمين فيخصص العام مثلًا فإذا قيل لشخص لحم البقر داء كما ورد فلا تأكل منه يؤذيك فحلف المقول له لا آكل لحمًا ولم يقصد تعميمًا ولا تخصيصًا فالسبب الحامل له على اليمين اللحم المؤذي فيخصص العام بلحم البقرة فلا يحنث بلحم الطير والضأن ونحوهما هذا مقتضى اعتبار البساط في التخصيص وكمن قيل له: أنت إنما تزكي الناس بشيء تأخذه منهم فحلف بالطلاق لا يزكي وليس له نية فإنه لا يحنث بإخراج الزكاة إنما يحنث بالتزكية وكلام التوضيح والشارح لا يدل على هذا بخصوصه لتمثيلهم لاعتبار البساط بما إذا امتن عليه فحلف لا يشرب له ماء فإنه يحنث بما ينتفع به ولو خيطًا وهذا ليس في تخصيص للعام كما لا يخفى وحينئذٍ فقوله ثم بساط يمينه معمول لفعل مقدر والجملة معطوفة على جملة خصصت أي: ثم اعتبر بساط كما قدمنا والاعتبار يحمل على المعنى المراد من تخصيص أو تعميم قاله د وظاهر كلام المصنف ككلامهم اعتباره ولو مع مرافعة في طلاق وعتق معين كما يفيده الشيخ سالم عن ابن رشد ولا بد من ثبوت كون الحلف عند وجود البساط (ثم) بعد البساط يعتبر مخصصًا ومقيدًا (عرف قولي) لأنه غالب قصد الحالف

ــ

منجزًا الخ. ونحوه في ضيح وقال طفى: ولا يخالف هذا قول المؤلف في العتق ولم يقض إلا بيت معين لأن المراد بالبيت ما يشمل التَّعليق كما قرر هناك خلافًا لمن عارض بينهما.

(وإن بفتوى) قول ز ع عن القرافي ويريد جميع إخوته فيه نظر إذ هذا تعميم للمطلق لا إطلاق للمقيد كما زعمه ز وكلام القرافي سالم من ذلك ونصه وقد تعمم النية المطلق كوالله لأكرمن أخاك وينوي بذلك جميع إخوتك اهـ.

نقله تت في الكبير فجعله مثالًا لتعميم المطلق وهو ظاهر (ثم بساط يمينه) قول ز ولا بد من ثبوت كون الحلف عند وجود البساط يعني بأن تشهد البينة عند المرافعة بالبساط ويعمل عليه حينئذٍ كانت يمينه مما ينوي فيه أم لا وأما إن شهدت البينة باليمين وادعى هو البساط فلا يعمل عليه في المرافعة وهو معنى قول ضيح وابن عبد السلام يعتبر البساط إذا كانت اليمين بما ينوي فيه وقد صرح ابن رشد بهذا التفصيل ونقله طفى (ثم عرف قولي) قول

ص: 119

ولأن كل متكلم بلغة يجب حمل كلامه على المعنى الذي يستعمل أهل تلك اللغة فيه ذلك اللفظ قاله ابن عبد السلام كاختصاص الدابة بالحمار بمصر وبأنثاه في قفصة وبالفرس في العراق قاله ابن فرحون وظاهره وإن لم يكن الحمار من مراكبه إذ الفرض عدم النية دون الخيل والبغال واختصاص المملوك بالأبيض دون غيره واختصاص الدرهم بالنحاس دون الفضة وإنما قدم العرف القولي على المقصد اللغوي لأن العرف القولي بمنزلة الناسخ وهو مقدم على المنسوخ واخترز بالقولي عن الفعلي فلا يعتبر في هذا الباب لأن اللفظ لم يغير عندهم إلى فعلهم كما في د كحلفه لا آكل خبزًا والخبز اسم لكل ما يخبز في عرفهم فإذا كان أهل بلدة لا يأكلون إلا خبز القمح فقط فآكل خبز الشعير حنث ولا يكون عرف بلده الفعلي مخصصًا له (ثم) إن عدم ما ذكر اعتبر مخصصًا ومقيدًا (مقصد) بفتح الصاد أي ما يقصد قاله د (لغوي) أي ما يقصد من اللغة أي مدلول لغوي وبكسر الصاد أيضًا كحلفه لا ركب دابة وليس لبلده عرف في دابة معينة بل يطلق هذا اللفظ عندهم على مدلولها لغة وهو كل ما دب فيحنث بركوبه ولو لكتمساح وكحلفه لا يصلى فيحنث بالدعاء حيث لم يكن لهم عرف خاص ولا له نية فإن احتمل اللفظ لغة لوجهين أو أكثر فعلى أظهر محتملاته فإن لم يكن أحدهما أظهر واستويا بلا مزية جرى على الخلاف في المجتهد تتعارض عنده الأدلة ولا ترجيح فقيل يأخذ بالأثقل وقيل بالأخف وقيل بما شاء (ثم) إن عدم ما ذكر خصص وقيد مقصد (شرعي) ابن فرحون إن كان المتكلم صاحب شرع أو الحلف على شيء من الشرعيات كحلفه ليصلين أو لا يصلي أو ليتوضأن اهـ.

وكحلفه لأكلم رجال بني فلان فيحنث بكلام صبيانهم وهذا ضعيف والمذهب تقديمه على اللغوي ومضى عليه في قوله فيما يأتي وسافر القصر في لأسافرن وعلى تسليم كلامه هنا فاستشكل وجود مدلول شرعي بدون لغوي مع أن الشرعي إما بعض اللغوي وهو أغلب أحواله وإما مساو له كالظلم فإنه تجاوز الحد لغة وشرعًا وأجيب بأن للعرب وهو لفظ غير علم استعملته العرب فيما وضع له في غير لغتهم على القول بوقوعه في القرآن له مدلول شرعي وليس له مدلول لغوي لأن المراد بالشرعي ما وضعه الشارع لا ما وضعه أهل الشرع فيه فإذا حلف لا وزن بالقسطاس فيحنث بوزن الميزان إذ هو معنى

ــ

ز واحترز بالقولي عن الفعلي تبع المصنف القرافي وغيره في عدم اعتبار العرفي الفعلي هنا وفي توضيحه ونقل فيه عن ابن عبد السلام أن ظاهر مسائل الفقهاء اعتبار العرف وإن كان فعليًّا ونقل الوانوغي عن الباجي أنه صرح بأن العرف الفعلي يعتبر مخصصًا ومقيدًا قال وبه يرد ما زعمه القرافي وقد صرح اللخمي باعتباره أيضًا انظر طفى وفي القلشاني لا فرق بين القولي والفعلي في ظاهر مسائل الفقهاء وقيل لا يعتبر إلا القولي اهـ.

(ثم مقصد لغوي) قول ز فإن احتمل اللفظ لغة الخ. هذا من كلام ابن رشد انظر تمامه في ق (ثم شرعي) قول ز والمذهب تقديمه على اللغوي الخ. بل تقديم الشرعي أيضًا على

ص: 120

الميزان في غير لغة الغرب وليس له معنى عند العرب وهذا بعيد قاله عج ولا يقال المدلول الشرعي مدلول عرف فيتكرر مع المدلول العرفي لأنا نقول المدلول العرفي يطلق على العرفي الخاص كالشرعي والنحوي وعلى العرفي العام والمراد به هنا الثاني ولما فرغ من مقتضيات البر والحنث من النية وما معها شرع في فروع تنبني على تلك الأصول وهي في نفسها أيضًا أصول ومن قاعدته غالبًا أنه يأتي بالباء للحنث وبلا لعدمه فقال (وحنث) الحالف (إن لم تكن له) عند يمينه (نية ولا) ليمينه (بساط بفوت) أي تعذر (ما حلف عليه ولو لمانع شرعي) كحيض وحلفه ليبيعن أمته فيجدها حملت منه (أو) فواته لمانع عادي كغصب أو استحقاق وأخذه مستحقه أو (سرقة) لحمام حلف ليذبحنه أو سقوط دينار حلف ليشترين به لزوجته ثوبًا إن أراد الشراء بالدينار بعينه لا إن أراد الشراء به أو بغيره وقيدت هذه المسائل في العادي بما إذا أطلق الحالف وأولى إن قال لأفعلنه قدرت على الفعل أم لا أما إن قيد بإمكان الفعل فلا حنث بفواته على أنه لا حاجة لهذا القيد مع فرض المصنف أنه لا نية ولا بساط واعترض د المصنف بأن الموانع الثلاثة ذكرها بعد لو الدالة على المبالغة فلا يصلح الإتيان بها إذ ليس شيء قبلها أولى بالحكم مما بعدها اهـ.

وقد يقال فواته لغير مانع أولى بالحكم مما بعدها (لا) حنث بمانع عقلي كما ذكره بقوله (بكموت حمام) أو عبد (في ليذبحنه) غدًا أو ليضربن العبد فمات عقب اليمين لأن الفعل في الميت لا يمكن البتة بخلاف السرقة وما أشبهها ومحل عدم حنثه بالعقلي إذا أقت أو لم يؤقت وبادر وأما إن فرط فيحنث بهذا المانع العقلي أيضًا كالعادي من غير القيد المذكور ودخل بالكاف حلفه ليلبسن هذا الثوب في هذا اليوم وأمسكه من ساعته ليلبسه فخلصه منه آخر وحرقه في حينه وصار رمادًا وهذا كله إذا تأخر المانع عن اليمين وأما إن تقدم فإن كان شرعيًّا حنث وإلا فلا فهذه ثلاثة أقسام للفوات بالمانع قسم يحنث

ــ

العرفي كما يفيده سماع سحنون الذي في ق انظره وبه جزم الشيخ ميارة (ولو لمانع شرعي) رد بلا في الشرعي على ابن القاسم في مسألة الحيض وعلى سحنون في مسألة بيع الأمة وفي العادي على نقل الشيخ عن أشهب وقول ز كحيض الخ. أي حلف ليطأن زوجته الليلة فبان بها حيض فيحنث عند مالك وأصبغ وقال ابن القاسم لا حنث عليه انظر ق وبه تعلم أن ما في ز من الإطلاق وعدم التقييد بالليلة مخالف للنص حتى يبني على حنثه عند الإطلاق سؤاله الآتي في قوله فإن قلت الخ. وأجاب عنه بما لا يجدي نفعًا وقد قال طفى لم يذكروا الحيض إلا في المؤقتة وهو ظاهر إذ غير المؤقتة لا يحنث فيها الحالف بطروه في قوله لأطأنها وينتظر رفعه إذ لا تعذر فافهم اهـ.

وقول ز واعترض أحمد الخ حاصل بحثه أنه لم يبق للمصنف صورة يصدق عليها ما قبل لو وما أجاب به ز فيه نظر إذ لا يتصور الفوت بغير مانع وقد يجاب بتصوره فيما إذا حلف ليطأن الليلة فتركه اختيارًا حتى فاتت الليلة. وقول ز وأمسكه من ساعته الخ. الصواب

ص: 121

فيه مطلقًا وقسم لا مطلقًا وقسم يفصل فيه فالأول الشرعي تقدم أو تأخر أقت أم لا فرط أم لا. والثاني العادي والعقلي المتقدمان على اليمين فلا حنث أقت أم لا فرط أم لا. والثالث العادي والعقلي المتأخران عن اليمين فالعادي يحنث به مطلقًا والعقلي يحنث به إذا لم يؤقت وفرط لا إن بادر أو أقت هذا حاصله وإنما حنث في المانع الشرعي وإن تقدم على اليمين بخلاف العقلي والعادي لأنه لما كان يمكنه الفعل معه ما لا يمكنه مع غيره من المانعين ويحصل البر بفعله على أحد القولين الآتيين في قوله وفي بره لأطأنها فوطئها حائضًا فكان وجوده كعدمه فإن قلت: ما تقدم من أنه يحنث بالشرعي في صوره الست مشكل فيما إذا لم يؤقت إذ قوله: لأطأنها شامل لما يأتي في المستقبل فلم حنث بحيضها ولم ينتظر طهرها ويطؤها حينئذٍ قلت: لأنه لما كان عقب يمينه على حنث حيث لم يؤجل كما مر اعتبر فوات ما حلف عليه (وبعزمه على ضده) أي ضد ما حلف عليه في

ــ

إسقاطه لأنه ليس قيدًا في عدم الحنث لأن اليمين مؤقتة ولا حنث فيها بالمانع العقلي بادر أولًا وقول ز: فلا حنث فرط أم لا الخ. انظر كيف يتصور التفريط في المانع المتقدم وقد يقال تفريطه بإمكان الكشف عنه قريبًا فتركه وحلف وقول ز فالعادي يحنث به مطلقًا الخ. يعارض هذا الإطلاق ما في ق عن ابن القاسم فيمن حلف لربيبه لئن أتاه بخبز إلى بيته ليطرحنه بالخربة فدخل عليه ومعه خبز فصاحت أمه فخرج بالخبز فقال: إن كان يقدر أن يأخذ الخبز فتوانى فأراه حانثًا وإن هرب ولم يقدر عليه فلا حنث عليه ابن رشد هذه مسألة صحيحة على أصولهم لا خلاف فيها اهـ.

بخ فانظر قوله لا خلاف فيها مع أن المانع عادي ثم رأيت ابن عرفة تعقبه فقال عَقِبة قلت إن فهمه على حصول وجْدَانه فهروبُه به كسرقتهِ لا كموته اهـ.

وقول ز هذا حاصله الخ مثل هذا التحصيل في ح وقد نظم ذلك عج فقال:

كعقلي أو عادي أن يتأخرا

وفرّط حتى فات دامَ لك البقا

وإن كان كل قد تقدم منهما

فلا حنث في حالٍ فخذه محققا

إذا فات محلوف عليه لمانِع

فإن كان شرعيًّا فحنثُ وأطلقا

وإن أقتِت أو كان منه تَبَادَرٌ

فَحنثهُ بالعاديّ لا غيرُ مطلقا

(وبعزمه على ضده) ما ذكره من الحنث بالعزم تبع فيه صاحب الجواهر والقرافي وابن الحاجب. وقد قال ابن عرفة: مقتضى المذهب خلافه اهـ.

وإنما الذي في المدونة له أن يحنث نفسه بتعجيل ما حلف به من طلاق أو غيره كما نقل كلامها غ وغيره وأبقى كلامها على ظاهره جميع أهل المذهب سوى من ذكر وعباراتهم كلهم له أن يحنث نفسه ويطلق انظر طفى وكتب عليه بعضهم ما نصه حيث كانت عباراتهم ما ذكرت فذلك أدل دليل على ما قاله القرافي فيكون ما ذكره القرافي موافقًا لكلامهم وذلك لأنه لا معنى لتحنيثه نفسه إلا أنه يعزم على عدم الفعل فيكون العزم حنثًا وهو المطلوب على أنه

ص: 122

صيغة حنث لا بر خلافًا التعميم الشارح (و) إذا حلف لا يفعل كذا حنث (بالنسيان) أي بفعله ناسيًا (إن أطلق) في يمينه ولم يقل لا أفعله ما لم أنس فخرج بقولي أي بفعله ناسيًا ما في سماع عيسى ابن القاسم من حلف بالطلاق ليصومن غدًا فأصبح صائمًا وأكل ناسيًا فلا حنث عليه لعدم فطره بالنسيان إذ الأكل في التطوع ناسيًا لا يبطله وهذا تطوع بحسب الأصل فلما لم يبطل صومه لم يحنث كذا قال ابن رشد جوابًا عن اعتراض ابن دحون مسألة السماع هذا بمسألة النسيان إن أطلق وأما إذا نذر صوم غد فأصبح صائمًا ثم أفطر ناسيًا فهذه مسألة نذر وسيأتي الكلام فيه ومثل النسيان الخطأ والجهل والغلط مثال الخطأ حلفه لأدخل دار فلان فدخلها معتقدًا أنها غيرها هذا في الفعل ومثاله في القول حلف لا

ــ

قد صرح ابن المواز فيما نقل ابن عرفة بمثل ما قاله القرافي ونصه ابن حارث اتفقوا في ذات الحنث على جوازها أي: الكفارة قبله إن عزم على عدم البر وفي ذات البر على استحباب تأخيرها عنه محمد معنى إجزائها قبله أنه حنث بعزمه اهـ.

فتأمله ويأتي كلام ابن المواز بلفظه في الظهار إن شاء الله. ففي كلام طفى قصور نعم المذهب عدم الحنث بالعزم لما نقله ق هنا عن ابن رشد ونصه لو كان حلف بالطلاق والمشي والصدقة ليتزوجن عليها.

قال ابن رشد: إن أراد إذا حلف بجميع ذلك أن يحنث نفسه في الطلاق وحده فيطلق امرأته واحدة كما حلف ليرتجع ويطأ كان ذلك له فإن بر بالتزويج قبل الموت سقط عنه المشي والصدقة وإن لم يبر حتى ماتت كانت الصدقة في ثلث ماله لأن الحنث إنما وجب عليه بعد الموت اهـ.

ولما في آخر مسألة من سماع أبي زيد من كتاب الظهار حيث قال فيمن قال: إن لم أتزوج عليك فأنت عليّ كظهر أمي ثم أراد أن يكفر ليحل اليمين فابتدأ الكفارة فلما صام أيامًا أراد أن يبر بالتزويج عليها قال إذا تزوج عليها سقطت عنه الكفارة هذا كلام السماع ومثله في كلام ابن رشد ونقله ح عند قول المصنف في الظهار وتعددت الكفارة أن عاد الخ. وهو صريح في أنه لا يحنث بالعزم إذ لو حنث به ما سقطت عنه الكفارة بالتزويج فتأمله والله أعلم وقول ز: لا بر خلافًا لتعميم الشارح الخ. اعلم أن الشارح إنما عمم لأنه فسر كلام المصنف بجواز تقديم الكفارة قبل الحنث لا بمسألة القرافي واستدل لتعميمه بما في كتاب محمد من جواز التكفير قبل الحنث في صيغة البر وغيرها في اليمين بالله وغيرها وهو خلاف المشهور عند ابن رشد وغيره من أن التكفير قبل الحنث يجوز في اليمين بالله مطلقًا كانت على بر أو حنث وفي غيرها إن كانت على حنث لا إن كانت على بر إلا إن كان الطلاق آخر الثلاث أو العتق في معين أو الصدقة بمعين كما تقدم لكن جواز التكفير قبل الحنث في اليمين بالله وغيرها مقيد بأن لا تكون اليمين صيغة حنث مقيدة بأجل وإلا لم تجزه الكفارة إلا بعد الأجل كما في المدونة ونقله ق وقد تقدم وبه يقيد إطلاق ابن رشد وغيره وانظر طفى.

(وبالنسيان إن أطلق) قول ز فجرى على لسانه ذكر المحلوف عليه غلط الخ. هذا في

ص: 123

ذكر فلانًا فأراد ذكر غيره فجرى على لسانه ذكر المحلوف عليه غلطًا أو لا كلمت زيدًا فكلمه معتقدًا أنه عمرو ومثال الجهل أن يعتقد من حلف ليدخلن الدار في وقت كذا أنه لا يلزمه الدخول في ذلك الوقت (و) حنث بالحلف على ترك ذي أجزاء (بالبعض) منه كحلفه لا آكل هذا القرص فأكل منه لقمة وظاهره ولو أكد بكل وهو المشهور واستدل به ابن عرفة بشهرة استعمال كل بمعنى الكلية لا الكل فيتعلق بالإجزاء. انظر تت وهذا حيث لا نية والكلية هي الحكم على كل فرد بحيث لا يبقى فرد ككل رجل يشبعه رغيفان غالبًا والكل الحكم على المجموع من حيث هو مجموع ككل رجل يحمل الصخرة العظيمة فهذا الحكم صادق باعتبار الكل دون الكلية وأراد المصنف بالبعص جزء المحلوف عليه ولو جزء شرط ففي المدونة إذا قال لأمته إن دخلت هذين الدارين فأنت حرة فدخلت إحداهما عتقت وقياسه إذا قاله لزوجته أن تطلق بدخول إحدى الدارين مع أن في المدونة في محل آخر ما يناقض ذلك وهو إذا قال لأمتيه أو زوجتيه إذا دخلتما هذه الدار فأنتما حرتان أو طالقتان فدخلت إحداهما لم تعتق واحدة منهما أي ولم تطلق واحدة منهما وقد حصل في كل صورة منهما فعل جزء الشرط وحكى عيسى عن ابن القاسم أنهما يعتقان معًا وهو قول مالك ابن زرقون وروي عن مالك تعتق الداخلة وحدها وقاله أشهب قاله الشارح باختصار وسيأتي للمصنف الإشارة لهذه في العتق بقوله وإن قال: إن دخلتما فدخلت واحدة فلا شيء عليه فيهما قال البساطي ويظهر لنا في الفرق أن دخول الأمة الدارين في زمن واحد يمتنع وفي زمنين يرجح المتعدد فيحنث بدخول واحدة أي بدخول الأمة واحدة من الدارين وأما دخولهما أي الأمتين أو الزوجتين الدار معًا فممكن وظاهر اللفظ يحمل عليه اهـ.

وبحث عج فيه (عكس البر) ولو لم يؤكد بكل وقوله وبالبعض أي والصيغة صيغة بر وقوله عكس الخ. أي والصيغة صيغة حنث (و) حنث (بـ) ـشرب (سويق أو لبن) في حلفه (لا آكل) لأنه أكل شرعًا ولغة هذا إن قصد التضييق على نفسه فإن قصد الأكل دون الشرب لم يحنث به (لا) بشرب (ماء) ولو ماء زمزم فلا يحنث في حلفه لا آكل لأنه ليس أكلا عرفًا وإن كان طعامًا شرعًا لأن العرف يقدم عليه (ولا تسحر في لا أتعشى) ما لم يقصد ترك الأكل تلك الليلة فيحنث بالتسحر كما يفيده ق على أنه لا يحتاج لهذا التقييد لأن كلام المصنف في هذا الفرع وما معه حيث لا نية ولا بساط (و) لا يحنث في (ذواق لم يصل جوفه) في حلفه لا آكل كذا أو لا أشربه (وبوجود أكثر في) حلفه بطلاق أو عتق

ــ

الحنث بعيد ولو مثل بظنه أنه غير الاسم المحلوف عليه كان أولى قاله مس (وبالبعض) قول ز واستدل له ابن عرفة بشهرة استعمال الخ. هذا مشكل مع ما هو المقرر في التلخيص وغيره من أن شرط إفادة كل الكلية أن لا تكون في حيز النفي وإلا لم تستغرق غالبًا كقوله:

ما كل ما يتمنى المرء يدركه

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

ص: 124

ونحوه مما لا لغو فيه (ليس معي غيره لمتسلف) أو سائل أو مقتض لحقه وأما في اليمين بالله تعالى فلغو ولو تمكن من اليقين قريبًا (لا) بوجود (أقل) ولو في يمين بطلاق لأن مراده ليس معي أكثر كما دلت عليه القرينة (وبدوام ركوبه) لدابة (ولبسه) وسكناه دارًا مع إمكان ترك ذلك كما قال ابن عرفة (في لا أركب وألبس) وأسكن ما ذكر بناء على أن الدوام كالابتداء وكما يحنث بدوام ركوبه ولبسه في صيغة البر يبر بهما في صيغة الحنث ولا يشترط الدوام في كل الأزمان بحسب العرف فلذا لا يحنث بالنزول ليلًا ولا في أوقات الضرورة ولا بنزع الثوب ليلًا قاله في ضيح انظر ح (لا) يحنث بدوام إقامته (في) حلفه على (كدخول) الدار بخلاف ما إذا حلف بعد الشروع في الدخول ثم تمادى على ذلك فيحنث لأن استمراره على ذلك كالدخول ابتداء والسفينة كالدابة فيما إذا حلف لا ركبها وكالدار فيما إذا حلف لأدخلها ودخل بالكاف مثل إن حضت أو طهرت أو حملت أو نمت ونحوه مما لا يمكن تركه فعليّ صدقة دينار أو كفارة يمين وهي متصفة بما ذكر فلا يحنث باستمرارها على ذلك حين حلفه فلا يعد دوامه كالابتداء بل بمستأنف من أحدها بخلاف ما لو قال فأنت طالق فإنه ينجز قاله تت وهو يوافق قول المصنف فيما سيأتي أو إذا حملت إلا أن يطأها مرة وفي ق وتبعه جد عج أنه لا ينجز عليه كما لا ينجز عليه الصدقة وذكر ح فيها قولين وموضوع المصنف الآتي أنها غير محققة الحمل ونجز عليه لأنه يحتمل أن يريد إذا حدث بك حمل وأن يريد إذا ظهر بك حمل فنجز عليه نظرًا للاحتمال الثاني وأما إذا قال إذا حملت المحققة الحمل فإنما يريد إذا حدث بك حمل بعد اليمين فلا ينجز عليه بحملها المحقق بل بنظيره في المستقبل ومن قال لحائض: إن حضت فأنت طالق نجز عليه لا من حيث تلبسها بالحيض بل من حيث إنه علق الطلاق على أمر غالب وقوعه ولذا إذا قاله لغير المتلبسة ينجز عليه قطعًا (و) حنث بانتفاعه (بدابة عبده) أي عبد نفسه أو غيره (في) حلفه على (دابته) أن لا يركبها مثلًا فضمير عبده يحتمل رجوعه للحالف وله حينئذٍ صورتان حلفه لا أركب دابتي أو لا ركبها فلان فيركب هو أو

ــ

وما هنا من هذا القبيل ومن غير الغالب قول الله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 23] فتأمله إلا أن يقال روعي في المشهور الوجه القليل حيث لا نية ولا بساط لأن الحنث يقع بأدنى الوجوه والله أعلم (وبدوام ركوبه) قول ز يبر بهما في صيغة الحنث أي: ولا يتقيد ذلك بمدة إذا أطلق بل يبر بهما ولو لحظة.

وقوله: ولا يشترط الخ. لا يتنزل إلا على ما إذا قيد كقوله لألبسن هذا الثوب شهرًا أو لأركبن هذه الدابة جمعة أو في جميع هذا السفر وأما إذا أطلق فلا إشكال (لا في كدخول) قول ز بخلاف ما لو قال فأنت طالق فإنه ينجز الخ يتعين أن يكون هذا في غير الحمل وأما هو فلا تنجيز فيه كما يأتي للمصنف ومثله في ح عن ابن عرفة وفي ق لو قال لحامل إن حملت فأنت طالق لم تطلق عليه بذلك الحمل ولكن بأمر مستقبل اهـ.

ص: 125

فلان دابة عبد الحالف وحنث فيهما لأن للسيد انتزاع ماله ويحتمل رجوعه للمحلوف عليه أي حلف لأركب دابة زيد فركب دابة عبد زيد فيحنث لأن ما بيده لسيده ألا ترى أنه لو اشترى من يعتق على سيده لعتق عليه كما في المدونة ولأن المنة تلحقه في دابة عبده كما تلحقه في دابة المحلوف عليه والحنث يقع بأقل الأشياء كما في أبي الحسن وعلى هذا التعليل فالمكاتب كغيره وأما على التعليل الأول فلا يحنث بركوب دابة مكاتبه ولكن الذي عليه أشياخ عج مراعاة كل من العلتين فيحنث بدابة مكاتبه مراعاة للثانية بل مراعاتها كافية في المكاتب وغيره ومفهوم عبده أن دابة ولده لا يحنث الحالف بركوبها ولو كان للوالد اعتصارها كما يفيده طخ وقال الشيخ سالم تخصيصه عدم الحنث بأشهب يدل على ضعفه وأن المذهب يحنث في دابة الولد أي إن كانت موهوبة من والده وله اعتصارها لا ما لا اعتصار له (و) لا يبر من حلف ليضربن عبده مثلًا مائة سوط (بجمع الأسواط) المائة وضربه بها ضربة واحدة (في لأضربنه كذا) ولا يحتسب بالضربة الحاصلة منها حيث لم يحصل بها إيلام كإيلام المنفردة وإلا حسبت واحدة كما يرشد له التعليل وينبغي تقييده مسألة المصنف بما إذا لم يكن كل واحد منفردًا عن الآخر فيما عدا محل مسكه ويحصل بكل إيلام المنفرد أو قريبًا منه فإنه يحتسب بذلك قال تت ومثل جمعها في عدم الاحتساب بشيء منها ما إذا ضربه العشرين مثلًا بخفة وقال ح عقب كلام المصنف وكذا لو ضربه أي العدد المحلوف عليه كمائة بسوط له رأسان أي خمسين ضربة لم يبر لكنه في مسألة الأسواط يستأنف المائة جميعها وفي مسألة السوط برأسين يجتزى بخمسين قاله التونسي ونقله في ضيح اهـ.

(و) حنث من حلف لا آكل لحمًا (بلحم الحوت) والطير لأن الاسم يجمع ذلك قال تعالى: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14]{وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)} [الواقعة: 21] إلا أن يكون له نية فينوي (و) حنث بأكل (بيضه) المراد بيض الترس والتمساح لا ما في جوف الحوت من بطارخ وإن ذهب إليه ح فإن هذا لحم (و) حنث بأكل (عسل الرطب) وكذا عسل النخل بخاء معجمة (في) حلفه بجميع هذه الأشياء على (مطلقها) أي مطلق

ــ

وقول ز: وهو يوافق قول المصنف الخ. أي: لا من حيث العطف لأن قوله الآتي أو إذا حملت معطوف على ما لا تنجيز فيه بل من حيث قوله بعده إلا أن يطأها مرة الخ. فهو يفيد أنه إن وطئها قبل اليمين في ذلك الطهر نجز عليه كما يأتي عن المدونة لكن الموضوع مختلف لأن كلامنا هنا في ظاهرة الحمل وما يأتي في غيرها كما هو ظاهر فلا موافقة وقول ز وذكر ح فيه قولين الخ. القولان في ح إنما هما في أن التمادي في الحمل كالابتداء أم لا وبالثاني جزم ابن عرفة الحاصل في كلام ز تخليط واضح (وبيضه) قول ز وإن ذهب إليه ح الخ. هكذا رأيت في السنة برمز ح للحطاب وليس في ح ما ذكره نعم الصواب الحنث ببيض السمك كما في ق عن المدونة خلاف ما لز.

ص: 126

اللحم والبيض والعسل من غير تقييد بلفظ أو نية أو بساط بأنعام ودجاج ونحل وغيرها (وبكعك وخشكان) بفتح الخاء المعجمة وكسر الكاف اسم أعجمي باق على عجمته وهو كعك محشوّ بسكر (وهريسة وأطرية) بكسر الهمزة وتخفيف التحتية قيل هي ما يسمى في زمانها بالشعرية وقيل ما يسمى بالرشتة (في) حلفه على تركه أكل (خبز لا) في (عكسه) وهو أن يحلف على ترك شيء من هذه الأشياء الخاصة فلا يحنث بأكل الخبز وما ذكره المصنف من الحنث لا يجري على عرف زماننا والجاري عليه عدم الحنث بما ذكر (و) حنث (بضأن ومعز وديكة ودجاجة في غنم ودجاج) وعرف زماننا اختصاص الغنم والضأن (لا بأحدهما) أي أحد الضأن والمعز (في الآخر) أو أحد الديكة والدجاجة في الآخر قاله د (و) حنث (بسمن استهلك) بلته (في سويق) في حلفه لا آكل سمنًا لأنه يمكن استخلاصه بالماء الحار من السويق وإن لم يبق له عند استهلاكه بسويق عين قائمة سواء وجد طعمه أم لا إلا أن ينويه خالصًا (و) حنث من حلف لا آكل زعفرانًا (بزعفران) استهلك (في طعام) لأنه لا يؤكل إلا كذلك ويؤخذ من هذا التعليل ومن تعليل السمن في سويق أن الحنث حيث وجدت إحدى العلتين المذكورتين فإن انتفيا فلا حنث كما في مسألة قوله (لا) حنث إن حلف لا آكل خلًا (كخل) غير معين (طخ) فإن كان معينًا حنث به إذ طبخ قال تت وانظر ما الذي أدخلته الكاف اهـ.

وقد يقال أدخلت الليم وأساريخ وماء الورد والزهر ونحوه (وباسترخاء لها في لا قبلتك) وقبلته في الفم فقط لا في غيره فلا يحنث وأما إن قبلها هو فيحنث قبلها في فمها

ــ

(وهريسة وإطرية) الهريسة عند أهل الحجاز أن يطبخوا اللحم مع القمح طبخًا ناعمًا حتى يعزل العظم عن اللحم ويتذلع اللحم ثم يأتوا بعصا في رأسها غلظ ويعركون فيها ذلك حتى يصير كالعصيدة ويأكلونه بالسمن قاله الشيخ أبو سالم العياشي في رحلته وقال فيه قوة حتى أن الرجل إذا شبع منه يبقى يومًا وليلة لا يشتهي طعامًا اهـ.

والإطرية قال في القاموس بالكسر طعام كالخيوط من الدقيق اهـ.

(وبسمن استهلك في سويق) قول ز سواء وجد طعمه أم لا الخ. هذا الإطلاق صريح في المدونة ففيها لابن القاسم وإن حلف لا يأكل سمنًا فأكل سويق لت بسمن حنث وجد طعمه أو ريحه أم لا اهـ.

ولابن ميسر أنه لا يحنث إذا لم يجد طعمه ونقل ابن عبد السلام وضيح عن بعضهم أن قول ابن ميسر مقيد للمشهور لا خلاف قال طفى وفيه نظر لأن المشهور لم يطلق بل صرح بالحنث مع وجود الطعم وعدمه كما تقدم في المدونة فكيف يقبل التقييد (لا بكخل طبخ) قول ز أدخلت الميم والنار نج يعني ماءهما وأما ذاتهما فيحنث بها ز ولو طبخت لبقاء عينهما فهي أحرى من السمن والزعفران قلت ويدخل تحت الكاف أيضًا عسل طبخ في طعام فإنه كالخل المستهلك لا يستخلص من الطعام ويؤكل في غير طعام مع أن ابن عرفة نقل ما نصه ابن سحنون عن أبيه يحنث في لا آكل عسلًا بعسل القصب وبطعام داخله العسل اهـ.

ص: 127

أو في غيره إلا لنية الفم وهذه أربع صور (أو قبلتني) مذهب المدونة أنه يحنث في هذه استرخى لها أم لا قبلته في الفم أم لا وهذه أربع أيضًا وأجاب د عن المصنف بأن مفهوم قوله باسترخاء لها فيه تفصيل وهو عدم الحنث في الأولى والحنث في الثانية اهـ.

(وبفرار غريمه) منه قبل قبض حقه (في) حلفه (لا فارقتك) أنا (أو فارقتني) أنت (إلا بحقي) أو أقبضه أو أستوفيه منك ولو لم يفرط وإن أحاله على غريم له بمجرد قبول الحوالة لأن المعنى حيث لا نية إلا فارقتك إلا بأخذ حقي من يدك لكن هذا خلاف عرف مصر الآمن واعلم أنه يحنث بالحولة مع قبولها ولو تحصل مفارقة لأنها بمنزلة المفارقة ولو قبض الحق بحضرة المحيل وأما لو قال لا فارقتك أو فارقتني ولي عليك حق أو بيني وبينك معاملة فإنه يبر بالحوالة وظاهره وإن لم يقبض بحضرته دون الرهن (و) حنث (بـ) أكل (الشحم في) حلفه على ترك (اللحم) لأنه جزء اللحم وكالفرع له ولدخول تحريم شحم الخنزير في تحريم لحمه (لا العكس) بأن يحلف لا آكل شحمًا فأكل لحمًا لأن اللحم ليس جزءًا من الشحم بل أصله الذي انقلب إليه حتى صار شحمًا ولأن الله حرم علي بني إسرائيل شحمًا ولم يحرم لحمه (و) حنث إن لم تكن له نية (بفرع) متأخر عن اليمين لا متقدم عليها (في) حلفه على ترك أصله إن أتى في يمينه بمن واسم الإشارة كوالله (لا آكل) شيئًا (من كهذا الطلع) فيحنث ببسره ورطبه وعجوته وتمره وأدخل بالكاف القمح واللبن وغيرهما من كل أصل فيحنث بالدقيق والسويق والخبر والكعك والزبد والسمن ومخيض اللبن والإشارة تناولت الجميع بخلاف من طلع هذه النخلة أو من لبن هذه الشاة فيحنث بالفرع المتقدم كالمتأخر (أو هذا الطلع) تبع في إسقاط من ابن الحاجب ومذهب ابن القاسم أنه لا يحنث بالفرع إلا في الصيغة الأولى فقط وما عداها لا حنث عليه بفرعه عزف أو نكر وذلك في أربع صيغ أشار لاثنين منها بقوله (لا الطلع وطلعا)

ــ

(وبفرار غريمه في ألا فارقتك) لا يقال الفرار إكراه وهذه صيغة بر لأنا نقول لا نسلم إن الفرار إكراه ولئن سلمنا فلا نسلم إن الصيغة لصيغة بر بل صيغة حنث لأن المعنى لألزمنك انظر ضيح (لا الطلع وطلعا) قول ز: العجب منه أنه في ضيح اعترض على ابن الحاجب الخ. نص ضيح بعد قول ابن الحاجب لو قال هذا الطلع وهذا الرطب وهذا اللحم حنث على المشهور اهـ.

ما شهره المصنف لم أر من شهره غير ابن بشير ذكر أنه المذهب وفيه نظر لأنه إنما هو معز ولابن حبيب ومع ذلك تبعه هنا والذي لأبي الحسن خلافه لكن قال عبد الحق هو أقيس مما ذكر عن ابن القاسم والله أعلم وحاصل تحصيل أبي الحسن عن ابن القاسم الحنث في من هذا لا في هذا بدون من اهـ.

كلام ضيح فما ذكره هنا اعتمد فيه قول ابن بشير إنه المذهب ولم يعتمد بحثه لكن ظاهره أن ابن بشير قال بالحنث مطلقًا مثل ما فيه من وليس كذلك بل إنما قال بالحنث فيما قرب من الأصل جدًّا لا فيما بعد انظر كلامه بلفظه في ق يتبين لك ما في ضيح وقول ز لا

ص: 128

وكذا هذا الطلع أو من الطلع حيث لا نية وأما حنثه في الخمس بنفس المحلوف عليه فطاهر والعجب منه أنه في توضيحه اعترض على ابن الحاجب بمذهب ابن القاسم ثم تبعه هنا قال تت وظاهره ولو قرب الفرع من الأصل جدًّا كالسمن من الزبد وهو كذلك اهـ.

تتمة: إن حلف لا آكل من هذه النخلة أو من النخلة حنث بفرعها والطلع والجمار وأما إذا حلف لا آكل من هذه الشاة فلا يحنث بلبنها لأنه ليس من جزئها الحقيقي حيث لا نية وفي حنثه بنسلها قولان وهل يحنث بجنينها الذي ذكاتها ذكاته وهو ما استظهره شيخ عج أو يجري فيه الخلاف وأما كون ذكاتها ذكاته فإنما هو حكمي فقط لأجل الخبز لا حقيقي وأما الأيمان فمبنية على العرف والحنث بأدنى سبب وأما إذا حلف لا آكل من الشاة فلا يحنث بلبنها ولا بنسلها اتفاقًا وفي حنثه بجنينها الذي ذكاتها ذكاته نظر وانظر لو حلف لا أتزوج من هذه المرأة هل يشمل بنتها وبناتها أم لا يشمل إلا بنت المحلوف عليها فقط لا بنت بنتها وانظر هل يحنث بتزوجه المرأة نفسها قياسًا على الحنث بالأصل في الصيغ الخمس المتقدمة أم لا لأن المرأة لم تدخل في مدلول لفظه ولو حلف لا آكل من هذه الدجاجة فينبغي جري قولين في حنثه بأكل بيضها قياسًا على القولين في أكله من نسل الشاة في حلفه لا آكل من هذه الشاة وانظر لو أكل مما أفرخ بحضنها من بيض غيرها ثم استثنى خمس مسائل يحنث بما تولد من المحلوف عليه وإن لم يأت بمن واسم الإشارة لقربها من أصلها قربًا قويًّا دون غيرها إلا لنية في الخمس فقال (إلا بنبيذ زبيب) أي حلف لا آكل زبيبًا أو الزبيب فيحنث بشرب نبيذه وكذا إذا حلف على ترك أكل تمر أو عنب معرفًا أو منكرًا فيحنث بنبيذ كل (ومرقة لحم) حلف لا آكله (أو شحمه) عطف على مرقة أي حلف لا آكل اللحم أو لحمًا فيحنث بشحمه وأعاد هذه وإن قدمها بقوله وبالشحم في اللحم لجمع النظائر ويصح عطفه على لحم لكنه ليس من النظائر الخمس المستثنيات ويستغنى عنه حينئذٍ بقياسه على مرقة اللحم (و) إلا (خبز قمح) حلف لا آكل القمح أو قمحًا أو لا آكل منه (و) بشرب (عصير عنب) حلف لا آكل العنب أو عنبًا وهذه كالمستغنى عنها لأنه إذا حنث بالنبيذ فأولى العصير لأنه إنما حنث في هذه المستثنيات الخمس لقرب الفرع من أصله والعصير أقرب إلى العنب من النبيذ بل هو عينه وأما لو حلف لا آكل زبيبًا فلا يحنث بأكل الزبيب لعدم قلب الزبيب عنبًا وانظر لو حلف لا آكل العنب هل يحنث بشرب عصير الزبيب أم لا وكذا لو حلف على أكل الزبيب فها يحنث بشرب عصير العنب أم لا (و) حنث (بما أنبتت الحنطة) المعينة المحلوف على عدم أكلها وكذا لو أتى بمن واسم إشارة أو غيرهما وبما اشترى بثمنها بالأولى لأجل الشرط الذي

ــ

آكل لك ما في ضيح وقول ز لا آكل من هذه النخلة أو من النخلة الخ. مخالف لما مر له من أنه لا بد في الحنث بالفرع من الجمع بين من والإشارة (وعصير عنب) قول ز وانظر لو حلف لا آكل العنب الخ. صوابه من هذا العنب بمن والإشارة وإلا لم يحنث بالزبيب فضلًا عن عصيره.

ص: 129

ذكره وكأنه اقتصر على الإنبات لأجل المخرج (إن نوى) بيمينه (المن) أي قطعه عنه بذلك الشيء المعين كقول القائل له لولا أنا أطعمك ما عشت أو لولا وجدت مني ما تأكله لضعت (لا) إن حلف على تركها (لرداءة) فيها فلا حنث بما أنبتت ولا بما اشترى من ثمنها أو أعطيه من غيرها (أو) حلف (لسوء صنعة طعام) فجود له فلا حنث وفي نسخة الشارح كسوء بكاف التمثيل وكذا لا يحنث بغير ذلك المعين سواء نوى أكل ذلك الغير أو لم ينو شيئًا وأما إن نوى أن لا ينتفع منه بشيء أو نوى قطع منته مطلقًا لا بذلك المعين فقط فيحنث بكل ما جاء منه ويتعارض مفهوم قوله: إن نوى المن ومفهوم قوله: لا لرداءة فيما إذا لم ينو المن ولا كان لرداءة أصل والحكم فيه عدم الحنث ولو أتى بمن واسم الإشارة لأن النابت غير المحلوف عليه لذهابه في الأرض كما في د ويدل له {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [البقرة: 261] ففرق بين هذه وبين قوله وبفرع الخ (و) حنث (بالحمام) أي بدخوله (في) حلفه على عدم دخول (البيت) أو لأدخل على فلان بيتًا ودخل عليه الحمام لخبر اتقوا بيتًا يقال له الحمام والظاهر أن مثله بيت القهوة والوكالة والحانوت والفرن والكل مقيد بما إذا لم يجر العرف بخلافه أو ينو معينًا وإلا اتبع لتقديم العرف على المدلول اللغوي كما مر من أن الأمور التي مبناها العرف كهذه المسألة وما بعدها لا يصح الحكم فيها بالحنث حيث لا نية للحالف ولا يطلق على الحمام وما بعده اسم بيت في عرف مصر وأما لو حلف لأدخل على فلان بيته فدخل عليه حمامًا لا يملكها فلا حنث وليست كبيت جاره المشار لها بقوله (أو) حلف لأدخل على فلان بيتًا فدخل عليه (دار جاره) أي المحلوف عليه فوجده عنده حنث والجار فرض مسألة إذ يحنث باجتماعه معه تحت ظل جدار أو شجرة إذا كانت يمينه بغضًا أو لسوء عشرته قاله ابن القاسم ابن حبيب ووقوفه معه في صحراء إذا كانت تلك نيته أو لم تكن له نية قال بعض ولا ينبغي عده خلافًا فيمن تلك نيته وكذا يحنث إذا حلف لأدخل على فلان بيته فدخل دار جاره فوجده عنده لأن للجار على جاره من الحقوق ما ليس لغيره فأشبه بيته بيته أو لأن الجار لا يستغني عن جاره غالبًا وبالأول قرر الشارح وبالثاني البساطي وهو المتوهم قال د وهو حسن لو ساعده النقل (أو) حلف لأسكن بيتًا ولا نية له حنث بسكنى (بيت شعر) بدويًّا أو حضريًّا كما في المدونة وكذا إذا حلف لأدخل على فلان بيتًا أو بيته فدخل عليه بيت شعر وإنما حنث في الأولى لأن الله قال: {بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا} [النحل: 80] إلا أن يكون ليمينه وجه كأن يسمع بقوم انهدم عليهم المسكن فحلف عند ذلك فلا يحنث

ــ

(أو دار جاره) قول ز وبالأول قرر الشارح الخ. به قرر ح أيضًا وهو الأولى لموافقته المدونة لكن الضمير في جاره ليس للمحلوف عليه بل هو للحالف كما في المدونة ونص الأمهات قال سحنون قلت لابن القاسم أرأيت لو أن رجلًا حلف أن لا يدخل على فلان بيتًا فدخل الحالف على جار له بيته فإذا فلان المحلوف عليه في بيت جاره ذلك أيحنث أم لا قال نعم يحنث اهـ.

ص: 130

بسكنى بيت الشعر (كحبس أكره عليه) في حلفه لأدخل عليه بيتًا فحبس عنده كرهًا (بحق) أي فيه حنث لأن إكراه الشرع طوع وأولى إن دخل عليه طائعًا وكذا إن حلف لأدخل بيتًا فأكره بحق على دخول الحبس (لا بمسجد) عام فلا حنث لأنه لما كان مطلوبًا بدخوله شرعًا صار كأنه غير مراد للحالف لا محجور فيحنث فإن قال لأدخلن دار فلان أو دار فلان هذه ثم جعلت مسجدًا لم يحنث كما سنذكره عند قوله ولا إن خربت وصارت طريقًا (و) حنث (بدخوله عليه) حال كونه (ميتًا) قبل دفنه (في) حلفه على ترك الدخول عليه بيتًا مطلقًا أو مقيدًا في (بيت يملكه) ذاتًا أو منفعة في حلفه لأدخل عليه بيتًا يملكه أو حياته أو أبدًا أو ما عاش لأن له فيه حقًّا يجري مجرى الملك وهو تجهيزه به إلا لنية الحياة الحقيقية فإن دفن به لم يحنث بدخوله بعد دفنه ومثل المصنف حلفه لأدخل عليه بيت فلان ما عاش فدخل عليه فيه قبل دفنه (لا) يحنث الحالف لأدخل على فلان (بدخول) محلوف عليه) ولو استمر الحالف جالسًا معه لأن استمراره لا يعد دخولًا من الحالف كما تقدم في قوله لا في كدخول خلافًا لابن يونس (إن لم ينو المجامعة) وإلا حنث بدخوله عليه وإن لم يحصل جلوس (و) حنث (بتكفينه) أي إدراجه في الكفن وأولى شراؤه له (في) حلفه (لا نفعه حياته) أو ما عاش أو أبدًا أولًا أدى إليه حقًّا ما عاش ومثل تكفينه تغسيله وتخليصه ممن يشتمه وثناؤه عليه في نكاح إن أراد نفعه لا إن قصد إيقاعه فيه لضرر يحصل له به ولا يحنث ببقية مؤن تجهيزه غير ما ذكر ولا بالصلاة عليه كما هو ظاهر كلامهم وإن كان من نفعه لأنها ليست من توابع الحياة فإن حلف لأنفعه ولم يقل حياته حنث بكل ما يفعله من مؤن التجهيز والدفن فيما يظهر (ويأكل من تركته قبل قسمها) بين مستحقيها (في) حلفه (لا أكلت طعامه إن أوصى) بمعلوم غير معين يحتاج فيه

ــ

وما نسبه للبساطي ليس هو فيه كذلك وإنما تكلم على مسألة المدونة انظر طفى (لا بدخول محلوف عليه) قول ز خلافًا لابن يونس أي خلافًا لما نقله ابن يونس ففي ح ابن يونس قال بعض أصحابنا وينبغي على قول ابن القاسم أن لا يجلس بعد دخول المحلوف عليه فإن جلس وتراحى حنث ويصير كابتداء دخوله هو عليه اهـ.

ح وفيه نظر لأنه قد تقدم أنه لا يحنث باستقراره في الدار إذا حلف لأدخلها وكذلك هنا إنما حلف على الدخول فتأمله اهـ.

(وبتكفينه في لا نفعه) قول ز ولا يحنث ببقية مؤن تجهيزه الخ. فيه نظر قال مس بل الظاهر أنه يحنث بها وأن الجميع من توابع الحياة وقول الشراح ظاهر كلامهم الخ. يعنون حيث مثلوا بالتغسيل والتكفين وسكتوه عما عداهما ومثل هذا لا يتمسك به لأن العلة تقتضي التعميم اهـ.

وهو ظاهر وما ذكره من الحنث بتخليصه ممن شتمه صوابه ممن تشبث به لقول ابن عرفة ما نصه ابن الماجشون لو نهى عنه شاتمه لم يحنث ويحنث بتخليصه ممن وجده متشبثًا به اهـ.

(في لا أكلت طعامه) ابن عرفة سمع عيسى بن القاسم في لا آكل من طعام فلان

ص: 131

لبيع مال الميت لأن ذلك المال لو ضاع قبل قبض الموصى له لرجع في الثلث والضمائر المذكورة الثلاثة للمحلوف عليه وكذا ضمير (أو كان مدينًا) ولو غير محيط وإنما حنث لوجوب وقفها للوصية أو الدين فإن أوصى بمعين كعبد معين أو شائع كربع أو ثلث مما لا يحتاج فيه لبيع أو أكل الحالف بعد وفاء الدين ولو قبل قسمها خلاف ما يوهمه ظاهر المصنف لم يحنث لأنه في الشائع لم يأكل مما على ذمة الميت بل من شائع بين الوارث والموصى له وهما حيان وبعد براءته من الدين لم ينق للميت تعلق به ومحل تفصيل المصنف في حلفه لغير قطع من فإن كان لقطعه لم يحنث بأكله منه بمجرد موته وإن كان لحنث المال حنث إن كان مغصوبًا معينًا إذ لا يحله الإرث فإن أحله كمال نشا من معاملات فاسدة ليزول عن المال الحنث بإرثه فلا يحنث بأكله منه حينئذٍ كما يفيده معين الحكام كما تقدم (و) حنث الحالف لأكلم فلانًا (بكتاب) كتبه هو أو أملاه أو أمر به ثم قرئ عليه سواء كتب بعربية أو غيرها حيث يفهمه المكتوب له أي شأنه ذلك (إنه وصل) بإذن الحالف (أو) أرسل إليه كلامًا مع (رسول في) حلفه (لأكلمه) ووصول كتابه ولو حكمًا كعلمه بذهابه للمحلوف عليه وسكوته وإلا لم يحنث ولو كتبه عازمًا بحلاف الطلاق كما يأتي له فيقع بمجرد الكتابة عازمًا ولو لم يصل لأن الطلاق يستقل الزوج به بخلاف المكالمة لا تكون إلا بين اثنين ابن حبيب لو قال: الحالف للرسول اقطع كتابي أو رده إلى فعصاه وأعطاه المحلوف عليه فقرأه لم يحنث كما لو رماه راجعًا عنه بعد أن كتبه فقرأه المحلوف عليه اهـ.

وحيث وصل بإذنه ولو حكما حنث ولو لم يفتحه المحلوف عليه أو فتحه ولم يقرأه كما نقل اللخمي عن المذهب وهو ظاهر المصنف تبعًا لظاهر المدونة كما في غ وهو يقيد ترجيحه لكونه ظاهرها ولأن القصد بهذه اليمين المجانبة وهي غير حاصلة مع وصول الكتاب ولكنه خلاف نقل ابن رشد عن المذهب أنه لا بد من قراءته وعليه فهل يشترط كونها باللفظ أو لا قولان ولا فرق على ما للمصنف بين علم المحلوف عليه أنه من الحالف أم لا ولو نقل شخص جميع ما في الكتاب بإذن الحالف وأوصله بإذنه للمحلوف عليه دون الكتاب الأصلي حنث الحالف أيضًا فيما يظهر لأنه بمنزلة أمره بكتبه ابتداء لا

ــ

فاشتريا طعامًا أكلاه معًا لا يحنث إن أكل قدر حظه فأقل ثم قال ولو قدما طعامهما فأكلاه كذلك خفت حنثه أصبغ لا يخنث ابن رشد إن كان للمن لا لخبث كسبه اهـ.

فرع: قال ح نقلًا عن البرزلي من حلف أن لا يأكل لفلان طعامًا فأكله ولم يعلم إذا أعطاه ثمنه لم يحنث قرب الأمر أو بعد فتأمله والله أعلم اهـ.

وهو مخالف لما تقدم عند قوله وبالنسيان إن أطلق من أن الجهل والخطأ مثله في الحنث ونقله ح هناك عن ابن عرفة فانظره.

(وبكتاب إن وصل) قول ز ووصول كتابه ولو حكما كعلمه الخ يوهم أن علمه بذهابه

ص: 132

بغير إذنه فلا حنث بالأولى مما إذا وصل كتابه بغير إذنه ثم الحنث بالرسول مقيد بما إذا بلغ المرسل إليه وإلا لم يحنث الحالف والفرق بينه وبين الحنث بمجرد وصول الكتاب إن خطه كلفظه (ولم ينو) في حلفه لأكلمه أنه قصده بلسانه (في الكتاب) في العتق المعين (والطلاق) مع مرافعة لأن النية هنا مخالفة لظاهر اللفظ إذ الكلام هنا شامل للغوي والعرقي وأيضًا فالغرض من الحلف على عدم الكلام المجانبة والكتابة تنافي ذلك ألا ترى أنه يحنث بالإشارة وأما في غير العتق المعين وغير الطلاق فينوي كما أنه ينوي في الرسول حتى في العتق والطلاق لموافقة نيته لظاهر لفظه فلم يحصل به كلام لا لغة ولا عرفًا ولكن لا بد من حلف الناوي في مسألة الرسول لحق الزوجة والعبد فإن نكل حبس فإن طال دين والفرق بينه وبين الكتاب أنه كلفظة إذ القلم أحد للعانين ولو حلف لكلمنه لم يبر بالكتاب ولا بالرسول مطلقًا وصل الأول وبلغ الثاني أم لا لأن الحنث يقع بأدنى سبب بخلاف البر (وبالإشارة له) أي قصده الحالف بها لذاته مع اعتقاد كونه المحلوف لأكلمه أو غيّر، فظهر أنه هو عملا بما تبين فيحنث المشير في الصورتين فهم المشار إليه الإشارة أم لا، ومفهوم له أنه إن أشار لغيره فقط فلا حنث ولو اعتقد المحلوف عليه أنها له وشمل المصنف الإشارة له سميعًا أو أضم والإشارة له مع غيره إلا أن يحاشيه ولا حنث بالإشارة لأعمى حلف لأكلمه ويفرق بينه وبين كلامه لأصم بوجود تفيض المحلوف عليه وهو كلامه دون نقيض المحلوف عليه لأعمى إذ إنما وجدت الإشارة له التي لا يفهم منها شيئًا قال د وينبغي أن يكون حكم النية هنا كحكمها في الكتاب فيقبل في غير العتق والطلاق اهـ.

ولو حلف لأسأله حاجة فأطال جلوسه عنده لأجلها بحيث فهم المحلوف عليه حاجته لم يحنث على ما صدر به ابن عرفة لعدم عد ذلك كلامًا عرفًا وقال أصبغ: يحنث (و) حنث (بكلامه) إياه بحيث يمكن إسماعه عادة (ولو لم يسمعه) لمانع نوم أو صمم لا في بعد لا يسمع فيه فلا يحنث وشمل المصنف حلفه عليه سليمًا فَصُمَّ واستظهر ابن عرفة عدم حنثه كما أنه إن نفخ في وجهه عمدًا لا يحنث مع أنه في الصلاة كلام مفسد لها كما

ــ

هو بمجرده وصول حكمًا فيحنث به وصل بالفعل أم لا وليس كذلك بل لا بد من الوصول بالفعل اتفاقًا ولعله سقط لفظة بإذنه قبل قوله ولو حكمًا فيكون قوله كعلمه الخ. مثالًا للإذن حكمًا مع الوصول بالفعل وهو حينئذٍ صحيح والله أعلم وقول ز مقيد بما إذا بلغ المرسل إليه يعني بلغ لرسول الكلام للمرسل إليه لا أن مجرد وصول الرسول يوجب الحنث انظر غ (ولم ينو في الكتاب الخ) قول ز مع مرافعة الخ. أي وأما في الفتوى فتقبل نيته كما يفهم من كلام أبي الحسن (وبالإشارة له) الذي في ح أن الراجح عدم الحنث خلافًا للمصنف إذ هو قول ابن القاسم واستظهره ابن رشد وعزاه الظاهر الإيلاء من المدونة ونص ابن عرفة وفي حنثه بالإشارة إليه ثالثها في التي يفهم بها عنه الأول لابن رشد عن أصبغ مع ابن الماجشون والثاني لسماع عيسى بن القاسم مع سماعه وابن رشد عن ظاهر إيلائها والثالث لابن عبدوس عن ابن القاسم اهـ.

ص: 133

في الرسالة (لا قراءته) أي من حلف لأقرأ كتابًا أو هذا الكتاب لا يحنث بقراءته (بقلبه) فليس لهذه تعلق بمسألة من حلف لأكلمه إذ الحنث فيها بمجرد وصول الكتاب كما مر (أو قراءة أحد) لكتاب الحالف (عليه) أي على المحلوف عليه ووصل (بلا إذن) من الحالف فلا يحنث الحالف بل ولو قرأه المحلوف عليه فلا يحنث الحالف أيضًا لوصوله بلا إذن خلاف ما يوهمه كلامه (ولا بسلامه عليه بصلاة) ظاهره يشمل السلام عليه في أثنائها معتقدًا تمامها قاله عج أي لأن قصد خطابه حاضرًا فيما تبطل به الصلاة ومحل كلام المصنف حيث طلب الحالف بالسلام عليه لكونه على يساره وإلا حنث ويدخل حينئذٍ تحت قوله الآتي وبسلامه عليه الخ. وقال الشيخ سالم ولا بسلامه أي الحالف عليه أي: على المحلوف عليه بصلاة ظاهره كظاهرها سواء كان الحالف إمامًا أو مأمومًا يسلم واحدة أو اثنتين اسمعه سلامه أو لم يسمعه ولا يخلو من نزاع في بعضها (ولا) يحنث الحالف على ترك الكلام (بـ) ـوصول (كتابه) أي مكتوبه (لمحلوف عليه) إلى الحالف (ولو قرأ) هو أي: الحالف كتاب المحلوف عليه أن لا يكلمه (على الأصوب) والمختار (وبسلامه عليه معتقدًا) أي جازمًا (أنه غيره) وأولى ظنه أو شكه أو توهمه أنه غيره ولم يعد هذا من لغو اليمين لأن الاعتقاد هنا ليس في الحلف بل في فعل غير المحلوف عليه فتبين خلافه انظر د أي أن الاعتقاد هنا حين الحنث كما يفيده تعريفه وإنما حنث هنا بخلاف سلامه عليه بصلاة مع طيب كل لأن طلب هذا لخصوص التحية وذاك لا لها بل للصلاة فالمحلوف عليه فيها غير مقصود لتحية وأما عكس المصنف وهو لو كلم رجلًا يظنه المحلوف عليه فإذا هو غيره فلا حنث فيه ذكره الشارح في كبيره وشامله ولا يقال هذا من العزم على الضد وفيه الحنث لأنا نقول العزم على الضد إنما يوجب الحنث في صيغة الحنث فقط كما مر وفي كلام تت نظر ومن هذا ومن فَرْعِ المصنف أي ومن قوله أيضًا وبوجود أكثر في ليس معي غيره يعلم أن الحنث وعدمه منوطان بما تبين لا بالاعتقاد

ــ

(لا قراءته بقلبه) معناه المطابق لسباق كلامه هو أن من حلف لأكلم فلانًا فإنه لا يحنث بكتاب وصل إلى المحلوف عليه وقرأه بقلبه وإنما يحنث إن قرأه بلسانه وهو قول أشهب ويكون ماشيًا على ما نقل ابن رشد عن المذهب لكن حمله على هذا يخالف قوله السابق وبكتاب إن وصل الذي ظاهره الحنث بمجرد الوصول وهو ظاهر المدونة وقال اللخمي إنه المذهب وهو الراجح كما في غ فلذا عدل ز عن حمله على ظاهره إلى قوله أي: من حلف لأقرأ كتابًا الخ. مع أن ما حمله عليه بعيد من كلامه وذكر غ وح أن في بعض النسخ فيما تقدم وبكتاب إن وصل وقرأ وهو يوافق ظاهر المصنف هنا لكن يكون جاريًا على خلاف الراجح (وقراءة أحد عليه) ما حمله عليه ز مثله لغ وهو صواب لأنه يؤخذ بالأحرى كما قال مما تقدم عن ابن حبيب عند قوله وبكتاب إن وصل وقد قال ابن عرفة ما نصه الشيخ عن أبي زيد عن ابن القاسم لو أمر عبده فقرأه عليه حنث ولو قرأه عليه غيره بغير إذنه لم يحنث اهـ.

ولم يقف غ على هذا (وبسلامه معتقدًا أنه غيره) قول ز إذ شرطها القبول أي: فإن قبل

ص: 134

ومن هذا قولها وإن قال: امرأته طالق ما له مال وقد ورث قبل يمينه ما لا يعلم به حنث إلا أن ينو في يمينه أعلمه فلا يحنث اهـ.

ابن ناجي قال بعض شيوخنا يؤخذ منها أن من قال عبد فلان حر وانكشف الأمر أنه ورثه قبل قوله هذا فإنه يعتق عليه ولم أره منصوصًا بخلاف الهبة إذ شرطها القبول أي فإن قبل حنث لأنها بالقبول وصارت من ماله وإن لم يقبل فلا حنث ومنه يعلم أنه إذا حلف ليكلمه فسلم عليه في جماعة معتقدًا أنه ليس فيهم فتبين أنه فيهم فإنه يَبَر ويخالف ذلك قول المصنف الآتي وبهبته له أو دفع قريب عنه وإن من ماله أو بشهادة بينة بالقضاء فإنهم جعلوا لعبرة فيه بلفظه لا بما تبين ولعله للاحتياط للحنث ولنوع تقصير فيمن حلف ثم شهدت له بينة بالقضاء أو دفع قريب عنه حيث لم يتثبت وقت حلفه بخلاف ما كشف الغيب عنه هنا من ملكه المال أولًا حينه فإنه قد لا يتصور علمه بذلك قبل كشف الغيب عنه.

تنبيه: إذا حنث بسلامه عليه معتقدًا أنه غير، فكلامه كذلك أو أحرى ومنه يستفاد من قال لنائم أيها النائم الصلاة خير من النوم فرفع رأسه فإذا هو المحلوف عليه أنه يحنث قاله ابن القاسم وليست هذه عين مسألة وبكلامه ولم لم يسمعه لتقييد هذه بمعتقدًا أنه غيره (أو في جماعة) عطف على مقدر أي وبسلامه عليه حالة كونه وجده أو في جماعة ويصح عطفه على معتقدًا (إلا أن يحاشيه) بلسانه وكذا بقلبه إن تقدمت محاشاته على السلام فإن حاشاه أثناءه أو بعده فلا بد من التلفظ بالمحاشاة ولا يكفي النية وبما قررنا علم أن المراد بالمحاشاة هنا غير معناها المتقدم الذي هو إخراج بعض ما يصدق عليه قبل الحلف بالنية وغير لاستثناء بل المراد بها معناها اللغوي وهو ما يشمل أمرين وقول تت وتقدم معنى المحاشاة يوهم تفسيرها هنا بما مر قاله عج وقد يقال كلام تت حسن إذ المحاشاة إنما تفسيرها ما تقدم وإطلاقها على التلفظ غير حقيقي وإنما يقال قول المصنف إلا أن يحاشيه وأولى إذا استثناه بشروطه المتقدمة وظاهر المصنف سواء رأى المحلوف عليه مع الجماعة أم لا عرف الجماعة أم لا وهو ظاهر المدونة فلا يحنث إن حاشاه حال علمه به وقول بعض الشراح لم يحنث علم أن المحلوف عليه فيهم أو لم يعلم ولو لم يحاشه إذا لم يقصده بالسلام لأنه لم يسلم إلا على من عرف اهـ.

غير ظاهر إذ مع علمه أن المحلوف عليه فيهم يحنث إذا لم يحاشه قاله عج ونقل د

ــ

حنث الخ. فيه نظر لأن القبول متأخر عن إنشاء العتق فلم يصادف العتق محلًا تأمله (إلا أن يحاشيه) قول ز فإن حاشاه أثناءه الخ. هذا هو الذي نقله ابن ناجي عن عبد الحق كما في ح وتقدم ما فيه.

وقول ز وقول بعض الشراح الخ. يعني به الشيخ سالمًا لكن إنما قاله فيما إذا عرف الجماعة أو بعضهم وفي ح عن الشامل لا يحنث إن سلم على من رأى من جماعة أو عليهم ولم يره فيهم لأنه إنما سلم على من عرف اهـ.

ص: 135

عن الشامل نحوّ ما لبعض الشراح وأصله لابن المواز ثم عن ظاهر المدونة نحوّ ما لعج ابن ناجي على المدونة يقوم من هذه أي مسألة المحاشاة هنا جواز السلام على جماعة فيهم نصراني إذا حاشاه اهـ.

(و) يحنث الحالف لأكلمه (بفتح) من الحالف (عليه) أي إرشاده إلى القراءة إذا وقف وأسندت عليه طرقها حتى لا يجد مسلكًا ففتح عليه بأن أرشده ولقنه ما غلط فيه فإنه يحنث وظاهره ولو وجب عليه الفتح بأن كان في الفاتحة لأنه في معنى قوله قل أو اقرأ كذا بخلاف سلام الصلاة وبخلاف ما إذا قرأ معه (وبلا علم أدنه في) حلفه (لا تخرجي) أو لأخرجت (إلا بإذني) فأذن في الخروج ولم تسمع إذنه أو أذن في سفر ولو أشهد فيهما وخرجت قبل علمها به فيحنث لأن معنى إلا بإذني إلا بسبب إذني وهي لم تخرج حينئذٍ بسبب إذنه وأما إن حلف لا تخرجي أو لا خرجتِ إلا أن آذَنَ فخرجت بعد إذنه وقبل علمها به وسماعها فلا يحنث كما نقله تت عن اللخمي لوجود إذنه ولم يُعَلقِه على علمها به كمسألة المصنف عملًا بمدلول اللفظ (و) حنث (بعدم علمه) أي إعلامه أي لا يبر (في لأعلمنه) فإن أعلمه (وإن برسول) يرسله للمحلوف عليه يعلمه بذلك الأمر بر فالمبالغة في المفهوم والكتاب أحرى وبالغ على الرسول لأنه قد يزيد أو ينقص ويصح كونها في المنطوق أي وحنث بانتفاء الإعلام وإن كان انتفاؤه من رسول والأول أظهر وأتمَّ فائدة وعلم اسم مصدر مرادًا به المصدر كما قررنا وعدل عنه اختصارًا أو أجرى مصدر المجرد مجرى مصدر المزيد وكذا يقال فيما يذكره قريبًا (وهل) الحنث في المنطوق (إلا أن يعلم أنه علم) بالخبر لتنزيل علمه بإعلام غيره منزلة إعلامه هو أو الحنث مطلق أي ولو علم أن المحلوف له وصل إليه العلم من غيره (تأويلان) فالشق الثاني محذوف وتقديره متأخرًا كما ذكرت هو المناسب إذ بتقديره متقدمًا يلزم عطف الشق المذكور فكان يقول وهل أو إلا أن يعلم ويقاس على هذا الموضع ما أشبهه قاله د وفيه نظر إذ الاستثناء يقتضي تقدير عام قبله فالأولى ما لتت من تقدير الإطلاق قبل وحذف أو جائز كما في المغني (أو) عدم (علم) أي لا يبر أيضًا بعدم إعلام (وال ثان) فهو عطف على علمه أي متولي شيء من أمور المسلمين (في حلفه) طوعًا (لأول) ثم عزل أو مات إذا كان حلفه (في) أمر (نظر) أي مصلحة للمسلمين فلو كانت المصلحة للوالي نفسه لم يحنث بعدم إعلام الثاني وإنما يحنث بعدم إعلام الأول بعد عزله ويجري فيه التأويلان وإن إعلامه بالرسول أو بالكتاب كاف وأما إن مات فلا شيء عليه وليس عليه رفع ذلك لوارثه ولا

ــ

(في لا تخرجي إلا بإذني) حذف منه النون لغير جازم على لغة شاذة لأنه لكونه جواب قسم يتعين أنه خبر لا نهي والله أعلم. (تأويلان) الأول للخمي والثاني لأبي عمران انظر ح وقول ز إذ الاستثناء يقتضي الخ. هذا لا ينافي ما قاله د بل هو يسلمه فلا معنى للاعتراض به عليه والظاهر ما قاله د وأيضًا كلامه يقتضي أنه إذا قدم الشق الثاني يكون هو المستثنى منه

ص: 136

لوصيه قاله أشهب (و) حنث (بمرهون) ثوب طلب منه إعارته (في) حلفه (لا ثوب لي) حنث لا نية له سواء زادت قيمته على الدين المرهون فيه أم لا فإن نوى ما عدا المرهون لم يحنث إن كانت قيمته كفاف الدين كما في تت وكذا إن كان فيها فضل على المعتمد قاله عج وفي الشيخ سالم قولان وأخذ الحنث من قولها أي: كما في الشارح إن كان الرهن كفاف الدين إذ مفهومه الحنث إن كان فيه فضل اهـ.

وكالمرهون مال غائب لم يعلم به في حلفه لا مال له إلا أن ينوي في يمينه أعلمه فلا يحنث قاله ابن المواز قاله د وتقدم نحوه عن المدونة وينبغي إلحاق المعار والمستأجر بالمرهون (و) حنث (بالهبة) لغير ثواب (والصدقة) أي بكل منهما وبكل ما ينفعه به من نحلة أو عمرى أو إسكان أو تحبيس (في) حلفه (لا أعاره وبالعكس) لأن أصل يمينه على أن لا ينفعه ويفهم منه حنث من حلف لا وهبه فتصدق عليه وبالعكس بالأولى (ونوى) في قوله وبمرهون وفيما بعده من المسألتين لكن في أولاهما ينوي إلا لمرافعة مع بينة أو إقرار في طلاق وعتق معير (إلا في صدقة) تصدق بها عوضًا (عن هبة) حلف لأفعلها أي لا يهبه فلا ينوي أي على الإطلاق أي بل ينوي إلا لمرافعة مع بينة أو إقرار في طلاق وعتق معين فهي كالأولى من الصورتين بخلاف قوله بالعكس وهو العارية في لا وهبه أو لا تصدق عليه وكذا الهبة في لا تصدق عليه التي هي عكس قوله إلا في صدقة عن هبة وقول تت عقب قوله إلا في صدقة عن هبة وكذا عكسه خلاف ما في التوضيح (و) حنث (ببقاء) بعد يمينه زائد على إمكان الانتقاء (ولو) ببقائه (ليلًا في) حلفه (لأسكنت) هذه الدار فإن لم يمكنه لعدم من ينقل مثلًا أو قام يومين أو ثلاثة ينقل متاعه لكثرته وعدم تأتي نقله في يوم واحد عادة لم يحنث لأنه كالمقصود باليمين وليس غلو الكراء أو وجود بيت لا يناسب عذرًا فينتقل ولو لبيت شعر وكذا لا يحنث ببقائه ليلًا

ــ

وذلك غير صحيح إذ لا يعطف المستثنى على المستثنى منه وهو ظاهر (وبمرهون في لا ثوب لي) بعد أن ذكر ح أن الروايات والأجوبة اختلفت في هذه المسألة نقل في تحصيلها عن الرجراجي ما حاصله أنه إذا ادعى نية كأن ينوي لا ثوب لي أقدر عليه للعارية مثلًا فإن لم يكن في الثوب فضل أو كان ولكن لا يقدر على فكاك الرهن لعسره أو الدين مما لا يعجل قبلت نيته وإلا بأن كان فيه فضل وهو يقدر على فكاك الرهن فقولان وأما إن لم تكن له نية ففيه ثلاث روايات ورواية التهذيب أنه يحنث كان في الثوب فضل أولًا اهـ.

بخ فقول ز فإن نوى ما عدا المرهون الخ. فيه نظر إذ ليست هذه النية هي محل التفصيل وإنما محله إذا نوى لا ثوب لي أقدر عليه للعارية كما علمت من كلام الرجراجي أما إذا نوى ما عدا المرهون بلا حنث عليه مطلقًا كما هو واضح وقول ز وكذا إن كان فيه فضل على المعتمد أي وهو قادر على فكاك الرهن لأن هذا هو محل الخلاف كما تقدم.

(إلا في صدقة عن هبة) قول ز وكذا الهبة في لا تصدق الخ. أي: فينوي وقيده في ضيح عن ابن رشد بما إذا كان له اعتصارها (ولو ليلًا) هذا مذهب المدونة ومقابلة لأشهب لا

ص: 137

لخوف ظالم أو سارق لأنه مكره في البقاء ويمينه صيغة بر لا حنث فيها بالإكراه كما قدم المصنف وإذا خرج لا يرجع لأنه على العموم بخلاف حلفه لأنتقلن وأما لو حلف لأسكنن فإنما يبر بطول مقام يرى أنه قصده رعيًا للقصد حيث لا نية له بقدر معين (لا) يحنث بالبقاء (في لأنتقلن) من هذه الدار إلا إن قيد بزمن فيحنث بمضيه وهو على بر إليه ويؤمر من أطلق بالانتقال وهو على حنث ولا يطأ امرأته حتى ينتقل (ولا) يحنث من حلف على ترك السكنى (بخزن) إذ لا يعد سكنى إذا انفرد وإنما يعد ابن القاسم بقاء المتاع سكنى إذا كان تبعًا لسكنى الأهل وإذا انفرد لم يعد سكنى وظاهر كلام اللخمي أن المذهب الحنث بالخزن ومشى المصنف على خلافه لما استظهره في توضيحه ولو كان في الدار مطامير وقد أكرى الدار فهل ينقل ما في المطامير جعله التونسي محل نظر قال وينبغي إن كانت لا تدخل في الكراء لا بالشرط وتكرى وحدها لخزن الطعام أن لا تدخل في اليمين وإن له تركها إذا كان قد اكترى المطامير منفردة قبل سكناه أو بعدها إلا أن لا يليق بالمطامير أن تبقى إلا بمكان سكناه فينبغي نقلها مع قشه اهـ.

ثم ظاهر ما تقدم أنه أبقى فيها شيئًا مخزونًا وفي نقل ق إن معنى المصنف أنه إذا حلف لأسكن هذه الدار فخرج منها ثم خزن فيها فلا يحنث وأما لو كان في الدار شيء مخزون وأبقاه فإنه يحنث ببقائه اهـ.

(وانتقل) الحالف (في) حلفه (لا ساكنه) بدار أو حارة أو حارتين بقرية صغيرة وكذا

ــ

يحنث حتى يستكمل يومًا وليلة وقال أصبغ لا يحنث حتى يزيد عليهما (لا في لانتقلن) القلشاني قال ابن رشد في حمل يمينه لأفعلن على الفور فيحنث بتأخيره أو على التراخي فلا يحنث به قولان ثم قال والقول بأنه على التراخي هو المشهور من المذهب ومثله في نقل ق واعلم أن مثل لانتقلن لا بقيت كما أفتى به الشيخ القصار بخلاف لا سكنت وقد تقدم عند قوله وفي النذر المبهم الخ لد أن مثل لأنتقلن أيضًا لا أقمت وفي تكميل التقييد ما نصه حكى الصرصري في كتاب الإيلاء فيمن قال: والله إن بقيت في هذه الدار أو لا بقيت أو ما نبقي هل يرد إلى قوله: لأنتقلن فلا يحنث إذا رجع وهو الذي كان يختاره أبو الحسن البالصوتي أو يرد إلى قوله لأسكنت فيحنث متى ما رجع وهو الذي كان يختاره أبو إسحاق إبراهيم القاري قال لأن تفسير النفي بالنفي أولى اهـ.

وقد علمت أن الأول هو الموافق لما تقدم ولفتوى القصار وقول ز ولو كان في الدار مطامير وقد أكرى الدار الخ. هكذا في نقل خ عن التونسي بلفظ أكرى بدون تاء رباعيًّا قال ح والظاهر أن أكرى في كلام التونسي بمعنى اكترى اهـ.

قلت: وكذا رأيته في عدة نسخ من ضيح والله أعلم (وانتقل في لأساكنه) قول ز بدار أو حارة الخ. أي: وهما حين اليمين بدار أو حارة الخ. هذا مراده فلا يلزم أن يكون ذلك من لفظ الحالف وقول ز إن صغرت فإن كبرت الخ. هذا التفصيل نحوه للخمي كما ذكره ابن عرفة ونصه اللخمي إن كانا حين حلفه بمحلة انتقل لأخرى وبمحلتين في مدينة لا شيء عليه

ص: 138

إن انتقل المحلوف عليه في هذه الأقسام الثلاثة (عما كانا عليه) انتقالًا يزول معه اسم المساكنة عرفًا حيث لا نية ولا بساط وسواء كانت الدار في القسم الأول بساحة هما بها أو بها بيت هما به أو ذات بيوت كل ببيت وانتقل في القسم الثاني لحارة أخرى إن كانت يمينه لأساكنه أي: بهذه الحارة وأما لأساكنه بهذه البلدة أو ببلدة فينتقل لأخرى على فرسخ أو أكثر كالقسم الثالث إن صغرت فإن كبرت كالمدينة المنورة لم يتوقف البر على انتقاله وفائدة يمينه أنه لا يقرب منه ولا يسكن معه هذا إن كانت يمينه لأساكنه بدار أو حارة أو حارتين كما مر فإن كانت لأساكنه بهذه البلدة أو ببلدة فالظاهر انتقاله لأخرى على فرسخ وأما إن حلف لأساكنه وكل بقرية صغيرة فمعنى انتقاله حيث لا نية ولا بساط أن لا يجتمع معه في مسقى أو محطب أو مسرح بل يتباعد عنه فإن كبرت البلدتان وحلف لأساكنه فلا يقرب منه عرفًا ولما شمل كلامه من كان في قرية أو مدينة أو بادية أو دار كما قدمنا وهو أن الانتقال منه مخرج عن الحنث في ذلك كله وكان له في المخرج عن الحنث في الدار وجه آخر غير الانتقال أشار إليه عاطفًا على النقل بقوله (أو ضربًا) بينهما (جدار) أي شرع في ضربه بأثر اليمين ولو لم يخرج أحدهما حتى يضرب فقد يكون ضربه أسرع من الانتقال ولا يشترط كونه وثيقًا بالطوب والحجر بل يكفي (ولو جريدًا بهذه الدار) قال ح أشار بلو لخلافين أي ولو كان الجدار جريدًا ولو في هذه الدار فليس قوله بهذه الدار متعلقًا بساكنه وقد أشار لذلك ابن غازي اهـ.

ــ

إلا أن يساكنه في قرية وإن كانا في قرية انتقل لأخرى لأن القرية كمحلة والذي في ح عن ابن عبد السلام ما نصه وإن كانا حين اليمين في قرية واحدة انتقل عنه إلى قرية أخرى اهـ.

فلم يفصل بين صغيرة وكبيرة (ولو جريدا الخ) قول ز قال ح أشار بلو الخ. كذا في النسخ برمز ح للحطاب وليس فيه شيء من ذلك وأصل ما ذكره لغ ونصه وأشار بلو لخلافين أحدهما الخلاف في الحاجز إذا لم يكن بناء وثيقًا بالحجر ونحوه بل كان من جريد النخل وشبهه والثاني الخلاف في إجزاء الحاجز إذا عين الدار قتال بهذه الدار مثلًا كما تلفظ به المصنف أما الأول فبالجريد فسر ابن محرز المدونة خلافًا لابن الماجشون وابن حبيب وأما الثاني فقال ابن عرفة والمصنف ظاهر قوله في المدونة سماها أم لا إجزاء الحاجز في المعينة وهو خلاف قول ابن رشد في سماع أصبغ لو عين الدار لم يبر بالجدار اتفاقًا وقد سبقهما لهذا أبو الحسن الصغير وزاد أن المساكنة التي هي مقابلة يزيلها الجدار بخلاف السكنى اهـ.

وقول ز كان له مدخل مستقل أم لا الخ فيه نظر وفي المدونة التقييد بأن يجعل لكل نصيب مدخل على حدة كما نقله ق وقال في ضيح على قول ابن الحاجب ولو حلف لأساكنه وهما في دار فجعلا بينهما حائطًا فشك مالك وقال ابن القاسم لا يحنث اهـ.

ما نصه وما نقله المصنف عن ابن القاسم هو في المدينة وشرط أن يكون لكل نصيب مدخل على حدة اهـ.

ص: 139

أي وما قبل المبالغة لأساكنه ولم يزد وإنما يكفي ضرب الجدار مطلقًا طوبًا أو زريًا أو جريدًا حيث كان لكل محل مرفق كان له مدخل مستقل أم لا ولا يكفي استقلال أحدهما بالمدخل مع اشتراك المرفق ومحله أيضًا إن كان الحلف لأجل ما يحصل بين العيال فإن كان لكراهة جواز فلا بد من الانتقال وإن لم تكن له نية فقولان واعلم أن جميع ما مر في غير أهل العمود وأما هم فلا بد أن ينتقل عنه نقلة بينة حتى ينقطع ما بينهما من خلطه العيال والصبيان ولا ينال بعضهم بعضًا في العارية والاجتماع إلا بكلمة وصيغة اليمين لا يجاوره أو لينتقلن عنه ولا يحنث في لأساكنه بسفره معه إلا أن ينوي التنحي.

تنبيه: ذكر ح عن ابن عبد السلام أنهما إذا كانا معًا بمحل واحد وفوقه محل خال فإن انتقل أحدهما إلى العلو وبقي الآخر في السفل أجزأه نص عليه ابن القاسم في المدونة ورأى بعض الشيوخ أن هذا إنما يكفي إذا كان سبب اليمين ما يقع بينهما من أجل الماعون وأما لعداوة فلا يكفي اهـ.

أي لأنه لا يزول معه اسم المساكنة عرفًا فلا يبر بذلك ويعتبر فيما ذكره ح أن يكون كل مسكن مستغنيًا بمرافقة كما في الشامل (و) حنث في لأساكنه (بالزيارة) من أحدهما للآخر (إن قصد التنحي) أي البعد عنه لذات المحلوف عليه لأنه غير موجود مع الزيارة إذ هي مواصلة وقرب (لا) إن لم يقصده لذاته بل كانت يمينه (لدخول) شيء بين (عيال) من نساء وصبيان فلا حنث بالزيارة وكذا إن كان لا نية له فالمعول عليه مفهوم لشرط فلا حنث بشرطين أشار لهما بقوله (إن لم يكشرها نهار أو ببيت) لنصب بعد واو المعية (بلا مرض) ويصدق بصور أن يكثرها نهارًا من غير مبيت أو أكثرها وبات لمرض أو بات بلا

ــ

(إن لم يكثرها نهارًا الخ) قول ز في نقل أبي الحسن عن ابن رشد التعبير بأو الخ. مثله أيضًا في نقل ضيح عن ابن رشد ونقله ح وقال الشيخ أحمد بابا الثابت في خط المصنف يعني في المتن أنه عطف قوله أو يبيت بأو لا بالواو وهو الصواب الموافق لقول ابن رشد أول مسألة من سماع يحيى من النذور واختُلِف في حد الطول الذي يكون به الزائر في معنى المساكن على قولين ثم قال والثاني أن الطول أن يكثر الزيارة بالنهار ويبيت في غير مرض إلا أن يشخص إليه من بلد آخر فلا بأس أن يقيم اليوم واليومين والثلاثة على غير مرض اهـ.

والمراد على غير مرض المحلوف عليه وأو هنا لكونها واقعة بعد النفي تفيد النفي عن الأمرين كما في الرضي والمعنى فإذا قلت لم يجىء زيد أو عمرو فالمعنى لم يجىء واحد منهما ومن ذلك قول الله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] وحينئذٍ فالمنطوق في المصنف صورة واحدة وهي نفيهما معًا وهي صورة عدم الحنث والمفهوم ثلاث صور وهي ثبات الأمرين أو أحدهما وهي صور الحنث والله أعلم. وقول ز فالاختلاف بين التقريرين في الصورة الثالثة من المنطوق الخ. غير صواب بل الاختلاف بينهما في الصور الثلاث التي ذكرها أولًا كلها كما يعلم مما ذكرناه وهي أن يكثرها نهارًا من غير مبيت أو مع

ص: 140

مرض ولم يكثرها فإن أكثرها وبات بلا مرض حنث وهي صورة المفهوم وما قبلها من الصور منطوق قاله الشيخ سالم قيل ونحوه في الشامل وهو ظاهر المصنف على نسخة ويبيت بالواو ولكن في نقل أبي الحسن عن ابن رشد لتعبير بأو وحينئذٍ فالواو وهنا بمعنى أو كما هو موجود في بعض النسخ وما في الشامل غير ظاهر والكثرة ما يعده العرف كثرة ولو في أيام وقيل معنى الكثرة نهارًا طول الإقامة بأهله مدة الزيارة فالمرة الواحدة من الزيارة ليست من الكثرة تأمل اهـ.

فالاختلاف بين التقريرين في الصورة الثالثة من المنطوق تأمل وهذا إذا كان لا يأتي من بلد أخرى وإلا فله أن يقيم عنده اليومين والثلاثة ومقتضى جعل اليمين في مسألة لا لدخول عيال ما يدخل بين العيال من المشاورة عدم الحنث بزيارته ولو طالت إقامته، وبات بلا مرض فما وجه ما ذكره المصنف قاله عج قلت: لعله أن مجيئه على الوجه المذكور ربما كان ذريعة لمجيء أولاده فيحصل خلطة العيال (وسافر القصر) أي مسافته شرعًا (في) حلفه (لأسافرن) وإن لم تقصر الصلاة فيه لعدم قصدها دفعة أو لعصيانه به أو نحو ذلك ولا يعارض هذا قولهم يقدم المقصد الشرعي على اللغوي على المعتمد لأن الأربعة يرد مسافة شرعية ولو تخلف قصر الصلاة فيها لعارض وقول تت ما هنا مخالف لما تقدم من تقديم المقصد اللغوي على الشرعي حيث لا بساط صحيح ولكن الراجح ما هنا من تقديمه على اللغوي لا ما هناك (و) إذا سافر لمكان مسافة القصر (مكث) لزومًا (نصف شهر) أراد لا يرجع لمكان دونه قبل نصف شهر لا حقيقة المكث إذ لو استمر سائرًا بعد مسافة القصر نصف شهر لكان الحكم كذلك (وندب كماله كأنتقلن) من هذه البلدة أو نوى ذلك أو دلت عليه قرينة والتشبيه حينئذٍ تام وأما من هذه الدار أو الحارة أو نوى ذلك أو قامت عليه قرينة فلا يشترط السفر بل يكفي الانتقال لأخرى ويمكث نصف شهر ويندب كماله وانظر إذا حلف لينتقلن ولم يقيد بواحد منهما والقياس أنه لا يبر إلا

ــ

مبيت لمرض أو لم يكثرها وبات بلا مرض لما تقدم من أن المنطوق على نسخة أو إنما هو صورة واحدة وهي نفي كثرتها نهارًا ونفي المبيت بلا مرض وهذه الصورة لا تصدق بواحدة من الثلاث المذكورة بل كلها مفهوم فتأمله.

(كأنتقلن) قول ز ويمكث نصف شهر الخ. قال في ضيح وهذا إذا قصد إرهاب جاره ونحو ذلك وأما إن كره مجاورته فلا يساكنه أبدًا وكذلك ينبغي في مسألة المنة أنه إن رجع إليه حنث اهـ.

ونقل نحوه ح عن العتبية وقول ز وعلى عدم البر في مسألة كأنتقلن الخ. على هذا حمل البساطي المبالغة وحملها الشارح على الأول أعني لأسكنت ومثله لا أساكنه واستظهره ح قال طفى وظاهر كلامهم أنه لا يحنث في لأنتقلن ببقاء رحله قال وتسوية عج بينهما عهدتها عليه اهـ.

ص: 141

بفعل من قيد ببلد وبالغ على الحنث في مسألة لأساكنه وعلى عدم البر في مسألة كانتقلن بقوله (ولو بإبقاء رحله) وهو ما يحمل الحالف على رجوعه له أو طلبه إن تركه والحنث في الأولى مقيد بثلاثة قيود أن لا يكون في نقله فساد فإن كان كثمر شجر بدار قبل استحقاق جده فلا يحنث بإبقائه فيما يظهر على أن إطلاق الرحل عليه مجاز وأن يكون حلفه لقطع المنة ونحوها فإن كان لما يدخل بينه وبين جيرانه من مشاورة ونحوها فلا يحنث كما في د عن اللخمي وأن يبقيه بمحل السكن أو حكمه مما يدخل في عقد الإجارة بغير شرط وأما ما لا يدخل إلا بشرط كالمطامير فلا يحنث بإبقاء ما خزن بها مع أنه من جملة ما يدخل في الرحل كما قال التونسي وقد مر ذلك قال ح ومثل المطامير الصهاريج عندنا بالحجاز فإذا أبقى رحله في المطامير أو الصهاريج لم يحنث إن أكراها منفردة عن محل سكنه وكانت مأمونة حال انتقاله عنها ولم تدخل في الكراء الأصلي إلا بشرط كما هو أصل موضوعه فإن اختل واحد من هذه فلا يبقى بها شيئًا من متاعه فإن أبقاه حنث اهـ.

وما استظهره بعض شيوخ د على نقله عند قوله ولا يخزن من عدم حنثه بإبقاء ما كان مخزونًا قبل يمينه وارتحل عنه لأنه غير ساكن يقيد بمحل يدخل في عقد الكراء بشرط لأنه يحنث فيما يدخل في عقد الكراء بغير شرط كما علمت من كلام ح (لا) يحنث (بكمسمار) ووتد وخشبة تركه إهمالًا أو نسيانًا (وهل) عدم الحنث (إن نوى عدم عوده له) فإن نوى عوده له حنث أو عدم الحنث سواء نوى عوده أو عدمه له (تردد) وأورد على الشق الأول أنه يقتضي حنثه إذا لم تكن له نية كما إذا نسي المسمار ونحوه مع أن مذهب ابن القاسم فيها عدم الحنث وهو المذهب خلافًا لابن وهب فلو قال وهل إلا أن ينوي عوده له تردد كان أولى فمحل التردد إن نوى العود فإن نوى عدمه لم يحنث اتفاقًا

ــ

قلت: وفيه نظر بل الصواب ما فعله عج فإن ابن رشد في البيان فرض ذلك في لانتقلن ونص العتبية في رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب النذور سمعت ابن القاسم يقول فيمن حلف لينتقلن فانتقل وترك من السقط ما لا حاجة له به قال لا شيء عليه ابن رشد أما إذا تركه لإفضاله على أن لا يعود إليه فلا اختلاف في أنه لا حنث عليه بتركه واختلف إن تركه ناسيًا ففي كتاب ابن المواز أنه لا حنث عليه وفي سماع عبد الملك عن ابن وهب أنه يحنث بتركه ناسيًا وأما إن تركه على أن يعود فيه فيأخذه فإنه حانث إلا على مذهب أشهب الذي يقول إنه لا يحنث بترك متاعه وقول ابن القاسم أظهر اهـ.

وهذه طريقة ابن رشد بالتفصيل ومقابلها طريقة ابن يونس لا يحنث بترك السقط عند ابن القاسم مطلقًا وإليهما أشار المصنف بالتردد (وهل إن نوى عدم عوده له تردد) التردد هنا للمتأخرين في فهم قول ابن القاسم في الموازية فإن ترك من السقط مثل الوتد والمسمار والخشبة مما لا حاجة له به أو ترك ذلك نسيانًا فلا شيء عليه اهـ.

هل يقيد بقول ابن وهب إن نوى عوده إليه حنث أو يبقى على إطلاقه في عدم الحنث

ص: 142

وكذا إن لم ينو شيئًا عند ابن القاسم (و) من حلف ليقضين فلانًا حقه إلى أجل كذا فقضاه إياه فاستحق كله أو بعضه من يده أو اطلع فيه على عيب حنث (باستحقاق بعضه) وأولى كله بعد القضاء ولو كان البعض الباقي يفي بالدين (أو) تبين (عيبه) القديم الموجب للرد وقام رب الدين به وكان القيام بما ذكر (بعد الأجل) فهو حانث وإن لم يعلم بذلك ولو أجاز المستحق فإن لم يوجب الرد أو لم يقم به رَدُّ الدين لم يحنث الحالف والقيد الثاني يجري في مسألة الاستحقاق كما في أبي الحسن ولا ينافي ما قدمته من حنثه ولو أجازه المستحق لأنه في الإجازة بعد القيام أي يتكلم في شأن الشيء المستحق ثم يجيز فيحنث الحالف وأما إن لم يحصل من المستحق تكلم أصلًا فلا يحنث الحالف وقد يدعي حنثه بالعيب الموجب للرد وإن لم يقم به لأنه حينئذٍ كهبته أو بعضه وسيأتي حنثه بها ثم هذا ما لم يكن العيب نقص عدد أو وزن فيما التعامل به وزنًا وأما في ذلك فيحنث ولو حصلت الإجازة قبل القيام.

فرع: لو حلف لا باع شيئًا عينه فباعه وبه عيب يوجب الرد فقال اللخمي يحنث سواء قبله المشتري بعد علمه بالعيب أو رد وإن حلف ليبيعنه لم يبر إن رد بالعيب انظر د (و) حنث من حلف ليقضين فلانًا حقه إلى أجل كذا (ببيع فاسد) متفق على فساده باعه له وقاصصه بثمنه من حقه و (فات) المبيع في يد صاحب الحق (قبله) أي قبل الأجل المحلوف إليه وقيمته أقل من الدين ولم يكمل الحالف للغريم بقية حقه حتى مضى الأجل فإن أكمل الحق قبل الأجل أو كان في القيمة وفاء به فلا حنث فقوله (إن لم تف) أي القيمة أو يضبط بمثناة تحتية أي البائع كما في تت والمراد بالحنث عدم البر أي فإن فات وقيمته كالدين بر مطلقًا وأقل بر إن قضاه تمامه قبل الأجل وإلا حنث وتقييدي الفاسد بالمتفق عليه لإخراج المختلف فيه فلا يحنث به مطلقًا لأنه يمضي بالثمن وكلام المصنف فيما يمضي بالقيمة (كأن لم يفت) المبيع قبل الأجل وفات بعده (على المختار) فإن كان فيه وفاء بر وإلا حنث هذا محل كلام اللخمي وحينئذٍ فالتشبيه في القسمين وأما إن لم يفت المبيع قبل الأجل ولا بعده فالحنث اتفاقًا لأنه لم يدخل في ضمان المشتري ولا في ملكه والمناسب التعبير بالفعل لأن سحنون قال بالحنث وأشهب وأصبغ بعدمه واللخمي

ــ

ولما لم يكن اختلافهم في فهم المدونة عبر بالتردّد دون التأويلين والله أعلم (وباستحقاق بعضه) قول ز وقام رب الدين به الخ. هذا القيد مصرح به في المدونة وظاهرها أنه يجري في العيب والاستحقاق كما نقله ز عن أبي الحسن انظر نصها في ق وح وقول ز وإن لم يعلم بذلك. أي: وإن لم يعلم الحالف عند الدفع بذلك وهو ظاهر المدونة قال ابن الحاجب وهو إن لم يعلم مشكل ضيح لأن القصد أن لا يماطل وقد فعل اللخمي والحنث على مراعاة الألفاظ ولا يحنث على القول الآخر لأن القصد إن لا يلدّ اهـ.

ومفهوم بعد الأجل أنه إن علم قبله وأجاز فلا حنث وكذا إن لم يجز واستوفى حقه قبل مضي الأجل وإلا حنث انظر ح (كأن لم يفت على المختار) قول ز وفات بعده وقوله وإما إن

ص: 143

قال بالثاني إن كانت القيمة مساوية نظرًا إلى أنه حصل بيده عوض حقه فهو اختيار له من عند نفسه والجواب عنه أن التفصيل لما لم يخرج عن القولين كان مختارًا من الخلاف قاله د (و) حنث الحالف ليقضين فلانًا حقه إلى أجل كذا (بهبته) ربه أي الدين (له) أي للمدين وقبله لأن الهبة للمعين لا بد فيها من ذلك ولا ينفعه حينئذٍ دفعه له بعد القبول وقبل الأجل بل يحنث بمجرد القبول لعزمه على الضد فإن لم يقبل فإن وفاه في الأجل بر لأنه على بر إليه وإلا فلا وقول تت على حنث إلى الأجل صوابه على بر لأن صيغة الحنث المقيدة بأجل صيغة بر وإن حمل المصنف على عدم وفائه قبل الأجل صح وقدر حينئذٍ لا يبر ولا يقدر حنث (أو دفع قريب) للحالف غير وكيل أو وكيل أو سلطان (عنه) بغير أمره (وإن من ماله) أي الحالف فيحنث إلا أن يعلم بدفعه عنه قبل الأجل ويرضى فيبر سواء دفع من ماله أو من مال الحالف كدفع قريبه وهو وكيل قضاء أو مفوض كوكيل تقاضى دينه أو في بيع أو شراء أن أمره بالدفع وإلا لم يبر قاله ق وينبغي إلا أن يعلم به ويرضى وأما وكيل الضيعة فلا يبر بقضائه وما هنا وكيل الحالف وما يأتي للمصنف وكيل المحلوف له (أو شهادة بينة) له على رب الحق (بالقضاء) ولو زكيت وقبلت شهادتها أو تذكر الطالب أنه كان قبضه أو أبرأه ولا يبر الحالف في ذلك كله (إلا بدفعه) الحق بنفسه

ــ

لم يفت المبيع الخ. فيه نظر بل ظاهر اللخمي كظاهر المصنف أن الخلاف والاختيار جاريان فيما إذا لم يفت قبله سواء قال بعده أو لا ونص اللخمي وإن مضي الأجل وهو قائم فقال سحنون يحنث وقال أشهب لا يحنث وأرى بره إن كان فيه وفاء اهـ.

نقله ق وقد شرح ح كلام المصنف على ظاهره ولم يتعقبه وقال ابن عاشر مفهوم قوله مندرج في قوله كأن لم يفت لأن هذا صادق بما إذا لم يفت أصلًا وبما إذا فات لكن بعد الأجل لأن المعتبر من فوته وبقائه إنما هو وقت انقضاء الأجل ولا عبرة بما يطرأ بعد ذلك اهـ.

وقول ز لأنه لم يدخل في ضمان المشتري الخ. تعليل باطل لأنه دخل في ضمانه بالقبض الذي هو الموضوع ويأتي وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض الخ. (وبهبته له) قول ز ولا ينفعه حينئذٍ دفعه له بعد القبول الخ. قال في ضيح وعلى الحنث فهل يحنث بنفس قبول الهبة وإن لم يحل الأجل وإليه ذهب أصبغ وابن حبيب أو لا يحنث حتى يحل الأجل ولم يقضه الدين ولو قضاه إياه بعد القبول وقبل حلول الأجل لم يحنث وهو ظاهر قول مالك وأشهب اهـ.

قال ح وعلى قول مالك وأشهب حمل الشارح بهرام كلام المصنف اهـ.

وذكر تت في كبيره عن ابن ناجي أنه المشهور فالصواب حمل المصنف عليه خلافًا لز وحمله عليه.

هو الموافق لقوله بعده إلا بدفعه الخ. على ما هو الظاهر من رجوعه لهذا أيضًا (أو دفع قريب عنه) قول ز: كدفع قريبه وهو وكيل قضاء الخ. أي فيبر بدفعه عنه في وكيل القضاء والمفوض مطلقًا أمره به أم لا وما في المصنف محمول على قريب غير وكيل أو وكيل تقاض أو ضيعة كما بينه (إلا بدفعه) ابن عاشر إن قبل المحلوف له قبض المال وإلا فلا يلزم به ويقع الحنث اهـ.

ص: 144

أو بإذن قبل مضي الأجل أو يبلغه قضاء غيره عنه قبل الأجل ويرضاه وقوله (ثم أخذه) منه إن لم يكن رد الهبة من تتمة الحكم لا أنه لا يخرج من عهدة اليمين إلا به وكلام المصنف هنا مبني على مراعاة الألفاظ دون البساط وهو خلاف ما تقدم قاله عج ولكن الراجح كلام المصنف فيما هنا بخصوصه ولا غرابة في بناء مشهور على ضعيف ومثل مسألة المصنف إذا كان الحق المحلوف على وفائه عوض عبد فاستحق أو ظهر به عيب ورده فإنه لا يبر حتى يوفيه ثم يرده قاله الأقفهسي: (لا إن جن) الحالف ليقضين فلانًا حقه إلى أجل كذا أو أعمى عليه أو أسر أو حبس ولم يمكنه أن يدفع أو سكر بحلال كذا يظهر في الجميع وانظر في الفقد (و) الحال أنه (دفع الحاكم) الحق عنه لربه قبل مضي الأجل من ماله فلا حنث أو من مال الحاكم حيث لا ولي لمن جن وإلا لم يبر بدفع الحاكم والظاهر أن مثله جماعة المسلمين (وإن لم يدفع) قبل مضي الأجل بل دفعه بعده (فقولان) بالحنث وعدمه لأصبغ وابن حبيب مالك لو مات المحلوف له والحالف وارثه استحسن أن يأتي الإِمام فيقضيه ثم يرده له وعنه الوراثة كالقضاء (وبعدم قضاء في غد في لأقضينك غدًا يوم الجمعة وليس هو) يوم الجمعة بل يوم الخميس لتعلق الحنث بلفظ غدًا لا بتسميته يوم جمعة وهو يقع بأدنى سبب وكذا لو قال يوم الجمعة غدًا واقتصر على الأول لتوهم أن الثاني ناسخ للأول وظاهره ولو نوى يوم الجمعة لمنافاة نيته لقوله غدًا (لا إن قضى قبله) فلا حنث لأن قصده أن لا يلد إلا لقصد مطله بالتأخير إلى غد فيحنث بقضائه قبله قاله اللخمي وقد اجتمع عليه حرمة المطل والحنث والفرق بين المصنف هنا وبين قوله أو بشهادة بينة بالقضاء أن القضاء هناك متقدم على اليمين وهنا متأخر عنها (بخلاف) حلفه على طعام (لآكلنه) غدًا فأكله قبله فإنه يحنث لأن الطعام قد يقصد به اليوم والقصد في القضاء عدم المطل ولذا لو كان الحالف مريضًا لم يحنث بأكله قبل غد المحلوف أن لا يأكله إلا فيه لدلالة بساط يمينه على أنه لا يؤخر أكله عن غد فتقديمه عنه سرور لأهله (ولا) يحنث (إن باعه به عرضًا) في حلفه ليقضينه حقه وكان دنانير أو دراهم ولم يقصد عينها وإنما قصد مطلق الوفاء وكانت قيمته قدر حقه قاله ابن القاسم فإن كانت أقل لم يبر ولو باعه بقدر الدين لأنه يحتاط لجانب البر والحنث يقع بأدنى سبب وإن كان الغبن جائزًا في مثل هذا وقولنا في حلفه ليقتضينه حقه وكان دنانير أو دراهم احتراز عما إذا كانت يمينه ليقضينه دراهمه فيحنث ببيعه عرضًا إلا أن يكون نوى قضاء الحق كما في ق قاله عج وإيضاحه أن الصور ست لأن يمينه إما لأقضينه حقه أو دراهمه وفي كل إما أن

ــ

قلت له: أن يبر بدفعه للحاكم ويشهد لذلك ما في ح عن ابن رشد ونصه عند قوله وبر إن غاب وأما إن كان المحلوف له حاضرًا فالسلطان يحضره ويجبره على قبض حقه إلا أن يكون الحق مما لا يجبر على قبضه كعارية غاب عليها فتلفت عنده وما أشبه من ذلك فيبر في يمينه على دفع ذلك إليه بدفعه إلى السلطان اهـ.

ص: 145

يقصد مطلق الوفاء أو عين الدراهم والدنانير أو لا قصد له فمتى كانت يمينه بلفظ الدراهم أو الدنانير أو بلفظ الحق وقصد مطلق الوفاء بر بالعرض الموفى قيمته للحق فيهما فإن نوى عين دراهمه أو دنانيره لم يبر به فيهما فإن لم تكن له نية بر به في الثانية فيما يظهر دون الأولى فلا يبر كما في ق (وبر) الحالف ليقضين فلانًا حقه عند أجل كذا (إن غاب) المحلوف له أو تغيب واجتهد في طلبه فلم يجده (بقضاء وكيل تقاص) لدين المحلوف له (أو مفوض) بواو مشددة مفتوحة مصدر ميمي أي تفويض نحو المفتون في قوله تعالى: {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (6)} [القلم: 6] أي الفتنة فليس اسم مفعول لإضافته للوكيل ضرورة العطف وأما قوله في غير عبارة المصنف فيصح جعله صفة لوكيل (وهل ثم) عند فقدهما ببر بقضاء (وكيل ضيعة أو أن عدم الحاكم وعليه الأكثر تأويلان) كلامه يقتضي أن التأويل الأول قائل بتقديم وكيل الضيعة على الحاكم والنقل فيه أنهما سواء في بر الحالف بدفعه لأحدهما فالتأويلان هل الحاكم ووكيل الضيعة سواء أو الحاكم مقدم عليه وهذا الثاني هو الراجح وفي جعل د أن النقل شاهد لظاهر المصنف نظر ابن يونس قال بعض فقهائنا إنما يبر بدفعه للسلطان وإن كان لا يقبض دين غائب إلا أن يكون مفقودًا لأن ذلك حق للحالف لبراءة ذمته وبره في يمينه اهـ.

ولما كان البر من اليمين حاصلًا بقضاء الأشخاص الأربعة والبراءة من الدين حاصلة بالأولين دون الثالث وفيها في الرابع تفصيل أشار إليه بقوله (وبرىء) الحالف من الدين زيادة على البرء (في) الدفع إلى (الحاكم) حيث فقد الأولان وأراد به السلطان أو القاضي أو الوالي وانظر هل للسعاة هنا وفي ولاية النكاح مدخل قاله د (إن لم يحقق جوره) بأن علم عدله أو جهله وظاهره وإن كان جائرًا في نفس الأمر أو عند الناس وهذا بناء على أن يحقق مضارع مبني للفاعل وانظر هل يقبل قوله أنه كان لا يحقق جوره أو ينظر لشهرته (وإلا) بأن حقق جوره (بر) في يمينه فقط ولا يبر إلا بالدفع لوكيل القاضي لا لوكيل الضيعة وشبه في البر بدون البراءة قوله (كجماعة المسلمين) حيث لا حاكم أو جار أو تعذر الوصول له ولم يوجد وكيل وينبغي تقديمهم على وكيل الضيعة حتى على القول بأنه يبر بالدفع له لقيامهم مقام الحاكم في عدة مسائل (يشهدهم) على إتيانه بعين الحق وعدده ووزنه إن كان التعامل وزنا واجتهاده في طلب ربه فلم يجده لسفر أو تغييب ويتركه عند عدل أو عند الحالف نفسه حتى يأتي رب الحق ولا يحنث بمطله به بعد ذلك قاله سحنون نقله المصنف وظاهره أيضًا أنه يبر بشهادة جماعة المسلمين على الوجه المذكور ولو لم

ــ

(وبر إن غاب) قول ز لإضافته للوكيل الخ. عبارة مقلوبة وصوابه لإضافة الخ. عبارة مقلوبة وصوابه وكيل إليه (وهل ثم وكيل ضيعة) الضيعة العقار كما في القاموس وعن ابن مرزوق إن وكيل الضيعة هو الذي يتولى شراء النفقة للدار من لحم وصابون وغيرهما (تأويلان) الأول لابن رشد والثاني لابن لبابة وعليه الأكثر وقول ز كلامه يقتضي الخ. فيه نظر

ص: 146

يضق الوقت عن القضاء بحيث يخاف الحنث وفي ابن بشير ما يفيد اشتراطه وأراد المصنف بجماعة اثنين عدلين فإن لم توجد عدالة فالجمع على حقيقته وأشعر قوله جماعة ويشهدهم بأنه لا يبر بجعله عند عدل من غير إشهاد عدلين خلافًا لما في ح فإن في الشارح أنه مقابل (و) يوسع (له) أي للحالف (يوم وليلة) من الشهر الثاني (في) حلفه ليقضينه في (رأس الشهر) والأولى أن يقول وله ليلة ويوم ليفيد سبق الليلة على اليوم لسبق ليلة الهلال ولأنه ربما يوهم أن له ليلة بعد اليوم وإن كانت الواو لا تقتضي الترتيب انظر د (أو عند رأسه أو إذا استهل) وكذا في رأس العام أو عند رأسه أو إذا استهل قرره عج ومثل ما ذكره المصنف لا يقضينك حقك عند انسلاخ رمضان أو إذا انسلخ فله يوم وليلة من شوّال في الصيغتين المذكورتين لجري العرف بذلك وإن كان الانسلاخ لغة الفراغ كما في القاموس وقال تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5](وإلى رمضان أو لاستهلاله) أو إلى رؤية هلاله ولم يدخل لفظ انسلاخ بعد إلى (شعبان) فقط لأن صيغة يمينه تحتمل أن المعنى إلى فراغ رمضان وإلى ابتدائه فحمل على الثاني احتياطًا لجانب البر وخوفًا من الحنث بأدنى سبب ولعدم دخول المغيا بإلى فيما قبله ومثله إذا قال إلى استهلاله وأما قوله أو لاستهلاله فضعيف فإن مفاد الشارح والأقفهسي أن له يومًا وليلة في إدخال اللام على استهلال فإن أدخل لفظ انسلاخ بعد إلى أو اللام كقوله إلى انسلاخ رمضان أو لانسلاخه لم يحنث إلا بفراغه.

تنبيه: قال د قوله وإلى رمضان هذا يدل على أن قوله إلى العيد يحنث فيه بانقضاء رمضان وهذا قول سحنون وصدر به اللخمي وخالف في ذلك أصبغ اللخمي وأما إذا قال في العيد فقيل له اليوم الأول وقيل ثلاثة أيام وقيل يومان قال سحنون إن كان في الفطر فاليوم الأول أي لعدم تعلق فطره وصلاته بما بعده وإن كان في الأضحى فالثلاثة الأيام لأنها كلها عيد شرعًا لطلب الضحية فيها وإذا قال يوم العيد فالأضحى والفطر سواء له اليوم الأول وإن قال في أيام التشريق فأربعة أيام اهـ.

وإنما كان له اليوم الأول فقط فيهما في قوله يوم العيد لأنه لما لم يضف له إلا لفظ يوم كان واحدًا في الفطر والأضحى ولا يرد أن المفرد المضاف يعم فقياسه أن يعم في الأضحى الثلاثة الأيام لأنه روعي مدلول اللفظ هنا عرفًا لا لغة (ويجعل ثواب قبا) بالقصر

ــ

بل كلام المصنف يحتمل ما ذكره ويحتمل المساواة لأن قوله: وهل ثم وكيل ضيعة إنما يفيد أن مرتبة وكيل الضيعة بعد ما قبله وهل الحاكم مساو له أو مؤخر عنه يبقى ما هو أعم فلا اعتراض على المصنف وما ذكره من النقل صحيح كما في ق (أو لاستهلاله) قول ز فإن مفاد الشارح والأقفهسي الخ. مفادهما صحيح نحوه قول ابن يونس كما في ح وإن لم يذكر إلى وذكر اللام أو عند أو إذا فله ليلة يهل الهلال ويومها كقوله لرؤية الهلال لدخوله لاستهلاله أو عند استهلاله أو عند رؤيته أو إذا استهل أو إذا دخل ونحوه اهـ.

ص: 147

والمد كما مر في باب الحج وهو ثوب مفرج (أو عمامة) أو سر وإلا (في) حلفه (لا ألبسه) ولبسه على هذه الحالة فإنه يحنث ومثله إن أداره عليه أو اتزر به أو لف به رأسه أو جعله على منكبيه أو جلس عليه وعلم أنه ليس مراد المصنف مجرد الجعل وإن لم يلبس (لا إن كرهه لضيفه) أو لسوء صنعته فلا حنث بجعله واحدًا مما ذكر يريد إذا كان المحلوف عليه مما يلبس إن كان قميصًا أو قبًا أو ما أشبه ذلك مما مر وأما إن كان مما لا يلبس بوجه مثل أن يكون شقة فإنه إذا قطعها ولبسها يحنث ولا ينوي أنه أراد ضيقها قاله أبو عمران أي: لأنها لا تلبس على حالها كمن حلف لا أكل حنطة فأكل خبزها (ولا) يحنث إن (وضعه على فرجه) بليل أو نهار علم أولًا إن لم يدره عليه وإلا حنث ووضع فعل معطوف على الفعل قبله وهو كرهه وجعله مصدرًا مجرورًا عطفًا على توهم دخول الباء في كرهه وأنه مصدر يمنعه وجود إن في المعطوف عليه كما لا يخفى إلا أن تفتح همزة أن فتسبك مع ما بعدها ويتوهم دخول الباء حينئذٍ (وبدخوله من باب غير) عن حاله الأول أو سد وفتح غيره (في لا أدخله) أي: لا أدخل منه للدار وقصد تجنبها أو دلت قرينة أو بساط عليه (إن لم يكره ضيقه) أي إن لم يكره الدخول منه لضيقه أو لاطلاعه على ما لا يحب الاطلاع عليه أو لمروره على من لا يجب لا لتجنبها فلا يحنث بتغييره بما يزيل يمينه (و) من حلف لأدخل بيتًا حنث (بقيامه) أي علوه ولو مرورًا (على ظهره وبمكترى في) حلفه (لأدخل لفلان بيتًا) فيحنث بدخوله بيتًا اكتراه لأنه كملكه إذ البيوت تنسب لساكنها ولهذا لو حلف لأدخل منزل فلان فدخل على رجل سكنه بكراء فلا شيء عليه وإنما منزل الرجل حيث هو نازل قاله الشارح ومقتضى هذا التعليل إنه لو كانت يمينه لأدخل بيت فلان لحنث في الفرض المذكور وهو خلاف التعليل الأول أي قوله إذ البيوت تنسب لساكنها ومثل المكتري المعار (وبأكل من ولد) للحالف أن لا يأكل من فلان طعامًا

ــ

ففرق بين إلى واللام ونحوه لابن رشد وابن عرفة وغيرهما وقد اعترض ح وق على المصنف بذلك فإن ق نقل ما تقدم عن ابن المواز ثم قال يبقى النظر إذا قال لاستهلاله وتقدم نص ابن المواز بالفرق بين اللام وإلى اهـ.

فقول طفى: إن ق لم يتنبه لذلك قصور (ولا إن وضعه على فرجه) قول ز علم أولًا الخ. هو الصواب ولا يعارضه قول المدونة ولو جعله في الليل على فرجه ولم يعلم به لم يحنث حتى يأتزر به اهـ.

لأن قولها ولم يعلم به وصف طردي لا مفهوم له قال أبو الحسن قوله ولم يعلم به إنما هو في السؤال والمعتبر هو اللبس اهـ.

نقله ح وبه تعلم أن اعتراض تت بكلام المدونة على المصنف قصور وقول ز يمنعه وجود أن الخ. أي: ويمنعه أيضًا أن قوله لا أن كرهه ليس على معنى الباء حتى يصح توهمها فيه (وبأكل من ولد الخ) قول ز لأن له رده إلا أن يكون على العبد دين الخ. مثله في ق لكن انظره مع قول المصنف الآتي ولغير من أذن له القبول بلا إذن تأمله.

ص: 148

(دفع له محلوف عليه) أن لا يأكل فيه طعامًا مثلًا وكذا لو دفعه له غيره هذا على ضبط دفع مبنيًّا للفاعل كما للبساطي فإن ضبط مبنيًّا للمفعول ونائب الفاعل عائد على موصوف محذوف وهو طعام شخص ومحلوف بالرفع صفة طعام كما يفيده تت يشمل الصورتين وهو أولى والضمير في عليه حينئذٍ للطعام المحلوف على عدم أكله (وإن لم يعلم) الحالف بأن المحلوف عليه دفع لولده طعامًا (إن كانت نفقته) أي ولد الحالف (عليه) أي على أبيه الحالف لا آكل طعام فلان لفقره ويسر الأب ولا بد من كون المدفوع للولد يسيرًا وإلا لم يحنث الحالف إذ ليس للأب رد الكثير بخلاف اليسير فإنه لما كان للأب رده فكأنه باق على ملك المحلوف عليه فحنث الحالف بالأكل منه واليسير ما لا ينتفع به إلا بأكله في الوقت ككسرة وعبده كولده إلا أنه يحنث بأكله مما دفع له وإن كثر لأن له رده إلا أن يكون على العبد دين فليس له رد ما وهب له حينئذ من المال كما في د وقت وأما والده الذي تجب نفقته عليه فلا يحنث بأكله مما دفعه له المحلوف عليه يسيرًا أو كثيرًا لأنه ليس له رده وكذا ولد ولده لعدم وجوب نفقته عليه (و) حنث (بالكلام أبدًا) أي: في جميع ما يستقبل من الزمان لأنها ظرف لاستغراق ما يستقبل من الزمان (في) حلفه (لأكلمه الأيام أو المشهور) جمع كثرة أو الأشهر جمع قلة أو السنين حملًا للألف واللام على الاستغراق حيث لا نية (و) لزم (ثلاثة) أي ترك الكلام ونحوه فيها (في) حلفه على (كأيام) منكرًا لأنه أقل الجمع ولا يحسب يوم الحلف إذا سبق بالفجر لكنه لا يكلمه فيه فإن كلمه فيه حنث وكذا يقال فيما بعده من كلام المصنف فإن حلف بما ذكر مع الفجر أو قبله حسب وإلغاؤه إن سبق بالفجر قول ابن القاسم كما في ح عن التوضيح قال وظاهر ما في كتاب النذور ترجيح القول بعدم الإلغاء قاله عج أي أنه يحسب من وقت الحلف للغروب ويكمل بقية اليوم المحلوف فيه من اليوم الذي يلي يومين صحيحين بعده كما هو ظاهر صدر نظم تت في السفر حيث قال:

يلفق بعض اليوم لليوم قبله

وقد صح لا تلفيق فاحفظ ترفع

وأدخلت الكاف شهورًا وسنين منكرين فإذا حلف لأكلمه شهورًا لزمه ثلاثة شهور أو لأكلمه سنين لزمه ثلاث سنين من حين الحلف بالعدد إذا كان حلفه أثناء شهر ويلغي أثناء اليوم فقط على ما يظهر (وهل كذلك) يلزمه ثلاثة أيام لا أكثر (في) حلفه (لأهجرنه) ولم يذكر مدة حملًا على الهجران الجائز (أو) يلزمه (شهر) رعيًا للعرف (قولان) وقول المصنف وبالكلام أي: مثلًا إذ مثله لا ألبسه أو لا أركبها الأيام الخ. وأما لو ذكر مدة

ــ

(وهل كذلك في لأهجرنه الخ) الأول من القولين للعتبية والواضحة والثاني لابن القاسم في الموازية وقول ز وفي لأطيلن هجرانه الخ. جعل ابن رشد القولين في هذا مفرعين على القولين في كلام المصنف ونصه بعد ذكر القولين الأولين ولو قال إن لم أطل هجرانك لبر على القول الأول بالشهر وهو قول ابن الماجشون وعلى القول الثاني لا يبر إلا بأن يهجرها سنة اهـ.

ص: 149

الهجر كحلفه ليهجرنه أيامًا أو شهورًا أو سنين فيلزمه أقل الجمع من كل نوع وفي لأطيلن هجرانه سنة عند محمَّد وقيل شهر اللخمي قول محمَّد احتياط لا أنه لا يجزي دونها فإن كانت بينهما مصادقة فالشهر طول وإلا فالشهر قليل ومن حلف ليهجرنه ثم كلمه لم يحنث وليس عليه أن يهجره عقب يمينه ومتى هجره بعد ذلك بر بخلاف من حلف لأكلمه ثم كلمه والفرق أن الأول حلف لا يفعلن في المستقبل فمتى وجد الفعل فيه برأي إلا لنية هجره عقب اليمين وأما الثاني فقد حلف لا يوجد منه فعل فمتى وجد منه حنث ومن حلف لا أهجره أو لأهجره فسلم عليه ووقف عن كلامه كان على الخلاف فمن راعى الألفاظ لم يحنثه ومن راعى المقاصد حنثه لأن وقوفه عن بعض عادته هجران. انظر د أي وهما قولان كما يفيده نقل تت عن ابن عرفة وأما من حلف لأهجرنه أي ونوى وصل الهجران بيمينه فسلم عليه فقال ابن عرفة يحنث اهـ.

أي لأن السلام يخرج من الهجران كما في الرسالة بضم الياء التحتية (و) لزم الحالف (سنة) من يوم إن حلف على ترك أو على فعل (في حين) وكذا إن عرفه (وزمان وعصر ودهر) فإن كلمه قبل مضيها حنث فإن عرف واحدًا من هذه الثلاثة لزمه إلا بدرعيا للعرف وإن كان الحين بمعنى الزمان لغة وأما إن قال أحيانًا أو أزمانًا أو أزمنًا أو أعصرًا أو دهورًا فيلزمه ثلاث سنين وإن جمع بين هذه الألفاظ بالواو في يمين واحدة فالظاهر التأكيد (و) حنث بتزوجه (بما) أي بنكاح (يفسخ) قبل البناء وبعده أبدًا (أو) بتزوجه (بغير نسائه) أي: بما لا تشبههن لدناءتها عنهن عرفًا ككتابية ودنيئة وما أشبههما (في) حلفه (لأتزوجن) إن لم يقيد يمينه بأجل كما هو ظاهر المصنف فمعنى حنثه أنه لا يبرأ ويحمل حنثه على ما إذا عزم على الضد وإن كان معناه لأتزوجن في أجل كذا فتزوج بما يفسخ أو بغير نسائه فمعنى حنث على بابه إذا مضى الأجل لا إن لم يمض ولا بما يثبت بعده أو بطول فلا يبر إلا بعقد صحيح ووطء مباح في مشبهة لنسائه خلافًا لظاهر كلام المصنف من أنه يبر بمجرد العقد ولذا قال محمَّد لو حلف ليتزوجن اليوم أو في هذا الشهر فتزوج به وبنى بعده حنث اهـ.

واشترط المغيرة أن تشبهه وتشبه زوجته أي في حلفه ليتزوجن عليها لأنه أغيظ لها اهـ.

ومعنى تشبهها أي في القدر والرفعة وهل يشترط في بره كون نكاحه نكاح رغبة وينسب لابن القاسم أو ولو قصد به إبرار يمينه اللخمي وهو القياس ولا يبر بنكاح ذمية من حلف ليتزوجن من أهل مصر قاله ابن القاسم ولا بنكاح تحليل ولا بتزوج معتدة ولا بعقد صحيح ووطء في حيض ولا بد كما مر من مجموع عقد صحيح ووطء مباح ولا يعارض قول المصنف الآتي وفي بره في لأطأنها فوطئها حائضًا لأن ما يأتي في حلفه على

ــ

(وسنة في حين وزمان الخ) لعل هذا إذا اشتهر استعمال هذه الألفاظ عرفًا في السنة وإلا فيلزمه أقل ما تصدق عليه لغة.

ص: 150

زوجة في عصمته وما هنا في حلفه ليتزوجن كما هو ظاهر وأشعر قوله أو بغير نسائه إن الحالف رجل فإن كان امرأة اعتبر في برها ما يعتبر في بر الرجل إلا كون النكاح نكاح رغبة منها له أو منه لها فينبغي أن يتفق على أنه لا يعتبر وأشعر قوله لأتزوجن أنه لو حلف ليتسرين فاشترى سرية بر بوطئها مرة على الراجح وقيل بقيد اتخاذها للوطء وقيل بحملها انظر ابن عرفة وظاهره كانت تشبه أن يتسرى بها أم لا ولكن يراعى العرف في لفظ سرية وعرت مصرانها البيضاء وإن كانت دنيئة الجنس (و) حنث (بضمان الوجه في) حلفه (لا أتكفل) أي بمال لأنه يؤول إلى المال عند تعذر الغريم والحنث يقع بأقل الأشياء ويدل على التقييد بالمال قوله (إن لم يشترط عدم الغرم) عند تعذره فإن اشترط فلا حنث لأنه يصير ضمان طلب وهو لا يحنث به إذا قيد حلفه بضمان المال أو بضمان الوجه أما إن أطلق حنث بأنواع الضمان كلها فإذا حلف لا يتكفل وأطلق فيحنث بضمان الوجه سواء اشتراط عدم الغرم أم لا فقول تت عقب لا أتكفل وأطلق وأحرى لو تكفل بمال غير ظاهر لما علم من أنه إذا أطلق في يمينه يحنث بكل ضمان ولا ينفعه شرط عدم الغرم وإن قيد بالوجه حنث بالمال لأنه أشد مما سمى (و) من حلف لا يضمن زيدًا حنث (به) أي بالضمان الوكيل) عن زيد فيما اشتراه أو اقترضه لزيد ولم يعلم بوكالته عنه في ذلك (في) حلفه (لا أضمن له) لزيد (إن كان) الوكيل المضمون له فيما على زيد (من ناحيته) أي زيد كقريبه وصديقه الملاطف قاله تت وعج وقال بعضهم ولو غير ملاطف ولعله لوقوع الحنث بأدنى سبب وقولي فيما على زيد أي المحلوف لأضمنه فإن كان المال للوكيل نفسه لم يحنث الحالف وقوله من ناحيته أي في نفس الأمر بدليل قوله (وهل) الحنث مع كونه من ناحيته (إن علم) الحالف أنه من ناحيته ليكون بذلك كأنه علم بوكالته فإن لم يعلم لم يحنث وإن كان من ناحيته في نفس الأمر أو الحنث مطلق (تأويلان) وليس المراد علم أنه اشترى لفلان فإن يحنث باتفاق وعلى اعتبار العلم وانتفاء الحنث بانتفائه فيقبل

ــ

(في لا أتكفل) قول ز أي بمال الخ. به وقع التقييد في المدونة وبذلك تعقب الشارح على المصنف وقول ز فقول تت عقب لا أتكفل وأطلق الخ. مثل هذا التعقب لطفى وفيه نظر بل المتبادر من كلام تت أن قوله أطلق أي في ضمان الوجه لا في لا أتكفل فمعناه وأطلق أي: لم يشترط عدم الغرم وحينئذ يسقط التعقب والله أعلم. (وبه لوكيل في لا أضمن له) أشار به لقول المدونة ومن حلف أن لا يتكفل لفلان بكفالة فتكفل لوكيله ولم يعلم فإن لم يكن الوكيل من سبب فلان وناحيته لم يحنث الحالف اهـ.

وعليه فاللام في قوله لوكيل وفي قوله له للتعدية لا زائدة كما يؤخذ من تقرير ز حيث جعل الوكيل مضمونًا لا مضمونًا له وكذا موكله فإنه خلاف ظاهر المصنف وخلاف صورة المدونة وقول ز وصديقه الملاطف الخ يدل على التقييد بالملاطف هنا ما في ق عن المدونة من التقييد به عند قوله وفي لا باع منه الخ. فانظره (تأويلان) سببهما أن ابن المواز قيد

ص: 151

قوله: إنه لم يعلم إن ادعى عدمه وكانت يمينه بما لا يقضي عليه بها أو بما يقضي عليه بها كطلاق وعتق معين لكن كان غير مشهور بأنه وكيل المحلوف عليه فإن كان مشهورًا لم يقبل في هذين مع المرافعة قاله التونسي انظر د وقال أيضًا في قوله إن كان من ناحيته الخ. إن قيل إذا كان فرض المسألة إن المال للمحلوف على عدم الضمان له فلأي شيء اشترط كون الوكيل من ناحيته فالجواب أن الوكيل لم يقصده الحالف ولم يشمله لفظه فلذلك لم يحنث حين لم يكن من ناحيته وأما إذا كان من ناحيته فكان الضمان للموكل اهـ.

واشترط أيضًا أن يعلم كونه من ناحيته على أحد التأويلين رعيًا لجانب الحالف في الجملة ومحل التأويلين حيث لم يعلم الحالف أن المضمون وكيل للمحلوف عليه فإن علم حنث باتفاق التأويلين سواء علم أنه من ناحيته أو لا كما يأتي ما يفيده عند قوله وفي لا باع منه أوله، ويفيده كلامه هنا أيضًا لأن قوله وهل إن علم يفيد أنه يتفق على الحنث حيث علم أنه من ناحيته فعلم أنه وكيله وأن المال للمحلوف عليه مثل ذلك بل أولى (و) من أعلم زيدًا مثلًا بخبر وحلفه ليكتمنه ولا يقوله لأحد فحلف له على ذلك ثم أعلمه الأول لعمر ومثلًا فقال عمر: ولزيد الحالف ليكتمنه فلان أخبرني بكذا فقال زيد الحالف ليكتمنه ما ظننته قاله لغيري فيحنث (بقوله ما ظننته) أي المحلوف له (قاله) أي هذا الخبر أو أسره (لغيري) أو لأحد غيري أو لأحد بدون غيري وهو في المصنف متعلق بقاله و (لمخبر) متعلق بقوله و (في) حلفه لمخبره الأول (ليسرنه) أي ليتمكن الخبر الذي أخبره ولا يحدث به أحدًا متعلق بحنث فنزل قوله ما ظننته قاله لغيري منزلة الإخبار ولو لم يقصده لأنه يدل عرفًا على أنه أسره له وأما لو قال ما أظنه يقول مثل هذا ونحوه مما لا يدل عرفًا على أنه أسره له فلا يحنث (و) حنث (ب) قوله لزوجته مثلًا (اذهبي) وافعلي (الآن أثر) تعليق طلاقها كقوله علي الطلاق (لا كلمتك حتى تفعلي) كذا لأن قوله اذهبي كلام قبل الفعل فالآن ظرف لمحذوف والغرض منه التحريض على الفعل حتى يكلم فيبر لا أنه لا يحنث إلا بذلك قاله د فهو يحنث بمجرد قوله اذهبي لأن الحنث يقع بأدنى سبب أو الظرف متعلق بالحنث أي يحنث في الآن عقب قوله اذهبي ولا ينتظر وقوع الفعل (وليس قوله) أي المحلوف على ترك كلامه وقول تت الحالف سبق قلم (لا أبالي) ولو

ــ

الحنث عن مالك وأشهب بما إذا علم الحالف أنه من ناحيته فذكر عياض عن بعض الشيوخ يعني ابن يونس أنه حمل المدونة عليه وحملها هو على ظاهرها علم أو لا والله أعلم (وباذهبي الآن أثر لا كلمتك) قول ز فالآن ظرف لمحذوف الخ. فيه نظر فإن ابن القاسم في الرواية كما في ق فسر قوله اذهبي الآن بأنه كالقائل إن شئت فافعلي وإن شئت فدعي اهـ.

وحينئذٍ يتعين تعلق الظرف باذهبي وقول ز أو الظرف متعلق بالحنث الخ. فيه نظر أيضًا لأن فيه الفصل بين المصدر أعني بقوله وبين معموله وهو أثر بأجنبي وهو لا يجوز (وليس قوله لا أبالي الخ) قول ز ولو كرره أو قال والله لا أبالي فيما يظهر الخ. قصور لأنه كذلك

ص: 152

كرره أو قال والله لا أبالي فيما يظهر (بدأ) يعتد به في حل اليمين (لقول آخر) في حلفه (لا كلمتك حتى تبدأني) للاحتياط في جانب البر بخلاف ما قبله (و) حنث بائع سلعة لشخص بثمن لم يقبضه من المشتري (بالإقالة في) حلفه حين سأله المشتري أو المسلم إليه حط شيء من الثمن الذي باع به أو أسلم فيه (لا ترك من حقه) الذي جعله ثمن سلعة وقعت الإقالة فيها (شيئًا) قبل دفعه بالفعل إذ لا تأتي يمينه بعد دفعه كما هو ظاهر (إن لم يف) أي المشتري أو إن لم تف قيمة السلعة فإن حصل وفاء الثمن الأول من المشتري أو من قيمة السلعة حين الإقالة لغلوها وكون البيع الأول بغين وفاء محققًا بر فإن شك في الوفاء حنث الحالف واشتراط الوفاء حين الإقالة بناء على أنها بيع (لا إن أخر الثمن) في حلفه لا ترك من حقه شيئًا من غير حط فلا يحنث (على المختار) عند اللخمي قال لأن التأخير يخف عليه ويراه حسن معاملة ولا يعده وضيعة ولا يخف عليه ترك اليسير اهـ.

الأقفهسي ولأن الأجل إنما يكون له حصة من الثمن إذا وقع ابتداء وأما بعد تقرر مال فلا زيد ولا نقص اهـ.

ابن رشد لو حلف أن لا ينظره فوضع عنه لم يحنث بلا خلاف (ولا) يحنث على الأصح قاله ابن الحاجب (إن دفن مالًا) لا مفهوم للدفن على ما لابن عرفة لا على ما للبرزلي ود ثم طلبه (فلم يجده) نسيانًا لمكانه الذي دفنه أو وضعه فيه (ثم) أمعن في النظر ثانيًا و (وجده مكانه في) حلفه بطلاق زوجته لقد (أخذتيه) وغير مكانه أولى في عدم حنثه ولو كانت يمينه بطلاق أو عتق معين مع الجزم لأن بساط يمينه يفيد أن مراده إن كان ذهب فأنت أخذتيه وأما إن وجده عند غيرها فإن كانت اليمين بطلاق أو عتق معين حنث وإلا فلغو إن حلف على ما يعتقده وغموس إن شك أو ظن كما إذا لم يجده أصلًا ولو بطلاق حيث جزم عند يمينه بأخذها إلا أن لم يجزم فتطلق كما يفيده قوله فيما يأتي في الطلاق فلو حلف اثنان على النقيض كأن كان هذا غرابًا أو إن لم يكن فإن لم يدعيا يقينًا طلقتا أي: ولم يتبين شيء وقد بسط عج هذه المسألة (و) حنث زوج المرأة (بتركها

ــ

منصوص عليه في ضيح ونصه وفي العتبية عن ابن القاسم فيمن حلف لآخر بالطلاق لا كلمتك حتى تبدأني فقال الآخر إذًا والله لا أبالي فليس ذلك تبدئة اهـ.

ونحوه في نقل ق (في أخذتيه) كذا يوجد في بعض النسخ بإشباع كسرة الضمير وهي لغة جاءت بها بعض الأحاديث قاله في المشارق في حديث لو كنت حزتيه الخ. وقول ز وغير مكانه أولى الخ. أي: بأن وجده في غير مكانه متذكرًا أنه كان رفعه منه وفي الأولوية نظر وطريقة اللخمي كما في ضيح التسوية بين المسألتين وعليها فهم المصنف كلام ابن الحاجب ومقتضى كلام ابن عرفة وطريقة ابن بشير التفريق بينهما بحصول التفريط في الثانية دون الأولى كما نقله في ضيح فالثانية عنده أولى بالحنث لا بعدمه كما في ز. انظر ضيح وتأمله وقول ز فإن كانت اليمين بطلاق أو عتق الخ. صوابه فإن كانت اليمين بغير الله حنث

ص: 153

عالمًا) بخروجها بغير إذن منه صريح (في) حلفه (لا خرجت إلا بإذني) إذ ليس علمه بخروجها إذنًا منه فأحرى إن لم يعلم والإذن هنا في جانب البر بخلاف الإذن في المسألة الآتية فإنه في جانب الحنث وهو يقع بأدنى سبب فالعلم فيه بمثابة الإذن فلذا حنث به ويؤخذ من هذه المسألة ما أفتى به بعض شيوخنا فيمن حلف غريمه أنه لا يسافر من هذه البلد إلا بإذنه فسافر مصاحبًا له من غير إذن أنه يحنث لأنه خرج بغير إذنه قاله د (لا إن أذن) لها في الخروج (لأمر) معين كعيادة مريض (فزادت) على العيادة للمعين بأن ذهبت لغيره قبله أو بعده أو اقتصرت على غير المعين (بلا علم) حال الزيادة فلا حنث عليه فإن فعلت غير المأذون فيه مع علمه بفعلها حنث لأن علمه كإذنه وهو قد حلف لا يأذن لها إلا في عيادة مريض وأما علمه بعد فعلها الزيادة فلا يوجب حنثه فليست هذه من تتمة ما قبلها وإنما هي مسألة مستقلة وعلى هذا حمله الشارح ود وق وهو نص المدونة خلاف ظاهر تقرير تت وح كما يأتي من أنها من تتمتها وأما إذا حلف لا تخرجي إلا بإذني أو إلى موضع أو إلى موضع من المواضع إلا بإذني وأذن لها في موضع معين وزادت عليه أو اقتصرت على ما لم يأذن لها فيه أو قدمته على ما أذن لها فيه فيحنث سواء علم أم لا ولا يصلح دخول هذه الثلاث في كلام المصنف كما فعل ح وبعض الشراح لما علمت من أن الحنث فيها عالم أم لا والمصنف قيد عدم الحنث بعدم العلم ثم إذا قال اخرجي حيث شئت انحلت يمينه في الصورة الأولى أي لا تخرجي إلا بإذني وأما في لا تخرجي إلى موضع أو زاد من المواضع إلا بإذني فليس قوله لها: اخرجي حيث شئت إذنًا معتبرًا فيهما على المعتمد كما في الشارح وح لأنه لما قيد بإلى موضع أو إلى موضع من المواضع دل على أن مراده لا بد من إذنه لها في الخروج إذنًا خاصًّا في كل منهما ولا كذلك في الصيغة الأولى (و) حنث (بعوده) أي الحالف (لها) أي للدار المفهومة من لا سكنت (بعد) أي بعد خروجها عن ملكه (بملك) أي في ملك شخص (آخر) فملك مضاف لآخر (في) حلفه (لا سكنت هذه الدار) وهي في ملكه فباعها وسكنها في ملك آخر فيحنث إن لم ينو ما دامت في ملكي كذا قال العلمي قيل وفي ذكر العود نظر لأن الحنث لا يتقيد بما إذا كان ساكنًا ثم عاد وأجيب بأن العود يطلق بمعنى الدخول كما في قوله تعالى {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [الأعراف: 88] أي لتدخلن وهو المراد أي وبدخوله على وجه السكنى الخ. قاله د (أو) حلفه لا سكنت (دار فلان هذه إن لم ينو ما دامت له) الشرط للثانية كما هو ظاهر المدونة ويصح رجوعه للأولى أيضًا إذا كانت الدار للغير قاله د أي

ــ

وإلا فلغو الخ. لما تقدم أن اللغو لا يفيد في غير الله (لا إن أذن لأمر الخ) قول ز وعلى هذا حمله الشارح الخ. هذا الحمل هو الذي صوبه طفى ووجهه بما ذكره ز فانظره.

(إن لم ينو ما دامت له) قول ز ويصح رجوعه للأولى أيضًا الخ. كلام ابن يونس صريح في عوده للأولى إذا كانت في ملك الغير ونصه لأنه إذا قال هذه الدار فكأنه إنما كره سكنى

ص: 154

وأما إن كانت للحالف فتقدم قول العلمي إن لم ينو ما دامت في ملكي وقال غيره: إذا كانت الدار في ملك غيره في الأولى يحنث ولا ينوي فيها لمخالفة نيته ظاهر لفظه فإن قلت لا شك ن في كلا اللفظين اسم الإشارة عائد على الدار إما عودًا حقيقًا كما في الصيغة الثانية وإما بالتنزيل لكون المحلى بأل وقع بعد اسم إشارة فلم افترق حكم المسألتين في نيته ما دامت لفلان قلت: لعدم ذكر فلان في الأولى بخلاف الثانية كما هو ظاهر اهـ.

(لا) إن حلف لا سكنت (دار فلان) بإضافتها إليه من غير إشارة إليها فلا يحنث بسكناها في غير ملكه إن لم ينو عينها (ولا) يحنث من حلف لأدخل هذه الدار (إن) دخلها بعد أن (خربت وصارت طريقًا) وكذا في حلفه لأسكن هذه الدار فلا يحنث بسكناها قاله العلمي كالبساطي والأول فرض المدونة ولا فرق بين الفرضين كما في د وانظر كيفية السكنى في الطرق على ما للعلمي والبساطي وظاهر فرض المدونة الأول سواء كانت يمينه من أجل صاحبها أو كراهته فيها وقصره في الموازية على الأول قال فإن كان كراهية في الدار خاصة فلا يمر بها أبو محمَّد صالح يمكن أن يكون هذا تفسيرًا اهـ.

ومثل صيرورتها طريقًا إذا بنيت مسجدًا فإن بنيت بيتًا بعد خرابها وصيرورتها طريقًا ثم دخلها حنث كما في المدونة (إن لم يأمر به) أي: بالتخريب فإن أمر به حنث معاملة له بنقيض قصده وإلا قاسم الدار زال عنها لأن الدار اسم للساحة مع البنيان هذا ظاهره قال غ: ولم نر ما يوافقه اهـ.

أي: والصواب أن معناه إن لم يأمر به أي بالإكراه المقدر في قوله وبعوده لها الخ.

أي بدخوله طائعًا لا مكرهًا إن لم الخ. أو التقدير بعد وصار طريقًا وبنيت ودخلها مكرهًا إن لم يأمر به أي بالإكراه وهذا المقدر معطوف على خربت وهو معلوم مما تقدّم من قوله: إن لم يكره ببر وذكر هنا لأجل الشرط المذكور (و) حنث (في) حلفه على زيد (لا باع منه) سلعة (أو) حلفه لا باع (له) أي: لا تولى له بيعًا بسمسرة عليه (بـ) ـالبيع أو

ــ

تلك الدار فلا يسقط عنه اليمين انتقال الملك إلا أن ينوي ما دامت في ملك فلان اهـ.

نقله ق وبه يرد ما نقله عن الغير ويسقط ما ذكره من السؤال والجواب (لا دار فلان ولا أن خربت الخ) قول ز وانظر كيفية السكنى الخ. قلت: يتصور بأن يجعل فيها خباء أو بيت شعر (إن لم يأمر به) قول ز والصواب إن معناه إن لم يأمر بالإكراه الخ. هذا صحيح وإن كان حمل المصنف عليه يفتقر إلى تقدير يحتاج إلى وحي ويسفر عنه لكن يشفع في ذلك قصد موافقته كلام المدونة ونصها وإن حلف أن لا يدخل هذه الدار فهدمت أو خربت حتى صارت طريقًا لم يحنث فإن بنيت بعد ذلك فلا يدخلها وإن دخلها مكرهًا لم يحنث إلا أن يأمرهم بذلك فيقول احملوني ففعلوا به ذلك فإنه يحنث اهـ.

من التهذيب قال غ ويحتمل أن المصنف فهم أن معنى ما في المدونة إلا أن يأمرهم بالهدم والتخريب وفيه بعد والله أعلم اهـ.

ص: 155

السمسرة لـ (وكيل) أي: لوكيل زيد (إن كان) ذلك الوكيل (من ناحيته) وظاهره كالمدونة علم الحالف أنه من ناحية ربه أولًا وفي الموزاية إنما يحنث إذا علم أنه من ناحيته وهل هو خلاف أو وفاق تأويلان فيجري هنا قوله فيما مر وهل إن علم تأويلان وقول د استغنى بذكرهما فيما تقدم عن ذكرهما في هذه معناه لموافقتها لها في المعنى وإن كانت غيرها ولو ذكر هذه المسألة عقب المتقدمة فقال: عقب تأويلان كلا باع منه أوله لكان أخصر وأفاد جري التأويلين فيها ومحلهما حيث لم يعلم الحالف أنه وكيل المحلوف عليه فإن علم بذلك حنث سواء علم أنه من ناحيته أم لا قاله ح ولا يخالف هذا قوله وهل إن علم لأن المراد علم أنه من ناحيته وهو لا يتضمن علم أنه وكيل وبالغ على حنث الحالف يبيعه للوكيل بقوله (وإن قال) البائع (حين البيع أنا حلفت) أن لا أبيع لفلان وأخشى أنك تشتري له بالوكالة (فقال هو) أي: الشراء (لي) لا لفلان (ثم صح) أي ثبت ببينة (أنه ابتاع) أو باع إلا بقول المشتري إنه له ثم بعد الشراء قال اشتريت لفلان فلا يحنث الحالف لكون الوكيل غير مصدق فيما يدعي قاله أبو إسحاق د (ولزم البيع) للحالف وحنث ومحلهما ما لم يقل الحالف إن كنت تشتري لفلان فلا بيع بيني وبينك فإن قال له ذلك وثبت أنه اشترى لفلان لم يحنث الحالف ولم ينعقد البيع على المعتمد والفرق بينها وبين أن يقول البائع إن لم تأت بالثمن لكذا فلا بيع فإن الشرط باطل والبيع لازم كما سيذكرها المصنف إن هذه لم ينعقد البيع ابتداء والآتية انعقد ابتداء (وأجزأ تأخير الوارث) الكبير ولا حنث على الحالف (في) حلفه بطلاق أو غيره لأقضينك دينك إلى أجل كذا (إلا أن تؤخرني) فمات المحلوف له وهو

ــ

وقال ح عقبه والظاهر ما قاله غ وأنه يحتمل أن الشيخ فهم أن الاستثناء راجع لأول المسألة اهـ.

قلت: لا يصح أن يفهم المصنف ذلك ولا يظن به مع قولها كما تقدم فيقول احملوني ففعلوا به فإنه صريح لا يقبل التأويل بحال ولعله سقط من نسخة غ إذ لم ينقله والله أعلم.

(وإن قال حين البيع أنا حلفت الخ) قول ز والفرق بينها وبين أن يقول الخ. هذا الفرق مبني على ما صور به هناك تبعًا لعج كلام المصنف من أنه اشترط عليه ذلك بعد انعقاد البيع لا في نفس العقد وإلا فلا ينعقد وهذا التصوير غير صواب بل مراده هذه الثانية وهي ذات الخلاف وقال في المدونة: البيع لازم والشرط باطل وهي مراد من عارض بها مع ما هنا وحينئذٍ فلا معنى لما ذكره من الجواب ويدل على ما ذكرناه ما نقله ح ونصه قال ابن ناجي قال بعض شيوخنا يقوم منها أي المدونة أنه إن قال: أبيع هذا بشرط أنك إن اشتريته لفلان فلا بيع بيننا فثبت الشراء لفلان فإنه يحنث وقول التونسي واللخمي ينبغي أن لا يحنث ولا ينعقد البيع يرد بقولها قال ابن ناجي قلت: وفيه نظر لأن في مسألة المدونة انعقد البيع بين المتبايعين وكان البائع صدق المشتري ثم تبين كذبه وفي مسألتهما لم ينعقد والصواب الرد عليهما بقولها في البيوع الفاسدة إن لم يأت بالثمن إلى أجل كذا وإلا فلا بيع إن البيع ماض والشرط باطل اهـ.

ص: 156

رب الحق قبل الأجل لأنه حق يورث ابن ناجي قال بعض شيوخنا ظاهر الكتاب لو لم تؤخره الورثة أنه يحنث وهو خلاف نقل ابن حارث عن المجموعة لو حلف لأقضينك إلى أجل كذا فمات ربه قبل الأجل فقضى ورثته بعد الأجل لم يحنث اهـ.

ولعله ضعيف لمخالفته ظاهر الكتاب (لا) إذنه (في دخول دار) حلف لا دخلها إلا بإذن زيد وهو غير ربها فمات زيد فلا يكفي إذن وارثه ابن يونس لأن الإذن ليس بحق يورث فإن دخل مستندًا لإذن الوارث حنث اهـ.

وقرره تت بمن حلف لا دخل دار فلان إلا بإذنه فمات فلان فإنه لا يكفي إذن وارثه وفيه نظر لأنه لما ورثها صار الإذن حقًّا يورث فيكفي إذنه (و) أجرًا (تأخير وصي) في وارث صغير حال كون التأخير (بالنظر) للصغير ككون التأخير يسيرًا أو خوف الجحود أو الخصام فإن جهل الحال حمل على النظر فإن أخر الوصي بغير نظر بر الحالف أيضًا وأجزأ ولا يجوز ذلك للوصي وينبغي أن يؤخذ الدين حالًا فتقييد المصنف تأخير الوصي بالنظر لأجل جواز الإقدام على التأخير لا لإجزائه فلذا قيل لو حذفه لوافق النقل وقيد تأخير كل من الوارث والوصي بقوله (ولا دين) محيط فليس المراد نفي الدين أصلًا بل نفي المحيط فإذا كان غير محيط فالكلام للوارث أو الوصي وإن كان محيطًا فالكلام للغرماء أي فقط كما أشار له بقوله (و) أجزأ (تأخير غريم) للمحلوف له بعد موته أو في حياته (إن أحاط) الدين بماله (وأبرأ) الغريم ذمة المدين المحلوف له من القدر الذي أخربه الحالف حتى يكون كالقابض من المدين الحالف وقيده أبو عمران يكون الحق من جنس دين الغرماء حتى يكون حوالة يقضى بها وإلا جاء فسخ الدين في الدين أبو الحسن وانظر إذا لم يتجانس الدينان هل يكون مثل تأخير الوصي أو مثل القضاء الفاسد قاله ح ومفهوم قوله: إن أحاط أنه إن لم يحط فلا يجزئ تأخير الغريم ولو أبرأ ذمة الميت (وفي بره في) يمين الحنث نحو (لأطأنها فوطئها) وطأ حرًّا ما مثل أن تكون (حائضًا) أو صائمة

ــ

(لا في دخول دار) قول ز وفيه نظر لأنه لما ورثها الخ. قد ذكر ح ما يشهد لهذا النظر وبمثله اعترض طفى كلام تت فانظره (إن أحاط وأبرأ) في ح عن أبي الحسن أن الإجزاء مقيد بقيد ثالث وهو أن يجعل الورثة ما بأيديهم من التأخير بيد الغرماء قال ح ونقله ابن عرفة عن ابن القاسم في المجموعة قلت: إنما نقله ابن عرفة فيما إذا كان الدين غير محيط خلاف ما في الخطاب عن أبي الحسن ونص ابن عرفة في المجموعة عن ابن القاسم لو كان الدين غير محيط فرضي الغرماء بالحوالة عليه وأخروه وأبرؤوا الورثة لم يجزه إلا أن يجعل الورثة لهم ما كان لهم من التأخير اهـ.

فجعله قيدًا في مفهوم المصنف دون منطوقه فانظر ذلك وقول ز حتى يكون حوالة يقضي بها الخ. هكذا النص في ح وهو مشكل إذ ليست لنا حوالة يقضي بها وكان الظاهر لو قال حتى تكون حوالة تجوز والله أعلم (وفي بره في لأطانها) القولان في هذه لابن القاسم الأول لنقل محمَّد عنه والثاني لسماع عيسى منه وقول ز فإن لم يطأها حينئذٍ حنث قطعًا الخ.

ص: 157

حملًا للفظ على مدلوله لغة وعدم بره حملًا له على مدلوله شرعًا والمعدوم شرعًا كالمعدوم حسًّا قولان فإن لم يطأها حينئذٍ حنث قطعًا كما قدمه بقوله وحنث إن لم تكن له نية ولا بساط بفوت ما حلف عليه ولو لمانع شرعي فهناك تكلم على ما إذا لم يفعله بعد الفوات وهنا تكلم على ما إذا فعله بعد فواته شرعًا مع وجود المانع الشرعي وفي كلام تت في صغيره نظر وظاهر المصنف جريان القولين ولو فرط حتى حصل الحيض ووطئها وكانت يمينه غير مؤقتة وهو ظاهر كلامهم أيضًا والقياس الاتفاق على الحنث في هذه ونسخة تت فوجدها فاحتاج أن يقول بعد حائضًا ووطئها فإن كانت يمينه إن وطئتك حنث بذلك قاله ابن حارث قال المصنف: ولا ينبغي أن يختلف فيه (وفي) بره في حلفه لزوجته على بضعة لحم (لتأكلنها فخطفتها هرة) عند مناولته إياها وابتلعتها (فشق جوفها) عاجلًا وأخرجت قبل أن يتحلل في جوفها منها شيء (وأكلت) أي أكلتها المرأة وهو قول ابن القاسم وحنثه قولان مع التواني في أخذها منه وأرجحهما حنثه فإن لم نتوان ولم يحنث اتفاقًا ولو لم تشق جوف الهرة وتخرجها (أو) لم تخطفها هرة بل حلف لتأكلها أو تفاحة مثلًا فتركتها بعد الحلف حتى فسدت وأكلتها (بعد فسادها) فهل يبر به أم لا (قولان) في كل من المسائل الثلاث والظرف في الثالثة معطوف على مقدر أي أو لم تخطفها وأكلت بعد كما قررنا ولا تختص بحلفه لتأكلها كما هو سياقه بل تشملها وتشمل حلفه ليأكلها هو فأكلها بعد فسادها وكذا في فخطفتها الخ. واستثنى من القولين في الأخيرة فقط قوله (إلا أن تتوانى) حتى فسدت فيحنث قطعًا ولا يرجع للأولى لعدم تأتي

ــ

أي إذا استمر الحيض حتى فات الوقت في قوله لأطأنها الليلة مثلًا كما تقدم وقول ز فهناك تكلم على ما إذا لم يفعله بعد الفوات الخ. لا يخفى ما في العبارة من الركاكة والصواب والله أعلم لو قال فهناك تكلم على ما إذا لم يفعله مع المانع وفات وهنا تكلم على ما إذا فعله مع المانع قبل الفوات تأمله (فخطفتها) بكسر الطاء كلهم هو اللغة الجيدة قال الله تعالى: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصافات: 10] وفيه لغة رديئة كضرب قاله في الصحاح وقول ز وهو قول ابن القاسم الخ. هذا العزو غير صحيح إذ الذي لابن القاسم هو الحنث وابن الماجشون يقول بعدم الحنث إذا أخرجت صحيحة بحدثان ما بلعتها الهرة وصحح ابن رشد الأول لجريانه على المشهور من حمل الإيمان على المقاصد والثاني جار على مراعاة الألفاظ انظر ح وقول ز مع التواني في أخذها الخ. صحيح كما في ح والمراد بالتواني أن يكون بين يمينه وبين أخذ الهرة البضعة قدر ما تتناولها المرأة وتحوزها دونها فإن كان بينهما أقل فهو عدم التواني هذا الذي في سماع أبي زيد كما في نقل ح وغيره وبه تعلم بطلان ما فسره به خش من أن المراد به أن يكون بين يمينه وبين أخذ الهرة البضعة ما يزيد على قدر ما تتناولها المرأة وعدم التواني أن يكون بين اليمين وأخذ الهرة قدر ما تتناولها المرأة الخ. قائلًا كما يفيده ق مع أن الذي نقله ق هو سماع أبي زيد الذي تقدم نقل ح له والله أعلم. (قولان) القولان في هذه الثالثة لابن القاسم وقد وافق مالكًا على الحنث ووافقه سحنون على عدمه (إلا أن تتوانى) قول ز

ص: 158

ذلك فيها ولا للثانية لما علمت من أن القولين فيها: إن توانت وإن أرجحهما حنثه وإن لم تتوان لم يحنث اتفاقًا فإن قلت الحالف هنا لم يؤجل وقد تقدم أنه إذا لم يؤجل وحصل مانع فإن فرط حنث ولو بالمانع العقلي وإن لم يفرط حنث بالمانع العادي وهو يخالف ما هنا قلت ما تقدم حيث لم يفعل المحلوف عليه أصلًا وهنا قد فعله فإن قلت الفساد في

ــ

واستثنى من القولين في الأخيرة الخ. فيه نظر بل لا يصح رجوعه للأخيرة ولفظ ضيح وحكى اللخمي وغيره فيمن حلف ليأكلن هذا الطعام فتركه حتى فسد ثم أكله قولان اهـ.

فحكى القولين مع التواني لا مع عدمه والصواب رجوعه للمسألة الثانية أعني مسألة الهرة لكن لا بمعنى التواني المتقدم لأنه يقتضي أن الخلاف مع عدم التواني بالتفسير المذكور وليس كذلك إذ عدم الحنث حينئذٍ متفق عليه كما اعترض على المصنف بذلك الشارح وح وإنما المراد هنا التواني في شق جوف الهرة لأن محل قول ابن الماجشون بعدم الحنث فيها هو إذا لم تتوان البضعة في جوف الهرة حتى تحلل بعضها وإلا حنث عنده، أيضًا كما يقوله ابن القاسم وأشار به لقوله في البيان وقد روى أبو زيد عن ابن الماجشون أنها إن استخرجت من بطن الهرة صحيحة كما هي بحدثان ما بلعتها من قبل أن يتحلل في جوفها شيء منها فأكلتها فلا حنث عليه اهـ.

فسقط اعتراض الشارح وح اهـ.

والحاصل أن المسألة على طرفين وواسطة إذا لم تتوان في أخذها لم يحنث اتفاقًا وإن توانت في أخذها وتوانت في شق جوفها. أي: جوف الهرة حنث اتفاقًا وإن توانت في أخذها لكن لم تتوان في شق جوف الهرة فالقولان وأما بحث ابن عاشر بأن ذكر القولين هنا في التواني يخالف ما تقدم عن ضيح وغيره من أن من حلف ليفعلن فتوانى حتى تعذر الفعل حنث بلا خلاف اهـ.

فمردود أيضًا بأن قول ابن الماجشون هنا بعدم الحنث هو من حيث وجود الأكل المحلوف عليه فالمانع هنا عنده منتف والله أعلم. وقول ز فإن قلت الحالف هنا لم يؤجل الخ. هذا معنى سؤال ابن عاشر وجوابه المتقدمين واعترض عليه بأن هذا السؤال لا يتنزل على قول المصنف إلا أن تتوانى الخ. ولا على ما ذكره ز بعده وإنما يتنزل على قوله وفي بره في ليطأنها الخ. وقد ذكر ز هناك ما يغني عن إعادته وكل ذلك إشارة إلى قول تت.

تنبيه: نظر الشارح في كلام المصنف بأنه ذكر هنا قولين وقال في أول الباب وحنث بفوت ما حلف عليه ولو لمانع شرعي وأجاب بحمله هناك على التأجيل وهنا على عدمه اهـ.

وقد يقال: إنه رجح هناك الحنث وهنا ظهر له ترجيح القول الآخر فذكر القولين اهـ.

كلام تت وقد مر لز رده وهو رد صحح اهـ.

قلت: ما اعترض به على ز غير صحيح فإن سؤاله ليس مبنيًّا على الأولى بل على مسألة الهرة لأنه قدم فيها أن محل القولين إنما هو إذا توانت بعد اليمين في أخذ البضعة حتى خطفتها الهرة وهو مخالف لما تقدم من أنه إذا فرط حتى حصل المانع يحنث قطعًا هذا سؤاله

ص: 159

الثالثة يستلزم التواني فلا يصح الاستثناء قلت: لا نسلم ذلك إذ قد يفسد بسقوط شيء فيه عقب حلفه من غير توان (وفيها الحنث بأحدهما) أي الثوبين (في) حلفه (لا كسوتها) إياهما وفي نسخة كسوتهما بضمير التثنية (ونيته الجمع) أي: لا يكسوها الثوبين جميعًا (واستشكل) حنثه بكسوتها أحدهما بأنه يخالف نيته وقوله فيما مر وبالبعض محله ما لم ينو عدم أكله جميعه وإلا لم يحنث بالبعض وأجاب المصنف يحمل ذلك على ما إذا كانت يمينه بطلاق أو عتق معين وعليه بينة ورفع وأما إن جاء مستفتيًا فينبغي أن يتفق على قبول ما ادعاه اهـ.

فإن قلت نيته مساوية للفظه قلت: لما احتمل أن المعنى لا كسوتها الثوبين جميعًا أو كل واحد بانفراده كانت نيته بهذا الاعتبار مخالفة لظاهر لفظه وبقيت ثلاثة أجوبة أخر انظرها في تت في كبيره.

ــ

وأجاب بأنها لما شقت جوفها وأخرجت البضعة وأكلتها فقد وقع المحلوف عليه في الجملة فنشأ الخلاف وأما لو لم تخرجها لحنث قطعًا كما تقدم فكلامه حسن واضح والله أعلم فسؤاله هو بحث ابن عاشر المتقدم وجوابه ما تقدم اهـ.

(وفيها الحنث بأحدهما الخ).

قول ز فإن قلت: نيته مساوية للفظه الخ. كان حقه لو أسقط هذا السؤال وجوابه لأن مخالفة نيته للفظه هنا واضحة فلا سؤال اهـ. والله أعلم.

ص: 160