المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الإجارة - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٧

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌باب في الإجارة

بسم الله الرحمن الرحيم

‌باب في الإجارة

ابن عرفة هي بيع منفعة ما أمكن نقله غير سفينة ولا حيوان لا يعقل بعوض غير ناشئ عنها بعضه يتبعض بتبعيضها انتهى.

ولو قال عقد على منفعة ما أمكن الخ لسلم مما يتوجه عليه من أنه لا يصح أن يراد بالبيع هنا معناه الأعم ولا الأخص لأنه اعتبر في مفهومه كونه على غير منافع فتجوّز في لفظ بيع وأراد به عقد وقوله: بيع منفعة خرج به بيع الذات وقوله: ما أمكن نقله كثياب خرج به الدار والأرض فلا يسمى العقد المتعلق بمنافعهما إجارة بل كراء وقوله: ولا حيوان لا يعقل خرج به كراء الرواحل وقوله: بعوض متعلق بقوله بيع منفعة أتى به ليصفه بقوله غير ناشئ عنها أي عن المنفعة ليخرج القراض والمساقاة فإنه ناشئ عن المنفعة مع أن المساقاة خارجه بقوله ما أمكن نقله والضمير في بعضه عائد على العوض وفي تبعيضها عائد على المنفعة وأخرج بقوله يتبعض بتبعيضها الجعل وزاد قوله: بعضه لإدخال النكاح الذي وقع صداقه منفعة ما يمكن نقله إذا استحق أو تعطل فلا يتبعض البضع بتبعيضه ولو أسقط هذه اللفظة لخرج النكاح المجعول صداقه ما ذكر عن أن يكون أي ما ذكر إجارة

ــ

باب الإجارة

قول ز مع أن المساقاة خارجة بقوله ما أمكن نقله الخ فيه نظر بل لا تخرج به إذ المعقود عليه في المساقاة منفعة العامل وذلك مما يصدق به من منفعة ما أمكن نقله الخ وقول ز وزاد قوله بعضه لإدخال النكاح الخ هذا معنى ما كتب عليه ابن عرفة في حاشيته بخطه ونصه بعضه من قوله: بعضه يتبعض الخ زدته خوف نقض عكسه بمثل قول الله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27] على أن تأجرني ثماني حجج فإنها إجارة إجماعًا لقولها يا أبت استأجره والعوض فيها لا يتبعض اهـ.

نقله الرصاع واعترضه الوانوغي بأن في لفظ البعض إبهامًا وبأنه يلزمه دخول الجعل في التعريف بما دخل به النكاح فيلزم فساد طرده على أنه لو حذف لفظة بعضه لم يلزم خروج صورة النكاح لأن تبعيض المنفعة فيها يوجب الرجوع في صداق المثل فتدخل في قوله يتبعض الخ أي حقيقة أو حكمًا انظر الرصاع وقال بعضهم: لو قال يتبعض بتبعيضهم أو بضع وحذف لفظة البعض لسلم من ذلك كله اهـ.

ص: 3

مع أنه إجارة شرعية بدليل قوله تعالى: {يَا أَبَتِ} [يوسف: 4] استأجره مع قوله: إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني أي نفسك ثماني حجج وكذا أجاب ابن عرفة عن زيادته لفظة بعضه ثاني يوم توقفه هو وأهل مجلسه في زيادتها ورغبته إلى الله في فهمها فلفظة بعضه للإدخال حتى لا يكون الحد غير منعكس أي غير جامع لإفراد المحدود ولفظة يتبعض الخ لإخراج الجعل كما مر ولا يرد عليه أنه إذا استأجر ربه على التمام فللأول بنسبة الثاني لأنه لم يتبعض عين الجعل الأول وإنما أخذ بنسبة الثاني في عقد مستقل وأركانها خمسة المنفعة وستأتي في قوله: بمنفعة تتقوّم والمؤجر والمستأجر وأشار لهما بقوله: (صحة الإجارة بعاقد) وهو المؤجر والمستأجر والعوض أشار له بقوله: (وأجر كالبيع) أي هي كعاقده وعوضه في الصحة المتقدمة بشروطه كما في البيع هذا مقاد التشبيه بدليل لفظ صحة وأما لزومها كلزومه فمفاد قوله: آخر الباب ويرشد صغير عقد عليه أو على سلعة وليّ الخ لا مما هنا كما في تت إذ لو أراده أيضًا لأسقط لفظ صحة وقال د عبر بالصحة دون اللزوم لأن اللزوم هنا ليس كاللزوم في البيع إذ السفيه له أن يؤاجر نفسه ولا كلام لوليه إلا إن كان في الأجر محاباة كما هو مقتضى كلام ابن رشد بخلاف البيع إذ لوليه النظر فيه مطلقًا كما تقدم اهـ.

وعلم من التشبيه أيضًا كما في ح أن الصبي المميز إذا أجر نفسه بغير إذن وليه صح ووقف على رضاه ونحوه في المدونة ومثله العبد قال في المتيطية: فإن عملا فلهما الأكثر من المسمى وأجرة المثل فإن أصابهما شيء من سبب العمل فلهما قيمة ما نقصهما أو ديتهما إن هلكا ولهما الأجرة إلى يوم أصابهما ذلك وليس لهما فيما أصابهما من غير سبب العمل شيء اهـ.

وقوله: فلهما قيمة ما نقصهما إنما تعتبر القيمة في الحر فيما فيه حكومة وأما ما فيه دية فالواجب فيه الدية وقوله: بغير إذن وليه وكذا العبد بغير إذن سيده مفهومه لو أجرا أنفسهما بإذنه وكذا الجارية بإذن سيدها جاز ولزم الباجي وتدفع لهما إجارتهما ما لم تكن شيئًا له بال اهـ.

وترك الركن الخامس لسهولته وهو الصيغة وهي كما في اللباب لفظ أو ما يقوم مقامه يدل على تمليك المنفعة بعوض اهـ.

والمعاطاة تدخل في قوله: أو ما يقوم مقامه وكذا سائر ما يدل على الرضا ويدل له تشبيه المصنف ولا يدخل فيها لفظ المساقاة فلا تنعقد بها كما تقدم عن ابن رشد عند قول

ــ

(بعاقد وأجر كالبيع) بحث في هذا بأنه يدخل فيه كراء الأرض بما تنبت وأجاب ابن عبد السلام بأن هذا المانع منع وبحث أيضًا فيه بما لابن القاسم في العتبية في الخياط لا يكاد يخالف مستخيطه وهو مخالط لمؤجره يخيطه الثوب فإذا أفرغ أرضاه فإنه جائز مع كون الأجر

ص: 4

المصنف بساقيت لإخراج الوضع الشرعي عما جعل له ولما كانت قاعدة ابن القاسم أن الثمن في البيع على الحلول والأجرة في الإجارة على التأجيل ذكر ما خرج عن قاعدته في الأجرة وأنه يجب تعجيلها في مسائل فقال (وعجل) الأجر وجوبًا ولو حكمًا كتأخيره ثلاثة أيام لا أكثر فيفسد العقد (إن عين) كثوب معين (أو) لم يعجل بالفعل وإنما عجل (بشرط) أي اشترط تعجيله عند عقد الإجارة (أو عادة) أي كان العرف تعجيله في عقد بت على منافع معينة أو مضمومة شرع فيها أم لا وهي صحيحة في هذه الأربع ومفهوم قوله: أو عادة أنه إن انتفى عرف تعجيل المعين فسدت كما يذكره وإن عجل بالفعل حيث لم يشترط عند العقد تعجيله سواء كان في منافع مضمومة أو معينة شرع فيها أم لا فتفسد في هذه الأربع وقولي في أربعة المنطوق في عقد بت مخرج لعقد خيار فتفسد كأربعة المفهوم في الخيار أيضًا كما مر في الخيار من قوله: ومنع وإن بلا شرط إلى قوله: بخيار وإن قوله وكراء ضمن لا مفهوم له وإن المعين مثله في هذه الثمانية التي في البت والخيار في عقدها على أجر معين وأشار لعقدها على أجر غير معين وفيه ثمانية أيضًا كما بينه بقوله: (أو) وقع الأجر غير معين كدراهم (في) إجارة (مضمومه) في ذمة مؤجر كاستأجرك على كذا في ذمتك إن شئت عملته بيدك أو بغيرك (لم يشرع) المستأجر (فيها) مع إمكانه أو عدمه والعقد بت فيهما ولم يجر عرف بتعجيله ولا اشترط فيجب تعجيل جميعه لئلا

ــ

غير معلوم وأجاب في ضيح بندورها على أن ابن حبيب يخالف فيها انظر ضيح (وعجل أن عين أو بشرط أو عادة) ظاهر تقرير ز قصر قوله: أو بشرط أو عادة على المعين وهو غير صواب وكذا ما قرره وفي تخييطه من قوله: أو لم يعجل بالفعل الخ فإنه لا معنى له وكان صواب التخييط على تقريره أن يقول وعجل إن عين بغير شرط أو عادة أو بشرط أو عادة فيجعله عطفًا على مقدر والحق في كلام المصنف رحمه الله حمله على ظاهره وأن قوله بشرط الخ في عين المعين وأنه عطف على معنى إن عين أي وعجل بتعيينه أو بشرط الخ وإن ما أورده عليه ح لازم له من أن قوله: إن عين مستغنى عنه لأن المعين إن كان الشرط أو العادة تعجيله فهو مندرج تحت قوله: بشرط أو عادة وإن كان العرف التأخير أو لا عرف أصلًا فالإجارة فاسدة كما سيقول المنصف وفسدت أن انتفى عرف الخ والتعجيل فرع صحتها وهذا البحث لا يرد على ابن الحاجب لأن الفساد عنده إنما هو في صورة ما إذا كان العرف التأخير لا في صورة ما إذا لم يكن عرف خلاف ما درج عليه المصنف رحمه الله فيحمل كلام ابن الحاجب على هذه الصورة التي يجوزها وإن كان منعها الذي عليه المصنف هو قول ابن القاسم انظر ح رحمه الله وأجاب بعض الشيوخ عن المصنف بأن الذي يفهم من قوله: وفسدت أن انتفى عرف الخ إنما هو صحة العقد مع عرف التعجيل ولا يفهم منه الجبر على الدفع بالتعجيل يدفع الفساد وتعجيل الدفع بشيء آخر هو الذي نبه عليه بقوله: وعجل أن عين الخ فالأول حق الله والثاني حق الآدمي فقوله: وعجل أن عين أي مع الشرط أو العادة وقوله أو بشرط الخ في عين المعين اهـ.

ص: 5

يؤدي عدم تعجيله لابتداء الدين بالدين لشغل ذمة المكري بالدابة والمكتري بالدراهم ولا يكفي تعجيل اليسير منه (إلا) أجر عقد (كراء حج) ونحوه في غير إبانة (فاليسير) منه يجب تعجيله إن كان الأجر كثيرًا أوكله إن كان يسيرًا بأن قربت المسافة من مكة كما في د للضرورة لا لكون الإبان لم يأت وانظر ما ضابطها أو ضابط اليسير ومفهوم لم يشرع فيها إنه لو شرع فيها ولو حكمًا كتأخيره ثلاثة أيام في الإبان والعقد بت لم يجب تعجيله خوف اقتطاع الأكرية أموال الناس كما قال الإِمام أي بسبب هروب الجمالين بالأجر إلا لشرط أو عرف بتعجيل جميعه فيجب وإنما يظهر ذلك التعليل مع عدم الشرط أو العرف في المال الكثير وإن لزم من عدم تعجيله الدين بالدين واشتغال الذمتين فإن ذلك غير مراعى هنا بناء على أن قبض الأوائل كقبض الأواخر لأنه لما شرع في السير فكأنه استوفى جميع المنفعة وتقدم أن تأخيره الشروع يومين أو ثلاثة لا يضر لأنه سلم حتى لو هلك لجرى على باب السلم وقد قال المصنف فيه ومنك إن لم تقم بينة ووضع لتوثق الخ وينبغي القضاء على المستأجر بالتعجيل حيث طلب الشروع وطلب المؤجر التعجيل وربما يدل له قوله في

ــ

بخ قلت: وفيه نظر لأنه حينئذٍ يستغنى عنه بقوله: أو بشرط أو عادة كما قاله ح وقوله ز ومفهوم قوله: أو عادة الخ هذا لا يفهم من كلام المصنف هنا لكن سيأتي التصريح به أو في مضمونه لم يشرع التقييد بعدم الشروع لعبد الوهاب لا لابن المواز خلافًا لضيح ونص المقدمات الإجارة الثابتة في الذمة حكمها حكم السلم في تقديم الأجر وضرب الأجل ووصف العمل وقال عبد الوهاب: يجب فيها تعجيل أحد الظرفين من الأجر أو الشروع في الاستيفاء يريد إذا كان العمل يسيرًا فيخرج عن الدين بالدين اهـ.

وقد علمت من كلام ابن رشد أن جواز التأخير مع الشروع مقيد بكون العمل يسيرًا فإن كان كثيرًا وجب التعجيل شرع أولًا وقد نقله في ضيح وأقره فلا يكون قبض الأوائل كقبض الأواخر إلا في اليسير (الإكراء حج فاليسير) لا خصوصية للحج بل المسألة مفروضة في الكراء المضمون المؤجل غير المشروع فيه وأما لو كان غير مؤجل فلا بد من الشروع أو تعجيل جميع الأجر إذ لا ضرورة حينئذٍ قاله طفى وهو معنى قول ز في غير إبانة ونحوه في الموازية انظر ق وقول ز أو كله إن كان يسير الخ لم أره لغير د ونصه مثل كراء الحج الأسفار المحتاج إليها مما تكثر فيه الأجرة بحيث يقتطع الأكرياء أموال الناس وأما القليل من المال والمسافة فيعجل كثيره اهـ.

ولعله أخذ ذلك من تعليل الإِمام باقتطاع الأكرياء الخ وقول ز ومفهوم لم يشرع إلى قوله لم يجب تعجيله موضوع في غير محله وصوابه التقديم على قوله: الإكراء حج الخ لأن قوله: خوف اقتطاع الخ يوصل لقوله للضرورة وأصله يكفي تعجيل اليسير للضرورة خوف اقتطاع الخ تأمله أن ابتليت به وقول ز بناء على أن قبض الأوائل الخ موضوع أيضًا في غير محله والصواب وصله بقوله: ومفهوم لم يشرع الخ إذ لا معنى لوصله بما قبله كما هو ظاهر والحاصل أن في كلامه من التخليط ما لا يخفى على من له أدنى مسكة من فهم وقوله ز

ص: 6

اختلاف المتبايعين وبدئ المشتري للتنازع (وإلا) بأن لم يكن الأجر معينًا أو والإبان لم تكن المنافع مضمومة ولم يشترط تعجيل الأجر ولا جرى به عرف (فمياومة) كلما استوفى منفعة يوم أي قطعة معينة من الزمن أو تمكن من استيفائه لزمه أجرته فليس المراد حقيقة اليوم فإن شرط تعجيل جميعه أو اعتيد عجل وبهذا التقرير علم أن في المضمومة ثمانية أقسام ومحلها لغير صانع وأجير ومحله أيضًا عند المشاحة وأما مع التراضي فيجوز تعجيل جميعه وتأخيره حيث كان العقد على البت كما ذكرته فإن وقع على خيار فسد فيها كلها كما في باب الخيار والمواضعة والجعل وقولي لغير صانع وأجير احتراز عنهما ففي المدونة وإذا أراد الصناع والأجراء تعجيل الأجر قبل الفراغ وامتنع رب الشيء حملوا على المتعارف بين الناس فيه فإن لم تكن لهم سنة لم يقض لهم إلا بعد الفراغ وأما في الأكرية في دار أو راحلة أو في إجارة بيع السلع ونحوه فبقدر ما مضى وليس لخياط نصف القميص أخذ نصف أجرته إذ لم يأخذه على ذلك بل حتى تتم اهـ.

ففي اقتصار التوضيح على استثناء الصانع دون الأجير قصور وقولها في الصناع والأجراء لم يقض لهم إلا بعد الفراغ محله إن بقي على التمام للزوم العقد فإن تقابلا قبل تمامه فله بحساب ما عمل ولا يخفى أن عمل الصانع تارة يتعين بالعمل كاستئجار خياطة ثوب وتارة بالزمن كاستئجاره على خياطة عشرة أيام مثلًا ففي الأول لا يستحق الأجرة إلا بتمام العمل وكذا في الثاني كما ذكره د ونازعه بعض أشياخي وقال بل يستحق أجرة عمل كل يوم بتمام عمله لأن عمل كل يوم يتم بتمامه وعهدته عليه قاله عج قلت قد يحمل كلام بعض أشياخه على ما إذا كان العرف ذلك كصانع عند كخياط بمصر وكلام د على ما إذا لم يكن العرف ذلك (وفسدت) عقدة إجارة عينت فيها الأجرة (إن انتفى) فيها (عرف تعجيل المعين) بأن كان العرف في بلد العقد التأخير أولًا عرف بأن كانوا يتبايعون بالوجهين وعلل الفساد بأنه كشرط التأجيل فيلزم الدين بالدين وعمارة الذمتين ومحل الفساد فيهما إن لم يشترط التعجيل كما مر أو يشترط الخلف في الدنانير والدراهم كما

ــ

تأخير الشروع يومين أو ثلاثة لا يضر الخ كلام ح يفيد أن الذي لا يضر إنما هو تأخير يوم فقط فانظره (وإلا فمياومة) قال ح: محل جواز التقديم والتأخير في المنافع المعينة إذا شرع في العمل أو تأخر الشروع نحو العشرة الأيام فإن طال ذلك لم يجز بتقديم الأجرة ثم نقل كلام ابن رشد والمدونة وأبي الحسن عليها المفيد لذلك فانظره وقول ز وبهذا التقرير علم أن في المضمونة ثمانية الخ كلام مختل فالصواب إسقاطه وقول ز فإن وقع على خيار فسد فيها كلها الخ فيه نظر بل محل الفساد في الكراء بخيار إذا وقع فيه التعجيل بشرط أو غيره كما تقدم في الخيار وإلا فلا (وفسدت إن انتفى عرف تعجيل المعين) قول ز فيلزم الدين بالدين الخ التعليل بهذا قاصر لاقتضائه الجواز مع الشروع وليس كذلك والذي علل به في المدونة هو أن هذا فيه بيع معين يتأخر قبضه انظر ق على أن ما علل به مردود من جهة أن المعينات

ص: 7

سيأتي واعلم أن وجوب تعجيل المعين حق لله وكذا غير المعين في مضمونة لم يشرع فيها وأما غير المعين في غير مضمونة أو مضمونة شرع فيها فوجوب تعجيله حيث الشرط أو العرف حق لآدمي هذا هو التحرير لا ما ذكره د ومما يجب تعجيله لحق آدمي كراء أرض النيل إذا رويت كما سيأتي (كمع) أي كما تفسد الإجارة إذا وقعت مع (جعل) في عقد واحد لتنافي الأحكام فيهما إذ الإجارة لا يجوز فيها الغرر وتلزم بالعقد ويجوز فيها الأجل ولا يجري شيء من ذلك في الجعل أي لا يلزم بالعقد ولا يجوز فيه ضرب الأجل وكذا لا يجوز اجتماع بيع الأعيان مع الجعل بعقد واحد للعلة المذكورة وكذا يفسد الجعل إذ لا يمكن أن يكون العقد الواحد صحيحًا في شيء وفاسدًا في شيء (لا) إجارة وقعت مع (بيع) بعقد واحد فلا يفسد واحد منهما سواء كانت الإجارة في نفس المبيع كشرائه ثوبًا بدراهم معلومة على أن يخيطه له البائع أو في غيره كشرائه ثوبًا بدراهم معلومة على أن ينسج له آخر ويراعى في الصورة الأولى شروعه أو ضرب أجل الإجارة ومعرفة خروجه عين عامله أم لا أو إمكان إعادته كالنحاس على أن يصنعه قدحًا كما قدمه في السلم بقوله: وإن اشترى المعمول منه واستأجره جاز أن شرع عين عامله أم لا فإن انتفى الأمران كالزيتون على أن يعصره فلا وأما إن كانت الإجارة في غير نفس المبيع فتجوز بغير شرط وعطف على كمع جعل قوله: (وكجلد) جعل أجرًا (لسلاخ) لشاة حية أو مذبوحة فتفسد تلك الإجارة لأنه لا يستحق الجلد إلا بعد تمام سلخه وقد ينقطع قبل الفراغ وقد يسلم والفرق بين منع ما هنا وبين كراهة بيع جلود الخرفان على ظهورها أن المشتري لما كان يملكها من حين العقد ويكون السلخ عليه وعلى البائع لم يمتنع ذلك في حقه بخلاف السلاخ فإنه لا يستحق حتى يعمل كما أشار إليه الشارح وفيه شيء لأن المشتري والسلاخ لا يدري كل منهما كيف يخرج الجلد قاله د ويستثني من كلام المصنف الاستئجار على سلخ نحو سبع وهرّ بجلدهما لأنه يجوز بيعه قبل سلخه وما جاز بيعه جاز أن يكون أجرًا وقد يقدح في ذلك بالفرق المتقدم بين بيع جلود الغنم على ظهورها وبين الاستئجار على سلخها بجلدها وقد يجاب بأن جواز بيع جلد نحو السبع

ــ

لا تقبلها الذمم (وكجلد لسلاخ) قول ز والفرق بين منع ما هنا وكراهة بيع جلود الخرافات الخ لا يحتاج إلى ذكر الفرق بينهما إلا لو كانا مفترقين في الحكم وليس كذلك بل الحكم في كل من بيعها والإجارة بها قبل السلخ واحد فقد قال ابن عرفة: الجلد جار على ما تقدم في بيعه اهـ.

وقال في ضيح قد تقدم في بيع الجلود على ظهور الخرفان في البيوع ستة أقوال فينبغي أن تأتي هنا اهـ.

وقد تقدم المنع في بيع الشاة واستثناء جلدها في الحضر قال ح: فيما تقدم وهو الذي نقله المازري عن المذهب وفي المدونة كراهة ذلك قال في ضيح في البيوع وبذلك فسرها أبو الحسن قال ح: هناك وظاهر كلامه في ضيح أنه يفسخ على المشهور اهـ.

ص: 8

على ظهره هو المذهب وأما بيع جلود الغنم على ظهرها فإنه وإن صححه بعض شيوخ ابن ناجي كما في تت فليس هو المذهب ومما يدل على ذلك قولهم ما جاز بيعه جازت الإجارة به وقد ذكر المصنف أنه لا تجوز الإجارة به قال تت ونبه بمنع الإجارة على السلخ بالجلد على منعها بشيء من لحمها من باب الأولى انتهى.

ولم يقل إن اللحم داخل تحت الكاف كما في غ وح لأنها للتشبيه لا للتمثيل لعطفه على كمع جعل كما مر قال ح انظر لو استأجره برأس الشاة أو الأكارع هل يجوز أم لا والظاهر أنه إن استأجره على الذبح أو عليه وعلى السلخ فلا يجوز لأنه لا يدري هل تصح ذكاتها أم لا وأما إذا استأجره على السلخ وحده بعد الذبح فذلك جاز لأنه لا غرر فيه انتهى.

(ونخالة) أجرة (لطحان) أجير على طحن حب أو أجرة لمن يكيل دقيقًا ويعجنه أو يخبزه ففاسده لجهل قدر النخالة قبل خروجها وصفتها فهو كالجزاف غير المرئي وأما لو استأجره بكيل معلوم منها كاطحنه ولك صاع من نخالته فتجوز كصاع من دقيقه على المشهور كما يأتي قال تت ابن ناجي عن شيخه عصر الزيتون بالفيتور أي ثفله كالنخالة (وجزء ثوب لنساج) استؤجر بالجزء على نسج الثوب ومثله دبغ جلود أو عملها وأجرتها نصف ما يخرج مثلًا لا يجز لأنه لا يدري كيف يخرج ولأن ما لا يجوز بيعه لا يجوز أن يستأجر به قال أصبغ فإن نزل فله أجر عمله والثوب والجلود لربها يريد لأنه لم يجعل له النصف إلا بعد الفراغ من العمل فإن فاتت بيد الصانع بعد الدبغ فله النصف بقيمته يوم خرجت من الدباغ ولربها النصف الآخر وعليه أجرة المثل في دباغ الجميع وإنما كان له النصف بقيمته يوم خرجت من الدباغ لوقوع البيع فيه فاسدًا وقد فات وكان الأصل أن تكون له قيمته يوم قبضه إلا أنه لما لم يجعل له النصف إلا بعد الفراغ من العمل فكأن القبض إنما حصل حينئذٍ وأما لو جعل له النصف قبل الدبغ على أن يدبغها مجتمعة فلا يجوز أيضًا لأنه حجر عليه ومنعه من أخذه إلا بعد الدبغ لكن إذا أفاتها بالدبغ كما في د أو بالشروع فيه كما في ابن عرفة فعليه قيمة النصف الذي هو الأجرة يوم القبض لأن البيع فاسد وقد فات وأما النصف الآخر فلربه وعليه أجرة عمله فيه وأما إن جعل له الجزء قبل الدبغ ولم يحجر عليه في دبغه مع جزئه فيجوز فلا يرجع لهذه قوله الآتي وإن من الآن والثوب في الأقسام الثلاثة كالجلد وعطف على ثوب قوله: (أو رضيع) عاقل أو غيره

ــ

وبه تعلم أن ما ذكر هنا من المنع جار على المشهور في البيع فلا فرق بينهما وقول ز: وفيه شيء الخ وجهه والله تعالى أعلم أن السلاخ مشتر للجلد أيضًا فهو يملكه من حين العقد كالمشتري فلا فرق وهو ظاهر لأن كلًّا منهما لا يدري كيف يخرج الجلد والله أعلم وقول ز ويستثنى من كلام المصنف رحمه الله الاستئجار الخ قال في ضيح واستقرئ من المدونة جواز بيع الجلد على ظهور الأنعام من إجازته بيع السباع حية لأجل جلودها وقد يقال السباع لما لم تؤكل إما على طريق المنع أو الكراهة لم يكن المقصود منها إلا الجلد فيحتاط له بخلافه هنا

ص: 9

جعل جزء منه أجرة على رضاعه (وإن) ملكه الجزء (من الآن) أي من حين العقد فيمنع وتفسد الإجارة لأنه قد يتغير وقد يتعذر رضاعه بموت أو غيره ولا يلزم ربه خلقه فيصير نقد الأجرة فيه كالنقد في الأمور المحتملة بشرط قاله الشارح أي والنقد في الأمور المحتملة ممتنع سواء كان المنقود غير مقوم أو مقومًا كما هنا للغرر إذ لا يدري ما الذي يأخذه ويدل له ما يأتي في قوله: وكراء دابة إلى شهران لم ينقد وفي قوله وكبيعه نصفًا الخ أو مثليًّا لتردده بين السلفية والثمنية فجعل د أن مفاد الشارح هذه العلة الثانية واعتراضه عليه بأن هذا لا يجري في مسألتنا هذه لأن الرضيع مقوم غير ظاهر لأن الشارح يفيد الأمرين وعلة مسألتنا الغرر وإذا مات الرضيع أثناء المدة فإن ملكه نصفه من الآن فعليه نصف قيمته يوم قبضه يدفعها لربه وله أجرة المثل في المدة التي رضعها وإن ملكه له بعد الفطام فله أجرة المثل فيما أرضعه ومصيبته من ربه ولا شيء على الأجير لأنه على ملك ربه هذا إن مات قبل الفطام فإن مات بعده فعليه نصف قيمته يوم الفطام وله أجرة رضاع مثله (و) فسد كراء (بما) أي بجزء ما (سقط وأخرج من نفض زيتون) أو تحريكه في الأولى للجهل بالكم (أو عصره) في الثاني أي قال انفض زيتوني وما سقط منه ذلك نصفه مثلًا واعصر زيتوني فأعصرت ذلك نصفه مثلًا فيفسد للجهل بالكم وبالصفة لأن من الشجر ما هو قاصح يقل ما يسقط منه ومنه ما هو بخلافه وقيد ابن العطار منع النفض بما إذا كان بيده وأما بعصا فجائز واستبعده أبو الحسن بأن النفض باليد غير معتاد أي فالنفض بالعصا مراد المنع بناء على استبعاد القيد وأما إن قال له انفضه ولك نصفه فيجوز كالقطة ولك نصفه أو ما لقطت ذلك نصفه لأن اللقط من مقدوره بخلاف النفض والتحريك وأما مسألة العصر فلا فرق في المنع بين أن يقول له اعصره ولك نصفه أو ما عصرت فلك نصفه لأن فيه جهل أمرين كما مر (كاحصد وادرس) هذا الزرع (ولك نصفه) وكذا ادرسه ولك نصفه ففاسد للعلة المتقدمة وأما احصده ولك نصفه فجائز كما يأتي ومثله جذ نخلي ولك نصف ما جذذته لأنهما من مقدوره ولا يمنعه إلا الكسل (و) فسدت في (كراء أرض) شأنها أن تزرع ولو أكريت لوضع جرين بها بحريم بلد أو أكريت للبناء كما أفتى به بعض شيوخ د (بطعام) سواء أنبتته كقمح أو لم تنبته كلبن لأنه يؤدي إلى بيع طعام بطعام

ــ

فإن اللحم مقصود أيضًا وقول ز عن ح والظاهر أنه إن استأجره على الذبح الخ فيه نظر لأن كونه لا يدري هل تصح ذكاتها أم لا إنما هو غرر يسير ومثله يغتفر لقلته ولو اعتبر في المنع مثل هذا الغرر لمنع بيع ما لا منفعة فيه إلا اللجم والمشرف والله أعلم. (وكراء أرض بطعام) قول ز ولو أكريت للبناء لوضع جرين بها أو للبناء الخ فيه نظر بل محل المنع إنما هو إذا أكريت الأرض للحرث أما إذا أكريت لغيره كالبناء والسكنى ونحو ذلك مما عدا الحرث فيجوز ولو كانت الأرض من شأنها أن تحرث هذا الذي يدل عليه كلام أهل المذهب وتعليلهم المنع بأنه طعام إلى أجل قال عياض في الإكمال: وتبعه الأبي عللو المنع بأن

ص: 10

لأجل ومنه شاة اللحم وحيوان لا يراد إلا للذبح كخصي معز وكذا سمك وطير ماء وشاة لبون وأما ضاة لا لبن فيهما فتجوز الإجارة بها ولو حصل بها لبن قبل فراغ مدة الإجارة كجوازها بالماء ولو ماء زمزم وتوابل الطعام عند من لا يجعلها من توابع الطعام كمصطكى ونارنج لا عند من يجعلها من توابعه كملح فيمنع كزعفران وأما أرض غير الزراعة كالدور والحوانيت فيجوز كراؤها بالطعام إجماعًا ومفهوم قوله كراء أنه يجوز بيع أرض الزراعة بالطعام وهو كذلك.

تنبيه: قال في المدونة ومن أكرى أرضه بدنانير مؤجلة حلت فلا يأخذ بها طعامًا ولا إدامًا أي ولا ما تنبته غير كخشب وليأخذ ما يجوز أن يبتدئ به كراءها انتهى.

قال أبو الحسن: يؤخذ من قولها وليأخذ ما يجوز أن يبتدئ به كراءها إن من باع حيوانًا للذبح بدراهم إلى أجل فله أن يقتضي من ثمنه طعامًا كما يجوز بيعه به إن كان يصلح للقنية فإن كان لا منفعة فيه إلا اللحم أو قلت أولًا تطول حياته فلا يجوز انتهى.

وهذا يفيد جواز بيع ما يقتني من الحيوان بالطعام أي ابتداء وإن اشترى للذبح وأما بيع ما لا منفعة فيه إلا اللحم أو قلت أولًا تطول حياته فلا يجوز بطعام وإن لم يشتر للذبح وهذا إذا كان مؤجلًا والإجارة قاله عج والجاموس والبقر بمصر مما يقتني لنفع غير الذبح وأما الشياه فنادر فهل إذا بيعت لجزار بدراهم يجوز أخذ لحم عنها لأنها تصلح للقنية فتدخل في كلام أبي الحسن ويقع عندنا ذلك بمصر أم لا (أو بما تنبته) طعامًا أو

ــ

الثابت يقدر بأنه باق على ملك رب الأرض كأنه باعه بطعام فصار بيع طعام بطعام لأجل اهـ.

وفي المدونة وإذا خيف باكترائها ببعض ما تنبته من الطعام أن يدخله طعام بمثله إلى أجل خيف باكترائها بطعام لا تنبته أن يكون طعامًا بطعام خلافه إلى أجل اهـ.

وقد قيد ابن عرفة منع كرائها بطعام مما إذا أكريت للحرث كما قلنا ونصه لا يجوز كراء الأرض لحرث بطعام أو مما تنبته من غير طول اهـ.

وقال الباجي: قال ابن حبيب: كره مالك كراءها بالطعام لأنه طعام بطعام إلى أجل اهـ.

انظر الأجوبة وقول ز فيمنع كزعفران أن الخ يقتضي أن منع كرائها بالزعفران أن لكونه من توابع الطعام وليس كذلك بل تقدم في فصل الربا أن الزعفران ليس من الطعام ولا من توابعه بل وجه المنع به أنه مما تنبته كما في ابن الحاجب وق وقول ز فهل إذا بيعت لجزار بدراهم يجوز أخذ لحم عنها الخ هذا قصور كيف وقد تقدم في البيوع الفاسدة قول المصنف كحيوان يلحم جنسه وأنه يمنع بيعه بلحم جنسه وإن كان مقتنى وفيه منافع وكلام أبي الحسن الذي نقله إنما هو في بيعه بطعام غير لحم جنسه فافهم وقول ز فلا تكري بنحو قصب بصاد مهملة الخ هذا على ما لابن عرفة معترضًا على ابن شاس وابن الحاجب ونصه وجعل ابن الحاجب وابن شاس القصب كالجزوع وقبوله ابن هارون لا أعرفه بل قولها لا يجوز كراؤها بالقصب اهـ.

ص: 11

غيره كقطن وكتان وعلة الفساد المزابنة وهذا مما شأنه أن يستنبت وإن نبت بنفسه فلا تكرى بنحو قصب بصاد مهملة مفتوحة ولو نبت بنفسه وهو القصب الفارسي وجعله تت من مدخول كخشب وتكري بما شأنه أن ينبت بنفسه كذهب وفضة ورصاص ونحاس وكبريت ونحوه ولو استنبت كقضب بضاد معجمة ساكنة كما في ح وهو شيء يشبه البرسيم ثم المراد بالقطن والكتان شعرهما وأما بثيابهما فجائز قاله ح ومقتضى آخر كلامه أنه لا يجوز كراؤها بالغزل ولعله لكونه هين الصنعة وإن كان لا يعود (إلا) أن يكون ما تنتبه مما يطول مكثه حتى يعد كأنه أجنبي منها (كخشب) وعود هندي وصندل وهو ما يصنع منه الطيب وحلفاء فيجوز كراؤها به وكذا حشيش خلافًا للباجي ولو لطعام بهيمة كما في البادية بخلاف تبن فيمنع لأنه عين ما تنتبه مع القمح وحصير مما ينبت بنفسه ولو استنبت قال ح ويجوز كراء الملاحة بالملح ولا يعارضه ما ذكر ق من أنه لا يجوز كراء الأرض بالملح لأنه في أرض الزراعة وما في ح في أرض الملاحة لأنها ليست أرض زراعة وربما أدخلت الكاف جواز كرائها بشجر ليس به ثمر أو به وهو مؤبر لأنه يبقى لربه لا بها وهو غير مؤبر سحنون من أكرى أرضًا بما يخرج منها فذلك جرحة في حقه وتأوله أبو محمَّد على العالم بالمنع وهو مذهبه أو قلد من مذهبه المنع وقال سحنون أيضًا ولا يؤكل طعامه ولا يشتري منه ذلك الطعام الذي أخذه من كرائها وتأوله ابن رشد على أنه من الورع انتهى.

من ح وصريحه أنه فيما تنتبه ونقله تت عن سحنون في كرائها بطعام فيحتمل أنه له نقلين وعطف بالجر على مدخول الكاف في قوله قمح جعل قوله: (و) فسدت إجارة على (حمل طعام) ونحوه (لبلد) بعيد لا يجوز تأخير قبض المعين له (بنصفه) مثلًا لأنه بيع معين يتأخر قبضه فإن نزل فأجر مثله والطعام كله لربه ولما فقدت هذه العلة معا لقبض

ــ

ونقل في ضيح الجواز عن صاحب التلقين وقال هو بفتح الصاد المهملة قال ح: وبه يرد إنكار ابن عرفة قال: وما ذكره ابن عرفة عن المدونة إنما هو القضب بالضاد المعجمة كذا رأيته في نسخة وبدليل ذكرها له مع القرظ والتبن ولعله ظن أن كلام ابن الحاجب كذلك اهـ.

قلت: وكذا ضبطه أبو الحسن بالضاد المعجمة الساكنة قائلًا هو المذكور في الكتاب العزيز وبه تعلم أن الصواب في القصب بالصاد المهملة هو جواز كرائها به كالخشب وإن القضب بالضاد المعجمة لا يجوز كراؤها به كما في المدونة فقول ز وتكري بما شأنه أن ينبت بنفسه ولو استنبت كقضب بضاد معجمة الخ يقتضي الجواز بالقصب وهو غير صحيح لما علمت وقول ز وحلفاء وكذا حشيش الخ إنما جاز الكراء بالحلفاء والحشيش لأنهما ينبتان بنفسهما فحقه أن يذكرهما قبل الاستثناء (وحمل طعام لبلد بنصفه) قول ز فإن نزل فأجر مثله والطعام كله لربه الخ هذا هو الذي صوبه ابن يونس وتعقبه أبو الحسن بأنه خلاف ظاهر الكتاب ونص ابن يونس قال ابن أخي هشام فإن نزل هذا وحمله إلى البلد فإن للجمال نصفه وعليه مثله في الموضع الذي حمله منه وله كراؤه في النصف الآخر ما بلغ وعاب هذا القول

ص: 12

قال: (إلا أن يقبضه) أي الجزء المستأجر به (الآن) أي حين العقد بالفعل لعرف أو يشترط قبضه الآن وإن لم يقبضه بالفعل وإلا فسد كما مر وإيضاح ذلك أن يقال مثل اشتراط قبضه جرى العرف بتعجيله وعجله فهذه المسألة من أفراد الإجارة بمعين فيجري فيها تفصيله فيقال إن وقعت هذه الإجارة والعرف التعجيل فلا بد منه وإلا فسدت وإن كان العرف التأخير أولًا عرف لهم فلا بدّ من اشتراط التعجيل وإلا فسد العقد وحيث قلنا لا بد من التعجيل فينبغي أن يغتفر هنا التأخير اليسير كاليومين والثلاثة إذا علمت هذا فإن حمل كلام المصنف على ما إذا كان العرف التعجيل فقوله إلا أن يقبضه الآن على ظاهره وإن حمل على ما إذا كان العرف التأخير أولًا عرف لهم فلا بد من حمل قوله إلا أن يقبضه على أن المراد إلا أن يشترط قبضه إذ قبضه مع عدم الاشتراط غير كاف (وكان) أي وكقوله إن: (خطته اليوم) مثلًا فهو (بكذا) من الأجر (وإلا) يخطه اليوم بل أزيد (فبكذا) من الأجر أجرة دون الأولى ففاسد للجهل بقدر الأجرة فإن وقع فله أجر مثله خاطه في يوم أو أكثر زاد عما سمى أم لا والمنع حيث كان على الإلزام ولو لأحدهما فإن كان على الخيار لكل جاز.

تنبيه: إن عين رب ثوب لخياط قدرًا وعين الخياط غيره عمل بما عينه ربه تقدم أو تأخر وكذا إن عين رب دار لمستأجرها قدر أجرة إن تأخر تعيينه عن تعيين المستأجر لأن المتأخر ناسخ لا إن تقدم على تعيين المستأجر وإنما عمل بقوله في مسألة الثوب إن تقدم لأنه مشتر لمنفعة الصانع والأصل أن المشتري يبقى على ما يعينه في العوض ولا كذلك مسألة الدار بل المشتري للمنفعة هو المستأجر ولذا عمل بقوله إن تأخر لأنه يبقى على ما يعينه في العوض (واعمل على دابتي) هذه ولم يقيد باحتطاب ولا غيره وإذا علمت (فما حصل) من ثمن أو

ــ

بعض شيوخنا وقال: يلزم على هذا إذا هلك الطعام أن يضمن نصفه لأنه على قوله بالقبض لزم ذمته وهو بعيد ابن يونس يريد وإنما يكون كله لربه وعليه إجارة حمله كله ابن يونس وهو الصواب كما قالوا إذا استأجره على دبغ جلود أو نسج ثوب على أن له نصف ذلك إذا فرغ فعمله على ذلك فإن له أجر عمله والثوب والجلود لربهما فكذلك هذا اهـ.

أبو الحسن ويظهر لي أن قول ابن أخي هشام هو ظاهر الكتاب من قوله: لأنه شيء بعينه بيع على أن يتأخر قبضه تأمله وفي مسألة الثوب والجلود شرط أنه إنما يقبض بعد الفراغ اهـ.

وكذلك أيضًا رد ابن عرفة ما صوبه ابن يونس فانظره (إلا أن يقبضه) قول ز فينبغي أن يغتفر هنا التأخير اليسير الخ الذي في حاشيته وإما نصه وحيث وقع الشرط أو كان العرف النقد فالجواز وإن لم يقبض إلا بعد تمام العمل اهـ.

فانظره مع ما لعبد الباقي (وكان خطته اليوم بكذا الخ) قول ز وإنما عمل بقوله في مسألة الثوب الخ هذا الفرق غير ظاهر والذي فرق به ح هو أن المستأجر في الثوب وهو رب الثوب لم يتول استيفاء المنفعة بنفسه فلذا عمل بقوله مطلقًا بخلاف المستأجر في المنزل فإنه تولى استيفاءها بنفسه مع علم رب المنزل تأمله فإنه ظاهر (واعمل على دابتي فما حصل

ص: 13

أجرة (فلك نصفه) وعمل ففاسدة للجهل بقدر الأجرة وكذا عمل لي على دابتي أو في سفينتي أو قال له اعمل في حمامي أو في داري فما حصل ذلك نصفه يفسخ إن اطلع عليه قبل العمل فإن عمل فأشار له بقوله: (وهو) أي ما حصل من عمله عليها أو السفينة أو الحمام أو الدار (للعامل وعليه أجرتها) أي كراء مثلها بالغًا ما بلغ لأنه كأنه اكترى ذلك كراء فاسد ابن يونس ولو عمل ولم يجد شيئًا كان مطالبًا بالكراء لأنه يتعلق بذمته وقال ابن حبيب إن عاقه عن العمل عائق وعرف ذلك بأمر معروف فلا شيء عليه إذ لم يكرها بشيء مضمون عليه فإن قيد العمل بالاحتطاب جاز كما سيذكره وأما إن قال له اعمل عليها فأكراها فهل كذلك أو لربها وعليه أجرته قولان مرجحان واقتصر تت على أن ما أكريت للأجير ولربها أجرة المثل وأنه قول ابن القاسم (عكس) خذها (لتكريها) ولك نصف كرائها والعكس باعتبار أن ما حصل من كراء الدابة وما معها يكون للمالك وعليه للعامل أجرة مثله بالغة ما بلغت لأنه أجر نفسه إجارة فاسدة وليس المراد بالعكس العكس في الحكم فإنه فيهما واحد وهو الفساد وموضوع المصنف أنه قال له خذها لتكريها وأكراها فإن قال له خذها لتكريها فعمل عليها فهو للعامل

ــ

فلك نصفه) قول ز من ثمن أو أجرة الخ مثله لغ وتعقبه ح فقال قوله: أو أجرة لعله يريد في صورة العكس التي في قوله عكس لتكريها وإلا فليس في هذه الصورة أجرة إنما فيها ثمن ولفظ المصنف نحو لفظ المدونة وفسرها الشراح بأن المراد الثمن اهـ.

وهو ظاهر فإنه لما قالت المدونة ولو أعطيته الدابة ليعمل عليها فما أصاب فبينكما لم يجز ذلك اهـ.

قال أبو الحسن قوله: فما أصاب فبينكما أي أثمان ما أصاب وأما لو كان ما يصيب من الاحتشاش والاحتطاب لجاز اهـ.

بلفظه ونحوه لابن يونس وبه تعلم الفرق بين ما هنا وبين قوله الآتي: وجاز بنصف ما يحتطب عليها وتعلم أن ما ذكره ز تصور والله أعلم (وهو للعامل وعليه أجرتها) قول ز أو السفينة أو الحمام أو الدار الخ تسويته بين الدابة والحمام والدار في مسألة اعمل على دابتي غير صحيحة قال ح زاد في المدونة في مسألة لتكريها الدار والحمام مع الدابة والسفينة وسكت في مسألة اعمل على دابتي عن الدار والحمام قال عياض: لأن ما لا يذهب به ولا عمل فيه لمكتريه كالرباع فهو فيه أجير والكسب لربها ويستوي فيه اعمل وواجر ونقله أبو الحسن وقبله وكذلك قال اللخمي: انظر كلامه فيه وقول ز وقال ابن حبيب: إن عاقه الخ هذا مقابل لما قبله من تعلقه بذمته قال ابن عرفة بعد نقلهما وهذا نحو اختلافهم في السلف على الأداء من شيء بعينه فتعذر اهـ.

(عكس لتكريها) قول ز وليس المراد بالعكس العكس في الحكم الخ تبع تت وفيه نظر بل العكس في الحكم بعد الوقوع لأنه في الأولى ما حصل للعامل وهنا لربها انظر طفى وقول ز فقد سئل أصبغ عن رجل يستأجر الأجير الخ المراد أصبغ بن محمَّد كما في نوازل الشعبي

ص: 14

وعليه كراء مثلها كمسألة المصنف الأول فالمسائل أربع بمسألتي المصنف ومحل كلامه إذا لم يطلع على ذلك إلا بعد العمل وإلا فسخ كما مر ومحل المنع في صورة المصنف الأولى في غير الضرورة وإلا جاز فقد سئل أصبغ عن رجل يستأجر الأجير على أن يعمل له كرمه على النصف مما يخرج الكرم أو الثلث أو جزء منه معين فأجاب بأنه لا بأس به في جميع ما يضطر إليه وكذا أجاب أبو القاسم بن سراج عن إعطاء السفن بجزء مما يتحصل إذا لم يوجد كراؤها إلا على هذا الوجه بجوازه للضرورة وهذا في الحمل المطلق وأما المقيد ببلد معين فيجوز ولو لغير ضرورة كما سيذكره في قوله وجاز بنصف ما يحتطب عليها.

تنبيه: لو أعطاها ليكريها وله نصف الكراء فأكراها لمن يسافر عليها وسافر معها يسوقها فله أجرة سوقه وتوليه لعقد الكراء وما بقي من الكراء لربها قاله الأقفهسي وذكره تت وأما لو عطل ولم يكرها فلا شيء عليه في هذه وكذا في أعمل علي دابتي الخ فيما يظهر لأن كلًّا منهما فاسد يجب فسخه حيث أطلع عليه وعطف على كمع جعل قوله: (وكبيعه نصفًا) لكثوب بدينار يدفعه العامل (بأن) الباء بمعنى على نحو ومن أهل الكتاب

ــ

ونقله ح أول الباب ثم في تقييد الجواز بالضرورة فيها إشكال لأن المسألة دائرة بين المساقاة إن كان العقد قبل الطيب وبين الإجارة بالجزء بعد بدو الصلاح إن كان بعد الطيب وكلاهما جائزًا اختيارًا كما علم من باب المساقاة فإن قلت المراد الأول ومنعت في الاختيار للتعبير عن المساقاة بالإجارة وهو ممنوع على مذهب ابن القاسم كما تقدم قلت لا ضرورة حينئذٍ تدعو إلى التعبير بالإجارة فتأمله وتأمل كلام ق في هذه المسألة فربما لا تجد فيه التقييد بالضرورة فيها والله أعلم وقول ز وأما المقيد ببلد معين فيجوز الخ غير صحيح وكلام ابن يونس وأبي الحسن الذي قدمناه يدل على أنهما مهما دخلا على قسم أثمان ما يصيب منعت وإنما الجواز إذا دخلا على قسم الحطب ونحوه بعينه وقدره معروف بالعادة وقول ز وكذا في اعمل على دابتي فيما يظهر الخ أي أن عطل في اعمل على دابتي فلا شيء عليه وفيه نظر إذ هو خلاف ما قدمه عن ابن يونس من أن الكراء متعلق بذمته فتأمله.

تنبيه: قال في المدونة: وإن دفعت إليه دابة أو إبلا أو دارًا أو سفينة أو حمامًا على أن يكري ذلك وله نصف الكراء لم يجز فإن نزل كان لك جميع الكراء وله أجر مثله كما لو قلت له بع سلعتي فما بعتها به من شيء فهو بيني وبينك أو قلت له فما زاد على مائة فبيننا فذلك لا يجوز والثمن لك وله أجر مثله اهـ.

قال في تكميل التقييد: أثر قولها كما لو قلت له بيع سلعتي الخ ما نصه من معنى المسألة الأولى مجاعلة الدلال على بيع ثوب بدرهم من كل أوقية مثلًا من الثمن من غير أن يسمى له غاية ومن معنى المسألة الثانية تقويم المالك ثمرة الحائط على المساقي أو غيره بكذا فما زاد فبينهما بخلاف الذي يبيعه جزءًا على أن يفعل به الآن ما شاء ويقوم له على الجزء الباقي اهـ.

منه وانظر ق أول الباب فقد ذكر الجواز في أجرة الدلال للضرورة (وكبيعه نصفًا بأن

ص: 15

من أن تأمنه بقنطار أي باعه نصف ثوب بدينار على أن (يبيع نصفًا) ثانيًا للناس أى جعل ثمن النصف المبيع للسمسار مجموع الدينار الذي يدفعه العامل لرب الثوب وسمسرته على بيع النصف الآخر فتفسدان أبهم في محل بيعه أو عين غير بلد العقد لأنه بيع معين يتأخر قبضه لا إن عين بلده فيجوز كما قال: (إلا) أن يكون محل البيع (بالبلد) الذي هما به لتمكنه من قبض نصيبه من الآن فليس فيه بيع معين يتأخر قبضه ولقدرته على بيع نصيب ربه ويلحق به قريب يجوز تأخير قبض المعين له والجواز بشرطين زيادة على اشتراط البلد أحدهما (أن أجلًا) أي ضر بالبيع النصف الذي لرب السلعه أجلًا لتكون إجازة وهي تجامع البيع فيخرجان عن البيع والجعل فإن جمعهما ممتنع ثم الجواز وإن لم يكن الأجل قريبًا يجوز تأخير المعين إليه كاليوم واليومين والثلاثة كما في الذخيرة عن المدونة خلافًا لأبي الحسن فإن باع في نصفه فله نصف الأجرة فإن مضى الأجل ولم يبع فله الأجر كاملًا لأنه مجعول له السمسرة لا على البيع ومفهوم الشرط المنع إن لم يضرباه لأنها إجارة مجهولة مع بيع كما في الذخيرة والشرط الثاني قوله: (ولم يكن الثمن) أي ثمن العمل الذي هو السمسرة على بيع النصف الآخر (مثليًّا) وحينئذٍ فهو مساوٍ للتعبير بالمثمن أو بالمبيع قاله د وإذا كان نصفه مثليًّا تضمن أن يكون كله مثليًّا وعلة المنع حين كونه مثليًّا إنه قبض إجارته وهي مما لا يعرف بعينه فتصير تارة سلفًا إن باع في نصف الأجل لأنه يرد حصة ذلك وتارة ثمنًا إن باع في آخر الأجل أو مضى الأجل ولم يبع ويفهم من هذا التعليل أنه إن شرط عليه إن باع في نصف الأجل لا يرد باقي الثمن بل يتركه له أو يأتيه بطعام آخر يبيعه له فإنه يجوز وبهذا الثاني صرح في الذخيرة فقوله: ولم يكن الثمن مثليًّا أي فإن كان مثليًّا منع إلا أن يشترط أنه إن باع في نصف الأجل إلى آخر ما مر والظاهر أن الحلي والغزل من المقوم كما مر في باب الغصب من أن المثلى إذا دخلته الصنعة صار مقومًا.

تنبيه: ما قررنا به المصنف من قولي بدينار يدفعه العامل ومن جعل الباء بمعنى على هو المتعين لقوله إن أجلًا لا ما قرر به الشارح وتت من إن أعطى نصف الثوب مثلًا على السمسرة في النصف الثاني من غير أن يأخذ ربه من السمسار شيئًا وإن كان الأصل

ــ

يبيع) قول ز الباء بمعنى على الخ قصد به الجواب عما ورد على المصنف من أنه ذكر الفرض المتعقب وترك ما هو فرض المدونة وغيرها السالم من التعقب وذلك أن المسألة في ابن الحاجب على فرضين بيعه نصفًا على أن يبيع نصفًا وبأن يبيع نصفًا ببيع نصف وفرق ابن عبد السلام بينهما كالمصنف بأن الأولى باعه النصف بثمن مع سمسرته على النصف الآخر والثانية ثمن النصف هو مجرد سمسرة النصف الباقي والمسألة مفروضة في المدونة على الفرض الأول وقال ابن عبد السلام وابن عرفة أن الفرض الثاني لم يكن فيه بيع وإنما هو مجرد إجارة أن أجل أو جعل إن لم يؤجل ابن عرفة وكلاهما جائز والعجب من المصنف كيف ذكر الفرض المتعقب وترك المسلم اهـ.

ص: 16

في الباء المتعلقة بالبيع العوضية تقول بعت الثوب بدرهم إذ ليس هذا بيعًا حينئذٍ وإنما هو إما جعالة وذلك مناف لقوله إن أجلًا وإما إجارة فقط وحينئذٍ فكان يكفي فيها التعيين بالعمل والمصنف شرط الأجل إشارة إلى أنها مسألة اجتماع بيع وإجارة لا إجارة فقط ولا جعالة ثم تكلم على مواضع تجوز في الإجارة فقال: (وجاز) هو أي الكراء وأبدل من هذا الضمير المستتر قوله: (نصف ما يحتطب عليها) أي الدابة المعلومة من السياق ولا يحتاج لرابط للعلم بالجزئية والكلية أي وجاز كراء هو نصف ما يحتطب عليها قاله د ونسخه ق وتت والشارح في بعض نسخه بنصف بجر نصف بالباء وهي ظاهرة وقيد الجواز بقيدين أحدهما أن يعلم ما يحتطبه عليها بعرف أو غيره سواء قيد بزمن كيوم لي وغدًا لك أم لا كنقلة لي ونقلة لك كاللخمي وهو المعتمد كما يفيده ح وق خلافًا لتأخير تت له فالأجرة هنا معلومة بخلاف ما مر من قوله واعمل على دابتي فما حصل ذلك نصفه ثانيهما أن لا يزيد على الصيغة المذكورة ولا تأخذ نصفك إلا بعد بيعه مجتمعًا أو بعد نقله مجتمعًا لموضع كذا فيمنع كما ذكره ابن عرفة واحترز بقوله بنصف ما الخ عن نصف ثمن ما يحتطب عليها فلا يجوز لقوة الغرر بعدم انضباطه ومثل الدابة الشبكة والسفينة في جواز كرائها بنصف ما يحمل عليها معينًا من بلد معينة لا غير معين من بلد غير معينة كنصف ما يحمل عليها مطلقًا في السنة فيمنع إلا لضرورة كما تقدم عن ابن سراج وكلام المصنف هنا لا يخالف قوله واعمل على دابتي فما حصل ذلك نصفه لأن ما مر في عمل غير معروف بعادة ولا غيرها أو في عمل غير الاحتطاب ونحوه مما يقوي فيه الغرر فإن تلفت الدابة بعد أخذ العامل ما يخصه فلربها أن يأتيه بأخرى يعمل له عليها ولابن القاسم في العتبية له كراؤها وهو أبين هذا في مسألة اليوم لك وغدًا لي وإن أخذ المالك ما يخصه في عكس هذا المثال ثم تلفت فعلى ربها أجرة عمله وليس له أن يكلف ربها دابة أخرى (و) جاز استئجار على طحن أردبت قمح وعصر زيتون معين والأجرة (صاع دقيق منه) أو من غيره كما في د (أو) صاع (من زيت لم يختلف) كل منهما في الخروج فإن تحقق الاختلاف منع فيهما للغرر كما احتمل في الزيت ونحوه كبزر سمسم وحب فجل لحمله على الاختلاف كما في المدونة لا في الحنطة لحملها على عدمه ثم المنع هنا مقيد بما إذا لم يخير كما في البيع إن اطلع عليه قبل العمل وإلا لم يجر فيه قوله المار إلا أن يخير

ــ

من طفى والجواب عن المصنف بما ذكره ز متعين بدليل تقييده الجواز بقوله أن أجل (وجاز نصف ما يحتطب عليها) قول ز ولا يحتاج لرابط للعلم بالجزئية والكلية الخ كلامه يقتضي أنه بدل بعض وليس كذلك بل بدل كل من كل وهو لا يحتاج لرابط تأمل (وصاع دقيق منه) قول ز ثم المنع هنا مقيد بما إذا لم يخير الخ يتصور شرط الخيار فيما إذا استأجره على طحن قمح بصاع دقيق من غيره أو بصاع من زيت زيتون قبل طحنه كما جعلهما الشارح صورة واحدة في كلام المصنف فإذا رأى الصاع بعد طحنه كان بالخياران قبله عمل وإلا لم

ص: 17

لأن العمل قد حصل فلا يمكن فسخ الإجارة إذا لم يجده جيدًا (و) جاز لمالك دار أو دابة أو عبد أجرها الآخر (استئجار المالك منه) أي من المستأجر إلا لتهمة سلف جر منفعة كإيجاره بعشرة لشهر واستئجاره بثمانية نقدًا (و) جاز أي لمن له رقيق أو ولد (تعليمه) أي دفعه لمن يعلمه صنعة معينة (بعمله) للمعلم (سنة) مثلًا ظرف لقوله عمله وأما التعليم فمطلق وابتداء السنة (من أخذه) عند الإطلاق لا من يوم العقد فإن عينا زمنًا آخر لمبدئها عمل به فإن مات المتعلم نصف السنة وزع عمله على قيمة التعليم من صعوبة وسهولة وينظر ما ينوب قيمة تعليمه إلى موته من قيمة العمل فإن حصل قدر ذلك للمعلم فلا كلام له وإن زاد له شيء رجع به كأن تكون قيمة العمل في السنة كلها اثني عشر درهمًا وما استوفاه منه في نصفها قبل موته يعدل درهمين لضعف عمله في مبدئه مع صعوبة تعليمه فإنه يرجع بأربعة وما ذكرناه من أن المفضوض على مدة التعليم قيمة عمل الغلام هو المعتمد واقتصر عليه تت وابن عرفة وهو الظاهر الموافق لما ذكروه فيما إذا تعذر بعض المنفعة المستأجرة وكانت مختلفة القيمة في أيام الإجارة كبيوت مصر التي على خليجها ونحوه وجعل د المفضوض أجرة المثل وفيه نظر وإن عزاه لأبي الحسن واحتمله الشارح لأنها إجارة صحيحة وإنما يرجع لأجرة المثل في الفاسدة والظاهر أن تعليم الدابة بعملها سنة مثلًا كمسألة المصنف (و) جاز قول رجل لآخر (احصد) بضم الصادر وكسرها زرعي (هذا ولك نصفه) وجذ نخلي هذا ولك نصفه والقط زيتوني هذا ولك نصفه كما مر وهي إجارة لازمة فليس له الترك والدراس والتذرية عليهما ويملك الأجير حصته بالحصاد ولكن يمنع قسمه قتًّا لأنه خطر ويدخله التفاضل بل يقسم حبًّا كما في تت فإن اشترط قسمه حبًّا جاز لأنه اشترط ما يوجبه الحكم وهذا بناء على منع قسم الزرع القائم وأما على جوازه فيمنع شرط قسمه حبًّا (و) جاز العقد بقوله: (ما حصدت) أو لقطت أو جذذت (فلك نصفه) مثلًا وهذا من باب الجعالة لعدم تعيين ما يحصد فله

ــ

يعمل (وتعليمه بعمله سنة من أخذه) قول ز فإنه يرجع بأربعة الخ أي من قيمة التعليم زيادة على درهمي العمل فيكون قد رجع بنصف قيمة التعليم وهذا لا يناسب قوله قبله ووزع عمله على قيمة التعليم من صعوبة وسهولة فلو قال يرجع بستة مثلًا زيادة على درهمي العمل ليكون قد رجع بثلثي قيمة التعليم لكان صوابًا لأن التعليم بالابتداء أصعب منه في الانتهاء وبهذا يناسب قوله المذكور (واحصد هذا ولك نصفه) قول ز ويملك الأجير حصته بالحصاد الخ فيه نظر بل يملكها بالعقد قال عياض والآتي على أصولهم في احصده ولك نصفه أنه واجب له بالعقد قال ألا تراهم جعلوا ما هلك قبل حصاده وبعد حصاده من الأجير فهو يحصد النصف له والنصف الآخر لنفسه اهـ.

وصرح بذلك ابن رشد أيضًا انظر ق فيما تقدم (وما حصدت فلك نصفه) عارض أبو الحسن بين الجواز في هذه وبين قولها ما لا يجوز بيعه لا يجوز كونه ثمنًا بجعل ولا إجارة وهذا لا يجوز بيعه اهـ.

ص: 18

الترك متى شاء وما قبله من باب الإجارة وذكر هنا ما هو من الجعالة لأن العامل هنا لما كان كل ما عمل استحق أجرته أشبه الإجارة بهذا الاعتبار وإن كان كل جزء مجاعلًا عليه قاله د (و) جاز (كراء دابة) أو دار أو سفينة (لكذا) أي إلى مدة معينة (على أن استغنى فيها) أي في المسافة المدلول عليها بقوله لكذا إذ هو غاية حذف مبدؤها للدلالة عليه بالغاية المستلزمة للمبدأ وهو موضع العقد فلم يلزم عود الضمير على غير مذكور والمراد استغنى في أثنائها (حاسب) المكري بما ينوب ما سار ويصدق في استغنائه لأنه أمين وأما إن كان على إن زاد على المدة المعينة فله بحساب ما أكرى فإن عين غاية ما يزيد جاز أيضًا وإلا منع للجهل به عند العقد وأما إن جعل لما يزيده كذا من الأجر أزيد أو أنقص من الأجر الأول فيمتنع ولو عين غايته لأنه من بيعتين في بيعة وإن كان على أن لربها كراء المثل فيما يزيده منع أيضًا ولو عين غايته وأما إن قال الرجعة ككراء الذهاب فيجوز إن اتفقا في الحمل ونحوه وإلا فلا فالصور تسع بمسألة المصنف ومسألته مقيدة بشرط عدم النقد وكذا الأولى الجائزة من الثمانية وإلا منع لتردده بين السلفية والثمنية وهل المضر النقيد بشرط بناء على أن العلة التردد بين السلفية والثمنية أو ولو تطوع بناء على أن العلة كونه كراء بخيار تردد فيه شيوخ عج وعلى الأول فشرط النقد كالنقد ولا ينخرط فيما يظهر في سلك مسألة المصنف الجائزة من يأخذ شمعة يمشي بها في زفاف على أن ما نقص يكون عليه كل أوقية بكذا ومن يأخذ شقة كل ذراع بكذا على أن استغنى عن بقيتها حاسب لأن مسألة المصنف دخل على شيء معين بخلاف هاتين فالظاهر قياسهما على مسألة لا منها وأريد البعض كما مر ذلك في البيع والخلاص فيهما أن يشتري قدرًا معينًا

ــ

ابن عرفة والجواز في هذه مبني على الاكتفاء في علم قدر الجعل بالنسبة للجاعل بمجرد معرفة نسبته لما يحصل له وبالنسبة للمجعول له بعلمه به حين جعله اهـ.

وهو مأخوذ من قول اللخمي أجاز الإجارة على البعض وإن كان لا يدري هل يحصد قليلًا أو كثيرًا لأن الأجير عالم بما يبيع به منافعه لأنه كلما أراد أن يقطع عرجونًا أو يحصد موضعًا فإذا وضع يده عليه ليجده علمه حينئذٍ قبل أن يجده فيجده على علم أن له نصفه اهـ.

وبه تندفع معارضه أبي الحسن ثم الجواز مقيد بعدم تعيين الزمن وإلا فلا يجوز ابن يونس ومن المدونة وإن قال احصد اليوم أو ادرس اليوم أو القط اليوم وما اجتمع ذلك نصفه فلا خير فيه إذ لا يجوز بيع ما يحصد اليوم وما لم يجز بيعه لم يجز أن يستأجر به مع ضرب الأجل في الجعل وهو لا يجوز في الجعل إلا أن يشترط أن يترك متى شاء فيجوز اهـ.

(وكراء دابة لكذا على أن استغنى الخ) ابن عاشر تأمل ما وجه جواز هذه مع أن المؤخر لا يدري ما باع من المنفعة اهـ.

واستشكله خش في كبيره بهذا أيضًا وأجاب بأن هذا الغرر يسير يغتفر فإن العادة أن من اكترى إلى موضع لا يستغني عنها اهـ.

ص: 19

يظن فيه الكفاية على أن استغنى عن بعضه حاسب وإن احتاج لشيء زائد عينه واشتراه بعد ذلك (و) جاز (استئجار) شيء (مؤجر) بفتح الجيم دابة أو عبد أو دار أو غيرها مدة تلي مدة الإجارة الأولى للمستأجر الأول كغيره إن لم يجر عرف بعدم إيجاره إلا للأول كالأحكار بمصر وعطف على مؤجر قوله (أو) أن يؤجر المشتري شيئًا (مستثنى) من البائع عند شراء المشتري (منفعته) مدة تبقى فيها الرقبة غالبًا فمنفعة بالرفع نائب فاعل مستثنى إذ هو اسم مفعول أي يجوز للمشتري إيجاره لآخر مدة تلي مدة استثناء البائع ليقبضها المستأجر بعدها والمدة المستثناة صرح المصنف بأنها عام في الدار سنون في الأرض وصرح في الدابة بجواز استثناء ثلاثة أيام لا جمعة وكره المتوسط (و) جاز (النقد فيه) أي في الشيء المستأجر والشيء المبيع المستثنى منفعته ولم يثن الضمير لأن العطف بأو فتجوز المطابقة وعدمها أي يجوز النقد فيما ذكر (إن لم يتغير) أي إن لا يتغير كل منهما في مدة الإجارة الأولى ومدة الاستثناء (غالبًا) بأن يغلب على الظن بقاؤه بحاله فيهما فإذا استوى احتمال بقائه فيهما وتغيره لم يجز النقد واختلف هل يجوز العقد وهو مقتضى ابن عرفة وق عن ابن شاس أو يمنع وهو مقتضى الشارح كابن الحاجب والتوضيح وعلى الأول فالشرط راجع لجواز استئجار المؤجر والمستثنى منفعته ولقوله والنقد فيه وعلى الثاني فهو راجع لقوله والنقد فيه فقط وقال عج ليس شرطًا في قوله والنقد فيه إذ لو كان كذلك لاقتضى صحة الإجارة فيهما ولو حصل التغير في مدة الإجارة الأولى ومدة الاستثناء غالبًا وليس كذلك وإذا امتنعت الإجارة امتنع النقد انتهى.

ومفهوم الشرط منع العقد إن تغير غالبًا ويستثنى من هذا المفهوم قوله الآتي وأرضًا غمر ماؤه وندر انكشافه أي يجوز كراؤها وقوله: واستئجار إلى آخر المسألة مستغنى عنه بقوله وأرض سنين لذي شجر بها سنين مستقبلة وإن لغيرك لا زرع بل هو أتم مما هنا

ــ

قال في ضيح والجواز بشرط أن لا ينتقد لأنه إن انتقد صار تارة بيعًا وتارة سلفًا اهـ.

وهو لمالك في المدونة والعتيبة والموازية انظر ق وقول ز فيمتنع ولو عين غايته لأنه من بيعتين في بيعة الخ ما ذكره من المنع وعلته كلاهما غير ظاهر وإن كان المنع هو ظاهر سماع أشهب والظاهر الجواز إذ لا فرق في المعنى بين هذه والتي قال فيها قبلها فإن عين غاية ما يزيد جاز وهو قول ابن القاسم كما نقله ابن رشد انظر ح والله سبحانه وتعالى أعلم.

(واستئجار مؤجر) قول ز كالأحكار بمصر الخ الأحكار بفتح الهمزة جمع حكر وهو المعبر عنه عندنا بالجزاء أو الجلسة (إن لم يتغير غالبًا) قول ز في مدة الإجارة الأولى ومدة الاستثناء الخ فيه نظر والصواب إن لم يتغير في المدة الثانية لأن الكلام فيها ابن شاس له أن يكري الدار إلى حد لا تتغير فيه غالبًا وينتقد فإما ما لا يؤمن تغيرها فيه لطول المدة أو ضعف البناء وشبه ذلك فيجوز العقد دون النقد ما لم يغلب على الظن أنها لا تبقى إلى المدة المعينة فلا يجوز كراؤها إليها اهـ.

ص: 20

وعلم مما مر أن مدة الاستثناء في الإجارة مساوية لمدته في البيع إلا في الدابة فإنه لا يجوز في البيع أن تكون مدة الاستثناء جمعة كما أشار له بقوله فيما يأتي وبيعها واستثناء ركوبها الثلاث لا جمعة وكره المتوسط وقال في كرائها وكراء دابة إلى شهر إن لم ينقد وفي كلام د هنا شيء (و) جاز عقد إجارة شيء سنين أو لشهور أو أيام معلومة بأجر معلوم مسمى مع (عدم التسمية لكل سنة) ما يخصها منه فإن كانت سنة تخالف سنة أو شهر أو أيام كذلك كدور النيل بمصر ودور مكة وحصل مانع فإن شرطا الرجوع للتقديم جاز اتفاقًا أو للتسمية لكل مدة فسد اتفاقًا وإن سكتا رجع للقيمة على المذهب وقضى بها (و) جاز (كراء أرض لتتخذ مسجد) والظرف أعني (مدة) تنازعه كراء وتتخذ (والنقض لربه) الباني (إذا انقضت) المدة يصنع به ما شاء لتقييده الوقف بمدة وهو لا يشترط فيه التأبيد كما يأتي وترجع الأرض لمالكها ولا يعتبر رضًا بانيه إن أراد إبقاءه مسجدًا وامتنع مالك الأرض وما مر من أن الباني يصنع بالنقض ما شاء هو المذهب وقيل يجعل في حبس كما لو استحقت كما في تت أو غصب أرضًا وبناها مسجدًا كما تقدم عند قوله في الاستحقاق وله هدم مسجد فإنه يجعل النقض في حبس فيهما والفرق أنه دخل في مسألة المصنف هنا على تحبيسه مدة وفي هاتين على التأبيد وأشعر قوله والنقض لربه أنه ليس لرب الأرض دفع قيمته منقوضًا بخلاف ما مر في العارية من قوله وإن انقضت مدة البناء والغرس فكالغصب والاستئجار لبناء دار كذلك والفرق حرمة المسجد لعدم الانتفاع به بخزن ونحوه بخلاف غيره وهذا إن لم يرد رب الأرض دفع قيمة النقض وإبقاءه مسجدًا فإنه يجاب لذلك وليس للباني امتناع حينئذٍ إن أراد إبقاءه مسجدًا أبدًا كما قيد به الشارح عن ابن يونس وح ومقتضاه أنه لو أراد إبقاءه مسجد إلا على التأبيد فللباني الامتناع ولم

ــ

وقال ابن الحاجب: تصح إجارة الرقبة وهي مستأجرة أو مستثنى منفعتها مدة تبقى فيها غالبًا والنقد فيها يختلف باختلافها اهـ.

وقول ز وعلى الأول فالشرط راجع الخ اعلم أن الصور هنا ثلاث لأنه إما أن يكون الغالب سلامة هذا الشيء إلى انقضاء مدة الإجارة الثانية وإما أن يكون الغالب تغيره فيها أو يحتمل الأمرين على السواء فإن كان الغالب التغير فلا إشكال في منع العقد وحينئذٍ فلا نقد وإن كان الغالب السلامة جاز العقد والنقد وإن احتمل الأمرين جاز العقد عند ابن عرفة وابن شاس وامتنع عند ابن الحاجب وضيح إذا علمت هذا فقول المصنف إن لم يتغير غالبًا لا يخفى إنه شامل لصورتي السلامة والاحتمال فيكون ماشيًا على ما لابن شاس هذا إن جعلنا الشرط راجعًا لقوله واستئجار مؤجر أو مستثنى منفعته لكنه يقتضي أن النقد جائز في الثانية وليس كذلك وكذا إن جعلناه راجعًا له ولما بعده فإن رجعناه لقوله: والنقد فيه فقط اقتضى مع ذلك أن العقد جائز في الصور الثلاث وليس كذلك فلو قال المصنف والنقد فيه إن سلم غالبًا لسلم مما ذكرناه ويجاب عنه بأن ما ذكره كله مبني على أن معنى قوله إن لم يتغير غالبًا

ص: 21

يذكر د التقييد بالأبدية وليس له في ذلك سند وقول تت لا يجبر الباني لرب الأرض معناه إذا أراد ليتملكه فلا ينافي ما ذكرنا واختلف كما في ح إذا استأجرها مدة وبناها بيتًا وقفه على مسجد معين وانقضت مدة الإجارة فهل لربها دفع قيمته منقوضًا إن أبقاه وقفًا على حاله كما تقدم في المسجد أوله ذلك ليتملكه لأنه ليس له حرمة المسجد (و) جاز استئجار (على طرح ميتة ونحوها) كعذرة وكنس مرحاض وعبر بطرح وعدل عن حمل لشموله لحملها للانتفاع بها على الوجه المحرم مع أنه لا تجوز الإجارة على ذلك وبما قررنا علم أن ما هنا عطف على جاز لكن بتقدير عامل مخصوص هنا وهو استئجار واغتفر عمل المصدر محذوفًا لكون معموله جارًا ومجرورًا وليس عطفًا على فاعل جاز لعدم صلاحيته هنا ظاهرًا كذا قيل مع أنه لا مانع منه وذكر الشارح هنا عن المدونة ما نصه ولا يلبس الرجل جلد الميتة للمصلاة ابن يونس وأما لغير الصلاة فجائز انتهى.

وقوله: وأما لغير الصلاة فجائز يخالف قول المصنف فيما سبق وينتفع بمتنجس لا نجس في غير مسجد وآدمي وعليه فقوله وآدمي يقيد بحال الصلاة وما يشبهها كالطواف (و) جاز إيجار (على القصاص) أي إذا أسلم الحاكم قاتلًا لأولياء المقتول فيجوز لهم الاستئجار على القصاص الثابت بحكم قاض عدل كحائز إن علم صحة ذلك وعدالة البينة (والأدب) الثابت موجبه فللأب أو السيد الاستئجار عليه فالإيجار على القتل ظلمًا ممنوع فإن نزل اقتص من الأجير ولا أجر له كما يأتي في باب أحكام الدماء والحدود قال الشارح لو قال شخص لآخر أحرق ثوبي أو ألقه في البحر ففعل فلا غرم عليه لأنه أباح لك ذلك اهـ.

أي ويحرم ابتداء فعل ذلك لأنه من إضاعة المال المنهي عنه كذا ينبغي (و) جاز إيجار (عبد خمسة عشر عامًا) بالنقد ولو بشرط وأما الدابة فحد إجارتها سنة لا أن يكون

ــ

هو إن لم يغلب تغيره كما هو ظاهره ويمكن أن يكون معناه إن انتفى التغير غالبًا أي إن كان الغالب انتفاءه فيكون الحال قيدًا في النفي لا في المنفي فيسلم مما تقدم والله الموفق للصواب (وعلى طرح ميتة) قول ز وقوله: وأما لغير الصلاة فجائز يخالف قول المصنف فيما سبق وينتفع بمتنجس الخ هذه غفلة منه عما قدمت يداه هناك من المراد بقوله في غير مسجد وآدمي أكل الآدمي وشربه لا مطلق انتفاع الآدمي فراجعه على أن ما هنا من باب الانتفاع بعين النجس لا بالمتنجس كما فهمه وقد تقدم له هناك أن قوله لا نجس يستثنى منه جلد الميتة المدبوغ بنص قول المصنف قبله ورخص فيه مطلقًا إلا من خنزير بعد دبغه في يابس وماء وما هنا من استعماله في اليابس ولفظ المدونة هنا ولا يؤاجر على طرح الميتة بجلدها لأنه لا يجوز بيعه وإن دبغ ولا يصلى عليه ولا يلبس اهـ.

قال ابن يونس: أي للصلاة وأما لغير الصلاة فجائز اهـ.

(وعبد خمسة عشر) قول ز بالنقد ولو بشرط الخ هذا قول المدونة قال مالك رحمه الله تعالى: لا بأس بإجارة العبد عشر سنين وخمس عشرة سنة ولا أرى به بأسًا والدور أبين أن ذلك فيها جائز ويجوز تقديم الأجرة فيه بشرط اهـ.

ص: 22

في سفر فغايته المشهور وتجوز إجارة دار جديدة وأرض مأمونة الري ثلاثين سنة بالنقد والمؤجل لأمن البناء والري فإن كانت الدار قديمة فدون ذلك قدر ما يرى أنه يؤمن سلامتها غالبًا والأرض غير المأمونة الري يجوز العقد بغير نقد قاله عج هنا عازبًا غالبه للمدونة وهو في الملك ومحل جواز إيجار العبد المدة المذكورة إن لم يتغير غالبًا فقوله المار والنقد فيه إن لم يتغير غالبًا أي عبد أو غيره كلام على النقد وما هنا في مدة الإجارة فلا تكرار وسيذكر في الوقف وأكرى ناظره إن كان على معين كالسنتين ولمن مرجعها له كالعشر وهذا هو الذي ينبغي اعتماده دون ما ذكره عنده قوله وبيع دار لتقبض بعد عام (و) جاز استئجار (يوم) فهو بالجر عطف على المالك ويصح جره عطفًا على طرح أي وجاز استئجار شخص على عمل يوم يخيط فيه مثلًا وهذا من التقييد بالزمن (و) على (خياطة ثوب) مما قيد فيه الإجارة بالعمل دون الزمن (مثلًا) راجع ليوم ولخياطة ثوب وهو ما يشعر به توضيحه خلافًا التردد البساطي فالشهر والجمعة والسنة كاليوم والجبة وما أشبهها من الأشياء المعينة كخياطة ثوب (وهل تفسد) الإجارة (إن جمعهما) أي الزمن والعمل بعقد واحد كخط هذا الثوب في هذا اليوم بدرهم مثلًا (وتساويا) وحكى ابن رشد عليه الاتفاق فإن زاد الزمن جاز عند ابن عبد السلام اتفاقًا كمنعه أن نقص أو تصح مع التساوي وهو أحد تشهيري ابن عبد السلام ولما وافق تشهيره الآخر الفساد حكاية ابن رشد الاتفاق عليه لم يشر له المصنف ولم يشر للثاني لقوة الأول بحكاية ابن رشد الاتفاق

ــ

وهذا الذي ذكروه هنا في مقدار أمد الإجارة وأما قول ابن الحاجب استخف النقد في العقار سنين واستكثر في الحيوان عشرة أيام اهـ.

فليس في هذا بل هو في الأمد الذي يكون قبض الشيء المستأجر بعده كما حمله على ذلك ابن عبد السلام وضيح قالا ولو حملناه على مقدار أمد الإجارة لما قصرناه على عشرة أيام في الحيوان ولا عشرة أشهر بل يجوز أكثر من ذلك نعم المختار عند المتأخرين التفرقة بين الرباع والحيوان والثياب اهـ.

وبهذا تعلم ما في كلام ق وتعلم أيضًا أن قوله فيما تقدم والنقد فيه لا يصح تعميمه في الحيوان وغيره خلافًا لما في ز وقول ز إلا أن يكون في سفر فغايته المشهور كذا في النسخ بلفظ الجمع ولعله تصحيف وصوابه فغايته الشهر بالإفراد كما يفيده كلام ضيح والله أعلم وقول ز وهو في الملك الخ احتراز من الحبس وسيقول وأكرى ناظره إن كان على معين الخ وقول ز ومحل جواز إيجار العبد الخ هو نحو قول اللخمي وأرى أن ينظر في ذلك إلى سن العبد اهـ.

ولعله قصد به تقييد المدونة انظر كلامه في ح (وهل تفسدان جمعهما) قول ز أو تصح مع التساوي الخ ظاهره أن هذا هو مقابل هل في كلام المصنف وفيه نظر والظاهر أن مقابلها هو قوله أو مطلقًا وأن المصنف أشار للخلاف في زائد الزمن فقط وهو قول ابن عبد السلام بالجواز حاكيًا عليه الاتفاق وقد أشار له المصنف بمفهوم وتساويا وقول ابن رشد بالمنع على

ص: 23

عليه (أو) تفسد (مطلقًا) تساويا أو زاد الزمن على العمل وشهره ابن رشد في زائد الزمن وتقدم حكايته الاتفاق على الفساد في المساوي وأجازه ابن عبد السلام مع زيادة الزمن حاكيًا عليه الاتفاق (خلاف) لم يقل تردد نظر التشهير ابن رشد ملغيًّا ما لابن عبد السلام ولو قال كما في د تردد وخلاف نظرًا للطريقتين والتشهيرين كان أحسن على القول بالفساد فله أجر مثله زاد على ما سمى أم لا عمله في يوم أو أكثر وعلى القول بالصحة فله المسمى إن عمله فيما عينه فإن عمله في أكثر قيل ما أجرته على عمله في الزمن الذي سماه له فإذا قيل خمسة مثلًا فيقال ما أجرته على عمله في الزمن الذي عمله فيه فإذا قيل أربعة حط عنه من المسمى خمسة لأنه لم يرض بدفع الأجرة التي سماها إلا على عمله فيما عينه وكلام المصنف خاص بالاستصناع وأما لو استأجره على بيع كثوب في يوم فجائز اتفاقًا كما نقله في التوضيح في باب الجعل وق فيه عند قوله بلا تقدير زمن والفرق خفة الغرر في البيع دون الاستصناع أي إن تيسر البيع في ذلك الزمن أقوى من تيسر الصنعة في ذلك الزمن ولما قدم أن الشيء المستأجر أو المبيع يجوز استثناء منفعته بين قدر المدة المستثناة في الدار والأرض بقوله: (و) جاز (بيع دار) استثنى البائع منفعتها عامًا (لتقبض) للمشتري (بعد عام أو) بيع (أرض) واستثنى البائع منفعتها (لعشر) من السنين على أن تقبض بعدها القوة إلا من فيها فاغتفر فيه بيع معين يتأخر قبضه وأما الحيوان فلا يجوز استثناء منفعته أكثر من عشرة أيام لسرعة التغير فيه كذا لبعض وقال د المشهور جواز العقد على منفعة عبد أو دابة لتقبض بعد شهر وإنما يمنع شرط النقد خاصة اهـ.

ــ

المشهور عنده واقتصر في المساوي على الفساد لحكاية ابن رشد عليه الاتفاق فقول ز ملغيًّا ما لابن عبد السلام الخ فيه نظر لما علمت أن المصنف أشار بالخلاف إلى اتفاق ابن عبد السلام ومشهور ابن رشد انظر ح فقد بين ذلك وقول ز وكلام المصنف خاص بالاستصناع الخ تعقبه طفى قائلًا والصواب أن يقول خاص بما الفراغ منه معلوم كما في عبارة ابن رشد وابن عرفة وقد مثل ابن عبد السلام للجمع بخياطة ثوب معين في يوم وبركوب لبلد معين في يوم فتأمله انظر بقيته ابن رشد الإجارة على شيء بعينه كخياطة ثوب أو نسج غزل أو طحن وشبهه مما الفراغ منه معلوم لا يجوز تأجيله بوقت يشك في سعته له الخ وقد قال في العتبية وسئل مالك رحمه الله عن الرجل يتكارى مع الآخر يخرج له بكتاب يحمله إلى بلد ويشترط عليه أيامًا مسماة قال مالك: ما هذا من كراء الناس وما يعجبني ابن رشد أما إذا كان الوصول إلى البلد في الأجل الذي اشترط على الأجير محتملًا يمكن أن يبلغه وأن لا يبلغه فلا اختلاف في فساد الإجارة على ذلك وأما إذا كان أجلًا يعلم أنه يبلغ فيه إلى البلد فالمشهور أن الإجارة غير جائزة اهـ.

فأنت تراه فرض ذلك في غير الصنعة وكذا في المقدمات فرض ذلك في كراء الدابة لموضع معين وضرب لكرائها أجلًا فانظر ذلك والله تعالى أعلم (وبيع دار لتقبض بعد عام) بعد أن ذكر في ضيح الخلاف في ذلك قائلًا أجاز ابن القاسم استثناء سكنى الدار ما بينه وبين

ص: 24

ولم يذكر المصنف هنا إيجار دار على أن تقبض بعد عام يستثنيه المؤجر لأنه دخل في قوله قبل واستئجار مؤجر أو مستثنى منفعته ويجوز النقد في ذلك فإن أوجرت لتقبض بعد أكثر من عام جاز العقد لا النقد وضمانها في مدة الاستثناء الجائز في مسألة المصنف وما زيد عليها من المشتري لأن الضمان في الصحيح بالعقد وفي الممنوع من البائع لأنه بيع فاسد لم يقبض وعلم مما قررنا أن اللام في العشر بمعنى بعد ويصح جعلها بمعنى إلى وعلى كل فهو معطوف على بعد عام المعمول لتقبض كما أن قوله أو أرض بالجر عطف على دار ففيه العطف على معمولي عاملين مختلفين وهو لا يجوز على الصحيح إلا أن تجعل أو بمعنى الواو والمعطوف محذوف تقديره أو بيع أرض قال د قوله وبيع دار الخ قال ق ليست هذه من باب الإجارة وإنما حقها أن تذكر في البيوع اهـ.

وفيه نظر وذلك لأنه إذا باع الدار مثلًا بمائة لتقبض بعد عام فقد باعها بالمائة والانتفاع بالدار تلك المدة ولا شك أن الانتفاع من الإجارة فهي لها ارتباط بهذا الباب اهـ.

كلام د وقال كر يمكن الاعتذار عن المصنف بأنه قد جرى خلاف في المستثنى هل هو مبقي أو مشتري فكأن البابغ باع الجميع ثم اكترى المنفعة تلك المدة وهذه إجارة ويقال مثل ذلك في قوله وأرض لعشر قال د فإن انهدمت الدار في أثناء السنة فلا رجوع للبائع على المبتاع بما اشترطه من السكنى في قول ابن القاسم إلا أن يبينها المبتاع في أثناء السنة فيسكن البائع إلى تمام السنة ومثل هذا الدابة تباع ويشترط البائع ركوب اليوم واليومين فلا بأس فإن تلفت الدابة فمصيبتها من المبتاع ولا يرجع البائع على المشتري بما ينوب الركوب اهـ.

كلام د (و) جاز استئجار على (استرضاع) لرضيع طفل لنص القرآن وللضرورة الداعية لذلك وإن كان اللبن عينًا فلا يدخل في قوله الآتي بلا استيفاء عين قصدًا وسواء استؤجرت الظئر بنقد أو طعام ولا يكون من بيع طعام بطعام للعلة السابقة ولو كان الرضيع محرم الأكل جاز أن يكون له حمارة ترضعه للضرورة (والعرف) معتبر أو يعتبر أو يحملان عليه (في كغسل خرقه) وحميمه ودق ريحانه ونحو ذلك إن وجد عرف وإلا

ــ

العام ولم يجز أكثر من ذلك منا يخشى من تغيرها وأجاز ابن حبيب السنتين وقيل السنة ونصف الخ قال والخلاف خلاف في حال لا في فقه فإن كانت المدة لا تتغير فيها غالبًا جاز اهـ.

ويوافقه قول ق من المدونة وغيرها يجوز بيع الدار واستثناء سكناها مدة لا تتغير فيها غالبًا اهـ.

وبه تعلم أن ما هنا من التحديد غير معتمد والله تعالى أعلم وقول ز عن د المشهور جواز العقد على منفعة عبد الخ ما قاله د هو قول المدونة ونصها وأما إن اكترى الراحلة بعينها على أن لا يركبها إلى ثلاثين يومًا ونحوها فلا يجوز الكراء بالنقد ويجوز بغير النقد اهـ.

وانظر ق عند قول المصنف وإن ضمنت فبجنس الخ (واسترضاع والعرف في كغسل خرقه)

ص: 25

فعلى الأب على المعتمد وطريقة اللخميّ ضعيفة فلو قال وغسل كخرقه على أبيه إلا لعرف لشمل المسألتين (ولزوجها) ولو شريفة لا لأبي شريفة أو أخيها (فسخه إن لم يأذن) لما يلحقه من الضرر كان له منها ولد أم لا فإن طلقها قبل علمه لم يكن له كلام وإذا لم يعلم وهي في عصمته إلا بعد مدة فما مضى من المدة قبل علمه لها ما أخذت من أجرة الرضاع وليس له فيها شيء زاعمًا أنه ملك منافعها فباعتها بغير إذنه لأنه ليس له عليها إلا منافع الأشياء الباطنة كما قاله المشذالي (كأهل الطفل) ولو أما ولذا عبر بأهل دون ولي (إذا حملت) لأنه مظنة الضرر والخوف وما يأتي من قوله وحمل ظئر عطفًا على ما تفسخ به الإجارة فهو فيما إذا تحقق الضرر أو حصل بالفعل بحيث خيف عليه الموت (و) للظئر فسخ الإجارة في (موت إحدى الظئرين) المستأجرتين بعقد واحد أو بعقدين وعلمت الثانية بالأولى التي ماتت فللباقية الفسخ وليس لرب الطفل إلزامها برضاعه يومًا بعد يوم كما كانت زمن الأولى التي ماتت لكثرته منه حال عدم رضاعه كل يوم وعلى المستأجر أن يأتي بأخرى ترضع مع الثانية كما في المدونة مع علم الثانية حين إجارتها بأنها ثانية كما مر وإلا لزمها الرضاع وحدها قاله حمديس وعارضه أبو محمد السطي بقولها في الحمالة إذا أخذ حميلًا بعد حميل والثاني عالم بالأول لزم الثاني جميع الكفالة فلم يجعل له حجة

ــ

قول ز ولا يكون من بيع طعام بطعام الخ قال في المدونة: وكذلك إن اشترطت عليهم طعامها وكسوتها ابن يونس ولا يدخل في ذلك طعام بطعام إلى أجل لأن النهي إنما ورد في الأطعمة التي جرت عادة الناس أن يقتاتوها وأما الرضاع فقد صار العمل على جوازه في مثل هذا ولا خلاف فيه ولأن اللبن الذي يرضعه الصبي لا قدر له من الثمن وإنما أكثر الإجارة لقيامها بالصبي وتكلفها جميع مؤنته فكان اللبن في جانب ذلك لا قدر له اهـ.

وقول ز وحميمه الخ عياض تحميم الصبيان غسلهم بالحميم وهو الماء الحار اهـ.

(كأهل الطفل إذا حملت) وقع في خش ما نصه فإن كانت أكلت الأجرة لم تحسب عليها لأنه تطوع بدفعها قاله ابن عبد السلام اهـ.

وانظره فإنما نقله في ضيح عن ابن عبد الحكم ولعله مقابل كما يعلم بتأمله مع ما في ضيح ونصه ولا يلزمها أن تأتي بأخرى ترضعه قاله في المدونة ولا يجوز أن تأتي بالغير إن نفدها الأب الأجرة لأنه فسخ دين في دين على أصل ابن القاسم وإلا جاز اهـ.

ونقله ح عن أبي الحسن فهذا صريح في بطلان ما في خش والله تعالى أعلم وكذا يرد بقول المدونة وإن هلك الأب فحصة باقي المدة في مال الولد قدمه الأب أو لم يقدمه وترجع حصة باقي المدة إن قدمه الأب ميراثًا وليس ذلك عطية وجبت اهـ.

وانظر ق (وموت إحدى الظئرين) قال ح: يريد المصنف إذا استأجرهما معًا أو استأجر الثانية بعد الأولى وعلمت بها قال في المدونة: ومن وأجر ظئرين فماتت واحدة فللباقية أن لا ترضع وحدها ومن وأجر واحدة ثم وأجر أخرى فماتت الثانية فالرضاع للأولى لازم كما

ص: 26

بخلاف الظئر والجواب أن الكفيل الثاني داخل على جميع المال والظئر الثانية إنما دخلت على القيام بنصف مؤنة الولد (و) للظئر فسخ عقد إجارة الرضاع في (موت أبيه و) الحال أنها (لم تقبض أجرة) قبل موته ولم يترك مالًا (إلا أن يتطوع بها متطوع) فلا فسخ لها كما إذا قبضتها من أبيه قبل موته فلا فسخ لها ولا للورثة وإن كانوا يحاسبون الرضيع بما زاد على يوم موت الأب من إرثه فإن زاد فيها لهم شيء رجعوا به على مال الرضيع لا على الظئر فليس إعطاء الأب أجرة رضاعه هبة منه له وإنما إرضاعه عليه فرض انقطع بموت الأب ولو كان هبة للرضيع لرجع ميراثًا بينه وبين الأم عند موت الصبي مع أنه يختص به الأب فيرجع ببقيته على الظئر ذكره في المدونة فارقًا بينه وبين التزام ثمن لأجنبي اشترى شيئًا ثم مات الملتزم فيلزمه في ماله بأنه أوجبه في ماله فلزم بعد موته بخلاف رضاع ولده فواجب عليه أصالة وبموته انقطع وجوبه عليه (وكظهور مستأجر) بفتح الجيم (أوجر بأكله أكولًا) فيخير مستأجره في فسخها لأنه كعيب ظهر به إلا أن يرضى بطعام وسط وليس له جبره عليه لأن ذلك يضعفه والفرق بينه وبين الزوجة تظهر أكولة فلا كلام للزوج وهي مصيبة نزلت به فيلزمه إشباعها أن النكاح مبني على المكارمة والإجارة من باب البيع وهو مبني على المشاحة ومقتضى الفرق المذكور الخيار في عبد مبيع ظهر أكولًا ولكن أفتى صر بعدم رده لأنهم لم يعدوه من عيوب المبيع المتقدمة ولأن له مندوحة وهي بيعه بعد وفيه نظر لأن المصنف لم يحصر عيوب المبيع بل قال وبما العادة السلامة منه ثم ذكر أمثلة بالكاف تدل على عدم الحصر وما ذكره من قدرته يرد بأنه قد لا يجد من يبلغه ثمنه ومستأجر اسم مفعول وجملة أوجر بأكله صفة وأكولًا حال من المضاف إليه ووجد شرط المسألة وهو كون المضاف صالحًا للعمل في الحال لأن ظهور مصدر (ومنع زوج رضي) بإيجار زوجته لإرضاع رضيع بأجرة (من وطء ولو لم يضر) ومفهوم زوج أن السيد لا يمنع والعلة تقتضي استواءهما (و) منع زوج رضي بإرضاعها من (سفر) بها (كأن ترضع معه) ولو كان بها كفاية لأن أهله اشتروا جميع لبنها إلا أن يكون لها ولد ترضعه حال العقدة فلا تمنع من رضاعه لأنه حينئذ بمنزلة الشرط (و) من استأجر امرأة ترضع له رضيعًا (لا يستتبع) الإرضاع (حضانة) أي لا يلزمها حضانته لزيادتها على المعقود عليه (كعكسه) أي من استأجره على حضانته لا يلزمها إرضاعه لزيادته على المعقود عليه إلا لعرف أو شرط فيتبع في المسألتين وسكت المصنف عن سفر الأبوين بالرضيع فليس لهما

ــ

كانت وإن ماتت الأولى فعليه أن يأتي بمن ترضع مع الثانية (وموت أبيه ولم تقبض أجرة) قول ز ولم يترك مالًا الخ نحوه في المدونة وليس مفهومه أنه لو ترك ما لا يكون في ماله ولا تفسخ الإجارة بل مفهومه أنه لو ترك مالًا لم يكن لها الفسخ ولكن تكون أجرتها في نصيب الولد من إرثه كما أن مفهوم ولم تقبض أنها إذا قبضت لا تفسخ ولو كان عديمًا ويتبع الورثة الصبي كما قاله ابن يونس وأبو الحسن وقول ز فارقا بينه وبين التزام ثمن لأجنبي اشترى شيئًا

ص: 27

أخذه إلا أن يدفعا إلى الظئر جميع أجرتها كما في المدونة وسكت أيضًا عن تعدي الزوج بالوطء مع إذنه بالرضاع فهل لأهل الطفل فسخ الإجارة أو ليس لهم قولان وعطف على الجائز مسألة اجتمع فيها بيع وإجارة فقال (و) جاز لشخص (بيعه) لآخر (سلعة) تساوي مائة وخمسين مثلًا بمائة (على أن يتجر) له (بثمنها سنة) فآل الأمر إلى أن ثمن السلعة مائة دينار وعمله سنة فيها وحل الشارح في الصغير والوسط معترض ولجواز المسألة شروط ثمانية أحدها أن يكون الثمن معلومًا الثاني أن يكون العمل إلى أجل معلوم الثالث أن يعين النوع الذي يتجر فيه الرابع أن يكون موجودًا في جميع السنة الخامس أن يحضر الثمن مع الأشهاد لينتقل من ذمته إلى أمانته فإن لم يحضره منع لأنه يدخل سلف جر منفعة إذ هو دين في الذمة فيخاف أن يكون قصد أن يؤخره به ويزيده فيه السادس أن يكون مديرًا لا محتكرًا لأنه إنما يبيع إذا غلت السلع فيمنع هنا لأنه يؤدي إلى أجل مجهول السابع أشار له بقوله: (إن شرط الخلف) لما يتلف من الثمن وإلا أدى إلى الغرر ولما كانت الستة شروط المتقدمة بعضها مستفاد من جوهر لفظه وبعضها من المعنى أدخل إن على السابع فقط الثامن أن لا يتجر له في الربح كما يشعر به قوله بثمنها لأن الربح مجهول وقيده ابن عرفة بما إذا لم يكن قدره في مدة الإدارة متقاربًا فيجوز وظاهر قوله إن شرط الخلف أنه لو جرى به عرف لا يكفي عن شرطه ثم إذا شرط الخلف وحصل تلف البعض ورضى رب السلعة بالتجر بما بقي جاز قال عبد الحق وإذا أتجر بالمائة فنقصت في خلال السنة فللبائع أن يزيد تمام المائة ليتجر فيها المشتري ولا كلام له اهـ.

ــ

الخ صوابه باع شيئًا بدل اشترى كما في المدونة (وبيعه سلعة على أن يتجر بثمنها) قول ز ولجواز المسألة شروط ثمانية الخ جمعت هذه الشروط في بيتين وهما:

شروط بيعك بشرط التجر

علم حضور ذكر نوع التجر

وأجل مع أمن فقد خلف

إدارة والتجر بالربح تفي

وقول ز في التنبيه ويرجع البائع عليه ببقية ثمنه الخ عبارة أبي الحسن ويرجع البائع عليه بمقدار قيمة تجارته بالثمن لسنة اهـ.

وهي أولى وقول ز صارت بين ثلاثة بعد إن كانت بين اثنين الخ صوابه صارت بين اثنين بعد إن كانت لواحد والعبارة التي ذكرها أصلها لعبد الحق لكن في صورة أخرى قال ابن عرفة الصقلي: إن علم ولم يحضره فالربح والخسارة للأجير ويرجع البائع بقدر قيمة الإجارة منها مع الثمن في قيمة سلعته ولو كانت قائمة لضرر الشركة وعلى قول أشهب ويحيى بن عمر يرجع في عينها إن كانت قائمة وإن فاتت ففي قيمتها وقال عبد الحق يرجع في قيمة السلعة أو في عينها إن كانت قائمة على الخلاف فيمن باع نصف ثوب على أن يبيع له النصف الباقي شهرًا فباع في بعض الشهر المسألتان سواء والأجود أن لا يرجع في عينها لزيادة ضرر الشركة لأنها تصير بين ثلاثة بعد إن كانت بين رجلين اهـ.

ص: 28

وهو يفيد أنه لا يلزم البائع الخلف وهذا واضح سواء وافقه المشتري على ذلك أو طلب الخلف لأنه لا حق له في الربح ثم قال عبد الحق أيضًا ولو استحقت السلعة المشتراة وقد تجر المشتري بعض السنة كان له أجر المثل فيما تجر ويرجع على البائع بثمنه والربح والخسارة في المائة التي يتجر بها للبائع وعليه فلو لم يتجر المشتري بالمائة إلا نصف السنة ثم اطلع على عيب في السلعة التي اشتريت وقد فاتت فقيمة العيب قد وجبت له فإن كانت قيمة العيب تنقصها الربع رجع مشتري السلعة على البائع بربع المائة وهي خمسة وعشرون ويرجع أيضًا بربع قيمة الإجارة في الستة الأشهر الماضية ويتجر في الستة الباقية بخمسة وسبعين دينارًا لأنه يحط عنه ربع ما استؤجر له ولو اطلع على عيب قبل أن يتجر في شيء وقد فاتت السلعة وكان العيب ينقصها لربع كما ذكرنا فإنه يرجع عليه بخمسة وعشرين ويتجر له بخمسة وسبعين في السنة التي استأجره يتجر له بها.

تنبيه: لو أتجر بالثمن ولم يحضره فالربح له والخسارة عليه ويرجع البائع عليه ببقية ثمنه لأن الاتجار سنة من جملة الثمن كما مر ففيما إذا كان الثمن مائة وقيمة التجر خمسين فيرجع بثلث قيمة سلعة الاتجار زيادة على المائة إن فاتت السلعة فإن كانت قائمة فهل يرجع شريكًا بثلثها أو بثلث قيمتها وهو أبين لأنه إذا رجع في عينها صارت بين ثلاثة بعد إن كانت بين اثنين فزيادة الثالث يكثر به الضرر انظر د وهو يفيد أن البيع صحيح وأن الإجارة فاسدة وإلا لرجع بجميع قيمة سلعته أو بثمنها كلها ولو شرط عليه التجر بالربح فالربح للبائع والخسارة عليه وللعامل أجر مثله وترد السلعة إن كانت قائمة وإلا مضت بالقيمة كما ذكره ابن عرفة وغيره وذكره تت وغيره وحينئذٍ يسأل ما الفرق بين المحترزين قاله عج قلت هو أن هذه البيع فيها فاسد بخلاف شرط التجر بالثمن حيث لم يحضره فإن فرض تسليم صحة البيع هنا فلعله أن المتجر بالثمن ولم يحضره لم يملكه بائع السلعة ليرده لأمانة مشتريها وإنما له عليه دراهم لا بعينها والمشترط عليه التجر بالربح قد أحضر الثمن فملكه البائع فاشتراطه التجر بربحه اشتراط فيما تحقق أنه ملكه بعينه قال شيخ شيخنا الشيخ عثمان العزي انظر لو اختل شرط ما من باقي الشروط هل يكون الربح للمشتري والخسارة عليه كما في المسألة الأولى أو للبائع وعليه كما في الثانية (كغنم عينت) هكذا الصواب كما في نسخة غ ليوافق المدونة أي يجوز شخص أن يستأجر شخصًا يرعى له غنمًا معينة سنة مثلًا بأجرة معينة أن شرط في العقد خلف ما مات منها أوضاع ولزم ربها الخلف فإن امتنع منه لزمه جميع الأجرة للراعي فإن لم يشترط الخلف

ــ

فالتعليل راجع لمسألة بيع النصف وهو ظاهر لا لما قبلها تأمله (كغنم عينت) أي لا يجوز في المعينة إلا بشرط الخلف فإن فقد شرط الخلف فسدت قاله في المدونة: وقال سحنون: يجوز وإن لم يشترط الخلف والحكم يوجبه وقاله ابن الماجشون وأصبغ قال ابن حبيب: وبه أقول ابن يونس وهو عندي أصوب انظر ق وقول ز وإنما جاز أن يشترط عليه

ص: 29

في العقد لم يجز وإنما جاز أن يشترط عليه رعاية ما تلده أو كان العرف كما يأتي ولم يجز أن يشترط عليه في السابقة التجر بالربح إن لم يكن متقاربًا لأنه مجهول بخلاف ما تلده الغنم لأنه معروف (وإلا) بأن لم تعين الغنم كمائة شاة غير معينة عند العقد (فله) أي للراعي (الخلف على أجره) أي مستأجره أي يقضي له به عليه وإن لم يشترطه إلى تمام عمله فإن امتنع ربها من الخلف لزمه جميع الأجرة للعامل وفي بعض النسخ كغنم لم تعين ويمكن تصحيحها بجعل التشبيه في الجواز بدون قوله إن شرط الخلف أي وجاز بيعه سلعة على أن يتجر بثمنها سنة أن شرط الخلف كما يجوز الاستئجار علي رعاية غنم لم تعين وقوله وإلا أي وإلا بأن عينت واللام في قوله: فله الخلف بمعنى على والضمير عائد على المستأجر وهو الراعي وهو على حذف مضاف أي فعلى المستأجر شرط الخلف على أجره وهو رب الغنم فإن لم يشترط الخلف فسدت الإجارة وله أجر مثله (كراكب) تعذر ركوبه كموت عروس أو مرضها أو مرض زوجها أو تعسر فلا تنفسخ الإجارة خلافًا فالقول اللخمي في الأول تفسخ وعلى المعتمد يلزمه أو ورثته إن مات أن يأتوا بخلفه أو يدفعوا جميع الأجرة كما في ح وقرره الشارحان على أن من اكترى دابة غير معينة يركبها لموضع كذا فهلكت فعلى المكري خلفها وما قرراه به مفهوم قول المصنف فيما يأتي وفسخت بتلف ما يستوفى منه لأن الآتي الدابة فيه معينة فيفهم منه أنها لو كانت غير معينة لا تنفسخ وهو ما قرراه به هنا والتشبيه في مطلق الخلف وتقرير ح منطوق قوله الآتي لا به فصار لتقرير الشارحين ترجيح لعدم ذكره صريحًا فيما يأتي لكن في إطلاق الخلف على غير المعينة عند العقد تجوز فإن قلت ما الفرق بين عدم الفسخ في هذه المسألة على تقرير ح وبين ما ذكروه من أن من اكترى دواب ليحمل عليها بيعه لقافلة تأتي لمحل معين فذهبت لغيره فلا كراء عليه ويفسخ الكراء وكذا إذا اشترى علفًا لها قلت لعله أن المكتري للقافلة أو مشتري القول مثلًا لها قد عين عند الكراء والشراء ملاقاتها بمحل معين فلما لم

ــ

رعاية ما تلده الغنم لأنه معروف الخ (1) أي بخلاف الربح في المسألة المتقدمة فإنه مجهول كذا قالوا قال ح: والذي يظهر أن ما تلده الغنم أيضًا غير معروف لاحتمال ولادتها واحدًا أو أكثر إلا أنه أقل غرر من ربح الثمن فتأمله اهـ.

(كراكب) قول ز وبين ما ذكروه من أن من اكترى دواب ليحمل عليها علفًا الخ انظر من ذكر ما قاله من سقوط الكراء عن مكتري الدواب على الوجه المذكور فإني لم أره والظن أنه غير صحيح وقد صرح أبو إسحاق التونسي بأن من اشترى علفًا لقافلة تأتيه فعدلت عن محله أنه يلزمه الشراء ولا يكون ذلك جائحة في حقه نقله ق في الجوائح والكراء مثله أو

(1) قول المحشي وقول ز وإنما جاز أن يشترط عليه الخ لعل هذه نسخة وقعت للمحشي والذي في النسخ التي بأيدينا ما في الشارح كما رأيت.

ص: 30

تأت منه لم يلزم العقد بخلاف مكتري دابة لحمل عروس فمرضت أو ماتت وقد ينتج هذا أنه لو عين عند الكراء حملها فتعذر لترجح قول اللخمي بالفسخ وظاهر المصنف خلافه كالمدونة فليحرر الفرق (و) جاز إيجار (حافتي نهرك ليبني) عليهما المستأجر (بيتًا) أو ينصب رحى ماء ولا يشترط هنا وصف البناء بخلاف البناء على الجدار كما قدم قال تت وفيه شيء أي لأنه قد يعرض الجدار فيضيق مجرى النهر (وطريق في دار) لآخر أو في أرضه ليتوصل به لمحل منفعته وإلا لم يجز لأنه من أكل أموال الناس بالباطل وقد علمت أن الأرض كالدار فلا مفهوم لها فإن استحق المحل بحيث صار لا نفع بالطريق انفسخت الإجارة كما يرشد له قوله آخر الشفعة كمشتري قطعة من جنان الخ وكلام المصنف هنا وفي قوله الآتي لأنه ظاهر في خلافه إلا أن يقال كلاهما يقيد بما في آخر الشفعة (و) جاز استئجار (مسيل) أي مكان (مصب) أي هو مصب بمعنى مصبوب (مرحاض) أي فيه أي يجوز أن يستأجر مكانًا يصب فيه الماء من قناته لتتفرغ منه كما يقع ذلك عندنا بمصر فيمن استأجر مجرى يتوصل منها ما في مرحاضه إلى الخليج فالثلاثة أسماء مكان فمسيل اسم لمكان يسيل فيه الماء كالمجراة ومصب اسم مكان يصب فيه الماء أو مصدر ميمي بمعنى انصباب ومرحاض اسم مكان الرحض وهو الصب للماء مثلًا قال تت ابن ناجي أن علم عيال المستأجر (لا) كراء مسيل مصب ماء (ميزاب) ومعنى كرائه شراؤه إذ لا معنى لتعلق الكراء به إلا شراؤه فكأنه قال لا شراء ماء ميزاب فهو على حذف مضاف عطف على مسيل لا على مرحاض بدليل الاستثناء أي لا يجوز أن يشتري ماء سائلًا من ميزاب آخر بمطر ونحوه لعدم علمه إذ يقل ويكثر ويكون ولا يكون وسواء طال أمد الماء أو قصر والطريقة المفصلة ضعيفة وقد علم أن هذا الفرع ليس من وإنما هو من باب البيع وذكره ليرتب عليه قوله (إلا) استئجار مصب ما (لمنزلك) يذهب منه (في أرضه) ليخرج إلى خارج دار الجار فيجوز ويصير كمسألة مصب المرحاض كذا في بعض النسخ وفي بعضها إلا لميزابك واللام على الأولى للاستحقاق وعلى الثانية للتعليل كما في غ وعلى كل فالاستثناء منقطع لأن هذا استئجار والمستثنى منه بيع (و) جاز (كراء رحى ماء)

ــ

أولى منه فتأمله (وحافتي نهرك ليبني بيتًا) قال الشيخ مس الظاهر أنه لا مفهوم لهذه الإضافة بل وكذلك إذا كان النهر لغيرك ولكنه جار بأرضك ذلك أن تكري حافتي النهر لأنهما لك اهـ.

(ومسيل مصب مرحاض) قول ز فالثلاثة أسماء مكان الخ فيه نظر بل الثاني وهو مصب اسم مصدر بمعنى مفعول أي وجاز كراء محل يسيل فيه ماء مصبوب من المرحاض (لا ميزاب إلا لمنزلك في أرضه) لو قال المصنف أو مسيل ماء مرحاض أو ميزاب لا ماؤه في أرضك لكان أجرى على ما قصده وهو تأويل ابن يونس ونص المدونة ويجوز أن تستأجر طريقًا في دار رجل ومسيل مصب مرحاض وأما إجارة مسيل ميزاب المطر في دار رجل فلا يعجبني لأن المطر يقل ويكثر اهـ.

ص: 31

أي تدور بالماء (بالطعام أو غيره) ونص على جواز كرائها بالطعام لأنها لما كانت متشبثة بالأرض ويعمل فيها الطعام فقد يتوهم أنه من كراء الأرض بالطعام ويفهم من هذا أنه لو حذف قوله أو غيره ما ضره لاستفادته مما قبله بالأولى.

تنبيه: قال الشارح ومن استأجر رحى ماء شهرًا على أنه إن انقطع قبل الشهر لزمه جميع الأجرة لم يجز اهـ.

قال غير واحد من شيوخه انظر هل يؤخذ منه أن من استأجر أرض زراعة مقيلًا ومراعًا وليس غرضهم إلا أنها إذا لم ترو تلزمه الأجرة أن ذلك لا يجوز ويكون فاسدًا وهو الظاهر ويدل له قول الجزيري في رحى الماء التي لها قناة تجري ما نصه ولا يجوز ما أحدثه بعض الموثقين من عقد اكترائها على قنوات فارغة تخيلًا لإسقاط القيام بجائحة الماء قال ابن حبيب وتلك فجرة واحتيال لا يجوز اشتراطه انظر بقية كلامه قاله عج (و) جازت إجارة (على تعليم قرآن) كله أو جزء منه معين نظر في المصحف حالة كونه (مشاهرة) أو مساناة أو مياومة أو ساعة من يوم ومثل ذلك تعليم الكتابة (أو على الحذاق) بذال معجمة كما في الصحاح وما في كفاية الطالب من أنه بمهملة سبق قلم أي الحفظ لجميعه أو لجزء معين منه وفهم من قوله أو على الحذاق أنه لا يجوز الجمع بينهما أي الحفظ وكونه في شهر مثلًا وهو المشهور وقيل يجوز انظر ابن عرفة وعلى الأول فلعل الفرق بين ما هنا وبين تساوي القولين فيما إذا جمعهما وتساويا كما مر إمكان مساواة العمل مع الزمن هناك تحقيقًا أو تحريًا وعدمه هنا لبلادة المتعلم وعدم سرعة حفظه وعدم

ــ

ثم اختلفوا في فهم هذه الأخيرة فحملها ابن يونس على شراء ما يسيل من المياه قال ولو أراد إجارة مسيل ماء الميزاب من داره في أرض غيره جاز وعلى هذا التأويل مشى المصنف وحمله غيره على ظاهره قيل وهو الظاهر لقوله أن تستأجر وقوله وأما إجارة الخ وإطلاق الإجارة على الشراء بعيد (وعلى تعليم قرآن) قال ابن رشد في سماع أشهب الإجارة على تعليم القرآن جائزة مشاهرة ومقاطعة على جميعه أو بعضه ووجيبة لمدة معلومة فالمشاهرة غير لازمة لواحد منهما وأما الوجيبة والمقاطعة فلازمتان لكل منهما اهـ.

وقول ز وعلى الأول فلعل الفرق الخ لا وجه لهذا الفرق أصلًا وذلك لأن من بقوا بمنع الجمع هنا بين الحذاق والأجل يسوي بين ما هنا وما تقدم ونص ابن عرفة بن حبيب قال مالك: يجوز أن يشارط المعلم على الحذقة حفظًا أو نظرًا ولو سميا أجلًا أصبغ إن تم الأجل ولم يحذقه فله أجر مثله القابسي ففرق أصبغ بيمن ضرب الأجل للمعلم والخياط إذا كان الفعل تمكن الفراغ منه فيه ابن عرفة سوّى اللخمي وابن رشد بينهما اهـ.

فوائد: الأولى ابن عرفة قال القابسي قول النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه يشمل الوالد بتعليمه ولده ولو بأجرة وقد أجاب ابن سحنون وأبا ولد كان يطلب العلم عنده إذا توليت العمل بنفسك ولم تشغل ولدك عما هو فيه فأجرك في ذلك أعظم من الحج

ص: 32

تحري ذلك (وأخذها) أي أخذ المعلم الحذقة التي هي الإصرافة (وإن لم تشترط) حيث جرى بها عرف فالضمير عائد على الحذاق باعتبار هذا المعنى الآخر وحينئذ فهو من النوع المسمى في البديع بالاستخدام إذ لفظ الحذاق له حينئذٍ معنيان استعمل أولًا في أحدهما وعاد إليه الضمير باعتبار المعنى الآخر وأما قول ابن غازي ويحتمل أن يعود الضمير على الحذقة العرفية لدلالة الحذاق بمعنى الختام عليها فيكون من النوع المسمى في علم البديع بالاستخدام ففيه شيء إذ قد اشترط في اللفظ العائد عليه الضمير أن يكون له معنيان وعلى كلامه فليس له إلا معنى وإن كان مستلزمًا للمعنى الآخر قاله د ثم قوله أخذها إما فعل ماض فأخذها واجب أي يقضي بها على الأب أو غيره ممن جرت العادة بأخذها منه إذا امتنع وإن لم يكن شرط كما هو قول سحنون وإما مصدر معطوف على فاعل جاز فلا يفيد وجوب أخذها بل جوازه وهذا لا ينافي أنه يقضي له بها حيث طلبها وجرى العرف بها لأنها واجبة لأن وجوبها له لا عليه قال تت ومحل الحذقة من السور ما تقررت فيه عرفًا مثل لم يكن وعم وتبارك والفتح والصافات اهـ.

فالعرف يها يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة (وإجارة ماعون كصحفة وقدر) نص على

ــ

والرباط والجهاد فإن ترك الأب تعليم ولده القرآن لشح قبح فعله فإن تركه لقلة عذر فإن كان للولد مال فلا يدعه وإن تعليم وليه أو قاض أو جماعة المسلمين إن لم يكن قاض وإن لم يكن له مال توجه حكم الندب على وليه وأمه الأقرب فالأقرب والثانية ذكر ابن عرفة عن القابسي أيضًا أن على المعلم زجر المتخاذل في حفظه أو صفة كتبه بالوعيد والتقريع لا بالشتم نحو يا قرد فإن لم يفد فبالضرب بالسوط من واحد إلى ثلاثة ضرب إيلام دون تأثير في العضو فإن لم تفد زاد إلى العشرة فإن ناهز الحلم فلا بأس بالزيادة عليها ابن عرفة الصواب اعتبار حال الصبيان فيضرب العشرين وأزيد ومنع الزجر بنحو يا قرد الصواب فعل بعضهم ذلك وقد أجازوه للقاضي وكان بعض شيوخنا يزجر به في مجلس أقرائه ونقلوه عن بعض شيوخهم وكان يصدر كثيرًا من شيخنا ابن الحباب وقليلًا من شيخنا ابن عبد السلام وفائدة ذلك واضحة لمن أنصف لأنها تكسب تثبت الطالب فيما يريد أن يقوله من بحث أو نقل اهـ.

بخ الثالثة القابسي أما تعليمهم في المسجد فروى ابن القاسم إن بلغ الصبي مبلغ الأدب فلا بأس أن يؤتى به المسجد وإن كان صغيرًا يعبث فلا أحب ذلك وروى سحنون لا يجوز تعليمهم فيه لأنهم لا يتحفظون من النجاسة وهذا هو الصحيح نقله ابن عرفة اهـ.

الرابعة قال القابسي سئل أنس كيف كان المؤدبون على عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم قال كان للمؤدب إجانة يجيء كل صبي يوم نوبته بماء طاهر يصبه فيها يمحون به ألواحهم ثم يصبون ذلك الماء في حفرة بالأرض فينشف وينبغي أن يصب ذلك الماء في المواضع البعيدة عن النجاسة وكان معلمنا يأمرنا بصبه في حفرة بين القبور انظر ابن عرفة اهـ.

(وأخذها وإن لم تشترط) قول ز ففيه شيء الخ فيه نظر بل لا شيء فيه وكلام أحمد

ص: 33

جواز إجارة ما ذكر كان مما يعرف بعينه أم لا وما لقول ابن العطار ومن وافقه يمنع كراء ما لا يعرف بعينه كقدور الفخار يغيرها الدهان بحيث لا تعرف إلا أن ينقش عليها اهـ.

وإشارة إلى أنه ليس المراد بالماعون في الآية الشريفة لصحفة والقدر ونحوهما إذ لو أريد ذلك ما جازت إجارته المتضمنة لمنع عاريته إن شاء والمشهور في الآية أنه الزكاة ويدل عليه قرآنه بقوله: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6)} [الماعون: 6] قاله أبو الحسن والأولى أن يقول المصنف آلة بدل ماعون ليشمل الغربال والمنخل لأن الماعون الوعاء (و) جازت معاقدة (على حفر بئر) ويكون (إجارة) فيما ملك من أرض وفيما لم يملك كموات إن وصف له البئر وعين مقدار الحفر وإذا انهدمت قبل تمام العمل فله بحساب ما عمل وإذا انهدمت بعد الفراغ فله جميع الأجرة (وجعالة) فيما لا يملك فقط فإذا وقع العقد على حفرها فيما لا يملك فإن ذكر معه ما يدل على أنه إجارة أو جعالة كالصيغة أو أنه يستحق بحساب ما عمل أولًا يستحق إلا بتمام العمل فظاهر وإلا فانظر هل يحمل على الإجارة أو الجعالة أو يكون فاسدًا فإن قلت الإجارة لا بد فيها من الوصف كما مر بخلاف الجعالة قلت في كلامهم ما يفيد أنه لا بد من الوصف في كل وأنه متحد كقوله اعمل لي بئرًا طولها كذا وعرضها وكذا وعمقها وكذا والفرق بين الإجارة والجعالة أن الجعالة لا تكون إلا فيما لا يحصل منه نفع للجاعل حين الترك لو ترك بخلاف الإجارة وبقولنا حين الترك اندفع ما يقال قد صرحوا بجواز المجاعلة على حمل خشبة لمحل وتركه أثناء طريقه مع أنه إذا تركها في أثناء الطريق وحملها ربها بنفسه لا يستحق المجاعل شيئًا وحينئذ فلا شك أنه حصل له نفع فكان ينبغي أن لا تجوز المجاعلة وحاصل الجواب أنه حين الترك لم يحصل للمجاعل نفع بل ربما كان ذلك ضررًا عليه لعدم قدرته على الحمل وعدم من يستأجره وقدرنا الفاعل معاقدة دون إجارة لأنه يؤدي إلى تقسيم الشيء إلى نفسه وإلى غيره وهو ممتنع (ويكره حلي) بفتح الحاء وسكون اللام مفردًا وبضم الحاء وكسر اللام جمعًا أي تكره إجارة حلي ذهب أو فضة بذهب فيهما أو فضة نقدًا أو إلى أجل انظر أبا الحسن قاله د. وهذا إذا كان الحلي غير محرم الاستعمال كما يدل عليه تعليلها على أحد القولين وقد ذكرهما تت فقال وهل الكراهة لنقصه وقد أخذ في مقابلته نقدًا أو لأنهم كانوا يرون أن عاريته زكاته خلاف اهـ.

ــ

ركيك تأمله (وعلى حفر بئر إجارة وجعالة) قول ز إذا تركها في أثناء الطريق وحملها ربها بنفسه لا يستحق لمجاعل شيئًا الخ غير صحيح بل الصواب ما يأتي له في باب الجعل عند قول المصنف إلا أن يستأجر على التمام إذ قال أو يجاعل عليه أو يتممه بنفسه أو عبيده اهـ.

وهذا هو المصرح به في سماع أصبغ عن ابن القاسم كما سيأتي وإنما يبطل جعل العامل إذا ترك العمل ولم ينتفع الجاعل بما عمله أصلًا (ويكره حلي) تعليل كراهته بأن الاستعمال ينقصه فيدخله ذهب بذهب أو فضة إلى أجل أصله لابن العطار وتعقبه ابن الفخار بأنه كلام غير معقول والمشاهرة تبعده لأن الحلي من الجامدات فلا يؤثر فيه الانتفاع اهـ.

ص: 34

فرع: في الذخيرة عن ابن رشد الحوانيت المبنية بالمال الحرام يكره أيضًا كراؤها ولا يحرم لأن البنيان لبانيه والحرام مرتب في ذمته وكذا المسجد تكره الصلاة فيه فقط وأما مسجد بني بمال لم يعلم أن ربه اكتسبه مِمَّاذا؟، فسبيله الفيء لا سبيل الصدقة على المساكين فتجوز الصلاة فيه دون كراهة (كإيجاز مستأجر دابة) أي كما يكره لمن أستأجر دابة لركوب أن يؤجرها لمثله فالمصدر مضاف للفاعل وإن وقع وضاعت فلا ضمان عليه حيث كان مثله في خفته وأمانته فالتشبيه في الكراهة وكأنه عدل عن العطف إلى التشبيه لأجل رجوع القيد لما بعد الكاف ومحل الكراهة إن لم يؤجرها بحضرة ربها أو يؤجرها وارثه لموته أو يبدله الإقامة وعدم الركوب إلى المحل الذي أكراها إليه كما ذكره ابن الحاجب وظاهر ابن المواز وإن لم يضطر إلى ذلك وحملنا كلامه على ما إذا استأجرها لركوب لأنه يجوز لمن استأجرها للحمل أن يكريها لحمل مثله كما يفيده ما يأتي عند قوله وفعل المأذون فيه لا أضر (أو ثوب) أي يكره لمن استأجر ثوبًا للبسه أن يكريه (لمثله) وضمنه المكتري الأول إلا لبينة على تلفه من غير تعدي الثاني لأن ضمان الأول ضمان تهمة فيزول مع البينة لا ضمان عداء كذا يظهر والظاهر أنه يجري في الثوب نحو ما تقدم فإذا استأجره ليحمل فيه شيئًا فلا يكره أن يؤجره في حمل مثله وله أن يؤجره بحضرة ربه أو لعدم إرادة لبسه أو وارثه لموته وقد استفيد مما ذكرنا أن الكراهة حيث جهل رضا المكري وعدم رضاه فإن علم رضاه لم يكره وإن علم عدمه فانظر هل ذلك يكون كشرطه أن لا يكري لمثله فيفسد العقد لأنه شرط مناقض لمقتضاه إلا أن يسقطه كما في ح بأن يرضى بالكراء لمثله أو لا يكون كالشرط فالعقد صحيح ويحرم عليه فعل ذلك وينبغي أن تكون الكتب كالثياب لاختلاف استعمال الناس فيها وفي بعض النسخ أو لفظ لمثله أي أن لفظ إذا استأجر دابة ليركبها يكره له أن يكريها لفظ مثله يركبها فإن قيل هذا مستفاد من المعطوف عليه فما فائدة ذكره قلت لما كان قد يتوهم فيه الجواز لكون رب الدابة لما دخل على إعطائها لفظ قد تساهل فيها فنبه عليه لذلك وتقدير الكلام حينئذٍ كإيجاز

ــ

فالصواب تعليل ابن يونس بأنهم كانوا يرون أن عاريته زكاته (كإيجار مستأجر دابة) قول ز لأنه يجوز لمن استأجرها الخ قيدًا للخمي جواز كرائها إذا كانت مكتراة للحمل بأن يصحبها ربها في السفر وأما إن كان المكتري هو الذي يسافر بها فهي بمنزلة التي للركوب وكذلك ذكر ابن يونس عن ابن حبيب وقبله زاد ابن حبيب إلا أن يكون ربها يعلم أن المكتري لا يسوقها بنفسه فلا حجة له اهـ.

نقله ح وقول ز وضمنه المكتري الأول الخ فيه فرق بين الثوب والدابة ونحوه في ضيح ونصه ظاهره أنه لا يضمن في الثواب إذا أكراه من مثله كالدابة والذي في المدونة أنه يضمنه إذا هلك بيد الغير لاختلاف حال الناس في اللبس ولا يضمن إن هلك بيده اهـ.

ص: 35

مستأجر دابة لغير فظ أو لفظ مثله (و) كرهت إجارة على (تعليم فقه و) على تعليم علم (فرائض) من عطف الخاص على العام والعلة فيهما خوف أن يقل طالب كل والمطلوب خلافه وأما تعليم عمل الفرائض فلا تكره الإجارة عليه وكذا تكره على تعليم نحو وشعر وعلى كتابة ذلك وعلى نوح أي تغني متصوفة وعلى رسائل وأيام العرب ومنعت على هجو وغناء محرم والفرق بين الفقه والقرآن إن الأول فيه حق وباطل والقرآن حق ولا شك فيه وأن تعليمه بأجرة على العمل بخلاف تعليم الفقه ليس على العمل (كبيع كتبه) أي ما ذكر قال د اللخمي وعليه تكره على كتابته اهـ.

وكذا ما ألحق بهما فيما يظهر لكراهة الإيجار عليهما كما مر وهذا في غير المفلس فيجوز كما قدمه في بابه والفقه لغة الفهم واصطلاحًا وهو المراد هنا العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية فخرج نحو: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: 72] و {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] إلى آخر الآية فلا يسمى فقهًا ولذا قالوا ضروريات العلوم لا تعد من مسائله (و) تكره إجارة على تعليم (قراءة) القرآن (بلحن) أي تطريب وهو تقطيع الصوت بالأنغام حيث لا يخرجه عما أجمعت عليه السبعة وإلا حرمت كقراءته بما وراءها وكذا حل تت المصنف وهو أولى من حل الشارح ومن تبعه بأن المعنى تكره قراءة بلحن وإن قواه البرموني بأن المحفوظ في المتن الرفع لتكرر ذلك حينئذٍ مع ما قدمه المصنف في سجود التلاوة من قوله وقراءة بلحن ولأنه غير مناسب لباب الإجارة إذ المناسب التكلم على إجارته كما قرره به تت

ــ

(وتعليم فقه وفرائض) كذا في المدونة وقال ابن يونس: الصواب جواز الإجارة على تعليم ذلك اللخمي اختلف في الإجارة على تعليم العلم وكتبه وبيع كتبه ولا أرى أن يختلف اليوم في جواز ذلك لأن حفظ الناس وأفهامهم نقصت وقد كان كثير ممن تقدم ليس لهم كتب قال مالك لم يكن للقاسم ولا لسعيد كتب ولقد قلت لابن شهاب أكنت تكتب العلم فقال لا فقلت أكنت تسألهم أن يعيدوا عليك الحديث فقال: لا فهذا كان شأن القوم فلو سار الناس اليوم بسيرهم في ذلك لضاع العلم وذهب رسمه والناس اليوم يقرؤون كتبهم ثم هم في التقصير على ما هم عليه ثم قال: ويجوز للمفتي أن يكون له رزق من بيت المال والأجرة على الفتيا والقضاء رشوة قال ابن عرفة بعد نقله في الأجر على الشهادة خلاف وكذا في الرواية ومن شغله ذلك عن جل تكسبه فأخذه الأجرة من غير بيت المال لتعذره عندي خفيف اهـ.

انظر تكميل غ وقول ز وعلى نوح أي تغني متصوفة الخ عياض معناه نوح المتصوفة وأناشيدهم المسمى بالتغني على طريق النوح والبكاء وقول ز ومنعت على هجو وغناء محرم الخ ما ذكره من المنع نحوه لابن عرفة ثم قال: وانظر هذا مع تروية كثير من الأشياخ مقامات الحريري مع فحش بعض ألفاظها انظره وقول ز أن الأول فيه حق وباطل الخ في هذا الفرق نظر إذ لو كان الأمر كذلك لم يجب تعليم الفقه إذ لا يجب تعليم الباطل والحق أنه إنما كرهه ابن القاسم لأنه ليس العمل عليه عندهم بخلاف الأخذ على القرآن فقد جرى به العمل عندهم

ص: 36

وكذا يصح تقريره بأن المعنى وكره أخذ أجرة على قراءة بألحان وعبر المصنف بالمفرد للاختصار (و) كره (كراء دف) بضم الدال المهملة وفتحها لغة وهو المدور المغشي من جهة كالغربال فإن غشي من الجهتين وكان مربعًا فهو المزهر (ومعزف) واحد المعازف الملاهي فيشمل الأوتار والمزاهر وقال الشارح شيء من أنواع العيدان والمناسب هنا ما فسره به الجوهري (لعرس) أي نكاح خاصة فإن قلت فعلهما في العرس جائز فلم كره الكراء له والوسيلة تعطي حكم مقصدها قلت سدًّا للذريعة أي لو حاز في العرس لتوصل به إلى كرائه في غيره أو كما قال عج بناء على مرجوحية فعلهما في العرس وقد ذكر حلولو الخلاف في ذلك فقال ابن رشد ضرب الدف في العرس من الجائز الذي استوى فعله وتركه وقيل مرجوح الفعل وهو قول مالك في المدونة انتهى.

وفي الشارح عن عياض وعلى الإجارة اختصرها أكثر المختصرين وإن كان ضرب الدف مباحًا في العرس فليست الإجارة مثله إذ ليس كل مباح تجوز الإجارة عليه اهـ.

فالكراهة في كرائه والجواز كما قدم المصنف في قوله للعرس (و) يكره (كراء كعبد كافر) بالجر والتنوين في كافر وإضافة كراء إليه وفصل بينهما بقوله كعبد وهو جائز في مثل هذا كما قال ابن مالك:

فصل مضاف شبه فعل ما نصب

مفعولًا أو ظرفًا أجز ولم يعب

وفي نسخة كافرًا بالنصب وهو مفعول ثان لكراء لأنه اسم مصدر بمعنى إكراء ومفعوله الأول كعبد وهو أولى من النصب على نزع الخافض لأنه مقصور على السماع أي يكره للمسلم أن يؤاجر نفسه أو ولده أو عبده المسلم أو دابته لكافر ومحل الكراهة حيث كان الكافر يستبد بعمل المسلم وليس تحت يده ولا اكتراه في فعل محرم فإن لم يستبد بعمله كخياطة بين مسلمين لهم وللكافر ولم يكن تحت يده ولا اكتراه في فعل محرم جاز وإن كان تحت يده فمحظور وإن كان في فعل محرم حرم وفسخ في المحظور إلا أن يفوت فيمضي ويكون له الأجر بخلاف المحرم فإنه إذا فات فسخه بمضيه وأخذ الكراء تصدق به أدبًا للمسلم إلا أن يعذر بجهل ونحوه وكذا يكره كراء دابة لكافر لعيده أو ليركبها لكنيسة كما قدمه في باب الزكاة حيث قال وبيع وإجارة لعيده فحل ق المصنف هنا بذلك يوجب التكرار (و) كره (بناء مسجد للكراء) أي لأخذه ممن يصلي فيه لأنه ليس

ــ

وهو ظاهر والله أعلم. (ومعزف لعرس) قول ز قلت سدًّا للذريعة الخ عبارة ابن عرفة كره لأنه عمل غير الصالحين وإن كان ضربه مباحًا في العرس فليس كل مباح تجوز عليه الإجارة اهـ.

(وبناء مسجد للكراء) لفظ المدونة ولا يصلح أن يبنى مسجدًا ليكريه ممن يصلى فيه أو يكري بيته ممن يصلى فيه وأجاز ذلك غيره في البيت أبو الحسن انظر قوله لا يصلح هل هو على الكراهة أو المنع فعلى ما نقل ابن يونس عن سحنون هو على المنع وعلى ما نقل عياض هو على الكراهة لأنه قال ليس من مكارم الأخلاق اهـ.

ص: 37

من مكارم الأخلاق فإن بناه الله ابتداء ثم قصد أخذ الكراء ممن يصلي فيه كره القصد الثاني وكذا يكره أخذ الكراء ممن يصلي ببيته كما في المدونة وأجاز غيرها أخذه في البيت واعترض ح على المصنف بأن أكثر عبارات أهل المذهب عدم الجواز لا الكراهة (و) كره (سكنى) بأهله (فوقه) أي المسجد الذي بنى للكراء إذ هو أقرب مذكور وأولى ما بنى للعبادة فقط حيث بنى محل السكنى بالأهل فوقه قبل تحبيسه مسجدًا بأن يكون نوى حالة بناء المسجد أو قبله بناء محل فوقه للسكنى بالأهل أو بنى علوًا وسفلًا لنفسه ثم جعل السفل مسجد الله على التأبيد وأبقى الأعلى سكنًا بالأهل وأما ما بنى فوقه بعد تحبيسه فحرام كما أفاده في الموات بقوله ومنع عكسه فلا معارضة وهذا أولى من حمل صر ما هنا من الكراهة على المنع ليوافق ما يأتي في باب الموات كما لا يخفى على المتأمل في فقه ما قدمته وأما السكنى تحته فتجوز بالأهل وغيره بنى لكراء أو لغيره وأما السكنى فوقه بغير أهل فجائز بالأولى مما قال في الموات وجاز بمسجد سكنى لرجل تجرد للعبادة وانظر لو جهل فعل الواقف في البيت فوقه بالأهل هل هو قبل تحبيسه أو بعده ثم علق صحة الإجارة الخ بقوله: (بمنفعة) أي صحة الإجارة بعاقد وأجر يدفع بسبب منفعة تحصل للمستأجر بشرط أن تكون هذه المنفعة (تتقوّم) أي لها قيمة إذا تلفت احترازًا عن التفاح ونحوه فلا يجوز استئجاره لشم رائحته لأنها لا قيمة لها وأما تأثرها بالشم فإنما هو من مرور الزمن وليس ناشئًا عن الاستيفاء من حيث أنه استيفاء ولا استئجار طعام لتزيين الحوانيت لأنه لا قيمة له وكذا كل ما لا يعرف فإنه لا يجوز استئجار خشية السلف بزيادة الأجرة والظاهر أن استئجار مسك وزباد لشم كاستئجار تفاحة له (قدر على تسليمها) حسًّا فلا يستأجر أخرس لتكلم ولا أعمى للخط وشرعًا فلا تجوز الإجارة على إخراج الجان والدعاء وحل المربوط ونحو ذلك لعدم تحقق ذلك ولا على تعليم

ــ

لكن أكثر عبارات أهل المذهب عدم الجواز كما في ح فعلى المصنف درك في مخالفتها (وسكنى فوقه) قول ز حيث بنى محل السكنى بالأهل فوقه قبل تحبيسه الخ الجمع بين الموضعين بهذا أصله لابن عبد السلام وهو الذي ارتضاه ح وأيده بنقول وحمل صر الكراهة هنا الموافقة للمدونة على التحريم أصله في ضيح انظر ح والله تعالى أعلم (بمنفعة تتقوّم) ابن عرفة المنفعة ما لا تمكن الإشارة إليه حسًّا دون إضافة يمكن استيفاؤه غير جزء مما أضيف إليه فتخرج الأعيان ونحو العلم والقدرة ونصف العبد ونصف الدابة مشاعًا وهي ركن لأنها المشتراة اهـ.

والظاهر فتح التاءين معًا من تتقوّم كما في ح لأن الفعل لازم لا يبنى للمجهول قال واحترز به من التافه الحقير الذي لا يقابل بالمال في نظر الشرع كاستئجار نار ليوقد منها سراجًا وقد نص ابن يونس أن من قال أرق هذا الجبل ولك كذا أنه لا شيء له قال ح: وقد اختلف في فروع نظرًا إلى أن المنفعة هل هي متقومة أم لا كالمصحف والاستئجار للتخفيف (قدر على تسليمها) قول ز فلا تجوز الإجارة على إخراج الجان والدعاء وحل المربوط الخ

ص: 38

غناء ودخول حائض مسجدًا كما يأتي كذا لبعض وقد يقال يستغني عن قوله وشرعًا الخ بقول المصنف ولا حظر حال كون المنفعة (بلا استيفاء عين) لما هي فيه (قصدًا) دخل فيه استئجار الشجر للتجفيف عليها لا استئجاره لأخذ ثمرة كما يأتي ولا دنانير ودراهم لتزيين حانوت فيمنع كما في ابن الجلاب أنه يمنع إجارتها وعلله شارحه التلمساني بأن الانتفاع بها بذهاب عينها يلزم على ذلك السلف بزيادة اهـ.

قال بعض شيوخنا هذا التعليل إنما يأتي فيما إذا استؤجرت للانتفاع بها مع ذهاب عينها أما إذا استؤجرت لتزيين الحوانيت فلا يجري فيها ذلك بل تكون إجارة فاسدة أي لأن منفعتها لا تتقوم وتجري عليها أحكامها من الفسخ وعدم الضمان للأمانة وأما المسألة الأولى فهي قرض فاسد فتجري عليها أحكامه من الضمان مع الفوات والرد مع القيام وهذا التفصيل ظاهر قاله د (ولا حظر) أي منع فلا تستأجر حائض أو جنب أو كافر لكنس مسجد كما يأتي لعدم القدرة على التسليم شرعًا ومن الممنوع أيضًا الاستئجار على صنعة آنية من نقد (و) بلا (تعين) ويأتي محترزه (ولو مصحفًا) مبالغة في الصحة على مقتضى جعل ما هنا متعلقًا بقوله صحة الخ وهي لا تتضمن الجواز ومقتضى الشراح أنه مبالغة في جواز إجارته لمن يقرأ فيه حيث لم يجعله متجرًا لجعلهم أنه قصد بها الرد على قول ابن حبيب تمنع إجارته لا بيعه لأن إجارته كأنها ثمن للقرآن وبيعه ثمن للرق والخط (و) تجوز إجارة المنفعة ولو (أرضًا غمر ماؤها) وقيده بقوله (و) الحال أنه قد (ندر انكشافها) لكونه في حيز المبالغة فهو محل الخلاف وأما لو كان انكشافه غالبًا فلا نزاع في الجواز كما أنه لا نزاع في المنع إذا كانت لا تنكشف أصلًا وظاهر قول المدونة ومن أكريت منه أرضك الغرفة بكذا إن انكشف عنها الماء وإلا فلا كراء بينكما جازان لم ينقد اهـ.

أنه لا بد من الدخول على هذا الشرط وكلام المصنف لا يفهم منه ذلك ولعله غير مراعى قاله د وفي قوله ولعله الخ شيء لأن إطلاق المصنف لا يقوي قوة مفاد المدونة من هذا الشرط من أنه لا بد من عدم النقد فمتى حصل ولو تطوعا منع كما قيده الشارح ثم

ــ

انظر هذا وفي ح عن الأبي لا يحل ما يأخذه الذي يكتب البراءة لرد التليفة لأنه من السحر ثم قال وما يؤخذ لحل المعقود فإن كان يرقيه بالرقى العربية جاز وإن كان بالرقى العجمية امتنع وفيه خلاف وكان الشيخ رحمه الله يعني ابن عرفة يقول إن تكرر منه النفع فذلك جائز اهـ.

(بلا استيفاء عين) قول ز هذا التعليل إنما يأتي الخ فيه نظر بل ما قاله التلمساني من التعليل بالسلف بزيادة ظاهر إذا كتاب عليها ولو استأجرها لتزيين الحوانيت لأن الغيبة على المثلى تعد سلفًا وأما إذا لم يغب عليها بل زين بها حانوته بحضرة ربها فقيل بالجواز والمشهور المنع والخلاف مبني على أن المنفعة فيها متقومة أم لا انظر ضيح (وأرضًا غمر ماؤها) أي كثر ماؤها في الصحاح وقد غمره الماء يغمره إذا علاه وقول ز وفي قوله ولعله الخ شيء الظاهر سقوط البحث عن كلام أحمد إنه لم يستند في الترجي إلى إطلاق المصنف

ص: 39

انظر ما الفرق بين جواز هذه المسألة بشرطيها وبين ما تقدم من منع إجارة ما يغلب على الظن تغيره في مدة الإجارة أو يشك فيه مع أنه بمنزلة ما ندر انكشافه أو استوى انكشافه وعدمه (و) يجوز استئجارها ولو كانت (شجر التجفيف) الثياب (عليها على الأحسن) لأن الانتفاع به على هذا الوجه مما يتأثر الشجر به وينقص منفعة كثيرة منه فهي منفعة تتقوم (لا) استئجاره (لأخذ ثمرته أو) استئجار (شاة للبنها) فلا يجوز لأن فيهما استيفاء عين قصدًا وإطلاق الإجارة عليهما مجاز لأنه ليس فيهما بيع منفعة وإنما فيهما بيع ذات فلا يحتاج لذكرهما في محترز بلا استيفاء الخ نعم يصح جعلهما محترزه إن استأجر الشجر لأمرين التجفيف عليها وأخذ ثمرتها والشاة للانتفاع بها في شيء يجوز الانتفاع بها فيه ولأخذ لبنها واعلم أنه لا يمنع شراء لبن شاة في ضرعها مطلقًا بل أن بيع جزافًا جاز شراؤه بستة شروط إن تتعدد الشياه بكثرة عند البائع كعشرة متساوية في اللبن يشتري لبن شاتين منها غير معينتين وأن يكون في الإبان وأن يعرفا وجه حلابها وأن يكون إلى أجل لا ينقص اللبن قبله وأن يشرع في ذلك يومه أو في أيام يسيرة وأن يسلم إلى ربها لا إلى غيره فإن كان على الكيل أسقطت الشرط الأول فقط ومما ذكر يؤخذ منع ما يقع بمصر من شراء لبن بعض البقر مثلًا جزافًا مدة حلابها بثمن معلوم ويلتزم المشتري كلفتها في المدة المذكورة ويعبرون عنه بالضمان لعدم استيفاء الشروط المذكورة فهو فاسد فيرجع مالك البهيمة على الآخذ بمثل اللبن إن علم قدره وإلا فبقيمته وقت قبضه ويرجع عليه الآخذ بكلفة البهيمة وكذا أفتى به الوالد وبما ذكر من شروط جوز شراء اللبن يستثنى من قوله بلا استيفاء عين قصدًا وكذا الإجارة على الاسترضاع كما قدمها وكذا استئجار أرض أو بيت في كل عين أو بئر فإنه حائز.

تتمة: ما يقع عندنا بمصر من أن من أراد بيع ثمر حائطه قبل بدو صلاحه أو قبل وجوده يكري بياض الشجر لمن يريد الشراء بقدر ما يريد به بيع الثمر ويوافقه المشتري على ذلك ثم يساقيه الشجر ذا الثمر الذي أراد بيع ثمره قبل بدوه على أن يكون لرب الحائط من الثمر جزء من مائة جزء ويكون باقي ذلك للعامل وقصدهما بذلك بيع الثمر قبل بدوه وإنما فعلا ذلك لأن ظاهره الجواز شرعًا ممنوع على ما يقتضيه قواعد مذهبنا في

ــ

حتى يقال إنه لا يقوى قوة مفاد المدونة وقول ز فمتى حصل ولو تطوعًا منع الخ تقدم في باب الخيار الاعتراض على الشارح في هذا وأن الصواب أنه إنما يمتنع فيه النقد بشرط فراجعه (أو شاة للبنها) قول ز يشتري لبن شاتين منها غير معينتين الخ تصويره الكثرة بأن يسلم في لبن شاة أو أكثر من عدد كثير والشاة أو الشاتان غير معينتين تبعًا لعج التابع لجده قال طفى: هو خطأ صراح بل الذي في المدونة أن الجواز مشروط بشراء لبن الغنم الكثيرة كالعشرة ونحوها انظر نصها في طفى وقال عياض: عقبها أجاز شراء لبن الغنم الكثيرة ولا تؤمن فيها جائحة الموت وغيره لكن هي آمن من القليلة اهـ.

ص: 40

بيوع الآجال وما يشبهها ولما ذكر أن من شرط المنفعة أن لا يكون فيها استيفاء عين قصدا ذكر هنا جواز ذلك إذا كان الثلث فدون بقوله: (واغتفر) اشتراط (ما في الأرض) المكتراة وجيبة من شجر فيه ثمر وكذا دار (ما لم يزد على الثلث) ويعتبر الثلث (بالتقويم) بأن يقال ما قيمة كراء الأرض أو الدار بلا شجر مثمر فيقال عشرة مثلًا وما قيمة لثمرة منفردة بلا أرض بعد إسقاط الكلفة فيقال خمسة أو أقل فإنما ينظر لذلك بالتقويم أي لا بما استؤجرت العين به لأنه قد يزيد على القيمة ولا بد أن يكون طيب الثمرة في مدة الكراء وأن يكون اشتراطها لدفع الضرر فإن زاد على الثلث بعد إسقاط الكلفة لم يغتفر اشتراطه ولو شرط منه قدر الثلث فأقل على المشهور وقدرنا اشتراط لأنه لا يدخل الثلث فما دونه إلا به كما في المدونة وأما المكتراة مشاهرة فلا يغتفر فيها شيء وأما الزرع الموجود في الأرض المكتراة فيجوز اشتراطه إن كان دون ثلث لا إن كان ثلثًا قاله في المدونة والفرق بين الأصول والزرع أنه أخفض من مرتبة الأصول ألا ترى أنه لا يجوز مساقاته إلا بشروط كما قدمها المصنف ومنعها ابن عبدوس رأسًا فجواز اشتراطه مقيس على جواز مساقاته ومساقاته مقيسة على مساقاة الأصول فهو مقيس على مقيس كما قاله أبو الحسن على المدونة وإذا اكترى دارًا سنين وبها ثمر اشترطه فإن كانت قيمته في كل سنة الثلث فأقل جاز وإن كانت في سنة الثلث أو أقل وفي سنة أكثر وإذا نظر إلى قيمة جميعه من الكراء في المدة كانت الثلث لم يجز ويكون الكراء فاسدًا في المدة جميعها ثم ذكر مفهوم لا حظر بقوله: (ولا تعليم غناء) بكسر الغين فمد (أو دخول حائض لمسجد) أي لخدمته (أو) إيجار (دار) أو أرض (لتتخذ كنيسة) أو بيت نار أو محلًا لبيع خمر أو عصره أو مجمعًا للفساق (كبيعها لذلك) ومثل تعليم الغناء تعليم آلات الطرب كالعود والمزمار لأن ثبوت الملك على العوض فرع ثبوته على ملك المعوض ولخبر أن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه وشعر قوله دخول أن إجارتها الكنس المسجد جائزة ولكن لا تدخل بل تقيم غيرها وهو كذلك (وتصدق بالكراء) للدار لتتخذ كنيسة جميعه حيث فات العقد باستيفاء مدة الإجارة فإن لم يفت رد (وبفضلة الثمن) في بيعها لذلك على ثمنها لو بيعت لمباح ومثله

ــ

انظر طفى (واغتفر ما في الأرض ما لم يرد على الثلث) قال ابن رشد في كتاب الجوائح من المقدمات مذهب مالك إن كل ما يجب فيه اعتبار القليل من الكثير فالثلث في حد اليسير إلا ثلاثة الجوائح ومعاقلة المرأة الرجل وما تحمله العاقلة من الدية قال غ في التكميل ويجمع الثلاثة للحفظ أن تقول الثلث نزر في سوى المعاقلة ثم الجوائح وحمل العاقلة اهـ.

(وبفضلة الثمن) قول ز ومثله كراء أرض الخ هكذا نقله ابن عرفة عن عبد الحق ونصه فإن نزل بيع الدار أو إكراؤها أي لمن يتخذها كنيسة أو بيت نار ففي لزوم صدقته بكل الثمن والكراء أو بجزء الثمن المسمى للخارج من تسمية فضل قيمتها مبيعة لما فرض على قيمتها مبيعة لما يجوز من هذه القيمة وكذا في الكراء ثالثها هذا في البيع والأول في الكراء للصقلي

ص: 41

كراء أرض لما ذكر فيتصدق بالرائد كما في بيع الدار لا بالجميع كما في كرائها لذلك والفرق أن الأرض ينتفع بها براحًا في كل شيء بخلاف الدار لا ينتفع بها غالبًا إلا بوصف دار ومثل كراء الأرض للكنيسة من أجر نفسه لحمل زق زيت وحمله فتبين أنه خمر فإنه يتصدق بزائد أجر الخمر على أجرة الزيت قاله ابن عرفة عن اللخمي والفرق بين مسألتي المصنف أن المكري لما كان يعود له ما كراه لم يكن عليه ضرر كثير في التصدق بجميع الكراء بخلاف البائع فإنه لا يعود له ما باعه فلو وجب عليه التصدق بجميع الثمن لاشتد ضرره (ولا متعين) أي مطلوب من كل شخص بعينه ولا تصح فيه النيابة ولو رغيبة (كركعتي الفجر) فلا يصح الاستئجار عليهما (بخلاف الكفاية) كصلاة الجنازة حيث لم تتعين فيصح استئجار من يصلي عليها وانظر ما الذي يحصل للمستأجر هل الدعاء وثواب الأجرة أو ثواب الصلاة (وعين) في عقد الإجارة (متعلم) لاختلاف حاله ذكاء وبلادة

ــ

قائلًا عن شيوخنا ابن عرفة لم يذكر عبد الحق غير الثالث وجعل كراء الأرض لأن تبنى كنيسة كبيع الدار لا ككرائها اهـ.

ونقل ق عن ابن يونس ترجيح الثالث وأما مسألة زق الزيت فقال ابن عرفة ما نصه اللخمي إن وأجره على حمل زق زيت معين بعشرة فظهر أنه خمر تصدق بفضل قيمة حمله خمرًا على المسمى وإن كان وأجره على غيره معين فأحضر زقًّا فحمله ثم ظهر أنه خمر فله أجر مثله فيه على أنه زيت وما زاد للخمر تصدق به والعقد الأول باق اهـ.

(كركعتي الفجر) أدخل المصنف المندوب في المتعين تبعًا لابن عبد السلام إذ فسره بأعم من الوجوب وقال ولا يلزم من تعين العبادة وجوبها لأن أكثر مندوبات الصلاة متعينة كصلاة الفجر والوتر وصيام عاشوراء وعرفة فهذه يمنع الاستئجار عليها وإن لم تكن واجبة على المكلّف ومعنى تعينها على المكلف أنه لا يصح وقوعها من غير من خوطب بها فلو أجيز الاستئجار عليها لأدى ذلك إلى أكل المال بالباطل اهـ.

لكن ليس مرادهم بذلك كل مندوب بل ما لا يقبل النيابة كالصلاة والصوم وأما غيرهما من سائر المندوبات كقراءة القرآن وسائر الأذكار فتجوز الإجارة عليها قال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب بعد ذكر كلام ابن عبد السلام المتقدم هذا حكم الصلاة والصوم الواجب من ذلك والمندوب وأما قراءة القرآن فالإجارة عليها مبنية على وصول ثواب القراءة للميت ثم استدل على أن الراجح وصول ذلك له بكلام ابن رشد وغيره انظر طفى (بخلاف الكفاية) قول ز كصلاة الجنازة الخ كون صلاة الجنازة مما يصح الاستئجار عليه أصله للشارح وهو غير صواب فقد نص ابن عبد السلام وغيره على منع الاستئجار عليها قال ابن فرحون فإن قلت صلاة الجنازة عبادة لا يتعين فعلها على أحد ولا يجوز الاستئجار عليها قلت لما كانت عبادة من جنس الصلاة المتميزة بصورتها للعبادة والصلاة لا تفعل لغير العبادة منع الاستئجار عليها وأما الغسل فيكون للعبادة والنظافة وغير ذلك وكذا الحمل للميت شاركه في الصورة أشياء كثيرة فلم يتمحض بصورته للعبادة في جميع أنواعه بخلاف صلاة الجنازة فألحقت بما أشبهته اهـ.

ص: 42

(ورضيع) لاختلاف حاله بكثرة الرضاع وقلته (ودار وحانوت) مكتريان لعدم صحة كونهما في الذمة إذ لا بد من ذكر موضعهما وحدودهما ونحو ذلك مما تختلف به الأجرة (و) عين (بناء على جدار) مستأجر للبناء عليه فيعين قدر البناء وكونه بطوب أو حجر ونحو ذلك (و) عين (محمل) أكرى ليركب فيه ومحل لزوم تعيين هذه المذكورات (إن لم توصف) وإلا اكتفى بالوصف دون تعيين فالشرط راجع للجميع لكن البناء على الجدار لا يمكن فيه إلا الوصف وهو ظاهر على هذا فما قاله اللخمي في الرضيع وفاق للمذهب قاله د أي خلافًا لذكر الشارح له كالمقابل للمصنف حيث وقال اللخمي لو وصفوا سن الرضيع من غير اختبار رضاعه جاز عقد الإجارة عليه اهـ.

والظاهر أنه لا يكفي وصف المذكورات إذا أحضرت مجلس العقد من غير رؤية بل لا بد من رؤيتها (و) عينت بالإشارة إليها إلا بالوصف (دابة) عقد عليها (لركوب وإن) لم يقع العقد على عينها بل (ضمنت) أي قال أكريك دابة أو عينت بوصف فقط كدابتك البيضاء أو السوداء أو أكريك دابتي وليس لي غيرها أو اكترى دابتك وليس له غيرها أو زاد بعد دابتك التي عندك لاحتمال إبدالها بدون (فجنس) أي فالواجب تعيين جنسها كخيل أو بغال أو إبل (ونوع) أي صنف كبرذن وعربي وبخت وعراب وأطلق الجنس وأراد به الصنف الذي في الخيل أو الإبل ونحو ذلك لا الجنس الحقيقي وهو مطلق الحيوان وأطلق النوع وأراد به بعض أفراد ذلك الصنف كالبخت والعراب من الإبل وعلم أنه لا بد من تعيين المعقود عليها معينة أو مضمونة لكن معنى تعيين المعينة بالشخص الإشارة إليها وتعييين المضمونة بالوصف وذكر جنس ونوع (وذكورة) أو أنوثة فالوصف في هذا الباب يقوم مقام التعيين من حيث صحة العقد فقط ولكن التعيين بالإشارة يفسخ العقد بتلف المعقود عليها به بخلاف المعينة بالوصف وكذلك لو قال أكريك لتخيط لي هذا الثوب أو لتبني لي هذا الحائط فهو مضمون حتى يقول بنفسك وحينئذٍ فقد حذف المصنف إن لم توصف من هنا لدلالة ما قبله عليه ومفهوم لركوب عدم لزوم تعيينها الحمل أو استقاء أو حرث وإنما يجب فيهن بيان ما تختلف به الأغراض في كل ففي الشامل ولا توصف إن أكريت لحمل إلا في حمل زجاج ونحوه أي مما يتلف إن سقط وفي الشارح وتوصف أيضًا إن أكريت لحراثة لاختلاف صلابة الأرض وعدم صلابتها وقرب الأرض وبعدها وفي إجارتها للسقي لا بد من معرفة قدر الدلاء والعدد وموضع البئر وبعد الرشاء إذا كان مباينًا للمتعارف مباينة بينة (وليس لراع) استؤجر على رعاية غنم كثيرة (رعي) غنم (أخرى إن لم يقو) على رعي أخرى معها لغير ربها بحيث يخل بما

ــ

انظر طفى (ودابة لركوب) ظاهره الاكتفاء بالتعين في دابة الركوب وقال ابن عبد السلام ينبغي أن يختبرها لينظر سيرها في سرعته وبطئه فرب دابة كما قال مالك المشي خير من ركوبها اهـ.

(وليس لراع رعي أخرى) قول ز ثم قوله إن لم يقو شرط في المعينة وأما غير المعينة

ص: 43

يلزمه فيها (إلا بمشارك) مستثنى من الأول لا مع الشرط لفساد المعنى إذ يصير تقديره إن لم يقو إلا بمشارك ليس له رعي أخرى وهو فاسد كما أشار له البسطامي بن ناجي أقام شيخنا من هذا أن المؤدب أي ومن يشبهه من تعليم صنعة لا يزيد على أكثر مما يطيق (أو تقل) الأولى بحيث يطيق معها رعي غيرها ولو كثرت حيث قوي بحيث لا يخل برعي الأولى لأن قلة الأولى مظنة قوته على غيرها وجعل البسطامي ضمير تقل للثانية فيه شيء لاقتضائه جواز رعي الثانية القليلة وإن لم يطق غير الأولى وليس كذلك وذكر المصنف هذا وإن استفيد من مفهوم الشرط ليرتب عليه قوله (ولم يشترط) رب الغنم الأولى على الراعي (خلافه) وهو أن لا يرعى غيرها ثم قوله إن لم يقو شرط في المعينة وأما غير المعينة فيمنع الأجير من رعي غيرها قوي أم لا لأن منافعه كلها المستأجرة.

(وإلا) بأن اشترط عليه عدم رعي غيرها (فأجره) لما رعي من غيرها حق (لمستأجره) وطريقة معرفة ذلك أن يقال ما أجرته على رعيها وحدها فإذا قيل عشرة مثلا قيل وما أجرته على رعيها مع غيرها فإذا قيل ثمانية فقد نقص الخمس فيخيره مستأجره بين أن ينقصه خمس المسمى وبين أخذ ما أجر به نفسه ويجري نحوه في قوله: (كأجير لخدمة أجر نفسه) فأجره لمستأجره حيث استأجر جميع منفعته بقيدين أن يعطل جميع ما استؤجر عليه من الخدمة أو بعضه وإلا فلا شيء عليه للمستأجر الثاني أن يؤجر نفسه بما يشبه أجرته وأما إن استأجره شهرًا بدينار فأجر نفسه في أمر مخوف يومًا بدينار أو قاتل فدفع له في قسمه عشرة دنانير فليس عليه إلا قيمة ما عطل وفهم من قوله فأجره نفسه أنه إن عمل لغير المستأجر مجانًا فإنه يسقط من كرائه بقدر ما عمل أي بقدر ما نقص مما سمي له في الأجر (ولم يلزمه رعي الولد إلا لعرف) لأنه يقيد ما أطلقاه ويفسر ما أجملاه ويكون شاهدًا لمن ادعاه قاله أبو الحسن وإذا لم يلزمه رعيه عند عدمه فقال ابن اللباد: على ربها أن يأتي براع يرعى معه أولادها للتفرقة أي لضررها أي لما يلحق راعي الأمهات من ضرر

ــ

فيمنع الأجير من رعي غيرها قوي أم لا الخ فيه نظر بل لا فرق بين المعينة وغيرها إذا وأجره على رعي عدد معلوم وإنما الذي في الشارح هو ما نصه هذا إذا استأجره على عدة غنم وأما إذا استأجره على رعاية غنمه وضمه إلى نفسه وكان تحت يده فليس عليه أن يسمى عدة ما يرعى له وله أن يسترعيه ما يقوى مثله على رعيه وليس للأجير أن يرعى لغيره وإن لم يضر بغنمه لأنه أجيره وله خدمته كلها قاله ابن حبيب (كأجير لخدمة أجر نفسه) ظاهر المصنف أن لمؤجره الخدمة لا غير وليس كذلك بل خيره في المدونة بين ذلك وبين إسقاط حصة ذلك اليوم من الأجرة كما ذكره ز فيما قبله (ولم يلزمه رعي الولد) قول ز لما يلحق راعي الأمهات من ضرر تفرقها الخ في توجيه كلام ابن اللباد بهذا نظر لأن ذلك لا يتم إلا لو كانت الأمهات تتوله إذا رعت وحدها والواقع خلاف ذلك ولما ذكر أبو الحسن كلام ابن اللباد قال بعده راعي حرمة التفرقة في الحيوان البهيمي ومثله في سماع عيسى اهـ.

ص: 44

تفرقتها وجريها وذهابها عن محل الرعي بسبب تولهما بأولادها حين بعدها عنها فليس المراد لمنع التفرقة لما تقدم أنه خاص بالعاقل (وعمل به) أي بالعرف (في الخيط) في أجرة (نقش الرحى) المكتراة للطحن عليها (وآلة بناء) فإن جرى بأن ما ذكر على المستأجر بالفتح قضى به عليه عند التنازع وإن جرى بأنه على رب الشيء المصنوع قضى به عليه (وإلا) يكن عرف (فعلى ربه) أي رب الشيء المصنوع وهو المستأجر بالكسر في الأولى والأخيرة ورب الرحى في الوسطى لا على رب الدقيق المستأجر لها للطحن فيها وذلك (عكس إكاف) بكسر الهمزة وضمها البرذعة على ما في القاموس خلاف ما في الشارح وتت من أنه شيء أصغر من البرذعة بموحدة مفتوحة فراء ساكنة فذال معجمة أو مهملة (وشبهه) من سرج ولجام وجلس تحتها أو فوقها أي إن كان عرف عمل به وإلا فعلى المكتري هذا مراده ولكن مذهب المدونة أن حكم الإكاف وشبهه حكم الخيط وما معه إن كان عرف عمل به وإلا فعلى رب الدابة ويمكن حمل المصنف على مذهبها بأن يراد بالعكس العكس في التصوير لا في الحكم بل في اللفظ فقط لأن رب الدابة مؤجر ورب ما قبله كصاحب ثوب مستأجر لخياط يخيط له ثوبه ورب الرحى مستأجر أيضًا لمن يطحن له قمحه ونحوه على رحاه (و) عمل بالعرف (في) أحوال (السير والمنازل) وقدر الإقامة بها (و) في (المعاليق) التي يحتاج لها المسافر من سمن وعسل وزيت ونحوها فقوله وفي السير عطف على قوله: وفي الخيط وكأنه أعاد الجار للعبد (و) في (الزاملة) وهي ما يحمل فيه المسافر حاجته من خرج ونحوه (ووطائه) وأولى غطاؤه لعدم الاستغناء عنه غالبًا (بمحمل) فإن لم يكن لهم عرف في السير والمنازل لزم تعيينه وإلا فسد الكراء وأما المعاليق وما معها فإن لم يكن عرف بحملها لم يلزم المكري حملها (وبدل) نقص (الطعام لمحمول وتوفيره) ببيع أو أكل فإن لم يكن عرف فعليه حمل الوزن الأول فإن جرى بعدم

ــ

وقال ابن عرفة بعده قلت معناه أن التفرقة تعذيب لها فهو من النهي عن تعذيب الحيوان اهـ.

تنبيه: قال في الطرر إذا امتنع راعي قوم أن يرعى لأحدهم لم يجبر وفي جبر الفران وصاحب الرحى والحمامي ونحوهم إن لم يوجد غيرهم قولان الجبر استحسان وعدمه قياس وكان القضاء بطليطلة جبر الفران على طبخ خبز جاره بأجر مثله اهـ.

ونقله في التكميل (وإلا فعلى ربه) قول ز ورب الرحى في الوسطى الخ أي لقول المدونة فإن لم تكن لهم سنة أي عرف فآلة البناء على رب الدار ونقش الرحى على ربها اهـ.

قال غ فلعل عرفهم أي بلد المصنف أن رب الرحى هو رب الدقيق كالدقاقين بفاس الذين يستأجرون الطحانين وإلا فما ها هنا مخالف للمدونة اهـ.

(عكس إكاف وشبهه) قول ز ولكن مذهب المدونة أن حكم الأكاف الخ وهو الموافق أيضًا لما استظهره ابن عرفة حيث قال والأظهر بمقتضى القواعد أن يلزم المكري البرذعة والسرج ونحوهما لا مؤنة الحط والحمل اهـ.

ص: 45

بدله عمل به كما في طريق الحج فإن المكري يدخل مع المكتري على وزن معين مع عملهما نقصه بأكل وعلف كل يوم وعكسه إذا استأجره على حمل مائة رطل فأصابه مطر حتى زاد فلا يلزمه إلا حمل الوزن الأول قاله سحنون (كنزع الطيلسان) بفتح اللام على الأشهر وتكسر وتضم جمعه طيالسة أي من استأجره ليلبسه وجب عليه نزعه (قائلة) وأولى ليلًا لجري العادة بنزعه في ذلك فإن اختلف العرف في اللبس لزمه بيان وقت نزعه أو دوام لبسه قاله ابن عرفة قال ابن عبد السلام مما يرجع فيه إلى العرف في هذا الباب في المكان كما رجع إليه هنا في الزمان ما قاله بعض الشيوخ من اكترى على متاع دواب إلى موضع وفي الطريق نهر لا يجاز إلا على المركب فقد عرف ذلك كالنيل وشبهه فجواز المتاع على ربه والدواب على ربها وإن كان يخاض في المخائض فاعترضه حملان لم يعلموا به فحمل المتاع على صاحب الدابة وتلك جائحة نزلت به وكذلك إن كان النهر شتويًّا يحمل بالأمطار إلا أن يكون وقت الكراء قد عملوا جريه وعلى ذلك دخلوا فيكون كالنهر الدائم اهـ.

ونقله ابن عات عن بعض شيوخ الفتوى قال ابن عرفة انظر هذا الأصل مع زيادة حمل الدابة بالمطر يعني هل بينهما تعارض ويمكن الفرق بأن المطر يمكن التوقي بما يدفعه بخلاف جواز البحر وفي كلام المصنف إفادة جواز لبسه في السفر ولا يدل على جوازه مطلقًا فلا ينافي ما تقدم في الكلام عليه في باب فرائض الصلاة (وهو) أي من تولى المعقود عليه أو يقال من تولى العين المؤجرة من مؤجر كراعي لأنه مؤجر نفسه ومستأجر كمكتري الدابة وقصره تت على الثاني (أمين فلا ضمان) عليه إن ادعى ضياعه أو تلفه كان مما يغاب عليه أم لا قال الشيخ زروق ويحلف إن كان متهمًا لقد ضاع وما فرطت ولا يحلف غير المتهم قاله ابن القاسم وقيل يحلف مطلقًا وقيل يحلف غير المتهم ما فرط انتهى.

أي لا على الضياع فيصدق من غير حلف عليه والفرق أن الضياع ناشئ عن تفريطه غالبًا فيكفي حلفه ما فرط وبالغ على عدم الضمان بقوله: (ولو شرط) عليه (إثباته) أي

ــ

انظر غ (وهو أمين فلا ضمان) ابن يونس ابن حبيب وقال ابن المسيب والأوزاعي ومكحول والحسن: يضمن الراعي المشترك ولا يضمن من يرعى لرجل واحد خاصة ابن يونس رأوا أن الراعي المشترك كالصانع لأنه أجير مشترك اهـ.

قال في التكميل وظاهره أن ابن حبيب حال لمذهب الأربعة لا قائل به ولذلك لم ينقله ابن عرفة وقد حدثنا شيخنا الفقيه الحافظ أبو عبد الله القوري عن شيخه أبي محمد عبد الله العبدوسي أنه كان يفتي بتضمينه قال وأنا أتقلد فتياه في ذلك وأفتى بها اهـ.

وهذا موافق لما لا في لامية الزقاق من أن العمل جرى بفاس بتضمين الراعي المشترك ونحوه للمكناسي في مجالسه ونصه وما زعم أنه ضاع ولم تقم له بالضياع بينة فالذي عليه العمل الآن في الراعي الضمان اهـ.

ص: 46

الضمان (إن لم يأت بسمة الميت) ومقتضى المصنف صحة الإجارة مع الشرط المذكور مع إنها تفسد به لأنه شرط مناقض لمقتضى العقد وإن كان لا يضمن وله أجر المثل زاد على التسمية أو نقص عند ابن القاسم إلا أن يسقط الشرط قبل الفوات بانقضاء العمل فتصح فإسقاطه أثناءه كإسقاطه قبل انقضائه وعطف على شرط ما هو في حيز المبالغة أيضًا أو على مقدر تقدير وهو أمين إن ادعى التلف (أو عثر) أجير حمل على رأسه أو عثرت دابته (بدهن أو طعام) غير دهن (أو) عثر (بآنية فانكسرت و) الحال أنه (لم يتعد) في فعله ولا في سوق دابته لم يضمن إن صدقه ربه أو كان بحضرته أو حضرة وكيله أو قامت بينة بتصديقه وإلا ضمن سواء ادعى تلفه بعثار دابة أو من الله وحينئذٍ فيضمن مثله بموضع غاية المسافة وله جميع الأجرة وليس لربه إلزامه حمل مثله بقية المسافة وإن أخذ جميع الأجرة لأنه ضمن له مثله بموضع غايتها كما علم والمراد بحضرة ربه مصاحبته له ولو في بعض الطريق ثم فارقه فادعى تلفه بعد مفارقته فإنه يصدق قاله في التوضيح ولعل

ــ

وبه أفتى سيدي عبد القادر في فتاويه لكن ذكر الشيخ ميارة في شرح اللامية وفي شرح التحفة أن العمل بخلافه ونحوه للمنجور في شرح المنهاج وكلامهما هو لفظ ابن سلمون فانظره والله تعالى أعلم (أو عثر بدهن أو طعام) كان على المصنف أن لو أتى في هذا بصيغة الاستثناء من قوله وهو أمين لأنه في الدهن والطعام غير أمين فلا يقبل قوله في التلف إلا ببينة وهو مذهب ابن القاسم في المدونة ونصها وإن كان المكري وحده لا يصدق في الطعام والإدام إذا قال سرق مني حمله على نفسه أو دابته أو سفينته إلا أن تقوم له بينة اهـ.

وعبارة ابن يونس ومن المدونة قال مالك: ومن استأجرته يحمل لك دهنًا أو طعامًا فحمله فعثر به فإهراقه لم يضمن لأنه أجير والأجير لا يضمن إلا أن يتعدى وإن كذبته في ذلك وقلت له لم تعثر ولم يذهب منك شيء فهو ضامن في الطعام والإدام وأما في البز والعروض إذا حملها فالقول قوله إلا أن يأتي بما يدل على كذبه اهـ.

وقال ابن عرفة: وفيها مع غيرها لزوم ضمان الأكرياء الطعام والإدام إلا أن تقوم بينة بهلاكه أو يكون معه ربه والسفينة كالدابة وفي الموازية أو وكيل رب الطعام وفيها قال ابن القاسم لا يضمن الأكرياء سائر العروض ولا شيئًا غير الطعام اهـ.

ابن الحاجب وفي حمل الطعام يضمن مطلقًا إلا ببينة أو يصحبه ربه وقال به الفقهاء السبعة اهـ.

ابن عرفة وقول ابن الحاجب وقال به الفقهاء السبعة لا أعرفه إنما فيها الطعام أمر ضمنه أهل العلم ولم يجدوا من ذلك بدًّا اهـ.

وقول ز فيضمن مثله بموضع غاية المسافة وله جميع الأجرة الخ فيه نظر والذي في ضيح ما نصه وعلى الضمان فقال ابن حبيب يلزمه المثل أو القيمة بموضع هلك وله من الكراء بحساب ما سار ابن يونس وهو قول ابن القاسم وعلى قول غيره يخير في أن يضمنه قيمته يوم تعدى أو يوم هلك وحمل اللخمي قول ابن القاسم على معنى قول الغير اهـ.

ص: 47

وجهه أن مصاحبته ببعض الطريق ومفارقته ببعضها فيه دليل على أنه إنما فارقه لما علم من حفظه وتحرزه ولا كذلك إذا لم يصحبه أصلًا وهذا يقتضي أنه فيما إذا فارقه اختيارًا (أو انقطع الحبل) فتلف المتاع المشدود به (ولم يغر بفعل) من ضعف حبل ومشيه في موضع يعثر فيه أو ازدحام والنفي في كلامه صادق بأن لا يغر أصلًا وبالغرور القولي غير المنضم لعقد فإنه لا أثر له مثاله أن يأتي بشقة لخياط فيقول له هل تكفي هذه فيقول نعم وهو يعلم أنها لا تكفي فيذهب صاحبها فيفصلها فلا تكفي وأما إن قال له إن كانت تكفي ففصلها فقال تكفي وهو يعلم إنها لا تكفيه ففصلها فإنه يضمن ومثاله أيضًا الصيرفي إذا قال له في درهم زائف أنه طيب فلا ضمان وفي المسألة خلاف ثالثها إن كان بأجرة ضمن وإلا فلا رابعها العكس والصواب عدم الضمان ولو علم بالرداءة لأنه من الغرور القولي ومن علم منه ذلك عوقب وأخرج من السوق ومفهوم ولم يتعد أنه إن تعدى بأن أفرط في السير مثلًا فإنه يضمنه وكان له من الأجرة بحساب ما ساروا علم أنه حيث ضمن في المحمولات فإن له بحساب ما سار فإن لم يضمن فلا كراء له إلا على البلاغ وأما في المركوبات فله بحساب ما سار مطلقًا ومفهوم قوله بدهن أو طعام أنه لو كان غيرهما لصدق في تلفه بالأولى حضر ربه في هذه معه أم لا ثم إن كان هلاكه أي غير الدهن والطعام من الله تعالى فله جميع الكراء ويلزمه حمل مثله من موضع الهلاك إلى الغاية وإن كان من سبب حامله فلا كراء له كما لا

ــ

وبذلك قرره ز عند قوله الآتي أو غر بفعل فبقيمته يوم التلف قائلًا طعامًا ما كان أو غيره اهـ.

لكن قوله وله من الكراء بحساب ما سار الخ مخالف لما شهره ابن رشد في المقدمات وجرى عليه المصنف في قوله وفسخت بتلف ما يستوفي منه لا به من أن الإجارة لا تنفسخ بتلف ما يستوفي به مطلقًا تلف بسماوي أو غيره فإنه عليه يأتيه المستأجر بمثل ما هلك يحمله له وله جميع الأجرة ضمن أم لا وسيأتي كلام المقدمات هناك إن شاء الله تعالى ثم بعد مدة وقفت لابن رشد في البيان على ما يوافق كلام ز تبعًا لعج قائلًا إنه لا يصدق فيما ادعاه من العثار والتلف ويضمن مثله في أقصى الغاية وتكون له أجرته كاملة وهذا في الطعام وأما في المتاع فالقول قوله في دعواه تلفه وإن لم يعلم ذلك إلا بقوله اهـ.

من سماع أبي زيد من كتاب كراء الدور والأرضين وقول ز ولعل وجهه الخ بل في ضيح وعلله محمد بأن أصل حمله لم يكن على التسليم اهـ.

(أو انقطع الحبل ولم يغر الخ) دول ز واعلم أنه حيث ضمن في المحمولات فإن له بحساب ما سار فإن لم يضمن فلا كراء له إلا على البلاغ الخ هذه الكلية نحوها للفيشي وهي غير صحيحة لأنها غير موافقة لواحد من الأقوال الأربعة التي في المقدمات وهي له الكراء مطلقًا ويلزمه حمل مثله من موضع الهلاك هلك بسبب حامله أو بسماوي وهو المشهور عند ابن رشد الثاني له بحساب ما سار مطلقًا الثالث إن هلك بسبب حامله فله بحسب ما سار وإن

ص: 48

ضمان عليه وكذا الطعام الذي عليه لا يضمنه كما في تت وانظر هل له أن يحمله في الأخير بأجرة أخرى لموضع الغاية أم لا ثم عدم الضمان في هذه المسائل لا ينافي قولهم الخطأ والعمد في أموال الناس سواء لأن الأجير هنا لم يخط في الفعل وإنما نشأ التلف عن حمله أو حمل دابته وإن فرض جعله كالمتسبب فلا يرد لأن قولهم مقيد بما إذا لم يكن المخطىء أمينًا وهو هنا أمين (كحارس) لدار أو بستان أو طعام أو غيره يغاب عليه أم لا حيث لم يظهر كذبه كما في الطراز لا ضمان عليه ولو شرط إثباته فلا عبرة بما يكتب على خفراء الحارات والأسواق من أنه إذا ضاع شيء من دركهم يضمنونه إذ ذاك التزام ما لم يلزم فلا ضمان عليهم حيث لم يفرطوا في الحراسة أو يتعدوا كذا أفتى به جد عج قاله كر وهو الموافق لقول المصنف ولو شرط إثباته ولا يرد على ذلك قول مالك من التزم معروفًا لزمه كما في التزام ح وإن الضمان يلزم بالعقد لأن محل هذين في غير الإجارة كما يدل عليه قوله معروفًا وقول المصنف في الضمان مشبهًا بالفاسد كيجعل والضمان أحد الثلاثة التي لا تكون إلا لله وقول تت في صغيره والعرف الآن ضمان الحراس لأنهم إنما يستأجرون على ذلك كتب الوالد عليه هذا العرف خلاف الشرع فلا يعمل به اهـ.

ويدل له قول تت أيضًا ابن المواز ومن استؤجر على حراسة بيت فنام فسرق ما فيه لم يضمن اهـ.

وهذا إن نام في وقت النوم المعتاد كما يفيده قول المسائل الملقوطة لا ضمان عليه إن نام مغلوبًا في النوم إلا أن يأتي بمنكر اهـ.

وقد يقال تضمينهم من المصالح العامة (ولو حماميا) إن لم يجعل رب الثياب ثيابه رهنًا عنده في الأجرة ولم يفرط فإن رهنها أو فرط بأن قال شبه عليّ أو ظننت أن آخذها أنت ضمن لتفريطه وعطف على حارس قوله: (و) لا ضمان على (أجير لصانع) أي عند

ــ

هلك بسماوي فله الكراء كله ويلزمه حمل مثله من موضع الهلاك الرابع مذهب المدونة إن هلك بسبب حامل فلا كراء له وإن هلك بسماوي فله الكراء كله ويلزمه حمل مثله وظاهره في جميع الأقوال سواء ضمن أم لا طعامًا كان أو غيره وقد علمت أن المصنف جرى فيما يأتي على الأول لتشهير ابن رشد له فتأمل وقول ز ثم إن كان هلاكه الخ مناقض لما ذكره قبله من الكلية كما هو ظاهر وما ذكره في هذا من التفصيل هو مذهب المدونة كما تقدم عن ابن رشد لكن قوله في غير الدهن والطعام غير صحيح لعدم التفريق بين الطعام وغيره كما تقدم الحاصل في كلامه من التخليط ما يجب الإعراض عنه (كحارس) قول ز على خفراء الحارث والأسواق الخ خفراء جمع خفير بالخاء المعجمة قال في الصحاح: الخفير المجير خفرت الرجل أخفره بالكسر خفرًا إذا أجرته وكنت له خفيرًا تمنعه وأخفرته بالرباعي إذ انقضت عهده وغدرت به ويقال أيضًا أخفرته إذا بعثت معه خفيرًا اهـ.

(وأجير لصانع) ما نقله ز عن أشهب جعله في ضيح تقييد للمشهور ومثله في ق عن

ص: 49

صانع تلف منه شيء يغاب عليه أم لا لأنه أمين حيث لم يفرط وعن أشهب في الغسال تكثر عنده الثياب فيؤجر آخر يبعثه البحر بشيء منها يغسله فيدعي تلفه أنه ضامن وقال ابن ميسر هذا إذا آجره على عمل أثواب مقاطعة كل ثوب بكذا وأما إن كان آجره يومًا أو شهرًا أو سنة فدفع له شيئًا يعمله في داره أو غاب عليه فإنه لا ضمان عليه اهـ.

وأما الصانع فيضمن كما سيذكره وكقول الرسالة والصناع ضامنون لما غابوا عليه أي لأجراؤهم قال عج في قوله وليس لراع الخ إذا شرط الصانع على رب المصنوع الاستئجار أو جرى العرف به فإنه يصير أجيره كصانع رب المال فيضمن بشروط ضمان الصانع سواء تعين العمل على الصانع أم لا وإن لم يشترط ما ذكر ولا جرى به عرف وتعلق العمل بعينه واستأجر ضمن وإن لم توجد شروط ضمان الصانع كما في مسألة الراعي وإن لم يتعلق بعينه واستأجر ضمن بشروط ضمان الصانع ولا ضمان على أجيره فللصانع ثلاثة أحوال كذا ينبغي اهـ.

(وسمسار) طواف في المزايدة ويعلم أنه يبيع للناس (إن ظهر خيره) فلا ضمان عليه (على الأظهر) ولا عهدة عليه فيما يظهر فيما باعه من عيب أو استحقاق وإنما يتبع في ذلك رب المبيع ثم محل عدم ضمانه بالقيد الذي ذكره المصنف إلا أن يدعي بيع سلعة من رجل عينه وهو ينكر فلا خلاف أنه يضمن لتفريطه بتركه الإشهاد ولو جرى العرف بتركه إذ ليس هذا من المسائل التي يراعي فيها ذلك لافتراق معانيها قاله ابن رشد انظر ح ولعل وجه افتراق معانيها أنه خلفه هنا قاعدة أن القول لمنكر العقد إجماعًا ونظر في وجهه عج ولا يكون السمسار شاهدًا عليه بالبيع يحلف معه ربه لأنه شهادة على فعل نفسه

ــ

ابن رشد فيقيد المصنف بما إذا لم يغب الأجير عن الصانع خلافًا لتت حيث جعله مقابلًا وكذا كلام ابن ميسر يظهر من ضيح أنه تقييد لأشهب والله أعلم وأما ما نقله عن عج فالظاهر أنه مخالف لكلام أهل المذهب فتأمله (وسمسار ظهر خيره الخ) ما اقتصر عليه المصنف هو ثالث الأقوال وعزاه في ضيح وابن عرفة كما في ق لفتوى ابن رشد فكان صواب المصنف التعبير عنه بالفعل لأنه لابن رشد من عنده ويجاب بأنه لما كان غير خارج عن القولين بالضمان وعدمه فكأنه منصوص لغيره فلذا عبر بالاسم والله أعلم على أن القول بعدم الضمان قال عياض هو المعروف من قول مالك وأصحابه قال لأنهم وكلاء وليسوا بصناع سواء كانوا بحوانيت أم لا كما جاء في أمهاتنا وأجوبة شيوخنا ثم ذكر كلام الأمهات المدونة والعتبية وأجوبة الشيوخ فانظره فكان على المصنف أن يعتمده ولا يعدل عنه إلى فتوى ابن رشد قاله طفى وقول ز ولعل وجه افتراق معانيها الخ ما وجه به فيه نظر لأن كون القول لمنكر العقد إنما يفيد عدم قبول قوله وذلك لا يقتضي عدم مراعاة العرف فتأمله وقول ز بل قيد بعضهم عدم ضمان الخ هذا هو الذي استظهره ابن عرفة ونصه من أعطى متاعًا ليبيعه فعدم ضمانه واضح إن لم ينصب نفسه لذلك وإن نصب نفسه فالأظهر أنه كالصانع وأظن أني وقفت على

ص: 50

ومفهوم الشرط إن لم يظهر خيره ضمن وصار كالصانع كما أن الجلاس يضمنون لأنهم يأخذون السلع عندهم فصاروا كالصناع بل قيد بعضهم عدم ضمان من ظهر خيره بما إذا لم ينصب نفسه وإلا ضمن كالصانع وانظر هل القيد معتبرًا أم لا (ونوتيّ) أي عامل سفينة وهو من ينسب سيرها له واحدًا أو متعددًا كان ربها أم لا (غرقت سفينته بفعل سائغ) له فيها من علاج أو ريح أو موج فلا ضمان عليه وانظر هل له كراء إلى موضع الغرق بفعل سائغ أم لا فإن غرقت بفعل غير سائغ ضمن المال في ماله وكذا الدية على المذهب ما لم يقصد قتلهم فيقتل بهم وقيل الدية على عاقلته قاله ق وليس له كراء حينئذ (لا إن خالف مرعى شرط) عليه الرعي فيه كلا ترعى إلا في المحل الفلاني فخالف ورعى في غيره فهلكت أو تلفت فيضمن قيمة ذلك يوم التعدي وكان شرط أن لا يرعى في الأربعانية والخريف قبل ارتفاع الندى وذلك قبل نزول الشمس الصغيرة أو أن لا يرعى في موضع رعي الجاموس فخالف ورعى في المنهي عنه فعليه الضمان إن تلفت أو تعيبت وكضربه لها ضربًا لا يضرب مثله فتعيبت فإن كان مما يضرب مثله فتعيبت فلا ضمان كما في الشارح ولو رماها بحجر فتعيبت ضمن من غير تفصيل بين أن يكون يرمي بمثله أم لا لأن شأنه أن يعيب انظر وهذا ما لم يكن الراعي غير بالغ وإلا لم يضمن لقوله فيما مر وضمن ما أفسد إن لم يؤمن عليه ثم المعطوف بلا محذوف إذ لا يعطف بها الجمل وهو معطوف على مدخول الكاف أعني حارس أي لا راع إن خالف (أو أنزى بلا إذن) فيضمن ما حصل فيها ولو موتها من الولادة ابن عرفة إن تقرر عرف بالإذن أو المنع فلا اختلاف وإلا فالقولان وينبغي إن كان الفحل لغير رب الأنثى أن يضمن اتفاقًا اهـ.

(أو غر بفعل) أو بقول انضم له عقد كما يدل عليه قوله في النكاح وعلى غار غير

ــ

ذلك لبعضهم في الجلاس الخ انظر ق (ونوتي غرقت سفينته) قول ز وانظر هل له كراء إلى موضع الغرق أم لا الخ هذا التنظير قصور ومذهب مالك وابن القاسم أنه لا كراء لربها ضمن أم لا لأنها تكري على البلاغ قال في المدونة: قال مالك: من اكترى سفينة فغرقت في ثلثي الطريق وغرق ما فيها من طعام وغيره فلا كراء لربها وأرى أن ذلك على البلاغ اهـ.

وقال ابن الحاجب: وإذ أعطيت السفن أو عرض ما يمنعها من البلاغ فقال مالك وابن القاسم: هو على البلاغ فلا شيء لربها ولو غرقت بالساحل اهـ.

انظر ضيح وقال ابن رشد في البيان السفينة إذا غرقت في ثلثي الطريق وغرق ما فيها من الطعام وغيره فلا كراء لربها ولا ضمان عليه في شيء من ذلك لأنه أمر من الله عز وجل اهـ.

ورأى مالك أن ذلك على البلاغ ابن يونس وجه قول مالك أنه إنما دفع له الكراء ليحصل له غرضه فلم يحصل له شيء فأشبه ذلك الجعل اهـ.

انظر طفى عند قول المصنف لا به (أو عشر بفعل) قول ز أو بقول انضم له عقد الخ تفصيله في الغرر القولي هو الذي اختاره ابن عرفة وفي المدونة ومن اكتريت منه دابة أو ثورًا

ص: 51

ولي تولى العقد الخ وذكره وإن علم من قوله ولم يغر بفعل لأنه غير مفهوم شرط وليرتب عليه قوله: (فبقيمته) أي يضمن قيمته (يوم التلف) في موضع التلف قاله د وله من الكراء بحسابه طعامًا كان أو غيره قامت بينة بتلفه بالعثار أم لا وانظر هل لربه أن يلزمه حمل مثله بقية المسافة ويعطيه بقية الأجر وهو الظاهر أو يفسخ العقد وبما قررنا علم أن قوله فبقيمته راجع لقوله أو غر بفعل وأما إن خالف مرعى شرط أو أنزى بلا إذن فيضمن فيهما يوم التعدي قاله عج أي وهو قد يكون قبل يوم التلف وقد يكون يومه وما ذكره في الراعي إذا خالف مرعى شرط من أنه يضمن يوم التعدي صرح به في المدونة لكن قال الشارح: المراد به يوم التلف فقولها يوم التعدي أي إن كان يوم التلف وأما إن تأخر فالمعتبر يوم التلف قاله د ولعل هذا حكمة قول المصنف يوم التلف ويجعل راجعًا لمخالفة المرعى المشترط أيضًا فانظر لم عدل عج عن كلام د قال تت ولما كانت السياسة الشرعية القضاء بتضمين الصناع لأنه من المصالح العامة ففي المدونة قضى به الخلفاء قال: (أو صانع) عليه الضمان (في مصنوعه) فقط (لا) في (غيره) إن لم يحتج عمله له كزوج نعل أتى له به

ــ

للطحين فكسر المطحنة لما ربطته فيها وأفسد آلتها لم يضمن إلا أن يغرك وهو يعلم ذلك منه فيضمن لأن مالكًا قال فيمن أكرى دابة لرجل وهي ربوض أو عثور أو عضوض وقد علم بذلك ولم يعلمه فحمل عليها فربضت أو عثرت فانكسر ما عليها أنه ضامن اهـ.

ابن عرفة قال: أبو إبراهيم الفاسي هكذا في أكثر الروايات لما ربطته أي بتاء الخطاب وفي بعضها لما ربطه أي بضمير الغيبة فعلى الأول يكون غرورًا بالقول فيقوم منه الضمان بالغرور بالقول ومثله في التدليس بالعيوب وخلافه في الاستحقاق ابن عرفة القول إن تضمن عقدًا كان غرورًا بالفعل لا بالقول ومن تأمل وأنصف فهمه من مسألة النكاح الأول وهي من قال لرجل فلانة حرة ثم زوجها إياه غيره فلا رجوع للزوج على المخبر علم أنها أمة أم لا وكذلك إن تولى المخبر العقد ولم يعلم أنها أمة فإن وليه عالمًا رجع الزوج عليه بما أدى من الصداق وبهذا يرد قول أبي إسحاق التونسي في مكري الدابة العثور إن أسلمها مكريها وهو عالم بعثارها لمكتريها فحمل عليها فهو غرور بالقول فيختلف فيه وإن أسلم المبتاع ربه لرب الدابة فحمله عليها ضمن الحمال لتعديه اهـ.

وقال ابن عرفة في موضع آخر: وما أخذ بعضهم من مسألة كسر الثور المطحنة من التضمين بالغرور بالقول لأن عقد الكراء إنما هو باللفظ يرد بأن إيجابه لزوم العقد يصيره كالفعل اهـ.

وما اعترض به طفى كلام ابن عرفة غير ظاهر فتأمله والله الموفق للصواب (فبقيمته يوم التلف) قول ز وله من الكراء بحسابه الخ نحوه في ضيح وتقدم ما فيه وذلك لأن هذا إنما يأتي على قول أصبغ وروايته عن ابن القاسم أن الإجارة تنفسخ بتلف ما تستوفي به مطلقًا وهو خلاف المشهور وخلاف مذهب المدونة وستأتي الأقوال قريبًا وإذا كانت تنفسخ على هذا القول فلا يلزمه حمل مثله بقية المسافة كما هو ظاهر وبه يسقط تنظيره اهـ.

ص: 52

ليصلح التالف فضاع الصحيح بل (ولو محتاجًا له عمل) أي لا يضمن غير مصنوعه ولو كان عمل المصنوع محتاجًا لذلك الغير لأنه فيه أمين لا أجير كظرف لقمح عند طحان فيضمن القمح دون ظرفه وكتاب ينسخ منه فيضمن كتابته لا الذي ينسخ منه وبهذا التقرير ظهر أن عمل فاعل محتاج وقول غ نائب فاعله غير صحيح إذ لفظ محتاج هنا لا يصح كونه اسم مفعول بل اسم فاعل وبالغ على ضمان الصانع مصنوعه بقوله: (وإن) عمله (ببيت) للصانع وبالغ عليه لئلا يتوهم أنه لم ينصب نفسه للناس حيث عمله ببيته (أو) عمله (بلا أجر) تلف بصنعه أم بغير صنعه ما لم يكن في صنعته تغرير فإن كان فيها تغرير كنقش المنصوص وثقب اللؤلؤ واحتراق الخبز عند الفران والثوب في قدر الصباغ وتقويم السيوف فلا ضمان إلا أن يعلم أنه تعدى فيها أو أخذها على غير وجه مأخذها فيضمن حينئذٍ قاله في التوضيح زاد ابن رشد مثل ذلك البيطار يطرح الدابة أو الخاتن يختن الصبي أو الطبيب يسقي المريض أو يكوي أو يقطع شيئًا أو الحجام يقلع ضرسًا لرجل فيموت كل من ذلك فلا ضمان على واحد من هؤلاء في ماله ولا على عاقلته لأنه مما فيه التغرير فكان صاحبه هو الذي عرضه لما أصابه إلا أن يخطئ في فعله وهو من أهل المعرفة ففي ماله أن نقص عن الثلث وإلا فعلى عاقلته فإن لم يكن من أهل المعرفة أو تعمد التناول على غير وجهه فعليه العقوبة وفي كون الدية على عاقلته أو عليه قولًا ابن القاسم وظاهر ما لمالك اهـ.

وينبغي أن يكون الراجح قول مالك لأن فعله عمد وأشار لشروط ضمان الصانع الثلاثة بقوله: (إن نصب نفسه) لعموم الناس فلا ضمان على أجير خاص لشخص أو لجماعة مخصوصين وأشار للشرطين الآخرين بقوله: (وكتاب عليها) أي السلعة المفهومة من مصنوعه أو على الذات المصنوعة أو على الأشياء المصنوعة ولو قال عليه كان أولى بأن صنعها بغير بيت ربها وبغير حضوره فإن صنعها ببيت ربها ولو بغير حضوره أو بحضوره لم يضمن ما نشأ عن غير فعله كتلفه بنار أو مطر أو غصب أو سرقة بغير تفريط لا إن فرط كان نشأ عن فعله قطع ثوب أو خرقه من كمده بحضرة ربه فيضمن عند ابن رشد وهو المعتمد خلافًا لشيخه ابن دحون في عدم ضمان ما صنع بحضرته مطلقًا وقولنا المصنف أشار لشرطين قوله غاب عليها تبعًا لتت ظاهر لتفسيره بأمرين كما مر وبقي عليه شرطان آخران وهما أن لا يكون في الصنعة تغرير كما مر تفصيله وأن يكون مما يغاب عليه وهذا غير قوله وغاب عليها كما لا يخفى وأما لو دفع شخص غلامه لمن يعلمه وقد

ــ

(ولو محتاجًا له عمل) هذا قول سحنون ورد بلو قول ابن حبيب يضمن الصانع ما لا يستغني عن حضوره عنده سواء احتاج إليه الصانع أو المصنوع وقول ابن المواز يضمن الصانع ما يحتاج إليه في عمله مثل الكتاب المنتسخ منه دون ما يحتاج إليه المعمول كظرف القمح والعجين هكذا حكى الأقوال في ضيح عن صاحب البيان والذي عزاه ق لابن المواز هو الثاني وذكر عن اللخمي أنه اختاره فانظر من رجح الأول الذي اقتصر عليه المصنف اهـ.

ص: 53

نصب نفسه لذلك وادعى هروبه فلا ضمان عليه كما يفيده البرزلي كما في د وإذا ضمن الصانع (فبقيمته يوم دفعه) ربه إليه بموضع دفعه لا كضمان الطعام الذي يضمنه بموضع التلف كما مر لأنه مأذون له في نقله بخلاف ما هنا فإنه إنما أذن له في استصناعه فقط ولأن الضمان هنا بالأصالة وفيما مر لا ضمان فيها بالأصالة كما في تت محل ضمانه هنا يوم دفعه إلا أن يرى عنده بعده فيغرم قيمته وقت رؤيته فإن تعددت فآخر رؤية وكذا إذا اعترف بأنه إنما تلف بعد يوم الدفع فيوم اعترافه وبالغ على الضمان بقوله (ولو شرط) الصانع (نفيه) ويفسد العقد بالشرط المذكور لأنه شرط مناف لمقتضى العقد وله أجر مثله على أن الضمان عليه لأنه إنما رضي بالمسمى لإسقاط الضمان عنه في زعمه وترديد د في الفساد لا محل له ثم محل الفساد إلا أن يسقطه كما مر في مسألة الراعي يشترط عليه الضمان وعطف على شرط قوله (أو دعا) الصانع ربه (لأخذه) عند فراغه من صنعته فلم يأخذه فيضمنه إلى أن يصل ليد ربه قاله في المدونة ابن عرفة هذا إن لم يقبض أجرة اهـ.

فإن قبضها كان الشيء المصنوع عنده كالوديعة فلا يضمنه (إلا أن تقوم بينة) بتلفه فلا ضمان سواء دعاه لأخذه أم لا وإذا لم يضمن (فتسقط الأجرة) على المشهور لأنه لا يستحقها إلا بتسليم المتاع لربه وهو منتف وهذا خاص بمسألة ما إذا دعاه لأخذه ولا يرجع لقوله فبقيمته يوم دفعه أيضًا لعدم تأتي ذلك فيها لأن قوله يوم دفعه صريح في عدم لزوم الأجرة لأنه إنما ضمن قيمتها غير مصنوعة ولذا قال في الموازية الواضحة ليس لربه أن يقول أنا أدفع الأجرة وآخذ قيمته معمولًا ابن رشد إلا أن يقر الصانع أنه تلف بعد العمل اهـ.

وما ذكره المصنف من سقوط الأجر مع قيام البينة هو المشهور وذهب محمد إلى أنها لا تسقط نظرًا إلى أن وضع الصنعة في السلعة كوضعها في يد ربها وظاهر هذين القولين سواء شهدت البينة بالتلف قبل العمل أو بعده وقال بعضهم إن شهدت بذلك بعد

ــ

(فبقيمته يوم دفعه) قول ز وكذا إن اعترف بأنه إنما تلف بعد يوم الدفع فيوم اعترافه الخ أي إن كانت قيمته يوم اعترافه أكثر وعبارة ابن رشد فإنه يضمن قيمته يوم دفعه له إلا أن يقر أن قيمته يوم ضاع كانت أكثر من قيمته يوم دفعه إليه فيكون عليه قيمته يوم أقرأته تلف عنده اهـ.

نقله ق (أو دعا لأخذه) قول ز عن ابن عرفة هذا إن لم يقبض أجرة الخ مقتضى ما ذكره ابن عرفة سقوط الضمان حيث قبض الأجرة ولو لم يحضره لربه بشرطه وهو خلاف ظاهر كلام اللخمي الذي اعتمده المصنف بعد بقوله إلا أن يحضره لربه بشرطه فتأمله (فتسقط الأجرة) قول ز ابن رشد إلا أن يقر الصانع أنه تلف بعد العمل الخ ظاهره أن هذا هو المعتمد وليس كذلك بل كلام ابن رشد يدل على أنه خلاف المعتمد ونص المقدمات إلا أن يقر الصانع أنه تلف بعد العمل فيكون لربه أن يؤدي إليه أجرة عمله ويضمنه قيمته معمولًا قال وهذا على القول بأن البينة إذا قامت على تلفه معمولًا أنه يلزمه أداء الأجرة فتكون مصيبته منه وهو أحد قول ابن القاسم في الموازية على نقل ضيح اهـ.

ص: 54

العمل لم تسقط الأجرة وإلا سقطت قاله الشارع وبما قررنا علم أن قوله فتسقط الأجرة جواب شرط مقدر فإن قلت سقوط الأجرة متسبب على عدم التسليم لا على نفي الضمان فالجواب أنه لما كان يلزم من سقوط الضمان عدم التسليم اكتفى بذلك ورتب على ما ذكر نفي الضمان (وإلا أن يحضره) الصانع مصنوعًا (لربه بشرطه) أي على الصفة التي شرطها عليه ودفع له الأجرة فتركه عنده فادعى ضياعه أو تلفه فلا ضمان عليه فإن لم يدفع له أجرة ضمن.

تتمة: في التوضيح عند مسألة أو صانع في مصنوعه لأنه من المصالح العامة كما مر قال مالك ما معناه يجوز قتل ثلث مسلمين مفسدين لإصلاح ثلثين مفسدين حيث تعين القتل طريقًا لإصلاح الثلثين دون الحبس أو الضرب وإلا منع صونًا للدماء والمراد بالإفساد تخريب أماكن الناس وقيام بعضهم على بعض ونهب أموال خفية من غير قتل ولا زنا إذ لو كان كذلك لقتل أو رجم من ثبت عليه ذلك بالوجه الشرعي ولو الجميع ثم الظاهر أن الإمام أو نائبه يخير في تعيين الثلث من جميع المفسدين بالمعنى الأول للقتل مع نظره بالمصلحة فيمن هو أشد فسادًا من غيره وقولي ثلث مفسدين هو الصواب خلافًا لما سرى لبعض الأوهام من جواز قتل ثلث من أهل الصلاح لإصلاح ثلثين مفسدين فإنه غلط فاحش معاذ الله أن يقال به وأيضًا أهل الفساد لا ينزجرون غالبًا بقتل أهل الصلاح بل لو فرض ذلك فلا يرتكب فيما يظهر وانظر لو كان لا يحصل إصلاح المفسدين إلا بقتل أكثر من ثلث مفسدين والظاهر عدم ارتكابه صونًا للدماء (وصدق) الراعي (إن ادعى خوف

ــ

وقول ز وظاهر هذين القولين سواء شهدت البينة بالتلف قبل العمل أو بعده الخ هذا الإطلاق لا يصح في القول الثاني وهو قول محمد بل محله إذا قامت البينة على تلفه مصنوعًا قال ابن الحاجب فإن قامت بينة ففي سقوطه أي الضمان قولان لابن القاسم وأشهب وعلى سقوطه ففي سقوط الأجرة قولان لابن القاسم وابن المواز ضيح يعني ويتفرع على سقوط الضمان إذا قامت البينة بهلاكه مصنوعًا في سقوط الأجرة قولان فابن القاسم يسقطها ومحمد لا يسقطها وحكاية المصنف الخلاف في الأجرة تستلزم أن تكون البينة قامت على هلاكه مصنوعًا كما قلنا والنقل أيضًا كذلك انظر تمام كلامه (إلا أن يحضره لربه بشرطه) قول ز تتمة في ضيح الخ عبارة ضيح هي ما نصه وذكر أبو المعالي أن مالكًا كثيرًا ما يبني مذهبه على المصالح وقد قال إنه يقتل ثلث العامة لمصلحة الثلثين المازري وهذا الذي حكاه أبو المعالي عن مالك صحيح اهـ.

ونقله ح وزاد بعده عن شرح المحصول أن ما ذكره إمام الحرمين عن مالك لا يوجد في كتب المالكية فتأمله قال شيخ شيوخنا المحقق أبو عبد الله سيدي محمد بن عبد القادر الفاسي عقب ما تقدم ما نصه هذا الكلام لا يجوز أن يسطر في الكتب لئلا يغتر به ضعفة الطلبة وهو لا يوافق شيئًا من القواعد الشرعية قال الشهاب القرافي ما نقله إمام الحرمين عن مالك رحمه الله تعالى المالكية ينكرونه إنكارًا شديدًا ولم يوجد ذلك في كتبهم إنما نقله المخالف وهم لم يجدوه أصلًا اهـ.

ص: 55

موت فنحر) أو ذبح وجاء بها مذكاة كما يفهم من قوله: (أو سرقة منحوره) أي الراعي إذ العطف بأو يقتضي المغايرة فلم يخل بقيد المجيء بها في الأولى خلافًا للبساطي فإن ترك الذكاة حتى ماتت ضمن كما يفهم بالأولى مما قدمه في قوله وضمن مار أمكنته ذكاته وترك فإن ذكى خوف موت وقال أكلتها لم يصدق وينبغي ما لم يجعل له أكلها كلها أو بعضها وأتى بباقيها وهو بمكان قريب يمكن مجيئه به والملتقط كالراعي يصدق إن ادعى خوف موت فنحر كما ذكره الشارح في اللقطة وانظر إذا ادعى ذلك وأكلها هل حكمه حكم الراعي فلا يصدق أم لا ولكن لا يتأتى فيه الإذن بالأكل وأما الأجنبي والمستأجر والمستعير والمرتهن والمودع والشريك فلا يصدق كل في دعواه تذكيته خوف موته لأنه شوهد منهم سبب التلف وهو التذكية فلا يرد أن كلًّا من المستعير ومن بعده مصدق في دعواه أصل التلف وإنما ضمن الأجنبي وهو من ليس له فيها أمانة ولا إجارة ونحوها ولم يضمن مار بصيد أمكنته ذكاته وذكى لأنه لما كان في الصيد أثر سهم الجارح أو كلبه لم

ــ

وقال ابن الشماع ما نقله إمام الحرمين لم ينقله أحد من علماء المذهب ولا كثر نقله عند المخالفين ولم يخبر أنه رواه نقلته إنما ألزمه ذلك وقد اضطرب إمام الحرمين في ذكره ذلك عنه كما يتضح ذلك من كتابه البرهان وما حكاه في ضيح عن المازري أنه قال هذا الذي حكاه أبو المعالي عن مالك صحيح إنما ترجع فيه الإشارة إلى أوّل الكلام وهو أن مالكًا رحمه الله تعالى كثيرًا ما يبني مذهبه على المصالح لا إلى قوله بأثره وقد قال إنه يقتل ثلث العامة لإصلاح الثلثين أو أنه حمله على مسألة تترّس الكفار بالمسلمين ثم إن في قوله إن مالكًا يبني مذهبه على المصالح نظرًا فإن المخالفين ينسبون ذلك لمالك والمالكية يأبون ذلك على وجه يختص به حسبما تقرر ذلك في علم الأصول والذي أنكره العلماء وتبرؤوا منه في هذا النقل هو حمله على الإطلاق والعموم حتى يجري في الفتن الواقعة بين المسلمين عياذًا بالله مما يشبه ذلك اهـ.

قلت: وقد أشبع الكلام على هذه المسألة شيخ شيوخنا العلامة المحقق أبو عبد الله سيدي العربي الفاسي في جواب له طويل وقد نقلت منه ما قيد أعلاه وهو تنبيه متعين ينبغي المحافظة عليه لئلا يغتر بما في ضيح اهـ.

كلام سيدي محمد بن عبد القادر وأما ما تأوله ز من أن مراد إمام الحرمين قتل الثلث من المفسدين حيث تعين طريقًا لإصلاح الباقي فغير صحيح ولا يحل أن يقال به فإن الشارع إنما وضع لإصلاح المسلمين إقامة الحدود عند ثبوت موجباتها ومن لم تصلحه السنة فلا أصلحه الله ومثل هذا التأويل الفاسد هو الذي يوقع كثيرًا من الظلمة المفسدين في سفك دماء المسلمين نعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا اهـ.

وفي الحديث من شارك في دم امرئ مسلم ولو بشطر كلمة جيء به يوم القيامة وبين عينيه مكتوب آيس من رحمة الله ولما ذكر اللخمي أن المركب إذا ثقل بالناس وخيف عليه الغرق فإنهم يقترعون على من يرمي والرجال والنساء والعبيد وأهل الذمة في ذلك سواء قال

ص: 56

يكذب المار به في دعواه التزكية خوف موت بخلاف الأجنبي هنا (أو) ادعى حجام (قلع ضرس) مؤجر على قلعه بعينه وادعى المقلوع منه غيره فيصدق الحجام وانظر هل بيمين في هذه واللتين قبلها أم لا قاله ح وظاهر المدونة عدمها وقيل فحوى كلام ابن عرفة حلف المتهم دون غيره وله المسمى كما في الشارح لا أجر مثله كما في تت ابن يونس فإن صدق الحجام من نازعه في أن المقلوع غير المأذون فيه فلا أجر له وعليه القصاص في العمد والعقل في الخطأ والناب والسن كالضرس وخصه المصنف بالذكر لأن الغالب وقوع الألم فيه (أو) ادعى الصباغ (صبغًا) كزرقة صافية (فنوزع فيه) بأن قال ربه أمرتك بصبغه أكحل فالقول للصانع في أنه إنما باعه القدر الذي صبغه أزرق ولا يلزمه إعادته وبما قررنا علم أن صبغا عطف على خوف وقال غ صبغ فعل ماض عطف على ادعى اهـ.

أي ادعى أنه صبغ بإذن ربه وادعى ربه عدم إذنه له فيه وأنه وديعة وعلى هذا فهو مكرر مع ما يأتي من قوله وإنه استصنع وقال وديعة ومع قوله على التقريرين هنا أو خولف في الصفة أو في الأجرة ومع قوله وإن ادعاه وقال: سرق مني ويمكن حمله على صورة يندفع بها التكرار بأن يكون الصانع يخيط ويصنع فيقول دفعته لي لا صبغة ويقول ربه لتخيطه وهذا أن حمل قوله أو خولف في الصفة على صفة الصبغ فإن حمل على أعم من ذلك شمل هذه فلا يندفع التكرار وكذا قول د المصنف محمول على التنازع بين الصباغ وربه في أنه لم يأمره بالصبغ والصانع يقول أمرتني به ويسلم من التكرار ولذا قال غ أنه فعل اهـ.

يقال عليه إذا لم يأمره ربه بالصبغ فإما أن يدعي أنه أمره بصنعة أخرى حيث كان ذا صنعتين ففيه ما مر وإما أن يدعي أنه ودعه عنده فيساوي قوله وإنه استصنع وقال وديعة وإما أن يدعي أنه سرق فيساوي قوله: وإن ادعاه وقال: سرق مني فالأحسن أن يجعل ما هنا مجملًا يفصله ما يذكره المصنف من الأقسام وإذا حمل على الاختلاف في الصفة يقيد بما إذا أشبه أن يصبغ باللون الذي ادعاه كما يأتي للمصنف لا شاش أزرق لشريف ولا أخضر لذمي فالقول لربه أن أشبه وإلا فله أجر مثله (وفسخت) إجارة (بتلف ما) أي كل

ــ

ابن عرفة عقبه تعقب غير واحد نقل اللخمي طرح الذمي فضلًا عن المسلم النجاة غيره وربما نسبه بعضهم لخرق الإجماع وقال بعضهم: لا يرمي الآدمي لنجاة الباقين ولو كان ذميًّا وتقدم البحث في هذا الأصل في كتاب الجهاد اهـ.

وقال ابن الحاجب وإذا خيف على المركب جاز طرح ما ترجى به نجاتها غير الآدمي بإذنهم أو بغير إذنهم ويبدأ بما ثقل جسمه وعظم جرمه اهـ.

انظره (أو قلع ضرس) فيصدق الحجام وله من الأجر ما سماه كما في المدونة لا أجر مثله خلافًا لتت وإنما الذي قال بأجر المثل هو سحنون حيث قال: كل واحد مدع ومدعى عليه فيتحالفان ويكون للحجام أجر مثله ما لم يتجاوز التسمية انظر طفى (وفسخت بتلف ما

ص: 57

معين وقع العقد عليه (يستوفي منه) المنفعة كموت دابة معينة وهدم دار معينة مؤجرتين وأما غير المعين فلا تنفسخ الإجارة بتلفه كما يذكره في فصل كراء الدابة فكلامه يقيد بعضه بعضًا (لا) تنفسخ بتلف ما يستوفي (به) المنفعة وهو ما يكون من جهة المستأجر كموته بعد استئجاره دابة معينة ويقوم وارثه مقامه ولو وقع العقد على عينه وأراد بالتلف ولو حكمًا كأسر وسبي وسكون ألم سن وعفو قصاص كما يأتي ومرض صبي تعلم ومن به مرض لا يقدر على استيفاء ما استؤجر عليه وظاهره فسخها بمجرد تلف المستوفي منه ولا يحتاج لحكّم به ولا إلى تراضيهما عليه وسيأتي عن د بعض مخالفة لذلك واستثنى من قوله: لا به صبيين وفرسين استثناء متصلًا مجرورًا بدلًا من الضمير المجرور على المختار لكونه بعد نفي قوله: (الأصبي) أو بالغ (تعلم) لأي صنعة (ورضيع) مات كل قبل

ــ

يستوفي منه لا به) قول ز وهدم دار معينة الخ لم يقيد ابن الحاجب الدار بكونها معينة قال في ضيح ولم يذكر المصنف التعيين في الدار لأن كراء الدور لا يكون إلا معينًا كما تقدم اهـ.

وأطلق المصنف عدم الفسخ في قوله لا به ونحوه لابن الحاجب وابن شاس وعبد الوهاب وغير واحد سواء كان التلف بسماوي أو من قبل الحامل قال ابن رشد في المقدمات في هلاك المستأجر عليه أربعة أقوال أحدها وهو المشهور أن الإجارة لا تنتقض وإليه ذهب ابن المواز والثاني تنتقض بتلفه وهو قول أصبغ وروايته عن ابن القاسم ويكون له من كرائه بقدر ما سار من الطريق الثالث الفرق بين تلفه من قبل الحامل فتنتقض وله من الكراء بقدر ما سار وبين تلفه بسماوي فلا تنتقض ويأتيه المستأجر بمثله وهو قول مالك في أول رسم من سماع أصبغ الرابع إن كان تلفه من قبل الحامل انفسخت ولا كراء له وإن كان من السماء أتاه المستأجر بمثله ولم ينفسخ الكراء وهو مذهب ابن القاسم في المدونة وروايته عن مالك باختصار على نقل طفى قال إذا علمت هذا فإن حملت قول المصنف لا به على إطلاقه كان جاريًا على ما شهره ابن رشد وخلاف مذهب ابن القاسم فيها وروايته فيما تلف بسبب حامله وعلى هذا لا يفسر قول المصنف أو عثر بدهن أو طعام الخ بقولها ولا ضمان ولا كراء خلافًا لجد عج في تفسيره بذلك واستدلاله بكلامها لأن المصنف جرى على غير مذهبها وإن قيد المصنف هنا بغير ما كان بسبب حامله جرى على مذهبها وصحح تفسير جد عج في قوله أو عثر بدهن الخ لكن يبعد هذا العمل إطلاق المصنف تبعًا لغيره ولم يستثن إلا هذه الأربعة بقوله إلا صبي تعلم الخ اهـ.

باختصار قلت والذي رأيته لابن رشد في البيان أن القول المشهور هو الذي عزاه لابن القاسم في المدونة وروايته ونصه في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من كتاب الرواحل قال ابن القاسم وقال مالك رحمه الله: فيمن تكارى على حمل متاع بعينه يريد المكري إلى بلد معلوم فسرق ذلك المتاع قبل أن يخرج به أو بعد ما سار به بعض الطريق أن ذلك سواء أن الكراء له لازم إن شاء جاء بمثل ذلك المتاع وإن شاء أكرى ذلك البعير ممن يحمل عليه ابن رشد هذا قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة أن الكراء لا ينفسخ بتلف الشيء

ص: 58

تمام مدة الإجارة أو قبل الشروع فيها (وفرس نزو) أي ينزي عليها ماتت أو أعقت من مرة فتفسخ الإجارة وأما موت ذكر نزو فداخل في قوله وفسخت بتلف ما يستوفي منه فلا اعتراض على إطلاقه لشمول الفرس للذكر كما في اللغة وحصان بكسر الحاء خاص بالذكر كما في القاموس (و) فرس (روض) أي رياضة أي تعليمها حسن السير فماتت أو انكسرت فتفسخ الإجارة وله بحساب ما عمل عند ابن أبي زيد كسحنون وقال ابن عرفة له جميع الأجر لأن المانع ليس من جهته والحق بهذه الأربعة حصد زرع بعينه وحرث أرض بعينها ليس لربهما غيرهما وبناء حائط بدار فيمنع من ذلك مانع وثوب يدفع لخياط أو غزل لحائك للبس لا للتجارة وليس لربه غيره وموت عليل قبل برئه شرط على طبيب مداواته وتلف جوهرة نفيسة قبل الصنعة فيها قال المصنف: العلة في الكل تعذر الخلف غالبًا انظر تت وظاهر المصنف عدم اعتبار ذلك وكذا في التوضيح ما يفيد أن المشهور خلاف ذلك وعطف على صبي قوله (و) فسخت إجارة على (سن لقلع) أي لأجل قلعها فالمستأجر عليه قلعها لا هي كما قد يقتضيه ظاهره إذ لا معنى له إلا أن تجعل اللام في لقلع للتعليل كما ذكرنا ولو قال وقلع سن فسكنت لكان أوضح (فسكنت) أي سكن ألمها قبل القلع ووافقه الآخر على ذلك وإلا لم يصدق إلا لقرينة (كعفو) ذي (القصاص) عن المقتص منه فتفسخ الإجارة على القصاص لتعذر الخلف وهذا أن عفا غير المستأجر المساوي له في استحقاق الدم فإن عفا المستأجر لم تفسخ وتلزمه الأجرة فإن عفا كل فالظاهر أنه كعفو المستأجر وحده وعدل عن العطف إلى التشبيه لأن السنن مما يستوفي به المنفعة والعفو عن القصاص ليس من ذلك بل هو مانع شرعي.

فرع: من استأجر شخصًا على أن يكويه ثم قال: الإجارة على الكي حرام فهي باطلة فإنه لا يلتفت لقوله: لأنه عليه الصلاة والسلام كوى أسعد بن زرارة واكتوى ابن

ــ

المستأجر على حمله وهو المشهور في المذهب خلاف ما في رسم الكراء والأقضية من سماع أصبغ أن الكراء ينفسخ وهذه المسألة يتحصل فيها ثلاثة أقوال: أحدها: أنه ينفسخ بتلفه جملة من غير تفصيل اهـ.

والثاني: أنه لا ينفسخ بتلفه جملة من غير تفضيل والثالث الفرق بين أن يتلف بأمر من الله عز وجل لم يفسخ الكراء وإن تلف من قبل ما عليه استحمل انفسخ الكراء فيما بقي ولم يكن له شيء فيما مضى وقيل له بحسب ما سار اهـ.

فتأمله (وفرس نزو وروض) قول ز وكذا في ضيح ما يفيد أن المشهور خلاف ذلك الخ الذي في ضيح أن الأصح عند ابن شاس وابن الحاجب عدم الفسخ بتلف ثوب الخياطة ونحوه وكذا قال عبد الوهاب الظاهر من مذهب أصحابنا أن محل استيفاء المنافع لا يتعين في الإجارة وأنه إن عين بذلك كالموصوف ثم قال في ضيح بعد هذا وفي المقدمات المشهور انفساخ الإجارة إذا تلف ثوب الخياطة ومراده إذا كان للباس كما تقدم اهـ.

ص: 59

عمر ثم إن ذكر عدد الكي وآلته لزمته الأجرة المسماة لصحة الإجارة وإلا لزمه أجرة المثل لفسادها قاله غ في التكميل وسبب وهم المستأجر الحرمة أن فيه تعذيبًا بالنار ولا يعذب بها إلا خالقها كما روي ولم يلتفت لقوله لأن النهي عنه مقيد بما إذا كان لغير علة (و) فسخت إجارة (بغصب الدار) المستأجرة (وغصب منفعتها) ممن لا تناله الأحكام سلطان أو غيره قال د: لعله صريح بلفظ غصب ولم يكتف بعطفه على الدار لدفع توهم كون منفعتها منصوبًا على أنه مفعول معه فلا يثبت الفسخ إلا بغصب شيئين وليس كذلك انتهى.

ومحل الفسخ إن شاء المستأجر وإن شاء بقي على إجارته وحينئذٍ يصير بمنزلة المالك فيجري فيه ما تقدم في قوله وإن زرع فاستحقت الخ فمن أفتى بأن لمالك الأرض المؤجرة لشخص على الزارع الغاصب أجرة المثل لفسخ الإجارة بغصبه كما يستفاد من قوله وبغصب الدار وقياسًا عليه فقد أطلق في محل التقييد فلم يصب إذ هو مقيد بما إذا شاء المستأجر الفسخ وفسخ وأما إن بقي فإنما لربها مطالبته دون الزارع بما عقدا عليه والمستأجر حينئذٍ يصير كمالك الأرض فيجري فيه قوله وإن زرع الخ وقد تقدم جميع ذلك أيضًا ومعنى الفسخ في هذه المسائل أنها معرضة له لا أنها فسخت بالفعل كما هو ظاهره وعليه قررناه ويدل على ما ذكرنا أنه المراد قوله: إلا أن يرجع في بقيته وظاهر كلام المصنف سواء حصل الغصب المذكور قبل تسلم المكتري أو بعده وهو كذلك اتفاقًا في الأول وعلى المشهور في الثاني ابن عبد السلام ينبغي قصر الخلاف على ما إذا تسلم وإلا فالمصيبة من المكري لعدم تمكن المكتري من التسلم انتهى.

وظاهر قوله: وغصب منفعتها أنها كلها وهو كذلك فإن غصب بعضها كسفينة غصب منفعتها شهرين من مستأجرها سنة فكاستحقاق بعض المبيع فيفصل فيه بين القليل والكثير لا بمتزلة الجائحة حتى يلزم المكتري الباقي وإن قل ويحتمل أن يكون بمنزلتها لأن الظالم بالغصب لا يستطاع دفعه والأول مستفاد من نقل ق (و) فسخت إجارة حانوت بسبب (أمر السلطان) ومن لا تناله الأحكام (بإغلاق الحوانيت) وتلزمه الأجرة إن لم يقصد غصب ذاتها كما هو المتبادر من قوله: إغلاق دون تعبيره بأخذ الحوانيت ولما مر في الغصب عند قوله: وغلة مستعمل من أن قاصد غصب الذات لا يضمن منفعة ما عطل لضمانه القيمة بالاستيلاء وقاصد غصب المنفعة يضمنها وإن عطل لضمانه بمجرد الاستيلاء على ما غصب وهو المنفعة وانظر عند جهل الحال وعدم القرينة.

تنبيه: إذا قدر المغصوب منه على خلاص ما غصب منه بمال ولم يفعل فالظاهر أنه لا تنفسخ الإجارة بمنزلة ما إذا كان الغاصب تناله الأحكام وهو ظاهر ما ذكروه عند قوله: كترك تخليص مستهلك من نفس أو مال بيده من أنه يلزم تخليصه بالمال حيث لا يقدر على خلاصه إلا به ويرجع به على رب الشيء الذي خلصه له كما يفيده قوله والأحسن في المفدي من لص أخذه بالفداء وبحث فيه بأن من شرط رجوع من فدى من لص عدم

ص: 60

نية تملكه وهذا لما كان له فيه إجارة يتوهم أنه إنما فداه لأجلها فأشبه نية تملكها فلا رجوع له بالفداء وهي مصيبة نزلت به ورده عج بأنه لا يقاوم المقيس عليه (و) فسخت بسبب ظهور (حمل ظئر أو) حصول (مرض) لها (لا تقدر معه على رضاع) وتحقق بذلك ضرر الرضيع أو خيف موته وما تقدم من قوله كأهل الطفل إذا حملت أي أنهم يخيرون في الفسخ حيث انتفيا فلا تعارض أوانه هناك فيما إذا حملت بعد العقد كما يشعر به لفظه وهنا حملت قبله وظهر بعد العقد وحدث مرضها بعده والفسخ هنا حق لله فيجب ولو تراضى العاقدان على بقائه ومفهومه أنها أن قدرت معه على الرضاع لم تنفسخ إلا أن يضربه ففي المفهوم تفصيل (و) فسخت بسبب (مرض عبد) مؤجر بحضر حيث لا يقدر على فعل ما استؤجر عليه (و) كذا مع (هربه لكالعدو) بأرض حرب أو ما أنزل منزلتها كقطر بعيد في الإسلام فإن هرب لقريب لم تفسخ وتسقط أجرته مدة هربه (إلا أن يرجع) العبد من مرضه أو هربه ولو عبر بيعود كان أظهر (في بقيته) أي العقد وتصح الظئر كما هو منصوص عليه ويحتمل رجوع الاستثناء لقوله وبغصب الدار وما بعده وهذا حيث لم يبق على إجارته وأما إن بقي عليها فالأمر ظاهر والاستثناء قائم مقام الشرط فكأنه قال فسخت في كذا إن لم يرجع الخ وبهذا اندفع سؤال البساطي إن الحكم بالفسخ والبقاء مع الرجوع في بقية المدة متناف انتهى.

ثم إنه لا يلزم من الرجوع في بقيته وصحة الإجارة إن له جميع المسمى بل يسقط منه بقدر ما عطل كما تقدم نظيره في قوله كأجير لخدمة أجر نفسه ولا يجوز أن يتفقا على قضاء مدة الهرب بعد انقضاء مدة الإجارة ويدفع له الأجر بتمامه لأنه فسخ ما في الذمة في مؤخر إذ قد وجب للمستأجر ما يقابل مدة الهرب من الأجرة فيفسخها في شيء لا يتعجله اللهم إلا أن يكون قبض الأجرة (بخلاف مرض دابة بسفر ثم تصح) بالنصب عطفًا على مصدر وهو مرض فلا ترجع للإجارة بعد الفسخ لما يلحقه من الضرر في السفر بالصبر ومثلها مرض عبد بسفر ثم يصح وما تقدم في مرض عبد من الرجوع في بقيته

ــ

فقد علمت أنه إنما ذكر التشهير في الفسخ لا في عدمه وإن كان كلامه يفيد ترجيح كل منهما والله تعالى أعلم. (وحمل ظئر) قول ز أو أنه هناك فيما إذا حملت بعد العقد الخ ما جمع به أولًا بين المحلين صواب وأصله لأبي الحسن وأما الجمع الثاني بأن ما هنا إذا حملت قبل العقد الخ فقال ابن عاشر أنه يحتاج إلى نقل يساعده وهو لا يجده اهـ.

وقال طفى: لا مستند له فيه وهو غير ظاهر لأن المدار على إرضاع الحامل ولا فرق بين المسألتين حتى يقال يجب الفسخ في إحداهما دون الأخرى وقد سوى ابن ناجي بينهما اهـ.

(إلا أن يرجع في بقيته) نحوه في المدونة ثم قالت وقال غيره إلا أن يكونا تفاسخا قبل ذلك قال أبو الحسن: قوله الإجارة تفسخ ظاهره بحكم وعليه فقول الغير خلاف وعليه حمله ابن يونس قال ويحتمل الوفاق وأنه لم يفسخ أولًا بحكم اهـ.

ص: 61

حيث صحح فهو في مرضه في الحضر كما مر ومثله مرض الدابة في الحضر وإنما اختلف جواب الإمام فيهما لاختلاف السؤال فعلم أن مرض دابة وعبد بحضر وهربه لكالعدو يفسخ إلا أن يرجع بقيته بخلاف مرض كل بسفر ثم يصح فلا تعود الإجارة بعد الفسخ لسرعة التغير في السفر (وخير) المستأجر في فسخ الإجارة (إن تبين أنه) أي المستأجر لخدمة بداره أو حانوته (سارق) مما لا يمكن التحفظ منه فيه لأن السرقة عيب يوجب الخيار في الإجارة كالبيع وأما لو أجره دارًا ليسكنها أو نحو ذلك فلا تنفسخ الإجارة بتبين أنه سارق كما قدمه في المساقاة بقوله وإن ساقيته أو أكريته فألفيته سارقًا لم تنفسخ وليتحفظ منه وكما يأتي في قوله أو فسق مستأجر الخ وعطف على أن تبين كما لت كالمدونة لا على بتلف كما للشارح وصدر به تت وإن اقتضاه إعادة الباء قوله (و) خير (برشد صغير) وبلوغه (عقد عليه) نفسه راجع للمعطوف المحذوف هو والعاطف كما قدرته لأنه فيما إذا عقد عليه المعتبر بلوغه فقط فإذا بلغ ولو سفيهًا خير في الفسخ عن نفسه وفي عدمه على المعتمد (أو على سلعه) كداره أو دابته أو رقيقه (وليّ) أب أو وصي أو مقام بلغ أثناء المدة رشيدًا خير بين فسخ العقد على سلعه وعدمه فإن بلغ سفيهًا فلا خيار له ومحل خياره في مسألة العقد على نفسه إن عقد الولي وهو يظن بلوغه في المدة أو لم يظن شيئًا بدليل قوله (إلا لظن عدم بلوغه و) الحال أنه (بقي) في إجارة نفسه (كالشهر) ويسير الأيام كما في المدونة فلا خيار له وأما في إجارة سلعه فيلزمه عند ابن القاسم ثلاث سنين كالسفيه وظاهر المصنف أن الاستثناء يرجع للمسألتين وهو مذهب أشهب وهو ضعيف لما علمت أن إجارة سلعه تلزمه إن بلغ وبقي منها ثلاث سنين كالسفيه وقوله عقد عليه أي لغير عيشه فإن آجره لعيشه فانظر هل يكون كإجارة السفيه لعيشه فلا ينظر لبلوغه وإنما ينظر لرشده وإذا رشد هل يراعى فيما بقي أن يكون كالشهر

ــ

وقول ز ولا يجوز أن يتفقا على قضاء مدة الهرب الخ محل المنع من قضاء مدة الهرب إذا كان المستأجر نقد الأجرة لأن فيه فسخ الدين في الدين أما إن كان لم ينقدها فيجوز لفقد العلة ونص ابن رشد في سماع عيسى من الجعل والإجارة ومن استأجر أجيرًا لشهر بعينه فمرضه أو مرض بعضه أو راغ فيه لا يلزمه أن يقضيه في يوم آخر بل لا يجوز وإن رضيا به إذا كان قد نقد إلا ما قل لأنه فسخ دين في دين انتهى.

وكلام ز في قوله ويدفع له الأجر بتمامه يقتضي أن المنع إذا لم ينقد وليس كذلك إذ العلة لا تتصور فيه وقوله إذ قد وجب الخ إنما يصح إذا كان قد نقد وهو صحيح وقوله: اللهم إلا أن يكون قبض الأجرة الخ معناه إلا أن يكون المستأجر قبض الأجرة التي نقدها في مقابلة مدة الهرب (وبرشد صغير عقد عليه أو على سلعه الخ) في بعض النسخ كما في غ كرشد صغير بكاف التشبيه قال غ وهو الصواب لأنه راجع للتخيير اهـ.

ص: 62

أو أن يكن كالسفيه ثلاث ستين وشبه بحكم المستثنى وهو اللزوم قوله (كسفيه) أي كعقد وليّ على سلع سفيه ربع أو حيوان (ثلاث سنين ثم رشد) ولو في أول يوم منها أو عقد عليه أكثر ثم رشد وقد بقي ثلاث سنين فإن ذلك يلزمه لأن الولي فعل ما يجوز له وأما عقده الإجارة على نفس السفيه فإن كان لعيشه فذلك وإن كان لغيره فله الفسخ لأن الوليّ إنما له تسلط على ما له لا على ذاته وحينئذ فلو آجر السفيه نفسه فلا كلام لوليه إلا أن يحابي وكذا لا كلام له أن رشد لأن تصرفه في ذلك لا حجر عليه فيه فهو كتصرف الرشيد وقد قالوا إذا بلغ الولد ذهب حيث شاء وإنما النزاع هل بماله أم لا انظر أبا الحسن نقله د وظاهر المصنف أنه لا يعتبر في السفيه ظن عدم رشده ولا ظن رشده حال العقد على سلعه أو على نفسه لعيشه بخلاف الصغير لأن بلوغه يعلم أمده بخلاف الرشد قال د لو أجره الوليّ ثم رشد لكان له الانحلال وقد أفتى بذلك شيخنا اللقاني وما في معين الحكام من قوله وأما سقيه بالغ عقد عليه وصي أو سلطان فرشد قبل تمام المدة فيلزمه باقي المدة لأن الولي قد فعل ما يجوز له انتهى.

معناه أن العقد ليس على ذاته بل على أمتعته وهذا التقدير حسن لا ينبغي العدول عنه انتهى.

كلام د قلت إذا أجره الولي فإن كان لأجل أن لا يضيع فليس له إذا رشد فسخ العقد وكلام المعين ظاهر في هذا وكذا المدونة لأن ما فعل بوجه جائز الأصل أن لا يفسخ وإن كان لغير ذلك فهو مفسوخ إذ هو الأصل فيما لا يجوز وحينئذٍ فما أفتى به صر إن كان فيما إذا أجره لا لمصلحة كان في قوله له الانحلال ضرب من المسامحة إذ هو مفسوخ ابتداء في هذه الحالة ولم يكن بينه وبين ما في المعين تخالف حتى يحتاج كلام المعين للتأويل الذي ذكره وإن كان فيما إذا أجره لضيعته فليس له فسخ العقد إذا أرشد

ــ

وتعقبه ابن عاشر فقال وقد قطع ابن الحاجب بالفسخ فتطلب نقلًا يساعد محمل غ وإن كان واضحًا من جهة النظر اهـ.

والعجب منه ولفظ المدونة صريح في التخيير ونصها ومن وأجر يتيمًا في حجره ثلاث سنين فاحتلم بعد سنة ولم يظن ذلك به فلا يلزمه باقي المدة إلا أن يبقى كالشهر ويسير الأيام اهـ.

فقولها فلا يلزمه صريح في التخيير وإذا تأملت ظهر لك أن هذا مراد من عبر بالفسخ كابن الحاجب وقول ز لأنه فيما إذا عقد عليه المعتبر بلوغه فقط الخ فيه نظر لأن المدونة وإن اقتصرت على البلوغ لكن قيد ابن القاسم ويحيى بن عمر المسألة بأن يبلغ رشيدًا قال عياض: ولا يختلف في ذلك نقله في ضيح ولهذا اعتمد هنا الرشد في الجميع ورد ز الاستثناء للأولى فقط فيه نظر أيضًا بل يرجع لهما معًا كما هو نص المدونة ونقله ق وغيره وإنما المختص بالأولى عند ابن القاسم هو قوله وبقي كالشهر خلافًا لأشهب وبالجملة فلا درك على المصنف إلا في قوله وبقي كالشهر فإن ظاهره أنه يرجع للمسألتين وهو قول أشهب

ص: 63

لأنه وقع بوجه جائز والأصل عدم فسخه (وبموت مستحق وقف آجر ومات قبل تقضيها) وانتقل الاستحقاق لمن في طبقته أو لمن يليه ولو ولده فتفسخ إجارته ولو بقي منها يسير (على الأصح) ولو كان المستحق ناظرًا كما في ح ولا يخالفه ما في تت من أنها لا تنفسخ بموت الناظر لغرضه هو في ناظر غير مستحق ومثل المصنف من يتقرر في رزقه مرصدة آجرها مدة ومات قبل تقضيها فإن لمن يتقرر بعده فسخ إجارته ذكره القرافي وإنما لم يكن لوارث المالك إذا مات مورثه قبل انقضاء المدة الفسخ وكان ذلك لوراث الموقوف عليه لأنه يستحقه بشرط الواقف في ترتيب الطبقة لا من حيث إرث أبيه بخلاف المالك فإن له التصرف في نقل المنفعة أبدًا ومستحق الوقف إنما له التصرف فيها مدة حياته وقوله مستحق وقف وأما المعمرة فلا يؤجر إلا ما قرب والمخدم يؤجر إلى انقضاء أمد الخدمة (لا) تنفسخ الإجارة (بإقرار المالك) لذات أو منفعة بأنه باع ما أكراه أو وهبه أو آجره لآخر قبل الإجارة إذا أنكر المكتري ولا بينة لاتهامه قصد فسخ الكراء وسماه مالكًا مع دعواه البيع باعتبار الحكم لأنه يقبل إقراره على نفسه فإن أقر بفور الكراء خير المقر له بالبيع بين أربعة أشياء فسخ البيع الذي أقربه المؤجر إن كان الثمن أكثر من القيمة وأخذها يوم البيع إن كانت أكثر لأنه حال بينه وبين المبيع وأخذ ما أكريت به أو قيمة الكراء إن كان أكثر فإن كان إقراره بعد انقضاء مدة الكراء كان له الأكثر من كراء المثل وما أكريت به قاله اللخمي وهو معتمد خلافًا لما يوهمه الشارح وهو كلام على ما يترتب على عدم الفسخ كما ترى وللموهوب فيما إذا أقر أنه وهبه الأكثر من المسمى وكراء المثل على المقر أو أخذ قيمة الموهوب لأنه حال بينه وبينه فإن أعدم فعلى المكتري كذا ينبغي ومثل ذلك إذا أقر المؤجر أنه غصب الشيء المؤجر كما في ابن الحاجب وسلمه ابن عرفة وللمقر له بالإجارة الأكثر من كراء مثلها وما أكريت به (أو خلف) أي تخلف (رب دابة)

ــ

والمعتمد قول ابن القاسم بأنه في الأولى فقط والله أعلم (وبموت مستحق وقف أجر ومات) انظر عزل مستحق الوقف هل كموته وهو الظاهر أم لا وقوله على الأصح هو لابن راشد القفصي واعترضه ابن عرفة بأنه لا يعرف مقابله لغير ابن شاس (لا بإقرار المالك) قول ز فإن أعدم فعلى المكتري كذا ينبغي الخ فيه نظر إذ كيف يغرم المكتري بمجرد إقرار المالك مع كونه يكذبه فيه ويتهمه ولو صدقنا المالك في إقراره لفسخ الكراء من أصله فكيف يجب الغرم على المكتري بسببه (أو خلف رب دابة) قول ز رب دابة معينة الخ لا مفهوم له بل وكذا غير المعينة كما قاله بعضهم وقول ز لأن هذا من اعتبار الأخص الخ في المدونة قال ابن القاسم: ومن اكترى دابة بعينها إلى بلد ليركبها في غده فأخلفه المكري فليس له إلا ركوبه وإن اكتراها أيامًا معينة انتقض الكراء فيما غاب منها اهـ.

ابن عرفة فقوله في المسألة الأولى ليركبها في غده هو من اعتبار الأخص أي الغد بقصد تحصيل أعمه أي الركوب وحكم هذا أن فوت الأخص لا يبطل العقد لأن المقصود

ص: 64

معينة (في) عقد على زمن (غير معين) أي إذا اكتراها على أن يأتيه بها يوم كذا أو شهر كذا فإن الكراء لا ينفسخ يعدم إتيانه بها في ذلك اليوم أو الشهر لأن هذا من اعتبار الأخص لقصد تحصيل أعمه لا لقصد عينه لأنه جعل الكراء لها وجعل قوله على أن يأتي بها يوم كذا كالشرط بخلاف ما إذا اكتراها يوم كذا فلم يأت بها فيه فنفسخ لأنه أوقع الكراء على نفس ذلك اليوم فهو من الأخص لقصد تحصيل عينه كما في ابن عرفة (أو) في غير (حج وإن فات مقصده) من تشييع مسافر أو ملاقاته والمراد مقصده في نفس الأمر فلا ينافي أنه غير معين حين عقد الكرا اء وأما إن اكتراها في حج ولم يأت له بها فيه فتفسخ لأن أيام الحج معينة وليس للمكتري الرضا مع المكري على التمادي على الإجارة إذا نقد الكراء للزوم فسخ الدين في الدين وأما إن لم ينقد فيجوز لانتفاء العلة المذكورة والمراد بالزمن أن لا يجمع معه العمل فإن جمع بينهما فالعبرة بالعمل كأن يقول اكترى منك دابتك أركب عليها في هذا اليوم أو أطحن عليها أردبًا في هذا اليوم فالعبرة بالركوب والعمل لا الزمن وقد مر ذلك عن ابن عرفة (أو) ظهور (فسق مستأجر) لكدار وجيبة أو مشاهرة ونقد لا تنفسخ به وأمر بالكف (وأجر الحاكم إن لم يكف) حيث حصل بفسقه ضرر للدار أو الجار فإن تعذر كراؤه أخرج حتى يوجد فإن غفل عنه حتى مضى أمد الكراء لزمه ومن اكترى أو اشترى دار لها جيران سوء فعيب ترد به وعوقب معلن بفسقه في داره فإن انزجر وإلا أكريت عليه حيث تضرر الجيران بفسقه فإن لم يمكن الكراء بيعت عليه قاله اللخمي كما في الشارح لكن صدر بأن الذي لمالك في كتاب ابن حبيب أن رب

ــ

الأعم باق وقوله في الثانية أكراها أيامًا معينة هو من اعتبار الأخص لقصد عينه وحكم هذا انفساخ عقده بفوت الأخص لأنه بفوت الأخص لا يبقى للعقد متعلق ضرورة انحصار العقد في الأخص وقد فات اهـ.

ثم جعل من هذين القسمين ما في سماع عيسى من وأجر أجيرًا مدة معينة شهرًا أو يومًا لخياطة أو بناء أو غيره فراغ عنه حتى زال الأجل انفسخت الإجارة فيما عطل وإن عمل شيئًا فبحسابه وإنما الذي يلزمه عمله بعد المدة مثل أن يقول اعجن لي في هذا اليوم ويبة أو اطحن لي في هذا الشهر في كل يوم ويبة فإن هذا وإن كان شهرًا بعينه أو يومًا بعينه إذا راغ في ذلك ثم جاء لزمه عمل الذي سمى لأن هذا إنما وقع على عمل مسمى ابن عرفة فقول ابن القاسم في الأولى من سماع عيسى هو من اعتبار الأخص لعينه كالثانية في المدونة وقوله في الثانية من السماع هو من اعتبار الأخص لتحصيل أعمه كالأولى في المدونة وتعقب ابن رشد الثانية من السماع بأنها على خلاف المشهور في المذهب من منع مدتين في مدة أي اجتماع الزمان والعمل قال ابن عرفة: وفي تعقبه نظر لأن منع مدتين في مدة إنما هو فيما إذا اعتبر فيه الزمن الأخص لعينه لا فيما اعتبر فيه لأعمه ولذا والله أعلم لم يتعقبه أبو محمد ولا ابن يونس اهـ.

باختصار وتقديم وتأخير.

ص: 65