الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
(موات الأرض)
من إضافة الصفة إلى الموصوف أي الأرض الميتة (ما) أي أرض وذكر ضمير (سلم) نظرًا للفظ ما (عن الاختصاص) بوجه من الوجوه الآتية وهنا تم التعريف وحذف مبتدأ وأتى بخبره أي الاختصاص كائن (بعمارة) والباء سببية كما يفيده ق وغيره لا للملابسة على ما يفيده الشارح (ولو اندرست) بعد كونها ناشئة عن إحياء (إلا لإحياء) من ثان بعد اندراسها وطول زمانها كما في نقل ق عن المدونة فإحياؤها من ثان قبل طول لا تكون له بل للأول كمن اشترى أرضًا ممن أحياها بعمارة وإن هدمت فإن ملكه لا يزول بذلك خلافًا لظاهر تت أول حله ثم إن أحيا الثاني قبل طول إن كان عن
ــ
الموات
قال في ضيح الأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم من أحيا أرضًا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق وهو حسن السند اهـ.
ابن عرفة الإحياء لقب لتعمير دائر الأرض بما يقتضي عدم انصراف المعمر عن انتفاعه بها اهـ.
ومعروض الإحياء ما لم يتعلق به حق ذي حق ويمنع فيما تعلق به ملك بغير إحياء ولا يصح بتبويره بالترك ويمتنع في حريم المعمور اهـ.
(ما سلم عن الاختصاص) اعترضه طفى بأنه يقتضي أن حريم البلد لا يسمى مواتًا لعدم سلامته من الاختصاص وهو مخالف لما أطبق عليه أهل المذهب من أن حريم العمارة يطلق عليه أنه موات وقد قال ابن شاس الموات قسمان قريب من العمران وبعيد القريب يفتقر لإذن الإمام الخ قال وأصل هذا التعريف للغزالي وارتكبه ابن شاس وابن الحاجب وتبعهم المصنف قال والعجب من هؤلاء الأئمة كيف ارتكبوه مع مناقضته لكلامهم وكلام غيرهم من أهل المذهب والصواب في تعريف الموات أنه ما لم يعمر من الأرض كما قال عياض اهـ.
قلت وفي ضيح إشارة إلى نحو هذا الإيراد عند تقسيم الموات إلى قريب وبعيد كما يأتي ويمكن أن يجاب عن المصنف بأن يجعل قوله بعمارة من تمام التعريف فيخرج به كل ما وقع فيه الاختصاص بغير العمارة كالحريم والحمى وما أقطعه الإِمام ويكون قوله ولو اندرست مبالغة على ما فهم من التعريف أن المعمر ليس بموات ويقدر لقوله وبحريمها عامل يناسبه اهـ.
والله أعلم (ولو اندرست إلا لإحياء) حاصل ما أشار إليه المصنف على ما يفيده نقله
جهل بالأول فله عمارته قائمة للشبهة وإن كان عن معرفة به فليس له إلا قيمة عمارته منقوضًا بعد يمين الأول إن تركه إياه لم يكن إسلامًا له وإنه كان على نية إعادته قاله اين رشد قلت وينبغي أن يقيد بأن لا يكون علم بعمارة الثاني وسكت عنه وإلا كان سكوته دليلًا على تسليمه إياه قاله في توضيحه انظر ح وقدم المصنف تعريف الموات على الإحياء إما لأنه السابق في الوجود وإما لأن حقيقته متحدة بخلاف الإحياء فإنه يكون بأمور كل منها مضاد للموات فاحتاج إلى ذكره أولًا ليعدد أضداده وعطف على مقدر يفيده المعنى وهو وإذا حصل الإحياء في أرض بعمارة ثبت الاختصاص فيها (وبحريمها) أي فيه فالباء للظرفية وفي قول تت وأشار لسبب من أسباب الاختصاص فقال وبحريمها نظر لاقتضائه إن الحريم سبب للاختصاص بما كان الحريم له وليس بمراد ويتوهم هذا أيضًا من عطف هذا على بعمارة على مفاد الشارح وبعبارة الباء في بحريمها للظرفية لا للسببية
ــ
في ضيح عن البيان أن العمارة تارة تكون ناشئة عن إحياء وتارة عن ملك ويحصل الاختصاص بها إذا لم تندرس في القسمين وأما إن اندرست فإن كانت عن ملك كإرث أو هبة أو شراء فالاختصاص باق اتفاقًا خلافًا لما تفيده لو في قول المصنف ولو اندرست وإن كانت عن إحياء فهل الاختصاص باق أو لا قولان: وعلى الثاني درج المصنف ولكنه مقيد بما إذا طال الأمد كما في ضيح عن ابن رشد هذا هو الحق في تقرير المصنف وما في ز تبعًا لتت غير محرر فقول المصنف بعمارة أي سواء كانت عن ملك أو إحياء ولو في قوله ولو اندرست لرفع التوهم فقط لا للخلاف ولو عبر بأن كان أولى واللام في قوله إلا لإحياء بمعنى عن أي إلا العمارة الناشئة عن إحياء فاندراسها يخرجها عن ملك محييها وبهذا التقرير يكون كلام المصنف موافقًا لابن الحاجب وضيح قال ابن الحاجب والاختصاص على وجوه الأول العمارة ولو اندرست فإن كانت عمارة إحياء فاندرست فقولان اهـ.
قال في ضيح مراده عمارة ملك لمقابلتها بقوله فإن كانت عمارة إحياء فقولان أحدهما أن اندراسها يخرجها عن ملك محييها ويجوز لغيره أن يحييها وهو قول ابن القاسم والثاني لسحنون أنها للأول وإن أعمرها غيره حكاه عنه صاحب البيان وغيره وحكى عنه ثالثًا إن كان قريبًا من العمران فالأول أولى بها وإن كان بعيدًا فالثاني أولى قال وقوله عندي صحيح على معنى ما في المدونة أن ما قرب لا يحيا إلا بقطعه من الإِمام فكأنه صار ملكًا وسأل ابن عبدوس سحنونًا هل تشبه هذه مسألة الصيد فقال لا الباجي والفرق أن الصيد لو ابتاعه ثم ند واستوحش كان لمن صاده ولا خلاف أن من اشترى أرضًا فبوّرت فأحياها غيره أنها لمن اشتراها ثم ذكر عن البيان قيد الطول المتقدم ثم قال واعترض على المصنف بأن قوله أولًا بعمارة مستغنى عنه لأن مجرد الملك كاف في الاختصاص ولا يفتقر إلى العمارة وأجيب بأنه لعله إنما ذكره ليقسم العمارة اهـ.
وهكذا يقال في كلام المصنف هنا والله أعلم وقول ز قاله في توضيحه انظر ح الخ فيه نظر إذ هذا القيد ليس في ضيح ولا نقله عنه ح وإنما ذكره ح من عند نفسه (وبحريمها) قول
كالتي قبلها وبعدها لاقتضائها إن الحريم سبب في إحياء ما هو حريم له من بلد وغيرها وليس كذلك إذ الحريم ليس سببًا للاختصاص خلافًا لتت ويدل لما ذكرنا قول الجواهر وللاختصاص أنواع الأول العمارة إلى أن قال النوع الثاني أن يكون حريم عمارة فيختص به صاحب العمارة ولا يملك بإحياء اهـ.
واسم يكون للاختصاص بمعنى المختص به بدليل ما بعده (كمحتطب) أي مكان يقطع منه الحطب (ومرعى) مكان الرعي (يلحق) مبني للمجهول أي ما ذكر أي يلحقه الراعي والحاطب (غدوا) على عادة وصول الرعاة والحطابين إليه أول النهار (و) يلحق كل إلى محله بالبلد في ذلك اليوم (رواحًا) بعد الزوال للغروب مع مراعاة المقيل عادة حال كون كل من المحتطب والمرعى (لبلد) وتقرير يلحق قبل رواحًا مناسب للمصنف فمعنى اللحوق في المعطوف عليه للمرعى والمحتطب وفي المعطوف لبلد الرعاة والحطابين لا اللحوق للمحتطب والمرعى رواحًا يصح تقرير يرجع في الثاني والمعنى والمقام يدل كل عليه إذ المعنى يرجع إلى قومه لينتفع بالحطب في طبخ ونحوه وينتفع بالدواب في حلب وطبخ ما يحلب لا مجرد الغدو والرواح ولا تكلف فيه فضلًا عن مزيده (وما لا يضيق على وارد) عاقل أو بهيمة حريم لبئر ماشية وأما بئر الزراعة ونحوها فأشار له بقوله (و) ما (لا يضر بماء) حريم (لبئر) قال د في عطف ما لا يضيق شيء وذلك لأن الكلام في الحريم الذي له المنع منه وما لا يضيق ليس له المنع منه اهـ.
والجواب عن المصنف أن فيه تقدير مضاف وهو غاية أي غاية ما لا يضيق الخ أي غاية الحريم ما لا يضيق الخ وفي بعض النسخ وما يضيق وهو بيان للحريم نفسه وفيه حذف مضاف أيضًا أي وداخل ما يضيق الخ (وما فيه مصلحة) عرفًا حريم (لنخلة) وشجرة واقتصر على النخلة لأن أصل الحديث إنما ورد فيها فذكرها تبركًا به (ومطرح تراب
ــ
ز لاقتضائه أن الحريم سبب للاختصاص بما كان الحريم له الخ فيه نظر بل لا يقتضي ذلك وإنما يقتضي أن الحريم سبب للاختصاص بمحله وهذا هو المراد فالصواب ما في تت ولا يرد ما اعترض به عليه لأن معنى كلام المصنف أن الاختصاص بالأرض يكون بعمارتها وبكونها حريمًا لعمارة فالباء سببية ويدل لما قلناه قول ابن شاس النوع الثاني من الاختصاص أن يكون حريم عمارة فيختص به صاحب العمارة اهـ.
وغير هذا ركيك (وما لا يضيق على وارد) قول ز وأما بئر الزراعة الخ هذا يقتضي أن ما يضر بماء خاص ببئر الزراعة وليس كذلك بل هو حريم لكل بئر عياض فحريم البئر ما يتصل به من الأرض التي من حقها أن لا يحدث فيها ما يضر بها إلا باطنًا من حفر بئر ينشف ماءها أو يذهبه أو مطمر تطرح النجاسة فيه يصل إليها وسخها ولا ظاهرًا كالبناء والغرس اهـ.
وقول ز وفي بعض النسخ الخ هكذا أيضًا اختلفت الرواية في المدونة بالنفي والإثبات قال عياض: وكلاهما صواب فما لا يضر خارج عن حريمها وما يضر هو حد حريمها انظر غ
ومصب) ماء (ميزاب) ونحوه كمرحاض حريم (الدار) محفوفة بموات ويراعى العرف في طرح التراب لا ما ندر (ولا تختص) دار (محفوفة) فاعل وعلق به (بإملاك) ومتعلق تختص محذوف وهو حريم خامر يمنع من انتفاع الغير به واستلزم ذلك أن لكل من الجيران الانتفاع بذلك وإنما صرح بقوله (ولكل) من ذوي الأملاك (الانتفاع) لأجل تقييده بقوله (ما لم يضر بالآخر) ولا تناقض في كلامه لأن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم بخلاف العكس وكلامه من القسم الأول ثم إن قوله ولا تختص محفوفة بأملاك محله ما لم يكن بعضها أقدم من بعض في الإحياء وإلا قدم حيث ثبت له حريم قبل غيره (و) الاختصاص (بإقطاع) الإِمام لأرض موات وأرض تركها أهلها لكونها فضلت عن حاجتهم كما في د ولأبناء بها ولا غرس وبهذا لا ينافي وقف أرض العنوة بمجرد الاستيلاء عليها كما مر ويأتي أن المراد أرض الزراعة ودور أهل العنوة والإقطاع من نائب الإمام مثله أن أذن له في خصوص الإقطاع وإن لم يعين من يقطعه له ثم هو ليس من الإحياء كما قد يتوهم من سياق المصنف في أنه من الإحياء وبه تورك الشارح على المصنف بقوله: وليس أي الإقطاع من الإحياء ورده بأن كلام المصنف في تعداد وجوه الاختصاصات أعم من أن يكون بإحياء أو غيره فيه تكلف بقاعدة الباء الداخلة على ما به الإحياء ولكن المشهور هنا أنه ليس من الإحياء وإنما هو تمليك مجرد فله بيعه وهبته ويورث عنه ويفتقر إلى حيازة على المشهور كسائر العطايا ولو أقطعه على أن عليه كل عام كذا عمل به ابن عرفة فإن شرط عليه في الإقطاع العمارة اعتبرت وإن نص على لغوها سقطت اتفاقًا فيهما وإلا فطريقان اهـ.
ــ
(ولكل انتفاع) قول ز لأن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم الخ فإن الاختصاص الذي نفاه المصنف أخص من الانتفاع الذي أثبته وإثبات الأعم لا ينافي نفي الأخص ونحو هذا في ضيح (وبإقطاع) قول ز ثم هو ليس من الإحياء الخ معناه أن الإقطاع تمليك مجرد لا يحتاج معه إلى عمارة ابن شاس إذا أقطع الإِمام رجلًا أرضًا كانت ملكًا له وإن لم يعمر فيها شيئًا يبيع ويهب ويتصرف ويورث عنه وليس هو من الإحياء وإنما هو تمليك مجرد وقول عج أن هذا يشعر بأن الاختصاص الحاصل بالإحياء لا يوجب ملكه دائمًا الخ غير صواب لأنه إن أراد به أن للإمام نزعه من يده فغير صحيح وقد تقدم في الحديث من أحيا أرضًا ميتة فهي له وهو في المدونة أيضًا وقال مالك ما علمت بين أهل العلم في ذلك اختلافًا فانظر طفى وقول ز فيه تكلف بقاعدة الباء الخ هذا كلام غير صحيح فإن قاعدة الباء الداخلة على ما به الإحياء إنما هي فيما يأتي بعد وأما الباء هنا فإنما هي داخلة على ما به الاختصاص وهو أعم من الإحياء وقول ز ويفتقر إلى حيازة الخ الذي ذكره اللقاني في حواشي ضيح عن الوثائق المجموعة أنه لا يفتقر لحوز واختاره المتيطي قال وبه جرى العمل واختاره صاحب المقصد المحمود أيضًا قال والقول بافتقاره إليه ضعيف وقول ز وإلا فطريقان أي وإن لم يشترط العمارة ولا نص على لغوها فطريقان في أن للإمام مطالبته بالعمارة أو ليس له ذلك وقال ابن عرفة وإن لم يذكر شرطها ولا لغوها فطريقان الأولى لزوم اعتبار العمارة لابن رشد مع ابن
(ولا يقطع) الإِمام لأحد (معمور) أرض (العنوة) كمكة والشام ومصر والعراق كما مر في الجهاد الصالحة لزراعة حب ولا عقارها (ملكًا) أي لا يجوز له ذلك لأنها وقف بمجرد الاستيلاء بل امتاعًا وأما معمور غير العنوة فيقطعه ملكًا وإمتاعًا كمعمور العنوة غير عقارهم وغير الصالح لزراعة حب وإن صلح الغرس نخل وشجر لأنه من الموات ولذا لما تعرض السلطان سليم حين دخوله مصر إلى الشيخ دمرداش بأنه كيف تأخذ أرض السلطنة فقال هذه غرست بها نخلًا وحبسته فأبقاه بها ومفهوم العنوة أن أرض الصلح لا يقطع معمورها ولا مواتها لا ملكًا ولا إمتاعًا وهو كذلك كما مر في الجهاد (و) الاختصاص يكون (بحمى إمام) أو نائبه المفوض له وإن لم يأذن له في خصوصه بخلاف الإقطاع فإنه إنما يفعله النائب بشرط إذن الإِمام له في خصوصه كما مر والفرق أن الإقطاع يحصل به التمليك كما مر بخلاف الحمى وهو بالقصر فقط كما في المشارق وظاهر القاموس جواز المد وهو بمعنى المحمى فهو مصدر بمعنى المفعول وهو خلاف المباح وتثنيته حميان وحكى البسطامي أنه سمع في تثنيته حموان بالواو والصواب الأول لأنه يائي وأصل الحمى عند العرب أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلًا مخصبًا استعوى كلبًا على مكان عال فحيث انتهى.
صوته حماه من كل جانب ولا يرعى فيه غيره ويرعى هو مع غيره فيما سواه وأما الحمى الشرعي فهو أن يحمى الإِمام موضعا خاصًّا يمنع فيه رعي كلئه ليتوفر لرعي دواب خاصة فيجوز بأربعة شروط أشار لها بقوله: (محتاجًا) إليه أي دعت حاجة المسلمين إليه
ــ
زرقون عن غير واحد من الشيوخ والثانية عدم اعتبارها لابن شاس عن الأستاذ الطرطوشي مع الباجي ونقل اللخمي عن المذهب اهـ.
وقال في ضيح ولا يطالبه الإمام بعمارتها بخلاف الإحياء هكذا قال اللخمي أنه ظاهر المذهب ولمطرف وابن الماجشون إذا ظهر عجزه فللإمام أن يقطعها لغيره ابن زرقون رأى غير واحد أنه تفسير وعده الباجي خلافًا والأول أظهر إذ لا منافاة بينهما لأن الإقطاع في الأول لم يكن للعمارة اهـ.
بخ وقول ز كمعمور العنوة غير عقارهم الخ في تسميته معمور انظر والصواب أنه موات وأنه خارج من كلام المصنف اهـ.
(وبحمى إمام) الأصل في الحمى ما رواه البخاري عن الصعب بن جثامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا حمى إلا لله ولرسوله" قال ابن شهاب: وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى الفقيع ورواه أيضًا أبو داود والنسائي ولفظ النقيع بالنون قبل القاف وهو موضع على عشرين فرسخًا من المدينة هو صدر وادي العقيق قاله في المشارق آخر حرف الباء الموحدة لما ذكر أسماء المواضع وقد أنكر ابن عرفة وجوده في المشارق وأنكر كونه بالنون وذلك كله قصور انظر ح وضيح وقول ز وحكى البساطي أنه سمع الخ هذا تحريف وصوابه وحكى الكسائي كما في
لأجل نفعهم فلا يحمي لنفسه ولا لأحد عند عدم الحاجة (قل) بأن لا يضيق على الناس بل فاضلًا عن منافع أهل ذلك الموضع (من بلد غفا) أي لا بناء له ولا غرس وهذا غير ضروري الذكر لاستفادته من قل (لكغزو) ودواب صدقة ودواب فقراء وهذا رابع الشروط كما في الشرح وتت ومن وافقهما وفي ح الظاهر أنه من تتمة محتاجًا أي فاحترز به عما حماه لنفسه محتاجًا له قال: وللشافعية يجوز الحمى لفقراء المسلمين دون أغنيائهم وللمسلمين دون أهل الذمة ولا يجوز العكس في المسألتين اهـ.
والظاهر أن هذا جار على مذهبنا كما يؤخذ من حديث الموطأ الذي ذكروه هنا والظاهر أن الحمى بالشروط الأربعة المذكورة إنما هو فيما تعلق به الإحياء ويجوز له ولغيره بعده نقضه لمصلحة بخلاف حماه صلى الله عليه وسلم فإنه لا ينقضه غيره والمراد بالبلد الأرض وأعاد الضمير عليها مذكرًا باعتبار لفظ البلد (وافتقر) المحيي أو الإحياء أو الموات (لإذن وإن مسلمًا) على ما مال إليه الباجي في الذمي ولكن المنصوص للمتقدمين أنه لا يجوز للذمي الإحياء في القريب أي لبعض حريم بلد لا يحتاج له أهله ولو بإذن الإمام انظر التوضيح ويمكن تمشية المصنف عليه بجعل الواو للحال لا للمبالغة (إن قرب) لعمارة
ــ
كلام أئمة اللسان وهو في الصحاح وغيره وقد ذكره ح على الصواب (لكغزو) قول ز كما يؤخذ من حديث الموطأ الذي ذكروه هنا الخ حديث الموطأ هذا قال ح هو ما رواه مالك رضي الله عنه في آخر جامع الموطأ في باب ما يتقي من دعوة المظلوم عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه استعمل مولى له يدعى هنيًّا على الحمى فقال له يا هني اضمم جناحك عن الناس واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مجابة وأدخل رب الصريمة والغنيمة وإياك ونعم ابن عوف وابن عفان فإنهما أن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى المدينة إلى زرع ونخل وإن رب الصريمة والغنيمة أن تهلك ماشيته يأتني ببنيه يقول يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين أفتاركهم أنا لا أبا لك فالماء والكلأ أيسر من الذهب والورق اهـ.
انظر تمامه وشرحه في ح والحديث رواه البخاري في الجهاد وأنكر ابن حجر كونه في الموطأ وتعقبه ح بأنه موجود في جميع نسخ الموطأ وهذا الحمى هو حمى الربذة بالتحريك والذال المعجمة على ثلاث مراحل من المدينة من جهة مكة والصريمة مصغر صرمة بالكسر القطعة من الإبل كالغنيمة وقول ز إنما هو فيما تعلق به الإحياء الخ لعل صوابه فيما لم يتعلق الخ أي وهو قوله من بلد عفا تأمله (وإن مسلمًا) قول ز على ما مال إليه الباجي في الذمي الخ نص الباجي لو قيل حكمه كحكم المسلمين لم يبعد اهـ.
لكن قال بعده وفي إحياء غير المسلم ما قرب مضرة فلا يأذن فيه الإمام اهـ.
فقال ابن عرفة هذا خلاف قوله لم يبعد اهـ.
وصرح ابن عرفة بأن ما للمتقدمين هو المشهور فعلى المصنف درك في العدول عنه لكن العذر له أن ابن شاس صدر بما للباجي وعزاه لابن القاسم والله أعلم انظر طفى (إن قرب) قول ز
البلد وحريمها (وإلا) يستأذن الإِمام في إحياء المحيا بل أحياه مسلم بغير إذنه (فللإمام إمضاؤه أو جعله متعديًا) فيعطيه قيمة بنائه منقوضًا وقيمة زرعه وغرسه مقلوعًا ويبقيه للمسلمين أو يعطيه لغيره ولا يرجع عليه بغلته وكان وجهه أن أصله مباح (بخلاف البعيد) عن البلد وحريمها فلا يفتقر إحياؤه لإذن الإمام (ولو) كان المحيي في البعيد (ذميًّا بغير جزيرة العرب) مكة والمدينة واليمن كما قدم المصنف في فصل الجزية وما والاها قال ابن دينار مأخوذ من الجزر الذي هو القطع ومنه الجزار لقطعه الحيوان سميت بذلك لانقطاع الماء عن وسطها إلى أجنابها لأن البحر محيط بها من جهاتها الثلاثة التي هي المغرب والجنوب والمشرق ففي مغربها جدة والقلزم وفي جنوبها بحر الهند وفي مشرقها خليج عمان والبحرين والبصرة وأرض فارس ومقتضى عدم افتقاره في البعيد مسلمًا وكذا كافر بغير الجزيرة لإذن أن له بيعه مع أن الجزيري في وثائقه ذكر أنه ليس له بيعه كما في د وهو مستغرب ولما قدم أن من أسباب الاختصاص الإحياء وذكر عياض أنه يحصل بعشرة أمور منها سبعة متفق عليها وثلاثة مختلف فيها بين المؤلف ذلك وذكر جميعها عاطفًا بعضها على بعض وكل واحد من السبعة مجرور بالباء وما عطف عليه بغيرها فهو مع ما قبله شرط واحد وذكر الثلاثة المختلف فيها مخرجًا لها بلا فقال (والإحياء) لا يكون بزرع بدون تحريك كما اقتضاه قوة كلامه وإن اختص به زارعه بل (بتفجير ماء) من أرض أي بحفر بئر لزرع أو فتق عين وانظر هل ذلك الإحياء للبئر خاصة أم لها مع الأرض التي تزرع عليها قاله د: (وبإخراجه) أي إزالته عن أرض غامرة به لزراعة وغرس ونحوهما بل وليس المراد بإخراجه فيها لأنه يتحد حينئذٍ مع ما قبله (وببناء وبغرس) وإن لم يكونا عظيمي المؤنة على ما هو ظاهره وفي الجواهر اشتراط كونهما عظيميها (وبحرث) أي شق (وتحريك) أي تقليب (أرض) وإنما لم يستغن بالتحريك عن الحرث وإن كان التحريك أعم لأن الحرث هو الواقع في عباراتهم فنص على التحريك إشارة إلى أن هذا الحكم غير
ــ
لعمارة البلد وحريمها الخ كلامه يقتضي أن القريب المفتقر للإذن خارج عن حريم العمارة وليس كذلك بل هو حريمها نفسه قال ح: والقريب هو حريم العمارة مما يلحقونه غدوًا ورواحًا اهـ.
وقال ابن رشد: والبعيد من العمران الذي يكون لمن أحياه إذن الإمام أم لا ما لم ينته إليه مسرح العمران واحتطاب المحتطبين إذا رجعوا إلى المبيت في مواضعهم من العمران اهـ.
(والإحياء بتفجير ماء) قول ز وانظر هل ذلك الإحياء للبئر خاصة الخ جزم الفيشي بأن حفر البئر إحياء للبئر وللأرض التي تزرع عليها معًا قال وتنظير ابن فجلة فاسد اهـ.
(وبحرث وتحريك أرض) قول ز الحرث هو الواقع في عباراتهم ولو اقتصر على التحريك لورد عليه أنه غير الواقع في عباراتهم الخ غير صواب لأنهما معًا في عبارة عياض والظاهر أن المصنف إنما جمع بينهما وإن كان الثاني يغني عن الأول لأنه تبع عبارة عياض ونصه وأما السبعة يعني المتفق عليها فتفجير الماء فيها بحفر بئر أو فتق عين الثاني إخراج
خاص بالحرث ولو اقتصر على التحريك ورد عليه أنه غير الواقع في عباراتهم كذا لهم هنا وفيه أن ذلك إنما يحسن لو أدخل المصنف الباء على تحريك على مقتضى قاعدته في هذا الباب مع أن المراد هنا فعلهما معًا إحياء على ظاهر المصنف (وبقطع شجر) أي إزالته ولو بحرق (وبكسر حجرها وتسويتها) وكذا تسوية حروفها (لا بتحويط ورعي كلا) وإزالة شوك ونحوه (وحفر بئر ماشية) أو شفة يشرب الناس منها بشفاههم إن لم يبين الملكية فإن بينها فإحياء وانظر فعل هذه الثلاثة التي في المصنف هل يحصل بها إحياء لقوة الهيئة المجتمعة عن الانفراد كما هو ظاهر كلامهم أم لا ثم محل كلامه في التحويط ما لم تجر العادة به مع مناداة سلطان بأن من حوط شيئًا مما تخرب فإنه له فيعمل بذلك كما وقع ذلك سنة نيف وثلاثين وألف من بيرم باشا بمصر القديمة قرب جامع عمرو (وجاز بمسجد سكنى لرجل تجرد للعبادة) من صلاة بليل وقراءة قرآن وذكر وتعلم علم وتعليمه وخرج بالرجل المرأة وبالمتجرد للعبادة غير المتجرد لها فلا يجوز لكل سكناه به لأنه إنما شرع بناؤه للعبادة فلا يجعل لغيرها كما فسر به قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36] أي تغلق فلا تفتح أي فيجوز قفلها إلا للعبادة أي علمًا أو ذكرًا أو صلاة فلا يمنع من أراد قراءة علم بمسجد إن لم يضيق على المصلين لوضعه للصلاة أصالة لا إن بنى للتدريس فقط وصرح بعضهم بالكراهة للرجل غير المتجرد وبالحرمة للمرأة وإن تجردت لأنها تحيض ولأنها قد يلتذ بها أحد من أهل المسجد فتنقلب العبادة معصية (وعقد نكاح) واستحبه بعضهم فيه (وقضاء دين) يسير يخف معه الوزن أو العدد إلا كثيره فيكره (وقتل عقرب أو فار) كما قدم في فصل الجماعة وأولى ثعبان ونحوه وإن لم يرده شيء من ذلك وتقدم فيه أنه إذا كان بصلاة
ــ
الماء عن غامرها الثالث البناء الرابع الغرس الخامس الحرث وتحريك الأرض بالحفر ونحوه السادس قطع غياضها وأشجارها السابع كسر أحجارها وتسوية حروفها وتعديل أرضها اهـ.
(وحفر بئر ماشية) معناه أن حفر بئر الماشية لا يكون إحياء للأرض التي هو بها قاله ابن عاشر (لا بتحويط ورعي كلا) قول ز ما لم تجر العادة به مع مناداة سلطان الخ هذا إن وقع يكون إقطاعًا لا إحياء والكلام هنا فيما به الإحياء فلا حاجة للتقييد به (وجاز بمسجد سكنى لرجل) جرت عادة الفقهاء أن يذكروا الإحياء المعنوي الذي هو إحياء المساجد لتنزيهها وترفيعها عما لا يليق شرعًا عقب الإحياء الحسي وهو إحياء الأرض الموات وقول ز وصرح بعضهم هنا بالكراهة للرجل غير المتجرد الخ الذي صرح به في ضيح هو المنع ابن الحاجب ولا ينبغي أن يتخذ المسجد مسكنًا إلا لمتجرد للعبادة قال في ضيح الظاهر أن ينبغي هنا للوجوب لأن السكنى في المسجد على غير وجه التجرد للعبادة ممتنع لأنه تغيير له عما حبس له وعلى ولي الأمر هدم المقاصير التي اتخذوها في بعض الجوامع للسكنى اهـ.
أي بمسجد أو غيره فله ذلك إن أرادته (ونوم بقائلة) أو ليل لضيف ومقيم ومسافر لا منزل لكل (وتضييف بمسجد بادية) راجع للأمرين قبله (وإناء لبول) أو غائط (إن خاف سبعًا) ونحوه يفترسه إذا خرج لحاجته وفي بعض النسخ بالقاف بدل العين ويستثنى ذلك من قاعدة حرمة المكث في المسجد بالنجس وظاهر المصنف سواء كان الإناء مما يرشح كالفخار أم لا كالزجاج وظاهره وإن لم يكن ساكنًا فيه كما دل عليه كلام ابن رشد فإن لم يجد إناء بال فيه وتغوط وإن لم يضطر للنوم فيه ابن العربي وكذا لغريب إذا لم يجد من يدخل دابته عنده فإنه يدخلها في المسجد وفهم من قوله: إن خاف أنه لو تحقق ذلك وجب والظاهر أنه يقدم ثوبًا معه غير محتاج للبسه ولا يفسده الغسل على أرض المسجد فإن كان يفسده الغسل لم يفعل كما في مسألة الرعاف إذا خشي تلوث ثوبه ابن رشد لسدنة المسجد الذي لا غنى لهم عن مبيتهم به لحراسه اتخاذ ظرف للبول كخائف السبع وبحث فيه ابن عرفة بأن ما يحرس بها اتخاذه غير واجب وصونها عن ظروف البول واجب ولا يدخل في نفل بمعصية ويفهم منه أنه إن وجبت الحراسة لكبسط محبسة به وشرط محبسها وضعها لوقت صلاة ليلًا أو نهارًا جاز اتخاذ الإناء لكبول وقد يكون هذا مراد ابن رشد بقوله: لا غنى لهم عن مبيتهم به الخ وبه يرد بحث ابن عرفة (كمنزل تحته)
ــ
(ونوم بقائله) قول ز لا منزل لكل ليس قيدًا في نوم القائلة لقول الجواهر خفف في القائلة النوم نهارًا في المسجد للمقيم والمسافر اهـ.
وإنما هو قيد في نوم الليل قال ابن رشد وكذلك يجوز لمن لم يكن له منزل أن يبيت في المسجد انظر ق (وتضييف بمسجد بادية) قول ز راجع للأمرين قبله الخ كلامه يفيد أن التقييد بالبادية يرجع للنوم بقائله أيضًا وفيه نظر وقد أطلقه ابن شاس وابن الحاجب وضيح وغيرهم ونص ضيح ابن حبيب عن عبد الملك لا بأس بالقائلة بالمسجد والنوم فيه نهارًا للمسافر والمقيم ثم قال وأرخص مالك أن يطعم الضيف في مساجد البادية وقال ذلك شأن تلك المساجد وكره أن يوقد فيها نارًا ابن عبد السلام ومنهم من أجاز المبيت في مساجد المدائن والمشهور خلافه وهو أقرب إلى ما روي من الآثار اهـ.
فلم يقيد بالبادية إلا في التضييف والمبيت (وإناء لبول إن خاف سبعًا) قول ز وإن لم يضطر للنوم فيه الخ كذا رأيته في نسخ من هذا الشرح وهو غير صحيح بل لا يجوز له فعل ذلك إلا إذا اضطر إلى المبيت فيه كما في نص ابن رشد وغيره وعبارة ضيح وأجاز ابن رشد في أجوبته لمن التجأ للبيت فيه وخاف أن يخرج لصًّا أو سبعًا أن يتخذ معه آنية ليبول فيها اهـ.
وهكذا في عبارة ابن عرفة عنه وقال أحمد في حاشيته هذا إذا اضطر إلى المبيت في المسجد وأما إن لم يضطر فلا يجوز له ذلك اهـ.
وقول ز ويفهم منه أنه إن وجبت الحراسة الخ فيه نظر لأن تحبيسها المؤدي إلى اتخاذ إناء البول في المسجد من باب شرط ما لا يجوز فلا يمضي لقول المصنف الآتي واتبع شرطه
ولو بأهله (ومنع عكسه) إن سكن بأهله وحدث بناؤه على المسجد بعد تحبيسه ولو قبل تخليته للناس وأما لو بنى فوقه قبل تحبيسه أو كان يملك محلًا أعلى وأسفل فجعل الأسفل مسجدًا فإنه يكره فقط سكنى فوقه بأهله فيهما كعلى مسجد بنى لكراء كما تقدم في الإجارة وأما سكناه فوقه بغير أهل بل لمجرد مبيت فجائز بالأولى من سكنى المسجد لرجل تجرد للعبادة وشبه في المنع قوله: (كإخراج ريح) ظاهره تعمد الخروج فلذا عدل إليه دون خروج فهو عين قول اللخمي ولا يجوز جلب الريح فيه وإن خاليًا لحرمة المسجد والملائكة اهـ.
لا غيره كما توهم وأما خروجه منه غلبة فلا يحرم ولابن العربي يجوز إرساله فيه كما يرسله في بيته إذا احتاج لذلك (و) منع فيه (مكث) أو مرور (بنجس) غير معفو عنه ولو ستر النجس بطاهر على الراجح وقيل يجوز وعليه فيضع النعل في شيء طاهر يكنه والمنجس كالنجس غير المعفو عنه فإن أزيل عن النعل أو نحوه المتنجس عينها بغير المطلق كحكها بالأرض خارج باب المسجد لم يمنع المكث به فيه كما استظهره كر لأن بعض العلماء ذهب إلى طهارته بذلك (وكره أن يبصق بأرضه) البلاط لا التراب وكذا يكره فوق الحصباء وفوق حصير الثلاثة لا في خلال الحصباء أو تحتها فيجوز كتحت حصير المحصب أو المترب فيجوز كما أسلفه في صلاة الجماعة (و) إن فعله (حكه) كما في الحديث كفارتها دفنها وقال البساطي حكه معطوف على أن يبصق مقدر فيه المتعلق أعني بأرضه اهـ.
وعلى الأول فهو استئناف كما قررته تبعًا لما صدر به تت وكره فيه (تعليم صبي) مراهق ونحوه وصغير لا يعبث ويكف إذا نهى قرآنًا أو غيره والمذهب المنع انظر ق وابن عرفة (و) كره فيه (بيع وشراء) بغير سمسار وإلا حرم ومحل الكراهة حيث جعله محلًا لهما وأما مجرد عقدهما فلا يكره وأراد بالبيع الإيجاب بالشراء القبول وإلا لاكتفى عن الشراء لأنه من لازمه ولا فرق بين بيع الذات والمنافع كأن يؤجر نفسه لتعليم قرآن في
ــ
إن جاز فلا يصلح ما ذكره جوابًا عن بحث ابن عرفة (ومنع عكسه) قال في ضيح ونحو هذا في كتاب الصلاة من المدونة والواضحة وما في كتاب الجعل من لفظ الكراهة الظاهر حمله على المنع اهـ.
وما في كلام ز من التوفيق هو الذي اختاره ح فيما تقدم وقد تقدم التنبيه عليه (وكره أن يبصق بأرضه) قول ز يكره فوق الحصباء لا في خلالها الخ لم أر من ذكر هذا التفريق في المحصب بل أطلقوا الجواز فيه وهو الذي مر عند ز في باب الصلاة وهو ظاهر نقل ق هنا (وبيع وشراء) ابن الحاجب ويكره فيه البيع والشراء وسل السيف وإنشاد الضالة والهتف بالجنائز ورفع الصوت ولو بالعلم اهـ.
ضيح فينبغي أن تكون الكراهة هنا أيضًا على المنع وقول ز ومحل الكراهة حيث جعله محلًا لهما الخ أي بأن أظهر سلعته فيه للبيع ففي المبسوط قال مالك لا أحب أن يظهر سلعته
المسجد لكبير أو صغير وظاهر المصنف أن الهبة والصدقة فيه لا يكرهان لأنهما مرغب فيهما (وسل سيف وإنشاد ضالة) أي تعريفها لملتقطها وكذا نشدها لمن ذهبت منه بالأولى وهو الوارد في خبر إذا رأيتم من ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا ردها الله عليك وهو بفتح التحتية وضم الشين المعجمة أي يطلب ما ضاع منه بدليل قوله لا ردها وذكر المصنف غير محل النص لأنه يتوهم فيه عدم الكراهة لوجوب تعريفها على ملتقطها وترك محل النص لأنه إنما يجب حفظ مال الإنسان عليه مع وجوده لا مع ضياعه فسقط اعتراض الجيزي على المصنف بأنه كان الأولى أن يقول ونشد لأنه محل النص (و) كره (هتف) أي صياح بمسجد أو ببابه إعلامًا (بميت) أي بموته وأما من غير صياح بل بصوت خفي فجائز كما قدم الأمرين في الجنازة وحيث قال عاطفًا على ما يكره ونداء به بمسجد أو بابه لا بكحلق بصوت خفي اهـ.
خلافًا لقول ابن الحاج يجوز ببابه عند انصراف الناس ولا يصلح تفسير المصنف هنا به (ورفع صوت) بمسجد بقرآن أو علم أو ذكر إلا تلبية بمسجد مكة ومنى فيجوز رفعه بها فيهما على المشهور وقدم رفع صوت مرابط بالتكبير والجهر في الصلاة الجهرية والخطبة وجهر متنفل بليل إن لم يخلط على غيره زاد ق هنا عن ابن مسلمة رفعه في خصومة جماعة عند سلطان فيه حيث لا بد لهم من مثله (كرفعه بعلم) بغيره لدخول ما به قبله والمراد بالرفع ما زاد على قدر إسماع المخاطب ذكره إلا بي (ووقود نار) لغير تبخير واستصباح وكذا في نسخة حلولو وقود بالواو ونسخة غيره وقيد بالياء وهو الفعل نفسه وأما الوقود بالواو فهو الآلة التي تحرق من حطب ونحوه وفي القران: {وَقُودُهَا النَّاسُ
ــ
في المسجد للبيع فإما أن يساوم رجلًا بثوب عليه أو سلعة تقدمت رؤيته لها فلا بأس به اهـ.
نقله ق (وإنشاد ضالة) ما ذكره ز من التفريق بين الرباعي والثلاثي في المعنى هو الذي في الصحاح والنهاية لابن الأثير وهو المعروف المألوف لكن في القاموس ما يفيد أن كلًّا من الرباعي والثلاثي يستعمل في الطلب والتعريف ونصه نشد الضالة نشدًا ونشدانًا ونشدة بكسرها طلبها وعرّفها ثم قال وأنشد الضالة عرفها واسترشد عما ضل اهـ.
وعليه يكون لفظ المصنف شاملًا للمعنيين والله أعلم (ورفع صوت) ابن عطية في تفسير قوله تعالى: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} [الحجرات: 2] الآية كره العلماء رفع الصوت عند قبره صلى الله عليه وسلم وبحضرة العالم وفي المساجد وفي هذه كلها آثار بعد أن قال ابن زيد في قول الله عز وجل: {لَا تُقَدِّمُوا} [الحجرات: 1] الآية أنه نهى عن التقديم في المشي قال وكذلك بين يدي العلماء لأنهم ورثته انتهى.
(كرفعه بعلم) قول ز بغيره أي بغير المسجد أي فيكره رفع الصوت بالعلم في كل موضع على المشهور كما صرح بذلك في ضيح خلافًا لابن مسلمة في غير المسجد (ووقود نار) قول ز وأما الوقود بالواو فهو الآلة الخ الوقود الذي هو الآلة بفتح الواو كما في الآية
وَالْحِجَارَةُ} [البقرة: 24](ودخول كخيل) مما فضلته نجسة (لنقل) للحجر منه أوله لا ما فضلته ظاهرة فيجوز إدخاله لذلك لا لغير ذلك فلا يجوز لأنه استعمال له في غير ما حبس له لكن ورد أنه صلى الله عليه وسلم طاف في المسجد على بعير (و) كره (فرش فيه) ليجلس عليه لغير اتقاء حر أو برد (أو متكأ) بالرفع هو والذي قبله عطف على نائب فاعل كره أي يكره اتخاذه فيه كوسادة لأن ذلك ينافي التواضع وكذا يكره الوضوء فيه وقيل يجوز ما لم تكن أعضاؤه متنجسة فيحرم ولما جرت عادة شيوخ المذهب أنهم يعقبون باب الإحياء بأقسام المياه وبالآبار والعيون والكلا وما أشبه ذلك تبعهم المصنف وبدأ بأقسام المياه فقال: (ولذي ما جل) بفتح الميم والجيم وبضم الميم وفتح الجيم أي صهريج ونحوه مما يجعل لخزن الماء (وبئر ومرسال مطر) أي محل جريه وهو ما يسيل ماء المطر في أرضه الخاصة به وإن لم يكن كثيرًا كما يوهمه تغيره بصيغة المبالغة (كماء) في آنية (يملكه) أي ما ذكر من الثلاثة أي يملك ذاته أو منفعته كبركة وقفها شخص على ذريته فقط (منعه) من غيره (وبيعه) وبما قررنا من تعلق قوله كماء بمقدر وهو في آنية كجرة أو قصعة أو قرية يندفع دعوى اتحاد المشبه والمشبه به ومن جعل يملكه لما ذكر من الثلاثة سقط الاعتراض عليه بأن قوله يملكه يوهم أن ما قبله لا يملكه مع أنه يملكه أيضًا وأما ملك الانتفاع فقط كوقف صهريج على ساكني بيوت واقف كقايتباي بالصحراء ونحوه شرط لكل بيت قربة ماء كل يوم فليس له منعه ولا بيعه ولا هبته وله أن يعطيه لمن هو من أهل الحبس أما بعينه كمن له عيال كثيرة لا تكفيه قربته كل يوم وآخر تكفيه قربته يومين وإما من عموم الفقراء وقوله منعه الخ مبتدأ خبره لذي ما جل واستثنى من منعه وبيعه أي لمن شاء قوله: (إلا من خيف عليه) الهلاك أو المرض الخطر لو صبر حتى يرد ماء آخر (و) الحال أنه (لا
ــ
وأما الوفود بالضم فهو المصدر وقوله أن الوقيد بالياء هو الفعل مخالف لما في القاموس ونصه والوقود كصبور الحطب كالوقاد والوقيد وقرئ بهن اهـ.
وقول ز وكذا يكره الوضوء فيه الخ اختلف الوضوء في صحن المسجد فأجازه ابن القاسم في سماع موسى وقال سحنون لا يجوز فحمله الباجي على الكراهة وحمله ابن رشد على ظاهره من المنع قال وقول سحنون أحسن لقول الله عز وجل: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36] فواجب أن تنزه عنه لما يسقط فيه من أوساخ الأعضاء ومن المضمضة وقد يحتاج فيه إلى الصلاة بذلك الموضع فيتأذى المصلي بالماء المهراق فيه انظر ح والله أعلم اهـ.
(ولذي ما جل وبئر الخ) قال في ضيح فيجوز له بيعه ومنعه على المشهور وقال يحيى بن يحيى أربعة لا أرى أن تمنع الحطب والماء والنار والكلأ وقد ورد بعدم منع هذه الأربعة حديث ضعيف وقيد ابن رشد هذا الخلاف بما إذا كانت البئر أو العين في أرضه بما لا ضرر عليه في الدخول إلى الاستسقاء منها وأما البئر التي في دار رجل أو حائطه التي قد حظر عليها فله أن يمنع من الدخول عليه اهـ.
ثمن معه) حين الخوف فلا يجوز له أن يمنعه من ذلك الماء لوجوب المواساة حينئذٍ ويجب بذله إليه مجانًا ولو كان مليًّا ببلده لأنه الآن من أبناء السبيل ولا يرجع عليه به فإن كان معه ثمن فبه كما قدمه في الذكاة بقوله: وله الثمن إن وجد ويحمل قوله: (والأرجح بالثمن) على ما إذا وجد كما في جد عج لكنه نص المدونة فلا حاجة لعزوه لابن يونس وكذا جعل أن شرطية مركبة مع لا أي وإلا ينتف عدم الثمن بل وجد رجح بالثمن فيه نظر لأنه ليس لابن يونس في هذه ترجيح وإنما فيه نقله عن المدونة وتقريره فالأحسن تعلقه بقوله: (كفضل) بالكاف وفي بعض النسخ باللام وعلى كل فهي بمعنى في أي فضل (بئر زرع) أي يدفع ما فضل من بئره مثلًا عن زرعه لجاره حيث (خيف على زرع جاره) أو نخله الهلاك وفي الحقيقة قوله خيف على زرع لجاره صفة لموصوف محذوف أي يدفع لجار ثم لما حذف أتى بالظاهر موضع الضمير والباء سببية في قوله: (بهدم بئره وأخذ يصلح) فيلزمه دفعه بالثمن في مسألة الزرع عند ابن يونس حيث وجد معه وإلا فلا وما ذكره ابن يونس وتبعه المصنف خلاف ما في المدونة من أنه لا ثمن على صاحب الزرع وإن وجد معه وما فيها هو المعتمد فإن قيل إحياء المهج أعظم فلم كان المسافر يأخذ بالثمن إن وجد معه عند خوف الهلاك والجار الخائف على زرعه الهلاك يأخذه بلا ثمن مع وجوده معه على ما في المدونة والقياس العكس أو المساواة كما قال ابن يونس يأخذه بالثمن مع وجوده فيهما وهذا السؤال بعينه اعتراض من ابن يونس على فرق المدونة بين حكم المسألتين قلت أجيب عنها بجوابين أحدهما للتونسي أن الماء في مسألة الزرع لا ثمن له عندهم لكونه فاضلًا عن حاجة صاحبه بخلافه لإحياء نفس المسافر المجهود
ــ
ويقيد المنع بغير ما استثناه المصنف وفي المقدمات حمل مالك النهي عن منع الماء على من خيف عليه الهلاك والمراد بالحطب والكلأ اللذان في الفحص لا في منزله اهـ.
(والأرجح بالثمن) قول ز وكذا جعل إن شرطية الخ هذا التقرير موافق في المعنى للتقرير الأول وما أورده عليهما صواب ونص المدونة وكل من حفر في أرضه أو داره بئرًا فله منعها ومنع المارة منها إلا بثمن إلا قومًا لا ثمن معهم وإن تركوا إلى أن يردوا ماء آخر هلكوا اهـ.
فلزوم الثمن لمن وجد معهم هو نصها ولا يصح رجوع الترجيح لمن هو مليء ببلده وليس معه لأن مختار ابن يونس فيها عدم اللزوم ونعم اختار اللخمي أنه يتبع به فيها فلو أراده المصنف لقال والمختار بدل الأرجح انظر غ وقول ز وإلا ينتف عدم الثمن الخ صوابه إسقاط لفظ عدم فيقول وإلا ينتف الثمن بأن وجد الخ (كفضل بئر زرع) قول ز بمعنى في الخ فيه نظر إذ لم أر من ذكر في معاني الكاف معنى في والأحسن لو جعلها للتعليل وقول ز فلو زرع أو غرس على غير ماء الخ هكذا في المدونة قال أبو الحسن: قالوا هذا إذا كان له ثمن ابن يونس أما إذا كان لا ثمن له ولا ينتفع صاحبه بفضله فما الذي يمنع الجار أن يبتدئ الزرع عليه وذكره أبو إسحاق اهـ.
لوجوب تقديمه على دواب رب الماء ومواشيه وزرع ثانيهما لأبي الحسن الصغير عن بعضهم أن المسافر مختار بسبب السفر أي فقد سافر وهو مستعد لشراء الماء والذي انهارت بئره ليس بمختار انتهى.
وأشار المصنف لشروط وجوب بذل الماء الأربعة أولها قوله فضل فإن لم يفضل عن زرع ربه شيء لم يجب وينبغي وجوب بذله إذا خيف تلف بعض زرع ربه وهلاك جميع زرع الجار ارتكابًا لأخف الضررين مع غرم قيمة البعض الذي يتلف لرب الماء على من يأخذه ثانيها قوله خيف أي ظن فإن لم يظن هلاكه عادة بل شك فقط لم يجب ثالثها قوله بهدم بئره أنه زرع على ماء فلو زرع أو غرس على غير ماء لم يجب على جاره البذل لمخاطرته وتعريضه للهلاك قاله ابن الماجشون رابعها قوله وأخذ يصلح أي مع إمكان الإصلاح كما يقتضيه المضارع فإن لم يأخذ في الإصلاح لم يجب على الجار بذل فضل مائه فإن تعذر ودفع له كما يقتضيه ق والمراد بالجار من يمكنه سقي زرعه من ماء بئر الجار وإن لم يكن ملاصقًا ذكره الشاذلي فإن كان جيرانه فيهم أقرب وأبعد وطلب من الأبعد فليس له أن يقول خذ من الأقرب ومقتضى ذلك أنه إذ أمكنه ماء آخر لزرعه من محل من غير جيرانه لم يلزمه والظاهر على تسليمه تقييده بما إذا زادت مشقة ذلك السقي بماء الجار (وأجبر) رب الماء (عليه) أي على بذل فضل مائه لجاره بالشروط المذكورة وشبه تشبيها ناقصًا في الجبر بدون الشروط السابقة وبدون اضطرار في أخذه لغير ذي زرع ولذا لم يعطف بالواو قوله: (كفضل) أي كبذل فضل (بئر ماشية) أو شفة (بصحراء) بذلًا (هدرًا) أي بلا ثمن ولو مع وجوده وليس له منعه منه مع فضله عن حاجته كما أشار له بقوله: كفضل ولا يجوز له بيعه ولا هبته ولا يورث عنه هذا كله (إن لم يبين) حين حفر (الملكية) لعدم الإحياء به حينئذٍ ولأن نيته أخذ كفايته فقط فإن بينها بأن أشهد عند الحفر أنها له لم يجب بذله بدون ثمن لاختصاصه بها حينئذ لأنه إحياء (و) إن اجتمع على ماء بئر ماشية فضل عن ري ربها مستحقون والماء يكفيهم (بدئ) وجوبًا (بمسافر) غني أو فقير لاحتياجه لسرعة السير (و) حق (له) على ذي الماء أو على الحاضر (عارية آلة) وعليهم إعارتها له أو اللام بمعنى على وعارية بمعنى إعارة وضمير له لرب الماء أو
ــ=
وفي عزو ذلك لابن الماجشون مع أنه في المدونة ما لا يخفى (إن لم يبين الملكية) قال في المقدمات ولو أشهد عند حفره إياها أنه إنما يحفرها لنفسه لوجب أن لا يمنع من بيع مائها وإن يستحقها ملكًا بالإحياء على حكم إحياء الموات قال في المدونة: أكره بيع ماء بئر الماشية وقال في المجموعة لا يجوز ذلك فقيل إنه اختلاف من القول والصحيح أن ذلك إنما يعود إلى الفرق بين أن يحفرها على وجه الصدقة أو على غير وجه الصدقة اهـ.
(وله عارية آلة) قول ز وهذا ما لم يجعل الآلة للإجارة الخ هذا القيد أصله لابن عبد السلام وبحث معه ابن عرفة فقال مقتضى الروايات خلافه اهـ.
الحاضر وهذا ما لم يجعل الآلة للإجارة وإلا أخذ الأجرة وتبعه بها إن لم توجد معه (ثم) قدم (حاضر) مار (ثم دابة ربها) أي البئر دابة المسافر ثم مواشي ربها ثم مواشي الناس كذا في المقدمات وهو يفيد كالمصنف إن مواشي المسافر مؤخرة عن دوابه وما ذكر في تعليل تقديمه يخالف ذلك إذ تقديم دوابه وتأخير مواشيه يوجب انتظاره فالوجه استواء مواشيه مع دوابه وإنما لم يصرح في النص بذلك لأن الغالب إن المسافر لا مواشي معه أو لأنها تزكى بخلاف الدواب فإنه إذا خيف موتها خيف على المسافر والتعليل الأول يفيد أنها إن كانت معه فإنها تكون مع دوابه فتأمله فما وقع في كلام بعضهم كالأقفهسي من التصريح بتأخير مواشي المسافر عن دوابه وأنها بعد مواشي أهل الماء التالية في المرتبة لدواب المسافر فيه نظر قاله د مع بعض زيادة عليه (بجميع الري) متعلق ببدئ وقدم كما قررنا أي كل من قمنا بدئ أو قدم فيبدأ بجميع الري وحينئذٍ فيفيد أن الحكم بالتبدئة وبجميع الري مقصودان ويفيد ذلك حل تت وإعرابه كما في غ بدل اشتمال يفيد أن الأول غير مقصود مع أنه مقصود أيضًا ويجاب عنه بأنه لم يقل بدل اشتمال من بدئ وإنما قال بدل اشتمال من قوله بمسافر وما بعده (وإلا) يكن في ماء بئر الماشية الفاضل عن ري به كفاية لجميع الري أو وإلا يكن في الماء فضل عن ري ربه بحيث يروي غيره (فبنفس المجهود) أي بدئ بالذات لمجهوده عاقلة أم لا ولو غير ربه ودوابه والظاهر ارتكابًا لأخف الضررين التبدئة بما يزيل الهلاك فقط لا بجميع الري قال تت ابن رشد فإن استووا في الجهد تواسوا عند أشهب وذهب ابن كنانة إلى أن أهل الماء أحق بتقديم أنفسهم ودوابهم اهـ.
فهما قولان متساويان ولكن الأظهر الثاني لموافقته لقول المصنف وفضل طعام وشراب لمضطر إلا أن قوله فيه ودوابهم أي على دواب المارة لا على أنفسهم لوجوب تقديم حفظ النفس العاقلة على غيرها مجهودين على المذهب وقوله تواسوا أي شرب كل
ــ
(ثم حاضرتم دابة ربها) قول ز ثم قدم حاضر الخ لا وجه لتقدير قدم ولا لرفع حاضر والصواب أنه بالجر عطفًا على بمسافر وقول ز وإنما لم يصرح في النص الخ أي لم يصرح ابن رشد بمواشي المسافر لا باستوائها مع دوابه ولا بتأخيرها عن مواشي أهل الماء وإنما قال ثم مواشي ربها ثم مواشي الناس انظر في غ نص المقدمات (بجميع الري) بفتح الراء وكسرها مصدر روي بالكسر وقول ز متعلق ببدئ غير صحيح لأنه يلزم عليه تعلق حرفين متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد وهو ممنوع في الصناعة والصواب أنه بدل اشتمال من قوله بمسافر كما قاله غ وإفادته أن الأول غير مقصود لا تضره لأنه ليس المراد تعلق التبدئة بذات المسافر من حيث ذاته بل المراد تعلقها به من حيث ربه بالماء فالمبدل منه غير مقصود هنا وإنما هو توطئة للبدل تأمل وبذلك تعلم ما في كلام ز من الركاكة نعم في بعض النسخ لجميع الري بلام الغاية فيكون متعلقًا ببدئ والله أعلم (وإلا فبنفس المجهود) قول ز والظاهر ارتكابًا لأخف الضررين التبدئة بما يزيل الهلاك فقط الخ ما استظهره هو صريح ابن رشد
قدر ما يدفع الجهد لا أنهم يروون وفي الشارح تساووا أي في وجوب شرب قدر ما يدفع الجهد فقط لا الري فهي مساوية لما في تت (وإن سال مطر بمباح) أي في أرض لا ملك لأحد عليها وعندها جنان أو زرع (سقي) الحائط أو الزرع (الأعلى) أي القريب للماء المذكور أي بدئ بسقيه (إن تقدم) في الإحياء على غيره وأمسك الماء فيه (للكعب) ثم يرسل لمن يليه جميع الماء على المعتمد لا ما زاد على الكعب فقط قال تت: ومفهوم الشرط أن الأسفل إذا تقدم إحياؤه فإنه أحق ولم يذكر تقييد سحنون بأن ذلك ما لم يخف هلاك زرع الأول وإن تعقب به ابن عبد السلام إطلاق ابن الحاجب لرده انظر ابن عرفة اهـ.
وقوله: لرده أي التعقب أو تقييد سحنون وعليه فهمه عج فقال قوله: إن تقدم أي أو ساوى وكذا إن تأخر ما لم يخف على الأسفل الهلاك اهـ.
وهذا تفصيل في المفهوم فلا يعترض به واحترز بالمباح عن السائل بمكان مملوك فإن صاحبه له منعه من غيره كما قدمه فما هنا مفهوم ما مر وأما الجنان مع الرحى فتقدم على الرحى ولو تأخرت في الإحياء عن الرحى وكانت أقرب من الجنان للماء كما قال ابن رشد لأن ماء الجنان يصرف إذا بلغ الكعب للرحى ولا يصرف ماء الرحى لها ولأن تأخير سقي الجنان قد يؤدي لتلف ما في الحائط وتأخير الماء عن الرحى لا يؤدي لتلفها وإنما يؤدي لتعطيلها هكذا ظهر في توجيهه قاله عج (وأمر) صاحب الحائط الأعلى أي قضى عليه (بالتسوية) الممكنة لأرض حائطه التي بعضها أعلى من بعض وليس له حبسها للكعب من غير تسويتها (وإلا) يمكنه تسويتها لتعذرها وكان السقي في الأعلى لا يبلغ الكعبين حتى يكون في الأسفل أكثر من الكعبين في الأعلى (فكحائطين) يسقي كل جهة على حدتها ويصير هذا الحائط الواحد الذي هو
ــ
ونقله ابن عرفة وقول ز وذهب ابن كنانة إلى أن أهل الماء أحق الخ صوابه ابن لبابة باللام وباءين موحدتين كما في نقل ضيح وغ وهو كذلك في المقدمات (وإن سال مطر بمباح) قول ز ثم يرسل لمن يليه جميع الماء على المعتمد الخ هذا هو قول ابن القاسم لكن الذي استظهره ابن رشد هو الثاني ونصه في المقدمات ثم اختلف هل يرسل إلى الأسفل جميع الماء ولا يبقى منه شيئًا وهو قول ابن القاسم أو يرسل ما زاد على الكعبين وهو قول مطرف وابن الماجشون وابن وهب وهو الأظهر اهـ.
ومعناه في الثاني أن يرسل الماء من وراء جنانه ويبقى فيه ما وصل للكعبين وقول ز ولم يذكر تقييد سحنون بأن ذلك ما لم يخف هلاك زرع الأول الخ هذا سبق قلم إذ ليس تقييد سحنون هكذا بل سحنون قيده بما إذا خيف هلاك زرع الأسفل كذا نقله في ضيح وغيره ونص ضيح عن سحنون إن أراد أن ينفرد الأعلى بالماء ويسقى قبل الأسفل الذي أحيا قبله وذلك يبطل عمل الثاني ويتلف زرعه فالقديم أولى قال في ضيح فشرط في ذلك أن يكون زرع الأقدم بحيث يخشى عليه اهـ.
غير متساوٍ كحائطين يقدم على غيره بجهتيه يقدم الأعلى ثم الأسفل فقوله وإلا راجع لصفة مقدرة بعد التسوية كما قررنا ولم يصرح بهذه الصفة لأنه لا يؤمر بها إلا وهي ممكنة وذكر مفهوم الأعلى بقوله: (وقسم) الماء (للمتقابلين) للماء سواء استوى زمن إحيائهما أو اختلف وانظر هل يقسم سوية أو على حكم زرع كل (كالنيل) تشبيه تام في ماء المطر في جميع ما مر من سقي الأعلى إن تقدم في الإحياء الخ وذكر مفهوم بمباح بقوله: (وإن ملك) الماء (أولًا) بأن اجتمع جماعة على إجرائه بأرضهم (قسم) على حسب أعمالهم من غير تبدئة أعلى على أسفل لملكهم له قبل وصوله لأرضهم ابن عرفة عياض وابتداء زمن الخط من حين ابتداء جريه لأرض ذي الحظ ولو بعدت إن كان أصل أراضيهم شركة ثم قسمت بعد شركتهم في الماء لأن على ذلك قومت الأرض حين قسمها وإلا فمن وقت وصوله لأرضه اهـ.
فإن قلت لم اعتبر الحظ من حين ابتداء الجري حيث قسمت الأرض بعد شركتهم في الماء وأما في غير ذلك فمن حين وصول الماء إليه قلت لأنه إذا وقع القسم بعد شركتهم في الماء فإنما يعدل على أقلهم نصيبًا بالقيمة فيراعى في التعديل قرب الماء وبعده بخلاف ما إذا كان القسم قبل الشركة في الماء أو لم تكن بينهم شركة في الأرض (بقلد أو غيره) كساعات رملية محققة ولكن يراعى اختلاف كثرة الجري وقلته فإن جريه عند كثرته أقوى من جريه عند قلته فيرجع في ذلك لأهل المعرفة فإن قالوا جريه عند كثرته خمس درج يعدل جريه عند قلته ثمان درج عمل بذلك ومن ذلك جريه بالليل فإنه أكثر منه نهارًا كما يفيده ابن عرفة وقال يقسم ماء الليل على حدته وماء النهار على حدته ثم إن تراضى الشركاء بتبدئة بعضهم على بعض فذاك (و) إلا (أقرع) بينهم (للتشاح وفي السبق) فمن خرج اسمه أولًا بدئ به ويجري له الماء كله حتى يروى إلى الكعبين ثم الذي يليه كذلك إلى آخرهم وصفة القرعة أن تكتب أوراق بعدد الشركاء ويكتب في كل ورقة اسم كل واحد منهم ثم تخلط وتجعل بيد أمين ثم تخرج واحدة فينظر الأمين ما فيها من الاسم فتدفع لصاحبها فيبدأ به ثم بمن خرج اسمه في التي أعطيت ثانيًا وهكذا وليس المراد أن يخرج ورقة من الأوراق وتدفع قبل نظر الأمين لما فيها وتدفع لواحد منهم لأنها
ــ
وما نقله عن سحنون نحوه لابن شاس وإن كان ابن عبد السلام تورك على ابن الحاجب بقيد الخوف لكن لم يجزم بذلك بل قال يحتمل أن لا يرى سحنون الأقدم أولى إذا فقد هذا الشرط فجزم عج به غير ظاهر اهـ.
قلت ما تقدم عن ضيح من قوله فشرط في ذلك الخ يشهد لعج ويرد على طفى فتأمله (وقسم للمتقابلين) قول ز سواء استوى ز من إحيائهما أو اختلف فيه نظر لأنه تقدم أن الأسفل يقدم بتقدم إحيائه فأحرى أحد المتقابلين تأمله (وإلا أقرع للتشاح) قول ز حتى يروى إلى الكعبين الخ الصواب إسقاط هذا لأن الفرض أنه يقسم بالقلد فيجب إبقاء الماء لكل
قد تعطى حينئذٍ لغير من فيها اسمه كما هو ظاهر (ولا يمنع) أحد (صيد سمك) من ماء الأودية والأنهار إن لم يكن في ملكه لأن الماء لما كان غير ملوك والصيد غير مملوك كانا كسائر المباحات فمن سبق إليه فهو أحق به سواء طرح فيه فتوالد أو جره الماء إلى تلك الأرض (وإن) كان السمك في أرض (من ملكه) لذاته أو منفعته من أرض عنوة وقفت بمجرد الاستيلاء كما مر أنها تقطع إمتاعا لا ملكًا فلا ينافي هذا تأويله الأول الآتي أو أنه أراد بأرضها غير محل الزرع وإنما لم يمنع من صيد سمك من ملكه وجاز له منع ماء يملكه كما مر لجهل قدره ولأنه يقل ويكثر كما يفيده الشارح بخلاف الماء لانضباطه غالبًا (وهل) عدم المنع (في أرض العنوة فقط) صاد المالك أم لا لأنها في الحقيقة لا تملك وإنما هي أرض خراج واستمتاع وأما المملوكة حقيقة فله المنع (أو) عدم المنع مطلقًا في أرض العنوة وغيرها (إلا أن يصيد المالك) أي يريده فله المنع (تأويلان) فحلهما في أرض الصلح حيث لم يصد المالك وعلم مما قررنا أن الاستثناء من التأويل الثاني المطوى في كلامه ومحلهما في ماء في ملكه حيث لا يضر به الصيد فإن أضرّ به كاطلاع الصائد على حريمه وكإفساده زرعه منع اتفاقًا ثم التأويلان ضعيفان فإن المذهب أنه لا يمنع صيد سمك وإن ملكه في أرض عنوة أو غيرها طرحت فتوالدت أو جرها الماء إلا في الصورة
ــ
واحد منهما حتى ينتهي قلده ولا يتقيد ذلك بالكعبين (وهل في أرض العنوة الخ) في المدونة قال ابن القاسم سألت مالكًا رحمه الله تعالى عن بحيرات تكون عندنا بمصر لأهل قرى أراد أهلها بيع سمكها لمن يصيد فيها قال مالك لا يعجبني أن تباع لأنها تقل وتكثر ولا يدري كيف تكون ولا أحب لأحد أن يمنع أحدًا من تلك البحيرة يصيد فيها واختلف الشيوخ في تأويل قوله فقال ابن الكاتب إنما منعهم من ذلك لأن الأرض ليست لهم إذا أرض مصر أرض خراج ولو كانت الأرض ملكًا لهم لكان لهم منع الناس منها وقال غيره من القرويين إنما لا يمنع الناس منها إذا كان هو لا يصيد ذلك فلم يبق إلا أن يبيعه وهو لا يجوز له بيعه لأن بيعه غرر فلا يمنع الناس هذا محصل ما نقله أبو الحسن في كتاب حريم البئر عن ابن يونس وهو الذي أشار إليه المصنف وكلام ابن يونس مذكور في كتاب البيوع الفاسدة منه ونصه أثر قوله ولا يمنع من يصيد فيها ولا الشرب منها قال ابن الكاتب إنما قال لا يمنع أربابها الناس منها لأن الأرض ليست لهم وإنما هم منزلون بها وإنما هي أرض مصر وهي أرض خراج السلطان وأما لو كانت أرض إنسان وملكه فله منع الناس ولا فرق بين ذلك وبين جوابه عمن حفر في أرضه أن له منع مائه من الناس وله بيعه والله أعلم اهـ.
وقال غيره من شيوخنا القرويين إنما لا يمنع الناس منها إذا كان لا يصيد ذلك إذ لا يجوز له بيعه لأن بيعه غرر فلا يمنع الناس منه كما قال في الكلا إن احتاج إليه برعي أو بيع فله منع الناس منه وإن لم يحتج إليه ولا وجد له ثمنًا فليخل بين الناس وبينه فكذلك برك الحيتان اهـ.
المستثناة التي قدمتها (و) لا يمنع أحد (كلاء) أي رعيه وهو ما ينبت في المرعى من غير زرع وهو منون معطوف على صيد (بفحص) وهو أرض ترك ربها زرعها استغناء عنها ولم يبورها للرعي (و) لا يمنع (عفاء) بالمد عن زراعة بأن لا يقبلها كالمسمى في مصر بالخرس فإذا نبت فيه كلأ فليس له منع من يرعاه ومحل عدم منعهما حيث (لم يكتنفه زرعه) فإن اكتنفه فله المنع (بخلاف) كلا في (مرجه) موضع فيه دوابه (و) في (حماه) الذي بوره من أرضه للمرعى فله منع غيره من رعي كلا هذين الموضعين وبيعه وهذا وما قبله في الأرض المملوكة له وأما غيرها كالفيافي فقال ابن رشد الناس فيه سواء اتفاقًا وكذا من سبق إليه وقصده من بعد فتركه ورعى ما حوله عند ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة وقيل يكون أحق بقدر حاجته وقيل إن حفر بئرًا فهو أحق به قاله المغيرة وهو أعدل الأقوال وأولاها بالصواب لأنه لا يقدر على المقام على الماء إذا لم يكن له في ذلك الموضع مرعى فتذهب نفقته في البئر باطلًا.
ــ
ولم يقف ق على هذا فتوقف والله أعلم وقول ز ثم التأويلان ضعيفان الخ نحوه في الفيشي وفيه نظر كما يعلم مما تقدم فتأمل (ولا يمنع كلاء بفحص وعفاء) أما الكلاء فقال عياض الكلا مقصور مهموز العشب وما تنبته الأرض مما تأكله المواشي وأما العفاء فهو بالفتح والمد الدروس والهلاك كما في الصحاح والقاموس وتورك غ على المصنف بكلام الصحاح ولا تورك عليه إذ قد يطلق العفاء على نفس الأرض ففي النهاية لابن الأثير في الحديث أقطع من أرض المدينة ما كان عفاء أي ما ليس لأحد فيه أثر من عفاء الشيء إذا درس ولم يبق له أثر يقال عفت الدار عفاء اهـ.
وقد فسر ابن فرحون في شرح ابن الحاجب العفاء هنا بالدارس من الأرض الذي لا يزرع اهـ.
قاله طفى.