المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلذكر فيه كراء الحمام والدار والعبد والأرض - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٧

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌فصلذكر فيه كراء الحمام والدار والعبد والأرض

(كأن) اكتريت ثورًا على أن (يطحن) مثلًا (لك كل يوم أردبين) مثلًا (بدرهم) مثلًا (فوجد) لا يطحن إلا (أردبًا) مثلًا والمراد أقل مما وقع عليه العقد معتقدين أن الزمن يزيد على العمل فتبين خلافه ثم إن فسخ فله في الإردب نصف درهم وإن بقي فعليه الكراء كله كذا ينبغي ويدل قول المصنف فيما يأتي فإن بقي فالكراء أي ولأن خيرته تنفي ضرره وفي تت إن بقي فعليه نصف درهم وفيه نظر قاله د وأنت خبير بأن الجمع بين الزمن والعمل يفسد الكراء حيث تساويا على المعتمد أو زاد العمل على الزمن فإن زاد الزمن على العمل ففي فسادها خلاف وحينئذ فيحمل ما هنا على أنهما حين عقد الكراء اعتقدا أن الزمن يزيد على العمل كما قدمنا وقول المصنف فوجد الخ ظاهر في أنهما لم يدخلا على ذلك وأجاب بعضهم بأن الإِمام جوز هنا الجمع بين العمل والزمن لقلة وقوع المعاقدة على ذلك فالغرر قليل بخلاف الصانع فمنع لكثرة المعاقدة فيها على ذلك فغرره كثير وعهدته عليه اهـ.

(وإن زاد) المكري (أو نقص) في مسألة الطحن وغيرها لا فيها فقط (ما يشبه الكيل فلا لك) يا مكتري في النقص رجوع عليه بشيء (ولا عليك) شيء في الزيادة فهو لف ونشر مشوش هذا على جعل ضمير زاد أو نقص للمكري كما مر أي أن المكري زاد قدر ما طحنه مثلًا للمكتري كان يستأجره على طحن أردب فيطحن ما يزيد عليه مما يشبه أن يزاد في كيله أو نقص الأردب مما يشبه أن ينقص في كيله وحينئذٍ فيكون ضمير الخطاب فيهما للمكتري كما قدمنا كما أنه فيما قبل مرتب غير أنه يكون المخاطب حينئذٍ هنا غير المخاطب فيما قبله ثم يحتمل كلامه أن يكون هذا من تتمة ما قبله ويحتمل أن يكون مستأنفًا أعم وهذا أتم فائدة فيشمل مسألة الثور وغيرها كما مر.

‌فصل

ذكر فيه كراء الحمام والدار والعبد والأرض

واختلاف المتكاريين فقال: (جاز كراء حمام) يحتمل أن يكون كراء بمعنى اكتراء فيعلم منه حكم الإكراء من باب أولى ويحتمل أنه بمعنى الإكراء فلا يعلم منه حكم الاكتراء فالأول أولى لعلم حكم الإكراء منه بالأولى وللرد على أبي ثور وأبي حنيفة القائلين بمنع ذلك اهـ.

وإنما جاز كراؤه لجواز دخوله وإن كان مرجوحًا كما يفيده قول الإِمام والله ما دخوله بصواب أي بحسن وبعضهم حمله على المنع إذا كان بغير وجهه الشرعي والقرن

ــ

كراء العقار

(جاز كراء حمام) في المدونة ولا بأس بكراء الحمامات أبو الحسن فيؤخذ منه جواز دخول الحمام بشرطه وقال اللخمي إجارة الحمام للرجال جائزة إذا كانوا يدخلون مستترين وإجارته للنساء على ثلاثة أوجه جائزة إن كانت عادتهن ستر جميع الجسد وغير جائزة إذا كانت عادتهن عدم الستر واختلف إذا كانت عادتهن الدخول بالمآزر اهـ.

ص: 80

ونحوه كالحمام (ودار) أو ربع أو حانوت (غائبة) وكراؤها يكون (كبيعها) وهي غائبة فيجوز كراؤها بمصر مثلًا برؤية من المكتري لها وهي بمكة مثلًا سابقة لا تتغير بعدها وبوصفها ولو من المكري وعلى خيار المكتري بالرؤية (أو) كراء (نصفها) وباقيها له وكذا لشريك وأكرى حصته لغير الشريك خلافًا لقول أبي ثور وأبي حنيفة وابن حنبل بمنع كراء المشاع لغير الشريك ولو قال المصنف كبيعه أو نصفه بتذكير الضمير العائد على المذكور من حمام ودار لكان أحسن لأن الحمام مذكر إلا أن يقال أنث ضميرهما تغليبًا لقرب الدار لكن القاعدة تغليب المذكر على المؤنث أو باعتبار البقعة (أو) أي وكذا يجوز كراء (نصف عبد) ودابة لغير شريك ولا مفهوم للنصف ويستعمله المكتري يومًا والمالك يومًا وإن كان له غلة اقتسماها على الحصص (و) جاز كراء حمام ودار غائبة أمدًا معلومًا و (شهرًا) وذكر هذا مع اندراجه في المعطوف عليه المقدر كما ذكرناه لقوله: (على إن سكن يومًا) مثلًا (لزم) الكراء أي العقد (إن ملك البقية) أي دخلا على ملكها إما بالشرط أو بعدم اشتراط ما ينافي ذلك كالإطلاق لا إن دخلا على ما ينافيه كدخولهما على أنه إن خرج رجعت الذات المستأجرة لربها أو على أن لا يتصرف فيها بكراء أو غيره فيمنع ويفسخ وإن أسقطا الشرط في الأول للغرر فإن أسقطاه في الثاني صح العقد عند ابن عرفة وبعض القرويين وقال اللخمي أنه شرط باطل وظاهر كلام المصنف سواء عين الشهر كرجب أم لا وكان من يوم العقد في الثاني ولزمه بسكنى يوم ولو في آخر يوم منه لا إن سكن بعض يوم ولا

ــ

وقال ابن ناجي دخول الرجل الحمام على ثلاثة أوجه:

الأول: دخوله مع زوجته أو جاريته أو وحده فمباح.

الثاني: دخوله مع قوم لا يستترون فممنوع الثالث دخوله مع قوم مستترين فمكروه إذ لا يؤمن أن ينكشف بعضهم فيقع بصره على ما لا يحل وقيل في هذا الوجه هو جائز اهـ.

وقول ز ويحتمل أنه بمعنى الإكراء فلا يعلم منه حكم الاكتراء الخ فيه نظر بل إذا جاز الإكراء جاز الاكتراء والعكس لأن العقد لا يكون جائزًا من أحد الجانبين دون الآخر وقول العتبية والله ما دخوله بصواب لا يخالف قول المدونة ولا بأس بكراء الحمامات لأنه في العتبية إنما نفى صواب دخوله ساكتًا عن عقد الكراء وقال ابن عرفة لأن المكتري متعدّ في فعله ما ينفي صواب دخوله ومكريه بريء منه اهـ.

ولم يقل في فعله ما ينفي صواب عقده والله أعلم (كبيعها) قول ز برؤية من المكتري وبوصفها وهو من المكري الخ قال في المدونة: وينقده كالبيع أبو الحسن قال محمَّد بن إبراهيم ولا ينقده على صفة ربها وإنما ينقده على صفة غيره أو يرسل المكتري رسولًا يبصرها اهـ.

انظر ح (إن ملك البقية) قول ز وقال اللخمي أنه شرط باطل الخ يعني والعقد صحيح لازم سواء أسقط الشرط أم لا واعترضه ابن عرفة بأنه مخالف للأصول وقول ز وانظر إذا نقد الشهر هل يصح العقد أم لا الخ لا وجه للتوقف في منع النقد هنا مطلقًا لأن هذا كراء بخيار

ص: 81

إن مضى شهر من يوم العقد أو مضى المعين فلا يلزمه ما بعده ولو سكن منه يومًا وانظر إذا نقد الشهر الذي اكتراه على أنه يلزمه إن سكن منه يومًا سواء عينه أي الشهر أم لا وعلى أن ابتداء السكنى أولى يوم من الشهر هل يصح العقد أم لا لجهل مدة الخيار لأنه على الخيار إلى أن يسكن (و) جاز (عدم بيان الابتداء) لمكتر سنة مثلًا من غير ذكر مبدئها (وحمل من حين العقد) فإن وقع على شهر فإن كان في أوله لزمه كله على ما هو عليه من نقص أو تمام وإن كان في أثنائه لزم الكراء ثلاثين يومًا من يوم عقدا وكذا السنة إن كان في أول شهر منها لزم اثنا عشر شهرًا بالأهلة وإن كان بعدما مضى من السنة عشرة أيام مثلًا حسبا أحد عشر شهرًا بالأهلة وشهرًا على تمام ثلاثين يومًا وظاهر قوله وحمل من حين العقد سواء كان الكراء وجيبة أو مشاهرة والأول ظاهر وأما الثاني فلأنه لما كان متمكنًا من السكنى وإن لم يكن العقد لازمًا كفى ذلك ما لم يحل عن نفسه قاله د وإذا مضى بعض المدة قبل تمكنه بأن منعه المكري منها إما لسكناه وإما لكرائه لآخر حط عنه ما ينوبه من الكراء وله الخيار في الثاني بين ذلك وبين الرجوع بالأكثر من كراء المثل وما أكريت به ويدفع جميع الكراء حينئذ لربها ولا يخالف هذا قوله أو سكنه مكريه لأنه فضوليّ في كرائه لغيره تم إذا منع من بعض المدة وسكن باقيها في الصورتين المذكورتين

ــ

وقد مر له نفسه في باب الخيار أن النقد فيه يمتنع مطلقًا سواء كان بشرط أو تطوعًا وذلك في قول المصنف ومنع وإن بلا شرط في مواضعة وغائب وكراء ضمن وسلم بخيار وقال ز لا مفهوم لضمن بل لا فرق بين المضمون وغيره فانظره (وحمل من حين العقد) ضيح لأنه لو لم يحمل على ذلك لزم فساد العقد لأن الكراء لا يجوز على سنة غير معينة اهـ.

ونحو ما قال المصنف لابن الحاجب ثم قال ابن الحاجب بعد ذلك بنصوص ولو كانت المدة غير معينة وحبسها فكذلك والكراء الأول باق ضيح يعني لو كانت مدة الإجارة غير معينة بل اكترى دابة على أن يذهب بها إلى موضع كذا أو يحمل عليها شيئًا ولم يذكر أيامًا بأعيانها فحبسها المكتري عنده ولم يخرج بها للزمه في مدة حبسها ما ذكره فوق هذا على القولين والكراء الأول باق اهـ.

ولا معارضة بين هذا وبين قوله وحمل من حين العقد لأن مسألة وحمل من حين العقد اكترى منه سنة ولم يذكر ابتداءها ومسألة ما إذا كانت المدة غير معينة معناه أنه اكترى منه الركوب إلى موضع كذا أو حمل شيء ولم يذكر أيامًا بأعيانها كما هو ظاهر وعلى هذا فلا يرد سؤال ضيح حتى يتكلف الجواب عنه بما ذكره ونصه أثر ما تقدم فإن قلت قد قال المصنف أولًا وإذا لم يعين ابتداء المدة فمن حين العقد فينبغي أن يفسخ في غير المعين كالمعين قيل لعل قولهم من حين العقد محمول على الحكم أي لو رفعه إلى الحاكم لحكم عليه يأخذها والانتفاع بها حتى لو ترك حينئذ للزمه الكراء ويصير كالمعين ولعله في هذه المسألة لم يرفعه هكذا ظهر لي فتأمله اهـ.

ص: 82

فليس له بدل ما مضى قبل التمكن فيها ذكره في المدونة (و) جازا كراء (مشاهرة) كقوله: كل شهر بكذا أو مساناة أو مياومة (ولم يلزم) الكراء (لهما) للمتكاريين فلكل منهما الانحلال متى شاء وعلم مما قررنا إن الجارّ والمجرور كما في د متعلق بفاعل يلزم فلا يقال يلزم متعد بنفسه فلأيّ شيء عداه باللام (إلا بنقد فقدره) أي إلا إن عجل شيئًا من الأجرة كأكتري منك كل شهر بدينار وعجل له خمسة دنانير فإنه يلزمه خمسة أشهر والمشاهرة لقب لمدة غير محدودة والوجيبة لقب لمدة محدودة ومحل قوله: فقدره أي إن لم يشترط عدم اللزوم فيعمل به ويجري مثله في قوله: (كوجيبة بشهر كذا) الباء للتصوير أي بقوله آجرتك شهر كذا (أو) آجرتك (هذا الشهر) والتشبيه في اللزوم لهما المفهوم من قوله فقدره سواء حصل نقد في الوجيبة أم لا إلى آخر الأجل الذي سمياه ما لم يشترط أحدهما الخروج متى شاء فيكون العقد منحلًا من جهته وهذان المثالان ظاهران

ــ

بلفظه والله أعلم (ولم يلزم لهما) هذا قول ابن القاسم وهو أحد ثلاثة أقوال قال ابن رشد في المقدمات في كراء الدور مشاهرة ثلاثة أقوال:

أحدها: قول ابن القاسم لا يلزمه الشهر الأول ولا ما بعده وأن له أن يخرج متى شاء ويلزمه من الكراء بحساب ما سكن والثاني قول ابن الماجشون أنه يلزمهما الشهر الأول ولا يلزمهما ما بعده والثالث رواية يحيى بن أبي أويس عن مالك أنه يلزمه كراء الشهر بسكنى بعضه كان أول الشهر أو لم يكن وكذلك الثلاثة الأقوال داخلة في كراء الدار مساناة اهـ.

بلفظه وهكذا ذكر الأقوال الثلاثة ابن عرفة وغيره والقول الأول وهو مذهب المدونة وعبارتها وليس بعقد لازم ولرب الدار أن يخرجه متى شاء وللمكتري أن يخرج متى شاء اهـ.

وذكر أبو الحسن القول الثاني عن رواية مطرف وابن الماجشون ثم قال وهو أحسن لأنهما أوجبا بينهما عقدًا ولم يذكرا فيه خيارًا فوجب أن يحملا على أقل ما تقتضيه تلك التسمية اهـ.

وذكر الشيخ ميارة في شرح التحفة الأقوال وقال وعلى هذا القول الثالث العمل عندنا وإن من اكترى مشاهرة كل شهر بكذا إذا سكن بعض الشهر كأربعة أيام ونحوها لزم كلًّا منهما بقية الشهر وليس لأحدهما خروج عن ذلك إلا برضا صاحبه ومن قام منهما عند رأس الشهر فالقول قوله اهـ.

وقول ز أن الجار والمجرور متعلق بفاعل يلزم الخ فيه نظر إذ الضمير لا يعلم عند الجمهور والظاهر تعلقه بيلزم واللام زائدة.

تنبيه: قال اللخمي قد يلزم المكري الصبر إلى مدة وإن لم يسمياها في العقد للعادة في ذلك كالذي يكتري المطمر ليطمر فيها قمحًا أو شعيرًا أو ما أشبه ذلك كل شهر أو كل سنة بكذا فليس للمكري أن يخرجه ولا يجبر الآخر على إخراج ذلك إلا أن تتغير الأسواق إلى ما العادة أنه يباع في مثله فإن لم يبع كان للآخر أن يخرجه وهكذا كانت العادة عندنا في كراء المطامير وإن أراد المكتري إخراج ذلك قبل غلائه لم يكن للآخر منعه لأن البقاء من حق

ص: 83

وأما قوله: (أو شهرًا) فكأن وجه جعله وجيبة أنه إذا حمل على أن الابتداء من حين العقد يصير بمنزلة قوله هذا الشهر فانظر ذلك قاله الجد ولعل وجه كون كل شهر بكذا مشاهرة بخلاف شهرًا فإنه وجيبة إن عموم الأول شمولي والثاني بدلي وهو أقرب للمعنى من الشمولي قاله عج (أو) اكترى منك (لي) شهر (كذا) أو إلى سنة كذا أو إلى يوم كذا كل

ــ

المكتري ويعفى عما يكون في ذلك من غرر في المدة لأنه مما تدعو الضرورة إليه وينظر إلى العادة في خزن الزيت فيحملان عليها وكذلك العادة فيمن يكتري المخزن للطعام في الصيف ويعلم أن المكتري قصده أن يشتى عليه فليس له أن يخرجه قبل ذلك اهـ.

نقله ابن عرفة ثم قال: حاصل قوله إنه جعل خزن الطعام مؤجلا بغلائه في حق المكتري على المكري دون العكس ومن الواضح كونه أجلًا مجهولًا وقوله يعفى عن غرر المدة للضرورة فاسد لأن هذه الضرورة مما شهد الشرع بإلغائها حسبما تقرر في بيع الغرر وأحاديث النهي عنه اهـ.

قال في التكميل فكان ابن عرفة رحمه الله تعالى ممن ينشد:

لقد مزقت قلبي سهام جفونها

كما مزق اللخمي مذهب مالك (إلا بتحد غدره) قول ز إن لم يشترط عدم اللزوم الخ فيه نظر فإنه إذا اشترط عدم اللزوم بأن يخرج متى شاء فالنقد حينئذٍ ممنوع مطلقًا ولو طوعًا لأنه كراء بخيار والعقد فاسد وقد قال ابن رشد في المقدمات ما نصه وإذا العقد الكراء لمدة معينة لزمهما جميعًا ولم يكن لأحدهما الخروج إلا أن يشترطه على صاحبه فيجوز ذلك ما لم ينقد بشرط ولا طواعية لأنه كراء بخيار فلا يجوز فيه النقد بشرط ولا طواعية اهـ.

بلفظه وعلة المنع فسخ ما في الذمة في مؤخر كما تقدم في باب الخيار (أو شهرًا) قال جد عج جعل شهرًا من ألفاظ الوجيبة كما في المقدمات وسيقول وفي سنة بكذا تأويلان فالظاهر أن هذا على أحد التأويلين وكأن وجهه أنه إذا حمل على أن الابتداء من حين العقد يصير بمنزلة قوله هذا الشهر فانظر ذلك اهـ.

وصدق في أن هذا من محل التأويلين ونص عياض إذا قال أكرى منك سنة بدرهم أو شهرًا بدرهم فحمل أكثرهم ظاهر المدونة أنه مثل قوله هذه السنة تلزمهما السنة أو الشهر اهـ.

ولدخوله في محل التأويلين الآتيين قال غ في بعض النسخ أو شهرًا بالجمع وهو الصواب اهـ.

قال وكأن المصنف قصد اختصار قول عياض لا خلاف إذا نص على تعيين السنة أو الشهر أو جاء بما يقوم مقام التعيين أنه لازم لهما وذلك في خمس صور إذا قال هذه السنة أو هذا الشهر أو سنة كذا أو سمى العدد فيما زاد على الواحد فقال سنتين أو ثلاثًا أو ذكر الأجل فقال اكتريها إلى شهر كذا أو سنة كذا أو نقده شهرًا أو سنة أو أكثر اهـ.

فقول عياض أو سمى العدد فيما زاد على الواحد إليه أشار المصنف بقوله أو أشهرًا

ص: 84

ذلك وجيبة وما ذكره من أن شهرًا وجيبة تنافيه حكاية الخلاف في قوله: (وفي) قوله أكتري منك (سنة بكذا تأويلان) في كونه وجيبة لاحتمال أنه يريد سنة واحدة أو غير وجيبة لاحتمال أن يريد كل سنة فيتعين أن في قوله أو شهرًا قولين أيضًا وإن صواب ما قدمه فيه أن يقول أو أشهرًا أي بالجمع فإن قال أكريك هذه السنة لزمه من حين العقد اثنا عشر شهرًا ولا يفيد المكري نية باقيها وإنما يفيده النص عليه بخلاف نذر صوم هذه السنة وقوله إن فعلت كذا في هذه السنة فعليّ يمين أو زوجته طالق فاثنا عشر إلا أن ينوي باقيها قلت ولعل الفرق العمل بتخصيص نية الحالف والصائم دون الكراء لبنائه على المشاحة فإن أتى باسم الإشارة والتسمية غلب جانب الإشارة كما يفيده نقل الشارح في الكبير لكنه في مسألة الصوم إلا أن الوالد كتب على الشارح ما يفيد ضعفه لأنه إذا سماها لا يلزمه إلا الباقي وينبغي أن يكون التعليق والكراء كذلك وتجري تلك الأقسام الثلاثة في قوله هذا الشهر وعطف بالجر على حمام قوله: (و) جاز كراء (أرض مطر) غير مأمونة بدليل الاستثناء (عشرًا) سنين أو أكثر (إن لم ينقد) فإن نقد بشرط أو شرطه منع (وإن) كان النقد أو شرطه (سنة) بل أو أقل (إلا المأمونة) المطر أي المتحقق فيها وجوده كبلاد المشرق (كالنيل والمعينة) بفتح الميم وكسره العين المهملة وهي التي تسقى بالعين التابعة والآبار المعينة وهو تشبيه لا تمثيل لئلا يكون ساكتًا عن أرض المطر المأمونة فلا يعلم منه حكم النقد فيها مع نص الإِمام على جوازه فيها (فيجوز) كراء كل بالنقد ولو لأربعين عامًا كما في ح عند قوله وعبد خمسة عشر عامًا (ويجب في) أرض (مأمونة النيل إذا رويت) بالفعل أو تحقق أنها تروى لري المرتفعة عنها وانخفاضها وتمكن بدليل قوله ولزم الكراء بالتمكن (و) جاز كراء (قدر) أذرع أو فدادين (من أرضك إن عين أو تساوت) فإن لم تعين

ــ

بالجمع (وفي سنة بكذا تأويلان) أي في كونه وجيبة وهو تأويل الأكثر ابن لبابة وابن رشد وغيرهما أو غير وجيبة وهو تأويل أبي صالح وإنما جرى الخلاف في المفرد لأنه تارة يذكر لتحديد المدة وتارة يذكر لتحديد قدر الكراء قاله الشارح (إن لم ينقد) أي إن لم يشترط النقد قاله أبو الحسن (كالنيل والمعينة) قول ز وهو تشبيه لا تمثيل لئلا يكون ساكتًا الخ فيه نظر بل إذا جعلت للتمثيل دخلت مأمونة أرض المطر تحت الكاف فلا يكون ساكتًا عنها ومثل أبو الحسن مأمونة أرض المطر بأرض المغرب قال لأن الغالب فيها المطر وزعم تت إن وصف أرض النيل بالأمن غير ضروري لأنه صفة لازمة موضحة قال طفى وهو غير صواب لقول ابن رشد في المقدمات فما كان مأمونًا كأرض النيل وأرض المطر المأمونة وأرض السقي بالأنهار والعيون والآبار فالنقد فيها للأعوام الكثيرة جائز وما كان منها غير مأمون فلا يجوز النقد فيه إلا بعد أن تروى ويتمكن من الحرث كان من أرض النيل أو المطر أو السقي اهـ.

ومراده بالجواز وعدمه مع الشرط وعلم من كلام ابن رشد أن غير المأمونة يجوز النقد فيها مع الشرط سنة واحدة بعد الري والتمكن من الحرث انظر طفى (إذا رويت) قول ز أو

ص: 85

واختلفت منع إن لم يذكر عدد ما فيها من الأذرع ويستأجر قدرًا منه معينًا فإن فعل ذلك كقوله أرضك ألف ذراع واكترى منها مائة فإنه يجوز ويكون شريكًا فيها بنسبة قدر ما استأجر لجميع قدر أذرعها قاله طخ وعطف على حمام معطوفًا محذوفًا هو (و) جاز كراء أرض (على أن يحرثها) مكتريها (ثلاثًا) أي مرات ويزرعها في الحرثة الرابعة الضمير للمأمونة لا غيرها فيفسد الكراء باشتراط ذلك (أو يزيلها) بالتثقيل (إن عرف) نوع كل منهما فإن لم يعرف منع وفسد الكراء وإذا فسد وزرع فإن لم يتم زرعه فله ما زاد عمله في كرائها في العام الثاني وإن تم فعليه كراء المثل بشرط تلك الزيادة لأن زيادة الحرثات والتزبيل منفعة تبقى في الأرض ولذا اشترط كون الأرض مأمونة وإلا فيصير كنقد بشرط في غير المأمونة وإنما اشترط المصنف معرفة الزبل أي نوع ما يزبلها به من زبل أو غيره لأن الزبل أنواع وينبغي أن يعرف قدره أيضًا كعشرة أحمال مثلًا لأن الأراضي مختلفة فبعضها ضعيفة الحرارة فيقويها كثرة الزبل وبعضها قوي الحرارة فيضعفها كثرة الزبل (و) جاز كراء (أرض) مكتراة (سنين) ماضية (لذي شجر بها) غرسه في تلك السنين الماضية ويكريها الآن (سنين مستقبلة) تلي مدة الكراء الأول له بل (وإن لغيرك) يا مكتري أول وبالغ عليه لأنه ربما يتوهم أنه لما كان الشجر لغيره وليس متمكنًا من الانتفاع فلا يجوز له استئجارها وبما قررنا علم أن سنين الأولى معمول لنعت أرض وهو مكتراة ومستقبلة صفة لسنين الثانية وهو معمول لجاز أو كراء وإنما جاز ذلك لأن لرب الأرض أمره بقلعه بخلاف الزرع ولذا قال: (لا) أرض (زرع) لشخص مكتريها لأجل ولا تتم سنته بالحصاد

ــ

تحقق أنها تروى الخ فيه نظر وأصله لعج والظاهر من كلام ابن رشد أنه لا بد من الري بالفعل وقال اللخمي معنى قول ابن القاسم يلزم النقد في أرض النيل إذا رويت إذا انكشف الماء عنها وأمكن قبض المنافع والقياس أنه لا يلزم النقد فيها بربها لأن المشتري اشترى شيئين الماء ومنافع الأرض فلا يلزم النقد بأحدهما اهـ.

ولو أسقط المصنف لفظ مأمونة ما ضره لأنه مستغنى عنه انظر طفى (أو يزبلها) قول ز بالتثقيل فيه نظر والذي في الصحاح والقاموس أنه من باب ضرب يضرب وكذا في ابن القطاع ز بل الأرض زبلًا وزبولًا أصلحها بالزبل اهـ.

(وأرض سنين الخ) لو قال وأرض سنين مستقبلة لذي شجر بها أو غيره لكان أخصر وأوضح وفي قوله وإن لغيرك التفات من الغيبة إلى الخطاب (لا زرع) قال في المدونة قال ابن القاسم: ولو كان موضع الشجر زرع أخضر لم يكن لرب الأرض أن يكريها ما دام زرع هذا فيها لأن الزرع إذا انقضت الإجارة لم يكن لرب الأرض قلعه وإنما له كراء أرضه وله أن يقلع الشجر فافترقا إلا أن يكريها منك إلى تمام الزرع فلا بأس بذلك اهـ.

انظر ق وقولها إلى تمام الزرع أي مدة بعد تمام الزرع فإلى بمعنى بعد قاله أبو الحسن وعبارة ابن يونس إلا أن يكريها الآن بعد تمام زرعه فلا بأس به إذ هو أمر معروف اهـ.

ص: 86

فلا يجوز كراؤها لغيره مدة تلي مدته فإن كانت سنته تتم بالحصاد ووقته منضبط كما بمصر جاز (و) جاز لمن قضى العرف بأن كنس المرحاض عليه من مكر أو مكتر (شرط كنس مرحاض) على غيره (أو) شرط على المكتري (مرمة أو تطيين من كراء وجب) بسكنى مقابله أو شرط تعجيله أو جرى به عرف وهو راجع للأخيرين كما يقيده الشارح وأبو الحسن (لا إن لم يجب أو من عند المكتري) واقتضى كلام المصنف إن كنس المرحاض أصالة على رب المنزل ونحوه في المدونة في محل وفي محل آخر ما ظاهره أنه على المستأجر وجمع بينهما بأن الأول في الموجود قبل الكراء والثاني في الحادث بعده وبأن الأول في الفنادق والحمامات والثاني في غيرهما وهذا ما لم يجر عرف بشيء وإلا اتبع وتطيين الدار هو طرّها أي جعل الطين على سطحها وهذا إن سمى مرة أو مرتين في السنة لا إن قال كما احتاجت لأنه مجهول وقوله: لا إن لم يجب أي فلا يجوز اشتراطه على المكتري لأنه سلف وكراء وإذا وقع الممنوع فيما ذكر المصنف فللمكري قيمة ما سكن المكتري وللمكتري قيمة ما رم أو طين من عنده (أو حميم) بالجر عطف على إن لم يجب باعتبار محله (أهل ذي الحمام أو نورتهم مطلقًا) على المكتري عيال المكري أم لا قال: طخ إن لم يكن لهم عرف في الحميم انتهى.

ــ

فعبر ببعد وهو الظاهر قال طفى ولا معنى لإبقاء إلى على ظاهرها لأن الواجب في المدة الباقية للزرع كراء المثل حسبما يأتي للمصنف ولا معنى لعقد الكراء على ذلك خلافًا لما زعمه الشارح وتت اغترارًا بظاهر لفظها وبما ذكرناه تعلم أن قول ز فلا يجوز كراؤها لغيره مدة تلي مدة الخ غير صحيح (وشرط كنس مرحاض) وقع في المدونة ما ظاهره إن كنس المرحاض على المكتري أصالة حتى يشترط على المكري ووقع فيها ما يدل على أنه بالعكس وقد ذكر غ الموضعين وكلام الشيوخ عليها فلذا حمل ز كلام المصنف عليهما جمعًا بين الموضعين بمعنى أن من قضى العرف بأنه عليه يجوز له شرطه على غيره ومثله في خش وهو ظاهر والله أعلم وقد ذكر ز بعد تأويلين آخرين على موضعي المدونة أولهما حكاه عياض وثانيهما للمتيطي انظر غ (أو مرمة أو تطيين) يجب أن يحمل المصنف على مرمة أو تطيين مجهولين بأن يشترط على المكتري أنه كما احتاجت الدار إلى مرمة رمها أو إلى تطيين طينها ويدل لهذا الحمل قوله من كراء وجب وأما إن كانا معلومين بأن يعين للمكتري ما يرمه أو يشترط عليه التطيين مرتين أو ثلاثًا في السنة فيجوز مطلقًا سواء كان من عند المكتري أو من الكراء بعد وجوبه أو قبله وشرط كونه من الكراء إنما ذكره في المدونة في المرمة دون التطيين وذلك لأنه اقتصر في المرمة على حالة الجهل وفي التطيين على حالة العلم فلذا افترقا فيها ولو اتفقا في التصوير لاتفقا في الحكم ونصها في المرمة اكترى دارًا أو حمامًا على أن ما احتاجا إليه من مرمة رمها المكتري فإن شرطا على أن ذلك من الكراء جاز وإن شرطا على أن ما عجز عنه الكراء أنفقه الساكن من عنده لم يجز اهـ.

ونصها في التطيين ومن اكترى دارًا على أن عليه تطيين البيوت جاز ذلك إذا سمى تطيينها في السنة مرة أو مرتين أو في كل سنتين مرة لأنه معلوم اهـ.

ص: 87

فإذا عرف العيال وعلم قدر دخولهم في الشهر أو في السنة جاز فإن علم قدر دخولهم دون قدرهم فظاهر كلام طخ الجواز وفيه شيء لأن العلة الجهل بقدر ما يحتاجون إليه من الحميم أو النورة وهو موجود وعطف على لم يجب قوله: (أو لم يعين في الأرض) التي اكتراها مكتر (بناء) نائب فاعل بعين (وغرس وبعضه أضر ولا عرف) لم يجز وعدم الجواز لا يقتضي الفساد مطلقًا لكن في التوضيح الفساد أشبه بمذهب غير ابن القاسم وهو يخالف ظاهر مذهب ابن القاسم في المدونة ففيها ومن اكترى دارًا فله أن يدخل فيها ما شاء من الدواب والأمتعة وينصب فيها الحدادين والقصارين والأرحية ما لم يضر فيمنع ولم يقل يفسد العقد اهـ.

ومفهوم المصنف الجواز حيث عين مطلقًا أو لم يعين وليس بعض ما يفعل بها أضر من بعض كاستئجارها ليزرعها شعيرًا ثم يبدو له فيزرعها حنطة إذ لا ضرر في ذلك وهذا تنظير لا تمثيل لقوله شجر كما لا يخفى.

ــ

قال أبو الحسن ظاهره أن هذا زيادة على الكراء فيكون اكترى منه بما سمى وبالتطيين أو ذلك من الكراء على ما تقدم انتهى.

وأما تقييد الكراء بكونه واجبًا فإنما ذكره أبو الحسن بصيغة التمريض وجعله القابسي محل نظر وجزم اللخمي بخلافه فعلى المصنف المؤاخذة في اعتماده قاله طفى وقول ز واقتضى كلام المصنف في كنس المرحاض الخ هذا الاقتضاء إنما هو إذا حمل كلام المصنف على ظاهره لا على ما قرر به ز أولًا من التعميم وإن كان صحيحًا وقول ز وهذا إن سمى مرة أو مرتين الخ فيه نظر لما علمت أن هذا جائز مطلقًا للعلم به فلا يحمل عليه كلام المصنف وإنما محمل كلامه في المجهول وقول ز لأنه سلف وكراء الخ فيه نظر ولو اعتبر هذا المنع شرط التعجيل في عقد الكراء وإنما علة المنع في ذلك الغرر كما يفيده أبو الحسن ونصه على قول المدونة إن شرط أن ذلك من الكراء قيل معناه والكراء على النقد أو كانت سنتهم النقد وإلا لم يجز إذ لا يدري ما يحل عليه بالهدم اهـ.

وكذا قول الوانوغي عن القابسي انظر إذا لم يجب الكراء فقد تحتاج الدار إلى مرمتها أول السنة بجميع الكراء فهذا غرر إذ لا يدري متى يدفع الكراء اهـ.

(أو لم يعين في الأرض بناء غرس) قول ز وعدم الجواز لا يقتضي الفساد مطلقًا لكن في التوضيح الفساد أشبه بمذهب غير ابن القاسم الخ ظاهر كلام ز أن المعارضة بين ابن القاسم وغيره في الفساد وعدمه مع اتفاقهما على منع العقد وإن كلام المصنف جار على مذهب ابن القاسم وليس كذلك فيهما وذلك لأن الذي يفيده كلام ضيح أن ابن القاسم يقول بجواز العقد عند الإجمال لكن يمنع المكتري من فعل ما فيه ضرر وإن غير ابن القاسم يقول بعدم جواز العقد حينئذٍ هذا معنى المعارضة بينهما وبهذا يكون كلام المصنف جاريًا على مذهب غير ابن القاسم لا على مذهب ابن القاسم كما زعمه ز قال ابن الحاجب: ولو لم يعين في الأرض بناء ولا زراعة ولا غرسًا ولا غيره وبعضه أضر فله ما يشبه فإن أشبه الجميع

ص: 88

تنبيه: منطوق قوله وبعضه أضر مقدم على مفهوم قوله وبناء على كجدار إن وصف البناء إذ مفهومه لو كان البناء على أرض لم يحتج لوصف البناء وظاهره ولو كان بعضه أضر وليس بمراد بدليل منطوقه هنا وكأن وجهه إن البناء بها يشمل ظاهرها وباطنها وقد يكون بناؤه بباطنها بعضه أضر من بعض فافترقا وتقدم أن كراء حافتي النهر لا يشترط فيه وصف البناء فليتأمل.

فائدة: صرح جماعة بمنع الغرس في المسجد وبمنع الحفر والدفن فيه وإنه لعل من عبر بالكراهة أراد كراهة التحريم (و) لا يجوز (كراء وكيل) مفوض أو خاص لأرض موكله أو داره أو نحوه (بمحاباة أو بعرض) لأن العادة أن الأرض والدار لا يكريان إلا بالنقد وللموكل حينئذٍ إجازته وفسخه إن لم يفت وإلا رجع على الوكيل بالمحاباة في ملائه لا رجوع له على الساكن فإن أعلم الوكيل رجع الموكل على الساكن ثم لا رجوع له

ــ

فسد ضيح قوله فله ما يشبه أي ما دل العرف عليه وقوله فإن أشبه الجميع أي بأن كان العرف يقتضي الجميع أو لم يكن هناك عرف فسد أي العقد وهذا يشبه مذهب غير ابن القاسم في المدونة قال في أكرية الدور إذا كانت الأعمال يتفاوت ضررها وأكريتها لم يجز كراؤها إلا على شيء معروف يعمل فيه وإن لم يختلف فلا بأس وهو مخالف لظاهر مذهب ابن القاسم فيها قال ومن اكترى دارًا فله أن يدخل فيها ما شاء من الدواب والأمتعة وينصب فيها الحدادين والقصارين والأرحية ما لم يكن ضرر فيمنع ولم يقل يفسد العقد وقال في الأرضين من اكترى أرضًا ليزرعها عشر سنين فأراد أن يغرس فيها شجرًا فإن كان ذلك أضر بها منع وإلا فله ذلك وفي اللخمي أجاز يعني ابن القاسم كراء الحوانيت والديار على الإجمال من غير مراعاة لصنعة مكتري الحوانيت ولا لعيال من يسكن الدار وعلى قول غيره لا يجوز إلا بعد المعرفة بذلك وصرح اللخمي بأن قول الغير خلاف اهـ.

فانظر قول الغير لم يجز كراؤها فهو صريح في منع العقد وهو يقتضي فساد خلافًا لز وقد قال المصنف رحمه الله تعالى فيما تقدم وفسد منهي عنه إلا بدليل ذلك الذي هو أضر بها مع جواز العقد ولذا قال الشيخ ميارة رحمه الله فيما كتبه على ضيح عقب ما تقدم ما نصه الحاصل أن غير ابن القاسم شدد فجعل العقد مع الإجمال ممنوعًا وابن القاسم أجازه ما لم يكن ضرر فيمنع منه ولا يفسد عنده العقد انتهى.

تنبيه: محل كلام المصنف إذا لم يخير رب الأرض المكتري فإذا خيره فقال في ضيح قال في الجواهر ولو قال انتفع بالأرض كيف شئت جاز وتردد فيه التونسي اهـ.

(وكراء وكيل بمحاباة أو بعرض) ابن عاشر لا خصوصية للإجارة بهذا الحكم والأنسب به باب الوكالة اهـ.

وقول ز مفوض أو خاص الخ هو الصواب خلافًا لما في تت انظر طفى وقول ز وإلا رجع على الوكيل بالمحاباة الخ قال الوانوغي عن القابسي هذا إن لم يعلم الساكن بأنه غير مالك فإن علم فالخيار لربها أن يرجع على أيهما شاء اهـ.

ص: 89

على الوكيل قاله ابن يونس كما في ق ويجري مثل هذا في ناظر الوقف حيث حابى في إجارته لأنه بمنزلة الوكيل وبذلك قال أشياخي زاد شيخنا وينبغي أن الوصي كذلك بجامع التصرف عن الغير في الكل على غير وجه المصلحة وسيأتي في الوصف عند قوله: ولا يفسخ كراؤه لزيادة أنه يفسخ كراؤه بدون أجرة المثل حيث زاد شخص أجرة المثل لا مطلقًا (أو أرض مدة لغرس فإذا انقضت فهو) أي الغرس الذي وقع أجرة للأرض (لرب الأرض أو نصفه) بالرفع عطف على هو أي فهو أو نصفه لرب الأرض نظير أجرتها مدة غرس الغارس فيها فلا يجوز لأنه أكراها بشجر لا يدري أيسلم لانقضائها أم لا وظاهر قوله أو نصفه ولو جعله له من الآن وفيه خلاف والمشهور قول ابن القاسم أنه جائز لأن ما أجره به حينئذٍ معلوم مرئي وإذا وقع على ما قال المصنف فقيل إنه كراء فاسد وهو ظاهر قول المدونة لأنه أكراها بشجر لا يدري أيسلم أم لا وقيل إن العقدة بتمامها إجارة فاسدة وعلى الأول فالغرس لمن غرسه وعليه لرب الأرض كراء المثل وتفوت بالغرس وعلى الثاني يفسخ متى اطلع عليه والغرس لرب الأرض وعليه أجرة عمله وقيمة الغرس يوم غرسه ويطالبه أيضًا بما أكل من الثمر فيما مضى (و) من استأجر أرض مطر أو نيل أو سقى سنة فإنها تنقضي (السنة) فيها (في) أرض (المطر) والنيل (بالحصاد) للزرع كانت تزرع مرة أو مرارًا والحصاد في كل شيء بحسبه أي بحصده أو قطعه أو جذه أو رعيه كالزرع والبرسيم واللفت والملوخية والكمون ونحو ذلك فلو كانت مما يخلف بطونًا فبآخر بطن (وفي) أرض (السقي) بآلة (بالشهور) الاثني عشر (فإن تمت) الشهور (وله) فيها (زرع أخضر) فيلزم رب الأرض أن يبقيه فيها إلى تمام طيبه ونحوه شجر لم يؤبر وإذا لزمه (فكراء مثل الزائد) على السنة لازم للمكتري إلى أن يستوفي زرعه فلو بقي في

ــ

وهو ظاهر (وله زرع أخضر) قول ز ونحوه شجر لم يؤبر الخ مثله في خش وصوابه شجر مؤبر بلفظ الإثبات لا بالنفي ففي ابن عرفة ما نصه عبد الحق عن غير واحد من القرويين إن كان بالشجر حين انقضاء مدة الكراء ثمر مؤبر جبر على بقائه بقيمة كرائه لفساد الثمر بقلعه اهـ.

ومثله في ضيح وغيره وقول ز وهو قول ابن القاسم وهو المعتمد الخ صحيح موافق لما في ضيح وابن عرفة وفيه تنكيت على ح في اقتصاره في شرح المصنف على قول حبيب وقول ز وليس له شراؤه على الأصح الخ هذا هو قول ابن القاسم في المدونة وقال يونس: قال بعض القرويين: الأشبه أن يجوز لرب الأرض شراء ما فيها من زرع لأن الأرض ملك له فصار مقبوضًا بالعقد وما يحدث فيه من نماء إنما هو في ضمان مشتريه لكونه أرضه وإنما منع عليه الصلاة والسلام من بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها لكون ضمانها البائع في أصوله اهـ.

نقله المصنف في ضيح وق عند قول المصنف وأرض سنين لذي شجر بها الخ قال الحسن رحمه الله: ومنه يؤخذ جواز شراء خمس الخماس اهـ.

ص: 90

الأرض بعد انقضاء مدة الإجارة شهرين مثلًا فعليه في الزيادة كراء المثل على حساب ما أكرى أي يقوّم كراء الزائد فإن قيل دينار قيل وما قيمة السنة كلها فإن قيل خمسة فقد وقع للزيادة مثل كراء خمس السنة فيكون عليه الكراء المسمى ومثل خمسة كذا وجه ابن يونس قول المدونة وله فيما بقي على حساب ما أكراها معترضًا على طرح سحنون قولها على حساب ما أكراها وتبعه أبو محمَّد في مختصرها وعلى ما لسحنون فيعطي كراء الزائدة من غير نظر لحساب ما أكريت به في العام وهو ظاهر المصنف كما قال عج ود وظاهر كلام المصنف أن عليه كراء مثل الزائد ولو علم أن الزرع إنما يتم بعد السنة بكثير وهو قول ابن القاسم وهو المعتمد وقال ابن حبيب إن زرع وهو يظن أو يعلم تأخره عن مدة الكراء بأمد بعيد فلربها قلعه أو تركه بالأكثر من المسمى وكراء المثل زاد في الشامل وليس له شراؤه على الأصح ابن ناجي وقع الحكم من بعض القضاة يقول ابن حبيب وحكمت به انتهى.

وما مر من أن التفصيل لابن حبيب نحوه في التوضيح خلافًا لنقل الشارح له عن ابن القاسم وظاهر المصنف أيضًا علم رب الأرض بزرع الزارع وبقائه بعد المدة وسكت أو لم يعلم (وإذا انتثر) بآفة كبرد أو بغيرها أو بمطر ونحوه (للمكتري) أرضًا زرعها فانتثر عند حصاده منه (حب) في الأرض (فنبت) زمنًا (قابلًا) في عامه أو في العام القابل (فهو لرب الأرض) لإعراض ربه عنه حيث انقضت مدته بالحصاد فإن بقيت كان له لا لرب الأرض وكذا إذا اكتراها قابلًا عقب اكترائه الأول فيما يظهر وأما إن أكراها بها لغيره ونبت في مدته فلرب الأرض لا للمكتري الثاني قياسًا على مسألة الصيد ومفهوم انتثر أنه لو زرع ولم ينبت في سنة بذره ونبت في القابلة لم يكن الحكم كذلك وهو كذلك فيكون دربه وعليه كراؤه وعليه كراء العام الذي لم ينبت فيه إن كان لغير عطش ونحوه وإلا فلا كما يأتي وقوله فهو لرب الأرض انظر لو لم يكن لهارب هل يكون لرب الحب أو هو مباح كالعشب قاله عج فإن قلت سيأتي في الموات أن حرثها من الأحياء قلت لعله حيث لم يعرض عنها وهنا أعرض عنها وشبه فيما لرب الأرض قوله: (كمن جره السيل إليه) أي كشخص صاحب أرض جر السيل الحب الملقى على الأرض لينبت أو الثابت من الزرع على ما يفيد الشارح ترجيحه أي إلى أرضه فنبت فيها فإنه يكون لرب الأرض التي انجر إليها ولا شيء فيه لصاحبه فإن جر حبًّا ملقى بأرض جرين فلربه لا لرب الأرض لعدم نباته في المحل الذي انجر منه وأما لو جر له شجرة فنبتت فإن كانت إن قلعت لا تنبت أو

ــ

(كمن جره السيل إليه) قول ز أو النابت من الزرع على ما يفيد الشارح ترجيحه الخ وهو مذهب المدونة كما عزاه لها اللخمي ونصه على نقل ابن عرفة واختلف إن نبت في أرض من جره إليه ففيها هو للثاني ولابن سحنون عنه إن جره قبل نباته وبعده لزارعه وقال أيضًا للثاني وعليه للأول قيمته مقلوعًا وقيل للأول مطلقًا وعليه كراء الأرض وهو أحسن لأنه ملكه نبت في أرض غيره بشبهة اهـ.

ص: 91

تنبت وأبى ربها من أخذها في هذا الثاني خير رب الأرض بين دفع قيمتها مقلوبة وأمره بقلعها فإن أراد أخذها لغرسها فله فإن أرادها حطبًا فلرب الأرض منعه من قلعها وهل يعطيه قيمتها مقلوعة أو قائمة تردد فيه شيخنا وينبغي تصديق ربها في أنه يريد غرسها لا قول الآخر أنه يجعلها حطبًا ولو جر السيل أو الريح ترابًا ينتفع به أو رماد الأرض آخر وطلب ربه أخذه فله ذلك لعدم نباته وإن طلب من جاء بأرضه من ربه نقله وأبى لم يلزمه لأنه ليس من فعله وأما إذا أجره بطريق أو مسجد فعلى ربه نقله كموت دابة بطريق لا بدار رجل ولم يدخلها ربها (ولزم الكراء) للمكتري أرض نيل رويت أو نحو ذلك كدار فهذا أعم من قوله قبل ويجب في مأمونة السيل إذا رويت (بالتمكن) من التصرف في العين التي اكتراها المحقق وإن لم يستعمل لكن إن لم يستعمل يحط عنه من الكراء بقدر ما ينقصه الاستعمال إن لو استعمل على الراجح ثم محل لزومه بالتمكن إلا أن يكون عدم استعماله خوفًا على زرعه من أكل فار أو جراد عام أبان لو زرع فلا يلزمه الكراء كما قاله الباجي حيث دلت قرينة على ذلك واحترز بالتمكن عما انتفى فيه كأرض غمر ماؤها وندر انكشافه فلا يلزم الكراء وإن صحت إجارتها ولا يجوز النقل فيها كما تقدم وكذا إذا غرقت قبله وانكشفت بعده فلا يلزمه الكراء واحترزنا بالمحقق عن دعوى المكتري أنه لم يتمكن فإن القول قوله بيمينه على ما به القضاء وبالغ على لزومه بالتمكن بقوله: (وإن فسد) الزرع (لجائحة) لا دخل للأرض فيها كطير وجراد وجليد وبرد وجيش وغاصب وعدم نبات حب بخلاف جائحة تتعلق بالأرض فتارة تسقط الكراء كما يأتي في قوله عكس تلف الزرع لكثرة دودها الخ وتارة تسقط بعضه كعطش أو غرق فبحصته كما سيذكره فأراد لجائحة هنا نوعًا خاصًّا منها لا كجائحة المبيع ثم محل لزوم الكراء مع فساده بجائحة ما لم يحصل فيه ما يوجب إسقاط الكراء إن لو كان باقيًا كقحط السماء حتى لو لم يجج الزرع لم يتم لأجل القحط فلا كراء عليه كما قال ابن رشد واللخمي: (أو غرق) لأرض (بعد وقت الحرث) أي بعد فوات إبانة حرث أم لا واستمر حتى فات إبان ما يزرع فيها مطلقًا لا ما حرثت له فقط وأولى في لزومه إن غرقت قبله وانكشفت قبله وكذا لو غرقت قبل الإبان وانكشفت فيه أو غرقت فيه وانكشفت فيه فيلزمه الكراء وهاتان الصورتان منطوق قوله ولزم الكراء بالتمكن فقد اشتمل كلامه على أربع صور وتقدمت صورة مفهومه وغرق

ــ

فقوله: ففيها هو للثاني أي مطلقًا قبل نباته وبعده بدليل القول الثاني وقول ز وهل يعطيه قيمتها مقلوعة الخ لا وجه لهذا التردد بل تتعين قيمتها مقلوعة وهو الذي يفيده ابن عرفة (ولزم الكراء بالتمكن) أي من المنفعة سواء استعمل أو عطل كما إذا بور الأرض والتمكن من منفعة أرض المطر باستغناء الزرع عن الماء وضمان العام هذا هو الظاهر في تقرير المصنف وليس مراده التمكن من التصرف كما في ز وخش فإنه قد كان متمكنًا منه من

ص: 92

مصدر عطف على جائحة أو فعل عطف على فسد والأول أنسب بقوله: (أو) امتنع من الزرع لأجل (عدمه) أي المكتري (بذرًا) لتمكنه من إيجازها لغيره ولذا لو عدم أهل الموضع البذر لسقط عنه الكراء قاله عج أي عدم أهل البلد ملكًا وتسلفًا حتى من بلد مجاوره لهم حيث جرى عرف بتسلفهم منهم كذا يظهر وهذا عطف على جائحة كما مر وفسد مضمن معنى انعدم والانعدام أعم من أن يكون بعد الوجود أم لا أي وإن انعدم الزرع لجائحة أو لغرفه بعد وقت الحرث أو لعدمه بذر وبهذا يظهر عطف عدمه على جائحة كما في د واعترضه شيخنا ق بأن إطلاق العدم على ما لم يوجد خلاف ما لهم وإن الأولى تضمين فسد بمعنى تعطل اهـ.

وقال: أولى لأنه قد يقال لا مانع من اجتماع الحقيقة والمجاز كما أنه قد يطلق الموت على الشخص قبل وجوده بناء على أن الموت عدمي على حد ما قيل في قوله تعالى: {أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: 11](أو) عدم زرعًا لأجل (سجنه) بفتح السين أي إدخاله السجن بالكسر اسم للمكان المعد لذلك وهذا حيث لم يقصد من سجنه به منعه من زرعه وإلا سقط الكراء وكان على المانع وعلم قصده بقرينة أو بقوله: (أو انهدمت شرفات) بشين معجمة مضمومة وبراء مهملة مثلثة وساكنة جمع شرفة كما في الشمني وفي بعض النسخ شرافات بألف وهو بضم الشين والراء مفتوحة فقط (البيت) ولم تنقص من قيمة

ــ

أول ما عقد قاله مس رحمه الله تعالى (أو عدمه بذرا) قول ز ولذا لو عدم أهل الموضع الخ نحوه في نقل ح عن اللخمي (أو انهدمت شرفات البيت) قول ز وبراء مهملة مثلثة الخ فيه نظر بل كسرها لا يصح وإنما فيها الضم على الاتباع والتخفيف بالفتح أو الإسكان لأن شرفة على وزن غرفة لقول الجوهري وشرفة القصر واحدة الشرف اهـ.

وفي الخلاصة والساكن العين الثلاثي اسمًا أنل:

اتباع عين فاءه بما شكل

ثم قال:

وسكن التالي غير الفتح أو

خففه بالفتح فكلا قدرووا وحاصل ما ذكره ابن رشد في المقدمات من الأقسام هنا كما نقله عنه في ضيح وق وغيرهما أن يقال الهدم في الدار المكتراة إما يسير وهو ثلاثة أوجه الأول ما لا مضرة فيه ولا ينقص من الكراء كالشرفات فهو كالعدم يلزمه السكنى من غير حط الثاني ما لا مضرة فيه لكن ينقص من الكراء فيلزمه السكنى ويحط بقدره الثالث مضر كالهطل فيخير المكتري بين السكنى بجميع الكراء وبين الخروج وأما كثير وهو أيضًا ثلاثة أوجه الأول أن يعيب السكنى ولا يبطل شيئًا من منافع الدار كذهاب تجصيصها فيخير كما تقدم الثاني أن يبطل بعض المنافع كانهدام بيت من ذات بيوت فيسكن ويحط الثالث أن يبطل منافع أكثر الدار فيخير كما تقدم اهـ.

ص: 93

الكراء بدليل ما يذكره فيلزمه الكراء فإن أنفق عليها شيئًا يغير إذنه فلا شيء له لأنه متطوع وله أخذ نقضها إن كان ينتفع به كما قاله ابن يونس (أو سكن أجنبي بعضه) بإذن المكتري أو غصبًا فيلزمه جميع الكراء ويرجع هو على الأجنبي بأجرة المثل فيما سكنه وأما بإذن المكري فيحط عن المكتري حصته كسكنى المكري كما يذكره (لا إن نقص من قيمة الكراء) ولو بما فيه جمال الدار كالبياض (وإن قل) المنهدم ولم يحصل به ضرر بدليل قوله: وخير في مضر الخ ويحتمل جعل الواو للحال ويكون معنى القليل ما لا ضرر فيه على المكتري وهذا هو الذي يظهر من حل الشارح فليس قيدًا زائدًا على المصنف (أو انهدم بيت منها) أي من الدار المكتراة ولا كبير ضرر فيه على الساكن (أو سكنه) أي بيتًا منها (مكريه) أو شغله بمتاعه أو لم يمكن المكتري منه (أو لم يأت بسلم) يصعد عليه في دار مكتراة فيها علو وسفل (للأعلى أو عطش) بكسر الطاء (بعض الأرض) مطلقًا (أو غرق) بكسر الراء بعضه قبل إبان الحرث لا بعده فعليه جميع الكراء كما تقدم ولعل المراد بوقت الحرث الغالب في تلك البلد لا نفس الأرض بانفرادها (فبحصته) أي يحط عن المكتري في هذه المسائل الست حصته من الكراء إن قام به وإلا لم يحط وعقد الكراء لازم له في الستة فإن ادعى القيام وخالفه المكري عمل بقول المكري كما يعمل به إن تنازعا في وقت انهدام بيت منها ثم إن كلًّا من العطش والغرق حكمه حكم الاستحقاق حيث حصل كل منهما قبل الزرع فينظر إلى كونه بأكثرها فليس له التمسك بالباقي أم لا فيتمسك ويدل له قوله وإن قل (وخير) المكتري بين الفسخ والبقاء (في) حدوث (مضر) من غير نقص منافع (كهطل) وهو

ــ

وقد استوفاها المصنف رحمه الله تعالى (أو سكن أجنبي بعضه) قول ز بإذن المكتري أو غصبًا الخ الذي عند ابن عاشر قوله أو سكن أجنبي يعني وسكت المكتري عنه إما إن سكن غصبًا فلا اهـ.

وهو ظاهر إذا كان الغاصب لا تناله الأحكام كما تقدم عند قوله وبغصب الدار الخ (أو لم يأت بسلم للأعلى) نحوه في العتبية في رسم يوصي من سماع عيسى قال ابن رشد إنما قال إنه إذا لم يجعل المكري للمكتري سلمًا ليخلص به إلى الانتفاع بالعلو حتى انقضت السنة أنه لا كراء عليه فيه لأنه باع منه جميع منافع الدار فعليه أن يسلمها إليه وتسليمه للعلو هو بأن يجعل له سلمًا يرقى عليه إليه والكراء في هذا بخلاف الشراء لو باع منه الدار وفيها علو لا يرقى إليه إلا بسلم فلا يكون عليه أن يجعل له سلمًا يرتقي عليه كما لا يلزمه أن يجعل له دلوًا وحبلًا يصل به إلى ماء البئر لأن ما باع منه قد أسلمه إليه فهو إن شاء سكنه وإن شاء هدمه وإن شاء باعه لا يمنعه من التصرف فيه بما شاء كونه دون سلم اهـ.

بلفظه ومثله في المنتخب عن ابن القاسم إذا توانى صاحب المنزل فلم يجعل للعلو سلمًا ولم ينتفع به المتكاري حتى انقضت السنة قال ينظر إلى ما يصيب ذلك العلو من الكراء فيطرح عن المتكاري اهـ.

بلفظه (وخير في مضر كهطل الخ) قول ز من غير نقص منافع مع قوله بعده وأما مضر

ص: 94

تتابع مطر ينزل من السقف وخراب باذهنج وأولى هدم الدار والساتر (فإن بقي فالكراء) جميعه وليس له البقاء مع إسقاط حصة المضر من الكراء وأما مضر مع إسقاط منافع فيحط عنه بقدره كما مر وشبه في لزوم الكراء قوله: (كعطش أرض صلح) حتى تلف زرعها فيلزمهم الكراء كاملًا لأنه ليس بإجارة محققة إنما صالحهم السلطان على أن عليهم مالًا معلومًا بخلاف الأرض الخراجية كأرض مصر فإنها أجرة محققة لأنها أرض عنوة أجرها السلطان فإذا عطشت سقطت الأجرة كما مر (وهل) لزوم الخراج لأهل أرض الصلح (مطلقًا) سواء صالحوا على أنه على الرؤوس أو على الأرض أو عليهما معًا (أو) لزومه (إلا أن يصالحوا على الأرض) فقط أو عليها مع الرؤوس سواء وزعوا لكل من الأرض والرقاب قدرًا معينًا متميزًا أم لا (تأويلان) فهما في ثلاث صور ورابعة متفق على أنه لا يسقط شيء بالعطش وهي جعل الصلح على الرؤوس فقط وفي إطلاق الخراج على هذه تجوز كذا يستفاد من د وكر واعتمده عج بعدما كان يعترض على د ويؤوله والظاهر أن غرقها في الإبان كعطشها لأن كلًّا منهما يسقط الكراء في غير أرض الصلح ثم ظاهر المصنف صادق

ــ

مع إسقاط منافع فيحط عنه بقدره الخ فيه نظر بل لا فرق في المضربين ما ينقص المنافع وبين ما لا ينقصها يخير في الصورتين معًا فإن بقي فعليه جميع الكراء على مذهب ابن القاسم في المدونة ولفظ المقدمات في الصور الثانية الثالث أن تكون فيه مضرة على الساكن من غير أن يبطل من منافع الدار شيئًا كالهطل وشبهه فهذا اختلف فيه على قولين أحدهما: قول ابن القاسم أن رب الدار لا يلزمه الإصلاح إلا أن يشاء فإن أبى كان المكتري بالخيار بين أن يسكن بجميع الكراء أو يخرج فإن لم يخرج وسكن لزمه جميع الكراء اهـ.

بلفظه ولفظها في الصورة الأولى هو ما نصه الثالث أن يبطل أكثر منافع الدار أو منفعة البيت الذي هو وجهها أو ما أشبه ذلك فهذا يكون المكتري فيه مخيرًا بين أن يسكن بجميع الكراء أو يخرج فإن أراد أن يسكن على أن يحط عنه ما ينوب ما انهدم من الكراء لم يكن ذلك له إلا أن يرضى بذلك رب الدار فإن رضي بذلك جرى جوازه على الاختلاف في جمع الرجلين سلعتيهما في البيع وإن بنى المكري الدار قبل أن يخرج المكتري منها لزمه الكراء ولم يكن له أن يخرج وإن بناها بعد أن خرج لم يكن عليه الرجوع إليها إلا أن يشاء وإن سكت وسكن الدار مهدومة لزمه جميع الكراء على مذهب ابن القاسم في المدونة خلاف رواية عيسى عنه في العتبية اهـ.

بلفظه ونقله المصنف رحمه الله تعالى في ضيح ولا يعارض هذا قول المصنف قبل أو انهدم بيت لأن ذلك في غير المضر ولذا لا يخير فيه وهذا في المضر (وهل مطلقًا أو إلا أن يصالحوا على الأرض تأويلان) في المدونة ومن زرع في أرض الخراج بكراء مثل أرض مصر فغرقت أو عطشت فلا كراء عليه إذا لم يتم الزرع في أرض الصلح التي صالحوا عليها إذا زرعوا فعطش زرعهم فعليهم الخراج قال غيره هذا إذا كان الصلح وظيفة عليهم واختلفوا في قول الغير فقال أبو عمران هو خلاف لقول ابن القاسم وقال بعض القرويين هو وفاق اهـ.

ص: 95

بالعطش المتقدم على الزرع والمتأخر عنه وظاهر المدونة أنه في الثاني كما قررنا به المصنف قبل وأخرج من قوله ولزم الكراء بالتمكن قوله: (عكس تلف الزرع) بآفة من أرضه فيسقط الكراء فأراد بالعكس هنا المقابلة بالنفي والإثبات أي عكس الحكم المتقدم أي كما يجب جميع الكراء فيما مر يسقط جميعه هنا بسبب تلف الزرع بآفة من أرضه لا الحكم في الحكم والتصوير معًا لعدم تأتيه وبين آفة الأرض بقوله: (لكثرة دودها) وكذا لوجوده وإن لم يكثر فلو قال لدودها لكان أحسن (أو فأرها) أو بما ينشع منها من الماء وبنحو حامول وقضاب قال تت وانظر هل المراد بكثرة دودها أو فأرها وجوده في المدة المستأجرة فقط وهو الظاهر أي وإن لم تعتده أو هو شأنها اهـ.

وإنما استظهر الأول لاقتضاء الثاني أن وجود ذلك فيها مع عدم اعتياده لا يسقط الكراء مع أنه يسقطه (أو عطش) لجميعها وهذا إن عمه التلف (أو بقي القليل) كخمسة أفدنة أو ستة من مائة ومدلول عبارته كغيره أنه لا يلزمه كراء ما بقي وظاهره ولو كان منفردًا في جهة وفي بعض الطرر عن أبي الحسن أن اللخمي قال: يريد إذا كان ذلك متفرقًا في جملة الفدادين المكتراة لأن ذلك كالهالك وأما لو سلمت الخمسة فدادين أو الستة على العتاد لزمه كراؤها اهـ.

(ولم يجبر آجر) بالمد مالك دارًا مثلًا (على إصلاح) لمكتر ساكن (مطلقًا) أي سواء كان المحتاج للإصلاح يضر بالساكن أم لا حدث بعد العقد أم لا أمكن معه السكنى أم لا وهو مذهب ابن القاسم في المدونة أي ويخير المكتري بين أن يخرج أو يبقى فعليه جميع الكراء وقال غيره فيها يجبر ابن عبد السلام وعليه العمل في زماننا اهـ.

قال د لو طاع المكتري بالإصلاح من ماله أي لا ليحسبه من الكراء بدليل ما يأتي عن المدونة جبر ربها لأنه بمنعه مضار قاله ابن حبيب وزاد فإن انقضت الوجيبة أخذه رب الدار بقيمته منقوضًا إلا أن يكون بإذنه فيأخذه بقيمته قائمًا ابن يونس قال الشيخ وهذا على

ــ

والظاهر من هذا أن التأويلين في صورتين فقط وهما إذا صولحوا على الأرض وحدها أو عليهما وعين ما ينوب الأرض منه فإن صولحوا على الرؤوس فقط أو عليها وعلى الأرض إجمالًا فمحل وفاق فقول ز التأويلان في ثلاث صور الخ فيه نظر والله أعلم (أو بقي القليل) قول ز وفي بعض الطرر عن أبي الحسن الخ مثله في نقل ابن عرفة عن اللخمي (ولم يجبر آجر على إصلاح مطلقًا) أي وإذا لم يصلح جرى الأجير على ما تقدم من تخييره فيما هو مضر والحط عنه من الكراء فيما ينقصه ولا يضره خلاف ما يقتضيه كلام ز من تخييره هنا مطلقًا فإنه ينافي التفصيل المتقدم وقول ز وقال غيره فيها يجبر الخ خلاف الغير ليس عامًّا في جميع الصور كما اقتضاه كلام ز بل هو خاص بالمضر اليسير كما لابن رشد ونصه على اختصار ابن عرفة وإن أضر بالساكن ولم يبطل من نفع الدار شيئًا كالهطل وشبهه هذا فيه قولان وبينهما ثم قال وإن كثر لم يلزمه إصلاح بإجماع اهـ.

ص: 96

قوله لا على ابن القاسم أي وأما على قول ابن القاسم فيأخذه يقيمته منقوضًا مطلقًا وينبغي أن المعتمد ما لابن القاسم كما يدل عليه من حيث المعنى قول المصنف وإن انقضت مدة البناء والغرس فكالغصب وأما لو أراد أن يصلح ليحسب له من الكراء فليس له ذلك إلا بإذن ربها قاله في المدونة فلو أصلح بغير إذنه لكان لربها أن يعطيه قيمته منقوضًا أو يأمره بقلعه انظر ابن عرفة ولا يقال من بنى من انهدم قد قام عن ربه بواجب لا بد له منه بغرم فيرجع عليه بما أنفقه لأنا نقول لا نسلم أنه لا بد له منه لأنه قد يختار هدم ذلك ليبيعها عرضة وما أشبه ذلك اهـ.

كلام د ومن استأجر وقفًا يحتاج لإصلاح وأصلح بغير إذن ناظره فيعطي قيمة بنائه قائمًا لقيامه عنه بما لا بد له منه بغرم لوجوب إصلاح الوقف على الناظر لا لأجل المستأجر والوجوب لحق الله لا لخصوص الساكن فقوله ولم يجبر شامل للمالك كما قررنا وللناظر من حيث الساكن وإن وجب عليه الإصلاح من حيث ذات الوقف.

تنبيه: قال عج أخذ غير واحد من أشياخي من مسألة المصنف هذه أنه لا يجبر من له خربة بجوار شخص يحصل له منها ضرر كسارق ونحوه على عمارتها ولا بيعها ويقال له اعمل ما يندفع به الضرر عنك ولا ضمان على ربها إن صعد منها سارق لبيت جارها وبه أفتى الشيخ أحمد بن عبد الحق السنباطي الشافعي نظمًا وكتب تحت خطه نظمًا أيضًا موافقًا لجوابه في الفتوى الشيخ سالم السنهوري ويدل له مسألة عدم إعادة الساتر ومسألة ما أضر من فروع الشجرة وأفتى بعضهم بلزوم رب الخربة بفعل ما يندفع به ضرر جاره من عمارتها أو بيعها لمن يعمر وربما يدل له مسألة إجارة دار الباسق وبيعها وعلى الأول فقد يفرق بأن الفاسق لا يمكن تحرز جاره عن فسقه بخلاف الخربة يمكنه التحرز منها بتعلية بنائه وأخرج من قوله ولم يجبر آجر قوله: (بخلاف ساكن أصلح له) رب الدار أو ناظرها ما انهدم منها فيجبر على السكنى (بقية المدة) ويلزمه جميع الكراء وقوله: (قبل خروجه) متعلق بأصلح ولا يتعلق به بقية لا غناء الظرف عنه بل بمقدر كما قررنا فإن أصلح ذلك بعد خروجه منها لم يكن له جبره على عوده إليها بقية المدة (وإن اكتريا حانوتًا وأراد كل مقدمه) وصلحت صنعة كل لمقدمه عرفًا سواء اتفقت صنعتهما أو اختلفت (قسم إن إمكن) لاتساعه وحمله القسم وهذا حيث لا عرف (وإلا أكرى عليهما) والبيت المطل بعضه على كبحر كذلك وظاهر المصنف أنه لا كلام لرب الحانوت ومثل الاكتراء الاشتراء وإذا اتفقا على المقدم واختلفا في الجهة فالقرعة إذ ليس كاختلافهما في المقدم والمؤخر (وإن غارت عين مكر) لأرض أو انهدم بئره (سنين بعد زرعه) أي المكتري وأبى المكري من إصلاحها (نفقت) بفتح النون والفاء أو كسرها من باب نصر وفرح نفد وفنى أو قل كما في القاموس ومن جملة ما يكون به الفناء الصرف وهو لازم

ص: 97

فلا يبنى منه للمفعول أي صرفت (حصة سنة فقط) أي لمكتريها أن يصرف عليها للإصلاح أجرة سنة ويلزم ربها ذلك لأنه قام عنه بواجب وظاهره أي سنة شاء ولو اختلف الكراء وكلام ابن عرفة يفيد أنه ينفق حصة السنة التي حصل فيها الغور وما زاد عليها فهو متطوع به ومحل المصنف إذا كانت الأرض مأمونة وإلا فليس له نفقة مع إباية ربها ويسقط عنه الكراء لأن تلف زرعها من العطش ولعله المراد بالمأمونة ما يحصل بإنفاق حصة سنة فيها إلا من عطشها في تلك السنة ومفهوم الظرف أنها لو غارت قبل زرعه وأبى ربها من الإصلاح فليس له إنفاق فإن أنفق حمل على التطوع كما يحمل عليه إذا أنفق أزيد من سنة بعد زرعه على الماء وإنما قال سنين مع أن مكتري سنة واحدة ينفق أجرتها أيضًا ردًّا لمن يقول ينفق أجرة السنين كلها حيث اكترى سنين لأنها عقدة واحدة والمساقاة يجري فيها ما للمصنف هنا فإذا ساقى الحائط سنين وغارت عينه وأبى من إصلاحها فللعامل من أن ينفق قدر قيمة ثمرة سنة لا أزيد انظر وثائق الجزيري (وإن تزوج ذات بيت) رشيدة (وإن بكراء) لازم وجيبة أو مشاهرة ونقدت جملة (فلا كراء) عليه حينئذٍ لبناء النكاح على المكارمة (إلا أن تبين) عند سكناه معها كما في تت أو عند العقد كما في العجماوي بأن تقول أنا ساكنة بالكراء وإن عليك الأجرة فتلزمه للشرط وفي شرح العاصمية ما يفيد أن المراد إلا أن يحصل منها بيان في أي وقت فيكون لها الكراء من ذلك الوقت ولو بعد مدة من البناء وبيت أمها أو أبيها كبيتها لجري العادة بعدم مطالبته وقيد الوجيبة وما في حكمها والتبيين جار فيهما إن لم تجر العادة بخلاف ذلك وإذا اشترط الزوج في العقد سكناه ببيتها بلا كراء فإن ذلك لا يوجب فساد العقد كما هو ظاهر إطلاقهم هنا وليس اجتماع النكاح والإجارة موجبًا للفساد لعدم عدّهم هناك الإجارة كالبيع الذي يمنع مع عقود سبعة وإن سلم أنها كالبيع فيقيد بما إذا كانت فيما يقتضيه النقد الذي هو وإن تزوج الخ فتأمله وأشعر قوله ذات بيت أنه ليس له قبض ريعها ونحوه وغرم لها ما أخذه من ذلك قال بعض وأما ملك أخيها أو عمها فقال اللخمي: أرى إن طالت المدة فلا شيء لهما عليه وإن قصرت خلفًا أنهما لم يسكناه إلا بأجرة وأخذاها منه وأما أبوا الزوج فإنهما كأبوي الزوجة وأما أخوه أو عمه فينبغي أن يكون لهما عليه الأجرة إذا قالا إنما أسكناه بأجر

ــ

(حصة سنة) قول ز لأنه قام عنه بواجب الخ فيه نظر وقد مر له قريبًا ما يخالفه والذي لابن يونس هو ما نصه وإنما كان كذلك لأن المكتري متى ترك ذلك فسد زرعه ولم يكن لرب الأرض كلام إذ لو بطل زرع هذا لم يكن له كراء فلا يمتنع من أمر ينتفع به غيره ولا ضرر عليه هو فيه اهـ.

نقله ق فانظره وبما ذكره ابن يونس يبطل قوله ومحل المصنف إذا كانت الأرض مأمونة (وإن تزوج ذات بيت وإن بكراء الخ) قول ز فإن ذلك لا يوجب فساد العقد الخ فيه نظر وما وجهه

ص: 98

والفرق بين أخي الزوجة وعمها وبين أخي الزوج أو عمه أن العادة جارية بضم المرأة إلى أخيها أو عمها خشية الفتنة وحفظًا للعرض بخلاف أخي الزوج أو عمه أن العادة فإن لم تجر بضمه إليهما لأنه لا يخشى فيه ما يخشى من المرأة اهـ.

(والقول للأجير) على إيصال كتاب لرجل بعيد أو حمولة إليه بيمينه (أنه وصل كتابًا) أو حمولة في أمد يبلغ في مثله عادة كما سيقول أن شبه ومعنى كون القول له فيما ذكر في استحقاق الأجرة لا في نفي الضمان عنه حيث أنكر المرسل إليه الوصول فلا مخالفة بين هذا وبين قوله في الوديعة عاطفًا على ما فيه الضمان أو المرسل إليه لمنكر ولا بينه وبين قوله في الوكالة وضمن إن أقبض الدين ولم يشهد وتقدم أن غير الدين كالدين وأما جواب د تبعًا للشارح عن أبي إسحاق بأن ما هنا فيما لعرف فيه عدم الأشهاد وما تقدم في البابين فيما العرف فيه الأشهاد فمبني على العمل بالعرف في هذا وتقدم في الوكالة أن المشهور الضمان وإن كان لعرف عدم الأشهاد كما قاله ح هناك وتقدم عن التكميل ما يوافقه ومشى عليه ابن الحاجب وحكى التقييد بقيل (و) القول للأجير أي الصانع فيما بيده (أنه استصنع وقال) ربه دفعته لك (وديعة) لأن الغالب فيما يدفع للصناع الاستصناع فهو شبه له والإيداع نادر والنادر لا حكم له كما قاله اللخمي ورجوع الشبه لهذا احتراز عن دعوى الصانع استصناع ما تكذب القرينة دعواه كدعواه أنه قال له أفتق خياطة المخيط وأعدها حيث لا موجب لذلك وعطف على معنى أنه استصنع قوله: (أو) أي القول للصانع إن خولف في الاستصناع أو (خولف في الصفة) وهي عرض يقوم بمحل وليس عطفًا على استصنع كما هو ظاهره لأنه يصير التقدير القول له إن خولف مع أن مخالفة رب الثوب محققة ومعنى المصنف أنهما اتفقا على عين المصنوع وعلى أنه دفعه له ليصنعه واختلفا في الصفة فالقول للأجير بغير يمين كما هو ظاهر ابن عرفة إن أشبه بالنسبة لمالكه في استعماله كصبغة شاشًا أخضر لشريف أو أزرق لنصراني فلا تقبل دعوى شريف أنه أمره بصبغه أزرق ليهديه لنصراني ولا دعوى نصراني أنه أمر بصبغه أخضر ليهديه الشريف وظاهره ولو لقرينة وأراد المصنف اختلافهما في صفة لا تجتمع بمحل واحد كأسود وأزرق وأما إن قال ربه أمرتك بصبغه أهل والصانع أزرق فالقول لربه في تخفيف الأجرة وللصانع في عدم لزومه إعادته كما مر عند قوله أو صبغ فتوزع فيه ومثل ذلك في الحكم اختلافهما في عين المصنوع في أن القول للصانع بيمينه والظاهر تقييده بالشبه أيضًا (أو) اتفقا على عين المصنوع وعلى الصفة واختلفا (في قدر

ــ

به غير صحيح بل يوجب فساده للتنافي بين عقد الإجارة والنكاح وفي التحفة ويفسد النكاح بالإمتاع في عقدته وهو على الطوع اقتفى (أو خولف في الصفة) قول ز فالقول للأجير بغير يمين كما هو ظاهر ابن عرفة الخ لفظ ابن عرفة وإن اختلفا في صفة لصنعة صدّق الصانع فيما يشبه اهـ.

وظاهر صنيع ق أنه لا بد من اليمين وهو الظاهر ثم رأيته مصرحًا بوجوب اليمين في

ص: 99

الأجرة إن أشبه) في الفروع الأربعة (وجاز) الأجير المصنوع تحت يده في الفرع الأخير لأنه بمنزلة من باع سلعة ولم يخرجها ولا يتصور في الفرع الأول اعتبار الحيازة وأما الثاني والثالث فإنه وإن تصور فيهما لكن النقل عدم اعتبارها فيهما فإن لم يشبه في الفرع الأول فلا شيء له ولا يتأتى فيه دعوى شبههما ولا عدم شبه واحد وإن لم يشبه في الثاني والثالث نظر لما زادته صنعته في المصنوع عن قيمته بدونها فيرجع به أو يدفع قيمته بدونها ومفاد ابن عرفة في الثالث أنه إذا لم يشبه الصانع حلف ربه وثبت له الخيار المذكور لا للصانع إلا أن يسلمه لربه مجانًا فلا خيار له وظاهره أي ما قبل الاستثناء ولو كان الصبغ ينقصه وهو ظاهر لأن خيرته تنفي ضرره فإن أبى ربه من التخيير ومن الحلف اشترك هو والصانع هذا بقيمة ثوبه وهذا بقيمة صبغه وظاهره وإن لم يحلف الصانع وذكر مفهوم حاز الخاص الرابع بقوله: (لا كبناء) أي القول للصانع في قدر الأجرة إن أشبه وحاز في كخياطة لا أن يحز في كبناء والفرق بينهما الحوز وعدمه فالقول لرب الثوب أيضًا في قدر الأجرة في خياطة إن لم يحزه الخياط ومحل كون القول قول ربه في البناء إن أشبه وإلا فقول الصانع إن أشبه فإن لم يشبها فكراء المثل (ولا في رده) ما صنعه الصانع مما لا يقبل فيه دعوى تلفه وهو ما يغاب عليه (فلربه) القول في عدم قبضه (وإن) كان دفعه للصانع (بلا بينة) وأما ما لا يغاب عليه فيقبل دعوى رده لقبول دعوى تلفه إلا أن يكون قبضه ببينة مقصودة للتوثق فلا يقبل دعوى رده ولا تلفه كما مر في باب العارية عند قوله كدعواه رد ما لم يضمن والفرق بين قوله هنا وإن بلا بينة وبين المودع إذا قبض الوديعة بلا بينة وادعى ردها لربها أنه يصدق أن المودع قبض الوديعة على غير وجه الضمان والصانع قبض ماله فيه صنعة ويغاب عليه على وجه الضمان (و) الصانع (إن ادعاه) أي الاستصناع المفهوم من قوله استصنع (وقال) ربه: (سرق مني) بالبناء للمجهول ليشمل دعواه السرقة على غير الصانع وعليه لكن إن كان صالحًا لا يشار له بمثل ذلك أدب (وأراد) ربه (أخذه) دون تضمينه (دفع قيمة الصبغ) بكسر الصاد أي المصبوغ به أي

ــ

كلام ابن يونس والله أعلم (إن أشبه وحاز) شرط الحوز إنما يحتاج إليه إذا أشبها معًا أما إذا أشبه الصانع فقط فلا يحتاج إلى الحوز والحاصل أنهما إن أشبها معًا فالقول قول الحائز منهما وإن لم يشبها معًا فأجرة المثل ولا ينظر إلى حوز وإن أشبه أحدهما فقط فالقول له وإن لم يحز وقول ز ومفاد ابن عرفة في الثالث الخ نص ابن عرفة فيه الصقلي إن ادعى الصانع ما لا يشبه صدق رب الثوب مع يمينه وخير في أخذه مصبوغًا ويدفع أجرته أو يسلمه ويأخذ قيمة ثوبه أبيض الصقلي هذا وفاق لمالك قال إلا أن يشاء الصباغ أن يسلم صنعته بلا ثمن فإن أبى كان شركة بينهما هذا بقيمة ثوبه أبيض وهذا بقيمة صنعته واختلف فيه وهذا أحسن الصقلي هذا أصلنا لأنه إن أتى الصباغ بما لا يشبه وصدق رب الثوب مع يمينه صار حكم الصباغ حكم المتعدي فيخير ربه في أن يغرمه قيمة ثوبه أو يأخذه ويدفع قيمة الصبغ اهـ.

ص: 100

مع أجرة عمل الصانع على المعتمد خلاف ما يوهمه د من الاقتصار عليها وإن الصبغ بفتح الصاد (بيمين) على ربه دون الصانع وتعتبر قيمته يوم الحكم وقوله: (إن زادت دعوى الصانع عليها) قيد في قوله قيمة الصبغ وفي قوله بيمين أي فإن لم تزد بأن ساوت أو نقصت أخذ ما ادعى فقط ولا يعطي أكثر منه ولا يمين على ربه (وإن اختار) ربه (تضمينه فإن دفع الصانع قيمته أبيض) يوم الحكم أو العداء على زعم ربه (فلا يمين) على واحد منهما قاله تت (وإلا) يدفع بل أبى (حلفًا) وبدأ الصانع لأنه بائع فيحلف أنه استعمله وربه أنه ما استعمله وإن لم يقل سرق مني كما في النقل وإن كان ذلك طبق دعواه وقاعدة اليمين أن تكون على طبق الدعوى ووجه ما في النقل إن ترتب غرم قيمته أبيض إنما هو على حلفه أنه ما استعمله وإن لم يذكر معه سرقة (واشتركا) فيه هذا بقيمة ثوبه غير مصبوغ وهذا بقيمة عمله لأن كل واحد مدع على صاحبه وظاهر المصنف ولو نقصه الصبغ لأن الشركة بقيمة الثوب أبيض وقيمة الصبغ لا بما زاده على قيمته أبيض ونكولهما كحلفهما وقضى لحالف على ناكل فإذا حلف رب الثوب فقط قضى له بقيمته أبيض إن شاء وإن شاء أخذه ودفع قيمة الصنع ولو نقصت الثوب لأن خيرته تنفي ضرره إلا أن يتحقق أنه سرقه أو غصبه فيأخذه بدون قيمة الصبغ (لا إن تخالفا في لت) أي خلط (السويق) فقال اللات أمرتني أن الله بخمسة أرطال من السمن وقال رب السويق ما أمرتك أن تلته بشيء أصلًا بل سرق مني فلا يحلفان ولا يشتركان بل يقال لربه ادفع له ما قال فإن دفع فظاهر (و) إن (أبى من دفع ما قال اللات فمثل سويقه) يدفعه له غير ملتوت إن شاء الصانع لوجود المثل في ذلك.

ــ

قلت كلامه آخرًا يشمل حكم الثاني أيضًا وهو ظاهر فلا يقصر على الثالث فقط وقول ز وظاهره أي ما قبل الاستثناء الخ مراده بالاستثناء قول ابن عرفة إلا أن يسلمه لربه مجانًا الخ وقول ز فإن أبى ربه من التخيير ومن الحلف الخ فيه نظر بل إذا أبى من الحلف جرى على حكم النكول وإنما مراد ابن عرفة والله تعالى أعلم فإن أبى الصانع من تسليمه مجانًا أي وأبى ربه من دفع الأجرة ومن قبض القيمة هذا ظاهره فتأمله (وإلا حلفا واشتركا) قول ز وبدأ الصانع لأنه بائع الخ هذا غير صحيح بل يبدأ رب الثوب ونص ابن عرفة الصقلي عن الشيخ يبدأ بالحلف رب الثوب ما استعمله اهـ.

ونحوه في ضيح وح (لا إن تخالفا في لت السويق) اللت بالتاء المثناة كما ذكره عياض وأبو الحسن وغيرهما (فمثل سويقه) جرى المصنف على قول غير ابن القاسم في المدونة ونصها من لت سويقًا بسمن وقال لربه أمرتني أن ألته لك بعشرة دراهم وقال ربه لم آمرك أن تلته بشيء قيل لصاحب السويق إن شئت فأغرم له ما قال وخذ السويق ملتوتًا فإن أبى قيل للات اغرم له مثل سويقه غير ملتوت وإلا فاسلمه له بلتاته ولا شيء لك ولا يكونان شريكين في الطعام لوجود مثله وقال غيره إذا امتنع رب السويق أن يعطيه ما لته به قضى له على اللات بمثل سويقه غير ملتوت اهـ.

ص: 101

وعدم وجوده في مسألة الثوب وإن شاء دفعه له بلته من غير شيء له عليه خلافًا لمن يقول يتعين المثل لأن من حجة ربه أن يقول لا أرضى به ملتوتًا لأنه صار لا يبقى بل يسرع إليه التغير وما مر من التخيير قول ابن القاسم وما مر من تعين المثل قول غيره قائلًا لأن دفع عين شيئه ملتوتًا يؤدي لبيع طعام بطعام متفاضلًا وبهذا اعترض على ابن القاسم قال تت ولعل المصنف لم يمش على ما لابن القاسم لأنه اعترض بما ذكر اهـ.

أي لأن المصنف ظاهره تعين المثل وأجيب عن ابن القاسم بأنه ليس فيه التأدية المذكورة إذ الصانع يقول لم أتعد فيما فعلته في طعامك حتى يجب على مثله بل لتته بإذنك فلم أدفع لك إلا ما تملك وأنت ظلمتني في عدم دفع العوض فإذا أبى الصانع من دفع المثل سلم الملتوت لربه ولا شيء له كما مر وهذا واضح على أن اللت غير ناقل وأما على أنه ناقل فكيف يقول أشهب بعدم جواز أخذه ملتوتًا مع ما فيه من التفاضل بين الطعامين إلا أن يكون أشهب يقول إنه غير ناقل وقولي أن ربه ادعى أنه سرق منه تحرز عن دعواه الوديعة فالقول للصانع كما قدمه المصنف بقوله وإنه استصنع وقال وديعة وأشار الشارح لحمل المصنف على ما قدمناه ولا يرد على حمله هنا على دعواه أنه سرق منه تقدم ذلك أيضًا في كلامه لحمل ما تقدم على المقوم وما هنا على المثلى بدليل قوله فمثل سويقه ثم ذكر ثلاث مسائل في اختلاف الجمال والمكتري الأول في قبض الأجرة وعدمه والثانية في المسافة والثالثة فيها وفي قبض الأجرة وبدأ بالأولى فقال عاطفًا على للأجير (وله) أي للأجير المتقدم ذكره (وللجمال بيمين في عدم قبض الأجر وإن بلغا الغاية) التي تكاريا إليها إلا لعرف بتعجيلها أو كانت معينة ودعواه تؤدي للفساد ودعوى المكتري للصحة كذا يظهر في هذين قياسًا على ما مر في البيع لموافقة الإجارة له في أكثر مسائلها (إلا لطول) بعد تسليم الجمال الأمتعة لربها (فلمكتريه) القول (بيمين) وإن ادعى أنه دفع له بعد تسليم الأمتعة فليس هذا كالصداق وأما قبل تسليم الأمتعة فلا يقبل قوله مع الطول قال د انظر ما حد الطول اهـ.

وفي الشرح عن المدونة ما يفيد أنه ما زاد على اليومين ما قاربهما بعد تسليم الأحمال لربها الذي هو المكتري ومحل قبول قول المكتري بعد الطول أيضًا وبعد تسليمه الأمتعة إلا أن يقيم الجمال بينة على إقرار المكتري بأن الأجرة في ذمته فلا يقبل قوله في

ــ

أبو الحسن مسألة السويق هذه دائرة بين أن يقول ربه أودعتك إياه أو يقول سرقته مني وقوله في الكتاب وقال ربه لم آمرك بلته أعم من ذلك وكذا لفظه في الأمهات ونقلها عبد الحق بلفظ وقال ربه ما دفعت إليك شيئًا عبد الحق فهذا مثل قوله في الثوب سرق مني ثم ذكر قول ابن القاسم وقول الغير وهل هو خلاف أو وفاق نقله ح ثم قال والظاهر أن المصنف حمله على الخلاف وترك قول ابن القاسم لترجح قول الغير عنده انظر أبا الحسن وابن يونس والله أعلم اهـ.

ص: 102

دفعها بعد طول من شهادة البينة كما في الشرح ومعناه إذا شهدت بينة على إقراره بعد تسليم الأمتعة كما مر وأما قبله فالقول للمكتري بعد الطول لأنه يقول لم تسلم لي الأمتعة إلا بعد قبض الأجرة ثم ذكر المسألة الثانية وهي اختلافهما في المسافة فقط بقوله: (وإن قال) الجمال (بمائة لبرقة وقال) المكتري (بل) بها (لإفريقية) أي القيروان أي المدينة المخصوصة أبعد من برقة ولم يذكر المبدأ لاتفاقهما عليه ولأنه لا يتعلق به غرض (حلفا) وبدأ الجمال لأنه بائع (وفسخ) إن حكم به كما في اختلاف المتبايعين (إن عدم السير) جملة (أو قل) بحيث لا ضرر على الجمال في رجوعه ولا على المكتري في طرح متاعه قالت تت وظاهره ولو أكرى على متاعه لعوده وبالغ على الحكمين المذكورين بقوله: (وإن نقد) ولا يراعى في هذه شبه ولا عدمه بدليل إطلاق المصنف هنا وتفصيله في الآتية (وإلا) بأن اختلفا في المسافة فقط بعد سير كثير أو بلوغ الغاية على دعوى الجمال (فكفوت المبيع) فيقبل قول المكتري إن أشبه وحده بيمينه نقد الكراء أم لا ويلزم الجمال ما قال إلا أن يحلف الجمال على ما ادعى فيكون له حصة مسافة برقة على دعوى المكتري ويفسخ الباقي وأما إن أشبها ففيه تفصيل يذكره قريبًا وبهذا التقرير علم أن التشبيه غير تام لأنه مع فوات المبيع القول للمشتري إن أشبه سواء أشبه الآخر أم لا وليس المكتري هنا كذلك وإن قوله الآتي حلف المكتري ولزم الجمال ما قال إلا أن يحلف الخ يرجع لهذه أيضًا (وللمكري في المسافة فقط) وهي برقة وقوله في المسافة أتى بهذه وإن كانت موضوع المسألة لأجل قوله: (إن أشبه قوله) انتقد أم لا (فقط) دون المكتري (أو أشبها وانتقد) المكري لترجح جانبه بالنقد قال د: تأمل الفرق بين البيع والكراء فإن القول في البيع قول المشتري إذا أشبها معًا وفي الكراء القول قول المكري إذا انتقد اهـ.

ولعله لأن حصول النقد لما رجح جانب المكري أشبه المشتري (وإن لم ينتقد حلف المكتري ولزم الجمال ما قال) المكتري من تبليغه لإفريقية فاعل لزم مؤخرًا والجمال مفعول مقدم (إلا أن يحلف) الجمال (على ما ادعى) من برقة فلا يلزمه تبليغه لإفريقية وإذا لم يلزمه (فله حصة المسافة) التي ساراها كثيرًا أو بلغا برقة (على دعوى المكتري) إن المائة إلى إفريقية فيقال ما حصة السير الكثير أو بلوغ برقة من المائة فإن قيل

ــ

فقول ز بل سرق مني الخ جار على فرض عبد الحق وقد علمت أن الراجح التعميم وقول ز والثالثة فيها وفي قبض الأجرة الخ صوابه فيها وفي قدر الأجرة كما يدل عليه ما بعده (وللمكري في المسافة فقط) قال غ كان المصنف في غنى عن أن يقول في المسافة فقط الخ ولعله مقدم من ناسخ المبيضة ومحله بعد قوله فإن نقده فالقول للجمال فيما يشبه الخ لأن المراد به أن القول له في المسافة فقط لا في دعوى أن الكراء مائة ويدل لذلك قوله بعده وحلفا إذ لو كان القول للجمال في الأمرين لم يكن لحلف المكتري معنى وأيضًا فإن هذه الصورة مفروضة فيما إذا أشبها معًا وكيف يكون القول للجمال في الأمرين انظر ابن عاشر

ص: 103

النصف مثلًا أعطى للجمال (وفسخ الباقي) بعد برقة أو السير الكثير إن كان في مستعتب وإلا أوصله إلى أمن (وإن لم يشبها) والموضوع بحاله بعد سير كثير (حلفا وفسخ بكراء المثل فيما مشى) ونكولهما كحلفهما وقضى للحالف على الناكل وذكر المسألة الثالثة وهي تخالفهما في المسافة وقدر الأجرة معًا فقال: (وإن قال) الجمال (أكريتك للمدينة بمائة وبلغاها) قبل مكة كمصري من ناحية بدر أو سارا كثيرًا (وقال) المكتري: (بل لمكة) أبعد (ناقل) كخمسين (فإن نقده) المكتري خمسين (فالقول للجمال فيما يشبه) مع شبه المكتري أيضًا بدليل ذكره بعد ذلك شبه الجمال وحده وبدليل قوله: (وحلفا) وعمل بقول الجمال هنا لترجيح جانبه بالنقد ودعواه الشبه في المسافة التي بلغاها فيحلف لإسقاط زائد المسافة والمكتري لإسقاط خمسين عنه ولزوم خمسين فقط له ويبلغه المدينة بعد السير الكثير وقوله: (وفسخ) مرتب على حرف الجمال ولا يتوقف على حلف المكتري وإنما حلفه لإسقاط خمسين عنه على دعوى الجمال (وإن) أشبها و (لم ينتقد) الخمسين (فللجمال في المسافة) التي ادعاها ويبلغه المدينة بعد السير الكثير لا فيما ادعى من الكراء بدليل قوله: (وللمكتري في حصتها) أي المدينة (مما ذكر) المكتري من مسافة مكة ونقص الكراء لكن بقول أهل المعرفة ولا يقبل قوله في أنه لمكة لأن بلوغ المسافة المدعاة يرجح قول مدعيها وعدم النقد يرجح قول المكتري (بعد يمينهما) على ما ادعياه (وإن أشبه قول المكري فقط) في المائة للمدينة (فالقول له بيمين) نقد أم لا فيأخذ المائة ولا يلزمه غير مسافة المدينة ولو حلف المكتري وقد اختصر المصنف الكلام في هذه المسألة تبعًا للمدونة فلم يذكر ما إذا تخالفا قبل الركوب أو بعده بعد سير يسير اعتمادًا على ما مر في المسألة الأولى من التحالف والتفاسخ وأما بعد سير كثير فتقدم أنه كبلوغ المدينة وسكت أيضًا عما إذا أشبه المكتري فقط نقد أم لا وحكمه كما إذا أشبها ولم ينتقد وعما إذا لم يشبه واحد منهما لمساواة حكمهما أيضًا للمسألة التي قبل هذه من التحالف والتفاسخ بكراء المثل فيما مشى وترك هنا بلوغ الغاية اتكالًا على ما هنا وهو صنع عجيب (وإن أقاما) أي أقاما كل واحد ولذا لم يقل بينتين بل قال: (بينة) على ما ادعاه بدليل قوله: (قضى بأعدلهما) كان ذلك قبل الركوب أو بعد بلوغ المدينة وهذا راجع للباب بتمامه وكذا يقضي بالعادلة دون الفاسقة (وإلا) بأن تكافئا عدالة (سقطتا) كمن ليس لهما بينة وكذا يقضي بذات التاريخ وبتقدمه (وإن قال اكتريت عشرًا) من فدادين أو سنين

ــ

(وفسخ الباقي) قول ز بعد برقة أو السير الكثير الخ يقتضي أنه بعد السير الكثير يفسخ قبل بلوغ الغاية الأولى وفيه نظر وظاهر النقل لزوم إتمام الغاية الأولى وصرح به الرجراجي في المسألة بعد هذه ونقله ح وبه قرر ز بعد ولا يظهر فرق بينهما (وللمكتري في حصتها مما ذكر) قول ز لأن بلوغ المسافة المدعاة يرجح قول مدعيها الخ صوابه لأن عدم بلوغ المسافة المتنازع فيها يرجح قول المكري اهـ.

ص: 104

لأرض زرع أو لبيت (بخمسين) دينارًا (وقال) المكري بل (خمسًا بمائة حلفا) ويبدأ صاحب الأرض أو الدار باليمين والموضوع أن التنازع وقع قبل الزرع والسكنى ولا يراعى هنا نقد ولا عدمه (وفسخ العقد وإن) كان تنازعهما بعد أن (زرع بعضًا) من المدة أو سكن البيت بعض المدة (و) الحال أنه (لم ينقد فلربها) بحساب (ما أقربه المكتري) فيما مضى من المدة (إن أشبه) المكتري أشبه ربها أم لا (وحلف وإلا) يشبه حلف أم لا أو أشبه ولم يحلف (فقول ربها) في الصور الثلاث المذكورة (إن أشبه) وحلف أيضًا فيأخذ على حساب ما قاله: (وإن لم يشبها حلفًا) أي يحلف على كل ما ادعاه (ووجب) لرب الدار أو الأرض (كراء المثل فيما مضى) أي فيما زرعه أو سكنه وهذا يتنازع فيه جميع العوامل السابقة (وفسخ الباقي مطلقًا) أشبه قول أحدهما أم لا وإنما فسخ العقد في بقية المدة لدعواه في كرائها أكثر من دعوى المكتري ثم ذكر قسيم قوله ولم ينقد فقال: (وإن نقد) وأشبها أو المكري فقط (فتردد) هل هو كالمتقدم في قبول قول ربها ووجوب كراء المثل فيما مضى وفسخ الباقي أو كونه يعمل بقول المكري ولا فسخ ويلزم المكتري جميع الكراء وأما إذا نقد ولم يشبها أو أشبه المكتري فقط فحكم ذلك كحكم ما قدم فيما إذا لم ينقد.

ــ

(وإن نقد فتردد) قال ح أجمل رحمه الله تعالى في ذكر هذا التردد ويتبين بذكر كلام المدونة وشراحها وذلك أن ابن القاسم في المدونة بعد أن ذكر الأوجه الأربعة المتقدمة قال وهذا إذا لم ينتقد قال أبو الحسن مفهومه لو نقد لكان القول قول ربها ولا تفسخ بقية الخمس سنين فيكون كقول الغير ومخالفًا لقوله ويفسخ باقي المدة على كل حال وقيل معنى قوله هذا إذا لم ينتقد أي هذا الذي سمعت من مالك ولم أسمع منه إذا انتقد والحكم عندي سواء فيهما اهـ.

والذي قاله الغير فيها هو أنه إذا انتقد وأتى رب الأرض بما يشبه أو أتيا معًا بما يشبه لا ينفسخ الكراء فيكون في هذين الوجهين مخالفًا لما تقدم فيما إذا لم ينتقد فمن الشيوخ من حمل قول ابن القاسم وهذا إذا لم ينتقد على معنى أنه يفسخ وأما إذا انتقد فلا يفسخ يريد في هذين الوجهين ويكون قول ابن القاسم موافقًا لقول الغير ومنهم من يرى أن مذهب ابن القاسم أنه يفسخ مطلقًا ويكون قول الغير خلافًا وهو تأويل ابن يونس انظر ح وبه تعلم أن المحل للتأويلين لا للتردد وقول ز ووجوب كراء المثل فيما مضى الخ فيه نظر إذ الذي تقدم له في شبههما وشبه رب الأرض وجوب الكراء بحساب ما قال اهـ.

ص: 105