المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في القضاء - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٧

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌باب في القضاء

‌باب في القضاء

وهو لغة يطلق على معان منها الأمر كقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] أي أمر لا حكم كما في الشارح وتت إذ لو كان معناه حكم لما تخلف أحد عما حكم به وبطلانه ظاهر قاله عج أي بطلانه ظاهر لعبادة كثير غيره وقد يمنع أن الحكم لا يستلزم لوقوع لأن الحكم إخبار بالشيء على وجه الإلزام فهو في المعنى كالأمر وهو لا يستلزم وقوع المأمور به غايته إن الأمر مدلوله الطلب المجرد والحكم مدلوله الإخبار بالشيء على وجه الإلزام ولا يلزم منه أداء ما أمر به أو حكم به قاله شيخنا الشيخ علي الشمرلسي رحمه الله رحمة واسعة واصطلاحًا قال ابن عرفة صفة حكمية توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعي ولو بتعديل أو تجريح لا في عموم مصالح المسلمين فيخرج التحكيم وولاية الشرطة وإخواتها والإمامة العظمى اهـ.

وقوله صفة حكمية أي معنى حكمي لا فصل بين الخصوم كما زعم بعضهم لقصوره على الفصل بالفعل والقضاء أعم من ذلك لأنه معنى يوجب نفوذ الفعل وإن لم يفعل فالقاضي عرفًا من فيه معنى يختص به عن غيره شرعًا فصل أو لم يفصل وقوله نفوذ بذال معجمة أي إمضاء لا بمهملة بمعنى فراغ كقوله تعالى: {لَنَفِدَ الْبَحْرُ} [الكهف: 109] وقوله: ولو بتعديل الخ عطف على مقدر أي يوجب نفوذ حكمه الشرعي بكل حكم به ولو كان بتعديل الخ ليصير التعديل والتجريح متعلق الحكم وقوله فيخرج التحكيم أي

ــ

القضاء

قول ز وهو لغة يطلق على معان الخ ضيح رحمه الله قال الأزهري القضاء في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقضاء الشيء وتمامه اهـ.

وقال القسطلاني القضاء في اللغة بمعنى الأمر منه وقضى ربك والعلم منه فضيت لك بكذا أعلمتك به والإتمام منه فإذا قضيتم الصلاة والفعل منه فاقض ما أنت قاض والإرادة منه فإذا قضى أمرًا والموت منه ليقض علينا ربك والكتابة منه وكان أمرًا مقضيًا والفصل منه وقضى بينهم بالحق والخلق منه فقضاهن سبع سموات اهـ.

وفي الصحاح قد يكون القضاء بمعنى الأداء والإنهاء تقول قضيت ديني ومنه قول الله عز وجل وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب وقول الله سبحانه وتعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ} [الحجر: 66] أي أنهيناه إليه وأبلغنا له ذلك اهـ.

ص: 225

لعموم حكمه بكل شيء المقدر بدليل المبالغة كما ذكرنا وقوله وولاية الشرطة أي بقوله الشرعي وأراد بإخواتها ولاية الماء وجباية الزكاة ونحوهما وقوله والإمامة العظمى أي بقوله لا في عموم مصالح المسلمين لأن القاضي ليس له قسمة الغنائم ولا تفريق أموال بيت المال ولا ترتيب الجيوش ولا قتل البغاة ولا الإقطاعات وإنما ذلك للإمام الأعظم أو من ينيبه في ذلك ولما كان مستحق القضاء من اجتمعت فيه أربعة أوصاف ذكرها فقال: (أهل القضاء) أي المتأهل له ومستحقه (عدل) أي عدل شهادة ولو عتيقًا عند الجمهور وعن سحنون المنع لاحتمال أن يستحق فترد أحكامه والعدالة وصف مركب من خمسة أوصاف كما يذكره في باب الشهادة وهي الإسلام والبلوغ والعقل والحرية وعدم الفسق ولا يغني عن العدل قوله مجتهد لأن المجتهد على الصحيح لا يشترط فيه العدالة وصفات القضاء على ثلاثة أقسام واجبة شرطًا وواجبة غير شرط ومستحبة فمن قوله عدل إلى قوله ونفذ حكم أعمى الخ بإخراج الغاية واجب شرطًا ومن قوله ونفذ حكم أعمى إلى قوله: ووجب عزله عدم هذه الثلاثة واجب غير شرط من قوله كورع مستحب (ذكر) محقق

ــ

وقول ز أي أمر لا حكم قال طفى اختلف أهل التفسير في معنى قول الله سبحانه وتعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] فالأكثر أنه بمعنى أمر لا حكم إذ لو حكم لم يقع غير ما حكم به ابن عطية ويصح أن تكون بمعنى حكم على أن الضمير في أن لا تعبدوا للمؤمنين اهـ.

وقول ز لأن الحكم إخبار بالشيء على وجه الإلزام الخ هذا المعنى يؤول إلى معنى الأمر فهو يفيد الجمع بين القولين ويدل على أن المراد به الأمر أنه لما عرف ابن رشد القضاء بنحو هذا وتبعه ابن فرحون فقال حقيقة انقضاء الأخبار عن حكم شرعي على سبيل الإلزام قال ح فيه مسامحة من وجوه منها أنه يوهم الأخبار المحتمل للصدق والكذب وليس بمراد وإنما المراد أمر القاضي بحكم شرعي على طريقة الإلزام اهـ.

بخ فرده لمعنى الأمر ولعل من فسر القضاء في الآية بالحكم لم يرد به هذا المعنى وإنما أراد به الحكم بمعنى الخلق والتقدير وهذا هو الذي لا يتخلف ولذا قال ابن عطية يصح على تخصيصه بالمؤمنين كما تقدم والله أعلم وقول ز واصطلاحًا قال ابن عرفة صفة حكمية الخ كما يطلق القضاء في الاصطلاح على الصفة المذكورة كذلك يطلق على الحكم بين الخصمين كما يقال قضى القاضي بكذا وقضاء القاضي حق أو باطل انظر ح وقول ز وقوله نفوذ بذال معجمة أي إمضاء الخ فيه نظر بل النفوذ بمعنى المضيّ حكم الحاكم أي لزومه لمن حكم عليه بمعنى أن القاضي إذا ألزم أحد بحكمه شيئًا لزمه وقول ز يخرج التحكيم بعموم حكمه بكل شيء المقدر الخ فيه نظر لأن المحكم ينفذ حكمه بكل شيء حكم به صوابًا مثل القاضي وإنما يفترقان في الجواز ابتداء ولهذا قال ح لم يظهر لي وجه لخروج المحكم بل المحكم لا يحكم ابتداء إلا في الأموال أو ما يتعلق بها ولا يحكم في القصاص ونحوه فإن حكم فيها بغير جور نفذ حكمه والظاهر أن التعديل والتجريح كذلك اهـ.

ص: 226

فالخنثى المشكل كالمرأة لا يصح توليتهما القضاء (فطن) أي ذو فطنة وهي جودة الذهن والقريحة فلا يكفي العقل التكليفي فقط لاجتماعه مع التغفل عن حجاج الخصوم بدليل قوله ليس بمغفل ولا بد أن لا يكون زائد الفطنة بدليل قوله وزائد في الدهاء أي وبلا وصف عقل زائد في الدهاء أي لفطانة بل الشرط كونه بين الفطنة فقط فهو من باب النسب كقولهم فلان لبن أي صاحب لبن وفلان تمر أي صاحب تمر لا من باب المبالغة وأن فطن بمعنى فاطن (مجتهد) مطلق (إن وجد) فلا يصح تولية غيره حينئذ (وإلا) يوجد (فأمثل مقلد) أي أعظمه هو المستحق للقضاء كمجتهد مقيد ومن له فقه نفيس وأشعر قوله إن وجد بجواز اجتهاد المطلق بعد الأربعة وفيه نزاع انظر لتوضيح (وزيد) على الأوصاف الأربعة المتقدمة (للإمام الأعظم) وصف خامس وهو أنه (قرشي) أي من بني قريش وجماعها فهو على الأصح ولكن الأكثر وعليه اقتصر غير واحد من أئمتنا أنه النضر وفهر بكسر الفاء وابن مالك بن النضر وكونه من بني العباس أفضل فقط أن وجد كما يفيده القرطبي لا واجب لئلا يخالف الإجماع على إمامة الخلفاء الأربعة وليس واحد منهم عباسيًّا إذ الصديق تيميّ وعمر عدوي وعثمان أموي وعلي هاشمي هذا وأنت خبير بأن قوله في الضحية وهل هو العباسي إنما هو كلام على فهم قول مالك من ذبح الإمام وكان الخليفة في عصر مالك عباسيًّا فأيّ دلالة فيه على تعين كون الإمام عباسيًّا حتى يبنى عليه

ــ

بخ نعم يخرج بهذا العموم مولاية الشرطة وأخواتها وإخراج ز لذلك بقوله الشرعي فيه نظر إذ الجميع شرعي والله أعلم (فطن) قال الشيخ مس لم أر من ذكر الفطنة من الشروط إلا ابن الحاجب ومحققو المذهب على أنها من المندوبات اهـ.

وقال ابن عرفة عد ابن الحاجب كونه فطنًا من القسم الأول وهو ظاهر كلام الطرطوشي وعده ابن رشد وابن شاس من الصفات المستحبة والحق أن مطلق الفطنة المانع من كثرة التغفل من القسم الأول والفطنة الموجبة للشهرة بها غير النادرة ينبغي كونها من الصفات المستحبة فعلى هذا طريقة ابن رشد أنسب لأن فطنا من أبنيه المبالغة كحذر والمبالغة فيها مستحبة اهـ.

قال ح عقبه فلو قال المصنف ذو فطنة لكان أحسن اهـ.

قال ابن عبد السلام والمراد من الفطنة كونه بحيث لا يستنزل في رأيه ولا تتمشى عليه حيل الشهود وأكثر الخصوم اهـ.

(وإلا فأمثل الخ) هذا يقتضي أن ولاية الأمثل شرط صحة فلا تنعقد ولاية من دونه مع وجوده ولا أظن هذا يسلم وعبارة ابن عبد السلام وغيره ينبغي أن يختار أعلم المقلدين ممن له علم نقيس انظر ح وغيره (وزيد للإمام الأعظم قرشي) قول ز وكونه من بني العباس أفضل فقط الخ هذا أصله للشارح وتبعه تت وعج قال طفى وذلك خطأ صراح إذ لم أر من قال إن الأولى كونه عباسيًّا ولا وجه له قول المصنف في الأضحية ليس المراد أنه يطلب فيه أن يكون عباسيًّا وإنما اختصر قول اللخمي وغيره وهل الإمام المعتبر سبقه الخليفة كالعباسي اليوم اهـ.

ص: 227

أنه يخالف عموم قوله هنا قرشي كما يوهمه د وتكلف الجواب بما لا يجدي من أن القرشي قد يكون عباسيًّا فإن وجد الوصفان وإلا كفى القرشي فتأمله ثم إن هذه الشروط الخمسة إنما تعتبر في ولاية الإِمام الأعظم ابتداء لا في دوامها إذ لا ينعزل بطروّ فسق كنهب أموال (فحكم) أمثل مقلد ولو الإمام الأعظم (بقول مقلده) بفتح اللام أي بالمشهور أو الراجح من مذهبه كرواية ابن القاسم عن الإمام في المدونة وكرواية غيره فيها عن الإِمام لتقديمها على قول ابن القاسم فيها وأولى في غيرها وعلى روايته في غيرها عنه فإن لم يرو عن الإِمام فيها أحد شيئًا قدم قول ابن القاسم فيها على رواية غيره في غيرها عن الإمام وعلى قول غيره فيها وفي غيرها ولا يجوز الحكم وكذا الإفتاء بالضعيف ولا الحكم بمذهب غير مقلده ولا قياسه فيما نص عليه فإن قاس في غير محل النص عمل به إن كان فيه أهلية لذلك وإلا رد (ونفذ حكم أعمى وأبكم وأصم) أي اتصف بواحدة فقط من هذه الأمور الثلاثة لأن عدم هذه الأمور ليس شرطًا في صحة ولايته ولا في صحة دوامها وإنما هو شرط في جواز ولايته ابتداء وفي جواز دوامها ولذا قال: (ووجب عزله) فأشعر كلامه بشيئين عدم جواز ولايته ابتداء وصحة حكمه بعد الوقوع إذ لا يلزم من ترك الواجب البطلان فوجود ضد هذه الأشياء واجب غير شرط كما قدمنا فلا فرق بين من ولى كذلك أو طرأ عليه وهذا بخلاف الخليفة يطرأ عليه ذلك فإنه لا يعزل قاله د والظاهر أنه يضر وجود اثنين منها أو الثلاثة خلافًا لما استظهره عج وما ذكرناه موافق لما مر في البيع من عدم صحة معاملة الأعمى الأصم ويجوز تولية الأعمى للفتوى كما في البرزلي قال في معين الحكام قال مالك ولا أرى خصال القضاء تجتمع اليوم في أحد فإن اجتمعت منها خصلتان العلم والورع ولي قال ابن حبيب فإن لم يكن معه علم وكان معه عقل وورع

ــ

وقال ذلك لأنه في ز من دولة بني العباس فافهم وقد نبهنا على ذلك في الأضحية (فحكم بقول مقلده) لا خصوصية له وكذا قول أصحابه على أن المراد ما هو أخص من هذا لأنه لا يحكم إلا بمشهور المذهب كما في ز وعبارة المصنف لا تفي بذلك.

تنبيه: قال الشيخ مس: رحمه الله وإذا جرى العمل ممن يقتدي به بمخالف المشهور لمصلحة وسبب فالواقع في كلامهم أنه يعمل بما جرى به العمل وإن كان مخالفًا للمشهور وهذا ظاهر إذا تحقق استمرار تلك المصلحة وذلك السبب وإلا فالواجب الرجوع إلى المشهور هذا هو الظاهر ثم فائدة ذكر الأقوال مع امتناع الحكم بغير المشهور أمر أن اتساع النظر ومعرفة مدارك الأقوال وليعمل بالضعيف في نفسه إذا تحقق ضرورته ولا يجوز للمفتي أن يفتي بغير المشهور لأنه لا يتحقق الضرورة بالنبة لغيره كما يتحققها من نفسه ولذلك سدوا الذريعة فقالوا بمنع الفتوى بغير المشهور خوف أن لا تكون الضرورة محققة لا لأجل أنه لا يعمل بالضعيف إذ تحققت الضرورة يومًا ما تأمل والله أعلم (ونفذ حكم أعمى وأبكم وأصم ووجب عزله) قول ز فوجود ضد هذه الأشياء واجب الخ هذا هو الصواب خلافًا للشارح وتبعه تت

ص: 228

بذلك يكفي لأنه بالعقل يسأل وبه خصال الخير كلها وبالورع يعف فإن طلب العلم وحده وإن طلب العقل إذا لم يكن فيه لم يجده اهـ.

(ولزم المتعين) أي المنفرد بشروط القضاء (أو الخائف فتنة) على نفسه أو ماله أو ولده أو الناس (إن لم يتول أو) الخائف (ضياع الحق) له أو لغيره إن تولى غيره ولو أزيد منه فقهًا وقول تت ممن لا أهلية فيه غير ظاهر إلا أن يريد لا أهلية فيه لإقامة الحق لضعفه (لقبول) فاعل لزم فورًا إن شافهه به الإِمام فإن أرسل له به لم يشترط القبول فورًا ولا يشترط فيهما لفظ قبلت بل يكفي شروعه في الأحكام (والطلب) للقضاء عطف على

ــ

في قوله إن ذلك مستحب لأنه مناف لقول المصنف ووجب عزله قاله عج قال طفى ولم أر من ذكر الاستحباب لأن في ضيح ولا ابن عبد السلام ولا ابن عرفة ولا ابن رشد بل صرح في مقدماته بالوجوب وتبعه عياض انظر طفى وقول ز والظاهر أنه يضر وجود اثنين منها الخ يقتضي أن ذلك من عنده وأنه لم يقف عليه لغيره مع أن ابن عبد السلام صرح بذلك ونقله ح عنه ونصه بعد ذكره أن هذه الأوصاف إنما يؤثر فقدها في وجوب العزل لا في انعقاد الولاية قال وإنما يظهر هذا إذا انعدم واحد من تلك الأجزاء بغير الوحدة وأما إذا انعدم اثنان منها فأكثر فلا تنعقد الولاية اهـ.

وقول ز أنه موافق لما مر في البيع الخ تقدم أن ما ذكره في البيع من عدم صحة معاملة الأعمى الأصم مبحوث فيه وقول ز قال ابن حبيب فإن لم يكن معه علم الخ ما ذكره ابن حبيب من عدم اشتراط ليعلم في صحة ولاية القضاء مقابل المشهور الذي قدمه المصنف إذا قال مجتهد إن وجد الخ قال ح هناك يشير به إلى أن القاضي يشترط فيه أن يكون عالمًا وجعل ابن رشد العلم من الصفات المستحبة وقال ابن عبد السلام والمشهور أنه من القسم الأول أي من شروط الصحة وكذا عده صاحب الجواهر والقرافي من القسم الأول وعليه عامة أهل المذهب انظر تمام كلام ح رحمه الله تعالى.

تنبيه: قال ابن الحاجب ولا نص في الكتابة والظاهر أنها من الثالث اهـ.

ضيح هكذا قال ابن رشد والباجي أنه لا نص هل يشترط في القاضي أن يكتب وعن الشافعية قولان أظهرهما الجواز اهـ.

ابن عبد السلام رجح الباجي وابن رشد صحة الولاية (ولزم المتعين) ابن عرفة قال ابن عبد السلام هذا حين كان القاضي يعان على ما وليه وربما كان بعضهم يحكم على من ولاه ولا يقبل شهادته إن شهد عنده وأما إذا صار القاضي لا يعان بل من ولاه ربما أعان عليه من مقصوده بلوغ هواه على أي حال كان فإن ذلك الواجب ينقلب محرمًا نسأل الله السلامة وأكثر الخطط الشرعية في زماننا أسماء شريفة على غير مسميات اهـ.

ونقله ضيح أيضًا (أو الخائف فتنة) قول ز على نفسه أو الناس الخ بهذا يجاب عن قول ابن عاشر انظر كيف يتصور كون الخوف موجبًا للطلب اهـ.

(والطلب) أشار المصنف بوجوب الطلب إلى قول المازري يجب على من هو من أهل

ص: 229

الفاعل وإن لم ينفرد بصفات القضاء في هذين الأخيرين كما يشعر به عطفهما على الأول بأو ولو بمال في المسائل الثلاث حيث كانت مفسدة عدم توليته أشد من دفعه مالًا على توليته ارتكابًا لأخف الضررين كما هو القاعد هذا هو الظاهر دون جزم ح بعدم لزومه بدراهم حين وجوب التلوية (وأجبر) عليه إذا امتنع من القبول (وإن بضرب) راجع للمسألة الأولى وأما من خاف الفتنة أو ضياع الحق فلا يتأتى في حقه غير الطلب والقبول لكن لو كان الخوف من الإمام لتأتي الجبر والمصنف إنما علق الخوف بغير الإِمام قاله د (وإلا) يوجد واحد من الثلاثة المذكورة (فله الهرب وإن عين) من الإِمام لشدة خطره في الدين دون غيره من فروض الكفاية كجهاد تعين بتعيين الإمام وحيث لم يتعين عليه بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة فيحرم دفع الرشوة لأجل توليته عن ميت أو عن حي وترد أحكامه ولو قضى بالحق والحي المعزول باق على ولايته إن كان أهلًا (وحرم) المذكور أي القبول والطلب وكذا على سلطان (الجاهل) لعدم أهليته للقضاء (وطالب دنيا) من متداعبين لتأديته لأكل أموال الناس بالباطل لا مما هو للقاضي في بيت المال أو مرتب وقف عليه ومراد المصنف حرم كل بانفراده فالواو بمعنى أو واعلم أن الأصل في القضاء الإباحة وربما يشير له قوله فله الهرب وذكر الواجب والحرام وترك المكروه وهو إرادته للجاه والاستعلاء على الناس أي طلب أن يكون علي القدر بينهم من غير تكبر عليهم إلا حرم قطعًا قال المازري في المكروه المذكور ولو قيل بتحريمه لكان له وجه ظاهر لقوله تعالى:

ــ

الاجتهاد والعدالة السعي في طلب القضاء إن علم أنه كان لم يله ضاعت الحقوق أو وليه من لا يحل أن يولي وكذلك إن كان وليه من لا تحل توليته ولا سبيل لعزله إلا بطلبه وبحرم طلبه على فاقد أهليته ويستحب يجتهد خفي علمه وأراد إظهاره بولاية القضاء ولعاجز عن قوته وقوت عياله إلا برزق القضاء ابن عرفة هذا كله ما لم تكن توليته ملزومة لما لا يحل من تكليفه تقديم من لا يحل تقديمه للشهادة وقد شاهدت من ذلك ما الله أعلم به واعترض مق ما ذكره المازري من وجوب الطلب بأنه لم يقف عليه للأقدمين قال بل حالة الأقدمين النهي عن طلبه مطلقًا وإن لم يدل كلامهم على التحريم فلا أقل من الكراهة وجلب على ذلك أدلة

قال الشيخ مس وقال ابن مرزوق يجب عليه الطلب إذا لم يكن بمال وأفرط قوم كعج ومن تبعه فقالوا لو بمال وقول ز دون جزم ح بعدم لزومه الخ الذي في ح عدم جوازه لا عدم لزومه ونصه وانظر إذا قيل يلزمه الطلب فطلب فمنع من التولية إلا ببذل مال فهل يجوز له بذله أم لا والظاهر أنه لا يجوز له لأنهم قالوا إنما يلزمه القبول إذا تعين إذا كان يعان على الحق وبذل المال في القضاء من الباطل الذي لم يعن علي تركه فيحرم حينئذٍ وقد يفهم ذلك من الفرع الآتي لابن فرحون والله أعلم اهـ.

وهذا هو الظاهر والذي نقله عن ابن فرحون هو قوله ومن يقبل القضاء بقبالة وأعطى عليه الرشوة فولايته باطلة وقضاؤه مردود وإن كان قد حكم بحق اهـ.

نقله عن أبي العباس تلميذ سريج الشافعي (وإن عين) اعلم أن فروض الكفاية كلها

ص: 230

{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} [القصص: 83] وذكر المندوب بقوله: (وندب ليشهر) بضم حرف المضارعة وهو المحفوظ من أشهر وبفتحها من شهر وهو الموافق لقوله الآتي إن شهر عدلًا وربما يدل عليهما كلام الصحاح انظر كر (علمه) للناس لخموله وعدم الأخذ بفتواه قاصدًا بذلك تعليم الجاهل وإرشاد المستفتي لا الشهرة لرفعة دنيوية وكذا يندب لمن يعلم أنه أنهض وأنفع للمسلمين من غيره وكذا لفقير عاجز عن قوته وقوت عياله إلا برزق القضاء من بيت المال أو من مرتب وقف عليه كما اقتصر عليه ابن عرفة وفي ابن ناجي والتبصرة أنه مباح فقط ثم ذكر صفات القاضي الزائدة على ما يجب شرطًا وغير شرط مشبهًا لها في الندب فقال: (كورع) بكسر الراء أي تارك شبهات وبعض مباحات خوف وقوع في محرم (غني) ذي مال غير محتاج بحيث لا تتطلع نفسه لما في يد غيره ولا تتطرق مقالة السوء فيه والغني مظنة لتنزه عن الطمع لأن المال عند ذوي الدين زيادة لهم في الخير والفضل لا سيما من نصب نفسه للناس ولهذا قال الشافعي من تولى القضاء ولم يفتقر فهو سارق ولا ينافي ذلك ما مر من ابن ناجي من إباحته لفقير ليستعين بمرتبه من نحو بيت المال على عياله لأنه في المباح وما هنا في المندوب (حليم) على الخصوم ما لم تنتهك حرمة الله أو يسيء أحد عليه بمجلسه كما يأتي (نزه) أي كامل المروءة بترك ما لا يليق بمثله فلا يصحب الأراذل ولا يجلس مجالس السوء وفسره بعض بقول عمر بن عبد العزيز نزه عن الطمع يدير الحق على من دار عليه ولا يبالي بمن لامه على ذلك (نسيب) أي معروف النسب لئلا يتسارع الناس للطعن فيه وظاهره أن تولية غير النسيب جائزة سواء كان انتفاء نسبه محققًا أولًا وهو كذلك قال ابن رشد من الصفات المستحبة أن يكون معروف النسب ليس بابن لعان اهـ.

وحينئذٍ فتجويز سحنون تولية ولد الزنا موافق للمذهب زاد ولكن لا يحكم في الزنا لعدم شهادته فيه نقله ابن عرفة مستقلًا لا على أن فيه خلافًا فقال وأما المحدود في الزنا فعند أصبغ أنه يحكم فيه ولا يشهد فيه وعن سحنون أنه لا يحكم فيه كولد الزنا انظر د ويأتي قريبًا ما يفيد ترجيح ما لأصبغ (مستشير) لأهل العلم فلا يستقل برأيه وإن مجتهدًا أو أمثل مقلد خوف الخطأ إذ الصواب لا يتقيد به لإمكان كون الصواب عند من هو أدنى منه ويأتي للمصنف وأحضر العلماء أو شاورهم ابن رشد ومن خصاله المستحبة كونه بلديًّا

ــ

تتعين بتعيين الإمام إلا القضاء لشدة خطره في الدين وقال ابن مرزوق هذا دليل على أن ولايته من أعظم المحن حيث جازت له مخالفة الإمام هنا ولم تجز له في الجهاد (مستشير) إن حمل قوله بعده وأحضر العلماء أو شاورهم على الوجوب كان مخالفًا لهذا وإن حمل على الندب كان تكرارًا مع هذا (و) قول ز وفرق بأن القضاء الخ هذا الكلام كله لتت وبينه طفى فقال ذكر فرقين الأول بين كون القضاء يطلب فيه أن يكون القاضي غير محدود مطلقًا قضى فيما حد فيه أو غيره بقوله بأن القضاء بوصف زائد والثاني بين كون القضاء يقبل من القاضي

ص: 231

ابن عبد السلام ليعرف المقبولين والمسخوطين من الشهود ويعرف من حال المحقق والمبطل ما لا يعرفه غير البلدي وهذا هو الراجح ثم قال وأمراء عصرنا يقصدون إلى ترجيح غير البلدي عليه (بلا دين) عليه لانحطاط رتبته بسببه عند الناس ولا يغني عن هذا قوله غني لأنه قد يكون غنيًّا بأشياء إنما تأتي له عند تمام عام فيحتاج للدين فذكر هنا أن من مندوباته كونه بلا دين (و) بلا (حد) في زنا أو قذف أو غيره وظاهره قضى فيما حد فيه أو في غيره بخلاف الشاهد فإنه لا يقبل فيما حد فيه ويقبل في غيره وفرق بأن القضاء وصف زائد يعتبر فيه ما يسقط اعتباره في غيره واستناد القاضي لبينة بخلاف الشاهد فبعدت التهمة والموضوع أنه تاب مما حد فيه بالفعل فإن ترتب عليه ولم يحد وتاب فلا بأس به (و) بلا (زائد) الأولى زيد أو زيادة (في الدهاء) بدال مفتوحة بالمد وهمزته منقلبة عن ياء لا عن واو وهو الفكر وجودة الرأي كما في الصحاح لا شدة العقل كما في تت وغ لمخالفته للغة واقتضاء زيادة زائد وإنما ندب ذلك لأن زيادته تحمله على الحكم بين الناس بالفراسة وتعطيل أبواب الشريعة من إقامة بينة وما أشبه ذلك (و) بلا (بطانة) بكسر الباء الموحدة (سوء) أي يتهم منها السوء وإلا فالسلامة من بطانة السوء واجبة والسلامة منها رأس كل خير وفي المعونة أخص من المصنف وهو أنه يندب له أن يستبطن أهل الخير (و) ندب للقاضي (منع الراكبين معه والمصاحبين له) أي ندب له منع من ذكر من ركوبهم معه ومن مصاحبتهم له لئلا يتوهم أنه لا يستوفي عليهم الأحكام الشرعية إلا أن يحتاج للراكبين في رفع مظلمة أو خصومة أو يكون المصاحبون له أهل أمانة ونصيحة وفضل (و) ندب له (تخفيف الأعوان) من عنده لأنهم لا يسلمون غالبًا من تعليم الخصوم وقلب الأحكام كما عندنا بمصر في المحاكم وينبغي أن يبعد عنه من طالت مدته منهم في هذه الخدمة فإنه يزداد سوءهم بالناس (واتخاذ من يخبره بما يقال في سيرته وحكمه وشهوده) ليعمل بمقتضى الإخبار من إبقاء أو عزل (و) ندب له (تأديب من أساء عليه) أي على القاضي العدل في مجلسه وإن لزم منه الحكم لنفسه لانتهاك حرمة الشرع ولو بغير بينة لأن هذه مما يستند فيه لعلمه والعقوبة في هذا أولى من العفو كما في شرح العاصمية انظر د لا بغير مجلسه وإن شهد عليه به عنده لأنه لا يحكم لنفسه في مثل ذلك فيرفعه

ــ

فيما حد فيه ولا تقبل شهادة الشاهد في ذلك بقوله استناد القاضي إلى بينة الخ (وتأديب من أساء عليه) حمل بعض هذا على الوجوب لحرمة الشرع وهو ظاهر كلام ابن عبد السلام وحمله بعض على الندب وهو ظاهر كلام ابن رشد نظرًا إلى أنه كالمنتقم لنفسه انظر ح وهذا إن أساء على القاضي أما على غيره فالوجوب وقول ز أولى من العفو كما في شرح العاصمية الخ بل هو في نظمها ونصه:

ومن جفا القاضي فالتأديب

أولى وذا الشاهد مطلوب

وهو في نص ابن رشد كما في ح.

ص: 232

لغيره إن شاء (إلا في مثل اتق الله في أمري) أو اذكر وقوفك للحساب بين يدي الله (فليرفق به) ندبًا بأن يقول لا أريد إلا الحق أو رزقني الله وإياك تقواه ونحوه وترك أدبه واجب (ولم يستخلف) القاضي المولى من الخليفة الذي لم ينقص له على استخلافه ولا عدمه أي لا يجوز له أن يستخلف لا راحة نفسه في جهة قريبة ولو اتسع عمله فيها ولو مرض أو سافر عند سحنون وقال الإخوان له ذلك حينئذٍ فإن استخلف لغير عذر لم ينفذ مستخلفه إلا أن ينفذه انظر ح وتنظير عج فيه قصور (إلا لوسع عمله) وأبدل بدل اشتمال من قوله لوسع عمله الظرف بعده أو يقدر فيه عامل وهو يستخلف (في جهة بعدت) عنه بأميال كثيرة عند المتيطي ويخالفه قوله فيما يأتي وجلب الخصم بخاتم أو رسول إن كان على مسافة العدوى لا أكثر كستين ميلًا إلا بشاهد فإن حمل المتيطي على ما ليس بشاهد لم يخالفه ثم إذا استخلف بالشرط المذكور فيستخلف (من) أي قاضيًا (علم ما استخلف فيه) فقط أي لا يشترط علمه بجميع أبواب الفقه الذي ولى عليها مستخلفه بالكسر بل علم المستخلف بالفتح بما استخلف عليه كاف ثم محل تفصيل المصنف إلا أن ينص الخليفة للقاضي الكبير على الاستخلاف في القريبة فيستخلف فيها اتسع عمله أم لا كان له عذر خاص من مرض أو سفر أولًا أو على عدمه فيمنع مطلقًا وينبغي أن العرف في الأمرين كذلك (وانعزل) من استخلفه القاضي لوسع عمله في جهة بعدت (بموته) أي القاضي لأنه وكيله والوكيل ينعزل بموت موكله وعزله ونص على الموت مع أن عزل القاضي كذلك ينعزل نائبه بعزله لأنه يتوهم أن الموت لما كان يأتي بغتة فلا ينعزل النائب بموت القاضي وأما الوصي على يتيم فلا ينعزل بموت من قدمه ولا بعزله واعترض المصنف بأن ظاهر كلامهم أنه حيث أذن الخليفة للقاضي في الاستخلاف أو جرى العرف به واستخلف فلا ينعزل المستخلف بموت القاضي ولا بعزله انظر من وظاهره ولو كان مذهب المستخلف بالكسر يقتضي عزل نائبه بذلك ولا يعتبر مذهب القاضي الحنفي وإذا استناب مالكيًّا بإذن من ولاه أو جرى عرف به فلا ينعزل المالكي بموت الحنفي ولا بعزله

ــ

تنبيه: وقع في سماع ابن القاسم أن القاضي إذا كان من أهل الفضل وأراد الخصم إذايته عاقبه قال وترك الناس ذلك حتى خاصم أهل الشرف في العقوبة في الألداد اهـ.

قال ح قوله في السماع وما ترك ذلك الخ هو كذلك في البيان ولم أفهم معناه اهـ.

قلت بينه الشيخ ابن رحال في حاشيته على شرح التحفة بأن معناه أن الناس ما تركوا إذاية القضاء حتى قام أهل الشرف بحقوقهم وعاقبوا من آذاهم وألد عليهم انظره قلت ويحتمل أن المعنى ما ترك القضاة تأديب من أساء عليهم حتى خاصم أهل الشرف والذري وأساؤوا على القضاة وامتنعوا من العقوبة به في الألداد والله تعالى أعلم (وانعزل بموته) قول ز واعترض المصنف الخ لا وجه للاعتراض عليه بهذا فإن موضوع كلام المصنف هو

ص: 233

كما هو ظاهر إطلاقهم (لا) ينعزل (هو) أي القاضي (بموت الأمير) من له إمارة سلطنة أو غيرها ولذا قال: (ولو الخليفة) وليس المراد بالأمير من له إمارة دون السلطنة فقط لعدم صحة المبالغة حينئذٍ إذ شرطها صدق ما قبلها عليها وفرق على ما مشى عليه المصنف بأن مستخلف القاضي نائب عن نفس القاضي والقاضي ليس نائبًا عن نفس الخليفة وإنما ولاه لمصالح الناس فلا ينعزل بموته وفهم من قوله بموت الأمير الخ أن القاضي ينعزل بعزل الأمير له أو الخليفة وهو كذلك فإن حكم بشيء قبل بلوغ عزله نفذ كما في التبصرة لابن فرحون عن ظاهر المذهب لضرورة الناس لذلك قال وانظر هل يستحق القاضي معلوم القضاء من يوم ولايته إذا ولي ببلد يحتاج لسفر أو لا يستحق شيئًا إلا بالمباشرة فالمعلوم للمعزول إلى يوم بلوغه (و) لقاضي (لا تقبل شهادته بعده) أي بعد عزله عند قاض آخر (أنه) كان (قضى بكذا) وكذا لا تقبل شهادته به قبل عزله عند قاض آخر فلا مفهوم للظرف لأنها شهادة على فعل نفسه ولو انضم له شخص آخر في الشهادة وعلل ابن الحاجب البطلان بأن القاضي مقر على غيره ومن باب أولى في البطلان إذا قال القاضي بعد عزله شهد عندي شاهدان بكذا وقد كنت قبلت شهادتهما وللطالب حينئذٍ تحليف المطلوب أن الشهادة التي بديوان القاضي ما شهد عليه بها أحد فإن نكل حلف الطالب وثبتت الشهادة قاله في المدونة وأما إخباره فيقبل قبل عزله لا بعده ولا يجوز لقاض أن يقضي وهو غير محل ولايته بخلاف توليته أو عزله أحدًا من أهل ولايته وهو في غير محل ولايته ولا تجوز شهادة محكم فيما حكم به لأنه بنفس الفراغ من القضية صار معزولًا ولأنه شهادة

ــ

الاستخلاف من غير إذن الإمام بدليل ما قبل هذا (لا هو بموت الأمير) قول ز وإنما ولاه لمصالح الناس الخ فيه نظر إذ لو كان كذلك لم يكن له عزل خلفائه وأيضًا لو سلم فلم لا يقال بمثل ذلك في نائب القاضي ولم انعزل بموته أو عزله فإن قلت إن ذلك للتخفيف على القاضي قلنا السلطان أيضًا إنما حاز له أن يستقضي للتخفيف عن نفسه (ولا تقبل شهادته بعده) قول ز وعلل ابن الحاجب البطلان الخ فيه نظر إذ هذا التعليل ليس في ابن الحاجب ولا في كلامه تعليل وإنما هو لابن عبد السلام وتبعه في ضيح لكن لم يعللا به بطلان شهادته كما زعمه ز وإنما علل به بطلان أخباره بذلك بعد العزل وعللا بطلان الشهادة بأنها شهادة على فعل النفس ونص ابن الحاجب ولو قال بعد العزل قضيت بكذا أو شهد بأنه قضى به لم يقبل انتهى.

ضيح لأنه إذا قال قضيت بكذا مضى على غيره وإذا شهد بأنه قضى كان شاهدًا على فعل نفسه اهـ.

وحاصل المسألة أن إخباره بذلك إن كان على وجه الشهادة لم يقبل لا قبل العزل ولا بعده وإن كان على وجه الإعلام والخطاب قبل قبل العزل ولم يقبل بعده والفرق بين معنى الشهادة والإخبار قبل العزل بينه ابن رشد ونقله ق قلت بحث الشيخ ابن رحال في تعريف ابن رشد ونقل عن العبدوسي أن لا فرق بينهما وأن الإخبار يجوز قبل العزل وإن كان شهادة

ص: 234

على فعل نفسه (وجاز تعدد مستقل) أي جاز للخليفة نصب قاص متعدد مستقل كل واحد بناحية يحكم فيها في جميع أبواب الفقه أي لا يتوقف نفوذ حكمه على غيره (أو خاص) بالجر عطفًا على مقدر أشعر به الكلام السابق أي تعدد مستقل عام في جميع النواحي وجميع أبواب الفقه أو خاص (بناحية) من مملكة الإِمام (أو نوع) من أبواب الفقه كنكاح وشركة ومقارضة لا بالرفع عطفًا على تعدد ولا بالجر عطفًا على مستقل لأنه لا بد من الاستقلال في العام والخاص فلا يجوز للخليفة أن يشرك قاضيين في قضية واحدة يتوقف حكم كل منهما على رضا صاحبه ابن شعبان لأن الحاكم لا يكون نصف حاكم ابن عرفة منع ابن شعبان إنما هو في القضاة وأما في نازلة معينة فلا أظنهم يختلفون فيها أي في الجواز وقد فعله عليّ ومعاوية في تحكيمهما أبا موسى وعمرو بن العاص اهـ.

وأشعر كلامه بجواز توليته القضاء عامة وخاصة وهو كذلك خلافًا لقول أبي حنيفة تنعقد عامة ثم على انعقادها عندنا مطلقًا يجوز للقاضي الكبير أن يمنع نوّابه من الحكم بقضية معينة كما يقع بمصر أن بعض قضاة عسكرها يمنع نائبه المالكي من الحكم بشاهد ويمين في المال والحنبلي من الإجارة الطويلة فيجوز للخليفة أن يستثني على القاضي أن يحكم في قضية بعينها أو لا يحكم بين فلان وفلان وأشعر فرض المصنف جواز تعدد القاضي بمنع تعدد الإمام الأعظم وهو كذلك ولو تناءت الأقطار جدًّا لإمكان النيابة وقيل إلا أن لا تمكن النيابة واقتصر عليه ابن عرفة ونحوه للأصوليين (و) إذا اختلف الطالب والمطلوب في المدعي عنده فطلب كل المحاكمة عند قاض مع اتفاقهما على عين الطالب كان (القول للطالب) أي صاحب الحق (ثم) إن ادعى كل أنه الطالب أو كان كل طالبًا قدم للدعوى عنده (من) أي قاض (سبق رسوله) لطلب الإتيان عنده (وإلا) يسبق رسول قاض بل استويا في التعيين والإتيان مع دعوى كل أنه الطالب أو مع اتفاقهما على كون كل طالبًا

ــ

ويمتنع بعده فانظره والله أعلم (وجاز تعدد مستقل) قول ز كل واحد بناحية يحكم فيها الخ ليس هذا مراد المصنف بدليل ما بعده وإنما مراده التعميم أي يجوز لتعدد في ناحية واحدة في كل نوع وبهذا قرره أحمد وغيره قال المازري: تجوز تولية قاضيين في بلد على أن يخص كل منهما بناحية من البلد أو نوع من المحكوم فيه لأن الولاية يصح فيها التخصيص والتحجير وكذلك على عدم التحصيص مع استقلال كل منهما بنفوذ حكمه ومنعه بعض الناس بمقتضى السياسة خوف تنازع الخصوم فيمن يحكم بينهم ومقتضى أصول الشرع جوازه لأن للذي له الحق استنابة من شاء على حقه والتنازع يرتفع شغبه باعتبار قول الطالب: (تم من سبق رسوله) أي ثم إن لم يتميز الطالب من المطلوب فالقول لخصم من أي قاض سبق رسوله كما إذا ذهب أحد المتداعيين لقاض وذهب الآخر لقاض آخر فأرسل كل قاض عونه إلى من لم يأت من المتداعيين والله أعلم هذا هو اللائق بظاهر كلام المصنف لأن ظاهره اتحاد الدعوى والذي في ضيح تبعًا لابن عبد السلام ما نصه فإن كان واحد منهما طالبًا فأشار المازري إلى أنه يرجح جانب من جاء رسوله أولًا فإن استووا فالقرعة اهـ.

ص: 235

(أقرع) للقاضي الذي يذهبان إليه فمن خرج سهمه بالذهاب له ذهبا إليه (كالادعاء) أي كما يقرع بينهما في الادعاء بعد إتيانهما لقاض اتفقا عليه أو بقرعة في الذهاب له ولا يغني اقتراعهما للذهاب له عن قرعة الادعاء لمغايرتها لها وهذا التشبيه يستغني عنه بما سيصرح به من قوله وأمر مدع تجرد قوله عن مصدق بالكلام وإلا فالجالب وإلا أقرع اهـ.

(و) جاز لمتداعيين (تحكيم غير خصم) من غير تولية قاض له ولا يحتاج لشهود على ما يقتضيه تنظير بعضهم له بالمفتي لا تحكيم خصم لهما أو لأحدهما وأجاز تحكيم غير الخصم اللخمي والمازري ابن عرفة ظاهر ما لهما الجواز ابتداء ولفظ الروايات إنما هو بعد الوقوع اهـ.

ويكفي المصنف شاهدًا ما للخمي والمازري (وجاهل وكافر) عطف على خصم وكذا قوله: (وغير مميز) فالمعنى وغير غير مميز ونفي النفي إثبات فمعناه وجاز تحكيم مميز وأتى بغير هنا لئلا يتوهم عطفه على غير الأولى فيفيد جواز تحكيم غير المميز مع أنه لا يجوز جواز التحكيم إنما يكون (في مال وجرح) ولو عظم كقطع يد فإن حكمًا

ــ

قال طفى: وفي نقلهما لكلام المازري إجحاف ونصه على نقل ق لو فرضنا الخصمين جميعًا طالبين كل واحد منهما يطلب صاحبه فلكل واحد منهما أن يطلب حقه عند من شاء من القضاة ويطلب الآخر حقه عند من شاء وإن اختلفا فيمن يبتدئ بالطلب وفيمن يذهبان إليه أولًا من القاضيين أوجبت للسابق من رسول القاضيين وإن لم يكن لأحدهما ترجيح بسبق الطلب على الآخر ولا بغير ذلك أقرع بينهما اهـ.

كلام المازري وهو يفيد أنه يعمل بقول كل واحد منهما في تعيين القاضي الذي يدعى عنده لأنه لا يكون كل طالبًا إلا مع اختلاف الدعوى وإنما يعتبر سبق الرسول فيما إذا اختلفا فيمن يبتدئ بالطلب وفيمن يذهبان إليه أولًا فإن سبق أحدهما بالطلب ترجح قوله وإلا فالمعتبر من جاء رسوله أولًا من القضاة وعلى هذا حوّم ابن عرفة بقوله وإن تطالبا قضى لكل منهما فيما هو فيه طالب بمن يريده فإن تنازعا في التبدئة بدىء الأول فإن اقترنا ففي القرعة وترجيح من دعا إلى الأقرب خلاف اهـ.

قال ضيح: وينبغي أن ينظر فيمن يقرع بينهما فإن ذلك يؤدي إلى تشاجر آخر لأنهما قد لا يتفقان على القرعة فلا بد من حاكم يحكم بينهما (وتحكيم غير خصم الخ) قول ز لا تحكيم خصم لهما أو لأحدهما الخ مثله في خش وفيه نظر إذ ليس المراد نفي أن يحكم الخصمان من هو خصم لهما أو لأحدهما كما فهماه وإنما المراد نفي أن يحكم أحد الخصمين الآخر بحيث يكون حاكمًا لنفسه أو عليها ابن عرفة ففي جواز تحكيم الخصم خصمه مطلقًا وكراهته إن كان القاضي ثالثها لا ينفذ حكمه إن كان القاضي لنقل المازري مع اللخمي عن المذهب والشيخ عن أصبغ وظاهر قول الآخوين وجزم ابن فرحون في تبصرته بالجواز فقال: مسألة وإذا حكم أحد الخصمين صاحبه فحكم لنفسه أو عليها جاز ومضى ما لم يكن جور أبينا اهـ.

ص: 236

خصمًا أو جاهلًا أو كافرًا أو غير مميز لم ينفذ حكم كل وينبغي إذا أتلف أحد منهم عضوًا أن تكون الدية على عاقلته أو مالًا ففي ماله والمراد بالخصم هنا من بينه وبين أحد المتداعيين خصومة دنيوية وإن لم تصل إلى العداوة كما يأتي نظيره في الشاهد فإن شاور الجاهل العلماء فيما حكم فيه وحكم بما قالوه لم يكن حكم جاهل (لا حد ولعان وقتل وولاء ونسب وطلاق وعتق) أي لا يجوز التحكيم في واحد من السبعة المذكورة لأنه تعلق بها حق لغير الخصمين إما لله تعالى وإما لآدمي ففي اللعان حق الولد بقطع نسبه وكذا النسب والولاء وفي الطلاق والعتق حق لله تعالى إذ لا يجوز بقاء مطلقة بائنًا في العصمة ولا رد العبد في العتق وترك هنا بعض مسائل زادها في باب الحجر على ما هنا من قوله وإنما يحكم في الرشد وضده والوصية والحبس المعقب وأمر الغائب ومال يتيم وزاد هنا الطلاق والعتق واللعان وإنما اقتصر هنا على ما ذكره وترك ما زاد هناك وإن استوت كلها في أنها لا يحكم فيها محكم لأجل قوله: (ومضى أن حكم صوابًا) فإنه خاص بما هناك دون ما زاد هنا على ما يقتضيه صنيعه ولكن الذي كان يقرره شيوخ عج عموم ذلك فيما هنا وهناك فليس لحاكم نقضه لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف كما في د ولا يمضي قطعًا فيما يختص بالسلطان (وأدب) إن وقع استيفاء ما حكم به لافتياته على الإِمام في الاستيفاء وإلا لم يؤدب بل يزجر فقط فإذا حكم بالقتل وعفى عن المحكوم عليه لم يكن عليه أدب كما يستفاد من نقل ق وهذا كالمستثنى من قوله وعزر الإمام لمعصية الله وقوله وقتل يقيد قوله في باب الحجر وقصاص ومقتضى نقل ابن يونس إبقاء ما في الحجر من قوله

ــ

وظاهر كلام ابن عرفة وابن فرحون ترجيح الجواز ابتداء وقال ح ظاهر كلامهم أن الجواز بعد الوقوع اهـ.

وعلى كل فعلى المصنف درك في التقييد بغير خصم لأن تحكيم الخصم على ما ذكر من الجواز ابتداء أو بعد الوقوع يكون مساويًا لتحكم غير الخصم تأمل وعبارة ابن الحاجب لو حكم خصمه فثالثها يمضي ما لم يكن خصمه القاضي ابن عرفة القول بعدم مضيه مطلقًا لا أعرفه اهـ.

(وغير مميز) فول ز وأتى بغير هنا لئلا يتوهم عطفه على غير الأولى الخ بل أتى بها لئلا يتوهم أنه مدخول لغير الأولى وأما إسقاط غير هنا وعطف مميز على غير الأولى فهو صواب في المعنى والله أعلم ثم قول المصنف وغير مميز مستغنى عنه بقوله قبله وجاهل فلو حذفه كان أولى (ومضى أن حكم صوابًا) قول ز ولكن الذي كان يقرره شيوخ عج الخ هذا هو الذي يفيده نقل ضيح ونصه وما ذكره المصنف نص عليه أصبغ فقال إذا حكم فيما ذكرنا أنه لا يحكم فيه فإن القاضي يمضي حكمه وينهاه عن العودة فإن فعل المحكم ذلك بنفسه فقتل أو اقتص أو حدّ ثم رفع إلى الإمام أدبه السلطان وزجره وأمضى ما كان صوابًا من حكمه اهـ.

ومثله في ق فقوله فيما ذكرنا أنه لا يحكم ظاهره العموم وبالنقل المذكور يعلم أن الأدب إنما يكون إذا نفذ الحكم بنفسه أما لو حكم ولم ينفذ فلا أدب عليه خلافًا فالظاهر

ص: 237

وقصاص على شموله للقتل وغيره (وفي) صحة تحكيم (صبي) مميز (وعبد وامرأة وفاسق) في مال وجرح وكذا غيرهما كما هو ظاهر النقل أربعة أقوال الأول الصحة في الأربعة ثانيها عدمها في (ثالثها) الصحة (إلا) في (الصبي) لأنه غير مكلف ولا إثم عليه إن جار (ورابعها) الصحة إلا في تحكيم صبي (وفاسق) وهي جارية فيما يحكم به ابتداء وفيما يمضي حكمه فيه بعد الوقوع ويجوز تقدير وفي جواز تحكيم صبي الخ وعدم الجواز والأصل فيما لا يجوز عدم الصحة ولا ينافي ما ذكره هنا من الخلاف في تحكيم المميز جزمه فيما مر بجوازه أي وصحته لأن المميز فيما مر محمول على البالغ احتراز عن بالغ به عنه أو جنون وفيما هنا على غيره وقوله وفي صبي الخ خبر مبتدأ محذوف هو أربعة أقوال كما قررنا يدل عليه ما بعده وقوله ثالثها بدل مقطوع فهو مبتدأ حذف خبره وهو يصح التحكيم إلا الخ وقوله وفاسق معطوف على مقدر أي إلا تحكيم صبي وفاسق وحذف حرف العطف في ثالثها بحذفه المعطوف عليه وأتى به في رابعها لعطفه على ثالثها المذكور (و) جاز للقاضي (ضرب خصم) بيده أو أعوانه (لد) عن دفع حق عليه باجتهاده في قدره من غير بينة بل يستند لعلمه في ذلك خلافًا لما يفهم من كلام أبي الحسن وظاهر المصنف كالمدونة جوازه وفي البيان وجوبه أو غيره من بقية التعازير انظر في د وق وعليه فالمراد بالجواز هنا الإذن فيشمل الواجب أو يقال الواجب زجره بما هو أعم من الضرب وأما الضرب بخصوصه فحكمه الجواز لأن أمره شديد (و) جاز أي أذن للأمير أو الخليفة (عزله) أي القاضي (لمصلحة) أو درء مفسدة وإن لم تكن جرحة فيه ككون غيره أفضل أو

ــ

المصنف انظر ح (وفي صبي وعبد وامرأة الخ) الأقوال في المضي وعدمه كما يشعر به ما قبله وهو ظاهر ابن عرفة وق لا في صحة التحكيم كما في تت وتبعه ز لأنه خلاف ظاهر ابن عرفة وق والقول الأول لأصبغ والثاني لمطرف والثالث لأشهب والرابع لابن الماجشون بن عرفة وشرط الثلاثة على المحكم بالقضاء اهـ.

أي بوجه الحكم وجعل ابن رشد الخلاف في الجواز وعدمه ونصه اختلف في العبد والمرأة والمسخوط والمولى عليه والصغير الذي يعقل فأجاز أصبغ تحكيمهم كلهم ومنع مطرف تحكيمهم كلهم وأجاز ابن الماجشون في أحد قوليه تحكيم المرأة والعبد والمولى عليه اهـ.

نقله أبو الحسن رحمه الله (وضرب خصم لد) قول ز بل يستند لعلمه في ذلك خلافًا كما يفهم من كلام أبي الحسن الخ بل كلام أبي الحسن صريح في ذلك كما في ح ونصه قال في المدونة ولا بأس أن يضرب الخصم إذا تبين لدده أبو الحسن قوله إذا تبين لدده معناه إذا ثبت ببينة إذ لا يقضى بعلمه إلا في التعديل والتجريح اهـ.

وسلمه ح واعتراض ز تبع فيه تت وليس بظاهر والله أعلم اهـ.

(وعزله لمصلحة) قول ز فإن عزله لا لمصلحة فالنقل أنه لا ينعزل الخ لفظ المازري كما في ح وإن لم يجد الإمام الأمن هو دونه فلا يعزله فإن عزله فلا ينفذ عزله قال ابن عرفة

ص: 238

أصبر أو أجلد منه فيندب عزله لذلك كمن يخشى من بقائه مفسدة ويجب لتحققها فإن عزله لا لمصلحة فالنقل أنه لا ينعزل (ولم ينبغ) للخليفة أو الأمير عزله (إن شهر عدلًا) أي بالعدالة (بمجرد الشكية) بل حتى يكشف عنه وينظر في أموره فالتجرد إنما هو عن الكشف والنظر والمراد بالشكية الشكوى وحينئذٍ فكلامه صادق بما إذا تعددت الشكوى ومفهوم شهر أنه لو لم يشتهر بالعدالة لا ينبغي عزله بمجرد الشكوى من غير كشف وهو كذلك إن وجد بدلًا كما قال مطرف لكن في كلام مطرف فليعزله قاله د أي بصيغة مضارع فيه لام الأمر فيفيد الوجوب فإن لم يجد منه بدلًا كشف عنه فإن كان على ما يجب أبقاه وإن كان على غيره عزله قاله مطرف أيضًا كما في الشارح ثم قال د عقب ما مر عنه ويحتمل كلام المصنف أن يكون معناه إن مجرد الشكية الواحدة لا ينبغي معها العزل حيث كان مشهورًا بالعدالة لكن على هذا كان ينبغي أن يستغني عن قوله بمجرد وقول مطرف لا يعزل المشهور بالعدالة بالشكية محتمل للأمرين فتأمل قال شيخنا ق قوله لم ينبغ أي لم يجز انتهى.

(وليبرأ) وجوبًا معزول (عن غير سخط) فالجار والمجرور متعلق بمحذوف كما علم لا بالفعل الذي قبله لفساد المعنى حينئذٍ إذ يصير معناه يبرأ عن الرضا وهذا غير مراد وأما المعزول عن سخط فليظهر موجب عزله للناس لئلا يولي عليهم بعد إذ لا يولي ولو صار أعدل أهل زمانه (و) جاز لقاض (خفيف تعزير) يظن معه السلامة من النجس ودون الحد (بمسجد لأحد) يحتمل الحرمة والكراهة (وجلس) ندبًا (به) أي برحا به خشية امتهانه وليصل إليه الكافر والحائض والضعيف ولخبر جنبوا مساجدكم رفع أصواتكم

ــ

قلت في عدم نفوذ عزله عزله نظر لأنه يؤدي إلى لغو تولية غيره فيؤدي ذلك إلى تعطيل أحكام المسلمين اهـ.

(وليبرأ عن غير سخط) ابن الحاجب وإذا عزله عن سخط فليظهره وعن غيره فليبرئه وقد عزل عمر شرحبيل فقال أعن سخطة يا أمير المؤمنين فقال لا ولكن وجدت من هو أقوى منك فقال إن عزلك عيب فأخبر الناس بعذري ففعل اهـ.

ابن عرفة يتعقب بعموم دعواه في كل وال وخصوص حجته بالإمام المعلوم بالسلامة من الهوى كعمر ولا يلزم من وجوب تبرئة المعزول حيث العزل من مثل عمر وجوبه حيث يكون العزل من غيره لجواز كونه عن هوى ولا يخفى حال الولاة في ذلك وقد انتهى الأمر لعزلهم القاضي العدل لأجل تولية غيره بالرشوة اهـ.

وفي قول شرحبيل لعمران عزلك عيب إيماء لهذه النكتة (وجلس به) قول ز أي برحا به الخ أي الخارجة عن المسجد وكون جلوسه برحا به هو المستحب عند اللخمي والباجي وصاحب المقدمات وكلامهم يدل على أنهم فهموا أن المشهور ما قالوه قاله القرافي انظر ح وقال ابن عبد السلام الأقرب في زمننا الكراهة أي في المسجد لعلة المصلين فالحكم في المسجد مؤد إلى دخول الحائض والجنب فيه إلى ما ينضم إلى ذلك من رفع أصوات الخصوم بكلام الباطل اهـ.

ص: 239

وخصوماتكم ويكون جلوسه ولو بغير مسجد (بغير عيد وقدوم حاج وخروجه و) كثرة (مطر ونحوه) كيوم تروية وعرفة وكثرة وحل مضر بطريق وبين مغرب وعشاء وسحر فيكره بعيد وما عطف عليه ولو بغير رحابه إلا لاحتياج الناس له كالفصل بين الأكرياء الذين يأخذون أموال الناس وإذا غفل عنهم في تلك الأيام هربوا (واتخاذ حاجب) يمنع عنه من لا حاجة له عنده (وبواب) ملازم للباب ويكون كل ثقة عدلًا (وبدأ) أي يجب على القاضي أول ولايته بعد النظر في الشهود فمن كان عدلًا أبقاه وإلا أراح الناس من أذيته أن يبدأ (بمحبوس) كذا لبعضهم وفي تت بدأ القاضي أول ولايته استحبابًا بمحبوس للنظر فيما يقتضيه الشرع فيما حبس فيه لأن الحبس عذاب انتهى.

ومقتضى التبصرة أن النظر في المحبوس وفي حال الشهود سواء (ثم) ينظر في (وصي) على يتيم هل هو محسن في تربيته أم لا (ومال طفل) له وصي أم لا (ومقام) أي مقدم من قاض قبله على محجور لأنه قد يكون له مطالبة على المقام فيعجز ولا يعرب عن نفسه (ثم ضال) ومنه اللقطة (ونادى) أي أمر أن ينادي (بمنع معاملة يتيم وسفيه) لا وصي لهما (ورفع أمرهما) إليه ليولي عليهما ورتبة المناداة في رتبة النظر في أمرهما فهي مؤخرة عن النظر في المحبوس كما تفيده التبصرة خلافًا لما يفهم من البساطي من تقديمها عليه والمناداة المذكورة مندوبة على ما يفهم من الشارح وتت ولازمة على ما يفهم من التبصرة ثم نداؤه بمنع معاملة السفيه المهمل بناء على القول بجواز أفعاله لا على ردها إذ لا فائدة للمناداة حينئذ (ثم) النظر (في الخصوم) متأخر عما تقدم وظاهره ولو كان فيهم مسافرون يخشون فوات الرفقة وهو ظاهر قاله د (ورتب) القاضي (كاتبًا) عنده لوقائع الناس التي يريد الحكم فيها وجوبًا على ما في د وندبًا على ما في ح (عدلًا شرطًا) معناه على ما لح أن العدالة شرط في الكاتب وليس معناه (كمزك) يشترط أن يكون عدلًا مرضيًّا (واختارهما) أي اختار القاضي أن يكون الكاتب والمزكي أعدل الموجودين قاله الشارح والمراد بالمزكي هنا من يكون عينًا للقاضي يخبره عن الشهود في مساكنهم وأعمالهم

ــ

وتبعه في ضيح اهـ.

(وبدأ بمحبوس) قول ز أي يجب كذا لبعضهم وفي تت بدأ استحبابًا الخ الوجوب هو ظاهر عبارة ابن فرحون إذ قال في تبصرته ويلزمه أن يكون أول ما يبتدئ به الكشف عن أحوال الشهود الخ انظر ح والاستحباب هو ظاهر عبارة المازري ونصها قال أهل العلم ينبغي للقاضي أن يبدأ بالنظر في المحبوسين الخ انظر ق (ومقام) جعله المصنف في مرتبة واحدة مع الوصيّ واعترضه ق بأن ظاهر المازري تأخر المقام عن الوصيّ إذ قال ثم ينظر في الأوصياء ثم في المقامين لأن من تكون له مطالبة عليهم قد لا يعرب عن نفسه (ونادى بمنع معاملة يتيم وسفيه) قول ز بناء على القول بجواز أفعاله الخ هذا البناء أصله لابن فرحون في تبصرته ونقل كلامها ح لكن يعكر عليه النداء بمنع معاملة اليتيم مع أنه لا خلاف في رد أفعاله (ورتب كاتبًا عدلًا شرطًا) ابن مرزوق انظر ما إعراب قوله شرطًا اهـ.

ص: 240

ويكفي أن يكون واحدًا وأما مزكي البينة فسيأتي أنه لا بد من تعدده وأنه علانية بخلاف ما مر فإنه مزك سرًّا فإن قلت هذا يغني عنه حينئذٍ قوله فيما مر واتخاذ من يخبره الخ قلت أعاده لإفادة اشتراط كونه عدلًا أو يقال المراد به هنا اتخاذ من يخبره عن أحوال من يشهد عنده من شهوده وغيرهم بخلاف السابقة فإن اتخاذ من يخبره بما يقال في شهوده فقط فتلك خاصة وهذه عامة وكلام غ يلزم عليه التكرار مع أنه لا يناسب كلام المؤلف فانظره إن شئت (والمترجم) عند من لا يعرف العربية أو عند من لا يعرف العجمية مثلًا (مخبر) فيكفي واحد وقال ابن شاس يشترط تعدده بناء على أنه شاهد وهو المشهور (كالمحلف) للغير عند القاضي أو الذي يبعثه للتحليف يكفي واحد ولا بد من عدالتهما وحريتهما وأن امرأة إن كانت من أهل العفاف لا كافرًا وعبدًا ومسخوطًا (وأحضر) القاضي المقلد وجوبًا كما في تت وهو ظاهر التوضيح وندبًا على ما هو المنقول في الشارح (العلماء) من مذهبه خاصة ويندب أيضًا للمجتهد أن يحضر مجتهدين مثله لاحتمال أن يظهر لهم غير ما ظهر له ليظهر له بعد اجتهاده مثل ما ظهر لهم لا تقليدًا لهم إذ المجتهد لا يقلد مثله (أو شاورهم) إن لم يحضرهم وقوله فيما مر مستشير أي من يحضره من العلماء أو بدون حضور فلا تكرار وفي د أنه بأو مكرر وبالواو غير مكرر ثم محل الخلاف المتقدم في حضورهم حيث كان فكره في حضورهم وعدمه سواء فإن لم ينظر نظرًا سديدًا وجب

ــ

قال الشيخ أحمد بابا الظاهر أنه حال من قوله عدلًا أي يرتبه حال كون عدالته شرطًا ليكن فيه تنكير صاحب الحال وهو قليل اهـ.

وفيه نظر لقول غ ووقع في أكثر نسخ هذا المختصر شرطًا عوض مرضيًّا لكن أظنه تصحيفًا إذ لم أر من عبر هنا بالخلاف في الشرطية وإنما تردد اللخمي في وجوب العدالة اهـ.

وقول ز وكلام غ يلزم عليه التكرار مع أنه لا يناسب الخ هذا صحيح ونص غ قوله كمزك أي في كونه عدلًا رضا فهو كقوله في الرسالة ولا يقبل في التزكية إلا من يقول عدل رضا لأجل أن يجمع بين الآيتين: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] اهـ.

قال ح: وهو بعيد من لفظ المؤلف ومن أول كلامه هو (والمترجم مخبر) قول ز وقال ابن شاس يشترط تعدده الخ كلام ابن شاس محله إذا جاء الخصم بمن يترجم عنه فهذا هو الذي لا بد فيه من تعدد المترجم وليس هذا مراد المصنف وإنما مراده من يتخذه القاضي لنفسه مترجمًا وهذا يكفي فيه الواحد انظر ح وفي ق عن ابن رشد كل ما يبتدئ فيه القاضي بالبحث والسؤال يجوز فيه الواحد والاختيار عدلان اهـ.

بخ (وأحضر العلماء أو شاورهم) ابن مرزوق ظاهر المصنف أنه يخير في ذلك وهو نقل ثالث والذي نقل غيره أن في المسألة قولين قيل يحضركم كعثمان وقيل يستشيرهم كعمر والأول قول أشهب وابن المواز والثاني قول الأخوين وأجيب عن المصنف بأن أو لتنويع الخلاف وقول ز أو بدون حضور فلا تكرار الخ فيه نظر بل التكرار لازم على نسخة أو كما

ص: 241

حضورهم أو اشتغل عنه بهم منع (و) أحضر وجوبًا (شهودًا) وجرده من أل خشية توهم عطفه على الضمير المنصوب في شاورهم ولا يصح إذ يصير المعنى وشاور شهودًا انظر تت والشارح وقد يقال إنما جرده لئلا يتوهم مع التعريف أنه لا بد من إحضار الشهود المقامين مع أنه لا بد من إحضار مطلق الشهود (ولم يفت) القاضي أي يكره له إفتاء (في خصومة) لأن الخصم إذا عرف مذهب القاضي تحيل إلى الوصول إليه أو إلى الانتقال عنه إلا أن يكون السائل مستفهمًا فليخبره والمراد ما شأنه أن يخاصم فيه وإن لم يقع وهذا ما لم يعرف مذهبه من غيره فلا يكره كما يشعر به التعليل المتقدم (ولم يشتر) أو بيع (بمجلس قضائه) أي يكره له بنفسه أو بوكيله المعروف خوف المحاباة وشغل البال إلا أن يخف فيجوز كما يجوز شراؤه بغير مجلس قضائه كما نقله المازري عن أصحاب مالك ويفيده مفهوم المصنف خلافًا لقول ابن شاس يكره أيضًا أي لخوف المحاباة فقط لإنكار ابن عرفة وجوده في المذهب نقله عج وانظره مع قول الشارح وفي كلام ابن شاس لا يجوز مطلقًا ونحوه لابن عبد الحكم إلى أن قال مطرف وابن الماجشون وليتنزه عن المبايعة في غير مجلس قضائه انتهى.

ــ

تقدم لكن بجعلها لتنويع الخلاف ينتفي التكرار لأن الخلاف لا يستفاد مما تقدم (وشهودًا) في حاشية جد عج ظاهره أنه مستحب لعطفه على المستحب وهو العلماء من قوله وأحضر العلماء والذي عند مالك وابن القاسم أنه إذا سمع إقرار الخصم لا يحكم عليه حتى يشهد عنده بإقراره شاهدان ابن رشد وهو المشهور والصواب الشيخ أي في ضيح وعليه فإحضار الشهود واجب وإلا فلا فائدة لجلوسه اهـ.

(ولم يفت في خصومة) قول ز أي يكره له الخ بالكراهة صرح البرزلي وظاهر ابن عبد السلام المنع انظر ح البرزلي وهذا إذا كانت الفتوى فيما يمكن أن تعرض بين يديه ولو جاءته من خارج بلده أو من بعض الكور أو على يدي عماله فليجبهم عنها اهـ.

ومحل النهي أيضًا حيث لا يمكن الاطلاع على مذهبه إلا من إفتائه وذلك إذا كان مجتهدًا أو مقلدًا وفي المسألة قولان متساويان مثلًا والله أعلم (ولم يشتر بمجلس قضائه) قول ز أي يكره له الخ بالكراهة صرح ابن فرحون في التبصرة وكلام ضيح يوذن بالتحريم قال ح وينبغي أن يرد أحدهما إلى الآخر والله أعلم وقول ز أو بوكيله المعروف الخ هذا زاده ابن شاس وابن الحاجب وهو مبني على ما عندهما من أن القاضي لا يشتري مطلقًا لا بمجلس قضائه ولا بغيره ابن الحاجب ولا يشتري بنفسه ولا بوكيل معروف ضيح ظاهره في مجلس قضائه وغيره ونحوه ذكر ابن شاس معناه عن ابن عبد الحكم اهـ.

ابن عرفة ظاهر أقوال أهل المذهب وروايته جواز شرائه وبيعه في غير مجلس قضائه وما ذكره ابن شاس لا أعرفه لغيره وذكره المازري عن الشافعي لا عن ابن عبد الحكم ولا عن أحد من أهل المذهب وما تقدم للمتيطي عن أشهب إن من بايعه في ولايته عليه له الخيار بعد عزله هو نحو من نقل ابن شاس عن ابن عبد الحكم اهـ.

ص: 242

(كسلف) منه للغير أو له من الغير (وقراض) كذلك (وإبضاع) قال عمر بن عبد العزيز تجارة الولاة لهم مفسدة وللرعية مهلكة انتهى.

وكذا يكره له استعارة ماعون أو دابة لركوب وما أشبه ذلك لأنه انتفاع بأموال النفس من غير عوض وربما حاباه الغير فيما يقع بينه وبين أحد من ذلك ويستحي منه (وحضور وليمة إلا النكاح) فيجب بشروطه المتقدمة في بابه وذكر من ما يفيد أن الراجح جواز حضوره وليمة النكاح وأراد بالوليمة اللغوية من الولم وهو الاجتماع والمراد الطعام الذي يجتمع له وإلا كان الاستثناء ضائعًا لأن الوليمة لا تكون إلا في النكاح (و) حرم على قاض (قبول هدية ولو كافأ عليها) لسكون النفس للمهدي ولأنها تطفئ نور الحكمة ويجوز للفقيه والمفتي قبولها ممن لا يرجو منه عونًا ولا جاهًا ولا تقوية لحجته على خصمه ولا يجوز للشهود قبولها من الخصمين ما دام الخصام (إلا من) شخص (قريب) كأبيه وخالته وبنت أخيه ومن لا يدخل عليه منهم ظنة لشدة المداخلة ويحتمل أن يريد بالقريب من لا يحكم له ويمكن رجوع الاستثناء لقوله كسلف وما بعده وهذا مستفاد من رجوعه لقوله وقبول هدية بطريق الأولى لأن قبولها حرام وما قبله مكروه (وفي) جواز قبوله إلى (هدية من اعتادها) قدرًا وصفة وجنسًا لا أزيد فيحرم قطعًا أي جميعها كما هو الظاهر لا الزائد فقط (قبل الولاية) للقضاء وعدم الجواز أي الكراهة كما هو ظاهر تعبير مطرف وعبد الملك بلا ينبغي ويحتمل المنع قولان (و) في (كراهة حكمه في مشيه) في الطريق أي سيره وإن راكبًا وجوازه قولان (أو) أي وفي كراهة حكمه (متكئًا) لأن فيه استخفافًا بالحاضرين وللعلم حرمة وجوازه قولان (وإلزام يهودي) أي أهل يكره له أن يلزم يهوديًّا (حكمًا بسبته) أي يكره له أن يمكن المسلم من خصامه ليهودي بسبته أو يبعث له رسولًا لمخاصمته فيه لأن فيه خرقًا لما يعظمه في زعمه الذي أقررناهم بالجزية عليه وإن نسخ بشرعنا أو يجوز لعدم تعظيمه شرعًا قولان وتخصيصه اليهودي بالذكر مخرج للنصراني فلا يكره إحضاره والحكم عليه في حده لأنهم لا يعظمونه كتعظيم اليهود السبت

ــ

قال في التكميل وكذا لم يعرفه ابن عبد السلام إلا من نقل ابن شاس وزاد ولا تبعد صحته اهـ.

وقول ز وانظره مع قول الشارح الخ لا معارضة لأن قول الشارح نحوه لابن عبد الحكم تبع فيه ما تقدم عن ابن شاس وقوله عن مطرف وابن الماجشون وليتنزه الخ نحوه في ضيح ولكنه لا ينافي الجواز فتأمله (كسلف) قول ز منه للغير أوله من الغير الخ أما السلف له من الغير فظاهر وأما منه لغيره فذكر ابن مرزوق أنه جائز وهو الظاهر (وقبول هدية) قول ز وحرم على قاض الخ ضيح ظاهر قول ابن الحاجب ولا يقبل هدية الخ المنع وعليه ينبغي أن يحمل قول ابن حبيب ولم يختلف العلماء في كراهة قبول الإمام الأكبر وقاضيه وجباة أموال المسلمين الهدايا قال وهو مذهب مالك رحمه الله تعالى وأهل السنة وبالمنع جزم المصنف

ص: 243

وسوى بينهما ابن عات ولما كان من عنده لم يترجح عند المصنف حتى يجعله من القولين (و) في كراهة كما للبساطي وفي الشارح منع (تحديثه بمجلسه لضجر) نزل به وجوازه ليروّح قلبه ويرجع إليه فهمه وعطف على في هدية لكن بتقدير عامل خاص قوله: (و) في اشتراط (دوام الرضا) من الخصمين (في التحكيم للحكم) أي لانتهائه فلأحدهما الرجوع قبله أو لا يشترط وليس لأحدهما الرجوع قبل الحكم وأما هما معًا فلهما الرجوع والفرق بين هذا وبين قوله في تنازع الزوجين ولهما الإقلاع ما لم يستوعبا الكشف ويعزما على الحكم لأن القصد فيهما الإصلاح (قولان) بخلاف القاضي فلا يشترط دوام رضا الخصمين بقضائه بلا نزاع لأن التحكيم دخلا عليه باختيارهما بخلاف القاضي فإنه إلزام لأنه حقيقة القضاء (ولا يحكم) أي يمنع كما في ح عن أبي الحسن أو يكره كما في تت أن يحكم (مع ما يدهش عن) تمام (الفكر) كحزن وغضب وحقن أي حصر بريح ونحوه ولقس بفتح اللام والقاف وسين مهملة وهو ضيق النفس وفي النهاية أنه الغثيان وجوع شديد وأكل فوق كفاية والمفتي مثله وأما ما يدهق عن أصل الفكر فيمتنع الحكم عنده قطعًا وكذا الإفتاء (و) إذا وقع (مضى) إن كان صوابًا (وعزر شاهدًا بزور) وهو أن يشهد عمدًا بما لم يعلم وإن طابق الواقع مأخوذ من زور الصدر اعوجاجه لا من تزوير الكلام وهو تحسينه ومنه قول عمر زورت في نفسي كلامًا أو مقالة أي وجب على القاضي أن يعزره (في الملا) مهموز مقصور الجماعة من الناس وإن لم يكوتوا أشرافًا أو بقيد الإشراف بأن يضربه ضربًا وجيعًا والباء بمعنى مع في (بنداء) بالمد أي يأمر بأن يطاف به في الأسواق والجماعات ليرتدع هو أو غيره (ولا يحلق رأسه) حلقًا يحصل به نكاله أي يكره فيما يظهر (أو لحيته ولا يسخمه) أي وجهه بدقيق أو سواد ونحوه أي يحرم فعل

ــ

في فصل القرض (ودوام الرضا في التحكيم للحكم) ابن مرزوق الظاهر من النقل في مسألة دوام الرضا رجحان عدم اشتراطه اهـ.

قلت وهو الذي رجحه ابن يونس لأنه لما نقل قول ابن القاسم وابن الماجشون أنه ليس لأحدهما الرجوع قبل الحكم إذا أبى صاحبه وقول سحنون لكل واحد منهما أن يرجع ما لم يمض الحكم قال ابن يونس وقول ابن القاسم أصوبهما اهـ.

(ولا يحكم مع ما يدهش) من ذلك كثرة ازدحام الناس عليه وقد كان سحنون يحكم في موضع خاص لا يدخل عليه بوابه إلا اثنين فاثنين على ترتيبهم وفي ذلك فائدتان الستر على المتخاصمين واستجماع الفكر (وعزر شاهدًا بزور في الملا) القرطبي شهادة الزور هي الشهادة بالكذب ونحوه للباجي وقال الأبي ليست هي كذلك وإنما هي أن يشهد بما لم يعلم عمدًا وإن طابقت الواقع فإن كان بشبهة فليست زورًا كما يشهد به ما في كتاب الاستحقاق اهـ.

وأصله لابن عرفة (ولا يسخمه) السخام بضم السين وخاء الدخان اللاصق بأواني الطبخ

ص: 244

شيء من هذين ويكتب زوره في نسخ متعددة ليبلغ الثقات (ثم في قبوله) أي قبول شهادته إذا شهد بعد التعزير والتوبة (تردد) أي طريقتان ذكرها ابن عبد السلام الأولى إن كان ظاهر العدالة حين شهد بالزور لم يقبل بعد ذلك اتفاقًا وإن كان غير ذلك فقولان والثانية عكس هذه لابن رشد فقال إن كان ظاهر العدالة فقولان وغير ظاهرها لا يقبل اتفاقًا اهـ.

فإن شهد قبل التوبة لم يقبل اتفاقًا لأنه فاسق فإن شهد بعدها وقبل التعزير فمقتضى العلة جرى التردد فيه وكذا هو ظاهر ق وأشعر ذكره التردد فيمن فسقه بالزور أنه لو كان فسقه بغيره ثم شهد بعدما تاب فإنه يقبل ويدل عليه قوله وزوال العداوة والفسق بما يغلب على الظن وأشعر ذكره التردد في الشاهد أن القاضي إذا عزل لجوره ببينة أو باعترافه لم يجز توليته بعد توبته ولو عدل وصار أعدل أهل زمانه وهو كذلك كما في النص والفرق أن حكمه لما كان لا ينقض إلا في مسائل معينة كمخالفة قاطع أو جلي قياس كما يأتي فشدد عليه وأما فسقه بغير الجور فليس له هذا الحكم (وإن أدب) القاضي الشاهد (التائب) أي الذي أتى تائبًا مقرًا بزوره قبل ثبوته عليه (فأهل) للأدب وتركه أولى وهو خبر مبتدأ محذوف تقديره فهو لأن جواب الشرط إنما يكون جملة (و) عزر وجوبًا (من أساء على خصمه) بحضرته من غير احتياج لبينة لانتهاكه حرمة الشرع والحق حينئذٍ لله لا يحل للقاضي تركه أو بغير حضرته وأقر أو قامت عليه بينة به (أو) على (مفت أو شاهد) كذلك في التفصيل المذكور وكذا على القاضي بمجلس حكمه كما تقدم في قوله وتأديب من

ــ

وهذا الحكم قاله في النوادر عن ابن الماجشون وابن عبد الحكم وقال ابن مرزوق ظاهر المدونة أنه يسخم وجهه ويحلق لحيته اهـ.

وهو في المدونة من رواية ابن وهب عن عمر بن عبد العزيز وقال ابن عرفة في إتيان سحنون بها ميل منه إليه أي إلى الحكم بالتسخيم انظر ق (ثم في قبوله تردد) قول ز أي طريقتان ذكرهما ابن عبد السلام الخ قال ابن عبد السلام بعد ذكر الطريقتين الطريقة الأولى أنسب للفقه والثانية أقرب لظاهر الروايات لأن ابن المواز قال تعرف توبته بالصلاح والتزيد في الخير لأن تزيد الخير لا يكون إلا في ظاهر العدالة اهـ.

نقله في ضيح وابن عرفة ثم قال ابن عرفة ما ذكره ابن عبد السلام عن ابن رشد لا أعرفه له ولا لغيره قال في المقدمات ما نصه وأما شاهد الزور فلا تجوز شهادته أبدًا وإن تاب وحسنت حالته قاله في المدونة ولأبي زيد عن ابن القاسم تجوز شهادته إن تاب وعرفت توبته بتزيد حاله في الصلاح قال ولا أعلمه إلا من قول مالك فقيل إن ذلك اختلاف من القول وقيل رواية أبي زيد إن أتى تائبًا قبل أن يظهر عليه وهو الظاهر اهـ.

ونحو هذا له في أول مسألة من سماع يحيى اهـ.

كلام ابن عرفة (وإن أدب التائب فأهل) هذا قول ابن القاسم وقال سحنون لا يؤدب التائب لأنه لو أدب من أتى تائبًا لكان ذلك وسيلة إلى عدم توبتهم قال المتيطي وبه العمل

ص: 245

أساء عليه والحكم بعلمه في مجلسه في هذه الأربع مسائل يستثنى من قولهم لا يحكم بعلمه إلا في التعديل والتجريح كما عبر به المصنف عن كلامهم بقوله ولا يستند الخ لأن وظيفة القاضي أنه مرصد لخلاص الأعراض كما أنه مرصد لخلاص الأموال (لا بشهدت عليّ بباطل) فإن قال له شهدت عليّ بزور عزره لأنه لا يلزم من الباطل أن تكون الشهادة زورًا لأن الباطل بالنسبة للواقع لا بالنسبة لعلمه إذ قد يشهد بشيء يعلمه كدين لزيد عليه وهو قد قضاه ولا مضرة على الشاهد في ذلك بخلاف الزور وهو أن يشهد بما لا يعلم عمدًا كما مر وفي ق ما نصه ابن كنانة أن قال شهدت عليّ بزور فإن عنى أنه شهد عليه بباطل لم يعاقب وإن قصد أذاه والشهرة به فكل بقدر حال الشاهد والمشهود عليه اهـ.

ويقبل قوله فيما ادعى أنه أراده إلا لقرينة تكذبه (كلخصمه كذبت) عليّ فيما ادعيته أو ظلمت أو ظلمتني أو تظلمني وأما يا ظالم فيؤدب ولم يكن هذا وما قبله من انتهاك حرمة مجلس الشرع لأن لهما تعلقًا بالخصومة بخلاف الإساءة انظر د (وليسوّ) القاضي وجوبًا (بين الخصمين) في القيام والجلوس والكلام والاستماع ورفع الصوت والنظر لهما إن كانا مسلحين أو كافرين بل (وإن) كان أحدهما (مسلمًا و) الآخر (كافرًا و) إن تداعى عنده مسافرون وغيرهم وتزاحموا في التقدم للدعوى (قدم المسافر) وجوبًا على غيره ولو كان ذلك الغير سابقًا عليه ما لم يحصل للمقيم ضرر بسبب تقديم المسافر عليه وإلا قدم فإن حصل لكل ضرر بسبب تقديم الآخر أقرع بينهما كما إذا أكثر المسافرون جدًّا بحيث يحصل للمقيمين ضرر فإنه يقرع بين جميع المسافرين وبين المقيمين لا بين المسافرين فقط في تقديم من لا يحصل بتقديمه ضرر على المقيمين كما في بعض التقرير (وما يخشى فواته) أي هو مع المسافر في مرتبة واحدة كما هو مدلول الواو فيقدم ما هو أشد ضررًا فإن تساويا أقرع بينهما (ثم) بعد تقديم المسافر وما يخشى فواته قدم (السابق) في الزمان على المتأخر عنه (قال وإن) كان سبقه (بحقين) أو أكثر (بلا طول) فإن كان فيهما طول فينبغي تقديم ذلك السابق بأحدهما ولو معه طول وتأخير حقه الآخر عمن يليه (ثم)

ــ

وقال المازري أنه المشهور ونقله ابن سعيد (وليسوّ بين الخصمين) في طرد ابن عات ينبغي للقاضي أن لا يبتدئ أحد الخصمين بالسلام ولا بالكلام وإن كان له مواخيًا فإن سلما عليه لم يزد على أن يقول وعليكما السلام فإن زاد أحدهما في ذلك لم يزد القاضي عليه شيئًا اهـ.

وقال عمر في وصيته لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما وسوّ بين الناس في مجلسك وعدلك ووجهك حتى لا يطمع الشريف في حيفك ولا ييأس الضعيف من عدلك اهـ.

انظر ضيح (إن مسلمًا) هكذا في أكثر النسخ بأن واعترضه ابن عاشر بأن ابن الحاجب حكى قولًا بجواز رفع المسلم على الذمي ونسبه في ضيح لمالك فالمحل للو (وما يخشى فواته) مثال ما يخشى فواته عند ابن مرزوق النكاح الفاسد الذي يفسخ قبل البناء والطعام الذي يتغير بالتأخير وعطف هذا على المسافر من عطف عام على خاص (قال وإن بحقين)

ص: 246

إذا لم يكن مسافر ولا سابق وحضر جماعة جميعًا أو فيهم سابق وجهل أو ادعى كل السبق ولم يثبت (أقرع) فتكتب أسماؤهم في رقاع وتخلط فمن خرج اسمه قدم على غيره (وينبغي) للقاضي (أن يفرد يومًا أو وقتًا للنساء) كانت خصومتهن فيما بينهن أو مع رجال لأنه أستر لهن (كالمفتي والمدرّس) تشبيه في جميع ما تقدم من قوله وقدم المسافر الخ أي يقدم المسافر وما يخشى فواته ثم السابق ويقدم في القراءة من فيه قابلية على غيره لتحصيل كثرة المنافع على قلتها وأما الطحان والفرّان وسائر الصنائع فإن كان لهم عرف عمل عليه وإلا قدم الآكد فالآكد (وأمر) بالبناء للمجهول (مدع) أي أمر القاضي وجوبًا للمدعي حيث علم أو وافقه خصمه على أنه المدعي بالكلام وعرف المصنف المدعي بأنه من (تجرد قوله) حال الدعوى (عن مصدق) أي أصل أو معهود عرفًا أي لم يتمسك حين الدعوى بواحد من هذين وإنما تمسك بالبينة بخلاف المدعى عليه فإنه من كان قوله على وفق أصل أو معهود عرفًا وقوله تجرد الخ صفة مدع وقوله: (بالكلام) أي الدعوى متعلق بأمر وتفسير المصدق بما ذكر وقولي حال الدعوى كل منهما مخرج لمن صحبت دعواه بينة إذ لا يقال له حينئذٍ مدع فقط شرعًا لقبوت دعواه نعم يسمى مدعيًا باعتبار حاله قبل

ــ

لما ذكر ابن عرفة عن المازري ما عزاه المصنف له قال ظاهره إن هذا غير منصوص لأصحابنا مع أنه في النوادر عن أصبغ وحينئذٍ فصواب المصنف إما إسقاط قال أو التعبير بالاسم والله أعلم وقول ز وتأخير حقه الآخر عمن يليه الخ صوابه عن جميع من حضر كما يفيده كلام النوادر (كالمفتي والمدرس) قول ز والأقدم الأكد فالآكد الخ مثله في ق عن البرزلي والذي في غ عن ابن رشد أن الأحب إذا لم يكن شرط ولا عرف تقديم الأول فالأول (وأمر مدع تجرد قوله الخ) الآمر هو القاضي وإنما يأمره إذا علمه كما إذا سمعهما يتخاصمان فعلم المدعي منهما وقال أحدهما أنه دعاني وأما إن لم يعلمه فله أن يسكت حتى يتكلما فيعلم المدعي منهما فيأمر المدعى عليه بالسكوت حتى يفرغ المدعي من كلامه وله أن يقول ما شأنكما أو ما خطبكما وإن قال من المدعي منكما فلا بأس به انظر ق وبه يعلم الجواب عما أوردوه هنا من الدور وهو إن أمره بالكلام يتوقف على العلم بكونه مدعيًا والعلم بذلك يتوقف على كلامه والله أعلم وقول ز أي أصل أو معهود عرفًا الخ ابن شاس المدعي من تجردت دعواه عن أمر يصدقه أو كان أضعف المتداعيين أمرًا في الدلالة على الصدق اهـ.

فيؤخذ منه أنه إن تعارض الأصل والعرف فالمدعي من تجردت دعواه عن العرف وإن وافقت الأصل لأن العرف أقوى منه وقول ز كل منهما مخرج لمن صحبت دعواه بينة الخ صوابه مدخل لمن صحبت دعواه بينة لا مخرج انظر ح وذلك لأن ابن عرفة أورد على تعريف ابن الحاجب الذي هو كتعريف المصنف أنه غير جامع لخروج المدعي ومعه بينة فأجاب ح بدخوله بأن البينة إنما يؤتى بها بعد معرفة كونه مدعيًا والكلام فيما قبل ذلك وهذا هو الذي قصده ز فاختل كلامه على أن الجواب فيه نظر كما نقله ح وغيره من أن القاضي له أن يسمع البينة قبل سماع الدعوى على مذهب ابن القاسم كما يأتي عند ز في قوله إلا لعذر كنيسان

ص: 247

إقامة البينة فلا يرد على تعريف المصنف أنه غير جامع لمن صحب دعواه بينة (وإلا) يعلم المدعي ولا وافقه خصمه على ذلك (فالجالب) بنفسه أو برسول القاضي لمجلس الشرع هو الذي يأمره بالكلام فيدعي (وإلا) يعلم الجالب (أقرع) بينهما في الادعاء (فيدعي بمعلوم) أي متميز في ذهن المدعي والمدعى عليه وذهن القاضي (محقق) عند المدعي أنه عند المدعى عليه كقوله لي عليه مائة من ثمن مبيع فاحترز بالمعلوم عما لو ادعى بشيء مجهول كلي عليه شيء ولم يذكر سببه فإنها لا تسمع على المشهور وأشار لمقابله الضعيف بقوله: (قال) المازري (وكذا) تسمع دعواه إذا قال لي عليه (شيء) من بقية معاملة مثلًا وأنا أتحقق ذلك ولكن جهلت قدره فإنه يلزمه أن يجيبه عن ذلك بالتفصيل أو بالإنكار أن له عنده شيئًا قال البساطي تبعًا لبحث المازري عندي أنه صواب وأنه يلزم المدعى عليه جوابه بإقرار أو إنكار وبيانه أنهم قالوا يقبل الإقرار بشيء وحينئذ إما أن يقولوا تقبل الدعوى بشيء أم لا فإن لم تقبل فلا يلزم بإقراره وإن قبل فهو الذي يقوله المازري وإن كان احتج بغير ذلك فإن قلت إقراره بشيء يلزم تفسيره فيرجع للتفسير منه أو من غيره أن تعذر قلنا إلزامه بالتفسير فرع إلزامه بالإقرار بشيء فتأمله اهـ.

ثم محل الخلاف حيث ادعى المدعي جهل قدر الشيء كما قررنا ولم تقم قرينة صدقه فإن علم قدره وأبى من ذكره لم تسمع دعواه به اتفاقًا وإن جهل قدره ودل على ذلك قرينة كشهادة بينة بأن له حقًّا لا يعلمون قدره فتسمع دعواه قاله ابن فرحون في تبصرته (وإلا) يدعى بمحقق (لم تسمع) فهو مخرج من القيد الثاني بدليل تمثيله بقول (كأظن) أو أشك أن لي عليه حقًّا إلا أن يقوى الظن كما يأتي في قوله: واعتمد الباب على ظن قوي كخط أبيه ومحل قوله محقق حيث لم تكن دعوى اتهام فلا يخالف ما يأتي في باب الشهادات في قوله واستحق به بيمين إن حقق.

ــ

(بمعلوم محقق) زاد غير المصنف أن تكون الدعوى محققة معتبرة يتعلق بها غرض صحيح لا تكذبها العادة وتكون مما لو أقر بها المدعى عليه لزمته واحترز بمعتبرة من نحو القمحة أو الشعيرة وبغرض صحيح من دعوى أجرة على محرم وبقوله لا تكذبها العادة من دعوى دار بيد حائز يتصرف فيها عشر سنين والمدعي حاضرًا ساكت وسيأتي بالأخير مما ذكره ز في تنبيهه وقول ز كلي عليه شيء ولم يذكر سببه الخ الصواب إسقاط قوله ولم يذكر سببه بدليل القول الثاني (إلا لم تسمع) قول ز فهو مخرج من القيد الثاني الخ فيه نظر إذ لا إخراج في كلام المصنف وصوابه فهو مفهوم القيد الثاني لأن إلا هنا للشرط لا للاستثناء كما يوهمه وقول ز إلا أن يقوى الظن كما يأتي في قوله واعتمد الباب الخ مثله في خش وهو قيد غير صحيح لأن الظن فيما يأتي إنما هو في باطن الذات وهو في ظاهر اليمين جازم معتمد في جزمه على ذلك الظن القوي الباطني فلو أظهر الظن بطلت دعواه كما هنا فتأمله والحاصل أن ما هنا في الدعوى المصرح فيها بما يفيد عدم التحقيق وما يأتي في الدعوى الجازمة لكن

ص: 248

تنبيه: شرط الدعوى أن تكون بما لو ثبت لزم المدعى عليه إن قضى به لا إن لم يقض عليه به فلا تسمع كدعواه عليه أنه قال داري صدقة بيمين مطلقًا أو بغيرها ولم يعين كما قدمه آخر الهبة وكدعواه عليه وصية لمساكين وكما تقدم في الطلاق من الأمور التي يؤمر بها من غير قضاء وقولنا شرط الخ احتراز من دعوى بالغ رشيد على سفيه أو صبي بمعارضة مالية اختيارية كبيع أو شراء أو سلف فساقطة وينهاه القاضي عن التعرض لهما بخلاف دعواه عليهما استهلاكًا أو غصبًا أو نهبًا أو اختلاسًا أو جرحًا أو قتلًا عمدًا أو خطأ فتسمع ويعذر القاضي لهما لعل لهما مدفعًا ولا يعجز الصبي ولا بد من يمين الطالب مع بينته لأن الصبي في حكم الغائب والميت والمساكين وأما عكس ذلك وهو دعوى صبي أو سفيه على بالغ رشيد فتسمع حضر وصيه أو غاب وله إقامة بينة أو شاهد يحلف معه عبد وسفيه بالغين كما قال المصنف فيما سيأتي لا صبي فإن ثبت له شيء وكل أو قدم القاضي عليه من يقبض له (و) المدعي لا بد من ذكره سبب ما ادعى به و (كفاه) فيه (بعت وتزوجت) ولي عنده ثمنه وعند الزوج الصداق من غير احتياج لذكر أركان كل عندنا (وحمل على) العقد (الصحيح) فيهما خلافًا للشافعي في النكاح ولذا مثل بمثالين لمخالفته في الثانية لا على الفاسد فاستغنى بما ذكر عن أن يقول ولا بد من ذكر السبب لاستلزام البيع والتزويج له (وإلا) يذكر المدعي السبب المستلزم له ما ذكر (فليسأله الحاكم) وجوبًا (عن السبب) فإن

ــ

اعتمد فيها على الظن في ذهنه وقول ز حيث لم تكن دعوى اتهام الخ ظاهره أنه لا منافاة بين ما هنا وما يأتي وليس كذلك بل قوله هنا وإلا لم تسمع إنما ينبني على عدم توجه يمين التهمة وقد أورد ابن عرفة على قول ابن الحاجب بمعلوم محقق توجه يمين التهمة على القول بها وعلى توجهها جرى المصنف في مفهوم إن حقق من قوله فإن نكل في مال وحقه استحق به بيمين أن حقق اهـ.

قال ح هناك في مفهوم إن حقق ما نصه فإن كانت يمين تهمة فإن الحق يثبت فيها بمجرد النكول على المشهور صرّح به ابن رشد اهـ.

من ضيح وقد علمت به أن ما عليه المصنف هنا خلاف المشهور والله أعلم (وكفاه بعت وتزوجت) قول ز لا بد من ذكر سبب ما ادعى به وكفاه فيه بعت الخ تبع في تقريره تت واعترضه طفى بأن كلامه يقتضي أن فرض المسألة أنه إذا ادعى شيئًا يكفيه في بيان سببه بعت الخ وليس كذلك بل فرض المسألة أن من ادعى بيع شيء أو اشتراءه كفاه بعت أو اشتريت وكذا من ادعى تزوج امرأة كفاه تزوجتها قال في الجواهر إذا ادعى في النكاح أنه تزوجها تزوجًا صحيحًا سمعت دعواه ولا يشترط أن يقول بوليّ وبرضاها بل لو أطلق سمع أيضًا وكذا في البيع بل لو قال هي زوجتي لكفاه الإطلاق اهـ.

وبه شرح ق قلت يحتمل أن يكون المصنف أشار لقول ابن حارث يجب على الحاكم أن يقول للطالب من أين وجب لك ما ادعيت به فإن قال من بيع أو سلف أو ضمان أو تعدّ وشبهه لم يكلفه أكثر من ذلك نقله ق وهو موافق لتقرير تت (وإلا فليسأله الحاكم عن السبب)

ص: 249

غفل أو جهل بالسنة فللمدعى عليه السؤال عنه كما يأتي فهو كالمفرع على ترك المدعي ذكره وللحاكم السؤال عنه وتقديم الشارح المدعى عليه في السؤال عن السبب على الحاكم رده تت وأيضًا ظاهر المصنف أو صريحه خلافه هنا وفيما يأتي (ثم) بعد دعوى المدعي وبيان السبب أمر القاضي (مدعى عليه) وهو من (ترجح قوله بمعهود) شرعي بتصديق مدعيه كدعوى المودع بالفتح رد الوديعة لأنه عهد في الشرع تصديقه لأنه أمين حيث قبضها بغير إشهاد (أو أصل) شرعي كدعوى شخص على آخر أنه عبده وينكر فالمدعى عليه بالرق ترجح قوله بالأصل وهو الحرية لأنها الأصل في الناس شرعًا وإنما طرأ لهم الرق من جهة السبي بشرط الكفر والأصل عدم السبي إلا أن يثبت حوز الملك فتكون دعوى الحرية حينئذٍ ناقلة عن الأصل ولا تسمع إلا ببينة لكونه مدعيًا ولأن العرف يكذبه قاله تت فإن قلت الأصل الملاء ومن ادعى الفقر لأخذ الزكاة يصدق إلا لريبة مع أنه مدع خلاف الأصل قلت الملأ ليس هو الأصل وإنما هو الغالب كما بين هناك ولكن ذكروا أن المدين إذا ادعى العسر أثبته ببينة مع أنه متمسك بالأصل ويجاب بأن الأصل ترك هنا وصار المنظور إليه هو الغالب وقوله: (بجوابه) متعلق بأمر والمدعي إن لم يقيم بينة بعين ما ادعى وطلب يمين

ــ

قول ز وتقديم الشارح المدعى عليه في السؤال الخ ما ذكره الشارح من تقديم سؤال المدعى عليه على سؤال القاضي عن السبب مثله لولد ناظم التحفة عند قولها:

تحقق الدعوى مع البيان

ونصه وللمدعى عليه أن يسأل عن بيان السبب فإن جهل أو غفل عنه فينبغي للقاضي أن يسأله حتى يبين له وجه ذلك اهـ.

ومثله عند ابن سلمون وأما ما اقتضاه ظاهر المصنف من تقديم سؤال القاضي فإنما احتجوا له بما نقله ابن سهل والمتيطي وغيرهما عن ابن حارث من أنه يجب على القاضي أن يقول للمدعي من أين وجب لك ما ادعيت به اهـ.

وهذا كما علمت لا يقتضي تقدمه على سؤال المدعى عليه كما زعمه طفى تبعًا لعج والله أعلم ونص الشارح الذي ذكره الأشياخ أن المدعى عليه هو الذي يسأل المدعي عن السبب فقوله وإلا يحتمل أن يريدون إن لم ينتبه المدعى عليه لذلك فإن الحكم يقوم مقامه اهـ.

تنبيه: قال ح: ليس من تمام صحة الدعوى أن يذكر السبب ويؤخذ ذلك من قول المصنف بعد هذا ولمدعى عليه السؤال عن السبب اهـ.

قال طفى: وفيه نظر بل صحتها تتوقف على ذلك ففي المجموعة عن أشهب أن أبى المدعي أن يذكر السبب ولم يدع نسيانه لم يسأل المطلوب عن شيء ونحوه في كتاب ابن سحنون قال الشارح ووجهه أن السبب الذي يذكر المدعي قد يكون فاسدًا فلا يترتب على المدعى عليه بسببه غرامة اهـ.

قلت بل الظاهر ما لح إذا لو كان ذكره من تمام صحة الدعوى ما قبل نسيانه ولبطلت

ص: 250

المدعى عليه فإنما يحلف (إن) أثبت المدعي أنه (خالطه بدين) مترتب عن ثمن مبيع لأجل أو حال أو قرض ولو مرة واحدة أي تشهد بينة أن بينهما خلطة بكذا ولا يعرفون بقاءه ولا قدره فلذا لم تكن الشهادة بالخلطة شهادة بأصل الحق (أو تكرر بيع) بالنقد الحال (وإن بشهادة امرأة) على الخلطة لأن القصد بالخلطة اللطخ وهو يثبت بشهادة الواحد ولو أنثى و (لا) تثبت الخلطة (ببينة جرحت) أي جرحها المدعى عليه بعداوة ونحوها تشهد للمدعي بالحق الذي ادعى به فليس للمدعي أن يكتفي بها عن بينة الخلطة ولا تتنزل تلك البينة المجرحة منزلة المرأة وبما قررنا علم أن قوله إن خالطه الخ شرط في مقدر يفهم من الكلام وهو إنما يحلف لا في جواب المدعى عليه وإن كان هو ظاهر المصنف لأنه لم يقله أحد بل يأمره به وإن لم يكن بينهما خلطة وما ذكره من أن الخلطة شرط في توجه اليمين هو المشهور ونحوه في الرسالة وعليه مالك وعامة أصحابه ولابن نافع والمبسوط يشترط وعليه عمل قضاة مصر والشام وتونس فكان الأولى أن يؤخر قوله إن خالطه الخ عن قوله فإن نفاها واستحلفه الخ لأنه مفرع عليه كما علم ما قررنا واستثنى من اشتراط الخلطة لتوجه اليمين ثمان مسائل تتوجه فيها بدونها فقال: (إلا الصنائع) يدعي عليه بما له فيه صنعة فيحلف وإن لم تثبت خلطة لأن نصب نفسه في معنى الخلطة قال د مثل الصانع التاجر إذا ادعى عليه بشيء قال المصنف وهذا إذا ادعى عليه غريب أو بلدي وكان قد نصب نفسه للبيع والشراء وأما دعوى أهل السوق بعضهم على بعض فقال المغيرة وسحنون: لا يكون خلطة حتى يقع البيع بينهما سحنون وكذا لقوم يجتمعون في المسجد للصلاة والدرس والحديث فلا تثبت بينهم خلطة بذلك اهـ.

(والمتهم) عند الناس يدعي عليه بسرقة ونحوها فيحلف بدون ثبوت خلطة وأما المجهول حاله للناس فقد ذكر في باب الغصب في تحليفه قولين: (والضيف) أي الغريب ضاف أم لا يحتمل هو المدعي أو المدعى عليه فلا يحتاج إلى إثبات خلطة بين

ــ

الدعوى إذا لم يذكر ولم يسأل عنه وليس كذلك فيهما ولا دليل له في كلام المجموعة لاحتمال أنه لما قويت التهمة بامتناعه من ذكره بعد السؤال عنه لم يكلف المطلوب بالجواب والله أعلم (إن خالطه بدين) صواب هذا أن يكون مؤخرًا عن قوله فإن نفاها واستحلفه الخ ولعل تقديمه من مخرج المبيضة واعلم أن العمل جرى بثبوت اليمين ولو لم تثبت خلطة قاله أبو الحسن وابن عرفة وغيرهما (وإن بشهادة امرأة) ليس في المذهب مسألة يحكم فيها بشهادة امرأة واحدة إلا هذه قاله مس رحمه الله (والضيف) ابن مرزوق لم أر من ذكر هذا الفرع على الوجه الذي يظهر من المصنف وإنما تكلموا على الغريب إذا أودع وديعة عند رجل من أهل البلد فأنكره فيها فتتوجه له عليه اليمين اهـ.

ونقل ح عن ابن فرحون أن من هذه النظائر الرجل يضيف الرجل فيدعي عليه لكن قد يقال إن ابن فرحون أخذه من يد المصنف والله أعلم وقول ز يحتمل هو المدعي أو المدعى عليه الخ الصواب قصره على المدعي كما تقدم في كلام ابن مرزوق وهو المنصوص في كلام

ص: 251

المتداعيين (و) إلا الدعوى (في) شيء (معين) أي لم تهلك عينه لا الحاضر المشاهد فقط (و) إلا دعوى (الوديعة) ممن يملك مثلها والمدعى عليه يودع عنده مثلها كما أشار له بقوله: (على أهلها) وأن يكون الحال اقتضى الإيداع لكسفر أو مرض وإن لم يكن مخوفًا فيحلف المدعى عليه بدون ثبوت خلطة (و) لا دعوى (المسافر) المريض كما في نص أصبغ (على) بعض (رفقته) أنه أودعهم أو أحدهم مالًا أو أنهم أتلفوا أو بعضهم منه مالًا في السفر فيحلف بدونها لأنه قد يعرض له ما يوجب له دفع ماله لبعض رفقته (و) إلا (دعوى مريض) في مرض مخوف على آخر بدين فيحلف بدونها والفرق أن هذا مخوف ومرض المسافر وإن لم يكن مخوفًا فلا تكرار ومثله ورثته وصرح بدعوى لئلا يتوهم أن المريض مدعى عليه (أو) دعوى (بائع على) رجل (حاضر المزايدة) في سلعته التي تسوق بها أنه اشتراها بكذا وأنكر الشراء وكذا دعوى مشتر على بائع أنه باع وأنكر البيع فيحلف المنكر منهما وإن لم تثبت خلطة وهذا موافق لما مر عن الشامل في اختلاف المتبايعين من أن القول لمنكر العقد بيمينه إجماعًا وظاهر قوله حاضر المزايدة أن مدعي البيع من غير تسوق أصلًا لا يتحالفان ولا يلزم وهو خلاف ما مر عن الشامل من أن القول لمنكره بيمينه من غير حاجة ليمين غيره وحمل المتيطي هذه على ما إذا اتفقا على العقد واختلفا في قدر الثمن كما في د فيه تكرار مع قوله في اختلاف المتبايعين وفي قدره أعاده لجمع النظائر (فإن أقر) المدعى عليه بالحق (فله) أي للمدعي (الإشهاد عليه) بما أقر به خوف جحده إقراره ببلد آخر أو عند قاض آخر (و) للحاكم (تنبيهه عليه) أي تنبيه المدعي على الإشهاد لأنه من شأن الحكام لما فيه من تقليل الخصام وقطع النزاع فليس من تلقين الخصم الحجة وظاهره أن الحاكم مخير في ذلك ومقتضى النوادر طلبه به (وإن أنكر) المدعى عليه أي أجاب بالإنكار (قال) القاضي للمدعي (ألك بينة) فإن قال نعم أمره بإحضارها ويسمعها ويعذر للمدعى عليه فيها كما يأتي (فإن نفاها) أي قال لا بينة لي (واستحلفه) أي طلب المدعي حلف المدعى عليه وحلف (فلا بينة) للمدعي بعد ذلك مقبولة أو مسموعة تنزيلًا لها منزلة العلم (لا لعذر كنيسان) لها حين تحليفه خصومه

ــ

ابن رشد وغيره (والوديعة على أهلها) ذكر ابن عاشر أن هذا مشكل لأن الوديعة لا يحلف فيها إلا المتهم وأهل الوديعة ليسوا بمتهمين اهـ.

(أو بائع على حاضر المزايدة) قول ز وظاهر قوله حاضر المزايدة أن مدعي البيع الخ هذا غير صحيح بل المفهوم من كلام المصنف أنه في غير المزايدة لا يمين على المنكر إلا بعد ثبوت الخلطة وليس فيه ما يشعر بأنهما يتحالفان ولا وجه له والحاصل أن القول للمنكر مطلقًا مع يمينه لكن في المزايدة لا تتوقف اليمين على الخلطة وفي غيرها تتوقف عليها هذا معنى كلام المصنف رحمه الله تعالى اهـ.

(إلا لعذر) طفى أي فله القيام بالبينة لا بالشاهد الواحد ابن عرفة لو وجد شاهدًا واحدًا

ص: 252

ويحلف أنه نسيها ودخل بالكاف عدم العلم بها ثم علم فله القيام بها مع يمينه وكذا إذا ظن أنها لا تشهد أو أنها ماتت وأشعر إتيانه بالسين أنه لو حلفه القاضي بغير طلب خصمه لم تفده يمينه ولخصمه أن يعيدها عليه ثانيًا ونحوه لغ ود وفي مق عن المتيطي أنه إذا نفاها وطلب المطلوب تعجيزه وحلفه له ليرتفع عنه الطلب كان له ذلك على مذهب ابن القاسم اهـ.

قال ح: فإن شرط المدعى عليه على المدعي عدم قيامه ببينة يدعي نسيانها وما أشبهها عمل بشرطه اهـ.

وللقاضي سماع البينة قبل الخصومة على مذهب ابن القاسم خلافًا لعبد الملك فإذا حضر الخصم قرأ عليه رسم الشهادة وفيه أسماء الشهود وأنسابهم ومساكنهم فإن كان عنده في شهادتهم مدفع أو في عدالتهم مجرح كلف إثباته وإلا لزمه القضاء وإن سأله أن يعيد عليه البينة حتى يشهدوا بحضرته فليس له ذلك وذكر ما هو في حيز الاستثناء بقوله: (أو) أقام شاهدًا عند من لا يرى الشاهد واليمين مطلقًا أر في دعوى لا تثبت إلا بعدلين وحلف المدعى عليه لرد شهادة الشاهد ثم (وجد) المدعي شاهدًا (ثانيًا) كان نسيه وحلف على ذلك أو كان بعيد الغيبة كما في البينة وكانت الدعوى لا تثبت إلا بعدلين ووقعت عند مالكي فله أن يقيمه ويضمه للأول ويعمل بشهادتهما وظاهره ولو حكم الحاكم برد شهادة الأول لانفراده وفي كلام تت نظر وإنما لم يكن استحلاف الحاكم مبطلًا للشاهد لأنه لم يحكم بإبطاله وإنما أعرض عنه ولم يعمل به كما في د وكلامه هنا غير قوله الآتي وإن حلف المطلوب ثم أتى بآخر فلا ضم وفي حلفه معه وتحليف المطلوب إن لم يحلف قولان لأنه في دعوى شيء يثبت بشاهد ويمين عند من يراهما وما هنا فيما لا يثبت بهما لكون الحاكم لا يرى بهما مطلقًا أو في المدعى به فقط وعطف على نسيان محذوفًا مع

ــ

فقال الأخوان وابن عبد الحكم وأصبغ لا يحلف معه ولا يقضي إلا بشاهدين اهـ.

قلت: قال ابن ناجي عند قول المدونة وإن حلف المطلوب ثم وجد الطالب بينة فإن لم يكن علم بها قضى له بها ما نصه وظاهر قوله ثم وجد بينة وإن كانت واحدًا ويحلف معه وهو كذلك عند ابن القاسم وغيره وقال ابن كنانة في الواضحة ليس له ذلك لأنه يسقط يمينًا قد درأ بها حقًّا بيمينه مع شاهد ولكن إذا أتى بشاهدين وكلاهما ذكرهما اللخمي ولم يذكر أبو محمَّد وابن يونس وغيرهما غير القول الثاني معزوًا لابن حبيب عن الأخوين وابن عبد الحكم وأصبغ وبه حكم ابن عبد الرفيع قاضي الجماعة بتونس اهـ.

وقد اقتصر ابن عرفة على الثاني أيضًا ولم يتنبه لما نقله اللخمي عن ابن القاسم الذي هو ظاهرها (أو وجد ثانيًا) تقرير ز صواب وأصله للشارح وبه قرر د وطفى وغيرهما وهو إشارة لقول المدونة حكم بينهما ثم لا تقبل من المطلوب حجة إلا أن يأتي بماله وجه مثل أن يأتي بشاهد عند من لا يرى الشاهد واليمين فوجه عليه القاضي الحكم ثم قدر على شاهد آخر أنه يقضي بهذا الآخر اهـ.

ص: 253

حذف ثلاث مضافات بعده فقال: (أو) عدم قبول شهادة شاهد (مع يمين لم يره الأول) أي لم ير الأول الحكم بشاهد ويمين في مذهبه أي إن من أقام شاهدًا واحدًا فيما يقضي فيه بشاهد ويمين عند من لا يرى ذلك فلم يقبله واستحلفه المطلوب أي طلب المقيم يمينه وحلف ثم أراد أن يقيم ذلك الشاهد عند الحاكم الذي لم يقبله حيث تغير اجتهاده أو عزل أو مات وأقامه عند غيره ممن يرى الشاهد واليمين ويحلف معه فإن له ذلك فليس في هذه ضم شاهد لآخر بخلاف ما قبلها كما يشعر به كلامه فلا تكرار وأما إن كان عند من يرى الشاهد واليمين تارة ولا يراه أخرى كالمالكي وكانت الدعوى فيما لا يرى فيه اليمين فإنه إنما يضمه للأول إذا كان حين تحليف المطلوب ناسيًا له أو كان بعيد الغيبة كما مر في البينة (وله) أي للمدعى عليه (يمينه) أي تحليف المدعي (أنه لم يحلفه أولًا) أي قبل ذلك في هذا الحق المدعى به الآن فإن نكل حلف المدعى عليه أنه قد حلفه

ــ

قال في التنبيهات: قيل ظاهر الكتاب أنه يقضي له القاضي الأول وغيره وفي كتاب محمَّد إنما هذا للقاضي نفسه ولا يسمع منه غيره ولسحنون خلاف هذا كله لا يسمع منه هو ولا غيره قال بعضهم: قوله فوجه الحكم عليه استدل منه على أن مذهبه تعجيز المدعي والقضاء عليه وهي مسألة خلاف قال المؤلف يعني عياضًا رحمه الله لا دليل فيه ولعل مراده بوجه الحكم الحكم على المطلوب باليمين على إنكاره الدعوى وفي قوله هذا إن تركه الحكم بشهادة الشاهد لا يضره إذا أصاب شاهد آخر ولا يختلف في هذا كما يختلف إذا أبى من الحلف مع شاهده ورد اليمين على المدعي ثم قام له شاهد آخر لأن هذا قد تركه والأول لم يتركه اهـ.

بلفظه وحكم قيام شاهد واحد فيما لا يثبت إلا بشاهدين حكم من لا يرى الحكم بالشاهد واليمين في الضم فيشمله قوله أو وجد ثانيًا قاله طفى وقول ز وفي كلام تت نظر الخ لأنه على تقريره يكون كلام المصنف هنا مستغنى عنه بقوله الآتي في الشهادات وإن حلف مطلوب ثم أتى بآخر فلا ضم الخ وقول ز لأنه في دعوى شيء يثبت بشاهد ويمين الخ أي وامتنع الطالب أن يحلف مع الشاهد وحلف المطلوب ثم جاء الطالب بشاهد آخر (أو مع يمين لم يره الأول) قال طفى: أشار المصنف بهذا القول اللخمي قال ابن المواز إذا كان الأول لا يحكم بالشاهد واليمين ثم ولى آخر ممن يرى الشاهد واليمين كان له ذلك وليس حكم الثاني فسخا لحكم الأول لأن الأول من باب الترك اهـ.

ونقله أبو الحسن وكأن غ لم يستحضر هذا فقال لم أفهم هذا التركيب على ما أحب فلعل الكاتب غير فيه شيئًا يعني قوله أو مع يمين لم يره الأول اهـ.

من طفى قلت فرع ابن المواز لا يطابق كلام المصنف ولما نقله ابن عاشر قال ما نصه رأيت في شرح ابن مرزوق أن فرع محمَّد ليس فيه تصريح بحلف المطلوب وإنما هو صريح في ترك الحكم بينهما اهـ.

يعني وكلام المصنف حيث ذكره بعد واستحلفه يدل على أنه حكم بينهما فانظر ما يشهد له لاقتضائه فسخ الحكم وبه يبطل تورك طفى على غ وقول ز حيث تغير اجتهاد الخ

ص: 254

وسقط الحق وإن نكل لزمته اليمين المتوجهة أولًا وله ردها على المدعي (قال) المازري (وكذا) إذا ادعى المشهود عليه على مقيم بينة عليه بحق (أنه عالم بفسق شهوده) فيحلف مقيمهم أنه غير عالم بفسقهم فإن حلف بقي الأمر بحاله وإن نكل ردت اليمين على المدعى عليه فإن حلف سقط الحق فقوله إنه معمول لادعى مقدرًا وذكر كيفية الدعوى وترك كيفية اليمين أنه غير عالم بفسقهم لظهورها مما ذكر فلا اعتراض عليه فإن أقام المشهود عليه على فسق شهود المدعي شاهدًا فينبغي أن يحلف معه وتبطل شهادتهم عليه ذكره د عند قوله وكل دعوى الخ ولما قدم قوله فإن نفاها واستحلفه فلا بينة ذكر هنا ما يترتب على قسيمه وهو إذا لم ينفها غير مستأنف بل عاطفًا له على مقدر وهو (و) إن قال لي بينة وأقامها وسمعها القاضي (اعذر) أي سأل من يريد الحكم عليه من مدع أو مدعى عليه ويجوز أن يكون مستأنفًا وأدخل باء التصوير على السؤال فقال: (بأبقيت لك حجة) أي مطعن فإن لم يأت به حكم وإلا انظره كما يأتي والأعذار للمدعى عليه في البينة الشاهدة عليه وللمدعي في مجرح بينة فيقول له ألك حجة تطعن في الطعن أو بينة غير هذه ثم إن الأعذار مطلقًا واجب والحكم بدونه باطل على ما قاله أهل المذهب كما في المعيار أول المعول عليه كما في البرزلي لأنه من حق الله كما في د فيستأنف الحكم وهذا لا ينافي ما مر قريبًا عن ابن القاسم من أن للقاضي سماع البينة بغيبة الخصم خلافًا لعبد الملك لأنه في السماع بدون حكم ولصر يحكم بدونه ويستأنف الأعذار فإن أبدى مطعنًا نقض وإلا بقي اهـ.

وهو لا يعادل الأول ولعل فائدة الأعذار على الأولين والله أعلم عدم العمل بالحكم

ــ

هذه الزيادة تبع فيها غ قال طفى وكلام المصنف لا يشملها إذ لو أراد ذلك لقال مع يمين لم يره أولًا (قال وكذا أنه عالم بفسق شهوده) شرط المازري في هذه اليمين أن يحقق عليه الدعوى بأن يقول له المشهود عليه أنا أعلم بعلمك بفسق شهودك نقله ق وقول ز فإن أقام المشهود عليه الخ هذا الفرع نقله عن د مع أن د لم يجزم به بل ذكره بحثًا وجزم بخلافه ونصه عند قوله وكل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين الخ لقائل أن يقول يلزم على هذا أن المدعى عليه إذا ادعى على المدعي أنه يعلم بفسق شهوده أن لا تتوجه عليه اليمين مع أن المازري استظهر لزوم اليمين كما أشار إليه سابقًا بقوله قال وكذا أنه عالم بفسق شهوده فهو وارد على هذه القاعدة فإن قبل حلفه إنما هو على ما ادعاه عليه من العلم لا على الفسق فالجواب أنه يلزم على ذلك أنه إذا أقام شاهدًا عليه أنه يعلم من شاهده ما يسقط شهادته وأراد أن حلف معه يمكن ذلك وتسقط شهادة الشاهدين وينبغي عدم تسليم هذا وإن الفرع المذكور مستثنى من القاعدة اهـ.

وظهر لك أن هذا الفرع إنما ذكره في دعوى العلم بالفسق لا في دعوى الفسق كما نقله عن ز وإنه جزم بخلافه خلاف ما نقل عنه أيضًا والله تعالى أعلم (وأعذر بأبقيت لك حجة) ابن عرفة الإعذار سؤال الحاكم من توجه عليه موجب الحكم هل له ما يسقطه اهـ.

ص: 255

إذا مات المحكوم عليه قبل الأعذار له فيه ثم هذا إذا ثبت الحكم قبل الأعذار وأما لو ادعى المحكوم عليه عدم الأعذار فإنه لا يتعقب الحكم قاله الإخوان وقال غيرهما يستأنف الأعذار فإن أبدى مطعنًا نقض وإلا فلا ومحل وجوب الأعذار إن ظن القاضي جهل من يريد الحكم عليه بأن له الطعن أو ضعفه عنه وإلا لم يجب بل يحكم إن لم يطلب الخصم القدح فإن قال لا أعرفهم ثم قال بعد ذلك يجرحهم بعداوة لم يقبل وبغيرها قبل وأشعر قوله أبقيت لك أنه لا أعذار لغير معين كمقيم بينة على وقف على فقراء أنه لم يجز عن واقفه حتى حصل له مانع أو أنه شرط النظر لنفسه فيقضي بها من غير إعذار للفقراء لكن مع يمين مقيمها (وندب توجيه متعدد فيه) أي في الأعذار المفهوم من أعذر أي يندب ذلك إن غاب المحكوم عليه لمرض أو لكونه أنثى وسمع القاضي البينة في غيبته فالأعذار له بواحد واجب والندب منصب على التعدد وما قدمه في الحاضر عنده واستثنى خمس مسائل لا أعذار فيها فقال: (إلا الشاهد بما في المجلس) أي مجلس القاضي بإقرار الخصم بحق المدعي فيحكم عليه من غير أعذار له في شهوده لمشاركته لهم في سماع الإقرار ولو أعذر فيهم لا عذر في حكم نفسه بل نص ابن سهل على أن المعدلين عند القاضي لا أعذار فيهم حتى في غير مجلسه وغير الموجهين لحيازة أو تحليف فقال ما انعقد في مجلس القاضي بما أقر به بين يديه لا أعذار فيه وقد أسقط مالك الأعذار فيمن عدل عند القاضي فكيف به فيمن هو عنده عدل أو شهد عنده بما سمعه في مجلسه اهـ.

نقله ق وعدم الأعذار فيهم لا ينافي أن للمشهود عليه أن يقدح فيهم بعداوة أو قرابة أكيدة ومما لا أعذار فيه شهود الأعذار لئلا يتسلسل كما في العاصمية (و) إلا شاهدًا أي

ــ

وقول ز ويجور أن يكون مستأنفًا الخ هذا هو المتعين فالصواب الاقتصار عليه وقول ز ولصر يحكم بدونه الخ هذا أحد قولين ذكرها د ونصه اختلف في وقت الإعذار إلى المحكوم عليه فقيل قبل الحكم ويه جرى العمل وقيل بعده ذكره في مفيد الحكام ونقله ابن فرحون وفي مسائل ابن زرب ولا تتم قضية لقاضي إلا بعد الاعذار اهـ.

وقال ابن عبد السلام في الأول أنه المشهور وقال في التحفة أنه المختار فما ذكره صر هو القول الثاني وما قدمه ز عن المعيار والبرزلي ليس هو الأول كما يوهمه كلامه بل هو جار على كل من القولين لأن معناه أن الحكم إذا خلا من الإعذار رأسًا لا قبله ولا بعده هو باطل غير معوّل عليه وهو ظاهر فما ذكره صر ليس مقابلًا لما ذكره عن المعيار والبرزلي والله سبحانه وتعالى أعلم وقول ز ولعل فائدة الإعذار الخ لا تخفى ركاكة هذا الكلام والصواب أنه إن ثبت وقوع الحكم بدون إعذار نقض الحكم وإن ادعى المحكوم عليه عدم الإعذار ففيه الخلاف الذي ذكره (إلا الشاهد بما الخ) قول ز بل نص ابن سهل على أن المعدلين عند

القاضي الخ المراد بالمعدلين مزكي السر بالفتح وهو الآتي عند المصنف وقول ز ومما لا إعذار فيه شهود الإعذار الخ هذا داخل في كلام المصنف لأن المعتذر إليه إن كان حاضرًا عند القاضي فذلك من قبيل الشاهد بما في المجلس وإن كان غائبًا وسمع الدعوى عليه لسجن أو

ص: 256

جنسه (موجهه) أي وجهه قاضيه أي وجه شاهدين لتحليف أو حيازة أو غير ذلك فلا أعذار فيهما قال ح: ولا يلزمه تسميتهما للمشهود عليه على المشهور لأن القاضي أقامهما مقام نفسه (و) إلا (مزكي) بكسر الكاف (السر) أي مخبر القاضي سرًّا بعدالة الشهود وكذا مجرحهم لا أعذار فيه ولو سأل الخصم عمن جرح بينته لم يلتفت إليه وكذا لو سأل المطلوب عمن زكى بينة الطالب لأنه لا يقيم لذلك إلا من يثوبه ويحتمل أن مزكى بفتح الكاف أي الشاهد المزكي سرًّا ذكرهما د وعلى كليهما فالإضافة على معنى في واقتصر البساطي على الأول وهو أولى لأنه يفيد أنه لا يعذر في الشاهد المزكى بالفتح أيضًا وأما قراءته بالفتح فلا يفيد أنه لا أعذار في المزكي بالكسر مع أنه لا أعذار فيه أيضًا وجعل د مزكي السر شاملًا لمن يخبر بالجرح إخراج للفظ عن موضوعه ولذا عدلت عنه بقولي وكذا مجرحهم وكان المصنف تركه لفهمه من مزكي بقياس المساواة (و) إلا (المبرز) أي الفائق أقرانه في العدالة لا أعذار فيه لأنه لا يقدح فيه (بغير عداوة) أو قرابة بينة وبين المشهود له إذ لو قدح فيه بغيرهما يسمعه القاضي ولو كان له بينة به كما ذكره د عند قوله وقدح في المتوسط بكل وفي ابن فرحون وغيره نحوه بخلاف قدحه بعداوة أو قرابة فتسمع وذكر مق عن اللخمي أنه لا يقدح فيه بأكل بسوق ونحوه (و) إلا (من يخشى منه) على بينة شاهدة عليه بحق أو بتجريح بينة شهدت له لا يعذر له فيها ولا تسمى له كما حكي عن القاضي ابن بشير أنه قال للوزير لما سأله عمن شهد عليه وحكم عليه هو غائب مثلك لا يخبر بذلك وعدم الأعذار فيما تقدم باعتبار الشاهد وهذه باعتبار الشهود عليه وإن قدر إلا الشاهد على من يخشى منه كان على نسق ما قبله وحيث لا يعذر له فلا ينبغي للقاضي أن يهمل حقه في تفتيش حال الشهود بالكلية بل يتنزل في السؤال عنهم منزلة المشهود عليه ولو قيل بتحليف المشهود له مع بينته كما تقدم في الدعوى على صغير وغائب لكان حسنًا (و) إن قال من توجه عليه حكم من مدع أو مدعى عليه لي حجة (أنظره) القاضي (لها) أي للحجة المتقدم ذكرها أي للإتيان بها (باجتهاده) من غير

ــ

نحوه دخل تحت قوله وموجهه انظر الشيخ ميارة (ومزكي السر) ذكر ز ومثله في خشن أن كسر الكاف أولى من فتحها لا يؤخذ من الكسر عدم الإعذار في مزكاة بخلاف الفتح فلا يؤخذ منه عدم الإعذار في المزكي بالكسر قال مس وفيه نظر بل الظاهر العكس فالفتح أولى لأن عدالة المزكي بالكسر هي بعلم القاضي وعدالة مزكاة بالفتح هي بعلم المزكي لا بعلم القاضي فعدالة المزكي بالكسر أقوى فإذا لم يعذر في الأضعف لا يعذر في الأقوى من باب أولى فتأمله اهـ.

والله أعلم (ومن يخشى منه) قول ز كما حكي عن القاضي ابن بشير الخ ابن بشير هذا أدرك مالكًا وليس هو أبا الطاهر بن بشير تلميذ المازري ولما ذكر في ضيح هذه المسألة وحكم قال ونص المدونة أنه يخبر من يشهد عليه بالشهادة فلعل عنده حجة وإلا حكم عليه إهـ.

ص: 257

تحديد بزمن معين (ثم) إن لم يأت (حكم) عليه (كنفيها) أي كما إذا قال لا حجة لي ونفاها فإنه يحكم عليه وسيعيد المصنف مسألة الأنظار في باب الشهادة بقوله ومن استمهل لدفع بينة أمهل بالاجتهاد (وليجب) القاضي سائلًا مدعيًا أثبت حقه ببينة وجرحها المدعى عليه (عن) تعيين (المجرح) لبينته بأن يخبره بمجرحها أن لم يخش عليه منه كما مر ولم يكن مجرحها هو القاضي فلا يلزمه جواب لأنه يستند لعلمه في ذلك وضده كما للمصنف (و) إذا حكم القاضي على مدع أو مدعى عليه بعد أنظاره لحجته باجتهاده ولم يأت بها فإنه (يعجزه) أي يحكم بعدم قبول بينة يأتي بها بعد ذلك زيادة على حكمه بالحق ويكتب ذلك في سجله بأن يقول ادعى فلان إن له بينة ولم يأت بها وقد عجزته كما يأتي خوفًا من أن يدعي بعد ذلك عدم التعجيز وأنه باق على حجته وإن كان لا يقبل منه ذلك على المذهب دفعًا للنزاع لأن هناك من يقول بالقبول وليس المراد بالتعجيز الحكم بعد تبين اللدد لأن هذا لا يمنع من بقائه على حجته فالمراد الأول ثم إذا عجزه بالمعنى الأول فله إقامة بينة لا يعلمها بل ادعى نسيانها وحلف عليه أن عجزه مع إقراره على نفسه بالعجز على المشهود لا مع ادعائه حجة فلا يقيمها ولو مع ادعاء نسيان بينته وحلف عليه.

ــ

فأفاد أن قول ابن بشير خلاف مذهب المدونة وإنما أتى به جمعًا للنظائر فقط انظر طفى ولفظ ابن يونس صريح في خلاف ما لابن بشير ونصه قال مالك ولا يشهد الشهود عند القاضي سرًّا وإن خافوا من المشهود عليه أن يقتلهم إذ لا بد أن يعرفه القاضي بمن يشهد عليه ويعذر إليه فهم قال وإن كان القاضي بعث من يسأل عنهم سرًّا لم يعذر فيمن عدلهم اهـ.

(ويعجزه) قول ز وليس المراد بالتعجيز الحكم بعد تبين اللدد الخ هذا الذي نفاه هو الذي ارتضاه طفى فقال التعجيز هو الحكم على المعجز لا شيء زائد على الحكم فلا يشترط التلفظ بالتعجيز وإنما يكتب التعجيز لمن سأله تأكيد للحكم لا أن عدم سماع الدعوى متوقف عليه واستدل بقول ضيح ما ذكره ابن الحاجب من أنه إذا ذكر أنه له حجة وتبين لدده يقضي القاضي عليه وهو التعجيز اهـ.

وبما تقدم عن عياض عند قول المصنف أو وجد ثانيًا أو ما قدمه زمن أن التعجيز هو الحكم بعدم قبول بينه يأتي بها وأنه زائد على الحكم بالحق هو الذي يفيده كلام الجزيري في وثائقه وابن فرحون في تبصرته وهو ظاهر قول المصنف ويعجزه إلا في دم لأنه لو كان مراد بالتعجيز مجرد الحكم لم يفرق بين الدم وما معه من غيره قاله اللقاني.

تنبيه: اختلف في المعجز إذا أتى ببينة على ثلاثة أقوال فقيل لا تسمع منه طالبًا كان أو مطلوبًا وهو قول ابن القاسم في العتبية وقيل تقبل منه مطلقًا إذا كان لذلك وجه وهو ظاهر ما في المدونة وثالثًا القبول في حق الطالب دون المطلوب وهو لابن القاسم أيضًا هكذا ذكر ابن رشد هذه الأقوال وتقدم كلامه أيضًا في اخنلاف الزوجين قال في ضيح وصرح في البيان بأن المشهود إذا عجز المطلوب وقضى عليه أن الحكم يمضي ولا يسمع منه ما أتى بعد ذلك ثم قال عن ابن رشد وهذا الاختلاف إنما هو إذًا عجزه القاضي بإقراره على نفسه بالعجز وأما إذا

ص: 258

فرع: قال د ابن رشد إذا تغيب المدعى عليه بعد استيفاء الحجج وهرب من القضاء عليه فإنه يقضي عليه ويعجزه ولا يكون له إذا قدم أن يقوم بحجته بمنزلة ما لو قضى عليه وهو حاضر وأما لو هرب وتغيب قبل أن يستوفي جميع حججه فالواجب في ذلك أن يتلوم له فإن لم يخرج وتمادى على مغيبه واختفى قضى عليه من غير أن يقطع حجته اهـ.

واستثنى خمس مسائل ليس للقاضي التعجيز فيها وضابطها كل حق ليس لمدعيه إسقاطه بعد ثبوته فقال: (إلا في) شأن (دم) إثباتًا كادعاء شخص على آخر أنه قتل وليه عمدًا وأن له بينة بذلك فانظره لها ثم تبين لدده فلا يحكم بتعجيزه عن قيامها فمتى أتى بها قتل المشهود عليه أو نفيًا كادعائه عليه أنه قتل وليه عمدًا وأقام بينة فقال المدعى عليه عندي ما يجرحها فانظره وتبير لدده وحكم عليه بالقتل وقتل فإن قامت بينة لولي المقتول ثانير بتجريح بينة القتل أولًا كان ذلك من خطأ الإمام وارتضى الجيزي عدم سماع النفي (وحبس) ادعاه على آخر أنه حبس عليه دارًا وطلب منه بينة على دعواه فعجز عنها فلا

ــ

عجزه بعد التلوم والإعذار وهو يدعي أن له حجة فلا يقبل منه ما أتى به بعد ذلك من حجة اهـ.

وعلى مذهب المدونة وهو القبول مطلقًا إن كان لذلك وجه درج المصنف في قوله إلا لعذر كنسيان وفي قوله في تنازع الزوجين وظاهرها القبول إن أقر على نفسه بالعجز وإليه أشار بقوله ثم إذا عجزه القاضي مع إقراره بالعجز له إقامة بينة لا يعلمها على المشهور لكن لا يأتي عليه قوله إلا في دم وما بعده من المستثنيات لأن مذهب المدونة القبول فيها وفي غيرها وإنما يأتي على القول بعدم القبول وعليه درج المصنف في قوله ويعجزه ولذا أتى بالاستثناء بعده فمرة جرى على مذهب المدونة ومرة جرى على غيرها قاله طفى قلت الظاهر أن يحمل قوله ويعجزه على صورة الاتفاق عند ابن رشد وهي إذا عجزه مدعيًا أن له حجة وعليها ينزل الاستثناء فلا يكون مخالفًا لما جرى عليه فيما تقدم من مذهب المدونة وبهذا يسلم من الاضطراب الذي ادعاه طفى ويسقط به أيضًا قول اللقاني ما نصه قوله ويعجزه إلا في في دم الخ. هذا موافق لابن رشد في البيان مخالف لما في المدونة على ما في ضيح اهـ.

نقله د وقال بعده تظهر فائدة هذه الأشياء أما المطلوب فيعجزه فيها وغيرها اهـ.

وقول ز إثباتًا كادعاء شخص الخ غير ظاهر لأن صورة الإثبات لا ينطبق عليها الضابط المذكور لأن القصاص إذا ثبت كان لمدعيه إسقاطه والذي صوره به ابن مرزوق وهو الظاهر أن المدعى عليه بالقتل إذا أراد تجريح من شهد عليه بالقتل فعجز فحكم القاضي عليه بالقتل ثم وجد من يجرح له البينة الشاهدة عليه بالقتل فإنها تسمع منه ولا يعمل بتعجيزه لخطر الدماء اهـ.

وهو يعكر على ما قدمناه من طفى من أن ذلك مقصور على الطالب ثم محل سماع الحجة فيما صور به ابن مرزوق إن أتى بها قبل استيفاء الحكم كما يظهر من تصويره أما إن قام ورثة المدعى عليه بعد قتله بما يجرح بينه المدعي فالظاهر أن ذلك لا يسمع منهم (وحبس) هذا ظاهر إذا كان الحبس على غير معين كالفقراء فلا سبيل إلى تعجيز الطالب لحق الغائب لا ما إذا كان

ص: 259

يحكم عليه بعدم سماعها إن وجدها في المستقبل وإن رفع طلبه الآن عنه (وعتق) ادعاه عبد على سيده وأن له به بينة وعجز عن إقامتها فلا يحكم بعدم سماعها إن وجدها وإن حكم ببقائه الآن في الرق (ونسب) كادعائه أنه من ذرية فلان وأن له به بينة وعجز عن إقامتها فلا يحكم بعدم سماعها إن وجدها وإن لم يثبت نسبة الآن (وطلاق) ادعته زوجة على زوجها وإن لها به بينة وعجزت عن إقامتها الآن فلا يحكم بإبطال دعواها إن وجدتها وإن حكم ببقائها في العصمة الآن واعلم أن حكمه بالتعجيز لا يمضي سواء كان الإثبات أو نفي في دم ونسب وطلاق وأما الحبس والعتق فلا يعجز طالب إثباتهما ويعجز طالب نفيهما كذا يظهر (وكتبه) أي التعجيز في غير المستثنيات أو التلوم وفي الشارح فيما نقله عن ابن رشد إفادة عود ضميره للأنظار المستفاد من قوله وانظره وليس فيه كبير فائدة مع قوله باجتهاده فهو مصدق فيه ولا ولي رجوعه للتعجيز ويلزم من كتبه كتب التلوم والمراد كتب كيفية التعجيز أي عجزه بعد أن ادعى حجة أو ابتداء ليرتب عليه ثمرته ولما قدم أنه يأمر المدعى عليه بجوابه أي فإن أجاب عمل بجوابه ذكر قسيم هذا المقدر بقوله: (وإن لم يجب) المدعى عليه عند القاضي بإقرار ولا إنكارًا وقال لا أخاصمه (حبس وأدب) بالضرب بعده باجتهاد القاضي فيهما (ثم) إن استمر بعدهما على عدم الجواب (حكم) عليه (بلا يمين) من المدعي لأنها فرع الجواب وهو لم يجب ويعد هذا إقرارًا منه بالحق ومثل عدم جوابه في الحكم عليه بلا يمين شكه في أن له عنده ما يدعيه كما اقتصر عليه في التوضيح وظاهره ولو طلب المدعى عليه يمين المدعي وكذا في مسألة المصنف وأما لو أنكر المدعى عليه أن له عنده ما ادعى به وقال يحلف المدعي ويأخذ ما ادعى به فإنه يجاب لذلك فيما يظهر وتقع هذه في محاكم مصر (والمدعى عليه السؤال عن السبب) الذي ترتب عليه أن له عنده مائة مثلًا حيث غفل أو جهل أو تعمد الحاكم عدم السؤال عنه لطلب ذلك منه بعدم بيان المدعي السبب كما مر عن تت خلافًا لجعل الشارح أن سؤال الحاكم متأخر عن سؤال المدعى عليه على ما مر (وقبل) من المدعي (نسيانه) أي السبب حين سئل عنه (بلا يمين) منه على ذلك (وإن أنكر مطلوب) بحق (المعاملة) أي أصلها (فالبينة) على المدعي على أن الحق على المطلوب وظاهر كلام الشارح البينة على المعاملة قاله د لكن يحمل على الأول لملائمته لقوله: (ثم لا تقبل) من المدعى عليه (بينة) شهدت له (بالقضاء) لما ادعاه المدعي وأثبته ببينة لأن إنكار المدعى عليه تكذيب لبينته وكذا إذا أنكر أصل المعاملة ثم أقر بها من غير إقامة بينة عليه لا تقبل بينته بالقضاء

ــ

على معين كما صوره ز إلا أن يقال في الحبس حق الله مطلقًا لأنه لا يجوز بيعه انظر ابن مرزوق (وعتق ونسب وطلاق) زاد ابن سهل والمتيطي على هذه الخمسة طريق العامة ونص ابن سهل ومما يشبه الطلاق والنسب والعتاق الحبس وطريق العامة وشبهه من منافعهم ليس عجز طالبه والقائم عنهم فيه يوجب منعه أو منع غيره من النظر له إن أتى بوجه اهـ.

ص: 260

كما في النوادر (بخلاف) ما إذا ادعى عليه أن عنده مائة من سلف فقال: (لا حق لك علي) أو ليس لك عليّ حق فأقام عليه بينة بها فأقام المدعى عليه بينة بالقضاء فإنها تقبل لأن قوله المذكور غير مكذب لها وظاهر كلامه أن هذا اللفظ كاف في جواب الدعوى والذي لابن القاسم وبه العمل أنه لا يكفي حتى ينفي خصوص ما ادعاه المدعي من سلف أو بيع أو نحوه وظاهر المصنف أيضًا الفرق بين الصيغتين في حق العامي وغيره وهو ظاهر في الثاني (وكل دعوى لا تثبت إلا بعدلين) كعتق وكتابة وطلاق ونكاح (فلا يمين) على المدعى عليه (بمجردها) من المدعي فلا يلزم السيد أو الزوج أو ولي المجبرة يمين على العتق والكتابة والنكاح والطلاق فإن لم تتجرد بل أقيم بها شاهد واحد توجهت اليمين (ولا ترد) فهذا عطف على مقدر كما ذكرنا وكالتفريع على مفهوم قوله بمجردها لا على منطوقه لأن الرد فرع التوجه ولا يرد على ترتيب قوله ولا ترد على المفهوم أنه يقتضي توجهها مع الشاهد مطلقًا مع أن فيه تفصيلًا لأنه بينه فيما يأتي في باب الشهادات بقوله وحلف بشاهد في طلاق وعتق لا نكاح فإن نكل حبس الخ أي فإن طال دين فما يأتي من التفصيل مفهوم قوله هنا بمجردها وفرق بين الطلاق والعتق وبين النكاح بأن الغالب فيه الشهرة فشهادة واحد به ريبة بخلافهما ومقتضى هذا الفرق أن سائر ما يثبت بشاهدين حكمه حكمهما في الحلف مع إقامة شاهد لرد شهادته لا حكم النكاح ثم إنه يستثني من قوله فلا يمين بمجردها مسائل منها قوله وحلف الطالب إن ادعى عليه علم العلم وقوله وكذا أنه عالم بفسق شهوده وقوله وله يمينه أنه لم يحلفه أولًا وقوله فيما يأتي وللقاتل الاستحلاف على العفو وكذا المتهم يدعي عليه الغصب أو السرقة مع أن كلًّا منهما إنما يثبت موجبه من أدب وقطع بشاهدين ويستثنى منه أيضًا من ادعى على آخر أنه قذفه فتتوجه عليه اليمين إن شهدت بينة بمنازعة وتشاجر كان بينهما وإلا لم يحلف كما ذكره ح ومفهوم قوله لا تثبت إلا بعدلين أن الدعوى التي تثبت بشاهد وامرأتين أو أحدهما مع يمين تتوجه بمجردها أي وترد وكذا اليمين التي يحلفها مع الشاهد أو المرأتين إذ نكل عنها ترد على المدعى عليه فإن نكل عنها غرم بنكوله وشهادة الشاهد ولا ترد على المدعي لأن اليمين المردودة لا ترد ويرد على هذا المفهوم من ادعى على آخر أنه عبده فإنه لا يمين عليه كما يأتي آخر باب العتق مع أن الرقم مما يثبت بشاهد ويمين ولعله لأن الأصل في الناس الحرية كما مر (كنكاح) مثال لما لا يثبت إلا بعدلين لا لما تتوجه فيه اليمين بالدعوى التي لا تتجرد ولا ترد ويدل على هذا قوله فيما يأتي لا نكاح كما علمت (وأمر) ندبًا (بالصلح ذوي الفضل) العلم لأن الصلح أقرب إلى جمع الخواطر وإلى تأليف القلوب ويذهب غل الصدر وربما كان يفعله سحنون فقد ترافع إليه رجلان من أهل العلم

ــ

(بخلاف لا حق لك على) قول ز وهو ظاهر في الثاني الخ يعني غير العامي وأما العامي فقد نقل ح في باب الوكالة عن الرعيني أنه لا فرق بينهما في حقه وأنه يعذر في كل منهما.

ص: 261

فأبى أن يسمع منهما وقال لهما استرا على أنفسكما ولا تطلعاني من أمركما على ما قد ستره الله عليكما والواو في قوله: (والرحم) بمعنى أو (كأن خشي تفاقم) أي اتساع (الأمر) أي الفتنة بين المحكوم عليه وله فيأمر بالصلح لكن في هذا وجوبًا دفعًا للمفسدة وأمره في المسائل الثلاث مطلوب ولو ظهر له وجه الحق فهذه المسائل الثلاث مستثناة من المسألة الآتية وهي لا يدعو لصلح إن ظهر وجهه قاله المصنف في التوضيح قاله د أو أن ما هنا مخصص لعموم الآتي لقاعدة أن العام المتأخر يخصص بالخاص المتقدم كذا قيل وفيه نظر لأن شرط المخصص أن يكون منافيًا كما قدمه المصنف في باب اليمين ثم محل الأمر بالصلح في هذه الثلاثة فيما يمكن فيه الصلح لا في طلاق ونحوه (ولا يحكم) أي لا يجوز له أن يحكم (لمن لا يشهد له) من متأكد القرب كأب وإن علا كما يأتي في باب الشهادة وابنه وزوجته (على المختار) وهو المشهور لأن الظنة تلحقه في ذلك وكذا لا يجوز له أن يحكم على من لا يشهد عليه بدليل قوله الآتي وحكم على عدوّ فإن حكم لمن لا يشهد له فهل حكمه في النقض كحكمه على عدوّه أولًا فلا ينقض وهو ظاهر تبصرة ابن فرحون أو ينقضه هو لا غيره وهو ما في النوادر ومقابل المختار في كلام المصنف قول أصبغ يجوز إن لم يكن من أهل التهمة قال وقد يحكم للخليفة وهو أقوى تهمة لتوليته إياه اهـ.

قال البرموني مفرعًا على قول أصبغ ويؤخذ منه أن القاضي المالكي يحكم لقاضي العسكر اهـ.

ثم قوله ولا يحكم الخ ظاهر في حكم يحتاج لإقامة بينة لاتهامه على أنه قد يتساهل في قبولها وأما حكمه بما أقر به خصم ابنه مثلًا فينبغي أن يجوز له الحكم به أخذًا مما لابن رشد بالأولى ونصه على نقل ق وانظر هل يحكم لنفسه قال أشهب لا يقضي لنفسه ابن رشد وله الحكم على الإقرار على من استهلك ماله ويعاقبه لقطع أبي بكر إلا قطع الذي سرق عقد زوجته أسماء لما اعترف بسرقته اهـ.

وانظر المفتي هل هو كذلك فيمنع أن يفتي على من لا تجوز شهادته عليه وهل يجوز له أن يفتي لمن لا تجوز شهادته له وفي البرزلي عن المازري عداوة المفتي كعداوة الشهود (ونبذ) أي طرح (حكم جائر) أي نقضه من يتولى بعده وإن كان حكمه مستقيمًا في ظاهر الأمر إلا أن يثبت صحة باطنه قاله ابن رشد (وجاهل لم يشاور) العلماء ولو وافق الصواب (وإلا)

ــ

(كأن خشي تفاقم الأمر) قول ز لأن شرط المخصص أن يكون منافيًا الخ فيه نظر لأن الحكم هنا مناف للحكم الآتي. (وجاهل لم يشاور) قول ز ولو وافق الصواب الخ أي في ظاهره ولم تعلم صحة باطنه أما إن ثبتت بالبينة صحة باطنه فلا ينقض كما ذكره في الجائر عن ابن رشد نقله ق فإن الجاهل غايته أنهم ألحقوه بالجائر وعبارة الشارح عن المازري في الجاهل ينقض حكمه وإن كان ظاهره الصواب اهـ.

ص: 262

بأن شاورهم (تعقب) حكمه فينقض منا الخطأ (ومضى) منه (غير الجور) ولا يقال كيف

ــ

وعليها يحمل قول ح في الجاهل الجائر ظاهره النقض ولو علم أن ما حكم به حق أي علم ظاهر وكذا قول ق ما نصه وفي نوازل البرزلي لا يجوز الحكم بالحزر والتخمين قال ابن الحاجب وهو فسق يريد وإن صادف الحق فالمشهور فسخه اهـ.

أي صادف ظاهره الحق ولم تثبت صحة باطن أمره لاحتمال أن باطن أمره الجور واعلم أن المراد بالجاهل العدل المقلد كما فسره به أبو الحسن ويفيد، ما يأتي عن اللخمي وبه يسقط السؤال الثاني في كلام ز وما ذكره المصنف من التفصيل في الجاهل اعتمد فيه ما نقله ابن عبد السلام عن بعض الشيوخ ونقله في ضيح على قول ابن الحاجب وأما الجاهل فيتعقبها ويمضي منها ما لم يكن جورًا ونصه وحكى المازري رواية شاذة أن الجاهل تنقض أحكامه وإن كان ظاهره الصواب لأنه وقع منه من غير قصد ابن عبد السلام وقيد بعضهم ما ذكره المصنف بما إذا كان يشاور أهل العلم في أحكامه وأما إذا كان لا يشاورهم فتنقض كلها لأنه حكم حينئذ بالجزر والتخمين وهو صحيح اهـ.

فاعتمده المصنف مع نقله عن المازري أنه رواية شاذة وقد تعقب بذلك الشيخ ابن سعيد في شرحه على المصنف فقال ظاهره أن الجاهل غير المشاور أحكامه منقوضة مطلقًا والمشاور تتصفح أحكامه فيرد الجور ويمضي غيره وظاهر كلام غيره أن المتصفح إنما هو في غير المشاور ولذا قال في ضيح حكى المازري رواية شاذة أن الجاهل تنقض أحكامه كلها قال لأن ما وقع منها صوابًا إنما هو من غير قصد وهذا التعليل لا يتم في المشاور اهـ.

وهو كما قال رحمه الله قال ابن رشد في رسم الصبرة من سماع يحيى ما محصله أن القضاة أربع الأول عدل عالم فأحكامه على الجواز ما لم يتبين فيها الخطأ الذي لم يختلف فيه الثاني عدل جاهل يحكم برأيه ولم يشاور العلماء فأحكامه تتصفح ولا يرد منها إلا الخطأ الذي لا اختلاف فيه الثالث معروف بالجور فأحكامه تنقض كلها وحكى فضل عن ابن الماجشون أنها تتصفح كأحكام الجاهل وهو شذوذ الرابع فاسق لم يعلم بالجور في أحكامه أو مبتدع من أهل الأهواء فهذا حكم له ابن القاسم ومطرف وابن الماجشون بحكم الجائر أجمعت وحكم له أصبغ بحكم الجاهل اهـ.

نقله في تكميل التقييد وكذا ابن عرفة فهذا صريح في خلاف ما عند المصنف وقال ابن يونس إذا كان عدلًا جاهلًا كشف أقضيته فأنفذ صوابها ورد خطأها الذي لا اختلاف فيه اهـ.

منه وقال أبو الحسن إذا كان عدلًا جاهلًا كشف أقضيته فأنفذ صوابها ورد خطأها الذي لا اختلاف فيه وقاله ابن القاسم والإخوان يريد أنها تتعقب من وجه الفقه إلا أن يعلم أنه لا يحكم إلا بعد مشاورة الفقهاء وأهل العلم فلا يتعقب ورأى بعض المتأخرين أنه كان يحكم برأيه من غير مطالعة لأهل العلم أن يرد من أحكامه ما كان مختلفًا فيه لأن ذلك منه تخمين وحدث والقضاء بمثل ذلك باطل وأصله للخمي بلفظه وقال المتيطي أحكام القضاة عند مالك وجميع أصحابه على ثلاثة أوجه عدل عالم وعدل مقلد وغير عدل ثم قال الوجه الثاني العدل الجاهل الذي عرف منه أنه لا يشاور فللقاضي الذي بعده أن يتصفح أحكامه فما ألفي منها

ص: 263

يتعقب حكمه المترتب على مشاورتهم لأنا نقول قد يعرف منهم عين الحكم ولا يعرف الطريق إلى إيقاعه إذ القضاء صناعة دقيقة لا يعرفها كل أحد بل ولا آحاد العلماء لا يقال العلم شرط في صحة الولاية فعدمه يمنع انعقادها ونفوذ الحكم لأنا نقول قد يولي الجاهل لعدم وجود عالم فإذا وجد ولي نقض حكم الجاهل المذكور وقد يولي الجاهل مع وجود عالم لضعفه عن القيام بأمر القضاء لمرض ونحوه ولو قال المصنف بدل غير الجور ومضى الصواب كان أحسن لأن غير الجور قد يكون خطأ أو سهوًا أو نسيانًا مع أنه لا يمضي (ولا يتعقب حكم العدل العالم) أي لا ينظر فيه من يتولى بعده لئلا يكثر الهرج والخصام وتفاقم الحال وحمل عند جهل حاله على العدالة إن ولاه عدل انظر ح وينبغي أن يكون مثله قاضي مصر كما يفيده قوله فيما يأتي إن كان أهلًا أو قاضي مصر (ونقض حـ) ـكم عدل عالم عثر على خطئه من غير فحص (وبين) الناقض (السبب) الذي لأجله نقض لئلا ينسب للجور والهوى (مطلقًا) أي ينقضه هو وغيره (ما) أي حكمًا (خالف قاطعًا) من نص كتاب أو سنة أو إجماع كحكمه بالميراث كله لأخ دون جد فإن الأمة أجمعت على قولين المال كله للنجد أو يقاسم الأخ أما حرمان الجد فلم يقل به أحد أو خالف قاطعًا من عمل أهل المدينة كخيار المجلس أو من القواعد كمسألة السريجية التي

ــ

موافق للحق أو مخالفًا لما عليه الناس في بلده إلا أنه وافق قول قائل من أهل العلم فإنه ينفذ حكمه وما لم يصادف قول قائل وكان خطأ نقضه اهـ.

وقبله ابن هارون مقتصرًا عليه وقال ابن عرفة القاضي العدل الجاهل تتصفح أحكامه فما صواب أو خطأ فيه خلاف أنفذه وما هو خطأ لا اختلاف فيه رده اهـ.

ونحوه في معين الحكام فهذه النقول كلها تدل على خلاف ما جرى عليه المصنف في الجاهل تبعًا لابن عبد السلام والله أعلم (ومضى غير الجور) الرد بغير الجور وما وافق قول قائل كما يفيده ما تقدم عن النقل من ابن رشد والمتيطي وغيرهما (ما خلف قاطعًا) ابن عرفة والخطأ الموجب لرد حكم العدل العالم فسره اللخمي بما خالف نص آية أو سنة أو إجماع قلت أو ما ثبت من عمل أهل المدينة لأنه عند مالك مقدم على الحديث الصحيح عنده وزاد المازري عن الشافعي أو قياسًا لا يحتمل إلا معنى واحدًا قال والظاهر أنه يشير إلى القياس الجلي الذي لا يشك فيه اهـ.

وقال في ضيح قول ابن الحاجب ولا ينقض منها إلا ما خالف القطع نحوه في الجواهر ويقتضي أنه لا ينتقض ما خالف الظن الجلي وليس بظاهر بل قالوا إنه إذا خالف نص السنة غير المتواترة أنه ينقض وهو لا يفيد القطع نقله ابن عبد السلام عن بعضهم اهـ.

وبه تعلم أن إدخال ز في القاطع مطلق السنة وعمل أهل المدينة فيه نظر وأنه يرد على المصنف هنا ما أورده على ابن الحاجب وقال ابن فرحون في تبصرته قد نص العلماء على أن حكم الحاكم لا يستقر في أربعة مواضع وينقض وذلك إذا وقع على خلاف الإجماع أو القواعد أو النص الجلي أو القياس ومثال ذلك كما لو حكم بأن الميراث كله للأخ دون الجد

ص: 264

في عج (أو جلي قياس) أي قياسًا جليًّا وهو ما قطع فيه بنفي الفارق أو ضعفه قال الشارح فإن قيل قد تقدم أنه لا يتعقب حكم العدل وهذا يدل على مخالفة ذلك لأن نقض حكمه فرع عن تصوّره وتصوره إنما نشأ عن تعقبه فالجواب أنه يجوز أن يكون رفع إليه فظهر له خطؤه من غير فحص عن ذلك اهـ.

بالمعنى وهذا الجواب كما في د إنما هو في نقض حكم غيره وأما نقض نفسه فليس فيه ذلك وهو ظاهر ومثل لمخالفة نص السنة بمثالين أحدهما قوله: (كاستسعاء معتق) بعضه وقع من شريك معسر وأبى مالك بعض الرق من عتق نصيبه فحكم له قاض

ــ

فهذا خلاف الإجماع لأن الأمة على قولين المال كله للجد أو يقاسم الأخ أما حرمان الجد بالكلية فلم يقل به أحد ومثال مخالفة القواعد المسألة السريجية متى حكم حاكم بتقرير النكاح في حق من قال إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثًا فطلقها ثلاثًا وأقل فالصحيح لزوم الطلاق الثلاث فإذا ماتت أو مات وحكم حاكم بالتوارث بينهما نقضنا حكمه لأنه على خلاف القواعد لأن من قواعد الشرع صحة اجتماع الشرط مع المشروط لأن حكمته إنما تظهر فيه فإذا كان الشرط لا يصح اجتماعه مع مشروطه فلا يصح أن يكون في الشرع شرطًا فلذلك ينقض الحكم في المسألة السريجية وهي التي وقع التمثيل بها ومثال مخالفة النص إذا حكم بشفعة الجار فإن الحديث الصحيح وارد في اختصاصها بالشريك ولم يثبت له معارض صحيح فينقض الحكم بخلافه ومثال مخالفة القياس قبول شهادة النصراني فإن الحكم بشهادته ينقض لأن الفاسق لا تقبل شهادته والكفار أشدّ منه فسوقًا وأبعد عن المناصب الشرعية في مقتضى القياس وقد جمع بعضهم هذه الأربعة في قوله:

إذا قضى حاكم يومًا بأربعة

فالحكم منتقض من بعد إبرام

خلاف نص وإجماع وقاعدة ثم القياس الجليّ قدك إفهامي (أو جلي قياس) قول ز فالجواب أنه يجوز الخ هذا الجواب ذكره المصنف في ضيح وقال ابن عرفة تعقب ابن عبد السلام قول أهل المذهب لا يتعقب حكم العدل العالم ولا ينقض إلا ما خالف القاطع من أن التعقب أعم من النقض وإذا نفي فينتفي النقض فكيف ينقض منها ما خالف القطع وأجاب بأن مرادهم بالتعقب المنفي هو نظر ما جهل من أحكامه والنقض هو فسخ ما علم بظاهره الخطأ فيه وهذا حسن اهـ.

وهو معنى ما في ضيح وعبارة ح العدل العالم لا تتعقب أحكامه ولا ينظر فيها إلا أن يرفع أحد قضيته ويذكر أنه حكم فيها بغير الصواب فينظر في تلك القضية اهـ.

وتعقبه طفى بأنه خلاف ما لابن رشد ونقله ابن عرفة ونصه العدل العالم لا تتصفح أحكامه ولا ينظر فيها إلا على وجه النجو يزلها إن احتيج إلى النظر إليها لعارض خصومة أو اختلاف في حد لا على وجه الكشف والتعقب لها إن سأل ذلك المحكوم عليه فتنفذ كلها إلا أن يظهر في شيء منها عند النظر إليها على الوجه الجائز أنه خطأ ظاهر لم يختلف فيه فليرد ذلك اهـ.

ومثله في المتيطي ومعين الحكام (كاستسعاء معتق) قول ز ومثل لمخالفة نص السنة

ص: 265

بأن العبد يسعى ويأتي بقيمة نصيبه الباقي على الرق للشريك الذي لم يعتق ليعتق فهذا الحكم إذا وقع ممن لا يرى استسعاء العبد باطل وكذا ممن يراه كحنفي وكذا ما يأتي من المسائل ولا يخالف قوله ورفع الخلاف لأنه فيما قوي دليله ومدركه لا ما ضعف كهذا وثانيهما قوله: (وشفعة جار) لضعف المدرك فيها وحديث الشفعة للشريك أصح من حديث الشفعة للجار قاله القرافي ولم يذكر أنه ضعف حديث الاستسعاء وعلى تسليم تضعيف كل من الحديثين لا يقتضي أن يجعل هذان مثالان لمخالفة القاطع ولذا استبعد المازري نقض الحكم فيهما كما في الشارح وأجاب عج بأنه مثال لما خالف نص السنة الراجح على خلافه ولما رأى تت عدم صحة التمثيل قال في كاستسعاء معتق أنه مشبه بما خالف قاطعًا لا مثال له لأن حديث في مسلم وهو أخف في الاعتراض على المصنف وإن

ــ

بمثالين الخ جعل الكاف للتمثيل وهو غير ظاهر والحق كما قال ابن مرزوق أنها للتشبيه وهو الذي ارتضاه تت وجد عج ود قال طفى ولا يصح أن يكون مثالًا لما قبله إذ ليس في الحكم به مخالفة قاطع ولا جلي قياس بل ولا سنة المراد بالمخالفة للسنة أن لا يكون الحكم مستند السنة أخرى وهذا ليس كذلك واعلم أن ما مشى عليه المصنف من نقض الحكم في هذه المسائل هو مذهب ابن الماجشون فقط وهو في ضيح معترف بذلك وما زال الشيوخ يستبعدونه والمعتمد خلافه وهو قول ابن القاسم وابن عبد الحكم ولذا لم يعرج ابن الحاجب ولا ابن شاس على قول ابن الماجشون هذا فكان على المصنف أن لا يذكره لما علمت ولأنه لا يلائم قوله ورفع الخلاف بل ينافيه قال في المدونة وإذا قضى القاضي بقضية فيها اختلاف بين العلماء ثم تبين أن الحق في غير ما قضى به رجع فيه وإنما لا ينقض ما حكم به غيره مما فيه اختلاف بين العلماء اهـ.

من طفى قلت أجاب بعضهم عن المصنف بأن ما ذكره هو الذي عليه الجماعة وقول ابن عبد الحكم بعدم النقض انفرد به عن أصحابه وأن النقض في هذه المسائل لمخالفة عمل أهل المدينة كما ذكره المازري في شرح التلقين فإنه بعد أن ذكر الخلاف المذكور في نقض الحكم في هذه المسائل قال ما نصه أشار ابن الماجشون إلى أن هؤلاء الذاهبين إلى خلاف مذهبه خالفوا في حكم ما تواطأ عليه أهل مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فكان ذلك كمخالفة السنة القائمة لا سيما ومذهب مالك إجماع أهل المدينة حجة وابن عبد الحكم لم ير النقض في شيء من هذه المسائل سكون أدلتها ليست بقطيعة ثم قال وما قاله ابن الماجشون بعيد عن تحرير النظر في الأدلة كيف والاستسعاء قد ورد به حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الشفعة للجار مع ورود أحاديث تقتضيها اهـ.

كلام المازري بخ فيؤخذ منه ترجيح قول ابن الماجشون لما تقدم من أن ما خالف عمل أهل المدينة ينقض بمنزلة ما خالف قاطعًا وأن النقض ليس محصورًا في مخالفة القاطع ولعل استبعاد المازري له من جهة الدليل فلم يرتضه المصنف وكذلك ابن يونس لما نقل قول ابن الماجشون بالنقض في هذه الأمثلة التي ذكرها المصنف بعينها وقول ابن عبد الحكم بعدمه فيها قال ما نصه قال ابن حبيب لا يعجبني ما انفرد به ابن عبد الحكم عن أصحابه اهـ.

ص: 266

كان يسأل أيضًا ما سبب النقض فيه حيث جعل مشبهًا فتأمل ذلك قاله عج (وحكم على عدو) في دنيا لا في دين فلا ينقض (أو بشهادة كافر) على مثله أو على مسلم مع علم القاضي بذلك بدليل قوله الآتي أو ظهر الخ وهذا مثال لمخالفة النص أي قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ولمخالفة القياس الجلي أيضًا وهو قياس الكافر على الفاسق لأن الحكم بشهادة الفاسق لا يجوز فالكافر أشدّ فسقًا وأبعد عن المناصب الشرعية بمقتضى القياس (أو ميراث ذي رحم) كعمة وخالة لمخالفة خبر ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلا ولي رجل ذكر (أو) قضى بميراث (مولى أسفل) أي عتيق من سيده فينقض (أو) قضى بشيء من غير استناد لبينة أو إقرار بل (بعلم) أي بسبب علم (سبق مجلسه) في محل القضاء قبل ولايته أو بعدها وقبل جلوسه محله وأما إن قضى بما علمه في مجلسه بأن أقرّ بين يديه ثم تبين خطؤه كإكراه المقر غير المتهم فلا ينقضه غيره ويجب عليه هو نقضه ما دام قاضيًا لا إن عزل ثم ولى (أو جعل بتة) أو ثلاثًا (واحدة) أي قضى بذلك فينقض مطلقًا (أو أنه قصد كذا) كناية عن حكم صحيح (فأخطأ) عما قصده لغفلة أو نسيان أو اشتغال فكر (ببينة) أي إذا شهدت بينة إن ما حكم به خلاف ما قصده وأنه أخطأ في ذلك فإنه ينقض حكمه وعلم البينة بقصده إما بإقراره أو بقرينة فقوله ببينة متعلق بمقدر

ــ

ونقل ذلك أيضًا صاحب الذخيرة مقتصرًا على أن ابن عبد الحكم انفرد بعدم النقض عن أصحابه وقال ابن دبوس في كتابه المسمى بالأعلام بما ينزل عند القضاة والحكام بعد ذكره الخلاف المذكور ونقله عن ابن حبيب أن ما قاله ابن الماجشون قاله مطرف وأصبغ وروي أكثره عن مالك وأنه رأى علماء المدينة في القديم والحديث ما نصه قال ابن حبيب قلت لابن عبد الحكم فمن حكم بحكم أهل العراق في الشفعة للجار ونكاح المحرم وميراث العمة والخالة والمولى الأسفل فقال هذا كله عندي مما إذا حكم فيه حاكم بإمضائه أمضيته ولم أرده قال ابن حبيب ولم يعجبني انفراد ابن عبد الحكم بهذا القول دون أصحابه ولم نأخذ به وقولنا فيه كقول ابن الماجشون وأصبغ رواه مطرف عن مالك اهـ.

المقصود منه بلفظه وبهذا كله يتبين أن ما مشى عليه المصنف هو الموافق لنقل الأئمة واستبعاد المازري له من جهة النظر لا يضعفه وأن قول ابن عبد الحكم بعدم النقض هو الضعيف لانفراده به عن أصحابه وقول ابن عبد البر لم يقل بالنقض غير عبد الملك كما نقله ق مردود بما تقدم عن غيره هذه محصل جواب هذا البعض فتأمله والله أعلم (أو بشهادة كافر) قول ز على مثله أو على مسلم الخ تبع فيه تمت قال طفى وفيه نظر لأن محل الخلاف إذا شهد على مثله وأما شهادته على مسلم فالإجماع على عدم قبولها والقائل بقبولها على مثلهم أبو حنيفة اهـ.

ومثله للفيشي (فأخطأ ببينة) قول ز واحترز بقوله ببينة الخ أشار به لقول ابن مرزوق اشتراط البينة إنما هو باعتبار نقضه حكم غيره وأما حكم نفسه فلا يحتاج إلى البينة هذا هو النقل وعليه يدل قوله ونقضه هو فقط الخ إذ لم يذكر بينه انتهى أي لأنه يعلم خطأ نفسه

ص: 267

أي ثبت ببينة أنه قصد كذا ثم حكم بخلافه لعذر كنسيان لا بأخطأ لأن الخطأ لا بد أن يكون ظاهرًا واحترز بقوله ببينة عما إذا ادعى ذلك فإنه ينقضه هو فقط كما يأتي له (أو ظهر أنه قضى بعبدين أو كافرين أو صبيين أو فاسقين) فيما لا يثبت إلا بشاهدين مع اعتقاده ضد هذه الصفات حين القضاء (كأحدهما إلا بمال) وما يؤول إليه كما يأتي في باب الشهادات (فلا يردان حلف) من حكم له (وإلا) يحلف (أخذ) المال (منه) أي من المحكوم له (إن حلف) المحكوم عليه فإن نكل فلا شيء له (و) إن قضى بشاهدين على قتل شخص عمدًا ثم تبين أن أحدهما عبد مثلًا (حلف) ولي الدم (في القصاص) أي القتل بدليل قوله: (خمسين) يمينًا وبدليل قوله الآتي وفي القطع الخ ويحلف الولي الخمسين (مع عاصبه) لما يأتي أنه لا يحلف في العمد أقل من رجلين عصبة وإنما حلفا إيمانها لأن الشاهد الباقي لوث (فإن نكل) الولي أو عاصبه عن إيمان القسامة (ردت) شهادة الباقي ولا يرجع ضمير ردت إلى أيمان القسامة لئلا يتوهم أن المعنى ردت على المدعى عليه لأنها لا ترد كما يأتي (وغرم شهود) على قتل عمدًا وجمعهم باعتبار الإفراد أو المراد الجنس وإلا فموضوع المسألة أنهما شاهدان ظهر أن أحدهما كافر مثلًا (علموا) بأن أحدهم عبد أو كافر أو صبي أو فاسق وإن لم يعلموا بأن شهادته ترد على المشهور ويختصون بغرم دية عمد وإن شاركهم المدعي في العلم كما هو ظاهر كلام جمع وظاهر المصنف اختصاص العالمين بالغرم دون العبد أو الكافر أو الفاسق وهو ظاهر تت أيضًا وكان القياس اختصاصه بالغرم أو مشاركته مع العالم به وأما عدم غرمه مع أن الفساد إنما

ــ

بنفسه والله أعلم (أو ظهر أنه قضى بعبدين) قول ز فيما لا يثبت الخ الصواب لتعميم في هذا في المال وفي غيره لأن الاستثناء قاصر على ما بعد الكاف على أن الصواب فيما بعد الكاف أيضًا التعميم ليحسن الاستثناء والله أعلم (أو كافرين) لا يغني عن هذا قوله أو بشهادة كافر لأنه يتوهم أن النقض إنما يكون إذا حكم مع علمه بكفره لا ما إذا أخطأ كما هنا ولا يغني ما هنا عما سبق لأنه يتوهم أنه إذا علم بكفره لا ينقض حكمه جريًا على مذهب من يقول بأعمال شهادة الكافر على مثله فجمع المصنف بينهما لأن أحدهما لا يغني عن الآخر انظر ابن مرزوق (وغرم شهود علموا) قول ز وكان القياس الخ هذا الإشكال ظاهر قال الشيخ مس والذي يظهر أن المصنف إنما تعرض للشاهد الباقي لما فيه من التفصيل ولا حصر في كلامه وأما الآخر فلم يتعرض له المصنف لأنه لا تفصيل فيه لا لأنه لا غرم عليه فإن كان فيما قالوه نص فالإشكال في محله وإلا فلا يعتمد في مثل ذلك على ظاهر كلام تت وغيره وعبارة النوادر والغرم على الشاهد اهـ.

قلت ثم وقفت عند ابن عرفة على النص على عدم غرم العبد ونصه وفيها أي المدونة أن علم بعد الجلد أو الرجم أن أحدهم عبد حدّ الشهود أجمعون فإن لم يعلموا أي الشهود كانت الدية في الرجم على عاقلة الإمام وإن علموا بذلك فذلك على الشهود في أموالهم ولا شيء على العبد في الوجهين اهـ.

ص: 268

جاء من قبله فمشكل قاله كر (وإلا) يعلموا (فعلى عاقلة الإمام) غرم الدية إن لم يعلم وإلا ففي ماله وظاهر كلامه كغيره أنه لا يقتص منه ولو انفرد بالعلم ولا يخالف قوله فيما يأتي وإن علم بكذبهم وحكم فالقصاص لأن علمه هنا بأن من يشهد غير مقبول الشهادة وهو لا يستلزم العلم بكذبهم وعطف على قوله في القصاص الذي المراد به القتل قوله: (وفي القطع) قصاصًا بشاهدين على شخص أنه قطع يد آخر عمدًا فقطعت يده قصاصًا ثم تبين أن أحدهما عبد أو ذمي أو نحوه حلف المقطوع أولًا مع الشاهد الباقي أن ما شهد به شاهده حق وتم الحكم لأن الجرح يثبت بالشاهد واليمين فإن نكل (حلف المقطوع) ثانيًا (أنها) أي شهادة الشاهد (باطلة) واستحق دية يده على الشاهد أن علم وإلا فعلى عاقلة الإمام فهو محذوف من هذا دلالة ما قبله عليه فإن لم يحلف فلا شيء له قال تت هذا كله إذا ظهر خلل الشهادة بعد الاستيفاء وأما قبله فسيأتي انتهى.

وجعلنا كلام المصنف في القطع قصاصًا لأن القطع للسرقة بشاهدين ظهر أن أحدهما غير مقبولها لا يحلف مقيمهما مع الشاهد الباقي على ثبوت القطع لأنه لا يثبت بشاهد ويمين في مثل السرقة بل على ثبوت المسروق حيث كان بغرمه السارق كما يأتي آخر باب السرقة فإن حلف تم الحكم بالغرم وإن نكل حلف المقطوع أنها باطلة ولم يغرم المال وغرم له الشاهد في المسألتين دية يده إن علم وإلا فعلى عاقلة الإمام كما مر وأشار له د وعلى هذا فيمكن شمول المصنف للمسألتين على التفصيل المذكور مع التأمل وأراد المصنف بالقطع الجرح وعبر بالقطع لأنه أشد الجراحات ولما تكلم على المسائل التي ينقضها هو وغيره تكلم على ثلاث مسائل ينقضها هو فقط مع بيان السبب أيضًا واستغنى عن ذكره هنا بذكره قبل وقد قدّمنا تعليله فقال: (ونقضه هو فقط إن ظهر أن غيره أصوب) منه وينقضه حال ولايته التي حكم فيها به أو ولاية أخرى بعد عزله وقال مطرف وابن الماجشون لا ينقضه في الثانية وكلام ح يفيد ترجيح ما لهما وفي الشارح ضعفه وهذا في المجتهد وفي المقلد إذا كان من أهل الترجيح كحكمه بقول ابن القاسم ثم ظهر له أن قول سحنون أرجح أو عكسه (أو خرج) مجتهد (عن رأيه) فحكم بغيره خطأ فينقضه (أو) خرج

ــ

ذكره في آخر الشهادات وحينئذٍ فالإشكال وارد والله أعلم ومثل ذلك في ضيح وح عند قول المصنف الآتي وإن رجع اثنان من ستة فلا غرم الخ والله أعلم (وفي القطع) قول ز حلف المقطوع أولًا مع الشاهد الباقي الخ بحث فيه بأن لا فائدة لهذه اليمين مع أنه لا يلزمه شيء إذ الغرم على الشاهد أو على الإمام وكلام ابن عرفة صريح في أنه لا يحلف المشهود له هنا انظر كلامه في ق وبه يتبين أن كلام المصنف يشمل قطع القصاص وقطع السرقة لأن الحكم فيهما واحد خلاف ما ذكره ز بعده (إن ظهر أن غيره أصوب) ابن رشد إذا حكم باجتهاده ثم رأى ما هو أحسن منه فالمشهور أنه ينقضه ما دام في ولايته ضيح وقال ابن الماجشون وسحنون لا ينقضه وصوّبه الأئمة ابن محرز وعياض وغيرهما وتؤولت المدونة على كل من القولين اهـ.

ص: 269

مقلد عن (رأي مقلده) بفتح للام غلطًا أو خطأ أي ادعى كل منهما الخطأ ولم تشهد بينة بدعواه وإلا نقضه هو وغيره كما مر في قوله أو أنه قصد كذا فأخطأ وهذا في المقلد إذا صادف قول عالم وقد كان قاصدًا قول غيره وأما إن حكم بشيء غير مستند لقول أحد فصادف قول عالم فإن ذلك ينقضه هو وغيره كما يفيده نقل ق ويفيد أيضًا بما إذا كان مفوضًا له في الحكم بقول أي عالم وأما إن ولي على الحكم بقول عالم معين فحكمه بقول غيره باطل ولو حكم به لا قصدًا بل غير قصد لأنه معزول عن الحكم به وأما من قصد الحكم بقول عالم فحكم بما لم يقله عالم فينقض حكمه هو وغيره فالصور أربع حيث لم يثبت خطؤه ببينة وإلا فثمان (ورفع) حكم الحاكم على وجه الصواب بجزئية (الخلاف) فيها بمعنى أنه لا يجوز للمخالف نقض الحكم فيها وليس معناه أن هذه الجزئية

ــ

بخ ومحل الخلاف إذا حكم قصدًا باجتهاده ثم تغير أما إذا حكم أولًا ذهولًا فمحل اتفاق على النقض كما في ق عن ابن رشد وذكره عياض وأبو الحسن وغيرهما وهذا هو قول المصنف أو خرج عن رأيه وقول ز وقال مطرف وابن الماجشون لا ينقضه في الثانية الخ هكذا النقل عنهما في ضيح وفي ابن يونس كذلك وأنهما قالا ينقضه في الأولى دون الثانية وحينئذ يكون لابن الماجشون في الأولى قولان كما في ضيح عن عياض على أن عدم النقض في الثانية ليس مخصوصًا بمطرف وابن الماجشون عزاه أصبغ لابن القاسم وقال في البيان لا أعلم فيه اختلافًا ونصه في سماع أصبغ من كتاب الأقضية الثاني قال أصبغ سألت ابن القاسم عن القاضي يقضي بما يختلف فيه وينفذه ثم يريد بعد ذلك تغييره قال يغيره إذا رأى غيره أحسن منه قلت فإن عزل وولى غيره أيكون له أن يغيره قال لا قلت فإن عزل هو ثم رد فأراد تغييره قال ليس ذلك له وقاله أصبغ كله وقال عزله ورده كعزله وتولية غيره ابن رشد لا اختلاف في أن الحكم الخطأ الصراح الذي لم يختلف فيه يرده هو ومن بعده من القضاة والحكام وأما ما اختلف فيه فيرده هو إذا رأى أحسن منه على مذهب أصحاب مالك كلهم حاشا ابن عبد الحكم ولا يرده من بعده إلا أن يكون خلاف سنة قائمة أو يكون الخلاف شاذًا فيختلف في ذلك وقوله إن رده بعد عزله كتولية غيره فيما يرجع فيه صحيح لا أعلم خلافًا اهـ.

بلفظه (أو رأى مقلده) قول ز كما يفيده نقل ق الخ لم أر في ق ما يفيد ما ذكره فانظره ومحل كلام المصنف والله أعلم فيمن هو من أهل الترجيح وأما من ليس من أهل الترجيح فقال ابن عرفة لا يعتبر من أحكام قضاة أهل العصر إلا ما لا يخالف المشهور ومذهب المدونة وتبعه على هذه المقالة تلميذه البرزلي حيث قال الذي جرى عليه العمل أن لا يحكم القاضي بغير مشهور مذهب مالك وقد وقع ذلك في زمن السيروي ففسخ حكم القاضي ووقع في زمن الشيخ أبي القاسم الغبريني ففسخ أيضًا حكم حاكم بشاذ من القول إذ لم يكن القاضي من أهل العلم والاجتهاد لأن من كان مقلدًا لا يعرف وجوه الترجيح لا يجوز أن يحكم بالشاذ وهو معزول عنه ويفسخ حكمه وإنما يحكم بغير المشهور من القضاة من ثبت له وجهه وثبت عنده ترجيح غير المشهور وليس هذا في قضاة زمننا بل لا يعرف كثير منهم النص وإنما يحكمون بالتخمين اهـ.

ص: 270

يصير الحكم فيها عند المخالف مثل ما حكم به فيها إذ الخلاف بين العلماء موجود على حاله مثال رفعه الخلاف حكم بصحة وقف مشاع ممن يراه فإذا رفع لمن لا يراه فليس له نقضه ولا للمفتي إفتاء بخلافه وكحكم شافعي بصحة نكاح من قال لأجنبية إن تزوّجتك فأنت طالق فلا يحل لمالكي رفع له هذا الحكم نقضه ويوقع الطلاق وقولي على وجه الصواب تحرز عن حكمه بما خالف قاطعًا أو جلي قياس لوجوب نقضه مطلقًا كما مر (لا أحل حرامًا) للمحكوم له فيما ظاهره جائز وباطنه ممنوع بحيث لو اطلع عليه الحاكم لم يحكم بجوازه كمن أقام شاهدي زور على نكاح امرأة فحكم بصحته حنفي لا يفحص عن عدالة شهوده فلا يحل للمحكوم له وطؤها فيما بينه وبين الله لأن الحنفي لو اطلع على فسقهما لم يحكم بشهادتهما وأما ما ظاهره كباطنه فيحل الحرام للمحكوم له كحكم شافعي بحل تزوج أجنبية علق شخص طلاقها ولو الثلاث على نكاحها لعدم لزوم التعليق عنده وكحكمه بحل مبتوتة مالكي بوطء صغير وأشار إلى أن الحكم لا يتوقف على لفظ حكمت بل يكون بغيره بقوله: (ونقل ملك) كقوله نقلت ملك هذه الدار لزيد أو هي ملك له وكذا ثبت عندي أنها ملكه إذا وقع بعد حصول ما يجب في الحكم من تزكية وأعذار وغيرهما لا قبله فليس حكمًا في الشارح عن المازري ود لحملهما على عدم ما يجب في الحكم (وفسخ عقد) معين لنكاح أو غيره رفع له (وتقرر) أي تقرير كما في بعض النسخ وهو أولى لأنه المراد (نكاح) وقع (بلا ولي) بل بعقد المرأة لنفسها مع شاهدين قبل البناء

ــ

نقله طفى في أجوبته عن صاحب الدرر المكنونة ونحوه في المعيار عن أبي الفضل العقباني والله أعلم (لا أحل حرامًا) هذا مخصص بما إذا كان باطنه بخلاف ظاهره وهو قسمان أموال وفروج خلافًا للحنفية في الثاني وربما إذا حكم بأمر يعتقد حليته وكان المحكوم له لا يرى حليته لكونه مجتهد أو ليس هو قول مقلده فالحرام الذي لا يحله حكم القاضي هو هذان القسمان على نزاع في هذا القسم الثاني فإن ابن شاس وابن الحاجب قالا لا يحله وتعقبه ابن عرفة بأنهما تبعًا وجيز الغزالي ومقتضى المذهب خلافه ومحل كلام ابن شاس في هذا الثاني أن حكم المخالف بقول شاذ كالشفعة للجار وحمله في ضيح على قول عبد الملك ينقض الحكم بالشاذ الذي جرى عليه المصنف فيما تقدم وقد علمت بذلك أن الأقسام ثلاثة ما باطنه بخلاف ظاهره وهذا محمل قوله لا أحل حرامًا وما حكم فيه المخالف بقول غير شاذ وهذا محمل قوله ورفع الخلاف وما حكم فيه بالشاذ وهذا عند ابن شاس حكمه كالأول فيدخل في قوله لا أحل حرامًا وعند ابن عرفة حكمه كالثاني فيدخل في قوله ورفع الخلاف وهذا مقتضى المذهب نعم قول ابن عرفة لا أعرف لابن شاس مستندًا إلا ما في وجيز الغزالي قصور فإن ما ذكره ابن شاس مثله في النوادر ونقله ح مقتصرًا عليه في شرح المتن وما مر عن ضيح من ابتناء ما لابن شاس على القول بنقض الحكم خلاف ما يقتضيه كلام ابن عرفة من أن قول ابن شاس لا يحل الحرام سواء قلنا بنقضه أم لا راجع غ وح والله أعلم (ونقل ملك) قوله ز لحملهما على عدم ما يجب الخ يعني أنه وقع في الشارح ود مطلقًا عن التقييد بعدم ما يجب

ص: 271

وأراد المصنف بتقريره ما يشمل سكوت الحنفي عنه حين رفع له ولم يحكم بإثبات ولا نفي فليس لمالكي نقضه لأن سكوت الحنفي عنه عندنا حكم وأولى حكمه بإثباته (حكم) خبر قوله ونقل وما عطف عليه وأما تقرير النكاح المذكور من مالكي فلغيره نقضه لخروج المالكي عن رأي مقلده فلا يكون سكوته ولا حكمه به رافعًا للخلاف وأشعر قوله نقل الخ إن فعل القاضي كتزويجه امرأة بطريق الولاية ليس بحكم وإن أوجب عليه الشرع تزويجها كما مر في النكاح في قوله فحاكم فلغيره النظر فيه (لا) إن رفع لحنفي نكاح امرأة زوّجت نفسها بغير ولي فقال أنا (لا أجيزه) ولم يحكم بفسخه فليس بحكم فلغيره النظر فيه والحكم بعدم الصحة (أو أفتى) فلغيره الحكم بإبطال النكاح المذكور لأن فتوى الحنفي بصحته إخبار بالحكم لا على وجه الإلزام (ولم يتعد) حكم الحاكم المجتهد في جزئي معين (لمماثل) يحدث لأن الحكم جزئي لا كلي (بل إن تجدد) المماثل (فالاجتهاد) منه أو من غيره فالكلام في المجتهد وأما المقلد فليس له اجتهاد فيما تجدد مماثلًا لما حكم به أولًا بل يحكم بمثله قاله عج وهو ظاهر د وما قيل من أن المقلد أولى بهذا الحكم معناه أنه لا يكون الحكم في الأولى حكمًا في المماثل رافعًا للخلاف فيها لما علمت من أن الحكم على شيء معين جزئي فلا بد من حكم آخر للمماثل حتى يرفع الخلاف فيها أيضًا ومثل للمتحدد المعرض للاجتهاد بقوله: (كفسخ) أي كالنظر والاجتهاد في فسخ (برضع) أي بسبب رضع (كبير) وهو من لا ينشر إرضاعه حرمة بأن رضع وعمره

ــ

لكن يحملان عليه (لا لا أجيزه) ابن شاس لو رفع إليه نكاح امرأة بغير ولي فقال لا أجيز ولم يحكم بفسخه فهذا ليس بحكم ولكنه فتوى وتبعه ابن الحاجب ابن عبد السلام متفق عليه ونحوه لابن هارون بن عرفة مقتضى جعله فتوى أن لمن ولى بعده أن ينقضه ضرورة أنه لم يحكم به الأول والظاهر أنه لا يجوز للثاني نقضه لأن قول الأول لا أجيزه ولا أفسخه حكم منه بأنه مكروه والكراهة حكم شرعي يجب رعيه ولازمه وحكم المكروه عدم نقضه بعد وقوعه ولا سيما على قول ابن القاسم في حكم الحاكم أن كان متعلقه تركا اهـ.

بخ فليتأمل (أو أفتى) ابن عرفة جزم القاضي بحكم شرعي على وجه مجرد إعلامه به فتوى لا حكم وجزمه به على وجه الأمر به حكم اهـ.

(ولم يتعد لمماثل) أي فلا يكون حكمه في مسألة بشيء مانعًا له أو لغيره من الحكم بخلافه في نظيرتها نعم لا يجوز لغيره إذا رفعت إليه تلك النازلة التي حكم الأول فيها بعينها أن ينقضها (كفسخ برضع كبير) صورتها رجل رضع مع امرأة وهما كبيران أو أحدهما كبير والآخر صغير ثم تزوجها فحكم قاض بفسخ نكاحهما فإن تزوجها ثانية فرفع ذلك القاضي الأول وقد تغير اجتهاده أو إلى قاضي آخر لا يرى نشر الحرمة برضاع الكبير فله أن يقر هذا النكاح لأنه غير النكاح الذي حكم بفسخه إذ هما نكاحان هذا مراد المصنف وبحث فيه ابن عرفة بما حاصله أن الحكم بإقرار هذا النكاح الثاني نقض للحكم الأول لأن متعلق الحكم الأول أن

ص: 272

زائد على حولين وشهرين كما مر في بابه فإذا رفع إلى قاض فحكم بأن رضاع الكبير يحرم وفسخ نكاح زوج كبير برضع أم زوجته مثلًا فلا يتعدى المماثل لذلك في شخص آخر بل يجتهد (و) فسخ (بـ) ـسبب (تأبيد) حرمة (منكوحة عدة) أي حكم بفسخ عقد في العدة بسبب أن النكاح في العدة يؤيد التحريم لا إن الحكم بالفسخ وقع منه مؤبدًا كما هو ظاهر إذ لو كان كذلك ما صح قوله: (وهي) أي المفسوخ نكاحها في المثالين (كغيرها) ممن لم يتقدم عليها فسخ بسبب رضاع في الأولى وممن لم يتقدم عليها عقد غير مطلقها في العدة في الثانية (في المستقبل) فله ولغيره العقد عليها لمن فسخ نكاحه في الصورتين لأنه لم يوجد من الحاكم في المثالين إلا مجرد فسخ النكاح لا هو مع التأبيد وهذا ظاهر في الأولى وكذا في الثانية مما قررنا مع التأمل (ولا) يجوز للقاضي (أن يدعو لصلح) بين خصمين (إن ظهر) له (وجهه) أي الحق لأحدهما على الآخر ببينة شرعية أو إقرار معتبر لأن الصلح لا بد فيه غالبًا من حطيطة فالأمر به هضم لبعض الحق ومر أنه يستثنى مما هنا قوله وأمر بالصلح ذوي الفضل والرحم كأن خشي تفاقم الأمر لأنه خلفه علة أخرى أقوى من التعليل هنا وهي خوف العداوة لقول عمر رضي الله تعالى عنه رددوا الحكم بين ذوي الأرحام حتى يصطلحا فإن فصل القضاء يورث الضغائن كما في ق وذوو الفضل وإن لم يكن بينهم رحم كأنهم إخوة وتفاقم الأمر يورث الضغائن أيضًا (ولا يستند) القاضي ولو مجتهدًا في قضائه (لعلمه) في شيء من الأشياء بل لا بد من بينة بالحق أو إقرار الخصم

ــ

الرضاع الواقع بين هذين الزوجين ينشر الحرمة والفسخ مترتب عليه فإذا حكم بإقرار النكاح الثاني فقد حكم بأن ذلك الرضاع لا ينشر الحرمة وهو نقض للحكم الأول بأنه ينشرها اهـ.

وسلمه ح (وتأبيد منكوحه عدة) صورتها من تزوج امرأة في العدة ثم فسخ الحاكم نكاحها وهو يرى تأبيد الحرمة ولكنه لم يتعرض للتأبيد بل سكت عنه فإذا تزوجها ذلك الزوج ثانية فللحاكم الأول إذا تغير اجتهاده فرأى عدم التأبيد ولغيره إذا رأى ذلك أن يقر هذا النكاح الثاني لأن الحكم بفسخه إنما هو لفساده وهو لا يستلزم الحكم بالتأبيد فإن حكم الأول بالفسخ والتأبيد لم يجز إقرار هذا النكاح الثاني لأنه نقض للحكم الأول وبهذا تعلم أن في كل من المثالين في كلام المصنف إشكالًا لكن الأول مسلم لفظ مشكل معنى والثاني بالعكس وعبارة ابن الحاجب أمس لأنه قال ونكاح معتدة والله أعلم راجع غ وح (وهي كغيرها الخ) ليس في هذا كبير فائدة مع ما فهم مما قبله (ولا يدعو لصلح إن ظهر وجهه) لو قال المصنف فيما تقدم بعد قوله كأن خشي تفاقهم الأمر أو أشكل وجه الحكم لم يحتج إلى ما هنا ابن عرفة ويتقرر الإشكال من ثلاثة أوجه الأول عدم وجدان أصل النازلة في كتاب ولا سنة الثاني إن يشك هل هي من أصل كذا أم لا الثالث أن يجذبها أصلان بالسوية دون ترجيح ويختلف في هذا القسم هل حكمه الوقف أو التخيير في الحكم بأيهما شاء قياسًا على تعارض الحديثين دون تاريخ قال والوقف أحسن ومثل ذلك تعادل الإمارتين والإمارة عرفا كل ما أنتج الظن اهـ.

ص: 273

به (إلا في التعديل) لشاهد فيستند لعلمه ولو شهدت بينة بجرحه لأن علمه أقوى من البينة إذ لو كان مثلها لقدمت بينة الجرح على علمه بعدالته (والجرح) بفتح الجيم أي التجريح ولو عبر به لكان أولى بمقابلة تعديل أو عبر بالعدالة لتقابل الجرح فيستند لعلمه ولو شهدت بينة بالتعديل على ما صدر به المتيطي إلا أن يطول ما بين علمه بجرحته وبين الشهادة بتعديله فتقدم عند ابن القاسم ويستند لعلمه أيضًا في تأديب من أساء عليه بمجلسه أو على مفت أو شاهد أو على خصمه كما مر ومن تبين لدده أو كذب بين يديه (كالشهرة بذلك) المذكور من العدالة أو الجرح فيستند له إن لم تشهد بينة بخلافه أو يعلم القاضي خلافه كما مر (أو إقرار الخصم) المشهود عليه (بالعدالة) للشاهد عليه فيعتمد القاضي عليه ويحكم ولو علم هو أو بينة خلاف عدالته ولا يحتاج لتزكية لأن إقراره بعدالته كأنه إقرار بالحق ولذا لا تثبت عدالتهم على غير المشهود عليه فلا يقضي بهم على غيره وسواء أقر بها قبل أدائها أو بعده (وإن) حكم على شخص بإقراره بمجلس الحكم من غير شهود ثم (أنكر محكوم عليه إقراره بعده) أي بعد الحكم عليه به (لم يفده) إنكاره وتم الحكم ولا ينقض وإن نهى عن الحكم ابتداء قبل إحضارهم كما يفيده قوله فيما مر وشهودًا فقوله بعده متعلق بأنكر لا بإقراره أي أنكر بعد الحكم إقراره قبله وأما لو أنكر قبل الحكم عليه فالمشهور أنه لا يحكم عليه لأنه لو حكم عليه حينئذ كان حاكمًا بعلمه

ــ

(إلا في التعديل) قول ز فيستند لعلمه ولو شهدت بينه بجرحه الخ في هذا انظر لاحتمال عدم علمه بما جرح به ومن المعلوم أن المجرح مقدم على المعدل كما يأتي وإنما يتبع القاضي علمه إذا علم جرحته وعدله غيره لأنه علم ما لم يعلمه غيره أما هذا فلا وفي المنتخب لابن أبي زمنين ما نصه قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون إذا عرف القاضي من الشاهد الفساد والجرحة في دينه فلا يقبله وإن زكى عنده بجميع الناس اهـ.

وهو ظاهر وإنما البحث إذا علم عدالته وجرحه غيره والحق أنه لا يعتمد فيه على علمه لأن غيره علم ما لم يعلمه قاله بعض الشيوخ اهـ.

(وإن أنكر محكوم عليه إقراره بعده لم يفده) ح تقدم في كلام ضيح عند قول المصنف وشهودًا أن الخصم إذا أقر عند الحاكم فالمشهور أنه لا يحكم عليه ابتداء بما أقر به عنده في مجلسه حتى يشهد عنده بإقراره شاهدان ومقابله أن له ذلك وكلام المصنف هذا بعد الوقوع والنزول وهو فيما إذا أقر عنده وحكم عليه قبل أن يشهد على إقراره فأنكر الخصم الإقرار اهـ.

وتبعه عج وكذا ز في قوله وإن نهى عن الحكم ابتداء وهو يفيد أن المشهور أنه لا يحكم بالإقرار حتى شهد عليه سواء استمر على إقراره حتى حكم عليه أو أنكره قبل الحكم واعترضه طفى بأن الخلاف في الحكم بالإقرار والواقع في مجلسه إنما هو إذا أنكر أما إذا استمر على إقراره فمحل اتفاق على أنه يحكم عليه فإن أنكر بعد الحكم فهي مسألة المصنف اللخمي اختلف إذا أقر بعد أن جلس للخصومة ثم أنكر فقال ابن القاسم لا يحكم عليه وقال عبد الملك وسحنون يحكم اهـ.

ص: 274

نعم يكون القاضي حينئذٍ شاهدًا له عند قاض آخر كما في السوداني (وإن شهد بحكم نسيه) القاضي أي ادعى نسيانه (أو أنكره) أي أنكر أن يكون حكم به سواء خالفه المحكوم عليه أو وافقه انظر تت (أمضاه) معتمدًا على شهادتهما سواء كان معزولًا أم لا ولو اقتصر على قوله أنكره لفهم منه النسيان بالأولى وأما عكس المصنف وهو ما إذا أنكر الشاهد أن الشهادة عند القاضي فيما حكم به وهو يقول شهدتما وحكمت بشهادتكما فعند ابن القاسم يرفع إلى سلطان غيره فإن كان القاضي معروفًا بالعدالة لم ينقض حكمه مع إنكارهم ولا في موتهم وإن لم يعرف بها ابتدأ السلطان أن النظر في ذلك ولا غرم على الشهود ولما كان الإنهاء جائزًا وهو تبليغ القاضي حكمه أو ما حصل عنده مما هو دونه كسماع الدعوى لقاض آخر ليتممه أفاده بقوله: (وأنهى) قاض (لغيره) قاض آخر بأحد وجهين إما (بمشافهة) مخاطبة ومكالمة له بما حكم به (إن كان كل بولايته) بأن يقف كل بطرف ولايته ويسأله لأن المنهي إن كان بغير محل ولايته فهو بمنزلة إخباره أو شهادته بعد العزل

ــ

وقال ابن رشد وما أقر به أحد الخصمين في مجلس قضائه ثم جحده ولا بينة عليه فالاختلاف فيه موجود في المذهب أنه لا يقضي عليه إذا جحد اهـ.

وهكذا ذكر ابن شاس وابن الحاجب الخلاف أو وقال في المدونة ولو أقر أحد الخصمين بشيء وليس عنده أحد ثم يعود المقر إليه فيجحد ذلك الإقرار فإنه لا يقضي عليه اهـ.

فمفهوم لو لم يجحد يقضي عليه وهو كذلك وكلام ضيح الذي استدل به ح لا دليل له فيه لأنه محمول على ما إذا وقع الإنكار لأنه محل الخلاف اهـ.

كلام طفى بخ.

تنبيه: قول التحفة وقول سحنون به اليوم العمل فيما عليه مجلس الحكم اشتمل اعترض بأن كلام ابن سلمون وصاحب المفيد يفيد أن العمل على قول ابن القاسم خلاف ما في التحفة وقال ابن سهل لو أدرك سحنون زمننا لقال بقول ابن القاسم في كون الحاكم لا يستند لعلمه فيما أقربه الخصم بين يديه اهـ.

(وإن شهد بحكم نسيه أو أنكره أمضاه) قول ز سواء كان معزولًا أم لا الخ مثله في خش ولا معنى لكونه يمضيه بعد عزله إلا أن يكون مراده أن من يولى بعده هو الذي يمضيه (بمشافهة أن كان كل بولايته) كذا الابن الحاجب تبعًا لابن شاس التابع لوجيز الغزالي وقبله ابن عبد السلام وابن هارون فقال ابن عرفة لا أعرف من جزم به من أهل المذهب وإنما قال المازري لا شك أن ذكر القاضي ثبوت شهادة عنده على غائب ليس بقضية محضة ولا نقل محض بل هو مشوب بالأمرين فينظر أولاهما به ومما يتفرع على هذا أن قاضيين لو قضيا بمدينة على أن كل واحد منهما ينفذ ما ثبت عنده فأخبر أحدهما الآخر أنه ثبت عنده شهادة فلان وفلان لرجلين بالبلد وقضى بثبوتهما فإن قلنا إنه كنقل شهادة فلا يكتفي هذا القاضي المخاطب بأنهم شهدوا عند القاضي الآخر لأن المنقول عنهم حضور وإن قلنا إنه كقضية فالقاضي الثاني ينفذ ما قاله الأول وهذا قد

ص: 275

بأنه قضى بكذا والمنهي إليه إن سمع بغير ولايته ففيه استناد لعلم سبق مجلسه والوجه الثاني قوله: (وبشاهدين) إن كان كل بولايته أيضًا فحذفه من الثاني لدلالة الأول عليه خلافًا لما يوهمه قوله مطلقًا بعد تقييده ما قبله بما ذكر فلا بد أن يشهدهما المنهي بمحل ولايته وإن يبلغا المنهي إليه بولايته ولا يخالف هذا قوله الآتي وأديا وإن عند غيره لأنه لا بد أن يكون ذلك الغير أيضًا بمحل ولايته سواء كانت للمنهي إليه قبل فمات أو عزل بعد الإنهاء وهو مولى أو كانت لغيره وأما قوله: (مطلقًا) فمعناه سواء كان الإنهاء بشاهدين فيما يثبت بأربعة كزنا أو بهما كنكاح وعتق وأما الشاهد واليمين فلا يثبت كتاب قاض بهما اتفاقًا لا في المال وما يؤول إليه فيثبت بهما كما يفيده قوله أو بأنه حكم له به فيستثنى ذلك من مفهوم قوله وبشاهدين مطلقًا كما يفيده الدميري وفي عج ما يخالف ذلك وربما دخل في الإطلاق الإنهاء بشاهدي الأصل لجوازه إذ العدول لا يتهمون على ترويج شهادتهم الأولى وقيل لا يجوز (واعتمد) القاضي المنهي إليه كتاب قاض بشاهدين (عليهما) أي على شهادتهما (وإن خالفا) في شهادتهما (كتابه) أي كتاب القاضي الذي أرسلهما والواو للحال إذ صورة الموافقة لا تتوهم ثم محل اعتماده على شهادتهما مع

ــ

يقال فيه أيضًا ذا جعلنا قول القاضي وحده وإن كان كالنقل يكتفي به لحرمة القضاء فهذا يصح نقله وإن كان من نقل عنه حاضرًا فهذا مما ينظر فيه اهـ.

ونقله غ (وبشاهدين مطلقًا) قول ز سواء كان الإنهاء بشاهدين فيما يثبت بأربعة كزنا الخ هذا قول ابن القاسم قال ابن رشد وهو القياس والنظر وقال سحنون لا يقبل في الزنا لا أربعة يشهدون على الكتاب الذي فيه شهادة الأربعة بالزنا لأن بهذا الكتاب يتم الحكم ابن يونس وقول سحنون عندي أبين كالشهادة على الشهادة في الزنا اهـ.

وقول ز إلا في المال وما يؤول إليه فيثبت بهما الخ هو كقول ح قوله مطلقًا يقتضي أنه لا يثبت حكم الحاكم إلا بشاهدين ولو كان المحكوم به مالًا وهذا مخالف لما يأتي له في الشهادات فينبغي أن يقيد بذلك وقد نقل أبو الحسن عن ابن رشد أن حكم الحاكم يثبت بالشاهد واليمين في المال على المشهور اهـ.

وتبعه على ذلك عج ومن بعده قال: طفى وهذه غفلة خرجا بها عن أقوال المالكية لمعارضتهما ما بين محلين مختلفين وجعلا أحدهما تقييدًا للآخر وبينهما بنون كما بين الضب والنون قال ابن رشد بعد أن ذكر أن حكم الحاكم يثبت بالشاهد واليمين ما نصه لا يثبت كتاب القاضي بالشاهد واليمين اتفاقًا ونقله ابن عرفة وأقره ثم لما تكلم ابن عرفة على الإنهاء قال: وثبوت حكم الحاكم بشاهد ويمين يأتي إن شاء الله تعالى في فصله اهـ.

فدل على مخالفتهما وهو ظاهر اهـ.

قلت: رأيت لابن يونس ما نصه واختلف في شاهد ويمين على كتاب القاضي في الأموال فلم يجز ذلك في كتاب محمَّد وأجازه في غيره وقال سحنون: ويجوز على كتاب القاضي رجل وامرأتان مما تجوز فيه شهادة النساء اهـ.

ص: 276

مخالفة كتابه إن طابقت شهادتهما الدعوى وإلا لم يعتمد عليهما في شهادتهما على حكمه ودفع لهما كتابه ولم يقرأه عليهما (وندب ختمه) ظاهره سواء قرأه على الشاهدين أم لا واستحبابه في الثاني ظاهر إذ يمكن أن يسرق أو يسقط من الشهود فيزاد فيه أو ينقص منه وإنما لم يجب الختم في هذه الحالة لأن ذلك غير محقق وأما في الأول فقال ابن عبد السلام لا يظهر له كبير فائدة لأن الاعتماد على شهادتهما انظر د قيل وندب الختم إنما هو من خارج الكتاب لا من داخله فيجب لأن العرف عدم قبول غير المختوم بداخله (ولم يفد وحده) من غير شهادة على القاضي في حكمه وأنه كتابه وكلامه هنا في الإنهاء وما مر من قوله وإن أتى رجل بكتاب قاض الخ ليس فيه إنهاء وإنما حمل الكتاب نفس

ــ

منه بلفظه وبه اعترض ابن ناجي في شرح المدونة الاتفاق الذي حكاه ابن رشد وقبله ابن عرفة، وقال الباجي روى ابن حبيب عن ابن الماجشون لا يثبت كتاب قاض إلى قاض بشاهد ويمين وإن كان في مال وقال مطرف يحلف مع شاهد ويثبت له القضاء انتهى من المنتقى بلفظه، ولما قال ابن الحاجب في الشهادات وأما الشاهد بالقضاء بمال فالمشهور لا يمضي الخ. قال ابن عبد السلام عقبه هذا كلام فيه نظر والذي حكاه الباجي وغيره أن القولين في قبول كتاب القاضي بشاهد ويمين لأنه حق ليس بمال ولا يؤول إلى مال ودعوى أحد الخصمين على الآخران القاضي حكم عليه بمال هي دعوى بمال حقيقة لا ينبغي أن يختلف فيها انتهى لكن نازعه ابن عرفة في قوله لا ينبغي أن يختلف فيها لشهرة الاختلاف فيها في كلام الأشياخ وبهذا تعلم أن المسألتين سواء في الخلاف ويؤيد ذلك أن عزو القول المتقدم عن الباجي في كتاب القاضي هو بعينه المذكور عند ق في حكم القاضي عند قول المصنف أو بأنه حكم له به وتعلم أن ما فيه ح وعج صواب وإن اعتراض طفى عليهما قصور وتهويل بما ليس عليه تعويل والله تعالى أعلم (وندب حتمه).

قول ز قيل وندب الختم إنما هو من خارج الكتاب الخ هذا القيد ذكره الفيشي ولم أر من ذكره غيره وفيه تخليط لأن ما به العرف في هذه المسألة مخالف للمشهور فيها (ولم يفده وحده) قول ز وما مر ليس فيه إنهاء الخ فيه نظر وقد مر الجواب بغير هذا في محله فانظره واعلم أنه جرى العمل في هذه الأزمان بإفادة علامة القاضي بمجرد معرفتها قال في التحفة:

والعمل اليوم على قبول ما

كتبه القاضي بمثل أعلما ابن عرفة قال ابن المناصف اتفق أهل عصرنا على قبول كتب القضاء في الحقوق والأحكام بمجرد معرفة خط القاضي دون إشهاد على ذلك ولا خاتم معروف ولا يستطيع أحد فيما أظن صرفهم عنه مع أني لا أعلم خلافًا في مذهب مالك أن كتاب القاضي لا يجوز بمجرد معرفة خطه ثم وجه عمل الناس بأن الظن الحاصل بأنه كتاب القاضي الباعث له حصوله بالشهادة على خطه منضمًا للمشهور وهو القول بجواز الشهادة على خط الغير حسبما تقرر في المذهب يوجب كون هذا الظن كالظن الناشىء عن ثبوته ببينة على أنه كتابه لضرورة رفع مشقة مجيء البينة مع الكتاب مع انتشار الخطة وبعد المسافة وإذا

ص: 277

المدعي للعبد (وأديا) ما أشهدهما به (وإن عند غيره) أي غير المنهي إليه من مولي آخر بمحل ولايته بشرط أن يوجد فيها الخصم ويعرف أنه هو أو بمحل المنهي إليه لموته أو عزله ولو كتب اسمه في الكتاب كما هو ظاهر كلام ق (وأفاد أن أشهدهما أن ما فيه حكمه أو خطه) ولم

ــ

ثبت وجه العمل بذلك فإن ثبت خط القاضي ببينة عادلة عارفة بالخطوط وجب العمل به وإن لم تقم بينة بذلك والقاضي المكتوب إليه يعرف خط القاضي الكاتب إليه فجائز عندي قبوله بمعرفة خطه وقبول سحنون كتب أمنائه بلا بينة يدل على ذلك ويحتمل أن يقال لا بد من الشهادة عنده على خطه اهـ.

وهذا كله إن وصل كتاب القاضي قبل موته وعزله وإلا فلا يعمل به اهـ.

كلام ابن المناصف عند غ وقبله ابن عرفة لكن قال الشيخ ابن رحال الذي أدركنا عليه أشياخنا أن الإنهاء يصح مطلقًا مات الكاتب أو عزل قبل الوصول أو مات المكتوب إليه أو عزل وتولى غيره اهـ.

تنبيهات: الأول: قال ابن المناصف شأن قضاة زمننا رسم الخطاب أسفل وثيقة ذكر الحق وقد يكون في ظهر الصحيفة أو أحد عرضيها إن عجز أسفلها وربما كان في ورقة ملصقة بالوثيقة إن تعذر الوضع ثم ذكر أنه لا بد أن ينبه في الإعلام على ذلك كله قال: وإن اشتملت الصحيفة على عقود كثيرة صح جميعها عنده نص على ذلك في خطاب واحد فيقول أعلمت بصحة الرسوم الثلاثة أو الأربعة المقيدة أعلاه أو بمقلوبه وإن صح بعضها دون جميعها نبه على ما صح منها اهـ من ابن عرفة باختصار.

الثاني: قال ابن عرفة وإذا لم يكتب القاضي تحت العقد خطابًا يصرح فيه بالأعلام بصحة شهادتهم ذلك الحق عنده واقتصر على أن كتب صح الرسم عندي أو ثبت أو استقل فذلك لغو غير جائز قبوله بمجرد الخط اهـ.

وإلى كون ثبت ونحوه ليس بخطاب أشار في التحفة بقوله:

وليس يغني كتب قاض كالنفي

عن الخطاب والمزيد قد كفى

وإنما الخطاب مثل أعلما

إذ معلنًا به اقتضى ومعلما

ثم ذكر غ في التكميل ما نصه ظاهر كلام ابن المناصف وغيره إن ثبت واكتفى وصح واستقل كالألفاظ المترادفة وذكر عن أبي عبد الله بن راشد أنه كان يخص استقل بالعدول واكتفى بالأملاك وثبت بما عداها وعند العقباني استقل للمبرزين وبت لمن يقاربهم واكتفى لمن دون ذلك اهـ.

الثالث: قال غ في تكميل التقييد مما تسامح فيه أهل فاس وعملها ولا يعلم له أصل شهادة عدولهم على تسجيل قاضيهم إذا وضع القاضي خطه كتب الشاهد على إشهاد من ذكر بما فيه عنه فهذه شهادة على خطه وكيف تصح الشهادة على خطه وقد لا يكون بين مقعده ودكان من شهد عليه إلا قدر غلوة أو أقل اهـ.

(وأفاد أن أشهدهما أن ما فيه حكمه أو خطه) قال ابن الحاجب ولو قال أشهدكما

ص: 278

يفتحه لهما ولا قرأه عليهما وكذا شهادتهما به وإن لم يشهدهما عند ابن القاسم وابن الماجشون وقال أشهب لا يكفي وهو ظاهر المصنف (كالإقرار) من كاتب وثيقة بأن ما فيها خطه وكذا إذا قال أشهدا عليّ بما فيها وأنه عندي وفي ذمتي وأنا عالم به فإنه يعمل بذلك ثم أن يقرءا المكتوب ويؤديا نحو ما فيه (وميز) القاضي وجوبًا (فيه) أي في كتاب الإنهاء (ما يتميز) المدعى عليه (به من اسم) له ولأبيه وجده إن احتيج إليه فإن اشتهر باسمه فقط كفى أو كنيته فقط كابن عبد البر وأبي بكر الصديق وابن أبي زيد فإنه لو قيل يوسف في الأول وعبد الله في الثاني والثالث لم يعرفا فلا يكفي في مثلهما إلا الكنية (وحرفة وغيرها) من الصفات التي لا يشاركه في جميعها غيره غالبًا (فنفذه) أي أمضاه (الثاني) حيث حكم الأول (وبنى) حيث لم يحكم فإن كتب إليه بثبوت شهادتهم فقط لم يأمرهم بإعادتها وينظر في تعديلهم وإن كتب إليه بتعديلهم لم ينظر فيه بل يعذر للمشهود عليه وإن كتب بأنه أعذر إليه وعجز عن الدفع أمضى الحكم عليه وكلام المصنف جار في وجهي الإنهاء وظاهره البناء على

ــ

على أن ما في الكتاب خطي أو حكمي فروايتان ومثله لو أقر مقر بمثله اهـ.

ضيح قال ابن عبد السلام: والصحيح عندي منهما أعمال ما في الكتاب لأنهما أديا عنه ما أشهدهما به ولا معارض ووجه المازري الرواية الأخرى بأنهم إذا لم يعلموا ما تضمنه فالشهادة بمضمونه شهادة بما لم يعلموا وضعفه بأن ما تضمنه على الجملة قد أقر به من أمره بالشهادة والعلم تارة يقع جملة وتارة يقع تفصيلًا انتهى من ضيح، وأما الخلاف الذي ذكره ز فهو خلاف في لفظ أشهد هل لا بد منه أم لا، وقد ذكر ابن رشد وغيره (فنفذ الثاني وبنى) قول ز وبحث فيه في توضيحه الخ. وذلك أنه لما ذكر في ضيح الإنهاء بالمشافهة بأن يكونا قاضيين ببلد واحد قال هذا، والله أعلم إذا عرض للأول عارض بمنعه من التمام كمرض ونحوه وإلا فللأول أن يتم الحكم.

تنبيه: قال في ضيح وليس قول القاضي ثبت عندي حكمًا منه بمقتضى ما ثبت عنده فإن ذلك أعم منه وإنما ذكرنا هذا لأن بعض القرويين غلط في ذلك وألف المازري جزءًا في الرد عليه وجلب فيه نصوص المذهب انتهى ونحوه لابن عبد السلام ونقل ابن عرفة كلامه وكلام المازري في الجزء المؤلف ثم قال عقبه ومسألة النزاع بين المازري ومنازعه مبنية على تحقيق أن فاعل ثبت في قول القاضي ثبت كذا عندي هل هو بمنزلة المقضى به عنده أم لا، والحق أنه مختلف فيه على قولين الأولى أنه ليس كالمقضى به وهو ظاهر ابن رشد مسألة تسمية الشهود إذ قال لأن كتاب القاضي إلى قاض بما ثبت عنده على رجل في بلد المكتوب إليه ليس بحكم على غائب والثاني أنه كالمقضى به وهو ظاهر فهم ابن رشد المذهب حيث قال يجب على القاضي المكتوب إليه أو من ولى بعده أن يصل نظره بما ثبت عند القاضي الكاتب فإن كتب بثبوت شهادتهم فقط لم يأمر بإعادة شهادتهم ونظر في تعديلهم وإن كتب بتعديلهم أو بقبوله إياهم أعذر للمشهود عليه وإن كتب بأنه أعذر إليه فعجز عن الدفع أمضى الحكم عليه اهـ.

ص: 279

الأول وإن لم يكن له عذر في إتمامه وبحث فيه في توضيحه ولما شارك حكم الإنهاء مسألة ليست منه وإنما هي موافقة له في التنفيذ شبهها به فقال: (كان نقل) القاضي من مرتبة (لخطة) بالضم أي مرتبة (أخرى) كما إذا نقل من الأنكحة والبيوع إلى الدماء والحدود فيتم ما فعله قبل نقله ويبنى أن اندرج ما فيه التنفيذ والبناء فيما انتقل إليه وأما لو عزل ثم ولى فلا يبني على ما مضى بل يستأنف على المذهب وهذا يفهم من قوله نقل وقيل يبني وبالغ على التنفيذ والبناء بقوله: (وإن حدا) أو عفوًا عن قصاص (إن كان) القاضي المرسل (أهلًا) للقضاء (أو قاضي مصر) من الأمصار أي بلد كبيرة كمصر ومكة والأندلس لأن قضاة الأمصار مظنة العلم والعدالة (وإلا) يكن أهلًا ولا قاضي مصر (فلا) ينفذ المرسل إليه كتاب المرسل ولا يبني عليه وعلم من هذا التقرير أن الشرط المذكور وما بعده في قوله وأنهى لغيره الخ مع بقية الشروط المتقدمة لا فيما بعد الكاف وكذا ما شبهه بقوله فلا من قوله: (كأن شاركه) أي شارك المشهود عليه (غيره) في الصفات المتقدمة فإن المرسل إليه لا ينفذ الحكم على واحد منهما (وإن) كان المشارك (ميتًا) إن لم يكن تاريخ ترتب الحق بعد موت الميت كما يشعر بذلك لفظ شارك وجعل تت له تقييدًا باعتبار بقاء شهرة الميت بصفاته غالبًا مدة بقاء معارفه (وإن لم يميز) في كتابه المحكوم عليه بصفة تميزه عن غيره على ما مر (ففي أعدائه) أي تسليط القاضي المرسل إليه الطالب على صاحب ذلك الاسم من أول وهلة وعلى صاحب ذلك الاسم أن يثبت أن بالبلد من يشاركه في ذلك الاسم (أولًا) يعديه عليه (حتى يثبت) الطالب (أحديته) أي عدم

ــ

ثم قال ابن عرفة ومن أنصف وحقق علم أن نقل ابن عبد السلام عن منازع المازري أنه قال قول القاضي لكاتب ثبت عندي كذا الحكم منه بمقتضى ما ثبت عنده أنه ليس كذلك اهـ.

لأن هذا اللفظ يقتضي أن منازع المازري يقول قول القاضي الكاتب ثبت عندي شراء فلان نصف الدار الفلانية المشتركة بين فلان وفلان ويملكه إياها حكم بالشفعة فيها لأنه مقتضى ما ثبت عنده وليس كذلك إنما زعم لحكم بثبوت الملك فقط حسبما تقدم فتأمله اهـ.

قال غ في التكميله عقبه تحامله على ابن عبد السلام تعسف والله أعلم اهـ.

وهو ظاهر لأن كلام المازري في مؤلفه صريح في أن السؤال وقع عن تعلق الشفعة فانظر فيه (كان نقل لخطة أخرى) فرض ابن سهل هذا فيمن نقل من أحكام الشرطة والسوق إلى أحكام القضاء قال: يبني على ما قد مضى بين يديه من الحكومة انظر ق وأما ما فرضه فيه ز فليس بظاهر لأنه إن كان مراده إنه عزل من الأنكحة والبيوع ونقل إلى الدماء والحدود فهذا لا يتصور فيه تتميم ما كان بين يديه قبل النقل لأنه قد عزل عنه وإن كان مراده أنه قد ولى على الدماء والحدود زيادة على ما كان مولى عليه من قبل فهذا لم ينقل بل هو باق على خطته لبقاء ولايته فيما كان فيه (وإن حدا) لو قال: ولو زنى لكان أبين لقول سحنون لا يثبت كتاب قاض في الزنا إلا بأربعة شهود قاله ابن مرزوق والمواق (أولًا حتى يثبت أحديته) قول

ص: 280

مشارك له في البلد تحقيقًا وإلا لم يعده عليه اتفاقًا كأن شاركه غيره كما مر (قولان) وموضوعهما أنه ليس له في البلد مشارك محقق وإلا فلا يعديه عليه اتفاقًا كما مر في قوله كأن شاركه غيره ومحلهما أيضًا إن لم يذكر القاضي المرسل أن بالبلد غيره وإلا لم يعد الطالب على المطلوب قطعًا كما يفيده ابن رشد ولما كان للقاضي الحكم على الغائب وكانت غيبته ثلاثة أقسام قريبة وبعيدة ومتوسطة ذكرها على هذا الترتيب فقال: (و) الغائب (القريب) كأيام مع الأمن حكمه (كالحاضر) في سماع الدعوى والبينة عليه وتزكيتها ثم يعلم بهم فإن كان له مدفع وإلا قضى عليه في كل شيء حتى استحقاق العقار ويباع عقاره ونحوه في الدين لعجزه ويعجزه إذا قدم إلا في دم وحبس إلى آخر ما سبق وأشار للثانية بقوله: (والبعيد جدًّا كافر بقية) من المدينة أو من مكة وكالأندلس من خراسان (قضى عليه) في كل شيء دين أو عرض أو حيوان أو عقار (بيمين القضاء) من المدعي أنه ما أبرأه ولا أحال ولا وكل في قبضه ولا في بعضه وتسمى يمين الاستبراء وهي واجبة كما هو ظاهر المصنف وهو المعتمد كما يأتي عن ابن رشد فلا يتم الحكم إلا بها وقيل استظهار قاله تت ابن رشد وهي متوجهة على من يقوم على ميت أو غائب أو يتيم أو على الأحباس أو على المساكين أو على وجه من وجوه البرأ وعلى بيت المال أو على من استحق شيئًا من الحيوان ولا يتم الحكم إلا بها اهـ.

ــ

ز وإلا لم يعده عليه اتفاقًا الخ لا معنى لهذا الاتفاق لأن هذا من تمام القول الثاني المقابل للأول (قولان):

الأول: منهما قول أشهب ورواية عيسى عن ابن القاسم.

والثاني: دليل سماع ز ونان من ابن وهب (والقريب كالحاضر) محل هذا التقسيم كما عند ابن رشد وغيره فيمن غاب في بلد ليس تحت عمالة القاضي لزيارة أو تجارة ونحو ذلك لا توطنًا بل هو متوطن في بلد القاضي وأما الغائب في بلد تحت عمالة القاضي فهو محمل قوله وجلب الخصم الخ، وأما الغائب متوطنًا في بلد خارجة عن عمالة القاضي فهو محمل قوله وهل يدعي حيث المدعى عليه الخ ابن عرفة المتيطي إن بعدت غيبته وهو من أهل مصره خرج عنه مسافرًا غير متنقل سجل وأمضى الحكم عليه دون إعذار وإن كان من غير أهل بلده الذين استقضى عليهم لم يسجل عليه فإن ذلك ليس إليه أنما له أن يقيد شهادة البينة عليه ويسميها ثم يشهد على كتابه ذلك من يشهد بذلك عند قاضي البلد الذي فيه المدعى عليه اهـ.

وقول ز ثم يعلم بهم الخ أي يكتب إليه الحاكم ويعذر إليه في كل حق إما وكل أو قدم وإن لم يقدم حكم عليه في الدين وغيره قال ابن رشد: ولم ترج له حجة في شيء نقله في ضيح والمواق وغيرهما، وأما قول خش إنه باق على حجته إذا قدم الخ فهو غلط منه والله تعالى أعلم (بيمين القضاء) قول ز وأما إن شهدت عند الحاكم بأن الغائب كان أقر الخ هكذا نقله ح رحمه الله عن ابن سهل إلا أنه فرضها في الميت لا في الغائب وفرضها في المعين لا في أعم منه وليس بظاهر لإمكان أن يكون هذا المقر له أبرأه بعد الإقرار وهذا من فوائدها

ص: 281

وقوله على ميت أي أن عنده ديبًا إلا أن يقر ورثته الكبار به قبل رفعه لحاكم فلا تتوجه عليه يمين وهل كذا بعد رفعه إذا رضوا بعدم حلفه أولًا اختلاف لبعض الشيوخ ومثل اليتيم لصغير والسفيه ومحل يمين القضاء في المصنف على الحاضر إذا كانت دعواه وبينته بدين في ذمة الغائب قرض أو ثمن مبيع وأما إن شهدت عند الحاكم بأن الغائب كان أقر أن عنده لفلان كذا فلا يحتاج اليمين القضاء (وسمى الشهود) بالحق والمعدلين لهم حيث يعذر فيهم ليجد مدفعًا عند قدومه لتجريح الشهود لأنه باق على حجته وهذا في متوسطها وبعيدها (وإلا) يسمهم أو لم يحلف المدعي يمين القضاء وحكم (نقض) حكمه ويستأنف ثانيًا ما لم يكن الحاكم مشهورًا بالعدالة فلا ينقض بعدم تسميتهم كما يفيده الجزيري وابن فرحون وأشار للثالثة بقوله: (والعشرة) أيام مع الأمن (أو اليومان مع الخوف يقضي عليه معها) أي مع يمين القضاء (في) كل شيء (غير استحقاق العقار) وأما هو فلا يقضي عليه فيه لكثرة المشاحة فيه بل هو باق على حجته إذا قدم واحترز بقوله استحقاق عن بيع العقار في دين على الغائب أو نفقة امرأته فإنه يحكم به بل ويحكم به على حاضر ملد بدفع الحق كما هو ظاهر كلامهم ويوافقه قوله في الرهن وباع الحاكم إن امتنع واعلم أن ما قارب كلًّا من مسافة الغيبة في الأقسام الثلاثة له حكمه على ما يظهر واعلم أيضًا إن الثلاثة في مدعى عليه غائب عن محل ولاية الحاكم ولكنه متوطن بولايته أوله بها مال أو وكيل أو حميل وإلا لم يكن له سماع ولا حكم ويدل عليه قوله الآتي ولا يزوّج امرأة ليست بولايته بل تنقل الشهادة فقط من غير حكم بشيء ولما ذكر الحكم على

ــ

(في غير استحقاق العقار) قول ز بل هو باق على حجته إذا قدم الخ هذا يقتضي أنه يحكم عليه ويبقى على حجته وليس كذلك بل لا يحكم عليه أصلًا هذا الذي يفيده كلام ابن رشد وذكر ابن عاشر أن الغيبة المتوسطة تعطي في العقار حكم الغيبة القريبة وفي غير العقاب حكم البعيدة فتأمله وكلام المدونة صريح في ذلك قال في الأمهات أرأيت لو أن دارًا في يد رجل غائب فأتى رجل فادعى أنه وارث هذه الدار مع الغائب أيقبل القاضي هذه البينة والذي كانت في يده الدار غائب أم لا قال: لا أحفظ عن مالك فيها شيئًا إلا أني سمعت من يذكر عنه في هذا أن الدار لا يقضي على أهلها بها وهم غيب وهو رأي قال ابن القاسم إلا أن تكون غيبة تطول فينظر في ذلك السلطان مثل ما يغيب الرجل إلى الأندلس أو إلى طنجة ليقيم في ذلك الزمان الطويل فأرى أن ينظر في ذلك السلطان فيقضي له بالصفة قلت أرأيت إن أقاموا البينة أنهم ورثوا هذه الدار من أبيهم وإن ذلك الغائب الذي هذه الدار في يده في يده لا حق له فيها قال لم أسمع من مالك رحمه الله في هذا إلا ما أخبرتك أنه بلغني فأرى أنه إن كانت الغيبة مثل ما يسافر الناس ويقدمون كتب الوالي لذلك الموضع أن يستخلف أو يقدم فيخاصمهم وإن كانت غيبة بعيدة يعلم أن الذين يعلمون إرثهم لا يقدرون على الذهاب إلى ذلك الغائب الذي في يده الدار ولا يوصل إليه لبعد البلاد رأيت أن يقضى لهم بحقوقهم اهـ.

ص: 282

الغائب ذى الحكم بالغائب فقال: (وحكم بما يتميز) حال كون لمحكوم به (غائبًا) عن المد الحكم وعن محل ولايته وهو مما يتميز (بالصفة) كعبد وثوب ولا يطلب حضوره مجلس الحكم فحكمه (كدين) أي كما يحكم بالدين المتميز بالصفة فإن كان لا يتميز بالصفة كحديد وحرير فإن شهدت بينة بقيمته مقومًا أو مثليًّا حكم بها أيضًا وإلا فلا وإنما اعتبرت القيمة في المثلى لجهل صفته واحترز بقوله غائبًا عما في البلد فلا بد من إحضاره مجلس الحكم يتميز بالصفة أم لا ولما ذكر الشخص الغائب عن محل ولايته ولكنه متوطن بها ذكر الغائب في محل ولايته ومن لازمه توطنه بها بقوله: (وجلب الخصم بخاتم أو رسول) أو

ــ

بلفظه فانظر قوله فأرى إن كانت الغيبة مثل ما يسافر الناس الخ فإنه ظاهر فيما ذكرناه، والله أعلم (وحكم بما يتميز غائبًا بالصفة كدين) قال ابن عرفة: المدعي ملكه أو استحقاقه إن كان حاضرًا بلد الخصومة فشرط البينة به حضوره قال: وإن كان غائبًا عنها أو ليس معينًا بنفسه بل بالإضافة وهو الدين فالاعتبار بالإشهاد به مع غيبته بتخصيص المدين بما يعينه وتقدم لابن رشد يكتب القاضي بما يثبت عنده من صفة الابن كما يكتب في الدين على الغائب باسمه ونسبه وصفته فتقوم الشهادة فيه على الصفة مقام الشهادة على العين هذا قول مالك وجميع أصحابه إلا ابن كنانة ثم قال في أثناء تعقبه على ابن عبد السلام وابن هارون ومعروف المذهب ثبوت البينة بالدين على غائب والحق سماعها بها معينًا بتعيين من أضيفت إليه وهو المدين وقال المازري كان المحكوم به مما لا يتميز أصلًا ذكرت البينة قيمته تقول غصبه حريرًا أو طعامًا قيمته كذا قلت هذا فيما يتعلق بالذمة وأما إن لم يتعلق بها فظاهر كلام ابن رشد أن المكيل والموزون لا تصح البينة به بعد غيبته لتعذر معرفته بعد حضوره فتمتنع الشهادة به غائبًا على الصفة اهـ باختصار.

ثم ذكر الغائب المعين في نفسه كالعبد والفرس وأن البينة تسمع في غيبته بكمال صفته الموجبة تعيينه مطلقًا كان يستحق من يد مدع ملكه أم لا كان آبقًا أم لا على قول جل أصحاب مالك خلافًا فالابن كنانة اهـ.

وبه يتضح لك أن البينة تسمع بالدين ولو لم يقبل التمييز بعينه لأنه في الذمة أما ما لا يتميز بالصفة وليس دينًا فلا تسمع البينة به غائبًا إلا إن شهدت على عينه وهو مفهوم قوله بما يتميز، والله أعلم، وبه تعلم ما في كلام ز فتأمله اهـ.

(وجلب الخصم بخاتم أو رسول) المتيطي، وإذا لم يتفق في بعض الجهات البعيدة تقديم حاكم لأن الإمام لم يأذن للقاضي في ذلك أو لعدم من يوليه فلا يرفع من فيه إلى المصر إلا بشبهة قوية كالشاهد العدل أو شبه ذلك من ضرب أو جرح يظهر عنده وإلا فلا يفعل ولعله يشخص الرجل البعيد ولا شيء له عنده، قال سحنون وذلك إذا جاء الطالب بلطخ من شهادة أو سماع اهـ.

ابن عرفة الشيخ عن ابن عبد الحكم من استعدى الحاكم على من معه بالمصر أو قريبًا منه أعطاه طابعًا في جلبه أو رسولًا وإن بعد من المصر لم يجلبه إلا أن يشهد عليه شاهد فإن ثبت عنده كتب لمن يثق به من أمنائه إما أنصفه وإلا فليرتفع معه اهـ.

ص: 283

ورقة أو أمارة (إن كان على مسافة العدوى) من مجلس القاضي وهي مسافة القصر على المعتمد لا التي يذهب ويرجع يبيت بمنزله في يوم واحد كما قيل به وتجلبه في المسافة المذكورة جبرًا عليه إن شاء القاضي وإن شاء إليه إما حضر أو وكل أو أرضى خصمه (لا أكثر) من المسافة المذكورة وهو بمحل ولايته أيضًا (كستين ميلًا) وما قاربها مما زاد على العدوى فلا يجلبه فإن جلبه لم يلزمه الحضور (إلا بشاهد) بقيمة المدعي فيجلبه ويجبره على الحضور كمن على مسافتها وظاهر قوله وجلب الخ سواء أتى الطالب بشبهة أم لا ونحوه لابن أبي زمنين كما قال ابن عرفة وجزم ابن عاصم تبعًا لسحنون أنه لا يجلبه إلا مع إتيان الطالب بشبهة كأثر ضرب أو جرح لئلا تكون دعواه باطلة ويريد تعنيت المطلوب (ولا يزوج) القاضي (امرأة) أي لا يكون وليًّا لها حيث لا ولي لها إلا القاضي وهي (ليست بولايته) بل خارجة عن محل ولايته كالشام فلا يزوجها قاضي مصر وإن كانت مصرية وأما من كانت في محل ولايته فيزوجها وإن لم تكن من أهلها كشامية بمصر خلافًا للبساطي وقوله ولا يزوج الخ فإن زوج جرى فيه قوله في النكاح وبأبعد مع أقرب إن لم يجبر وقوله وصح بها في دنيه مع خاص لم يجبر كشريفه دخل وطال (وهل يدعي حيث المدعى عليه)

ــ

وظاهره كظاهر المصنف أنه في القريب يجلب من غير شبهة. وجزم ابن عاصم تبعًا لسحنون بأن الحاكم لا يدفع طابعه ولا يرفع المطلوب إليه إلا أن يأتيه الطالب بشبهة لئلا يكون مدعيًا باطلًا ويريد تعنيت المطلوب (إن كان على مسافة العدوى) قال في الصحيح العدوى طلبك إلى وال ليعديك على من ظلمك أي ينتقم منه يقال: استعديت على فلان الأمير فأعادني عليه أي استعنت به فأعانني عليه والاسم منه العدوى وهي المعونة (وهل يدعي حيث المدعى عليه) تقدم إن محل هذا إذا كان المدعى عليه متوطنًا بلدًا في غير ولاية القاضي فإذا كان المدعى فيه في غير محل المدعى عليه فقال ابن الماجشون تكون الخصومة حيث المدعى فيه وقال مطرف وأصبغ حيث المدعى عليه كذا في ح عن التبصرة والذي في ضيح اختلف إذا كان المدعي في بلد والمدعى عليه في غيرها فقال عبد الملك الخصومة والقضاء حيث يكون المدعي وإقامة فضل من المدونة وقال مطرف حيث المدعى عليه مطرف وبه الحكم في المدينة وبه حكم ابن بشير في الأندلس وقاله أصبغ وسحنون اهـ، فقول المصنف أو المدعي إن كان بالكسر كان موافقًا لما في ضيح وبه شرح الشارح وإن كان بالفتح كما في عج ومن تبعه كان موافقًا الخ. يمكن ما في ضيح والشارح لأسلف لهما فيه والذي أقامه فضل هو المدعى فيه كذا في المتيطي وابن عرفة وكتب المالكية انظر طفى وقول ز وكلام المصنف خاص بالعقار الخ بل ليس خاصًّا به وغيره من المعينات مثله كما صرح به ابن عرفة ونصه والخصومة في معين دار أو غيرها في كونها ببلد المدعى فيه أو ببلد المدعى عليه ولو كان بغير بلد المدعى فيه ثالثها هذا أو حيث اجتماعهما ولو بغير بلد المدعى فيه، الأول: لاختصار الواضحة عن ابن الماجشون مع فضل عن سحنون وابن كنانة والثاني: لمطرف. والثالث: لأصبغ اهـ.

ص: 284

ولا عبرة بقوله حتى نحضر جميعًا بمحل العقار المدعى فيه (وبه عمل) وحكم به بالمدينة والأندلس وهو قول مطرف وأصبغ وسحنون فكان لا ولي للمصنف الاقتصار عليه قاله قم (أو) حيث (المدعى) بفتح العين أي المدعى فيه فحذف الجار فاتصل الضمير واستتر (وأقيم منها) أي أقامه فضل من المدونة وهو قول عبد الملك وإما بكسر العين فلم يقمه فضل ولا غيره من المدونة وليس بمنصوص وإنما خرج كما في ابن عرفة وكلام المصنف خاص بالعقار كما قررنا فإن كانت الدعوى في غيره فيدعي حيث تعلق الطالب بالخصم كما تقدم في قوله وحكم بما يتميز الخ وقوله فيما تقدم والقول للطالب الخ فيما إذا كان المتداعيان بمحل واحد تعدد فيه القاضي سواء كان المدعي فيه بمحلهما أيضًا أم لا وقوله والقريب كالحاضر وقوله وجلب الخصم الخ كل من المحلين المذكورين المدعى عليه بمحل غير محل المدعي لكنه في الأولى في غير محل ولايته ولكنه متوطن بها بخلاف الثاني ففي محل ولايته كما تقدم جميع ذلك وبه علم افتراق الحكم في الأمكنة الخمسة في كلامه (وفي تمكين الدعوى لغائب) أي منه كما في الشرح الصغير لا عليه فلا يمكن وفي غير صغيره نظر (بلا وكالة) أي إن الغائب غيبة بعيدة أو قريبة على أحد قولين إذا كان له مال حاضر وخيف عليه تلف أو غصب أو له دين على من يخشى فراره أو أراد سفرًا بعيدًا أو أراد شخص أن يدعي عليه مع بينة زور فأراد شخص قريب للغائب أو أجنبي أن يخاصم

ــ

وفي المواق عن عيسى بن دينار وأما الدعوى بحق في الذمة فإنما لخصام حيث تعلق به الطالب قلت والديون في هذا مخالفة للعقار قال: نعم اهـ.

وقال في التحفة:

والحكم في المشهور حيث المدعى

عليه في الأصول والمال معا

وحيث يلفيه بما في الذمه

يطلبه وحيث أصل ثمه

(وفي تمكين الدعوى لغائب) قول ز لا عليه فلا يمكن الخ غير صواب وتقدم التفصيل في الدعوى على الغائب وقول ز في التردد حقه قولان طفى الأولى ما قاله الشارح إن أشار بالتردد هنا إلى الأقوال الخمسة التي في المسألة لأنهم عدوا هذا الموضع من المواضع التي يشير لها المصنف بالتردد لكثرة الخلاف اهـ.

ابن عرفة ففي قصر القيام عنه دون توكيل منه على ابنه وأبيه وعمومه فيهما في الأجانب ثالثها يمكنون من إقامة البينة لا الخصومة ورابعها لا يمكن من واحد منهما، وخامسها يمكن منهما الأب والابن فقط ويمكن غيرهما والأجنبي في العبد والدابة والثوب لقوتها وتغيرها لا فيما سوى ذلك من دين وغيره ذكر عزوها ثم قال وعلى القول بالقيام عنه في كونه في قريب الغيبة وبعيدها وقصره على قربها قولان اهـ. وقول ز كمستأجر ومستعير ما لا يغلب عليه

ص: 285

عنه احتسابًا لله تعالى من غير أن يكون وكيله فهل يمكن من ذلك حفظًا لمال الغير وهو قول ابن القاسم أولًا وهو قول ابن الماجشون ومطرف (تردد) حقه قولان ومحلهما فيما لا حق فيه لمن يريد الدعوى ولا ضمان عليه فيه كمستأجر ومستعير ما لا يغاب عليه ومرتهن رهنًا كذلك أما ماله فيه حق كزوجة غائب وأقاربه الذين يلزمه نفقتهم فيمكن من الدعوى اتفاقًا كما إذا كان عليه فيه ضمان كمستعير ما يغاب عليه ومرتهن رهنًا كذلك وجميل مدين أراد فرارًا أو سفرًا بعيدًا.

ــ

الخ تمثيله بهذين لمن لا حق له فيه نظر وأظنه سهوًا ونص الفيشي قوله تردد محله فيما لا حق له فيه للمدعي ولا ضمان عليه فيه أما ماله فيه حق كالمستأجر والمستعير عارية لا يغاب عليها والمرتهن رهنًا كذلك وزوجة الغائب وأقاربه الذين تلزمه نفقتهم أو عليه فيه ضمان كالمستعير عارية يغاب عليها والمرتهن رهنًا كذلك والغاصب إذا غصب منه شيء والجميل إذا أراد المدين السفر وخشي ضياع الحق ونحو ذلك فيمكن من الدعوى اتفاقًا اهـ.

ويوافقه ما في ح، والله أعلم.

ص: 286