المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب اللقطة مال معصوم - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٧

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌باب اللقطة مال معصوم

‌باب اللقطة مال معصوم

وهو ما لا يتصرف فيه أحد لنفسه (عرض للضياع) بأن وجد بمضيعة في غامر بمعجمة أي خراب وبمهملة ضد الأول فخرج بمعصوم غيره كمال حربي وركاز وبعرض للضياع الإبل وما بيد حافظ وعرض بالتخفيف مبنيًّا للفاعل لا بالتثقيل مبنيًّا للمفعول لإيهامه أن ما ضاع ولم يقصد ضياعه ليس لقطة والمراد عرض الضياع له ففيه قبل نحو عرضت الحوض على الناقة فهو بديع (وإن) كان المال المعصوم الذي عرض للضياع (كلبًا) مأذونًا في اتخاذه وأما غيره فليس بمال فلم يدخل في كلامه (وفرسًا وحمارًا) وبالغ على الكلب لأنه ربما يتوهم من منع بيعه أنه غير لقطة وعلى ما بعده لئلا يتوهم أنه كضالة الإبل لا تلتقط فالأول مبالغة في قوله مال وما بعده مبالغة في قوله لقطة (ورد) الملتقط أو المال (بمعرفة مشدود فيه) وهو العفاص أي الخرقة أو الكيس المربوط فيها اللقطة هذا هو المراد هنا لا معنى العفاص لغة وهو ما يسد به فم القارورة (وبه) وهو الوكاء بالمدى أي

ــ

اللقطة

استعمال الفقهاء لقطة بضم اللام وفتح القاف في الملتقط بفتح القاف خلاف القياس في اللغة لأن فعلة بفتح العين يستعمل في اللغة بمعنى الفاعل فيقال ضحكة لكثير الضحك ومنه همزة لمزة لكثير الهمز واللمز وفسرها الزبيري على الأصل فقال اللقطة بفتح القاف الملتقط بكسرها وبسكونها ما يلتقط كما يقال ضحكة بالسكون لمن يضحك منه وقد ذكر ابن الأثير في اللقطة الفتح والسكون وصحح الفتح انظر ضيح وذكر ابن مالك فيها أربع لغات فقال:

لقاطة ولقطة ولقطه

ولقط ما لاقط قد لقطه

وعرفها ابن عرفة فقال مال وجد بغير حرز محترمًا ليس حيوانًا ناطقًا ولا نعمًا فيخرج بالأول اللقيط لأنه آدمي حر صغير وبالثاني السرقة وبالثالث مال الحربي وبالرابع الرقيق والإبل لأن الأول يسمى آبقًا والثاني ضالة وتدخل في التعريف الدجاجة وحمام الدور ولا تدخل فيه السمكة تقع في السفينة وهي لمن وقعت إليه قال ابن عات عن الشعباني ابن عرفة والضالة نعم وجد بغير حرز محترمًا والآبق حيوان ناطق وجد كذلك ومقتضى قول ابن الحاجب وابن شاس كون الجميع لقطة خلاف ظاهرها مع غيرها اهـ.

قال ح: واعلم أن حده للقطة غير مانع لأنه يدخل فيه الثمر المعلق وليس لقطة فقول

ص: 202

الخيط المربوط به (وعدده بلا يمين) وكذا لو عرف الأولين فقط فيأخذه بلا يمين كما هو ظاهر المدونة فلو حذف وعدده لطابق المشهور واستفيد منه ذكره بالأولى إلا أن يقال ذكر الثلاثة لأجل المسألة التي بعدها وذكر المصنف الضمير العائد على اللقطة لأنها بمعنى المال المعصوم كما قررنا وما لا عفاص له ولا وكاء يكتفي فيه بذكر الأوصاف التي يغلب على الظن صدق الآتي بها قاله الشيخ سليمان البحيري في شرح اللمع وقول تت محصلة للظن أي الغالب وعدل المصنف عن لفظ العفاص والوكاء الواقع في الحديث إلى ما قاله للاختصار لأن العفاص والوكاء اثنا عشر حرفًا بغير همز وما قاله أحد عشر ولتفسير الحديث كما هو عادته (و) لو اختلف اثنان في أوصاف اللقطة (قضى له) أي لواصف الثلاثة المتقدمة بلا يمين (على ذي العدد والوزن) وقضى أيضًا لذي العفاص والوكاء على ذي العدد والوزن بيمين كما في النقل ولموافقة خبرًا عرف عفاصها ووكاءها وحمل د المصنف على هذه وتت على الأول وعلى النقل في حمل د سقط ما يقال كان القياس القضاء لذي العدد والوزن لأنهما من الصفات الباطنة وفي ق عن أصبغ أن من عرف العفاص فقط يقضى له أي على ذي العدد والوزن اهـ.

بمعناه وكذا يقضى لمن عرف العفاص والعدد على من عرف العفاص والوكاء بيمين هذا هو الظاهر لجمعه بين صفتين صفة في الظاهر وأخرى للباطن ولا يعارض الخبر لحمله على أنه عرفهما فقط وما هنا عرف غيره بعضهما وشيئًا آخر والظاهر أيضًا أن من عرف أوصافًا يقوي بها الظن يقضى له بيمين على من عرف أوصافًا يحصل بها ظن دونه (وإن وصف) اللقطة (ثان وصف) أي مثل وصف (أول) وإن لم يكن عينه حيث لا يقضى

ــ

الجماعة معرض للضياع أحسن فتأمله قلت ويرد عليه أيضًا أنه غير جامع لعدم شموله الرقيق الصغير لأنه لقطة كما صرح به ابن عرفة نفسه في تعريف اللاقطة وهو وارد أيضًا على طرد تعريف المصنف فتأمله والله أعلم (بلا يمين) قول ز كما هو ظاهر المدونة الخ تعقب عليه عزو ذلك لظاهر المدونة فإن ظاهرها جمع الثلاثة كلفظ المصنف رحمه الله ونص التهذيب من التقط لقطة فأتى رجل فوصف عفاصها ووكاءها وعدتها لزمه أن يدفعها إليه ويجبره السلطان على ذلك اهـ.

نعم المشهور سقوط اليمين مطلقًا حيث لا منازع كما في ضيح قلت رأيت لابن رشد في البيان والمقدمات أنه عز الظاهر المدونة سقوط اليمين في ذكر العفاص والوكاء دون ذكر العدد كما فعل ز ونص السماع سئل أشهب عن الرجلين يدعيان اللقطة فيصف أحدهما العفاص والوكاء ويصف الآخر العدد والوزن قال فهي للذي عرف العفاص والوكاء وكذلك لو عرف العفاص وحده كانت له أيضًا بعد الاستبراء ابن رشد قوله فهي للذي عرف العفاص والوكاء يريد مع يمينه ولا اختلاف في هذا وإنما الاختلاف إذا جاء وحده فقيل إنها تدفع إليه بالصفة دون يمين وهو ظاهر مذهب ابن القاسم في المدونة وقيل لا تدفع إليه إلا بيمين وهو قول أشهب اهـ.

ص: 203

لواحد على آخر وقبضها الأول (ولم يبن) ينفصل (بها) انفصالًا يمكن معه إشاعة الخبر (حلفًا) أي حلف كل أنها له (وقسمت بينهما) ونكولهما كحلفهما على الراجح وقيل لا فتبقى بيد الملتقط ويقضى للحالف على الناكل ومفهوم لم يبن أنه لو انفصل بها أي أو لم ينفصل ولكن اشتهر وصفه لها بحيث أمكن علمه لغيره فإن الأول يختص بها ولا شيء للثاني لاحتمال أن يكون قد سمع وصف الأول (كبينتين) متكافئتين عدالة أقام كل واحد واحدة والحال أنهما (لم تؤرخا) فتقسم بين مقيميهما بعد حلفهما ولا فرق هنا بين البينونة وعدمها كما في د (وإلا) بأن تكافأتا أو أرختا (فللأقدم) تاريخًا وكذا لمن أرخت بينته دون الأخرى وإن كانت أعدل كذا قرر عج ونظر في هذه د فقال وانظر ما الحكم إذا كانت إحدى البينتين أعدل ولم تؤرخ وأرخت الأخرى وينبغي أن تقسم بينهما اهـ.

وكذا تقدم إذا كانت إحداهما أزيد عدالة كما هو مقتضى الترجيحات التي ذكرها في باب الشهادات عند تعارض البينتين فلو قال كبينتين لم ترجح إحداهما وإلا فللمرجحة لشمل ذلك (ولا ضمان على) ملتقط (دافع بوصف) تؤخذ به شرعًا لمن وصفها بعد ذلك وصفًا تؤخذ به بل (وإن قامت بينة) أنها (لغيره) أي غير الواصف المدفوعة له المفهوم من الكلام لأنه دفعها له بوجه جائز بأن بها أم لا وفهم من قوله دافع بوصف أن الدافع ببينة أولى وحيث لم يضمن الدافع المذكور فيكون النزاع بين القائم والقابض ويجري على ما مر من وصف الثاني وصف أول ولم يبن بها أو بان بها وإن إقامة بينة لكل منهما أو

ــ

منه في نوازل أصبغ وقال في المقدمات قول مالك وجميع أصحابه أنها تدفع لواصفها أن عرف العفاص والوكاء وإن لم تكن له بينة عليها وقد اختلف أصحابه هل تدفع إليه بيمين أو بغير يمين فظاهر مذهب ابن القاسم في المدونة أنها تدفع إليه بغير يمين اهـ.

(كبينتين لم تؤرخا) في ضيح ما نصه أشهب وإن دفعها للأول ببينة ثم أقام الثاني بينة فهي لأولهما ملكًا بالتاريخ فإن لم يكن تاريخ فهي لأعدلهما فإن تكافأتا كانت لمن هي في يده وهو الأول بعد يمينه أنها له ما يعلم لصاحبه فيه حقًّا فإن نكل حلف الثاني وأخذها فإن نكل فهي للأول بلا يمين ابن يونس ويحتمل على أصل ابن القاسم أن تقسم بينهما وإن حازها الأول لأنه مال قد عرف أصله كقوله فيمن ورث رجلًا بولاء يدعيه وأقام على ذلك بينة وأقام الآخر ببينة أنه مولاه وتكافأتا فالمال يقسم بينهما لأنه مال قد عرف أصله وقال غيره هو لمن هو في يده وهو نحو قول أشهب هنا اهـ.

وبهذا النقل تعقب الشارح على المصنف قائلًا لعل هذا اختيار منه لأن هذا أخذ طرفًا من قول ابن القاسم وطرفًا من قول أشهب اهـ.

وتبعه البساطي وتت ورده الفيشي وطفى بأن المصنف مشى على قول ابن القاسم أولًا وآخرًا لأن ابن القاسم لا يخالف أشهب في الترجيح بالأعدلية أو تقدم التاريخ ولم ينفرد أشهب إلا ببقائها عند التكافئ عند من هي بيده والمصنف خالفه فيه ومشى على ما عزاه ابن يونس لأصل ابن القاسم وبه تعلم قصور نقل المواق والله أعلم اهـ.

ص: 204

لأحدهما (واستؤنى بالواحدة) المتقدمة العفاص أو الوكاء أي إذا عرف شخص أحدهما فيستؤنى بدفع اللقطة له مدة باجتهاد الإمام ولا تدفع له عاجلًا (إن جهل غيرها) بمعنى لم يعلمه فإن أثبت غيره أكثر منه أخذها وإلا دفعت للأول ولا يعارض الاستيناء ما مر عن أصبغ من دفعها الواصف العفاص على ذي عدد ووزن لأنه لا ينائي الاستيناء أو لأن ما مر وجد غير واصفه وما هنا لم يوجد ولا يرد أنه كان القياس العكس لأنا نقول استؤنى لاحتمال من يجيء يصفها بعفاص ووكاء ومفهوم بالواحدة أنها تدفع بغير استيناء لواصف اثنين (لا) إن (غلط) في العفاص والوكاء بأن أخبر فيهما أو في أحدهما على خلاف ما هو عليه فلا تدفع له بالكلية (على الأظهر) والاستيناء فأراد بالغلط تصور الشيء على خلاف ما هو عليه لا المتعلق باللسان واغتفر الجهل المتقدم وهو عدم العلم لعدم كذبه وضر الغلط بالمعنى المراد هنا وهو تصور ما ذكره على خلاف ما اللقطة عليه لكذبه (ولم يضر جهله) أي واصف اللقطة بالعفاص والوكاء أو بأحدهما (بقدره) أي بقدر الشيء الملتقط لأنه قد يكون أخذ منها شيئًا ولا يعلم الآن عدده وكذا لا يضر غلطه وإخباره بزيادة لاحتمال الاغتيال عليه فيها وفي غلطه بنقص قولان كجهل صفة الدنانير أو معرفة سكتها فقط وإن غلط في صفته فقط ضر فلا شيء له بلا خلاف كما في المقدمات وهذا تفصيل

ــ

(واستؤنى بالواحدة) أي من العفاص والوكاء لا من غيرهما هذا فرض المسألة في السماع وفي كلام ابن رشد كما تقدم وقد نص على ذلك ابن عاشر وغيره قلت ونص ابن رشد في سماع أصبغ الاختيار أن يصف مدعي اللقطة العفاص والوكاء وما اشتملا عليه من عدد الدراهم والدنانير وصفتهما فإن وصف بعضًا وجهل بعضًا أو غلط فيه ففي ذلك اختلاف وتفصيل فأما العفاص والوكاء إذا وصف أحدهما وجهل الآخر أو غلط فيه ففي ذلك ثلاثة أقوال ثالثها إن ادعى الجهالة استبرئ أمره وإن غلط لم يكن له شيء في ذلك وهذا أعدل الأقوال اهـ.

وهو نص المقدمات أيضًا وقول ز وإلا دفعت للأول الخ هو نحو عبارة ابن رشد حيث قال يستبرأ أمره فإن لم يأت أحد بأثبت مما أتى به دفعت إليه اهـ.

وظاهره أنه إذا عرف أحدهما العفاص فقط وعرف الثاني الوكاء فقط أو العكس أنها تدفع للأول لأن الثاني لم يأت بأثبت منه وهو غير ظاهر والظاهر أنها تقسم بينهما كما يؤخذ من ظاهر قول ابن الحاجب ولو وصفها اثنان بما يأخذها به المنفرد تحالفًا وقسمت بينهما اهـ.

وقول ز لأن ما مر وجد غير واصفه الخ يقتضي أنه في الصورة المتقدمة وهي إذا عرف أحدهما العفاص فقد والآخر عرف العدد والوزن تدفع لذي العفاص من غير استيناء خلاف ما هنا وليس كذلك بل لا بد من الاستيناء في الواحدة كان ثم منازع أم لا بدليل ما تقدم عن السماع عند قوله بلا يمين والله أعلم اهـ.

ص: 205

في مفهوم بقدره فلا اعتراض به ثم ذكر حكم الالتقاط فقال (ووجب) على مكلف (أخذه) أي المال المعصوم الذي عرض للضياع (لخوف خائن) لو ترك مع علمه أمانة نفسه بدليل ما بعده لوجوب حفظ مال الغير حينئذٍ (لا إن علم خيانته هو فيحرم) مع خوف الخائن وأولى مع عدمه (وإلا) بأن لم يخف الخائن علم أمانة نفسه أو شك فيها أو خاف الخائن وشك في أمانة نفسه (كره) في الصور الثلاث (على الأحسن) فالوجوب في صورة والحرمة في صورتين والكراهة في ثلاث فالصور ست لأن مريد الالتقاط إما أن يعلم أمانة نفسه أو خيانتها أو يشك وفي كل إما أن يخاف الخائن أم لا وقد علمت أحكامها ثم كل من الوجوب والكراهة مقيد بما إذا لم يخش بأخذها على نفسه من الحاكم وإلا لم يأخذ قال د أكد الضمير المتصل بالمنفصل لرفع إيهام عود الضمير أي المتصل على الخائن بالنظر إلى ظاهر اللفظ من غير ملاحظة المعنى وليس هنا شيء جرى على غير من هو له وأبرز الضمير لذلك كما لا يخفى اهـ.

(و) وجب (تعريفه) أي الملتقط (سنة) من يوم الالتقاط فإن أخره سنة ثم عرف فهلكت ضمنها (ولو كدلو) مفرد دلاء جمع كثرة وأدل جمع قلة وهو الآلة التي يستقى بها ودريهمات ودينار والراجح إن هذه الثلاثة ونحوها مما فوق التافه ودون الكثير تعرف أيامًا عند الأكثر بمظان طلبها إلا سنة انظر ح ومما أدخلته الكاف المخلاة (لا تافها) بالنصب عطفًا على محل الضمير في تعريفه بناء على أنه من إضافة المصدر لمفعوله أي أن يعرف

ــ

(ووجب أخذه لخوف خائن) قول ز مع علم أمانة نفسه بدليل ما بعده الخ لا دليل فيما بعده على ما قال بل منطوق قولًا لا إن علم خيانته يصدق بصورتين علم الأمانة والشك فيها لكن النص كما في ضيح وغيره أن الوجوب لخوف خائن إنما هو مع علم أمانة نفسه فعلى المصنف درك في صورة الشك ونص ضيح الأقسام ثلاثة الأول أن يعلم من نفسه الخيانة فيحرم التقاطها الثاني أن يخاف ولا يتحقق ذلك فيكره الثالث أن يتيقن بأمانة نفسه وهذا ينقسم إلى قسمين إما أن يخاف عليها الخونة أم لا فإن خاف وجب عليه الالتقاط وإن لم يخف فثلاثة أقوال لمالك الاستحباب والكراهة والاستحباب فيما له بال والترك لغيره أفضل اهـ.

باختصار واختار التونسي من هذه الأقوال الكراهة كما في الجواهر وإليه أشار المصنف بقوله على الأحسن وبه تعلم أن المصنف فيه إجمال لإيهامه الخلاف والاستحسان في الصور المكروهة كلها مع أن ذلك إنما هو في صورة واحدة هي أن يعلم أمانة نفسه ولم يخف خائنًا واستظهر ابن عبد السلام فيما إذا علم خيانة نفسه أو شك فيها وجوب الالتقاط عليه وتركه الخيانة ولا يكون ذلك عذرًا يسقط عنه ما وجب عليه من حفظ مال الغير قال ح: وما قاله حسن اهـ.

والله أعلم (وتعريفه سنة) قول ز فإن أخره سنة الخ هذه عبارة اللخمي قال ابن عبد السلام عقبه ينبغي أن لا يتقيد بالسنة اهـ.

نقله في ضيح (ولو كدلولا تافهًا) قال في المقدمات ما قل وله قدر ومنفعة ويشح به ربه

ص: 206

الملتقط الشيء الملتقط أو على محل كدلو لأنه خبر كان المحذوفة بعد لو بناء على إضافة المصدر لفاعله كما قررنا وهو ما دون الدرهم الشرعي أو ما لا تلتفت النفس إليه وتسمح بتركه كعصى وسوط لا كثير قيمة لهما فإن لم تسمح بتركه عادة عرف ثم له أكل التافه ولا ضمان عليه حيث لم يعلم ربه وإلا لم يجز أكله ويضمن ويجري نحوه في قوله وله أكل ما يفسد ووجوب التعريف (بمظان طلبها بكباب مسجد) لا داخله أو بسوق ولو داخله (في كل يومين) مرة (أو ثلاثة) من الأيام مرة ابن عبد السلام ينبغي أن يكون أكثر من ذلك في أول تعريفه (بنفسه) متعلق بتعريفه لاختلاف معناه ومعنى الجار الأول إذ هو بمعنى في أو حال من ضمير تعريفه (أو بمن يثق به) أي بأمانته مثل نفسه ولو لإمام مأمون الجهة (أو بأجرة منها إن لم يعرف مثله) أي لا يناسب أن يعرف عليها فإن استؤنى بتعريفها مع وجوبه عليه حتى ضاعت ضمنها كما مر وإن ضاعت ممن يثق به فلا ضمان عليه وعطف على مقدر بعد قوله بمظان طلبها وهو بالبلد الواحد فقال: (وبالبلدين إن وجدت بينهما) لأنهما حينئذٍ من مظان طلبها (و) يجب أنه (لا يذكر جنسها) الذي إذا سمع فهم منه وصفها الذي تؤخذ به (على المختار) بل يذكرها بوصف عام كيامن ضاع له شيء وأولى أن لا يذكر نوعها ولا صفتها ومقتضى كلام اللخمي إن النهي للكراهة لأنه قال: وإن لا يسمى أحسن وفي عزو المصنف ذلك للخمي مع عدم تصريحه بالمنع إشارة لذلك كذا قيل وفيه نظر إذ معنى قوله أحسن أي أحسن من القولين لا إن معناه استحبه والمصنف ذكر صيغة الاسم لاختياره القول بأنه لا يذكر جنسها وكذا فهمه عج على أن

ــ

ويطلبه يعرف اتفاقًا وفي تعريفه سنة أو أيامًا قولان الظاهر روايتها وسماع عيسى بن وهب مع رأي ابن القاسم فيها وما قل ولا يطلبه عادة ربه فلابن القاسم هو لمن وجده وليس عليه تعريفه وإن شاء تصدق به اهـ.

قال ابن عبد السلام وعلى القول الثاني تأول بعضهم المدونة وهو الذي عليه الأكثر من أهل المذهب وغيرهم اهـ.

فأنت ترى المصنف ترك القول الذي عليه الأكثر ورد بلو (بنفسه أو بمن يثق به) قال في ضيح: ونحوه لابن عرفة عن اللخمي هو مخير بين أربع أن يعرفها بنفسه أو يدفعها إلى السلطان إذا كان عدلًا أو إلى مأمون يقوم مقامه أو يستأجر منها من يعرفها فجاز له أن يعرفها للحديث وأجاز له في المدونة أن يدفعها إلى السلطان وأجاز ابن القاسم في العتبية أن يدفعها إلى المأمون يعرفها وأجاز ابن شعبان أن يستأجر عليها اهـ.

من ابن عرفة الباجي قال ابن القاسم ولو دفعها لغيره ليعرفها وهو مثله في الأمانة لم يضمنها لأن ربها لم يعينه لأمانتها بخلاف الوديعة قال وفي قبول قوله ضاعت دون يمين قولًا ابن القاسم والقرينين وهو يقتضي اعتبار المثلية في الأمانة وكلام اللخمي يقتضي عدم التقييد بالمثلية (إن لم يعرف مثله) ابن عرفة تبع ابن الحاجب ابن شاس في قوله ثم أجرة تعريفه منها

ص: 207

معناه أنه يجب عليه أن لا يذكر جنسها (ودفعت لحبر) بكسر الحاء أفصح كما قال الجوهري من فتحها ونحوه مفاد القاموس وصدر بالفتح عياض في المشارق قائلًا إنه رواية المحدثين واقتصر عليه ثعلب وهو عالم الذمة وقد يطلق على عالم المسلمين كقول أبي موسى الأشعري في حق ابن مسعود لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم (إن وجدت بقرية ذمة) أي ليس فيها إلا أهل الذمة كما في عبارتهم وظاهر المصنف سواء كان ذلك الحبر من المحل الذي وجدت فيه اللقطة أم لا والظاهر أن الدفع له مندوب إذ له أن يعرفها بنفسه ولم يجب عليه لئلا يكون فيه خدمة لأهل الذمة فإن لم يكن لها حبر فانظر هل تدفع لراهبهم أي عبادهم أو للسلطان (وله حبسها بعدها) أي السنة (أو التصدق) بها عن نفسه أو عن ربها (أو التملك) وتخييره في هذه الثلاث (ولو) كانت اللقطة (بمكة) خلافًا لقول الباجي كالشافعي لا تستباح لقطتها بعد سنة ويجب تعريفها أبد الخبر لا تحل ساقطتها إلا لمنشد قائلين لأن الاستثناء معيار العموم ولذكر هذه الجملة بعد جمل لا تحل فيها أبدًا وهي لا ينفر صيده ولا يختلي خلاه أي لا يقطع حشيشه ولا يعضده شوكه والأصل تجانس المعطوفات في النفي الأبدي وأجاب المشهور بأن تخصيصه عليه الصلاة والسلام بمكة لوجود اللقطة بها كثيرًا في الحرم بسبب اجتماع الناس فيه من كل فج للنسك والغالب أن الحاج من أهل الآفاق لا يعود لطلب اللقطة فكأن الآخذ لها آخذ لنفسه فخص عليه الصلاة والسلام لهذا المعنى ثم ما ذكره المصنف من التخيير بين الثلاثة في لقطة غير الإِمام وأما في لقطته فليس له إلا حبسها أو بيعها لصاحبها ووضع ثمنها ببيت المال لا التصدق بها أو تملكها ولعل الفرق مشقة خلاص ما في ذمته بخلاف غيره

ــ

إن كان ممن لم يعرف مثله وظاهر لفظ اللخمي أجاز ابن شعبان أن يستأجر عليها منها أنه ولو كان ممن يلي ذلك إذا لم يلتزمه (ودفعت لحبر) كذا وفي الرواية وبحث فيه ابن رشد بإمكان أن تكون لمسلم فكان الاحتياط أن لا تدفع إلى الحبر إلا بعد التعريف بها انظر كلامه في ح (ولو بمكة) ما ذكر من أن لقطة مكة كغيرها لم يحك المازري عن المذهب غيره وعزاه عياض لمالك رحمه الله تعالى وأصحابه ورد المصنف بلو القول بأنه يعرف بها أبدًا لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تحل ساقطتها إلا لمنشد" قاله الباجي وابن رشد عن المذهب ولفظ ابن رشد أقوى منه ونصه في المقدمات لقطة مكة لا يحل إنفاقها بإجماع وعليه أن يعرفها أبدًا قال ابن عبد السلام وبهذا أيضًا قال اللخمي وابن العربي في القبس ابن عرفة لم يذكره اللخمي على أنه المذهب بل على أنه اختاره بعد أن ذكر القول الأول عن ابن القصار وكذلك ابن العربي إنما اختار ما ذكره بعد أن ذكر الأول لمالك وقال تكلم علماؤنا في الاحتجاج لمالك والانفصال عن الحديث ولا أرى مخالفة الحديث ولا تأويل ما لا يقبل وأجابه ابن عرفة بقاعدة مالك في تقديمه العمل على الحديث الصحيح حسبما ذكره ابن يونس في كتاب الأقضية ودل عليه استقراء المذهب قال وقول المازري محمل الحديث على أصلنا على المبالغة في التعريف لأن ربها يرجع إلى بلده وقد لا يعود إلا بعد أعوام حجة عليه لا له اهـ.

ص: 208

ولذا لم يجز لرب آبق علم عند الإمام بيعه لغيره قبل قبضه لعدم القدرة عليه بخلاف ما إذا علم أنه عنده غيره (ضامنًا فيهما) وشبه في الضمان قوله (كنية آخذها) تملكًا (قبلها) أي لقطتها بالفعل ثم أخذها أي أن الملتقط إذا رأى اللقطة فقبل أن يضع يده عليها نوى أن يتملكها ثم وضع يده عليها وحازها فتلفت منه أو غصبت فإنه يضمنها لأنه بتلك النية مع وضعه يده صار كالغاصب فيضمن السماوي (وردها) عن بعد لموضعها أو لغيره (بعد أخذها للحفظ) أي التعريف ولو حكمًا كأخذها لأجل سؤاله جماعة هل هي لهم أم لا فقالوا لا وكلامه في أخذها المكروه لا في الواجب لضمانه بتركه ولا في الحرام لضمانه بأخذها إن لم يردها مكانها لأن ردها فيه واجب (إلا) أن أخذها للحفظ أي للتعريف ثم بدا له فردها إلى موضعها (بقرب) من أخذها فضاعت (فتأويلان) في ضمانة لها وعدمه فإن أخذها لغير الحفظ وردها بقرب فلا ضمان اتفاقًا وعن بعد ضمن سواء أخذها للحفظ كما مر لا على ما في المقدمات وما في الشارح مما يخالف ذلك لا يعول عليه انظر عج (وذو الرق) الملتقط (كذلك) أي كالحر في جميع ما تقدم في وجوب الالتقاط والتعريف

ــ

وبما ذكرنا تعلم أنه كان على المصنف أن لو عبر بخلاف إشارة لتشهير كل من القولين (كنية آخذها قبلها) قول ز أي قبل لقطتها الخ ما حمله عليه هو ما اختاره الشارح بعد أن ذكر الوجه الآخر وهو عود ضمير قبلها للسنة واعترضه بما قال أبو الحسن من أن النية بمجردها لا تنقل اهـ.

وتبعه البساطي واعترضه ح بأن أبا الحسن لم يقل ذلك هنا وأجاب طفى بأن أبا الحسن لما أتى به على سبيل العموم صح استدلال الشارح به هنا ونص أبي الحسن وهل توجب النية بمجردها شيئًا أم لا المشهور أنها لا توجب شيئًا لقوله صلى الله عليه وسلم ما لم تعمل أو تتكلم انتهى.

المراد منه واختار ح عود الضمير للسنة معتمد بحث ابن عرفة مع ابن عبد السلام وذلك أن ابن الحاجب قال وهي أمانة ما لم ينو اختزالها فتصير كالمغصوبة فقال ابن عبد السلام هذا بين إذا كانت هذه النية حين التقطها فإن حدثت بعد التقاط جرى ذلك على تبدل النية مع بقاء اليد اهـ.

ابن عرفة يرد بأن القول بلغو أثر النية إنما هو مع بقاء اليد كما كانت لا مع تغير بقائها عما كانت بوصف مناسب لتأثير النية ويد الملتقط قبل نية الاغتيال كانت مقرونة بالتعريف أو العزم عليه وبعدها مقرونة بنقيض ذلك فصار ذلك كالفعل فيجب الضمان اتفاقًا اهـ.

قال طفى والظاهر ما قاله ابن عبد السلام وهذا من ابن عرفة تحامل اهـ.

قلت بل الظاهر وما لابن عرفة وح لأن نية الاغتيال هنا لم تتجرد بل قارنها الكف عن التعريف ولا حجة لطفى فيما نقله بعده عن ابن عرفة لأن موضوعه في نية تملكها بعد السنة والنية حينئذٍ مجردة عن تغير وصف اليد لأن بمضي السنة سقط عنه التعريف فتأمله فتمسكه به غفلة منه واضحة (إلا بقرب فتأويلان) اعلم أن الأقسام ثلاثة إما أن يأخذها بنية التعريف وإما بنية الاغتيال وإما بينة سؤال معين ثم يرد ففي الثالث يفرق بين ردها ببعد فيضمن أو بقرب فلا

ص: 209

وليس لسيده منعه منه ولا يخالف هذا قوله وليس لمكاتب الخ إذ هو في التقاط اللقيط وما هنا في التقاط اللقطة والفرق كثرة الاشتغال في اللقيط دونها إذ تعريفها ممكن مع سعيه في حوائج سيده وشمل التشبيه أيضًا ضمانه لها في ذمته بعد السنة في التصدق والتملك وليس لسيده إسقاطه أي الضمان عنه بخلاف الوديعة فله إسقاط ضمانها عن ذمته إذا تلفت حيث لم يأذن له في أخذها لأن ربها سلطه عليها بخلاف اللقطة (و) إن ضاعت منه أو هلكت (قبل السنة) فجناية (في رقبته) فتباع فيها ما لم يفده السيد وأما بعد السنة ففي ذمته لعموم خبر عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها (وله) أي للملتقط حرًّا أو عبدًا (أكل ما يفسد) كفاكهة ولحم وخضر ولا يضمنه وجد في غامر أو عامر (ولو) وجد (بقرية) إن لم يكن له ثمن وإلا أكله وضمن ثمنه وظاهر المصنف من غير تعريف وهو ظاهر ابن رشد وابن الحاجب وما يؤخذ من ظاهر المدونة من التعريف ضعيف وأما ما لا يفسد فليس له أكله فإن أكله ضمنه إن كان له ثمن وقول الشيخ عبد الرحمن في القسمين لا ضمان أي إذا لم يكن له ثمن (و) له أكل (شاة) وجدها (بفيفاء) ولو تيسر حملها العمران على المعتمد ولا ضمان عليه وسواء أكلها في الصحراء أو في العمران لكن إن حملها مذكاة أو طعامًا وجده بفيفاء إلى العمران ووجد ربه فهو أحق به ويدفع له أجرة حمله فإن أتى بها حية إلى العمران فعليه تعريفها بنفسه أو بمن يثق به لأنها صارت كاللقطة كما إذا وجدها بقرب العمارة أو اختلطت بغنمه في المرعى (كبقر بمحل خوف) من سباع ونحوها أو جوع أو عطش أو من الناس ووجدت بفيفاء فله أكلها ولا ضمان عليه إن عسر سوقها للعمران وإلا لم يأكلها فإن أكلها ضمن (وإلا) بأن كانت بمحل أمن

ــ

يضمن وفي الثاني ردها واجب ولا ضمان به مطلقًا وفي الأول يضمن أن ردها ببعد وفي القرب تأويلان الضمان لابن رشد وعدمه للخمي كما في نقل أبي الحسن انظره في ح رحمه الله اهـ.

(ولو بقرية) قول ز إن لم يكن له ثمن الخ بهذا قيده ح نقلًا عن ابن رشد قائلًا صرح ابن رشد بأنه إن كان له ثمن بيع ووقف ثمنه ذكره في أول سماع عيسى من كتاب الضحايا واعتراضه طفى بأن صاحب المقدمات أطلق عدم الضمان ونسبه لظاهر المدونة ونصها على نقل ابن عرفة ما أكثر ويخشى تلفه كشاة الفيفاء والطعام الذي يبقى لواجده أكله ولا شيء عليه ولو وجده بالحاضرة وحيث الناس ففي غرمه ولو تصدق به ونفيه ولو أكله ثالثها إن أكله الأول لظاهر قول أشهب والثاني لظاهر قولها والثالث لابن حبيب اهـ.

فأنت تراه فرض الخلاف في الكثير يوجد في الحاضرة والغالب له أن له الثمن قال طفى وما نسبه ح لابن رشد ذكره في كتاب الضحايا على سبيل الاستطراد غير معزو فيحمل على قول أشهب فتأمله اهـ.

(وشاة بفيفاء) ترك المصنف شرطًا آخر ذكره ابن الحاجب وهو كونها يعسر حملها وأقره في ضيح فقال ابن عبد السلام والثاني لم يذكره في المدونة وظاهر كلام المؤلف يعني ابن الحاجب أنه لو لم يعسر حملها للزمه حملها ولم يجز له أن يأكلها اهـ.

ص: 210

في الفيفاء (تركت) بها فإن كانت بمحل خوف من الناس مثلًا في العمران فلقطة (كابل) وجدها بمحل أمن أم لا فتترك إن لم يخف عليها خائن (وإن) تعدى عليها و (أخذت عرفت) سنة (ثم تركت بمحلها) فإن خيف عليها خائن وجب لقطها حينئذٍ فقولهم لا يراعى فيها خوف أي خوف هلاك من جوع أو عطش أو سباع لخبر دعها فإن معها سقاءها وحذاءها أما لخوف خائن فيجب من هذه الحينية (و) للملتقط (كراء بقر) ليس له أكلها (ونحوها) كخيل (في علفها) بفتح اللام اسم لما تأكله كله الدابة من فول ونحوه وسكونها اسم للعلف أي أن الملتقط أن يكريها لأجل علفها إذا كان (كراء مضمونًا) عاقبته أي لا يخشى عليها منه فلا يحتاج لتصويب ابن غازي بمأمون ووجه تصويبه أن المضمون هو كراء دابة غير معينة والفرض هنا أنها معينة وشق التخيير الثاني في المصنف أن له أن ينفق عليها من عنده وإنما جاز له كراؤها في علفها مع أن ربها لم يؤكله فيه لأنها لا بد لها من نفقة عليها فكأن ذلك أصلح لربها والظاهر أنه إذا أكراها كراء مضمونًا وجيبة ثم جاء ربها قبل تمامه فليس له فسخه كما يفيده من حيث المعنى قوله الآتي وإن باعها بعدها فما لربها إلا الثمن وأيضًا لم يعد وهذا من مواضع فسخ الإجارة فاستظهار د الفسخ فيه توقف (و) للملتقط (ركوب دابة) من موضع الالتقاط (لموضعه) أي محل إقامته وإن لم يتعذر أو

ــ

ونص ضيح الشاة كالطعام في التفصيل والخلاف بشرطين أحدهما أن تكون في الفلاة قاله في المدونة وثانيهما أن يعسر حملها للعمارة اهـ.

باختصار وبه تعلم أن قول ز ولو تيسر حملها لعمران على المعتمد الخ غير صواب وقد جزم ز بالقيد المذكور في البقر بمحل خوف مع أنه في المدونة سوّى بين البقر بمحل خوف وبين الشاة وقول ز وسواء أكلها في الصحراء أو في العمران الخ ظاهره ولو أتى بها للعمران حية وليس كذلك بل يعرفها كما ذكره بعده (كابل) ظاهره وجدها في الصحراء أو في العمران ابن عبد السلام وهو أسعد بظاهر المذهب وقول ز إن لم يخف عليها خائن فإن خيف عليها وجب لقطها الخ فيه نظر بل مذهب المدونة تركها مطلقًا وفي ضيح ما نصه قال في المقدمات بعد أن ذكر التقاط الإبل قيل إن ذلك في جميع الأزمان وهو ظاهر قول مالك في المدونة والعتبية وقيل هو خاص بزمن العدل وصلاح الناس وأما في الزمن الذي فسد فالحكم فيه أن تؤخذ وتعرف فإن لم تعرف بيعت ووقف ثمنها لصاحبها فإن أيس منه تصدق به كما فعل عثمان لما دخل الناس في زمنه الفساد وقد روي ذلك عن مالك اهـ.

ابن عبد السلام وصحيح مذهب مالك عدم التقاطها مطلقًا وما ذكره ز من أن خوف السباع لا يعتبر كخوف الجوع والعطش فيه نظر فإن الذي ذكره ابن رشد واقتصر عليه ابن عرفة وضيح وح هو قوله في المقدمات ما نصه واختلف إن كانت الإبل بعيدة من العمران حيث يخاف عليها السباع فقيل إنها في حكم الغنم لواجدها أكلها وقيل إنها تؤخذ فتعرف إذ لا مشقة في جلبها اهـ.

وهما متفقان على عدم تركها حينئذٍ اهـ.

ص: 211

يتعسر عليه قودها كما في تت وق خلافًا للشارح (وإلا) بأن أكراها في أزيد من علفها أو كراء غير مضمون أو ركبها لغير موضعه (ضمن) القيمة إن هلكت والمنفعة إن لم تهلك فهذا راجع للثلاث مسائل وحذف متعلق ضمن للتعميم كما علمت ويقدم المستأجر في الكراء غير المضمون لأنه مباشر على المكري لأنه متسبب (و) للملتقط (غلاتها) أي المذكورات من الشاة وما بعدها أي لبنها وزبدها وسمنها وجبنها لا كراؤها لما تقدم أنها تكري في علفها فإن زاد من كرائها له شيء فلربها ولا نسلها لإخراجه بقوله: (دون نسلها) ومثله الصوف تامًّا أم لا فلربها وأولى نسل اللقطة غير الشاة وما بعدها وظاهر المصنف أن له الغلة ولو زادت على قدر قيامه بها وهو الموافق لرواية ابن نافع وظاهر نقل ابن رشد وسماع الفرينين أنه إنما له منها بقدر قيامه عليها والزائد عليه لقطة (و) إن اتفق الملتقط على اللقطة من عنده (خير ربها) إذا حضر (بين فكها بالنفقة) أي بمثلها لأنه قام عنه بواجب (أو) أي وبين (إسلامها) لملتقطها في مقابلة نفقته فإن أسلمها ثم أراد أخذها لم يكن له ذلك كما قاله أشهب فلو ظهر على صاحبها دين قدم الملتقط بنفقته على الغرماء كالرهن حتى يستوفي نفقته لأن تعلق حقه أقوى وهذه المسألة في المصنف تدل على أن النفقة في ذات اللقطة لا في ذمة ربها فيستفاد من ذلك مسألة كرائها المتقدمة لو نقص على نفقتها لم يرجع بباقيها على ربها واعترض تعبيره بأو بأن الواجب في مقابلة بين الواو لا أو وجعلها بمعنى الواو كما في قول الشاعر:

قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم

ما بين ملجم مهره أو سافع

يتوقف على جواز مثله في النثر (وإن باعها) الملتقط بأمر السلطان أو بغير أمره (بعدها) أي السنة التي عرفها بها (فما لربها إلا الثمن) الذي بيعت به على الملتقط لا على المشتري ولو كان الملتقط عديمًا ويرجع عليه بالمحاباة أيضًا لأنه كالوكيل فإن أعلم في هذه رجع على المشتري بما حاباه به فقط لا بأصل الثمن والفرق أن المشتري لما شارك

ــ

(وغلاتها دون نسلها) قول ز رأى المذكورات من الشاة وما بعدها الخ لا يخفى أن محله في الشاة حيث يلزمه تعريفها بأن كانت لا يعسر حملها مثلًا كما إذا وجدها في الفلاة مع غنمه فحملها لا يعسر لاتباعها الغنمه وقد حمل في كلام ابن الحاجب على هذا قاله أحمد (وخير ربها بين فكها بالنفقة) قول ز فيستفاد من ذلك أن مسألة كرائها المتقدمة لو نقص عن نفقتها لم يرجع بباقيها على ربها الخ فيه نظر بل غير صحيح فإن الباقي من النفقة حكمه التخيير الذي في لفظ المصنف وصوابه لو قال يستفاد من كون النفقة في اللقطة أنه إذا لم توف اللقطة بالنفقة فلا رجوع للملتقط بالزائد على ربها بخلاف نفقة الرهن فإنها في ذمة الراهن كما تقدم في بابه (وإن باعها بعدها فما لربها الخ) اعلم أنه بعد السنة إذا تملكها تارة يبيعها وتارة يجدها ربها معيبة وتارة سالمة فأشار إلى الأول بقوله وإن باعها الخ وللثاني بقوله وإن نقصت الخ وأما الثالث فلوضوحه لم يتكلم عليه وأما إن تصدق بها فأما عن نفسه أو عن

ص: 212

البائع في العداء بالمحاباة رجع عليه بها عند عدم بائعه ولا كذلك عدمه في غير ذلك من الثمن كذا في بعض التقارير قاله تت ومفهوم الظرف لو باعها قبل السنة إن حكمها ليس كذلك والحكم أن ربها مخير في البيع وأخذ الثمن ورده وأخذها الخ وقوله ورده وأخذها أي إن كانت قائمة فإن فاتت فعليه قيمتها في ذمته إن كان حرًّا وإلا ففي رقبته كالجناية كما تقدم في قوله وقبل السنة في رقبته (بخلاف ما لو وجدها) ربها (بيد المسكين) المعين (أو) بيد (مبتاع منه) أي من المسكين (فله) أي لربها (أخذها) من المسكين ومن المشتري منه ويرجع المشتري على المسكين بثمنه إن كان بيده فإن فات رجع المشتري من المسكين بثمنه على الملتقط وقوله فله أخذها أي وله تضمين الملتقط القيمة ومحل التخيير حيث تصدق بها عن نفسه مطلقًا كعن ربها وتعيبت فإن بقيت بحالها فليس له تضمينه وإنما له أخذها إن كانت قائمة وقيمتها إن فاتت قال الشارح والفرق بين بيع المسكين والملتقط إن المسكين باعها على أنها ملكه وصاحبها لما استحقها كان له نقض ذلك أي بمنزلة طرو استحقاق على بيع كما في تت والملتقط قد جعل له الشارع ذلك بقوله فشأنك بها انتهى.

(وللملتقط الرجوع عليه) أي على المسكين المتقدم الذكر وهو الذي لم يفوتها بل وجدت عنده معيبة (إن أخذ) ربها (منه) أي من الملتقط (قيمتها) في تصدقه بها عن ربها وتعيبت فإن كانت باقية بحالها فإنما له أخذها كما مر لا أخذ قيمتها فلا يتأتى رجوع الملتقط على المسكين وإذا عزم الملتقط القيمة في مسألة المصنف وفاتت اللقطة بيد المسكين لم يرجع عليه الملتقط بما غرمه من قيمتها لربها واستثنى من رجوعه عليه قوله (إلا أن يتصدق) الملتقط (بها عن نفسه) فلا رجوع له على المسكين بالقيمة التي غرمها لربها (وإن نقصت بعد نية تملكها) بعد تعريفه لها سنة (فلربها أخذها) ولا أرش له النقص

ــ

ربها وقد أشار إليهما بقوله بخلاف لو وجدها وأما إذا أمسكها لربها فلا إشكال (بخلاف ما لو وجدها بيد المسكين) قول ز ويرجع المشتري على المسكين بثمنه الخ عبارة ابن يونس مفرعًا على قول ابن القاسم كما نقله ابن عرفة وضيح فإذا أخذها من المبتاع من المساكين رجع المبتاع بالثمن على المساكين إن كان قائمًا بأيديهم وإن كان لم يقم فالأولى أن يرجع على الملتقط الذي سلطهم عليه وينبغي أن يرجع عليه بالأقل من ثمنها أو قيمتها يوم تصدق أو يرجع بتمام ثمنها على المساكين لأنهم البائعون منه اهـ.

(إلا أن يتصدق بها عن نفسه) قول ز فلا رجوع له على المساكين بالقيمة التي غرمها الخ صوابه بعين اللقطة لا بالقيمة لأن هذا مستثنى من قوله وللملتقط الرجوع الخ وهناك إنما يرجع بعين للقطة أو بما وجد منها لا بالقيمة قال ابن الحاجب للملتقط الرجوع على المساكين في عينها إن أخذ منه قيمتها إلا أن يكون تصدق بها عن نفسه اهـ.

(وإن نقصت بعد نية تملكها) قول ز ولا أرش له في النقص الخ فيه نظر بل المعتمد أنه

ص: 213

(أو قيمتها) يوم نية تملكها وهذا إذا نقصت باستعمال الملتقط فإن نقصت بسماوي فليس له إلا أخذها كما إذا كانت باقية بحالها وهذا إذا نوى تملكها بعد السنة فإن نواه قبلها فكالغاصب يضمن السماوي كما مر ومفهوم الظرف أنها لو نقصت قبل نية التملك وقبل السنة فليس له إلا أخذها فقط وظاهره ولو نقصت بسبب استعماله وهو كذلك على أحد قولين (ووجب لقط) أي التقاط (طفل) ذكر أو أنثى صغير لا يقدر على قيامه بمصالح نفسه كنفقة وغذاء سواء كان حرًّا أو مشكوكًا فيه إذ الأصل الحرية وسيأتي الرقيق المحقق في قوله وندب أخذ آبق الخ (نبذ) جملة بعد نكرة فهي صفة لها أي طفل منبوذ ربما يقال هذا لا يشمل من لم يطرح كابن أربع سنين أو خمس سنين وإنما يشمل المرضع مثلًا ويمكن أن يقال المراد بالنبذ الترك فيشمل ذلك قاله د ثم قوله نبذ يشعر بأنه في غير حرزاذ من أخذه من حرزه سارق كما يأتي (كفاية) مفعول مطلق أو تمييز للوجوب المفهوم من وجب أو حال من لقط على حذف مضاف في الحال أي حال كون اللقط وجوب كفاية لا بدون مضاف إذ الكفاية والعينية من صفات الوجوب لا من صفات الفعل المتعلق به الوجوب ومحلها إن لم يخف عليه وإلا وجب عينًا كما في الإرشاد وفي قوله نبذ إشارة إلى اتحاد معنى اللقيط والمنبوذ كما عند الجوهري والمتقدمين وقيل اللقيط ما التقط صغيرًا في الشدائد والجلاء ذلك والمنبوذ ما دام مطروحًا ولا يسمى لقيطًا إلا بعد أخذه وقيل المنبوذ ما وجد بفور ولادته واللقيط بخلافه وظاهر المصنف الوجوب ولو علم خيانة نفسه كاللقطة وظاهره أيضًا وجوبه على المرأة وينبغي أن يقيد بما إذا لم يكن لها زوج وقت إرادتها الأخذ وإلا فله منعها فإن أخذته فصل بين أن يكون لها مال تنفق

ــ

إن اختار أخذها فله ما نقصها ابن عرفة ابن رشد في أول السماع ابن القاسم إن وجدها ربها بيد ملتقطها وقد نقصها باستعمال فله أخذها وما نقصها وإن انتهكها ففي تخييره في أخذ قيمتها وأخذها ولا شيء له في نقصها أو مع قيمة نقصها ثالثها ليس له إلا ما نقصها اهـ.

ثم ذكر عن ابن رشد أنه عزا ثاني الأقوال للمعروف من قولها اهـ.

(ووجب لقط طفل) ابن عرفة اللقيط صغير آدمي لم يعرف أبواه ولا رقه فيخرج ولد الزانية المعلومة ومن علم رقه لقطة لا لقيط اهـ.

وهو غير ظاهر لأن حد ابن عرفة السابق للقطة يخرج الرقيق مطلقًا وقد تقدم ذلك وكذا قول ابن عرفة في الرقيق أنه آبق لا لقطة ولا لقيط غير ظاهر أيضًا لأن الآبق عرفًا هو الفار من سيده قاله الشيخ المسناوي رحمه الله تعالى اهـ.

(كفاية) نحوه في ابن الحاجب وقال ابن عرفة حكم التقاطه عبر عنه ابن شعبان بقوله ينبغي أن يؤخذ المنبوذ ولا يترك وفي المعونة من التقط لقيطًا أنفق عليه أو تركه لأنه فقير من فقراء المسلمين يلزم الكافة إعانته وقول ابن الحاجب كابن شاس تبعًا للغزالي إن التقاطه فرض كفاية لا أعرفه انتهى.

ص: 214

عليه منه أم لا (و) جب (حضانته ونفقته) على ملتقطه عينًا لأنه التزم ذلك بالتقاطه حتى يبلغ عاقلًا قادرًا على الكسب والأنثى حتى يدخل بها فيما يظهر وهو ظاهر ابن عرفة لأنه ولده حكمًا بالتقاطه ثم لا رجوع له حينئذٍ عليه ومحل الوجوب عينًا (إن لم يعط من الفيء) أي من بيت المال فلا وجوب عليه بل على بيت المال واستثنى من وجوب النفقة المقيد بقوله إن لم الخ قوله: (إلا أن يملك) بالتشديد (كهبة) وصدقة وحبس فنفقته من ذلك ويحوزه له الملتقط بدون نظر حاكم إن كانت الهبة ونحوها من غيره وكذا منه على ما سماع ز ونان وفي سماع يحيى لا يحوزها له لأن ذلك خاص بالولي لمن في حجره والملتقط ليس كذلك ولم يقل أو يملك بالعطف على يعط مع أنه أخصر لئلا يتوهم أن الشرط الآتي عائد على وجوب الإنفاق أيضًا ولئلا يتوهم مساواة ماله للفيء في وجوب الإنفاق فأشار إلى أنه يقدم ماله ثم الفيء ثم الملتقط والفرق بينه وبين الأسير كما قدمه بقوله وفدى بالفيء ثم بمال المسلمين ثم بماله أن اللقيط إنما تجب مواساته حيث لا مال له لكونه أجنبيًّا من الملتقط وليس له في بيت المال حق إلا عند عدم مال له والأسير قدم فيه الفيء لأن موضوعه تجهيز الغزاة وفك الإسراء ونحو ذلك فإن لم يكن فعلى المسلمين لأن فكه من مصالحهم لئلا يستأصل الكفار جمعًا (أو يوجد) مال (معه) ظرف لغو متعلق بيوجد لا نائب فاعل لأنه من الظروف التي لا تتصرف ونائب الفاعل ضمير مستتر عائد

ــ

والظاهر إن كان بيت مال تعين حفظه على الناظر فيه وعلى من أبصره رفع علمه به وإن لم يكن كان فرض كفاية على القادرين على حفظه وقول ابن شاس إن خاف عليه الهلاك إن تركه لزمه أخذه هو مقتضى قواعد المذهب وغيره انتهى.

(وحضانته ونفقته) قول ز وهو ظاهر ابن عرفة رحمه الله تعالى الخ بل به جزم في ضيح وابن عرفة والشامل وهو ظاهر رواية محمَّد وذلك أن الباجي قال فإن لم يكن بيت مال ينفق عليه منه فروى محمَّد على ملتقطه حتى يبلغ ويستغني اهـ.

وقال ابن الحاجب فإن تعذر فعلى الملتقط حتى يبلغ أو يستغني اهـ.

فعطف بأو خلاف ما في الرواية من عطفه بالواو وجزم في ضيح بما في الرواية معترضًا على ابن الحاجب وتبعه في الشامل وقال ابن عبد السلام ما في الرواية من عطفه بالواو يوهم أن يكون في النفقة عليه كالولد تستمر إلى بلوغ الولد صحيحًا أو دخول زوج الأنثى بها وما أظنه يريد مثل هذا اهـ.

واعترضه ابن عرفة بأنه يقتضي أنه تنقطع نفقته بالبلوغ وإن لم يستغن وظاهر الرواية خلاف ذلك وهو مقتضى المدونة وغيرها اهـ.

باختصار (إلا أن يملك كهبة) قول ز لئلا يتوهم أن الشرط الآتي عائد الخ هذا التوهم ليس بموجود وعلى تقدير وجوده لا يدفع الاستثناء بل كما هو مع العطف كذلك هو مع الاستثناء تأمله اهـ.

ص: 215

على المال المفهوم من السياق أو المدلول عليه بيملك الخ بمعنى الخ بمعنى آخر ففيه استخدام إذ الأول مال موهوب وهذا مال موجود معه بثيابه مربوطًا أو محزومًا عليه فلم يعلم كونه كهبة (أو مدفون) بالرفع عطف على نائب فاعل يوجد بتقدير صفة أي مال ظاهر أو الخ والنصب على الحال وهو أجود لأنه صفة في الحقيقة للمال قاله غ (تحته) وقوله (إن كانت معه رقعة) مكتوب فيها أن المال لهذا المنبوذ قيد في الأخيرة فقط دون ما قبلها خلافًا فالتجويز الشارح ذلك لأن قرينة كونه معه كافية قال معناه د فإن لم يكن معه رقعة فالمال المدفون تحته لقطة (و) وجب الملتقط بالكسر (رجوعه على أبيه) أي أبى الملتقط بفتح القاف بالنفقة التي أنفقها عليه (إن) كان أبوه (طرحه عمدًا) بإقراره أو ببينة لا بدعوى الملتقط ومخالفة الأب فإن القول قوله فيما يظهر لما جبل عليه من الحنان ولا بد في الرجوع عليه أيضًا أن يكون موسرًا حين الإنفاق وأن يحلف المنفق أنه أنفق ليرجع لا حسبة كما يذكره وأن تكون نفقته غير سرف فإن كانت سرفًا رجع بنفقة المثل ومفهوم الشرط أنه لو ضل من أبيه أو هرب أو نحو ذلك لم يرجع المنفق على الأب ولو كان موسرًا لأن الإنفاق حينئذٍ يحمل على أنه هبة فإن تنازعا في قدر النفقة فلا بد من إثباتها وإلا فقول أبيه بيمين لأنه غارم ويجري في قوله اعتمد الباب على ظن قوي كان اختلفا في يسر الأب وقت الإنفاق انظر ح وقول المصنف عمدًا مستدرك مع قوله طرحه لتبادر القصد منه إلا أن يؤول بوقع طرحه وهل من الطرح عمدًا طرحه لوجه أم لا وجعله البساطي خارجًا بقوله عمدًا وقوله رجوعه عطف على لقط لكن الوجوب في الأول عليه وهنا له كما قررنا ويحتمل أن يكون الوجوب مستعملًا في معناه الشرعي وهو ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه بالنسبة للفرع الأول وفي الثبوت مجازًا بالنسبة للفرع الثاني ويحتمل أن يكون رجوعه مبتدأ وعلى أبيه خبره أي ورجوعه كائن على أبيه والجملة على الاحتمال الثاني مستأنفة والشق الثاني في الاحتمال الأول عدم رجوعه أي وله أن يترك ولا يرجع (والقول له) أي للملتقط بيمين (أنه لم ينفق حسبة) أي تبرعًا أي بل ليرجع لا

ــ

(أو مدفون) قول ز والنصب على الحال الخ وقع فيه نقص ونص ابن غازي ولو نصب على الحال عطفًا على معه لكان أجود اهـ.

ويؤخذ منه إن معه حال لا ظرف لغو وهو ظاهر والتقدير أو يوجد المال مصاحبًا له أو مدفون تحته اهـ.

(إن طرحه عمدًا) قول ز وجعله البساطي خارجًا بقوله عمدًا الخ الظاهر أن الطرح لوجه طرح عمدًا وما قاله البساطي فيه نظر وإن سلمه ح تأمله (والقول له أنه لم ينفق حسبة) قول ز كان لم ينو شيئًا على ظاهر المصنف الخ فيه نظر بل ظاهر المصنف أنه إذا لم ينو شيئًا يرجع كما إذا نوى الرجوع لأن منطوق لم ينفق حسبة صادق بما إذا لم ينو شيئًا تأمله وقول ز وفي ابن عرفة مقتضى المدونة رجوعه في هذه الحالة الخ على هذا المقتضى يكون الصواب

ص: 216

قول الأب حسبة فإن نوى حسبة لم يرجع كان لم ينو شيئًا على ظاهر المصنف ثم ظاهره أنه إن أنفق حسبة لا يرجع ولو طرحه أبوه عمدًا أي نظر النية المنفق وفي ابن عرفة مقتضى المدونة رجوعه في هذه الحالة أي نظر النية الأب السابقة على التقاط الملتقط (وهو) أي اللقيط (حر) أي محكوم شرعًا بحريته لأنها الأصل في الناس الذين لم يتقرر عليهم ملك ولو أقر بالرقية لأحد ألغي عند ظهور الحرية فيه وسواء التقطه حر أو عبد أو كافر لإطلاقه هنا وتفصيله في إسلامه ولا يمنع من ذلك قوله: (وولاؤه للمسلمين) مع أن الذمي ماله ليس لهم لأنه قد يكون لهم كالمؤمن في بعض الأحوال وفي بعض التقارير ينبغي تقييده بغير المحكوم بكفره وأراد بولائه ميراثه للمسلمين لا لملتقطه وهذا إن لم يجعله الإِمام له وإلا ورثه لأن ذلك من الأمور العامة التي النظر فيها للإمام قال الشيخ يوسف الفيشي وتوقف الشيخ سالم في هذا القيد بأن من أعتق عبدًا من المسلمين فالولاء لهم وليس للإمام أن يخص به أحدًا انتهى.

وقد يقال اللقيط حر أصالة فجعل الإِمام ماله لملتقطه من المصلحة التي النظر فيها له بخلاف الرقيق أصالة المالك معين وبتفسير الولاء هنا بالإرث أي يرثونه ويعقلون عنه ويعقل عنهم لا أنه يرثهم ولا الولاء الذي هو لحمة كلمة النسب المختص بمن أعتق سقط ما يقال إن قوله حرّ يناقض قوله وولاؤه للمسلمين لمنافاة الحرية للولاء لأن الولاء لمن أعتق كما يأتي (وحكم بإسلامه) أي اللقيط إن وجد (في) قرية من (قرى المسلمين) لأنه الأصل والغالب وإن كانت بين قرى الكفار ولو التقطه كافر (كأن لم يكن فيها) أي في القرية لا بقيد كونها للمسلمين وإلا نافى قوله: (إلا بيتان) للمسلمين أو ثلاثة والبيت

ــ

إسقاط قوله والقول له أنه لم ينفق الخ لأنه حينئذٍ لا يبقى له موضع ينزل عليه ونص ابن عرفة قال ابن الحاجب وابن شاس فإن ثبت له أب بالبينة طرحه عمدًا لزمه إلا أن يكون أنفق حسبة فلا رجوع فإن أشكل فالقول قول المنفق وتبعهما ابن عبد السلام وابن هرون ففهمو المذهب على أنه إن أنفق عليه حسبة فلا رجوع له على أبيه مع تعمده طرحه ومقتفى المدونة خلافه وإن لمن أنفق عليه احتسابًا ثم ظهر أن له أبا موسرًا تعمد طرحه أن يرجع عليه بالنفقة ثم ساق لفظ المدونة ثم قال وهو ظاهر فهم اللخمي المذهب بقوله اختلف فيمن أنفق على صغير تعمد أبوه طرحه وهو موسر فقال ابن القاسم يتبعه بالنفقة وقال أشهب لا شيء له يريد لأنه أنفق على وجه الحسبة والأجر والأول أبين لأنه يقول لو علمت أن له من تلزمه نفقته لم أنفق عليه الأعلى اتباعه بها قلت فقوله لو علمت الخ نص في أنه لو أنفق عليه على وجه الحسبة لا يتبعه اهـ.

باختصار (وولاؤه للمسلمين) قول ز توقف الشيخ سالم في هذا القيد كلمة الخ لا وجه للتوقف وقد قال في الجواهر ما نصه ولا يختص به ملتقطه إلا بتخصيص الإمام اهـ.

والظاهر أن المعتق عن المسلمين مثلهم إذ لا فرق بينهما وما فرق به ز لا معنى له لأنه حيث فسر الولاء بالمال ففي كل منهما النظر للإمام نعم الولاء الذي هو لحمة كلمة النسب لا يتأتى فيه ذلك ليس الكلام فيه تأمله (كان لم يكن فيها إلا بيتان) قول ز والبيت كالبيتين

ص: 217

كالبيتين على ظاهر المدونة فيحكم بإسلامه أيضًا تغليبًا للإسلام (إن التقطه مسلم) فإن التقطه مشرك فمشرك ولا يحكم بإسلامه وظاهر المصنف الحكم بإسلامه حيث التقطه مسلم ولو سئل أهل البيتين فجزموا بأنه ليس منهم وينبغي أن يكون كذلك لخبر كل مولود يولد على الفطرة وقياسًا على إسلام المسبي تبعًا لإسلام سابيه ولأنهما قد ينكرانه لنبذهما إياه واستظهر عج أن لا يكون مسلمًا فإن كان فيها أربعة بيوت فأكثر حكم بإسلامه وإن التقطه كافر كما هو مفهوم المصنف وهو المفهوم من المدونة أيضًا قاله وفي الشارح تبعًا للتوضيح إنما يحكم بإسلامه مطلقًا إن ساوى المسلمون الكفار في القرية أو تقاربوا أي عرفًا وأولى إن كان المسلمون أكثر لا إن كانوا دون الكفار من غير تقارب فيفصل في ملتقطه قال عج وما في التوضيح والشارح ظاهر صنيعهما أنه ليس من عندهما فهو من حمل الشيوخ المدونة عليه فيتبع دون ما فهمه ح عنها انتهى.

ولا يخفى إن ما في ح مفهوم المصنف وإلا وضاع قوله كان لم يكن فيها إلا بيتان الخ (و) إن وجد (في) قرية من (قرى الشرك) ولو كانت بين قرى المسلمين فهو (مشرك) وإن التقطه مسلم تغليبًا للدار وإنما لم يعبر كما في الجواهر في الموضعين بقرية كما قررناه به فيهما لفهم ذلك من المعنى إذ يستحيل أن اللقيط يوجد في آن واحد في قريتين ولا يقدح في ذلك أن ضمير فيها لقرية لا لقرى لأن المعنى يفهم منه ذلك أيضًا ولا يقال عبر بقرى وإن كان المراد قرية للاحتراز عما وجد في قرية مسلمين بين قرى الشرك وكذا يقال في قوله وفي قرى الشرك لأنا نقول ظاهر ابن شاس وغيره أن من وجد بقرية مسلمين مسلم ولو كانت بين قرى مشركين وإن من وجد بقرية مشركين مشرك ولو كانت بين قرى مسلمين كما أشرنا له (ولم يلحق) أي لم يلحقه الشرع (بملتقطه ولا غيره) إذا استلحقه (إلا ببينة) تشهد لكل بأن هذا ولده ولا يكفي قولها طرح له ولد فإذا أقامها لحق به ملتقطًا أو غيره مسلمًا أو كافرًا وسواء في هذه الأربعة كان اللقيط محكومًا بإسلامه أو بكفره فهذه

ــ

على ظاهر المدونة الخ فيه نظر بل ظاهر المدونة خلافه لأن لفظها كلفظ المصنف والذي ذكره إنما استظهره ح من عنده ونصه وانظر قولهم كالبيتين والثلاثة لو لم يكن فيها إلا واحد والظاهر أن الحكم متحد اهـ.

وقول ز لا إن كانوا دون الكفار من غير تقارب الخ هذا القيد لم يصرح به في التوضيح لكنه مفهوم كلامه ونصه يفهم من ابن الحاجب لو كان المسلمون مساوين أو أكثر أو قريبًا من التساوي أن يحمل اللقيط على الإسلام ولو التقطه مشرك انتهى.

فيفهم من قوله أو قريبًا من التساوي ما ذكره ز لكن نكت عليه ح بمفهوم المدونة الذي هو كمفهوم المصنف (وفي قرى الشرك مشرك) قول ز وإن التقطه مسلم الخ نحوه لأبي الحسن والذي في الذخيرة أنه إن التقطه مسلم يكون على دينه وهو الظاهر والله أعلم اهـ.

ص: 218

ثمانية (أو بوجه) كرجل لا يعيش له ولد فزعم أنه رماه لما سمع أنه إذا طرح الجنين عاش ونحوه مما يدل على صدقه فيلحق بصاحب الوجه وهل في الثمان صور المتقدمة وهو ما يفيده ابن عرفة وتت والشيخ عبد الرحمن الأجهوري أو في أربع منها فقط وهي إذا استلحقه مسلم كان هو الملتقط أو غيره كان المستلحق بالفتح محكومًا بإسلامه أم لا وهو ما ذهب إليه بعضهم ونحوه في د قائلًا وأما إذا استلحقه ذمي فلا بد فيه من البينة انتهى.

أو في صورتين فقط من الثمانية وهما إذا استلحقه مسلم غير الملتقط سواء حكم بإسلام اللقيط أم لا وهو ما ذهب إليه بعضهم وهو معقول إذ كيف يتصور الاستلحاق بالوجه المتقدم من الملتقط اللهم إلا أن يقال أنه سمع أن من طرح ولده يعيش وإن التقطه هو بعد طرحه وهو بعيد فإن قيل لم توقف الاستلحاق هنا على البينة أو الوجه كما قال المصنف وقد تقدم أن الأب يستلحق مجهول النسب قلت تقدم أن شرطه أن لا يكون مولى لمن كذب المستلحق بالكسر وهذا لما ثبت ولاؤه للمسلمين كان ذلك بمنزلة تكذيب مولاه لمن استلحقه فلذا توقف هنا على ما ذكر (ولا يرده) الملتقط أي يحرم عليه رده لموضعه بل ولا لأحد (بعد أخذه) ليحفظه أو بلا نية حفظه ولا رفعه للحاكم لأن فرض الكفاية يتعين بالشروع (إلا أن يأخذه ليرفعه للحاكم) لا لقصد تربيته ولا التزامها فرفعه له (فلم يقبله والموضع مطروق) لا يخشى هلاكه فيه بل يوقن إن غيره يأخذه فله رده لعدم أخذه للحفظ فلم يشرع في فرض كفاية حتى يتعين عليه فإن لم يكن الموضع مطروقًا بأن لم يوقن أن غيره يأخذه حرم رده فإن تحقق عدم أخذه حتى مات اقتص منه وإن شك في أخذه ثم مات ضمن ديته وانظر هل دية خطأ أو عمد ومثل أخذه لرفعه للحاكم أخذه ليسأل معينًا هل ولده أم لا والاستثناء منقطع لأن ما قبله أخذه للالتقاط وهذا

ــ

(أو بوجه) قول ز وهو ما يفيده ابن عرفة الخ فيه نظر بل ابن عرفة نقل قبول الوجه من الذمي عن أبي إسحاق التونسي واعترضه بحرمة الإسلام ونصه قال ابن الحاجب وأما الذمي فلا يلحقه إلا ببينة فقبله ابن عبد السلام وإلا ظهر تعليله بأن الاستلحاق خبر وخبر الكافر لغو وما نقله ابن الحاجب خلاف قول التونسي النصراني يدّعى اللقيط إلى بلد الإسلام أنه ابنه فإذا كان له دليل مثل ما ذكرنا أنه سمع قول الناس أنه إذا طرح عاش وجب أن يلحق به قلت فجعله كالمسلم وفيه نظر لحرمة الإسلام وقبول خبر المسلم وتقدم قولها اللقيط حر وولاؤه للمسلمين انتهى.

كلامه فعزو الإطلاق لابن عرفة فيه نظر بل ما ارتضاه هو القول الثاني وهو قول ابن الحاجب وابن عبد السلام أيضًا كما علمت وأما الثالث فعزاه ابن عرفة لنقل اللخمي عن محمَّد وقول ز وهذا لما ثبت ولاؤه للمسلمين الخ هذا التوجيه نحوه في ضيح واعترض بأن مجهول النسب مثله في كون ولأنه للمسلمين فلا فرق ولذا قال ابن يونس خالف ابن القاسم هنا أصله في الاستلحاق كما في المواق (ولا يرده بعد أخذه) قول ز ولا لأحد الخ غير صحيح وعبارة غيره يحرم رده لموضعه ولغيره أي غير موضعه وقول ز والاستثناء منقطع الخ

ص: 219

أخذه ليرفعه للحاكم (و) لو رأى اللقيط اثنان فأكثر وأراد كل أخذ، للحفظ وكل أهل لحفظه وكفايته (قدم الأسبق) في وضع اليد فإن أخذه غيره بعد وضع يد الأسبق نزع منه ودفع للأسبق فقوله قدم أي ابتداء أو بعد نزع الطفل من يد من هو دونه وكذا يقال في قوله (ثم) إن استويا في وضعها قدم (الأولى) أي الأصلح لحفظه والقيام به مع الأمن من بيعه (وإلا) يكن أصلح بل استويا في الأصلحية والسبق (فالقرعة) وظاهر المدونة تقديم إلا كفى في مؤنته وكفايته مع الأمن من بيعه على الأسبق ومثل اللقيط فيما ذكره المصنف اللقطة (وينبغي) للملتقط (الإشهاد) عند التقاطه أنه التقطه خوف الاسترقاق فإن تحقق أو غلب على الظن الاسترقاق وجب الإشهاد واللقطة كذلك فيهما (وليس لمكاتب ونحوه) ممن فيه شائبة حرية وأولى قن (التقاط بغير إذن السيد) واحتاج المكاتب لإذنه مع أنه أحرز نفسه وماله لأن التقاطه ربما أدى لعجزه لاشتغاله بتربيته ولأن حضانته تبرع وليس المكاتب من أهله فقوله التقاط أي أخذ لقيط وأما الالتقاط بمعنى أخذ اللقطة أي المال فتقدم في قوله وذو الرق كذلك فله وهو قنا أخذها وتعريفها بغير إذن السيد لعدم اشتغاله بتعريفها عن خدمة سيده كما تقدم الفرق بذلك ثم إذا التقط لقيطًا بغير إذن السيد فله إجازته ورده إلى موضع الالتقاط إن كان مطروقًا وأيقن أن غيره يأخذه كما مر ومفهوم بغير إذن السيد جوازه بإذنه وتلزم السيد حضانته ونفقته لأنه بإذنه كأنه هو الملتقط والفرق بينه وبين قوله في النكاح ولا يضمنه أي المهر سيد بإذن التزويج وكذا لا يضمن النفقة أن للزوج خلاصًا وهو طلاقها عليه إن أعلم واللقيط يخشى هلاكه والظاهر أن الزوجة أولى من المكاتب في المنع من التقاطها بغير إذن زوجها بل وكذا من لقطة بغير إذنه والفرق بينهما وبين المكاتب ظاهر إذ هي لا تخرج للتعريف (ونزع) لقيط (محكوم) من جهة الشرع وإن لم يحكم حاكم (بإسلامه) بأن وجد في قرية مسلمين على ما مر (من) ملتقط (غيره) أي من غير المحكوم بإسلامه وهو الكافر والضمير عائد على المحكوم بإسلامه من باب عندي درهم ونصفه ويصح عوده على المسلم المفهوم من قوله بإسلامه قاله د أي التقطه كافر مع الحكم بإسلامه أي اللقيط فينزع منه ويقر تحت يد المسلمين فإن لم ينزع حتى عقل نزع وجبر على الإسلام قبل بلوغه فإن نزع بعده فمرتد فيستتاب فإن تاب وإلا قتل (وندب أخذ) عبد (آبق لمن يعرف) بفتح المثناة التحتية وسكون العين مضارع عرف من المعرفة يتعدى لمفعول واحد وهو هنا محذوف أي مالكه وقال تت والمجرور متعلق بآبق أو في موضع الصفة له اهـ.

ــ

فيه نظر بل متصل لأن ما قبله يشمله وغيره (وإلا فالقرعة الخ) القرعة والإشهاد ومنع المكاتب كل من الثلاثة أصله للغزالي في وجيزه قاله ابن عرفة رحمه الله تعالى تأمله (وليس لمكاتب ونحوه التقاط الخ) قول ز وكذا من لقطة بغير إذنه أي بل وكذا تمنع الزوجة من لقطة بغير إذن الزوج بخلاف المكاتب فإنه لا يمنع منها كما تقدم خلاف ما يقتضيه ظاهر هذه العبارة تأمله والله أعلم (وندب أخذ آبق لمن يعرف) قول ز أي مالكه الخ هذا التقدير يعين إن من واقعة

ص: 220

وقوله متعلق بآبق أي على أنه ظرف لغو واللام بمعنى من أي عبد آبق ممن يعرفه الآخذ أي من سيد يعرفه الآخذ وقوله أو في موضع الصفة أي لآبق فهو ظرف مستقر والمعنى وندب أخذ آبق معروف سيده للآخذ ولعل حكمه اختيار هذين الوجهين على كونه متعلقًا بأخذ ما لأن اسم الفاعل أقوى في العمل من المصدر وإما لعدم الفصل بين العامل والمعمول وبهذا الثاني يوجه عدم تعلقه بندب أيضًا كذا أملا نية شيخنا العلامة الشيخ علي الشمرلسي الشافعي رحمه الله وإنما أخذه لأنه يخبر ربه من غير إنشاد وتعريف إذ الإسناد يخشى منه أن يصل إلى علم السلطان فيأخذه ومحل الندب إلا أن يخشى ضياعه فيجب حفظًا لمال الغير وإن لم يعلم خيانته إلا أن يخشى على نفسه هلاكًا فيحرم (وإلا) بأن لم يعرف ربه (فلا يأخذه) أي يكره وصرح بهذا المفهوم لأن عدم ندب أخذه لا يقتضي النهي مع أن المراد هنا الكراهة وليفرع عليه قوله: (فإن أخذه رفع للإمام) لرجاء من يطلبه منه (ووقف) عند الإمام (سنة) وينفق فيها عليه فإن أرسله فيها ضمن (ثم بيع) أي باعه الإِمام بعدها إن لم يخش عليه قبلها وإلا بيع قبلها كما روى عيسى عن ابن القاسم ابن رشد وهو تفسير للمدونة (و) إن بيع (لا يهمل) أمره بل يكتب اسمه وحليته وبلده وربه إن علمه بأمارة ونحوها ويشهد بجميع ذلك ويجعل ثمنه في بيت المال فإن جاء من يطلبه قابل ما عنده فإن وافق دفع له الثمن وهذا أحسن من حمله على أن معناه لا يطلقه بعد السنة كضالة الإبل لئلا يأبق لاستفادة ذلك من قوله بيع ومما مر من ضمانه عليه بإرساله قبل السنة والآبق من ذهب مختفيًا بلا سبب والهارب من ذهب مختفيًا لسبب (وأخذ نفقته) عليه أي مقابلها عند البيع من ثمنه ولا يلزمه الصبر إلى أن يحضر ربه وكذا أجرة الدلال وظاهره وإن كانت النفقة من بيت المال لأنه للأحرار ومصالحهم والعبد غني بسيده أو يبيعه ممن ينفق عليه هذا هو الظاهر (ومضى بيعه) أي بيع الإمام للعبد ويجوز ابتداء بعد السنة (وإن قال ربه كنت أعتقته) ناجزًا أولًا قبل أن يأبق أو بعده فلا يعمل بدعواه لاتهامه على نقض بيع الإمام بوجه جائز وكذا لا يعمل بقوله كنت أولدتها إلا أن يحضره ويقول هو ولدها فترد إليه إن لم يتهم فيها بمحبة ونحوها فلا ترد إليه ولا يرد ثمنها وقول المصنف في الاستلحاق ورد ثمنها مقيد بما إذا ردت إليه كما مر أنه يفيده النقل خلافًا لطخ فإن لم ترد هي لم يرد الثمن ويفعل به ما شاء وإذا ثبت عدم رد الثمن في هذه الحالة التي هي أقوى من دعوى العتق فأولى في دعوى العتق وحينئذٍ فلا وجه لقول قوله وإن قال ربه كنت أعتقته انظر إذا قال هذه المقالة هل يحرم من الثمن لكونه لا يستحق ثمن المعتق قياسًا على ما في باب الاستلحاق وعليه فهل يتصدق به أم كيف الحال اهـ.

ــ

على الآخذ بالكسر وإنها متعلقة بندب وهذا هو الصواب ودعوى ز إن الفصل يمنعه سهو منه ومن شيخه فإن الفاصل هنا هو نائب فاعل ندب والفصل بالمعمول لا يضر على أن مرتبة المرفوع التقدم على غيره من المعمولات وهذا من المبادىء وأما تعلقه بأخذ فلا يصح بحال

ص: 221

انظر عج ومفهوم قال إنه إن ثبت ذلك ببينة عمل بمقتضاها (وله) أي لرب الآبق (عتقه) حال إباقه وتدبيره وإيصائه وتصدقه به على الغير (وهبته لغير ثواب) لا له لأنه بيع وبيعه غير جائز (و) إذا فعل الآبق البالغ حال إباقه فعلًا يوجب الحد فإنه (يقام) وجوبًا (عليه الحدود) أي يقيمها السلطان ولو رجمًا للواط فاعلًا أو مفعولًا ونص على ذلك لئلا يتوهم أنها لا تقام عليه لغيبة سيده ولتعلق حق من أنفق عليه بخشية ضياعها بموته في الحد (وضمنه) الملتقط (إن أرسله) بعد أخذه فهلك ولو كان إرساله لشدة النفقة عليه أي ضمن قيمته يوم الإرسال لسيده إذا حضر (إلا) أن أرسله (لخوف منه) أي من أجله أي خاف منه أن يقتله أو يؤذيه أو يسرق متاعه أو من السلطان بسبب أخذه أن يفعل به ما ذكر حتى الصفع لذي مروءة بملا فيما يظهر فلا يضمنه لربه إذا هلك بإرساله له ويقبل قوله إنه خاف منه بقرائن لأحوال والظاهر أن عدم الضمان حيث لا يمكن رفعه للإمام وإلا فليرفعه ولا يرسله وإلا ضمن والظاهر أنه إذا أمكنه التحفظ منه بحيلة أو أجرة عند خوفه منه لا يرسله ارتكابًا لأخف الضررين وشبه في الضمان قوله: (كمن استأجره) من الملتقط أو من نفس العبد الآبق (فيما) أي في عمل (يعطب فيه) وعطب أو سلم فيضمن قيمته يوم الإيجار في الأول ومنفعته في الثاني إن كان لها بال وسواء علم المستأجر أنه أبق أو لم يعلم فيضمن المستأجر ويقدم على الملتقط إن أجر لأنه مباشر والملتقط متسبب وعطف على أرسله قوله: (لا إن) التقط آبقًا ثم بعد أخذه ادعى أنه (أبق) بفتح الباء (منه) أي من عند ملتقط وأنه مات عنده أو تلف فلا ضمان عليه لربه حيث لم يفرط لأنه أمين ولا يمين عليه (وإن) كان الآخذ لعبد لا بقيد كونه آبقًا (مرتهنًا) بكسر الهاء ويصح فتحها ويقدر وإن كان الآبق عبدًا مرتهنًا وفيه على كل منهما استخدام لأن الكلام كان في أخذ الآبق إذا ادعى آخذه أنه أبق منه فخرج منه لأخذ العبد رهنًا في دين فادعى المرتهن أنه آبق منه فلا ضمان عليه لأنه مما لا يغاب عليه فإن وجده سيده وقامت الغرماء عليه فالمرتهن أحق به إن كان قد حازه قبل الإباق إلا أن يعلم أنه بيد الراهن فتركه حتى فلس فهو أسوة الغرماء (وحلف) المرتهن أنه أبق بغير تفريطه ولم يحلف الملتقط كما مر مع أنه أمين أيضًا لأن نفقته في رقبة العبد فلا يهتم في إباقه لضياع نفقته عليه ونفقة المرتهن في ذمة الراهن (و) من التقط آبقًا لم يعرف سيده فحضر (استحقه سيده) ملكًا بغير استيناء (بشاهد) أقامه (ويمين) فلو شهد له شاهد أن أخذه بغير يمين (وأخذه إن لم يكن إلا دعواه) أنه عبده من غير شاهدين أو شاهد ويمين (إن صدقه) العبد على دعواه وصفه أم لا أقر العبد بعد ذلك

ــ

وقول ز وإن لم يعلم خيانته الخ صوابه وإن لم يعلم أمانته (إلا لخوف منه) قول ز أي من أجله يقتضي أن من للتعليل وليس كذلك بل من فيه للتعدية (إن لم يكن إلا دعواه إن صدقه) قول ز بعد الاستيناء واليمين الخ اعلم أن الذي في المدونة هو أن يدفع إليه فقال ابن يونس يريد بعد الاستيناء وقال أشهب وبعد أن يحلف اهـ.

ص: 222

أنه لغيره أم لا إذ لا يعتبر إقراره ثانيًا لغير من صدقه قبل ذلك وذلك أي الأخذ بعد الرفع للحاكم وتلومه في أمره ويضمنه إياه إن جاء غيره بأثبت مما جاء به وقوله وأخذه أي حوزًا بعد الاستيناء واليمين لا ملكًا ولذا غاير حيث عبر في الأول باستحقه المقتضي للملك وفي الثاني بأخذ المشعر بالحوز فليس له وطؤها إن كانت أمة فيما بينه وبين الناس وله فيما بينه وبين الله حيث كان صادقًا ومفهوم صدقه فيه تفصيل وهو أنه إن وصفه المدعي أخذه أيضًا حوزًا حيث لم يقر العبد لغيره أو أقر لغيره وكذبه ذلك الغير فإن صدقه نزع من الأول وكان لمن صدقه العبد وإن لم يصفه (وليرفع للإمام إذا لم يعرف مستحقه) بكسر الحاء أي إن من أخذ آبقًا لا يعرف ربه ثم جاء رجل لم يعرف فادعى العبد وصدقه أم لا فإنه لا يدفعه له إلا بعد الرفع للإمام فهو غير مكرر مع قوله قبل فإن أخذه رفع للإمام وقد اقتحم كراهة أخذه من لا يعرف ربه وعدم رفعه للإمام ويحتمل أن معنى كلامه أنه التقط من يعرف مالكه فمات ثم جاء شخص لا يعرف أنه وارثه أو التقط من يعتقد أنه لزيد الذي يعرفه فجاء غيره فادعاه فليرفع للإمام عند مجيء الوارث أو المدعي أنه ربه ومن بيده لا يعرفه ويحتمل أن يريد أنه التقط عبدًا لا يعرف سيده فإنه يرفع للإمام وعليه فهو تكرارًا ما تقدم أعاده لقوله: (إن لم يخف ظلمه) فإن خافه لم يرفعه له ويجري فيه قوله واستحقه سيده الخ كما أنه يجري ذلك فيما إذا رفعه للإمام حيث لم يخف ظلمه (وإن أتى رجل) أبق له عبد من قطر إلى قاضي قطر آخر عنده آبق فأقام بينة عند قاضي قطره شهدت له أنه أبق له عبد صفته كذا وحليته كذا وصفًا يطابق الذي في القطر الآخر وكتب له كتابًا فأتى (بكتاب) أي مكتوب (قاض) وذكر ما كتب فيه بدل كل من كل بقوله: (أنه قد شهد عندي أن صاحب كتابي هذا فلان) خبر أن الثانية وجملة (هرب منه عبد) حال منه على تقدير لأنه معرفة لأنه كناية عن العلم أو خبر ثانٍ لأن (ووصفه فليدفع إليه) وجوبًا (بذلك) ولا يبحث عن البينة ولا يطلب إحضارها إليه بعد يمين القضاء أنه ما خرج عن ملكه وما ذكره المصنف هنا لا يخالف قوله في القضاء ولم يفد وحده

ــ

فظاهره أنه وفاق وجعله عبد الحق خلافًا لها لأنه عارض بين سقوط اليمين هنا ووجوبها مع الشاهد وأجاب بأنه يأخذه هنا حوزًا ومع الشاهد ملكًا اهـ.

(وإن أتى رجل بكتاب قاض أنه الخ) قول ز وما ذكره المصنف هنا لا يخالف قوله الخ طفى الأظهر أنه إنما قبل هذا وحده لخفة الأمر فيه إذ له أخذه بمجرد قوله وقد أشار لهذا في المدونة انظر تمامه والله أعلم وقول ز لاحتمال تقييد تلك بهذه الخ لعل الصواب تقييد هذه بتلك وعبارة الأجهوري ويمكن رد هذا لما يأتي والقيد هو قوله فيما يأتي وأفاد أي أشهدهما أن ما فيه حكمه أو خطه والله أعلم قاله مس.

ص: 223

لاحتمال تقييد تلك بهذه أو أشار لقولين وبحث د في جعل فلان خبر أن الثانية بأنه ليس محط الفائدة وإنما محطها هرب الخ فكان الأولى نصبه على أنه بدل من اسم إن وإن هرب هو الخبر أي فرفعه المصنف على أنه بدل كل من كل أي اسم أن قبل دخول الناسخ عند من لا يشترط وجود المحرز وهم الكوفيون والخبر هرب الخ ويجاب بأن هذا مفاد جعل فلان خبر أن الثانية مع تقييده بالحال بعده لما هو مقرر من أن الحال قيد في عاملها فلا بحث فيه.

ص: 224