الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ، كُلٌّ عَنْ سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَاهِ مِنْ طُرُقٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود.
بَاب إصْلَاح ذَات الْبَين وَإِبَاحَة الْكَذِب فِيهِ
3538 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمٍ، هُوَ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلاةِ؟ قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، قَال: إِصْلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
أَرَادَ بِفساد ذَات الْبَين: الْعَدَاوَة والبغضاء.
وَمعنى الحالقة: أَنَّهَا تحلق الدّين، فقد رُوِيَ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«دب إِلَيْكُم دَاء الْأُمَم قبلكُمْ الْحَسَد والبغضاء هِيَ الحالقة، لَا أَقُول تحلق الشّعْر، وَلَكِن تحلق الدّين» .
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِيَّاكُمْ وَسُوءَ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ»
3539 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، أَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ عُقْبَةَ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«لَيْسَ بِالْكَذَّابِ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ خَيْرًا، أَوْ نَمَى خَيْرًا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم، عَن عَمْرٍو الزَّاهِدِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَأَخْرَجَهُ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَزَادَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: " وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخِّصْ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذب إِلا فِي ثَلاثٍ: الْحَرْبِ، وَالإِصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحَدِيثِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا ".
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم، عَن عَمْرو النَّاقِدِ، عَن يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَن أَبِيهِ، عَن صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِ، وَقَالَتْ يَعْنِي أُمَّ كُلْثُومٍ:«وَلَمْ أَسْمَعْهُ يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النّاسُ إِلا فِي ثَلاثٍ»
قَوْله: «نمى خيرا» ، أَي: أبلغ وَرفع، وكل شَيْء رفعته، فقد نميته، يقَالَ: نميت الحَدِيث: إِذا بلغته عَلَى وَجه الْإِصْلَاح، أنميه، فَإِذا بلغته عَلَى وَجه النميمة وإفساد ذَات الْبَين، قلت: نميته بتَشْديد الْمِيم.
3540 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، أَنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ تَمْتَامٌ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، نَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَنِي ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَصْلُحُ
الْكَذِبُ إِلا فِي ثَلاثٍ: الرَّجُلُ يَكْذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَالْحَرْبُ خُدْعَةٌ، وَالرَّجُلُ يَكْذِبُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا، وَالرَّجُلُ يَكْذِبُ لِلْمَرْأَةِ لِيُرْضِيَهَا بِذَلِكَ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ: هَذِه أُمُور قد يضْطَر الْإِنْسَان فِيهَا إِلَى زِيَادَة القَوْل، ومجاوزة الصدْق، طلبا للسلامة ورفعا للضَّرَر، وَقد رخص فِي بعض الْأَحْوَال فِي الْيَسِير مِن الْفساد، لما يؤمل فِيهِ مِن الصّلاح، فالكذب فِي الْإِصْلَاح بَين اثْنَيْنِ: هُوَ أَن ينمي مِن أَحدهمَا إِلَى صَاحبه خيرا، ويبلغه جميلا، وَإِن لم يكن سَمعه مِنْهُ، يُرِيد بذلك الْإِصْلَاح، وَالْكذب فِي الْحَرْب: هُوَ أَن يظْهر مِن نَفسه قُوَّة، ويتحدث بِمَا يُقَوي أَصْحَابه، ويكيد بِهِ عدوه، وَقد رُوِيَ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«الْحَرْب خدعة» ، وَأما كذب الرجل زَوجته: فَهُوَ أَن يعدها ويمنيها، وَيظْهر لَهَا مِن الْمحبَّة أَكثر مِمَّا فِي نَفسه، يستديم بذلك صحبتهَا، ويستصلح بِهِ خلقهَا، وَالله أعلم.
وَقَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة: لَو أَن رجلا اعتذر إِلَى رَجُل، فحرف الْكَلَام وَحسنه ليرضيه بذلك، لم يكن كَاذِبًا يتَأَوَّل الحَدِيث: «لَيْسَ بالكاذب