الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا أحد أَرَادَ شَيْئا من الْخَيْر إِلَّا سَارَتْ فِي قلبه سورتان، فَإِذا كَانَت الأولى مِنْهُمَا لله، فَلَا تهيدنه الْآخِرَة.
قَالَ أَبُو عبيد: إِنَّمَا وَجهه عِنْدِي على جِهَة الذَّم لترك الْحيَاء.
بَاب التأني والعجلة
قَالَ الله سبحانه وتعالى: {وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الرّوم: 60]، أَي: لَا يستفزنك وَلَا يستجهلنك، وَمِنْه قَوْله عز وجل:{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} [الزخرف: 54]، أَي: حملهمْ على الخفة وَالْجهل، يقَالَ: استخفه عَن رَأْيه: إِذا حمله على الْجَهْل، وأزاله عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ من الصَّوَاب.
وَقَوله سبحانه وتعالى: {خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الْأَنْبِيَاء: 37]، أَي: ركب على العجلة، وَقيل:«من عجل» : من طين.
3598 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حسَّانِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُلْقَابَاذِيُّ، نَا السَّيِّدُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّجَّارُ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ، نَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ،
نَا عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«الأَنَاةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ» .
وقَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ الْعَبَّاسِ.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ:«أَلا إِن التبين من الله، والعجلة من الشَّيْطَان» .
وَالْمرَاد من التبين: التثبت فِي الْأُمُور، والتأني فِيهَا.
وَقُرِئَ: إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَثَبَّتُوا، من التثبت.
وَقد صَحَّ عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لأشج عَبْد الْقَيْس:" إِن فِيك لخصلتين يحبهما الله: الْحلم والأناة ".
وَرُوِيَ أَن الْمُنْذر الْأَشَج، قَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، أَنَا أتخلق بهما أم اللَّه جبلني عَلَيْهِمَا؟ قَالَ:«بل اللَّه جبلك عَلَيْهِمَا» .
قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي جبلني عَلَى خلقين يحبهما اللَّه وَرَسُوله ".
ويروى عَن مُصعب بْن سعد، عَن أَبِيهِ، وَرُبمَا رَفعه:«التؤدة فِي كل شَيْء إِلَّا فِي عمل الْآخِرَة» .
وَرُوِيَ عَن عُمَر رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: التؤدة فِي كل شَيْء خير إِلَّا مَا كَانَ مِن أَمر الْآخِرَة.
3599 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنا أَبُو سَهْلٍ السِّجْزِيُّ، أَنا أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، أَنا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، نَا النُّفَيْلِيُّ، نَا زُهَيْرٌ، نَا قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ الْهَدْيَ الصَّالِحَ، وَالسَّمْتَ الصَّالِحَ، وَالاقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» .
هدي الرجل: حَاله ومذهبه، وَكَذَلِكَ سمته، والاقتصاد: سلوك الْقَصْد فِي الْأُمُور، وَالدُّخُول فِيهَا بِرِفْق عَلَى سَبِيل يُمكن الدَّوَام عَلَيْهَا.
يُرِيد: أَن هَذِه الْخِصَال مِن شمائل الْأَنْبِيَاء صلى اللَّه عَلَيْهِم، وَأَنَّهَا جُزْء
مِن أَجزَاء فضائلهم، فاقتدوا بهم فِيهَا، وتابعوهم عَلَيْهَا، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَن النُّبُوَّة تتجزأ، وَلَا أَن مِن جمع هَذِه الْخلال كَانَ نَبيا، فَإِن النُّبُوَّة غير مكتسبة، وَإِنَّمَا هِيَ كَرَامَة يخص اللَّه بهَا مِن يَشَاء مِن عباده، وَالله أعلم حَيْثُ يَجْعَل رسالاته.
وَيحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ، أَن هَذِه الْخلال مِمَّا جَاءَت بِهِ النُّبُوَّة، ودعت إِلَيْهَا الْأَنْبِيَاء عليهم السلام، يُرِيد أَن هَذِه الْخلال جُزْء مِن خَمْسَة وَعشْرين جُزْءا مِمَّا جَاءَت بِهِ النبوات، ودعا إِلَيْهَا الْأَنْبِيَاء.
وَقيل: مَعْنَاهُ أَن مَنْ جمع هَذِه الْخِصَال، لقِيه النّاس بالتوقير والتعظيم، وَألبسهُ اللَّه لِبَاس التَّقْوَى الَّذِي ألبس أنبياءه عليهم السلام، فَكَأَنَّهَا جُزْء مِن النُّبُوَّة.
ذكرهَا الْخطابِيّ رحمه الله.
3600 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الطَّاهِرِيُّ، أَنا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ الْبَزَّازُ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعَذَافِرِيُّ، أَنا إِسْحَاقُ الدَّبَرِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «خُذِ الأَمْرَ بِالتَّدْبِيرِ، فَإِنْ رَأَيْتَ فِي عَاقِبَتِهِ خَيْرًا، فَأَمْضِهِ، وَإِنْ خِفْتَ غَيًّا، فَأَمْسِكْ» .
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: مَا قلد اللَّه عبدا قلادة أفضل مِن السكينَة.
وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود: السكينَة مغنم، وَتركهَا مغرم.