الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «لأَهْلُ بَيْتِي أَهْوَنُ عَلَيَّ مَوْتًا مِنْ عِدَّتِهِمْ مِنَ الْجِعْلانِ، وَلا يَأْتِي عَلَيْكُمْ عَامٌ إِلا وَهُوَ شَرٌّ مِنَ الآخَرِ، وَلَبِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَا إِنْ كَذَبْتُ» .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، كَرِجْرِجَةِ الْمَاءِ الْخَبِيثِ» .
قَالَ أَبُو عبيد: الرجرجة بِكَسْر الراءين: هِيَ بَقِيَّة المَاء فِي الْحَوْض الكدرة المختلطة بالطين لَا يُمكن شربهَا، وَلا ينْتَفع بِهَا.
بَابُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا
4291 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«إِنَّ أَوَّلَ الآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى، وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا، فَالأُخْرَى عَلَى أَثَرِهَا قَرِيبًا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
4292 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ: «تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنُ فَيُؤْذَنُ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلا يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلا يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعَ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس: 38].
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيد التَّيْمِي
4293 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا الْحُمَيْدِيُّ، نَا وَكِيعٌ، نَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ سبحانه وتعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38]، قَالَ:«مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي سَعِيد الأَشَجِّ، وَإِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ وَكِيعٍ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيّ فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38]: إِن أهل التَّفْسِير وأَصْحَاب الْمعَانِي قَالُوا فِيهِ قَوْلَيْنِ، قَالَ بَعْضهم: مَعْنَاهُ: أَي لأجل قدر لَهَا، يَعْنِي: انْقِطَاع مُدَّة بَقَاء الْعَالم، وَقَالَ بَعْضهم: مستقرها: غَايَة مَا يُنتهى إِلَيْهِ فِي صعودها، وارتفاعها لأطول يَوْم فِي الصَّيف، ثُمَّ تَأْخُذ حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى أقْصَى مَشَارِق الشتَاء لأقصر يَوْم فِي السّنة.
وَأَمَّا قَوْله عليه السلام: «مستقرها تَحْتَ الْعَرْش» ، فَلا ننكر أَنْ يَكُونَ لَهَا اسْتِقْرَار تَحْتَ الْعَرْش من حَيْثُ لَا ندركه وَلا نشاهده، وَإِنَّمَا أخبر عَنْ غيب، فَلا نكذب بِهِ، وَلا نكيفه، لِأَن علمنَا لَا يُحِيط بِهِ.
وَيحْتَمل أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أَنَّ علم مَا سَأَلت عَنْهُ من مستقرها تَحْتَ الْعَرْش فِي كِتَاب كتب فِيهِ مبادئ أُمُور الْعَالم، ونهاياتها، وَالْوَقْت الَّذِي تَنْتَهِي بِهِ مدَّتهَا، فَيَنْقَطِع دوران الشَّمْس، وتستقر عِنْدَ ذَلِكَ، فَيبْطل فعلهَا وَهُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَفِي هَذَا،
يَعْنِي فِي الْحَدِيثِ الأَوَّل، إِخْبَار عَنْ سُجُود الشَّمْس تَحْتَ الْعَرْش، فَلا يُنكر أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ محاذاتها الْعَرْش فِي مسيرها، وَلَيْسَ فِي سجودها تَحْتَ الْعَرْش مَا يعوقها عَنِ الدأب فِي سَيرهَا، وَالتَّصَرُّف لما سخرت لَهُ.
وَأَمَّا قَوْله عز وجل: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الْكَهْف: 86]، فَهُوَ نِهَايَة مدرك الْبَصَر إِيَّاهَا حَالَة الْغُرُوب، ومصيرها تَحْتَ الْعَرْش للسُّجُود إِنَّمَا هُوَ بَعْد الْغُرُوب، وَلَيْسَ معنى قَوْله:{تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الْكَهْف: 86]، أَنَّهَا تسْقط فِي تِلْكَ الْعين فتغمرها، وَإِنَّمَا هُوَ خبر عَنِ الْغَايَة الَّتِي بلغَهَا ذُو القرنين فِي مسيره حَتَّى لَمْ يجد وَرَاءَهَا مسلكا، فَوجدَ الشَّمْس تتدلى عِنْدَ غُرُوبهَا فَوْقَ هَذِهِ الْعين، وَكَذَلِكَ يتَرَاءَى غرُوب الشَّمْس لمن كَانَ فِي الْبَحْر، وَهُوَ لَا يرى السَّاحِل كَأَنَّهَا تغيب فِي الْبَحْر، وَاللَّه أعلم.
وَقَوله سبحانه وتعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرَّحْمَن: 5]، وَقَوله عز وجل:{وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} [الْأَنْعَام: 96]، أَي: يجريان بِحِسَاب مَعْلُوم، وعَلى منَازِل ومقادير لَا يجاوزانها، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: 39]، وَقِيلَ: حسبان جمع حِسَاب، وَقَوله سبحانه وتعالى:{وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الْكَهْف: 86]، أَي: فِي رَأْي الْعين، فَمن قَرَأَهَا: حامية بِلَا همز، أَرَادَ الحارة، وَمن قَرَأَ {حَمِئَةٍ} [الْكَهْف: 86] بِلَا ألف مهموزا، أَرَادَ عينا ذَات حمأة، يُقَالُ: حمأت الْبِئْر إِذَا نزعت مِنْهَا الحمأة، وأحمأتها: إِذَا ألقيت فِيهَا الحمأة.