الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:" لَا يَنْتَصِفُ النَّهَارَ مِنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَقِيلَ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ، ثُمَّ قَرَأَ: ثُمَّ إِنَّ مَقِيلَهُمْ لإِلَى الْجَحِيمِ "، وَهِيَ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: ثُمَّ إِنَّ مَقِيلَهُمْ
بَابُ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِهَا وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلصَّالِحِينَ فِيهَا
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ} [مُحَمَّد: 15]، الْآيَة.
أَي: صفة الْجَنَّة، كَقَوْلِه:{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الْبَقَرَة: 171]، وَقَوله:{ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} [الْفَتْح: 29]، أَي: صفتهمْ، وَقَالَ:{يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ} [الزخرف: 71]، الْآيَة.
وَقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا} [النبأ: 31]، إِلَى قَوْلِهِ:{عَطَاءً حِسَابًا} [النبأ: 36]، أَي: جَزَاء كَافِيا، يُقَالُ: أَعْطَانِي فأحسبني، أَي: كفاني، وَقَوله تَعَالَى:{وَكَأْسًا دِهَاقًا} [النبأ: 34]، أَي: مليئا، وَقَالَ مُجَاهِد: مُتَتَابِعًا.
وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الْحجر: 47]، قَالَ: لَا ينظر بَعْضهم فِي قفا بَعْض، وَقَالَ:{فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الرّوم: 15]، أَي: ينعمون.
وَقِيلَ: يسرون بِالسَّمَاعِ فِي الْجَنَّةِ، والحبرة: النِّعْمَة، والحبرة: السرُور.
وَقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا} [الْكَهْف: 108]، أَي: تحولا، وَقِيلَ: الْحول: الْحِيلَة، أَي: لَا يحتالون منزلا غَيرهَا.
وَقَوله تَعَالَى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: 26]، أَي: يُوجد فِي آخِره طعم الْمسك.
وَقَوله: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} [الشُّعَرَاء: 90]، أَي: أدنيت، وَقَوله عز وجل:{وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ} [الشُّعَرَاء: 64]، أَي: أدنيناهم، يَعْنِي: إِلَى الغرف.
وَقَوله سبحانه وتعالى: {مُدْهَامَّتَانِ} [الرَّحْمَن: 64]، قَالَ مُجَاهِد: مسودتان، وَقَالَ غَيْرُهُ: خضراوان من الرّيّ حَتَّى تضرب خضرتهما إِلَى سَواد قَلِيل، يُقَالُ: اسودت الخضرة: إِذَا اشتدت.
وَقَوله سبحانه وتعالى: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا} [
الدَّهْر: 14]، قَالَ مُجَاهِد: إِن قَامَ ارْتَفع، وَإِن قعد تدلى إِلَيْهِ القطف.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أمكنت، فَلا تمْتَنع عَلَى طَالِب، يُقَالُ لكل مُطِيع غَيْر مُمْتَنع: ذليل، وَمن غَيْر النَّاس: ذَلُول.
وَقَوله تَعَالَى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة: 23]، أَي: عناقيدها، كُلَّمَا أَرَادوا أَن يقطفوا مِنْهَا شَيْئًا، دنا مِنْهُمْ قعُودا كَانُوا أَوْ مضطجعين.
وَقَوله عز وجل: {عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا} [الدَّهْر: 18]، قِيلَ: هِيَ اللينة السهلة إِذَا أدنوها من أَفْوَاههم، تسلسلت فِي أَجْوَافهم.
وَقَوله تَعَالَى: {مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ} [المطففين: 25]، الرَّحِيق: الشَّرَاب الَّذِي لَا غش فِيهِ.
وَقَوله عز وجل: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} [المطففين: 27]، أَي: من عين يَأْتِيهم من علو.
وَقَوله تبارك وتعالى: {وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} [الْوَاقِعَة: 18]، أَي: خمر، يجْرِي كَمَا يجْرِي المَاء عَلَى وَجه الأَرْض.
وَقَوله سبحانه وتعالى: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]، أَي ذَات رضى، وَقِيلَ: مرضية.
وَقَوله تَعَالَى: {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ} [الْوَاقِعَة: 18]، الأكواب: الَّتِي لَا خراطيم لَهَا،
وَإِن كَانَ لَهَا خراطيم، فَهِيَ أَبَارِيق.
وَقَوله سبحانه وتعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} [الرَّحْمَن: 76]، قِيلَ: الرفرف: المحابس، وَقِيلَ: فضول المحابس، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الرفرف الْفرش، وَقِيلَ الرفرف: مَا فضل فثني، وَقِيلَ: الوسائد، وَقِيلَ: رياض الْجَنَّة.
وَقَوله سبحانه وتعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} [الْوَاقِعَة: 89]، قِيلَ: أَي: رَاحَة واستراحة، وَمن قَرَأَ فَرُوحٌ، بِالضَّمِّ، أَي: فحياة دائمة لَا موت مَعهَا.
وَقَوله سبحانه وتعالى: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ} [الْوَاقِعَة: 19]، أَي: لَا تصدع رُءُوسهم، وَلا تنزف عُقُولهمْ.
وَقَوله تبَارك تَعَالَى: {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية: 16]، قِيلَ: زرابي النبت: ألوانه، فَلَمَّا رَأَوْا الألوان فِي الْبسط شبهوها بِهَا.
وَقَوله سبحانه وتعالى: {خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ
وَعْدًا مَسْئُولا} [الْفرْقَان: 16]، هُوَ قَوْل الْمَلَائِكَة:{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ} [غَافِر: 8].
وَقَوله تَعَالَى: {نُزُلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمرَان: 198]، أَي: ثَوابًا، وَقِيلَ: رزقا.
وَقَوله: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} [الصافات: 48]، أَي: حور قَدْ قصرن طرفهن عَلَى أَزوَاجهنَّ، لَا ينظرن إِلَى غَيرهم، وَمِنْه قَوْله عز وجل:{حُورٌ مَقْصُورَاتٌ} [الرَّحْمَن: 72]، أَي: مخدرات.
وَقَوله سبحانه وتعالى: {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} [الْكَهْف: 31]، السندس: رَقِيق الديباج، والإستبرق: غليظه، فارسية معربة.
وقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ} [الصافات: 47]، أَي: لَا تغتال عُقُولهمْ، أَي: لَا يذهب بِهَا، يُقَالُ: غالت الْخمر فلَانا: إِذَا ذهبت بعقله وبصحة بدنه.
وَقَوله تَعَالَى: {وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47]، أَي:
لَا يسكرون، يُقَالُ: نزف الرَّجُل: إِذَا ذهب عقله بالسكر، وَقُرِئَ بِكَسْر الزَّاي، أَي: لَا يفنى خمرهم، يُقَالُ: أنزف الرَّجُل: إِذَا فنيت خمره.
وَقَوله سبحانه وتعالى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الْوَاقِعَة: 34]، أَرَادَ بالفرش نسَاء أَهْل الْجَنَّةِ ذَوَات الْفرش، يُقَالُ لامْرَأَة الرَّجُل: هِيَ فرَاشه، وَإِزَاره، ولحافه.
وَقَوله: {مَرْفُوعَةٍ} [الْوَاقِعَة: 34]، أَي: رفعن بالجمال عَلَى نسَاء أهل الدُّنْيَا، وكل فَاضل رفيع.
4370 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى، قَالَ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ "
4370 -
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهِ لَقَيْدُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ لَهُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ»
4370 -
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا»
4370 -
4370 -
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، أَنْ يُقَالَ لَهُ: تَمَنَّ، فَيَتَمَنَّى وَيَتَمَنَّى، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ تَمَنَّيْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنَّ لَكَ مَا تَمَنَّيْتَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ".
هَذِهِ أَحَادِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهَا، أَخْرَجَاهَا مِنْ طُرُقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِ
قَوْله: «لقيد سَوط أحدكُم» ، أَي: قدره، يُقَالُ: بيني وَبَينه قاب رمح، وقاد رمح، وَقيد رمح.
ويروى: «لَقَاب قَوس أحدكُم فِي الْجَنَّةِ خير من الدُّنْيَا» ، وقاب الْقوس: مَا بَيْنَ السية والمقبض.
قَوْله: «ومجامرهم من الألوة» ، قَالَ الأَصْمَعِيّ: هُوَ الْعود الَّذِي يتبخر بِهِ، وأراها كلمة فارسية عربت، وَيجمع الألوة ألاوية.
قَالَ أَبُو عبيد: فِيهَا لُغَتَانِ: الألوة، والألوة بِفَتْح الْألف وَضمّهَا.
4371 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، نَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، نَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، " يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ
سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ذُخْرًا بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ:{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السَّجْدَة: 17] ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَقَالَ:«أَعْدَدْتُ» ، وَقَالَ:«بَلْهَ مَا أُطْلِعُكُمْ» ، وَيُرْوَى:«بَلْهَ مَا أَطْلَعْتُهُمْ»
قَوْله: «بله» ، أَي: دع مَا أطلعْتُم عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يسير سهل فِي جنب مَا ذخرته لَهُمْ، وَقِيلَ: كَيْفَ مَا أطْلعكُم عَلَيْهِ، وَقِيلَ: فضل مَا أطْلعكُم، يَعْنِي: مَا قُلْتُ قَلِيل من كثير لَمْ أذكر، وَمَا غيب عَنْكُم فضل مَا أطْلعكُم عَلَيْهِ.
4372 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً
بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السَّجْدَة: 17]، وَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ:{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الْوَاقِعَة: 30]، وَلَمَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ:{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمرَان: 185] ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
قَوْله: {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الْفرْقَان: 74]، يُقَالُ: أقرّ اللَّه عينه، مَعْنَاهُ: أبرد اللَّه دمعته، لِأَن دمعة الْفَرح بَارِدَة، قَالَه الأَصْمَعِيّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَاهُ: بلغك اللَّه أمنيتك حَتَّى ترْضى بِهِ نَفسك، وتقر بِهِ عَيْنك، فَلا تستشرف إِلَى غَيره.
قَوْله: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الْوَاقِعَة: 30]، هُوَ الدَّائِم الَّذِي لَا تنسخه الشَّمْس، وَالْجنَّة كلهَا ظلّ.
قَوْله سبحانه وتعالى: {زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ} [آل عمرَان: 185]، أَي: نحي وأزيل عَنْهَا، وَمِنْه قَوْله عز وجل:{وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ} [الْبَقَرَة: 96]، أَي: بمبعد ومنجيه.
4373 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا جَرِيرٌ، نَا عُمَارَةُ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لَا يَبُولُونَ، وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَتْفُلُونَ، وَلا يَمْتَخِطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةِ، وَأَزْوَاجُهُمُ الْعِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا، عَنْ قُتَيْبَةَ
قَوْله: «ومجامرهم الألوة» ، أَي: بخورهم الْعود غَيْر مطرى، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صفة أَزوَاجهم:{فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرَّحْمَن: 70]، أَي: فِي الْجنان حور خيرات الْأَخْلَاق، وَحسان الْوُجُوه.
وَفِي رِوَايَة: «وقود مجامرهم الألوة» ، كَأَنَّهُ أَرَادَ الْجَمْر الَّذِي يطْرَح فِيهِ البخور.
4374 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ،
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُورَةُ وُجُوهِهِمْ مِثْلُ صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالزُّمْرَةُ الثَّانِيَةُ عَلَى لَوْنِ أَحْسَنِ الْكَوْكَبِ فِي السَّمَاءِ، لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً، يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ دُونَ لُحُومِهِمَا، وَدِمَائِهِمَا، وَحُلَلِهِمَا» .
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
4375 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبِرْتِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، نَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَهْلُ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ، وَيَشْرَبُونَ، وَلا يَبُولُونَ، وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَمْتَخِطُونَ، وَلا يَبْزُقُونَ، وَيُلْهَمُونَ الْحَمْدَ وَالتَّسْبِيحَ، كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ، طَعَامُهُمْ جُشَاءٌ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَرِير، عَنِ الأَعْمَشِ
قُلْتُ: قَوْله: «يُلْهمُون التَّسْبِيح» ، يَعْنِي، وَاللَّه أعلم، أَن مجْرى التَّسْبِيح فِيهِم كمجرى النَّفس، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ سبحانه وتعالى فِي وصف الْمَلَائِكَة:{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الْأَنْبِيَاء: 20]، أَي: مجْرى التَّسْبِيح فِيهِم كمجرى النَّفس من ابْن آدَم، لَا يشْغلهُ عَنِ النَّفس شَيْء.
4376 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخِرَقِيُّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِي الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد، عَنْ مُعَاوِيَة
بْن عَمْرو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ
والنصيف: الْخمار.
4377 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَوْ أَنَّ مَا يُقِلُّ ظُفْرٌ مِمَّا فِي الْجَنَّةِ بَدَا، لَتَزَخْرَفَتْ لَهُ مَا بَيْنَ خَوَافِقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَ فَبَدَا أَسَاوِرُهُ، لَطَمَسَ ضَوْءُهُ ضَوْءَ الشَّمْسِ، كَمَا تَطْمِسُ الشَّمْسُ ضَوْءَ النُّجُومِ» .
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ
قَوْله: «يقل» ، أَي: يحمل، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالا} [الْأَعْرَاف: 57]، أَي: حملت الرِّيَاح سحابا ثقالا.
وَقَوله: «لتزخرفت» ، أَي: تزينت، والزخرف: كَمَال حسن الشَّيْء، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا} [يُونُس: 24]، أَي: تزينت بألوان النَّبَات، وَيُقَال لِلذَّهَبِ: زخرف، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {أَوْ
يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} [الْإِسْرَاء: 93]، قِيلَ فِي التَّفْسِير: من ذهب.
4378 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قَالَ:«بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ هَارُون بْن سَعِيد الأَيْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْب، عَنْ مَالِك
قَوْله: «يتراءون» ، أَي: ينظرُونَ، يُقَالُ: تراءيت الْهلَال: إِذَا نظرته، والكوكب الدُّرِّي: شَدِيد الإنارة نسب إِلَى الدّرّ، وَشبه صفاؤه بصفائه، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الكوب الدُّرِّي وَاحِد من الْكَوَاكِب الْخَمْسَة الْعِظَام، وَقَالَ الْفراء: الْعَرَب تسمي الْكَوَاكِب الْعِظَام الَّتِي لَا يعرف أسماؤها: الدراري بِلَا همزَة، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو:
كَأَنَّهَا كَوْكَب دريء، مَكْسُورَة الدَّال مَهْمُوزَة فعِّيل من الدرء بِمَعْنى الدّفع، والكوكب إِذَا دفع وَرمي لرجم الشَّيَاطِين، تضَاعف ضوءه.
4379 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، نَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلَؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلا، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ كَذَا آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِم إِلا رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ
4380 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا
وَمَا فيِهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلا رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَقَالَ:«رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ» .
وَعَبْدُ اللَّه بْنُ قَيْسٍ هُوَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو بَكْر ابْنُهُ، قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ
قَوْله: «رِدَاء الْكِبْرِيَاء ورداء الْكبر» ، يُرِيد صفة الْكِبْرِيَاء وَالْعَظَمَة، وَقَوله سبحانه وتعالى:{وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الجاثية: 37]، أَي: العظمة وَالْملك، فَهُوَ بكبريائه وعظمته لَا يُرِيد أَن يرَاهُ أحد من خلقه بَعْد رُؤْيَة يَوْم الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَأْذَن لَهُمْ فِي دُخُول جنَّة عدن، فيروه فِيهَا.
وجنة عدن، أَي: جنَّة إِقَامَة، يُقَالُ: عدن بِالْمَكَانِ يعدن عدونا، أَي: أَقَامَ.
4381 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَارِثِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ
دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذِي لَهُ ثَمَانُونَ أَلْفَ خَادِمٍ، وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ زَوْجَةً، وَيُنْصَبُ لَهُ قُبَّةٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ، كَمَا بَيْنَ الْجَابِيَةِ إِلَى صَنْعَاءَ»
4381 -
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ فِي خَدِّهَا أَصْفَى مِنَ الْمِرْآةِ، وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ عَلَيْهَا يُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَإِنَّهُ لَتَكُونُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ ثَوْبًا يَنْفُذُهَا بَصَرُهُ حَتَّى يَرَى مُخَّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ»
4381 -
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ، عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام، قَالَ:«مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، يُرَدُّونَ بَنِي ثَلاثِينَ سَنَةً فِي الْجَنَّةِ، لَا يَزِيدُونَ عَلَيْهَا أَبَدًا، وَكَذَلِكَ أَهْلُ النَّارِ»
4381 -
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ،
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ عَلَيْهِمُ التِّيجَانَ، إِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ فِيهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» .
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
وَأَبُو الْهَيْثَمِ اسْمُهُ سُلَيْمَان بْن عَمْرو بْن عَبْدِ اللَّهِ الْعَتْوَارِيُّ، كَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أَبِي سَعِيدٍ
4382 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَارِثِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَتَّابٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:«أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً، وَمَا مِنْهُمْ دَانٍ، لَمَنْ يَغْدُو عَلَيْهِ وَيَرُوحُ عَشْرَةُ آلافِ خَادِمٍ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ طَرِيفَةٌ لَيْسَتْ مَعَ صَاحِبِهِ» .
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيد، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، " فِي قَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الْوَاقِعَة: 34]، قَالَ: ارْتِفَاعُهَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَمَسِيرَةُ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ "
4383 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَارِثِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَغَرِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالا:" يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا، فَلا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَأَنْ تَشِبُّوا، فَلا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا، فَلا تَبْتَئِسُوا أَبَدًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى وَتَقَدَّسَ: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الْأَعْرَاف: 43] ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْد بْن حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِي، بِهَذَا الإِسْنَادِ مَرْفُوعًا.
وَصَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَنْعُمُ وَلا يَبْأَسُ، وَلا تُبْلَى ثِيَابُهُ، وَلا يُفْنَى شَبَابُهُ»
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ سبحانه وتعالى: {وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} [الْوَاقِعَة: 17]، أَي: مبقون أبدا لَا يهرمون، وَلا يجاوزون حد الوصافة، وَالْعرب تَقول للَّذي لَا يشيب: مخلد، وَقِيلَ: مخلدون، أَي مقرطون، والقرط يُقَالُ لَهُ: الْخلد، وَالْجمع خلدَة.
وَعَن شَهْر بْن حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «
أَهْلُ الْجَنَّةِ جُرْدٌ مُرْدٌ كُحْلَى، لَا يَفْنَى شَبَابُهُمْ، وَلا تَبْلَى ثِيَابُهُمْ».
4384 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَارِثِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«نَخْلُ الْجَنَّةِ جُذُوعُهَا زُمُرُّدٌ أَخْضَرُ، وَكَرَبُهَا ذَهَبٌ أَحْمَرُ، وَسَعَفُهَا كِسْوَةٌ لأَهْلِ الْجَنَّةِ، مِنْهَا مُقَطَّعَاتُهُمْ وَحُلَلُهُمْ، وَثَمَرُهَا أَمْثَالُ الْقِلالِ أَوِ الدِّلاءِ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ، لَيْسَ لَهُ عَجْمٌ»
المقطعات: الثِّيَاب الْقصار، وَمِنْه قَوْل ابْن عَبَّاسٍ فِي وَقت صَلَاة
الضُّحَى: إِذَا تقطعت الظلال، أَي: قصرت، وَذَلِكَ أَنَّهَا تكون ممتدة فِي أول النَّهَار، فَإِذَا ارْتَفَعت الشَّمْس قصرت، فالمقطعات: اسْم للقصار من الثِّيَاب وَاقع عَلَى الْجِنْس لَا يفرد لَهُ وَاحِد، لَا يُقَالُ للجبة القصيرة مقطعَة، وَلا للقميص مقطع، بَل يُقَالُ للْوَاحِد: ثوب كَالْإِبِلِ وَاحِدهَا بعير، والمعشر وَاحِدهَا رَجُل، وَقِيلَ: هِيَ اسْم لكل ثوب يقطع كالقميص وَنَحْوه، وَمن الثِّيَاب مَا لَا يقطع كالأزر والأردية.
4385 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَارِثِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفِي الْجَنَّةِ خَيْلٌ، فَإِنِّي أُحِبُّ الْخَيْلَ؟ فَقَالَ:«إِنْ يُدْخِلْكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ، فَلا تَشَاءُ أَنْ تَرْكَبَ فَرَسًا مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، فَتَطِيرُ بِكَ فِي أَيِّ الْجَنَّةِ شِئْتَ إِلا فَعَلْتَ» ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفِي الْجَنَّةِ إِبِلٌ، فَإِنِّي أُحِبُّ الإِبِلَ؟ قَالَ:«يَا أَعْرَابِيُّ، إِنْ أَدْخَلَكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ، أَصَبْتَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ» .
وَرَوَاهُ الْمَسْعُودِيّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَن سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالأَوَّل أَصَحُّ
4386 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ الْجُوَيْنِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ الشَّافِعِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَبُو بَكْرٍ الْجُورَبَذِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ الْحِمْصِيُّ، نَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، عَنِ الضَّحَّاكِ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنِي كُرَيْبٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلا هَلْ مِنْ مُشَمِّرٍ لِلْجَنَّةِ؟ وَإِنَّ الْجَنَّةَ لَا خَطَرَ لَهَا، وَهِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ نُورٌ تَلأْلأُ، وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ، وَقَصْرٌ مَشِيدٌ، وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ، وَثَمَرَةٌ نَضِيجَةٌ، وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ، وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ، وَمَقَامٌ فِي أَبَدٍ فِي دَارٍ سَلِيمَةٍ، وَفَاكِهَةٍ وَخُضْرَةٍ، وَحَبْرَةٍ وَنِعْمَةٍ فِي مَحَلَّةٍ عَالِيَةٍ بَهِيَّةٍ» ، قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا، قَالَ:" قُولُوا: إِنْ شَاءَ اللَّهُ "، فَقَالَ الْقَوْمُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَأَخْبَرَنَا الإِمَام أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّد الْقَاضِي، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الطَّيْسَفُونِيّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ التّرَابِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْن بِسْطَامٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّار، نَا عَمْرو بْن عُثْمَانَ بْن كَثِيرِ بْن دِينَارٍ، نَا أَبِي، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ
4387 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّاهِرِيُّ، أَنَا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّ يَهُودِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَسْأَلُكَ فَتُخْبِرُنِي؟ قَالَ: فَرَكَضَهُ ثَوْبَانُ بِرِجْلِهِ، فَقَالَ: قُلْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: لَا أَدْعُوهُ إِلا بِمَا سَمَّاهُ أَهْلُهُ.
قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَهَلْ يَنْفَعُكَ ذَلِكَ شَيْئًا؟» قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنِي، وَأُبْصِرُ بِعَيْنِي.
قَالَ: فَنَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الأَرْضِ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ:«سَلْ» .
قَالَ: أَرَأَيْتَ قَوْلُهُ: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ} [إِبْرَاهِيم: 48]، فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ:«فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ» ، قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ مَنْ يُجِيزُ؟ قَالَ: «فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ» ، قَالَ: فَمَا
نُزُلُهُمْ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُونَهَا؟ قَالَ: «كَبِدُ الْحُوتِ» ، قَالَ: فَمَا طَعَامُهُمْ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ؟ قَالَ: «كَبِدُ الثَّوْرِ» ، قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ؟ قَالَ: «السَّلْسَبِيلُ» .
قَالَ: صَدَقْتَ.
قَالَ: «أَفَلا أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ إِلا نَبِيٌّ، أَوْ رَجُلٌ، أَوِ اثْنَانِ؟» قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: «عَنْ شَبَهِ الْوَلَدِ» ، قَالَ:«مَاءُ الرَّجُلِ بَيْضَاءُ غَلِيظَةٌ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ صَفْرَاءُ رَقِيقَةُ، فَإِذَا عَلا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَمِنْ قِبَلِ ذَلِكَ الشَّبَهُ، وَإِذَا عَلا مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَمِنْ قِبَلِ ذَلِكَ الشَّبَهُ» .
قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا كَانَ عِنْدِي فِي شَيْءٍ مِمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ عِلْمٌ حَتَّى أَنْبَأَنِيهِ اللَّهِ فِي مَجْلِسِي هَذَا» .
هَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَر، والحَدِيث صَحِيح، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِي الْحُلْوَانِيِّ، عَنِ الرَّبِيع بْن نَافِع، عَنْ مُعَاوِيَة بْن سَلامٍ، عَنْ أَخِيهِ زَيْد بْن سَلامٍ، عَنْ أَبِي سَلامٍ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ.
قُلْتُ: قَوْله: «مَاءُ الرَّجُلِ بَيْضَاءُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ صَفْرَاءُ» ، فَلَعَلَّ التَّأْنِيثَ يَنْصَرِفُ إِلَى النُّطْفَةِ
4388 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ التُّرَابِيُّ، أَنَا الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ الْحَدَّادِيُّ، أَنَا أَبُو يَزِيدَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، نَا إِسْحَاقُ الْحَنْظَلِيُّ، أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا لَيْسَ فِيهَا بَيْعٌ وَلا شِرَاءٌ، إِلا الصُّوَرُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَهَا، وَإِنَّ فِيهَا لَمُجْتَمَعَ حُورِ الْعِينِ، يُنَادِينَ بِصَوْتٍ لَمْ يَسْمَعِ الْخَلائِقُ بِمِثْلِهَا: نَحْنُ الْخَالِدَاتُ، فَلا نَبِيدُ أَبَدًا، وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ، فَلا نَبْأَسُ أَبَدًا، وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ، فَلا نَسْخَطُ أَبَدًا، فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ لَنَا، وَكُنَّا لَهُ ".
وَرَوَاهُ أَبُو عِيسَى، عَنْ هَنَّادٍ، وَأَحْمَد بْن مَنِيعٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ
4389 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْجُرْجَانِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَصْرِيُّ، نَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ، فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ، فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ، فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ، وَلَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالا، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالا، فَيَقُولُونَ: وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ، لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالا ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
4390 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَارِثِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَنْعُمَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ:«إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَزَاوَرُونَ عَلَى الْعِيسِ الْجُونِ، عَلَيْهَا رِحَالُ الْمَيْسِ، تُثِيرُ مَنَاسِمُهَا غُبَارَ الْمِسْكِ، زِمَامُ أَوْ خِطَامُ، أَحَدِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»
العيس الجون: الْإِبِل الْبيض، والجون: السود أَيْضًا، وَهِيَ من الأضداد.
4391 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَارِثِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:«حَائِطُ الْجَنَّةِ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَدَرَجُهَا الْيَاقُوتُ وَاللُّؤْلُؤُ، وَكُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّ رَضْرَاضَ أَنْهَارِهَا اللُّؤْلُؤُ، وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانِ» .
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صِفَةِ الْجَنَّة: «وَحِصْلِبُهَا الصُّوَارُ»
قَالَ ابْنُ الْأَعرَابِي: الحصلب: التُّرَاب، والصوار: الْمسك.
4392 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ يَزِيدَ بْنِ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ، سَمِعْتُ مُطَرِّفًا، يُحَدِّثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ النِّسَاءُ» .