المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الدجال لعنه الله - شرح السنة للبغوي - جـ ١٥

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الاعْتِزَالِ فِي الْفِتْنَةِ

- ‌بَابُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌بَابُ مَا يَكُونُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَالِ وَالْفُتُوحِ

- ‌بَاب قِتَالِ التُّرْكِ وَقِتَالِ الْيَهُودِ

- ‌بَابُ قِتَالِ الرُّومِ

- ‌بَابُ مَا يَكُونُ مِنَ الْعَلامَاتِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ الدَّجَّالِ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ ابْنِ الصَّيَّادِ

- ‌بَابُ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ

- ‌بَاب الْمَهْدِي

- ‌بَابُ كَلامِ السِّبَاعِ

- ‌بَابُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ

- ‌بَابُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ} [النَّحْل: 77] وَأَنَّ مَنْ مَاتَ، فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ

- ‌بَابُ النَّفْخِ فِي الصُّورِ

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 67]

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مَرْيَم: 39]

- ‌بَاب كَيفَ الْحَشْر

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6]

- ‌بَابُ الْحِسَابِ وَالْقَصَاصِ

- ‌بَابُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ

- ‌بَابُ مُفَادَاةِ الْمُسْلِمِ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى

- ‌بَاب قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ {1} يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الْحَج: 1 - 2]

- ‌بَاب شَهَادَةِ الأَعْضَاءِ

- ‌بَابُ شَفَاعَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ الْحَوْضِ وَهُوَ الْكَوْثَرُ

- ‌بَابُ ذَبْحِ الْمَوْتِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِهَا وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلصَّالِحِينَ فِيهَا

- ‌بَابُ رُؤْيَةِ اللَّهِ عز وجل فِي الْجَنَّةِ وَرِضَاهُ عَنْهُمْ

- ‌بَابُ صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30]

الفصل: ‌باب الدجال لعنه الله

‌بَابُ الدَّجَّالِ لَعَنَهُ اللَّهُ

4255 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّاهِرِيُّ، أَنَا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ:" إِنِّي لأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلا أَنْذَرَ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّي سَأَقُولُ لَكُمْ قَوْلا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ".

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

4256 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 49

النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ.

وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ».

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُسْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ

الطَّافِيَةُ مِنَ الْعِنَبِ: الْحَبَّةُ الْخَارِجَةُ عَنْ أَخَوَاتِهَا، وَمِنْهُ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ، لأَنَّهُ يَعْلُو أَوْ يَظْهَرُ عَلَى رَأْسِ الْمَاءِ، يُرِيدُ أَنَّ حَدَقَتَهُ قَائِمَةٌ كَذَلِكَ.

4257 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ مَلاسٍ النُّمَيْرِيُّ، نَا مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ، نَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، " إِنَّ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ، عَيْنُهُ الشِّمَالُ عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ: كَافِرٌ: ك ف ر ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ.

ص: 50

وَعَنْ حُذَيْفَةَ أَيْضًا، أَنَّهُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى

قَالَ الأَصْمَعِيُّ: الظَّفَرَةُ: لَحْمَةٌ تَنْبُتُ عِنْدَ الْمَآقِي.

وَرَوَى رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِن الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ، عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٌ وَغَيْرُ كَاتِبٍ» .

4258 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، قَالَ: نَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا حَدِيثًا طَوِيلا عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا يُحَدِّثُنَا بِهِ، أَنَّهُ قَالَ: " يَأْتِي الدَّجَّالُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَة، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ رَجُلٌ، وَهُوَ خَيْرُ النَّاسِ أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثه، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا، ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ، هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ؟

ص: 51

فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ، فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَلا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.

وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.

قَالَ مَعْمَرٌ: بَلَغَنِي أَنَّهُ يُجْعَلُ عَلَى حَلْقِهِ صَفِيحَةٌ مِنْ نُحَاسٍ، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ الْخَضِرُ الَّذِي يَقْتُلُهُ الدَّجَّالُ، ثُمَّ يُحْيِيهِ

4259 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، فَقَالَ لَهُ عُقْبَةُ: حَدِّثْنِي مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الدَّجَّالِ، قَالَ: «

ص: 52

إِنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ وَإِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا، فَأَمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ مَاءً، فَنَارٌ تَحْرِقُ، وَأَمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ نَارًا، فَمَاءٌ بَارِدٌ عَذْبٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَلْيَقَعْ فِي الَّذِي يَرَاهُ النَّارَ، فَإِنَّهُ مَاءٌ عَذْبٌ طَيِّبٌ»، فَقَالَ عُقْبَةُ: وَأَنَا قَدْ سَمِعْتُهُ تَصْدِيقًا لِحُذَيْفَةَ.

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ

4260 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْر الْقَفَّالُ الْمَرْوَزِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الْهَرَوِيُّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمَوَيْهِ، بِالْبَصْرَةِ، نَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، نَا نَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ، نَا شُعْبَةٌ، وَهُشَيْمٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ يُحَدِّثُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: مَا سَأَلَ أَحَدٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ، فَقَالَ:«إِنَّهُ لَنْ يَضُرَّكَ، إِنَّكَ لَنْ تُدْرِكَهُ» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَزْعُمُونَ أَنَّ مَعَهُ جِبَالَ خُبْزٍ وَأَنْهَارَ مَاءٍ، وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ» .

ص: 53

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيَى، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ سُرَيْجِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ هُشَيْمٍ، كِلاهُمَا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ

4261 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ، نَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْر، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَضَ فِيهِ وَرَفَعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ، عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ:«مَا شَأْنُكُمْ؟» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فِيهَا وَرفعت حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَقَالَ: «غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفَنِي عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ،

ص: 54

عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ، إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا، وَعَاثَ شِمَالا، يَا عِبَادَ اللَّهِ، فَاثْبُتُوا»، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا لَبْثُهُ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ:«أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ» ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أَيَكْفِينَا فِيهِ صَلاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ:«لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: " كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَ بِهِ الرِّيحُ، فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ، فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ، وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأَرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحِتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَ ذُرًى وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأمده خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ، فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، قَالَ: فَيَنْصَرِف عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَحْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ، فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَيَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ، رَمْيَةَ الْغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ،

ص: 55

فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ، تَحَدَّرَ مِنْهُ مِثْلُ جُمَانٍ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرَفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلَهُ، ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ، وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى، إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ، فَيَشْرَبُوا مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ، فَيَقُولُ: لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ، ويحصر نَبِيُّ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ الْيَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ إِلَى

ص: 56

الأَرْضِ، وَلا يَجِدُونَ فِي الأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلا مَلأهُ زَهَمُهُمْ وَنَتَنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ، فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لَا يُكِنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَكِ، وَرُدِّي بركتك، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا، وَيُبَارَكُ فِي الرّسل حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذِ مِنَ النَّاسِ، بَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ ".

وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن يَزِيد بْن جَابِر، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيد بْن جَابِر، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْو مَا ذَكَرْنَا، وَزَادَ بَعْد قَوْله: " لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ، ثُمَّ

ص: 57

يَسِيرُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى جَبَلِ الْخَمْرِ، وَهُوَ جبل بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَيَقُولُونَ: لَقَدْ قَتَلْنَا مَنْ فِي الأَرْضِ، هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، فَيَرْمُونَ بِنُشَّابِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نُشَّابَهُمْ مَخْضُوبَةً دَمًا ".

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ

قَوْله: «إِنَّه خَارج خلة» ، أَي: سَبِيلا بَيْنَ الشَّام وَالْعراق.

وَقَوله: «فيقطعه جزلتين» ، أَي: قطعتين.

قَوْله: «بَيْنَ مهرودتين» ، أَي: فِي شقتين أَوْ خلتين، ويروى هَذَا الْحَرْف: مهرودتين، بِالدَّال والذال جَمِيعًا، أَي: مُمَصَّرَتَيْنِ، والممصرة من الثِّيَاب: الَّتِي فِيهَا صفرَة.

ويروى فِي وصف عِيسَى: «رَجُل مَرْبُوع إِلَى الْبيَاض والحمرة، يمشي بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ» .

وَقَوله: «وَهُمْ من كُلّ حدب يَنْسلونَ» ، أَي: يسرعون، يُقَالُ: نسل ينسل نسلانا.

وَقَوله: «فَيُرْسل عَلَيْهِمُ النغف» ، النغف: دود يَكُون فِي أنوف الْإِبِل وَالْغنم، وَاحِدهَا: نغفة.

وَقَوله: «فيصبحون فرسى» ، أَي: قَتْلَى، الْوَاحِد فريس، مثل قَتْلَى وقتيل، وصريع وصرعى من فرس الذِّئْب الشَّاة.

وَقَوله: «فيتركها كالزلفة» ، الزلفة: وَاحِدَة الزلف، وَهِيَ المصانع، وَهِيَ المزالف أَيْضًا.

2426 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا

ص: 58

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَهْزَاذَ، مِنْ أَهْلِ مَرْوَ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَخْرُجُ الدَّجَّالُ، فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَلْقَاهُ الْمَسَالِحُ مَسَالِحُ الدَّجَّالِ، فَيَقُولُونَ لَهُ: أَيْنَ تَعْمِدُ؟ فَيَقُولُ: أَعْمِدُ إِلَى هَذَا الَّذِي خَرَجَ.

قَالَ: فَيَقُولُونَ لَهُ: أَوَمَا تُؤْمِنُ؟ فَيَقُولُ: مَا بِرَبِّنَا خَفَاءٌ، فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَحَدًا دُونَهُ، قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّالِ، فَإِذَا رَآهُ الْمُؤْمِنُ، قَالَ: يَأَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا الدَّجَّال الَّذِي ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَيَأْمُرُ الدَّجَّالُ بِهِ، فَيُشَبَّحُ، فَيَقُولُ: خُذُوهُ فَشَبِّحُوهُ، فَيُوسَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ ضَرْبًا، قَالَ: فَيَقُولُ: أَوَمَا تُؤْمِنُ بِي؟ قَالَ: فَيَقُولُ: أَنْتَ الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ، قَالَ: فَيُؤْمَرُ بِهِ، فَيُوشَرُ بِالْمِيشَارِ مِنْ مَفْرِقِهِ حَتَّى يُفْرَقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: قُمْ فَيَسْتَوِي قَائِمًا، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: أَتُؤْمِنُ بِي؟ فَيَقُولُ: مَا ازْدَدْتُ فِيكَ إِلا بَصِيرَةً، قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ:

ص: 59

يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا يَفْعَلُ بَعْدِي بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فَيَجْعَلُ مَا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إِلَى تَرْقُوَتِهِ نُحَاسًا، فَلا يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلا، قَالَ: فَيَأْخُذُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَيَقْذِفُ بِهِ، فَيَحْسَبُ النَّاسُ أَنَّمَا قَذَفَهُ إِلَى النَّارِ، وَإِنَّمَا أُلْقِيَ فِي الْجَنَّةِ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَذَا أَعْظَمُ النَّاسِ شَهَادَةً عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ

4263 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الطَّاهِرِيُّ، أَنَا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ الْبَزَّازُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَنَا إِسْحَاقُ الدَّبَرِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، فَذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: " إِنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ ثَلاثَ سِنِينَ: سَنَةٌ تُمْسِكُ السَّمَاءَ ثُلُثَ قَطْرِهَا، وَالأَرْضُ ثُلُثَ نَبَاتِهَا، وَالثَّانِيَةُ تُمْسِكُ السَّمَاءُ ثُلُثَيْ قَطْرِهَا، وَالأَرْضُ ثُلُثَيْ نَبَاتِهَا، وَالثَّالِثَةُ تُمْسِكُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا كُلَّهُ، وَالأَرْضُ نَبَاتَهَا كُلَّهُ، فَلا تَبْقَى ذَاتُ ظِلْفٍ، وَلا ذَاتُ ضِرْسٍ مِنَ الْبَهَائِمِ إِلا

ص: 60

هَلَكَتْ، وَإِنَّ مِنْ أَشَدِّ فِتَنِهِ أَنَّهُ يَأْتِي الأَعْرَابِيُّ، فَيَقُولُ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَحْيَيْتُ لَكَ إِبِلَكَ، أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنِّي رَبُّكَ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: بَلَى، فَيُمَثِّلُ لَهُ نَحْوَ إِبِلِهِ كَأَحْسَنِ مَا يَكُونُ ضُرُوعًا وَأَعْظَمِهِ أَسْنِمَةً، قَالَ: وَيَأْتِي الرَّجُلُ قَدْ مَاتَ أَخُوهُ، وَمَاتَ أَبُوهُ، فَيَقُولُ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَحْيَيْتُ لَكَ أَبَاكَ، وَأَحْيَيْتُ لَكَ أَخَاكَ، أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، فَيُمَثِّلُ لَهُ الشَّيَاطِينَ نَحْوَ أَبِيهِ وَنَحْوَ أَخِيهِ "، قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ رَجَعَ وَالْقَوْمُ فِي اهْتِمَامٍ وَغَمٍّ مِمَّا حَدَّثَهُمْ، قَالَتْ: فَأَخَذَ بِلُحْمَتَيِ الْبَابِ، فَقَالَ:«مَهْيَمْ أَسْمَاءُ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ خَلَعْتَ أَفْئِدَتَنَا بِذِكْرِ الدَّجَّالِ، قَالَ:«إِنْ يَخْرُجُ وَأَنَا حَيٌّ، فأَنَا حَجِيجُهُ، وَإِلا فَإِنَّ رَبِّي خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ» ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنَّا لَنَعْجِنُ عَجِينَنَا، فَمَا نَخْبِزُه حَتَّى نَجُوعَ، فَكَيْفَ بِالْمُؤْمِنِينَ يَوْمَئِذٍ؟ فَقَالَ:«يُجْزِيهِمْ مَا يُجْزِي أَهْلَ السَّمَاءِ مِنَ التَّسْبِيحِ، وَالتَّقْدِيسِ»

ص: 61

4264 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الطَّاهِرِيُّ، أَنَا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ الْبَزَّازُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، أَنَا إِسْحَاقُ الدَّبَرِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ خَيْثَمٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَمْكُثُ الدَّجَّالُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَالْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَالْيَوْمِ كَاضْطِرَامِ السَّعَفَةِ فِي النَّارِ»

4265 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الطَّاهِرِيُّ، أَنَا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ الْبَزَّازُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَنَا إِسْحَاقُ الدَّبَرِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ السِّيجَانُ»

السيجان: جمع الساج، وَهُوَ طيلسان أَخْضَر، وَقَالَ الْأَزْهَرِي:

ص: 62

هُوَ الطيلسان المقور ينسج كَذَلِكَ.

4266 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" رَأَيْتُنِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَرَأَيْتُ رَجُلا آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ آدَمِ الرِّجَالِ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللّمم قَدْ رَجَّلَهَا، فَهِيَ تَقْطُرُ مَاءً مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ، أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ " فَقَالُوا: هَذَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، قَالَ:" ثُمَّ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ أَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ " قَالُوا: هَذَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ.

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمُسَيِّبِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، وَقَالَ فِي الدَّجَّالِ: وَرَأَيْتُ

ص: 63

وَرَاءَهُ رَجُلا جَعْدًا قَطَطًا أَعْوَرَ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ بِابْنِ قَطَنٍ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ

قُلْتُ: بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُونَ للدجال: مسيح بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد السِّين عَلَى وزن فِعّيل، وَلَيْسَ بِشَيْء، بَل هما فِي اللَّفْظ وَاحِد، وَسمي عِيسَى عليه السلام مسيحا، لِأَنَّهُ كَانَ يمسح الأَرْض، أَي: يقطعهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ لَا يمسح ذَا عاهة إِلا برأَ، وَقَالَ أَبُو عبيد: الْمَسِيح أَصله بالعبرانية مشيحا، فعرب كَمَا عرب مُوسَى.

وَأَمَّا الدَّجَّال، فَسُمي مسيحا، لِأَنَّهُ مَمْسُوح إِحْدَى الْعَينَيْنِ، والمسيح الْأَعْوَر وَبِهِ سمي الدَّجَّال.

4267 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْمُظَفَّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّمِيمِيُّ الْجُرْجَانِيُّ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيُّ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، نَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَيَانِ بْنِ زَيْدِ بْنِ شَبَابَةَ الْغَافِقِيُّ يُعْرَفُ بِابْنِ أَبِي الْعَلاءِ، بِمِصْرَ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ ثَعْلَبَةَ الأَنْصَارِيِّ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّي مُجَمِّعُ بْنُ جَارِيَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«يَقْتُلُ ابْنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ بِبَابِ لُدٍّ» .

قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

ص: 64

حَدِيث تَمِيم الدَّارِيّ عَنِ الدَّجَّال

4268 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ السَّرَخْسِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُهُسْتَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي تُرَابٍ، بِطُوسَ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، نَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ فَرْقَدٍ الْفَرْقَدِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا عِيسَى بْن يُونُسَ، نَا عِمْرَانُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَادَى:«الصَّلاةُ جَامِعَةٌ» ، فَخَرَجَ النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ:«أَنْذَرْتُكُمُ الدَّجَّالَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، أَلا وَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيمَا مَضَى، وَهُوَ كَائِنٌ فِيكُمْ أَيَّتُهَا الأُمَّةُ» ، أَلا إِنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ أَخْبَرَنِي، أَنَّ رَكْبًا رَكِبُوا بَحْرَ الشَّامِ فِي نَفَرٍ مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ، فَأَلْقَتْهُمُ الرِّيحُ إِلَى جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِهِ، فَإِذَا هُمْ بِالدَّهْمَاءِ تَجِرُّ شَعْرَهَا، قَالُوا: مَا أَنْتَ؟ قَالَت: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، قَالُوا: فَأَخْبِرِينَا، قَالَتْ، مَا أَنَا بِمُخْبِرِكُمْ، وَلا أَنَا بِمُسْتَخْبِرِكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا رَجُلا فِي هَذَا الدَّيْرِ،

ص: 65

فَإِنَّهُ إِلَى رُؤْيَتِكُمْ بِالأَشْوَاقِ، قَالَ: فَدَخَلُوا فَإِذَا رَجُلٌ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ، مُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ إِلَى سَارِيَةٍ، فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ؟ قُلْنَا: نَحْنُ الْعَرَبُ، قَالَ: مَا فَعَلَتِ الْعَرَبُ؟ قُلْنَا: ظَهَرَ فِيهِمْ نَبِيٌّ يَتِيمٌ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ النَّاسُ؟ قُلْنَا: تَبِعَهُ قَوْمٌ، وَتَرَكَهُ قَوْمٌ، قَالَ: أَمَا إِنْ هُمْ يَتْبَعُونَهُ وَيُصَدِّقُونَهُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَتِ الْعَرَبُ أَيْشِ لِبَاسُهُمْ؟ قُلْنَا: صُوفٌ وَقُطْنٌ تَغْزِلُهُ نِسَاؤُهُمْ، قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَيْهَاتَ، ثُمَّ قَالَ: مَا فَعَلَتْ عَيْنُ زُغَرَ؟ قُلْنَا: كَثِيرٌ مَاؤُهَا، تَتَدَفَّقُ، تَرْوِي مَنْ أَتَاهَا، قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَيْهَاتَ، مَا فَعَلَ نَخْلُ بَيْسَانَ؟ قُلْنَا: يُؤْتِي جَنَاهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَيْهَاتَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَطْلَقَنِي اللَّهُ مِنْ وَثَاقِي هَذَا، لَمْ يَبْقَ مَنْهَلٌ إِلا دَخَلْتُهُ إِلا مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَذِهِ طَيْبَةُ حَرَّمْتُهَا كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ سِكَّةٍ وَنَقْبٍ إِلا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ شَاهِرٌ بِالسَّيْفِ يَمْنَعُهَا مِنَ الدَّجَّالِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

قُلْتُ: قَوْله: «هَيْهَات» ، كَأَنَّهُ يُرِيد تغير أَحْوَال هَذِهِ الْأَشْيَاء، فَقَدْ رَوَى ابْن بُرَيْدَة، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيث، أَنَّهُ قَالَ: أخبروني عَنْ

ص: 66

نخل بيسان هَل يُثمر؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أما إِنَّهَا توشك أَلا تثمر "، قَالَ:«أخبروني عَنْ بحيرة الطبرية هَل فِيهَا مَاء؟» قُلْنَا: هِيَ كَثِيرَة المَاء، قَالَ:«أما إِن ماءها يُوشك أَن يذهب» .

4269 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْقُهُسْتَانِيُّ، نَا أَبُو دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، نَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ أَبُو عَتَّابٍ، نَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَأَتْحَفَتْنَا رُطَبًا، وَسَقَتْنَا سَوِيقَ سُلْتٍ، فَسَأَلْتُهَا عَنِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا أَيْنَ تَعْتَدُّ؟ فَقَالَتْ: أَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ طَلَّقَنِي بَعْلِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي أَهْلِي، وَأَنْ أَتَحَوَّلَ، قَالَتْ: فَنُودِيَ يَوْمَئِذٍ: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ، فَانْطَلَقْتُ فِيمَنِ انْطَلَقَ مِنَ النِّسَاءِ، وَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ مِنَ النِّسَاءِ مِمَّا يَلِي الصَّفَّ الْمُؤَخَّرَ مِنَ الرِّجَالِ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ بَنِي عَمٍّ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَكِبُوا الْبَحْرَ، وَإِنَّ سَفِينَتَهُمْ قَذَفَتْهُمْ إِلَى جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، فَرَأَوْا هُنَالِكَ دَابَّةً يُوَارِيهَا شَعْرُهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا الْقَوْمُ، قَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، إِنَّ فِي ذَلِكَ الدَّيْرِ مَنْ هُوَ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ أَنْ يَرَاكُمْ،

ص: 67

فَانْطَلَقَ الْقَوْمُ، فَرَأَوْا رَجُلا مُكَبَّلا فِي الْحَدِيدِ تَضَاوَرَ كَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ دُخُولُهُمْ، فَسَأَلَهُمْ: أَخَرَجَ صَاحِبُكُمْ؟ قَالَ: قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: فَاتَّبِعُوهُ، أَلا تُخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ، أَطْعَمَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: فَأَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ، مَا فَعَلَتْ؟ قُلْنَا: كَثِيرَةُ الْمَاءِ، قَالَ: وَعَيْنُ زُغَرَ؟ قُلْنَا: وَعَيْنُ زُغَرَ، قَالَ: أَمَا إِنِّي لَوْ خَرَجْتُ، لَوَطِئْتُ الأَرْضَ كُلَّهَا غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ بِمِخْصَرَتِهِ بِيَدِهِ: وَهَذِهِ طَيْبَةُ ".

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَبِيبٍ الْحَارِثِيّ، عَنْ خَالِد بْن الْحَارِثِ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ قُرَّةَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ عَنِ الشَّعْبِيِّ

وَسميت الْمَدِينَة طيبَة، لِأَنَّهَا طَاهِرَة من الْخبث والنفاق، كَمَا قَالَ عليه السلام:«الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا» .

قُلْتُ: قَوْله: «تضاور» ، أَي: يظْهر الضّر الَّذِي بِهِ من الضور وَهُوَ الضّر.

والجساسة يُقَالُ: إِنَّهَا تجس الْأَخْبَار للدجال.

وَقَوله: «نخل بيسان أطْعم» ، أَي: هَل أثمر؟ يُقَالُ: بِأَرْض فُلان من الشّجر الْمطعم كَذَا، أَي: المثمر.

ص: 68