الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا هُوَ إِلا الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَشَبَّهَ أَصْوَاتَهُمْ بِأَصْوَاتِ الْحَمِيرِ، أَوَّلُهَا زَفِيرٌ وَآخِرُهَا شَهِيقٌ ".
قَالَ طَاوُسٌ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّارَ لَمَّا خُلِقَتْ طَارَتْ أَفْئِدَةُ الْمَلائِكَةِ، فَلَمَّا خُلِقَ آدَمُ سَكَنَتْ.
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30]
مَعْنَاهُ: هَل من مزِيد فأحتمله، لِأَن اللَّه سبحانه وتعالى وعدها أَن يملأها.
4421 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاس الْحُمَيْدِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ، نَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ، نَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ الْعَسْقَلانِيُّ، نَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "
لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَتَقُولُ: قطّ قطّ وَعِزَّتِكَ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُ فُضُولَ الْجَنَّةِ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ آدَم، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ بْن حُمَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ بْن مُحَمَّد، عَنْ شَيْبَانَ.
قَوْله: «يزوى» ، أَي: يضم وَيجمع.
4422 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانٍ الْمَنِيعِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ.
وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: فَمَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلا ضُعَفَاءُ النَّاسِ، وَسَقَطُهُمْ، وَغِرَّتُهُمْ.
قَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ: إِنَّمَا أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي.
وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي،
وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ، فَلا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ فِيهَا رِجْلَهُ، فَتَقُولُ: قطّ قطّ.
فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلا يَظْلِمُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
قَوْله: «قطّ قطّ» : حَسْبُ.
وَقَوْلُهُ: «إِنَّمَا أَنْتِ رَحْمَتِي» ، سَمَّى الْجَنَّةَ رَحْمَةً، لأَنَّ بِهَا تَظْهَرُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ، كَمَا قَالَ:«أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ» ، وَإِلا فَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي لَمْ يَزَلْ بِهَا مَوْصُوفًا، لَيْسَ لِلَّهِ سبحانه وتعالى صِفَةٌ حَادِثَةٌ، وَلا اسْمٌ حَادِثٌ، فَهُوَ قَدِيمٌ بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ، وَصِفَاتِهِ جل جلاله، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ.
قُلْتُ: والقدم وَالرجلَانِ الْمَذْكُورَان فِي هَذَا الْحَدِيث من صِفَات اللَّه سبحانه وتعالى، المنزه عَنِ التكييف والتشبيه، وَكَذَلِكَ كُلّ مَا جَاءَ من هَذَا الْقَبِيل فِي الْكِتَاب أَوِ السّنة كَالْيَدِ، والإصبع، وَالْعين، والمجيء، والإتيان، فالإيمان بِهَا فرض، والامتناع عَنِ الْخَوْض فِيهَا وَاجِب، فالمهتدي من سلك فِيهَا طَرِيق التَّسْلِيم، والخائض فِيهَا زائغ، وَالْمُنكر معطل، والمكيف مشبه، تَعَالَى اللَّه عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ علوا
كَبِيرا، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، سُبْحَانَ رَبنَا رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ، وَسَلام عَلَى الْمُرْسلين، وَالْحَمْد لِلَّهِ رب الْعَالمين، وَصلى اللَّه عَلَى سيدنَا مُحَمَّد النَّبِيّ الْأُمِّي وَآله أَجْمَعِينَ.