المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الحساب والقصاص - شرح السنة للبغوي - جـ ١٥

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الاعْتِزَالِ فِي الْفِتْنَةِ

- ‌بَابُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌بَابُ مَا يَكُونُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَالِ وَالْفُتُوحِ

- ‌بَاب قِتَالِ التُّرْكِ وَقِتَالِ الْيَهُودِ

- ‌بَابُ قِتَالِ الرُّومِ

- ‌بَابُ مَا يَكُونُ مِنَ الْعَلامَاتِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ الدَّجَّالِ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ ابْنِ الصَّيَّادِ

- ‌بَابُ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ

- ‌بَاب الْمَهْدِي

- ‌بَابُ كَلامِ السِّبَاعِ

- ‌بَابُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ

- ‌بَابُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ} [النَّحْل: 77] وَأَنَّ مَنْ مَاتَ، فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ

- ‌بَابُ النَّفْخِ فِي الصُّورِ

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 67]

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مَرْيَم: 39]

- ‌بَاب كَيفَ الْحَشْر

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6]

- ‌بَابُ الْحِسَابِ وَالْقَصَاصِ

- ‌بَابُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ

- ‌بَابُ مُفَادَاةِ الْمُسْلِمِ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى

- ‌بَاب قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ {1} يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الْحَج: 1 - 2]

- ‌بَاب شَهَادَةِ الأَعْضَاءِ

- ‌بَابُ شَفَاعَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ الْحَوْضِ وَهُوَ الْكَوْثَرُ

- ‌بَابُ ذَبْحِ الْمَوْتِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِهَا وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلصَّالِحِينَ فِيهَا

- ‌بَابُ رُؤْيَةِ اللَّهِ عز وجل فِي الْجَنَّةِ وَرِضَاهُ عَنْهُمْ

- ‌بَابُ صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30]

الفصل: ‌باب الحساب والقصاص

‌بَابُ الْحِسَابِ وَالْقَصَاصِ

قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الْفَاتِحَة: 4]، يَعْنِي: يَوْم الْحساب، وَقِيلَ: يَوْم الْجَزَاء.

قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} [النُّور: 25]، أَي: الْجَزَاء، وَقَوله عز وجل:{وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذاريات: 6]، أَي: الْجَزَاء.

وَقِيلَ: الدَّين: الحكم، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النُّور: 2]، أَي: فِي حكمه.

وَقِيلَ: الدَّين: الطَّاعَة، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} [النَّحْل: 52]، أَي: الطَّاعَة.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [الْأَعْرَاف: 29]، وَقَوله سبحانه وتعالى:{أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 3]، أَي: التَّوْحِيد، وَالدّين: اسْم لجَمِيع مَا تعبد اللَّه بِهِ خلقه.

وَقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [إِبْرَاهِيم: 51]، أَي: حسابه وَاقع لَا محَالة، وكل مَا هُوَ وَاقع لَا محَالة، فَهُوَ سريع، وَقِيلَ: سرعَة حسابه أَنَّهُ لَا يشْغلهُ حِسَاب وَاحِد عَنْ حِسَاب الآخر، وَلا يشْغلهُ سمع

ص: 130

عَنْ سمع، فَهُوَ أسْرع الحاسبين.

وَقَوله: {سُوءُ الْحِسَابِ} [الرَّعْد: 18]، قِيلَ: هُوَ أَن لَا تقبل لَهُمْ حَسَنَة، وَلا تغْفر لَهُمْ سَيِّئَة.

وَقَوله سبحانه وتعالى: {فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا} [طه: 112]، أَي: نقصا، يَقُولُ: لَا يخَاف أَن يظلم بِأَن يحمل ذَنْب غَيره، وَلا يهتضم، فينقص من حَسَنَاته، يُقَالُ: هَذَا دَاء يهضم الطَّعَام، أَي: ينقص ثقله.

وَقَالَ سبحانه وتعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8]، وَقَالَ سبحانه وتعالى:{كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الْإِسْرَاء: 14]، أَي: محاسبا.

4319 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَانَتْ لَا تَسْمَعُ شَيْئًا لَا تَعْرِفُهُ إِلا رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ حُوسِبَ، عُذِّبَ» .

قَالَت عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: أَوَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8]؟ قَالَت: فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَهْلِكْ» .

ص: 131

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وعَلِيّ بْن حُجْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ.

قَوْله: «من نُوقِشَ الْحساب يهْلك» ، فالمناقشة: الِاسْتِقْصَاء فِي الْحساب حَتَّى لَا يتْرك مِنْهُ شَيْء، يُقَالُ: انتقشت مِنْهُ جَمِيع حَقي، وَمِنْه نقش الشَّوْكَة من الرَّجُل، وَهُوَ استخراجها مِنْهُ.

4320 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّرَّادُ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ، نَا أَبُو سَعِيدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ، نَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْعَسْقَلانِيُّ أَبُو أَحْمَدَ، أَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى يُدْنِي الْمُؤْمِنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَيَقُولُ: أَيْ عَبْدِي،

ص: 132

تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَيْ رَبِّ.

ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ عَبْدِي، تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَيْ رَبِّ.

حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى نَفْسَهُ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ، قَالَ: فَإِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَقَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ الْيَوْمَ.

ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ.

وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ، فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ، أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ هَمَّامٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هِشَام الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ.

قِيلَ: الأشهاد: هُمُ الْمَلَائِكَة، وَقِيلَ: هُمُ الْأَنْبِيَاء والْمُؤْمِنُونَ، يشْهدُونَ عَلَى المكذبين.

4321 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

ص: 133

الْمُبَارَكِ، عَنْ ليثِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعَافِرِيِّ، ثُمَّ الْحُبُلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلا، كُلُّ سَجِلّ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ.

فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ أَوْ حَسَنَةٌ؟ فَبُهِتَ الرَّجُلُ، قَالَ: لَا، يَا رَبِّ.

فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، وَإِنَّهُ لَا ظُلْمُ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَيُخْرِجُ لَهُ بِطَاقَةً فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ.

فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلاتِ؟ فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ.

قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلاتُ، وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ.

قَالَ: فَلا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ ".

ص: 134