الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة: أحمد محمد شاكر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على أشرف المرسلين، وسيد الخلق أجمعين، محمد عبد الله ورسوله الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
هذا شرح نفيس، للعقيدة السلفية التي كتبها"الطحاوي"الإمام العلامة الحافظ، صاحب التصانيف البديعة: أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الأزدي المصري الحنفي، وهو إمام ثقة جليل. وهو ابن أخت المزني صاحب الإمام الشافعي.
قال ابن يونس: كان ثقة ثبتًا فقيهًا عاقلًا، لم يخلَّف مثله.
ولد بمصر سنة 239هـ. ومات بها في مستهل ذو القعدة سنة 321هـ. رحمه الله (1).
ومخطوطة الشرح التي وجدت، كانت غُفْلًا من اسم المؤلف، فلم يعرف إذْ ذاك من هو؟ وكانت نسخة سقيمة كثيرة الغلط والتحريف. ولما توجد منه مخطوطة صحيحة بعدُ.
ولكن الشرح نفيس، وأبحاثه دقيقة عميقة، وتحقيقاته بديعة متقنة. وقد طبع للمرة الأولى سنة 1349هـ، بمكة المكرمة، في المطبعة السلفية، وكان لها فرع هناك إذ ذاك.
(1) مصادر ترجمته بيناها في التعليق على كلام الشارح، ص:21.
وعني بتصحيحه والإشراف على طبعه لجنة من المشايخ والعلماء، برئاسة العلامة الكبير، الشيخ عبد الله بن حسن بن حسين آل الشيخ، رئيس القضاة في الحجاز (حالا). فبذلوا جهدًا عظيمًا في تصحيحه، ولكنه لم يخل من أغلاط كثيرة، وكل عمل في أوله عسير. وهم مشكورون على ما أتقنوا من تصحيح، مأجورون - إن شاء الله - على ما اجتهدوا.
وقد قرأت الكتاب عند ظهوره قراءة عابرة، فلم أتقن معرفته، ولم أتعمق في دراسته.
ثم كان من فضل الله عليّ، حين كنت بمدينة (الرياض) في شهر جمادى الأولى من هذا العام، سنة 1373هـ - أن كلفني الأستاذ المفتي الأكبر العالم العلامة الجليل، الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وشقيقه الأخ الفاضل، الأستاذ الكبير، الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم، مدير المعهد العلمي بالرياض - أن أعيد طبع هذا الشرح النفيس في مصر، وأن أُعنى بتصحيحه ما استطعت.
فما أن شرعت في قراءته، والتحقق منه، حتى وجدت بين يديّ كتابًا يندر أن يؤلف مثله، في دقته وعمقه، وتحقيقه وبيانه، والتزامه مذهب السلف الصالح، من غير حيدة عنه، ولا تأول ولا تمحل.
ووجدتني حُمِّلت عبئًا عظيمًا من تحقيقه، إذ لم أجد منه مخطوطة معتمدة، بل لم أجد المخطوط الأصلي الذي طبع عنه الطبعة السالفة.
فاجتهدت في تصحيح كلام الشارح ما استطعت، وعدت إلى الأحاديث والآثار والنصوص التي ينقلها - فيما أجد من أصولها عندي.
ولعلي- بهذا- أكون قد أدّيت الأمانة في حدود مقدوري واستطاعتي، ولكني لا أزال أرى هذه الطبعة مؤقتة أيضًا، حتى يوفقنا الله إلى أصل محفوظ للشرح صحيح، يكون عمدة في التصحيح. فنعيد طبعه، ونتقنه، ونخرجه إخراجًا
سليمًا إن شاء الله ذلك ويسَّره، وكان في العمر بقية.
وقبيل الطبع أرشدني الأخ الجليل النبيل صاحب السعادة الشيخ محمد بن حسين نصيف إلى أن السيد مرتضى الزبيدي ذكر هذا الشارح، وسماه باسمه، ونقل عنه قطعة كبيرة في شرح الإحياء. فرجعت إلى الموضع الذي أشار إليه من شرح الإحياء، وهو 2: 146، فوجدته بعد أن شرح استدلال الغزالي في مسألة الكلام، بقول الشاعر:
إِنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا
…
جُعل اللِّسَانُ على الفؤاد دليلًا
- قال ما نصه:
"وقد استرسل بعض علمائنا، من الذين لهم تقدم ووجاهة، وهو: علي بن علي بن محمد الغزي [كذا] الحنفي. فقال في شرح عقيدة الإمام أبي جعفر الطحاوي، ما نصه: وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ، وَاسْتَدَلَّ بقول الأخطل المذكور - فَاسْتِدْلَالٌ فَاسِدٌ، وَلَوِ اسْتَدَلَّ مُسْتَدِلٌّ بِحَدِيثٍ فِي الصحيحين لقالوا
…
".
فنقل قول الشارح في هذا الشرح - ابتداء من السطر الأول من (ص: 148) إلى بعض السطر السادس عشر من نفس الصفحة من طبعتنا هذه. ثم قال السيد مرتضى الزبيدي ردًّا عليه وتعقيبًا: "ولما تأملته حق التأمل؛ وجدته كلامًا مخالفًا لأصول مذهب إمامه!! وهو في الحقيقة كالرد على أئمة السنة، كأنه تكلم بلسان المخالفين، وجازف وتجاوز عن الحدود، حتى شبه قول أهل السنة بقول النصارى! فليتنبه لذلك".
فهذه القطعة التي نقلها الزبيدي، وهي تزيد على 14 سطرًا - تدل دلالة قاطعة على أنه ينقل عن هذا الشرح نفسه، خصوصًا وأنها من الكلام الاستقلالي العالي، الذي يكتبه الرجل عن ذات نفسه، لا ينقله عن غيره، ولا يقلد فيه غيره. كما هو بين لا شك فيه.
ولكنا نلاحظ أنه أخطأ في نسبة المؤلف، فقال:"الغزي"! وصوابه: "علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي"، كما في ترجمته في الدرر الكامنة 3: 87، وقد وصفه بأنه"قاضي القضاة بدمشق ثم بالديار المصرية، ثم بدمشق"وذكر أنه ولد سنة 731، ومات سنة 792.
والحمد لله على ما وفقنا إليه أولًا وآخرًا.
القاهرة يوم السبت 11 شوال سنة 1373هـ.
كتبه
أحمد محمد شاكر
عفا الله عنه بمنّه.