الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَرَى أَنَّ خَفَاءَ حِكْمَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا فِي خَلْقِ الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ وَالْفَأْرِ وَالْحَشَرَاتِ، الَّتِي لَا يُعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا الْمَضَرَّةُ - لَمْ يَنْفِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى خَالِقًا لَهَا، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا حِكْمَةٌ خَفِيَتْ عَلَيْنَا، لِأَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ لَا يَكُونُ عِلْمًا بِالْمَعْدُومِ.
قَوْلُهُ: (وَنُؤْمِنُ بِاللَّوْحِ وَالْقَلَمِ، وَبِجَمِيعِ مَا فِيهِ قَدْ رُقِمَ)
.
ش: قَالَ تَعَالَى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ} {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} (1). وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ""إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لَوْحًا مَحْفُوظًا، مِنْ دُرَّةٍ بيضاء، دفتاه ياقوتة حمراء، قلمه نور، [وعرضه ما بين السماء والأرض. ينظر] فيه كل يوم ستين وثلاثمائة نظرة، يخلق [بكل نظرة]، ويحيي ويميت، ويعز ويذل، ويفعل ما يشاء» (2).
اللَّوْحُ الْمَذْكُورُ هُوَ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ فِيهِ، وَالْقَلَمُ الْمَذْكُورُ هُوَ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ وَكَتَبَ بِهِ فِي اللَّوْحِ الْمَذْكُورِ الْمَقَادِيرَ، كَمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ عُبَادَةَ بن الصامت، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «[إن] أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ، فَقَالَ لَهُ: اكتب، قال: يا رب، وما [ذا] أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» (3).
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: هَلِ الْقَلَمُ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ، أَوِ الْعَرْشُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، ذَكَرَهُمَا الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمَذَانِيُّ، أَصَحُّهُمَا: أَنَّ الْعَرْشَ قَبْلَ الْقَلَمِ، لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عبد الله بن عمرو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كتب اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ والأرض بخمسين
(1) سورة البروج الآيتان 21، 22.
(2)
هذا الحديث محرف جدا في المطبوعة، وفيها زيادة ونقص. وقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 190 - 191، وصححناه منه. ولكنه فيه موقوف من كلام ابن عباس. وقال الهيثمي:«رواه الطبراني من طريقين، ورجال هذه ثقات» . فلعل الشارح نقله من الرواية الأخرى التي أعرض عنها الهيثمي.
(3)
أبو داود: 4700. والتصحيح والزيادة من هناك.