الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّيِّئَاتِ وَمُضَاعَفَة الْأُجُورِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا سَلَّطَهُمْ عَلَيْنَا إِلَّا لِفَسَادِ أَعْمَالِنَا، وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ، فَعَلَيْنَا الِاجْتِهَادُ بالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَة وَإِصْلَاحِ الْعَمَلِ. قَالَ تَعَالَى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (1) وَقَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} (2) وَقَالَ تَعَالَى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (3). {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (4). فَإِذَا أَرَادَ الرَّعِيَّة أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنْ ظُلْمِ الْأَمِيرِ الظَّالِمِ. فَلْيَتْرُكُوا الظُّلْمَ.
وَعَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ: أَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ كُتُبِ اللَّهِ: "أَنَا اللَّهُ مَالِكُ الْمُلْكِ، قُلُوبُ الْمُلُوكِ بِيَدِي، فَمَنْ أَطَاعَنِي جَعَلْتُهُمْ عَلَيْهِ رَحْمَةً، وَمَنْ عَصَانِي جَعَلْتُهُمْ عَلَيْهِ نِقْمَة، فَلَا تَشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِسَبِّ الْمُلُوكِ، لَكِنْ تُوبُوا أعطفهُمْ عَلَيْكُمْ".
قَوْلُهُ: (وَنَتَّبِعُ السنة وَالْجَمَاعَة، وَنَجْتَنِبُ الشُّذُوذَ وَالْخِلَافَ وَالْفُرْقَة)
.
ش: السُّنَّةُ: طَرِيقَة الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَالْجَمَاعَة:[جَمَاعَة](5) الْمُسْلِمِينَ، وَهُمُ الصَّحَابَة وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. فَاتِّبَاعُهُمْ هُدًى. وَخِلَافُهُمْ ضَلَالٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّه صلى الله عليه وسلم:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (6). وَقَالَ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (7). وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ}
(1) سورة الشُّورَى آية 30
(2)
سورة آلِ عِمْرَانَ آية 165
(3)
سورة النِّسَاءِ آية 79
(4)
سورة الْأَنْعَامِ آية 129
(5)
سقطت من الأصل، وأثبتناها من سائر النسخ. ن
(6)
سورة آلِ عِمْرَانَ آية 31
(7)
سورة النِّسَاءِ آية 115
{تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (1). وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (2). وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (3). وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (4).
وَثَبَتَ فِي السُّنَنِ الْحَدِيثُ الَّذِي صَحَّحَه التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَة، قَالَ:«وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَوْعِظَة بَلِيغَة، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَة مُوَدِّعٍ؟ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ: "أُوصِيكُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وسنة الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَة ضَلَالَة» . وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّة، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّة سَتَفْتَرِقُ عَلَى [ثَلَاثٍ] (5) وَسَبْعِينَ مِلَّة، يَعْنِي الْأَهْوَاءَ، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَة، وَهِيَ الْجَمَاعَة» . وَفِي رِوَايَة: «قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: "مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي». فَبَيَّنَ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَامَّة الْمُخْتَلِفِينَ هَالِكُونَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، إِلَّا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَة.
وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، حَيْثُ قَالَ: (مَنْ كَانَ
(1) سورة النُّورِ آية 54
(2)
سورة الْأَنْعَامِ آية 153
(3)
سورة آلِ عِمْرَانَ آية 105
(4)
سورة الْأَنْعَامِ آية 159
(5)
في الأصل: (ثلاثة). والتصويب من سنن أبي داود 5/ 4 - 5، وابن ماجه 2/ 1322، وأحمد 4/ 102. ن