الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الاختلاف في العمل الإسلامي
حكم الاختلاف على أنواع:
" النوع الأول: أصول الدين التي تثبت بالأدلة القاطعة، كوجود الله تعالى ووحدانيته، وملائكته وكتبه ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم والبعث بعد الموت ونحو ذلك. فهذه أمور لا مجال فيها للاختلاف، من أصاب الحق فيها فهو مصيب، ومن أخطأه فهو كافر.
النوع الثاني: بعض مسائل أصول الدين، مثل مسألة رؤية الله في الآخرة، وخلق القرآن، وخروج الموحدين من النار، وما يشابه ذلك، فقيل يكفر المخالف، ومن القائلين بذلك الشافعي. فمن أصحابه من حمله على ظاهره. ومنهم من حمله على كفران النعم.
النوع الثالث: [الأمور](1) المعلومة من الدين بالضرورة كفرضية الصلوات الخمس، وحرمة الزنا، فهذا ليس موضعا للخلاف. ومن خالف فيه فقد كفر.
(1) في أصل الموسوعة الفروع، وهذا محل نظر وإن جرى على ألسنة المتكلمين وقد بين ذلك المحققين من أهل العلم.
النوع الرابع: الفروع الاجتهادية التي قد تخفى أدلتها. فهذه الخلاف فيها واقع في الأمة. ويعذر المخالف فيها; لخفاء الأدلة أو تعارضها.. فأما إن كان في المسألة دليل صحيح صريح لم يطلع عليه المجتهد فخالفه، فإنه معذور بعد بذل الجهد، ويعذر أتباعه في ترك رأيه أخذا بالدليل الصحيح الذي تبين أنه لم يطلع عليه. فهذا النوع لا يصح اعتماده خلافا في المسائل الشرعية، لأنه اجتهاد لم يصادف محلا، وإنما يعد في مسائل الخلاف الأقوال الصادرة عن أدلة معتبرة في الشريعة". (1)
أما واقع العمل الإسلامي فإذا كان الاختلاف من قبيل التنوع كأن يتخصص كل فريق أو جماعة في عمل، فهو اختلاف صوري وهو مطلوب، أما إذا كان الاختلاف اختلاف تحزب وتعصب يمنع التعاون والتعاضد وسماع النصيحة من الآخر فهو اختلاف مذموم. وكثير منه يقع في مسائل اجتهادية أو فرعية المخالف فيها معذور، ومثل هذا الخلاف لا ينبغي أن يخرج بالناس إلى ساحة احتراب وتناحر، بل لأصحابه في صحابة رسول الله أسوة حسنة، فمع مخالفة بعضهم لبعض بقي إقرارهم بفضل ذوي الفضل وتوقيرهم مع عمل كل برأيه وسعيه لنشره.
(1) الموسوعة الفقهية 2 / 293-294 بتصرف يسير واختصار.
والذي ينبغي هو أن يكون اختلاف المسلمين في العمل الإسلامي من هذا القبيل إن لم يكن من قبيل اختلاف التنوع ولا سيما مع كثير من الشعارات المرفوعة، فالهدف الأسمى واحد، ومجالات العمل متنوعة، والساحة تسع الجميع بل تحتاجهم.
ولكن الواقع من الناحية العملية وجود التناحر والتحزبات والعصبيات التي تشبه عصبيات عصور التعصب المذهبي، ولئن سأل بعض المقلدة المتعصبة قديمًا عن حكم صلاة الحنفي خلف المالكي أو العكس، فإن بعض جهلة الحزبيين اليوم يسألون عن حكم الصلاة خلف بعض إخوتهم المسلمين!
وكما أن أهل العلم ذموا التعصب للمذهب وأنكروه فإن علينا أن نذم التعصب للجماعات أو الأفراد وننكره، وكما أن الذم لا يتوجه للمذاهب المعتبرة وأئمتها عند أهل التحقيق، فإن الذم قد لا يتوجه إلى الجماعات ورؤوسها طالما كانت ملتزمة بالسنة في الجملة وإن خرج بعض رجالاتها عن ركب السنة باجتهادات شخصية لم تؤثر على دعوة الجماعة كحال بعض رجالات المذاهب الفقهية المتبوعة.
وقد يتوجه الذم إلى الجماعة جملة وتفصيلًا إن كان التحزب والتقوقع أساسًا من أسسها، أو كان من أسسها القول بمذاهب شاذة أو اجتهادات غير سائغة عند أهل العلم.