المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عمل أهل العلم على الخروج من الخلاف: - الاختلاف في العمل الإسلامي الأسباب والآثار

[ناصر العمر]

فهرس الكتاب

- ‌أولًا: مقدمات

- ‌ الاختلاف باعتبار حقيقة المسائل المختلف فيها

- ‌ الاختلاف باعتبار ما يوجبه

- ‌ الاختلاف باعتبار أثره

- ‌ الاختلاف باعتبار مدح أصحابه وذمهم:

- ‌النوع الثاني: اختلاف ينقسم أهله إلى محمود ومذموم

- ‌ نوع آخر من الاختلاف:

- ‌الاختلاف بين المشيئة الكونية والشرعية:

- ‌مسألة هل الاختلاف رحمة وخير أم عذاب وشر

- ‌عمل أهل العلم على الخروج من الخلاف:

- ‌حكم الاختلاف في العمل الإسلامي

- ‌ثانيًا: أسباب الافتراق

- ‌أولًا: تفاوت الناس في الطبائع والميول وتفاضلهم في العقول

- ‌أولًا: البغي

- ‌ثانيًا: الغرور بالنفس

- ‌ثالثًا: سوء الظن بالآخرين

- ‌رابعًا: حب الظهور بالجدل والمماراة

- ‌ عوامل خارجية قادت إلى تفاقم الاختلاف

- ‌أولًا: الضعف والعجز

- ‌ثانيًا: هلاك الأمة

- ‌ثالثًا: العقوبات المعنوية

- ‌رابعًا: الجهل بالحق والبعد عنه

- ‌خامسًا: براءة الرسول صلى الله عليه وسلم من المفترقين:

- ‌سادسًا: اسوداد وجوه طوائف من المفترقين يوم القيامة:

الفصل: ‌عمل أهل العلم على الخروج من الخلاف:

‌عمل أهل العلم على الخروج من الخلاف:

لكون الاختلاف مذموما من حيث الجملة، فقد راعى كثير من أهل العلم الخروج من الخلاف في تعليل كثير من الأحكام، ومن ذلك قول بعض فقهاء الحنابلة بكراهة الطهارة بالماء المتغير بمجاورة أو بملح مائي مع أنه طهور، ولكنهم يعللون بمخالفة غيرهم لهم فيما اختاروا، فاستحبوا الخروج من الخلاف بكراهة استعمال ذلك الماء. (1)

ومنه كذلك قول بعض فقهاء الأحناف بالندب للإشهاد على الرجعة خروجًا من الخلاف. (2)

ومنه قول بعض فقهاء المالكية بطواف القدوم بنية الركنية خروجًا من الخلاف. (3)

ومنه قول الشافعية باستحباب عدم القصر لسفر أقل من مسيرة ثلاث أيام للخروج من الخلاف. (4)

ويكاد يطبق أرباب المذاهب الأربعة على التعليل بالخروج من الخلاف في اختياراتهم الفقهية.

(1) الممتع شرح زاد المستقنع لابن عثيمين كتاب الطهارة 1 /.

(2)

البحر الرائق لابن نجيم 4 / 55.

(3)

منح الجليل شرح مختصر خليل، لعليش 2 / 222.

(4)

المجموع 4 / 212.

ص: 25

ولكنهم وضعوا لذلك ضوابط من أهمها ما قرره العز بن عبد السلام حيث يقول: "والضابط في هذا أن مأخذ المخالف إن كان في غاية الضعف والبعد عن الصواب فلا نظر إليه، ولا التفات عليه، إذ كان ما اعتمد عليه لا يصح نصه دليلًا شرعًا"(1) ثم قال: "وإن تقاربت الأدلة في سائر الخلاف بحيث لا يبعد قول المخالف كل البعد فهذا مما يستحب الخروج من الخلاف فيه حذرا من كون الصواب مع الخصم والشرع يحتاط لفعل الواجبات والمندوبات، كما يحتاط لترك المحرمات والمكروهات".

فالخلاف إذا كان له حظٌّ من النَّظر، والأدلَّة تحتمله، فالمحققون يكرهون ويستحبون لأجل الخروج منه؛ لا لأنَّ فيه خلافًا بل هو من باب «دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك» ، ويتأكد هذا بل قد يتعين حتى مع الخلاف الضعيف إن خشي ترتب مفسدة أعظم على الخلاف.

أما إذا كان الخلاف لا حَظَّ له من النَّظر فلا يُمكن أن نعلِّلَ به المسائل؛ ونأخذ منه حكمًا.

فليس كلُّ خلافٍ جاء مُعتَبر

ًا إلا خلافٌ له حظٌّ من النَّظر

(1) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام، 1 / 253.

ص: 26

ولأنَّ الأحكام لا تثبت إلاّ بدليل، ومراعاة الخلاف غير المعتبر لا تصلح دليلًا شرعيًا، فيقال: هذا مكروه، أو غير مكروه بناء عليه، إلاّ إن خشي ترتب مفسدة أعظم جراء الفرقة فتقدر حينها الأمور بقدرها وذلك لأمر خارج عن مجرد الخلاف غير المعتبر، مع العمل على إعادة الحق إلى نصابه وإقرار المصيب على صوابه.

ص: 27