الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَقْرَأُ فِيهِمَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَيَجْلِسُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَيَتَشَهَّدُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ مِمَّا يُشْبِهُ أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ كَذَلِكَ.
فَصْلٌ
الْوِتْرُ وَاجِبٌ (سم ف) ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
أَتَمَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ الشَّفْعُ الثَّانِي فَيَنْتَقِلُ إِلَيْهِ.
(وَيَقْرَأُ فِيهِمَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ) وَهِيَ سُنَّةٌ بِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ، وَإِنْ شَاءَ سَبَّحَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَاجِبَةٌ، وَلَوْ تَرَكَهَا سَاهِيًا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ. وَفِي ظَاهِرِ الرَّاوِيَةِ لَوْ سَكَتَ فِيهِمَا عَامِدًا كَانَ مُسِيئًا، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا لَا سَهْوَ عَلَيْهِ.
(وَيَجْلِسُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ) كَمَا بَيَّنَّا فِي الْأَوَّلِ لِمَا رَوَيْنَا.
(وَيَتَشَهَّدُ) كَمَا قُلْنَا.
(وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) وَهُوَ سُنَّةٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ مَسْعُودٍ حِينَ عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ: «إِذَا قُلْتَ هَذَا أَوْ فَعَلَتْ هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ» ، عَلَّقَ التَّمَامَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَيَتِمُّ عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَتْ بِفَرْضٍ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عِنْدَنَا خَارِجَ الصَّلَاةِ عَمَلًا بِالْأَمْرِ الْوَارِدِ بِهَا فِي الْقُرْآنِ فَلَا يَلْزَمُنَا الْعَمَلُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ: (وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ مِمَّا يُشْبِهُ أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ اخْتَرْ مِنَ الدُّعَاءِ أَطْيَبَهُ» وَالْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ فَرْضٌ وَالتَّشَهُّدُ فِيهَا وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ: «إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنْ آخَرِ سَجْدَةٍ وَقَعَدْتَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ» عَلَّقَ التَّمَامَ بِالْقَعْدَةِ دُونَ التَّشَهُّدِ، وَمِقْدَارُ الْفَرْضِ فِي الْقُعُودِ مِقْدَارُ التَّشَهُّدِ.
قَالَ: (ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ كَذَلِكَ) لِرِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ، وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْسَرِ» وَيَنْوِي بِالْأُولَى مِنْ عَنْ يَمِينِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ، وَبِالْأُخْرَى كَذَلِكَ لِأَنَّهُ خِطَابُ الْحَاضِرِينَ، وَيَنْوِي الْإِمَامُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ حِذَاءَهُ يَنْوِيهِ فِيهِمَا، وَقِيلَ فِي الْيَمِينِ، وَالْمُنْفَرِدُ يَنْوِي الْحَفَظَةَ لَا غَيْرَ. وَالْخُرُوجُ بِلَفْظِ السَّلَامِ لَيْسَ بِفَرْضٍ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَّهُ يُنَافِي الْفَرْضِيَّةَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام:«تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ أَوِ السُّنَّةِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ.
[بَابُ صَلَاةِ الْوِتْرِ]
فَصْلٌ (الْوَتْرُ وَاجِبٌ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى زَادَكُمْ صَلَاةً إِلَى صَلَاتِكُمُ
وَهِيَ ثَلَاثُ (ف) رَكَعَاتٍ كَالْمَغْرِبِ لَا يُسَلِّمُ بَيْنَهُنَّ، وَيَقْرَأُ فِي جَمِيعِهَا، وَيَقْنُتُ فِي الثَّالِثَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ (ف) ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُكَبِّرُ، ثُمَّ يَقْنُتُ، وَلَا قُنُوتَ فِي غَيْرِهَا (ف) .
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
الْخَمْسِ أَلَا وَهِيَ الْوَتْرُ فَحَافِظُوا عَلَيْهَا» وَالزِّيَادَةُ تَكُونُ مِنْ جِنْسِ الْمَزِيدَ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهِ الْفَرْضِيَّةُ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَقْطُوعًا بِهِ فَقُلْنَا بِالْوُجُوبِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: هِيَ سُنَّةٌ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُمْ» وَفِي رِوَايَةٍ: «وَهِيَ لَكُمْ سُنَّةٌ: الْوَتْرُ، وَالضُّحَى، وَالْأَضْحَى» ، قُلْنَا الْكِتَابَةُ هِيَ الْفَرْضُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] أَيْ فَرْضًا مُوَقَّتًا، وَيُقَالُ لِلْفَرَائِضَ الْمَكْتُوبَاتِ، فَكَانَ نَفْيُ الْكِتَابَةِ نَفِيَ الْفَرْضِيَّةِ، وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِالْفَرْضِيَّةِ بَلْ بِالْوُجُوبِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ:«وَهِيَ لَكُمْ سُنَّةٌ» أَيْ ثَبَتَ وُجُوبُهَا بِالسُنَّةٌ ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم هُوَ الَّذِي أَمَرَ بِهَا وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَهِيَ عِنْدَهُمَا أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ جَمِيعِ السُّنَنِ حَتَّى لَا تَجُوزَ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ، وَلَا عَلَى رَاحِلَتِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَتُقْضَى ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ: (وَهِيَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ كَالْمَغْرِبِ لَا يُسَلِّمُ بَيْنَهُنَّ) لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ» .
قَالَ: (وَيَقْرَأُ فِي جَمِيعِهَا) وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْفَاتِحَةِ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّالِثَةِ بِهَا وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، هَكَذَا نَقَلَ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا، وَلِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَتْ فِي وُجُوبِهَا وَجَبَتِ الْقِرَاءَةُ فِي جَمِيعِهَا احْتِيَاطًا. قَالَ:(وَيَقْنُتُ فِي الثَّالِثَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) لِمَا رَوَيْنَا.
(وَيُكَبِّرُ) لِمَا مَرَّ (ثُمَّ يَقْنُتُ) لِمَا رَوَى عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْنُتُ فِي الثَّالِثَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ» وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ، وَعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ «اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَاللَّهُمَّ اهْدِنَا» ، قَالْوا: وَمَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ غَيْرُ ذَلِكَ. وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الدُّعَاءَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا مِرَارًا: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} [البقرة: 201] الْآيَةَ. وَاخْتَارَ أَبُو اللَّيْثِ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ لِعَدَمِ وُرُودِ السُّنَّةِ بِهِ.
قَالَ: (وَلَا قُنُوتَ فِي غَيْرِهَا) لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «مَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَّا شَهْرًا لَمْ يَقْنُتْ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ» . وَرَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ» . وَمَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ» ، مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَبِمَا رَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ:«قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصُّبْحِ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنَ الْعَرَبِ ثُمَّ تَرَكَهُ» ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ نُسِخَ، فَلَوْ صَلَّى الْفَجْرَ خَلْفَ إِمَامٍ يَقْنُتُ يُتَابِعُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِئَلَّا يُخَالِفَ إِمَامَهُ. وَعِنْدَهُمَا لَا يُتَابِعُهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَنْسُوخٌ،